المحرر موضوع: تعالوا نـــــَـــعــــــــش مع صفحة .........  (زيارة 32979 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

حازرلي أسماء

  • زائر
ونكمل أيها الإخوة مع قوله سبحانه :

فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِندَ المَشْعَرِ الحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ

إذن فقد تعلق الأمر هذا بهذا ....في لحمة واحدة وفي هدف واحد يراد، هو أن تكون الحياة بكليتها بالإسلام وبنور الإسلام ....
وحتى في سياق الكلمات، يأتي بعد إباحة اله سبحانه لعبادة الاتجار في موسم الحجّ تتمة تبيينه لشعائر هذه الفريضة ومناسكها،

فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِندَ المَشْعَرِ الحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ

إذن فكما عرفنا ما يميز الحج عن العمرة الوقوف بعرفة، ومن بعد الوقوف يكون الرجوع وهي هنا بلفظ الإفاضة ....ولغة أفاض القوم من المكان أي اندفعوا منه، والمشعر الحرام هو المزدلفة ...

ونقتبس من "في ظلال القرآن" ما يفسر لنا الوقوف بعرفة والإفاضة منها....

والوقوف بعرفة عمدة أفعال الحج . . روى أصحاب السنن بإسناد صحيح عن الثوري عن بكير , عن عطاء , عن عبد الرحمن بن معمر الديلمي . قال:سمعت رسول الله [ ص ] يقول:" الحج عرفات - ثلاثا - فمن أدرك عرفة قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك . وأيام منى ثلاثة . فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه , ومن تأخر فلا إثم عليه " . .
ووقت الوقوف بعرفة من الزوال [ الظهر ] يوم عرفة - وهو اليوم التاسع من ذي الحجة - إلى طلوع الفجر من يوم النحر . . وهناك قول ذهب إليه الإمام أحمد , وهو أن وقت الوقوف من أول يوم عرفة . استنادا إلى حديث رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن وصححه الترمذي . عن الشعبي عن عروة بن مضرس بن حارثة بن لام الطائي قال:" أتيت رسول الله [ ص ] بالمزدلفة حين خرج إلى الصلاة فقلت:يا رسول الله إني جئت من جبل طيء . أكللت راحلتي وأتعبت نفسي , والله ما تركت من جبل إلا وقفت عليه . فهل لي من حج ? فقال رسول الله [ ص ]:" من شهد صلاتنا هذه فوقف معنا حتى ندفع , وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلا أو نهارا , فقد تم حجه وقضى تفثه " .
وقد سن رسول الله [ ص ] للوقوف هذا الوقت - على أي القولين - ومد وقت الوقوف بعرفة إلى فجر يوم النحر - وهو العاشر من ذي الحجة - ليخالف هدي المشركين في وقوفهم بها . . روى ابن مردويه والحاكم في المستدرك كلاهما من حديث عبد الرحمن بن المبارك العيشي - بإسناده - عن المسور ابن مخرمة قال:" خطبنا رسول الله [ ص ] وهو بعرفات . فحمد الله وأثنى عليه , ثم قال:" أما بعد - وكان إذا خطب خطبة قال:أما بعد - فإن هذا اليوم الحج الأكبر . ألا وإن أهل الشرك والأوثان كانوا يدفعون في هذا اليوم قبل أن تغيب الشمس , إذا كانت الشمس في رؤوس الجبال كأنها عمائم الرجال في وجوهها . وإنا ندفع قبل أن تطلع الشمس , مخالفا هدينا هدي أهل الشرك "
(1)

إذن فالوقوف بها يسنّ من زوال يوم التاسع من ذي الحجة وهو يوم عرفة إلى طلوع الفجر من اليوم الموالي يوم النحر العاشر من ذي الحجة، ثم من بعدها يفيض الحجاج، إذ دفع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تبين بعد غروب شمس يوم عرفة

وقد جاء في حديث جابر بن عبد الله - في صحيح مسلم - " فلم يزل واقفا - يعني بعرفة - حتى غربت الشمس وبدت الصفرة قليلا , حتى غاب القرص , وأردف أسامة خلفه , ودفع رسول الله [ ص ] وقد شنق للقصواء الزمام , حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله , ويقول بيده اليمنى:" أيها الناس , السكينة السكينة " كلما اتى جبلا من الجبال أرخى لها قليلا حتى تصعد . حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ولم يسبح بينهما شيئا . ثم اضطجع حتى طلع الفجر فصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة , ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام . فاستقبل القبلة فدعا الله وكبره وهلله ووحده فلم يزل واقفا حتى أسفر جدا , فدفع قبل أن تطلع الشمس " . . (2)

إذن فالمشعر الحرام هو المزدلفة وذكر الله في هذا المشعر وهو بمعنى المَعلم، هو ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الإفاضة من عرفات بصلاة المغرب والعشاء عنده ....وهذا معنى قوله سبحانه:

وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ

يأمر سبحانه أن يذكره المؤمنون عند المشعر بعد الإفاضة كما هداهم، كما أنعم عليهم بنعمة الإسلام ونعمة الهداية إلى الصراط المستقيم، نعمة الهداية بعد الضلال، نعمة النور بعد الظلام، نعمة العلم بعد الجهل، نعمة الإنابة والعودة لرحابه بعد الشرك والبعد عنه، نعمة معرفته والاتصال به، بعد الغربة عنه ونكرانه وجحوده وعدم معرفته .....

نعمة ليس هناك أجلّ منها بين النعم....نعمة هي القائدة إلى كل خير وكل نفع وكل ربح وكل فوز.....نعمة هي شراع الحرية اللوّاح الذي يحرّر العقل من كل أسر إلا من أسر العبودية لله وحده، إلا من أسر هو ذاته حرية تامة، فلا نفس تأسر، ولا هوى يأسر، ولا شهوة تأسر، ولا عبدا يساوي العبد يأسر....

وهذه اللقطة الجميلة في هذا المعنى أقتطفها من بستان الظلال emo (30):

كانت ولا شك تتواكب على خيالهم وذاكرتهم ومشاعرهم صور حياتهم الضالة الزرية الهابطة التي كانت تطبع تاريخهم كله ; ثم يتلفتون على أنفسهم ليروا مكانهم الجديد الذي رفعهم إليه الإسلام , والذي هداهم الله إليه بهذا الدين , فيدركون عمق هذه الحقيقة وأصالتها في وجودهم كله بلا جدال . .
وهذه الحقيقة ما تزال قائمة بالقياس إلى المسلمين من كل أمة ومن كل جيل . . من هم بغير الإسلام ? وما هم بغير هذه العقيدة ? إنهم حين يهتدون إلى الإسلام , وحين يصبح المنهج الإسلامي حقيقة في حياتهم ينتقلون من طور وضيع صغير ضال مضطرب إلى طور آخر رفيع عظيم مهتد مستقيم . ولا يدركون هذه النقلة إلا حين يصبحون مسلمين حقا , أي حين يقيمون حياتهم كلها على النهج الإسلامي . . وإن البشرية كلها لتتيهفي جاهلية عمياء ما لم تهتد إلى هذا النهج المهتدي . . لا يدرك هذه الحقيقة إلا من يعيش في الجاهلية البشرية التي تعج بها الأرض في كل مكان , ثم يحيا بعد ذلك بالتصور الإسلامي الرفيع للحياة , ويدرك حقيقة المنهج الإسلامي الشامخة على كل ما حولها من مقاذر ومستنقعات وأوحال !
وحين يطل الإنسان من قمة التصور الإسلامي والمنهج الإسلامي , على البشرية كلها في جميع تصوراتها , وجميع مناهجها , وجميع نظمها - بما في ذلك تصورات أكبر فلاسفتها قديما وحديثا , ومذاهب أكبر مفكريها قديما وحديثا - حين يطل الإنسان من تلك القمة الشامخة يدركه العجب من انشغال هذه البشرية بما هي فيه من عبث , ومن عنت ومن شقوة , ومن ضآلة , ومن اضطراب لا يصنعه بنفسه عاقل يدعي - فيما يدعي - أنه لم يعد في حاجة إلى إله ! أو لم يعد على الأقل - كما يزعم - في حاجة لاتباع شريعة إله ومنهج إله !
فهذا هو الذي يذكر الله به المسلمين , وهو يمتن عليهم بنعمته الكبرى:
(واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين). .
(3)




----------------------------------------------
(1)في ظلال القرآن لسيد قطب
(2) نفس المصدر السابق
(3) نفس المصدر السابق

حازرلي أسماء

  • زائر
والآن أيها الإخوة الكرام مع الآية الموالية :

ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (199)

لنتأمل أيها الإخوة الكرام سبب نزول هذه الآية أولا :

قوله (ثُمَّ أَفيضوا مِن حَيثُ أَفاضَ الناسُ) أخبرنا التميمي بالإسناد الذي ذكرناه عن يحيى بن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: كانت العرب تفيض من عرفات وقريش ومن دان أخبرنا محمد بن أحمد بن جعفر المزكي قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن زكريا قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن السرخسي قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي خيثمة قال: حدثنا حماد بن يحيى قال: حدثنا نصر بن كوسة قال: أخبرني عمرو بن دينار قال: أخبرني محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال: أضللت بعيراً لي يوم عرفة فخرجت أطلبه بعرفة فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واقفاً مع الناس بعرفة فقلت: هذا من الحمس ماله ها هنا قال سفيان: والأحمس:  الشديد الشحيح على دينه وكانت قريش تسمى الحمس فجاءهم الشيطان فاستهواهم فقال لهم: إنكم إن عظمتم غير حرمكم استخف الناس بحرمكم فكانوا لا يخرجون من الحرم ويقفون بالمزدلفة فلما جاء الإسلام أنزل الله عز وجل (ثُمَّ أَفيضوا مِن حَيثُ أَفاضَ الناسُ) يعني عرفة رواه مسلم عن عمر والناقد عن ابن عيينة.(1)

إذن فقبيلة قريش كانوا يسمّون الحُمس بمعنى المتشددين في دينهم، وكانوا يرون في أنفسهم رفعة عن غيرهم من القبائل ومن أهل مكة، يقول البخاري :حدثنا هشام عن أبيه عن عائشة قالت:" كان قريش ومن دان دينها يقفون بالمزدلفة , وكانوا يسمون الحمس , وسائر العرب يقفون بعرفات . فلما جاء الإسلام أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يأتي عرفات , ثم يقف بها ثم يفيض منها . فذلك قوله:من حيث أفاض الناس " . .

ومنهم من يقول أنّ الإفاضة هنا من عرفات ، ومنهم من يقول أنها الإفاضة من المزدلفة إلى منى صبيحة النحر...

إنها المساواة، إنه تكريسها بهذا الدين القَويم الذي محا كل أثر من آثار الجاهلية الظلماء المتعدّية المتكبرة، التي فتحت الأبواب على مصاريعها للأهواء،لتتكبّر وتتعنّت وترى الأنساب وشرف الأنساب فاصلا وفيصلا بين الناس، ليس هناك فرق بين هذا ولا ذاك، الناس سواسية كأسنان المشط، فلا يدع بذلك الإسلام مجالا ذهنيا ولا مجالا حركيا لمثل هذه الجاهليات، جاء ليأمر الجميع أن يكونوا سواسية، فقد تجردوا في هذا الموقف المهيب من ثيابهم، ولبسوا ثيابا واحدة لا لشيء إلا ليروا أنفسهم سواء، ليس هناك من يلبس الحرير والديباج، وبالمقابل من يلبس الخَلَق والرثّ ....ساواهم في كل شيء، وأذهب عنهم كل رجس من أرجاس الأفكار الجاهليّة الخرقاء البالية التي تعطي السطوة للهوى، فإذا هي الأهواء متصارعة، وإذا هي الحروب والعداوات تقوم من جراء اتباع هذا هواه، وذاك هواه والآخر هواه، فإذاهي الفوضى، وإذا هي الضوضاء وإذا هي الاختلاط وانعدام النظام، لأنه ما من حكم أعلى يركن إليه الناس جميعا وما من سلطان أعلى يعودون إليه في الحكم والفصل ....
ويلوّح لهؤلاء الذين ضلوا عندما كانوا في الجاهلية، ضلوا فاستكبروا ورأوا أنفسهم أعلى من غيرهم، يلوّح لهم بالمغفرة والرحمة منه تحلّ عليهم، لأنه الغفور الرحيم، والإسلام يجبّ ما قبله، وما كان منهم يستغفرون الله عليه وهو أهل المغفرة وهو أهل العفو والسماح والصفح والرحمة الواسعة....استغفار الله سبحانه من كلّ ما من شأنه أن يفسد معالم هذا التصوّر الإسلامي العظيم للعلاقة البشرية وللحالة البشرية التي هي قدم من المساواة تجمع كل الناس .... الاستغفار من أجل العدول عن كل قول أو فعل لا يليق بمقام الإسلام العليّ الرفيع وبتصوره الراقي السامي ....

وننتقل فنضمّ هذه الآيات الثلاث سوية لأنها تشكل لحمة واحدة يتمّم الجزء فيها الآخر ليعطي كمال الصورة ويلقي كمالها بالقلب مفهوما ومعنى، قوله عزّ من قائل :

فإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ (200)وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ(201)أُوْلَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الحِسَابِ(202)

يقول صلى الله عليه وسلم :
الحج عرفة فمن أدرك عرفة فقد أدرك الحج
وانتهاء عرفة وإدراكها إدراك للحج وانتهاء لمناسكه ....وإنّ لنزول هذه الآ]ة سببا حريّ بنا ذكره :

قوله (فَإِذا قَضَيتُم مَّناسِكَكُم فَاِذكُروا اللهَ كَذِكرِكُم آَباءَكُم) الآية قال مجاهد: كان أهل الجاهلية إذا اجتمعوا بالموسم ذكروا فعل آبائهم في الجاهلية وأيامهم وأنسابهم فتفاخروا فأنزل الله تعالى (فَاِذكُروا اللهَ كَذِكرِكُم آَباءَكُم أَو أَشَدَّ ذِكرا).
وقال الحسن: كانت الأعراب إذا حدثوا وتكلموا يقولون: وأبيك إنهم لفعلوا كذا وكذا فأنزل الله تعالى هذه الآية.
(2)

نعم عرف العرب قبل الإسلام بتفاخرهم بأنسابهم، وبأسواق الكلام التي كانوا يتسابقون فيها على التفاخر بأنسابهم يرون فيها العزّة والشرف والمِنعة والأفضلية بعضهم على بعض ....الإسلام يعطيهم هذا التصور ويلقنهم هذا التجرّد لله وحده،ويبعدهم عن ذكر الأنساب والتفاخر بها، ولا يراد هنا مساواة ذكر الآيباء بذكر الله تعالى وإنما هو التنديد بذكر الآباء في ها المقام من التوجه الخالص لله ....

تأملوا أيها الإخوة ....تأملوا هذا التخليص، وهذا التنظيف وهذه التنقية وهذه التصفية التي يجريها الله على قلوبهم، والتي يريدهم أن يصبغوا بها، يرد أن يكونوا متجردين بحق له وحده، يريد أن يذهب عنهم الرجس والشرك والجاهلية وآثارها، يريدهم أن يدينوا لله بحق ويعبدوه حق العبادة





---------------------------------------------------------------
(1) أسباب النزول للواحدي
(2) نفس المصدر السابق
« آخر تحرير: 2008-11-25, 11:57:37 بواسطة حازرلي أسماء »

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15899
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
 :emoti_133:

فعلا يا أسماء
تتجلى المساواة في الحج بأكمل أشكالها... سبحان الله
ومهما كانت الحملة التي يحج بها المسلم فاخرة ومن النوع المرفه، فإنه لا بد له من الطواف والصلاة في الحرم والاحتكاك والتزاحم مع كل الجنسيات وكل المستويات، ولا بد له من ذلك في الرجم عند الجمرات في منى...

ومع ذلك فبعض حملات الحج في الحقيقة (خاصة تلك المرفهة الأوللا للا) التي ينقلونها على التلفاز في بث حي ومباشر، صارت لا تشعرك أبدا بروح الحج ولا بأهداف الحج، فالناس جالسة على مقاعد وثيرة في مخيمات مكيفة، تختلط نساؤهم برجالهم كأنهم في نادي اجتماعي، والحجاب مودرن، و............... غفر الله لهم ولنا...
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

حازرلي أسماء

  • زائر
:emoti_133:

فعلا يا أسماء
تتجلى المساواة في الحج بأكمل أشكالها... سبحان الله
ومهما كانت الحملة التي يحج بها المسلم فاخرة ومن النوع المرفه، فإنه لا بد له من الطواف والصلاة في الحرم والاحتكاك والتزاحم مع كل الجنسيات وكل المستويات، ولا بد له من ذلك في الرجم عند الجمرات في منى...

ومع ذلك فبعض حملات الحج في الحقيقة (خاصة تلك المرفهة الأوللا للا) التي ينقلونها على التلفاز في بث حي ومباشر، صارت لا تشعرك أبدا بروح الحج ولا بأهداف الحج، فالناس جالسة على مقاعد وثيرة في مخيمات مكيفة، تختلط نساؤهم برجالهم كأنهم في نادي اجتماعي، والحجاب مودرن، و............... غفر الله لهم ولنا...


قيمة الحج الحقيقية ودرسه الأكبر الذي يعطيه -ربما- هو في شكل المساواة بين الجميع، فمظهرهم جميعا وحالهم جميعا يجب أن يكون على قاعدة من التساوي، والفروق بين كل واحد وآخر لا يعلمها إلا الله وحده، وهي فروق القلب وما وعى، فرق بين قلب متجه لله بكليته خالص له وحده، وقلب خاوٍ -والعياذ بالله- فالجسد حاضر نعم وما سواه غائب ....

وسنأتي في تتمة الآيات المقبلات بإذن الله تعالى على الغاية والنسق العجيب الكائن بين هذه الآيات الكريمة عن الحج  لتتضح لنا الرؤية أكثر فأكثر ....
فتابعوا معنا ولا تتخلّفوا لا جعلكم من الخَوَالف عن ذكره وشكره   ::)smile:

حازرلي أسماء

  • زائر

وننتقل فنضمّ هذه الآيات الثلاث سوية لأنها تشكل لحمة واحدة يتمّم الجزء فيها الآخر ليعطي كمال الصورة ويلقي كمالها بالقلب مفهوما ومعنى، قوله عزّ من قائل :

فإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ (200)وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ(201)أُوْلَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الحِسَابِ(202)

يقول صلى الله عليه وسلم :
الحج عرفة فمن أدرك عرفة فقد أدرك الحج
وانتهاء عرفة وإدراكها إدراك للحج وانتهاء لمناسكه ....وإنّ لنزول هذه الآ]ة سببا حريّ بنا ذكره :

قوله (فَإِذا قَضَيتُم مَّناسِكَكُم فَاِذكُروا اللهَ كَذِكرِكُم آَباءَكُم) الآية قال مجاهد: كان أهل الجاهلية إذا اجتمعوا بالموسم ذكروا فعل آبائهم في الجاهلية وأيامهم وأنسابهم فتفاخروا فأنزل الله تعالى (فَاِذكُروا اللهَ كَذِكرِكُم آَباءَكُم أَو أَشَدَّ ذِكرا).
وقال الحسن: كانت الأعراب إذا حدثوا وتكلموا يقولون: وأبيك إنهم لفعلوا كذا وكذا فأنزل الله تعالى هذه الآية.
(2)

نعم عرف العرب قبل الإسلام بتفاخرهم بأنسابهم، وبأسواق الكلام التي كانوا يتسابقون فيها على التفاخر بأنسابهم يرون فيها العزّة والشرف والمِنعة والأفضلية بعضهم على بعض ....الإسلام يعطيهم هذا التصور ويلقنهم هذا التجرّد لله وحده،ويبعدهم عن ذكر الأنساب والتفاخر بها، ولا يراد هنا مساواة ذكر الآيباء بذكر الله تعالى وإنما هو التنديد بذكر الآباء في ها المقام من التوجه الخالص لله ....

تأملوا أيها الإخوة ....تأملوا هذا التخليص، وهذا التنظيف وهذه التنقية وهذه التصفية التي يجريها الله على قلوبهم، والتي يريدهم أن يصبغوا بها، يرد أن يكونوا متجردين بحق له وحده، يريد أن يذهب عنهم الرجس والشرك والجاهلية وآثارها، يريدهم أن يدينوا لله بحق ويعبدوه حق العبادة




---------------------------------------------------------------
(1) أسباب النزول للواحدي
(2) نفس المصدر السابق

قوله (فَإِذا قَضَيتُم مَّناسِكَكُم فَاِذكُروا اللهَ كَذِكرِكُم آَباءَكُم) الآية قال مجاهد: كان أهل الجاهلية إذا اجتمعوا بالموسم ذكروا فعل آبائهم في الجاهلية وأيامهم وأنسابهم فتفاخروا فأنزل الله تعالى (فَاِذكُروا اللهَ كَذِكرِكُم آَباءَكُم أَو أَشَدَّ ذِكرا).
وقال الحسن: كانت الأعراب إذا حدثوا وتكلموا يقولون: وأبيك إنهم لفعلوا كذا وكذا فأنزل الله تعالى هذه الآية.
(2)

نعم عرف العرب قبل الإسلام بتفاخرهم بأنسابهم، وبأسواق الكلام التي كانوا يتسابقون فيها على التفاخر بأنسابهم يرون فيها العزّة والشرف والمِنعة والأفضلية بعضهم على بعض ....الإسلام يعطيهم هذا التصور ويلقنهم هذا التجرّد لله وحده،ويبعدهم عن ذكر الأنساب والتفاخر بها، ولا يراد هنا مساواة ذكر الآباء بذكر الله تعالى وإنما هو التنديد بذكر الآباء في هذا المقام من التوجه الخالص لله ....


تأملوا أيها الإخوة ....تأملوا هذا التخليص، وهذا التنظيف وهذه التنقية وهذه التصفية التي يجريها الله على قلوبهم، والتي يريدهم أن يُصبغوا بها وهو سبحانه القائل : "صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون" الآية 138 من سورة البقرة، يريد أن يكونوا متجردين بحق له وحده، يريد أن يذهب عنهم الرجس والشرك والجاهلية وآثارها، يريدهم أن يدينوا لله بحق ويعبدوه حق العبادة


فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ (200)

وإن كان هذا حال فئة من الناس في الحجّ إذ يذكرون آباءهم افتخارا بالأنساب والانتساب أكثر من ذكرهم الله سبحانه، فإنهم القائلون "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وما له في الآخرة من خلاق" 
فهو مهتم بالدنيا، لا يذكر الله أكبر ذكره، لا يكون الله عنده أول الأمر ومنتهاه، ومن لم يذكر الله كثيرا نسي ذكر الآخرة، ونسي ، وإن لم ينسَها فإن ذكره الأكبر للدنيا سيلهيه عنها، لن يكون له من خَلاق في الآخرة أي لن يكون له من نصيب وافر من الخير فيها، فذكر الآخرة يستدعي ذكر خيرها، ذكر نعيمها وأنه الجزاء الأوفى، وأنها الخلود الذي لا زوال له، وأنها الباقية الدائمة، وأنّها فعلا هي تلك الدار التي يسعى لها الإنسان سعيه....

نحن في هذه الدنيا كمثل ذلك الضيف الذي يحلّ على مضيفه، فهل هو دائم المكوث عنده؟؟ هل هو مستقرّ عنده مرتاح كل راحته؟؟؟لا بدّ له وإن طال البقاء من عودة وإلا لما عدّ في عِداد الضيوف، هكذا هي الدنيا نعيشها ونحياها ونحن ننتظر عودتنا لمستقرّنا ولمقامنا الدائم الخالد الذي لا نغادره، فكل مكان نغادره ليس لنا مكانا يحقّ أن نسميه ملكا، وكل متاع زائل لا يبقى كما لا يبقى صاحبه ولا يبقى مكانه ولا يبقى زمانه ، فأي مستقرّ له، وأي ثبات وأي خلود وأي بقاء ؟؟؟؟ كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال  والإكرام


يمدّ الإنسان يده لله ويسأله، فإذا هو يسأل الدنيا أول ما يسأل وآخر ما يسأل ...ربما بدا هذا في كلامه، أو ربما وإن لم يبدُ في كلامه وبدا أنه سائل الدنيا والآخرة، فإنّ لهثه خلف الدنيا وطمعه في الدنيا ذلك المضمر في قلبه العالم به الله وحده ....
يعلمنا سبحانه أن تتجرد قلوبنا له وحده، فإذا تجردت له وحده فهل حقا نسأل الدنيا أكثر من سؤالنا حظا وافرا من الخير لنا في الآخرة؟ فهل حقا نرتضي ألا يكون لنا من خَلاق في الآخرة؟؟؟ وإنما ستأتي الأحوال تباعا ستنتج هذه الحال عن تلك، فينتج السؤال من فعل التجرد الخالص، فيتمنى المؤمن أن يخلصه الله في الآخرة، وأن يرزقه نعيمه فيها ويجعله من السعداء فيها .....


وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ(201)أُوْلَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الحِسَابِ(202)

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار .........ومن هؤلاء الناس أيضا سواء كانوا حجيجا أو غير حجيج من يسأل المولى الحنان المنان المعطي أن يؤتيه في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، فهو سائله خيري الدنيا والآخرة، يقينا منه أنّ الله المعطي وإن أغدق في العطاء بما أغدق، وإن ضاعف العطاء أضعافا مضاعفة لا يعلم قدرها وميزانها إلا هو وحده في تمام علمه وكمال علمه، وإن أعطى ما أعطى فلن ينقص ذلك من ملكه شيئا، ولن ينقص مما عنده شيئا ....
فيسأله الخلاص في الدنيا والخلاص في الآخرة، يسأله خير الدنيا وخير الآخرة، يسأله عطاء الدنيا وعطاء الآخرة ....

يسأله الخيرين في الدارين ....يسأله في الدنيا حسنة وعلى قول بعض العلماء أنّ الحسنة لم تحدّد من طرفهم فهم يتركون اختيارها لهم للعليم الخبير الحكيم الذي يعلم خير أنفسهم أكثر من أنفسهم، ومنهم من يقول كسيدنا علي رضي الله عنه وأرضاه " الحسنة في الدنيا المرأة الصالحة وفي الآخرة الحوراء"

إن هذا التعليم الإلهي يحدد:لمن يكون الاتجاه . ويقرر أنه من اتجه إلى الله وأسلم له أمره , وترك لله الخيرة , ورضي بما يختاره له الله , فلن تفوته حسنات الدنيا ولا حسنات الآخرة . ومن جعل همه الدنيا فقد خسر في الآخرة كل نصيب . والأول رابح حتى بالحساب الظاهر . وهو في ميزان الله أربح وأرجح . وقد تضمن دعاؤه خير الدارين في اعتدال , وفي استقامة على التصور الهاديء المتزن الذي ينشئه الإسلام

إن الإسلام لا يريد من المؤمنين أن يدعوا أمر الدنيا . فهم خلقوا للخلافة في هذه الدنيا . ولكنه يريد منهم أن يتجهوا إلى الله في أمرها ; وألا يضيقوا من آفاقهم , فيجعلوا من الدنيا سورا يحصرهم فيها . . إنه يريد أن يطلق(الإنسان)من أسوار هذه الأرض الصغيرة ; فيعمل فيها وهو أكبر منها ; ويزاول الخلافة وهو متصل بالأفق الأعلى . . ومن ثم تبدو الاهتمامات القاصرة على هذه الأرض ضئيلة هزيلة وحدها حين ينظر إليها الإنسان من قمة التصور الإسلامي . .
(1)


----------------------------------------------------------------------------
(1) في ظلال القرآن لسيد قطب





« آخر تحرير: 2008-11-25, 12:44:42 بواسطة حازرلي أسماء »

حازرلي أسماء

  • زائر
وتعقيبا على كلمات الإمام الشهيد، نعم الإسلام لا يريد من المؤمن أن ينى أمر الدنيا، وإنما يجعله ببشريته وبفطرته وبطبيعته والإسلام موائم للفطرة والطبيعة البشرية كل المواءمة، يجعله يتصل بالدنيا مادام عائشا فيها، مادامت ساحة وجوده، وساحة كينونته، وساحة سعيه، فلا يغيّبه عنها، ولا يدّعي جزافا وهراء من القول بأن يضحي المؤمن في محراب من بدء خلقه إلى نهاية وجوده، فما معنى الدنيا إذن ؟؟؟ ما معنى أنها دار الامتحان، ودار الابتلاء، ودار العمل للحصول على الأجر، دار العمل ....

ولكنّ الحكمة ألا تشغل القلب، ألا تشغل الفكر، ألا تسيطر، ألا تكون هي الأولى وهي الآخرة في الحساب، ألا تسطو على النفس فتأخذها أخذة رابية، تأخذها أخذة تنسى بها ربها وخالقها، تنسى فضله عليها، فتنسى يوم لقائه وما عليها أن تحضّر وتجهّز لهذا اللقاء...
ألا تكون أكبر الهمّ ومبلغ العلم، ألا تكون هي المحسوبة وألا يأخذ نعيمها وبهرجها العقل والقلب، فتخوى الروح وتفرغ من كل ما يعلقها بمولاها، وما يرجعها إليه سبحانه ....

تأملوا أيها الإخوة ........تأملوا ....قولهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة و في الآخرة حسنة

وماذا أيضا ؟؟؟؟؟ لو توقفنا لكان السؤال ذا طرفين طرف للدنيا بالحسنة وطرف للآخرة بالحسنة
ولكن لا ....لقد زيد للآخرة دعاء آخر، ثان يوحي بزيادة قيمتها، وزيادة حاجة العبد لها أكثر من حاجته للدنيا ...زيد عليها "وقنا عذاب النار"


فأصبح للآخرة حظان وللدنيا حظ واحد .........الدنيا لا نار فيها نسأله أن يخلصنا منها ...... فنسأله حسنتها التي ترضيه التي تقود إلى مرضاته وإلى العيش بما يرضيه، ولكن الآخرة فيها نار نسأله أن يخلصنا منها وأن يقينا عذابها ....وإذا وقانا عذابها فقد نجونا ....فقد نجونا ونلنا الحظ الدائم، النصيب الدائم المقيم الذي لا ينقطع

حازرلي أسماء

  • زائر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته emo (30):

ونكون مع الآية الأخيرة من صفحتنا المباركة هذه أيها الإخوة الأكارم.... قوله تعالى :

أُوْلَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الحِسَابِ(202)

علمنا أنّه سبحانه قد وصف حالين وفريقين من الناس، ففريق يدعو بالدنيا ويسأل حطام الدنيا وهو لاهٍ عن الآخرة، ناسيها، غافل عنها،فما له فيها من حظ ولا نصيب خير ، وفريق يسأل الدنيا والآخرة، وإذا سأل الدنيا فهو يسأل الله فيها الحسنة التي ترضيه وبما يرضيه سبحانه، حتى يلقى الله وهو راض عنه، ويسأل حسنة الآخرة والنجاة من النار، فأولئك يقول الله عنهم لهم نصيب مما كسبوا بمعنى نصيب من أعمالهم الخيّرة وحسن عملهم، نصيبهم هو جزاؤهم الأوفى يوم القيامة ونعيمهم في جنات الخلد ورضوان الله عليهم، ومن المفسرين من يقول أنّ الدعاء يدعى كسبا، فإنّ لهم من دعائهم نصيب إجابة منه سبحانه....كما يقول بعضهم أيضا أنّ المعنى هو "من أجل ما كسبوا" كقوله تعالى " مما خطيئاتهم أغرقوا " نوح 25

أي لهم نصيب من أجل حسن عملهم، لقاء حسن عملهم ....وفي كلٍّ خير ونعمة وفضل من ذي الفضل العظيم على عباده المتقين الذين لا ينسون دار القرار.... الذين يوقنون تمام اليقين أنّما الدنيا إلى زوال وأنّ البداية الحقيقية والحياة الحقيقية إنما هي حياته يوم غد يوم اللقاء الأعظم به عزّ وجلّ ونيل النصيب الذي هو منه وعد حقّ لا يخلفه  ....

والله سريع الحساب
وكأنما هو الإيحاء بسرعة مجيئ يوم القيامة .... بأنه يوم لا ريب فيه آت آت ....بأنه يوم يحشر فيه الناس سواسية لا فرق بين أحد وأحد فيه إلا بالعمل وإلا بالتقوى، وإلا ياليقين الذي لازمهم في الحياة الدنيا ....
وهناك جملة من الأقوال في هذه نوردها جميعا لأن في جميعها خير وفي جميعها يتجلى المعنى من قوله سبحانه:

وفي معنى سرعة الحساب خمسة أقوال. أحدها: أنه قلته قاله ابن عباس،   فروى الضحاك عن ابن عباس أن رجلا قال: يا رسول الله مات أبي ولم يحج، أفأحج عنه؟ فقال: «لو كان علي ابيك دين قضيته اما كان ذلك يجزيء عنه» قال: نعم، قال: فدين الله أحق أن يقضى قال: فهل لي من أجر؟ فنزلت هذه الآية. . والثاني: انه قرب مجيئه، قال مقاتل. والثالث: أنه لما علم ما للمحاسب وما عليه قبل حسابه كان سريع الحساب لذلك. والرابع: أن المعنى والله سريع المجازاة، ذكر هذا القول والذي قبله الزجاج. والخامس: أنه لا يحتاج إلى فكر، وروية كالعاجزين، قاله أبو سليمان الدمشقي.(1)


فهو إذن بمناسبة سؤال ذلك الصحابي عن أبيه الذي لم يحجّ وسأل إن حجّ عنه أفيكون له من أجر فكان الجواب بأنّ له ذلك، وأنّه كناية عن قرب مجيئ ذلك اليوم، وأيضا أنه ما للمحاسَب وما عليه قبل حسابه فهو سريع الحساب له، وأيضا أنه سرييع المجازاة يقدم بالخير وهو الجنة، وأنه سبحانه بجلاله وعظمته وقدرته المطلقة لا يحتاج لوية ولا لفكر ولا لتأن ليكون منه الصحيح فهو سبحانه القدير العظيم العليم الخبير .....

وكلّ هذا فيه دلالة على قدرة الله عزّ وجلّ وعلى رحمته بعباده، وعلى عدله سبحانه، وعلى عظمته، وعلى عودة الأمر كله له وحده ....



------------------------------------------
(1) زاد المسير في علم التفسير لابن الجوزي

حازرلي أسماء

  • زائر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وهكذا إخوتي نأتي على نهاية هذه الصفحة المشرفة من سورة البقرة، ولكنّا سنمدّ بالآية الأولى من الصفحة الموالية لها للعلاقة الوثيقة بينها، ولاتصال السياق والموضوع، موضوع الحج وشعائره ومناسكه، حتى لا يحدث انقطاع يقطع المعنى الموصول ....

والآية هي قوله تعالى :

وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ    203


هذه الأيام المعدودات لذكر الله يقال أن الأرجح أن تكون يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق الثلاثة بعده وهي أيام الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة...ومنهم من يقول أنها أيام التشريق الثلاثة دون يوم عرفة ويوم النحر، وفيها يكثر ذكر الله تعالى...

ومعنى التشريق لغة هو نشر اللحم وتقديده وعرضه للشمس ...."شَرَّقَ اللَّحْمَ فِي الشَّمْسِ" : قَدَّدَهُ وَبَسَطَهُ فِي الشَّمْسِ....
ويراد باللحم لحم النسك، أي لحم العيد...

وهذه أيام التشريق الثلاثة :فاليوم الأول يقال له: يوم القَر - بفتح القاف - لأن الحجاج يقرون فيه بمنى. والثاني يوم النفر الأول ، لأنه يجوز النفر فيه لمن تعجل.
والثالث يوم النفر الثاني وهو لمن تأخر ....
وبهذا نكون قد بلغنا معنى "فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ" المتعجّل في يومين هو الذي يمكث بمنى يوم القرّ أي اليوم الأول من أيام التشريق وهو اليوم الحادي عشر من ذي الحجة، ويتبعه باليوم الثاني من أيام التشريق ومن نفر فيه فهو المتعجّل ويكون نفره بعد رميه للجمار الذي يجوز له بداية من اليوم الأول من أيام التشريق إلى غاية اليوم الثالث منها، فمن رمى الجمار ونفر في اليوم الثاني فهو المتعجّل، وهذا لا إثم عليه، ومن رمى الجمار ونفر في اليوم الثالث فهذا هو المتأخر، ويقول جمهور العلماء بأفضلية المتأخر، ولكنّ المتعجل والمتأخر كلاهما لا يأثمان، كما بينت الآية الكريمة "فلا إثم عليه" تابعة لكل من الحالتين ....

وتسمّى أيام التشريق أيضا أيام منى،وتسمى أيام رمي الجمار والأيام المعدودات ، كل هذه الأسماء واقعة عليها . والفقهاء يعبرون بأيام منى تارة ، وبأيام التشريق تارة أخرى...

وذكر الله يكون عقب الصلوات المكتوبة، على صيغة التكبير والتهليل، والحمد، وهو الذكر جملة، أي أنّ أيام التشريق كلها تتبع صلواتها بهذا الذكر الظاهر الجامع، كما أنه أيضا يكون في كل حال عدا عواقب الصلوات ...

وهذه الأيام المعدودات غير الأيام المعلومات التي جاء ذكرها في قول الله تعالى: (ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير). قال البخاري: وقال ابن عباس: واذكروا الله في أيام معلومات أيام العشر يعني أيام العشر من شهر ذي الحجة. والأيام المعدودات أيام التشريق.
قال وكان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى السوق أيام العشر يكبران، ويكبر الناس بتكبيرهما، قال: وكان عمر يكبر في قبته بمنى، فيسمعه أهل المسجد فيكبرون، ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيرًا.





« آخر تحرير: 2008-12-03, 09:25:36 بواسطة حازرلي أسماء »

حازرلي أسماء

  • زائر
وفي هذا السياق إخوتي أحب أن أنقل لكم من موقع الحج والعمرة هذه الفتوى التفصيلية عن رمي الجمار عساها تفيدنا جميعا فدققوا في تفاصيلها أكرمكم الله :

رمي الجمرات

 * من رمى الجمار أول أيام التشريق (وهو يوم الحادي عشر) قبل الزوال وجب عليه أن يعيدها بعد الزوال , فإن لم يعلم إلا في اليوم الثاني أو الثالث أعاد رميها بعد الزوال في اليوم الثاني أو الثالث : من أيام التشريق قبل أن يرمي لذلك اليوم الذي ذكر فيه , فإن لم يعلم إلا بعد غروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق لم يرم وعليه دم . 

 * من زاد على السبع حصيات في رمي الجمرة فقد أجزأه الرمي وأساء في الزيادة .  

*  المطلوب في رمي الجمار أن تقع في الحوض , وإصابة الشاخص ليست مطلوبة . 

*  يجب الترتيب في رمي الجمرات بأن يبتدئ بالصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى , فإن خالف الحاج وجبت الإعادة , فإذا لم يعد أيام منى
فعليه دم . 

*  من رمى العمود (الشاخص) ولم تقع الحصيات في الحوض , فرميه غير صحيح وتجب عليه الإعادة , فإن فات الوقت فعليه دم ، ولا تجوز الصدقة بالمال بدل الدم . 
*  إذا رمى أحد الجمرة الصغرى ثم زحم فأخر رمي الباقي إلى الليل مثلا , فلا شيء عليه ورميه صحيح . 

*  أخذ الحجارة في رمي الجمرات من داخل الحوض والرمي بها لا يجزئ ; لأنها مستعملة .  

*  من رمى حصى الجمار دفعة واحدة بضربة واحدة فإن ذلك لا يجزئه في رمي الجمار , ويعتبر كأنما رمى بحصاة واحدة . 

*  يرجى أن يكون الذي مات في زحام الجمرات شهيدا ; لكونه مات بسبب الزحمة المشبهة لميت لهدم .  

*  من أخر رمي الجمار في اليوم الحادي عشر حتى أدركه الليل , وتأخيره لعذر شرعي , ورمى الجمار ليلا فليس عليه في ذلك
شيء , وهكذا من أخره في اليوم الثاني عشر فرماه ليلا أجزأه ذلك ولا شيء عليه , وعليه تلك الليلة المبيت في منى , والرمي لليوم الثالث عشر بعد الزوال لكونه لم ينفر في اليوم الثاني عشر قبل غروب الشمس .
والأحوط للحاج أن يجتهد في الرمي نهارا .
 
*  المرأة المعذورة بحمل أو كِبَر أو نحو ذلك تجوز النيابة عنها , ولا إشكال في ذلك , والذي يرمي عنها لا ينوب عنها إلا بإذنها قبل الرمي عنها . فيرمي عن نفسه ثم يرمي عنها والنائب يكون من الحجاج .
وكذا تجوز النيابة عن القوية لو حصلت مشقة غير مألوفة .
 
*  تجوز النيابة في رمي الجمار عن العاجز الذي لا يقوى على مباشرة الرمي بنفسه , كالصبي والمريض وكبير السن , إذا كان النائب من الحجاج ذلك العام وقد رمى عن نفسه .  

*  من وكل آخر في الرمي عنه ففرَّط الوكيل فلم يرم , لزم الموكل دم , وله مطالبة الوكيل بقيمة الدم ; لكونه المتسبب في ترك الرمي . 
*  من وكل في رمي جمراته أيام التشريق أو أحدها ونفر يوم النحر يعتبر مخطئا مستهزئا بشعائر الله , ومن يوكل في رمي الجمرات اليوم الحادي عشر أو الثاني عشر من أيام التشريق ويطوف طواف الوداع ليتعجل بالسفر فقد خالف هدي الرسول صلى الله عليه وسلم , ويلزمه دم , عن ترك المبيت , ودم عن ترك الرمي الذي وكل فيه , ودم ثالث عن طواف الوداع , حتى ولو طاف لأن طوافه للوداع وقع في غير وقته ; لأن طواف الوداع إنما يكون بعد انتهاء رمي الجمرات . 
*  فإن لم يستطع الدم صام عن كل فدية عشرة أيام . 

*  من رمى الجمرات في اليوم الثاني عشر ثم طاف للوداع , ثم اضطر للعودة إلى منى للبحث عن الرفقة , فبات بها ليلة الثالث عشر , فلا يلزمه الرمي ذلك اليوم ; لكونه نفر من منى بنية الرحيل قبل غروب شمس اليوم الثاني عشر . 
*  من نقص حصاة من رمي إحدى الجمار فلا شيء عليه . 

*  المراد بالأيام المعدودات في قوله : وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ أيام التشريق الثلاثة : الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ أي فمن نفر اليوم الثاني عشر بعد رمي جمراته وقبل الغروب فقد تعجل , ومن بقي إلى أن يرمي جمرات اليوم الثالث عشر فقد تأخر , وذلك أفضل . 
(1)


 ------------------------------------------------------------------------------
(1) موقع الحج والعمرة الرابط:
http://www.tohajj.com/Display.Asp?Url=ft00019.htm
« آخر تحرير: 2008-12-03, 09:19:39 بواسطة حازرلي أسماء »

حازرلي أسماء

  • زائر
ويحسُنُ بنا أيها الإخوة الأكارم ونحن نعدّ اليوم الرابع من أيام ذي الحجة العظيمة أن نذكر فضلها والعمل المحبّب فيها، وهذه للشيخ العثيمين رحمه الله أنقلها لكم من موقع إسلام واي:

**************************************************
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وبعد ..

فإنّ من فضل الله ومنته أن جعل لعباده الصالحين مواسم يستكثرون فيها من العمل الصالح، ومن هذه المواسم عشر ذي الحجة..

فضـلها:

وقد ورد في فضلها أدلة من الكتاب والسنة منها:
1- قال تعالى: {وَالْفَجْرِ(1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ(2)} [الفجر:1-2]، قال ابن كثير رحمه الله: "المراد بها عشر ذي الحجة كما قاله ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وغيرهم".

2- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما العمل في أيّام أفضل في هذه العشرة، قالوا: ولا الجهاد، قال: ولا الجهاد إلاّ رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشئ». [رواه البخاري].

3- قال تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ} [الحج:28]، قال ابن عباس وابن كثير يعني : "أيام العشر".

4- عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مامن أيّام أعظم عند الله سبحانه ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد». [رواه الطبراني في المعجم الكبير].

5- كان سعيد بن جبير - رحمه الله - إذا دخلت العشر اجتهد اجتهاداً حتى ما يكاد يُقدَر ُ عليه. [الدارمي].

6- قال ابن حجر في الفتح: "والذي يظهر أنّ السبب في امتياز عشر ذي الحجة، لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يأتي ذلك في غيره".

ما يستحب في هذه الأيام:

1- الصلاة: يستحب التبكير إلى الفرائض، والإكثار من النوافل فإنّها من أفضل القربات.
روى ثوبان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «عليك بكثرة السجود لله فإنّك لا تسجد لله سجدة إلاّ رفعك إليه بها درجة، وحط عنك بها خطيئة». [رواه مسلم]، وهذا في كل وقت.

2- الصيام: لدخوله في الأعمال الصالحة، فعن هنبدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيّام من كل شهر». [رواه أحمد وأبو داود والنسائي وغيرهم]. وقال الإمام النووي عن صوم أيّام العشر أنّه مستحب استحباباً شديداً.

3- التكبير والتهليل والتحميد: لما ورد في حديث ابن عمر السابق: «فأكثروا من التهليل والتكبير والتحميد» ،وقال الإمام البخاري - رحمه الله -: "كان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى السوق في أيّام العشر يكبران ويكبر النّاس بتكبيرهما"، وقال أيضا : "وكان عمر يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيراً".

وكان ابن عمر يكبر بمنى تلك الأيّام، وخلف الصلوات وعلى فراشه، وفي فسطاطه، ومجلسه، وممشاه تلك الأيّام جميعا، والمستحب الجهر بالتكبير لفعل عمر وابنه وأبي هريرة رضي الله عنهم أجمعين ..

وحري بنا نحن المسلمين أن نحيي هذه السنة التي قد أضيعت في هذه الأزمان، وتكاد تنسى حتى من أهل الصلاح والخير - وللأسف - بخلاف ما كان عليه السلف الصالح ..

صيغة التكبير:

ورد فيها عدة صيغ مروية عن الصحابة والتابعين منها:

- (الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيرا)).

- ((الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلاّ الله، والله أكبر، والله أكبر، ولله الحمد)).

- ((الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلاّ الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد)).

4- صيام يوم عرفة:

يتأكد صوم يوم عرفة، لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنّه قال عن صوم يوم عرفة: «أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده». [رواه مسلم].

لكن من كان في عرفة حاجاً فإنّه لا يستحب له الصوم، لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم وقف بعرفة مفطراً.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجميعن.


محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله -[/
color]

الرابط:
http://www.islamway.com/?iw_s=Article&iw_a=view&article_id=2621[/size]

حازرلي أسماء

  • زائر
ونكمل مع سياق هذه الآية الكريمة التي أطللنا من نورها على فوائد جليلة، ....

وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ    203

"لمن اتقى"  أي أنّ لا إثم لمن اتقى من الحجيج، فلم يتجاوز حدود الله، فعظم شعائره واتبعها كما بينها سبحانه وتعالى، والتقوى كما تلاحظون دائمة الملازمة للعبادات وللحياة التي يفترض فيها أن تكون لله خالصة
"قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ" 162   الأنعام

واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون  دعوة للتقوى، دعوة لنفس الغنيمة، لنفس للتسلح بالسلاح ذاته، هذا السلاح الوكيد، القويّ الذي يوصل صاحبه للفلاح كما رأينا سالفا في آيات سابقة من هذه السورة العظيمة "واتقوا الله لعلكم تفلحون" التقوى طريق للفلاح، والفلاح هو النجاح والفوز والفوز عند الله سبحانه، هو تحصيل حسنة الآخرة ، والنجاة من عذاب النار، اتقوا الله لتفلحوا، اتقوا الله لتفوزوا، اتقوا الله وأنتم تعلمون أنكم إليه تحشرون....

دعونا أيها الإخوة نقف عند هذا المعنى الجليل العظيم، ذكر الحشر ويوم الحشر مع هذا السياق، سياق الحج وأعمال الحج، الحج وما يذكر به، يذكر باجتماع الناس سواسية كأسنان المشط بين يدي الله سبحانه، متجردين من ثيابهم إلا من قطع قماش غير مخيطة توحدهم وتساوي بينهم، الحج بمعانيه العظيمة ومغازيه الجليلة، تشبيه لذلك اليوم العظيم، يوم يحشر الناس لرب العالمين، عراة حفاة، لا فرق بين هذا بينهم وذاك إلا بالتقوى، التقوى هي الميزان، وهي الفارق، ليست الصور، وليست الأشكال، وليست الأجناس وليست الأعراق وليست الأموال وليست الأنساب، وإنما هي الأعمال وتقوى القلوب، القلوب وما وعت ....
هذا هو الميزان، ميزان رب البرية الحكم ، العدل الرحيم الجبار الودود ، العليم ، الخبير العظيم الواحد الأحد مالك الملك ذو الجلال والإكرام ...

إليه العودة، والمآب والمآل، وبين يديه الحساب ومنه الحساب، ومنه الفضل والرحمة، والتكرّم، ومنه المنّ والخير كله، وبفضله نفوز، وبكرمه ندخل جنات النعيم ....جعلنا الله من أهلها الفائزين بها، ووقانا غضبه وعذابه
آمين

حازرلي أسماء

  • زائر
هذه محاولة مني لوضع بعض الصور الممثلة للخطوات بدءا من عرفات، كما تعلمنا من الآيات الكريمات  emo (30):

الصورة الأولى:



الصورة الثانية:




ولي عودة بإذن الله لأكمل الصور الموالية emo (30):
« آخر تحرير: 2008-12-06, 07:21:50 بواسطة حازرلي أسماء »

غير متصل ريحان المسك

  • أحلى شباب
  • *****
  • مشاركة: 3329
  • الجنس: أنثى
  • جاي النصر جاي الحرية
جزاك الله خيرا يا ابلة اسماء  emo (30):

و اسجل نفسي متــــــــــــــــــــــــــــــــــتابعة ::)smile:
نحن أمة عظيمة في التاريخ .. نبيلة في مقاصدها .. قد نهضت تريد الحياة .. و الحياة حق طبيعي و شرعي

حازرلي أسماء

  • زائر
أهلا وسهلا بك يا ريحان....سعيدة جدا بوجودك، ومستعدة لكل استفسار واستيضاح منك  ::)smile:أنا في الخدمة ::)smile:

وفي المداخلة الموالية نكمل مع الصور بإذن الله .... emo (30):

حازرلي أسماء

  • زائر
الصورة الثالثة: الحجاج في منى بعد خروجهم من المزدلفة التي يبيتون فيها ليلة





الصورة الرابعة:الحجاج في منى لرمي الجمار في أيام التشريق

« آخر تحرير: 2008-12-06, 07:50:01 بواسطة حازرلي أسماء »

حازرلي أسماء

  • زائر
*****************درر نثـــــــــــــــــــــــــــــــــر درة******************

وهكذا أيها الإخوة الأكارم نكون قد أنهينا الصفحة المشرفة وأتبعناها بآية من الصفحة الموالية نظرا لتتابع المعنى وتواصل السياق، سياق الحديث عن الحج، ونحن أولاء في أيامه المباركات، مَن حجّ من المؤمنين فهو هناك في أطهر البقاع وأقدسها على وجه الأرض، ومن لم يحجّ فهو معنا هنا، نسأل الله تعالى أن يهدينا لما يجعلنا نعيش معهم بأرواحنا، ونعيش قدسية هذه الأيام العشرة  من ذي الحجة، ونحن اليوم نعدّ منها اليوم الثامن، إذ سيكون يوم غد بإذن الله تعالى يوم عرفة العظيم....

نحاول أن نعايش مناسك هذه الفريضة العظيمة، التي نستلهمها من الحنيفية الأولى السمحة لسيدنا إبراهيم عليه السلام على ضوء من هدي حبيبنا صلى الله عليه وسلم الذي نزّل عليه القرآن فيه آيات بينات تنقل لنا الحق والنور والبرهان الساطع، وتمحو كل أثر لجاهلية ظلماء، حرفت وجعلت للخرافة مراحا، .....محا الإسلام كل أثر للجاهلية في هذه المناسك العظيمة المقدّسة من هذه الفريضة، كما رأينا فجعل يخالف المشركين، ويضع تعاليم الحق والنور

نحاول سوية أيها الإخوة اليوم أن نستخرج بعض الدرر الثمينة النفيسة من هذه الآيات البينات التي عشنا معها من سورة البقرة الجليلة، آيات الحجّ، وها هي ذي هذه السورة كما ذكرنا سالفا تمتعنا بالشعائر وتعرفنا بالنظم التشريعية التي بينها المولى عز وجل للمؤمنين لتكون لهم هدى يعيشوا به على بصيرة من نور الله، نور الله وحده، وحاكمية الله وحده، وحكمة الله وحده....فقد عرفنا أحكام القصاص، ثم عرفنا عن الوصية، ثم انتقلنا إلى الصيام وأحكامه، وها نحن اليوم قد عشنا مع الحجّ ....وهذه آياته العظيمة:

الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ(197) لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُوا فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِندَ المَشْعَرِ الحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ(198) ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (199)فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ (200)وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ(201)أُوْلَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الحِسَابِ(202)وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ(203)

1-الحجّ معلومة أوقاته، وهي شهر شوال، وشهر ذي القعدة والعشر الأوائل من ذي الحجة.
2-اعتزام الحج وعقد النية على أدائه في هذه الأشهر يوجب ترك الرفث وهو كل ما يحوم حول علاقة الرجل بامرأته،والفسوق وهي المعاصي صغيرها وكبيرها،والجدال الذي يغضب الأخ من أخيه
3-الحاج يحرم عليه حتى علاقته بزوجته، تلك العلاقة المشروعة البيّنة تحرّم عليه حتى يخلص بكليته لله سبحانه ويرتقي مصاف الملائكة، ويسمو عن الأرض بكل معانيها الترابية إلى الروح بكل معانيها الشفافة المحلقة في رَوح الله سبحانه
4-الإشارة إلى علم الله بكل الخير الذي يأتيه الحاج دلالة على ضمان الجزاء الموفور له، وعلمه بالخير وحده جزاء قبل الجزاء
5-الإسلام يوجب تزوّد المؤمن في سفره للحج، أو لأي سفر، لئلا يذلّ المؤمن، أو يمدّ يده وهوالقادر على كفاية حاجته
6-الإسلام يعلمنا ضرورة الأخذ بالأسباب في كل مجال وإن كان مجال تعبّد محض .
7-التقوى خير الزاد للمؤمن، لأنه الدافع الذي يجعله مقبلا على كل برّ، مدبرا عن كل إثم.
8-تقوى الله وخشيته وازع يصدقه العقل ذلك لما يجلبه للمؤمن من خير ونفع، وأعظمه فلاحه وفوزه عند رب العالمين.
9-يبين القرآن أنه لا إثم على من أراد تجارة في موسم الحجّ.إذهابا لخوف المؤمنين من أن يبقى شيء من أثر الجاهلية يصبغ عباداتهم.
10-ابتغاء الرزق مع إبطان نية الابتغاء من فضل الله، وأنه الرزاق الكريم المعطي، عبادة تجعل القلب متعلقا بالله في كل حال
11-الإسلام دين نعيش ونحيا به كل جزئية من جزئيات حياتنا، دراسة وعملا وسعيا ويقظةونوما، فهو دين للحياة منهج لا بدّ أن يسودهو وهو منهاج الرب الخالق، لا أن تسود مناهج العباد للعباد، وتشريع العباد للعباد.
12-بعد الوقوف بعرفة والتي هي الفاصل والفرق بين العمرة والحج (إذ أن الحج عرفة)، يفيض الحجيج إلى المشعر الحرام بالمزدلفة، حيث يصلون المغرب والعشاء هناك كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
13-الإكثار من ذكر الله تعالى وشكره على نعمة الهداية بالإسلام التي لولاها لبقي الإنسان ضالا لا يعرف الهداية.
14-الإسلام وربطه للعبد بربه في كل حال أكبر نعمة تستحق الشكر بالفعل والقول .
15-الإسلام دين المساواة بين الناس جميعا، جاء يذهب كل الفروق التي وضعتها الجاهلية، والتنادي بالأنساب والشرف، ويدعو إلى التنادي بتقوى الله عز وجل وطاعته وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم.
16-التذكير الدائم بأن الله سبحانه غفور رحيم لمن استغفره وأناب إليه.
17-دعوة الحجاج إلى ذكر الله بعد قضاء المناسك، ذكره أكبر الذكر، وأنه الأولى بالذكر والشكر من ذكر الأنساب والتفاخر بها،وذلك الحال الذي كان في الجاهلية، إذ بعدما ينهون شعائر الحج التي بدلوها وأدخلوا عليها خرافاتهم يذكرون نسبهم ويتفاخرون فيما بينهم كلّ بنسبه العليّ
18-الناس صنفان، فمنهم من يسأل الله الدنيا وما له نصيب في الآخرة ولا رغبة ملحة في خيرها، ومنهم من يدعوه وأكثر ما يسأله الآخرة ونعيمها والنجاة من النار.
19-الدعاء الأفضل هو سؤال الله حسنة الدنيا التي يختارها لعبده، وحسنة الآخرة والنجاة من النار، وتفوز الآخرة على الدنيا حتى في الدعاء وتنال الحظ الأوفر والمكان الأسمى عليها، إذ يُدعى للدنيا بحسنة على أنها دار الفناء، ويدعى للآخرة بحسنتين فحسنة ونجاة من النار والنجاة من النار وحدها حسنة وذلك على أنها دار الخلود والقرار.
20-للذين يسألون الله الآخرة وخيرها والنجاة من عذابها، نصيب أكيد من أجل دعائهم وابتغائهم الآخرة وتفضيلهم إياها على الدنيا والرغبة فيها لقاء زهدهم في الدنيا .
21-الله سريع الحساب إشارة إلى المسارعة لفعل الخيرات وسؤال النجاة يوم الحساب، لأنّ العبد لا يعلم موعد خروجه من الدنيا، ومتى مات قامت قيامته.
22-الله سريع الحساب إشارة إلى عدم تكلفه وعنائه سبحانه بالعدد المهول من البشر من بدء سيدنا آدم إلى نهاية الدنيا، ذلك أنه سبحانه العظيم الذي لا يستعصي عليه أمر وإنما أمره بين الكاف والنون .
23-الأيام المعدودات هي على أغلب تقدير أيام التشريق وهي الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة وفيها يكثر ذكر الله تعالى سواء للحجيج، أو لغير الحجيج.
24-المتعجل هو الذي يرمي الجمار مصرحا له من اليوم الحادي عشر، فيوم الحادي عشر أو الثاني عشر ثم ينفر بعدها من منى قبل المغرب وهذا هو المتعجل ولا إثم عليه في تعجله النفير.
25-المتأخر هو الذي يرمي الجمار مصرحا له من اليوم الحادي عشر ، فإما رماها اليوم الحادي عشر، أو الثاني عشر أو الثالث عشر، ثم يمكث إلى ما بعد غروب اليوم الثالث عشر ثم ينفر ، فهذا أيضا لا إثم عليه .
26-التقوى هي الزاد وهي السلاح وهي الملازمة للعبد المؤمن والتذكير بها على الدوام لتكون في كل أعماله وأقواله، لأنها الموصلة إلى الفلاح، وهي ذلك الوازع الذي لا ينتظر رقيبا ولا حسيبا، إلا ما يكون بين العبد وربه من درحتها .
27-الحجّ نقّي من كل شائبة من شوائب الجاهلية، صيّره الإسلام نقيا خالصا لله من كل الأهواء والخرافات والتراهات التي هي وليدة افتراءات المشركين.
28-التذكير بيوم الحشر في سياق الحديث عن الحج، لأنّ مقام الحج وحاله يذكر بذلك اليوم العظيم يوم يحشر الناس جميعا لله وحده سواسية، وهذا أكبر دروس الحج .

غير متصل سيفتاب

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 7766
  • الجنس: أنثى
  • إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ
كم اشتقت لما تنثرينه من درر يا أسماء!

بارك الله لك وبك يا أختي الحبيبة.
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ
وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ

غير متصل زينب الباحثة

  • أحلى شباب
  • *****
  • مشاركة: 1938
  • الجنس: أنثى
  • إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم
ومازلت أقرأ الكنوز الموجودة بهذا الموضوع رويدا رويدا حتى أنهيها إن شاء الله

بارك الله فيك أسماء :)

غير متصل ابنة جبل النار

  • شباب إيجابي
  • ***
  • مشاركة: 618
  • الجنس: أنثى
ومازلت أقرأ الكنوز الموجودة بهذا الموضوع رويدا رويدا حتى أنهيها إن شاء الله

بارك الله فيك أسماء :)
وانا عليّ ان اٌقرأها :)
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن ﻻ إله إﻻ أنت أستغفرك وأتوب إليك[/co

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6545
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
هنا بضع صفحات من صفحات سورة البقرة الحبيبة إلى قلبي، عشت معها أحلى حياة، وفي الحقيقة لم يسعفني الوقت أن أداوم هنا، ولكنني كتبت في كل صفحاتها بإذن الله تعالى وريقات وهي عندي، أسأل الله تعالى أن ييسر لي نشرها مع متابعة ... سعيدة بمتابعتكما زينب وبنت نابلس  ::)smile:
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب