أيامنا الحلوة

الساحة الإسلامية => :: قرآن ربي :: => الموضوع حرر بواسطة: فارس الشرق في 2011-02-25, 23:12:45

العنوان: من الفروق الدلالية في القرآن الكريم
أرسل بواسطة: فارس الشرق في 2011-02-25, 23:12:45
من الفروق الدلالية في القرآن الكريم

لقد استخدم القرآن الكريم كثيرا من الألفاظ المترادفة في سياقات متعددة وبدلالات مختلفة، فنجد اللفظين أو الثلاثة يشتركون في نفس المعنى ولكن لكل لفظ دلالة تختص به عن الآخرين ويفترق به عنها.
وقد فتحت هذا الموضوع لتنازل هذه الألفاظ والتعرف على مدى الدقة اللغوية المتناهية للقرآن الكريم في استخدام الدلالات والألفاظ والتعبيرات وإعجازه البياني المتفرد

فما رأي المشرفين والأعضاء هل تتابعون معي هذا الأمر
وهل أبدأ في عرض الموضوع
أنتظر رأيكم
والسلام
العنوان: رد: من الفروق الدلالية في القرآن الكريم
أرسل بواسطة: أحمد سامي في 2011-02-25, 23:20:02
الالفاظ في القرأن تتميز بالخصوصية و الحصرية فلا يمكن تبديلها  ( طبعا هناك موضوع النزول على سبعة احرف و اختيار ما تيسر منه  فهذا موضوع اخر اعتقد ان مكانه ليس في هذا الموضوع)

اجد ان الموضوع مهم بالرغم من تعقيده و وجوب الحديث عنه من قبل متخصصين الا اني شخصيا احب المواضيع التي تحك العقل و تنبش فيه .

متشوق لقرائته
العنوان: رد: من الفروق الدلالية في القرآن الكريم
أرسل بواسطة: أبو بكر في 2011-02-25, 23:29:57
نعم، أنا شخصياً متابع  emo (30):...
وليتك أخي تذكر المصادر والمراجع كي نستفيد جميعاً ...

العنوان: رد: من الفروق الدلالية في القرآن الكريم
أرسل بواسطة: محمد عيد في 2011-02-26, 02:45:01


إفتح لنا الباب أخ يحيى ونحن متابعين ,
العنوان: رد: من الفروق الدلالية في القرآن الكريم
أرسل بواسطة: فارس الشرق في 2011-02-26, 09:02:29
نبدأ على بركة الله
بسم الله الرحمن الرحيم
أولا: الفروق الدلالية عند علماء العربية قديما
برزت فكرة الفروق الدلالية على أيدى علماء العربية منذ البواكير الأولى للبحث اللغوى عند العرب، ونرى ذلك الحسَّ اللغوى المرهف عند علمائنا الأوائل من أمثال الخليل بن أحمد الفراهيدى وسيبويه والأخفش والكسائى والمبرد والفراء، وغيرهم.
ولعل معجم العين للخليل بن أحمد شاهد قوىٌّ على وضوح فكرة الفروق الدلالية بين كلمات العربية فى عقل هذا العالم الفذِّ، الذى استطاع أن يُخضِع اللغة بكل ما فيها من ثراء هائل وتنوُّع ضخم لمنهج عقلى رياضىٍّ صارم، ولكنه ـ فى الوقت نفسه ـ لا يُهْدِر الملامح الدلالية المميِّزة لكل كلمة من كلمات العربية. ذلك أن منهج الخليل فى معجم العين يقوم على أن ثمة محورًا جذريًا لكل مجموعة من الكلمات، وهذا الجذر هو محلُّ الدلالة المركزية، ثم تتفرَّع عن هذا المركز الدلالى معانٍ أخرى تحمل ملامح وظلالًا دلالية تميِّز كل لفظ عن الألفاظ الأخرى.
وعلى مستوى التراكيب اللغوية نجد فى كتاب سيبويه تبصُّراتٍ لغوية عظيمة، ماثلة فى ترتيب أبواب (الكتاب)، وفيما أورده فى ثناياه من تفريق بين التراكيب اللغويَّة المختلفة.
هذه إشارات عابرة إلى تجلِّيات الجهود اللغوية الفذَّة لعلمائنا الأقدمين، ولعلَّ أبرز مثال لهذا الجهد على المستوى المعجمى كتاب "الفروق اللغوية" لأبى هلال العسكرى، الذى يكشف عن نظرة ثاقبة لمفهوم التقارب الدلالى
(وليس الترادف)، يقول أبو هلال فى مقدمته:
 "ما رأيت نوعًا من العلوم وفنًّا من الآداب إلَّا وقد صُنِّف فيه كتبٌ تجمع أطرافه وتنظم أصنافه، إلَّا الكلام فى الفروق بين معانٍ تقاربت حتى أشكل الفرق بينها، نحو: العلم والمعرفة، والفطنة والذكاء، والإرادة والمشيئة، والغضب والسخط، والخطأ والغلط، والكمال والتمام، والحسن والجمال، والفصل والفرق، والسبب والعلَّة، والعام والسنة، والزمان والمدة، وما شاكل ذلك. فإنِّى ما رأيت فى الفرق بين هذه المعانى وأشباهها كتابًا يكفى الطالب ويقنع الراغب، مع كثرة منافعه فيما يؤدى إلى المعرفة بوجوه الكلام، والوقوف على حقائق معانيه، والوصول إلى الغرض فيه؛ فعملت كتابى هذا مشتملًا على ما تقع الكفاية به من غير إطالة ولا تقصير، وجعلت كلامى فيه على ما يعرض منه فى كتاب الله، وما يجرى فى ألفاظ الفقهاء والمتكلمين وسائر محاورات الناس، وتركت الغريب الذى يقل تداوله؛ ليكون الكتاب قصدًا بين العالى والمنحطِّ، وخير الأمور أوسطها. وفرقت ما أردت تضمينه إيَّاه من ذلك فى ثلاثين بابًا"
وكذلك على المستوى الصرفى نجد علماء العربية قد فرَّقوا بين الصيغ الصرفية المختلفة، وعلى المستوى التركيبي أيضا.

ثانيا: الفروق الدلالية فى البحث اللغوى الحديث:
يقرِّر علم اللغة الحديث أن وقوع الترادف فى اللغة لا يعنى التساوى التام بين معنى مفردتين، وإنما يكون ذلك بمعنى تقارب الدلالة، فليس فى اللغة لفظ ينوب عن آخر أو يقوم مقامه إذا أردنا الدقة فى التعبير، بل هناك مجموعة ألفاظ (متقاربة الدلالة)، نحو: (كبير ـ ضخم ـ عظيم)، (صغير ـ ضئيل ـ حقير)، (الثناء ـ الحمد ـ الشكر ـ المدح) ... إلخ.
وما من شك أن نظرية التحليل التكوينى أسهمت بشكل دقيق وواضح فى تحديد الفروق الدلالية والظلال المرهفة بين الكلمات، من خلال تحديد الملامح الدلالية المميزة بين مجموعات الكلمات متقاربة المعنى، الَّتى وإن صحَّ وقوع الترادف بينها فى سياقات مختلفة، فإنَّ هذا لا يعنى (التساوى) بين دلالات الألفاظ المختلفة، وإنما هو وجه من وجوه تقارب المعنى.

ويبرز البحث اللغوي الدلالي بصورة جلية رائعة في القرآن العظيم لأنه نص محكم دقيق، ويسهل تحديد الفروق الدلالية بين كلماته؛ ويرجع ذلك إلى دقة المفردة القرآنية وإحكامها، بحيث لا يُستَطاع استبدال لفظة بأخرى، وأيضًا إلى إحكام تراكيبه ودقتها، بحيث لا يمكن تقديم ما أخَّره البيان القرآنى ولا تأخير ما قدَّمه، ولا يمكن حذف شىءٍ مما ذُكِر فيه، ولا إضافة شىء لم يذكره.

وهكذا سنبدأ بإذن الله في عرض الأمثلة من القرآن الكريم ونبين الفروق الدلالية بينها والله المستعان
وأعتمد في بيان هذه الفروق الدلالية لألفاظ القرآن الكريم على كتاب: معجم الفروق الدلالية للدكتور محمد داود، والله الموفق والمعين
العنوان: رد: من الفروق الدلالية في القرآن الكريم
أرسل بواسطة: أحمـد في 2011-02-26, 09:20:48
بسم الله

رائع جدا هذا الموضوع أخي الكريم

جزاك الله خيرا

العنوان: رد: من الفروق الدلالية في القرآن الكريم
أرسل بواسطة: فارس الشرق في 2011-02-27, 00:13:43
هل فكر أحد من قبل في الفروق الدلالية بين ألفاظ: التسليم والتفويض والتوكل في اللغة وفي القرآن الكريم
العنوان: رد: من الفروق الدلالية في القرآن الكريم
أرسل بواسطة: فارس الشرق في 2011-02-28, 00:50:26
التسليم ـ التفويض ـ التوكُّل:

تدور مادة (س ل م) فى اللغة حول معنى: البراءة من العيب والمرض وغير ذلك، ومن ذلك السَّلامة والسَّلام. والتسليم: الرِّضَا بالحكم؛ لأنه براءة من المخالفة.
وتدور مادة (ف و ض) حول معنى: ردّ الأمر إلى آخَرَ والرِّضا بحكمه.
وتدور مادة (و ك ل) حول معنى: اللجوء والاعتماد، يُقال: وَكَلَ أمره إلى فلان، أى اعتمد عليه فيه، وتوكَّل على الله: ركن إليه وعَلِمَ أنه كافِيهِ ورازقُه وحافظُه.
وهكذا لا يفيدنا الاستعمال اللغوى بفروق واضحة بين الألفاظ الثلاثة.
وفى القرآن الحكيم جاء التسليم بالمعنى المذكور مرتين فى آية واحدة هى قول الله قالى تعالى:
"فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما" النساء: 65.
يُسَلِّموا تسليمًا: ينقادوا ويُذعنوا لقضائك لا يعارضوه بشىء، مأخوذ من: سَلَّم لأمر الله وأسلم له، وحقيقته: سَلَّمَ نفسَه له وجعلها سالمة له خالصة.
فالتسليم إذعان وانقياد تام، كأنَّ المرء يُسَلِّم نفسه خالصة لله تعالى.
أمَّا التفويض فقد ورد فى القرآن الكريم مرة واحدة، فى قول الله تعالى:
"فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد "غافر: 44.
أى: أَرُدُّ ما أهَمَّنِى من أمرى إلى الله فهو يجزى كل فاعلٍ بما فعل؛ وذلك لأنهم توعَّدُوه، فرجع أمرَه إلى الله لينتصف منهم.
فالتفويض إذن يتضمَّنُ وقوع ظلم ورغبة فى الانتصاف، فهو نوع من التسليم، ولكن فى أحوال بعينها.
وأما التوكُّل فقد تكرر فى القرآن الكريم كثيرًا، ومن شواهده:
"فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين" آل عمران: 159.
"ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذي تقول والله يكتب ما يبيتون فأعرض عنهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا " النساء: 81.
"ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا " الطلاق: 3.
حقيقة التوكُّل على الله: الاعتماد، وهو انفعالٌ قَلْبِىٌّ عَقْلِىٌّ يتوجَّه به الفاعلُ إلى الله راجيًا الإعانة، ومستعيذًا من الخيبة والعوائق، وهو علامة صدق الإيمان، وفيه ملاحظة عظمة الله وقدرته، واعتقاد الحاجة إليه، وعدم الاستغناء عنه.
ونخلص مما سبق إلى أن الألفاظ (تسليم ـ تفويض ـ توكُّل) بينها تقارب دلالىٌّ؛ حيث تشترك فى معنى: ردّ الأمر إلى الله تعالى.
ويتميز كلٌّ بملامح فارقة:
فالتسليم: إذعان تامٌّ ورضا بالحكم.
والتفويض: تسليم الأمر إلى الله، فى أحوال مخصوصة يكون فيها ظلم ووعيد واقعٌ على المفُوِّض.
والتوكُّل: فيه معنى الكفاية، وملاحظة عظمة الله وقدرته، وعدم الاستغناء عنه قَطّ.
العنوان: رد: من الفروق الدلالية في القرآن الكريم
أرسل بواسطة: فارس الشرق في 2011-02-28, 23:28:19
هل فكر أحد من قبل في الفروق الدلالية بين ألفاظ: آنس وأحس وشعر في اللغة والقرآن الكريم؟
العنوان: رد: من الفروق الدلالية في القرآن الكريم
أرسل بواسطة: فارس الشرق في 2011-03-01, 12:26:38
آنَسَ ـ أحَسَّ ـ شَعَر:

تدور مادة (أ ن س) فى اللغة حول معنى: ظهور الشىءِ. يقال: آنَسْتُ الشىءَ، إذا رأيته. ويقال: آنَسْتُ الشىءَ، إذا سمعته( ).
وتدور مادة (ح س س) فى اللغة حول معنى: إدراك الشىء بالحواسِّ، وهى اللَّمْسُ، والذَّوْقُ، والشَّمُّ، والسَّمْعُ، والبصر( ).

وتدور مادة (ش ع ر) حول معنى: العِلْم بالشىء( ).
هكذا تقول المعاجم اللُّغوية، ولا نظفر منها بطائل، اللهُّمَّ إلَّا فى معنى (آنس)، حيث يقتصر على الرؤية والسماع. أما (أحسَّ) و(شعر) فمطلق فى العلم بالشىءِ أو إدراكه.
فلننظر الآن كيف استعمل القرآن الحكيم هذه الألفاظ:

آنس:
ورد الفعل (آنَسَ) فى القرآن الكريم خمس مرات، فى الآيات التالية:
"وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم وكفى بالله حسيبا" النساء: 6
"إذ قال موسى لأهله إني آنست نارا سآتيكم منها بخبر أو آتيكم بشهاب قبس لعلكم تصطلون (7)" النمل.
معنى (فإن آنستم) فى آية النساء: علمتم، وأصل الإيناس: رؤيةُ الإنْسِىِّ  ـ أى الإنسان ـ ثم أطلق على أوَّل ما يتبادر من العلم، سواء فى المبصَرات، أم فى المسموعات .. ولعلَّ اختيار ( آنستم) هنا دون (عَلِمْتُمْ) للإشارة إلى أنه إنْ حَصَلَ أوَّلُ العلم برشدهم يُدْفَعُ إليهم مالُهم دُونَ تَرَاخٍ ولا مَطْلٍ.
فالإيناس يتميز بملمح البداية، أى أوّل العلم بالشىء.
أما الفعل (أَحَسَّ) فقد ورد فى القرآن ثلاث مرات، فى الآيات التالية:
"فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون" آل عمران: 52.
"وكم أهلكنا قبلهم من قرن هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا (98)" مريم.
" فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون (12)" الأنبياء.
الإحساس: العِلْم بالحواسِّ، وهو عِلْمٌ لا شبهة فيه.
فالفعل (أَحَسَّ) يُرَاد به: العلم المؤكَّدُ القاطع؛ لأنَّه مُدْرَكٌ بالحواسِّ.
وأمَّا الفعل (شَعَر) فقد تكرَّر فى القرآن الكريم كثيرًا، ومن شواهده:
"ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين (8) يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون (9)" البقرة
"وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون (11) ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون (12)" البقرة.
"وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم قال قائل منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم قالوا ربكم أعلم بما لبثتم فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه وليتلطف ولا يشعرن بكم أحدا (19)"الكهف
قال الزمخشرى: الشعور: عِلْمُ الشىءِ عِلْمَ حِسٍّ، من الشِّعَار، ومشاعر الإنسان حَوَاسُّه.
وقال أبو حيان: الشعور: إدراك الشىءِ من وَجْهٍ يَدِقُّ، مُشْتَقٌّ من الشِّعَار، وهو ثَوْبٌ يَلِى الجَسَدَ.
وفى كلام النبى صلى الله عليه وسلم ما يؤيد تفسير الزمخشرى، قال صلى الله عليه وسلم للأنصار: " أَنْتُمْ الشِّعَارُ، وَالنَّاسُ الدِّثَارُ "، فالشِّعَار: ما لَامَسَ البدن، والدِّثار: ما ظهر.
ونخلُص مما سبق إلى أن الألفاظ (آنس ـ أحَسَّ ـ شعر) متقاربة دلاليًّا؛ لاشتراكها فى معنى: العلم بالشىء.
ويختصُّ (آنس) بمعنى: بداية العلم بالشىء.
ويختصُّ (أحَسَّ) بمعنى التأكيد واليقين.
ويختصُّ (شَعَر) بمعنى: العلم الدقيق الخَفِىِّ.
العنوان: رد: من الفروق الدلالية في القرآن الكريم
أرسل بواسطة: سلمى أمين في 2011-03-01, 16:35:23
اهنئك ....من اكثر المواضيع التي قرأتها متعة ....

هي تلك التي اتلهف لقراءة باقيها ...
العنوان: رد: من الفروق الدلالية في القرآن الكريم
أرسل بواسطة: فارس الشرق في 2011-03-01, 23:50:31
بارك الله فيك يا زبادي، وأسأل الله أن ينفعنا بالعلم الصالح دائما

والآن مع الفرق بين التأويل والتفسير، لعله معلوم عند بعضكم
العنوان: رد: من الفروق الدلالية في القرآن الكريم
أرسل بواسطة: فارس الشرق في 2011-03-02, 00:00:37
التأويل ـ التفسير:

التأويل فى اللغة: عاقبة الشىء وما يَؤُول (أى يرجع) إليه. مأخوذ من قولهم: آلَ الشىءُ يَؤُول إلى كذا، أى رجع وصار إليه. والمراد بالتأويل: نقل ظاهر اللفظ عن وضعه الأصلى إلى ما يحتاج إلى دليل لولاه ما تُرِك ظاهر اللفظ. أو هو: جمع معانى ألفاظ أشكلت بلفظٍ واضح لا إشكال فيه.
والتفسير فى اللغة: بيان شىء وإيضاحه، مأخوذ من الفَسْرِ، وهو رفع الغطاء عن الشىء.
وتكرر ذكر التأويل فى كتاب الله عز وجل، ومن ذلك قوله تعالى:
" هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب (7)" آل عمران.
"وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق إن ربك عليم حكيم" يوسف: 6.
وقد اختلف المفسرون فى المراد بالتأويل فى آية آل عمران، والذى نطمئن إليه بعد مراجعة أقوال العلماء أن التأويل: تفسير ما غمض معناه مما يحتاج إلى إعمال الفكر والغوص إلى دقائق المعنى وأعماقه، وصرف اللفظ عن ظاهره.
وتأويل الأحاديث: تعبير الرؤيا، ويصحُّ أن يكون المراد به: معرفة معانى كتب الله وسنن الأنبياء، وما غمض واشتبه على الناس من أغراضها ومقاصدها، يفسِّرها لهم ويشرحها ويدلُّهم على مُودَعات حِكَمها.
وكلا التفسيرين يحتمله لفظ الآية، وعلى كُلٍّ فإن تفسير الرؤيا يقتضى علمًا واسعًا وتبصُّرًا عميقًا؛ لما تحتوى عليه الرؤيا من رموز وإشارات غامضة تحتاج إلى من يفُضُّ مغاليقها ويغوص فى أعماق بواطنها.
وعلى ذلك فإن التأويل مختصٌّ بما غَمُضَ معناه واشتبهت مقاصده، ولا يقدر عليه إلَّا المتمكِّنون الراسخون فى العلم.
أمَّا التفسير فلم يرد فى كتاب الله سوى مرة واحدة، فى قول الله تعالى:
"ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا (33)" الفرقان.
فالتفسير هو: البيان الواضح بكشف الحجة والدليل.

ونخلُص مما سبق إلى أن لفظى (التأويل ـ التفسير) بينهما تقارب دلالىّ؛ حيث يشتركان فى ملمح البيان والتوضيح.
على حين يتميز التأويل بملمح دلالىٍّ فارق، هو اختصاصه ببيان ما غمض معناه واشتبهت مقاصده واحتاج إلى تعمُّق وتبصُّر.
العنوان: رد: من الفروق الدلالية في القرآن الكريم
أرسل بواسطة: فارس الشرق في 2011-03-02, 14:38:38
ما رأيكم في الفرق بين الإيثار والتفضيل
العنوان: رد: من الفروق الدلالية في القرآن الكريم
أرسل بواسطة: محمد عيد في 2011-03-02, 19:21:46
                    
التأويل ـ التفسير:

التأويل فى اللغة: عاقبة الشىء وما يَؤُول (أى يرجع) إليه. مأخوذ من قولهم: آلَ الشىءُ يَؤُول إلى كذا، أى رجع وصار إليه. والمراد بالتأويل: نقل ظاهر اللفظ عن وضعه الأصلى إلى ما يحتاج إلى دليل لولاه ما تُرِك ظاهر اللفظ. أو هو: جمع معانى ألفاظ أشكلت بلفظٍ واضح لا إشكال فيه.
والتفسير فى اللغة: بيان شىء وإيضاحه، مأخوذ من الفَسْرِ، وهو رفع الغطاء عن الشىء.
وتكرر ذكر التأويل فى كتاب الله عز وجل، ومن ذلك قوله تعالى:
" هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب (7)" آل عمران.
"وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق إن ربك عليم حكيم" يوسف: 6.
وقد اختلف المفسرون فى المراد بالتأويل فى آية آل عمران، والذى نطمئن إليه بعد مراجعة أقوال العلماء أن التأويل: تفسير ما غمض معناه مما يحتاج إلى إعمال الفكر والغوص إلى دقائق المعنى وأعماقه، وصرف اللفظ عن ظاهره.
وتأويل الأحاديث: تعبير الرؤيا، ويصحُّ أن يكون المراد به: معرفة معانى كتب الله وسنن الأنبياء، وما غمض واشتبه على الناس من أغراضها ومقاصدها، يفسِّرها لهم ويشرحها ويدلُّهم على مُودَعات حِكَمها.
وكلا التفسيرين يحتمله لفظ الآية، وعلى كُلٍّ فإن تفسير الرؤيا يقتضى علمًا واسعًا وتبصُّرًا عميقًا؛ لما تحتوى عليه الرؤيا من رموز وإشارات غامضة تحتاج إلى من يفُضُّ مغاليقها ويغوص فى أعماق بواطنها.
وعلى ذلك فإن التأويل مختصٌّ بما غَمُضَ معناه واشتبهت مقاصده، ولا يقدر عليه إلَّا المتمكِّنون الراسخون فى العلم.
أمَّا التفسير فلم يرد فى كتاب الله سوى مرة واحدة، فى قول الله تعالى:
"ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا (33)" الفرقان.
فالتفسير هو: البيان الواضح بكشف الحجة والدليل.

ونخلُص مما سبق إلى أن لفظى (التأويل ـ التفسير) بينهما تقارب دلالىّ؛ حيث يشتركان فى ملمح البيان والتوضيح.
على حين يتميز التأويل بملمح دلالىٍّ فارق، هو اختصاصه ببيان ما غمض معناه واشتبهت مقاصده واحتاج إلى تعمُّق وتبصُّر.



جزاكم الله خيرا
 ::ok:: ::ok:: :::happy2::
العنوان: رد: من الفروق الدلالية في القرآن الكريم
أرسل بواسطة: أحمـد في 2011-03-02, 19:39:28
بسم الله

حلو جدا هذا الموضوع

جزاك الله خيرا

العنوان: رد: من الفروق الدلالية في القرآن الكريم
أرسل بواسطة: أبو بكر في 2011-03-03, 12:57:37
ما شاء الله كلام ممتاز جداً ومفيد.

بارك الله فيك أخ فارس 

ما رأيكم في الفرق بين الإيثار والتفضيل

يمكنك أن تخبرنا ... فأنا شخصياً أنتظر ذلك في لهفة emo (30):.
العنوان: رد: من الفروق الدلالية في القرآن الكريم
أرسل بواسطة: فارس الشرق في 2011-03-03, 13:31:42
بارك الله فيكم جميعا وجزاكم خير الجزاء

الإيثار ـ التفضيل:

(الإيثار) فى اللغة: تقديم الشىء واختصاصه بالفضل.
و(التفضيل) فى اللغة: الزيادة فى الفضل والخير.
وقد راعَى القرآن الكريم السمات الدلالية الخاصة لكلا اللفظين، فاستعمل الإيثار بمعنى: تقديم الشىء على غيره، سواءٌ استحق التقديم أو لم يستحق، فمِمَّا يستحق التقديم استعماله فى قول الله تعالى: "قالوا تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين" يوسف:91.
ومما لا يستحق التقديم، ما ورد فى قوله تعالى:
"فأما من طغى (37) وآثر الحياة الدنيا (38)" النازعات.
فهذا من تقديم الأدنى على الأعلى.
أمَّا التفضيل فقد استعمل ـ حيثما ورد فى القرآن الكريم ـ بمعنى الزيادة فى الفضل والخير، ومن ذلك قوله تعالى:
"تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض" البقرة: 253
"ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله إن الله كان بكل شيء عليما (32)" النساء.
ونخلُص مما سبق إلى أنَّ الاستعمال القرآنى للفظين (آثر ـ فَضَّل) قد فَرَّق بينهما ومَيَّزَ كُلًّا منهما بملامح دلالية خاصة، وإنْ تقارَبَ المعنيان واشتركا فى بعض الملامح الدلالية، فالملمح الدلالىُّ المشترك بينهما: التقديم.
واختص التفضيل بتقديم الأعلى على الأدنَى.
بينما الإيثار يستعمل فى تقديم الأعلى على الأدنَى، وأيضًا فى تقديم الأدنَى على الأعلى.
العنوان: رد: من الفروق الدلالية في القرآن الكريم
أرسل بواسطة: فارس الشرق في 2011-03-07, 11:40:09
ما رأيكم في الفرق بين الحب والود في القرآن الكريم؟
العنوان: رد: من الفروق الدلالية في القرآن الكريم
أرسل بواسطة: فارس الشرق في 2011-03-09, 02:27:33
الحُبّ ـ الودّ:

أصل مادة: (ح ب ب) فى اللغة: اللزوم والثبات، فالحُبُّ والمحبة اشتقاقهما من (أحبَّهُ) إذا لزمه. والمُحِبُّ: البعير الذى يتعب فيلزم مكانه.
وأصل مادة (و د د) فى اللغة: محبَّة الشىءِ وتَمَنِّى حصوله.
فالفارق الدلالى بين الكلمتين يتمثل فى ملمح اللزوم والثبات فى (الحب)، وملمح التمنِّى فى (الود).
وقد تكرر ذكر مادة (ح ب ب) فى القرآن الكريم، ومن ذلك قول الله تعالى:
"ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله" البقرة: 165.
"كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم"البقرة: 216
"زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث" آل عمران: 14.
"وألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني (39)" طه.
قال الزمخشرى فى تفسير الشاهد الأول: أى يعظِّمونهم ويخضعون لهم تعظيم المحبوب.
ونقل أبو حيان عن الراغب الأصفهانى: الحبُّ أصله من المحبَّة، حببته أى أصَبْتُ حبَّة قلبه، وهى فى اللفظ فِعْلٌ وفى الحقيقة انفعالٌ، وإذا استُعمِل فى الله تعالى فالمعنى: أصاب حَبَّةَ قلبِ عبدِه فجعَلَها مَصُونةً عن الهَوَى والشيطان وسائر أعداء الله. ثم ذكر أبو حيان مقتضى تمييز حب المؤمنين له بالمحبة، أو لمعرفتهم بموجب الحب، أو لمحبتَّهم إياه بالغيب، أو لشهادته تعالى لهم بالمحبة إذ قال تعالى:
"يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين "المائدة: 54
أو لإقبال المؤمن على ربِّه فى السَّراء والضَّرَّاء والشدَّة والرخاء، أو لعدم انتقاله عن مولاه ولا يختار عليه سواه، أو لعلمه بأن الله خالق الصنم، وهو الضارُّ النافع، أو لكون حُبِّه بالعقل والدليل، أو لامتثاله أمرَه حتى فى القيامة حين يأمر الله تعالى مَنْ عَبَدَهُ لا يشرك به شيئًا أن يقحم النار، فيبادرون إليها، فتبرد عليهم النار، فينادى منادٍ تحت العرش:
"والذين آمنوا أشد حبا لله ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب (165)" البقرة.
تسعة أقوال ثبتت نقائضها ومقابلاتها لمتخذ الأنداد، وهذه كلها خصائص ميَّز اللهُ بها المؤمنين فى حبِّه، فذكر كل واحد من المفسِّرين خصيصة، والمجموع هو المقتضى لتمييز الحب، فلا تباين بين هذه الأقوال؛ لأن كل قول منها ليس على جهة الحصر فيه، إنما هو مثال.
ولَخَّص الشيخ الطاهر بن عاشور معنى الحب بقوله: هو ميل النفس إلى الحَسَنِ عندها بمعاينة، أو سماع، أو حصول نفعٍ محقَّق أو موهوم، لعدم انحصار المحبة فى ميل النفس إلى المرئيَّات خلافًا لبعض أهل اللغة؛ فإن الميل إلى الخُلُق الحَسَن وإلى الفعل الحسن والكمال، محبة أشدُّ من محبَّة محاسن الذات.
وفى الشاهد الثانى يتضح أن الحُبَّ لا يكون دائمًا لِمَا فيه الخير، بل قد يحبُّ الإنسان شيئًا وفيه شرٌّ له، كحب الخلود إلى الراحة وترك القتال، هذا أمر محبوب بالطبع؛ لما فيه من التباعد عن الشر والأذَى كالقتل والهلاك ونهب الأموال ... إلخ.
والشاهد الثالث فى الحب الذى تُمْلِيه الغرائز والسجايا، وهو إقبال النفس على ما تستحسنه مع ستر ما فيه من الأضرار، وقد جمعت الآية أصول الشهوات البشرية كلها.
وأمَّا الودّ فقد تكرر ذكره فى القرآن الكريم، ومن ذلك قول الله تعالى:
"ولتجدنهم أحرص الناس على حياة ومن الذين أشركوا يود أحدهم لو يعمر ألف سنة وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر والله بصير بما يعملون (96) "البقرة
"إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا (96)"مريم
"ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة" الروم: 21.
فالود يأتى تارةً بمعنى التمنِّى كما فى آية البقرة، وتارةً بمعنى المحبة والألفة الخالصة كما فى آية مريم وآية الروم.
ونخلص مما سبق إلى أن لفظى (الحب ـ الود) بينهما تقارب دلالى؛ إذ يشتركان فى بعض الملامح الدلالية، وهى الميل وتعلُّق القلب.
ويختص الودّ بملمح: الشعور الخالص بالحب والإقبال، كما يختص الود بدلالته على التمنِّى.
ويختص الحب بملمح الدوام والثبات، واستعماله فى معانٍ كثيرة لا يستعمل فيها الود، كالتعظيم والخضوع، كما يتميز الحبُّ بأنه يستعمل فى الميل إلى الخير، ويستعمل فى الميل إلى الشرِّ.
العنوان: رد: من الفروق الدلالية في القرآن الكريم
أرسل بواسطة: أحمد عبد ربه في 2011-03-30, 16:12:07

                     :great:: :great:: :great:: :great:: :great::

               بصراحة حاجة روعة

تسلم ايديك وفتح الله عليك

وزادنا من علمك ونفعنا
العنوان: رد: من الفروق الدلالية في القرآن الكريم
أرسل بواسطة: فارس الشرق في 2011-03-30, 16:28:19
بارك الله فيك وجزاك كل خير

سأعود لهذا الموضوع بإذن الله
العنوان: رد: من الفروق الدلالية في القرآن الكريم
أرسل بواسطة: ازهرية صغيرة في 2011-03-30, 19:20:09
معكم وبجد موضوع مميز
العنوان: رد: من الفروق الدلالية في القرآن الكريم
أرسل بواسطة: فارس الشرق في 2011-04-02, 15:27:13
الفرق بين الاستئذان ـ الاستئناس:

الاستئذان فى اللغة: طلب الإذن. وأصل الإذن: الإعلام بالشىء، وجاءت صيغة الاستفعال للدلالة على الطلب، كأنه يطلب سماعَه والسماح له بما يطلبه.
والاستئناس فى اللغة: طَلَبُ الأُنْس وعدم الوحشة والنفور. والأُنْس: كل شىءٍ خالف طريقة التوحُّش.
وقد رَاعَى القرآن الكريم هذا الفارق الدلالى اللطيف بين اللفظين، فجاء الاستئذان بمعنى طلب الإذن بالشىء والترخيص فيه، كما فى قول الله تعالى:
"يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض كذلك يبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم (58) وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم كذلك يبين الله لكم آياته والله عليم حكيم (59) سورة النور.
والآية تقرِّر حكمًا شرعيًّا؛ لذا جاء لفظ الاستئذان مقصودًا، إذ المراد طلب الأمر وإباحة الشىء، وليس إزالة الوحشة أو النفور.
على حين جاء الاستئناس فى مقام الأدب وتعليم خُلُق المعاشرة والمخالطة بين الناس وتأليف قلوبهم، وذلك فى قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون (27)" سورة النور.
وإنْ كان المقام هنا مقام تشريع واجب الاتِّباع، فإن فيه ـ علاوة على ذلك ـ تعليم أدبٍ رفيع للمؤمنين، فليس المراد طلب الإذن فحسب، ولكن يُرادُ أيضًا إزالة الوحشة والنفور. ففى لفظ الاستئناس هنا كناية لطيفة عن الاستئذان، أى أن يطلب الداخل إذنًا  من شأنه ألَّا يكون معه استيحاش، وفى التعبير بلفظ الاستئناس إيماءٌ إلى عِلَّةِ مشروعيَّةِ الاستئذان، وذلك عَوْنٌ على توفُّر الأُخُوَّة الإسلامية.
ونخلُص مما سبق إلى أن لفظى (الاستئذان ـ الاستئناس) فى القرآن الكريم بينهما تقارب دلالى؛ حيث يشتركان فى معنى طلب السَّماح، وينفرد الاستئناس بملمح زوال الوحشة والتلطُّف فى الطلب.
العنوان: رد: من الفروق الدلالية في القرآن الكريم
أرسل بواسطة: فارس الشرق في 2011-04-15, 23:25:25
سبيل ـ صراط ـ طريق:

السبيل فى اللغة: الطريق، سُمِّىَ بذلك لامتداده؛ فأصل مادة (س ب ل) الدلالة على الامتداد، وكثر استعماله فى الطريق الذى فيه سهولة.
والصِّراط فى اللغة: الطريق الواضح، مأخوذ من قولهم: سَرَطَ الطعامَ أى ابتلعه، كأن الطريق يبتلع المارة، لكثرة سلوكهم فيه.
والطريق فى اللغة: المسلك؛ لأنَّ الأقدام تَطْرُقُه، أى تَطَؤُه.
وقد راعى القرآن الكريم فى استعمال تلك الألفاظ ما بينها من فروق دلالية رهيفة، على النحو التالى:
وردت كلمة (سبيل) فى القرآن الكريم كثيرًا، ومن شواهدها:
(أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل) البقرة: 108.
(ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون) البقرة: 154.
"إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين (96) فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين (97)" آل عمران.
وفى أكثر مواضع هذه الكلمة فى القرآن الكريم جاءت مضافة إلى لفظ الجلالة، ولعلَّ ما رشحها لهذا هو ملمح السُّهُولة، للتعبير عن وضوح المسلك إلى الله تعالى، وسهولته على السالكين وإنْ حَفَّتْ به المكاره والمصاعب.
كما استعيرالسبيل للتعبير عن المذهب والطريقة، نحو قول الله تعالى:
(قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين) يوسف: 108.
ولعلَّ ممَّا يُشْعِر بالسهولة والوضوح فى كلمة السبيل قول الله تعالى:
(ثم السبيل يسره) عبس: 20.
وأضيف السبيل إلى كلمة (ابن) فى مواضع عديدة من الكتاب الحكيم، فكثر فيه ذكر ابن السبيل: (البقرة: 177، 215، النساء: 36، الأنفال: 41، التوبة: 60 ... إلخ).
ومعنى ابن السبيل: الملازم له.
ولم تُضَف الكلمتان الأخريان إلى كلمة (ابن).
أما الصراط فقد تكرر ذكره فى القرآن الكريم، ومن شواهده الآيات التالية:
"اهدنا الصراط المستقيم (6) صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين (7)" الفاتحة.
(سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم) البقرة: 142
(وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون) الأنعام: 153.
(ولا تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون عن سبيل الله من آمن به وتبغونها عوجا واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين) الأعراف: 86
جاء الصراط فى أكثر مواضعه فى القرآن الكريم موصوفًا بالمستقيم، وندر مجيئه مفردًا كما فى آية الأعراف رقم (86).
وفى كثرة وصف الصراط بالمستقيم تارةً، وبالسَّوِىِّ تارةً أخرى دلالة على أنه: طريق الحق، فلا يَضِلُّ فيه سالكُه ولا يتحيَّر.
وآية الأنعام رقم (153) تبيِّن بجلاء تامٍّ أن الصراط يتضمن معنى الحق الواضح الذى لا يضل سالكه ولا يتحيَّر؛ ولذلك أُفْرِد الصراط وجمعت السبل.
أمَّا الطريق فقد ورد فى القرآن الكريم أربع مرات، فى الآيات التالية:
(إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا (168) إلا طريق جهنم خالدين فيها أبدا وكان ذلك على الله يسيرا)النساء: 168-169
(ولقد أوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا لا تخاف دركا ولا تخشى) طه: 77.
(قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم) الأحقاف:30.
فالطريق مستعمل فى القرآن الكريم للدلالة على كل مسلك يسلكه الإنسان محمودًا كان أو مذمومًا.

ونخلص مما سبق إلى أن هذه الألفاظ (سبيل ـ صراط ـ طريق) بينها تقارب دلالى؛ حيث تشترك جميعها فى الدلالة على المسلك.
ثم يتميز كلٌّ منها بملامح فارقة:
فالسبيل يتميز بالوضوح والسهولة، كما يتميز بإضافته إلى كلمة (ابن).
والصراط يتميَّز بالاستقامة والبعد عن الزَّيْغ والضلال.
والطريق أعمُّ هذه الألفاظ؛ لأنه يشمل ما كان محمودًا أو مذمومًا، سهلًا أو صعبًا.
العنوان: رد: من الفروق الدلالية في القرآن الكريم
أرسل بواسطة: سيفتاب في 2011-04-16, 00:48:28

جميل موضوعك هذا يا فارس الشرق بارك الله لك
العنوان: رد: من الفروق الدلالية في القرآن الكريم
أرسل بواسطة: فارس الشرق في 2011-04-17, 15:08:11
وبارك الله لك وجزاك خير الجزاء يا أستاذة سيفتاب، حفظك الله دائما