الساحة الإسلامية > :: قرآن ربي ::

حول في ظلال القرآن لسيد قطب

(1/16) > >>

حازرلي أسماء:
إخوتي، هناك أمر يشغلني هذه الأيام نوعا ما، وأحاول أن أجد له في نفسي تفسيرا، وأن أتهرب منه ولكن يظل يطاردني، هذا الأمر يخص كتاب "في ظلال القرآن" لسيد قطب

هذا الكتاب أقرأ فيه كثيرا، ولا أنكر أنني أعجب جدا جدا بطريقة سيد قطب في تحليل الأحداث وإسقاط القرآن على واقعنا، وما آلت إليه حال الأمة ....

ولكن بدأت ألاحظ بعض المبالغة لسيد قطب في بعض النقاط، من مثل ان يحكم على عدم وجود الأمة المسلمة، ومن مثل كلام له لا أجده على النسخة الإلكترونية من كتابه، ويتجلى كيف أنهم حذفوه حذفا...بينما هو كائن على الكتاب الأصلي الورقي، بين يديّ، من مثل قوله :
---------------------------------
"لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين إلى البشرية؛ وعادت البشرية إلى مثل الموقف الذي كانت فيه يوم تنزل هذا القرآن على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويوم جاءها الإسلام مبنياً على قاعدته الكبرى : « شهادة أن لا إله إلا الله » . . شهادة أن لا إله إلا الله بمعناها الذي عبر عنه ربعي بن عامر رسول قائد المسلمين إلى رستم قائد الفرس ، وهو يسأله : « ما الذي جاء بكم؟ » فيقول : « الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده ، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة ، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام » . . وهو يعلم أن رستم وقومه لا يعبدون كسرى بوصفه إلهاً خالقاً للكون؛ ولا يقدمون له شعائر العبادة المعروفة؛ ولكنهم إنما يتلقون منه الشرائع ، فيعبدونه بهذا المعنى الذي يناقض الإسلام وينفيه؛ فأخبره أن الله ابتعثهم ليخرجوا الناس من الأنظمة والأوضاع التي يعبد العباد فيها العباد ، ويقرون لهم بخصائص الألوهية - وهي الحاكمية والتشريع والخضوع لهذه الحاكمية والطاعة لهذا التشريع - ( وهي الأديان ) . . إلى عبادة الله وحده وإلى عدل الإسلام .
لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين إلى البشرية بلا إله إلا الله . فقد ارتدت البشرية إلى عبادة العباد ، وإلى جور الأديان؛ ونكصت عن لا إله إلا الله ، وإن ظل فريق منها يردد على المآذن : « لا إله إلا الله دون أن يدرك مدلولها»؛  ، ودون أن يعني هذا المدلول وهو يرددها ، ودون أن يرفض شرعية « الحاكمية » التي يدعيها العباد لأنفسهم - وهي مرادف الألوهية - سواء ادعوها كأفراد ، أو كتشكيلات تشريعية ، أو كشعوب .فالأفراد ، كالتشكيلات ، كالشعوب ، ليست آلهة ، فليس لها إذن حق الحاكمية . . إلا أن البشرية عادت إلى الجاهلية ، وارتدت عن لا إله إلا الله . فأعطت لهؤلاء العباد خصائص الألوهية . ولم تعد توحد الله ، وتخلص له الولاء . .
البشرية بجملتها ، بما فيها أولئك الذين يرددون على المآذن في مشارق الأرض ومغاربها كلمات : « لا إله إلا الله » بلا مدلول ولا واقع . . وهؤلاء أثقل إثماً وأشد عذاباً يوم القيامة ، لأنهم ارتدوا إلى عبادة العباد - من بعدما تبين لهم الهدى - ومن بعد أن كانوا في دين الله!فما أحوج العصبة المسلمة اليوم أن تقف طويلاً أمام هذه الآيات البينات!".
--------------------------------
فأجدني من ناحية أتمثل معه مقدار ما وصلت إليه حالنا من نكوص على الأعقاب، ومن فشوّ الفساد بين المسلمين، ومما يندى له الجبين، ومما يوصف ولا يوصف من حال مزرية، ومن ناحية أخرى أراه مبالغا، فاتحا الباب للتكفيريين، مسهلا عليهم أن يروا في أنفسهم الصواب وفيمن عداهم الكفر والارتداد عن الدين ....
صرت أستشف نفسيته وهو من خلف القضبان وهو يقارع الطاغوت، وهو ثابت يجاهد بكل قوه، وكأنّ نفسيته تلك هي التي تحدثنا، ولا يحدثنا بنفسية غيرها ....
فهو وهو يذوق الظلم علقما ويتلقاه ممن كان يوما في صفوف الإخوان ثم ينقلب عليهم انقلابا جذريا .... فيصيغ مفاهيمه من منطلق المقهور المظلوم الذي يجاهد الطاغوت فيمرّرها عبر الأجيال في كل حال ....
لا أراه ينفصل عن نفسيته تلك وهو يسوق هذه العبارات المبالغ فيها، والتي تنطوي على تكفير وإجمال وشمولية في التكفير .... وأرى الأمر خطيرا ....

فأنا بين حالَيْن معه، بين مَن يقرأ له الأعذار ويصدّقه فيما يستشعره من قوة الظلم والطغيان، وفشوّ الفساد وضمور الأخلاق، فأجدني أصدقه وأراه قويا في تقرير الحقائق، واحاول الموازنة وأنا اتلقى حتى لا أكون بنفسية تكفيرية تستسهل التكفير والحكم على الناس بالارتداد،ومن ناحية أخرى لا أجد لتسهيله التكفير وتمريره للأجيال من مسوّغ .

ثم إنني أحيانا أقرا له ضرورة اضطلاع الأمة بأمر الدعوة بشكل من أشكال التخلي عن الدنيا بطريقة شبه كليّة، وأنّ مجاراتنا للعلم وللتقدم التكنولوجي لن توصلنا ونبقى في دائرة مجاراة من سبقونا بأشواط كبييييرة، وبالتالي فمهمتنا الأساسية هي العمل التربوي والدعوي أكثر من التركيز على "إعمار الأرض"، بمعنى الخلافة فيها.

وأعود لأقرأ له في فقرات أخرى ما يخالف هذا المنطق منه، بما معناه أن المسلم مسؤول عن إعمار الأرض . وخاصة خاصة ما وجدت من خواطر له  في تفسيره لسورة الأنعام .

لا أدري، أحببت أن أُخرج جملة المتناقضات التي تكونت فيّ وأنا أقرأ "الظلال" -الذي ما زلت أراه رائعا بجملته-، ولكنني لا أحب أن أغفل تردّد نفسي بين هذه الحالات وأنا أقرأه، فلا أجد لها مستقرا، وأحب أن تستقر نفسي على حكم معين .

فما قولكم ؟

زينب الباحثة:
يعني ليس كل نسخ الكتاب مثل بعضها  :emoti_17:

هناك الكثيرون ممن عارضوه في فكره هذا.. ربما لو قرأت لهم سيساعدك ذلك.. ليس بالضرورة أن نأخذ من شخص معين كل شيء.. فمن الممكن أن نرفض بعض الأفكار لذلك الشخص ونأيده ونعجب به في غيرها..

وأنا لا أرى تناقضا بين التربية وعمارة الأرض.. المفروض أنهما يمشيان معا.. المشكلة هي بأن عمارة الأرض أغلبنا لا يستطيع المساهمة فيها بشكل كبير.. يعني في كل الأحوال نجد أنفسنا محصورين في مجال التربية والدعوة..

حازرلي أسماء:

--- مقتبس من: زينب الباحثة في 2013-03-06, 13:55:32 ---يعني ليس كل نسخ الكتاب مثل بعضها  :emoti_17:

هناك الكثيرون ممن عارضوه في فكره هذا.. ربما لو قرأت لهم سيساعدك ذلك.. ليس بالضرورة أن نأخذ من شخص معين كل شيء.. فمن الممكن أن نرفض بعض الأفكار لذلك الشخص ونأيده ونعجب به في غيرها..

وأنا لا أرى تناقضا بين التربية وعمارة الأرض.. المفروض أنهما يمشيان معا.. المشكلة هي بأن عمارة الأرض أغلبنا لا يستطيع المساهمة فيها بشكل كبير.. يعني في كل الأحوال نجد أنفسنا محصورين في مجال التربية والدعوة..



--- نهاية الإقتباس ---

مفروغ منه يا زينب أنّ الأخذ لا يكون من مصدر واحد، إذا عنينا الكتابات والمؤلفات، والأفكار البشرية، وطبعا المصدر الواحد الأساسي الذي هو كتاب وسنة هو الذي يجعلك تنفرين من نقاط وتقبلين نقاطا أخرى من هذه المصادر المتفرعة عنهما ...

نعم يا زينب قرأت من قبل عن المعارضين للظلال ولفكر سيد قطب، وعن القطبيين الموالين لفكره، وعن فكرهم المتشدد، ولكنني لم أكن أرعي اهتماما كل هذا، فالفرق كبير بين أن نقرأ عن شيء لم نعرفه بعد بالطريقة الجيدة، وبين أن نسمع عنه وعن قول فيه بعد أن نقرأه ونعرفه عن قرب، قراءتي للظلال كونت عندي هذه التصورات والانطباعات والتناقضات مجرّدة عن آراء المعارضين له ...

فقد كنت أعجب جدا بأسلوبه، حتى تنبهت أخيرا-وربما بعد قراءتي في الكتاب الورقيّ وخاصة سورة الأنعام- إلى ما أستطيع أن أسميه سببا من الأسباب الرئيسة في الإعجاب، وهي أنني بطبعي أميل للأدبيات وللتعابير الحسنة المنسابة التي تأخذ الوجدان وترحل بك إلى حيث الجمال البياني، وهذا مما شدني في الظلال، وهو يمتاز بجزالة التعبير وبالخواطر المنسابة كما المياه العذبة من يد أديب أريب ....

هذا -أقول- سبب من الأسباب، فقد استنتجت، ووصلت إلى أن كتاب الظلال يليق أن نصفه بخواطر قرآنية، ولا يليق أن يسمى تفسيرا للقرآن ...ذلك أن الخواطر هي التي ينساب فيها صاحبها بفكره، برؤيته، بحريته، فيغوص ويطرق أبوابا من باب إلى باب، وهو يأخذ القارئ في سياق "السيّ بالسيّ يذكر"....

أما التفاسير، فكما عرفت من تفسير ابن كثير، وتفسير التحرير والتنوير، وصفوة التفاسير للصابوني، والكشاف للزمخشري، وتفسير القرطبي، وتفسير الطبري وغيرهم كلها تشترك في استنادها  إلى ،إلى تفسير القرآن بالقرآن وتفسير القرآن بالأحاديث،وإلى الرواية عن الصحابة بشكل كبير،الذين عايشوا القرآن في أول تنزّله وعايشوا رسول الله صلى الله عليه وسلم،وإلى أقوال العلماء بعضهم عن بعض،وإن أراد أحدهم الإدلاء بدلوه الخاص بيّن وجه مخالفته لما قاله غيره، وغالبا في غير نقض لما قاله الآخر على أساس أن الآية تحتمل هذا وتحتمل ذاك ... وإلى تعريف سبب النزول، وشرح المبهم والغريب من الألفاظ بالعودة إلى أصل المنطوق به بين العرب القدامى، وإلى قواعد اللغة...
وإلى الإعجاز اللغوي في القرآن وهكذا....وبالتالي يحصل النفع في فهم القرآن وفهم حيثياته وما أحاط بآياته من أحداث عند نزولها، كما يحدث الانتفاع بسبب ورود لفظ ذاته دون آخر لغويا، ويحصل النفع في حال الغوص في المعاني ....


أما ما عدا ذلك من خواطر أدبية منسابة فهي في إطار الخواطر ولا تعدّ تفسيرا .... وهذا ما أرتاح له الآن بخصوص الظلال، والذي جعلني أتنبّه إلى ما لا أراه يستساغ فقهيا وعند علماء الدين المتخصصين الذين إذا ضربوا في هذا البحر ضربوا بمعرفة للحدود، فلا يتعدّونها، ويبقى القارئ في إطار الاستفادة وهو يعلم أنه يقرأ ليفهم القرآن ولا يقرأ ليغوص في فكر واحد من الرجال...وبالتالي فأنا الآن مع مَن ينصفون سيد قطب فلا يمدحون الظلال مدحا مطلقا بل يبينون مساوئه وأخطاءه، ومع مَن لا يصنفه كتاب تفسير، وفي الوقت ذاته مع مَن لا يجنح لتكفيره، كما يفعل المبالغون في الحكم عليه . رحم الله صاحبه وأسكنه فسيح جناته وتقبله في الشهداء

وهذا فيديو أرى صاحبه منصفا موضوعيا عن الظلال:

حكم كتاب سيد قطب "في ظلال القرآن"

زينب الباحثة:
شكرًا بارك الله فيك على المقطع..

رأي الشيخ نعم الرأي..

حازرلي أسماء:
أعود لأكتب ها هنا، وعن الموضوع نفسه، عن الشخص نفسه، عن سيد قطب رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جناته  emo (30):

وكأنني اقترفت جرما وأنا من أكون أنا ؟ لأتحدث عمّن باع نفسه لله، مات ورأسه مرفوعة، مات شهيدا، اتخذه الله شهيدا ....

قبل لحظات، كنت مع صديقة لي أخت عزيزة في الله،-أحسبها على خير كبير والله حسيبنا وحسيبها-،جاءت مستبشرة فرحة بما رأت في منامها البارحة، تقول أنها رأت الشهيد سيد قطب، وكأن من أتاها بجهاز استقبال خاص لجهاز تلفازها، وفيه بطاقة ذاكرة خاصة وضعها لها فإذا بسيد قطب، يبدأ عظاما، ثم يُكسى لحما، ثم يتمثل بشرا سويا شابا يفسر القرآن، تقول وهي التي لا تعرف صورته الحقيقية، أنه تمثل رجلا هادئا، ولكن مع هدوئه نفاذ... نفاذ من نوع خاص  استشعرته في ملامحه....

تقول أنها لم تعقل حين رأته أنه وإن كان ميتا فهو صورة على تلفاز، بل إنها استغربت أيما استغراب، كيف للميت أن يبدو حيا شابا بهذا الشكل !!وهي تتابعه يفسر القرآن العظيم ...

وبينما هي كذلك، إذ بشرذمة ممن يعرف عنهم فساد يقطعون عنهم الكهرباء بقطعهم لخيط الكهرباء الرئيسي بالحي، فينطفئ الجهاز،ويعمّ الظلام، ولكن يعود ذلك الشخص الذي وضع لها جهاز سيد قطب وبطاقة ذاكرته، ولا يأبه بفعلتهم، وهو واثق من نفسه كل الثقة، ويضع بطاقة الذاكرة تلك، ويعيد تشغيل الجهاز من جديد، ويعود سيد قطب بدءا بعظام، ويعرف عندها واضع البطاقة أن سيد قطب سيعود ويتمثل بشرا من جديد، ويشرع بتفسير القرآن من جديد ....

حكتها لي، وأنا أتذكر حبي للظلال، وموقفي الأخير من الظلال، لأعود هنا، فأقول من أكون لأقول ما أقول عن سيد قطب، حتى وإن كانت مجرد ملاحظات، إن هو إلا سيد قطب الشهيد بإذن الله الحي عند ربه يرزق بإذن الله ......رحمه الله وجعل الفردوس مثواه، فكم علمني، وكم سيعلمني بإذن الله .

تصفح

[0] فهرس الرسائل

[#] الصفحة التالية

الذهاب الى النسخة الكاملة