المحرر موضوع: من الماضي والحاضر.  (زيارة 394148 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل جواد

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 249
  • الجنس: ذكر
رد: من الماضي والحاضر.
« رد #80 في: 2024-01-17, 11:20:28 »
الوجه الآخر للدنيا

كنت كلما قرأت عن فتنة الدنيا يتبادر إلى ذهني شخص غارق في متع الدنيا الحرام رغم ما أنعم الله عليه من وافر المال والثروة.
وسبحان الله، كم كنت جاهلا في نظرتي تلك!

الآن أرى فتنة الدنيا حولي في حلالها، وكيف أنها تقعد النفس عن التفاعل مع قضايا الأمة تحت مبررات العجز وقلة الحيلة.
وصدق الله "وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ"

والأمر لا يتعلق بالمال وحده، فالبذل المطلوب لا يقتصر على المال. بل إنني الان بت على قناعة أن المال في حد ذاته ليس التحدي الأكبر!

فهناك الخبير المسلم في مجال معين حين يختار أن يظل في شركته العالمية على أن يساهم في مشروع تحتاجه الأمة.
والآخر الذي يرفض الانضمام لمشروع يحمل هم الأمة لأنه مشغول بدراساته العليا!
ثم العالم الشرعي الذي يلتحق بمشروع كبير فيكون أكبر همه هو وضعه الشخصي في ذلك المشروع والمصلحة التي يحصلها منه.
أو الداعية المشهور الذي يصمت عن تبيان الحق أو أخذ موقف جاد يتصادم مع ما عمله وسياسات من يعمل لديه.
والاقتصادي الإسلامي الذي يبحث عن كل المخارج والأبواب التي تضخم من ثروته دون أن يضطر لمصادمة الواقع أو العمل على ما تحتاجه الأمة على الحقيقة، ومن يبرر له ذلك من أساتذة المالية الإسلامية.
وهناك كذلك متوسط الامكانيات الذي وجد فرصة عمل جيدة في مشروع للأمة فقصر في عمله ولم يبذل فيه جهده ويسعى لإخراجه في أفضل صورة.

لقد جاءت أحداث غزة لتثبت لنا جميعا أننا متقاعسون وأننا رضينا بالزرع وأن أقل مما في أيدينا يمكن أن يغير العالم، ولكنها نفوسنا التي أقعدتنا إما بالخوف تارة وإما بوهم العجز تارة أخرى.

وسيأتي يوم يسألنا الله عن كل الذي أنعم به علينا من علم ومال وقت وقوة ثم تقاعسنا وأوجدنا مبررات القعود عن العمل، أو على أحسن تقدير انشغلنا بأمور ثانوية وتركنا أولويات الأمة وأمورها العظام، لأننا لا نريد أن نعرض أنفسنا لضيق أو خطر.

النجاح الدنيوي ماديا واجتماعيا وعلميا هو فتنة عصرنا. وباب الفتنة يأتي مستترا تحت مظلة "إعمار الأرض" و "مشاريع النهضة" لأنها بالطبع من متطلبات خلافة الأرض، لكن فقط إن لم تكن هي المطلب في ذاتها.
فإن كان المقابل هو القعود عن كل واجبات الأمة ونصرة أخوتنا، فهي الفتنة التي سقطنا فيها.

"لَّا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ ۚ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً ۚ وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَىٰ ۚ وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (95) دَرَجَاتٍ مِّنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً ۚ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (96) إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ ۖ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ ۚ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ۚ فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97) إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (98) فَأُولَٰئِكَ عَسَى اللَّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا (99) ۞ وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً ۚ وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (100)"
« آخر تحرير: 2024-01-17, 12:50:18 بواسطة جواد »

غير متصل جواد

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 249
  • الجنس: ذكر

غير متصل جواد

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 249
  • الجنس: ذكر
رد: من الماضي والحاضر.
« رد #82 في: 2024-03-09, 17:45:16 »
المنعطف

إن لم تكن الأشهر الست الماضية منعطفا كبيرا في حياتنا، فلا أدري كيف نطيق العيش مع أنفسنا. ولا أحسب لقلوبنا من عودة متى ما اعتدنا العيش مع شعور العجز تجاه دماء أخوتنا التي تسفك في كل يوم.

لا خير في حياة يتمحور كل شيء فيها حول متع الدنيا. وإننا لجميع مسؤولون أمام الله، فبماذا نجيبه؟

إلى من يبدأ حياته، ومن انتصف عمره أو قارب على الرحيل، اجعل اختياراتك للجنة. واجعل الأمة قضية حياتك التي تجمع عليها أهلك وأبناءك، وليكن هذا محل الاختيار، لعلنا نعذر إلى الله.
« آخر تحرير: 2024-03-11, 10:07:45 بواسطة جواد »

غير متصل جواد

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 249
  • الجنس: ذكر
رد: من الماضي والحاضر.
« رد #83 في: 2024-06-18, 12:14:02 »
على الطريق

عجيب ما يفعله الزمن في قلوب الناس. أو ربما هو تسارع الأحداث والتحولات الكبيرة التي يمر بها العالم بشكل غير مسبوق.

وسط كل هذا الزحام يصعب على النفس أن تتوقف لترى موقعها من العالم، فضلا عن تقييم الطريق الذي تسير فيه.

هنا يصعب جدا التمسك بالمبادئ التي اعتنقها الإنسان، فكل خطوة وفعل في حياته هو اختبار جديد لمدى صدق الإنسان في التمسك بالطريق الذي اختار.
وقد كنت أردد كثيرا جملة سيد قطب الشهيرة، ظنا أني أدرك معناها على الحقيقة. لكني اليوم أرى أن المعاني لا تدرك إلا باختبارها في معترك الحياة، لا من خلال الأوراق.
ولله دره كم تفيض كلماته هذه صدقا وحياة..

“إن كلماتنا ستبقى ميتةً لا حراك فيها هامدةً أعراساً من الشموع، فإذا متنا من أجلها انتفضت وعاشت بين الأحياء. كل كلمة قد عاشت كانت قد اقتاتت قلب إنسان حي فعاشت بين الأحياء، والأحياء لا يتبنون الأموات”
« آخر تحرير: 2024-06-18, 15:19:01 بواسطة جواد »

غير متصل جواد

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 249
  • الجنس: ذكر
رد: من الماضي والحاضر.
« رد #84 في: 2024-06-21, 11:58:55 »
غزة

ونحن مازلنا نهتم لكلام الناس وأوضاعنا في مجتمعاتنا، ورفاهية معيشتنا، ولا نريد المخاطرة بأي شيء.

فكيف سيكون جوابنا عندما يسألنا الله عنهم؟

ولسفك دم مسلم واحد بغير حق أشد عند الله من هدم الكعبة. فكيف بإبادة يتم بث أحداثها على الهواء!

إنا لله وإنا إليه راجعون.

غير متصل جواد

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 249
  • الجنس: ذكر
رد: من الماضي والحاضر.
« رد #85 في: 2024-06-22, 09:40:54 »
(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)


(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ)


(أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ)


(وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147) فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)


(مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ)
« آخر تحرير: 2024-06-22, 09:47:13 بواسطة جواد »

غير متصل جواد

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 249
  • الجنس: ذكر
رد: من الماضي والحاضر.
« رد #86 في: 2024-06-22, 22:16:02 »
لماذا غزة؟

من رحمة الله سبحانة وتعالى بأمة الإسلام أن يرسل لها حوادث عظام من وقت لآخر، فترفع حجب الوهم عن المسلمين وتوضح لهم بالبرهان القاطع حقيقة المعركة.
وليصطفي الله من عبادة من يقيم بهم الحجة على الأمة، فمنهم من قضى نحبه ومنهم ومن ينتظر.
رأينا هذا في أحداث التتار والصليبيين من قبلهم.

والشاهد في الأمرين أنه كلما زاد انغماس الأمة في الدنيا والحرص عليها، كلما جاءت الفاجعة أكبر!
فسقوط الخلافة وخلعها من أذهان الكثير من المسلمين أشد مصيبة مما فعله التتار.

كذا ما يحدث في غزة، لم يكن ليصل إلى هذا المستوى من الإجرام إلا بتواطئ دول الجوار، وخنوع المسلمين فيها وركونهم إلى الدنيا وخوفهم من ضياع ما بأيديهم منها.

هذه المرحلة الفارقة في تاريخ الأمة التي جاءت كمنعطف مفاجئ في وقت تستعد فيه الشعوب المسلمة لنبذ ما تبقى من دينها والإقبال على الدنيا ورفاهيتها وزخرفها كما لم يحدث في السابق.

جاءت أحداث غزة لتهدم أصنام الحضارة الغربية وقواعد القانون الدولي والأنظمة التي تباهي بها الغرب وصارت مطمح المسلمين يبذلون الغالي والنفيس لتعلم أصولها منهم وتبنيها في بلادهم!

وهذا والله من رحمة الله بأمة المصطفى صلى الله عليه وسلم. فالفتنة أشد من القتل، ولا أشد من فتنة الناس في دينهم.
ولقد رأينا كيف سقطت الكثير من الأقنعة، حتى عمن كنا نحسبهم من المشايخ والعلماء، وهكذا لم يعد لأحد حجة يبرر بها القعود.

نسأل الله أن يهدينا لما يحب ويرضى.
« آخر تحرير: 2024-06-22, 22:19:21 بواسطة جواد »

غير متصل جواد

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 249
  • الجنس: ذكر
رد: من الماضي والحاضر.
« رد #87 في: 2024-07-01, 04:11:10 »
الغرق في النفس

على مدار 15 عاما من العمل في الشركات الناشئة وأنا أشاهد نمطا في سلوك فريق العمل لا يتغير مهما تغير نوع العمل أو تغيرت خلفية العامل.

والملاحظة هنا متعلقة خصوصا بالعاملين المسلمين الذين جاءوا من دول مسلمة في اسيا وأفريقيا،
فعلى الرغم من وجود المهارة والخبرات، إلا أن الغالبية غارقة في أنفسها! فلا اعتبار اخر يذكر فوق تحقيق الأمان المجتمعي المتمثل في مال وبيت وعمل ثابت مضمون، وعيشة رغدة في مكان متحضر.

ولعل كل هذا لا بأس فيه، فمن منا لا يحب ولا يسعى لهذه الأشياء، خاصة إن كانت حلالا؟

لكن المشكلة تكمن في الإعراض عن أي عمل للأمة قد يمس هذه الميزات من قريب أو بعيد! وهو ما جعل الأمة تتخلف في كل شيء تقريبا!
وحتى الدين، فقد صار الخوف من البطش شعار الكثيرين، مما أقعدهم عن العمل، وجعل الدعوة في قشور لا تقيم دينا ولا دنيا.

وانطبق هذا على أعمال الدنيا أيضا، فالغالبية لا تريد التضحية بأي شيء لأجل مشروع فيه مخاطرة، ولو انخرطت في مثل هذه المشاريع، جعلت همها وشغلها الشاغل تأمين نفسها، لا بذل أقصى الجهد.

ولا يمكن أن تقوم الأمة بمثل هذا الفكر المتمحور حول النفس والذات، فالقضايا الكبيرة تحتاج إلى همم عالية، وتضحية وصبر.

نسأل الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة.

غير متصل جواد

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 249
  • الجنس: ذكر
رد: من الماضي والحاضر.
« رد #88 في: 2024-08-11, 06:56:30 »
أبو بكر الصديق

أحب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قلبي. والنموذج الذي نحتاج أن نقتدي به في زماننا بعد المصطفى صلى الله عليه وسلم.

وقد كنت لفترة أظن أن زماننا يحتاج الفاروق عمر، في قوته وحسمه ونظرته الثاقبة. لكني الآن أدرك أن عمر ما كان ليكمل المسيرة لولا ثبات الصديق رضي الله عنه في مصيبة وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

يميل البشر إلى الحكم على الأشياء بما يظهر منها، لا فيما وراءها. فيعجبون بما ظهر من البناء من علو وتصميم، ولا يأبهون كثيرا للأساس الذي يحمله.

أكثر من عشرة أشهر مضت والكيان الصهيوني المارق يذبح اخوتنا بدم بارد، بل ويسخر من ديننا ومن أعراضنا ويتبجح في كل محفل دولي، ونحن في ذلة لم أعرف مثلها إلا عند اجتياح التتار لبلاد المسلمين فيما سبق من الزمان.
وأحسب والله أعلم أنه سيتبع ذلك أمر جلل يعم العالم كله.

إن سنة الاستبدال جارية، ولكن الله يقيم الحجة على الناس قبل أن يأخذهم بعذاب جزاء ما اقترفت ايديهم من صمت وتخاذل وتواطؤ.

أما الصديق، فحين جاءت المصيبة الكبيرة في وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحين خارت قوى رجال عظماء كالفاروق من هولها، ثبته الله بما وقر في قلبه، وثبت به الأمة جميعا.

لقد كان شعار الصديق واضحا جليا في كل موقف، لا يهمه جموع الناس من حوله، ولا يثنيه رأي الحكماء عما يراه من الحق الواضح.

والله لأقاتلنهم وحدي..
أينقص الدين وأنا حي؟

هذا هو الصديق. ويالها من تبعات عظام تلك التي أعانه الله عليها. وياله من قلب موصول بالله فوق كل شيء.
إنها ليس كلمات أو قرارات عنترية. إنه قلب مثقل بهم الدين والرسالة. قلب يتسع للأمة كلها ولا يعرف التلون والزيف.

لله در الصديق، فوالله ما جاء بعد الأنبياء خير منه. وما سبق عن الصحابة بفضل صيام أو صدقة، إنما بقلب أشرب الإيمان، فكأنه قطعة لا تتجزأ منه.

ولا أحسب أن الأمة قد تعود إلى رشدها ألا برجال يتخذون الصديق قدوة ومثلا.
ولا حول ولا قوة إلا بالله.

غير متصل جواد

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 249
  • الجنس: ذكر
رد: من الماضي والحاضر.
« رد #89 في: 2024-08-22, 09:31:30 »
لطائف

حين تتقطع السبل بالإنسان فيغلق الأبواب ويظن بأن قدر الله قد قضي، تأتيه نسمات رحمة الله، كالنسمة الباردة في ليالي الصيف حين تداعب القلوب المتعبة..

سبحانك ربي ما عبدناك حق عبادتك. لا حول ولا قوة لنا إلا بك.

لعل من المعجزات الخفية في هذا الكون، هو ذلك الوسع الهائل في رحمة الله ولطفه بعباده، رغم ذنوبهم وتقصيرهم وسوء أخلاقهم..
هذه المنحة الإلهية  لكفيلة وحدها أن تأسر القلوب في محبة الله.

والمسلم يسير في هذه الدنيا كالسائر في صحراء مقفرة، حتى اذا ما أصابته رحمة من الله، أظلته واحة من لطف الله، شكر الله على نعمائه وفضله، وأحسن الظن في قضائه، فانطلق إلى قدره مقبلا عليه، فرحا بما كتبه الله له، على أي شكل كان.

والمؤمن الحصيف يشكر نعمة الله عليه بالإقبال على الله، والتفكر في اللطائف التي أكرمه الله بها، فيجتهد في شكر الله على نعمته ويرعاها حق رعايتها، ويسأل الله أن يلطف به وينير بصيرته، فلا تقعده النعمة عن العمل، بل تدفعه في طريق مراد مولاه وصاحب أمره.

فالحمد لله حمدا طيبا مباركا فيه كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه.
« آخر تحرير: 2024-09-16, 07:42:27 بواسطة جواد »