أيامنا الحلوة

الساحة العامة => :: كشكول الأيام :: => الموضوع حرر بواسطة: حازرلي أسماء في 2018-01-11, 21:02:22

العنوان: مختارات ...
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2018-01-11, 21:02:22
السلام عليكم ورحمة الله

سأحاول بإذن الله وضع ما يعجبني مما قد يعترضني بين مقال أو فيديو ..
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2018-01-11, 21:03:23
المربع المفقود

https://youtu.be/yCACeKo5F_Q
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2018-01-12, 09:55:35
للأطفال، الفيلم الأمريكي الشهيرعن سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم مترجم إلى اللغة العربية :

https://www.youtube.com/watch?v=kJ8AmFWEux8

وللأطفال والكبار فيلم وثائقي جيد عن السيرة :

https://www.youtube.com/watch?v=mTASN2yvTdg
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2018-01-12, 18:07:14
طيب
متابعه
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: إيمان يحيى في 2018-01-13, 03:21:06

 :emoti_133:

متابعة  ::ok::
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2018-01-13, 20:19:49
أهلا وسهلا بالمتابعتين الطيبة والمسلّمة  ::)smile:
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2018-01-13, 20:21:53
فيديو عن "العملية التيتة في النانا "

https://youtu.be/Jlm2iv2Gdb8
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2018-01-14, 10:22:52
لطارق حبيب ، حول تبية الأبناء في عصرنا

https://www.youtube.com/watch?v=Ia5zQXlCrT8&feature=share
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2018-01-14, 10:24:51
قصة عماد الرائعة

https://www.youtube.com/watch?v=CgZl1xJSjvY
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: سيفتاب في 2018-01-14, 11:27:06



متابعة
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: ابنة جبل النار في 2018-01-14, 19:16:25
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته  :)
وراك وراك 😃
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2018-01-14, 20:12:08
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته  :)
وراك وراك 😃

أهلا ومرحبا بك يا بهي
نورت المنتدى

لم أطالع بعد ما اخترته يا أسماء
وسأؤجله لحين ميسرة في الوقت ان شاء الله
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: ابنة جبل النار في 2018-01-14, 20:25:41
اهلا بك ماما هادية..منور بوجودكم..
اشتقنا لأقلامكم  :)
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2018-01-14, 21:02:04
أهلا وسهلا بك يا بهي  ::)smile:

نسأل الله أن نستفيد جميعا وننتفع  ::ok::
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: أحمـد في 2018-01-15, 21:52:06
للأطفال، الفيلم الأمريكي الشهيرعن سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم مترجم إلى اللغة العربية :

https://www.youtube.com/watch?v=kJ8AmFWEux8

وللأطفال والكبار فيلم وثائقي جيد عن السيرة :

https://www.youtube.com/watch?v=mTASN2yvTdg
دخلت احمل الفيلم لقيت البوست فاضي ..!
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: جواد في 2018-01-15, 23:37:00
للأطفال، الفيلم الأمريكي الشهيرعن سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم مترجم إلى اللغة العربية :

https://www.youtube.com/watch?v=kJ8AmFWEux8

وللأطفال والكبار فيلم وثائقي جيد عن السيرة :

https://www.youtube.com/watch?v=mTASN2yvTdg
دخلت احمل الفيلم لقيت البوست فاضي ..!

المشكلة في مشغل الفلاش يا أحمد، حيث يجب تفعيل الفلاش يدويا في المتصفح، لأن تقنية الفلاش ليست آمنة وماتت مؤخرا.
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: أحمـد في 2018-01-16, 03:04:33
طيب أعملها ازاي؟
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: جواد في 2018-01-16, 03:47:19
طيب أعملها ازاي؟

لو تستخدم متصفح كروم، ستجد علامة أمان في شريط العنوان اضغط عليه ثم اختار السماح بالمحتوى الغير آمن.
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2018-01-18, 21:35:47
أهلا وسهلا بمتابعاتكم إخوتي.. أرجو أن تكون المشكلة قد حلت يا أحمد .
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2018-01-18, 21:37:21
مقال لصاحبه : فالح فليحان الرويلي

القوة في البساطة..
في طريق سفر وأثناء لحظات تأمل شعرت بحجم الخطأ الذي نقترفه كل يوم حينما ننتظر عملاً عظيماً نقوم به، أو نفكر في منجزات كبيرة لنحقق ذاتنا.  ارتبط النجاح لدينا بالمادة وبكمية ما نستطيع استهلاكه، نعم المال أمر مهم وهو عصب الحياة، علينا أن نسعى إليه ونكسبه بالحلال، وأن نتقن مهارات تؤهلنا لنكون أغنياء مادياً.  صحيح أن المال يشعرنا بالسعادة، ويعيننا على أبواب خير غير متناهية، ولكن ليس هذا ما أتحدث عنه بالمناسبة؛ وإنما ارتباط تحقيق ذواتنا بالحياة الاستهلاكية المترفة الخالية من القيم والغنية بالماركات.. شعرت بالاستياء حينما قرأت مقالاً مطولا لكاتب ومثقف خليجي متخم بالمال ويمكنه لقاء كبار الرواة في العالم مثل باولو كويلو، كانت فكرة المقال المعلنة هي إشكالية فوات المتعة الشخصية ولكنه في ذات الوقت مترع بنماذج المتع الارستقراطية الاستهلاكية.. لا أعلم ما شعور قارئ عربي يعيش حياة اللقمة فيها إنجاز حينما يتصفح ذاك المقال؟! لا شك أن هناك نوع من المثقفين هو مثقفي الاستهلاك..

وحتى قصص النجاح التي نقرأها تعاني من فجوة كبيرة بين واقع الألم والمعاناة التي مر بها أصحابها، والتي غالباً جعلتهم لا يشعرون بمتعة الإنجاز كما يظن المستمعون الشبقون للعظمة..
كأن هذه الأفكار والمشاعر والتصورات تفقدنا الإحساس بأجمل ما لدينا، تجلعنا نزهد بكل الجمال المحيط بنا حينما نقارنه بما نشاهده ونقرأه..

مرة أخرى ماذا يمكن لعمل بسيط أن يفعل؟
سؤال كثيراً ما نردده بصيغة استنكارية، لا يشترط أن يسمعه أحد، لأنه في الغالب يكون داخل رؤوسنا.. نقوله لنحتقر أفعالنا الصغيرة ..
ماذا لو أطفأت مصباحاً صغيرا في البيت حفاظاً على الطاقة..
ماذا لو ابتسمت أثناء سيري في أروقة عملي..
ماذا لو سلمت مصافحة على طفل صغير وسألته عن حاله..
ماذا لو كتبت نصاً مشجعاً، سعيداً، متفائلاً في بحر لجي من السوداوية المحيطة..
ماذا لو أرسلت رسالة نصية قصيرة شخصية ربما فيها خطأ مطبعي عبر الهاتف لزوجتي أُصبح عليها.. أو على أخي.. أو أختي..
ماذا لو وضعت الورقة الممزقة أو ما بقي منها في سلة المهملات..
ماذا لو استمعت إلى محاضرة فكرية رصينة عبر اليوتيوب لخمس دقائق يوميا..
ماذا لو تصفحت كتابا مميزاً، 10 صفحات لا أكثر يومياً..
ماذا لو تجاهلت رسالة سخيفة مسيئة من صديق أو قريب دون أن أتفاعل معها وأردها الصاع صاعين..
ماذا لو مشيت نصف ساعة يومياً..
ماذا لو ..

إن للبساطة قوة تشبه إلى حد كبير قوة قطرات المطر الهاطلة التي تغسل الأرض ومن عليها وربما فاضت فغمرتنا..
تشبه قوة الشرارة التي تشعل الكون وتضيء ما بين السماء والأرض..
تشبه نجوم السماء حينما تتلألأ فتكسو السماء أبهى حلة..
تشبه ذرات الرمال التي تصنع أعلى القمم..
تكون كذلك حينما تجتمع .. حينما نواصل المسير .. حينما نضع اللبنة على اللبنة.. إنها المثابرة والقليل الدائم الخير من كثير منقطع..
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: زينب الباحثة في 2018-01-19, 01:17:58
رائع شكرا لك أسماء
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2018-01-19, 15:10:17
رائع شكرا لك أسماء

عفوا زينب  emo (30):
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2018-01-30, 09:28:35
(http://www.ayamnal7lwa.net/forum/index.php?action=dlattach;topic=6816.0;attach=12301;image)

(http://www.ayamnal7lwa.net/forum/index.php?action=dlattach;topic=6816.0;attach=12303;image)


(http://www.ayamnal7lwa.net/forum/index.php?action=dlattach;topic=6816.0;attach=12305;image)

هذا البيت وهاتان السفينتان البحريتان بازلْ ثلاثي الأبعاد.. قضيت معها وقتا وأنا أركّبها، كان مع إحداها أقل من ساعة ومع الأخرى ساعتين والأخرى أكثر ...

كان وقتا ممتعا ...  :emoti_159: وأنا أركب لم يغادر ذهني حال أطفالنا اليوم مع الشاشات .. !!  :emo: :emo:  ووقوعهم بأسرها ...  :Pc:::!!

هذه من الأشياء التي أدعو لأن تشاركوا بها أولادكم لاجتثاثهم من قاع الأنترنت العفِن
ما أبغض ما يحصل لابنائنا مع الشاشات ... شيء محزن حقا حقا ... فحاولوا أن تخلصوهم ولو نسبيا ... !!
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: سيفتاب في 2018-01-30, 09:50:16



براوة عليك يا فراشة  ::)smile:  حلوين أوي
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2018-01-31, 20:00:00



براوة عليك يا فراشة  ::)smile:  حلوين أوي

 sm::))(
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: ابنة جبل النار في 2018-01-31, 23:27:17
جميل ثلاثي الأبعاد هذا...  سابحث عن مثله هنا.. لابني طبعا ليس لي  😉
سلمت يدك أسماء (المهندسة :) )
ننتظر عودتك إلى الفيسبوك  :blush::
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2018-02-01, 06:43:02
جميل ثلاثي الأبعاد هذا...  سابحث عن مثله هنا.. لابني طبعا ليس لي  😉
سلمت يدك أسماء (المهندسة :) )
ننتظر عودتك إلى الفيسبوك  :blush::

سلمك الله .
مازلت تذكرين يا بهي ؟ ستنسيك الأيام  ::)smile:
ها نحن نجتمع هنا والحمد لله
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: ابنة جبل النار في 2018-02-01, 19:51:58
كما تشائين أسماء :)
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2018-02-02, 15:58:16
تابعتها على قناة الجزيرة وثائقية، أعجبتني جدا، قصة تحدي من الأمية إلى أفق بعيد ...  emo (30):  رائعة ...


https://www.youtube.com/watch?v=QQ12d_NAuYU&list=PLmrET10kAE97zovrWIF1EHwZhWtwBQyNK
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2018-02-05, 21:00:44
هذا الرابط أحتفظ به هنا لقراءته لاحقا بإذن الله، وذلك لأهميته :

http://blogs.aljazeera.net/blogs/2018/2/5/%D9%85%D8%A7-%D9%84%D8%A7-%D9%8A%D8%B9%D8%B1%D9%81%D9%87-%D8%B4%D8%B1%D9%8A%D9%81-%D8%AC%D8%A7%D8%A8%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D8%AD%D8%AF-%D8%B9%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86

وهذا أيضا :

http://blogs.aljazeera.net/blogs/2018/2/3/%D8%B7%D8%A7%D8%B1%D9%82-%D8%B1%D9%85%D8%B6%D8%A7%D9%86-%D8%B4%D9%88%D9%83%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%AD%D9%84%D9%82-%D8%A3%D8%B9%D8%AF%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85

والتالي :

http://blogs.aljazeera.net/blogs/2018/2/4/%D9%85%D8%AD%D8%A7%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%84%D9%81%D8%B1%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85

العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2018-02-06, 15:05:28
هذان فيديوهان وانا أبحث وقعت عليهما فتابعتهما، وسبحان الله تأملن كيف يتبدى فكر البوطي رحمه الله منذ ذلك الحين وليس فقط منذ الأزمة... وكيف هو فكر الغزالي وهو يرد عليه.. سبحان الله هذا ما لفتني وأعجبني... !!

هذا كان في ملتقى الفكر الإسلامي الذي كان يعقد بالجزائر سنويا، وكنت حينها طفلة بعد... وأذكر كنت أتابع من محاضراته على التلفاز .. كانت أياما رائعة !!

الفيديو الاول ويبدأ بمقطع للبوطي يليه رد الغزالي رحمهما الله

https://youtu.be/BBAx2xmToaY

وهذا الفيديو الثاني تتمة لرد الغزالي :

https://youtu.be/cVYj3Eqe0qo
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: سيفتاب في 2018-02-07, 06:15:10

هذا الرابط أحتفظ به هنا لقراءته لاحقا بإذن الله، وذلك لأهميته :


http://blogs.aljazeera.net/blogs/2018/2/5/%D9%85%D8%A7-%D9%84%D8%A7-%D9%8A%D8%B9%D8%B1%D9%81%D9%87-%D8%B4%D8%B1%D9%8A%D9%81-%D8%AC%D8%A7%D8%A8%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D8%AD%D8%AF-%D8%B9%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86 (http://blogs.aljazeera.net/blogs/2018/2/5/%D9%85%D8%A7-%D9%84%D8%A7-%D9%8A%D8%B9%D8%B1%D9%81%D9%87-%D8%B4%D8%B1%D9%8A%D9%81-%D8%AC%D8%A7%D8%A8%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D8%AD%D8%AF-%D8%B9%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86)


وهذا أيضا :


http://blogs.aljazeera.net/blogs/2018/2/3/%D8%B7%D8%A7%D8%B1%D9%82-%D8%B1%D9%85%D8%B6%D8%A7%D9%86-%D8%B4%D9%88%D9%83%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%AD%D9%84%D9%82-%D8%A3%D8%B9%D8%AF%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85 (http://blogs.aljazeera.net/blogs/2018/2/3/%D8%B7%D8%A7%D8%B1%D9%82-%D8%B1%D9%85%D8%B6%D8%A7%D9%86-%D8%B4%D9%88%D9%83%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%AD%D9%84%D9%82-%D8%A3%D8%B9%D8%AF%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85)


والتالي :


http://blogs.aljazeera.net/blogs/2018/2/4/%D9%85%D8%AD%D8%A7%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%84%D9%81%D8%B1%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85 (http://blogs.aljazeera.net/blogs/2018/2/4/%D9%85%D8%AD%D8%A7%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%84%D9%81%D8%B1%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85)





هذه الروابط لا تعمل لدي فالموقع محجوب في مصر للأسف
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: سيفتاب في 2018-02-07, 06:19:50



رحم الله الغزالي

جزاك الله خيرا يا أسماء

سبحان الله أليست كلمة حق في وجه سلطان جائر من أساسيات ديننا فكيف تغفل عنها ونقول لا شأن لنا
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2018-02-07, 09:10:22
سيفتاب أنقل لك المقالات هنا لتقرئيها  emo (30):

المقال الأول : ما لا يعرفه شريف جابر الملحد عن القرآن -شريف محمد جابر-


شاهدت مؤخرا فيديو لشاب ملحد يدعى شريف جابر سمّاه "ما لا تعرفه عن القرآن"، هذا رابطه: https://www.youtube.com/watch?v=vvqgVS8KVJA
فوجدته في غاية التهافت. وفي هذه التدوينة سأقوم بتشريح الفيديو وبيان تهافته بالأدلة، وسأبيّن بأنّ من يتأثرون بهذه المقاطع هم أولئك الذين لا يقرأون، ولا يصبرون على التحقيق العلمي واستقصاء المعلومة.

 

بشرية المسيح والإسلام - 00:00 حتى 03:00
في الدقائق الثلاث الأولى، يعرض الملحد جابر موجزا لتاريخ آريوس وأتباعه الذين كانوا ينكرون الثالوث ويقولون بالتوحيد وبأنّ المسيح رسول بشر من الله وليس إلها، ليخلص إلى نتيجة مفادها بأنّه ليس صحيحا أنّ القرآن هو أول من قال بذلك! وبغض النظر عن صحة ما قاله بخصوص عقيدة آريوس، فهو يبني طعنه على افتراض وهمي؛ فلم يقل أحد إنّ القرآن هو أول من دعا للتوحيد ونفي الألوهية عن أي بشر، بل القرآن نفسه يحكي قصص الأنبياء الموحّدين، ويحكي قصة الحواريّين أتباع عيسى الموحّدين الذين قالوا له "نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ"، والتشابه بين توحيد المسلمين اليوم وبين ما دعا إليه النصارى الموحّدون هو لأنّ الوحي واحد وحقائق التوحيد واحدة، وليس لأنّ المسلمين تأثروا بهم. فانظر كيف أنفق جابر مئات الكلمات في نقض افتراض لا يوجد إلا في وهمه!

 

ثم يتساءل جابر بسذاجة: إذا كانت فكرة التوحيد هذه موجودة فما الحاجة لوجود رسالة جديدة؟ والسخيف في السؤال أن جابرا نفسه يقرّ باضطهاد الآريوسيين من قبل الإمبراطورية الرومانية لهم وسيادة عقيدة الثالوث، ومن ثم كانت الحاجة لرسالة جديدة، إلى جانب انتشار الوثنية في العالم. بل القرآن نفسه يقرّ بأن رسالة التوحيد قديمة منذ آدم ونوح وإبراهيم وغيرهم من الأنبياء عليهم السلام، ولكن حين تنحرف البشرية عن التوحيد تأتي رسالة جديدة، وكانت رسالة الإسلام هي الرسالة الخاتمة لدعوة الناس إلى التوحيد، فضلا عن الشريعة الناسخة.

 

الكلمات السريانية في القرآن - 03:00 حتى 19:00
يستند جابر بعد ذلك إلى افتراض وهمي آخر، وهو أنّه إذا أثبتَ وجود كلمات ذات أصل سرياني في القرآن، فهذا يؤكّد بأنّ القرآن غير عربي، وبأنّ مصدره النصارى الذين كتبوا بالسريانية!

 

وهو افتراض لا يوجد إلا في وهمه، فلا يستلزم وجود كلمات من أصول غير عربية في القرآن أن يكون القرآن بشريّ المصدر، بل لا يستلزم الاشتراكُ بين العربية والسريانية في بعض الكلمات ذلك؛ فاللغات التي تسمى سامية تشترك في الكثير من المفردات، لأنها كانت في منطقة واحدة وتشترك في بعض الأصول. وفضلا عن ذلك، فحتى لو استخدم العرب بعض الكلمات السريانية فقد دخلت تلك الكلمات في لسانهم وصارت على تصريفهم، أي صارت من ضمن اللسان العربي. ولو راجع القارئ كتب التفسير القديمة سيجد بعض كبار المفسّرين يذكرون بأنّ كلمةً ما أصلها سرياني، هكذا بكل بساطة، دون أن يكون في ذلك طعن بالقرآن. وذهب بعض المفسرين إلى وجود كلمات مشتركة بين لغات متقاربة كالعربية والعبرية والسريانية، وفي جميع أقوال المفسّرين حول ذلك لم يكن هناك مدخل إلى الزعم بأنّ القرآن ليس عربيّا فضلا عن الطعن بمصدرية القرآن، فهذا تهويل ساذج من جابر، وافتراض لوازم وهمية.

وفي أمثلته ما يدلّ على ضحالة معرفته بالعربية، فقد زعم أنّ كلمة "سريّا" في قوله تعالى "فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا" سريانّية ومعناها "الابن الشرعي"، وأنّ ما قاله معظم المفسّرين بأنّها "النهر الصغير" خطأ ولا يتسق مع سياق الآيات، بينما يتّسق المعنى السرياني بزعمه مع السياق، أي إن عيسى يقول لمريم على حدّ قوله: "متخافيش إنتِ ولدتيني من دون ما حدّ ينام معاكِ!". ولكنه غفلَ عن كون مريم عليها السلام ذكرتْ قبل أربع آيات فقط بأنّها تعلم أنّه ليس ابن حرام، قالت: "وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا"، فهي لا تحتاج إلى ما يطمئنها بأنه ابن شرعي وبأنّها لم تزنِ مع أحد! وفضلا عن ذلك، فسياق الآيات بعد ذلك يؤكّد بأنّ معنى النهر هو الصواب، قال تعالى: "وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا"، أي أنّ الحديث عن طعام، ثم قال: "فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا"، والفاء هنا رابطة لجواب، أي أنّ الكلام نتيجة لما سبقه ومبنيّ عليه، وهذا يدلّ على أنّ "سريّ" تعني "النهر الصغير"، ثم يأتي الحديث عن الرُطَب، ليكون المعنى المتّسق كما يقول الزجّاج: "فكُلي من الرُّطَب، واشربي من السريّ، وقرّي عينًا بعيسى". أما على تفسير جابر الملحد فلن تكون هناك دلالة لكلمة "واشربي"!

 

وكلمة السريّ عربية، وتحمل معنى "السريان" أي الماء الذي يسري. وقد وردت في أشعار العرب، قال لبيد في معلّقته واصفا حمارا وحشيّا وأتانه يرِدان على النهر: "فتوسَّطا عرضَ السَّريّ وصـدَّعـا". وجمهور المفسرين على أنها "النهر"، وقد ذكر بعضهم بأنّ أصلها سرياني، كما رُوي عن مجاهد بأنها "نهر بالسريانية"، وعن الضحاك: "جدول صغير بالسريانية"، وليس في ذلك أيّ طعن بالقرآن على ضوء ما ذكرنا.

 

ومن الأمثلة على ركاكة منطقه كلامه عن كلمة "الطَّوْد" في قوله تعالى: "فَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ ۖ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ". فهو يزعم أنّها محرّفة عن كلمة "الطّور"؛ لأنّ كلمة الطور وردت في القرآن عدة مرات بينما لم ترد كلمة الطود سوى مرّة! وهو تعليل سخيف لا قيمة له؛ فلا توجد قاعدة تقول إنّ على كل كلمة أن تتكرر عدة مرات في القرآن! وفضلا عن ذلك فقد كانت قراءته للآية كارثية، إذ وقع في أربعة أخطاء فاحشة وهي آية قصيرة واضحة مشكّلة، وكلمة الطَّوْد نفسها قرأها بضمّ الطاء! ثم يأتي ليحدّثنا عن تفسيرها ويقول إنّ المفسرين قالوا: "معاناها يمكن الجبل". وهذا كذب؛ فقد قال جميع المفسّرين إنّ معناها "الجبل" دون تردّد! وهي عربية معروفة، قال امرؤ القيس: "فَبَيْنا المَرْءُ في الأحْياءِ طَوْدٌ رَماهُ النّاسُ عَنْ كَثَبٍ فَمالا". وقال أوس بن حجر: "ومبضوعةً منْ رأسِ فرعٍ شظيّة بطودٍ تراهُ بالسَّحابِ مجلَّلا".

 

وهكذا نرى ركاكة مزاعمه، وأنّه بنى 16 دقيقة من مقطعه على افتراض وهمي يظنّ فيه أنّه إذا أثبت وجود كلمات سريانية في القرآن فهذا يطعن بمصدره! ثم حين جاء بالأمثلة جاء بالطوام، وأظهر لنا ضحالة معرفته بالعربية. وتخيّلوا مثلا أنّ شابا ضعيف المعرفة بالإنجليزية، أراد انتقاد مسرحيات شكسبير من الناحية اللغوية، وهو غير قادر على قراءة جملة واحدة منها بشكل صحيح؛ ألا يصبح موضع تندّر الناس؟ فكيف بمن يتقحّم آياتِ القرآن دون امتلاك أدنى حدّ من المعرفة اللغوية؟ ومن هنا نفهم لماذا لم يفهم جابر بعض الآيات التي يزعم أنه لا حاجة إليها، فما ذلك إلا لضعف منطقه وضحالة معرفته بالعربية.

ادعاء مسيحية القرآن - 19:00 حتى 22:00
ومن أسخف شبهات جابر الملحد طرحه لسؤال: "لماذا ذكر القرآن اسم المسيح وعيسى 36 مرّة وذكر اسم محمّد 4 مرات فقط"؟

   

وهذا السؤال وما بناه عليه يؤكّد مجدّدا على الضحالة اللغوية والمنطقية التي يتمتّع بها، فالمسيح عليه السلام في حكم "الغائب"، وحين يأتي الحديث عنه سيكون من الطبيعي ذكر اسمه؛ لأنّ المعتاد هو أن القرآن في معظمه يخاطب محمّدا صلى الله عليه وسلم أو يعلّق على ما يحدث معه أو يأمره بأن يقول لأمته كذا وكذا، فهذا هو العام الشائع في القرآن، وهو يعني أنّ القرآن ذكر محمّدا صلى الله عليه وسلّم أكثر بكثير جدّا مما ذكر المسيح. أما عدم ذكر القرآن لاسم "محمد" صلى الله عليه وسلم في مرات كثيرة فهو لسببين رئيسيين:

- أنّه هو المخاطَب بهذا القرآن وهو صاحب الرسالة، فالخطاب القرآني يتوجّه إليه بضمير "أنت"، وأنت حين تخاطِب أحدهم هل تحتاج إلى ذكر اسمه وتكراره في كل مرّة؟!

- أنّه حين يخاطب الناسَ ويذكر الرسولَ صلى الله عليه وسلّم بضمير الغائب فهذا لأنّه هو "النبي" وهو "الرسول" معرّفا، ولأنه صاحب رسالة القرآن، أما حين يتحدث بضمير الغائب عن المسيح فيذكره باسمه لأنّ ذكره أقل بكثير من ذكر الرسول صلى الله عليه وسلّم.

 

ولهذا فمن الخطأ الظنّ بأن المسيح عليه السلام ذُكر في القرآن أكثر من محمد صلى الله عليه وسلم، فلا يقول هذا إلا ساذج لم يقرأ القرآن، والآيات التي تذكر محمّدا صلى الله عليه وسلم باسم "النبي" أو "الرسول" أو بضمائر متّصلة مثل "عنك" أو "إليك" أو الهاء في مثل "وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ" وغيرها؛ جميع هذه الآيات يدلّ سياقها وموضوعها وأحداثها على أنّ محمّدا صلى الله عليه وسلم هو المذكور والمقصود، فهذا ذكر له، وهو في مساحات كبيرة جدا من أول القرآن إلى آخره، والسطحيون فقط هم من يتجاهلون هذه الحقيقة ويلجأون إلى المماحكات اللفظية!

أمّا العملة المسيحية التي عليها اسم "محمّد"، فدارسو التاريخ والآثار يعلمون أنّ العرب المسلمين قبل سكّ عُملة خاصة بهم في عهد الأمويّين كانوا يستخدمون العملات المنتشرة في المنطقة، بما عليها من صور لهرقل أو للأكاسرة، ثم بدأوا بكتابة بعض الشعارات الإسلامية عليها. وما يفعله جابر هو تكرار مغالطة "Tom Holland" في فيلمه "Islam: The Untold Story"، حيث جاء بدرهم ساساني منقوشٌ عليه صورة أحد أكاسرة الفرس، بالإضافة إلى الشهادتين وفيهما "محمد رسول الله"، فزعم هولاند أنّ صورة كسرى هي صورة محمّد صلى الله عليه وسلم! وأصغر دارس لتاريخ المنطقة يعلم أن هذا الكلام هراء، وأنّها عملة ساسانية استخدمها العرب ونقشوا عليها رموز دينهم، ثم ضربوا العملات الإسلامية الخالصة في العهد الأموي بعد ذلك. وهذا هو حال العملات التي يذكرها جابر ويستند إليها لزعم مسيحية القرآن!

تشابه قصص القرآن مع قصص الديانات السابقة - 22:00 حتى 26:50
أما أمثلته عن تشابه قصص القرآن مع قصص الأديان السابقة فهي ثرثرة لا قيمة علمية لها؛ ذلك أن الله أرسل لليهود أنبياء وأنزل لهم كتابا، وأين العجب في أن تكون تلك الكتب التي هي في الأصل من عند الله متضمّنة لقصص كثيرة ذكرها القرآن بعد ذلك؟ إنه يكرر نفس المغالطة، وهي أنّ التشابه يعني تأثُّر الإسلام بتلك الأمم، ولكن الحقيقة أنّ التشابه يعني وحدة المصدرية، وهي الوحي، وأنهم "أهل كتاب" حقّا، والاختلاف في بعض التفاصيل نتج عن تحريف بعض قصصهم عبر التاريخ.

 

كلامه عن الناحية الأدبية للقرآن - من 26:50 حتى 31:00
ما ذكره عن عدم وجود التسلسل الموضوعي بين بعض الآيات ناتج عن عدم وعيه بأنّ القرآن كتاب فيه تشريعات وقد نزل منجّما على الأحداث، وبعض الآيات نزلت في أوقات مختلفة وتم وضعها في موضعها بعد ذلك. فلم يَكتب القرآن كاتب مرة واحدة بتسلسل كما يكتب الروائيّون رواياتهم، وهو ليس رواية حتى يُطلب هذا التسلسل في جميعه. وللتقريب نقول: لو قرأتَ كتاب قوانين أو دستورا، هل على كل بند أن يكون مرتبطا موضوعيا بالذي قبله؟ هل ستجد فيه تسلسل أحداث؟ كلا، وكذلك -ولله المثل الأعلى- القرآن؛ فيه من الآيات التشريعية وفيه من القصص، وأنت حين تقرأ قصة من القرآن ستجدها كوحدة موضوعية كاملة مسلسلة بأجمل ما يكون التسلسل الأدبي.

 

أما كلامه عن السجع في فواصل القرآن، وزعمه بأنّه يأتي فقط لإضافة النغمة لا أكثر؛ فهو دليل على انعدام حسّه الأدبي، فالمستوى الصوتي الذي يضيفه السجع القرآني ينسجم انسجاما تامّا مع المستوى الدلالي الذي يحمله النصّ في السور المكّية تحديدا، وهو مجال أقوم ببحثه ضمن دراستي الأكاديمية، وهو ليس سجعا متكلّفا جاء للنغم فحسب كما يظنّ الجهلاء، بل لن تجد صياغة محتملة أكثر بلاغة وأداء للمعنى بكامل مستوياته مما عليه النصّ بشكله الذي في القرآن.

 

وكذلك كلامه عن التكرار في القرآن، فهو ناتج عن جهله بأهمية التكرار ودوره في العربية، وبأنّ النصّ العربي يخاطب الإنسان بكينونته الكاملة، ولذلك تُعرَض القصة في أكثر من موضع بحسب السياق للتذكير، وتأتي مرة موجزة ومرة مطوّلة. يقول الإمام الخطّابي: "على أنّ للإشباع موضعًا، ولتكرار القول من القلوب في بعض الأمور موقعًا. قال الله عزّ وجلّ: {وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}". والقرآن كتاب حياة وليس كتاب تعريفات أو فلسفة حتى يكون مختَزَلا حاصرا للمعاني! ولمن أراد التوسّع في هذه النقطة يرجى الاطلاع على تدوينتي "القرآن ليس لغة برمجة.. والإنسان ليس حاسوبًا".

 نسخ التلاوة الذي سمّاه "الحذف" - 31:00 حتى 36:30
أما كلامه عن حذف بعض الآيات من القرآن، فهو يدلّ على كذبه واستخفافه بعقول متابعيه، فهو يزعم أن أحاديث الداجن الذي أكل صحيفة آية الرجم موجود في البخاري ومسلم والموطأ، وهو كذب صريح؛ فالحديث ليس موجودا لا في البخاري ولا في مسلم ولا في الموطأ! بل أخرجه آخرون بسند ضعيف، فلماذا يزعم جابر أنّه موجود في صحيح البخاري ومسلم والموطأ؟ ليوهم القارئ بأنه حديث معتَمد عند أهل السنة، ولكن الواقع أنه حديث ضعيف انفرد بروايته ابن إسحاق، والحديث الذي صحّ عند مسلم ومالك وغيرهما ليس فيه كلام عن الداجن، وهي ملاحظة مهمة تبيّن تزويره.

 

أما ما يسمّيه "حذفا" لآيات فيسميه العلماء "نَسْخ التلاوة"، فهي آيات نُسخت من المصحف تلاوة أو تلاوة وحُكما في عهد النبي صلى الله عليه وسلّم بوحي من الله، وليس كما يحاول أن يوهم بأنّها "ضاعت" في عهد الصحابة! وليس هناك قانون يُلزم بأن يُنزل اللهُ القرآنَ ولا ينسخ منه شيئا، فقد أنزل سبحانه كتبا سابقة ونسخها جميعا، ومن ثم فموضوع نسخ الآيات تلاوة لا يشكّل أي مطعن في القرآن، لأنّه لا يوجد في الإسلام قاعدة تقول إنّ كل آية نزلت فيجب أن تبقى في القرآن! هذا افتراض وهمي موجود في عقله فقط، بل تحدث العلماء منذ القدم بوضوح عن نَسْخ التلاوة، وروى أئمة الحديث في ذلك أحاديث صحيحة، وهو أمر أراده الله عز وجلّ، كما أنّه أراد تحريم قرب الصلاة في حالة السكر، ثم شاء أن يحرّم شرب الخمر مطلقا، وكما شاء ألا يفصّل أركان الصلاة في القرآن، وكما شاء أن يحوّل القبلة، يفعل سبحانه ما يشاء، ويبتلينا بحكمته عزّ وجلّ.

 

والحديث عن منظومة "الابتلاء" في الإسلام حديث يطول، ولكنْ ينبغي أن يعلم القارئ بأنّ الطريق إلى الجنّة في مفهوم الإسلام ليس نزهة بين الورود، بل يحتاج الإنسانُ إلى الكدح وضبط النفس والتجريب، ويقع ضمن هذه المنظومة المتشابهُ في الدين، وشهواتُ النفس، والشيطان، فهذه كلها قد تفتح المجال لمن يترك اللجوء إلى الله والاعتصام بالمحكمات ويستسلم لها بأن يسقط في الاختبار. ولكنها من جهة أخرى ضرورية كعناصر للاختبار الدنيوي، ولولا وجودها لما كان هناك معنى للاختبار في الدنيا والجزاء في الآخرة، وفي هذا الإطار نفهم قضية نسخ بعض الآيات (راجع الآية 143 من سورة البقرة، وهي تتحدث عن المقصد من نسخ القبلة).

جمع القرآن ومزاعم التحريف - 36:30 حتى 47:10

 أما ما ذكره بخصوص جمع القرآن فليس فيه حجّة، ولكن ما ينبغي التأكيد عليه كحقيقة صارخة تهدم كل ثرثرته أنّه لا توجد اليوم عدة نسخ للقرآن، فلو صح أنّ العنصر البشري بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلّم قد تدخّل في صياغة القرآن لوجدنا عدّة نسخ للقرآن، خصوصا مع وجود فرق متصارعة منذ القرن الهجري الأول كالخوارج والروافض وأمثالهم. ولكن الحقيقة المذهلة أن جميع هذه الفِرق على اختلافها وصراعاتها تعتمد مصحفا واحدا، هو نفس المصحف في إندونيسيا وفي إيران وفي عُمان وفي المغرب وفي أي مكان في العالم. بل قد عثر علماء غربيّون في ألمانيا على نسخة من المصحف تَبيّن أنها تعود إلى العهد الراشدي (لم يذكرها جابر لأنها تفضح مسعاه!)، ومع ذلك فهي مطابقة للمصحف الذي بين أيدينا، وهي متاحة على الشبكة.

ما اختلاف القراءات المتواترة في التنقيط والحركات فلم يحدث في الواقع إلا في نسبة لا تتجاوز %2 من كلمات القرآن، وهي من أوجه القراءة المشروعة للقرآن، والاختلاف في التنقيط من بينها قليل جدّا؛ لأنّ المعتمد في حفظ القرآن لم يكن الكتابة فحسب كما يتوهّم، بل في الأساس النقل مشافهة والحفظ في الصدور، وهذا يجعل الاختلاف حول تنقيط كلمة أمرا غير وارد لأنّ طريقة لفظها محفوظة سمعا ونطقا، إلا في ما احتملته القراءات. وهذه النسبة القليلة لا تشكّل اختلافا في فهم الآية في معظمها؛ كالفرق بين "خوفَ" و"خوفٌ"، أو بين "فتبيّنوا" و"فتثبّتوا"، أو بين "نُنْشِزُها" و"نُنْشِرُها". وللتوسّع حول جمع القرآن والشبهات عن الحذف فليقرأ من كتاب "المقدمات الأساسية في علوم القرآن" للأستاذ عبد الله الجديع "المقدمة الثانية: حفظ القرآن"، و"المقدمة الثالثة: نقل القرآن". ففيها ما يفند الشبهات حول ذلك، ويضع المسلم على أرضية علمية صلبة في هذه المسائل.

 

أمّا زعمه بأنّ الأدلة التاريخية تقول إنّ القرآن جُمع في عهد عبد الملك بن مروان، ويستدل بنصّ منسوب لعبد الملك يقول فيه إنّه جمعَ القرآن في رمضان؛ فهذا من الأمور الفاضحة التي تدلّ على عدم فهمه لِما يقرأ! والعجيب أنّ جابرا يعرض على الشاشة رواية أخرى من كتاب "تاريخ الخلفاء" يقول فيها عبد الملك: "وخَتَمتُ القرآن في رمضان"، ولكنّه يقرأ علينا "وفيه جمعتُ القرآن"! فكيف لم يخطر على باله أنّ الجمع هنا بمعناه المتعارف عليه أي الحفظ في الصدر؟! والرواية التي يعتمدها جابر جاءت في "الكامل في التاريخ" ونصّها: "أخافُ الموت في شهر رمضان، فيه ولدتُ، وفيه فُطمتُ، وفيه جَمعتُ القرآن". ورغم أنها روايات غير مسندة ولا تعتبر "أدلة تاريخية" نقدّمها على ما تواتر لدينا من أخبار جمع القرآن، فإنّها واضحة في أنّه يقصد حفظَه لكتاب الله غيبا وليس جمعه للمصحف! فتأملوا هذا الجهل الفظيع في فهم نصّ يسير، كيف يتأتى منه فهم هذه المسائل؟!

 

أما اعتماده على عدد آيات سورة الأنفال والتوبة في مخطوط لمصحف في المكتبة البريطانية يعود للعهد الأموي؛ فهو محاولة بائسة لإثبات التحريف واستغلال جهل متابعيه، فقد أظهر للقارئ ما كُتب فوق السورة من عدّ الناسخ للآيات، إذ جعل آيات الأنفال 77 آية بدلا من 75، وجعل آيات التوبة 130 آية بدلا من 129، وغيرها.. فهذا كلّه من عدّ الآيات وليس من زيادة الآيات أو نقصانها! وأنا أتحدى جابر الملحد أن يستخرج لنا تلك الآيات المضافة أو المحذوفة، فهو يحاول إيهام القراء بوجود آيات زائدة، ولكن لماذا لم يذكرها مع توفّر المخطوطة؟ السبب بسيط؛ إنّ العلماء اختلفوا قديما في عدّ آيات القرآن، بل كتبوا في ذلك كتبا، فبعضهم قد يعتبر آيتين متجاورتين آية واحدة، وبعضهم يعتبرهما آيتين. يقول الإمام أبو عمرو الداني في كتابه "البيان في عدّ آي القرآن" عن سورة التوبة: "وَهِي مئة وتسع وَعِشْرُونَ آيَة فِي الْكُوفِي، وَثَلَاثُونَ فِي عدد البَاقِينَ". وبهذا نفهم سبب الاختلاف في ترقيم الآيات في بعض السور في المخطوطة.

 ما استناده إلى ما كُتب على المخطوطات من أسماء السور كسورة الشعراء التي اسمها على المخطوطة "طسم الشعراء"، وسورة النمل التي اسمها على المخطوطة "طس النمل"، فهو من أكثر ما يثير الضحك لمن لديه أدنى اطلاع! فمن المعروف أنّ أسماء السور لم يرد فيها نصّ من الوحي، وأن العلماء اختلفوا في أسمائها، وأنت حين تقرأ كتب التراث المطبوعة ستجد العلماء يسمون السور بخلاف ما تم اعتماده في معظم المصاحف المعاصرة، فما في المصاحف المعاصرة هو اعتماد لصيغة معينة تيسيرا على الناس ولا يعني أنّ هذه هي التسمية الوحيدة! أما من يجهل ذلك فهو يدل على ضحالته الثقافية، وهذا يدلّك على أن اطلاع جابر سطحيّ جدّا على الثقافة الإسلامية التي يوجّه النقد لأهم أركانها وهو القرآن الكريم. ولقد سُميتْ سورة الفاتحة "أم الكتاب"، وسميتْ التوبة "براءة"، وسميتْ الإسراء سورة "بني إسرائيل"، وهكذا الكثير من السور.

 

****

وأخيرا كلمة للقراء: إنّ مقاطع الفيديو الشعبوية التي تحاول تقديم المواد العلمية والفكرية بقالب مؤدلج سريع كالوجبات الخفيفة لن تساهم أبدا في ارتقاء مستواكم العلمي والفكري، بل على العكس؛ فهي تساهم في تسطيح العقلية العربية، وفي صرفها عن التعمّق المطلوب لبناء الفكر ولبناء المنهجية العلمية في التفكير، خصوصا إذا تم استخدامها من قبل مؤدلجين كجابر الملحد.

 

إنّ المنهجية العلمية تحتاج إلى اكتساب الصبر على البحث، والتمرّس على مسح المواد العلمية ذات الصلة للخروج بتصوّر أكثر تكاملا عن أي فكرة أو معلومة. أما هذه المقاطع فهي تربّي العقل الكسول، الذي يجلس صاحبه كالطفل ويريد أن يُلقَّمَ المعلومة سائلة سائغة بزجاجة الرضاعة دون حاجة إلى القيام بأي جهد!

 ألا تظنّ بأنّك صرتَ على شيء من الفكر والعلم إذا استمعت لبعض المقاطع المؤدلجة وقمتَ بترديد محتواها كالببغاء، فإنّك إنْ واجهتَ باحثا متخصصا وناقشكَ فيما تقول علمتَ ضحالة ما أنت عليه، وأنّك سكِرتَ بمتعة زائفة حين كنتَ تمارس الكسلَ الفكري بمتابعة تلك المقاطع مع اجتنابك للبحث والقراءة!


--------------------------------------------------------------

المقال الثاني: طارق رمضان.. شوكة في حلق أعداء الإسلام
  -محمد فاروق طوالبية إعلامي وباحث جزائري-

لماذا طارق رمضان؟!
في هذه الأثناء التي أخط فيها هذه الخاطرة من يوم الجمعة زوالا، يمثل المفكر الباحث السويسري البروفسيور "طارق رمضان" أمام القضاء الفرنسي بتهمة محاولة الاغتصاب والتعدي على ضحيتين في قضية تعود إلى 2009، كانت نائمة في سبات وظهرت فجأة -أرجو عدم الضحك-.
 
طارق رمضان؛ الرجل الوحيد الذي يمثل الوجه الآخر للإسلام في الغرب، الرجل الذي قهر جميع السياسيين والمفكرين والكتاب الغربيين وبالأخص الفرنسيين المتلونين الذين كشفهم وعراهم للمجتمع الفرنسي وللعالم على غرار: نيكولا ساركوزي، والصحفية كارولين فوراست والقائمة طويلة، ولم يستطع أحد أن يتفوق عليه فكريا وثقافيا.

كانت تهمته الوحيدة أنه حفيد حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، ويالها من تمهة ساذجة وغبية، فنبي الله إبراهيم والده لم يؤمن به ولا برسالته، ونوح ابنه كذلك، وموسى كذبه أقرب مقربيه، وعيسى آذاه قومه، ومحمد كفر به أقرب مقربيه (عليهم السلام جميعا)، فإذا جرمنا أو أدنا الإنسان بمقربيه فالناس جميعا مجرمون وفسدة في هذه الحال، ثم تعال إلى أبعد من ذلك؛ ما التهمة الحقيقية للإخوان المسلمين؟

فلما كانت تهمة أخونة كروموزومات طارق رمضان تهمة غبية كأصحابها، وجب البحث عما يسقط الرمز الوحيد الذي يعتبر مرجعا فكريا للمسلمين في أوروبا، فكانت فبركة القضية الحالية. ما طارق رمضان إلا مثال واحد من بين أمثلة كثيرة يمكن أن تظهر في مجالات أخرى لا تمت إلى المجال الفكري أو الدعوي الإسلامي بصلة، فتلقى المصير ذاته بالتخلص منها، وذلك لا لشيء إلا لعلة تعانيها النفسية والذهنية الفرنسية المنغلقة على ذاتها التي لا تقبل الآخر ولا تتعايش معه مهما حاولت جاهدة ادعاء ذلك والجهر به للرأي العام، وأنا هنا أتكلم من واقع المجتمع الفرنسي اليوم ومن حياته اليومية التي عايشتها بكل تفاصيلها وفي شتى مجالاتها، فما بالك إذا تعلق الأمر بالإسلام الذي تراه يهدد كيانها رغم بلوغ عدد المسلمين اليوم على أراضيهم الفرنسية ستة ملايين نسمة، وهم كل عام في تزايد مستمر! مع ذلك ينأى المفكر طارق رمضان بنفسه على أن يصنف شيخا أو داعية، وقد أعلنها في كثير من حواراته، لأن الرجل بالفعل مفكر فذ في زمن كثر فيه اللغط وادعاء العلم والثقافة.

(http://blogs.aljazeera.net/file/getcustom/f9ce506a-1fe8-4966-a19d-f0de7ce39213/00000000-0000-0000-0000-000000000000)

 
عود على بدء، فأنا شخصيا حضرت للبروفيسور طارق رمضان في كلية سانت آنتوني بجامعة أكسفورد قبل عام من الآن، واستضافني في مكتبه ورأيت بعيني كم يحترمه ويجله كبار الباحثين والمفكرين البريطانيين، وأغلب من حضروا مناقشة آخر كتبه آنذاك كانوا من غير المسلمين والعرب، كما رأيت بعيني رئيس كلية سانت آنتوني بجامعة أكفسورد الذي كان يجلس إلى جانبه ويحاوره عن موضوع كتابه، رأيت إعجابه الشديد بفكره وتقديره لقيمته العلمية، ورأيت المكانة المرموقة التي يحظى بها في أكسفورد كلها، حتى إن إدارة الجامعة تضع صورته مع كبار مفكريها وأعلامها، وقد تزامنت فترة وجودي ببريطانيا وبمدينة أكسفورد خصوصا مع إصداره الجديد فأهداني نسخة من آخر عصارة فكره، ورأيت بعيني أيضا إقبال الطلبة والأساتذة والباحثين من الغربيين وفيهم بعض العرب والمسلمين، رأيت إقبالهم الشديد على كتابه ومحاضراته بالجامعة.

بعيدا عن ذلك كله، بمنطق آخر لكن بلغة أرقى من لغة المنحطين من بعض الفرنسيين المعادين للحق ومن يماثلهم عقلية وسلوكا أقول: لو أراد طارق رمضان اقتراف ما يتهم به أمام القضاء الفرنسي اليوم لكان أمامه الخيار من عشرات ومئات جميلات دول الشمال اللواتي كن يقفن بأعداد هائلة للظفر بإهداء من توقيعه على أحد كتبه، فهو في غنى عن التدني إلى مستوى مثل التي رأيناها بالقنوات الفرنسية تدينه بروايتين متناقضتين، أما التابعون المنصاعون ممن هم منا لكنهم علينا؛ الذين ما إن سمعوا بالقضية متأخرين بعد شهور حتى شرعوا في وصلة تسخين البندير كما نقول بالدارجة المغاربية، -ما مفاده "التهويل والتعظيم"- فسأضرب عنهم الصفح وأعف لساني عن ذكرهم!

بالمناسبة، بعد كل ما حدث وما سيحدث، لا أزال لحد اليوم وسأظل أفخر وأتشرف بأنني جالست هذه القامة العلمية الكبيرة، وحضرت له مباشرة، وقرأت كتاباته العميقة، وسيظل البروفسيور طارق رمضان شوكة في حلق أعداء الفكر والثقافة والدين الإسلامي والحضارة الإسلامية.

--------------------------------------------------------

المقال الثالث: محاور التربية القرآنية للفرد المسلم
-عبد الكافي عرابي النجار ناشط إعلامي-

أفرزت الثورة السورية تجمّعات وتكتلات سياسية وعسكرية كثيرة جعلت من الإسلام شعارا ومرجعيّة وأساسا لما تدعو إليه، حيث أعلنت أنّ مبادئ الإسلام وقيمه الشرعية والأخلاقية هي التي تحكم سلوكياتها وآليّة عملها ومواقفها، ولكن الحقيقة أنّ أكثر هذه التشكيلات لم يستطع الوفاء بما أعلنه، فكانت أغلب تصرفات أتباعها بعيدة عن الإسلام بروحه وحقيقته، واقتصرت على شكليات هي من مظاهر وثمرات الالتزام الحقيقي الذي لم يكن موجودا، فأين الخلل؟


الخلل -كما أرى- أنّها لم تلتزم محاور منهج التربيّة للفرد كما بيّنها ربّنا سبحانه وتعالى في القرآن الكريم الذي جعله الله هداية للبشر إلى الطريق القويم، فقد تتابعت آيات القرآن وتتالت بالخير والبركة خلال 23  عاما، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يربّي فيها الأمّة التي ستحمل مسؤولية حمل الرسالة وتبليغها للنّاس جميعا، ورسالة بهذه الأهمية والخطورة تحتاج لأناس قد تربوا تربية خاصة، وفق منهج متكامل واضح المعالم يتضمن تربية متوازنة للنّفس من جميع الجوانب، فربى الله تعالى محمدا -صلى الله عليه وسلم- ليربي العرب به، وربّى العرب بمحمد ليربي بهم الناس أجمعين.


كانت المحاور التي ربّى عليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الأمّة كما ذكر الشيخ محمد الغزالي وغيره: ثلاثة تكرر ذكرها في القرآن الكريم أربع مرات، منها ما ذكر في سورة الجمعة: وهو قوله تعالى: "هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ" (الجمعة الآية 2) فهي إذا: التلاوة والتزكية والتعليم.

فالتلاوة: تعني عرض المنهج، وتقديم برنامج، وبيان الطريق، وإعطاء صورة عامة لملامح الإسلام، ورسم خط بياني للأمّة كلّها، فهي التي تعطي صورة للإسلام في عقائده وعباداته وأخلاقه وأعماله، تعرض الإسلام كاملا متكاملا بجميع دقائقه وأسراره.
 

التزكية: وتعني تربية النفوس وتهذيبها بتحليتها بالفضائل والأخلاق السامية، وتخليتها من الرذائل والقبائح، فلابدّ أن تعدّ النفوس التي ستحمل هذه الرسالة السامية، إعدادا يناسب سمّوها وعظمتها، لابدّ أن ترتقي إنسانيتها إلى الذروة في سلم الكمال، ليظهر كمال هذه الرسالة وخلودها وإنسانيتها.


التعليم: ويشمل تعليم الكتاب والحكمة، فإذا كانت التلاوة عرضا للبرنامج، فإن التعليم يشمل التنفيذ العملي، التطبيق الواقعي، تمثّل الإسلام في الحياة، عقيدة وعبادة وسلوكا وأخلاقا ومعاملة، مع المحافظة على التوازن بين هذه العناصر وعدم طغيان بعضها على بعض، من غير إفراط ولا تفريط، فالحكمة تفيد العمل الصحيح المتقبل، وهو يتمّ بصدق النظر، ومع الجهل لا تقوم حكمة، لأنّ الحكمة تقوم بالنظر الصائب وبالحكم الدقيق.


ولعلّ من أهم علل التجمّعات والتكتلات السياسية والعسكرية التي أفرزتها الثورة السورية وجعلت من الإسلام شعارا -لم تلتزم به غالبا- غياب هذا الجانب، غياب هذا النوع من التربية، تربية النفس على التوافق بين الأقوال والأعمال، بين المبدأ والتطبيق، جعل الحياة انعكاسا حقيقيا للإسلام كلِّ الإسلام، الممارسة العملية للإسلام في عقيدته وعبادته ومعاملته وأخلاقه، أن يعيش الإسلامُ واقعاف ي حياة الفرد المسلم.

إنّ الذين صحّت تربيتهم على هذا المبدأ من الدستور القرآني، فتحـوا بسلوكهم قلوب العباد في مشارق الأرض ومغاربها لهذا الدين العظيم، وهذه الرسالة الخالدة، فدخلوا في دين الله أفواجا، وقد علموا أنّ مثل هذه الأخلاق، ومثل هذا السلوك، لابدّ أن تكون له جذور ضاربة في النفوس من المبادئ السامية الرفيعة، مئات الملايين من البشر دخلوا الإسلام ولم تصل إليهم جيوش المسلمين، وتاريخ الإسلام أشدّ نصاعة من بياض الثلج في ترك النّاس أحرارا في اختيار عقائدهم.


إنّ الله وصف المخالفة بين الأقوال والأعمال بأنها أكبر من الكبائر فقال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ" (الصف الآية 3) عَظُم أمرا قبيحا أن يتصف المرء بهذه الخصلة الشنيعة. على المرء أن يتعهد سلوكه بالانتباه والمراقبة بأن يوافق كلامه عملـه وينسجم عمله مع كلامه، في أي موقع كان المرء فيه، أبا أو زوجا أو رئيسا أو مرؤوسا، عاملا أو ربّ عمل، وخصوصا من يتصدر لأمانة إعداد النفوس، من آباء وأمهات ومعلمين وعلماء، لابدّ أن يكون هناك اتساق بين القول والعمل، أن تترجم الأقوال إلى أعمال تدل على الصدق والالتزام.


النّاس يحتاجون أن يروا سلوكا أكثر ممّا يسمعوا كلاما، العمل أبلغ في التأثير من الكلمات، وما نفع الكلام إذا لم يرافقه عمل، وما أسهل الكلام وما أرخصه، وما يحتاج المرء إلا أن يحرك شفتيه، ليدّعي أنّه بحكمة أبي بكر وعدل عمر وحياء عثمان وشجاعة علي رضي الله عنهم أجمعين.
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: سيفتاب في 2018-02-07, 19:50:17



جزاك الله خيرا يا فراشة

مقالات مهمة خاصة مقال تحليل ما قاله هذا المدعو الملحد والذي استغنيت به عن مشاهدة الفيديو لأن المرارة مش ناقصة
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2018-02-10, 11:12:01
"" لو أن إنسانا عرف معايبى فسترها عن الناس وقصد إلىَّ ليكشف لي أخطائى، ويرجع بي إلى ربي لشكرته ودعوت له! أنه أسدى إلىَّ جميلا، ورحم الله امرءا أهدى إلىَّ عيوبي ..

إنني أخاف على نفسي وعلى الناس صيَّاحا فضَّاحا سفَّاحا يرتقب الغلطة ليثبَ على صاحبها وثبة الذئب على الشاة ، فهو فى ظاهره غيور على الحق وفى باطنه وحش لم تُقلم التقوى أظافره، ولم يغسل الإيمان عاره ولا أوضاره. ""

الشيخ الغزالي رحمه الله.
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2018-02-11, 11:20:28
من كاتب المقال الأول؟ لم أتبين
وليتك يا أسماء تفردين كل مقال بمداخلة، فهذا أسهل للقراءة وأكثر جذبا
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2018-02-11, 12:20:12
من كاتب المقال الأول؟ لم أتبين
وليتك يا أسماء تفردين كل مقال بمداخلة، فهذا أسهل للقراءة وأكثر جذبا

المقالات الثلاثة وضعتها حتى لا تضيع مني وقد جذبتني عناوينها، ولكن بعدما قرأتها تبيّن أن أولها هو المهم حقا .. الكاتب هو شريف محمد جابر، كاتب ومترجم وباحث في الفكر والأدب، يحضر لماجستير في الأدب العربي. كنت من قبل أتابع بعض كتاباته على صفحته، وهذه مدونته على الجزيرة بعدد من مقالاته  :

http://blogs.aljazeera.net/sharefmg

العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2018-02-13, 21:35:13
مقال جديد لشريف محمد جابر :

http://blogs.aljazeera.net/amp/blogs/2017/12/18/%D9%87%D9%84-%D8%A7%D9%86%D8%B4%D8%BA%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D8%AF%D8%AB%D9%88%D9%86-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%AF-%D9%88%D8%BA%D9%81%D9%84%D9%88%D8%A7-%D8%B9%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B6%D8%A7%D9%85%D9%8A%D9%86
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2018-02-17, 07:49:06
للشيخ محمد الغزالي تغمده الله بواسع رحمته :


دار بينى وبين شاب من العاملين فى الميدان الإسلامى حوار قاس ، كنت فيه أطيل الاستماع ، وأقلُّ التعليق ، وفى نهاية المطاف ، قلت ما عندى كله ..

قال : إنكم تتهموننا بالتطرُّف فهلا شرحتم موقف الطرف الآخر منا ؟ وكشفتم عن مسلكه معنا ، أكان معتدلا أم متطرفا ؟ إن فلانا فعل بنا كذا وكذا ، مِنْ سفك وهتك و . . و . .

قلت : إن فلانا هذا مات من سنين طوال وأفضى إلى عمله ، رحمه الله !

فصاح : لا رحمه الله ولا غفر له ، لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استغفر له ما قبل منه ! ألم تقرأ قوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم فى مثل هذا الشأن : (استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله والله لا يهدي القوم الفاسقين)

وحاولت الكلام . .! ولكنه مضى يهدر : ماذا تقول فى رجل أذلَّ العرب ومكَّن لليهود ؟ ماذا تقول فى رجل ألغى المحاكم الشرعية ، والوقف الإسلامى ، وحل الجماعات الإسلامية ، أو وضع نشاطها تحت الحراسة ، وقتل مئات المؤمنين فى السجون أشنع قِتلة ، وعذاب الألوف عذابا تشيب له النواصى ، وأذل من أعز الله ، وأعز من أذل الله ، ولم يترك الدنيا إلا بعد أن صبغ وجوه المسلمين بالسواد والخزى !! ومكن لأعداء الله تمكيناً ما رأوا مثله من ألف عام !!

قلت له : لا تجترَّ آلام الماضى ، واشتغل بالبناء للإسلام ، وليكن ذلك أغلب على فكرك من الانتقام وطلب الثأر . . واستمعوا إلى من يعرفكم بحقائق الإسلام من كبار المربين ، وجهابذة العلماء ، بدل أن تكتفوا بقراءة مجردة لبعض الكتب..

فقال الشاب فى مرارة : كبار العلماء ؟ ! إن أمرا صدر إلى هؤلاء الكبار باستقبال " مكاريوس " جزار الإسلام فى قبرص ، فاستقبل بحفاوة فى الأزهر الشريف . .

وإن أمرا آخر صدر بمنح " سوكارنو " وهو شيوعى متبذل ، معروف جيدا فى أندونيسيا ، شهادة الدكتوراه فى الفلسفة فاجتمع هؤلاء الكبار ومنحوه من الأزهر الشريف هذه الشهادة !

وأمرا ثالثا صدر بوضع الحجر الأساسى لكنيسة ، فسارع وكيل الأزهر إلى تلبية إشارة السادة الذين أمروه ، ولم يقع فى تاريخ الفاتيكان نفسه أن كُلِّفَ رجل دين كاثوليكى بوضع الأسس لكنيسة تخالف مذهبه !!

وقد سكت أولئك العلماء على مظالم أفقدت الجماهير نخوتها وكرامتها وشجاعتها ، ورضوا بمحاربة مظاهر التديُّن والتقوى مع أننا نواجه دولة دينية أقامت كيانها على أنقاضنا .!

قلت : يا بُنىَّ ليس كل العلماء كما تصف ، وإذا مضيت أنت وصحبك فى هذه السبيل فلن تعودوا .

إن الخوارج قبلكم ركبوا هذا الشطط ، فَدُفنوا فى تراب التاريخ على عجل .. والذين قادوا الرسالة الإسلامية ليسوا ولاة السوء ، ولا المعارضين الحمقى! إنما قادة الإسلام العلماء المربون ، والفقهاء المخلصون . . !
هل أقول : إن اليهود أعقل منكم ؟

قال : كيف ؟

قلت : لما عقدوا أول مؤتمر عالمى لهم فى سويسرا كى يقيموا دولتهم ، ووصلوا إلى مخطط مدروس ، قال رئيسهم " هرتزل " : ستقوم " إسرائيل " بعد خمسين سنة ! وقامت بعد خمسين سنة . .!

إن الرجل لم يعمل لنفسه ولا لأولاده ، إنه يغرس لمدىً بعيد ، ربما لا يذوق جناه إلا الأحفاد ! ليس مهما أن يرى هو نتاج ما فعل ، المهم أن يصل إلى غايته ..

وإنما قدّر الرجل نصف قرن لأنه يريد الخلاص من مشكلات تراكمت خلال قرون طوال ، لا يمكن الخلاص منها بجرة قلم أو بصيحة حماس !

ومن الظلم أن أُحمِّل الجيل المعاصر أوزار الهزائم الهائلة التى لحقت بنا ، إنها حصاد خيانات اجتماعية وسياسية وقعت من زمان غير قصير ، فكيف تفكرون فى إزالتها بخطط مرتجلة وجهود قاصرة ؟

إن رسولنا صلى الله عليه وسلم يوم صَاح بعقيدة التوحيد كانت مئات الأصنام صفوفا داخل الكعبة وحولها ، وقد ظل ثلاثا وعشرين سنة يدعو ، تدرى متى هَدَمَ هذه الأصنام ؟ فى السنة الحادية والعشرين من بدء الدعوة !! .

إنه ما فكر حتى فى عمرة القضاء أن يمسَّ منها وثنا ـ أى قبل فتح مكة بسنة ـ أما أنتم فتريدون الدعوة إلى التوحيد فى الصباح ، وشنَّ حملة لتحطيم الأصنام فى الأصيل ! والنتيجة التى لا محيص عنها مصارع متتابعة ، ومتاعب متلاحقة ، ونزق يحمل الإسلام مغارمه دون جدوى !

وأريد أن أؤكد للشباب أن إقامة دين شىء ، واستيلاء جماعة من الناس على الحكم شىء آخر ، فإن إقامة دين تتطلب مقادير كبيرة من اليقين والإخلاص ونقاوة الصلة بالله ، كما تتطلب خبرة رحبة بالحياة والناس والأصدقاء والخصوم ، ثم حكمة ، تؤيدها العناية العليا فى الفعل والترك والسلم والحرب . .!

إن أناسا حكموا باسم الإسلام ، ففضحوا أنفسهم ، وفضحوا الإسلام معهم !!

فكم من طالب حكم يؤزه إلى نشدان السلطة حب الذات ، وطلب الثناء ، وجنون العظمة !!

وكم من طالب حكم لا يدرى شيئا عن العلاقات الدولية ، والتيارات العالمية والمؤامرات السرية والجهرية !!

وكم من طالب حكم باسم الإسلام وهو لا يعرف مذاهب الإسلاميين فى الفروع والأصول ، فلو حكم لكان وبالا على إخوانه فى المعتقد ، يفضلون عليه حكم كافر عادل !

ولقد رأيت ناسا يتحدثون عن إقامة الدولة الإسلامية لا يعرفون إلا أن الشورى لا تلزم حاكما ، وأن الزكاة لا تجب إلا فى أربعة أنواع من الزروع والثمار ، وأن وجود هيئات معارضة حرام ، وأن الكلام فى حقوق الإنسان بدعة . . إلخ ، فهل يصلح هؤلاء لشىء ؟!

إننى أقوم بالعمل أحيانا ، ثم أراجع دوافعه فى نفسى ، فأشعر أنى لم أكن فيه مخلصا كما ينبغى ! غلبنى حب الدنيا أو الاعتداد بالنفس ، فأحس الألم والندم ، وأرى أنى ـ بهذا الخلط ـ لا أصلح لولاية الناس ، وجعل كلمة الله هى العليا . . ذلك أن الله عندما يُهلك الظلمة لا يستخلف بعدهم ظلمة مثلهم ، إنما يستخلف مسلمين عُدولاً صالحين ، قال تعالى موضحا سبيل من يؤيدهم من خلقه :

(وما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا ولنصبرن على ما آذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون * وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين * ولنسكننكم الأرض من بعدهم ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد)

هناك نصاب من الكمال النفسى والعقلى لابد من تحصيله لمن يريد خدمة الدين ، وإقامة دولة باسمه ، واكتمال هذا النصاب لا يتم بغتة ، وإنما يتكون مع سياسة النَّفَس الطويل . .
ومعاذ الله أن أتهم غيرى بسوء النية ، ولكننى أريد تحصين نهضتنا من العلل التى لا تبلغ القصد ، ولا تحقق الهدف . .
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: سيفتاب في 2018-02-19, 17:47:48
 good::)(
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2018-02-21, 09:51:59
من مقتنيات لي يوم أمس من معرض كتاب أقيم عندنا ... emo (30):

(http://www.ayamnal7lwa.net/forum/index.php?action=dlattach;topic=6816.0;attach=12420;image)كتاب يستحق أن يُقرأ ... !
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2018-02-22, 17:28:12
من كتاب "لا نأسف على الإزعاج لخيري العمري :

(https://www.ayamnal7lwa.net/forum/index.php?action=dlattach;topic=6816.0;attach=12444;image)
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2018-03-01, 08:26:24
لشريف محمد جابر :

في الطريق إلى عصر الزومبي..
يخطر لي أحيانًا أن بعض التافهين الذين يتداولون الشبهات المتكررة حول البخاري والسنّة والقرآن وغيرها، والتي تهدف إلى الطعن بالدين، لا يريدون أن يكتشفوا تهافت هذه الشبهات التي يتمسّكون بها؛ وذلك لأنّ الردّ عليها قد استفاض وبلغ من التفصيل ما يزيد عن الحاجة، ولكن مع ذلك تجد الآلاف من الغوغاء يعيدون نشر هذه المقاطع وتداولها وإطلاق التعميمات السخيفة التي تدلّ على سطحية الشخص وأنه لا يقرأ ولا يريد أن يقرأ!
الفكرة أننا أمام موجة من "الزومبي" الكارهين للدين أو لأشياء منه، وقد قرأت قبل مدة تعليقين على أحد مقالاتي في الردّ على أحد الملاحدة قالا ما معناه: ما يقوله ذلك الملحد حقيقة ولا نريد قراءة المقال!
قبل مدة انتشر فيديو مموّل من مؤسسة أمريكية يظهر فيه شاب سمج وسطحي يردد كالببغاء أكثر الشبهات تهافتا حول البخاري، والتي لا يسع المرء إلا الضحك من أنّه ما زال هناك من يردّدها! ومع ذلك كانت النتيجة حتى كتابة هذه السطور: 1.7 مليون مشاهدة. و18 ألف مشاركة للفيديو!
أما تعليقات بعض من شارك المنشور فهذه عيّنة منها، انتشلتها لكم من مكبّ النفايات بعناية:
- "سبق وقلت أنها بداية النهاية لتيار المتأسلمين التُجار بالدين، المجرمين، التافهين... على شاكلة هذا المسمى البخــ...، وسندي هو أنه لن تتمكن أية جهة أو سلطة مستقبلا، من مُصادرة المعلومة. ولذا باش تتكشف... وأحسن الواحد يجيب الحقيقة عل خاطر ما فماش ما أسهل من "حلاّن لكتاب" على أي كائن من كان".
- "هذا يا سيدي البخاري. و انت يا عاقل افهم وحدك".
- "الازهريين و السلفيين البخاريين ضيعوااااالدين".
- "بضع دقائق كافية لنسف صنم البخاري فبأي حديث بعد الله وآياته يومنون ؟! هل هذا صحيح".
- "فهموا يا بشر".
تخيّلوا أن عشرات الآلاف في عالمنا العربي يسمعون مقطعا من أقل من دقيقتين ونصف من المغالطات يجعلهم يشكّلون قناعة! تخيّلوا حجم الكارثة الفكرية التي نعيشها!
إذا لم نساهم مساهمة جادّة في رفع المستوى الثقافي ونشر التفكير العلمي والمنطق العقلاني في مجتمعاتنا العربية فنحن مقبلون على كارثة فكرية حقيقية.. ومن يمتلك اليوم المعرفة والقدرات الفكرية ولا يساهم مساهمة جادّة في نقلها إلى الدائرة التي يؤثّر فيها وفي توسيع هذه الدائرة؛ فهو شخص غير مسؤول ولم يفهم الإسلام!
هذا البحر المتلاطم من الجهل والتساهل المعرفي واعتماد مقاطع الفيديو السطحية مراجع علمية يحتاج من الواعين وأهل المعرفة إلى جهود مكثّفة لتدارك الأوضاع، فالمسألة لا تقتصر على جهل بعض أمور الدين أو إنكارها، بل تتعدّى ذلك إلى شيوع أنماط تفكير جاهلية وسطحية كفيلة بأن تقودنا إلى حضيض يفوق ما نحن فيه من حضيض!
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: جواد في 2018-03-01, 12:10:45
لشريف محمد جابر :

في الطريق إلى عصر الزومبي..
يخطر لي أحيانًا أن بعض التافهين الذين يتداولون الشبهات المتكررة حول البخاري والسنّة والقرآن وغيرها، والتي تهدف إلى الطعن بالدين، لا يريدون أن يكتشفوا تهافت هذه الشبهات التي يتمسّكون بها؛ وذلك لأنّ الردّ عليها قد استفاض وبلغ من التفصيل ما يزيد عن الحاجة، ولكن مع ذلك تجد الآلاف من الغوغاء يعيدون نشر هذه المقاطع وتداولها وإطلاق التعميمات السخيفة التي تدلّ على سطحية الشخص وأنه لا يقرأ ولا يريد أن يقرأ!
الفكرة أننا أمام موجة من "الزومبي" الكارهين للدين أو لأشياء منه، وقد قرأت قبل مدة تعليقين على أحد مقالاتي في الردّ على أحد الملاحدة قالا ما معناه: ما يقوله ذلك الملحد حقيقة ولا نريد قراءة المقال!
قبل مدة انتشر فيديو مموّل من مؤسسة أمريكية يظهر فيه شاب سمج وسطحي يردد كالببغاء أكثر الشبهات تهافتا حول البخاري، والتي لا يسع المرء إلا الضحك من أنّه ما زال هناك من يردّدها! ومع ذلك كانت النتيجة حتى كتابة هذه السطور: 1.7 مليون مشاهدة. و18 ألف مشاركة للفيديو!
أما تعليقات بعض من شارك المنشور فهذه عيّنة منها، انتشلتها لكم من مكبّ النفايات بعناية:
- "سبق وقلت أنها بداية النهاية لتيار المتأسلمين التُجار بالدين، المجرمين، التافهين... على شاكلة هذا المسمى البخــ...، وسندي هو أنه لن تتمكن أية جهة أو سلطة مستقبلا، من مُصادرة المعلومة. ولذا باش تتكشف... وأحسن الواحد يجيب الحقيقة عل خاطر ما فماش ما أسهل من "حلاّن لكتاب" على أي كائن من كان".
- "هذا يا سيدي البخاري. و انت يا عاقل افهم وحدك".
- "الازهريين و السلفيين البخاريين ضيعوااااالدين".
- "بضع دقائق كافية لنسف صنم البخاري فبأي حديث بعد الله وآياته يومنون ؟! هل هذا صحيح".
- "فهموا يا بشر".
تخيّلوا أن عشرات الآلاف في عالمنا العربي يسمعون مقطعا من أقل من دقيقتين ونصف من المغالطات يجعلهم يشكّلون قناعة! تخيّلوا حجم الكارثة الفكرية التي نعيشها!
إذا لم نساهم مساهمة جادّة في رفع المستوى الثقافي ونشر التفكير العلمي والمنطق العقلاني في مجتمعاتنا العربية فنحن مقبلون على كارثة فكرية حقيقية.. ومن يمتلك اليوم المعرفة والقدرات الفكرية ولا يساهم مساهمة جادّة في نقلها إلى الدائرة التي يؤثّر فيها وفي توسيع هذه الدائرة؛ فهو شخص غير مسؤول ولم يفهم الإسلام!
هذا البحر المتلاطم من الجهل والتساهل المعرفي واعتماد مقاطع الفيديو السطحية مراجع علمية يحتاج من الواعين وأهل المعرفة إلى جهود مكثّفة لتدارك الأوضاع، فالمسألة لا تقتصر على جهل بعض أمور الدين أو إنكارها، بل تتعدّى ذلك إلى شيوع أنماط تفكير جاهلية وسطحية كفيلة بأن تقودنا إلى حضيض يفوق ما نحن فيه من حضيض!

حقا لا أفهم هذه المعضلة! إذا كان الاستماع مرفوض وغالب من يتبع هذه الشبهات كما وضح الأخ الكريم له حاجة أخرى في نفسه،
فكيف يكون التعامل بأن "نرفع المستوى الثقافي وننشر التفكير العلمي والمنطق العقلاني" ؟

كيف أقول أن المرض الفلاني ليس سببه الجهل وإنما سببه شيء آخر، وفي ذات الوقت حين أقترح الحل أقول علاج الجهل؟
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2018-03-01, 12:51:46
لشريف محمد جابر :

في الطريق إلى عصر الزومبي..
يخطر لي أحيانًا أن بعض التافهين الذين يتداولون الشبهات المتكررة حول البخاري والسنّة والقرآن وغيرها، والتي تهدف إلى الطعن بالدين، لا يريدون أن يكتشفوا تهافت هذه الشبهات التي يتمسّكون بها؛ وذلك لأنّ الردّ عليها قد استفاض وبلغ من التفصيل ما يزيد عن الحاجة، ولكن مع ذلك تجد الآلاف من الغوغاء يعيدون نشر هذه المقاطع وتداولها وإطلاق التعميمات السخيفة التي تدلّ على سطحية الشخص وأنه لا يقرأ ولا يريد أن يقرأ!
الفكرة أننا أمام موجة من "الزومبي" الكارهين للدين أو لأشياء منه، وقد قرأت قبل مدة تعليقين على أحد مقالاتي في الردّ على أحد الملاحدة قالا ما معناه: ما يقوله ذلك الملحد حقيقة ولا نريد قراءة المقال!
قبل مدة انتشر فيديو مموّل من مؤسسة أمريكية يظهر فيه شاب سمج وسطحي يردد كالببغاء أكثر الشبهات تهافتا حول البخاري، والتي لا يسع المرء إلا الضحك من أنّه ما زال هناك من يردّدها! ومع ذلك كانت النتيجة حتى كتابة هذه السطور: 1.7 مليون مشاهدة. و18 ألف مشاركة للفيديو!
أما تعليقات بعض من شارك المنشور فهذه عيّنة منها، انتشلتها لكم من مكبّ النفايات بعناية:
- "سبق وقلت أنها بداية النهاية لتيار المتأسلمين التُجار بالدين، المجرمين، التافهين... على شاكلة هذا المسمى البخــ...، وسندي هو أنه لن تتمكن أية جهة أو سلطة مستقبلا، من مُصادرة المعلومة. ولذا باش تتكشف... وأحسن الواحد يجيب الحقيقة عل خاطر ما فماش ما أسهل من "حلاّن لكتاب" على أي كائن من كان".
- "هذا يا سيدي البخاري. و انت يا عاقل افهم وحدك".
- "الازهريين و السلفيين البخاريين ضيعوااااالدين".
- "بضع دقائق كافية لنسف صنم البخاري فبأي حديث بعد الله وآياته يومنون ؟! هل هذا صحيح".
- "فهموا يا بشر".
تخيّلوا أن عشرات الآلاف في عالمنا العربي يسمعون مقطعا من أقل من دقيقتين ونصف من المغالطات يجعلهم يشكّلون قناعة! تخيّلوا حجم الكارثة الفكرية التي نعيشها!
إذا لم نساهم مساهمة جادّة في رفع المستوى الثقافي ونشر التفكير العلمي والمنطق العقلاني في مجتمعاتنا العربية فنحن مقبلون على كارثة فكرية حقيقية.. ومن يمتلك اليوم المعرفة والقدرات الفكرية ولا يساهم مساهمة جادّة في نقلها إلى الدائرة التي يؤثّر فيها وفي توسيع هذه الدائرة؛ فهو شخص غير مسؤول ولم يفهم الإسلام!
هذا البحر المتلاطم من الجهل والتساهل المعرفي واعتماد مقاطع الفيديو السطحية مراجع علمية يحتاج من الواعين وأهل المعرفة إلى جهود مكثّفة لتدارك الأوضاع، فالمسألة لا تقتصر على جهل بعض أمور الدين أو إنكارها، بل تتعدّى ذلك إلى شيوع أنماط تفكير جاهلية وسطحية كفيلة بأن تقودنا إلى حضيض يفوق ما نحن فيه من حضيض!

حقا لا أفهم هذه المعضلة! إذا كان الاستماع مرفوض وغالب من يتبع هذه الشبهات كما وضح الأخ الكريم له حاجة أخرى في نفسه،
فكيف يكون التعامل بأن "نرفع المستوى الثقافي وننشر التفكير العلمي والمنطق العقلاني" ؟

كيف أقول أن المرض الفلاني ليس سببه الجهل وإنما سببه شيء آخر، وفي ذات الوقت حين أقترح الحل أقول علاج الجهل؟


فهمت مرادك أخ جواد، أنت تعني إذا كان الذي نتحدث عنه لا يريد أن يسمع أصلا، فكيف سنسمعه ؟
ولكن من جهة أخرى أنا أراه يعني نشر التفكير العلمي والعقلاني، تعليم التربص وعدم التصديق المباشر، تعليم الفكر الناقد المتوازن، ليس بالضرورة إرغام من لا يحب أن يسمع على السماع والتعلم، بل أراه يعمّم حتى لا يبقى السائد هو نمط التفكير غير العقلاني ولا العلمي الرصين ... من بينها مثلا تبيين مواطن الشبهات عند الذين يدسون الشبهات،  تعليم آلية التفكير النقدي، وعدم التسليم المباشر لأي كان بدعوى أنه من المتحذلقين المحسنين للكلام الكثير والمنمّق والمزوّق، وهذا على شاكلة ما قاله صلى الله عليه وسلم : "أن يكون أحدهما ألحَن من صاحبه" فيُظنّ به الحق، التعريف بضرورة التعرّف لإنشاء التصور السليم... أراه يعني نشر ثقافة التفكير العلمي، والعزو العلمي، والبحث والتنقيب ... وهكذا ...
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: جواد في 2018-03-01, 13:05:10
لكن أخت أسماء، هل المشكلة التي تمنع الناس من الإيمان الصحيح مشكلة فكرية أو ثقافية أو نمط تفكير معين؟
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2018-03-01, 13:15:59
لكن أخت أسماء، هل المشكلة التي تمنع الناس من الإيمان الصحيح مشكلة فكرية أو ثقافية أو نمط تفكير معين؟


ياااه يا أخ جواد سؤالك عميق جدا ... والإجابة عنه ذات أوجه ... إذ أن السبب ليس واحدا، هناك نمط من الإعراض إن صحّ التعبير هو قديم وجديد وليس من تأثير زمن، وهناك نمط إعراض من وحي الزمن الجديد والبيئة الجديدة والمؤثرات الجديدة ... هناك إيمان غير صحيح عن اتباع كل ناعق، وعن التمسّح بالنموذج الظاهر اليوم على الأرض، بهزيمة نفسية ترى في الدين وفي عدم زحزحة ثوابته مع الزمن جمودا كما يلقنونهم، أو لنقل كما يريدون أن يتّبعوا ... لأن الإنسان صاحب إرادة، وعلى الحقيقة ليس هناك من مؤثر يُرغم أحدا على التبني دون أن تكون إرادته لذلك حرة ...
الإيمان الصحيح، أو الإيمان المتمكن، أو الفهم الصحيح للدين ... كلها قضايا مطروحة، ومشاكل مطروحة وأسبابها كثيرة ... أزمة في العقل الجمعي المسلم، أزمة جمود العقل المسلم، أزمة المتشددين الذين نشروا وجها دون آخر حتى عندما تفتحت سبل المعرفة والتواصل في عصر الانفتاح هذا صُدم من صُدم بما لم يكن يعرفه عن الدين، وعن التدين، لأنه كان فقط يتلقى ويسلّم لمَن يتلقى منهم ... أزمة عدم ثقة في العلماء ونحن نرى ما نرى من سقوط رموز ورموز منهم... أزمة دين عُرف أكثر ما عُرف منه لدى العامة تلقين الحروف والمتون، أما معايشته فلم يكن من سبيل قويم ... أزمة هشاشة عقديّة مع المتغيرات وسيطرة الظاهرين في الأرض وتأخر الأمة الإسلامية ... أزمة تبعية .. أزمة "أزمات" وسقطات الأمة وتداعي المتداعين لعى قصعتها من هوان أهلها ..

والله صدقا الموضوع شااائك، والأسباب كثيرة، ويجدر بها التبويب والإسهاب ... والسبب الواحد أو السببان تقصير في فهم المعضلة ...
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: جواد في 2018-03-01, 13:30:29
لكن أخت أسماء، هل المشكلة التي تمنع الناس من الإيمان الصحيح مشكلة فكرية أو ثقافية أو نمط تفكير معين؟


ياااه يا أخ جواد سؤالك عميق جدا ... والإجابة عنه ذات أوجه ... إذ أن السبب ليس واحدا، هناك نمط من الإعراض إن صحّ التعبير هو قديم وجديد وليس من تأثير زمن، وهناك نمط إعراض من وحي الزمن الجديد والبيئة الجديدة والمؤثرات الجديدة ... هناك إيمان غير صحيح عن اتباع كل ناعق، وعن التمسّح بالنموذج الظاهر اليوم على الأرض، بهزيمة نفسية ترى في الدين وفي عدم زحزحة ثوابته مع الزمن جمودا كما يلقنونهم، أو لنقل كما يريدون أن يتّبعوا ... لأن الإنسان صاحب إرادة، وعلى الحقيقة ليس هناك من مؤثر يُرغم أحدا على التبني دون أن تكون إرادته لذلك حرة ...
الإيمان الصحيح، أو الإيمان المتمكن، أو الفهم الصحيح للدين ... كلها قضايا مطروحة، ومشاكل مطروحة وأسبابها كثيرة ... أزمة في العقل الجمعي المسلم، أزمة جمود العقل المسلم، أزمة المتشددين الذين نشروا وجها دون آخر حتى عندما تفتحت سبل المعرفة والتواصل في عصر الانفتاح هذا صُدم من صُدم بما لم يكن يعرفه عن الدين، وعن التدين، لأنه كان فقط يتلقى ويسلّم لمَن يتلقى منهم ... أزمة عدم ثقة في العلماء ونحن نرى ما نرى من سقوط رموز ورموز منهم... أزمة دين عُرف أكثر ما عُرف منه لدى العامة تلقين الحروف والمتون، أما معايشته فلم يكن من سبيل قويم ... أزمة هشاشة عقديّة مع المتغيرات وسيطرة الظاهرين في الأرض وتأخر الأمة الإسلامية ... أزمة تبعية .. أزمة "أزمات" وسقطات الأمة وتداعي المتداعين لعى قصعتها من هوان أهلها ..

والله صدقا الموضوع شااائك، والأسباب كثيرة، ويجدر بها التبويب والإسهاب ... والسبب الواحد أو السببان تقصير في فهم المعضلة ...

هذا هو ما أردت قوله، ونحن الآن في نفس النقطة، فإذا كان تشخيص المرض بهذه الطريقة فاختزال العلاج أو اعطاء أهمية كبرى لنشر الأسلوب العلمي للتفكير أو تنمية المهارات العقلية لا يصبح علاجا فعالا !

وهنا لابد من الإجابة على سؤال هام جدا،
إذا كانت لدينا مشكلة كبيرة تسببت فيها الكثير من العوامل، وهذه العوامل تختلف في قوة تأثيرها على تعقيد المشكلة، فكيف تكون آلية العلاج؟

هل تكون الآلية حسب وسائل العلاج الأقل تكلفة ؟ أم حسب خطورة العامل وأولويته في العلاج؟
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2018-03-01, 17:50:46
لكن أخت أسماء، هل المشكلة التي تمنع الناس من الإيمان الصحيح مشكلة فكرية أو ثقافية أو نمط تفكير معين؟


ياااه يا أخ جواد سؤالك عميق جدا ... والإجابة عنه ذات أوجه ... إذ أن السبب ليس واحدا، هناك نمط من الإعراض إن صحّ التعبير هو قديم وجديد وليس من تأثير زمن، وهناك نمط إعراض من وحي الزمن الجديد والبيئة الجديدة والمؤثرات الجديدة ... هناك إيمان غير صحيح عن اتباع كل ناعق، وعن التمسّح بالنموذج الظاهر اليوم على الأرض، بهزيمة نفسية ترى في الدين وفي عدم زحزحة ثوابته مع الزمن جمودا كما يلقنونهم، أو لنقل كما يريدون أن يتّبعوا ... لأن الإنسان صاحب إرادة، وعلى الحقيقة ليس هناك من مؤثر يُرغم أحدا على التبني دون أن تكون إرادته لذلك حرة ...
الإيمان الصحيح، أو الإيمان المتمكن، أو الفهم الصحيح للدين ... كلها قضايا مطروحة، ومشاكل مطروحة وأسبابها كثيرة ... أزمة في العقل الجمعي المسلم، أزمة جمود العقل المسلم، أزمة المتشددين الذين نشروا وجها دون آخر حتى عندما تفتحت سبل المعرفة والتواصل في عصر الانفتاح هذا صُدم من صُدم بما لم يكن يعرفه عن الدين، وعن التدين، لأنه كان فقط يتلقى ويسلّم لمَن يتلقى منهم ... أزمة عدم ثقة في العلماء ونحن نرى ما نرى من سقوط رموز ورموز منهم... أزمة دين عُرف أكثر ما عُرف منه لدى العامة تلقين الحروف والمتون، أما معايشته فلم يكن من سبيل قويم ... أزمة هشاشة عقديّة مع المتغيرات وسيطرة الظاهرين في الأرض وتأخر الأمة الإسلامية ... أزمة تبعية .. أزمة "أزمات" وسقطات الأمة وتداعي المتداعين لعى قصعتها من هوان أهلها ..

والله صدقا الموضوع شااائك، والأسباب كثيرة، ويجدر بها التبويب والإسهاب ... والسبب الواحد أو السببان تقصير في فهم المعضلة ...

هذا هو ما أردت قوله، ونحن الآن في نفس النقطة، فإذا كان تشخيص المرض بهذه الطريقة فاختزال العلاج أو اعطاء أهمية كبرى لنشر الأسلوب العلمي للتفكير أو تنمية المهارات العقلية لا يصبح علاجا فعالا !

وهنا لابد من الإجابة على سؤال هام جدا،
إذا كانت لدينا مشكلة كبيرة تسببت فيها الكثير من العوامل، وهذه العوامل تختلف في قوة تأثيرها على تعقيد المشكلة، فكيف تكون آلية العلاج؟

هل تكون الآلية حسب وسائل العلاج الأقل تكلفة ؟ أم حسب خطورة العامل وأولويته في العلاج؟

طيب..
أولا : ربما الأخ الكاتب فكر من الناحية التي يتقنها مثلا، أقول ربما ... أما إن أعطاه حلا عاما أو وحيدا فهنا لا نوافقه، ولو أن كسل العقل ونوم العقل المسلم له تأثير كبير جدا على ما صرنا إليه، وإن كان ليس العامل الوحيد ...

ثانيا: بالنسبة لآلية العلاج، فأظن والله أعلم أنه من جهة أولوية العامل تلعب دورا أولا وكبيرا، ومن جهة أخرى كما ذكرت لك، لا يمنع أن يُدلي كل ذو باع واختصاص بما يعرف مشاركة في "مركّب" العلاج ..
 
أتعلم أخي جواد أن الناس عموما لهم جهل بدينهم، حتى من كان يظن نفسه يعرف عن دينه، كان يعرفه بمفهومه الخاص أو بالمفاهيم التي عملوا على نشرها وكأنهم يتبعون خططا ممنهجة لنشرها !! أتعلم أن لهذا دورا كبيرا في أزماتنا ؟؟ وألا ترى أنّ تعلم الدين من منابعه الأصيلة على النحو الذي هو دننا لا على النحو الذي أوصلوه لنا يُعدّ نقطة جوهرية فيما يجب أن يُعمَل عليه ؟ ما رأيك ؟
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: جواد في 2018-03-01, 23:24:41
لكن أخت أسماء، هل المشكلة التي تمنع الناس من الإيمان الصحيح مشكلة فكرية أو ثقافية أو نمط تفكير معين؟


ياااه يا أخ جواد سؤالك عميق جدا ... والإجابة عنه ذات أوجه ... إذ أن السبب ليس واحدا، هناك نمط من الإعراض إن صحّ التعبير هو قديم وجديد وليس من تأثير زمن، وهناك نمط إعراض من وحي الزمن الجديد والبيئة الجديدة والمؤثرات الجديدة ... هناك إيمان غير صحيح عن اتباع كل ناعق، وعن التمسّح بالنموذج الظاهر اليوم على الأرض، بهزيمة نفسية ترى في الدين وفي عدم زحزحة ثوابته مع الزمن جمودا كما يلقنونهم، أو لنقل كما يريدون أن يتّبعوا ... لأن الإنسان صاحب إرادة، وعلى الحقيقة ليس هناك من مؤثر يُرغم أحدا على التبني دون أن تكون إرادته لذلك حرة ...
الإيمان الصحيح، أو الإيمان المتمكن، أو الفهم الصحيح للدين ... كلها قضايا مطروحة، ومشاكل مطروحة وأسبابها كثيرة ... أزمة في العقل الجمعي المسلم، أزمة جمود العقل المسلم، أزمة المتشددين الذين نشروا وجها دون آخر حتى عندما تفتحت سبل المعرفة والتواصل في عصر الانفتاح هذا صُدم من صُدم بما لم يكن يعرفه عن الدين، وعن التدين، لأنه كان فقط يتلقى ويسلّم لمَن يتلقى منهم ... أزمة عدم ثقة في العلماء ونحن نرى ما نرى من سقوط رموز ورموز منهم... أزمة دين عُرف أكثر ما عُرف منه لدى العامة تلقين الحروف والمتون، أما معايشته فلم يكن من سبيل قويم ... أزمة هشاشة عقديّة مع المتغيرات وسيطرة الظاهرين في الأرض وتأخر الأمة الإسلامية ... أزمة تبعية .. أزمة "أزمات" وسقطات الأمة وتداعي المتداعين لعى قصعتها من هوان أهلها ..

والله صدقا الموضوع شااائك، والأسباب كثيرة، ويجدر بها التبويب والإسهاب ... والسبب الواحد أو السببان تقصير في فهم المعضلة ...

هذا هو ما أردت قوله، ونحن الآن في نفس النقطة، فإذا كان تشخيص المرض بهذه الطريقة فاختزال العلاج أو اعطاء أهمية كبرى لنشر الأسلوب العلمي للتفكير أو تنمية المهارات العقلية لا يصبح علاجا فعالا !

وهنا لابد من الإجابة على سؤال هام جدا،
إذا كانت لدينا مشكلة كبيرة تسببت فيها الكثير من العوامل، وهذه العوامل تختلف في قوة تأثيرها على تعقيد المشكلة، فكيف تكون آلية العلاج؟

هل تكون الآلية حسب وسائل العلاج الأقل تكلفة ؟ أم حسب خطورة العامل وأولويته في العلاج؟

طيب..
أولا : ربما الأخ الكاتب فكر من الناحية التي يتقنها مثلا، أقول ربما ... أما إن أعطاه حلا عاما أو وحيدا فهنا لا نوافقه، ولو أن كسل العقل ونوم العقل المسلم له تأثير كبير جدا على ما صرنا إليه، وإن كان ليس العامل الوحيد ...

ثانيا: بالنسبة لآلية العلاج، فأظن والله أعلم أنه من جهة أولوية العامل تلعب دورا أولا وكبيرا، ومن جهة أخرى كما ذكرت لك، لا يمنع أن يُدلي كل ذو باع واختصاص بما يعرف مشاركة في "مركّب" العلاج ..
 
أتعلم أخي جواد أن الناس عموما لهم جهل بدينهم، حتى من كان يظن نفسه يعرف عن دينه، كان يعرفه بمفهومه الخاص أو بالمفاهيم التي عملوا على نشرها وكأنهم يتبعون خططا ممنهجة لنشرها !! أتعلم أن لهذا دورا كبيرا في أزماتنا ؟؟ وألا ترى أنّ تعلم الدين من منابعه الأصيلة على النحو الذي هو دننا لا على النحو الذي أوصلوه لنا يُعدّ نقطة جوهرية فيما يجب أن يُعمَل عليه ؟ ما رأيك ؟

بشكل عام أتفق معكم،

وأفضل في مثل هذه القضايا الضخمة ألا نركن إلى عقولنا بشكل كبير، لأننا مصابون أيضا إلى حد ما، عافانا الله وإياكم.

في هذه القضايا أرجح جدا جدا العودة للسيرة النبوية، فهي النبع الصافي الذي كان تطبيق القرآن فيه واضحا لا يشوبه شائبة.
ولكن العودة هنا لها شرط أساسي برأيي،
وهي أن نعود إليها نبحث عن أسباب المشكلة وفهم أبعادها أولا، لا أن نعود باحثين مباشرة عن حلول !

أكثر ما يجعلنا ندور في دوائر مفرغة، أننا نفترض معرفتنا بالمشكلة وأسبابها، وكثيرا ما نشرع في تنفيذ حلول نظن أنها هي الصواب، ثم تبوء بالفشل، فنعود ونجرب حلا آخر وهكذا حتى يتشكك البعض بدينه ! فكثير من الحلول لا تغير من الواقع شيئا!
في حين أننا لم نسأل أنفسنا هل نتعامل مع المشكلة الحقيقية فعلا؟

الأمر خادع جدا، فالمريض الذي ارتفعت درجة حرارته قد يكون مصابا بأمراض مختلفة، فإذا ما قررت أنه مصاب بالمرض الفلاني وشرعت في البحث عن علاج له وفشلت، أو تحسن الأمر قليلا ثم انتكس، فالأمر هنا يحتاج إلى وقفه أبعد من مجرد البحث عن علاج جديد.
الأمر يحتاج أن أراجع التشخيص منذ بدايته مرة أخرى، أو أبحث عن الحالات الشبييهة التي نجح علاجها من قبل وأتعلم منها.

ملاحظة جانبية: هل تعلمون أن هذا تحديدا هو ما يحدث الآن في المجال الطبي -وغيره- الذي يكون فيه الطبيب آلة ذكاء اصطناعي؟

الأمر على بداهته إلا أنه غالبا لا يحدث، فيقفز الناس للاستنتاج مباشرة دون وعي، فالإنسان يحب أن يرى ما يتوقعه، ولهذا فالتجرد صعب للغاية.
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2018-03-03, 07:59:19
اقتباس
وأفضل في مثل هذه القضايا الضخمة ألا نركن إلى عقولنا بشكل كبير، لأننا مصابون أيضا إلى حد ما، عافانا الله وإياكم.

لا شك في ذلك، فالمعارف التراكمية أساس عموما فمابلك بالسيرة .. وعقولنا نعم مصابة لأننا نبت من بيئة بها علل كثيرة، لذلك يستدعي الأمر عدم إركان عقولنا للتبعية الجمعيّة وهي معلولة..

ولكن كما قلت أخ جواد العودة إلى السيرة ليست عودة نقل ولصق، نعم الدراية العميقة بسبب ما كان، كما أضيف الضرورة الملحة للدراية بالواقع، بحقيقة الواقع، بملابساته، بقوته، بتأثيره... وهنا رؤية تلك الشعرة الدقيقة الفارقة بين إخضاع الدين للواقع وبين صبّ الدين صبا دون مراعاة للواقع والظروف المحيطة والمستجدة...

ما أعنيه المرونة الموجودة بالدين بحيث يكون التجديد السليم التجديد المحافظ على الثوابت من جهة والذي لا يتوه معه الدين بوجود المستجد . عمر رضي الله عنه هو الذي أجلى إجلاء نهائيا أهل خيبر، ولم يستمر على معاملة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعده الصدّيق، بل بدّل الوسيلة، وحاججه بذلك حتى أحد بني الحُقَيق أنه عاملهم بخلاف ما عاملهم عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يؤثر به كلامه،  ... هو الذي ألغى حدّ السارق عام المجاعة ... هو الذي أحدث تغييرات على ما يدفع أهل الذمة ...وغيرها .. ولم يكن خروجا عن الدين ولا خروجا عن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم... طبعا مع تلاطم أمواج هذا العصر، ليس من السهل خروج من يجدد بقواعد التجديد السليم، ولكن على الأقل على الأقل عدم الركون للطرق ذاتها من غير مسّ بالثوابت على أنها التي لا يجوز الحياد عنها حتى لا نستشعر فعلا تأثيرا للدين على صعيد الواقع المستجد ...

وفي هذا السياق أجد لك هذا الكلام :

اقتباس
أكثر ما يجعلنا ندور في دوائر مفرغة، أننا نفترض معرفتنا بالمشكلة وأسبابها، وكثيرا ما نشرع في تنفيذ حلول نظن أنها هي الصواب، ثم تبوء بالفشل، فنعود ونجرب حلا آخر وهكذا حتى يتشكك البعض بدينه ! فكثير من الحلول لا تغير من الواقع شيئا!
في حين أننا لم نسأل أنفسنا هل نتعامل مع المشكلة الحقيقية فعلا؟

ألا ترى أن كل هذا ناتج عن عدم دراية دقيقة بالواقع وحاجاته ؟؟ ألا ترى أن جزءا كبيرا من هذا ناجم عن التطبيق الحرفي دونما مراعاة لأي ظروف مستجدة ؟؟

اقتباس
الأمر يحتاج أن أراجع التشخيص منذ بدايته مرة أخرى، أو أبحث عن الحالات الشبييهة التي نجح علاجها من قبل وأتعلم منها.

نعم .. معرفة عميقة بالمرجع، وأيضا معها معرفة عميقة بحاجات الواقع وبمستجداته ...

والله أعلم .
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: جواد في 2018-03-03, 13:33:30
اقتباس
العودة إلى السيرة ليست عودة نقل ولصق، نعم الدراية العميقة بسبب ما كان، كما أضيف الضرورة الملحة للدراية بالواقع، بحقيقة الواقع، بملابساته، بقوته، بتأثيره... وهنا رؤية تلك الشعرة الدقيقة الفارقة بين إخضاع الدين للواقع وبين صبّ الدين صبا دون مراعاة للواقع والظروف المحيطة والمستجدة...

هذا بيت القصيد!
الشعرة الدقيقة تلك معضلة كبيرة للغاية، فهناك من يذهب بالواقعية لدرجة تمييع الدين أو كما قلتم إخضاع الدين للواقع، فيحدث إهمال لأمور عظام في الدين من أجل مجاراة الواقع، وهناك في المقابل من يريد البدأ من منتصف الطريق لا أوله، أو كما قلتم صب الدين صبا.

السؤال هنا، هل عدم إدراك تلك الشعرة الدقيقة مرده إلى ضعف العلم أم إلى الهوى؟

قناعتي أن الأمر متعلق بالهوى أكثر بكثير من ضعف العلم.
فالكثير من الحركات التي كانت جزءا من الأحداث الأخيرة في بلادنا المختلفة لم تعدم ناصحا يوضح لها خطأ مسلكهم، لكنهم في مجملهم لا يستجيبون للنصيحة !

المشكلة الأخرى المتعلقة بالهوى هي أن يكون اتجاه ما فيه منفعة نفسية أو مادية، فمثلا حين ظهرت برامج (التوك شو) العربية الساخرة من أنظمة الاستبداد، كانت تحت شعار الأخذ بأسباب الواقع وقوته وتأثيره، لأن الإعلام قوة ولأن الناس جاهلة وتحتاج لنشر الوعي، ثم ما النتيجة؟
ابتذال وتمييع لكل شيء، ومجرد تفريغ لشحنات الغضب عند الناس، ولكن فائدة مادية ونفسية كبيرة لأصحابها.
فإذا ما نصحهم أحد، تجدون الإجابة دوما حاضرة، لابد من مواكبة الواقع والأخذ بأساليب التغيير الجديدة وكثير من الكلام الذي في ظاهرة مقبول ولكن ....

هذه المشكلة لم تتوقف عند تلك البرامج، بل امتدت لتطال بعض الكتاب والأكاديميين، فالمقالات القوية أمرها سهل، ولا تكلف أكثر من التواجد في دولة بها قدر من حرية التعبير أو تقف ضد النظام الذي يتم انتقاده. وحتى كثير من المحاضرات التي إما هي علمية بحتة تقع ضمن نطاق فرض الكفاية، أو نظرية لا يقدم صاحبها على العمل ولا يدعو إليه، ومرة أخرى ، كلاهما في ظاهره مقبول، ولكن ...

وسؤالي الأخير، ما الذي منع عقلية فذة مثل الفاروق رضي الله عنه من الإيمان بالرسالة بمجرد نزولها؟
هل هو العقل والمنطق أو تأثير الواقع وملابساته؟
إنه الهوى.
وسيظل الهوى العدو الأول الذي يعمينا عن الإنصاف أو رؤية تلك الشعرة الدقيقة التي تحدثتم عنها.
إنه الهوى الذي سيجعلنا نرفض النصيحة تحت إدعاءات كثيرة لا تنتهي، بل ونسارع باتهام الناصح باتباعه للهوى !
إنه الهوى الذي يضخم لنا أمور صغيرة أو فروض كفاية -التي يقوم بها الكثير بالفعل- ويجعلها من الأولويات لأن فيها مصلحة غير مباشرة من التلميع الاجتماعي أو الأمان السياسي أو المادي، ونعرض عن الأولويات العظيمة لأنها ستقض مضاجعنا.
الهوى الذي يجعلنا نأتي بحجج في ظاهرها مقبول فعلا، ولكن حين نأتي للواقع والحقيقة فليست تلك الحجج بشيء.
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2018-03-04, 10:27:01
نقاش ممتع
بارك الله بكما

وكيف تحارب الهوى يا إسلام؟
================

ائذنوا لي أن أكتب مداخلة قد تبدو بسيطة لكنها في رأيي مهمة جدا
كثيرون يرددون أن عمر رضي الله عنه لعبقريته وحكمته وعظمته وووو .... تجاوز النصوص فعطل حد السرقة، وألغى سهم المؤلفة قلوبهم، وأجلى يهود خيبر وغيرها من تصرفات
واعتقادنا هذا يبيح لمن شاء من ولاة الأمور أو علماء السوء أو مفكري الغبرة في كل زمن أن يتقافزوا على نصوص الشريعة ويعطلوها؛ بحجة أنهم أوتوا من العلم والحكمة ما أوتي عمر، او أن ضرورة الواقع تفرض هذا

والصواب الذي يتبدى للباحث المتجرد أن سيدنا عمر رضي الله عنه لم يتجاوز النصوص، بل فقِهها وعرف مقاصدها؛
فتعطيل حد السرقة عام الرمادة كان لتطبيق نص "ادرؤوا الحدود بالشبهات" وعموم المجاعة شبهة توجب درء الحد.
وإجلاء يهود خيبر كان وفق بند في نص معاهدة رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم، حيث اشترط عليهم "على أنا إذا شئنا أن نخرجكم أخرجناكم"
وإلغاء سهم المؤلفة قلوبهم، لأن النص حدد مصارف الزكاة، لكنه لم يوجب على الحاكم أن يوزع الزكاة على جميع المصارف بالسوية أو دائما، بل يوزعها بين هذه الأنواع بحسب الحاجة، وفي خلافة عمر رضي الله عنه لم تبق ثمة حاجة لتأليف قلوب بعض السادة، بعد أن انتشر الإسلام ومكن الله تعالى له في الأرض، وأصبحت مصارف الزكاة الأخرى هي الأولى..
وهكذا
فكل ما فعله سيدنا عمر رضي الله عنه كان جمعا بين النصوص وحسن نظر وفقه عميق لها ولمقاصدها، لا تعطيلا لأي منها بسبب ضغط الواقع او ظهور مصلحة ما..
والله أعلم
وعذرا لأني انحرفت بنقاشكم عن وجهته.
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: جواد في 2018-03-04, 18:08:24
اقتباس
ائذنوا لي أن أكتب مداخلة قد تبدو بسيطة لكنها في رأيي مهمة جدا
كثيرون يرددون أن عمر رضي الله عنه لعبقريته وحكمته وعظمته وووو .... تجاوز النصوص فعطل حد السرقة، وألغى سهم المؤلفة قلوبهم، وأجلى يهود خيبر وغيرها من تصرفات
واعتقادنا هذا يبيح لمن شاء من ولاة الأمور أو علماء السوء أو مفكري الغبرة في كل زمن أن يتقافزوا على نصوص الشريعة ويعطلوها؛ بحجة أنهم أوتوا من العلم والحكمة ما أوتي عمر، او أن ضرورة الواقع تفرض هذا

والصواب الذي يتبدى للباحث المتجرد أن سيدنا عمر رضي الله عنه لم يتجاوز النصوص، بل فقِهها وعرف مقاصدها؛
فتعطيل حد السرقة عام الرمادة كان لتطبيق نص "ادرؤوا الحدود بالشبهات" وعموم المجاعة شبهة توجب درء الحد.
وإجلاء يهود خيبر كان وفق بند في نص معاهدة رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم، حيث اشترط عليهم "على أنا إذا شئنا أن نخرجكم أخرجناكم"
وإلغاء سهم المؤلفة قلوبهم، لأن النص حدد مصارف الزكاة، لكنه لم يوجب على الحاكم أن يوزع الزكاة على جميع المصارف بالسوية أو دائما، بل يوزعها بين هذه الأنواع بحسب الحاجة، وفي خلافة عمر رضي الله عنه لم تبق ثمة حاجة لتأليف قلوب بعض السادة، بعد أن انتشر الإسلام ومكن الله تعالى له في الأرض، وأصبحت مصارف الزكاة الأخرى هي الأولى..
وهكذا
فكل ما فعله سيدنا عمر رضي الله عنه كان جمعا بين النصوص وحسن نظر وفقه عميق لها ولمقاصدها، لا تعطيلا لأي منها بسبب ضغط الواقع او ظهور مصلحة ما..
والله أعلم
وعذرا لأني انحرفت بنقاشكم عن وجهته.

أتفق تماما، ولا أعتبره توضيحا بسيطا وإنما هو في صلب الموضوع.


اقتباس
وكيف تحارب الهوى يا إسلام؟

الإجابة المباشرة: لا أعلم تحديدا !

لا أعتقد أنه يمكن الانتصار على الهوى في حرب مباشرة واضحة المعالم، ولا أن هناك وصفة واحدة معينة يمكن للجميع اتباعها بسهولة، فجهاد النفس أمر مستمر لا ينقطع.
أعتقد أن هذا يستحق بحثا أعمق.
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2018-03-05, 09:37:07
أهلا بك  وبمشاركتك يا هادية في هذا النقاش.. وجزاك الله خيرا عليها ..
ولكن يا هادية الحديث عن اجتهادات عمر رضي الله عنه، وفعله لما لم يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، بالنسبة لي أكيد نابع من كونه لم يخرج عن الدين، بمعنى لم يخرج عن حدود النصوص وهو يفعل ذلك ... بل من روحها مع ما يتناسب والوضع الذي هو فيه، والواقع الذي هو فيه، بما يلائم واقعه ...
هذا لا غبار عليه، وإلا لكنا نقول بأنه قد جاء بما بليس في الدين، وهذا ما لا يكون طبعا ...

طيب يا جماعة، سأحاول توضيح رأيي بالموضوع ..

بالنسبة للتجديد الذي أتحدث عنه -وكما بينت- ليس هو صيحات المتنادين بأنه تجديد وما هو إلا عبث بالدين وتمييع وتساهل ... ليس عن جنس هذا أتحدث... وأساس من أسس التجديد على حقيقته نفض الأغبرة المتراكمة على الدين ليعود لمعانُه، ليعود بريقه، لتعود قوته الأولى ... وليس كما يظن الكثيرون أنه اختلاق واختراع ! وربما كان ذاك هو إخضاعهم إياه لحكم الواقع ...

أيضا يا هادية، برأيي يجب أن تكون نظرتنا متوازنة اتجاه تيّارَين متعاكسين ولكنّ كليهما أضرّ بالدين ... التيار المميع، والمتحجج بالواقع فوق الحدود الطبيعية حتى يجعل من الدين اسما لا أثر له، وتيار التشدد الذي لم يعطِ حقيقة الدين، ولا سماحته ولا احتواء نصوصه ذاتها على التيسير والتمكين من الفعل في حدود المستطاع، وبالاستثناء وقد أحاط من أساس وجوده بالحالات، وجعل في جوهره تلك المرونة التي يستطيع بها أن يواكب العصور المختلفة ويعمل مع المستجد ...

ليس تيار التمييع وحده الذي نلمس خطورته، بل عن قرب ألمس أيضا خطورة التيار المتشدد، المعادي حتى لكثير من أوجه التقدم العلمي، هذا التيار الذي عرفت من ألحد وقد كان يوما ما واحدا من أهله، لأنه دخل وقد علّموه أن هذا وجه الدين الصحيح، فلما رأى ما رأى عن قرب من تناقضات ومن تحريمات متواصلة ومن كيل التهم والسب لعدد من أهم العلماء الوسطيين ألحد، ولولا ألطاف الله التي انتشلته ليعود إلى حظيرة الدين لأصبح في خبر كان، وهو اليوم أكره ما يكره هذا التيار...

تيار جعل من الجمود على كل ما كان دينا، حتى في مظاهر المعيشة المختلفة، فتراه يقرب من تحريم الأكل على طاولة، أو بشوكة أو بملعقة، ويقرب من تحريم -إن لم يكن حرم- لبس السترة والسروال والقميص على أنها ليست من السنة، وأن السنة والدين أصلا في هيئة اللحية المُطلقة والتقصير ... تيار عادى العلم في كثير من نواحيه، وناصبه العِداء، بما يشبه فعل الكنيسة في تلك الحقبة التي تمخضت عما أسماه سيد قطب الفصام النّكِد ... أجل قد يبدو في كلامي مبالغة، ولكن إلى يومنا ما أزال أقع على فيديوها شيوخ معروفين يُقحمون أنفسهم في العلم إقحاما سمِجا ثقيلا لا يُستساغ فيقضون بأن الأرض مسطحة بالنظر إلى ظاهر بعض الآيات، وكأنهم قد أوتوا في علم الفلك ما أوتوا ...! ومن يرشد الناس إلى الصيام عن الكلام ثلاثة ايام ليحدث الحمل عند من يشكو عقما أو صعوبة إنجاب ! ومِن حولي ما زال هناك من يأخذ ابنته إلى "مرقي" ليرقي لها لأنها تشعر باختناق وبتنميل في يديها ... إذ أن حالها غالبا سببه واحد من ذلك  الثلاثي الذي يقوم عليه فهم الدين للأسف الشديد عند الكثيرين جدا جدا من المسلمين (مس، سحر، عين) ... بينما العلامات التي تظهر عليها تستدعي الاطمئنان على سلامة عمل قلبها عند طبيب قلب ... ولكن لا ... المرقي أولا ..!!!
وإذا ما حدثتَهم بذلك وجدت نفسك كمن يستجديهم ليأخذوها للطبيب فيفحص قلبها قبل أن تتفاقم حالتها...

هذا فيض من غيض ... فيض من غيض ثقافة منتشرة رغم أن الكل أصبح يعرف الجوال والآيباد والطابليت والأنترنت وووو ... ولكنه لأنه لا يعرف إلا استهلاكها، واستهلاكها فيما هو "هوى" فهو ثقافة وروحا وفهما ما يزال على الاعتقاد بالخرافة ... ويااااه .... كم هي أشكال الخرافة في مجتمعاتنا ... والله لا يسعني هذا المقام لتعدادها وإلا لصرت إلى جريدة !!

نعم هذا الذي أردت ... الموازنة التي تعطينا العلة على حقيقتها -برأيي- هي تلك التي تنظر بالعين ذاتها للتيار الذي جمّد الدين وهو أصلا متحرك... وجعله شعائر وطقوسا، وجمودا على هيئات وجلسات ووقفات لا غير ... وتيار ميّع الدين فلم يعد يريد له من دور في الحياة ...

كلاهما أضر بالدين ...  ونعم في ظل هذه الأمواج المتلاطمة ليس من السهل أن يقال عن أي كان أنه يوفق بين الدين من حيث الالتزام بثوابته مع الاجتهاد في قضايا عصرية دون خروج عن حدوده، ولكن لا نستطيع من جهة أخرى أن نجزم بأنه لن يكون من يتصف بهذه الصفات رغم ما نرى من أمواج هادرة متلاطمة مترامية ....

بالنسبة لما قلت أخي جواد عن أن الهوى هو الأساس فيما نرى، نعم له دور كبير، ولكن بالمقابل أيضا قلة العلم ...  وربما بدرجتين متقاربتين
نحن يا أخ جواد نعاني من سوء فهمنا لديننا ... !! سبحان الله !! أحيانا كثيرة أقف مع القرآن ومع الحديث النبوي فأُبهَت ... ومازال يحدث معي ذلك ... أُبهَت من هالة هي من صنع أيدينا وخيالاتنا اقتربت من تجريم التدبر، بل صدقاني أخواي ألمس فيمن حولي من أخوات من تقول لي وهي المتحسرة المتنهدة المتأملة، أنهم للأسف أنشؤوهم على أن هذا القرآن لا يجوز التقرب إليه بالتدبر، وأن هذا خطر، وأن هذا من التجرؤ ...!! مغالاة ... مبالغة ... تتسربل بسربال التقديس للكتاب المقدس بينما تجعله في الحقيقة شيئا لا يجوز أن يفهمه الإنسان، الذي وُجّه له، الذي حمل له ولبشريته الحلول والدواء،  لا يجوز أن يُستخدم للواقع  ... !! أما حفظ حروفه والاجتهاد في ذلك فذلك أولى الأولويات، بل قارب أن يكون الواجب الوحيد ...!!!! أي فهم للدين هو هذا، وهو السائد للأسف ... أو لأقل موازِنة غير مبالِغة المنتشر ....

أي فهم للدين هو فهم مجتمعاتنا ونحن ما نزال نقصر البحث ف يالدين، والتأمل في الدين، والتدبر في النصوص قرآنا وحديثا على أهل الاختصاص، حتى لَتَجد عند السواد أن هذا ليس لنا فيه من نصيب ... ويكأنّ الدين قد نزل لخاصة من الناس دون غيرهم ...!! نعاني نعاني بقوة والله من سوء فهمنا لديننا، وجه من أوجه الدين قد عُرِض فاقتصر الحال عليه، وفُهم الدين عليه، زهد في الدنيا أصبح العصا التي يتكئ عليها العاجزون الكُسالى، الخاملون ... لا يعمل ولا يسعى للبحث عن عمل يعيل به أولاده، ولكنه الذي لا يغادر المسجد، يكاد يكون المعتكف في كل آن ...! الزهد في الدنيا حتى يقول من يقول لهم الدنيا ولنا الآخرة ... ! وكأن عمر بن الخطاب وقد صنع حضارة وفتح الأمصار، وأغرق الدولة الإسلامية بالمغانم، ووسّع نطاقها وحدودها، وكأنه وهو يفعل إنما هو طالب دنيا عاشق لها !! فهم اليوم أقل حبا لها منه ... ! زهد فيها يسر على المتداعين عى قصعتنا التداعي ... وجعلنا لقمة سائغة لهم أولئك أهل الدنيا ... فهي لهم، وكل ما لنا فيها لهم، فليكن ... المهم هو تحقيق الزهد، الزهد الذي ذلّت به رقاب المسلمين للكفار، فأصبحوا يُهددون بقطع المأكل عنهم والمشرب ... المهم ليأخذوا كل شيء، لا مشكلة فنحن أهل الزهد ... وكأننا لم نفقه معنى ابتدار رسول الله صلى الله عليه وسلم أول دخوله المدينة أن يشتري بئر رومة من اليهودي، وأن يجعل سوقا للمسلمين يُستعاض به عن الحاجة لسوق بني قينقاع ...!!

ابتلينا بالمبالغة والمغالاة ... لم نفهم الوسطية .... لم نفهم معنى أن نملك الدنيا لنُخضعها لدين رب العالمين ... لم نفهم أن نملكها لنبسط عليها دين رب العالمين .... بقدر ما فهمنا أن الزهد هو بسط رقابنا لسيوف الأعداء ترتع في الدنيا وتُذلّنا بفعل فهمنا المعوج قبل مؤامراتهم التي اتكأنا عليها مشجبا نعلق عليه جرائمنا وفهمنا القاصر ... !

والله في  القلب من هذا غصة وغصة .... ولكنّ الأمل في الله باق، وفي عقول تفقه وتفهم وتعي بإذن الله تعالى ... والله تعالى أعلى وأعلم .
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: جواد في 2018-03-06, 04:53:09
جزاكما الله خيرا،

أحسب أننا نحتاج إلى تنظيم المسارات هنا لأن لكل مسار متطلبات مختلفة.

في كلامي السابق قصدت فئة المتدينين الذين لم يغرقوا في تشدد ولا تنقصهم الأساسيات المعرفية البسيطة.
هذه الفئة يفترض أن يقوم منها من يحمل هم الدين ويسعى للعمل له.
أما الفئة التي تحدثتم عنها أخت أسماء فلا أحسب أن وقتها الان، لأننا قبلا نحتاج إلى تأهيل المدرسين قبل التدريس، وإلى تحديد المرض قبل البدء بالعلاج.

في بداية أي مشروع كبير تظهر مشكلة قلة الموارد وضخامة ساحة العمل واتساع الفئات المستهدفة، وهنا نحتاج أن نقتبس نموذج العمل من السيرة.
مجموعة أفراد قلائل يحاولون الترابط وإصلاح أنفسهم وإذابة ما بينهم من عوائق، ثم التوسع التدريجي في بناء المجموعة مع وضع الأولوية للكيف لا للكم.

هذه الفئة أكبر عائق أمامها سيكون الهوى، وصدقوني مشكلة الهوى ليست في أمور الدين فقط، فاجتماع أي مجموعة من الأفراد لتكوين فريق في أي شيء أمر من الصعوبة بمكان، وحتى في المجال التقني عانيت الأمرين من هذه المشكلة.

لا أحسب أننا نستطيع المضي في كل الإتجاهات معا، وطالما لا يستطيع بعض الأشخاص العمل سويا في فريق وتكوين رؤية واحدة وعلاقة أخوية حقيقية تربطهم، فلن تأتي الجهود بشيء يذكر ..
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2018-03-06, 07:27:37
فقط أحببت أن أشير إلى نقطة مهمة، وهي قولك :

اقتباس
في كلامي السابق قصدت فئة المتدينين الذين لم يغرقوا في تشدد ولا تنقصهم الأساسيات المعرفية البسيطة.
هذه الفئة يفترض أن يقوم منها من يحمل هم الدين ويسعى للعمل له.

ولكن بالمقابل لا تنسَ أن الفئات الأخرى لا يجدر تناسيها أو عدّ تأثيرها ثانويا، بل تجب المعرفة اللازمة بمدى خطورة تأثيراتها في المجتمع، وهذا جزء من "دراسة الموجود" لأنّك وأنت تعمل ستقابلك تأثيراتها السلبية وستكون عائقا من العوائق.

تفضل أخي جواد وأدر الحوار كما تريد، فما يهمني هو أن أستفيد.. وإن كنتما تريان المواصلة في المناقشة، فأقترح نقل مشاركات النقاش إلى موضوع مستقل .
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2018-03-06, 07:39:39
أتفق مع رأيك حول التيار المتشدد والمنغلق
وأتفق كذلك مع جواد فيما طرحه

نقاش مفيد، جعله الله مثمرا
بارك الله بكما وأصلح نوايانا ورزقنا الإخلاص
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: جواد في 2018-03-06, 07:59:31
فقط أحببت أن أشير إلى نقطة مهمة، وهي قولك :

اقتباس
في كلامي السابق قصدت فئة المتدينين الذين لم يغرقوا في تشدد ولا تنقصهم الأساسيات المعرفية البسيطة.
هذه الفئة يفترض أن يقوم منها من يحمل هم الدين ويسعى للعمل له.

ولكن بالمقابل لا تنسَ أن الفئات الأخرى لا يجدر تناسيها أو عدّ تأثيرها ثانويا، بل تجب المعرفة اللازمة بمدى خطورة تأثيراتها في المجتمع، وهذا جزء من "دراسة الموجود" لأنّك وأنت تعمل ستقابلك تأثيراتها السلبية وستكون عائقا من العوائق.

تفضل أخي جواد وأدر الحوار كما تريد، فما يهمني هو أن أستفيد.. وإن كنتما تريان المواصلة في المناقشة، فأقترح نقل مشاركات النقاش إلى موضوع مستقل .

أتفق معكم أخت أسماء، والتركيز على نقطة أو البدء بشيء ما لا يعني إهمال النقاط الأخرى، إنما التأجيل هنا بسبب قلة الموارد كما ذكرت.
لقد عشت في 6 بلدان مسلمة حتى الآن فضلا عن زيارتي لعدد أكبر من ذلك، وأبسط التفاصيل قد تقلب الحياة رأسا على عقب !

المشكلة العويصة هنا في الموارد. كم عدد الأشخاص الذين يمكن جمعهم في مجموعة عمل واحدة تتفق على إطار عام تعمل فيه؟
حتى الآن إما جماعات ضخمة متخبطة ومثقلة بالكثير من المشاكل الداخلية والخارجية بل والمنهجية أيضا، أو أفراد يريد كل منهم العمل وحده، إما لنفوره من صورة العمل الجماعي بمشاكله التي رأيناها، وإما لأنه جرب العمل في مجموعة صغيرة وصدم في الكثير من الأمور.

لهذا نحتاج خطة مركزة وغير متعجلة، وهذا يتطلب التركيز على بعض الأمور دون الآخر في البداية، وهو ما حدث أيضا في الفترة المكية.
سور القرآن المكية كانت مركزة جدا في تناولها للموضوعات التي تهم الجماعة المسلمة الصغيرة، ثم اتسعت الدائرة رويدا رويدا حتى شملت أمور العالم أجمع.

تعلمون أخوتي اكثر ما يؤرقنا ويقلقنا حين تنفتح هذه النقاشات، أن النماذج السيئة كثيرة جدا جدا، وأن البعض قد بدأ معتدلا متزنا ثم تحول تحولات عجيبة ، وأتفهم هذا الخوف والقلق حين نناقش جزئية معينة فيظهر الكلام وكأنه إهمال لباقي الجزئيات المهمة أيضا،
ولكننا لن نستطيع الاستمرار على هذا الحال، ولن يمكننا أبدا إقامة أي عمل بهذه النفسية، ولهذا فحسن الظن هنا أمر أساسي حتى لا تنقلب كل جملة إلى مصدر للقلق أو الخوف، وسعة الصدر والمصارحة توفر الكثير من الوقت والمجهود وتجعل المعادلة متزنة.

أعتقد عند هذه النقطة يكون النقاش قد اكتمل تقريبا حول المداخلة التي أثارت كل هذه التعليقات، فلو تحبون أخذ نقطة معينة للنقاش حولها فيمكن فتح موضوع خاص بها.

جزاكم الله خيرا، وأصلح الله لنا جميعا أمرنا كله ووقانا شر نفوسنا.
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2018-03-06, 08:09:59
نعم
أنا أرى اننا في هذا النقاش، وفي نقاش آخر على مدونتك، وربما في موضوع التربية بالقرآن، وغيرها من مواضع، نتطرق دوما لإشكالية: من أين وكيف نبدأ
أظنها تستحق موضوعا منفصلا، لأنها هي التي تسبب دائما التشعب في المناقشات
والله اعلم
إن وافقتم فيمكن أن نشارك جميعا، بأن يبين كل إنسان تجربته المتواضعة، وما تعلمه منها، وما أثرها على رؤيته الحالية وخطته في العمل
وعلى هذا الاساس نقارب بين رؤانا إن شاء الله.. عسى أن نخرج بفائدة عملية

(لا يكفينا ان نقول: المنهج واضح في السيرة، فقد قرأت واستمعت للكثير في فقه السيرة ، وكل يأخذ منها وفق رؤيته وتجربته... وهذا من غناها ومرونتها)
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2018-03-10, 08:33:54
للشيخ محمد الغزالي من كتاب : "الطريق من هنا" :


الحكم الإسلامى لا ينطلق من فراغ - بقلم : الشيخ محمد الغزالي

عندما كان موسى عليه السلام يكافح لتحرير قومه من ظلم الفراعنة واجه متاعب جديرة بالتأمل، وجل هذه المتاعب كان من قومه أنفسهم!.

أصدر اليهم الأمر أن يرحلوا من مصر فى ليلة موعودة، وأن يستخفوا تحت جنح الظلام متجهين شطر البحر الأحمر، واستجاب اليهود للأمر الذى أصدره قائدهم، فلننظر: أكانوا متلهفين للخروج من مصر؟ أكانوا متعشقين للحرية التى فقدوها؟ والأمان الذى حرموه؟ أكانوا كارهين لجو تذبح فيه الأبناء وتستحيا النساء ويصب فيه البلاء؟.

إن هذا ما يتبادر للأذهان.

غير أن الواقع غير ذلك، فإن بنى إسرائيل كانوا قد ألفوا الدنية واستكانوا للضيم على نحو ما قال أبو الطيب :

من يهن يسهل الهوان عليه .. ما لجرح بميت إيلام!

وقد نبه القرآن الكريم إلى موقف الشعب من القائد الذى يبغى تحريره قال تعالى: (فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه على خوف من فرعون وملئهم أن يفتنهم) إن بعض الشباب الحديث السن السليم الفطرة هو الذى اعتنق رسالة موسى، وقرر أن يقاوم معه الجبروت، ومضى مع أحلام المغامرة ينشد مستقبلا أشرف!.

أما الشيوخ وسواد اليهود فقد قيد مسالكهم الخوف ولم يتحمسوا لدعوة الحرية! وقد انكشفت خباياهم لما قرر فرعون ملاحقة الهاربين من بطشه، وخرج على رأس جيش كبير ليستعيد قوم موسى إلى السجن الذى فروا منه!!.

كانت مطاردة مثيرة، اليهود يشتدون نحو الساحل عابرين الصحراء الشرقية، وفرعون وراءهم يريد أن يدركهم.. ويصف الإصحاح الرابع من سفر الخروج هذا الموقف قائلا: " فلما اقترب فرعون رفع بنو إسرائيل عيونهم، وإذا المصريون راحلون وراءهم، ففزعوا جدا، وصرخ بنو اسرائيل إلى الرب وقالوا لموسى: هل لأنه ليست لنا قبور فى مصر أخذتنا لنموت فى البرية؟ ماذا صنعت بنا حتى أخرجتنا من مصر؟ أليس هو الكلام الذى كلمناك به فى مصر قائلين: كف عنا فنخدم المصريين لأنه خير لنا أن نخدم المصريين من أن نموت فى البرية "؟.

إن هذا الكلام ناضح بالنذالة والجبن واستمراء الدنية، والواقع أن الشعوب التى برحت بها العلل لا يمكن أن تبرأ من سقامها بين عشية وضحاها، إنها تحتاج إلى مراحل متتابعة وسنين متطاولة من العلاج المتأنى الصبور حتى تنقه من بلائها.

من أجل ذلك قرر المصلحون بعد تجارب مريرة أن الزمن جزء من العلاج..

وقد رأيت بعد تدبر عميق أن الشعب الإسرائيلى أول أمره لم يتبع موسى عن عزة نفس أو صلابة يقين، لعله تبعه عن تجاوب عرقى أو تعصب قبلى، ثم استفاد الأخلاق والإيمان فى مراحل متأخرة.

وملاحظة العقل اليهودى، والتاريخ اليهودى تؤكد هذا الاستنتاج!!

ونحتفظ بهذه النتيجة الآن لنعرف نهاية المطاردة بين فرعون وموسى! لقد صورها القرآن الكريم فى هذه الآيات (فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون * قال كلا إن معي ربي سيهدين * فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم * وأزلفنا ثم الآخرين * وأنجينا موسى ومن معه أجمعين * ثم أغرقنا الآخرين)

إن الله لم يخذل نبيه، بل سانده بقدرته الخارقة، ولم يترك الجبابرة ليستأنفوا فسادهم فى الأرض، بل أخمد أنفسهم بضربة ما توقعوها قط.

ونظر بنو إسرائيل فوجدوا أنفسهم سالمين على الشاطئ الآخر، كما أحسوا أن قتلة الأمس قد طاحوا، فلا عدوان عليهم بعد!!..

فبماذا استقبلوا هذه النعماء الغامرة؟ وماذا فعلوا لمسديها الجليل؟ لقد تيقظت فى أنفسهم الوثنية، وأعجبتهم عبادة الأصنام! فتقدموا إلى نبيهم فى بلادة هائلة ليجعل لهم صنما! قال تعالى (وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون * إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون * قال أغير الله أبغيكم إلها وهو فضلكم على العالمين).

وأى فضل أعظم مما تم؟ أن يرثوا الأرض، ويغلبوا العدو، ويُمنحوا فرصة السيادة؟ بيد أن شيئا من ذلك لم يغير خستهم إن أثقالهم النفسية حالت بهم فى مكان سحيق..

وجاء الاختبار التالى، فإن الله لم يكلف اليهود بمحاربة فراعنة مصر - ومحاربة الطغاة مطلوبة حيث كانوا - إلا أن الإسرائيليين كانوا أقل وأذل من ذلك، لقد كلفوا بمحاربة الجبابرة الذين يسكنون فلسطين، ووعدوا بأنهم فى هذه الحرب سوف ينتصرون...

وجزع اليهود لهذا التكليف، ولم يطمئنهم هذا الوعد!! إنهم أحرص الناس على حياة، وهيهات أن يعرضوا أنفسهم لخطر! كيف يطلب منهم قتال؟.

يقول لى الأمير بغير جرم: .. تقدم!. حين تجذبنا المراس!
فمالى إن أطعتك من حياة .. ومالى بعد هذا الرأس!

جاء فى القرآن الكريم على لسان موسى (يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين * قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها).

ووصف التوراة حال الشعب اليهودى عندما سمع هذا التكليف فرفعت كل الجماعة صوتها وصرخت! وبكى الشعب تلك الليلة، وتذمر الشعب على موسى وعلى هارون، وقال لهما: ليتنا متنا فى أرض مصر! أو ليتنا متنا فى هذا القفر! لماذا أتى بنا الرب إلى هذه الأرض لنسقط بالسيف؟.

وكان لابد من قرار إلهى قاطع..

إن هذا الشعب محتاج إلى تربية طويلة الآماد، تكبح جماحه وتقتل رذائله، وتفتح بصيرته على لون آخر من الحياة الرفيعة، والإيمان بالله واليوم الآخر..

فلتكن سيناء مصيدة محكمة الجدران يضطرب داخلها، ويعيش وراء حدودها لا يعرف أحدا ولا يعرفه أحد، وليبق على تلك الحال أربعين سنة!.

أربعين سنة يهلك فيها الذين شاخوا فى الفساد، ويتدبر أمره فى سجنها الطويل من عاشوا لا يفكرون إلا فى مآربهم! وستنضج خلالها الذرية التى آمنت بموسى، وتبلغ مرتبة الرجولة التى تتصرف فى نفسها وفيما حولها...

أربعين سنة يخرس فيها من كانوا يهمسون بالحق فتكمم أفواههم!.

إن الأفراد المدمنين للمخدرات يحتاجون إلى مستشفيات تفنى فيها عاداتهم السيئة وتحيا فيها عادات جديدة تصح بها أجسامهم وأعصابهم، فكيف بأمم تواضعت على تقاليد رديئة وأعراف فاسدة؟.

إن هذه الأمم محتاجة إلى جو جديد تتنفس فيه هواء أنقى، وتسمع فيه إلى دعاة الحق وهم يهدونها سواء السبيل..

وقد طالت المدة على بنى إسرائيل فى سيناء! مات فى هذه الفترة موسى وهارون، وتركا وراءهما شعبا يتولى القدر تأديبه، ويتدرج بشتى الوسائل على رفع مستواه.. ولم يكن من هذا بد ، إن الأمم لا تترك السفوح إلى القمم بكلمة عابرة من واعظ مخلص، أو مدرس بصير، الزمن جزء من العلاج.

استوقفتنى فى هذا المعنى فكاهة ذات مغزى : قيل إن ثعلبا جائعا انطلق يبحث عن طعام، فرأى من سرداب طويل إناء مشحونا بما لذ وطاب، فوثب داخل السرداب الضيق وتلطف حتى بلغ الإناء ثم أخذ يكرع منه حتى امتلأ، وحاول العودة من حيث جاء فعجز، لأن بدنه انتفخ فما يستطيع التقهقر! ولقيه فى محبسه هذا ثعلب عجوز عرف القصة من بدايتها، فقال للثعلب الصغير: ابق فى مكانك هذا حتى تجوع وتعطش وتخف وتنحف، وعندئذ تقدر على الخروج! قلت ضاحكا: الزمن جزء من العلاج..

لكن ما تكون عليه حال الدنيا خلال هذا الزمن المفروض؟ إن الجبارين الذين أمر بنو إسرائيل بمقاتلتهم سيبقون مفسدين فى الأرض ينشرون فى أرجائها الكفر والذل، سيبقون كذلك عشرات السنين! فكيف ترضى الأقدار بهذا العوج؟.

وأجيب: لابد من وارث شريف للحضارة المعتلة! وإذا كان حملة الوحى الإلهى ليسوا أهلا لهذه الوراثة فهيهات أن يقودوا.. سواء حملوا التوراة أو الإنجيل أو القرآن..

وقد تنبأت بأن المدنية الحديثة سوف تبقى عصرا آخر لا أدرى مداه، سوف تبقى مع كفرها باليوم الآخر، ونسيانها الوضيع لله، وظلمها للضعاف والملونين، وتهتكها فى طلب الشهوات بكل وسيلة.

لماذا؟ لأن حملة الوحى يفقدون من الناحيتين الفكرية والنفسية مؤهلات القيادة، بل أعرف ـ وأنا عربى أعيش بين العرب ـ أن لدينا رذائل من نوع آخر لا تقل عن رذائل المعطلين والمثلثين، يستحيل معها أن نكون أهلا للصدارة، بل يستحيل معها أن يقع زمام القافلة البشرية فى أيدينا..

إن فساد المبتعدين عن الله، الجاهلين بحقوقه، سوف يعلل بأنهم لا إيمان لهم..

أما فساد المتدينين فإنه يرتد إلى الدين نفسه بالنقض، ويجر عليه تهما هو منها براء، فحكمة الله واضحة فى تأخير المتدينين الجهلة وحرمانهم من السلطة.

والأمة الإسلامية منذ بضعة قرون تتدحرج إلى أدنى، والمصلحون الذين هم شهداء عليها يوم القيامة لا يلقون منها إلا عنتا، وقد فقدت فى أثناء هذا التدحرج أمرين جليلين :

أولهما الشمائل الإسلامية التى اختصت بها الرسالة الخاتمة.

والآخر الملكات الإنسانية التى تتمتع بها الشعوب الراقية، والتى تجعلها سباقة فى ميادين الحياة ـ المادية والأدبية..

أذكر أنه جاءنى يوما أحد الدعاة فى حال من الغضب الشديد يقول لى: أترى إلى حكومتنا وهى تدعو إلى تحديد النسل؟ يجب أن تنضم إلينا فى محاربتها!

قلت له وأنا متثاقل: إن التحديد المقترح لا يحل المشكلة القائمة!ان المشكلة تكمن فى عدم وجود الإنسان السوى، والمجتمع الناشط.

قال لى: ان تعاليم الإسلام هى تكثير النسل.. قلت.. له: نعم وله تعاليم أخرى فى تكبير الشغل! قال: ماذا تعنى؟

قلت: لماذا تريد الزواج والنسل الكثير على أن يقوم غيرك بالإنفاق على زوجك وولدك؟ إنكم لا تعمرون الأرض وتثيرونها كما أثارها غيركم وعمَّروها، إنكم لا تستخرجون خيرات الأرض من خباياها وظواهرها كما استخرجها غيركم من أنحاء البر والبحر!!.

إنكم بدوافع الرغبة الحيوانية تصيحون فى طلب الزواج والأولاد، وتطلبون الكثير الكثير، فعلام يدل هذا؟ على أن العقل الإسلامى يعرف رغبته ويسمع صوتها، ولكنه لا يعرف واجبه ولا يلبى نداءه!.

ثم استتليت : لا الشعب يدرى، ولا السلطة تدرى! ظلمات بعضها فوق بعض!!.

إن المثال السابق سقته إثر واقع عرض لى وأنا أكتب الآن، وهو يخدم الفكرة التى أريد إبرازها، وهى أن علل الأمم لا تداوى بالارتجال السريع، والرغبة النزقة.

والشبان الذين يظنون الإسلام يمكن أن يقوم بعد انقلاب عسكرى أو ثورة عامة لن يقيموا إسلاما إذا نجحوا! فإن الدولة المحترمة وليد طبيعى لمجتمع محترم، والحكومة الصالحة نتيجة طبيعية لأمة صالحة! أما حيث تتكون شعوب، ماجنة وضيعة فسيتولى الأمر فيها حكام من المعدن نفسه (وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون).

والاتجاه إلى الجماهير لغرس العقائد وتزكية الأخلاق وإنشاء تقاليد شريفة، وإقامة شواخص ماجدة ترنو إليها البصائر، وإقامة الصلاة جماعة بعد جماعة، أعنى وقتا بعد وقت من الفجر إلى العشاء، وتحصين الرجال والنساء ضد الانحراف والانحلال، والتغلغل فى الأسواق والميادين والمنظمات والنقابات لإحياء كلمات الله وإنفاذ وصاياه.. ذلك كله كان طريق الأنبياء وحوارييهم ومن نهج نهجهم..

ولم تقع معركتا بدر والفتح إلا بقدر أعلى انساق إليه المسلمون دون خطة سابقة أو إعداد مبيت..!!.

أعرف أن عددا من الحكومات مرتد عن الإسلام يقينا، وأنه لن يذخر وسعا فى مقاومة المد الإسلامى وفتنة أهله، وعلاج ذلك يتم بالتزام الخط الذى رسمه الأنبياء، والصبر على لأوائه وضرائه، فهو ـ وان طال المدى ـ أقصر الطرق إلى الوصول، وأولاها برعاية الله، وأبعدها عن الأطماع والشبهات..

ولا تحسبن هذا الخط أبعد عن المخاطر وأقرب إلى السلامة، إنه صعب التكاليف ثقيل الأعباء، وقد رأيت أعداء الإسلام يرقبون هذا الخط بحذر ويرون أصحابه هم الأعداء الحقيقيون لهم.

إن قصة خدمة الإسلام عن طريق الانقلابات والثورات راودت أناسا لهم إخلاص وليست لهم تجربة، ولم تنجح من سنين طويلة هذه المحاولات، ورأيى أنها لو نجحت فإلى حين، ثم يبدأ الجهاد لتنظيف الشعوب من أقذائها، وإحداث تغيير جذرى فى أخلاقها وعاداتها!

أى أننا سنرجع إلى الإصلاح الشعبى عن طريق الشعب نفسه لا عن طريق الأوامر الرسمية.

لست أنكر قيمة السلطة فى اختصار المسافة، وإقرار المعروف ومحو المنكر، وإنى أعلم أن الدولة جزء من الدين، وأن أجهزتها الفعالة جزء من شعب الإيمان السبعين.. وكون الحكم من شعائر الإسلام حقيقة لا يمارى فيها إلا جاهل أو جاحد...!.

وهذا كله لا يلغى ولا يوهن عمل الأمة نفسها فى تثبيت العقائد والأخلاق والعادات الحسنة، وفى إعلاء سلطان الضمير وتتبع مسارب السلوك الخفية والجلية، وفى فرض رقابة دقيقة على أجهزة الحكم، وإبطال شرعيتها إن هى نسيت وظيفتها أو جاوزت حدودها..

إن الدولة فى الإسلام صورة ظاهرة لباطن الأمة، وهى يدها التى تحقق بها ما تبغى، وقدمها التى تسعى بها إلى ما تريد..

بيد أن ضراوة الطباع البشرية السافلة قلبت هذا كله رأسا على عقب، وأمكنت ناسا من عبيد ذواتهم أن يفهموا الحكم على نحو آخر، إنهم لم يفهموه عبادة لله بل سيادة على الآخرين، ولم يفهموه أمانة ثقيلة العبء بل فهموه مغنما لذيذ الطعم، وتطاولت هذه الحال على الأمة المنكوبة فأصابها من الضياع ما أصابها....

كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلم أن وضع قريش بين القبائل العربية يجعل الأمور تتدافع إليها، ويجعلها مرشحة أكثر من غيرها لتولى السلطة، فأحب أن يشعرها بما لها وما عليها لترغب وترهب، روى أحمد فى مسنده عن أبى موسى الأشعرى قال: " قام رسول الله على باب بيت فيه نفر من قريش، وأخذ بعضادتى الباب، فقال: هل فى البيت إلا قرشى؟ فقيل: يا رسول الله غير فلان ابن أختنا، فقال: ابن أخت القوم منهم! ثم قال : إن هذا الأمر فى قريش ما إذا استرحموا رحموا، وإذا حكموا عدلوا، وإذا قسموا - يعنى المال - أقسطوا، فمن لم يفعل ذلك منهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل " أى لا تنفعه توبة ولا فداء. وقد قامت لقريش دولة بل دول فى المشارق والمغارب، فهل راعت شروط الاستخلاف، أم جرت على الإسلام وأمته المتاعب..؟.

لقد لبث الحكم فى أيدينا أحقابا، فلما لم تحسن الأمة الإفادة منه فى دعم رسالتها ورفع رايتها، انتزعه الآخرون منها، وها هى ذى تلهث لتستعيده.

وهو إن شاء الله عائد إلينا طال الزمان أو قصر، غير أنه لن يعود حتى تختفى من بيننا أوهام كثيرة فى فهم معنى السلطة، وحتى ترقى أمتنا ماديا ومعنويا فتكون الدولة فى يدها لخير الجماهير لا لإرضاء فرد مغرور..

إن فن الحكم فى العالم المعاصر قد ارتقى إلى أوج بعيد، وفى انجلترا مثلا يستطيع عامل فى أحد المناجم أن يجابه الحكومة دون أن تخالجه ذرة من قلق! وقد ينتصر أو ينهزم فلا يزيده نصر ولا تنقصه هزيمة!.

ولو وقع ذلك فى بعض الدول الإسلامية لأمر الحاكم بقطع عنقه، ولمرَّت الدهماء على جسده الملقى يقولون: ما دخلك يا صعلوك فى سياسة الملوك؟.

إن الشعب والحكومة معا دون مستوى الإسلام الذى ينتمون إليه، بل هم والحق يقال عار عليه! لقد اختفت تحت أطباق الثرى تقاليد الخلافة الراشدة، وبقيت فى العقل الباطن للدهماء تقاليد السلاطين الذين هم ظل الله فى الأرض، وفتاوى العلماء الذين تواصوا بقبول الأمر الواقع، أو بالتعبير الفقهى الخضوع لمن نالوا الحكم بالغلبة والقهر..!.

ثم كان من احتاك المسلمين بغيرهم من أهل الأرض، أن ظهرت وطبقت فلسفة الديمقراطية، ورأى من لهم فقه وتقوى أنها قريبة من " الشورى الإسلامية" فكيف انتقلت إلينا " ديمقراطية " الغرب؟..

إن الحكم الفردى صالح بينها وبين رغبته، ويستطيع الحاكم " المهم " فى بلاد الإسلام أن يظل عشرات السنين، يُنتخب هو وحده لا غير، عشر مرات أو أكثر ما دام حيا.. ويقول هذا الحاكم للمتدينين هذه هى الشورى التى تنادون بها، ويقول للناس من وراء الحدود، أنا وليد انتخابات حرة، وإرادة شعبية.

والأرض والسماء يعلمان أن هذا كذب وزور..

والأمر يحتاج إلى تغيير جذرى كما قلنا فى كيان الأمة وعقلها وضميرها حتى لا تمر هذه المهازل أبدا..

ويضحك أولو الألباب ومن حقهم أن يبكوا عندما يسمعون متحدثا باسم الإسلام يصحح هذه الأوضاع!.

هل تحتاج أمتنا إلى أربعين سنة تصح فيها كما احتاج بنو إسرائيل؟ لا أدرى! كل ما أقدر على قوله أن الإسلام لا يقبل حكما عسكريا، ولا يعرف خرافة: " الناس قلوبهم مع الحسين وسيوفهم مع يزيد " وأن على دعاة الإسلام من خلال تعاليمه لا من خلال تقاليد عصور الانحطاط والفوضى فى تاريخه المديد.

عليهم أن يعدُّوا قتيل الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر شهيدا أغر الجبين لا صعلوكا يقاوم السلاطين، فإنهم بهذا المنطق الجبان لن يكونوا مسلمين! ولن يصلحوا لقيادة أنفسهم بله أن يقودوا العالمين..!.

وصلة الاقتصاد بالسياسة وثيقة، ومراقبة سير المال بين جماهير الناس لابد منها، وتحديد موقف الحاكم من المال العام شارة كل دولة محترمة.

وقبل أن نشير إلى ما يقع فى بلادنا الإسلامية نريد أن نثبت نموذجا من الخلافة الراشدة يوضح طبيعة الحكومة الإسلامية والسمة البارزة لحياة الحاكم المسلم.

كان عمر بن الخطاب مرموق المكانة فى الجاهلية والإسلام فلما ولى الخلافة، واتسعت رقعة الدولة فى عهده، وورث ملك الأكاسرة والقياصرة، لوحظ عليه أنه حريص على استصغار شأن نفسه سرا وعلنا، وعلى توكيد أنه رجل لولا فضل الله ما كان شيئا يذكر..!!.

كان عمر مع قافلة من الناس يمرون بشعاب " ضجنان " - جبل قريب من مكة - فسمع يقول: " لقد رأيتنى فى هذا المكان، وأنا فى إبل للخطاب وكان فظا غليظا أحتطب عليها مرة، وأختبط عليها أخرى، ثم أصبحت اليوم يضرب الناس بجنباتى ليس فوقى أحد! ثم تمثل بهذا البيت:

لا شيء مما ترى تبقى بشاشته .. يبقى الإله و يفنى المال و الولد

وخرج عمر يوما حتى أتى المنبر فشوهد عليلا، وكانوا قد وصفوا له عسل النحل، وفى بيت المال عكة - آنية صغيرة - فقال للناس: إن أذنتم لى فيها أخذتها، وإلا فإنها علىَّ حرام، فأذنوا له فيها..!!.

وكان عمر يؤكد أنه ما قبل الخلافة إلا رجاء أن ينهض بما لا يقدر غيره على النهوض به، ولولا ذلك لنأى عنها، وفى ذلك يقول: " ليعلم من ولى هذا الأمر من بعدى أن سيُريده عنه القريب والبعيد، وإنى لأقاتل الناس عن نفسى قتالا! ولو علمت أن أحدا من الناس أقوى على هذا الأمر منى لكنت أن أقدم فيضرب عنقى أحب إلى من أن أتولاه... وقال عمر للناس يوما: " أنا أخبركم بما أستحل من مال المسلمين! يحل لى حلتان، حلة فى الشتاء وحلة فى القيظ، وما أحج عليه وأعتمر من الظهر، وقوتى وقوت أهلى كقوت رجل من قريش ليس بأغناهم ولا بأفقرهم.. ثم أنا بعد رجل من المسلمين يصيبنى ما أصابهم ".

ورووا أن الربيع بن زيادة الحارثى وفد على عمر بن الخطاب فأنس إليه عمر وأعجبته هيئته، فشكا إليه عمر طعاما غليظا أكله فقال الربيع: يا أمير المؤمنين، إن أحق الناس بطعام لين وملبس لين لأنت، فرفع عمر جريدة معه فضرب بها رأسه، وقال أما والله ما أراك أردت الله بمقالتك، ما أردت إلا مقاربتى! ويحك، هل تدرى ما مثلى ومثل هؤلاء ـ جماهير الناس ـ؟.

فقال الربيع: ما مثلك ومثلهم؟ قال عمر: قتل قوم سافروا فدفعوا نفقاتهم إلى رجل منهم وقالوا له: أنفق علينا! فهل يحل له أن يستأثر منها بشىء؟ قال: لا يا أمير المؤمنين قال: فكذلك مثلى ومثلهم..

ثم قال عمر: إنى لم أستعمل عليكم عمالى ليضربوا أبشاركم وليشتموا أعراضكم، ويأخذوا أموالكم! ولكنى استعملتهم ليعلموكم كتاب ربكم وسنة نبيكم. فمن ظلمه عامله بمظلمة فلا إذن له علىَّ ليرفعها إلى حتى أقصه منه! فقال عمرو بن العاص: يا أمير المؤمنين أرأيت إن أدب أمير رجلا من رعيته أتقصه منه؟ فقال عمر: وما لى لا أقصه منه وقد رأيت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقص من نفسه؟ وكتب عمر إلى أمراء الأجناد: لا تضربوا المسلمين فتذلوهم! ولا تخرموهم فتكفروهم! ولا تجمروهم فتفتنوهم، ولا تنزلوهم الغياض فتضيعوهم!.

تلك علاقة الشعوب بحكامها فى تعاليم الإسلام، وقد نكبت الجماهير فى أقطار عدة برجال مترفين استباحوا الضعفاء، وأذلوا من أعز الله، وأعزوا من أذل الله ، فقامت عليهم ثورات محنقة ركب موجتها شبان مغامرون باسم الاشتراكية التى تنصف الشعوب وتحقق العدالة الاجتماعية، فماذا كان؟.

دخلت الشعوب فى محن متتابعة أفقدتها دينها ودنياها معا، وأنزلت بها هزائم عسكرية وسياسية كست الوجوه بالقار والعار!.

رفع أولئك المغامرون شعار العروبة بعد تجريدها من الإسلام، واتباعها المذاهب المغيرة على بلادنا من الشرق الشيوعى أو الغرب الصليبى، وأكرهت الجماهير إكراها على قبول الشعار الجديد.

وكان بالقادة الجدد جوع شديد إلى الظهور والعظمة، كما كان بهم جوع إلى الرفاهة والبذخ فإذا قصورهم تترع بالملذات وأهلوهم يمرحون فى فنون من الوجاهات والمتع..

ولما كانوا خالين من المواهب الرفيعة والتجارب المفيدة، فقد أساءوا النقل والاقتباس، وزعموا أنهم سوف ينهضون بالبلاد صناعيا، فأضاعوها زراعيا وصناعيا..

وكانت نتائج انقطاعهم عن الله، وجهالتهم بالحياة، أن خذلتهم قوانين الأرض وبركات السماء فإذا العرب والمسلمون يقعون فى ورطات رهيبة وتجتاحهم هزائم مذلة فى كل ساحة.

وما عسى أن يفعل القدر لرجل يخطب فى الحشود المسوقة إليه فيقول وهو يعبث بين أصابعه بقلم: ماذا فعل محمد للناس؟ محمد (!) هكذا يذكر صاحب الرسالة العظمى (!) وتصورت معزة خرجت من مربضها لتقول للشمس : اغربى إنك ما تصنعين للكون شيئا...!!.

وزعيم آخر نسى كل النسيان أنه كان فى طفولته يجرى وراء جحاش القرية ثم صيرته الاشتراكية زعيما فإذا هو لا يمتطى فى تنقلاته إلا الطائرات السمتية كبرا عن أعظم السيارات.

وآخر، وآخر... ما أكثر الأصفار التى ظنت نفسها ألوفا فى أرض الإسلام اليتيم!. والجماهير تنظر فى بلاهة، وقد حبسها فى موقفها السلبى حب الدنيا وكراهية الموت وإرخاص الحق وعشق الشهوات...

إن رسالتنا الكبرى قاعدتها أمة مؤمنة بها حريصة عليها وأداتها الأولى جهاز الحكم فيها وقد تكون الأداة قاصرة، أياما أو شهورا ! أن تكون الأداة مضادة لرسالة الأمة منسلخة عن وحيها، والأمة نفسها لا تعى ولا تتحرك، فالأمر يتصل بالقاعدة نفسها...! والإصلاح الأول لا يتجه إلا إليها...

من أجل ذلك أهيب بالإسلاميين أولى الغيرة على دينهم ألا يضيعوا وقتا فى جدال، وألا ينخدعوا عن فساد الموضوع بفساد الشكل، وأن يتجهوا إلى أمتهم ذاتها يعالجون عشرات العلل الكامنة والوافدة التى تنخر فى كيانها وتباعدها عن كتاب ربها وسنة نبيها.

إن الحالمين بانقلاب عسكرى يجب أن يستيقظوا وإلا كانوا هم أنفسهم قسما من المرضى! لقد تدبرت أحوال دول ما تزال تعبد الأصنام فوجدتها وصلت إلى حد الاكتفاء الزراعى، وقفزت إلى الصناعات الإلكترونية، وفجرت القنبلة الذرية، واستقرت فيها الأنظمة الديمقراطية، ورجعت البصر إلى أمتى فوجدتها دون ذلك كله، فازداد حتى بخطورة ما انتهينا إليه!.

بل لقد تأكد لدى أن الحضارة الغربية ـ بشقيها المتنافرين ـ قد تبقى عصرا آخر لا يعلم إلا الله مداه، ما بقى المسلمون رسميا وشعبيا على هذا المستوى من الإسفاف فى نواحى حياتهم الفردية والاجتماعية..! لأنهم لن يصلحوا بديلا لوراثة الأرض!.

إن الدين كما درسته فى كتاب ربى إيمان وإصلاح لا نفاق وإفساد! ألا تقرأ قوله تعالى (وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين فمن آمن وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون * والذين كذبوا بآياتنا يمسهم العذاب بما كانوا يفسقون).

ما أحلى شعار الحكم بما أنزل الله.. هل تحكم بما أنزل الله فى نفسك؟ وفى بيتك؟، وبين جيرانك وإخوانك؟ وفى عملك..؟.

لقد تقلبت بين طوائف كثيفة، وبلوت الكبار والصغار، فشعرت أن الناس عندما يتخفون عن مشاعر الحب والرحمة، وتستبد بهم نوازع الأثرة والتكاثر، يتحولون إلى وحوش مرهوبة الفتك!. أين كلمة الرسول: " لن تؤمنوا حتى تحابوا "؟ إن فقدانها لا يسد مسده شىء، وشرائع الحدود والقصاص ما منها بد! بيد أنها لا تغنى أبدا عن شرائع الأخلاق وتقاليد الحنان والأدب والرفق..

والحكومات تستبعد من عالم القانون نصوصا دينية لا ريب فيها لأن الصليبية والشيوعية قررتا إماتة هذه النصوص، وسوف تعترضان محاولات بعث الحياة فى هذا التراث..!!.

حسنا، فهل يتحقق الإسلام عندما يطبق المسئولون فى العالم الإسلامى هذه الشرائع؟ إن الذين جاءوا بطريق غير إسلامى لن يحسنوا الحكم بما أنزل الله! والذى سرق منصبه بطريق التزوير أو الاغتصاب لن ينصف الإسلام يوم يقطع يد لص صغير، كل ما حدث أن اللص الكبير قطع يد لص ضعيف..

الإسلام كل لا يغنى بعضه عن بعض، والحكومة فيه إفراز طبيعى لأمة مؤمنة، أمة اختارت الأكفأ والأصلح ، وائتمنته على دينها ودنياها، ووضعته تحت رقابتها، ولها حق مطلق فى تنحيته يوم تشاء..!.

الشعوب الطبيعية عرفت ذلك ونفذته جزءا من منطق الفطرة، أعنى منطق الإسلام، وهل الإسلام إلا الفطرة السليمة؟.

إن غيرنا أقرب إلى تعاليم الإسلام فى مجال الحكم، وإن كان بعيدا عنه فى مجال الاعتقاد!.

يعلم الناس أن مستر " تشرشل " هو بطل انجلترا وكاسب النصر لها فى الحرب العالمية الثانية، وحقه على قومه كبير، لكن قومه رأوا غيره أقدر منه فى أيام السلام وأجدر بالوزارة فأبعدوه دون حرج، وذهب الرجل إلى بيته دون ضجة..

وكذلك جنرال " ديغول " الذى مسح العار عن وطنه فى أيام كالحات، وقاد فى المنفى حرب مقاومة انتهت بالنصر! لقد قال له الفرنسيون يوما: جنرال لم ورقك واترك منصبك فكان الرجل أسرع من البرق فى جمع أوراقه والانطلاق إلى قريته.

ولو فكر أحدهما فى الخروج على مشيئة أمته لما وجد خادما يقدم له الطعام، بل ما وجد من يبيعه الخبز، ذاك لو بقى حيا!.

أما فى البلاد التى يعيش فيها مليار عربى ومسلم فللوثنية السياسية منطق آخر.

يقول القائد اليهودى " مردخاى ": " إن النصر الذى تم لنا فى حرب الأيام الستة فاق أشد الأحلام جنونا " وهذا حق، فقد كسب اليهود أرضا ومالا وجاها تتجاوز الخيال دون خسائر تذكر، لم تكن حربا هذه الرواية التى وقعت! إن القادة العرب قدموا جنودهم لجزار لا تكل يداه من الذبح، وعندما تعب من التنكيل بخصمه ساق البقية أسرى!!.

ثم ماذا؟ رجع القادة المدحورون المعصوبون بالخزى يقولون فى وقاحة لم يعرف التاريخ لها نظير: هذه نكسة! المهم أننا نحن بقينا..!.

ثم ماذا أيضا؟ انتظروا من الجماهير أن تهتف بأسمائهم وأن تقدم لذواتهم المصونة الولاء..!.

وتم لهم ما انتظروه! قادة النصر فى الغرب تستبدل بهم شعوبهم من تراه أفضل لها، وقادة الهزيمة هنا يبقون جاثمين على صدر الأمة حتى يوردوها القبور...

ولا أزال أستغرب الصمت الذى يحف قتل عشرات الألوف من المسلمين فى حماة ثم فى طرابلس - لبنان.

لئن كان القتل جريمة شنعاء إن هذا الصمت الجبان جريمة أشنع لكن هذه نتائج الموت الأدبى.. ومازلت أؤكد أن العمل الصعب هو تغيير الشعوب، أما تغيير الحكومات فإنه يقع تلقائيا عندما تريد الشعوب ذلك..!.

إن علل أمتنا غليظة، وإذا لم ينشغل دعاة الإصلاح بعلاجها فبم يشتغلون؟.

هناك تقاليد انحدرت إلينا من ماض طويل، ما أنزل الله بها من سلطان، ثم جاءنا الاستعمار العسكرى والثقافى بتقاليد أخرى هى من مباذل الغرب وهناته، ربما كان محصنا ضدها أو قليل التشكى منها، لكنها لما جاءتنا كانت بالغة الضرر..

هذه التقاليد وتلك، اعوجت بفكرنا وسلوكنا على سواء، وأكاد أقول: إننا بهذا الاعوجاج نشبه بنى إسرائيل قبل أن يعاقبوا بأيام التيه! أو نشبههم عندما تمردوا على الوحى، ولعنوا على لسان داود وعيسى ابن مريم..

وما خلت الأمة على تطاول القرون من مذكر بالحق وداع إلى الخير!

والذى ألفت النظر إليه أن التغيير الحاسم لا يتم ارتجالا، ولا يتم بين عشية وضحاها، ويجب أن يتجرد له رجال لا يخافون فى الله لومة لائم، ولا تخلع قلوبهم رهبة أو رغبة، يمشون فى الطريق الطويل الذى سار فيه الأنبياء، ولا يفكرون فى انقلابات عسكرية أو ثورات مسلحة، إنما يفكرون فى الإصلاح المتأنى، والتغيير الذى جزم القرآن الكريم بنتائجه قال (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).

وهناك من يطلب السلطة لتكون بين يديه أداة التغيير المنشود!. وأكره أن أتهم نية هؤلاء أو نهجهم، فقد عشت معهم ومازلت بينهم، ووجهة هؤلاء الرجال أن الحكم فى أرض الإسلام منحرف من زمان بعيد، وهم يتساءلون: ما الشرعية التى يعتمد عليها هذا الحكم؟ الحكومات المدنية تستند فى مشروعية بقائها على أنها تمثل الشعب، والحكومات الدينية تستند إلى أنها تطبق الدين!.

فإذا لم يكن ثم تمثيل للشعب ولا تحكيم للدين فأين مشروعية البقاء؟ والنزاع الدموى الطويل الذى شجر بين الفريقين يرجع إلى التنافر الحقيقى بين الأمر الواقع وطلاب التغيير!.

وأنا أدعو هنا إلى سياسة جديدة فى خدمة الإسلام، وبناء أمته التى تتواثب حولها شياطين الإنس والجن تكفينها والخلاص منها.

ودعوتى أساسها الاستفادة من التجارب الطويلة، والنظر الدقيق فى الأسلوب الذى سار عليه رسل الله، وخاتمهم العظيم محمد بن عبد الله، الذى دعا إلى الحق، وتنزه عن كل مأرب، وأمن أهل الدنيا على ما بأيديهم (قل ما سألتكم من أجر فهو لكم إن أجري إلا على الله وهو على كل شيء شهيد).

وقد لاحظت فى أثناء الصراع القاسى بين الإسلاميين وغيرهم من الحكام، أن أغلب الذين يملكون الأمور يمضون مع تيار السلطة وينغمسون فى عبابه انغماس السمك فى الماء.

أى أنهم يحسون أن الخروج منه انتقال إلى الموت، فهم يدفعون عن حياتهم، ويرون من يحاول استلاب السلطة منهم قاتلا، يجب الإجهاز عليه قبل أن يجهز عليهم!.

وشىء ثان أن ظنهم سيئ بالإسلاميين، فهم لا يرونهم أصحاب مبادئ بل أصحاب مطامع، وأن مغانم الحكم هى التى تحركهم، فلماذا تترك لهم؟.

والشىء الثالث الخطير أن بعضهم يجهل الإسلام جهلا بسيطا أو مركبا بل لقد رأيت فى سياحاتى بالعالم الإسلامى من يكره الصلاة والعفاف أكثر من كره الشيوعيين والصليبيين لهما..!!.

ويفرض هذا كله على الدعاة التجرد التام وهم يرفعون راية الإسلام، وأن يعلنوا بقوة عزوفهم عن الحكم ورفضهم لمناصبه، وإيثارهم أن يقوم غيرهم بمهمة التطبيق والتنفيذ وتأييدهم القوى لمن يسارع من الحكام إلى العمل بالإسلام..

وليست مهمة الدعاة تلمس الأخطاء وكشف أصحابها، ولا أن نتحول إلى نقاد سياسيين يشغلنا الهجاء عن البناء.

الذى أراه أن نكدح فى الميادين الداخلية لنعيد بناء أمة توشك أن تتحول إلى أنقاض، وما أكثر هذه الميادين وأفقرها إلى العاملين إننا لو انتصرنا فيها ربحنا تسعة أعشار المعركة.

وكل عمل مقرون بالجهل أو الغلو يصيب الإسلام فى مقاتله، ويجعل صاحبه ـ من حيث لا يدرى ـ عونا لخصوم هذا الدين..

قد تقول : إن السلطات القائمة سوف تمنعنا من هذا العمل! فماذا ترى؟.

وأقول : إن الأنبياء منعوا من قبل عن أداء رسالتهم لكنهم مضوا فى الطريق الطويل يتحملون التكذيب والتعويق (ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله) مضوا يبنون ولا يهدمون ويحسنون ولا يسيئون، مضوا فى طريق التوعية والتربية والتبصير بالآخرة والاشراف على الحياة الدنيا من مستواهم العالى، لا يزاحمون عليها، ولا يُظن بهم طمع فيها، حتى تخير الله لهم مكان النصر وزمانه، وكان ما قدر الله!!.

عاش من عاش محققا رسالته، ومات من مات موطدا عند الله مكانته. لقد سمعت شبابا يشكو طول هذا الطريق، ويهز رأسه رافضا، إنه يريد معركة سريعة!.

إن ريبتى شديدة فى قلوب هؤلاء أو فى عقولهم، وأدعو الله أن يقى الإسلام شرهم.

 
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2018-03-12, 11:35:15
في ذكرى وفاة الغزالي رحمه الله، كتب عند موته الدكتور يوسف القرضاوي ما يلي :

*"*"*"*"*"*"*"*"*"*"*"*'*

 وأخيراً هوى النجم الساطع !

وأخيرا هوى النجم الساطع، واندك الجبل الأشم ،وطوى العلم المنشور، وغابت الشمس المشرقة، وترجل الفارس المعلم.. ومات الشيخ الغزالي .

أخيرا فقدت الأمة الإسلامية علم الأعلام، وشيخ الإسلام، وإمام البيان ورجل القران.

أخيرا اغمد قلم كان سيفا علي أعداء الله ، لم يفل له حد طالما أرعب الملاحدة والمنافقين، وخرس لسان ظل يجلجل ويدوي خلال ستين عاما، بالدعوة إلى الله ،يحشد الناس ألوفا ألوفا في ساحته، ويجمعهم صفوفا صفوفا علي دعوته .

مات الشيخ الغزالي، وهو في قلب المعركة لم يلق السلاح، ولم يطو الشراع ،بل ظل يصارع الأمواج، ويواجه العواصف التي هبت من يمين وشمال علي سفينة الإسلام، تريد أن يبتلعها اليم، وأن تغرقها الرياح الهوج.

فقد نشرت وكالات الأنباء أن الشيخ أصيب بالأزمة القلبية الحادة، وهو يحاضر في ندوة: (الإسلام والغرب ) التي عقدت في الرياض. لقد سقط الفارس والسيف مسلط في يده ! واحسبه من(الشهداء) إن شاء الله، فقد مات وهو يدعو ويدافع عن الإسلام، كما مات غريبا.

كنت أعلم أن الشيخ الغزالي مصاب بجلطة منذ سنوات، وأن أطباءه نصحوه و أكدوا عليه ألا يسافر، لان صحته لا تحتمل متاعب السفر، ولكن الشيخ لم يكن يسعه إذا دعي إلى عمل إسلامي أن يرفض، ويقول: إن الكريم لو دعي إلى طعنة لأجاب!.

ولهذا سافر منذ عدة اشهر إلى أمريكا ممثلا لمجمع البحوث الإسلامية .

وفوجئت حين قرأت في الأسبوع الماضي حضوره مهرجان الجنادرية الثقافي بالرياض، ليشارك في ندوة عن ( الإسلام والغرب ) ، مع أن الشيخ أرسلت إليه دعوات كثيرة من عده أقطار - خصوصا من الخليج - تلح عليه أن يساهم ببعض المحاضرات في ليالي رمضان، ولكنه اعتذر بلطف للجميع.

ويبدو أن الله تعالي قدر له هذا السفر لأمر يعلمه سبحانه،وهو أمر يحبه الشيخ رحمه الله. ذلك أن يكون مثواه الأخير بالقرب من مثوى رسول الله عليه الصلاة والسلام ومسجده الشريف، بمدافن البقيع بالمدينة المنورة، التي ألف فيها كتابه القيم(فقه السيرة) ودمعه يختلط بالمداد تأثرا وحبا للرسول الكريم. وما كان يتاح له هذا إلا بمثل ما حدث .والله غالب علي أمره.

وقد اخبرني صديقه وصديقي أ.د. محمد عمر زبير الذي حضر جنازته ودفنه بالمدينة :أن قبره في موضع متميز ، قريب جدا من قبر الإمام مالك، بينه وبين قبر الإمام نافع أحد القراء السبعة، رضي الله عنهم جميعا .

لقد عرفت الشيخ الإمام منذ نحو نصف قرن فعرفت فيه العقل الذكي، والقلب النقي، والخلق الرضي، والعزم الأبي، والأنف الحمي، عرفت الغزالي فما عرفت فيه إلا الصدق في الإيمان، والسداد في القول، والإخلاص في العمل ،والرشد في الفكر، والطهارة في الخلق، والشجاعة في الحق، والمعاداة للباطل، والثبات في الدعوة، والمحبة للخير، والغيرة علي الدين، والحرص علي العدل ،والبغض للظلم، والوقوف مع المستضعفين ،والمنازلة للجبابرة والمستكبرين، مهما أوتوا من قوة .

عرفت الشيخ الغزالي فعرفت رجلا يعيش للإسلام، وللإسلام وحده، لا يشرك به شيئا، ولا يشرك به أحدا، الإسلام لحمته وسداه، ومصبحه وممساه، ومبدؤه منتهاه. عاش له جنديا ، وحارسا يقظا، شاهر السلاح، فأيما عدو اقترب من قلعة الإسلام يريد اختراقها، صرخ بأعلى صوته، يوقظ النائمين، وينبه الغافلين، أحسبه كذلك والله حسيبه ولا أزكيه علي الله .

قد تختلف مع الشيخ الغزالي في قضية أو أكثر، وقد تنقده في بعض ما ذهب إليه من آراء، ولكنك لا تستطيع أن تشك في صدقه وإخلاصه وغيرته. وهو على كل حال مجتهد في فهم دينه وفي خدمته بالطريقة التي يراها اصلح وأصوب، فان أصاب فله أجران، وان أخطأ فله أجر واحد .

لقد ترك الشيخ الغزالي بصمات واضحة علي العقل الإسلامي، لا يمحوها اختلاف الليل والنهار: بما ألف من عشرات الكتب، وما أنشأ من مئات المقالات ،وما أقام من آلاف الدروس والخطب والمحاضرات، وما أذيع له من أحاديث لا تحصر في الإذاعات والتلفازات .

كما كان للشيخ تلاميذ وطلاب تلقوا عنه العلم في الجامعات التي عمل فيها :في الأزهر في مصر، وفي أم القرى في مكة، وفي كليه الشريعة في قطر، حيث سعدنا به فيها لمده ثلاث سنوات ،وفي جامعه الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية في الجزائر، الذي بقي فيها خمس سنوات متصلة .

لقد لقن الشيخ طلابه الموازنة بين العقل والنقل، وبين الأصول والفروع، وبين الدين والدنيا، ولم ينسق وراء الذين يريدون أن يبطلوا النصوص باسم المصالح، ولا الذين يريدون أن يرفضوا المنقول باسم المعقول، ولا الذين يريدون أن يقيموا حربا بين الإسلام والعصر، أو بين الإسلام والتطور، انه يقول للذين يطالبون الإسلام أن يتطور: لماذا لا تطالبون التطور أن يسلم؟!.

قد يأخذ الناس علي الشيخ الغزالي بعض آرائه وفتاويه، لأنها ليست علي مشربهم ،ولكن الذي أعلمه أن الشيخ الغزالي لم يخرج في فتوى أو رأي علي إجماع الأمة المستيقن. وقد بينت ذلك في كتابي عنه. وقد أتهم شيخ الإسلام ابن تيمية قديما بأنه خرق الإجماع في قضايا الطلاق وما يتعلق به. وهي التي قال فيها تلميذه الحافظ الذهبي: وله فتاوى نيل من عرضه بسببها ،وهي مغمورة في بحر علمه .

وأنا أقول: إن هذه الفتاوى التي أوذي من أجلها ابن تيمية وادخل فيها السجن ومات فيه، هي المعتمدة الآن لدى كثير من أهل الفتوى، وهي التي أنقذت الأسرة المسلمة من الانهيار .

لقد صدع الشيخ الغزالي بما يرى انه الحق، ولا يسع عالما يخشى الله ألا يفعل ذلك، مادام من ( الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله ) .

ربما كان في عباراته-في أحيان قليلة- بعض الحدة،وما ذلك إلا اثر من آثار الحرارة التي تتوقد في صدره،فهو لا يطيق العوج، لا من المسلمين ولا من غيرهم، فإذا رأى عوجا تأجج قلبه نارا، تظهر علي ثمرات قلمه ولسانه.

قد عاش الشيخ الإمام رحمه الله عمره كله محاربا للقوى المعادية للإسلام في الداخل والخارج، والتصدي لتياراتها، والعمل علي هدم أوكارها ،وهتك أستاها، وكشف عملائها. وهو هنا مقاتل عنيد، لا يستسلم ولا يطأطئ، ولا يلين يوما.

وقف في وجه الاستعمار، وكشف عن حقيقته ودوافعه، وأنها (أحقاد وأطماع).

وفي وجه الصهيونية، التي اغتصبت الأرض المقدسة وشردت الأهل، وخططت لهدم المسجد الأقصى وإقامة هيكل سليمان علي أنقاضه .

وفي وجه التنصير، الذي يريد أن يسلخ المسلمين من عقيدتهم، ليصبح المسلمون عبيدا للصليبية الغربية .

وفي وجه الشيوعية التي سماها (الزحف الأحمر ) ونبه علي خطرها من قديم، واكتساحها للجمهوريات الإسلامية في آسيا .

وفي وجه الحضارة المادية وأباحتها الجنسية، وعصبيتها العنصرية، ومحاولتها للسيطرة الإمبريالية، وان لم ينكر ما فيها من عناصر إيجابية يمكن الاستفادة منها .

وفي وجه العلمانية اللادينية، التي تؤمن ببعض الكتاب وتكفر ببعض، تريد الإسلام عقيدة بلا شريعة، وسلاما بلا جهاد، ودينا بلا دوله، واتباعا أعمى للغرب "شبرا بشبر، وذراعا بذراع".

وقد بدا الشيخ هذه المعركة من قديم، حين رد علي صديقه الشيخ خالد محمد خالد في كتابه(من هنا نعلم) ولكنه لم يقس عليه، وكان يظن به خيرا، و أنكر على الأزهر حين فكر بعضهم أن يجرد الشيخ خالدا من شهادة العالمية، وقد صدقت الأيام ظن الغزالي ،وعاد خالد إلى رحاب الإسلام الذي نشا في ظله، وتربى في أحضانه .

وبقدر لين الشيخ الغزالي مع الأستاذ خالد ،كان نارا تكوي وتحرق ،على العلمانيين المعادين علنا لشريعة الإسلام. وهو يقول لماذا لا نسمي هؤلاء باسمهم الحقيقي ؟

إنهم المرتدون !.

لقد عرفت الشيخ الغزالي عن كثب، عرفته في معتقل الطور، وعرفته بعد المعتقل، وعايشته وصحبته في السفر والحضر .

وقد وجدت الشيخ الذي يشتد ويحتد في نزاله الفكري، فيهدر كالموج، ويقصف كالرعد، ويزأر كالليث،حتى أنك لتحسبه في بعض ما يكتب مقاتلا في معركة، لا مجادلا في قضية، وتحسب القلم الذي في يده، كأنما السيف أو الرمح في يد ابن الوليد: وجدته - عن كثب - إنسانا رقيق القلب ،قريب الدمعة، نقي السريرة، صافي الروح ،حلو المعشر، كريم الخلق،باسم الثغر،موطأ الأكناف، عذب الحديث ،سريع النكتة، بسيطا متواضعا، هينا لينا، بعيدا عن التكلف والتعقيد والتظاهر والادعاء، تسبق العبرة إلى عينيه إذا سمع أو رأى موقفا إنسانيا، ويهتز خشوعا وتأثرا، إذا ذكر الله والدار الآخرة ، ولا يأنف أن يتعلم حتى من تلاميذه، يعترف لكل ذي موهبة بموهبته، لا يحسد ولا يحقد،يكره الظلم والتسلط على عباد الله يقول بصراحة لا أحب أن أتسلط على أحد، ولا أن يتسلط عليّ أحد .

لقد عاش الشيخ الغزالي حياته كلها حر الفكر والضمير، حر القلم واللسان، لم يعبد نفسه لأحد إلا لربه الذي خلقه فسواه، لم يبع ضميره ولا قلمه لمخلوق كان. وكم حاول أصحاب السلطان أن يشتروه، ولكنهم لم يقدروا علي ثمنه. وكيف يمكن أن يشترى من يريد الله والجنة؟! ولقد لوح له بالمناصب التي يسيل لها لعاب الكثيرين من عبيد الدنيا، ولكن الشيخ لم تلن له قناة،ولم يغره وعد، كما لم يثنه وعيد. لقد كان يتمثل بالشافعي رضي الله عنه وهو يقول :

أنا إن عشت لست أعدم قوتا وإذا مت لست أعدم قبرا!

همتي همة الملوك ونفسي نفس حر ترى المذلة كفرا!

ومما يذكر للشيخ الغزالي هنا : أنه رفض الخضوع لأهواء العوام، كما رفض الخضوع لسلطة الحكام. وكتب مرة مقالة يقول فيها : أهواء العامة لا تهادن. ولم يحاول أن يزايد بإرضاء الجماهير، علي حساب ما يراه حقا في دينه، كما يفعل ذلك بعض ( الأدعياء ) الذين يحسبهم الناس ( دعاة ). وما أعظم الفرق بين الدعاة والأدعياء ! .

لقد مات الشيخ الغزالي، ولكن أفكاره لم تمت ،إن الأفكار لا تموت بموت أصحابها ،إنها لم تزل حيه ناطقة في كتبه الأصيلة المتميزة، التي انتشرت في المشارق والمغارب، وطبعت مرات ومرات، وترجم كثير منها إلى عدد من اللغات، وفي تلاميذه المنتشرين في أنحاء العالم، الذين يحملون دعوته، ويتبنون رسالته .

لقد ألفت كتابا عن شيخنا الغزالي كما عرفته،خلال نصف قرن في 286 صفحه، وقد نشرته صحيفة الشرق القطرية، علي ثلاثين حلقة، خلال شهر رمضان قبل الماضي (1415هـ) ثم نشرته دار الوفاء في مصر. وقد ظهر خلال معرض الكتاب الدولي في القاهرة الذي أقيم في الشهر الفائت. ولا أدري هل قدر للشيخ أن يراه بعد صدوره أو لا ؟ [1]وهو بعض ما للشيخ من حق علي وعلى أمثالي ممن انتفعوا بعلمه، واقتبسوا من ضيائه .

ليس هذا الكتاب تاريخا للغزالي، فلا أزعم أني أملك كل أدوات المؤرخ، ولا أملك المعلومات الكافية لمثل هذا العمل، وأنا أعلم أن الشيخ - رحمه الله - قد كتب قصة حياته، وكنت أدعو الله أن يمد في عمره في عافية وتوفيق وبركة ،حتى يضيف إلى كتابه فصولا وفصولا، ولكن أجل الله إذا جاء لا يؤخر .

كما أرجو أن يوفق الله بعض أبنائنا الدارسين في أقسام الدعوة وغيرها أن يقدموا في أطروحاتهم العلمية دراسات إضافية عن الشيخ رحمه الله وعطاءاته الخصبة والمتنوعة، بما يليق بمكانه الشيخ العلمية والدعوية والإصلاحية .

وقد قلت في مقدمة ذلك الكتاب :

ما أقدمه اليوم إنما هو ذكريات وخواطر وأفكار، تحاول أن تقدم صوره للشيخ الإمام، صادره من معرفتي به، ومعايشتي له، وقراءتي وسماعي له، نحو نصف قرن من الزمان .

أجل لست أؤرخ للغزالي فما أنا بالمؤرخ، ولكني أشير إلى ملامح من حياته وسيرته، عرفتها عن معايشه وقرب، ولا ازعم أنى رسمت له صوره بينة الملامح، فما أنا ممن يحسن الرسم .

وربما قيل: إنك تكتب بقلم المحب لا بقلم الناقد، وأنا أشهد أني أحب الغزالي و أتقرب إلى الله بحبه، ولكني لم أعْد الحق فيما خط قلمي، ولا ينبغي أن يغمط الإنسان من يحب، فرارا أن يتهم بالتحيز، فالعدل يحكم القريب والبعيد، والصديق والعدو ( وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى ) .

و إني لأنكر علي الإسلاميين أنهم لا يعطون مفكريهم وعلماءهم وأدباءهم ما يستحقون من تكريم وتقدير، ينزلهم منازلهم ،في حين يصنع العلمانيون والماركسيون هالات مكبرة حول رجالاتهم، حتى يجعلوا من الحبة قبة، ومن القط جملا! وصدق فيهم قول الشاعر :

وبقيت في حلْف يزين بعضهم بعضا ليدفع معور عن معور !

وإذا قيل : انك تنظر إلى الشيخ بعين الرضا، وعين الرضا لا تبصر العيوب، فحسبي أن أقول: أنى لا أزعم أن الغزالي مبرأ من العيوب، فما هو بالملك المطهر، ولا بالنبي المعصوم ،وإنما هو بشر يخطئ كما يخطئ البشر، ويصيب كما يصيب البشر، ولكن أخطاءه وزلاته مغمورة في محيط حسناته وميزاته .

و " إذا بلغ الماء القلتين لم يحمل الخبث "، فكيف إذا كان بحرا لا تكدره الدلاء ؟!.

والحق أن هذا الكتاب أو هذه الدراسة التي قدمتها عن الشيخ الغزالي - رحمه الله - : أثبتت أننا أمام قائد كبير من قادة الفكر والتوجيه، وإمام فذ من أئمة الدعوة والتجديد. بل نحن أمام مدرسة متكاملة متميزة من مدارس الدعوة والفكر والإصلاح، لها طابعها، ولها أسلوبها، ولها مذاقها الخاص. وتحتاج إلى دراسات عده لإبراز خصائصها ومواقفها وآثارها .فليس الغزالي ملك نفسه،ولا ملك جماعة او حركة ولا ملك قطر ولا شعب ،بل هو ملك الأمة الإسلامية جمعاء .

لقد عاش الشيخ- رحمه الله - بشعور يغمره ويملأ فؤاده ووجدانه أبدا : أنه حارس من حراس هذا الدين الأيقاظ، ولا ينبغي أن يؤتي الدين من قبله وتفريطه، بل يجب أن يتنبه دائما لأعدائه في الداخل والخارج ،وأن يقف لهم بالمرصاد مدافعا ذائدا، بل مقاتلا مهاجما، فخير وسيله للدفاع الهجوم، لا يلقي السلاح، ولا ينشد الراحة، ومعركة المصحف في العالم الإسلامي قائمة، والحرب علي الإسلام وأمته دائرة ،لم ينطفئ لها أوار، والدم الإسلامي مستباح، واكثر الموكلين بالحراسة يغطون في نوم عميق، أو مشغولون بالجدل حول فروع المسائل، وصغائر الأمور !.

لقد كتبت الأقدار علي الشيخ أن يحارب في جبهتين واسعتين :

الأولى : جبهة الخصوم الكائدين للإسلام، المتربصين به الشر، الكارهين لانتشار النور وعودته إلى قيد الحياة من جديد.

بعض هؤلاء من خارج الإسلام، وخارج أرضه، من القوى العالمية التي تخافه أو تبغضه : من اليهودية والصليبية والشيوعية والوثنية، الذين اختلفت دياناتهم، واختلفت طرائقهم، ولكن اتحدت أهدافهم علي ضرب الإسلام، ووقف مسيرته، ووضع الأحجار والعثرات في طريقه ،وهم الذين قال الله فيهم: ( والذين كفروا بعضهم أولياء بعض ) الأنفال :73 ( وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض ) الجاثية : 19 .

وبعض آخر - للأسف الشديد - من داخل أرض الإسلام بل من أبناء المسلمين أنفسهم، وممن يحملون أسماء المسلمين : محمد وأحمد وحسن وحسين وعمر وعلي ... ولكنهم لا يضمرون للإسلام إلا شرا،ولا لدعاته إلا عداوة، ولا لشريعته إلا تنكرا .. وربما عادوه لأنه ضد شهواتهم المحرمة، وضد مظالمهم المفترسة، وضد مصالحهم الآثمة، وضد مطامعهم الفاجرة .

والجبهة الثانية : جبهة (الأصدقاء الجهلة) للإسلام ،الذين يضرون الإسلام أبلغ الضرر من حيث يريدون أن ينفعوه، ويهشمون وجهه من حيث يظنون انهم يدفعون ذبابة عنه ! هؤلاء الذين سماهم الشيخ ( الدعاة الفتانين ) الذين يشغلون الناس بالفروع عن الأصول، وبالجزئيات عن الكليات، وبالمختلف فيه عن المتفق عليه، وبأعمال الجوارح عن أعمال القلوب .

لقد كان يشكو من دعاة أغلبهم نكبة علي الإسلام، وقذى في عينه ! انهم لا يقرأون ولا يعانون، والقليل من الحقائق لديهم لا يضعونه في موضعه الصحيح، وعلل الأمة لا تلقى منهم أساة ولا بكاة، لأنهم مشدودون إلى جدليات الماضي السحيق، ولا يدركون ماجد حولنا، ولا الطفرات الهائلة التي قفزت بها الحياة علي أرضنا .

وإذا كان الجسم المصاب بفقر الدم يسقط في أول مراحل الطريق ،فالعقل المصاب بفقر المعرفة أعجز من أن يلاحق مطالب الجهاد، أو يلبي حاجات الحق .

إن مكمن الخطر علي مستقبل الإسلام ومستقبل أمته وصحوته، تكمن في هؤلاء الذين وجه إليهم الشيخ جل كتبه في المرحلة الأخيرة، عساهم أن يتعلموا من جهل، وينتبهوا من غفلة، وينتهوا من الإعجاب بالرأي والازدراء للغير، وان يتعلموا الذلة علي المؤمنين، والتوقير للكبار، والرحمة للصغار .

يقول الشيخ : ( والخطورة تجئ من أنصاف متعلمين أو أنصاف متدينين، يعلو الان نقيقهم في الليل المخيم علي العالم الإسلامي، ويعتمد أعداء الإسلام- في أوروبا وأمريكا- على ضحالة فكرهم في إخماد صحوة جديده لديننا المكافح المثخن بالجراح).

إن الحضارة التي تحكم العالم مشحونة بالأخطاء والخطايا، بيد أنها ستبقى حاكمة مادام لا يوجد بديل أفضل!.

هل البديل الأفضل جلباب قصير ولحيه كثة ؟ أو عقل أذكى، وقلب أنقى، وخلق أزكى، وفطرة أسلم، وسيرة أحكم ؟.

لقد نجح بعض الفتيان في قلب شجره التعاليم الإسلامية، فجعلوا الفروع الخفيفة جذوعا أو جذورا، وجعلوا الأصول المهمة أوراقا تتساقط مع الرياح.

وشرف الإسلام أنه يبني النفس علي قاعدة: ( قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها ) الشمس : 9 , 10 .

وأنه يربط الاستخلاف في الأرض بمبدأ : ( الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهو عن المنكر ) الحج : 41 [2]

وهذا يخيف الشيخ الإمام ويثير فزعه على غد الأمة. يقول رحمه الله : ( لقد خامرني الخوف علي مستقبل امتنا لما رأيت مشتغلين بالحديث-ينقصهم الفقه- يتحولون إلى أصحاب فقه، ثم إلى أصحاب سياسة تبغي تغيير المجتمع والدولة علي نحو ما رووا وما رأوا .. !! .

إن أعجب ما يشين هذا التفكير الديني الهابط هو أنه لا يدري قليلا ولا كثيرا عن دساتير الحكم، وأساليب الشورى، وتداول المال، وتظالم الطبقات، ومشكلات الشباب، ومتاعب الأسرة، وتربية الأخلاق .. ثم هو لا يدري قليلا ولا كثيرا عن تطويع الحياة المدنية، وأطوار العمران لخدمه المثل الرفيعة، والأهداف الكبرى التي جاء بها الإسلام .

إن العقول الكليلة لا تعرف إلا القضايا التافهة، لها تهيج ،وبها تنفعل ،وعليها تصالح وتخاصم! هززت رأسي أسفا وأنا ارمق مسار الدعوة الإسلامية ! .

إن الرسالة التي استقبلها العالم قديما: استقبلها المقرور للدفء، واستقبلها المعلول للشفاء ،هانت على الناس فم يروا ما يستحق التناول، وهانت على أهلها فلم يدروا منها ما يرفع خسيستهم ويحمي محارمهم ) [3].

في مقدمه كتابه : ( الإسلام في وجه الزحف الأحمر ) كتب الشيخ يقول: رأيت أن أكتب هذه الصحائف الحافلة بالحقائق العلمية والتاريخية، و أودعتها صرخات قلب غيور علي دينه، شفيق علي أمته. وأعرف أنني بكتابتها سأتعرض لعداوات مميتة !! ولكن بئست الحياة أن نبقى ويفنى الإسلام !! .

وفي مقدمه كتاب : ( قذائف الحق ) قال الشيخ :

أعداء الإسلام يريدون الانتهاء منه، ويريدون استغلال المصائب التي نزلت بأمته ،كي يبنوا أنفسهم علي أنقاضها .

يريدون بإيجاز القضاء علي أمة ودين .

وقد قررنا نحن أن نبقى ،وان تبقى معنا رسالتنا الخالدة، أو قررنا أن تبقى هذه الرسالة، ولو اقتضى الأمر أن نذهب في سبيلها، لترثها الأجيال اللاحقة ! إلى أن يقول في نهاية المقدمة :

إن الله أخذ علي حملة الوحي أن يعالنوا به، ويكشفوا للناس حقائقه. وأكد عليهم ذلك في قوله تعالى : ( لتبيننه للناس ولا تكتمونه ) ال عمران : 187 فما بد من البيان وعدم الكتمان .

وأعلم أن ذلك قد يعرض لمتاعب جسام، ولكني أقول ما قال صديقنا عمر بهاء الدين الاميري :

الهول في دربي وفي هدفي و أظل امضي غير مضطرب!

ما كنت من نفسي علي خور أو كنت من ربي علي ِريَب !

ما في المنايا ما احاذره الله ملء القصد والإرب !

( ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في امرنا وثبت أقدامنا وانصرنا علي القوم الكافرين ) آل عمران : 147 .

شيخنا الحبيب :

لقد فقدتك الأمة أحوج ما تكون إليك. فقدتك والمعركة بين -الإسلام وأعدائه- حامية الوطيس، والأعداء جاءوا الأمة من فوقها ومن أسفل منها، وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وظن الناس بالله الظنون.( هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا ).

كنا في حاجة إلى قلمك السيف، أو سيفك القلم، ليصول ويجول، مدافعا عن الحق في مواجهة الباطل، عن الإيمان في مواجهة الكفر ،عن الإسلام المحاصر من اليهودية العالمية ،والصليبية الغربية، والوثنية الشرقية ،ومن عملائهم في ديار الإسلام ممن ينتسبون إلى الإسلام وهو منهم براء.

فقدناك يا شيخنا، والمؤامرة تبيت، والمؤتمرات تعقد لضرب صحوة الإسلام - بيد أبنائه -تحت أسماء خداعة وعناوين كاذبة تحت (اسم الإرهاب) وهم أكبر الإرهابيين، وتحت عنوان( العنف )وهم أول من استخدمه، وتحت اسم (التطرف) وهم صانعو المتطرفين.

يريدون ألا يبقوا للجهاد جذوة تتقد ،ولا للدعوة شمعة تضيء، ولا للصحوة صوتا يجلجل، ولكنا تعلمنا منك أن كيد الله أقوى من كيدهم، ومكره سبحانه أسرع من مكرهم، ويده أشد من أيديهم .( ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ) ( يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون ) .

شيخنا الحبيب:

لا نجد كلمات في روعة بيانك نودعك بها. كل ما نقوله لك : إن العين لتدمع، وان القلب ليحزن، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا،وإنا لله وإنا إليه راجعون .

اللهم اغفر لشيخنا الغزالي وارحمه وأسكنه الفردوس الأعلى، وتقبله في عبادك المخلصين، واجزه خير ما تجزي به الأئمة الصادقين، واحشره مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ،وحسن أولئك رفيقا، وأجرنا في مصيبتنا فيه، واخلفنا فيه خيرا، اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنا بعده ،واغفر لنا وله . آمين .

كتبه د. يوسف القرضاوي.
العنوان: رد: مختارات ...
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2018-04-24, 08:11:42
هذا إعلان  مشروع الجمعية الجديد مع الأطفال  emo (30): :

https://youtu.be/_ChRkebY7D0