الساحة الثقافية > :: حكاياتنا الحلوة ::

همسات السنين....

(1/8) > >>

saaleh:
لا أدري كيف أبدأ... فقد طال عهدنا بالصمت حتى نسينا الكلام..
 
بدأت الثورات... كنت متشائما وفاقداً لكل أمل لأنني متيقن أن الشعب لن يستطيع مواجهة جيوش الظلم...
 ثم كانت المفاجأة.. الجيش ضد الرئيس في تونس... ثم الجيش على الحياد في مصر.... والجيش انقسم انقساما كبيراً في اليمن...
 
لكنني كنت ومازلت متأكداً أن الجيش في سوريا مختلف عن غيره.. ربما هو الأقرب للجيش في السعودية... ولاؤه تام كامل لا خلل فيه... والجيش ليس الجنود... وما كان للجنود وزن أو مكانة في جيوش التاريخ إلا في حقبة فريدة تفلتت من حدود الزمن أيام رسول الله وصحابته... الاعتماد والقيمة هي للضباط ذوي رتب القادة والأمراء أي اعتباراً من رتبة الرائد..

 ربما أعود لهذا في  حينه.. عندما أصل في كلامي لخدمتي في الجيش ثم  للثورة السورية .. لكن ما في قلبي من حديث يطول تراكم حتى طفح كيله..

 حديث قديم طويل بدأ منذ سنوات وبقي قابعاً في مكانه... يلجمه الخوف القديم الذي صار شريكاً للحظات حياتنا التي كادت تنتهي..

كيف مرت الأيام... وأي دور اخترنا لأيامنا المتسارعة... وكيف أجبرتنا الأيام مرات ومرات على احتمال مواقف لا يحتملها أحد... والبقاء واقفين رغم الصخور التي انهالت على رؤوسنا... بل وجدنا أنفسنا مجبرين على النهوض مع كل كبوة... والانطلاق من جديد بخطى مترنحة أحياناً.. قوية ثابتة حيناً... حتى نبقى في مكاننا الذي صنعناه رغم كل المصاعب والمصائب..
 أذكر أنني كتبت مرة عن السجن... منذ سنوات بعيدة.. كان أول صدمة كبيرة تخلل مذاقها المرير في كل خلايا جسدي.. رغم مروري بعدها بلحظات أصعب وأمرّ.. ربما أبدأ بالسجن.. لا أدري... فأنا أنظر لما أرغب في كتابته وكأنه آلاف الصفحات المتناثرة.. وما أصعب ترتيب الصفحات كلما ازداد عددها...
 
بلدي سوريا... ما أغلاها... مدينتي دمشق ما أحلاها... منزلنا وملاعب الصبا... أيام الطفولة لو قدّر الله لنا لاسترجعناها واستزدنا منها....

وحَببَ أوطانَ الرجالِ إليهمو ....... مأربُ قضاها الشبابُ هنالكا
إذا ذكَروا أوطانَهم ذكَرتهمو......... عهودُ الصبا فيها فحنّوا لذلكا
 
أبعدتني عنها الغربة.. ثلاثة وعشرون سنة وبضعة أيام... أكاد أصل لعمري عندما غادرتها مهاجراً للدرس ..
قلت ومازلت أقول إن الذي أخرجني وأخرج الناس هو الظلم.. وإلا لما خرجت...

 يعلم الله أنني خرجت منك يا دمشق كمن يقطع شطر قلبه ويتركه نازفاً.. ولو وجدت فيك مكاناً للعمل أو الدراسة لبقيت عمري.. لكنّ قدر الله أمضى.. وتخريب المجرمين الذين قهروا الناس وخربوا العمل والعلم جعل المكان لغيري.. لا يتسع لوجود أمثالي الذين كان أمامهم اختيارات أحلاها مرّ.. إما البقاء والانخراط في منظومة فاسدة والقبول بأي شيء وأي مستوى وأكل الفُتات مما سيتركه عبيد الظالمين، أو العمل بأي مهنة أخرى أو الهجرة إما للخليج أو للغرب... وكان الغرب لمن يملك بعض المال لكلفته المرتفعة في السنتين الأوليتين..
أصر أبي على ذهابي للغرب فذهبت... ولن أخوض في ظروف الهجرة وكيف مضت... لكنها كانت علقماً..
 تركت مع قلبي في دمشق شطر روحي وفلذة كبدي.. أغلى الناس على قلبي ، وقد رحمني الله فلحقا بي بعد هنيهة ليعيشا غربتي بمرها وحلوها..
 
لماذا أتكلم عن نفسي.. وما أهمية نفسي وما عاشته... فأنا إنما أردت أن أذكر أموراً أخرى .. أموراً اختلجت في نفسي  واستقرت وربما آن لها الأوان أن تخرج

سأبدأ من النهاية التي ربما ستكون بداية لأمر جلل عظيم نعيشه ونكون عليه شهداء يرويه أولادنا لصغارهم بعد عشرات السنين
 
 سأبدأ من النهاية التي هي بداية الثورة.. بداية ثورة في بلدي الحبيب سوريا.. وبداية لألم يعتصر فؤادي  لحظة بعد لحظة ويوماً بعد يوم..

بسمة ذياب:
كم نحتاج لهذه الشهادات يا دكتور صالح.. إن كان أمثالك لا يكونون في مقدّمة حافظي الذاكرة... وموثّقي التاريخ والشاهدين على العصر فمن يكون إذن !
ها قد آن الأوان، وأزفت ساعة الانعتاق، وأُذن لكلّ من أوذي في حياته ومعاشه وطاله القمع والقهر ومفارقة الأعزّاء وأُخرج من وطنه تعسّفاً...أُذن لهم بأن يعلنوا انتفاضتهم... و أن يصدحوا ب" لا " كبيرة مدوية في وجه كلّ ظالم ... وكلّ متردد خائف...
وإن أولى خطى الحرية وأولى صور الشجاعة أن يحرّر المرء مكنونات قلبه فلا يظلّ الألم دفينا حارقا ...

ها نحن بانتظار البداية يا د. صالح.. فتجربتك ما عادت لك وحدك ...إنها من حقّنا جميعاً ...

سيفتاب:
نعم يا بسمة وأنتظر معك تجربة أخي الكريم د. صالح

إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ

حلم:
كل هذا القدر من الحزن والمرارة بداخلكم يا أهل سوريا ؟؟؟!!

نعم الصبح قريب يا سيفتاب ...قريب ... قريب

أنتظر معكم وبشوق لسماع تجربتك  دكتور صالح .

إيمان يحيى:
متابعة

رغم كل الحزن والرعب والأكاذيب المصاحبة للثورات

ورغم رائحة الموت والدماء

لم أستطع التخلص من هذا الشعور الذي يضيء بداخلي ويؤكد لي أن كل ما يحدث هو تمهيد لجولة جديدة شديدة في الصراع بين الحق والباطل سينتصر فيها الحق وستدق أعناق الجبابرة إن شاء الله ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله



تصفح

[0] فهرس الرسائل

[#] الصفحة التالية

الذهاب الى النسخة الكاملة