أيامنا الحلوة

الساحة الثقافية => :: حكاياتنا الحلوة :: => الموضوع حرر بواسطة: أبو دواة في 2011-11-10, 15:01:59

العنوان: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-11-10, 15:01:59


مذكرات طبيب.....

منذ حوالي خمسة أشهر (في مارس 2010م) تسلّمتُ العمل طبيبًا للامتياز في أحد المستشفيات التعليمية في القاهرة (مستشفى الساحل بروض الفرج).......

كان محيط المستشفى شعبيا...... وأكثر المرضى لا تعنيهم اللياقة كثيرًا..... فقط الحصول على الخدمة "الآن وهنا"...... وبكل استخفاف يتعامل المستهترون والخارجون على القانون والمرضى النفسيون مع الأطباء........

لم يمض يومها أكثر من شهر وبعض شهر على اشتعال ثورة يناير...... وفي غياب الشرطة ومع هروب الآلاف من المجرمين كان معتادا أن يفد علينا في كل يوم عشرات القتلى والجرحى....... وكم تذكرت قصة قصيرة لأنطون تشيخوف اسمها المنزل ذو العلية وهي حكاية رسام دخل في جدل جاد مع امرأة عقلانية مهتمة بالقضايا العلمية البحتة....... أصر الرسام على عبثية الطب وخلافه إذا كان الضمير غائبا..... بالفعل كان الطب عبثا لأن البلطجي يشرح أخاه ألف مرة في لحظات ونقوم نحن بتطبيبه في ساعات ربما تطول وربما يحتاج إلى عملية كبرى ومكلفة..... كان الضمير والقانون كفيلين براحتنا لو أرادا ذلك من البداية.......


(في مستشفى الشيخ زايد المركزي) باقتراب نهاية النهار...... جاءت زمرة من الأطفال.. كأنّها الخرق البالية........ إنهم يعملون في الحقول..... تحملهم سيارة نقل البهائم في الصباح وترجع بهم قبل الغروب.... في ذلك اليوم انقلبتْ السيارة فمات عدد منهم وحملتْ سيارة الإسعاف عددًا أكبر إلى مستشفانا.......

بدأتُ أفحص الصغار مع زميلي..... بعضهم كان بحاجة إلى خياطة جروحه......

الخيطان شحيحة.... والموجود منها سميك جدًّا كأنه حبل......... لكنْ ما العمل إذا كان هذا مقام الفقراء عند أولي الأمر؟؟

بدأتُ بإعطاء الصغير حقنة مخدر تحت الجلد..... وبدأ الدم يسيح من الفرجة بين حافتي الجرح....... وأخفى الولد عينيه بكفيه...... لم يصرخ..... لأن هؤلاء الصغار صرخوا كثيرًا من قبلُ وعلموا كم هو عبثي أن يصرخوا......... أما أولاد الأغنياء فإنهم يصرخون قبل أن يلمسهم الطبيب أو عندما يرش على جروحهم الماء فقط الماء........

أطفال كالخرق البالية...... ثيابهم ممزقة ومتسخة ووجوهم حائلة....... كتبتُ لكل ولد دواءً مناسبًا..... ترى هل في قدرتهم أن يشتروا شيئًا من كل ما كتبتُ؟... أشكّ طبعًا.......

كان اليوم طويلًا وفارغًا...... وبدأ زملائي...... وقلّ أن يكون لديّ زملاء في هذا المستشفى البعيد هناك..... (بعيد عن العين.... وتحت حرّ الجبال)..... وبدأنا نتكلّم مع النائب..... عن كل شيء....... عن الله والوجود والنسبية والعدمية ونيتشه وزرادشت....... وكلمة تجرّ كلمة..... ورائيل يجرّ مصطفى محمود........

مساكين هم الأطبّاء...... كل هذه الأفكار تستغرقهم...... وليس سهلًا أن يفضوا بها...... لمن أيها القارئ؟!!.... ليس طيّبًا أن تقوّي علاقتك بالممرضين والعمّال........ لأنّك لن تسيغ في النهاية مزاحهم ومركّب النقص السابح في شرايينهم........ والمرضى كذلك....... لا بدّ من الاحتفاظ بأكبر قدر من القدسيّة –والصمت من أوّليّاتها- أمام المريض......... تمامًا كالكاهن........

لأيّ شيء يهتمّ الطبيب؟!...... وصباحاته بلون الدم.... وطعم النار...... والليل..... لم يعد سكنًا...... فقط لحظة التوقيع في دفتر الحضور وحدها من تحتفظ بدلالتها..... كل شيء بهت........ الألم.... والموت...... والعورات...... والأمومة...... والطفولة..... كل شيء أصبح ميتا..... أنا عندما أخيط إنسانًا أراه وسادة...... ولو شعرت للحظة أنه إنسان.... فسيخسر كثيرًا وسأخسر نفسي...........


ليس شرطًا أن يكون ما أكتبُ جميلًا..... الناس كلهم يكتبون...... يكتبون باللسان...... وبالأصابع... والشفاه..... للجسد لغة ذات حضور أقوى وأثر أوقع في النفس.. للصمت لسان من الذهب... الصمت مَلِك الزمان..

أنا عندما أرجع إلى بيتي..... أرجع إلى نفسي.... وتنمو الأشواك..... تنمو وتنمو...... وتنقصف بانقصاف إحساسي بالنفس في يوم العمل....... يوم العمل.... عندما تختفي عنّي نفسي التي أكرهها حتى البكا..... تختفي هناك....... وراء السهر والوحدة والكلفة ومباسطة الزبون....... والنوم على لوح من الخشب..... والصحو لأجل من يكره رأسه أو يكرهه رأسه أو بطنه أو ساقه.......... والقراءة حتى السُّكر..... والراديو الذي يثرثر ليل نهار....... كل هذا لخنق هذه النفس........ التي ترجع في البيت...... في البيت قبل أن أدير المفتاح في فتحة الباب وتهرع الدموع........ لأجل أشياء كثيرة مكرّرة...... (فحزننا مكرر....... وموتنا مكرّر.... ونكهة القهوة في شفاهنا مكرّرة)....... وجعنا بالعزوبيّة...... وانتظار ورقة بيضاء لأجل القلم الذي أترعه الحبر....... وانتظار وردة جميلة لأجل طائر قتلتْه القصائد...... وانتظار معركة لأجل سلاح صدئ سلاحه......... والتبارير والتعازي والآمال....... كل شيء تكرّر حتى القبح... العيش عزبًا.... شقّ إنسان.... أعور... أعرج..... نصف عقل...... نصف قلب..... الليل للهموم..... والصبح لليل جديد تملؤه الهموم...... اسمنا عند الناس كان طلبة..... واليوم ملائكة الرحمة...... فمن ملاكنا.... ومن يسمعنا ويحتمل حرننا وجنوحنا؟؟!!!!..... لنا الله!

ترى أي شيء جنيناه من الحياة الحديثة؟!!!!..... وسائدنا غاضت في ماء عيوننا ونبت الحزن فيها (أشجارًا.... أشجارًا)....... غرفنا..... ترجّع زفراتنا....... ساعاتنا حبلى بالهموم..... وشهادات وفاة لأعمارنا التي اختارتْها لنا الحياة الحديثة ولم نخترها....... إن ميلادنا لجيل أنس القعود عن العمل حتى العشرين وعن الزواج حتى الثلاثين لن يغيّر من فطرة الله التي تحرقنا في كل خطرة....... في كل خطرة....... يذكر العزب وجعه....... فالسماء والأرض والشجر والحجر والطير والنسيم كل هذه الأشياء خميلة لزهرة في خياله........ كلّما سعد تاقتْ نفسه إلى من يشاركه أفراح قلبه........ أو حزن احترق لأجل من يحمل عنه صليبه......... تلبٍّستْ المرأة كل تفاصيل الحياة......... المرأة التي نقرأ عنها فقط في الروايات ودواوين الشعر...........

مذكّرات الطبيب..... وأي إنسان هو الطبيب!..... عندما تفتح أمّ قلبها لي وتبكي من العقوق والصدّ..... أقول لنفسي يبدو أنّ وجهي لا يجيد الكشف عن آلامي.... يا أمي أنا أيضا موجوع بوحدتي ربما أكثر منك..... أو تكشف فتاة حلوة عن آلامها..... أقول يبدو أن شبابي ولّى....... وإلا فأين أنا من كل ما انكشف أمامي الآن؟!... ألا أستحق أنا خجلًا؟!........ نحن ملائكة أيها الإخوة....... ملائكة..... نبلع الزلط...... ونبلع القبح..... ونبلع العريّ........ ونبلع الدم..... ونبلع البقشيش في النهاية......... تدجّنتْ النفس....... فلا تمرّ ولا تحلي.........


العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-11-10, 15:54:39
تعبت............ قرأت كثيرا............ وسمعت كثيرا............ وجاء دوري لأتكلّم.........

في الربيع الماضي......... وبعد أقل من شهرين من اشتعال الثورة المصرية........ بدأ الامتياز....... النقلة الجديدة من التنظير إلى التطبيق كانت صعبة.........

الألم والدم والموت والعورة........... كل هذه الأشياء بهتتْ....... وبدأتُ أشعر أنني آلة........ عيني منظار......... ويدي مجسّ......... والمفترض بي أن أتحمل عن الناس ألمهم....... وأن أبدو متألما أنا أيضا......... وبطلا....... والطبيب في عيون الناس هو نبي معلّم......... أو ربما إله عليم......... لا تعزب عنه مثقال ذرة....... وليس من حقه أن يقول: "آسف..... لا أعلم"......

المرضى أشكال وألوان........ لصوص.... ومدمنون......... ومرضى نفسيون....... وطبيب الاستقبال هو (الحيطة المايلة)........ النوّاب نائمون أو في (البرايفيت) أو يشربون الشاي أو يدخّنون............ وأهل المرضى يصرخون ويتوعّدون بالتشكي للوزير وأحيانا بالسلاح الأبيض والأسمر........... والممرضون يعتبرون الأطباء الممتازين لعبة........ والنوّاب يعتبرونهم عبيدًا....... والإخصائيون لا يعترفون بوجودهم أصلا........

بعد أيام بدأت النوبتجيات.......... حتى الليل والنهار ذابا تماما......... وأصبح كل شيء رماديا........... وأصبح الهروب هدفا............ وأصبحت ساعة الإمضا هي الساعة المعتبرة الوحيدة......... حتى الصلاة مخطوفة........ وعلى الغداء مكالمة تستعجلك........ وبعد شرب الشاي كلمة عتاب وقرصة أذن.......

الأرض دارتْ وتوقّفت تحت قدمي........... هنا بالضبط......... فالشمس تشرق وتغرب......... والأعياد تعود....... والشجر ينمو وييبس.......... والحيوانات تتكاثر وتلد...... وهنا فقط ماتت كل عملياتالتمثيل الغذائي وتوقفت أجرام السماء.......... الدموع يائسة....... والكلمات تبددتْ لأنها لا تجد من يسمعها......... لأن الكلمات تظل افتراضا......... والنقود وحدها هي التي تمنح وجودنا شرعيّته......... يا رب من لهذا القلب الذي تفتت ألف مرة؟؟؟؟؟؟

دارت دموعي....... ودارت......... وسقطت........ هكذا بلا ثمن....... في الوسادة....... وفي التراب......
وفي القلب...... تمطر......
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-11-10, 16:37:47
رائعة يا عبد الرؤوف ....رائعة

رغم ما يكتنفها من حزن وأسى وخوف من تبلّد الشعور مع ما تصبح عليه وتمسي من حاجتك للجَلَد وللتجلد وللتصبر ولأن تخفي كل انفعال ....

اكتب يا عبد الرؤوف ....فكلنا آذان صاغية .... اكتب فأنت تكتب لمن يفهمك .... ويفهم أنك تحرص على مشاعرك ألا تتبلد وعلى أحاسيسك ألا تتصقّع ....
ومعك حق فمع ما يتكرر معكم أنتم الأطباء من الصعب الذي عليكم مجابهته وإيجاد حل له بأسرع ما يمكن وبالقليل الممكن المتوفر بين أيديكم لك الحق في أن تساورك المخاوف على أحاسيسك .....

اكتب يا عبد الرؤوف ....فللكتابة فوائد ذات أوجه ....من أهمها أنك تفرغ شيئا مما بداخلك، أنك تكتب لمن يفهمك، أنك تجد رجعا لصدى نفسك، أنك توثق تاريخا سيأتي يوم ما تجد أنه أصبح تاريخا ....وأصبح ماضيا ....ساعة يمن الله عليك بالنفس التي ستؤنسك وستشد من أزرك وستزهر حياتك بمعيتها وستذهب عنك كل وحشة ..........

اكتب يا عبد الرؤوف ...فكتاباتك رائعة ولا يجب أن تبخل بها على نفسك أولا لتداوي من جراحاتها وأنت تكتب، وعلى غيرك ليعرف ما يعاني الطبيب المداوي من آلام .........

كلنا آذان صاغية  emo (30): بارك الله بقلمك ونفع به ....

العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-11-10, 20:18:19
اقتباس
كلنا آذان صاغية  بارك الله بقلمك ونفع به ....

قل: آذان مصغية....... ولا تقل: آذان صاغية........

صغى صاغ وصاغية....... مال........ قال تعالى: "ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة".

وبارك الله فيكم........ أكتب إن شاء الله........ وتتابعون الكتابة.........
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: أحمد سامي في 2011-11-10, 21:46:27
دراسة الطب ليست مثل اي دراسة ......... و اتكلم عن مجال الصحة عامة و على رأس الهرم الطبيب.......فعليك بدفع الثمن....... و قد بدأت الدفع منذ الدراسة فالمواعيد عجيبة ليست مثل اي كلية اخرى بل و كل جامعة تختلف عن الأخرى........ثم انت تعمل في اغلى ما يملكه الإنسان .......صحته و صحة عائلته ........و عملك الأساسي هو ان تسمع شكوى الناس فزيارة الطبيب او المستشفى ليست نزهة........ و تسلم النوبتجيات عند الإمتياز مثل الجيش ......... كل رتبة تعطي الأوامر للرتبة الأقل......الطب عذاب للشخص العادي لأنه اذا اراد النجاح عليه ان يذاكر طوال عمره فعندما تقرأ يافطة طبيب  فكل كلمة على اليافطة من ماجيستير الى دكتوراة الى دبلومة الى الى زمالة الخ الخ الخ........كل كلمة تعني مذاكرة لعدة سنوات و اجتهاد للحصول عليها.

و العذاب مضاعف لمن عنده حس و ضمير ......... لأن الم المرض ليس بالشئ الهين حتى لو كان المريض شخص لا تحبه و لا تطيقه ممن يتوافدون كل يوم على المستشفى و يصرخون في وجهك و يهددونك و انت مطالب ان تكون ساحر و بهلوان و طبيب و فتوة و و و....... ولكن احمد الله انك عند سرير المرض تنظر دائما لأسفل.....و لست تنظر الى الدنيا لأعلى ....... فعند سرير المرض من ينظر لأعلى يرى الدنيا من وجهة نظر مختلفة....... احساس بالذل كلما اراد ان يفرغ كيس تجمع البول عن طريق الممرضة عندما يمتلئ أو ريد من يسنده ليتمشى أو يدخل الحمام أو يريد من يعدل له وضعية نومه خاصة في مستشفى تعليمي مجاني  حيث الممرضات اشرس من الحيوانات المفترسة.

احمد الله يا اخي انك عند سرير المرض تنظر لأسفل........ فأصعب شئ في مجال الصحة ان يتبلد الشعور و يصبح المرض مجرد شئ عابر....... و لكن للأسف موت القلب تجاه المرض  هو النتيجة الحتمية في هذا المجال ......... فالطبيب الذي يشفق على  المريض بطريقة درامية أو يرتبك عند تفاقم الحالة لا يمكنه ابدا ان يعالج اي شخص.
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2011-11-10, 22:01:28
أحسنت قولا يا أحمد

لكنني لا أتفق معكما في هذا الوصف للطبيب
ربما لأن أبا العيال طبيب... وهو يعشق مهنته، ويتفانى فيها... ولطالما عاد الى المنزل وهو يقول لي أبشري فقد وصلتك اليوم انت وأولادك عشرات الأدعية من المرضى الذين يساعدهم.. ويقول لي ان هذا يساوي الدنيا وما فيها
إنه يعمل لأنه يشعر انه بعمله يساعد الناس ويخفف من آلامهم.. وهذا عنده اجمل متاع...
وهو لا يذهب الى عملية الا بعد ان يصلي ركعتين لله تعالى، ويقرأ سورة يس، ويتصل بوالدته ويثير شفقتها على المريض (او المرضى) ويطلب منها الدعاء لهم.. ثم يطلب مني ... ثم يذهب..
معظم المرضى الذين يعالجهم يظفرون بدعائنا لهم بالشفاء والصحة والعافية...
وعندما يبدأ العملية ويشعر ان المريض خائف.. وويسأله المريض هل سأشفى يا دكتور.. يقول له إنما أنا آلة وأداة، والشافي والمعافي هو الله، فادع الله وأنت موقن بالاجابة..
وبما انه يجري عملياته بتخدير موضعي.. فإنه اذا شعر بأي عسر اثناء العملية يتوجه للمريض نفسه ويطلب منه ان يدعو الله وان يذكره ويستغفر... فييسرالله تعالى له امره ويجري الشفاء على يديه...

يدخل على مرضاه ويذكرهم ان يتوكلوا على الله وان يحمدوه.. بل ويذكرهم بالصلاة، ويسعى في احضار التراب لهم ليتيمموا ويعلمهم كيفية الصلاة بحسب وضعهم الصحي ويحثهم عليها

نعم... الطبيب شيء كبير جدا عند المريض.. خاصة المرضى البسطاء.. يشعرون فعلا انه المنقذ والمسعف وطوق النجاة.. لهذا على الطبيب ان يحسن فهم موقعه الذي استعمله الله تعالى فيه، ويؤدي حقه من حمد وشكر ودعوة لله تعالى ..

--------------------

وأما آلام العزب والعزوبية فنكلها الى الله تعالى

بوركتم
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: أحمد سامي في 2011-11-11, 00:00:37
و لهذا قلت ان العذاب مضاعف لمن عنده ضمير و مضاعف أكثر للمتدين.  فهو مطالب بالإثنين في نفس الوقت رقة الفلب مع جدية التعامل مع المرض دون ان تمنعه تلك الرقة قالثانية عمليا أهم من الأولى.

و لأن الله الأكرم  فإن مكسب المال لا يمنع أبدا مكسب الأجر عند الله بعكس استخدام الناس دائما لفظ (لوجه الله) في الأفعال المجانية. فإن حسن المعاملة لوجه الله و تعقيم الغرفة و الأدوات لوجه الله و الدعاء للمريض في السر و العلن لوجه الله و صرف الدواء المخزن في ظروف جيدة و تاريخه لا يزال صالحا فهو لوجه الله.

لطالما كنت اقول ان الحمل الكبير جدا يقع على عاتق مهنتين و لا يحس بهذا الحمل سوى الشخص المتدين الذي يعرف انه سيلقى الله يوما.

الطبيب و من يعمل في مجال الصحة عامة  ثم المحامي.

فالأول غلطته قد تكلفك صحتك او حياتك و الثاني غلطته قد تكلفك حريتك أو مالك.

العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-11-11, 11:11:48
اقتباس
كلنا آذان صاغية  بارك الله بقلمك ونفع به ....

قل: آذان مصغية....... ولا تقل: آذان صاغية........

صغى صاغ وصاغية....... مال........ قال تعالى: "ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة".

وبارك الله فيكم........ أكتب إن شاء الله........ وتتابعون الكتابة.........

شكرا لك يا عبد الرؤوف .... ولكن قمت ببحث صغير ودققت، فوجدت في "لسان العرب" :

صغا إليه سمْعي يَصْغُو صُغُوّاً وصَغِيَ يَصْغى صغاً: مال.
وأَصْغى إليه رأْسَه وسَمْعه: أَماله.
وأَصْغَيْتُ إلى فلانٍ إذا مِلْت بسَمْعك نحوهَ.

وبالتالي ونحن نقول: كلنا آذان صاغية بمعني كلنا آذان مائلة للسمع، أي كأن تلك الجارحة بذاتها (الأذن) هي كل الإنسان لشدة اهتمامه بما يسمع .

فأراه تعبيرا صحيحا .....ف : صغا إليه سمعي أي مال ، فهو صاغ، وصغت إليه أذني أي مالت فهي صاغية.

----------

أما عن الطبيب الأريب الذي يخفف عن المريض بقدر ما يحتويه نفسيا، وبابتسامة وباستقبال حفيّ، فهذا نعاني من فقده جدا مع الأطباء، وكم نرتاح قبل شرب الدواء حينما نجد طبيبا يحسن الاستقبال والتواضع، والتعامل مع المريض، وأن يبدأ باسم الله تعالى جاهرا بها، وأن يدعو للمريض بالشفاء، وأن يذكره أن الله الشافي المعافي وأنما هو سبب، وأن المريض لم يأتِ لتاجر ينتظر المقابل لا شيء غير المقابل .... ووووو

كل هذا نفتقده بحق .... وسل مجربا ولا تسل طبيبا عن هذا emo (30):، فحينما يمرض الواحد منا ويضطر للذهاب إلى طبيب يحتاج أن يحتوي الطبيب نفسيته احتواء الوقار، والاحترام والطيبة وتذكر الله فيه ......  كما ذكرت يا هادية عن زوجك .

ولهذا أرى أن عمل الطبيب على المستوى النفسي مع المريض له أهمية قصوى في عملية الشفاء ذاتها، وزرع الأمل ...... وكذلك أحببت أن أحثك يا عبد الرؤوف على أن تحاول قدر الإمكان رغم تعودك على تكرار المواقف الصعبة ورغم لزوم تجلدك،أن تشعر المريض بأنك تشعر بآلامه، لأن لذلك دورا كبيرا في ارتياح المريض لدواء الطبيب أصلا .... فكم يعاني الناس من أطباء مثلهم كمثل الحجر .......

وطبعا من كل هذا بقدر، أي ألا يتعدى لأن يكون تبسطا عن حسن نية من الطبيب مثلا، قد تفهمه فتاة على أنه شيء آخر .... يعني توخي الحكمة في التعامل مع كل صنف، والوسطية اللازمة .....

لا أريد أن أفسد عليك بوحك يا عبد الرؤوف كما تريد وكما ترى، ولكن فقط للناس أيضا بَوح نريد أن نوصله لك من خلالنا  emo (30):


العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2011-11-11, 11:48:00
أحببت -إن أذنتم لي- أن أضيف لمحات اخرى من سمو مهنة الطب، ووجوب اعادة هذا السمو والاشراق لها... ولعلمكم فإن الفقهاء يعدونها من أشرف المهن بعد الاشتغال بعلوم الدين... فحياة الجسد وصحته تأتي تالية لحياة الروح والمجتمع وصحتمهما والتي يعنى بها علماء الشريعة (الحقيقيين)

لقد أنجبت بعض أبنائي في كندا، وبعضهم في السعودية، وسئلت أين شعرت براحة اكبر، فكانت إجابتي انه لا مجال للمقارنة، وأنني ارتحت في السعودية اكثر بكثير طبعا، إذ يكفي هنا انهم يراعون حرمة النساء وخصوصيتهم، ولا تحتاج الولادة فوق آلام المخاض وتعبه الى ان تعين حارسا امينا على بابها يصد عنها الممرضين الذكور وعمال النظافة وغيرهم من العمال الذين يدخلون ويخرجون في كندا دون مراعاة لستر ولا حرمة..
ويكفي ان الطبيبة (او الطبيب) يبدأ الكشف باسم الله.. ويلهج لسانه بذكرالله طوال معالجته او كشفه على المريض
بل إن الأطباء هنا يتعلمون أن يؤذنوا في أذن الصغير ويقيموا الصلاة في اذنه الاخرى بمجرد ان يستلموه من أمه، خشية ان ينشغل الاهل فلا يقومون بهذه السنة

وأذكر في آخر ولاداتي وكانت قيصرية، كيف أيقظني طبيب التخدير (وكان مصريا) إذ ناداني باسمي، فرددت.. سألني هل تسمعيني؟ قلت نعم .. قال فرددي خلفي: الحمد لله الذي أحياني بعدما أماتني وإليه النشور... ولكم اطمأن قلبي بهذا الدعاء العذب ودمعت عيناي وأحسست بفضل الله تعالى يغمرني

الطبيب اذا اتقى الله تعالى فهو ملاك فعلا، ويستطيع ان يخدم الاسلام ويدعو الى سبيله خيرا من اعظم داعية
لكنه ان عبد الدرهم والدينار تحول الى شيطان بقرنين وذيل  :emoti_6:
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-11-11, 17:11:12
 :Pc:::
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-11-11, 17:20:22
:Pc:::

 laugh::::-0
أبلغ من كل كلام والله
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-11-11, 17:21:31
 :emoti_419:
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2011-11-11, 21:20:03
يعني ايه؟؟   emot::
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-11-11, 21:22:24
 emo (17):
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-11-11, 22:22:20
يعني ايه؟؟   emot::

طيب الترجمة :  :emoti_277:

:Pc:::

ما أن قلت "يا مسهل"  وبدأت البوح، فبين شكوى وحزن مبثوث، وحِمل ثقيل أحاول أن أستخفه ببوحي، وجو صعب، وصعاب ومصاعب، حتى بدأتم بَوْحَكم أنتم، فهذه نصائح، وهذه توجيهات، وتلك انتقادات، ومسؤولية أخرى بثقلها تلقونها على عاتق مثقل مهموم محزون، آل "لا نريد أن نفسد عليك بوحك " آل  :emoti_144:

:emoti_419:

الرحمة الرحمة يا ناس، لقد جئتكم أشتكي همي، وأبث حزني، فإذا بكم تزيدون على حملي حملا ....الرحمة....ارحموا طبيبا يشكو آلامه

emo (17):

النجدة....النجدة ....أكل هذا وترون أنكم لم تفعلوا شيئا ؟؟ فماذا إذا فعلتم إذن....لكنت هجرت المنتدى بكله وكلكله  :emoti_213:

والآن نقول لك نحن يا عبد الرؤوف :
نحن  :blush::   و    emo (9):  فبُح أنت وتكلم  ::)smile:
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-11-11, 22:24:33
 laugh::::-0
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2011-11-12, 04:17:56
هيك لكان يا أسماء
ايه ما بدها لف ودوران... قولي لنا بالعربي الفصيح (بيعينا سكوتك) وانا بوافق دغري.. خاصة اذا السعر مناسب
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-11-12, 09:20:25
هيك لكان يا أسماء
ايه ما بدها لف ودوران... قولي لنا بالعربي الفصيح (بيعينا سكوتك) وانا بوافق دغري.. خاصة اذا السعر مناسب

 :emoti_282:

ولكننا في الهواء سواء  يا هادية، وكلنا قد باح .... (كانت "مذكّرات الطبيب"، فقلبناها "كيف تكون طبيبا صادقا" :emoti_282:، ولكنها كلها كلمات رائعة وصادقة ومفيدة والحمد لله     emo (30):  )
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: saaleh في 2011-11-12, 18:18:30
أخي عبد الرؤوف

 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 لا تغضب مني يا عبده
ولن أتعلل أوعتذر.. فلا يعلم الأعذار إلا الله

 أشارك في موضوعك

 لم لا...

 موضوعك هو يوميات طبيب وأنا كنت كتبت ذكريات طبيب.. وكان فيها شيء من اليوميات...

 قرأت مقالتك الأولى..

ضعت فيها تماما
 كان من الأفضل أن تقسمها لعدد من المقالات  حتى يستطيع من يقرأها أن يحتفظ بنفس الروح التي يحملها كل مقطع أوفقرة  وكان من الأفضل أن تحتفظ باليوميات ولا تنتقل للذكريات إلا كمقدمة للموضوع فأنت مازلت جديد عهد بالطب وذكرياتك قصيرة المدى وقليلة الكم
عد واكتب يومياتك
ولا تكتب ما لا يستحق الكتابة
 في كل مقالة ضع موقف واحد وأكّد على فكرة تريد إظهارها دون شطط ممل ولا اختصار مخل ولا تذهب لفكرة إخرى أبداً بل انهِ المقالة وابدأ مقالة جديدة إن كنت تريد االكلام عن فكرة جديدة

 أما في طريقة العرض فأنا أود أن تنقص من النقاط
لا تنقط إلا عند اللزوم

النقطة لإنهاء الجملة وثلاث نقط إن كنت تريدأن يعلم القارئ أنه يجب أن يذهب بعيداً في تفكيره أو إن كنت تريد أن توحي أن للفكرة أبعاد أو تتمة وتفاصيل . ولا تزيد على ثلاثة إلا في أندر من النادر
 
أما بعد الجمل القصيرة فلا تضع هذا العدد الكبير من النقاط التي تشتت فكر القارئ، بل ضع فاصلة.. وكذلك إشارات التعجب لا تفرط بها إلا عندما تريد أن تجذب الانتباه لأقصى حد لأنك تسيء للمعنى...

 أنتظر منك الجديد


 أخوك

 وضاح
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: saaleh في 2011-11-12, 18:20:04
أيضا أمر آخر

 لا تضع عدة ألوان في المقالة إلا إذا أردت أن تنبه القارئ إلى أمر معترض مهم فيها ولا تستخدم أكثر من لونين أبداً
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-11-12, 18:27:56
دكتور وضّاح..... شكرًا جزيلًا لك...

فركتَ ملحًا على جرح.... النقط صارت لازمة لكل ما أكتب... أصبحتْ كإشارات الوزن في النوطة الموسيقية.......

أما بالنّسبة للألوان فإنّ ما يبدو كأنّه مقالة واحدة هو في الواقع أكثر من مقالة.... كتبتْ في أوقات مختلفة.... والألوان المتعدّدة للتمييز.......

والعنوان هو مذكّرات الطبيب وليست يوميّاته........ فأنا لا أدوّن أيّامي بانتظام........

العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: saaleh في 2011-11-12, 21:54:15
أما الملح على الجرح فمن خصائص الملح أنه معقِّم وإن آلم.
ويشهد الله أنني ما قصدت الإيلام وإنما ظننت نفسي قادراً على التوجيه والتعليم، وأحسب عندي بعض الخبرة فيما يتعلق بطريقة شد القارئ ووضع ما فيه تشويق وتحسين..

 أما النقاط فهي عادة جديدة ماكانت عندك سابقاً وباستطاعتك التغلب عليها

أما المقالة فقد كنت على ثقة أنها مقالات لا واحدة لكنني ماجرؤت على ذكر هذا..  و من أكبر الخطأ أن تضع ما كتبت متفرقاً في وعاء واحد،  ضع كل  مقالة وحدها واعطها حقها من الجمال والتأثير.. فالمقالات كاللوحات تحتاج كل لوحة  منها لإطار مختلف، ولإن وضعت لوحات جميلة مختلفة الموضوع وطريقة الرسم والمضمون في إطار واحد لأسأت لها جميعا.

هيا عد وضع لنا مقالتك السابقة من جديد في مداخلات جديدة ، كل مقالة على حدة.. والزم قواعد التنقيط والفواصل وسترى أنني سأستمتع بها جدا... وسأنطلق لأكتب بإذن الله ما يسعد قلبك

 أمر أخير

أنت كاتب موهوب.. ولا حاجة لترديد هذا. لذلك لم أذكره في مداخلتي السابقة ..
أريد لك أن تتحسن وأن تبدأ بكتابة أمور تستحق النشر وهذا يحتاج لهدوء وتركيز وصبر..

 هيا يا ابني، لا تعذبني
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-11-12, 21:57:52
اقتباس
أنت كاتب موهوب.. ولا حاجة لترديد هذا. لذلك لم أذكره في مداخلتي السابقة ..
أريد لك أن تتحسن وأن تبدأ بكتابة أمور تستحق النشر وهذا يحتاج لهدوء وتركيز وصبر..

ليتك تذكر هذا لوالدي......... والدي لم يقرأ لي شيئًا يذكَر....... ويتّهمني بالعجز.... ويدلّل على هذا ببعدي عن عالم الصحافة أو النشر الورقي حتى الآن.........
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: أحمد سامي في 2011-11-12, 22:07:00
لا يهم . فلا يزال حتى الأن عندي امل ان اكتب في اي شئ ينشر و حتى لو بعد 100 سنة. المهم انك طالما عايز حسنات من كتاباتك مش هيهمك تتكتب فين و حتى لو حد عابر سبيل في اي منتدى او موقع و سرقها منك برضه هتاخخد حسنات على الخير اللي انت كتبته .

الكتابة تجر كتابة فلا تتوقف
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-11-12, 22:10:41
أحمد....... أنا أحبّ هذا البيت الصغير (أيامنا الحلوة)....... بقدر ما أحببت (عمرو خالد) و(الوعد الحق)........ أحب دفأه وغناه....... وأمنيتي أن تجمعنا الدنيا بالوجوه والآخرة بالعمل....... من قريب........ اللهم آمين.....
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: dr/fatma2010 في 2011-11-12, 22:16:41
ياااااااااااااااااااااااااه كلمات صعبة وموجعة
الطب في مصر جحيم
لازالت اهرب منه هروب النعاج من اللبوة
للاسف ياريت الطب ياخد الشكل اللي بتقول عليه ماما هادية في مصر بس للاسف احساسنا بالطب بيضيع من يوم مانشوف العجز كله حوالينا
من اول المريض واهله والنواب وزمايلك مرورا بالنفس المسحوقة بينهم
بامانة دار بعض ماتقول بخلدي سابقا ولكن يخونني التعبير فشكرا علي ماعبرت بيه عن حال اطباء مصر بالخصوص,,,,,

لأيّ شيء يهتمّ الطبيب؟!...... وصباحاته بلون الدم.... وطعم النار...... والليل..... لم يعد سكنًا...... فقط لحظة التوقيع في دفتر الحضور وحدها من تحتفظ بدلالتها..... كل شيء بهت........ الألم.... والموت...... والعورات...... والأمومة...... والطفولة..... كل شيء أصبح ميتا..... أنا عندما أخيط إنسانًا أراه وسادة...... ولو شعرت للحظة أنه إنسان.... فسيخسر كثيرًا وسأخسر نفسي...........
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-11-12, 22:19:51
لا يهم . فلا يزال حتى الأن عندي امل ان اكتب في اي شئ ينشر و حتى لو بعد 100 سنة. المهم انك طالما عايز حسنات من كتاباتك مش هيهمك تتكتب فين و حتى لو حد عابر سبيل في اي منتدى او موقع و سرقها منك برضه هتاخخد حسنات على الخير اللي انت كتبته .

الكتابة تجر كتابة فلا تتوقف

وقد يقرأها يوما حتى من يأتي بعدنا ....
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-11-12, 22:27:06
أيوه كده صحصحوا معايه
  ::happy:
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: الشافعي الصغير في 2011-11-12, 22:57:41
يا طائر البان قد هيّجت أحزاني
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-11-13, 21:39:28
يا طائر البان قد هيّجت أحزاني

مش باين يعني  :emoti_138:
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-11-15, 13:06:47
في الأسبوع الماضي (انْكَرَشْت) من مستشفى الدكتور فرحات....... بحجّة أنّني لا أحمل بطاقة النقابة.......

وأمس من مستشفى الدكتور محمّد عبده........ بحجّة أنّ صاحب اليوم القديم عاد بالسّلامة من نيابته........

بهذا الشّكل سيتقلّص الراتب إلى الرّبع تقريبًا........ وهو راتبي الحكومي الخالص....... مئتا جنيه وخمسون وسبعة ونصف......... شاملة أربعة جنيهات بدل عدوى....... وبعد حذف سبعة جنيهات بدل السّفر........

تقبّلتُ الخبر بأعصاب في برودة الجوّ........... الأمطار تركتْ أوحالًا في كلّ مكان........ إلّا في القلب........ الذي أحسّ نفسه خفيفًا حرًّا....... كل شيء بدا ظريفًا البرتقال والرمّان في سوق بهتيم....... ورائحة الشجر..... والأفق الذي خطّطه السحاب.........

في الليل حضرتْ ذكرى جنازة قديمة في الصعيد........

في بلدنا يودعون الموتى غرفًا مبنيّة فوق الأرض خوف العفن........ لكن في الصعيد يلحدون الموتى..... ينزل الحفّار في الأرض حتى يختفي........ ويصنع نفقًا......... وبعد إيداع الوديعة وتذكيرها بالذي ينبغي أن يقال........ تغلَق الزاوية بين الذراعين القائمة والنائمة بالطوب الأخضر........ ويهال التراب بسرعة........ وينشئ المشيّعون يدوسون التراب بتشفّ..........

تذكّرتُ كلّ هذا....... وتخيّلتُ لو أن شخصًا دفن حيّا في بلدنا أو بلدهم....... في بلدنا قد يدقّ الباب....... وينجو بنصف عقل.......... في الصعيد محال......... الجبان محظوظ لأنّ خوفه سيتعجّل أجله......... أمّا الشجاع الحالم فلا......... سيظل يحفر بأظافره عبثًا........

الأفكار السوداء تأتي مع النوم القليل.......... ومع الزبائن الذين يطرقون قلب الطبيب دون ميعاد........ في الليل وقبيل الفجر ومع القيلولة........

فقدتُ شهوتي للطعام........ في نحري عقدتان........ وفي حلقي غصّة........ وفكرة عمل أشعّة تلحّ عليّ بشدّة....... والموت شابّا.... سأموت شابًّا كما مات سعد بن معاذ وكما رفع الله المسيح......... وكما مات بوشكين وليرمونتوف وشيللي وكيتس......... غير أنّني سأنتهي دون أن يذكرني أحد........ ويسقط الملاط عن قبري...... وسينساني الناس لأنّ أبي لن يصنع لي شاهد قبر باسمي........ أبي يعتقد أن عملًا كهذا حرام........

الأفكار تسحقني...... مع الوضوء........ ومع الصلاة.......... لكن عند السجدة....... عند السجدة يا إخوتي بكى قلبي....... ونام....... وقال لله: "اللهمّ بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما علمتَ الحياة خيرا لي وتوفني ما علمت الوفاة خيرا لي".......

في صباي جرّبتُ أن أتقبّل الموت..... وأخذت زميلًا ولعبنا السيجة في المقبرة.......... هناك في قفط..... حيث يرقد الشاعر العدمي أمل دنقل....... ويرقد ابن خالي..... نسيت اسمه مع الأسف.... لأنه مات قبل ميلادي........ ودفن عند شجرة......... المقابر ملأى بالأشجار........ وملاحظة أمّي عابثة للغاية........

فكّرتُ في الليل كثيرًا........ فكّرتُ وأنا أنام....... سأنام كثيرًا في حفرة........ وأخضرّ وستأكلني الديدان........ ستعيش عظامي لسنوات ربما....... وقد يحصل عليها طالب في كلية الطب ويخيف بها جيرانه في السكن........

يا ربّ..... ألن تتوقّف هذه الأفكار؟!!!!!!

لا إله إلا أنت سبحانك....... إنّي كنتُ من الظالمين.....
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-11-28, 17:59:59
أخي أحمد عمر مرآة ذاتي....... أرى فيه نفسي بحرنها وجنوحها..... وطموحها وانكسارها....... وقلة اعتدادها بذاتها......

أمس أنهينا عملنا في مستشفى الشيخ زايد....... وتوجّهنا إلى وسط البلد.......

أمطرتْ طوال النهار بغزارة...... وزايد مدينة صحراوية........ ترى فيها السماء... كانت جدّ محتقنة........ والمطر و الرياح...... والقاهرة أكثر دفئًا منها.....

ركبنا سيّارة إلى رمسيس........ اجتازت السيارة شارع رمسيس...... شارع نازلي أم فاروق........ مرّتْ على دار الشبّان المسلمين... هنا على الدرجات غدر الرصاص الإمام البنّا........

كان الشارع مظلمًا أقرب ما يكون من ذلك اليوم الذي فاض فيه الروح الطاهر إلى باريه.......

وأخيرًا نزلنا في محطّة (الإسعاف).....

كان الشارع خاويا....... فنحن بين يدي الشتاء........ والأمطار غزار.... واليوم أحد....... وأكثر المحالّ مقفلة....... والانتخابات ستجرى في الصباح......

مشينا شارع فؤاد كاملًا........... وتوقّفنا عند آلاميريكين..... الآيس كريم هنا بتسعة جنيهات للواحدة....... (بلاش)......

تابعنا حتى الأزبكيّة....... في هذه الحديقة غنّتْ أم كلثوم كثيرا...... واليوم زال أكثرها في إنشاء خط المترو الجديد......

تركنا حيّ العبث وراءنا....... وتركنا قاهرة الإفرنج...... حيث المساجد في الأقبية.......

وعبرنا شارع الأزهر..

الماء في كل مكان.......... والظلام...... والوحشة...... فقط سيارات الشرطة......

وصلنا الأزهر...... وعبرنا الشارع........ حيث المشهد الحسيني........ المكان ساكن جدا........ المقاهي خاوية..... سوق السياحة راكد بسبب الاضطرابات.......

عبر الحارات وصلنا إلى وكالة الغوري......... هناك من يضرب على العود........ في هذا الهدوء والصفاء يرى الإنسان نفسه جيدا....... وتمتلئ النفس بالآمال...... في الأفضل لمستقبلها ومستقبل شريكها المجهول........

من الحسين عدنا إلى المطعم........... وشربت الحساء الساخن......

تابعنا حتى محطة رمسيس....... الشوارع خاوية من جديد... والوحشة من جديد.......

"يا رب اخلف ظنوننا....... يا رب سدد مصر إلى الخير..... ترى كم سيسفك من الدم في الغد؟؟؟؟؟"

في رمسيس الجو أصحى..... والناس أكثر...... الباعة المتسببون في كل مكان..... وجرائد الصباح في إضباراتها....... محطّة القطار الحبيبة...... التي بهتتْ كما بهت كل شيء من أشياء الطفولة......... جامع الفتح.... حيث يؤذّن الشيخ ويبثّ أذانه الموحّد عبر مآذن القاهرة........ والمطاعم الشعبية....... وسيارات لكل مكان.......... وأفكار أكثر..........
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: saaleh في 2011-11-28, 19:17:05
عبد الرؤوف

نقلت في هذه المقالة صورة مجسمة واضحة.. لكنك لم تقم  بنقل مشاعرك وأحاسيسك كما يجب فضاعت الأحاسيس خلف خطوط الصورة المادية
عد للمقالة وأطلق لقلمك العنان لنعيش معك اللحظة وكأننا نحس بخفقات قلبك..  اكتب تضاريس مشاعرك حتى تطغى على خطوط المكان التي استطعت رسمها بشكل محبب جميل
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-11-28, 19:25:05
عبد الرؤوف

نقلت في هذه المقالة صورة مجسمة واضحة.. لكنك لم تقم  بنقل مشاعرك وأحاسيسك كما يجب فضاعت الأحاسيس خلف خطوط الصورة المادية
عد للمقالة وأطلق لقلمك العنان لنعيش معك اللحظة وكأننا نحس بخفقات قلبك..  اكتب تضاريس مشاعرك حتى تطغى على خطوط المكان التي استطعت رسمها بشكل محبب جميل

عندك حق يا أخي....... أسلوبي بهت هو الآخر.......
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: saaleh في 2011-11-28, 19:35:54
عبده

 أنت عم تعذبني يا ولد

 لم أكتب لك ملاحظتي السابقة كي تتحسر على أسلوبك!!!!!!!!

 في المقالة القادمة التي ستكتبها انس أنك تكتب .. اترك ريشتك تجري وحدها .. أنت فقط أطلق لروحك العنان لتعيش اللحظة التي تريد كتابتها واترك أحاسيسك تتقمص الجسد والمكان ثم اقرأ ما كتبت لتفهم ما أقصد

إذا عدت للتحسر والندب فسأقسم يميناً أن أتوقف عن الرد عليك نهائياً أو ....أكاد... أي أنني سأغضب منك فعلاً.....
فهمت يا ولد وإلا أعيد كلامي؟؟؟؟؟!!!!!!!
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: Al-Muslim في 2011-11-29, 09:49:50
نعم سيغضب منك فعلاً .. يعني هو لم يغضب بعد .. أنا لو مكانك أدلل أسلوبي وأكشكشه وأتيه به بين الخلائق تيهاً
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-11-29, 10:42:00
رحماك يا ربّ.....
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-11-29, 11:01:28
أنهيت عملي في مستشفى الشيخ زايد....... وأنهاه صديقي أحمد عمر.......

أنا وأحمد تنويعتان على لحن واحد..... لحن الشباب الحالم العاجز المنكسر........

الوسواس والتردّد وجلد الذات وخيبة الأمل قواسم مشتركة بيني وبينه.... يتكلّم فأراني في لسانه.... وأبكي فيراه في دموعي..... دراستنا وحبّنا وميلادنا في بلاد غريبة ويأسنا من الاندماج مجددا في بلادنا........ كل هذه الأشياء جعلت أفكارنا قريبة جدا....... وفي الجو البارد واصطكاك الأسنان تمددت هذه الأفكار في أحضان الأمل الدافئ الهامس الكاذب.........

تكلمنا عن اليهود....... من وجهة النظر الهتلرية والمسيرية والقطبية....... وأفضنا........ اليهود من وجهة النظر المسيرية جماعة وظيفية....... وأنا وأحمد أبناء الجالية المصرية في البلاد البعيدة جماعة وظيفية.... المادة هي الشرعية الوحيدة للغريب في مغتربه..... يا للحسرة!

عن اليمين والشمال الدارات ومزارع النخيل....... وخلفها الصحراء والأهرام....... والليل المهيب.......

أخيرا أخذتنا القاهرة بين ذراعيها....... المحور ثم ميدان لبنان....... وفوق النيل...... والزمالك الغنية الرافلة في غناها........ ثم شارع رمسيس..... شارع الملكة نازلي...... ودار الشبان المسلمين..... حيث فاضت روح الإمام البنا....... ونقابة الصحفيين والمحامين....... والمدرسة اليسوعية..... ودار القضاء.......

نزلنا في الإسعاف....... ومشينا في شارع فؤاد الطويل الرحب....... وهناك على مرمى البصر حديقة الأزبكية وكلوت بك العابث.........

الليل والبرد والمطر والانتخابات في الصباح........ كلها دوافع نحو المكث في المنزل..... والعزوف عن الخروج...

الشوارع خاوية....... والماء على الأرض..... والظلام كثيف كأنّه سيلطّخ ملابسنا في النهاية.......

مشينا..... وتركنا وراءنا قاهرة الإفرنج....... وحول سور الجنينة ونادي السلاح وفي الطرقة الضيقة التي تمتلئ بالباعة المتسببين في الأيام العادية الخاوية الآن بعد أن غسلتها الأمطار من العيون الانتهازية والأيمان الكاذبة والفقر والضجيج........ جامع التوحيد مغلق والسبيل الذي يصطرع الناس لأجله في الأيام العادية..... ما من أحد يشرب في هذا الليل البارد......... ووقع الأقدام في الشارع الخالي وفي برك الماء الصغيرة.....

وميدان العتبة الواسع........ خاو هو الآخر.........

وشارع الأزهر الذي يتملئ في الأيام العادية بالبضاعة الرخيصة والألعاب النارية والأجهزة الكهربية والستائر....... كل المحال مغلقة الآن.....

أخيرا وصلنا الأزهر... المعمّر الألفيّ.... وجاوزنا الشارع إلى الحسين....... حيث المطاعم أفواه مفغورة..... والعود يحتضر..... والحواري القديمة العابقة برائحة التوابل والبخور.......

عدنا أدراجنا إلى المطعم....... وشربنا الحساء.......

وأخذتنا أفكارنا وآمالنا نحن الجيل الثاني في الغربة..... وخيبة أملنا في الرجعة........ وذكريات الرحيل السيئة..... حتى الإسعاف من جديد..... ومنها إلى محطة رمسيس........ تحدونا الأفكار......... شرّق أحمد إلى مدينة نصر...... وغرّبت أنا إلى إمبابة الفقيرة المنهكة....... أتلمس السبيل بين الباعة المتسببة وإضبارات صحف الصباح وباعة العصير....... كل الأشياء هنا أغلى لأننا في رمسيس....... بعيد محطة القطار....... القطار الذي سحقنا مرارا وغنى لنا مرات........
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: أسيرة الصفحات في 2011-11-29, 13:36:19
مذكرات الطبيب
لكأن الزمن يعيد نفسه ! سبحان الله , قرأتها , و شعرت بأني أريد أن أكتب كثيرا كثيرا لأحول كل ما حولي إلى حروف , فما كتبته صادق جدا مع النفس , أحيي فيك حسك الأدبي العالي  


بدأتُ بإعطاء الصغير حقنة مخدر تحت الجلد..... وبدأ الدم يسيح من الفرجة بين حافتي الجرح....... وأخفى الولد عينيه بكفيه...... لم يصرخ..... لأن هؤلاء الصغار صرخوا كثيرًا من قبلُ وعلموا كم هو عبثي أن يصرخوا......... أما أولاد الأغنياء فإنهم يصرخون قبل أن يلمسهم الطبيب أو عندما يرش على جروحهم الماء فقط الماء........

عشت كثيرا في المستشفيات , لكني عشت كمريضة تارة , أو كأخت مريضة تارة , و كنت ألعن الأطباء في كثير من الأحيان , لكني لم ادرك أن الأطباء مثلنا بشر يفقدون الأمل , كنت اراهم المنقذون الذين يعرفون كل شيئ


أنا عندما أخيط إنسانًا أراه وسادة......
لا تعليق  :emoti_64:

أعمارنا التي اختارتْها لنا الحياة الحديثة ولم نخترها.......
لكننا نختار  كيف نخوض هذه الأعمار  
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-11-29, 13:48:07
شكرًا لك يا سلمى..... المعنى أكبر بكثير من كل الحروف..... والقلم عيّ كل الإعياء........
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-11-29, 13:51:41
شكرًا لك يا سلمى..... المعنى أكبر بكثير من كل الحروف..... والقلم عيّ كل الإعياء........

لا تحف يا عبد الرؤوف، حمّله فهو يتحمّل ... أقلامنا نبض أحلامنا، وآهات آلامنا.... أقلامنا قلوبنا تمشي على ورق  emo (30):

بوركت يا عبد الرؤوف، متابعة لما تكتب، ولا تتصور كم أثرت بي كلمات كتبتها في موضوع "علم النفس الإسلامي" كم كانت نابضة ....!!
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-11-29, 13:55:51
شكرًا لك يا سلمى..... المعنى أكبر بكثير من كل الحروف..... والقلم عيّ كل الإعياء........

لا تحف يا عبد الرؤوف، حمّله فهو يتحمّل ... أقلامنا نبض أحلامنا، وآهات آلامنا.... أقلامنا قلوبنا تمشي على ورق  emo (30):

بوركت يا عبد الرؤوف، متابعة لما تكتب، ولا تتصور كم أثرت بي كلمات كتبتها في موضوع "علم النفس الإسلامي" كم كانت نابضة ....!!

أخشى أن أكون قد أفسدته بخروجي عن لبّ الموضوع...... لهذا السبب توقّف بسرعة........

في النزهة الأخيرة الفارغة الممطرة المظلمة..... انطلق لساني بشكل غريب.... وتكلمت كثيرا..... وجاءت الكلمات منتظمة ورائعة... وقل أن يحدث هذا..... ولعل الأمر يتكرّر مع الكتابة أيضا.....
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-11-29, 14:01:38
شكرًا لك يا سلمى..... المعنى أكبر بكثير من كل الحروف..... والقلم عيّ كل الإعياء........

لا تحف يا عبد الرؤوف، حمّله فهو يتحمّل ... أقلامنا نبض أحلامنا، وآهات آلامنا.... أقلامنا قلوبنا تمشي على ورق  emo (30):

بوركت يا عبد الرؤوف، متابعة لما تكتب، ولا تتصور كم أثرت بي كلمات كتبتها في موضوع "علم النفس الإسلامي" كم كانت نابضة ....!!

أخشى أن أكون قد أفسدته بخروجي عن لبّ الموضوع...... لهذا السبب توقّف بسرعة........

في النزهة الأخيرة الفارغة الممطرة المظلمة..... انطلق لساني بشكل غريب.... وتكلمت كثيرا..... وجاءت الكلمات منتظمة ورائعة... وقل أن يحدث هذا..... ولعل الأمر يتكرّر مع الكتابة أيضا.....


ومن قال أنك خرجت عنه، بل قد دلفتَ بابه الصحيح... وإنّي لأتعمّد تأجيله إلى حين الفراغ من شيء أقرأه عنه بإذن الله تعالى .

أنصحك أن تحتفظ بما كتبت هناك في موضوع وحده لئلا تضيع يا عبد الروف، فقد كانت  رائعة
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-11-29, 14:02:46
شكرًا.. شكرًا جزيلًا......
  emo (30):
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: saaleh في 2011-11-29, 17:23:38
أنهيت عملي في مستشفى الشيخ زايد....... وأنهاه صديقي أحمد عمر.......

أنا وأحمد تنويعتان على لحن واحد..... لحن الشباب الحالم العاجز المنكسر........

الوسواس والتردّد وجلد الذات وخيبة الأمل قواسم مشتركة بيني وبينه.... يتكلّم فأراني في لسانه.... وأبكي فيراه في دموعي..... دراستنا وحبّنا وميلادنا في بلاد غريبة ويأسنا من الاندماج مجددا في بلادنا........ كل هذه الأشياء جعلت أفكارنا قريبة جدا....... وفي الجو البارد واصطكاك الأسنان تمددت هذه الأفكار في أحضان الأمل الدافئ الهامس الكاذب.........

تكلمنا عن اليهود....... من وجهة النظر الهتلرية والمسيرية والقطبية....... وأفضنا........ اليهود من وجهة النظر المسيرية جماعة وظيفية....... وأنا وأحمد أبناء الجالية المصرية في البلاد البعيدة جماعة وظيفية.... المادة هي الشرعية الوحيدة للغريب في مغتربه..... يا للحسرة!

عن اليمين والشمال الدارات ومزارع النخيل....... وخلفها الصحراء والأهرام....... والليل المهيب.......

أخيرا أخذتنا القاهرة بين ذراعيها....... المحور ثم ميدان لبنان....... وفوق النيل...... والزمالك الغنية الرافلة في غناها........ ثم شارع رمسيس..... شارع الملكة نازلي...... ودار الشبان المسلمين..... حيث فاضت روح الإمام البنا....... ونقابة الصحفيين والمحامين....... والمدرسة اليسوعية..... ودار القضاء.......

نزلنا في الإسعاف....... ومشينا في شارع فؤاد الطويل الرحب....... وهناك على مرمى البصر حديقة الأزبكية وكلوت بك العابث.........

الليل والبرد والمطر والانتخابات في الصباح........ كلها دوافع نحو المكث في المنزل..... والعزوف عن الخروج...

الشوارع خاوية....... والماء على الأرض..... والظلام كثيف كأنّه سيلطّخ ملابسنا في النهاية.......

مشينا..... وتركنا وراءنا قاهرة الإفرنج....... وحول سور الجنينة ونادي السلاح وفي الطرقة الضيقة التي تمتلئ بالباعة المتسببين في الأيام العادية الخاوية الآن بعد أن غسلتها الأمطار من العيون الانتهازية والأيمان الكاذبة والفقر والضجيج........ جامع التوحيد مغلق والسبيل الذي يصطرع الناس لأجله في الأيام العادية..... ما من أحد يشرب في هذا الليل البارد......... ووقع الأقدام في الشارع الخالي وفي برك الماء الصغيرة.....

وميدان العتبة الواسع........ خاو هو الآخر.........

وشارع الأزهر الذي يتملئ في الأيام العادية بالبضاعة الرخيصة والألعاب النارية والأجهزة الكهربية والستائر....... كل المحال مغلقة الآن.....

أخيرا وصلنا الأزهر... المعمّر الألفيّ.... وجاوزنا الشارع إلى الحسين....... حيث المطاعم أفواه مفغورة..... والعود يحتضر..... والحواري القديمة العابقة برائحة التوابل والبخور.......

عدنا أدراجنا إلى المطعم....... وشربنا الحساء.......

وأخذتنا أفكارنا وآمالنا نحن الجيل الثاني في الغربة..... وخيبة أملنا في الرجعة........ وذكريات الرحيل السيئة..... حتى الإسعاف من جديد..... ومنها إلى محطة رمسيس........ تحدونا الأفكار......... شرّق أحمد إلى مدينة نصر...... وغرّبت أنا إلى إمبابة الفقيرة المنهكة....... أتلمس السبيل بين الباعة المتسببة وإضبارات صحف الصباح وباعة العصير....... كل الأشياء هنا أغلى لأننا في رمسيس....... بعيد محطة القطار....... القطار الذي سحقنا مرارا وغنى لنا مرات........

ما أحلاها

ما أحلاها..

 نعم.. هكذا يا عبده.. الآن عدت فأمسكت بطرف الخيط


 هيا لا تتردد...
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-11-29, 20:40:37
الآن انتهيتُ من حشو ضرسي......

منذ يومين حفره الطبيب ووضع فيه كلسًا وزنكًا...... واليوم نزع ما وضع..... وأبدله معدنًا فوق عازل من الكلس والزنك.......

ذكرتُ أبي كثيرًا....

حين كنّا في الصعيد....... وكانت لديه عيادة أسنان.. وهو ثاني طبيبي أسنان اثنين في الصعيد كله.... كان أبي يراوح بين الكرسيّ والخزانة..... ويأخذ من قنّينة صغيرة زئبقًا..... ويضيف إليه مسحوقًا في هاون من الزجاج........ ويخفق بقوّة......

حفّارة أبي بدائيّة للغاية..... وحفّارات اليوم أسرع بآلاف المرّات....... وقد أدرك أبي الحفّارات التي تدار بالرجل......

بعد حفر الضرس بآلة التعذيب..... ودون مخدّر لاعتبار أبي للألم..... واعتماده علامة على وخز العصب أو عدمه......

لم يكن لدى أبي ممرّضة جميلة...... ولا قفّازات....... ولا كمامات..... وطالما حرص مرضاه على وضع أسنان ذهبية وبلاتينية........

دارت الأرض أربعين سنة.... وأصبحتْ الأسنان الصناعية من البورسلين..... وأصبح زرعها أسهل........ بعد أن خرجتْ أسرار المهنة من يد كهنة قصر العيني.......

عيادة أبي وشقتنا كانتا ضمن طبقة واحدة من العمارة.......

وطالما احتال الناس للتمورجي...... فيجيئون بعد انصرافه للتهرّب من دفع الأجرة...... فأبي صاحب نفس أكبر من قبض الأجرات......
وإذا تأخروا أكثر....... ونام أبي كما ينام كل بني آدم....... تحسسوا خيط نور في بيتنا...... وعرفوا أن أحدا صاح....... وقذفوا النوافذ بالحجارة.....

"يا دكتور!...... يا دكتور عبد المجيد!...."

ولا يزال أبي ينصحني باتخاذ عيادة بعيدة عن سكني......... لله أبي!
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-12-12, 17:28:05
أمس عرّجت على الشيخ زايد.....

كالعادة..... أخذتُ سيارة بعد الظهر بقليل...... لأبدأ نوبة بعد الظهر....... هناك في الغرب....... والصحراء مدّ البصر..... والهرمان الأكبران.... ومتحف مراكب الشمس...... والدّارات والمزارع.........

ثم في سيّارة أصغر إلى الحيّ الأوّل....... حيث المستشفى......

الباب الحديد أولا....... وغرفة المسعفين..... و... ما الأمر؟؟!!!!! أين الاستقبال؟؟؟!!!!!

ذهب فريق الاستقبال....... الطبيب المناوب والممتاز والممرضون إلى غرفة في الداخل..... لأن الاستقبال خاضع للتجديد.....

دهنتْ الحيطان بالزيت...... والموزاييك بمسحوق....... والأبواب.... دهنتْ بإهمال شديد....... ودون نزع أوراق الإعلانات..... وفوق الغبار وبقايا الدهان القديم...

الحوض تلطّخ بألوان عدّة من الدهان....... المرحاض لا زال يسرّب الماء..... ومقبض الباب لا زال غير صالح......

دفعتْ المستشفى سبعة آلاف جنيه مقابل هذه الجريمة البصرية....... طبعا معلوم جدّا هي في أيّ جيب الآن..... وحسبنا الله ونعم الوكيل.......
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-12-15, 07:24:46
الدكتور س رجل أشقر.... قصير ونحيل... وأخنف....... ومصريّته مشوّهة..... اعتقدتُ في البدايّة أنّه مسيحيّ صعيديّ....... لكن عرفتُ في النهاية أنّه من فلسطين......

لا أذكر كيف أخذتْنا الكلمات إلى (الكتاب المقدّس)... وبدأ الطبيب يعدّ الجمل..... ويتبع العثرات...... وحكى لي قصّته مع الديانة المسيحية هو الطبيب المسلم.......

في سنوات الدراسة الجامعية في فلسطين...... حيث المستشفى والكنيسة وبينهما سور لا أكثر....... طالع الدكتور س (الكتاب المقدّس) وشارك في حوارات (البالتوك) بين المسلمين والمسيحيين....... وهي حوارات نارية..... فيها الحق المرّ....... وفيها الباطل الحاقد الجاهل......

في كنيسة البروتستانت استأذن الدكتور س ورفيقاه السادنة في حضور الصلاة...... وفرح القسّ كثيرًا بوجود ثلاثة من المسلمين وقدّمهم للحضور بوصفهم من المسلمين الذين صدفوا عن دينهم إلى دين المحبّة ومن واجب المسيحيين أن يشرحوا لهم أكثر ويفسحوا لهم في كنيستهم.......

اعتلى الدكتور منصته....... بينا أخفا صديقاه وجهيهما في أكفّهما........ وبدأ يعدّ المتناقضات.. ويسأل عن الأقانيم واللاهوت والناسوت........ إلخ..... وبعد أن لم يبق ولم يذر...... نزل والحضور كلهم يصفقون...... ليبدأ حوارا أطول مع القس لكن على الأرض..........

المعارك الناجحة نفسها تكررت في رحلاته وفي مصر وعلى الإنترنت........

كان أدبه واحترامه للطرف الآخر عاملا في نجاح هذه الحوارات التي تنتهي بانتصار حجته دوما.........

أحترم علمك يا دكتور س..... علمك الطبي وعلمك بعلوم أهل الكتاب ومحبتك لإسلامك........ أنت وجه مشرق للإسلام وفلسطين....
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: حلم في 2011-12-15, 08:31:45
تسجيل متابعة .
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-12-16, 15:06:52
الطبّ... كم ظلمتُ عمل الطبيب........

تغيّرت آرائي كثيرًا في الأيّام الأخيرة......

قضّيتُ الليلة الماضية في كشك العظام..... أطبّاء العظام بنظراتهم الساهمة وأيديهم المتّسخة بالجبس... وتذاكر الاستقبال والأشعّة المبعثرة في كلّ مكان....... لا وجود هنا للسمّاعة أو جهاز الضغط...... وكل تلك الأدوات التي يتسخدمها المنجّمون......

في الغرفة المجاورة...... عم عزيز بسجائره....... على الأرض عدد كبير من قلوب بكرات الجبس المستعملة.... وبين يديه طست الماء....... الجو خانق جدا.... والمرضى يصرخون دوما.........

أمس جاءت سيّدة تحمل طفلا أشقر جميلًا لديه إصابة في عظامه........ هو ابن الرجل الذي ظهرت صورته على شاشات التليفزيون...... وجيشنا الباسل يرمي جثّته في أكوام القمامة في ميدان التحرير في القاهرة........ تاركًا أمّا شابة وطفلا ملاكًا......

الحالات كثيرة....... والليل يمضى بسرعة مذهلة........

أكثر الحالات نتيجة انقلاب الدراجات النارية....... فشكرا للصين التي لا تفتح فقط بيوت تجار الموتوسيكلات ولكن أطباء العظام ومن حولهم أيضا.........

الأطباء الذين ظلمتهم كثيرا........ راقبتهم أمس يعزفون سيمفونية جميلة.......

طبيب العظام بقبضته يضغط على العظام ويحقق في الأشعة ويتنهد.........
وطبيب الأوعية بأنامله يتحسس النبض.....
والجراح يقيّم الحالة ويسمع النفس والقلب.........
وجراح التجميل يجرب حركة العضلات ويكشف عن وتر ما مقطوع........

أنتم رائعون أيها الأطباء....... حين يهجع الناس...... وتسهرون في الدماء والبكاء والدخان والشتائم.... أنتم رائعون...... وأنا أحب أن أكون رائعا مثلكم....... للأسف كتابتي تضعف كثيرا..... لكن لذة العمل معكم أجمل من لذة التحسر والسلبية والشعر المهزوم........
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: أسيرة الصفحات في 2011-12-17, 17:39:10
كيف لم تر الجمال في  مدينة الشيخ زايد , قد عشت شطرا من حياتي بين مدينتي السادس من أكتوبر و الشيخ زايد , لكني الآن للأسف لا أكاد أذكر الطريق إليها بعد سفري فترة طويلة, لكني أذكر الفضاء البعيد عن زحام القاهرة , أذكر كيف تعلو الأشجار بحرية ترفرف بوريقاتها محيية عابري السبيل الذين لا يعبؤون لها و لا يرونها , الهواء نظيف نظيف , و الجو في الليل منعش , كم افتقد هذا الجو , كم أفتقد ارض الصبا , و اللعب بدراجتي حول أحواض الزهور ... بل كم افتقد رحلتي اليوميه إلى جامعة القاهرة , و أركب كوبري المحور الذي يخترق الأراضي الزراعية الشاسعه , ليرينا بساطة الفلاح المستكين في سلام وسط ماشيته و أرضه و ساقيته , كم احببت مشهد الأرض , و مشهد النخل الذي يتناثر بكثرة على جانبي كوبري المحور , لكأنني الآن أركب السي تي إي , تلك الحافلة التي كانت تأخذني يوميا إلى الجامعه , فأرى الخضرة من حولي تحييني , و لكن بعد مرور الوقت , تبدأ الخضرة تتلاشى تدريجيا , لنفاجأ في النهاية في آخر جسر المحور بمنظر العشوائيات الفقيرة , التي تتقدمها رائحة القمامة الرهيب , و الناس ستزاحمون , يصدمون بأيديهم حافلتنا , يريدون الركوب , يقفزون على الأسوار , يركضون في كل صوب بعشوائيه كعشوائياتهم , ما أقسى الحياة عليهم
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-12-19, 18:55:49
بل أحببتُ الشيخ زايد.... أحببتُ فيها السماء ذات النجوم..... حين تخبو نجوم القاهرة في وسخها....... وأحببتُ فيها الصمت....... حين يضيّع المرء ذاته في صخب القاهرة........

هوائيّتي تقتلني........ يوم للقاهرة ويوم عليها.........

في أسبوعين اجتاحني حبّ جارف للقاهرة....... للصخب والجلافة والفعل ورد الفعل والدم والدخان....... أعمل حتى العمى...... وأنام لأحلم بالعمل....... وبين نومتي وقومتي ندم على ما ضاع من عمري في التأمّل والقراءة وتحميل الأشياء فوق طاقتها.....

سعيد أنا بحروبي وانتصاراتي وطموحاتي ونفسي التي أكبّرها وأرى غيرها صغيرا....... وأجلدها وأرى آخر يعبدها......

راح النوم...... وراح الضجر...... وجاء العمل...... وجاءت الذات.......

جاءت الذات..... خفيفة بتلاشيها....... حازمة حين تجرح لتأسو...... مؤمنة حين يمحو الوجع وجودها الكاذب...... ويبني الأمل بكلتا يديه وجودًا أوقع وأعمق......

صدق رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-:
"إنّ من الذنوب ذنوبًا لا يكفّرها إلا السعي على الرزق"
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-12-21, 16:08:28
سجى الليل على القاهرة....... والنوافذ عيون مفتوحة....... وبلادنا بعيدة....... بلادنا..... هناك..... حيث البرتقال والرز والمطر ورائحة التراب الرطب الجميلة........

أمس ناوبت في (الأطفال) مع وجه من بلادي ولسان من بلادي....... وذكرى طيّبة من بلادي.......

تذكّرت الجامعة.......وتضحيتي بدراسة واعدة في قصر العيني وعمل مميز في مستشفى قاهري لأجل أن أدرس في الأرياف....... حيث جوار بلادي الأغنّ.... السماء الواسعة القريبة..... والماء والخضرة والوجه الحسن........ والمستقبل العريض.......

أحبّك ربّي...... وأحبّ صنعك....
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-12-21, 22:01:08
تجربة جديدة...... ربما من العيب حتى هذه السنّ المتقدّمة في الحياة الطبّيّة.......... تجربة شهود ولادة.......

لأنّ درجاتي أقلّ من المطلوب...... غالبًا ستكلّفني الوزارة العمل في الأرياف...... أريافنا لا زالت تعاني....... لا زالت تعوزها الكهربا والمياه والطرق الصالحة للسير في الشتاء والأمطار........ وبالطبع المستوى المقبول من الخدمة الطبّيّة في قرن الواحد والعشرين........

هناك يمكن للطبيب المتواضع الخبرة أن يكون إلهًا...... تمامًا كما صنع كابتن كوك بسكّان أسترالبا..... حين دخّن سيجارة قالوا إنسان خارق يطلق الدخان من نار في جوفه....... وحين دسّ يديه في سراويله وأخرجها قالوا يضع يديه في جوفه ولا يصيبه الأذى!!!!!!!!

هناك يعمل الطبيب الناشئ باطنيّا وجرّاحا ومولّدًا وكاهنًا.......

لذلك حاولتُ أن أطّلع ولو من بعيد...... على فرع لا أحبّه ولا أفكّر مطلقًا أن أشتغل به....... على طبّ النساء والتوليد........ لأنّ للظروف أحكامًا..... وللكهانة أحكامًا.........

كلّما تقدّمتُ خطوة في طبّ النساء أخذتني خطواتي أبعد عنهنّ......

الدراسة مقيئة جدّا....... بداية من الأسئلة ومرورًا بالفحص......... وحتى الولادة.......

في كشك الولادة نلبس بوطًا وبدلة بلاستيكيّتين....... ونرى ونشمّ ونلمس الأمصال والدماء والفضلات...... ونسمع صراخ الأمّ أوّلا والطفل آخرًا...... وذكر البطّ الكبير وهو يضع ملاحظات ويقول: "نو نو نو........ إنتو مش عارفين حاجة أصلًا......"....... والوجوه الباسمة التي اعتادت رؤية هذه الأشياء البشعة وأحبّتْها حبّا مطلقا......... الأطباء والقابلات والممرضات والعاملات.........

ومزقة اللحم التي ولدتْ للتوّ هذه........ هناك على خرقة خضراء....... الله أعلم أي شيء ستكون في المستقبل........

تجربة صعبة حقا....... نزعت حذائي وجريت من الغرفة ثم إلى الأسفل وحتى الشارع........... حيث الهواء ثم البيت........

سبحان الذي "يخرج الحيّ من الميّت ويخرج الميّت من الحيّ"...........

يا ربّ حِلمَك علينا!
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2011-12-22, 09:25:30
ما أفظع هذا التصوير لأبدع عملية انتاج انسانية في الكون
عملية لا يمللك الانسان امامها الا ان يسبح بحمد الله الخالق القادر المبدع المصور ويشعر بالعجز التام وبالعبودية المطلقة


 :emoti_417:
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: أحمد سامي في 2011-12-22, 12:45:08
اريد أن اعرف لغز الماء المغلي الذي نراه في الأفلام
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-12-22, 18:51:44
خالتي... الأمّ لا ترى شيئًا من كل هذه الأشياء....... فقط الألم...... وأي ألم!

الماء الساخن يا أحمد له دور في تسكين آلام الولادة بشكل أو بآخر........
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: أسيرة الصفحات في 2011-12-23, 11:53:13
هناك آلام لا يستطيع الطب أن يسكنها , و الماء الساخن إن كان له وظيفة فمن الأفضل إعطاؤه للأم لكي تصبه على رأس الأطباء و الممرضات
صدقوني ستشعر بتحسن كبير
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2011-12-23, 21:11:06
هناك آلام لا يستطيع الطب أن يسكنها , و الماء الساخن إن كان له وظيفة فمن الأفضل إعطاؤه للأم لكي تصبه على رأس الأطباء و الممرضات
صدقوني ستشعر بتحسن كبير

 ::)smile:

إلحق نفسك يا نجولي
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-12-23, 22:27:36
 emo (17):
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: حلم في 2011-12-24, 05:28:24
هناك آلام لا يستطيع الطب أن يسكنها , و الماء الساخن إن كان له وظيفة فمن الأفضل إعطاؤه للأم لكي تصبه على رأس الأطباء و الممرضات
صدقوني ستشعر بتحسن كبير

 emo (30):


كنت دايما بسأل نفسي الدكاترة بتستحمل المواقف دي ازاي ؟!
 أتاري في دكاترة قلبها ضعيف برضه  emo (30):
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-12-24, 14:35:33
هناك آلام لا يستطيع الطب أن يسكنها , و الماء الساخن إن كان له وظيفة فمن الأفضل إعطاؤه للأم لكي تصبه على رأس الأطباء و الممرضات
صدقوني ستشعر بتحسن كبير

 emo (30):


كنت دايما بسأل نفسي الدكاترة بتستحمل المواقف دي ازاي ؟!
 أتاري في دكاترة قلبها ضعيف برضه  emo (30):

أي واللهِ  ::cry:: .......
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-12-24, 14:48:53
العمل في غرف العناية المركّزة يحتاج بشرًا حجرًا........

العمل هنا على الخطّ الضيّق بين الموت والحياة........ والمشى هنا على الأسلاك....... والصوت هنا عالٍ..... والخطى محسوبة........ النبض والنفس والضغط......... والكهرباء تضرب القلب بقسوة....... وجسد الطبيب صاعد هابط على صدر الإنسان المسكين لإنعاش قلبه.......... ويد الطبيب الآخر في جوفه لإحياء رئتيه.........

في النهاية يغيب الإنسان المسكين فيه........ يغيض كما تغيض العين....... يطير العصير ويبقى الكأس خاويا ذابلا شاردا.......
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-12-28, 09:36:15
يوم جديد....... وتجربة جديدة.....

أمس كنت في المحضن...... علب صغيرة....... داخلها مخلوقات أصغر...... والدكتور المعقّم... والأجهزة تسجّل كلّ شاردة وواردة.......

بستان جميل..... هادئ.... دافئ....... زهوره صغيرة....... عيونها قريرة....... وأجسادها عارية من الخطايا....... وأيادينا كبيرة جدا.... وتجرح جدا.......
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-12-29, 15:05:08
شيء جميل أن يكون المرء إيجابيّا..... أن يعمل ويعمل حتى التلاشي........

شيء جميل أن نرضى وأن نفكّر في واجباتنا.......

شيء جميل أن نقول "الحمد لله".........

يا ربّ لك الحمد أبدا أبدا........
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: أسيرة الصفحات في 2011-12-29, 23:33:29
الحمد لله رب العالمين ,
لاطالما شعرت بأن الطب من انبل المهن و أكثرها إحتياجا بالنسبة للبشريه , و لاطالما شعرت في قرارة نفسي أنه ليس أي أحد يمكن ان يصير طبيبا , ليس بسبب الدرجات العالية و لا لأنها مهنه تطلب المثابره و العناء , لكن لأن الطبيب من وجهة نظري هو إنسان شجاع جدا , فهو يري الموت في كل يوم , أو على الأقل هو مضطر لتذكر أن هذه الحياة فانيه لما يراه من كيفية سيطره الفايروس الذي هو من أصغر الكائنات على جسم أعتى الناس و أكثرهم صحة , لكن بالرغم من تلك الحياة المليئه برائحة الموت و المرض و العناء الذي يمنع أحيانا عن التفكير في أي شيئ سوى العمل , هناك شيئ لا يراه إلا الطبيب أيضا , إنها ولادة الحياة , كهؤلاء الرضع الذين لا حول لهم و لا قوة , يولدون بلا ذنوب , قلوبهم بيضاء , و ابتسامتهم منيرة , فما أجمل وجوههم المضيئه بنور الحياة , فنرى قدرة الله الخلاق في هذه المخلوقات الرائعة الجمال التي تتطفل على عالم البشر تريد أن تنتمي إيه يقودها فضولها في رحلة التحول إلى إنسان
و مما يراه الطبيب أيضا قدرة الله في شقاء الميؤوس منهم , و كذلك نفسية المريض المؤمن بقضاء الله و قدره , هناك أمور كثيرة جميلة لا يراها إلا من يعيش في دنيا الطب فهنيئا للأطباء بها
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-12-30, 19:58:38
حقًّا يا سلمى.....

الحياة في عيوننا...... الحياة التي تبدأ في مكانٍ ما وراء الأرحام...... وفي الأرحام.... وفي المحضن........ وفي عيادات الأطفال والباطنة وحتى غرف الرعاية وثلّاجات الموتى........ حيث الحياة أعمق وأكثر صراحة......
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2013-10-25, 19:11:18
أين أنت يا عبد الرؤوف؟
العنوان: رد: مذكّرات الطبيب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-10-26, 06:44:06
أين أنت يا أبا دواة ؟ نتمنى عودتك بيننا مجددا يا عبد الرؤوف