المحرر موضوع: حول في ظلال القرآن لسيد قطب  (زيارة 30947 مرات)

0 الأعضاء و 2 ضيوف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15899
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: حول في ظلال القرآن لسيد قطب
« رد #40 في: 2013-03-28, 18:11:57 »
فيما يلي اقتباسات من مقدمة "في ظلال القرآن" لسيد قطب، تعكس لنا أسلوب تناول سيد قطب لتفسير القرآن ومقصده منه:

    "الحياة في ظلال القرآن نعمة. نعمة لا يعرفها إلا من ذاقها. نعمة ترفع العمر وتباركه وتزكيه. والحمد لله.. لقد منَّ علي بالحياة في ظلال القرآن فترة من الزمان، ذقت فيها من نعمته ما لم أذق قط في حياتي. ذقت فيها هذه النعمة التي ترفع العمر وتباركه وتزكيه.

    لقد عشت أسمع الله - الله - يتحدث إلي بهذا القرآن.. أنا العبد القليل الصغير.. أي تكريم للإنسان هذا التكريم العلوي الجليل ؟ أي رفعة للعمر يرفعها هذا التنزيل ؟ أي مقام كريم يتفضل به على الإنسان خالقه الكريم ؟

    وعشت - في ظلال القرآن - أنظر من علو إلى الجاهلية التي تموج في الأرض، وإلى اهتمامات أهلها الصغيرة الهزيلة.. أنظر إلى تعاجب أهل هذه الجاهلية بما لديهم من معرفة الأطفال، وتصورات الأطفال، واهتمامات الأطفال.. كما ينظر الكبير إلى عبث الأطفال، ومحاولات الأطفال. ولثغة الأطفال.. وأعجب.. ما بال هذا الناس ؟! ما بالهم يرتكسون في الحمأة الوبيئة، ولا يسمعون النداء العلوي الجليل. النداء الذي يرفع العمر ويباركه ويزكيه ؟

عشت أتملى - في ظلال القرآن - ذلك التصور الكامل الشامل الرفيع النظيف للوجود.. لغاية الوجود كله، وغاية الوجود الإنساني.. وأقيس إليه تصورات الجاهلية التي تعيش فيها البشرية، في شرق وغرب، وفي شمال وجنوب.. وأسأل.. كيف تعيش البشرية في المستنقع الآسن، وفي الدرك الهابط، وفي الظلام البهيم وعندها ذلك المرتع الزكي، وذلك المرتقى العالي، وذلك النور الوضيء ؟

    وعشت - في ظلال القرآن - أحس التناسق الجميل بين حركة الإنسان كما يريدها الله، وحركة هذا الكون الذي أبدعه الله.. ثم أنظر.. فأرى التخبط الذي تعانيه البشرية في انحرافها عن السنن الكونية، والتصادم بين التعاليم الفاسدة الشريرة التي تملى عليها وبين فطرتها التي فطرها الله عليها. وأقول في نفسي:أي شيطان لئيم هذا الذي يقود خطاها إلى هذا الجحيم ؟ يا حسرة على العباد !!!

    وعشت - في ظلال القرآن - أرى الوجود أكبر بكثير من ظاهره المشهود.. أكبر في حقيقته، وأكبر في تعدد جوانبه.. إنه عالم الغيب والشهادة لا عالم الشهادة وحده. وإنه الدنيا والآخرة، لا هذه الدنيا وحدها.. والنشأة الإنسانية ممتدة في شعاب هذا المدى المتطاول كله إنما هو قسط من ذلك النصيب. وما يفوته هنا من الجزاء لا يفوته هناك. فلا ظلم ولا بخس ولا ضياع. على أن المرحلة التي يقطعها على ظهر هذا الكوكب إنما هي رحلة في كون حي مأنوس، وعالم صديق ودود. كون ذي روح تتلقى وتستجيب، وتتجه إلى الخالق الواحد الذي تتجه إليه روح المؤمن في خشوع: ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال .. تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن، وإن من شيء إلا يسبح بحمده .. أي راحة، وأي سعة وأي أنس، وأي ثقة يفيضها على القلب هذا التصور الشامل الكامل الفسيح الصحيح ؟

    وعشت - في ظلال القرآن - أرى الإنسان أكرم بكثير من كل تقدير عرفته البشرية من قبل للإنسان ومن بعد.. إنه إنسان بنفخة من روح الله: فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين .. وهو بهذه النفخة مستخلف في الأرض: وإذ قال ربك للملائكة:إني جاعل في الأرض خليفة.. وسخر له كل ما في الأرض: وسخر لكم ما في الأرض جميعا.. ولأن الإنسان بهذا القدر من الكرامة والسمو جعل الله الآصرة التي يتجمع عليها البشر هي الآصرة المستمدة من النفخة الإلهية الكريمة. جعلها آصرة العقيدة في الله.. فعقيدة المؤمن هي وطنه، وهي قومه، وهي أهله.. ومن ثم يتجمع البشر عليها وحدها، لا على أمثال ما تتجمع عليه البهائم من كلأ ومرعى وقطيع وسياج !..

    والمؤمن ذو نسب عريق، ضارب في شعاب الزمان. إنه واحد من ذلك الموكب الكريم، الذي يقود خطاه ذلك الرهط الكريم:نوح وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق، ويعقوب ويوسف، وموسى وعيسى، ومحمد.. عليهم الصلاة والسلام.. وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون.. هذا الموكب الكريم، الممتد في شعاب الزمان من قديم، يواجه - كما يتجلى في ظلال القرآن - مواقف متشابهة، وأزمات متشابهة، وتجارب متشابهة على تطاول العصور وكر الدهور، وتغير المكان، وتعدد الأقوام. يواجه الضلال والعمى والطغيان والهوى، والاضطهاد والبغي، والتهديد والتشريد. ولكنه يمضي في طريقه ثابت الخطو، مطمئن الضمير، واثقا من نصر الله، متعلقا بالرجاء فيه، متوقعا في كل لحظة وعد الله الصادق الأكيد: وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا. فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين، ولنسكننكم الأرض من بعدهم. ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد.. موقف واحد وتجربة واحدة. وتهديد واحد. ويقين واحد. ووعد واحد للموكب الكريم.. وعاقبة واحدة ينتظرها المؤمنون في نهاية المطاف. وهم يتلقون الاضطهاد والتهديد والوعيد..

*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15899
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: حول في ظلال القرآن لسيد قطب
« رد #41 في: 2013-03-28, 19:38:06 »
نتابع:

"وانتهيت من فترة الحياة- في ظلال القرآن- إلى يقين جازم حاسم.. إنه لا صلاح لهذه الأرض، ولا راحة لهذه البشرية، ولا طمأنينة لهذا الإنسان، ولا رفعة ولا بركة ولا طهارة، ولا تناسق مع سنن الكون وفطرة الحياة.. إلا بالرجوع إلى الله..

والرجوع إلى الله- كما يتجلى في ظلال القرآن- له صورة واحدة وطريق واحد.. واحد لا سواه.. إنه العودة بالحياة كلها إلى منهج الله الذي رسمه للبشرية في كتابه الكريم.. إنه تحكيم هذا الكتاب وحده في حياتها. والتحاكم إليه وحده في شؤونها. وإلا فهو الفساد في الأرض، والشقاوة للناس، والارتكاس في الحمأة، والجاهلية التي تعبد الهوى من دون الله:
«فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ. وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ؟ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ» ..

إن الاحتكام إلى منهج الله في كتاب ليس نافلة ولا تطوعا ولا موضع اختيار، إنما هو الإيمان..

أو.. فلا إيمان.. «وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ» ..
«ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْها وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ. إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً، وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ، وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ» ..


والأمر إذن جد.. إنه أمر العقيدة من أساسها.. ثم هو أمر سعادة هذه البشرية أو شقائها"
..

وبعد استعراض هذه المقتطفات من المقدمة.. هل تشعرون انها بقلم شخص منعزل عن الحياة، كاره لها، ماض في تكفير من حوله .. ام انها صيحات محب وقف على الحقيقة فهب كالنذير العريان يحذر قومه ويأخذ بحجزهم عن النار ليعيدهم الى طريق الحق والنور؟؟
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15899
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: حول في ظلال القرآن لسيد قطب
« رد #42 في: 2013-03-28, 19:39:55 »
إخوتي الكرام أتعبني ثقل النت هذه الليلة
وقد اضطررت لقسم المداخلة السابقة لجزئين، وعدلت المداخلة الاخيرة في الصفحة السابقة، واضفت لها فقرة مهمة جدا، وهي عن دراسة سيد قطب للعلوم الشرعية رغم تخصصه في الآداب، فأرجو ان تطالعوها
وجزاكم الله خيرا
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15899
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: حول في ظلال القرآن لسيد قطب
« رد #43 في: 2013-03-28, 19:47:27 »
هل "في ظلال القرآن" مجرد كتاب خواطر، وليس كتاب تفسير مفيد من الناحية العلمية.

بدل أن اسهب في النقولات المتعلقة بهذا الأمر لأثبته، سأحيلكم إلى هذا الكتاب المتخصص، وقد أعطيتكم فكرة عن كاتبه سابقا..

بطاقة الكتاب:
العنوان: مدخل إلى ظلال القرآن
المؤلف: د. صلاح عبدالفتاح الخالدي
للتحميل:
http://www.archive.org/download/fzqdwt/mezq.pdf

جاء فيه:
" الفصل السادس: "الظلال نقله بعيدة في التفسير":

وقف فيه وقفة مطولة بين منزلة الظلال بين كتب التفسير وناقش فيه من يزعم أنه ليس تفسيراً، وأثبت بالأدلة الموضوعية الكثيرة أنه تفسير، وأنه لون جديد في التفسير وأنه نقلة بعيدة في التفسير وأنه يعتبر مدرسة جديدة في التفسير هي مدرسة التفسير الحركي-وأنه لا يغني عنه أي تفسير.. وأنه تحققت فيه الشروط المأمولة لتفسير خاص يلبي حاجات الناس في هذا العصر... ثم أبرز الأمور التي يعتبر بها الظلال نقلة بعيدة في التفسير وأورد أدلة من الظلال يعتبر سيد خلاله تفسيراً للقرآن، ثم اختار آيات من سورة الأنعام وقارن بين أربعة مفسرين في تفسيرها، وهم السادة الأعلام: الطبري والزمخشري، ورشيد رضا، وسيد قطب.."

أعتقد انكم ان طالعتم هذا الكتاب، فسيتبين لكم الحق من الباطل
وتعلموا أن اعتبار الظلال كتاب خواطر ادبية لا كتاب تفسير هو قول ظالم بعيد كل البعد عن الانصاف، أيا من كان قائله

وأنا أفهم ان يقول بعض العلماء انهم يفضلون عليه كتب تفسير اخرى، او انهم لم يكترثوا بمطالعته لوجود مراجع اخرى تغنيهم عنه، او أنهم يحبذون العودة لأمهات الكتب، ولا يحبذون التعامل مع الكتب المعاصرة
أما ان يقال هكذا انه ليس بكتاب تفسير، وان صاحبه ليس من علماء الشريعة بل هو أديب.. فلعمري انه لظلم وتنطع.. عسى الله تعالى ان يغفره لهم ..


*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15899
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: حول في ظلال القرآن لسيد قطب
« رد #44 في: 2013-03-28, 19:53:56 »
مفهوم التفسير عند سيد قطب:

يقول الأستاذ محمد قطب عن الظلال:
 " الكتاب الذي عاشه صاحبه بروجه وفكره وشعوريه وكيانه كله، وعاشه لحظة لحظة، وفكرة فكرة، ولفظة لفظة، وأودعه خلاصة تجربته الحية في عالم الإيمان"

"وللتفسير فهم خاص عند سيد قطب، فليس هو التفسير النظري القائم على تقديم معلومات ثقافية نظرية في النحو واللغة والبلاغة والفقه والاحكام والحديث المأثور، والتوسع في هذه المطولات. إنما هو حسن فهم وإدراك القرآن، وتذوق معانيه.
لنقرأ هذه الفقرة الكاشفة التي دلت على منهجه الحركي في فهم القرآن وتفسيره:
 " الناس بعدوا عن القرآن، وعن أسلوبه الخاص، وعن الحياة في ظلاله، عن ملابسة الأحداث والمقوّمات التي يشابه جوُّها الجوُّ الذي تنزّل فيه القرآن ‏.‏‏.‏
 وملابسةُ هذه الأحداث والمقوّمات، وتَنسُّمُ جوها الواقعي، هو وحده الذي يجعل هذا القرآن مُدرَكاً وموحياً كذلك‏.‏
فالقرآن لا يدركه حق إدراكه من يعيش خالي البال من مكان الجهد والجهاد لاستئناف حياة إسلامية حقيقة، ومن معاناة هذا الأمر العسير وجرائره وتضحياته وآلامه، ومعاناة المشاعر المختلفة التي تصاحب تلك المكابدة في عالم الواقع، في مواجهة الجاهلية في أي زمان‏!‏

إن إدراك مدلولات هذا القرآن ليس مجرد فهم ألفاظه وعباراته، ليس هو ‏"‏تفسير‏"‏ القرآن- كما اعتدنا أن نقول‏!‏
المسألة ليست هذه‏.‏ إنما هي استعداد النفس بالمشاعر و الأحاسيس و المدركات والتجارب التي صاحبت نزوله، وصاحبت حياة الجماعة المسلمة وهي تتلقى القرآن في خضم المعترك ‏.‏‏.‏ معترك الجهاد ‏.‏‏.‏ جهاد النفس وجهاد الناس‏.‏. جهاد الشهوات وجهاد الأعداء‏.‏. والبذل والتضحية‏..‏ والخوف والرجاء‏..‏ والضعف والقوة‏.‏. والعثرة والنهوض‏.‏‏.‏

جو مكة، والدعوة الناشئة، والقلة والضعف، والغربة بين الناس ‏.‏‏.‏ جو الشَّعب والحصار.. والجوع والخوف.. والاضطهاد والمطاردة.. والانقطاع إلا عن الله‏.‏‏.‏

ثم جو المدينة‏:‏ جو النشأة الأولى للمجتمع المسلم، بين الكيد والنفاق، والتنظيم والكفاح ‏.‏‏.‏
جو ‏"‏بدر‏"‏ و ‏"‏أحد‏"‏ و ‏"‏الخندق‏"‏ و ‏"‏الحديبية‏"‏‏.‏ وجو ‏"‏الفتح‏"‏، و ‏"‏حنين‏"‏ و ‏"‏تبوك‏"‏‏.‏ وجو نشأة الأمة المسلمة ونشأة نظامها الاجتماعي والاحتكاك الحي بين المشاعر والمصالح والمبادئ في ثنايا النشأة وفي خلال التنظيم‏.‏

في هذا الجو الذي تنزلت فيه آيات القرآن حية نابضة واقعية‏.‏‏.‏ كان للكلمات وللعبارات دلالاتها وإيحاءاتها‏.‏
وفي مثل هذا الجو الذي يصاحب محاولة استئناف الحياة الإسلامية من جديد يفتح القرآن كنوزه للقلوب، ويمنح أسراره، ويشيع عطره، ويكون فيه هدى ونور ‏.‏‏.

والذين يعانون اليوم وغداً مثل هذه الملابسات، هم الذين يدركون معاني القرآن وإيحاءاته‏.‏ وهم الذين يتذوقون حقائق التصور الإسلامي كما جاء بها القرآن‏..‏ لأن لها رصيداً حاضراً في مشاعرهم وفي تجاربهم، يتلقونها به، ويدركونها على ضوئه‏.‏‏.‏ وهم قليل‏.‏‏.   
(عن كتابه : خصائص التصور الإسلامي ومقوماته)

*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15899
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: حول في ظلال القرآن لسيد قطب
« رد #45 في: 2013-03-28, 19:55:15 »
أرجو ان تلاحظوا اخوتي ان المداخلات التي تحتوي على اقتباسات من الكتب، ألون فيها كلامي بالاخضر، لأميزه من الاقتباسات
 emo (30):
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15899
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: حول في ظلال القرآن لسيد قطب
« رد #46 في: 2013-03-28, 19:58:57 »
"هذا الفهم الخاص لتفسير القرآن وحسن إدراك مدلولاته وحقائقه جعل للظلال أهدافا خاصة، فلم يرد سيد قطب من تفسيره ان يكون مجرد كتاب في التفسير يضاف الى التفاسير الكثيرة السابقة، إنما اراد ان يكون كتاب دعوة وحركة وتربية، يربي المسلم من خلاله نفسه على اساس القرآن ويتحرك بعد ذلك بالقرآن ويقف امام أعداء القرآن.
أراد سيد قطب من "الظلال" أن يكون وسيلة يقرب بها المسلمين إلى القرآن، ليتعرفوا من خلاله على كنوزه المذخورة، ويلتزموا به، ويتحركوا به في عالم الواقع، ويزيلوا الفجوة العميقة بينهم وبين القرآن.
المنهج الحركي التربوية في الظلال:
"بهذا المنهج الحركي الدعوي التربوي كان الظلال تفسيرا رائدا في حياة المسلمين المعاصرين، وكان سيد قطب مفسرا رائدا، أضاف الكثير الضروري النافع غلى ما قاله المفسرون السابقون." (الخالدي، سيد قطب، الأديب الناقد والمفسر الرائد)

فأنت كمسلم إن أردت أن تعرف الأحكام الفقهية المستنبطة من الآية، واختلاف العلماء حول هذا الحكم، واختلاف نظرتهم في الاستدلال من الآية.. فلن تجد بغيتك في الظلال
وإن اردت ان تعرف إعراب الكلمات في القرآن فلن تجد بغيتك في الظلال
وان اردت ان تعرف جميع الروايات المتعلقة بالآية، من أحاديث على مختلف درجاتها من صحيح وحسن وضعيف، والروايات من صحيح واسرائليات واقوال المفسرين المختلفة وتوجيهاتهم.. فلن تجد بغيتك في الظلال
وان اردت ان تعرف جوانب الاعجاز اللغوي اللفظي، والقراءات المختلفة للآية، والمعاني التي تفيدها كل قراءة.. فلن تجد بغيتك في الظلال
وكل هذه الاغراض لها كتب تفسير متخصصة فيها وزيادة
لكن ان كنت كمسلم تريد ان تفهم معنى الآية، وسبب نزولها، والحكم الإجمالي لها، ودورك الشخصي في تطبيقها في واقع حياتك.. فعليك بالظلال
فصاحب الظلال قد اطلع على جميع تلك التفاسير، واستخلص الزبدة منها، وترك المناقشات والاختلافات التي تثير اهتمام طلاب العلم والتخصص، وتناول المعنى المتفق عليه للآيات، والذي ينبغي ان يعرفه كل مسلم عموما، وكل متحرك بالدعوة خصوصا، مبتعدا عن كل معلومة مصدرها الاسرائيات او الروايات الضعيفة، او اجتهادات المفسرين غير المحققة، ومقتصرا على ماكان معناه مستقى من الكتاب والسنة الصحيحة، او مدلولات اللغة العربية....ومركزا على أسباب النزول، وفهم الصحابة وتفاعلهم مع هذه الآيات..  ثم يحرك قلبك حين يبين لك موقعك انت من هذه الآيات، ودورك في تلقيها وتطبيقها والعيش بها في واقعك.. وهذا ما لا يفعله اي تفسير آخر في نفس الإنسان ..
وكلما خاض الانسان اكثر في مجال الدعوة، وعانى في تربية النفوس وتقلباتها، وفي محن الطريق الى الله وابتلاءاته، تجلت له مرام جديدة ومواعظ جددة ، بثها له سيد قطب في ظلاله، وبين له مواضعها من القرآن.. حتى يصير المؤمن كلما تلا آيات الكتاب، استشعر تلك المعاني، واحسها، فهزته هزا عنيفا، وصار له حال مختلف مع القرآن.. قد يغنيه بعد ذلك تماما عن تلمس العون من الظلال مستقبلا.. لكن يبقى الفضل لصاحب الظلال انه قربه من القرآن، وعلمه كيف يفهمه وكيف يتعامل معه.. لا تعامل طالب العلم الذي يبحث عن الدقائق والتفاصيل ليغوص بها، بل تعامل المؤمن الذي يتلقى رسالة ربه ليتمثلها وينفذ ما فيها، او المحب الذي يشتاق لكلام به، ولا يجد راحته وطمأنينته وواحته الا بين رحابه وفي ظلاله.

وفي المداخلات التالية، سأحاول ان اختار آية أو بضع آيات، ونقارن تفسيرها بين الظلال وغيره، لتلمسوا بأنفسكم حقيقة ما ذكرناه
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15899
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: حول في ظلال القرآن لسيد قطب
« رد #47 في: 2013-03-29, 15:04:46 »
والآن نقدم نموذجا من تفسير سيد قطب للقرآن، ونقارنه بتفسير ابن عاشور، وتفسير ابن كثير.. وهما من اعظم كتب التفسير
وسأختار نموذجا مصغرا، وهو الآيتان التاليتان :


{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (243) وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } (البقرة: 243-244)


التفسير التربوي الحركي يتمثل في التالي:

"هذه تجربة لا يذكر القرآن أصحابها ويعرضها في اختصار كامل، ولكنه واف. فهي تجربة جماعة «خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ» .. فلم ينفعهم الخروج والفرار والحذر وأدركهم قدر الله الذي خرجوا حذراً منه.. فقال لهم الله: «مُوتُوا» .. «ثُمَّ أَحْياهُمْ» .. لم ينفعهم الجهد في اتقاء الموت، ولم يبذلوا جهداً في استرجاع الحياة. وإنما هو قدر الله في الحالين.
وفي ظل هذه التجربة يتجه إلى الذين آمنوا يحرضهم على القتال، وعلى الإنفاق في سبيل الله، واهب الحياة.
وواهب المال. والقادر على قبض الحياة وقبض المال.
لا أحب أن نذهب في تيه التأويلات، عن هؤلاء الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت.. من- هم؟ وفي أي أرض كانوا؟ وفي أي زمان خرجوا؟ .... فلو كان الله يريد بياناً عنهم لبين، كما يجيء القصص المحدد في القرآن. إنما هذه عبرة وعظة يراد مغزاها، ولا تراد أحداثها وأماكنها وأزمانها. وتحديد الأماكن والأزمان لا يزيد هنا شيئاً على عبرة القصة ومغزاها..
إنما يراد هنا تصحيح التصور عن الموت والحياة، وأسبابهما الظاهرة، وحقيقتهما المضمرة ورد الأمر فيهما إلى القدرة المدبرة. والاطمئنان إلى قدر الله فيهما. والمضي في حمل التكاليف والواجبات دون هلع ولا جزع، فالمقدر كائن، والموت والحياة بيد الله في نهاية المطاف..
يراد أن يقال: إن الحذر من الموت لا يجدي وإن الفزع والهلع لا يزيدان حياة، ولا يمدان أجلاً، ولا يردان قضاء وإن الله هو واهب الحياة، وهو آخذ الحياة وإنه متفضل في الحالتين: حين يهب، وحين يسترد والحكمة الإلهية الكبرى كامنة خلف الهبة وخلف الاسترداد. وإن مصلحة الناس متحققة في هذا وذاك وإن فضل الله عليهم متحقق في الأخذ والمنح سواء:
«إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ. وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ» .
إن تجمع هؤلاء القوم «وَهُمْ أُلُوفٌ» وخروجهم من ديارهم «حَذَرَ الْمَوْتِ» .. لا يكون إلا في حالة هلع وجزع، سواء كان هذا الخروج خوفاً من عدو مهاجم، أو من وباء حائم.. إن هذا كله لم يغن عنهم من الموت شيئاً:
«فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ.. مُوتُوا» ..
كيف قال لهم؟ كيف ماتوا؟ هل ماتوا بسبب مما هربوا منه وفزعوا؟ هل ماتوا بسبب آخر من حيث لم يحتسبوا؟ كل ذلك لم يرد عنه تفصيل، لأنه ليس موضع العبرة. إنما موضع العبرة أن الفزع والجزع والخروج والحذر، لم تغير مصيرهم، ولم تدفع عنهم الموت، ولم ترد عنهم قضاء الله. وكان الثبات والصبر والتجمل أولى لو رجعوا لله..
«ثُمَّ أَحْياهُمْ» ..
كيف؟ هل بعثهم من موت ورد عليهم الحياة؟ هل خلف من ذريتهم خلف تتمثل فيه الحياة القوية فلا يجزع ولا يهلع هلع الآباء؟ .. ذلك كذلك لم يرد عنه تفصيل. فلا ضرورة لأن نذهب وراءه في التأويل، لئلا نتيه في أساطير لا سند لها كما جاء في بعض التفاسير.. إنما الإيحاء الذي يتلقاه القلب من هذا النص أن الله وهبهم الحياة من غير جهد منهم. في حين أن جهدهم لم يرد الموت عنهم.
إن الهلع لا يرد قضاء وإن الفرع لا يحفظ حياة وإن الحياة بيد الله هبة منه بلا جهد من الأحياء..
إذن فلا نامت أعين الجبناء! 244- «وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» ..
هنا ندرك طرفاً من هدف تلك الحادثة ومغزاها وندرك طرفاً من حكمة الله في سوق هذه التجربة للجماعة المسلمة في جيلها الأول وفي أجيالها جميعاً.. ألا يقعدن بكم حب الحياة، وحذر الموت، عن الجهاد في سبيل الله. فالموت والحياة بيد الله. قاتلوا في سبيل الله لا في سبيل غاية أخرى. وتحت راية الله لا تحت راية أخرى.. قاتلوا في سبيل الله:
«وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» .. يسمع ويعلم.. يسمع القول ويعلم ما وراءه. أو يسمع فيستجيب ويعلم ما يصلح الحياة والقلوب. قاتلوا في سبيل الله وليس هناك عمل ضائع عند الله، واهب الحياة وآخذ الحياة.


أما التفسير الجمالي التصويري فيتمثل في قوله:

"إن في التعبير استعراضاً لهذه الألوف ولهذه الصفوف استعراضاً ترسمه هاتان الكلمتان : { ألم تر؟ } . . وأي تعبير آخر ما كان ليرسم أمام المخيلة هذا الاستعراض كما رسمته هاتان الكلمتان العاديتان في موضعهما المختار .
ومن مشهد الألوف المؤلفة ، الحذرة من الموت ، المتلفتة من الذعر . . إلى مشهد الموت المطبق في لحظة؛ ومن خلال كلمة : { موتوا } . . كل هذا الحذر ، وكل هذا التجمع ، وكل هذه المحاولة . . كلها ذهبت هباء في كلمة واحدة : { موتوا } . . ليلقي ذلك في الحس عبث المحاولة ، وضلالة المنهج؛ كما يلقي صرامة القضاء ، وسرعة الفصل عند الله .
{ ثم أحياهم } . . هكذا بلا تفصيل للوسيلة . . إنها القدرة المالكة زمام الموت وزمام الحياة . المتصرفة في شؤون العباد ، لا ترد لها إرادة ولا يكون إلا ما تشاء . . وهذا التعبير يلقي الظل المناسب على مشهد الموت ومشهد الحياة .
ونحن في مشهد إماتة وإحياء . قبض للروح وإطلاق . . فلما جاء ذكر الرزق كان التعبير : { والله يقبض ويبسط } . . متناسقاً في الحركة مع قبض الروح وإطلاقها في إيجاز كذلك واختصار ."


*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15899
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: حول في ظلال القرآن لسيد قطب
« رد #48 في: 2013-03-29, 15:18:34 »
ننتقل الآن لتفسير آخر من التفاسير الشهيرة، وهو تفسير ابن كثير، ولقد تعمدت أن انقل التفسير بكامله دون اي اختصار من المصادر الثلاثة لنقارن:

روي عن ابن عباس أنهم كانوا أربعة آلاف وعنه: كانوا ثمانية آلاف. وقال أبو صالح: تسعة آلاف وعن ابن عباس: أربعون ألفًا وقال وهب بن منبه وأبو مالك: كانوا بضعة وثلاثين ألفًا
روى ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: كانوا أهل قرية يقال لها: داوردان. وكذا قال السدي وأبو صالح وزاد: من قبل واسط. وقال سعيد بن عبد العزيز: كانوا من أهل أذرعات، وقال ابن جريج عن عطاء قال: هذا مثل. وقال علي بن عاصم: كانوا: من أهل داوردان: قرية على فرسخ من واسط.
وقال وكيع بن الجراح في تفسيره: حدثنا سفيان عن ميسرة بن حبيب النهدي، عن المنهال بن عمرو الأسدي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ } قال: كانوا أربعة آلاف خرجوا فرارًا من الطاعون قالوا: نأتي أرضًا ليس بها موت حتى إذا كانوا بموضع كذا وكذا قال الله لهم (2) موتوا فماتوا فمر عليهم نبي من الأنبياء فدعا ربه أن يحييهم فأحياهم، فذلك قوله عز وجل: { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ } الآية.
وذكر غير واحد من السلف أن هؤلاء القوم كانوا أهل بلدة في زمان بني إسرائيل استوخموا  أرضهم وأصابهم بها وباء شديد فخرجوا فرارًا من الموت إلى البرية، فنزلوا واديًا أفيح، فملأوا ما بين عدوتيه فأرسل الله إليهم ملكين أحدهما من أسفل الوادي والآخر من أعلاه فصاحا بهم صيحة واحدة فماتوا عن آخرهم موتة رجل واحد فحيزوا إلى حظائر وبني عليهم جدران وقبور [وفنوا]  وتمزقوا وتفرقوا فلما كان بعد دهر مَرّ بهم نبي من أنبياء بني إسرائيل يقال له: حزقيل فسأل الله أن يحييهم على يديه فأجابه إلى ذلك وأمره أن يقول: أيتها العظام البالية إن الله يأمرك أن تجتمعي فاجتمع عظام كل جسد بعضها إلى بعض، ثم أمره فنادى: أيتها العظام إن الله يأمرك بأن تكتسي لحمًا وعصبًا وجلدًا. فكان ذلك، وهو يشاهده ثم أمره فنادى: أيتها الأرواح إن الله يأمرك أن ترجع كل روح إلى الجسد الذي كانت تعمره. فقاموا أحياء ينظرون قد أحياهم الله بعد رقدتهم الطويلة، وهم يقولون: سبحانك [اللهم ربنا وبحمدك] لا إله إلا أنت.
وكان في إحيائهم عبرة ودليل قاطع على وقوع المعاد الجسماني يوم القيامة ولهذا قال: { إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ } أي: فيما يريهم من الآيات الباهرة والحجج القاطعة والدلالات الدامغة، { وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ } أي: لا يقومون بشكر ما أنعم الله به عليهم في دينهم ودنياهم.
وفي هذه القصة عبرة ودليل على أنه لن يغني حذر من قدر وأنه، لا ملجأ من الله إلا إليه، فإن هؤلاء فروا  من الوباء طلبًا  لطول الحياة فعوملوا بنقيض قصدهم وجاءهم الموت سريعًا في آن واحد.
ومن هذا القبيل الحديث الصحيح الذي رواه الإمام أحمد: حدثنا إسحاق بن عيسى أخبرنا مالك وعبد الرزاق أخبرنا معمر كلاهما عن الزهري عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد [ابن أسلم]  بن الخطاب عن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن عبد الله بن عباس: أن عمر بن
خطاب خرج إلى الشام حتى إذا كان بسرغ لقيه أمراء الأجناد: أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه فأخبروه أن الوباء قد وقع بالشام فذكر الحديث فجاءه عبد الرحمن بن عوف وكان متغيبًا لبعض حاجته فقال: إن عندي من هذا علما، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا كان بأرض وأنتم فيها  فلا تخرجوا فرارًا منه، وإذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه" فحمد الله عمر ثم انصرف.
وأخرجاه في الصحيحين من حديث الزهري به  .
طريق أخرى لبعضه: قال أحمد: حدثنا حجاج ويزيد العمِّي قالا أخبرنا ابن أبي ذئب عن الزهري عن سالم عن عبد الله بن عامر بن ربيعة: أن عبد الرحمن بن عوف أخبر عمر، وهو في الشام عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أن هذا السقم عذب به الأمم قبلكم فإذا سمعتم به في أرض فلا تدخلوها وإذا وقع بأرض وأنتم فيها  فلا تخرجوا فرارًا منه" قال: فرجع عمر من الشام.
وأخرجاه في الصحيحين من حديث مالك عن الزهري بنحوه  .
وقوله: { وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } أي: كما أن الحذر لا يغني من القدر كذلك الفرار من الجهاد وتجنبه لا يقرب أجلا ولا يباعده، بل الأجل المحتوم والرزق المقسوم مقدر مقنن لا يزاد فيه ولا ينقص منه كما قال تعالى: { الَّذِينَ قَالُوا لإخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } [آل عمران:168] وقال تعالى: { وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلا * أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ } [النساء:77، 78] وروينا عن أمير الجيوش ومقدم العساكر وحامي حوزة الإسلام وسيف الله المسلول على أعدائه أبي سليمان خالد بن الوليد رضي الله عنه، أنه قال:-وهو في سياق الموت: لقد شهدت كذا وكذا موقفًا وما من عضو من أعضائي إلا وفيه رمية أو طعنة أو ضربة وها أنا ذا أموت على فراشي كما يموت العير!! فلا نامت أعين الجبناء"  يعني: أنه يتألم لكونه ما مات قتيلا في الحرب ويتأسف على ذلك ويتألم أن يموت على فراشه.
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15899
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: حول في ظلال القرآن لسيد قطب
« رد #49 في: 2013-03-29, 15:24:16 »
ومع الطاهر ابن عاشور، وتفسيره "التحرير والتنوير":

استئناف ابتدائي للتحريض على الجهاد والتذكير بأن الحذر لا يؤخر الأجل ، وأن الجبان قد يلقى حتفه في مظنة النجاة . وقد تقدم أن هذه السورة نزلت في مدة صلح الحديبية وأنها تمهيد لفتح مكة ، فالقتال من أهم أغراضها ، والمقصود من هذا الكلام هو قوله : ( وقاتلوا في سبيل الله ( الآية . فالكلام رجوع إلى قوله : ( كتب عليكم القتال وهو كره لكم ( ( البقرة : 216 ) وفصلت بين الكلامين الآيات النازلة خلالهما المفتتحة ب ) يسألونك ( ( البقرة : 217 ، 219 ، 220 ، 222 ) .
وموقع ) ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم ( قبل قوله : ( وقاتلوا في سبيل الله ( موقع ذكر الدليل قبل المقصود ، وهذا طريق من طرق الخطابة أن يقدم الدليل قبل المستدل عليه لمقاصد كقول علي رضي الله عنه في بعض خطبه لما بلغه استيلاء جند الشام على أكثر البلاد ، إذ افتتح الخطبة فقال : ( ما هي إلا الكوفة أقبضها وأبسطها أنبئت بُسْراً هو ابن أبي أرطأة من قادة جنود الشام قد اطلع اليمن ، وإني والله لأظن أن هؤلاء القوم سيدالون منكم
اجتماعهم على باطلهم ، وتفرقكم عن حقكم ) فقوله : ( ما هي إلا الكوفة ) موقعه موقع الدليل على قوله : ( لأظن هؤلاء القوم إلخ ) وقال عيسى بن طلحة لما دخل على عروة بن الزبير حين قطعت رجل ( ما كنا نعدك للصراع ، والحمد لله الذي أبقى لنا أكثرك : أبقى لنا سمعك ، وبصرك ، ولسانك ، وعقلك ، وإحدى رجليك ) فقدم قوله : ما كنا نعدك للصراع ، والمقصود من مثل ذلك الاهتمام والعناية بالحجة قبل ذكر الدعوى تشويقاً للدعوى ، أو حملاً على التعجيل بالامتثال .
واعلم أن تركيب ( ألم تر إلى كذا ) إذا جاء فعل الرؤية فيه متعدياً إلى ما ليس من شأن السامع أن يكون رآه ، كان كلاماً مقصوداً منه التحريض على علم ما عدي إليه فعل الرؤية ، وهذا مما اتفق عليه المفسرون ولذلك تكون همزة الاستفهام مستعملة في غير معنى الاستفهام بل في معنى مجازي أو كنائي ، من معاني الاستفهام غير الحقيقي ، وكان الخطاب به غالباً موجهاً إلى غير معين ، وربما كان المخاطب مفروضاً متخيلاً .
ولنا في بيان وجه إفادة هذا التحريض من ذلك التركيب وجوه ثلاثة :
الوجه الأول : أن يكون الاستفهام مستعملاً في التعجب أو التعجيب ، من عدم علم المخاطب بمفعول فعل الرؤية ، ويكون فعل الرؤية علمياً من أخوات ظن ، على مذهب الفراء وهو صواب ؛ لأن إلى ولام الجر يتعاقبان في الكلام كثيراً ، ومنه قوله تعالى : ( والأمر إليك ( ( النمل : 33 ) أي لك وقالوا : ( أحمد الله إليك ( كما يقال : ( أحمد لك الله ( والمجرور بإلى في محل المفعول الأول ، لأن حرف الجر الزائد لا يطلب متعلقاً ، وجملة ) وهم ألوف ( في موضع الحال ، سادة مسد المفعول الثاني ، لأن أصل المفعول الثاني لأفعال القلوب أنه حال ، على تقدير : ما كان من حقهم الخروج ، وتفرع على قوله : ( وهم ألوف ( قوله : ( فقال لهم الله موتوا ( فهو من تمام معنى المفعول الثاني أو تجعل ( إلى ) تجريداً لاستعارة فعل الرؤية لمعنى العلم ، أو قرينة عليها ، أو لتضمين فعل الرؤية معنى النظر ، ليحصل الادعاء أن هذا الأمر المدرك بالعقل كأنه مدرك بالنظر ، لكونه بين
الصدق لمن علمه ، فيكون قولهم : ( ألم تر إلى كذا ( في قوله : جملتين : ألم تعلم كذا وتنظر إليه .
الوجه الثاني : أن يكون الاستفهام تقريرياً فإنه كثر مجيء الاستفهام التقريري في الأفعال المنفية ، مثل : ( ألم نشرح لك صدرك ( ( الشرح : 1 ) ) ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير ( ( البقرة : 106 ) . والقول في فعل الرؤية وفي تعدية حرف ( إلى ) نظير القول فيه في الوجه الأول .
الوجه الثالث : أن تجعل الاستفهام إنكارياً ، إنكاراً لعدم علم المخاطب بمفعول فعل الرؤية والرؤية علمية ، والقول في حرف ( إلى ) نظير القول فيه على الوجه الأول ، أو أن تكون الرؤية بصرية ضمن الفعل معنى تنظر على أن أصله أن يخاطب به من غفل عن النظر إلى شيء مبصر ويكون الاستفهام إنكارياً : حقيقة أو تنزيلاً ، ثم نقل المركب إلى استعماله في غير الأمور المبصرة فصار كالمثل ، وقريب منه قول الأعشى :
ترى الجود يجري ظاهراً فوق وجهه
واستفادة التحريض ، على الوجوه الثلاثة إنما هي من طريق الكناية بلازم معنى الاستفهام لأن شأن الأمر المتعجب منه أو المقرر به أو المنكور علمه ، أن يكون شأنه أن تتوافر الدواعي على علمه ، وذلك مما يحرض على علمه .
واعلم أن هذا التركيب جرى مجرى المثل في ملازمته لهذا الأسلوب ، سوى أنهم غيروه باختلاف أدوات الخطاب التي يشتمل عليها من تذكير وضده ، وإفراد وضده ، نحو ألم ترَيْ في خطاب المرأة وألم تريا وألم تروا وألم ترين ، في التثنية والجمع هذا إذا خوطب بهذا المركب في أمر ليس من شأنه أن يكون مبصراً للمخطاب أو مطلقاً .
وقد اختلف في المراد من هؤلاء الذين خرجوا من ديارهم ، والأظهر أنهم قوم خرجوا خائفين من أعدائهم فتركوا ديارهم جبناً ، وقرينة ذلك عندي قوله تعالى : ( وهم ألوف ( فإنه جملة حال وهي محل التعجيب ، وإنما تكون كثرة العدد محلاً للتعجيب إذا كان المقصود الخوف من العدو ، فإن شأن القوم الكثيرين ألا يتركوا ديارهم خوفاً وهلعاً صفحة رقم 478 "
والعرب تقول للجيش إذا بلغ الألوف ) لا يغلب من قلة . ( فقيل هم من نبي إسرائيل خالفوا على نبي لهم في دعوته إياهم للجهاد ، ففارقوا وطنهم فراراً من الجهاد ، وهذا الأظهر ، فتكون القصة تمثيلاً لحال أهل الجبن في القتال ، بحال الذين خرجوا من ديارهم ، بجامع الجبن وكانت الحالة الشبه بها أظهر في صفة الجبن وأفظع ، مثل تمثيل حال المتردد في شيء بحال من يقدم رجلاً ويؤخر أخرى ، فلا يقال إن ذلك يرجع إلى تشبيه الشيء بمثله ، وهذا أرجح الوجوه لأن أكثر أمثال القرآن أن تكون بأحوال الأمم الشهيرة وبخاصة بني إسرائيل .
وقيل هم من قوم من بني إسرائيل من أهل داوردان قرب واسط وقع طاعون ببلدهم فخرجوا إلى واد أفيح فرماهم الله بداء موت ثمانية أيام ، حتى انتفخوا ونتنت أجسامهم ثم أحياها . وقيل هم من أهل أذرعات ، بجهات الشام . واتفقت الروايات كلها على أن الله أحياهم بدعوة النبي حزقيال بن بوزى فتكون القصة استعارة شبه الذين يجبنون عن القتال بالذين يجبنون من الطاعون ، بجامع خوف الموت ، والمشبهون يحتمل أنهم قوم من المسلمين خامرهم الجبن لما دُعوا إلى الجهاد في بعض الغزوات ، ويحتمل أنهم فريق مفروض وقوعه قبل أن يقع ، لقطع الخواطر التي قد تخطر في قلوبهم .
وفي ( تفسير ابن كثير ) عن ابن جريج عن عطاء أن هذا مثل لا قصة واقعة ، وهذا بعيد يبعده التعبير عنهم بالموصول وقوله : ( فقال لهم الله  ).  وانتصب ) حذر الموت ( على المفعول لأجله ، وعامله ) خرجوا  ).
والأظهر أنهم قوم فروا من عدوهم ، مع كثرتهم ، وأخلوا له الديار ، فوقعت لهم في طريقهم مصائب أشرفوا بها على الهلاك ، ثم نجوا ، أو أوبئة وأمراض ، كانت أعراضها تشبه أعراض الموت ، مثل داء السكت ثم برئوا منها فهم في حالهم تلك مثَل قول الراجز :
وخارجٍ أَخرجه حب الطمع
فَرَّ من الموت وفي الموت وقع
ويؤيد أنها إشارة إلى حادثةٍ وليست مثلاً قولُه : ( إن الله لذو فضل على الناس ( الآية ويؤيد أن المتحدث عنهم ليسوا من بني إسرائيل قوله تعالى بعد هذه ) ألم تر إلى الملأ من بني إسرائيل من بعد موسى ( ( القرة : 246 ) والآية تشير إلى معنى قوله تعالى : ( أينما تكونوا يدرككم الموت ( ( النساء : 78 ) وقوله ) قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم ( ( آل عمران : 154 ) .
فأما الذين قالوا إنهم قوم من بني إسرائيل أحياهم الله بدعوة حزقيال ، والذين قالوا إنما هذا مثَل لا قصةٌ واقعةٌ ، فالظاهر أنهم أرادوا الرؤيا التي ذكرت في كتاب حزقيال في الإصحاح 37 منه إذ قال : ( أخرجَني روحُ الرب وأنزلني في وسط بقعة ملآنة عظاماً ومرَّ بي من حولها وإذا هي كثيرة ويابسة فقال لي يابن آدم أتحيا هذه العظام ؟ فقلت يا سيدي أنت تعلم ، فقال لي تنبأْ على هذه العظام وقُل لها أيتها العظام اليابسة اسمعي كلمة الرب ، فتقاربت العظام ، وإذا بالعصَب واللحم كساها وبُسط الجلدُ عليها من فوق وليس فيها روح فقال لي تنبأْ للروح وقل قال الرب هلم يا روح من الرياح الأربععِ وهِبِّ على هؤلاء القتلى فتنبأْتُ كما أمرني فدخل فيهم الروح فحيُوا وقاموا على أقدامهم جيش عظيم جداً جداً ) وهذا مثل ضربهُ النبي لاستماتة قومه ، واستسلامهم لأعدائهم ، لأنه قال بعده ( هذه العظام وهي كل بيوت إسرائيل هم يقولون يبست عظامنا وهلك رجاؤنا قد انقطعنا فتنبأْ وقل لهم قال السيد الرب هأنذا أفتح قبوركم وأصعدكم منها يا شعبي وآتي بكم إلى أرض إسرائيل وأجعل روحي فيكم فتحيَوْن ) فلعل هذا المثل مع الموضع الذي كانت فيه مرائي هذا النبي ، وهو الخابور ، وهو قرب واسط ، هو الذي حدا بعض أهل القصص إلى دعوى أن هؤلاء القوم من أهل دَاوَرْدَان : إذ لعل دَاوَرْدَان كانت بجهات الخابور الذي رأى عنده النبي حزقيال ما رأى .
وقوله تعالى : ( فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم ( القَولُ فيه إما مجاز في التكوين والموت حقيقة أي جعل فيهم حالة الموت ، وهي وقوف القلب وذهاب الإدراك والإحساس ، استعيرت حالة تلقي المكوَّن لأثر الإرادة بتلقي المأمور للأمر ، فأطلق على الحالة المشبهة المركبُ الدال على الحالة المشبَّه بها على طريقة التمثيل ، ثم أحياهم بزوال ذلك العارض فعلموا أنهم أصيبوا بما لو دام لكان موتاً مستمراً ، وقد يكون هذا من الأدواء النادرة المشْبِهة داء السكت وإما أن يكون القول مجازاً عن الإنذار بالموت ، والموتُ حقيقة ، أي أراهم الله مهالك شموا منها رائحة الموت ، ثم فرج الله عنهم فأحياهم . وإما أن يكون كلاماً حقيقياً بوحي الله ، لبعض الأنبياء ، والموتُ موت مجازي ، وهو أمر للتحقير شتماً لهم ، ورَماهم بالذل والصغار ، ثم أحياهم ، وثبتَ فيهم روح الشجاعة .
والمقصود من هذا موعظة المسلمين بترك الجبن ، وأن الخوف من الموت لا يدفع الموت ، فهؤلاء الذين ضُرب بهم هذا المثلُ خرجوا من ديارهم خائفين من الموت ، فلم يغن خوفهم عنهم شيئاً ، وأراهم الله الموت ثم أحياهم ، ليصير خُلُق الشجاعة لهم حاصلاً بإدراك الحس . ومحل العبرة من القصة هو أنهم ذاقوا الموت الذي فروا منه ، ليعلموا أن الفرار لا يغني عنهم شيئاً ، وأنهم ذاقوا الحياة بعد الموت ، ليعلموا أن الموت والحياة بيد الله ، كما قال تعالى : ( قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل ( ( الأحزاب : 16 ) .
وجملة : ( وقاتلوا في سبيل الله ( الآية هي المقصود الأول ، فإن ما قبلها تمهيد لها كما علمتَ ، وقد جعلت في النظم معطوفة على جملة ) ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم ( عطفاً على الاستئناف ، فيكون لها حكم جملة مستأنفة استئنافاً ابتدائياً ، ولولا طول الفصل بينها وبين جملة ) كتب عليكم القتال وهو كره لكم ( ( البقرة : 216 ) ، لقُلنا : إنها معطوفة عليها على أن اتصال الغرضين يُلحقها بها بدون عطف .
وجملة ) واعلموا أن الله سميع عليم ( حث على القتال وتحذير من تركه بتذكيرهم بإحاطة علم الله تعالى بجميع المعلومات : ظاهرها وباطنها . وقدِّم وصف سميع ، وهو أخص من عليم ، اهتماماً به هنا ؛ لأن معظم أحوال القتال في سبيل الله من الأمور المسموعة ، مثل جلبة الجيش وقعقعة السلاح وصهيل الخيل . ثم ذكر وصف عليم لأنه يعم العلم بجميع المعلومات ، وفيها ما هو من حديث النفس مثل خلُق الخوف ، وتسويل النفس القعودَ عن القتال ، وفي هذا تعريض بالوعد والوعيد . وافتتاح الجملة بقوله : ( واعلموا ( للتنبيه على ما تحتوي عليه من معنى صريح وتعريض ، وقد تقدم قريباً عند قوله تعالى : ( واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه ( ( البقرة : 223 ) .
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15899
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: حول في ظلال القرآن لسيد قطب
« رد #50 في: 2013-03-29, 15:29:07 »
والسؤال الآن.. ليس أي التفاسير خير، ففي كل منها علم وخير كثير.. لكن هل وجدتم بالمقارنة ان تفسير سيد قطب، مع تركيزه على النواحي الجمالية والتربوية الحركية، قد أغفل المعلومات المهمة التي تفيد القارئ في فهم الآية ومعانيها الأصلية، قبل ان يتجول في ظلالها؟
وهل شعرتم أن سيد قطب لم يكن دارسا ومتعمقا في تلك التفاسير قبل ان يؤلف ظلاله، ليتساهل المتساهلون فيزعمون أنه ليس عالما بالتفسير، وان كتابه لا يعتبر من كتب التفسير؟
وأي التفاسير شعرتم أنه أقرب للمسلم العادي غير المتخصص في طلب العلوم الشرعية، وأكبر تأثيرا عليه وأكثر جذبا له؟ 

هذا ويعد تفسير الظلال من مدرسة التفسير الموضوعي، الذي يتجاوز التفسير اللفظي والتحليلي للآيات، إلى الوحدة الموضوعية التي تجمع بين الآيات، والمغازي والدروس المستفادة منها كوحدة موضوعية
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15899
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: حول في ظلال القرآن لسيد قطب
« رد #51 في: 2013-03-29, 15:36:35 »
تقول اختي أسماء:

اقتباس
فقد كنت أعجب جدا بأسلوبه، حتى تنبهت أخيرا-وربما بعد قراءتي في الكتاب الورقيّ وخاصة سورة الأنعام- إلى ما أستطيع أن أسميه سببا من الأسباب الرئيسة في الإعجاب، وهي أنني بطبعي أميل للأدبيات وللتعابير الحسنة المنسابة التي تأخذ الوجدان وترحل بك إلى حيث الجمال البياني، وهذا مما شدني في الظلال، وهو يمتاز بجزالة التعبير وبالخواطر المنسابة كما المياه العذبة من يد أديب أريب ....

وبالعودة لكلام الدكتور الخالدي، عن المفتاحين اللذين خبأهما الله تعالى لسيد قطب حتى فتح بهما نوز القرآن المخبوءة، نكتشف أن الذي شدها هو المفتاح الجمالي للقرآن.

أما أنا فكان سبب اعجابي هو أني كنت أجده مرشدا لي في تجاربي الدعوية المتواضعة، ومخالطتي الناس والمجتمعات المختلفة.. وكلما عملت في الدعوة اكثر، فهمت كنوز الظلال اكثر.. ولقد علمني سيد قطب نوعا جديدا من تدبر القرآن.. فرغم دندنة كثير من الدعاة والعلماء حول وجوب تدبر القرآن.. الا ان احدا منهم لم يقربني من ذلك مثل سيد قطب
واذن فالذي شدني إلى الظلال كان  المفتاح الثاني: وهو: المفتاح الحركي التربوي.
أما الجمالي فلم أنتبه له كثيرا، لأنني افتقد للحس الأدبي وليست لي ممارسات في هذا المجال
والله أعلم
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل سيفتاب

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 7766
  • الجنس: أنثى
  • إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ
رد: حول في ظلال القرآن لسيد قطب
« رد #52 في: 2013-03-29, 15:50:14 »
جزاكم الله خيرا كثيرا على هذا الموضوع فقد جعلني أطير وأحيا بين هذه السطور وانقطعت عن العالم حولي خلال قراءتي هذه

هادية بما تنصحين بالقراءة أولا مدخل إلى الظلال أم الظلال في الميزان؟
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ
وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15899
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: حول في ظلال القرآن لسيد قطب
« رد #53 في: 2013-03-29, 15:52:18 »
ومن كتاب الخالدي أيضا، ص 463

قواعد هذا المنهج الحركي الدعوي التربوي

أما منهج سيد قطب الحركي الدعوي التربوي في التفسير، فقد برز في القواعد المنهجية التالية:

1- النظرة الكلية الشاملة للقرآن، باعتباره كتاب حياة ودعوة وجهاد وتربية.
2- التأكيد على المقاصد الأساسية للقرآن
3- بيان المهمة العملية الحركية للقرآن
4- المحافظة على جو النص القرآني
5- استبعاد المطوّلات التي تحجب نور القرآن
6- تسجيل إيحاءات النص وظلاله ولطائفه
7- دخول عالم القرآن بدون مقررات سابقة
8- الثقة المطلقة بالنص القرآني والتسليم التام بدلالته
9- غنى النصوص القرآنية بالمعاني والدلالات
10- بيان أهمية العقيدة وأثرها في الحياة
11- إزالة التعارض الموهوم بين النصوص القرآنية
12- بيان الوحدة الموضوعية للقرآن
13- الإشارة إلىالبعد الواقعي للنصوص القرآنية وعموم دلالتها
14- بيان حكمة التشريعات وتعليل الأحكام
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15899
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: حول في ظلال القرآن لسيد قطب
« رد #54 في: 2013-03-29, 16:03:05 »
جزاكم الله خيرا كثيرا على هذا الموضوع فقد جعلني أطير وأحيا بين هذه السطور وانقطعت عن العالم حولي خلال قراءتي هذه

هادية بما تنصحين بالقراءة أولا مدخل إلى الظلال أم الظلال في الميزان؟



الله اكبر   ::happy:

وخرجت سيفتاب عن صمتها وعزلتها   ::happy: ::happy:

فينك يا ابنتي

مش عارفة فرحانة ان اي حد عبرني في الموضوع ده، ولا انك انتي بالذات طليتي علينا

أرى يا عزيزتي ان تبدئي ب (مدخل إلى الظلال) لأنه يتحدث عن الظلال وقيمته من بين كتب التفسير

وإن كنت أرى ان الاحلى والاجمل ان تبدئي بكتاب (سيد قطب من الميلاد إلى الاستشهاد) وهو لنفس المؤلف، ومتوفر على الشبكة ايضا


 ::)smile:

*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15899
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: حول في ظلال القرآن لسيد قطب
« رد #55 في: 2013-03-29, 18:55:00 »
سيد قطب وعمارة الأرض

اضيف نقطة مهمة: أيهما أولى التربية ام عمارة الأرض
دار نقاش في هذا الموضوع، وفي موضوع سابق، وتم الاستسشهاد فيه بكلام لسيد قطب، وظهر كأن سيد قطب يدعو إلى ترك عمارة الأرض، للتفرغ للدعوة والتربية، لانها هي مهمة الأمة المسلمة الأولى.. وقد جانب فيه الطرفات الصواب في التعبير، مما جعل الافكار تبدو متناقضة ومتضاربة، ولعلنا لو أزلنا اللبس لزال هذا التناقض..
فلنقرأ  كلام سيد قطب في الموضوع، وأنا أحسبه واضحا جدا...


"ينبغي أن ندرك - على وجه التحديد - مؤهلات هذه الأمة للقيادة البشرية ، كي لا نخطىء عناصرها في محاولة البعث الأولى .
إن هذه الأمة لا تملك الآن - وليس مطلوبًا منها - أن تقدم للبشرية تفوقًا خارقًا في الإبداع المادي ، يحنى لها الرقاب ، ويفرض قيادتها العالمية من هذه الزاوية . . فالعبقرية الأوروبية قد سبقته في هذا المضمار سبقًا واسعًا. وليس من المنتظر - خلال عدة قرون على الأقل - التفوق المادي عليها !
فلابد إذن من مؤهل آخر ! المؤهل الذي تفتقده هذه الحضارة !
إن هذا لا بعني أن نهمل الإبداع المادي . فمن واجبنا أن نحاول فيه جهدنا . ولكن لا بوصفه " المؤهل " الذي نتقدم به لقيادة البشرية في المرحلة الراهنة . إنما بوصفه ضرورة ذاتية لوجودنا . كذلك بوصفه واجبًا يفرضه علينا " التصور الإسلامي " الذي ينوط بالإنسان خلافة الأرض ، ويجعلها - تحت شروط خاصة - عبادة لله ، وتحقيقًا لغاية الوجود الإنساني .
لابد إذن من مؤهل آخر لقيادة البشرية - غير الإبداع المادي - ولن يكون هذا المؤهل سوى " العقيدة " و " المنهج " الذي يسمح للبشرية أن تحتفظ بنجاج العبقرية المادية ، تحت إشراف تصور آخر يلبِّي حاجة الفطرة كما يلبيّها الإبداع المادي ، وأن تتمثل العقيدة والمنهج في تجمع إنساني . أي في مجتمع مسلم . "
معالم فى الطريق - سيد قطب

إذن سيد قطب لا يقول أن نهمل العلم والتعلم، والسعي المادي لاكتساب الرزق، لأنه واجب إسلامي، نحقق من خلاله رسالتنا في الخلافة وعمار ةالأرض، كما انه ضرورة ذاتية لوجودنا، لأننا لا يمكن أبدا ان نصل للاستقلال عن التبعية إلا اذا صرنا نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع..
لكن سيد قطب يرتب الأولويات
فعمارة الأرض وسيلة وليست غاية
والتربية الصحيحة وفق منهج القرآن وسيلة أيضا
لكن التربية كوسيلة تفوق في اهميتها الوسيلة الاخرى، فلا بد ان تحظى بالأولوية في اهتمامنا، دون اهمال بقية الوسائل الاخرى..
فعندما اقول ان اتقان اللغة العربية اهم من اتقان اللغات الاجنبية، فهذا لا يعني ان نهمل تعلم اللغات الاخرى.. ولكنه يعني ترتيب الاولويات
واما لماذا رتب سيد قطب الاولويات بهذا الشكل، فلأن تعليم الانسان حسن التربية، بعد اقناعه ان هذا العلم وهذا العمل سيفيد امته، سيجعل كل علمه وعمله مسخرا لخدمة وطنه وامته
اما تعليم الانسان دون تربية، فسيجعل علمه وعمله عائدا عليه بالنفع وحده، وقد يعود بالنفع على امته وقد لا يعود، بحسب الاغراءات والممكاسب التي سيحققها
ونظرة بسيطة لحال العلماء المتفوقين في امتنا، وترفعهم عن العودة لخدمة اوطاهم بهذا العلم، بحجة انهم لا يلقون التقدير الكافي في اوطانهم، او لا يجدو المجال المناسب لممارسة تخصصاتهم .. او غير ذلك من اعذار..  تبرهن على هذا
هذا ان لم ينقلبوا بعلومهم هذه خنجرا في خصر امتهم، كما نرى من ال (مثقفين) وال (مفكرين) وال (فنانين) وغيرهم وغيرهم ممن صاروا معاول هدم لنهضتنا ومقومات ثقافتنا..
ناهيكم عن ان يكون المتدين تدينه ظاهري، غير مبني على اسس تربوية حقيقية صحيحة، فيحسب ان الدين منفصل عن مجالي العلم والعمل، فيقدم صورة سيئة عن الدين من هة، ولا يخلص في عمله، ويختار ما ينفعه واسرته ولو عاد بالضرر على امته، دون ان يشعر ان في هذا تعارضا مع الدين
« آخر تحرير: 2013-03-29, 19:00:32 بواسطة ماما هادية »
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15899
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: حول في ظلال القرآن لسيد قطب
« رد #56 في: 2013-03-29, 19:27:21 »

سبب مهاجمة بعض العلماء لسيد قطب على اختلاف مستويات هذا الهجوم.

لن أسهب في هذه النقطة، لأنها صعبة على النفس
لكن معظم من هاجم سيد قطب كان هجومة لأحد الأسباب التالية:
1-   عالم منتم للتيار السلفي، فيهاجمه من حيث أنه أشعري العقيدة.. وهذه النقطة تسبب شرخا كبيرا في جسم أهل السنة والجماعة، ولن أناقشها، لوجود موضوع متكامل في المنتدى مخصص لهذا الأمر.. ولكنني فقط أحب ان الفت النظر الى ان ابن كثير، وابن عاشور، والطبري، وهم أشهر المفسرين كلهم أشاعرة
ناهيك ان الغالبية العظمى من علماء الامة الاسلامية عبر التاريخ هم من الاشاعرة..
والغريب ان هؤلاء يشجعون طلابهم على دراسة تراثه، لكنهم ينهون عنه العامة ويحذرونهم مما يسمونه (انحرافات عقيدية) في كتبه!!
2-   عالم من علماء السلطان، او علماء الوسطية والتعايش والحلول الرمادية.. وهؤلاء يتناقض منهجهم تماما مع منهج سيد قطب ودعوته المتجلية في كل كلمة من كلمات مؤلفاته...
3-    الساخطون على دعوة الإخوان المسلمين، فهم يسخطون على كل علمائهم ومفكريهم لأسباب سياسية او شخصية او تنافسية
4-    أدعياء العلم، من الذين يحسبون انهم اذا تطاولوا على القامات الكبيرة فإن هذا سيوهم الناس بأنهم بنفس الحجم أو أكبر.
تلك تقريبا أهم القطاعات.. وكلها حقيقة لا وزن لها إلا القطاع الأول، الذي لا حل معه إلا في أن يأذن الله بأن تنتهي هذه المشكلة بين السلفية والأشعرية.. وماذلك على الله بعزيز .

بهذا تنتهي ردودي على هذا الموضوع.. أسأل الله تعالى ان يتقبلها الله تعالى مني، وأن ينفعني وينفع بها..
ولا تنسونا من دعائكم الصالح.. 
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل زينب الباحثة

  • أحلى شباب
  • *****
  • مشاركة: 1938
  • الجنس: أنثى
  • إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم
رد: حول في ظلال القرآن لسيد قطب
« رد #57 في: 2013-03-30, 00:43:03 »
نعتذر يا ماما هادية على عدم قراءة مداخلاتك وأنت تعبت من أجلها بعد.. المنتدى كان ثقيلا جدا..

إن شاء الله لي عودة

غير متصل زينب الباحثة

  • أحلى شباب
  • *****
  • مشاركة: 1938
  • الجنس: أنثى
  • إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم
رد: حول في ظلال القرآن لسيد قطب
« رد #58 في: 2013-03-30, 13:16:12 »
رائع يا ماما هادية بارك الله فيك وجعله الله في ميزان حسناتك ونفعنا الله بك دوما..

ورحم الله سيد قطب وجازاه عنّا خير الجزاء..

وأعانني الله على إكمال قراءة الظلال  :emoti_351:

جواد

  • زائر
رد: حول في ظلال القرآن لسيد قطب
« رد #59 في: 2013-03-30, 15:34:17 »
جزاكم الله خيرا كثيرا يا "تيتة" هادية :)

وأود أن أعلق أيضا على ما يشدني في الظلال،
وهو مفهوم "العلم النافع" بالنسبة لي،

فأنا لست بمتخصص في العلوم الشرعية، وكنت أجد دوما في تفسير ابن كثير صعوبة بالغة، وكنت اشعر بالملل سريعا منه بكل أسف،

فأنا أريد أن أفهم القرآن ما الذي يخاطبني به القرآن مباشرة وما الذي يمليه علي هذا الخطاب، وكيف يغير هذا الخطاب من فكري وعملي او ثبت فكرة أو عملا،

فلأن حياتي التربوية لم تتشبع بهذه الأمور ولأن حرب الشيطان علينا لابعادنا عن القرآن وممارساتنا الخاطئة معه، جعلت على قلوبنا صدءا،

فأحيانا أمر على اﻵية فلا أجدني أفهم الا جزءا قليلا من المعنى او لا أفهم المعنى ، ولا حول ولا قوة الا بالله،

ويساعد الظلال بشدة على الدخول في القرآن، ويركز كثيرا على وضوح المفاهيم دون مواربة ولا تدليس،

خاصة مع انتشار فكر التمييع المنبهر بالغرب الذي قلب الوسائل اهدافا وغير في ترتيب الاولويات ليحقق صورة المسخ المطلوب الذي يريده الغرب.

ولهذا فمن يبدأ مع الظلال لابد أن يبدأ مع القرآن ذاته، والا فلن يصيب الهدف الذي من أجله كتب الظلال.. وهذا حال كل مؤلفات سيد قطب التي وقعت في يدي.