الساحة الإسلامية > :: قرآن ربي ::

تعالوا نـــــَـــعــــــــش مع صفحة .........

(1/16) > >>

حازرلي أسماء:
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في الحقيقة أردت أن أضع شيئا من التأمل والتدبر والعيش مع القرآن العظيم على منتدانا الهادف ... فرحت أكتب في موضوع "قرآننا حياتنا أفلا نتدبر حياتنا ؟؟" فوجدت مني فتورا عنه .... ووجدتني أميل إلى أن أضع بعضا من هذه التأملات ، والبحث في التفاسير ، والبحث في الإعجاز العلمي في القرآن الكريم ....وأردت لهذا كله موضوعا أزوره بانتظام فأضع فيه ....سائلة المولى عز وجل أن يعينني وأن يقوي عزيمتي وأن يجعلني من الموفين بعهودهم إذا عاهدوا .....

ذلك لأننا أسبوعيا نعيش مع صفحة من صفحات كتابنا العزيز الحكيم ضمن حصة أسبوعية ننظمهافي الجمعية لعدد من الأخوات الفضليات ....وأردت أن أضع هنا شيئا من عيشنا مع هذه الصفحة الشريفة المطهرة ، وقد بلغنا حتى يومنا هذا مع المعدل الأسبوعي الصفحة السادسة والعشرين من سورة البقرة العظيمة بدءا من قوله تعالى :

"وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا  أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون  " البقرة 170

إذن سأحاول بإذن الله تعالى أن أشرككم العيش مع الصفحات الكريمات  بدءا من هذه الصفحة الكريمة ..... فـــ........تعالوا نعش مع صفحة ....

ماما هادية:
 :emoti_133:

تسجيل متابعة

جزاك الله خيرا

حازرلي أسماء:
نبدأ على بركة الله مع هذه الصفحة التي جاء فيها من محكم التنزيل العظيم :

وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَ لَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ (170)وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ(171) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ(172)  إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ المَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(173) إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ الكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناًّ قَلِيلاً أُوْلَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(174) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ(175)
 

نبدأ مع هذه الآيات الكريمات البينات المطهرات بإخباره سبحانه وتعالى عن حال الذين إذا قيل لهم "اتبعوا ما أنزل الله"-ويأتي هذا في سياق منتظم وتتابع بالمعنى لما جاء قبل هذه الكلمات السماوية -، من قوله تعالى "يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين   إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون "

فقد جاء أمره تعالى للناس بألا يتبعوا خطوات الشيطان الرجيم وكما يقول الفخر الرازي في تلخيص البيان "وهي أبلغ عبارة عن التحذير من طاعته فيما يأمر به ، وقبول قوله فيما يدعو إلى فعله "  فهو الآمر بالسوء والفحشاء ، ويأتي بلاغيا العطف بين السوء والفحشاء من قبيل عطف الخاص على العام إذ أن السوء يتناول جميع المعاصي ، والفحشاء أقبح وأفحش المعاصي .....فهو بين سيئ وأسوأ يتردد لا يعدو عنهما نعوذ بالله منه ومن شره ....

وهو الموحي لأوليائه بأن يقولوا على الله ما لا يعلمون وذلك بتحليل ما حرم سبحانه وتحريم ما أحل ، وذلك مبلغ من مبالغ إرضاء الهوى وتطلعات النفس وإبلاغها مبلغ الإله الذي يعبد من دون الله تعالى ، يقول سبحانه "ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله ....إلى آخر الآية الكريمة " ....
فيأتي النسق المنتظم ليخبر فيه الله تعالى عن حال من يؤمر باتباع ما أنزل الله تعالى بعدما بيّن سبحانه أن الشيطان للناس عدو مبين ، وأنه يوحي لأوليائه كل سوء وفحشاء وتقوّل على الباري جل وعلا ....فمنهم من يقول "بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا " هكذا كان جوابهم .... وسواء هنا أكانوا المشركين الذين دعاهم الحبيب صلى الله عليه وسلم للدخول في دين الله ونبذ الشرك وحطامه ، أم اليهود الذين ما ينفك الجزء الكبير من سورة البقرة العظيمة يحدثنا عنهم ويأتي بأخبارهم ويفضح حالهم وأحوالهم وتقلباتهم ، وأهواءهم وشركهم ، وكفرهم ، وتكذيبهم لرسل الله سبحانه ولما أنزل عليهم وتعذيبهم لهم ، وتكبرهم وتعنتهم وتجبرهم وتحريفهم وتبديلهم للكلام الإلاهي بكلمات من نسج أهوائهم الواهي ومن كتابة أيديهم الظالمة المتعدية ......

سواء أكان المعنيون هم المشركون أو اليهود الذين يملؤون المدينة المنورة ويحيطون برسول الله صلى الله عليه وسلم ويتربصون به وبدعوته الدوائر ، فإن الأمر سيّان .... وجوابهم لو تأملنا جواب أبله غبي .........أنّما نتبع ما وجدنا عليه آباءنا من الطرق التي ننتهجها ونرثها وراثة من غير تدبر ولا تعقل ولا تفكر ولا برهان ولا دليل ...... فيقول سبحانه وتعالى عزّ من قائل "أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون "   استفهام للإنكار والتوبيخ ..... وتأتي لفظة "يعقلون " لو نتدبر  فنرى أنّما ديننا دين يوائم الفطرة ويسايرها ، تلك الفطرة التي خصت بالعقل، بتلك النعمة التي اختص بها سبحانه عباده من البشر ليتدبروا ويعقلوا ويفقهوا ويفهموا ويدركوا ويعرفوا .....  لا يعقلون ....إن العقل وإعماله وإنفاذ عمله لهْو الهدى إلى اليقين ولهو الهدى إلى سواء السبيل ، ولهو بلوغ اليقين والحق والنور ، وإن تعطيله لهو الضلال وهو الظلام وهو الهوى وهو التكبر والإلحاد ...... فما جعل العقل في بني البشر إلا ليهتدوا إلى أكبر اليقينيات ، اليقين بالله تعالى وبوجوده وعينه الرقيبة التي لا تأخذها سنة وحكمه المطلق وطلاقة قدرته وعظمته واتصافه بالصفات العُلى .....

لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ....العقل في تعريفاته المختلفة تحوم حول معنى واحد فهو قُوَّةُ الإِدْرَاكِ وَالتَّمْيِيزِ وَالتَّفْكِيرِ   ، وعقل عقلا أي أدرك الأشياء على حقيقتها .....وأنه العلم بصفات الأشياء حسنها من قبيحها ....وفي مجمله هو معرفة الحق... الحق الذي له وجه واحد ولا أكثر من وجه للحق ، والحق  والحقيقة الكبرى معرفة الباري عز وجل ، والتيقن من وجوده ومن حاكميّته في الأمور كلها ومن كمال تشريعاته ....
لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ، وهل من لم يعقل بعقله وجود الله وربوبيته وألوهيته عرف شيئا وإن بدا له معرفته بكل شيء؟؟؟؟

من لم يعقل لم يهتد ومن لم يهتد لم يعقل والعلاقة بين كليهما على هذه الشاكلة لنعلم علم اليقين أن العقل بالفطرة وحقيقة العقل اهتداؤه لخالق العقل والنّهى وحقيقة الاهتداء هي العقل السليم ، الحر ، العقل المنطلق يعمل وفق مقتضيات العقل  وما عداه هوى ولا شيء غير الهوى ....

ينكر سبحانه وتعالى على هؤلاء الذين يقولون باتباعهم لما وجدوا عليه آباءهم ويوبخهم استفهاما .... يعرفنا أنما جعل العقل لمعرفة الدين الحق دين البرهان ،دين ليست المزيّة فيه وراثة فحسب وإنما هي فهم وإدراك ويقين ورسوخ إيمان وتبيّن بالعقل وتوضّح بالبرهان ، أما الاتباع فلا يكون فيما هو باطل مشرّع من هوى الناس وإنما يكون لما يشرّع المشرع الخالق البارئ المصور المتعال .....

ولنتدبر قوله تعالى بالفعلين  : "اتبعوا " أمرا منه كاملا متسقا فيه الحكم والحكمة ، وقوله تعالى على ما قالوا : "نتبع"  فالاتباع الحق هو اتباع الهدى واتباع ما أنزل الله تعالى ، وليس اتباع ما ترك الآباء وما وُجد عليه الآباء من الطقوس والطلاسم التي لا معنى لها وإن كانوا لا يعقلون ....

ثم ينتقل النور الإلهي بكلماته سبحانه إلى وصف الذين كفروا وضرب المثل ، والمثل في القرآن العظيم كثير ، وإنما هو للتقريب لذهن الإنسان وللتشبيه وليقترب المعنى ، فبالمثال يتضح المقال ، وضرب المثل في القرآن كثير الورود ، حتى تتضح الصورة للعقل أكثر وهو يراها قريبة مما يعرف من الأشياء
وهنا يحضرني منهج التثبّت العلمي من الحقائق ، إذ يكون بالاستقراء والاستقراء والقياس وهما التركيز والمشاهدة وجمع الأدلة في الأحوال المشابهة المقاربة للوصول إلى دليل التلازم في الحال ليحكم بعدها على الحقيقة من حيث الاستقراء التام أو القياس للشواهد والأمثال من الأحوال .... فيأتي المثال ها هنا مقربا للمعنى ومجليا له ....

وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ(171)

ما أدق هذا المثل وما أبلغه ، وما أكثر ما يتضمن من صور البلاغة ومن إعجاز اللغة ....

يقول ابن القيم في أعلام الموقعين عن قوله تعالى : وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ ....
لك أن تجعل هذا من التشبيه المركب ، وأن تجعله من التشبيه المفرّق ، فإن جعلته من المركب كان تشبيها للكفار في عدم فقههم وانتفاعهم بالغنم التي ينعق بها الراعي فلا تفقه من قوله شيئا غير الصوت المجرّد ، الذي هو الدعاء والنداء ، وإن جعلته من التشبيه المفرّق فالذين كفروا بمنزلة البهائم ، ودعاء داعيهم إلى الطريق والهدى بمنزلة الذي ينعق بها ، وإدراكهم مجرد الدعاء والنداء كإدراك البهائم مجرد صوت الناعق .والله أعلم
لنتدبر هذا المثل ، ولنبحر سويا في أعماق اللغة ....والكلمات ......

بحثت عن الدعاء فإذا هو : الصوت مجرد عن المعنى من الكلام
وعن النعق فإذا ينعق : يصيح يقال نعق الراعي بغنمه ينعق بكسر العين  نعيقا إذا صاح بها وزجرها قال الأخطل :

 فانعق بضأنك يا جرير فإنما *****منّتك نفسك في الخلاء ضلالا


أي أنه سماع الكلام من غير بلوغ معناه إدراكا ، فهنا العقل مغمور ، محجوب لا دور له ، وإنما هو سماع بالجارحة ولا يمرّ المعنى عبر مصفاة العقل والإدراك والفهم ، بل يقبع بمكانه كمثل من ؟؟؟ كمثل من وإن سمع وإن بلغه الصوت ولكنه الصوت مجرّدا عن المعنى ........ يأتي قوله تعالى : صم بكم عمي فهم لا يعقلون .....
الصمم عن سماع المعنى وبلوغه القلب وتشرّب النفس له ، البكم عن قول المعنى وهو قول الحق والصدح به ، والعمى ....عمى البصيرة فسبحانه القائل والقرآن يصدق بعضه بعضا :
أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور

فالقلوب التي بها يعقلون ، والآذان التي بها يسمعون إنما هي مردّ تأمل بصيرتهم ، وتأمل قلوبهم المستنيرة ، أما إذا عميت عليهم فلا قلب يبصر ولا بصيرة تستنير فالصمم والبكم والعمى حالهم وإن كانت أعينهم ترى وآذانهم تسمع وألسنتهم تتحرك بالكلام ....
ويقول تعالى في محكم تنزيله : أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا

بل هم أضل سبيلا ...........

ولنلاحظ كيف أنه لا وجود حتى لأداة التشبيه فلم تكن : كالصم ، كالعمي ، كالبكم .....بل جاء تشبيها بليغا لا مكان للأداة فيها لأنه محل ومقام مساواة وهو أعلى من التشبيه .....


حازرلي أسماء:
أهلا وسهلا بك ماما هادية  emo (30):....تسعدني متابعتك .....

نكمل بإذن الله في الرد الموالي ....وأرجو إعادة قراءة الرد السابق لأنني أكتب وأرسل تباعا أي أعدل وأرسل المزيد على الرد الواحد

سيفتاب:
ما شاء الله ولا قوة إلا بالله

موضوع رائع ورحاب عالية تأخذينا إليها يا أسماء.

لله درك من أخت.

تصفح

[0] فهرس الرسائل

[#] الصفحة التالية

الذهاب الى النسخة الكاملة