الساحة الإسلامية > :: قرآن ربي ::

كيف يجب أن نكون مع القرآن ؟

<< < (2/2)

ماما هادية:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا يا أسماء على هذا الموضوع الجميل، وعلى كل ما تقدمين
ورزقنا الله وإياك الإخلاص والاستقامة

ان كان لي ان اضيف، فالقرآن ليس دعوة للاستعلاء، ولا للانعزال، ولا للتكفير وإلقاء أكبر عدد من الناس في الجحيم
من فهم القرآن بهذا الشكل فهو لم يفهم القرآن
القرآن دعوة هداية
دعوة لإخراج الناس من الظلمات إلى النور
دعوة لمنهج قويم يضمن سعادة  الإنسان في الدنيا والآخرة
هكذا ينبغي ان نفهمه، ونتلقى تعاليمه، وهكذا ينبغي ان نحبه، ونحبب الناس  فيه
إنه رحمة مهداة للبشرية

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُّبِيناً * فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً }  (النساء:174-175)

حازرلي أسماء:
جزاك الله خيرا يا هادية، وعلمنا الله ما ينفعنا على الوجه الذي يرضيه سبحانه لا على الوجه الذي يرضي أهواءنا .ونورنا بنور القرآن الكريم.

حازرلي أسماء:
ما المقصود بتدبر القرآن؟

هو التفكُّر والتـــــأمل في آيـــــــــات القرآن من أجل فهمه، وإدراك معانيــــه، وحكمه، والمراد منه.

وقد يطلق التدبر على العمل بالقرآن؛ لأنه ثمرته وللتلازم القوي بينهما ..

كما في قول علي بن أبي طالب "يا حملة القرآن أو يا حملة العلم؛ اعملوا به فإنما العالم من عمل بما علم"، وقول الحسن بن علي " اقرأ القرآن ما نهاك، فإذا لم ينهك فليست بقراءة".

علامـــــــات تدبُّر القرآن

وهي سبــــع علامــــــات كما ورد في كتـــــاب الله عزَّ وجلَّ :

1) اجتماع القلب والفكر حين القراءة، ودليله التوقف تعجبًا وتعظيمًا .. يقول سبحانه وتعالى {وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا} [الفرقان: 73]

2) البكاء من خشية الله .. يقول الله تعالى {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آَمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [المائدة: 83]

3) زيادة الخشوع .. يقول الله عزَّ وجلَّ {قُلْ آَمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا * وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} [الإسراء: 107,109]

4) زيـــادة الإيمان، ودليله التكرار العفوي للآيات .. يقول تعالى {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال: 2]

5) الفرح والاستبشار .. قال تعالى {وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [التوبة: 124]

6) القشعريرة خوفا من الله تعالى ثمَّ غلبة الرجاء والسكينة .. يقول تعالى {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} [الزمر: 23]

7) السجود تعظيمًا لله عزَّ وجلَّ .. يقول جلَّ جلاله {.. إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} [مريم: 58]

فمن وجد واحدة من هذه الصفات أو أكثر فقد وصل إلى حالة التدبر والتفكـــر،

أما من لم يحصل أياً من هذه العلامات فهو محروم من تدبر القرآن، ولم يصل بعد إلى شيء من كنوزه وذخائره ..

د/خالد بن عبد الكريم اللاحم -من على صفحة الإبداع في إتقان حفظ القرآن -

حازرلي أسماء:
قال ابن القيم رحمه الله:

"فلا شيء أنفع للقلب من قراءة القرآن بتدبر، فإذا قرأه بتفكّر، حتى إذا مر بآية وهو محتاج إليها في شفاء قلبه كررها ولو مئة مرة، ولو ليلة، فقراءة آية بتفكّر وتفهّم خير من قراءة ختمة بغير تدبّر وتفهّم،وأنفع للقلب، وأدعى إلى حصول الإيمان وذوق حلاوة القرآن "

قال مالك بن دينار:

"ما زرع القرآن في قلوبكم يا أهل القرآن؟ إن القرآن ربيع المؤمن كما أن الغيث ربيع الأرض"

وفي ثناء الله سبحانه على من يتدبر القرآن :

إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ(2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ(3) أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ(4)

زادتهم إيمانا، مؤمنون تزيدهم تلاوة آيات الله إيمانا، وما الإيمان إن لم يكن مراقبة الله تعالى في الصغيرة والكبيرة، وما الإيمان إن لم يكن خشية الله تعالى وخوف غضبه وعقابه، ومراعاته في كل تصرف وتعامل مع الناس، وما الإيمان إن لم يكن صاحبه صادقا لا يكذب، أمينا لا يخون، مستقيما لا يراوغ ولا يحقق مآربه من وراء ستار الدين والعياذ بالله... وما أشد وطء هذه !!

وما القرآن في النفس إن لم يزد صاحبَه إيمانا ؟!!

لله دركم يا صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم "أوتينا الإيمان قبل القرآن"
فكانت نفوسهم بإيمانهم برب العزة ربا، وبرسول الله صلى الله عليه وسلم وبما جاء به من ربه، مهيأة لأن تتقبل أوامر القرآن فتأتمر بها كلها، وتتقبل نواهيه فتنتهي عنها كلها .... لله درهم ونفوسهم قد بسطت وفُرشت بالإيمان، فوجد فيها القرآن متكأه ومكانه الوثير، ونصب له عليها عرشه العزيز الأثير، فكان محل ذلك العرش القلب ... القلب المؤمن الذي لما جاءه القرآن، وجد طاعة وسمعا وفعلا على الأرض وحركة ولم يجد حروفا، تُنثر نثرا فلا يرى لها من أثر  ...

أي معنى للقرآن في نفوسنا ونحن إذا خالطنا الأرض... والدنيا وجدنا أنفسنا تفتعل لأنفسنا العلل والحجج وربما الفتاوى افتعالا لتنسجم وما نفعل، لتنسجم وأهواءنا، لتنسجم وتخبطاتنا.... أي وقع للقرآن في القلب وفي النفس وهي إذا خالطت أمور الدنيا، نسيت نصا أمرها، أو نصا نهاها، بل ربما لوت عنق النص لترى النفس المتعللة العليلة التي تريد أن تقنع نفسها وتريح شيئا من ضمير بالكاد له نأمة أنها المأتمرة المنتهية، وأن في الدين يا هذا سعة وأي سعة !!

حازرلي أسماء:
ويمرّ العام الحادي عشر من البعثة على النفر الستة من الأنصار وهم في مدينتهم دُعاة، نشَرَة لخبر الإسلام بين دور يثرب، حتى يعودوا لرسول الله في العام الموالي وهم اثنا عشر نفرا، يأخذ عليهم صلى الله عليه وسلم البيعة الأولى عند العقبة ،وعادوا أدراجَهم من مكة وهم على عهدهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبينهم مصعب بن عُمَير يعلمهم الإسلام ويزرع في نفوسهم نور القرآن، ويربيهم على منهجه
 حتى نشأ في عام واحد رجال صنع نفوسَهم القرآن، فإذا هم ثلاث وسبعون من خيرة رجال الإسلام، بل من أعظم من عرف التاريخ الإنساني كله، ييمّمون وجوههم شطر مكة حيث رسول الله صلى الله عليه وسلم، يتفقون على أنه لا مجال بعدُ لتركه بين أيدي كفار قريش خائفا على رسالته، يلقى في سبيلها وصحابته كل ألوان التعذيب والتكذيب ... وأنّ عليهم أن ينصروه ويحموه ويمنعوه من كل من يريد به وبرسالته سوءا وأذية ....
 ويجتمع الرجال، وكل منهم بوزن الرجل كما ينبغي أن يكون الرجال، ويجتمع رأيهم ولا يتفرق، ويعقدون العزم على لقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والائتمار بأمره ...فيكون ذلك اللقاء الليلي، وكم لليل الحالك من أسرار، وكم في الليل الحالك من أنوار لا تُدركُها كل الأبصار ....!يجتمع الرجال المؤمنون الصادقون بسيّدهم وسيّد الأبرار، برحمة الله للعالَمين... يسمعون منه شروطه، فيُقدِمون وهُم لا يَلوون على شيء،لا يتأخرون...يفتحون معه كل المغاليق، ويُجْلُون له كل مُبهَم في أنفسهم حتى لا يبقى بأنفسهم خوف أو مبرّر لخذلان ....
 ويبايعُ القومُ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة الرجال -وهُم الرجال- على السمع والطاعة في النشاط والكسل،والنفقة في العسر واليسر،وعلى الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر،وأن يقولوا الحق لا يخافوا في الله لومة لائم،وعلى أن ينصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمنعوه إذا قدِمَ عليهم مما يمنعون منه أنفسهم وأزواجهم وأبناءَهم...وأنّ لهم الجنة ........
 وقد عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم حماسة لا تقدّمها العاطفة ويؤخرها العقل، بل يُقدم عليها العقل والعاطفة معا،ويستسيغها العقل مع العاطفة، في غير تراجع ولا تخاذل...
 لقد أقبلوا وهُم قد حزموا أمرهم، وهم على أهبة أن يحاربوا في سبيل رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسالته الأحمرَ والأسود، وأن يضحوا في سبيله وسبيل الإسلام بالنفس والنفيس لا يستكثرون ولا يبالون، فقد عرّفهم القرآن بالجنة وهم يتدارسون آياته مع مصعب بن عُمَير من قبل أن يسمعوها مِن فِي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
 
 إنهم رجال رباهم القرآن قبل أن يعرفوا صاحب الرسالة عليه الصلاة والسلام.
 إنهم عاشوا مع القرآن عاما كاملا يتدارسونه ويفهمونه، ويعرفون حق المعرفة مكانه وقدره وأنّه الحق لا مراء ولا جدال .... لقد عاشوا مع القرآن، فرباهم القرآن ونورهم القرآن، فدفعهم القرآن للنصرة..... وهكذا يفعل القرآن بأصحابه ....

تصفح

[0] فهرس الرسائل

[*] الصفحة السابقة

الذهاب الى النسخة الكاملة