المحرر موضوع: الدنــــــيا  (زيارة 19080 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15899
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: الدنــــــيا
« رد #40 في: 2012-10-23, 10:33:59 »

1- النموذج الأمثل هو ذلك الذي يدرك أولويات الأمة فيهب نفسه ليسد تلك الثغرات، وان كانت ليست في مجال اختصاصة وان كانت ليست على هواه.

2- والواضح الجلي أنه في زمننا هذا لا توجد أمة إسلامية من الأساس، وانما يوجد مسلمون منتشرون في بقاع مختلفة من الأرض تفصلهم حدود الدول وعوائق العصبيات،

3- ولهذا فإن حديثنا عن الجهاد لم يعد له محل من الإعراب، فالجهاد يفرض على الأمة المسلمة، وبدون وجودها نتخبط ولا ينتج لنا فعلا حقيقيا،




بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قولك : 1- "وإن كانت ليست مجال اختصاصه" يجب ان يقيد بأن يكون مجيدا لهذا المجال مؤهلا له، والا اتى بالكوارث.. فمن تصدى للتربية وهو لم يتربى بعد انحرف بالمدعوين وافسدهم، ومن تصدى للفتوى وهو خال الوفاض من العلم الشرعي اتى بالعجائب وهكذا...

2- قولك "لا توجد أمة اسلامية" خطأ ... وقد بينت لك الأخت أسماء بالأدلة من السنة النبوية ان الأمة الاسلامية موجودة.. وانما المفقود هو الدولة الاسلامية التي تحكم بشرع الله... والخلط بين مفهوم الأمة والدولة ينبني عليه أخطاء اخرى خطيرة... من مثل ما جاء في النقطة الثالثة..

3-  قولك: "حديثنا عن الجهاد لم يعد له محل من الإعراب" نتيجة خاطئة انبنت على المقدمة الخاطئة التي سبقتها... وهو نتيجة خطيرة جدا، لأن فيها تسفيه وازراء بجميع المجاهدين الأبطال في أمتنا، من مجاهدي سوريا الى حماس الى افغانستان الى الشيشان الخ الخ... وهم مجاهدون لم يخرجوا من فراغ.. بل خرجوا ننتيجة تربية عميقة لاجيال من الدعاة سبقتنا... وكما أسلفت فالكلام فيه خلط بين جهاد الطلب وجهاد الدفع... فجهاد الدفع واجب ولو عن فرد مسلم واحد، لا عن امة ولا عن دولة... والقرآن لا تنسخ أحكامه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.. وقد قال تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ المُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ }
فلاحظ من الآية الأخيرة انهم مؤمنون مسلمون، لم يمكنوا بعد في الارض..
وقال تعالى: {فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً* وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ القَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِياًّ وَاجْعَلْ لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيراً }

فلاحظ ارتباط الآية الثانية بالأولى.. فالقتال نصرة للمستضعفين من النساء والولدان هو قتال في سبيل الله، وهو واجب على المؤمنين.. ولم يقل بعد ان يتم لهم التمكين، وبعد ان تكون لهم دولة ووو... فالدولة اصلا لا تقوم الا بالجهاد في سبيل الله... لهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبحث عن مكان للهجرة ويعرض نفسه على القبائل يطلب منهم النصرة والمنعة، لأنه يعلم ان الدين يحتاج لأبطال تدافع عنه... ورفض ان يهاجر للقبائل التي رحببت به عندما قالت له انها لا تستطيع الدفاع عنه ان حاربته فارس، وقال ان هذا الدين لا يصلح له الا من يحوطه من جميع جوانبه.. ولم يهاجر للمدينة المنورة الا بعد ان عاهده اهلها على ان يمنعوه مما يمنعون منه نساءهم وابناءهم.. فتأمل..


ولعل  المشكلة تكمن في أننا نعثر على افكار او داعية او كتاب رائع، فننبهر به.. ونرى ان واقعنا كان بعيدا عنه.. فنمضي ونطلق التعميمات، غافلين عن حقيقة مهمة جدا.. وهي ان هذه الافكار جديدة بالنسبة لنا فقط.. لكن غيرنا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم عاش بها ولها واستشهد في سبيلها من قبل ان نعرف نحن بوجودها.. فأن نقول ونعمم ان : "وبالتالي ندرك الخطأ الكبير الذي نقع فيه حين نتحرك الى أهدافنا بل وحين نضع أهدافنا ذاتها،" كلام مجحف ومخطئ
وربما كان الأوفق والأحكم ان تستخدم ضمير المتكلم لا ضمير الجماعة، حتى لا يبدو كلامك انكارا لجهود العلماء والدعاة المخلصين الذين اتضح لهم الهدف من عقود عديدة ونذروا أنفسهم لتحقيقه

 أما الكلام عن الزهد والدنيا واسباب القوة ووو... فجماع ما قاله العلماء فيها " ان تكون الدنيا في يدك لا في قلبك" و "ان تكون الاسباب وسيلة لا غاية" " وان تعتقد انك بالأخذ بالاسباب متعبد لله بالسعي، مع تعلقك برب الاسباب لا بالاسباب واليقين ان النصر والتمكين منه سبحانه" فإذا حدث تعارض في اي مرحلة في حياتك بين الاخذ بالاسباب وبين شرع الله ورضوانه ونصرة دينه، كان الخيار امامك واضحا.. ولطالما كتبنا مشاركات ومواضيع نحذر فيها من اختلاط الوسائل بالاهداف، وانقلاب الوسائل الى غايات وخطورة ذلك..  


والله اعلم


*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

جواد

  • زائر
رد: الدنــــــيا
« رد #41 في: 2012-10-23, 12:52:02 »
اقتباس
قولك : 1- "وإن كانت ليست مجال اختصاصه" يجب ان يقيد بأن يكون مجيدا لهذا المجال مؤهلا له، والا اتى بالكوارث.. فمن تصدى للتربية وهو لم يتربى بعد انحرف بالمدعوين وافسدهم، ومن تصدى للفتوى وهو خال الوفاض من العلم الشرعي اتى بالعجائب وهكذا...

أوافقكم على ذلك.


اقتباس

2- قولك "لا توجد أمة اسلامية" خطأ ... وقد بينت لك الأخت أسماء بالأدلة من السنة النبوية ان الأمة الاسلامية موجودة.. وانما المفقود هو الدولة الاسلامية التي تحكم بشرع الله... والخلط بين مفهوم الأمة والدولة ينبني عليه أخطاء اخرى خطيرة... من مثل ما جاء في النقطة الثالثة..

اقتباس
3-  قولك: "حديثنا عن الجهاد لم يعد له محل من الإعراب" نتيجة خاطئة انبنت على المقدمة الخاطئة التي سبقتها... وهو نتيجة خطيرة جدا، لأن فيها تسفيه وازراء بجميع المجاهدين الأبطال في أمتنا، من مجاهدي سوريا الى حماس الى افغانستان الى الشيشان الخ الخ... وهم مجاهدون لم يخرجوا من فراغ.. بل خرجوا ننتيجة تربية عميقة لاجيال من الدعاة سبقتنا... وكما أسلفت فالكلام فيه خلط بين جهاد الطلب وجهاد الدفع... فجهاد الدفع واجب ولو عن فرد مسلم واحد، لا عن امة ولا عن دولة... والقرآن لا تنسخ أحكامه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم..

الأمة الإسلامية تعريفها الذي أعتقد فيه هو ما جاء في كلام سيد قطب وقد اقتبسته سابقا، وهذا لا يعني انه لا يوجد مسلمين ولا يعني أيضا أن هناك فرض من الفروض قد وقع ولم يعد المسلمون مكلفون به،

فهذا خلط شديد للأوراق، وهو ما أوصلكم ايضا الى الاستنتاج الذي قمتم به، والذي اختلف معكم فيه كلية، وان كنت أعتقد أيضا انني لم أوضح بالفعل بالشكل الكافي،

وكلامي أن الجهاد في عدم وجود أمة اسلامية لا محل له من اﻷعراب لا يعني ابدا اسقاط فرضية الجهاد اﻵن للدفاع عن مسلمي سوريا وبورما وفلسطين وغيرهم من المستضعفين في العالم،

انما أعني به أن رفع راية الجهاد قد تأخر لأننا أصلا لم نحقق معنى الأمة المسلمة التي يجب أن تنتفض للدفاع عن دماء المسلمين وأرضهم،

وبالتالي أصبحت محاولات الجهاد محاولات فردية في اغلبها غير منظم ويداخلها مشاكل كبيرة جدا من ناحية أنه لا يكون لإعلاء كلمة الله وانما قومية أو انسانية أو دفاعا عن الحقوق أو غيرها من الغايات او الطرق الخاطئة والسلوكيات المرفوضة للمجاهدين.

وهذا ما يجعل هناك مشاكل كثيرة في أرض سوريا على سبيل المثال، وأخطاء كثيرة جدا للمحاربين لأن معنى الجهاد به ما يشوبه من ضعف التربية وتداخل الأهداف،
وهذا يؤثر بشدة في تأخير النصر،  وهو أيضا مشكلة نتيجة عم وجود أمة إسلامية بالمفهوم الذي تحث عنه سيد قطب،

والوضع الحالي لا يعني ان نترك المستضعفين من المسلمين في مختلف البلاد لحالهم، وانما يجب أن نوازن بين أولويتين أصبحتا على قمة الأولويات اﻵن،

وهما إقامة الأمة الإسلامية بالمعنى الصحيح وحقن دماء المسلمين والدفاع عنهم.

ولو اختلت واحدة على حساب الأخرى حدثت مشكلة، لأن المشكلة الأساسية اﻵن في سوريا على سبيل المثال تكمن في التربية على الجهاد في سبيل الله بحق بمواصفاته وما يحتمله من معاني ليكون في سبيل الله.
« آخر تحرير: 2012-10-23, 12:55:09 بواسطة جواد »

جواد

  • زائر
رد: الدنــــــيا
« رد #42 في: 2012-10-23, 12:59:18 »
اقتباس
فأن نقول ونعمم ان : "وبالتالي ندرك الخطأ الكبير الذي نقع فيه حين نتحرك الى أهدافنا بل وحين نضع أهدافنا ذاتها،" كلام مجحف ومخطئ
وربما كان الأوفق والأحكم ان تستخدم ضمير المتكلم لا ضمير الجماعة، حتى لا يبدو كلامك انكارا لجهود العلماء والدعاة المخلصين الذين اتضح لهم الهدف من عقود عديدة ونذروا أنفسهم لتحقيقه

على الرغم أنني لم أفهم ابدا كيف وصلتم الى هذا المعنى، لأنه ليس من المعقول ولا المنطقي أن آتي لأسفة جهود العلماء والمخلصين الذي استشهد اصلا بكلام أحدهم !

الا أنني سأقر وأوضح أنني أقصد بهذا الجمع أنا ومن على شاكلتي من كثير من الناس، فنحن للأسف أغلبية والا لما كان هذا حال الأمة.

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15899
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: الدنــــــيا
« رد #43 في: 2012-10-23, 13:07:07 »
جميل
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6545
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: الدنــــــيا
« رد #44 في: 2012-10-23, 14:26:56 »
في مداخلتك الأخيرة عن الجهاد يا أخ جواد توضيح أكبر، فمجرد قولك مجردا أن الجهاد لم يعد له محل من الإعراب داع كبير جدا لفهم ما فهمنا، ولذلك فإن بعض التفصيل ينفع في إماطة اللُّبس .

هذا وإنني لن أدخل في النقاش حول إن كان إعمار الأرض هو الهدف أو ليس الهدف، لأنني لا أظن أننا نختلف في أنّ الطريق الذي اعتمده داعية معروف منذ سنوات مثلا، تبيّن خطؤه وخطره، وأبدينا جميعا امتعاضنا من اتخاذ إعمار الأرض غاية ...

أما عن الطريقة التي ستعتمدونها في التربية الإيمانية،فأيضا لن أتدخل في قناعتك أخ جواد، بل أتمنى لك كل النجاح، وأنا متفقة تماما مع ضرورة أن تتفرغ فئة من هذه الأمة للعمل التربوي التفرغ الكامل أو لنقل الأساسي الذي لا يأخذ لعملها فضول الوقت والجهد بل أساسه، ولكنني دوما أفكر في الواقع، وليس كلامي عن الواقع بمعنى أننا نحكم وفقَه،كما ذهب فهمك لما قلته أختي مريم،و أنا صراحة أربأ بكم أن تفهموا من قولي هذا أنه أساس طرق تعاملنا ومرجعيتها،أو أنه سيغلّب على اعتماد المنهج النبوي الكامل المكتمل، إذن عمّ نحن نتحدث ؟؟

بل نقصد به الطرق المثلى لحل مشاكل مجتمعنا بالطريقة التي لا تصبّ القوالب صمّاء، بل تراعي الحيثيات والجوانب المختلفة من حالة لحالة مشابهة، فقد تتشابه الحالات، ولكن تختلف الحلول بين حالة وحالة، لما يحيط بكل حالة من ظروف، وهذه الرؤية التي أتحدث عنها لا تأتي من فراغ، بل تأتي من خلال تجربة الاحتكاك، وأنت تعمل مع الأنفس، وليس مجال الأنفس يا إخوتي أبداااا بالسهل ولا اليسير ....فالأنفس ليست صورا طبق الأصل تنتج لها حلولا طبق الأصل لحل واحد فينتهي الأمر ويسهل، بل إنها غرائب ما بعدها غرائب وأغوار ما مثلها أغوار... واختلافات كبيرة بينها ....

وبالنسبة للطريقة التي تتحدثون عنها وتعملون على ترسيخها فالارض أمامكم والتطبيق فيها هو الذي سيحكم لكم بنجاعتها من عدمها . أنا إذ أتحدث هكذا لا أتحدث بمنطق الداعية المخلص الصادق التوجه الذي لا تعني له الدنيا شيئا بقدر ما تعني له ساحة عمل لإعلاء كلمة الله بين الناس وعلى الأرض،فهذا الزهد في الدنيا عنده سهل،وقابل للتحقق بل أتحدث من منطق تقبل المدعوّين، وطريقة تلقّيهم لهذه الطرق، فأن يأخذ الداعية نفسه بالعزائم هذا مطلوب، بل ومحبّب، ولكن ما يجب أن يؤخذ به المدعو هو التيسير ، فسيدنا عمر وهو مَن هو وعاش زاهدا في الدنيا، لما خطب فيهم لتحديد قيمة المهر، فقامت امرأة وهي تقول:"وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَاراً فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً(20)" ، عرف عمر أنه قد أخطأ وأصابت المرأة .

 
أختي مريم
بالنسبة للحضارة، فهذا مصطلح علمي دقيق، يستدعي منا أن نعلم مسبقا أنّما هي دورة في التاريخ تمر بها كل الأمم، والحضارة تمر بخط بياني تتقاسمه كل الشعوب تقريبا، تمر بمرحلة الذروة، أو ما يشار إليها بعبارة "الروح"، ثم مرحلة "العقل"، ثم وبعد العقل المفرط تسقط بوصولها إلى مرحلة الغريزة حيث تغيب الروح ويغيب العقل معا.
والحضارة الإسلامية التي قادتها الفكرة الدينية "الإسلام" حضارة،مرت بهذه الدورة، وعلى هذا فإن مصطلح "حضارة" لا ينحصر أبدا في المادية ومظاهر الترف إذا أحببنا الحديث عنها، بل هي مراحل، وكما يقول مالك بن نبي، ويسأل هل أن المبدأ القرآني : "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"، هل هو قابل للتطبيق الآن؟؟ ويجيب طبعا بـ "نعم"، ولكنها نعم مفصّلة ومحلّلة وعلمية، لذلك من الجميل جدا ونحن في هذا الموضوع أن نعرف مثل تحليلاته تلك لأنها تدرس مشاكل الحضارة وتحللها .
« آخر تحرير: 2012-10-23, 14:49:13 بواسطة حازرلي أسماء »
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل زينب الباحثة

  • أحلى شباب
  • *****
  • مشاركة: 1938
  • الجنس: أنثى
  • إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم
رد: الدنــــــيا
« رد #45 في: 2012-10-23, 21:36:29 »
ما لا يقوم الواجب إلا به فهو واجب..

ثم من سيؤمن بدين أصحابه هم الأكثر تخلفا في أمور الدنيا؟؟


قد آمن من قبل بإذن الله العليم القدير كثير من الناس حين كان العرب أكثر الناس تخلفاً في أمور الدنيا والعلوم , وكانوا تبعاً للروم وفارس !!
فهل في هذا عبرة ؟!

الله يحق كلماته بالحق , ويعز دينه بكلماته , لا بزخرف الدنيا ولا عدتها وعتادها .
أمرنا باعداد العدة أمر سعي وتكليف لنجزى به , ولكن الله فعال لما يريد , الأمر كله بيد الله , سبحانه !.

ثم في زمننا هذا كما ذكرت , أعداد النصارى الذين يدخلون دين الله في ازدياد رغم الحرب الشرسة على الاسلام , والمحاولة المستمينة لتشويهه , فمتى نعتبر أختي ؟

صدقيني يا أختي , في زمننا هذا "الأخذ بالأسباب" أصبح إله باطل من آلهة العصر الباطلة .. تعالى ربنا الحق !
هي حق أمرنا به , ولكن موضعه في قلوبنا وأنفسنا فيه خلل.. ولهذا نحتاج لتربية , نحتاج أن نتعلم ( لا إله إلا الله ).. آخ.. هذا يحتاج موضوع لوحده .

وهذه ليست دعوة للتخلف .. المسألة الآن أختي زينب هي هل عمارة الأرض غاية يجب أن نلتف حولها ونرفع شعارها ؟


في زماننا هذا العبرة ليست بمن أسلم بل بمن لم يسلم.. نعم الكثيرون يسلمون لكن الأكثر منهم لم يسلموا والسبب ؟؟

طبعا العمارة وسيلة وليست غاية لكن أنا لا أوافقكم في تهميشها..


مريم

  • زائر
رد: الدنــــــيا
« رد #46 في: 2012-10-23, 22:14:28 »
صحيح يا أسماء , سبحان الله , هكذا هو الانسان , يؤمن ويعمل ويسعى بايمانه , فإذا ما انفتحت زهرة الدنيا ما يلبث إلا قليلاً حتى يقسو قلبه , أو يخلفه خلف يضيعوا الصلاة ويتبعوا الشهوات.

هل تذكرين ماذا قال أبو بكر رضي الله عنه عندما رأى أؤلئك القوم الذين بكوا وهم يسمعون آيات القرآن الكريم تتلى عليهم بعد اسلامهم !
كيف تأسف على حاله واتهم قلبه بالقسوة .. وهو من هو !! رضي الله عنه , وجمعنا به .


زينب ,

لم أقل تهميش العمارة , ولكن قلت وضعها في موضعها السليم , وأن لا نأخذ مقاييسها من الحضارة الغربية الحالية.
وقد ذكرت أسماء مثالاً نعرفه عمن جعل العمارة غايةً فلم يفلح, بل فرّط وضلّ وأضلّ .
وصرت كل فترة وفترة أتفاجأ باخوة وأخوات اتبعوا ذات السبيل, سبحان الله في ازدياد عجيب !!
وانتهى الأمر بكثير منهم بموالاة العلمانيين والليبراليين والنصارى والوقوف ضد الاسلاميين ! وهذا لا يعني أني مع الحركات الاسلامية , أبداً , فعندي ما عندي عليهم , ولكن.. ليس هكذا !

ويا زينب الفكرة التي أردت ايصالها لك أن الانسان الذي يبحث عن الحق -من غير المسلمين- يبحث عنه حتى في أدبيات عباد البقر !
أنا ضربتُ لك مثلاً لتعلمي أن تخلف المسلمين المادي , فضلاً عن تشويه صورتهم , ليس هو ما يثني شخص عن النظر في الاسلام , ولكن ممكن سوء أخلاقهم أن يؤثر بنسبة .

الزمن لا يغير النفس الانسانية , فهي هي بأصلها , هي التي كانت زمن رسول الله عليه الصلاة والسلام , وهي ذاتها في عصر الحضارة المادية !

الباحث عن الحق يبحث عن ما يطمئن به قلبه وتسكن له نفسه وترتاح روحه , وبالذات الغربي الذي عاش الحياة المادية المترفة , ليس التقدم المادي ما يعنيه في رحلة بحثه الروحي.. صدقيني أعرف كثير منهم , ولأنهم عاشوا ضمن هذه الحضارة المادية لم يعد هذا ما يبحثون عنه في تدينهم وعلاقتهم بالخالق , أو هو المعيار الذي يقيّمون وفقه الحق .

أما الذين لا يهتمون بالبحث عن الحق , فأؤلئك كالأنعام , لا يعلمون ولا يهمهم أن يعلموا من هم ومن خلقهم ولمَ  وكيف يعبدونه , وتقييمهم بالتأكيد مادي بحت , هذا بفرض اهتمامهم بالدين .

..

يوجد أحاديث نبوية جميلة سأنقلها ان شاء الله , لكني اليوم لانشغالي ببعض أموري , لم أدخل للبحث عنها .

بارك الله فيك يا أسماء على هذا الموضوع .
« آخر تحرير: 2012-10-23, 22:17:14 بواسطة مريم »

مريم

  • زائر
رد: الدنــــــيا
« رد #47 في: 2012-10-23, 23:39:25 »

وقد قال تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ المُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ }
فلاحظ من الآية الأخيرة انهم مؤمنون مسلمون، لم يمكنوا بعد في الارض..
وقال تعالى: {فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً* وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ القَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِياًّ وَاجْعَلْ لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيراً }

فلاحظ ارتباط الآية الثانية بالأولى.. فالقتال نصرة للمستضعفين من النساء والولدان هو قتال في سبيل الله، وهو واجب على المؤمنين.. ولم يقل بعد ان يتم لهم التمكين، وبعد ان تكون لهم دولة ووو... فالدولة اصلا لا تقوم الا بالجهاد في سبيل الله... لهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبحث عن مكان للهجرة ويعرض نفسه على القبائل يطلب منهم النصرة والمنعة، لأنه يعلم ان الدين يحتاج لأبطال تدافع عنه... ورفض ان يهاجر للقبائل التي رحببت به عندما قالت له انها لا تستطيع الدفاع عنه ان حاربته فارس، وقال ان هذا الدين لا يصلح له الا من يحوطه من جميع جوانبه.. ولم يهاجر للمدينة المنورة الا بعد ان عاهده اهلها على ان يمنعوه مما يمنعون منه نساءهم وابناءهم.. فتأمل..



عندي تعقيب بسيط , أرجو أن تتسع له الصدور , وقد رأيت وجوب أن أقوله , ولكني لن أفصل ولن أجادل , حتى لا يحصل سوء فهم نظراً لحساسية الوضع الذي تمر فيه بلادنا.

وهو أن الآيات الكريمة هي في المستضعفين والذين أُخرِجوا من ديارهم  وأذن الله لهم أن يقاتلوا ( قبل التمكين ) , هذه الآيات الكريمة يجب أن نبقيها في سياقها الكامل , فهي نزلت في خيرة مؤمنين الأرض الذين تربوا على التوحيد النقي والاسلام الحق , فالآيات لا تتكلم عن جماعة من المظلومين في الأرض عُرفوا -بغالبيتهم- بفسقهم وظلمهم أنفسهم وبعضهم البعض, وبتنكبهم عن منهاج النبوة , ولكن الآيات المجيدة تتكلم عن مؤمنين موحدين من خيرة خلق الله , علموا وشهدوا ( لا إله إلا الله ) حقاً.. فسعوا بها, وقوتلوا وعودوا في سبيل الله وحده, وأطاعوا الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام , واعتصموا بحبل الله جميعاً ولم يتفرقوا شيعاً وأحزاباً , وقاتلوا وجاهدوا في سبيل الله تحت راية التوحيد النقيـة والخالصة من كل خبث ؛ نصروا الله , ولم يداهنوا , فكان عليه وعداً حقاً أن ينصرهم ويستخلفهم ويمكّن لهم.

لا أريد حرف الموضوع عن مساره ( الدنيا ) ولكني شعرت بوجوب أن أشير لهذا وأؤكد عليه , فيما يتعلق بواقع أمتنا اليوم الذي نعلمه جميعاً .
ووقوع الظلم علينا ومقاومتنا له لا يجعلنا بحال من المؤمنين الموحدين الطائعين الناصرين -حقاً- لله عز وجل.

حتى نغير ما بأنفسنا.

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15899
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: الدنــــــيا
« رد #48 في: 2012-10-24, 16:55:04 »

وقد قال تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ المُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ }
فلاحظ من الآية الأخيرة انهم مؤمنون مسلمون، لم يمكنوا بعد في الارض..
وقال تعالى: {فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً* وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ القَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِياًّ وَاجْعَلْ لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيراً }


فلاحظ ارتباط الآية الثانية بالأولى.. فالقتال نصرة للمستضعفين من النساء والولدان هو قتال في سبيل الله، وهو واجب على المؤمنين.. ولم يقل بعد ان يتم لهم التمكين، وبعد ان تكون لهم دولة ووو... فالدولة اصلا لا تقوم الا بالجهاد في سبيل الله... لهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبحث عن مكان للهجرة ويعرض نفسه على القبائل يطلب منهم النصرة والمنعة، لأنه يعلم ان الدين يحتاج لأبطال تدافع عنه... ورفض ان يهاجر للقبائل التي رحببت به عندما قالت له انها لا تستطيع الدفاع عنه ان حاربته فارس، وقال ان هذا الدين لا يصلح له الا من يحوطه من جميع جوانبه.. ولم يهاجر للمدينة المنورة الا بعد ان عاهده اهلها على ان يمنعوه مما يمنعون منه نساءهم وابناءهم.. فتأمل..



عندي تعقيب بسيط , أرجو أن تتسع له الصدور , وقد رأيت وجوب أن أقوله , ولكني لن أفصل ولن أجادل , حتى لا يحصل سوء فهم نظراً لحساسية الوضع الذي تمر فيه بلادنا.

وهو أن الآيات الكريمة هي في المستضعفين والذين أُخرِجوا من ديارهم  وأذن الله لهم أن يقاتلوا ( قبل التمكين ) , هذه الآيات الكريمة يجب أن نبقيها في سياقها الكامل , فهي نزلت في خيرة مؤمنين الأرض الذين تربوا على التوحيد النقي والاسلام الحق , فالآيات لا تتكلم عن جماعة من المظلومين في الأرض عُرفوا -بغالبيتهم- بفسقهم وظلمهم أنفسهم وبعضهم البعض, وبتنكبهم عن منهاج النبوة , ولكن الآيات المجيدة تتكلم عن مؤمنين موحدين من خيرة خلق الله , علموا وشهدوا ( لا إله إلا الله ) حقاً.. فسعوا بها, وقوتلوا وعودوا في سبيل الله وحده, وأطاعوا الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام , واعتصموا بحبل الله جميعاً ولم يتفرقوا شيعاً وأحزاباً , وقاتلوا وجاهدوا في سبيل الله تحت راية التوحيد النقيـة والخالصة من كل خبث ؛ نصروا الله , ولم يداهنوا , فكان عليه وعداً حقاً أن ينصرهم ويستخلفهم ويمكّن لهم.

لا أريد حرف الموضوع عن مساره ( الدنيا ) ولكني شعرت بوجوب أن أشير لهذا وأؤكد عليه , فيما يتعلق بواقع أمتنا اليوم الذي نعلمه جميعاً .
ووقوع الظلم علينا ومقاومتنا له لا يجعلنا بحال من المؤمنين الموحدين الطائعين الناصرين -حقاً- لله عز وجل.

حتى نغير ما بأنفسنا.


اختي العزيزة
في الحقيقة احزنني كلامك جدا
لأنه لا اخطر على الامة الاسلامية من هذا الفكر التكفيري الذي تنبع منه مداخلتك، وفهمك الخاطئ لآيات الذكر الحكيم
صحيح انت لا تقولين اننا كفار
لكنك تقولين اننا لسنا بحال من المؤمنين الموحدين الطائعين الناصرين -حقاً- لله عز وجل.
والمعنى واحد
فهل شققت عن قلوبنا؟
هل شققت عن قلوب اهلنا في حمص ودرعا وحماة ودوما؟
هل شققت عن قلوب اهلنا في غزة لتعرفي هل ايمانهم حق ام ليس بحق

عذرا.. لا يمكن للانسان ان يقول هذا الكلام الا عن المجاهرين بالكفر او الفسوق والفجور ،  او عن نفسه فقط (لان كل انسان اعلم بنفسه وسريرته)

وان قصدت ان بلادنا -في سوريا خصوصا- المجاهرون بالمعاصي فيها اكثر من الطائعين ... فأنت مخطئة خطأ كبيرا
فلا احسب بلدا في العالم نسبة الحجاب وحفظ القرآن والالتزام بالدين وتحري الحلال فيها عالية مثل الشام
هذا عن الالتزام الظاهر
اما الالتزام الباطن.. فهذا لا انا ولا انت ولا اي احد يملك ان يقومه .. ولا يحاسب عليه ويعطي عليه الدرجات الا الله سبحانه وحده

وطبعا احكام الاسلام نزلت لنحكم بها على ظواهر الناس، ونكل بواطنهم الى الله

والمكلفون بأحكام الاسلام، والمخاطبون بتكاليف القرآن  هم المسلمون.. فإن اطاعوا وقاموا بها كانوا مؤمنين.. وان تركوها كانوا عصاة او منافقين بحسب الحال
ولا يقال للمسلمين : اقعدوا.. لا تجاهدوا ولا تحجوا ولا تطيعوا لان الايات تخاطب المؤمنين حقا.. فهذا تناقض عقلي وشرعي

فالايات والاحكام تخاطب جميع المسلمين... على اختلاف درجات طاعتهم وايمانهم
وبقدر ما ينفذون من هذه الاحكام بقدر ما يرتقون في سلم الايمان ثم الاحسان
والجهاد حكم شرعي كسائر الاحكام والفرائض في الاسلام

هذا وقد خلطت بين حكم الآيتين
فالاية الاولى تتحدث عن المسلمين الذين اخرجوا من ديارهم بغير حق، وبسبب إسلامهم (إلا ان يقولوا ربنا الله) ... لم يقل حتى يؤمنوا او يوقنوا ... بل قالوا وأعلنوا.. .. وهذه تنطبق على كل المهجرين في فلسطين وسوريا الذين اخرجوا من ديارهم بسبب انهم مسلمين .. من أهل السنة.
والثانية تتحدث عن المستضعفين من النساء والرجال والولدان الذين لم يستطيعوا الخروج والهجرة لانهم ضعاف لا يقوون حتى على النزوح.. وهم يتوجهون لله تعالى ليل نهار ان ينقذهم من اهل هذه البلد الظالمين.. يعني الغالبية من اهل البلد ظالمة، وقلة مستضعفة مؤمنة.. ففرض الله على المسلمين الجهاد في سبيل انقاذها

فليس المطلوب من القلة المستضعفة ان تكون مقاتلة ومجاهدة ونقية وخالصة حتى يتوجب على المسلمين الجهاد في سبيل الله انقاذا لها ونصرة لها.. او تكون هي الاغلبية في البلاد..
بل العكس هو مضمون الاية

والاية نزلت اصلا في المستضعفين من اهل مكة، الذين منعهم كفارها من الهجرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.. فأمر الله رسوله والمؤمنين ان يتوجهوا لفتح مكة واستنقاذها
وبعضهم كان لا يجرؤ على إعلان اسلامه.. بله ان يكون من المؤمنين الخلص ال ال ال من الصفات التي ذكرتِها..
والعبرة طبعا بعموم اللفظ لا بخصوص السبب

فحيثما تكون قلة مستضعفة بسبب دينها ، يجب على المسلمين القتال والجهاد من اجل الدفاع عنها وانقاذها

يمكنك للفائدة مراجعة تفسير ابن كثير او ابن عاشور او الشعراوي او غيرها من التفاسير المعتمدة لاهل السنة

وحاذري اختي من ان تفتي برأيك مرة اخرى، خاصة في مواضيع حساسة مثل الجهاد، لانه موضوع خطير ودقيق لا يقدر عليه الا المتضلعون في العلم

علمنا الله ما ينفعنا ونفعنا بما علمنا وزادنا علما



*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6545
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: الدنــــــيا
« رد #49 في: 2012-10-26, 16:13:41 »
تفاءلوا خيرا....تفاءلوا خيرا....تفاءلوا خيرا   emo (30):

كم تشاءمنا يا إخوان !! كم ندبنا حال الأمة !! كم بدا لنا في أحيان كثيرة وكأن السقم لا برء منه ولا شفاء ...

أما آن لنا أن نتفاءل ؟؟ أما آن لنا أن نبصر 1 % أو 2% أو 3% من الخير الموجود الذي كدنا نُعدِمه من فرط تشاؤمنا ؟؟!!

ليتنا كففنا عن التذمّر ممّن حولنا، وكأنّ الكمال بأوصافنا كلها !!

ليتنا تأملنا خيرا، وتذكرنا أن الطبيب لا يأتيه إلا السِّقام وما للصحيح من سبيل إليه ....!

قلنا نحن لها، وتصدّرنا للتربية وللتقويم، ثم بعدها نريد أن نبصر من حولنا فلا نرى غير الأصحاء !!

لقد أصبح من عللنا الخفيّة كدبيب النمل بين أنفس المربين أن يشاءموا ويتذمّروا ويحوقلوا من حال من هم حولهم ....

حتى لم تعد أعيننا تبصر خيرا موجودا، وخيّرين موجودين وإن قلوا، فقلّتهم كثرة ! ومن تشاؤمنا تعمى أعيننا عن أثر لهم أكبر من عددهم ...

وننسى أن من نراه بعيدا، ربما يتقرّب لله بعمل سليم خالص له وحده سبحانه فيقرّبه به ويداويه،وهو طبيبهم الرؤوف بهم الذي يقبلهم وإن عافهم كل الأطباء ....!!

قد يكون في ساعة من ساعات الشدة والأزمة ليس أحد من الناس أشجع ولا أصبر ولا أثبتَ من ذاك الذي رأيناه سقيما لن يعرف البرء ...!!

قد يكون أهل المساجد اليوم وهي تعجّ بهم، وبأصواتهم المسبّحة نداء قويا مدويا يهزّ أنفسنا أن نكف من تشاؤمنا لئلا نبتلى بالاستبدال فيما ظننّا أننا أهل الاستخدام ....

لعلّ الأمة وعللها كبيرة، زدناها كبرا بتشاؤمنا وتذمّرنا وحزننا .....
لعلّنا كبّرنا فيها ما كان صغيرا، فقعد منا من قعد وقد تمكّن منه اليأس ...

ولا يأس من رَوح الله...... emo (30):

فلنتفاءل خيرا ...نجده :) فلنتفاءل خيرا تبصر أعيننا خيرا موجودا، فتلتفت إلى أهله القلة، وتمتد يوما أيادينا لثماره الكثيرة !!  emo (30):
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15899
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: الدنــــــيا
« رد #50 في: 2012-10-26, 17:17:01 »
يؤيد مداخلتك الحديث التالي يا أسماء:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  "إذا قال الرَّجلُ : هلك النَّاسُ ، فهو أهلكُهم"
رواه مسلم  في صحيحه


« آخر تحرير: 2012-10-26, 17:18:44 بواسطة ماما هادية »
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6545
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: الدنــــــيا
« رد #51 في: 2012-11-20, 07:02:31 »
ما أدقّها من كلمات .........

ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6545
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: الدنــــــيا
« رد #52 في: 2012-11-29, 10:45:35 »
وهل يُجنَى من حرامك غير حرامك يا دنيا ؟؟؟

يسعى بالحرام ...للحرام ...
ثم يجد مَن يسمي سعيه غير اسمه الحقيقي، ويجد مَن يهذّب معناه وهَدَفه ، ويجد من يؤازره ويساعده، ويقبل حرامَه ... يجد أمّا تقبله على علاته ...لا يتحرك فيها لله ساكن، لا تغضب لله ولحرماته .... تقبل منه مالَه، ومقتنيَاتِه، ولا تلوّح له بغضبة بين الغضبات لعلّه يعود عن غيّه ....

لا تسأل من أين لك بهذا ؟؟ ولا من أين أتيت به؟؟ وهي تعلم علم اليقين كم أنّ ابنَها ساعِ من سعاة الحرام في هذه الدنيا،في كل شأنه وأمره، وكم يخلّط، وكم أن حابله ونابله واحد، وكم أنّ فواحشه ظاهرة وباطنة، وكم أن كلماته نابية... نابية ...لا يخاف أحدا وهو يخرجها من فيه، بل لا يخاف حتى خالقَه وهو يتجرأ على ذاته كما لم يتجرأ مَن قامت عليه الدنيا ولم تقعد بحجة أنه قد رسم واستهزأ، أو بحجة أنه أنتج فيلما مسيئا ................

وننسى من يسيئ للإسلام من بني الإسلام ..... ننساااااهم ...ونتناساهم ...ونزبد ونرعد ونُعلي الصوت، وفي بيوتنا مَن يرفع صوته عااااليا متجرئا على ذات الله سبحانه جل وعلا، وعلى رسوله الكريم ...غير آبِهٍ ولا خائف ولا مرتدع ولا مرعَوٍ ..... فلا أمّ تثور، ولا أمّ ،تغضب لله ...لله ...لله .....فأما الأب فلا حديث عنه فهو وإن كان اليوم طريح الفراش، أسّ الحرام وأُسّ البلاء، وأساسه....وهو طريح الفراش لا يعود ولا يؤوب.    -رُحماك يا رب وثباتا من عندك لأنفسنا-

وتقبل بكل ما به يأتي ..... لا تسأل...
وتشرب وتأكل من مالِه الحرام .....بل وتتفاخر أنّ ابنها الرجل البطل يأتيها بالشي والشويّات، والكذا والكذات من لذاااائذ هذه الدنيا كلها ..... إنهم يعرفون كل جديد، ويأكلون من كل جديد، ويتذوقون ويلبسون  العالي الرفيع من المارْكات والعلامات .......

ومِن أين؟؟  من سعي حرام، من يد من يتجرأ فمُه الذي هو نعمة من نِعم مولاه عليه فيأتي من العبارات ما ينوء بحملها قلب المؤمن الذي يغضب لربه ...لا لشيء إلا لربه ....

ويدخل السجن مرة من المرات ....فتحزن عليه أمه التي كم من مرة تجرأ عليها وأسمعها من كلماته وهو في حالة سُكر أو تخدير أوووووو.....
تبكي، تحزن، تنزوي، تُصدَم، تريد أن يخرج ابنها من السجن بأي ثمن ....بأي ثمن .... لا تهمّ الوسيلة .... بل ما يهمها فقط غايتها ، لا شيء غير غايتها ......ظالما كان أو مظلوما

إنها تصلي، تصلي كل أوقاتها، إنها حينما تتحدث تتحدث بالله، وأنها لا تحب إلا الحلال الزّلال .... ولكنها تقبل كل ما قد قلنا، من غيض هو من فيض ، من فيض من فيض .....

تريد أن يخرج ابنها، فلم تعد تهمها الوسائل، فمليحها وقبيحها عندها صِنوان، لا فرق بين هذا وذاك....فقط تريد الغاية ............

ويخرج العربيد من السجن، نعم بوسيلة بين الوسائل، بحيلة بين الحيل في بلد اللاقانون واللاعدل ....في بلد "أعرفك وتعرفني، وتعرف مني دُرَيْهمات مُسكِتات"، مسكتات لكل غضب، لكل عدل، لكل حق ......

يخرج العِربيد .... لتفرح أمه، وتعود لها ابتسامتها من جديد ...وتقيم له الأفراح والولائم، وتفرح ..... وتنسى كل تجرأ له على ذات الله، وعلى وعلى وعلى ......

ويعود المسلسل لمجرياته ..... وتعود الحَبْكة .... ليعود العِربيد لسابق عهده التليد ..... ويعود لما كان عليه، بل أقوى وأقوى .....

وبين يوم ويومين، تثور ثائرته من بعد رشفات المسكرات والمخدرات فيوسع أخواته ضربا ... ويترك على أجسادهن الكدمات، وتتورم أعينهنّ وتجود أعينهنّ بالدمع وقلوبهن بالحقد على هذا العربيد الذي كلما ثار، أسمع الكل ما لا يُسمَع من غير خوف ولا تردد .......

ويعود لسانه إلى خبيث صنائعه.... ويشتد عوده ، وتتسق قِواه .........

ويغوص بالحرام، ويغمره موجا من فوقه موج من فوقه موج ..............والأمّ ...............أين هي؟؟ متى تستفيق ؟؟ متى ترفض شيئا من أشيائه؟؟ متى تغضب لله غضبة ؟؟ متى تشيح بوجهها  عن حرامه ؟؟؟؟؟ وقد قبلت قبله حرام زوجها كله، متى تصدح بوجهه أنها لا تريد حرامَه ولا تقبل ماله ولا أشياءه ؟؟ متى ؟؟؟ متى تنجو بنفسها ؟؟

مازال سادرا في غيّه ... وما تزال تسمى حرامَه أسماء غير الأسماء .... وما تزال تحلو لها الحياة والدنيا ....
ويقع بمأزق من مآزق حرامه، يسرق، ينهب، يبتز الأموال،سيارة له كل أوراقها سقيمة عليلة مزورة، ويجد فوق كل هذا من يخرجه منها كما تخرج من العجين الشعرة بل أيسر .... إنها أخته التي تخرجه منها، بتزوير وبكذب وبتدليس، لأنها وزوجها يعرفان من يعرفان، لا يهم ...... المهم أن تقر أعينهم بنجاة العربيد ...........لا تهمّ الوسيلة ...!!!

فمن مرد على تسمية الأمور بغير مسمياتها، وعلى التبرير للإثم الصغير، يبرر بعدها للإثم الأكبر فالأكبر، فالأكبر ... حتى يسقط بحبائل الشيطان ودنيا الشيطان ... ولا يعود يرى حرامَه ووسائله إلا ضرورات، ولا شبهة فيها، ولا ضير منها ..........

واليوم قريبا...... منذ يومين، فقط من يومين  ها هو يوسِِع شقيقته التي أنقذته بالتزوير هي الأخرى ضربا وركلا، ووووو............... ويُسمعهم من جديد كلماته الكُفْرية ما تتفتت منه الجبال فتاتا فتاتا .......
وهل يجني حرامُك يا دنيا إلا حراما ؟؟!!

ولا مَن يغضب لله منهم !!!! ولا مَن يصدح بغضبة لله تُنجيه .....................بل هو السَّدر في الدنيا وفي أبجديات الدنيا الغرورة التي تزيّن كل فعل خبيث وتلبسه من أحلى زينة ومن أغلى حليّها ...................

فما أحلى الحرام في أعين من مرد عليه قليلا فقليلا فكثيرا فأكثر .........صغيرا فصغيرا فكبيرا فأكبر ........




ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6545
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: الدنــــــيا
« رد #53 في: 2012-12-18, 15:34:03 »
آخ منك أيتها الدنيا ...!!

بل آخ منّا فيك أيتها الدنيا ...آخ من كذب بات يملأ أرجاءك، بات يغطيك، بات يغشاكِ ...

أمنكِ هو يا دنيا أم هو منا ؟؟ !!  
"وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ"

بل هو منّا... منّا. .. أفمن كثرة ما خبِرنا من غرورك وتزيينك، وزينتك الزائفة الذاهبة المولّية، نطفق نلصق بك كل جرم ؟؟ لا يجرمنّنا شنآنكِ على ألا نعدل....بل هو منّا ، من صنعنا ...

الكذب الكذب ..........

قد أصبح الصدق غريبا، غريبا فيكِ ... قد أصبح الصادق فيك غريبا ....

كذب...كذب...كذب... تهويل، تلفيق، تدليس، تكبير، تلوين، ....

هكذا أصبحت الأخبار بين أيدينا في ظل أزمة الأزمات، في ظل الفتنة والفوضى، واللااستقرار الذي يسود مصر، وتونس، وليبيا، وكل البلاد، سواء منها التي ثارت أو التي لم تثر، فأما التي ثارت فإن السباق فيها على أشدّه بين إعلام كاذب، وساسة كاذبين، وشارع مهوّل مكبّر، ملوّن، يزيد على الحرف حروفا وحروفا، وأمّا التي لم تثر فإنّ الكذب فيها دَيْدَنُ المرابطين على ما يسمونه استقرارا هو حارس مصالحهم وأشجارهم التي لا تنفكّ تكبر،وثمارهم التي يجنون في كل موسم منها ما يكفي ويفيض، و كذبهم على عباد تلك البلاد، وأنّنا يا جماعة لسنا مصر ولا تونس ولا ليبيا ولا سوريا بل نحن الفريد من نوعه ولونه ....وكأننا  كما نشاء ....!!!

وعلى الشاشات واللقاءات ومع الصحافيين والصحافيات والمذيعين والمذيعات، كلٌّ على ليلاهُ يغني، كلٌّ بلونه يتلوّن، وعلى غير لونه يعلن الحرب الكذِبِيّة الشعواء في ساحةٍ اللسان فيها سلاح فتّاك، والكذب فيها ملح لطعام أُجاج أجاج أجاج .....!!!

والمسافة بيننا وبين معرفة الحقيقة والواقع والصحيح طويلة طويييلة ....

 تستهلك قِوانا وطاقاتنا، وأوقاتنا، وتضيّع على الفكر فينا ترقية وتنويرا، وتسقط بنا في الدركات، في القاع حيث الصراع ...حيث لا مجال لاعتزال .... حيث لا مفر من الإقبال ...
حيث المعتزل غير رابح بل خاسر في كل الأحوال، سواء أقصد باعتزاله قعود من مرّ باللغو كريما ، أو سمْعاً للامبالاته وطاعةً ....

لا مجال للاعتزال .... والبديل الولوج في الأحداث......

فليعدّ ما استطاع من رباط الجأش، ومن الثبات، وممّا يَعُدُّه مَن حوله تراهّات أصحاب المبادئ والقيم ...فليعدّ حِرابه وليقم وليرابط على قِيَمه حارسا لا يفتُرُ .....

فالكذب ظلمات ورعد وبرق و صواعق ونواعق، وسحب، وأمطار ، ومن كل اتجاهات جغرافيَّةِ هذا الزمان، كذب شرقي وكذب غربي وكذب شمالي وكذب جنوبي،حرّ وقَرّ،  بألوان وألوان وألوان ..... فثباتَكَ اللهمّ للصادق بين الكاذبين، ونصرك للصدّيق بين الكذّابين ......

إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى البِرِّ، وإِنَّ البِرَّ يَـهْدِي إِلَى الجَنَّةِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقاً، وَإِنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الفُجُورِ، وَإِنَّ الفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ،وَ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّاباً .

رُحماك يا ربّ...............فأيّ قلب يعي ويكبر فيه الرجاء في معنى أن تكتب الصادق عندك صدّيقا، وأي قلب يعي ويكبر فيه الخوف من معنى أن تكتب الكاذب عندك كذّابا

في زمن الكذب استخلصوا لخيركم الصدّيق الواحد ، وفي زمن الكذب ارمُوا بأُلُوف الكذّابين بمزبلة التاريخ ...لعلّ المزابل ترضى بعفَنِهِم !!



« آخر تحرير: 2012-12-18, 15:49:05 بواسطة حازرلي أسماء »
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6545
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: الدنــــــيا
« رد #54 في: 2013-01-13, 15:00:34 »
بيعة العقبة، وما أدراك ما بيعة العقبة ...

حينما تتّبعها بفكر متأمل، كم تستوقفك مواقفها، وكم يُبهرك ذلك الاجتماع الليلي، الذي كانت فيه النقاشات والأسئلة والأخذ والرد والتوثيق والتأكيد والتثبّت، بين جَمع الأنصار الثلاثة والسبعين، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يرافقه ويؤيّده عمّه العباس رضي الله عنه، وهو حينها ما يزال على شركه، لم يؤمن بعد، ولكن كان منه العجب العُجاب من السَّنَد والظهر والحماية كما كان من أخيه أبي طالب الذي مات على شِركِه ...

في جزء يسير من ليلة من ليالي العام الثالث عشر للبعثة، في جُنح الظلام،اجتمع مَن على عاتقهم ستُبْنى الأمة، ستُبنى الدولة، سيتحقق التمكين لدين الله، ستشرق شمس الإسلام على الأرض منهم....... واتسم اللقاء بسموّ عقلي وقلبي سواء بسواء،وفيه تمت المشاورات، والتوثيقات، والتعهدات، والمعاهدات، وفيه خرج الجمع بالقرار، وفيه أخِذ الميثاق، وتمت المبايعة...

كل ذلك كان في جزء يسير من ليلة من ليالي ذلك العام،في مكان ما بين مكة ومنى،عند العقبة، في جزء ما بعد الثلث الأول من الليل، حيث تسلل ثلاثة وسبعون رجلا ومعهم امرأتان من نسائهم من بين جمع مِن قومهم الذين ما يزالون على شركهم أدوا معهم مناسك الحج في ذلك الموسم من ذلك العام .

كم كان اللقاء ثريا ونحن نتجاذب الرؤية والتأمل في معاني هذا اللقاء، هذه المبايعة، هذه المعاهدة..... في كل لقطة منه، في كل مرحلة منه، في كل كلام كان فيه، في كل متكلم تكلم فيه ....
كم أن التأمل فيما كان منهم وحده ثري، وأي ثراء !! كم أنّ أولئك كانوا عِظاما بحيث تتمثل وجوههم الوضاءة، وحضرتهم المهيبة، وقوة قلوبهم وتفتحها للإيمان، وإصرارهم على المبايعة رغم كل ما نُشر وبُسط ووضّح من مغارم لا يطيقها إلا رجل اشترى الجنة وباع دنياه بما فيها ....

فكان تأملا أنسانا الدنيا بما فيها، وصغُرت في أعيننا بما فيها، وصرنا وكأنّ الزمان كله قد طُوي في ذلك الجزء اليسير من تلك الليلة، وكأن المكان الذي نحن فيه هو تلك العقبة.... وأي عقبة هي !! عقبة كانت اسما على غير مسمى، عقبة مهدت لنشر الدين، ولتمكينه، ولبناء الدولة الإسلامية .....عقبة ذلّت فيها على النفوس كل الصعاب ....
فعشنا.... حيث عشنا .......


في موسم الحج من العام الثالث عشر للبعثة (13)اعتزم المسيرَ إلى الحج سبعون رجلا من الأوس والخزرج اجتمعوا على موافاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة وقد قالوا : حتى متى نذَرُ(أي نترك) رسول الله صلى الله عليه وسلم يُطرَد في جبال مكة ويخاف؟"

حتى متى نذره ؟؟؟
هم جَمع من الذين آمنوا من أوس يثرب وخزرجها، بدؤوا في العام الحادي عشر ستة، ثم ارتقوا في العام القابل إلى اثني عشر ،قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كما وعدوه، فبايعوه بيعة العقبة الأولى بيعة النساء، وعادوا إلى يثرب بعدهاوقد أرفق معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير الذي نجح أيما نجاح في دعوة أهل يثرب للإسلام، وتعليمهم الدين، وعادوا في العام الثالث عشر للبعثة،بعد عام واحد، وهُم جمع من ثلاثة وسبعين رجلا ومعهم امرأتان، تدفعهم الغيرة على رسول الله، وعلى دين الله، تدفعهم روح الإيمان بصدق ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبعظمة ما جاء به، تدفعهم أن لم يرضوا الدنيّة لرسول الله، فإلى متى سيتركونه طريدا في جبال مكة ؟!! إلى متى ؟؟ يسألها سائل قد أعيته السنون، وأثقلت كاهله، وهو يعلم أن الحق يُضطهد وتُستباح حرمة أهله، ولكن هؤلاء لم يلبثوا في كنف وحِياض  الإيمان والإسلام إلا عاما أو عامَين، وكان العامان كافِيَيْن لشحنهم إيمانا يناطح السحاب سموا، والجبال شموخا ....  فيؤهله لأن يغار لله، ويغضب لله، ويهبّ لله .... "إلى متى نذر رسول الله صلى الله عليه وسلم يُطرد في جبال مكة ويخاف ؟"



"خرجنا إلى الحج، وواعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعقبة من أوسط أيام التشريق، فلما فرغنا من الحج، وكانت الليلة التي واعدَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لها،ومعنا عبد الله بن عمرو بن حرام أبو جابر،سيّد من ساداتنا وشريف من أشرافنا، أخذناه معنا، وكنا نكتم مَنْ معنا من قومنا من المشركين أمرنا، فكلمناه وقلنا له: يا أبا جابر إنك سيّد من ساداتنا وشريف من أشرافنا، وإنا نرغب بك عما أنت فيه، أن تكون حطبا للنار غدا، ثم دعوناه إلى الإسلام، وأخبرناه بميعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم إيانا العقبة، فأسلم وشهِد معنا العقبة وكان نقيبا ."

ها هم أولاء وهم قد خرجوا للحج، ومعهم المشركون من قومهم، وهم يخفون إسلامهم وأمرَهم عنهم، ويخفون أنهم ما قدِموا هذا الموسم إلا للقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، ها هم أولاء لا يتركون الدعوة، ولا يتخلون عنها وهم في أشقّ حالة، وأصعب ظرف، ولكنهم، -ولله درّهم- ...إنهم يعرفون من يختارون من هؤلاء لدعوتهم في ظل إخفائهم أمرهم، وخشيتهم من المشركين أن ينقلبوا عليهم ويفسدوا عليهم خطتهم ... إنهم إذ يدعون لله وللإسلام في هذا الظرف يعرفون ما يفعلون، ومع من يفعلون ذلك ....

إنهم -ولا ريب- كانوا أهل حكمة ورزانة ونظر بعيد، فلا يعرّضون جماعتهم ولا خطتهم ولا هدفهم للخطر، بل لننظر كيف أنهم يتخيرون السيد والشريف، وليس السيد والشريف في قوم العرب بذي المال، سفيه العقل، بل إنه عادة بينهم سيد الحكمة فيهم، والرأي السديد، والنظر البعيد، والخُلُق القويم، والأمانة والصدق، والشجاعة والإقدام ... فهم إذ يختارونه لدعوته وهم في طريقهم هذه، وفي ظروفهم هذه، وفي ظلّ سريّتهم تلك، وحرصهم كل الحرص على ألا يفسد أمرهم، ولا يُكشف، يعرفون مَن يختارون.... وها هو الشريف يُسلم، بل ويحضر معهم أخطر اجتماع، ويطّلع على أكبر الأسرار، بل ويعيَّن نقيبا .... فلله درهم من دعاة فطنين، حكماء، يعرفون كيف يزداد خيرهم وهم في أصعب وأخطر ظرف ...إنهم كانوا الرجال... إنهم كانوا المثل الصحيح لمعنى الرجولة ....

"قال كعب: فنِمْنا تلك الليلة مع قومنا في رِحالنا، حتى إذا مضى ثلث الليل، وهدأت الرِّجل، خرجنا من رحالنا لميعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم نتسلّل تسلّل القَطا (طائر مِشْيَتُه ثقيلة)، مستخفين حتى اجتمعنا في الشِّعب عند العقبة، ونحن ثلاثة وسبعون رجلا، من ذوي أسنانهم (أي المسنّين منهم) وأشرافهم،وثلاثون شابا،يقال أن أصغرهم كان أسعد بن زُرارة،قال: ومعنا امرأتان من نسائنا، نُسيبة بنت كعب أم عُمارة إحدى نساء بني مازن بن النجّار، وأسماء بنت عمرو أم منيع إحدى نساء بني سَلمة."

ها هم أولاء نِيام مع قومهم، كأن شيئا ليس كائنا، كأنهم لم يلتقوا رسول الله سرا فور وُلُوجهم مكة، ويتفقوا معه على لقاء هذه الليلة ذاتها، وأن يكونوا جميعا عند العقبة ....
ها هم أولاء، وهم ثلاثة وسبعون، يُوقظ أحدهم الآخر، ويتسللون تسلل القطا... بكلمة سرّ؟ بإشارات؟؟ بنأمات؟؟ بحركات ؟!!
المهم أنهم نجحوا في أن ينسلوا من بين قومهم دون أن يشعر أحد بهم .....

 يااااه ما أروعها من خطة .... ما أجمل تلك الليلة وهم فيها يخططون للقاء خير خلق الله، للسمع منه، لإخباره بمكنوناتهم وبما مِن أجله قدِموا إليه، ليعاهدوه، ليُظاهروه ...
ما أروعه من تسلّل في جنح الليل لجَمع مؤمن كل الإيمان أن هذه الدعوة التي تلاقي كل الصدود والتعذيب والتنكيل في مسقط رأسها، لهي دعوة للأرض كلها، فها هُم يهبّون من أرض أخرى ليحتضنوها .... فأيّ تسلل كان تسللكم ؟؟ !! وأي خطة تلك التي اتفقتم يا جَمع المؤمنين الصادقين الحكماء على تنفيذها !!!

وامرأتان من نسائهم معهم.... أي عزّ، وأيّ قدر، وأي قيمة!! وأي تقدير هو للمرأة من الإسلام، وممّن اعتنق الإسلام فعلا وقولا ؟! أي بَون هو وأي شساعة هي شساعته بين جاهليّي الأمس القريب وهم على ما هم عليه من رأيهم بالمرأة وموقفهم من المرأة ورؤيتهم للمرأة، وبين حالهم اليوم وهم مؤمنون بالله وبرسوله، مسلمون ؟! ها هي ذي المرأة ترافق زوجها في مرحلة من أخطر وأهم مراحل الدعوة، فلا ينتقص من رأيها، ولا من قدرها، ولا من دورها، بل يصحبها معه وهو واثق من دورها، ومن فكرها، ومن أنها ستقاسمه الوفاء بالوعد كما قاسمته حضوره وسماعه ...

"كان أول متكلم العباس بن عبد المطلب، فقال: يا معشر الخزرج،-وكانت العرب إنما يسمّون الحيّ من الأنصار "الخزرج"خزرجها وأوسَها-: إنّ محمدا مِنّا حيث قد علمتم،وقد منعناه من قومنا ممن هو على مثل رأينا فيه، فهو في عزّ من قومه، ومَنَعة في بلده، وإنه قد أبى إلا الانحياز إليكم،واللّحوق بكم،فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه، ومانعوه ممّن خالفه، فأنتم وما تحمّلتم من ذلك،وإن كنتم ترون أنكم مُسْلِموه وخاذِلوه، بعد الخروج به إليكم، فمِن الآن فدَعُوه، فإنه في عزّ ومنعة من قومه وبلده ."

العباس بن عبد المطلب ! ما يزال بعد على دين قومه ! ويُقدِمه معه رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل ويكون أول متكلم قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويستأمنه على سر من أكبر أسرار الدعوة ! ويدخل مع ابن أخيه ظهيرا، حاضا على نصرته حق النصرة، مخوّفا من خذلانه، مبيّنا لمكانته من قومه وإن كان منهم ما كان، فهو وإن لقي من قومه ما لقي، إلا أنه أيضا لا يعرف مصيره بين هؤلاء الجُدُد، هؤلاء البُعداء، هؤلاء الذين لم يكن ليعرفهم لولا إرادة الله أن يعرفهم، ها هو العباس رغم معرفته بما كاله قومه لابن أخيه من صنوف التعذيب والتكذيب، إلا أنه وبعقل الحكيم الراجح لا يضمن ما سيكون له بين هؤلاء، فقد يناله منهم ما قد يبدو معه ظلم أهله رحمة، وما قد يبدو معه سَموم أهله نسمة .... ما يدريهم أنّ الذي سيكون خير من الذي كان ؟؟!!

بهذا المنطق تحدث العباس الذي ما يزال بعد على دين قومه، بمنطق العقل وبمنطق الحق على السواء، وإن كان ما هو قائم عليه حتى الساعة مخالفا لما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم ....
ولكنها الحكمة ...وأي حكمة في رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو إذ استأمنه يعرف مَن استأمن ... وإذ اتخذه ظهيرا وسندا يعرف من اتخذ لذلك ! ولله درّ العباس وهو على غير الإسلام، يحضّ على احتضان الإسلام بصدق لا بغدر، ويخوّف من خذلان الذي جاء به...
ويكأنّ الله سبحانه وتعالى لم يحرم العباس فضل هذه الليلة العظيمة من قبل أن يؤمن، ويهيئه لأن يصبح مؤمنا ....

"فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلا القرآن،ودعا إلى الله،ورغّب في الإسلام،ثم قال:
"تبايعوني على السمع والطاعة في النشاط والكسل،والنفقة في العسر واليسر،وعلى الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر،وأن تقولوا الحق لا تخافوا في الله لومة لائم،وعلى ن تنصروني فتمنعوني إذا قدِمْتُ عليكم مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءَكم ولكم الجنة
"".

تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبماذا تُراه بدأ ؟ وبمَ عقّب؟!
بدأ بالقرآن، ثم دعا إلى الله ثم رغّب في الإسلام، ولأي شيء كانت هذه البدايات وهذه الأساسات منه ؟؟ إنها كانت لبناء الدولة المسلمة، إنها كانت لبناء الأمة المسلمة، إنها كانت للتمكين لدين الله في الأرض كلها ....
ولمَن يقولون وينادون ويناضلون من أجل فصل الدين عن الدولة، وأين؟؟ في بلاد الإسلام !! أقول وما ضرّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وهو يؤسس للدولة أن جعل الأساس هو القرآن، وهو الدعوة إلى الله، وهو الترغيب في الإسلام .... لهؤلاء أقول، أي معنى لدولة مسلمة تفصل الدين عن الدولة ؟؟؟ إنه كمعنى اللامعنى ! إنه كمن يبني السراب ، إنه كمن يريد دينا على هواه، ويريد للسياسة أن تكون بمعزل عن الدين.... وللدين أن يكون بمعزل عن السياسة ... وما بيعة العقبة إلا سياسة رشيدة من أعظم ساسة الأرض، لم يجعل لها من أساس أقوى من قرآن رب السماوات والأرض ...!! فهل منكم يا دعاة الفصل رجل رشيد ؟! أم أنّ رشدكم قد بلغ عنان الصواب حتى رأى في محمد صلى الله عليه وسلم أسطورة لا يجب التأسي بها في عالم الحقيقة !!

وفي بنود البيعة، الوضوح كل الوضوح، القوة كل القوة، اللازم لمعركة بناء الأمة، بينما كانت البيعة الأولى لمعركة بناء النفس، أما وقد بُنِيت تلك الأنفس، فإنّ الدور حان للاضطلاع بمسؤولية بناء الأمة،بناء الدولة المسلمة، ولذلك فالتبعات قوية قوية، قوية....ومن البداية كان هذا الوضوح، وكان هذا الإفصاح، فمَن رضي أن يبايع على هذا وهو واثق من مدى تحمله للتبعات، فليأخذ، ومن لم يرضَ فهو حر أن يُعرض .....

"البراء بن معرور كان قد دُعِي للإسلام من قِبل الأنصار وهم في طريقهم إلى مكة، وكان سيدًا من سادتهم، فقبل الإسلام ، والأنصار بذلك يعلّمون المسلمين جميعًا درسًا لا ينسى، وهو أن الدعوة لا تتوقف مهما صعبت الظروف، فرغم مشقة السفر، ورغم الاحتياط والحذر، رغم كل ذلك لم يتوقف الأنصار عن دعوتهم إلى الله، وسبحان الله! سيموت البراء بن معرور بعد هذا الحدث بأقل من شهرين"

وهكذا يُدْعى البراء بن معرور هو الآخر في ظل كل السرية المحيطة بالأمر، وهو شريف من أشرافهم، فيسلم، ويشهد البيعة، بل يكون أول من يوثق العهد لرسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله : والذي بعثك بالحق لنمنعنّك ممّا نمنع منه أزُرَنا فبايِعْنا يا رسول الله، فنحن والله أهل الحروب،وأهل الحلْقة(وهي السلاح عامّة)، ورثناها كابرا عن كابر .

وهكذا يموت البراء بن معرور بعد البيعة بشهرين، فلا يشهد مع المسلمين غزوة، ولا حربا، ولا يجاهد، ولكنّه مات مبايعا، وشتان بين موته كافرا، وموته مبايعا ....!!إن المغزى ليس بطول العمر، بل بحسن العمل، بل بالصدق مع الله، بل بالإخلاص لوجه الله وحده .....فها هو يسلم شهرين، ثم يموت، فيموت مبايعا ....!!

والبراء على ذلك الموقف من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقاطعه أبو الهيثم بن التَّيِّهان رضي الله عنه، فيقول: يا رسول الله إن بيننا وبين الرجال(يعني بهم اليهود) حبالا، وإنّا قاطعوها، فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك، ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدَعَنا؟ فتبسّم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: "بل الدّم الدّم والهَدْم الهَدْم، أنا منكم وأنتم منّي، أحارب من حاربكم، وأسالم من سالمكم"

ما أصدق الرجل، ما أشد حضور عقله مع حضور قلبه، ما أبعد نظره، وما أحكم قراءته لما قد يكون حاك في نفوس الكثير ممن معه ، ولكنهم أحجموا عن الخوض فيه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد يكون من تحرج، وقد يكون من استكثار مواجهته بها وهو رسول الله...

ابن التيّهان، ها هنا يطرح أمرا مهما جدا، وخطيرا جدا، قد يكون الكثير ممّن معه قد أغفلوه في ساعة نصرة عاطفية لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنّه هنا بإفصاحه يجعل موالاتهم موالاة كاملة خالصة، موالاة قلبية وعقلية، لا تشوبها شائبة من ظنّ أو شك أو خوف . يطرح أمر اليهود الذين يحيطون بالمدينة إحاطة السِّوار بالمعصم،وفيما بينهم عهود وتحالفات، واتفاقيات، واليهود على ما هُم عليه من المكانة والسيادة الروحية والمالية.وهم أهل حروب وصنّاع سلاح، وهو يزيد من تجلية الأمر لمَن معه أنهم سيقطعون كل هذه الحبال التي تربطهم بهم، فيريد جواب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن موقفه منهم إن هو انتصر وعاد إلى مكة...
 فيجيبه رسول الله صلى الله عليه وسلم بكل تواضع ودون رسم أي خلفية من أنّ الرجل يشكك بمواقف رسول الله، بل يتبسم ويعطيه العهد والميثاق الآكَد أنه معهم في السراء والضراء، يذود عنهم ويحميهم مما يحمي منه نفسه وأهله، فإن طُلب دمهم فقد طُلِب دمُه .ولنا أن نتخيّل نفسية ابن التيّهان بعد جواب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونفسيّة كل من كان بداخله تخوّف من هذه النقطة .

والآن ....قد حان وقت البيعة...قد انجلت الغيوم كلها من صفحات تلك النفوس، قد حان لا ريب .......................أم .....أنه لم يحن بعد ؟؟؟!!!! emo (30):

أأصبح لذلك الجزء اليسير من الليل البهيم، كل هذا التحمّل... ليتسع لنقاش أكثر، وأطول، فيُحاط بكل ما يجب الإحاطة به والقوم مقبلون على قرار مصير الأرض كلها .......

نعم ...إنه ليستّع ............... emo (30):

يتدخل رجل آخر من رجال الأنصار .....إنه العباس بن عبادة موضحًا لهم: إنكم تبايعونه على حرب الأحمر والأسود من ، فإن كنتم ترون أنكم إذا نُهِكَت أموالُكم مصيبةً، وأشرافَكم قتلاً أسلمتموه، فمِن الآن، فهو والله إن فعلتم خزي الدنيا والآخرة، وإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه على نَهْكَة الأموال وقتل الأشراف فخذوه، فهو والله خير الدنيا والآخرة.

وهكذا، يزيد العباس بن عبادة من توثيق العهد، ويزيد في توضيح الأمر للأنصار، أنه ليس نُزهة، ولا لقاء تلك الليلة وكلمات فيها، ومن بعدها النقض والتولّي، والنكوص، بل هو الوعد الذي يوافقه الفعل ويصدّقه، بل هو تحمّل كل الأذى في سبيله مهما بلغ، إنه يقدّر عظمة الوعد، ويضعهم في صورة الموقف وجلاله،وهم يعدون رسول الله صلى الله عليه وسلم على محاربة الأحمر والأسود نصرة له ولما جاء به . وهكذا يبدو جليا صدق الأنصار، وعزمهم على الحق لا الباطل، والصدق لا الكذب، والوفاء لا الغدر .

فيجيب الأنصار في عزم وثقة: فإنا نأخذه على مصيبة الأموال وقتل الأشراف.فما لنا بذلك يا رسول الله إن نحن وفّينا بذلك؟قال صلى الله عليه وسلم : الجنة.

إنهم قد عرفوا الجنة .....فلما عرفوها، قبلوا بها ثمنا وجزاء لكل استعداداتهم للتضحية بالنفس والنفيس...قد عرفوها ساعة عاد أولئك الستة، وأخبروهم بدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم، وساعة عادوا إلى يثرب في العام الذي تلاه وقد أصبحوا اثني عشر رجلا ومعهم مصعب بن عمير يعلمهم القرآن والإسلام.... لقد نزل بمكة ما قارب نصف القرآن في تلك الآونة، فقد عرفوه كله من مصعب، وتشربوا معانيه، وصدقوا وعوده، وآمنوا باليوم الآخر، وبأن الجنة حق، والنار حق .... فعرفوا الجنة وقدروا عظمتها فقبلوها ثمنا، وأدركوا أنه لا يعلو عليها ثمن ....

ولله درّ مصعب بن عمير وقد كان سفير رسول الله صلى الله عليه وسلم بيثرب، فعلّم وأسس لهذا الجمع المؤمن الواثق، المصدّق المستعد لبذل مهج الأنفس دون رسول الله صلى الله عليه وسلم ودون الإسلام ...لله درّه معلّم هؤلاء البُناة ، هؤلاء الأنصار الناصرون ....لله درك يا مصعب، كم هي حسناتك ؟! وكيف تُراك كنت تقضي أيام عامك بين اليثربيّين، بين خصماء الدهر أوسا وخزرجا، وقد غدوا بالإسلام إخوة متحابّين، فأقبلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدها أوسا وخزرجا على قلب رجل واحد، وهذا الإسلام بيده الربانية وحده يجمع شتاتهم، ويوحد صفوفهم، ويأتي بهم إخوانا متحابين ....
ها هو الإسلام وهم يرونه الحل الذي لم يكن لهم قبله من حل، ها هُم يقبلون على البيعة الثانية وقد عاينوا فعل الإسلام فيهم........
وقد جمعهم بعد فرقة، وسالمهم بعد حرب وقتال .... ها هو الإسلام يعمّ به السلام أولا قبل أن يكون منه أي أمر آخر ....
فأين من ينعتون الإسلام بالإرهاب ليعرفوا فعله في خصماء الدهر ؟؟!! ليعرفوا كيف دعاهم هذا السلام الذي عاينوه حقيقةً لم يكونوا ليحلموا بها يوما، أن يقبلوا عليه وعلى نصرته ونصرة رسوله صلى الله عليه وسلم غير مدبرين ولا مولّين، ولا مذبذبين، ولا متهيّبين ....إن لم يكن لإدراكهم العميق بأنّ فيه كل الخير، كل الخير، وبأن في الإدبار عنه كل الشر، كل الشر....

الآن أقد حان وقت البيعة ؟! لا بد أنه قد حان، لا بدّ أنه لم يبقَ من صوت غير صوت الأيادي تصفق على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم مبايِعة، معاهدة على النصرة وعلى كل تلك الشروط التي أعطى ....

أم أن ذلك الجزء من الليل ما يزال يطيق ويتحمّل ما هو أكثر ...........؟؟  emo (30):

بلى ...........إنه ليطيق .... emo (30):

فهذا أسعد بن زرارة يقطعهم فيقول :
رويدًا يا أهل يثرب، إنا لم نضرب إليه أكباد الإبل إلا ونحن نعلم أنه رسول الله.وإن إخراجه اليوم مفارقة العرب كافة، وقتل خياركم، وأن تَعَضَّكم السيوف، فإما أنتم تصبرون على ذلك فخذوه وأجركم على الله، وإما أنتم تخافون من أنفسكم خيفة فذروه، فهو أعذر لكم عند الله.

إنه يؤكد على معنى جديد، وخطير، وبالغ في الأهمية كل مبلغ، على الجهاد، وعلى الاستعداد لفقد خيار القوم وأشرافهم،الاستعداد لحماية الدعوة من كل ما يتعرض لها ولرسول الله صلى الله عليه وسلم، والتضحية في سبيل ذلك أكبر التضحيات.

الأنصار كانوا قد سمعوا الوعد: "الجنة" فما عادوا يطيقون صبرًا، ما بينهم وبين الجنة إلا أن يبايعوا، فقاموا يتسارعون وقالوا: يا أسعد، أمِطْ عنا يدك،والله لا  نذر هذه البيعة ولا نستقيلها.
روي عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة قال:قالت أم عمارة:كانت الرجال تصفق على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة بيعة العقبة،والعباس بن عبد المطلب آخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما بقيت أنا وأم منيع نادى زوجي عرفة بن عمرو: يا رسول الله !هاتان امرأتان حضرتا معنا تبايعانك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قد بايعتهما على ما بايعتكم عليه،إني لا أصافح النساء.


وها هو عرفة بن عمرو لا يفوّت الليلة واللقاء، ويكتفي بمبايعة الرجال لرسول الله صلى الله عليه وسلم، بل من فرط تقديره لزوجته، ها هو يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن بينهم امرأتان، وأنهما ما قدمتا إلا للمبايعة هما الأخريان، ولم تَقْدَما هكذا لتحضرا، وتكتفيا بالحضور وحده، بل إنهما حرتان ، ذاتَا إرادة وفكر حر، تريدان المبايعة، تريدان المعاهدة، وهما على قدر من الثقة بما في نفسيهما من الوفاء بالعهد، والعمل بشروط المبايعة .....
فيبايعهما رسول الله صلى الله عليه وسلم على تلك الشروط .....................

وياااااه على وفاء المرأة المؤمنة الحرة القوية  بعهدها....ياااه على وفاء نسيبة بنت كعب أم عمارة الرائعة ....المجاهدة بنفسها وبزوجها وبأولادها .....
هي تلك التي قامت تذود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد، يوم انفض الرجال من حوله، وهي تمنعه من ضربات المشركين وتعرّض جسدها لها دونه، وتصاب بالجروح الغائرة يومها، حتى يطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتوه بعصبة للملمة جراحها ، ويدعو لها ولأهل بيتها، فتتصيّد الفرصة وهي الموفية بوعدها لرسول الله يوم العقبة، فتسأله أن يدعو لها ولأهل بيتها أن يكونوا رفقاءه في الجنة، فدعا لها بما أحبت ....
ليهنأْكِ الدعاء يا أم عمارة ..... طوبى لك طوووووبى ...................

وكأنها وهي قد أعطيت الجنة على وفائها بشروط بيعة العقبة، وقد بايعت عليها، تسأل ما هو أعظم، تسأل رفقة رسول الله فيها ، وهكذا هي الروح المؤمنة العالية التي تطمع فيما عند الله.... في الآخرة، وكلما ارتقى إيمانها كلما ارتقى طمعها في خير الآخرة، وأي خير أعظم من رفقة الحبيب صلى الله عليه وسلم في الجنة !!! وتزهد في الدنيا بما فيها .... فلما دعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلم بمرادها قالت : ما أبالي ما أصابني من الدنيا....!!!

وعاشت أم عمارة ما عاشت مجاهدة في أكثر من غزوة، وكانت تبلي البلاء الحسن، واستشهد زوجها وأبناؤها في سبيل الله ....وتلكم عينة من عينات وفاء أهل العقبة بما عاهدوا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ....
هم قوم صدقوا الله ..... فصدقهم الله .....

فطوبى لكم يا أهل تلك البيعة .... طوبى لكم يا بناة الأمة والدولة، ويا لبنات الإسلام الأولى، ويا مَن أنقذتم الإسلام وأوردتموه موارد النصرة والانتشار والقوة والمنعة .... يا مَن تفتحت قلوبكم للإيمان تفتّح الصدر لنَفَسِه المُحيي ............

ولذلك سمّيتم الأنصار، وكم أنتم مستحقون لهذا الفضل العظيم ..... يا أيها العظماء .....

يااااااااااااااه كم عشنا يوم أمس هذه اللحظات وكأننا نعيش بروح الآخرة لا بروح الدنيا، وكأننا ونحن الأخوات المجتمعات نقرب من طأطأة رؤوسنا إجلالا لعظمة أولئك الرجال، وحياء من حضرتهم المهيبة....حتى قالت إحداهنّ، وقد جعلن بين حين وحين يستوقفن ليقلن ما يجيش في نفوسهن من إعجاب وإجلال وتقدير، وحسرة على واقع نعيشه وددْن لو أنهن لا يعدْن له وقد عِشن جزءا من تلك الليلة العظيمة .... قالت  : اليوم هم أولاء يتبارون على التنمية البشرية، والبرمجة اللغوية العصبية في بناء الفرد ، الآن عرفت إننا نستند لتنمية بشرية، بينما استند هؤلاء العظماء لتنمية إلهية ربانية ....وشتان بين التنميتين.... ::)smile:
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب