الساحة الثقافية > :: مما قرأت ::

مناقشة كتاب "آذان الأنعام"

<< < (2/13) > >>

حازرلي أسماء:
يريد أن يبين بشكل أو بآخر أن المكان الذي أوكلت فيه الخلافة للإنسان العاقل -كما يعبر- هي مكة، وتحديدا منى، وهو يضع علاقة بين الحج وخلق الإنسان، ويقول أنه اكتشف "نظرية آذان الأنعام" والتي سيفصّل فيها في باب مستقل ما يسميه اكتشافه الفريد والمبهر عن حقيقة خلق الإنسان.

يلقي بلائمة كبيرة على المسلمين الذين -على حد تعبيره- سارعوا إلى تكفير داروين، فقط لأنهم يستندون إلى روايات إسرائيلية منقولة من التوراة إلى تفاسيرنا المختلفة درج عليها عقل الإنسان المسلم، وسلّم بها، ولم يقبل النقاش فيها، بينما كان حريا بالمسلمين أن يناقشوا داروين الذي يقول أنه كان على فطرة سليمة، ومات على فطرة سليمة، وهو لم يقبل روايات كتابهم المقدس عن خلق الإنسان.

يورد احتمالات حول حقيقة الخلق، فيجعل الأول أن نظرية داروين تكون خاطئة، ويعود ليعلق على هذا بأنه يُحدث "الطلاق الأحمق" بين العلم والدين

وهذه هي الفقرة من الكتاب :


ثم لااحتمال الثاني الذي يضعه أن تكون النظرية صحيحة، فيعود ويعززها، وأنقل لكم من الكتاب قوله فيها :






حازرلي أسماء:
تحت عنوان "الطرح القرآني للتطور" يبدأ الكاتب هنا بليّ أعناق الآيات الكريمة، لتوصله إلى هدفه، وإلى الفكرة التي تبناها ...

فيبدأ بأول آية من سورة "الإنسان"، قوله تعالى: "هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً(1)" -الإنسان-

وهذه الآية في الحقيقة لا تحتاج لكبير عناء من أجل فهمها واستيعاب معناها، ولكنه هو في كتابه، يريد أن يجعلها دليلا على فكرته، وعلى تعزيزه لنظرية التطور، وأنها مذكورة في القرآن، فيبحث في لغويات كلماتها، عما يقوّي مراده ....

فيفسرها بأنه حين ووقت من الدهر لم يكن فيه الإنسان يستحق الذكر، ويرجع ذلك إلى أنه الإنسان في طور ما قبل "العاقل"، ما قبل آدم، ما قبل الاستخلاف !!!  وإلا فلا تفسير آخر لها ! فيقول فيما معناه : "هل يعقل أنه لم يكن شيئا مذكورا في عصر آدم أو ما بعد آدم والرسل تبعث واحدا إثر آخر ؟!" وهو هنا يحصر معناها فقط فيما قبل آدم، أما فيما معناه انعدام كل إنسان قبل وجوده، فهذه لا يذكرها ولا يجعلها أهلا للمعنى !!!

فهل يحتاج الأمر في هذه الآية إلى هذا التفسير لو لم يكن يحتاج أن يؤولها لعى هواه ؟، إنما لم يكن شيئا مذكورا، أي أنه لم يكن شيئا أصلا مذكورا، لم يكن شيئا، حتى خلقه الله سبحانه من العدم بإرادته . فأين كنت أنا أو أنت أو هو؟ لم نكن شيئا حتى أراد الله أن نكون . لم يكن آدم شيئا حتى أراد الله ب "كن" أن يكون .

وفي تفسير ابن عاشور اللغوي العميق غنى عن كل هذه الالتواءات، فهو يقول :

هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (1) استفهام تقريري والاستفهام من أقسام الخطاب وهو هنا موجَّه إلى غير معين ومُسْتعمل في تحقيق الأمر المقرر به على طريق الكناية لأن الاستفهام طلب الفهم ، والتقرير يقتضي حصول العلم بما قرر به وذلك إيماء إلى استحقاق الله أن يعترف الإِنسان له بالوحدانية في الربوبية إبطالاً لإِشْراك المشركين . وتقديم هذا الاستفهام لما فيه من تشويق إلى معرفة ما يأتي بعده من الكلام . فجملة { هل أتى على الإِنسان } تمهيد وتوطئة للجملة التي بعدها وهي { إنا خلقنا الإِنسان من نطفة أمشاج } [ الإنسان : 2 ] الخ . و { هل } حرف يفيد الاستفهام ومعنى التحقيق ، وقال جمعٌ أصل { هل } إنها في الاستفهام مثل ( قَدْ ) في الخبر ، وبملازمة { هل } الاستفهامَ كثير في الكلام حذف حرف الاستفهام معها فكانت فيه بمعنى ( قد ) ، وخصت بالاستفهام فلا تقع في الخبر ، ويَتطرق إلى الاستفهام بها ما يَتطرق إلى الاستفهام من الاستعمالات . وقد تقدم بيان ذلك عند قوله تعالى : { هل ينظرون إلاّ أن يَأتيهم الله في ظلل من الغمام } في سورة [ البقرة : 210 ] . وقد علمت أن حمل الاستفهام على معنى التقرير يحصِّل هذا المعنى . والمعنى : هل يقر كل إنسان موجودٍ أنه كان معدوماً زماناً طويلاً ، فلم يكن شيئاً يذكر ، أي لم يكن يسمى ولا يتحدث عنه بذاته ( وإن كان قد يذكر بوجه العُموم في نحو قول الناس : المعدوم مُتوقف وجوده على فاعل . وقول الواقف : حبست على ذريتي ، ونحوه فإن ذلك ليس ذِكراً لمعين ولكنه حكم على الأمر المقدَّر وجودُه ) . وهم لا يسَعهم إلاّ الإقرار بذلك ، فلذلك اكتفي بتوجيه هذا التقرير إلى كل سامع . وتعريف الإِنسان } للاستغراق مثل قوله : { إِن الإِنسان لفي خسر إلاّ الذين ءامنوا } الآية [ العصر : 2 ، 3 ] ، أي هل أتى على كل إنسان حينُ كان فيه معدوماً . و { الدهر } : الزمان الطويل أو الزمان المقارن لوجود العالم الدنيوي . والحين : مقدار مُجمل من الزمان يطلق على ساعة وعلى أكثر ، وقد قيل إن أقصى ما يطلق عليه الحين أربعون سنة ولا أحسبه . وجملة { لم يكن شيئاً مذكوراً } يجوز أن تكون نعتاً ل { حين } بتقدير ضمير رابط بمحذوف لدلالة لفظ { حين } على أن العائد مجرور بحرف الظرفية حذف مع جاره كقوله تعالى : { واتقوا يوماً لا تجزي نفس عن نفس شيئاً } [ البقرة : 48 ] إذ التقدير : لا تجزي فيه نفس عن نفس شيئاً ، فالتقدير هنا : لم يكن فيه الإِنسان شيئاً مذكوراً ، أي كان معدوماً في زمن سبق . ويجوز أن تكون الجملة حالاً من { الإنسان } ، وحذف العائد كحذفه في تقدير النعت . والشيء : اسم للموجود . والمذكورُ : المعيّن الذي هو بحيث يُذكر ، أي يعبّرُ عنه بخصوصه ويخبر عنه بالأخبار والأحوال . ويعلَّق لفظه الدال عليه بالأفعال . فأمّا المعدوم فلا يذكر لأنه لا تعيّن له فلا يذكر إلاّ بعنوانه العام كما تقدّم آنفاً ، وليس هذا هو المراد بالذّكر هنا . ولهذا نجعل { مذكوراً } وصفاً ل { شيئاً } ، أريد به تقييد { شيئاً } ، أي شيئاً خاصاً وهو الموجود المعبر عنه باسمه المعيِّن له .

ثم لا يتوقف الكاتب عند هذا الحد، بل يجعل من الآيتين المواليتين، الثالثة والرابعة، دعما وسندا لنظريته وفكرته، ويقول أنهما والآية الأولى مفصلات لمراحل تطور الإنسان

هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً(1) إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً(2) إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً(3)

فيقول : !!!

حازرلي أسماء:
ثم وتحت العنوان نفسه "الطرح القرآني للتطور" يستند إلى آية أخرى، قوله تعالى في سورة نوح : " مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً(13) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً(14)"

على أساس أن كل نبي يخاطب قومه بما يفهمون، فإن مخاطبة سيدنا نوح لقومه بلفظ "أطوار" عن الإنسان لا تكون منطقية وقوم نوح لم يدركوا من العلم بأن الإنسان يمر بمراحل النطفة ثم العلقة ثم المضغة ثم العظام ثم اللحم....

وما يدري الكاتب أن نوحا لم يكن يعلم بهذا ؟ ، وما يدريه أن قومه لم يكونوا يعلمون هذا ؟

ثم التفاسير جاءت على هذا، كما جاءت أيضا على أوجه أخرى، وكلها مستساغة ومقبولة ومفهومة
وأضع هنا تفسير القرطبي لها:
أي جعل لكم في أنفسكم آية تدل على توحيده . قال ابن عباس : " أطوارا " يعني نطفة ثم علقة ثم مضغة ; أي طورا بعد طور إلى تمام الخلق , كما ذكر في سورة " المؤمنون " . والطور في اللغة : المرة ; أي من فعل هذا وقدر عليه فهو أحق أن تعظموه . وقيل : " أطوارا " صبيانا , ثم شبابا , ثم شيوخا وضعفاء , ثم أقوياء . وقيل : أطوارا أي أنواعا : صحيحا وسقيما , وبصيرا وضريرا , وغنيا وفقيرا . وقيل : إن " أطوارا " اختلافهم في الأخلاق والأفعال .


وأعود للكاتب هنا لأسأل، إن كان نوح وقومه لا يعلمون عن الحقائق "المعمليّة" كما نعتها، أي النطفة ثم العلقة ثم المضغة، فهل يعلمون عن مرحلة ما قبل "الإنسان العاقل" ليخاطبهم بها؟ كيف لهم أن يعلموا عن تلك المراحل وأنها أطوار، وسلالتهم في تلك المراحل لم تكن تعقل لتنقل لهم تاريخها ؟!! أم أنه وحده نوح يعلمها من ربه ؟ حتى في هذه وحسب منطلق الكاتب والذي هو مخاطبة القوم بما يفهمون، فإنه سيخاطبهم بما لا يفهمون هُl بل يفهمه هو وحده !!

حازرلي أسماء:
أما هنا فأحب أن أشير إلى تناقض الكاتب، وكيف أنّ عباراته هي ذاتها كاشفة حقيقة تأثره بمَن يبحثون عن تفسيرات مادية تراها أعينهم وإلا فهم يرفضون...

هو هنا يذكر أن نظرية داروين "نظرية"، ولكن من غير أن يعمَد عمدا لما بداخله من تأثره العميق بها، وبأن يبحث لها عن مسوّغات من القرآن بليّ أعناق الآيات واللغة لإسقاط المعنى على ما يريد ...

هو في فقرة من فقرات كتابه يصفها ب"الحقيقة" بينما هي نظرية في ميزان العلم، حتى بعيدا عن الدين، في ميزان علماء الغرب، لم تعدُ كونها نظرية، تعرضت للنقد من الغربيين أنفسهم، وللتفنيد من الغربيين أنفسهم، وللنقض من العلماء أنفسهم .

وذلك خلال سَوقه للآية 17 من سورة نوح : وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتاً(17) ...يريد أن يقول أنّ أنبتكم هنا ليست للمجاز كما جاء في التفاسير، وإنما هي حقيقة أصل كل المخلوقات التي بدأت نباتا ثم تطورت إلى حيوان وإنسان !!!

فيقول في الصفحة 40 من كتابه :


ثم يعود ليقول أن هذه الآية وحدها تؤكد مصداقية نظرية داروين !!

وهل علينا أن نسلّم بكلامك هذا ؟!  "تؤكد" و"نظرية" تارة و"حقيقة" تارة أخرى ؟ اجعل لك مرسى واحدا لا أكثر  ::)smile:


ثم لننظر لكلامه في هذه الفقرة، والتي يريد منها أن يلزم المسلمين بضرورة إعادة النظر بتفسير نصوص القرآن . طيب لمَ ؟  يقول لأنه ثبت علميا ولأنها حقيقة علمية ...من قال أن نظرية داروين أصبحت حقيقة علمية ؟! 
اقرؤوا هذا :




زينب الباحثة:
سمعت بهذا الكتاب من قبل
وقد قرأت كتابا آخر اسمه أبي آدم بين الخلقة والخليقة
وسمعت بأن فكرة الكتابين متطابقة لذلك قررت أن لا أقرأ آذان الأنعام ويكفي أني قرأت كتاب أبي آدم
لم أقرأ المشاركات السابقة بعد :)

تصفح

[0] فهرس الرسائل

[#] الصفحة التالية

[*] الصفحة السابقة

الذهاب الى النسخة الكاملة