قضايا معاصرة > :: قضايا وشبهات معاصرة ::

شبهات وردود

(1/2) > >>

حازرلي أسماء:
بسم الله الرحمان الرحيم

أحاول بعون الله تعالى أن أجمع في هذا الموضوع عددا من الشبهات التي تعترضنا في حياتنا من خلال من يُدلي بها إلينا من الشباب أو من الإخوة والأخوات، سواء كانت شبهات حول الإسلام عامة أو حول القرآن . ونحاول -جميعنا- أن نضع الردّ الشافي عن كل شبهة، حتى نرجع للموضوع كلما احتجنا الرد على شبهة بعينها، في زمن تصاعد فيه المدّ التشكيكي والتشبيهي على أهل الإسلام، وأصبح الشباب عرضة لتياراته الجارفة عبر وسائل التواصل المتناثرة أو عبر قنوات غيرها، وصرتَ -لا محالة- تستقبل تساؤلاتهم وشكوكهم .

نتوكل على الله ونسأله سبحانه ان يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة.

أهلا وسهلا بكم جميعا إخوتي ..  sm::))(

حازرلي أسماء:
الشبهة 01
كلّ يرى دينه الأصحّ، فكيف يكون الإسلام هو الدين الحقّ


سؤال وردني من قريبة لي تعيش  بفرنسا، وهي التي درست فيها وزوجها لما كانا شابَّين متطلعَين لإشباع نهمهما التعليمي،
أصبحا طبيبَين متخصِّصَين،ويتبوءان بفرنسا اليوم مكانة علمية وعملية؛ رزقهما الله تعالى ثلاث بنات، بلغت أكبرهنّ تسع سنوات، دخلت المدرسة منذ سنوات قليلة، وتعلقت -بحكم الطبيعة- بزميلات لها، وهي تقاسمهنّ مرحلة براءة الطفولة، والداها يغرسان فيها وفي أختَيْها مبادئ الدين،  وأنهنّ مختلفات عمّن حولهنّ، بدأت تعي أكثر، وبدأت تسمع ممن حولها عن الدين، حتى سمعت من إحداهنّ قولها :"ديننا هو الأصحّ لا دينكم "

الشبهة: كلّ يرى دينه الأصحّ، فكيف يكون الإسلام هو الدين الحقّ


وقد كان لي ردّ أرسلته لها :

حاولي أن تفهميها أمورا تُعتبر منطلقات ولبنات مؤسسة :

1-)  الله تعالى منذ أن خلق الدنيا جعل للناس دينا واحدا لا ثاني له،  ولما أهبط آدم وحواء من الجنة، زوّد آدم بقانون واحد لا يتبدّل يعيش وِفقَه أبناؤه على الأرض من بعده، قانون تركه آدم -عليه السلام-في عَقبه : "قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (38)" -البقرة- .  وهدى الله واحد، نزل به كل أنبيائه من بعد آدم عبر الأزمنة..

2-) هذا القانون لم ينزل به آدم ليخبئه لنفسه، بل كان الإنسان الأول على الأرض، وكان نبيّا هاديا، فكان أمرا معلوما في ذريّته  ضمن دعوته أن بعثة الأنبياء بهدى الله الواحد، كان عهدا متوارثا من آدم عليه السلام :"فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ "  خلّفها آدم في عقبه،  تركها وصية من الله،  فتناقلوها جيلا عن جيل،  فلما جاءهم الأنبياء كذبوهم وهم يعلمون أنهم حَملة الهدى الذي عُهِد إليهم بأنه الذي سيأتيهم .

3-) كل الأنبياء والرسل من لدن آدم إلى رسول الله -عليهم صلوات الله وسلامه-  جاؤوا بالإسلام دينا.. والناس هم الذين جعلوا الدين الواحد أديانا. وهذا ما يعلمنا إياه القرآن،  ولو جاء القرآن بدين منفرد منبتّ الأصول مقطوع الجذور لما كان فيه قصص الأنبياء السابقين، ولما جاءت الدعوة الملحّة إلى أن إيماننا مشروط بالإيمان بهم جميعا وبكلّ ما أنزل عليهم -كما أنزل عليهم- . «إنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُم...» -آل عمران-   "الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3)وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)" -البقرة-

4-) أخذ الله الميثاق على كل الأنبياء أن يصدّق بعضهم بعضا، وأن يأخذ كل نبي بدوره الميثاق على قومه أن يصدّقوا بالنبي الذي يأتي من بعده، وبرسول الله صلى الله عليه وسلم  : "وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ ۚ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِي ۖ قَالُوا أَقْرَرْنَا ۚ قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ (81)" -آل عمران-

وعلى هذا، علميها أننا نؤمن بعيسى -عليه السلام- بخلافهم، وهم لا يصدقون برسول الله صلى الله عليه وسلم. وتصديقنا بكل الأنبياء وبكل ما نزل عليهم كما نزل من عند الله لا كما حُرّف، وحده دليل على صحة الإسلام وأنه الدين الأول للأرض والدين الأخير،  وأنه الذي نزل القرآن يبين كيف اختلف الناس والأمم فيه بتبديلهم وتحريفهم  لكتبهم، وبنَفْي الطائفة منهم الحق عن الطائفة الأخرى، وادّعاء كل طائفة أنها التي على الحق . وبتكذيب أتباع النبي السابق للنبي اللاحق ناقضين للميثاق الذي أخذه الله على كل نبي وأن ياخذه النبي على قومه بالتعدّي ، انتهاء إلى تكذيب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

كل الانبياء جاؤوا بعقيدة واحدة وتصور واحد لله وللوجود ولحقيقة الدنيا وفنائها ومجيء الآخرة موعدا للحساب .

يجب أن تتشرب جيدا هذه النقاط الأساسية لتفهم أن قولهم عن دينهم بأنه الحق -بعيدا عن أنهم المحرفون لكتبهم- قول اجتزائي بمعنى انه يجعل دينهم شيئا منفصلا، منبتّ الأصول..  بينما قولنا عن ديننا أنه الحق هو قول شموليّ يضرب في الجذور والأصول،ويؤكد أن الإسلام ليس جديدا من ساعة نزول القرآن،  بل هو الأول والأصل والذي كان في كل أزمنة الانبياء وهو بالقرآن يعيد أصول الدين الواحد .. جاء القرآن يبين حقائق التحريف والتبديل ليعيد الأصل الأول وليبيّن توالي الأنبياء والرسل بالدين الواحد..

ولقد كانوا دائما إقصائيين لغيرهم وهم يقولون بخلاف ما جاءت به كتبهم من تصديق الكتب بعضها لبعض، والرسل بعضها لبعض : "وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ»
ولقد جاء عيسى مصدقا بموسى وبالتوراة،  وهم الذين حرفو وبدلو وكذبوا..  وكذلك مع رسول الله فعلوا -عليهم جميعا صلوات الله وسلامه-. بينما نحن نقر بأنبيائهم وكتبهم، وكتابنا المهيمن الشامل جاء مبيّنا لتحريفهم وتبديلهم واختلافهم .

هذا الذي يجب أن تعرفه كمنطلقات تخوّل لها فهم وحدة الدين، وأنّ ادعاءهم في دينهم إنما هو ادّعاء مَن أنكر وحدة الدين بما أحدث من تحريف وتبديل موثق في الكتاب الخاتم الذي جاء محفوظا من الله تعالى، حافظا لدين الله الواحد الذي جعله للأرض واحدا وبدّله البشر واختلفوا فيه .

ومن كان له منكم إخوتي ملاحظة أو إضافة فليتفضل .

جواد:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سامحوني على أخذ الحوار في ناحية أخرى، لكن هذا الموضوع شائك ولا يأخذ حقه في النقاش.

وبداية فنحن لم نجني من محاولات الترقيع أو النصائح المنعزلة عن الواقع إلا كل هزيمة وانهيار. فنحن نتحدث مع أجيال مختلفة عنا، وما نتصوره انتصارا قد لا يعدوا مجرد مسكن مؤقت لا يعالج المشكلة من جذورها.

ولا أقلل هنا من قيمة الرد على الشبهات وتفنيدها وصياغة المعلومات الشرعية في إطار الحجة البينة، خاصة مع ضعف المعارف الشرعية عند الكثير من المسلمين اليوم.
لكن الواقع يقول أن الشبهات لم تعد تطرح بالطريقة النظرية السابقة، وأن هناك ما هو أخطر من طرح شبهة مباشرة في الدين، وهو التطبيع مع الواقع باعتباره مقياس الصواب والخطأ.

والمعضلة التي نواجهها في الرد على شبهات الأجيال التي نشأت في الغرب متعلقة بشكل أساسي بقرارات الأب والأم منذ البداية، فالمشكلة لا تتكون في يوم وليلة!
الأسرة التي اختارت العيش في الغرب، ثم لم تتحرى الدولة التي انتقلت إليها ولا المدرسة التي يرتادها أبناؤها هي المسؤولة أولا عن الضعف أمام الشبهات.
ثم ما مقدار التربية الإيمانية في الأسرة بالقياس بكل الأنشطة الأخرى؟

وحيث أننا نتكلم عن فرنسا، فلا أتخيل حقيقة كيف لمسلم أن يقبل بالعيش في فرنسا تحديدا ولديه أطفال صغار يذهبون للمدارس الفرنسية التي تجبر الفتيات على خلع الحجاب وحتى العباءة!
ليس هذا فحسب، بل يدفع من ماله شهريا ضرائب للدولة الفرنسية تستخدمها في محاربة كل ما يمت للإسلام بصلة.

أي رسالة تصل للطفل حين يرسله أبواه إلى المدارس العلمانية التي صار شغلها الشاغل غرس مفاهيم الشذوذ والإلحاد أكثر من أي شيء آخر!
ثم حين تتفاقم الأمور حول الشبهات يكون الحل المتصور هو تلقين الطفل بعض المعلومات أو الدخول في نقاشات معقدة لا تستسيغها فطرة قد أفسدت بفعل المدرسة والمجتمع.

وحتى يكون الكلام عمليا، فالحل من وجهة نظري في تلك المشاكل يكون بالفعل أكثر من الكلام والنقاش. فالطفل يشعر بمقدار تعظيم الدين في صدر الأب والأم ويتشرب ذلك منهما قبل أي شيء.
فإذا كانت الأولوية دوما للتفوق المادي والعلمي، ثم يأتي الدين على الهامش بشكل لا يختلف عمن يمارس رياضات التأمل واليوجا، فالمشكلة هنا في الأبوين أولا قبل أطفالهما.

التصرف العملي يكون بالانتقال إلى دولة أخرى بها مدارس إسلامية. هذا وحده كفيل بحل المشكلة إن شاء الله دون الحاجة للدخول في تعقيدات نقاشية مع فئة عمرية تحتاج للقدوة بالعمل قبل أي شيء.
فإذا كان العمل والاستقرار المادي والمجتمعي أهم من الدين، فالشبهات لن تتوقف، أو قد ينقطع الكلام عنها وتظل كالنار تحت الرماد.

عافانا الله وإياكم من الفتن ما ظهر منها وما بطن.

حازرلي أسماء:
أهلا وسهلا بك أخي جواد..

كل ما قلتَه صحيح وأعرفه،  ودائما هو ديدني معها،  وحذرتها منه أكثر مع سؤالها الأخير.. إذ كان ردي عليها أن هناك حلا جذريا منقذا،  وهو تفكيرها وزوجها الجدّي في ترك فرنسا بالكلية مع بداية هذه المرحلة الحرجة لبناتها،  وأن الله تعالى سييسّر لهما إن كانت الغاية إنقاذ عقيدة بناتهما،  وأن الحل المؤقت السطحي هو إيجاد وسط إسلامي مصغر بديل تضع به بناتها،  يعني مركز إسلامي وصديقات مسلمات، ولو أن فرنسا اكثر بلاد اوروبا افتقارا لهذه المراكز وأشرسها حربا على الإسلام كما هو معلوم.. وقد كان جوابها انها  بالفعل من بعد ما كبرت ابنتها وهي تعي خطورة الوسط على هويتها،  تغير تفكيرها وتفكير زوجها وأصبحا يفكران جديا بالانتقال من فرنسا والبحث عن مكان عمل في دولة عربية (من دول الخليج).. تتيح بشكل خاص تخصص زوجها الدقيق الذي لا يتوفر في كل مكان.. وهذا ما يسعيان له..

وحتى ذلك الحين وذلك الحل-وسواء تيسر أو لم يتيسر-  كان لا بد من حل النقاش،   كان لا بد من رد شافٍ لابنتها التي تتميز بعقل سؤول جدا،  لا ينفك باحثا عن الحواب. وعموما الردود هنا لكل حالة مشابهة،  وأبناء المغتربين في كل مكان من بلاد الغرب  معرضون لهذه الشبهة،  بل وفي بلاد المسلمين،  ولهذا أضع الأحوبة كمرجعية نحتاجها للحالات المشابهة.

نسأل الله أن يعافيهم ويعافي أبناء المسلمين  المغتربين في كل مكان  .

جواد:

--- مقتبس من: حازرلي أسماء في 2023-09-28, 21:25:44 ---أهلا وسهلا بك أخي جواد..

كل ما قلتَه صحيح وأعرفه،  ودائما هو ديدني معها،  وحذرتها منه أكثر مع سؤالها الأخير.. إذ كان ردي عليها أن هناك حلا جذريا منقذا،  وهو تفكيرها وزوجها الجدّي في ترك فرنسا بالكلية مع بداية هذه المرحلة الحرجة لبناتها،  وأن الله تعالى سييسّر لهما إن كانت الغاية إنقاذ عقيدة بناتهما،  وأن الحل المؤقت السطحي هو إيجاد وسط إسلامي مصغر بديل تضع به بناتها،  يعني مركز إسلامي وصديقات مسلمات، ولو أن فرنسا اكثر بلاد اوروبا افتقارا لهذه المراكز وأشرسها حربا على الإسلام كما هو معلوم.. وقد كان جوابها انها  بالفعل من بعد ما كبرت ابنتها وهي تعي خطورة الوسط على هويتها،  تغير تفكيرها وتفكير زوجها وأصبحا يفكران جديا بالانتقال من فرنسا والبحث عن مكان عمل في دولة عربية (من دول الخليج).. تتيح بشكل خاص تخصص زوجها الدقيق الذي لا يتوفر في كل مكان.. وهذا ما يسعيان له..

وحتى ذلك الحين وذلك الحل-وسواء تيسر أو لم يتيسر-  كان لا بد من حل النقاش،   كان لا بد من رد شافٍ لابنتها التي تتميز بعقل سؤول جدا،  لا ينفك باحثا عن الحواب. وعموما الردود هنا لكل حالة مشابهة،  وأبناء المغتربين في كل مكان من بلاد الغرب  معرضون لهذه الشبهة،  بل وفي بلاد المسلمين،  ولهذا أضع الأحوبة كمرجعية نحتاجها للحالات المشابهة.

نسأل الله أن يعافيهم ويعافي أبناء المسلمين  المغتربين في كل مكان  .

--- نهاية الإقتباس ---

آمين. نسأل الله العفو والعافية. من جانبي فالتركيز الأساسي هو القرار العملي. وفكرة الانتقال لدول الخليج لن تكون سهلة وقد لا تتحقق أبدا، فهو تسويف لمشكلة تحتاج تدخل سريع.
والخليج بشكل عام في مرحلة زمنية جديدة تركز فيها على توطين الوظائف والتضييق على الأجانب لصالح المواطن. ولم أعرف أحدا نجح في الانتقال من أوروبا إلى الخليج في السنوات القليلة الماضية!

وحيث أن الانتقال إلى منطقة مختلفة بالكلية سيأخذ الكثير من الوقت والجهد، فيمكنهم أن يبدأوا بالانتقال إلى دولة أخرى في أوروبا بها مدرسة إسلامية، فهذا أسهل بكثير ولا يتطلب الكثير من التعقيدات.
كذلك من الأمور العملية، الصدقة بنية الهداية، ومشاركة الأبناء في العبادات كالصوم والصلاة والدعاء والصدقة والعمرة،
وأن نصلح من أنفسنا لنكون قدوة لهم في الأخلاق والعبادات، وفي التعامل معهم كذلك، فهذا أوقع من أي نصح.

وهناك أمر آخر، فقد لاحظت مؤخرا أننا نكيف الدين على ما نريد تحقيقه في حياتنا، وهذا واضح جدا في أمور الاقتصاد، لكنه سياق عام في حياة المسلمين اليوم بكل أسف.
وما إن يجد الفقهاء مخرجا شرعيا أو فتوى تبيح أمرا ما لشيوع المنكر، إلا ويتحول إلى أصل من الدين في ذاته! ولأن ذلك غالبا ما يحتوي على منفعة دنيوية، فيتكون تيار مقاومة للمفهوم الأصلي من الدين!
وإذا استمر الوضع على هذا الحال، خاصة مع وجود نموذج ربح خلف تلك الفتاوى، فقريبا سيكون هناك دين جديد لا يمت لأصل الإسلام بصلة!
فالتوسع في فتاوى الإباحة بحكم ضرورات الدنيا صار فتنة شديدة، وكأن هناك نموذج كنسي من الإسلام يراد له أن ينتشر ويعم.

أما عن الحوار مع من لدية شبهات، فأفضل البداية من الأساسيات (وجود إله خالق للكون) ثم البدء بالنقاش العقلي المنطقي والبعد عن أي اقتباسات من القرآن أو السنة.

تبسيط الأمور وتجريد الحقائق هنا مهم جدا، لأنه ينبني عليه ما يتبعه من نقاش. ولندرك أن من تربى في مدارس غربية علمانية فقد تأثر جدا بالعقل والمادة، حتى صار العقل هو الإله على الحقيقة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

فإن اتفقنا على استحالة أن يخلق الكون من العدم أو يخلق نفسه بنفسه مع هذا التعقيد الفائق، وأنه لابد أن هناك إله خالق، فلابد كذلك أن الله قد خلق هذا الكون لغاية، فلا يجوز في حق الله أن يخلق شيئا بغير سبب.
ثم ننتقل إلى كيفية إخبار المخلوقات المخيرة على الأرض بمراد الله منها، ومن هنا نأتي للرسل وحقيقة اختلاف الرسالات بينهم حتى نصل للنبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم.

في هذه المرحلة فقط، وبعد التأكد من أن المراحل السابقة ليس فيها شبهة أو اختلال في الفهم، نبدأ بالحديث عن الإسلام، وماذا قال الله ورسوله، ويكون التركيز هنا على الآيات والأحاديث التي يمكن استقاء المعنى منها مباشرة وبوضوح.

مع محاولة تجنب الأمور الخلافية أو استقاء المعلومة من شيخ معين، خاصة من المعاصرين، لأن أكبر مدخل للشيطان حاليا هو أن نكرة من الناس يدعي علمه بالشرع جاء ليخالف كل علماء الأمة برأي شاذ!
فمهم ألا ننساق في النقاش لتلك الأمور، خاصة في البدايات.

أخيرا، سمو الهدف الذي يسعى له الإنسان في حياته ينطبع على أخلاقه ويؤثر في تفكيره وقناعاته، فإن كان هذا الهدف ماديا محضا، يزداد وحشة وتخبطا في مادية لا تدع للروح مجالا للتدبر كما أراد الله له.

والله المستعان.

تصفح

[0] فهرس الرسائل

[#] الصفحة التالية

الذهاب الى النسخة الكاملة