الساحة الثقافية > :: حكاياتنا الحلوة ::

جولتي في متحف الفن الإسلامي ...

(1/6) > >>

أسيرة الصفحات:
بسم الله الرحمن الرحيم
و به نستعين



بين أرجاء متحف الفن الإسلامي درت و دار عقلي في مخيلة التاريخ , فبين حوائط ذلك المتحف حكايات تلاها الزمن و نسيناها , أبكتني حوائطه , و أثار سقفه شجوني , أما ارضيته فقد سحبتني الى عمق أجدادي ,
أجدادي المسلمين

الحكاية الأولى : لماذا نفوا جاليليو




جاليليو ؟ و ما علاقة جاليليو و هو عالم الفلك الإيطالي بالتاريخ الإسلامي ؟
ربما يستطيع الدكتور مصطفى محمود رحمه الله أن يجيبنا

قال الدكتور مصطفى محمود في مقاله عن حكاية العلمانيه

( .. فى أيام العصور الوسطى المظلمة فى أوروبا كانت السلطة السياسية المطلقة فى أيدى البابوات ، و كانت محاكم التفتيش تصدر الأحكام بالسجن والتعذيب والحرق لكل من يقول بشىء يخالف نصوص التوراة والعهد القديم
و بمقتضى تلك القوانين سجن جاليليو حينما قال : إن الأرض ليست مركز الكون وأنها كروية وأنها تدور مع باقى الكواكب حول الشمس .. و كانت تلك الأقوال هرطقة و إفك و إلحاد و مخالفة للنصوص المقدسة فى نظر رجال الدين تستوجب أشد العقاب
و قد ظلت أوروبا غارقة فى ظلمات الجهل والتخلف .. واحتاج الأمر إلى ثورة على هذا الطغيان البابوى ، و إلى تحجيم سلطة الكنيسة لينطلق العلم و ينطلق ركب التحرر الفكرى و ليأتى عصر النهضة
وانكمشت البابوية إلى رقعة صغيرة فى الفاتيكان و خضعت أوروبا لمنطق جديد هو .. لندع ما لقيصر لقيصر .. و ما لله لله
و تقلص دور الدين إلى نشاط هامشى لا يبرح الأديرة والكنائس ، واستولى العلم والعقل والدهاء على كل مواقع الدولة
و كان ذلك أول ميلاد لفكرة العلمانية .. و لمبدأ فض الإشتباك بين الدين والعلم و بين الدين والسياسة .. و لم يكن للدين المسيحى ذنب فيما حدث .. و إنما كان ذنب البابوات الذين أساءوا فهمه و تفسيره و إلى رجال الدين الذين أخضعوا الدين لأهوائهم و مصالحهم
و مع مولد عصر النهضة فى أوروبا جاء عصر الصناعة وغزو البحار واكتشاف أمريكا وجاءت الرأسمالية والعملقة العسكرية الأوروبية وجيوش الإستعمار التى انطلقت تغزو شرقا وغربا وجنوبا)

هكذا كان موقف الدين المسيحي المحرف من العلم و العلماء , السجن و النفي لكل عالم يخالف معتقدات الكنيسة , لهذا لا عجب أن ينجح مسممو الفكر في غسل أدمغة البشر و إقناعهم أن الدين أفيون الشعوب

لكن العجيب هو أن ينبع من بين مسلمي الحاضر من هو مقتنع تماما أن الدين الإسلامي دين رجعيه و أنه عائق لتقدم الوطن و العلم ! :emoti_209: بل الأعجب أن يكون هناك من بيننا من ينادي بأن يكون الدين لله و الوطن للجميع , هؤلاء لا يعلمون شيئا عن تاريخ أجدادهم المسلمين , و عن كم الحضارة التي ورثوها و هم ليسو جديرين بها , تاركين اصحاب الفكر الشيطاني يفقدونهم تاريخهم , و أي تاريخ هو , و أية حضارة و فكر تلك التي كنا نملكها , لقد كنا أيها الساده
تفضلوا معي في نزهة قصير ة نرجع بالزمان الى الوراء , نجوب أرجاء متحف الفن الإسلامي بقطر , الدوحه  , لربما نرى ما لا يريدنا البعض أن نراه ...
تعالو نعرف ماذا كان موقف الدين الإسلامي من العلم و العلماء , لا بل لنعرف موقف علماء المسلمين أثابهم الله عنا خيرا من الإسلام



ماما هادية:
جينا

أسيرة الصفحات:
جولة خارج المتحف ...



عندما تساءلت من الذي صمم هذا المتحف , هالني أن أعرف أن المصمم ليس المعماري أحمد ميتو و لا راسم بدران و لا زها حديد , لكنه أي إم باي المهندس المعماري العالمي الذي ولد بالصين و سافر الى الولايات المتحده , تعجبت أن يهتم بتصميم متحف إسلامي ذلك الرجل الذي انبهر بالحضارة الإسلاميه بالرغم من أنه ليس مسلما و لا حتى عربي , يقول المصمم عن تصميم المتحف  :

هذه كانت من أصعب المهمات التي قمت بها على الإطلاق، لقد بدا لي أنه يجب علي أن أفهم جوهر العمارة الإسلامية، لكن الصعوبة في مهمتي تكمن في تنوع الثقافة الإسلامية، من أيبريا إلى محل في الهند إلى أبواب الصين وما بعدها.. كنت معتادا على المسجد الكبير في قرطبة، واعتقدت أنه يمثل قمة العمارة الإسلامية، لكنني كنت مخطئا.. إن التأثير المزدوج للمناخ والثقافة في إسبانيا أظهر أن قرطبة لم تجسد التمثيل الصافي والمثالي الذي أبحث عنه.



لكن من اين أتت فكرة تصميم كتلة المتحف ؟
لقد أخذ المصمم فكره المتحف من عنصر إسلامي يقبع ساكنا في وسط القاهرة , و بالتحديد في جامع ابن طولون
فالمتحف فكرته مقتبسه من نافورة إسلاميه بسيطه كانت تتوسط المسجد و تستخدم في الوضوء
ها هي



و هذه صور كتلة المتحف

ما أروعها







أما الحدائق الخارجيه فهي مثال حي على الحدائق الإسلاميه الأندلسيه الر ائعه , شاهدو






أسيرة الصفحات:
من الداخل



لا يقل المتحف بهاء في داخله عن خارجه , ترون التصميم الداخلي يتسم بالإتقان و الذوق الرفيع بدءا من اختيار ألوان الحوائط و نوع الارضيات الى طرق العرض المتحفي



عند بهو المدخل يقوم أحد المرشدين بإمداد الزائر بجهاز مثل الهاتف النقال , و هذا الجهاز وظيفته هي شرح بالصوت و الصورة لكل معروضه من المعروضات في المتحف , فلا يجب أن يكون هناك مرشد سياحي لعمل تلك الوظيفه بعد أن احتلت هذه التقنيه مكانه , و يكفي أن يضغط الزائر رقم المعروضه و يقوم بوضع سماعات الاذن في أذنه حتى يشرح له ذلك الجهاز كل شيئ ! يا العجب !!!! أتساءل لماذا ليس لدينا في مصر مثل هذه التقنيه الرائعه في متاحفنا الزاخره بالآثار الجميله , أما كفاها وزار السياحه انشغالا بقضيه شرم الشيخ و الخمره , أما آن لهم الاهتمام بالآثار و تطوير طرق الارشاد السياحي




إن الأسقف و الارضيات و الحوائط ما هي إلا تعبير عن مفردات من العمارة الاسلاميهع القديمه , فتجدون في بهو المدخل معلق سقف دائري يبدو خشبيا , و هو بالمناسبه موجود في كثير من المساجد الاسلاميه القديمه , أما النافورة الخلابه الثمانيه فهي كذلك كانت موجوده من قبل في العماره الاسلاميه في الاندلس و ربما تذكرون قصة الرقم ثمانيه المرتبط عند المعماريين المسلمين بعرش الرحمن ( و يحمل عرش ربك يومئذ ثمانيه ) كان ذلك في موضوعي ما وراء القبة ... أو هكذا هي نظريه بعض أساتذة العماره اليوم عن تفسير الرقم ثمانيه الموجود في النوافير و الاسقف في العمارة الاسلاميه و الله أعلم









أسيرة الصفحات:
المعروضات ... ماذا تقول ؟.



معروضات , من كل القرون , و كل الحقبات الإسلاميه , من كل مكان دخله الإسلام , الهند , مصر , سوريا , إيران , بغداد , سامراء ... الخ الخ
, تلك المعروضات أنظروا إلى حالها ,
 محبوسه وراء قفص زجاجي يسمح للرائي بتأمل روعتها دون لمسها و هي تقبع منكسرة تحت إضاءة خافته حزينة ,
معروضات بقيت عبر الزمن , بقيت لتقول لنا , لتشهد لنا عن حضارة كانت أعظم حضارة في العالم








كانت مختلفة الإستخدامات
منها الحربي كالسيوف و الخوذ
و منها ما يتم استخدامه في المنزل كأدوات الطهي من ملاعق و أباريق
و منها ما هو للزينة كالفخاريات و الفسيفساء و المشربيات
و منها وظيفي كالمصابيح و السجاجيد
و منها الترفيهي كالحلي
و منها ما هو علمي كالبراجل و الأقلام
ناهيكم طبعا عن كتب الخط العربي الأصيل



و على اختلاف وظائفها و تاريخ نشأتها تلك المعروضات كان بينها شيئ رائع , شيئ مشترك

فأغلبها تلك المعروضات كان ىمنقوش عليها آيه قرآنيه , أو إسم الله تعالى , أو إسم الرسول محمد صلى الله عليه و سلم , كأنها تعبير عن ذكر الله في كل وقت و كل مكان

تخيلو , لقد كان المسلمون في قديم الأزل يذكرون أنفسهم بالله عز و جل في كل شيئ في حياتهم , فذاك طبق مكتوب عليه اسم الله , و تلك زجاجه عطر مزخرف عليها آيه قرآنيه , و هذا سيف يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله



ما أجمل تلك المعروضات , تحمل ذكر الله في زجاجها و فخارها و خشبها البديع , و ما أجمل فكر الصانع المسلم , الذي أتقن صنعته و افتخر باسلامه فأراد أن يقول للعالم كله من خلال صنعته كم أنه يحب هذا الدين , و أراد أن يذكر الكل بآيات الله , فإني أكاد أرى بيت المسلم يمتلئ بكلمات الذكر في كل مقتنياته و اثاثه ... ألا بذكر الله تطمئن القلوب

و نحن
نحن نعتبر الإسلام رجعيه و تخلف ! و نرى كثير من المسلمين يتبرأون من هويتهم الإسلاميه كأنها عار و رجعيه !
شتان بين فكر ذاك الصانع
و بين فكر هؤلاء


تصفح

[0] فهرس الرسائل

[#] الصفحة التالية

الذهاب الى النسخة الكاملة