الساحة الثقافية > :: الأيام والفن والإعلام ::

مسلسل قيامة أرطغرل ومسلسل فيلينتا مصطفى

(1/2) > >>

ماما هادية:
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بتوصية من الصحفي صابر مشهور، والذي عكفت فترة على متابعة جميع حلقاته التي قدمها تحت عنوان (العالم الأسود للعسكر) تابعت وأسرتي المسلسل التركي قيامة أرطغرل، والذي تبث حلقات موسمه الثالث حاليا كل يوم أربعاء من القناة التركية
كذلك تابعت مسلسل فيلينتا بموسميه
فمن يا ترى تابع هذه المسلسلات؟

إيمان يحيى:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته


لم أشاهد أيهما ولكن رأيت إعلانات على الفيسبوك لقيامة أرطغرل فهل تنصحين بمشاهدته؟
ليتك تخبرينا بملخص العملين.

ماما هادية:
نعم أنصح بمشاهدتهما بشدة
ولكن دون أن أقول انهما خاليان من المخالفات الشرعية
يعني على المشاهد ان يستحضر عقله ويفلتر

لكن خيرهما يغلب على شرهما
وسأقدم ملخصا لكل منهما بإذن الله

ماما هادية:
مسلسل أرطغرل تم بث موسمين منه، والأن يتم بث الموسم الثالث
المسلسل يتحدث عن شخصية أرطغرل بن سليمان شاه، والد عثمان مؤسس الدولة العثمانية الإسلامية العظيمة
الفترة التاريخية هي القرن الثالث عشر الميلادي، السابع الهجري تقريبا... نهاية الدولة السلجوقية وقبيل سقوط الخلافة العباسية ونهاية الدولة الأيوبية
والمسلسل يصرح في البداية انه يستلهم أحداثه من التاريخ، فهو ليس مسلسلا تاريخيا وثائقيا، بل هو مسلسل درامي بطولي ذو خلفية تاريخية
ولهذا فكثير من الشخصيات التي تتحرك في المسلسل وكثير من احداثه او معظمها من نسج خيال الكاتب وتجسيد المخرج والممثلين.
جمال المسلسل إذن لا يكمن في أنه يعرفنا على حقبة تاريخية مهمة جدا من تاريخنا نجهلها تماما، لأنه لا يرصد التاريخ. ولكنه يكمن في أنه يحيي في نفوس الشباب جملة من المفاهيم الإسلامية التي اندثرت وغيبت تماما من تربيتهم الإسلامية عن عمد او عن قصور.. سواء في ذلك الشباب التركي (وهو المعني بالدرجة الاولى بهذا المسلسل) او بقية الشباب المسلم ومنه العربي..
من هذه القيم والمفاهيم:
1- عقيدة الولاء والبراء التي تتجلى واضحة تماما في المسلسل
2- ضرورة الجهاد في سبيل الله، وانه لا قيام للمسلمين بدونه
3- أنه ولو جنح المسلمون للسلم وتجنبوا القتال ولقاء العدو فإن العدو الطامع لن يدعهم في حالهم بل سيجتاحهم
4- ان الخيانات هي الخنجر الذي يطعن المسلمين دائما في خصورهم، وبدون الخيانات لا يمكن ابدا ان ينتصر علينا الاعداء
5- ان المسلم يبقى دائما محكوما بشرع الله حتى في قتاله مع الاعداء، فلا يتجاوز حكم الله فيهم (بالعموم، وحصلت بعض المخالفات في المسلسل لهذه القاعدة)
6- أن القوة العسكرية هي التي تقيم الدولة وهي التي تقام في ظلها القوة العلمية والقوة الاقتصادية، وليس العكس..
7- الإثخان في العدو والشجاعة لا ينفيان رقة قلب المسلم وحبه لأسرته وعطفه على الضعفاء والفقراء... (المسلم الكيوت ليس المسلم الجبان بل القوي الشجاع الذي يحمي الحمى)
8- نفي كامل لفكرة التعايش التي يطبل لها الجميع هذه الايام... فلا  تعايش مع دول الكفر، بل معاهدات مؤقتة لا تنفي الحذر والاستعداد الدائم..
9- الخونة يعاملون معاملة الكفار، ويتم التخلص منهم بسرعة وحسم للحفاظ على أمن المسلمين، ولا يقال هم منا ونحن منهم، ولنعفو عنهم، ولنصطف معهم...إلخ
10- المسلم لا يكون مسلما حقا الا اذا اهتم لشؤون المسلمين في كل مكان وسعى لرفع الظلم عن كل مظلوم
11- دور العلماء والدعاة ان يذكوا في الأمة روح الجهاد، ويبحثوا عن القادة المخلصين فيدعمونهم ويساندونهم.
12- يؤكد المسلسل على أن الصليبيين كفرة، والمغول كفرة، والبيزنطيين كفرة، وأننا نجاهد الكفرة، ونقاتل الكفرة.. وهي مفاهيم تتحاشى جميع المسلسلات والافلام التاريخية التصريح بها.. فتنسب كل شعب نجاهده الى اسم بلده او قومه، ولا نصرح بأنهم كفار واننا نجاهدهم لأنهم كفار.. 
13- المسلم المخلص يناصر الحق والعدل ولو  على حساب أخيه وقبيلته وحتى وطنه... ووطن المسلم هي الأرض التي تعلو  فوقها رايات الاسلام ويشيع فيها الخير والعدل، فلا ارتباط ببقعة جغرافية معينة دون أخرى .. فحيثما استطعت ان تؤسس دولة الاسلام فثم وطنك..

هذه بعض القيم والمفاهيم التي يصدع بها المسلسل
وأحداث المسلسل تمثل تقابلا بين نموذجين من الشخصيات:
نموذج يجسده أرطغرل، وهو النموذج الذي يسعى للخير والعدل ونصرة المظلوم حيثما كان، ولو على حساب نفسه او قبيلته.. ويرى انه لا يستطيع ان يدير ظهره لأي عدوان يصيب أحدا من المسلمين ان كان يستطيع ان يرفعه، ولا يرى ان سلامة قبيلته تتعارض مع هذه النصرة، لأن السكوت عن ظلم الظالمين سيجعلهم يتمادون، وسيصل ظلمهم وعدوانهم فيما بعد لهؤلاء الذين أعرضوا عنهم التماسا للأمن والسلامة.
ونموذج مقابل، يجسده غوندوغدو، أخو أرطغرل الأكبر، والمرشح لسيادة القبيلة من بعد أبيه سليمان شاه، والذي هو مسلم صالح أيضا، ومخلص لقبيلته ويريد ان يرعى مصالحها، لكنه يرى ان ما يفعله اخوه ارطغرل تهور ورعونة، فهو يترك مشاكل القبيلة التي تعاني من الجفاف وقلة المراعي وسوء الحال، ويسعى لاستفزاز الصليبيين ويتحدى والي السلاجقة الظالم، ويساعد من يراهم مظلومين معرضا بذلك قبيلته للخطر، وان الاولى له ان يفكر في مصلحة قبيلته ويبتعد بها عن هذه المواجهات المجنونة ويدع الخلق للخالق..

وتسير أحداث المسلسل وسط حبكة درامية رومانسية شيقة، حيث يقع أرطغرل في حب أميرة سلجوقية (حليمة) هاربة من السلطان السلجوقي، الذي غضب على ابيها لأنه ظنه ينازعه ملكه وسيتسبب في انقسام دولته، ويحاول الصليبيون بالفعل استغلال أبيها ليعلن نفسه سلطانا مقابل السلطان علاء الدين، فتنقسم الدولة بينهما ويحدث النزاع والشقاق...

وتدور أحداث الموسم الأول في صراع مع الصليبيين وعلى رأسهم كهنة المعبد الذين يقيمون في قلعة جبلية حصينة يديرون منها مؤامراتهم..
وتدور أحداث الموسم الثاني في صراع مع المغول، الذين يجتاحون بلاد المسلمين بما في ذلك أرض قبيلة ارطغرل في حين غيابه مع المحاربين في بعض الغزوات..
وتدور أحداث الموسم الثالث في صراع مع البيزنطيين، (وهنا نقترب أكثر من الحقائق التاريخية) حيث يستوطن أرطغرل مع قبيلته، بأمر من السلطان السلجوقي علاء الدين، منطقة في شمال غرب الأناضول، متاخمة للحدود البيزنطية، ليجاهد الروم، ويبدأ من هناك تأسيس دولته الجديدة، التي ستخلف فيما بعد الدولة السلجوقية في قيادة العالم الإسلامي..

المسلسل محترم جدا.. فيه لقطات رومانسية ولكنها عفيفة جدا، وتنتهي مباشرة بالزواج، ..
هناك موسيقى
لباس النساء بعد الحلقة الرابعة تقريبا صار محتشما تماما وساترا حتى لشعورهن..

هناك بعض المخالفات الشرعية: منها اختلاط النساء بالرجال على موائد الطعام وفي مجالس الشورى وأنشطة القبيلة المختلفة، بما يخالف واقع المسلمين في تلك الحقبة
ومنها مجالس الذكر الصوفية التي يعرضها المسلسل على أنها من الطقوس الدينية الصحيحة.. وهي طبعا من البدع المخلة، وتشوه وجه الإسلام..
ويترأسها بحسب المسلسل الشيخ محيي الدين بن عربي...القادم من الأندلس، والذي يتجول بحثا عن مجدد العصر، فيقابل ارطغرل فيتوسم فيه الخير، ويدعمه ويعظه، ويقويه ويساعده... والصوفية التي يرسمها المسلسل تقدم حقيقة التوحيد والتوكل التام على الله عز وجل والاعتماد عليه واليقين ان كل شيء منه: النصر والهزيمة والموت والحياة والشفاء ... وان على العبد السعي والتوكل
فهي معان جميلة وراقية ومؤثرة
ولولا طقوس مجالس الذكر التي عرضوها، لكان العرض جميلا وسليما.. ولكن ربما ارادوا ان يعرضوا ما لها وما عليها.. او انهم يظنون ان هذه البدع شيء جيد غير مخالف.. وهو ما يلامون عليه..

ولئن كان الممثلون من اهل الفن العاديين اصحاب السفور والفسق.. لكنني لا اشك ان كاتب السيناريو على قدر عال من العاطفة الدينية والوعي السياسي والإيمان
والله اعلم

المسلسل يستحق ان يكون تسلية هادفة لجلسات عائلية تجمع الصغار والكبار
ويكفيه انه يحيي في الصغار روح الجهاد وقيم الاسلام العظيمة ليكون جديرا بالتشجيع

ماما هادية:
هذا وقد علق كثيرون غيري بشكل ايجابي على المسلسل.. لعلي انقل لكم بعضا من ذلك

وهناك من علق عليه سلبا، ووجدت محور تعليقاتهم ان المسلسل غير صحيح من الناحية التاريخية، ومن وجهة نظري تعليقهم غير منصف، لان المسلسل لم يزعم انه تاريخي، بل اعلن انه مستلهم من التاريخ، وبالتالي اعترف للجمهور ان معظم احداثه من نسج الخيال.. لكن الغرض منه لم يكن عرض التاريخ، بل نشر القيم والمفاهيم التي قد يوصلها الفن الراقي الى قلوب وعقول المشاهدين بأسرع واقوى مما توصلها المحاضرات والمواعظ المباشرة
وانتقد بعضهم تحيز المسلسل للترك واغفاله ذكر العرب، وهذا انتقاد غريب لان المسلسل يتحدث عن تاريخ بلاد الاناضول وقبيلة من قبائل الغز ( الاوغوز) بالتحديد، وهو لا يؤرخ لجميع ارجاء العالم الاسلامي ليذكر دور جميع الشعوب ومنها العرب.

فهذان الانتقادان الرئيسيان لا محل لهما من الاعراب



والله أعلم

تصفح

[0] فهرس الرسائل

[#] الصفحة التالية

الذهاب الى النسخة الكاملة