المحرر موضوع: تسع سنوات في سجون سورية...  (زيارة 56060 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15899
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: تسع سنوات في سجون سورية...
« رد #20 في: 2011-04-23, 22:26:47 »
أخشى ان أقرأ يا اسماء

في اول صباي حكى لي الوالد بعض الفظائع التي تعرض لها الاخوان في سجون عبد الناصر.. وبعض الفظائع التي تعرض لها المعارضون في سوريا اول حكم حافظ أسد، ومنهم اسلاميون ومنهم شيوعيون يساريون... فلم اعد استطيع ان اسمع او اقرأ اي شيء من هذا النوع
سمعت كثيرا عن كتاب زينب الغزالي ولم استطع ان اقترب منه ابدا

ولا يمكنني الان ان أقرأ ما تنشرين

ربما... ربما بعد نجاح الثورة وتحقق الحرية... ربما استطيع عندها
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل حلم

  • شباب منتج
  • ****
  • مشاركة: 1079
رد: تسع سنوات في سجون سورية...
« رد #21 في: 2011-04-24, 00:05:39 »
قرأت قصة زينب الغزالي منذ عدة سنوات ،  فهي تلقت أشد أنواع التعذيب ،
وعلى حسب الأحداث التي روتها هبة الدباغ فهي ذرة بالنسبة لما حدث مع زينب الغزالي  
وبدأت اليوم في قراءة قصة هبة وما أن بدأوا بتعذيبها هي والآخريات حتي شعرت بدوار ،ولم أستطع أكمالها  .

أكملي يا أسماء   ... أنتظر كلماتك وتعليقاتك بكل شوق .
« آخر تحرير: 2011-04-24, 04:55:08 بواسطة حلم »
لا إله إلا الله.

غير متصل أسيرة الصفحات

  • شباب إيجابي
  • ***
  • مشاركة: 629
رد: تسع سنوات في سجون سورية...
« رد #22 في: 2011-04-24, 02:54:42 »
هناك ما علي أن أقرأه كي أستعد لقراءة هذا الموضوع
متابعه يا أسماء
بارك الله فيك
" .
نقطة.  "

غير متصل أسيرة الصفحات

  • شباب إيجابي
  • ***
  • مشاركة: 629
رد: تسع سنوات في سجون سورية...
« رد #23 في: 2011-04-24, 03:24:47 »
لا حول ولا قوة إلا بالله
ما أقواهن
أبكيتني يا أسماء
هلا تابعتي؟
" .
نقطة.  "

غير متصل حلم

  • شباب منتج
  • ****
  • مشاركة: 1079
رد: تسع سنوات في سجون سورية...
« رد #24 في: 2011-04-24, 04:54:32 »
اقتباس
ربما... ربما بعد نجاح الثورة وتحقق الحرية... ربما استطيع عندها



ستنجح الثورة إن شاء الله يا هادية ، ثقي إن شاء الله ستنجح !

=======

لماذا نحزن ونبكي على شهدائنا وفي الوقت نفسه ندعو لمن نحب بالشهادة ؟
إذا كانت الدنيا رخيصة ولا تساوي عند خالقها جناح بعوضة ، وإذا كانت الدنيا في زوال
إذا كان الموت لا مفر منه ... فهو آت آت ... فلماذا نحزن؟
من منا لا يتمنى أن ينال شرف الشهادة؟
من منا لا يتمنى أن يموت وقد عمل عملاً ذو قيمة يقابل به ربه ويذكره الناس به بعد وفاته
من منا لا يتمنى الموت لتحيا بلده ، وليحيا أهل بلده وأولاده دون ذل ولا قهر ولا قمع .
فلماذا نحن حزانى  ؟
« آخر تحرير: 2011-04-24, 05:59:30 بواسطة حلم »
لا إله إلا الله.

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6545
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: تسع سنوات في سجون سورية...
« رد #25 في: 2011-04-24, 08:57:53 »
ماما هادية الحبيبة  ....لا تقرري ألا تقرئي، بل حاولي .....نحن نكتب وننشر ونقرأ ليس للقراءة ، وإنما لنعرّف غيرنا، فليس من سمع كمن رأى، وكذلك ليس من سمع رذاذا وإشارات كمن يعرف التفاصيل، لذلك وقع أكبر بكثير......

كان الثوار في الجزائر أيام حرب التحرير من الاستعمار الفرنسي يتقوّون بالأناشيد الثورية لتزداد همتهم ويقوى عزمهم، كانت حرائر الجزائر يخبئن السلاح في بيوتهن ويتخفين بملاءاتهن التي تخبئ السلاح يحملنه من مكان إلى مكان للثوار....كثيرات منهن فجَّرْن معاقل للفرنسيين بارات أو ثكنات وهن متخفيات ....
كانت حرائر الجزائر اللاتي يسكنّ في الجبال يطبخن للثوار من كل الصنوف كسرة وأكلا وهنّ في ذلك كله يعرضن أنفسهن للخطر الكبير....كانت الواحدة منهن تدفع بابنها وزوجها للجهاد وهي تتبعه بالدعاء وبالتكبير "الله أكبر الله أكبر"، كن يحملن السلاح ويجاهدن مع الرجل ....استشهد منهن الكثيرات .....وهذه هبة الدباغ وزميلاتها تتممن مسلسل الشجاعة ضد الطغيان والجبروت

لو لم تكن في هؤلاء شجاعة هل كان لمضطهد أن ينهض ويتحرر.... كذلك ونحن في ظل هذه الصحوة التي تفجر فيها إخوتنا أقل القليل أن نعرف معهم، وأن ننشر هذه المعرفة وهي سلاح لنا يقوي الثورة، لا أن نكتب فقط كلمات تشجيع بلا خلفية معرفية ننشرها تؤجج الثورة على الطغيان .......

أهلا بك يا سلمى الحبيبة وإني متابعة، وسأضع فيما يلي مقطعا آخر من الكتاب بإذن الله

بارك الله فيك يا حلم صدقت.... فلا يأتينا ما نحب إلا إذا عملنا له وتشجعنا ....وكم يخاف عدو الداخل وعدو الخارج من شجاعة من يراهم فريسته ...!!

ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6545
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: تسع سنوات في سجون سورية...
« رد #26 في: 2011-04-24, 09:16:27 »
الفصل الثاني


عبرت السيارات الثلاث بوابة السجن العامة مضيا نحو المبنى الرئيسي الذي انتصب أمامنا بطوابقه الثلاث ٬ والتفط السائق حوله بين ممرات ومداخل معقدة حتى بلغ بابا كهربائيا توقف بنا عنده ٬ واجتذبتنا الأيادي مرة أخرى فاقتادتنا عبر ساحة المبنى الداخلية إلى باب اخر تنزل خمس درجات منه إلى القبو المعتم ٬ فإذا هو عالم اخر من عوالم الرعب التي قطعناها خلال اليومين  الماضيين عن غير ما اختيار . مضت الأيدي القاسية عبر ممر القبو المظلم فالتفت بنا جهة إليسار وليس في طريقنا إلا الصمت والأ بواب الحديدية الكئيبة ووحشة المكان ٬ ولم يلبث أن قطع لهاثنا المتدفق صوت أجش أتانا من وسط العتمة ينادي : منيرة!

فما كدنا نلمح المنادي حتى بدت من الجهة المقابلة في اخر الممر فتاة مضفورة الشعر ترتدي "جلابية" شاعت موضتها وقتذاك ٬ وجعلت تتقدم نحونا متمايلة يوحي مظهرها أنها سجانة أو موظفة هناك . . فلما اقتربت ومن غير أن يلتفت إلينا قال لها أبو عادل رئيس نوبة السجانين وقتذاك : هيا فتشيهن واحدة واحدة . ودفع بي أول الجميع إلى غرفة علمنا بعدها أنها غرفة التحقيق والتعذيب ٬ ودخلت منيرة هذه ورائي وسألتني ؟ ما اسمك ؟ قلت وقد بلغ التوتر بي مبلغا : وماذا تريدين من اسمي ؟ أحسست وقتها أن بامكاني أن أقتلها من شدة توتري بيدي . . لكنها قالت ببرود : وليش معصبة؟ . قلت : والله لا أدري ! ماذا تريدينني أن أفعل ؟ هل يمكن للإنسان أن يكون مبسوطا هنا ! أجابت بنفس برودها ورتابة صوتها : بس لا تعصبي . . أنا سجينة مثلك. قلت بحدة : لماذا
تكذبين على ؟ شكلك هذا ليس كشكل السجينات . قالت : والله العظيم أنا سجينة وقاعدة في مهجع مملوء بنسوان من الإخوان . لم أجرؤ أن أزيد معها وظننتها سجانة تريد أن تستدرجني في الكلام خاصة وأنها تتحدث بالقاف العلوية ٬ لكنها عادت وقالت لي : ما صدقتيني ؟ بكره بنلتقي بالمهجع وبذكرك . أحسست لهجة صدق في حديثها فاستأنست بعض الشيء وسألتها دون أن أغادر الحذر : ومن معك من الإخوان هناك ؟ قالت : هناك واحدة حاجة من حلب وأخرى اسمها أم شيماء و . 0 وجلست تعد لي أسماء وألقاب لا أعرفها وأضافت : وأنا الشيوعية الوحيدة في المهجع والبقية كلهن من الإخوان فتشتني منيرة بعد ذلك ٬ وفعلت الشيء نفسه مع ماجدة وملك بالتتابع ٬ وكان العنصر في انتظاري حينما انتهت ٬ فأخذني وأصعدني ثانية من القبو ٬ واقتادني عبر سلالم وممرات عديدة إلى المبنى الجنوبي للفرع ٬ ليبدأ التحقيق معي حسب الأصول !

ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6545
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: تسع سنوات في سجون سورية...
« رد #27 في: 2011-04-24, 09:23:59 »
بين يدي الجلاد !

كان كل ما حولي يثير الفزع والإضطراب : هذا داخل وذاك خارج . . باب يقفل واخر من أين لا أدري يفتح . . وكل قادم أو عابر يحمل بيده جهاز لاسلكي أو كبلا أو أداة أخرى للتعذيب . . وفي البداية أدخلوني على مكتب رئيس الفرع ناصيف خير بك ٬ فأحسست وكأنني انتقلت إلى عالم اخر . . فالغرفة واسعة دافئة أنيقة التأثيث ٬ يمتد السجاد الفاخر على أرضهما بمهابة وقد توزعت عليه كنبات وثيرة ومكتبة ومكتب فاخر يحتل تمثال لرأس الرئيسس الأسد ركنا منه ٬ بينما ينتصب في زاوية الغرفة القصوى تمثال برونزي آخر لرأس الرئيس بالحجم الطبيعي . وأما المقدم ناصيف الذي كان منهمكا بمحادثة لاسلكية وقتها فلم يعرني أكثر من نظرة ازدراء بطرف عينه ٬ وأومأ للعنصرأن يعيدني إلى مكاني وأكمل حديثه . . ولم ألبث أن اقتادني ذاك ثانية إلى غرفة أخرى مقابل مكتب ناصيف ٬ فوجدت مجموعة أشخاص مجتمعين على شاب مقيد يعذبونه ويحققون معه ٬ وناصيف ممسك جهاز اللاسلكي بيده يتحدث فيه مرة ومع الشاب المسكين والعناصر مرة .

ولم يلبث أن أشار بيده إلى العنصر الذي أحضرني فجذبني ذاك من منكبي وأمرني أن أنتظر خارج الغرفة من جديد ٬ وأنا كالنائمة لا أكاد أقدر على متابعة المشاهد المتجددة والوجوه المتعاقبة والأصوات التي تختلط الشتائم فيها بالإستغاثات والآهات ! وسرعان ما عاد العنصر فأدخلني الغرفة ذاتها لأحضر تعذيب الشاب نفسه لعلي أخاف وأتكلم ما يريدون .

كانوا أربعة أو خمسة يشتركون في التعذيب أمامي بالكابل والعصي والخيزران والكهرباء : ناصيف خير بك رئيس الفرع ٬ والرائد عبد العزيز ثلجة وهو رجل ضخم الجثة بالغ الجلافة ٬ وعناصر آخرون كان أحدهم لم يبلغ العشرين بعد مجندا من درعا كما عرفت لاحقا ينادونه حسين ٬ ولم أعرف من كان ذاك الشاب ولماذا يعذبونه ٬ لكنه كان يصيح طوال التعذيب ويستغيث مناديا : والله العظيم موأنا . . ثم اعترف اخر الأمر لا أدري ليتخلص من مزيد من العذاب أم لسبب اخر فأقرأنه قتل أحد الضباط . . وعندما اشتد التعذيب عليه وكاد صراخه يصيبني بالإنهيار التفت إلى العنصر معي وسألته : لماذا أتيتم بي هنا ؟ قال بسخرية : لا أعرف . . إسأليهم .

قلت بانفعال : لا أريد أن أسألهم ولكن أنا ما عندي شيء لأعترف به ويضعوني في هذا الموقف فأتفرج على تعذيب الناس . ولم يزد العنصر عن أن هز كتفيه وابتسم متهكما وهو يقول : لا أعرف . . لا علاقة لي بأي شيء هنا ! واستمر الضرب والتعذيب حوالي نصف الساعة أنهضوا الشاب بعدها مضرجا بالدماء والكدمات فكبلوا يديه ورجليه ٬ وفيما اقتادني العنصر وراءه لأكمل كما يبدو رؤية المشهد ٬ سحب الرائد ثلجة الشاب إلى رأس الدرج ٬ ثم ركله برجله بكل قسوة ٬ فتدحرج هاويا يئن ٬ ونادى على أحد ما هنالك لينزله إلى المنفردة في القبو أسفل المبنى ٬ وعاد فأمر العنصر ليدخلني إلى الغرفة مرة أخرى  ٬فأوقفني في زاويتها ٬ وجعل ناصيف وثلجة يتحدثان باللاسلكي لا أدري مع من ٬ ثم خرج الجميع فجأة ٬ ليعود الرائد ثلجة وحده ويغلق الباب كهربائيا بضغطة زر ٬ فاستوى الباب بالجدار حتى لم أعد أدري من أين دخل ولا أين كان هذا الباب . . ومن غير أن يلفظ أي كلمة أو يسألنى أي سؤال لم أحس إلا وصفعة مفاجئة تأتيني على حين غرة اصطدم رأسي من عزمها بالجدار وارتد ٬ وصارت الدنيا تدور كلها في ٬ وصرت أرى الرائد أمامي أربعة أشخاص معا ٬ وأرى رأسي أسفل مني ورجلاي فوق الرأس وفوقي ! لم يزد عن أن قال : انظري
. . إذا ما بدك تحكي ما بتعرفي ما الذي سيحصل لك .
« آخر تحرير: 2011-04-24, 10:06:41 بواسطة حازرلي أسماء »
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6545
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: تسع سنوات في سجون سورية...
« رد #28 في: 2011-04-24, 09:33:31 »
بساط الريح !

خروج الرائد ثلجة برهة لم أكد أتمالك فيها نفسي حتى عاد مع ناصيف ورئيس الدورية التي أحضرتنا من البيت وشخص رابع لم أعرف من كان . وابتدرني ناصيف يقول : وليك . . شو ما بدك تحكي ؟ ما بدك تقري وتدلينا فين أخوك ؟ قلت له :أخي ليس هنا . قال : إذا أين هو ؟ قلت : لا أعرف الظاهرأنه ذهب ليكمل دراسته . وواقع الأمر فإن أخي صفوان كان قد أخبر أمي عندما زارته في الأردن وقال لهما : إذا سألك أبي أين أنا فقولي له ذهب ليكمل دراسته في الباكستان . تذكرت ذلك بمجرد أن سألني عنه ٬ ولم أكن أدري وقتها بأن أمي كانت معتقلة في نفس السجن معي ٬ وأنه سألها قبل دقائق عن أخي فأجابت الجواب نفسه ٬ والتقى كلامي مع كلامها في هذه النقطة ٬ الأمر الذي أعفاني من التعذيب على ذلك السؤال ٬ ولكنه سألني بلؤم : أنت تعرفين بأن أخاك هنا ٬ وسوف تأخذيننا وتدليننا عليه ٬ أو على رفاقه والبيت الذي يجلسون فيه . قلت : لا أعلم أي شيء من هذا . . فنادى على أحدهم وقال له : إذهب وأحضر لها بنطالا وأعطها إياه خليها تنستر وضعها على بساط الريح . تقدم العنصر مني وطرحني على لوح من الخشب له أحزمة طوق بها رقبتي ورسغي وبطني وركبي ومشط رجلي ٬ ولما تأكد من تثبيتي رفع القسم السفلي
من لوح الخشب فجأة فبات كالزاوية القائمة ٬ ووجدتني وأنا بين الدهشة والرعب مرفوعة الرجلين في الهواء وقد سقط الجلباب عنهما ولم يعد يغطيهما إلا الجوارب والسروال الشتوي الطويل ٬ ولا قدره لي على تحريك أي من مفاصل جسمي . . وبكل وقاحة صاح العنصر يقول : انظر سيدي .. أرأيت ؟ قالت إنها ليست من الإخوان . . ولكن انظر كيف أنها منهم ومجهزة نفسها للفلقة ولا حاجة لها للبنطلون ! حاولت دفع أي من القيود الجلدية عن مفاصلي فما استطعت . . وقبل أن أحاول إعادة لوح الخشب إلى استقامته طلبا للستر كانوا قد علقوه من جنزير مثبت به إلى السقف ٬ وتقدم رئيس الدورية التي اعتقلنا وبيده خيزرانة طويلة رفيعة وسألنى بلهجة تهديد صريح : شوما بدك تحكي ؟ قلت :ليس لدي أي شيء لأحكيه . في نفس الوقت كان الرائد ثلجة فوق رأسي يجهز مولدا كهربائيا مربع الشكل موصولا بالفيش وله يد يدار بها وملاقط قربها مني وأطبقها فجأة على أصابع يدي . . وفيما هوى ذاك بالخيزرانة على بطن رجلي أطلق هذا شحنة من الكهرباء سرت كالنار في بدنى ٬ فقال دون أن يلتفت لصرختي : هه إلسه مابدك تحكي ؟

صرخت : قلت لكم ماعندي شيء للحكي . قال ببرود : أرأيت كم كانت الكهرباء قوية؟ هذه أخف الموجود لدينا! قلت : حتى ولو كان ٬ هل أعترف بأشياء أنا لم أفعلها ! قال : لا . . أنت تكذبين وتخبين علينا . . بدك تقومي الآن تأخذينا وتدلينا على البيت الذي يسكن فيه أخوك ورفاقه والا فسنأخذك إلى تدمر ! وأقبل ثلجة هنا بصورة قربها من وجهى وسألنى : هل تعرفين هذا الشاب ؟ قلت :لا. قال : كيف ؟ ألا تعرفين رفاق أخيك ؟ قلت :لا. قال : لكن هذا رفيق أخيك الحميم . . هذا عبد الكريم رجب . . ألا تعرفينه ؟ قلت بحزم وقد تأكدت لي الوشاية الرخيصة التي حيكت لي : لا . . لا أعرفه . تبسم الرائد ثلجة ابتسامة صفراء وشرع يقرأ من مجموعة أوراق بين يديه بعين ٬ وعينه الأخرى تتاج انفعالات وجهي : هبة الدباغ : منظمة مع الإخوان وتتعامل معهم . . اشترت لهم بيتا ٬ وتعطي دروسا لسيد قطب في مساجد دمشق . . و . . . صرخت بانفعال وأنا أسمع قائمة الإتهامات الكاذبة للمرة الألف : كذب . . كذب . . لا أعرف أي شيء تتحدث عنه . دس الرائد ثلجة الأوراق بوجهي وهو يقول : ألا تري ؟ هذا كله مكتوب هنا . . كله من اعترافات الرجب . . هو الذي تكلم عنك بهذا ٬ وهو من الإخوان مائة في المائة ويعرف عنك كل شيء ولا بدوأنك تعرفينه أيضا . . عدت إلى قولة كلا . . وعاد التعذيب من جديد ٬ وصار رئيس الدورية يضرب قدمي بكل عزمه ٬ حتى أصبحت الخيزرانة عندما تهوي عليهما تشق الهواء بصوت كالصفير ٬ وجاء عنصرآخر بخيزرانة ثانية وجعل يشارك معه الضرب ٬ فيما عاد عبد العزيز ثلجة فقبع فوق رأسي وجعل يكوي أصابعي بالكهرباء من جديد . كان الألم أشد من أن يوصف . . وكنت في البداية أصيح : يا الله . . لكنني لم أعد أستطيع اخر الأمر أن أخرج صوتي ٬ فصرت ألوح برأسي فقط ولم أعد أحس بشيء . . ووجدتهم بعد عشر دقائق تقريبا من الضرب المتواصل يتوقفون فجأة ٬ ومع الشتائم والعبارات البذيئة طرق سمعي عبارة : إلى تدمر! وسرعان ما انفكت القيود عن مفاصلي ٬ وسحبني عنصر من غرفة التعذيب عبر الممرات والسلالم ثانية إلى سيارة متوقفة عند الباب ٬ ففوجئت برفيقتي ماجدة قد سبقتني إليها بحراسة عنصر آخر .

أركبانا معا ولكنني لم أجرؤأن أتحدث معها بشيء . . وانطلقت السيارة بحركة مسرحية إلى أن بلغت الباب الخارجي ٬ فسألنى من جديد : لسه ما بدك تحكي ؟ أحسست وكأن أعصابي المشدودة تصيح كلها معي بصوت واحد : ما عندي أي شيىء أحكيه . . أنا لا علاقة لي بأحد . . هل تريدون أن أكذب عليكم فقط ؟ هل تريدون ! توقفت السيارة ٬ ولم يلبث السائق أن عاد بنا إلى المبنى من جديد  ٬ وأعادوني مرة أخرى إلى التعذيب . . وعادت نفس الأسئلة والإتهامات تطرح علي ٬ لكن الضرب والتعذيب اشتد أكثر ٬ وزاد عدد المشاركين بتعذيبي حتى لم أعد أستطيع أن أعرف عدد من حولي أو عدد المحصي والخيزرانات التي تهوي على رجلي . . وبدأت أرى الغرفة كلها عصيا وخيزرانات . . والناس فيها من كثرة أسئلتهم كالضفادع تنق وتنق بصوت واحد
غامض . . فلم أعد في النهاية أجيب على أحد ! وأتاني صوت الرائد ثلجة من جديد يقول : ها . . أنت إذا مسلحة . . انظروا إليها . . تدعي البراءة وتنفي أنها منظمة وهي ليست من الإخوان وحسب . . ولكنها مسلحة أيضا! أحسست أن تهمة أكبر تلفق لي هذه المرة فصرخت بعصبية : لا . .أنا لا علاقة لى بأحد . . وأنا لست مسلحة . قال : ولكن رفيقتك ماجدة هي التي قالت ذلك عنك . قلت : لا تصدقها . . أحضرها لتقول ذلك أمامي . . ربما قالت ذلك من خوفها حتى تنجو من الضرب . قال : لا . . رفيقتك لا تكذب . . هى أصدق منك . . تكلمت عن كل شيء وما تعذبت ٬ وأنت أذا لم تتكلمي فستبقي تأكلي ضربا حتى تحكي . وتقدم ثلجة من جديد نحوي وبيده بطارية كهرباء وضعها على فمي مباشرة وقال بلهجة التهديد : الن تتكلمي ؟ قلت : ما عندي شيء أحكيه . . مهما وضعت لي الكهرباء أو أطعمتني ضربا فما عندي شيء أحكيه ولن أكذب على نفسي .

وهنا صاح ناصيف بضجر : هيا أنهضها وأعطها ورقة لتكتب ما لديها من معلومات وسنرى بعدها . والتفت نحوي مهددا يقول : إذا لم تتحدثي بكل شيء هذه المرة فاعلمي أن لدينا عناصر الواحد منم كالوحش يسد الباب . وأضاف : هل تعرفين ألشوايا الديرية كيف يكون شكلهم ؟ إذا لم تعترفي فسأدخلهم عليه ك وسنرى بعدها !
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6545
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: تسع سنوات في سجون سورية...
« رد #29 في: 2011-04-24, 09:41:15 »
الموت راحة المؤمن !

أنهضوني عن "بساط الريح " فوجدت نفسي مبللة من غير أن أشعر ٬ وكنت كأنما أغمي علي أثناء التعذيب فدلقوا علي سطل ماء حتى أصحو . تلفت حولي كالسكرى فرأيت الغرفة خلت تقريبا من الناس ٬ وأدركت من خلال نافذة كانت فوق رأسي أن الدنيا قد أصبحت ليلا ٬ فقدرت أن ساعتين أو ثلاث انقضت علي وأنا في التعذيب ! وبينا أنا لا أزال أحاول استعادة توازني جاء أحد العناصر بورقة وقلم وجلس أمامي يقول : انظري . . إذا حكيت فستساعدي نفسك ٬ وإلا فستطمسي أكثر مما أنت طامسة . قلت له : ماعندي أي شيء أحكيه . قال : لا أحد يأتون به إلى هنا وما عنده شيء . . ولا أحد يصل هنا إلا إذا كان مذنبا . قلت له : ولكن أنا ليس لدي أي شيء . قال : أنت حرة . وأعطاني استمارة معلومات عامة عن دراستي ومدارسي ثم عن علاقتي بتنظيم الإخوان . . أجبت بما أعرف وأعطيت الورقة للعنصر فذهب بها ٬ ولم يلبث أن عاد الرائد ثلجة يلوح بها وملامح الغضب بادية على وجهه وهو يصرخ في : هل هذه أجوبة تلك التي أجبت بها يا أخت ال . . .

واندلقت كل الشتائم والعبارات البذيئة دفعة واحدة من لسانه وكأنها كانت تنتظرفرصتهاللإفلات إوفى آخرعبار*أطلقهاسمعته يقول :أنت تعرفين هذا البيت الذى يسكن فيه أخوك ورفاقه وبدك تدلينا عليه الآن لكن أنا أعرف لماذا لا تريدين ذلك . . تريدين أن تماطلى بالوقت حتى يهربواوسجل دون أن أرد عليه بعض الكلمات على الاوراق التى معه وخرج ولم يلبث أن عاد وقالوخرج ٬ ولم يلبث أن عاد وقال : إذالم تتكلمي فسننزلك إلى القبو ٬والقبوإذا نزلت إليه لا تخرجى منه حتى تموتى قلت له : أحسن. . الموت راحة المؤمن !

قال بغيظ :وتجيبين بكل وقاحة وكل عين يخرب بيتك الم تحسي كم أكلت من قتل ؟ ألا تفكري في أن ترحمى نفسك وتعترفى لتخلصىمن هذا العذاب قلت له :لكن أناليس لدي أي شيء حتى أعترف به . . قلت لكم ماعندى شىء : في تلك اللحظة دخل ناصيف خير بك من وسمعنى أقول ذلك جديد للرائدثلجة ٬فابتدرني بتكشيرة ونظرة مرعبة وقال والشتائم البذيئة تسبق كلماتهإذالم
تعترفي بكل شيء الان .. مباشرة . .فسوف أعريك من ثيابك

صحت وقدهزني التهديد:لكن اناماعندي شيء احكيه . قال بلهجة الأمر:إخلعي جلبابك . وقفت هناونظرت إليه والخوف الحقيقي يغمرقلبي لأول مرة . ل قال ألاتريدين أن تخلعيه؟ أناسأخلعه لك .
" وتقدم مني فمد يده يريد أن يفك أزرار الجلباب فما وجد شيئا . ففي تفصيلة ذلك الجلباب كانت الأزرار مخفية ٬ فحول يده وأنا أحاول مدافعته إلى رأسي لينزع حجابي فلم يستطع . . أمسكني من شعرى تحت الحجاب وكان طويلاوقتهاوملفوفاللخلف أمسكني منه وبدأيشده فينجذب رأسي كله من غيرإرادة مني إليه ٬ثم يعود ويخبطه بالجدار . .وسيل .الشتائم البذيئة يرافق ذلك كله ٬لكنه لم يتمكن رغم ذلك من نزع الحجاب لأن غطاء الصلاة كان قد نزل في أكمامي عندما لبست الجلباب فوقه ساعة الإعتقال . .فصاح بي : وتقولي عن نفسك أنك لست من الإخوان وثيابك كلها ملتصقة ببدنك التصاقا والجلباب أزراره سرية ومخفية ومجهزاخرتجهيز! ."

ومع استمرار صمتى وسيل الشتائم منه نادى أحدهم ليعطيه "الكبل أو الخيزرانة ليجدد ضربي . . ووقتها كانت قدماي قد تورمتا من الضرب ولم يعدبإمكاني لبس الحذاء ٬فقال وهويتناول ماطلب : لا تريدين الكلام ؟ أنا سأريك " وتقدم ليبدأ ضربي ٬ فركضت بعفوية منه والتجأت وراء الطاولة فركض ورائي . . وبدأت أركض وأدورحولها وهويركض ورائي ليمسك بى ويصيح : يخرب بيتك 000 كل هذا التعذيب والضرب ولازال فيك روح لتنطي وتركضى ونادى الحاجب وقال له : أمسكها من عندك فلماتقدم العنصر وأمسكني صاح ناصيف فيه : خذها . . خذها تنقلع من وجهى . . خذها إلى المنفردة . . لا أريد أن أراها أكثر من ذلك...لم أصدق أن حفل التعذيب قد انتهى ولم أع مامعنى أن أذهب الى المنفرده إلا عندما دفع العنصر حذائى الي وجذبنى خارج الغرفه وجعل يقودنى عبرالسلالم والممرات ثانية نزولاهذه المرة وهويقول لى: لماذا . " لماذا لم تتكلمي ؟ أما كان ذلك أفضل لك ؟ كنت على الأقل رأفت بحالك . . أنظري كيف انتفخ وجهك وازرقت يداك وتورمت رجلاك وأكلت قتل الدنيا حتى لم تعودي تستطيعين أن تلبسي حذاءك . قلت : ماعندي شيء أحكيه . وأضفت وقد فاض بي الأمر ولم أعد ألقي بالا لكلماتي : الله لا يعطيهم العافية هؤلاء الظلام . . لكنه وكأنما كان يؤدي دورا مرسوما لم يلتفت لعبارتي وأكمل يقول : لكن لوأنك كذبت عليهم كنت خلصت حالك .

قلت : أنا لا أكذب وأعلم أن الذي يصدق هنا أو يكذب فنتيجته واحدة . سألنى بدهاء: وكيف عرفت ذلك ؟ قلت : لأنهم لم يصدقونني . . قلت لهم الحقيقة فلم يصدقوا فكيف سيفعلون إن أنا كذبت عليهم ! كنا قد وصلنا باب القبو أخيرا ٬ فوجدت حسين . . العنصر الذي كان يشارك قبل قليل في تعذيب الشاب يطل علينا بوجه مظلم وقد فتح فمه على ابتسامة سخرية تكشف سنا مقلوعة فى الوسط فكأنها نافذة في بيت خرب . . استقبلني وبيده كبل يتلوى مثلما تلوت كلمات الترحيب الساخر على فمه وهو يقول : أهلا . . أهلا وسهلا . . والله نورت !

-------------------------

ترقبوا التكملة بإذن الله
« آخر تحرير: 2011-04-24, 11:13:41 بواسطة حازرلي أسماء »
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6545
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: تسع سنوات في سجون سورية...
« رد #30 في: 2011-04-24, 11:36:33 »
وتعليقات لا أملك لها كتما .........

اقتباس
ومكتب فاخر يحتل تمثال لرأس الرئيسس الأسد ركنا منه بينما ينتصب في زاوية الغرفة القصوى تمثال برونزي آخر لرأس الرئيس بالحجم الطبيعي

تمثاله الباااائس في كل مكان ..... برونز وحجر ووووووو......... يا إلهي صنم صنم معبود...... حتى الأصنام كانت تمثيلا من المشركين لأناس كانوا صالحين من قبل، أما هذا فصنم لإنسان فاسد مفسد في الأرض ...........وها قد ذهب بكل هذه الأحمال الخبيثة ........رحماك بعبادك المؤمنين يا رب وانتقامك من كل ظالم

اقتباس
لكنه كان يصيح طوال التعذيب ويستغيث مناديا : والله العظيم موأنا . . ثم اعترف اخر الأمر لا أدري ليتخلص من مزيد من العذاب أم لسبب اخر فأقر أنه قتل أحد الضباط

لا حول ولا قوة إلا بالله ........يريدون أن يوثقوا كذبهم بألسنة الأبرياء إذ يقرون بما لم يقترفوا ......عالم العجب الحقيقي ......... !!!

اقتباس
وعندما اشتد التعذيب عليه وكاد صراخه يصيبني بالإنهيار التفت إلى العنصر معي وسألته : لماذا أتيتم بي هنا ؟ قال بسخرية : لا أعرف . . إسأليهم .

سخرية وبرود وكذب واستهزاء ولا إنسانية .............. عالم من الشيطانية المصبوبة في قوالب إنسان ....!!!

اقتباس
ومن غير أن يلفظ أي كلمة أو يسألنى أي سؤال لم أحس إلا وصفعة مفاجئة تأتيني على حين غرة اصطدم رأسي من عزمها بالجدار وارتد ٬ وصارت الدنيا تدور كلها في ٬ وصرت أرى الرائد أمامي أربعة أشخاص معا ٬ وأرى رأسي أسفل مني ورجلاي فوق الرأس وفوقي !

قمة القوة أنت يا هبة، وقمة الجبن هم....قمة الجبن ....يتقوّون على امرأة عزلاء ويزيدون بتكتيفها .....!!  جبناء حتى النخاع ....إنهم يخافون أمثالك أيما خوف !!!

اقتباس
لم أكن أدري وقتها بأن أمي كانت معتقلة في نفس السجن معي ٬ وأنه سألها قبل دقائق عن أخي فأجابت الجواب نفسه ٬ والتقى كلامي مع كلامها في هذه النقطة

يا إلهي وأمك أيضا اقتادوها ؟؟!!  أتساءل أية أسرة أسرتها !!  تلك التي ذاقت في سبيل الحق وإظهاره كل هذا ....!! أي تاريخ مشرّف يتوجها !! يا إلهي

اقتباس
. هذا عبد الكريم رجب . . ألا تعرفينه ؟ قلت بحزم وقد تأكدت لي الوشاية الرخيصة التي حيكت لي

نعم عبد الكريم رجب .... المندس بين الإخوان ..... وينكشف دوره الآن ........ الأخساء الأنذال....... ليت كل تنظيماتنا الحرة تتحذر من أمثال هؤلاء، الآن عرفت من بعض سر انغلاق تنظيمات الإخوان ..... معهم حق والله ....فقد لاقوا ما لاقوا من أمثال هؤلاء ....

اقتباس
منظمة مع الإخوان وتتعامل معهم . . اشترت لهم بيتا ٬ وتعطي دروسا لسيد قطب في مساجد دمشق .

سيد قطب من أهم من أشيد بهم دوما في لقاءات لي بالجمعية ....وأستشهد بكتاباته!!  مجرمة أنا أيضا أيها السجانون البلهاء وأنتم تظنون أن سعيكم من شأنه ن يطفئ مشاعل تضيئ لنا الدرب .......!!

اقتباس
وزاد عدد المشاركين بتعذيبي حتى لم أعد أستطيع أن أعرف عدد من حولي أو عدد المحصي والخيزرانات التي تهوي على رجلي . . وبدأت أرى الغرفة كلها عصيا وخيزرانات . . والناس فيها من كثرة أسئلتهم كالضفادع تنق وتنق بصوت واحد

لله درك ..............!!

اقتباس
ولكن رفيقتك ماجدة هي التي قالت ذلك عنك . قلت : لا تصدقها . . أحضرها لتقول ذلك أمامي . . ربما قالت ذلك من خوفها حتى تنجو من الضرب . قال : لا . . رفيقتك لا تكذب . . هى أصدق منك . . تكلمت عن كل شيء وما تعذبت ٬ وأنت أذا لم تتكلمي فستبقي تأكلي ضربا حتى تحكي

أشعر كم هو مغتاظ هذا السافل من إصرارها وشجاعتها وقوتها ....... موتوا بغيظكم يا جبناء

اقتباس
والتفت نحوي مهددا يقول : إذا لم تتحدثي بكل شيء هذه المرة فاعلمي أن لدينا عناصر الواحد منم كالوحش يسد الباب

طبعا يا أفراد غابة الوحوش ......طبعا أيها الوحش العفن ....

اقتباس
قلت له : ولكن أنا ليس لدي أي شيء . قال : أنت حرة

صدق وهو الكاذب ........حرة والله حرة

اقتباس
وقال : إذالم تتكلمي فسننزلك إلى القبو ٬والقبوإذا نزلت إليه لا تخرجى منه حتى تموتى قلت له : أحسن. . الموت راحة المؤمن !

يا الله ..............كم تقتلهم هذه الكلمات .....

اقتباس
صحت وقدهزني التهديد:لكن اناماعندي شيء احكيه . قال بلهجة الأمر:إخلعي جلبابك . وقفت هناونظرت إليه والخوف الحقيقي يغمرقلبي لأول مرة . ل قال ألاتريدين أن تخلعيه؟ أناسأخلعه لك

والله وأنا معك يا هبة، هذا أكثر ما يفزع ويخيف ........ أكثر من أي ضرب وأي تقتيل ....!!

اقتباس
. .فصاح بي : وتقولي عن نفسك أنك لست من الإخوان وثيابك كلها ملتصقة ببدنك التصاقا والجلباب أزراره سرية ومخفية ومجهزاخرتجهيز! ."

مجهزة ونص ...... مؤمنة ترضي ربها .......فتقتلكم بسترها وبكل عزة المؤمنة الحرة  التي فيها ........

اقتباس
وقال له : أمسكها من عندك فلماتقدم العنصر وأمسكني صاح ناصيف فيه : خذها . . خذها تنقلع من وجهى . . خذها إلى المنفردة . . لا أريد أن أراها أكثر من ذلك..

دليل ضعفك أيها الوحش أمامها .............لله درها ......وعليك وعلى أمثالك من الله الغضب و الويل والثبور ........





« آخر تحرير: 2011-04-24, 11:54:56 بواسطة حازرلي أسماء »
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل بسمة ذياب

  • شباب نشيط
  • **
  • مشاركة: 345
رد: تسع سنوات في سجون سورية...
« رد #31 في: 2011-04-24, 13:09:17 »
وحوارك يا أسماء تداخل مع حوار الرواية .... وكلنا _ نحن من قرأ الصفحات _ فعلنا كذلك.... كنا نتدخذل ونشارك لنكتشف فجأة أننا جئنا من زمن غير الزمن ...
هبة وأمثالها من كل من عايش المحنة وامتدّ به العمر سواء أكان أسيراً وتحرّر أم على الأقل بقي على قيد الحياة وكل أولئك الشهود على عصر الجريمة... كلّ أولئك نودّ _ بل نحتاج وبشدة _ لا ستقصاء احوالهم وتتبع مسالك حياتهم.
أين هي هبة الآن ؟ وآلاف بل ملايين من " الهبات " وإخوتها وأمهاتها وآبائها ... في كل أصقاع العالم ... ولكل منهم قصة وحكاية مع انظمة وقوى الشر على هذا الكوكب... نريد أن نلتقيهم .... أن تتعلم منهم الأجيال أن الكرامة الإنسانية خط أحمر .... نريد ان نتعلم منهم معنى الصمود والأمل...لعلّ في هذا ... في هذا فقط العزاء والسلوان.

غير متصل أسيرة الصفحات

  • شباب إيجابي
  • ***
  • مشاركة: 629
رد: تسع سنوات في سجون سورية...
« رد #32 في: 2011-04-24, 13:32:48 »
متابعه أكملي يا أسماء
لا حول و لا قوة إلا بالله
" .
نقطة.  "

غير متصل الشيماء أحمد

  • شباب نشيط
  • **
  • مشاركة: 485
رد: تسع سنوات في سجون سورية...
« رد #33 في: 2011-04-24, 17:42:10 »
لا أعلم كيف استعطت ان تنقلي من الكتاب يا أسماء ...

ما بين الرعشه التي أصابتني والبكاء والصراخ المكتوم كم أتمنى ان أمزق بيدي كل من امتدت يده عليها ...

يا الله ... حرمة النساء وين؟ لا أجد ما أكتبه حسبي الله ونعم الوكيل

لعله أول موضوع أقرأه كلمة كلمة من مدة طويله ... ينتابني شعور ممزوج بالألم والعرفان بالجميل فاخوان سوريا هم من صححوا لي صلاتي وكن سبباً في دخولي المدرسة الشرعية وقد كنت في الثامنه من عمري وهم من أهدوا أمي الحبيبة أول مصحف خاص بها وهم من وضعوا أخي الاكبر على بداية الطريق ليكمل هنا بمصر ... كان هذا بعد الاحداث المذكوره ببضع سنوات تعد على اليد الواحده

أكملي يا أسماء .. أعانك الله على نقل البقيه

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6545
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: تسع سنوات في سجون سورية...
« رد #34 في: 2011-04-24, 19:35:26 »
أهلا بك يا شيماء الحبيبة.... يسعدني وجودكن معي أخواتي كاستئناس هبة بماجدة وملك .... أرى نفسي أتعذب وأنا أنقل ولكن وجودكنّ يسرّي عني، فابقين معي....ولذلك أحببت أن نتشارك القراءة لنتشارك الحمل ....... يا إلهي هذا حالنا ونحن نقرأ ....فكيف بإخوتنا في سوريا وهم يقتلون ألف مرة مع الاعتقال والقتل، وفقد القريب الحبيب وغياب كل أخباره ......ومع عيشة هي عيشة الأشباح خوفا ورعبا ...... لعقود من الزمن ..... ولكن الحمد لله قد بدأت نار الكتم تخمد، وبدأ نور البوح يلوح ..........


سلمى تابعي معنا تابعي
نعم يا بسمة ليتنا نلتقيهم لنملي أعيننا بالنظر إليهم هؤلاء العظماء، وليعلموا الأجيال، ولكن الحمد لله هذه كتبهم تعلمنا أيضا ....

لي عودة بإذن الله مع مقطع آخر من الكتاب
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6545
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: تسع سنوات في سجون سورية...
« رد #35 في: 2011-04-24, 19:40:58 »
قن الدجاج !

أمسكني حسين من كتفي وأنزلني الدرجات الخمس إلى أسفل ٬ واقتادني من جديد عبر الممر المعتم إلى ثاني زنزانة منفردة في ممر آخر لا يكاد يبدو آخره ٬ وقال وهو يشير إلى الداخل
هذا مكانك . . غرفتك العامرة . . وان شاء الله نومة هنية ! أحسست بالنفور من الظلمة ووحشة المكان وكنت لا أزال متوترة الأعصاب جدا فقلت بلا وعي : لا والله . . لا أدخلها أبدا ! قال وهو يدفعني إلى الزنزانة بغلظة : إي بدك تدخلي بكسر رأسك .

التفت إلى أبواب الغرف الأخرى فلمحت صديقاتي زميلات السكن معي يطللن بوجوههن من طاقات الزنازين التي وزعوهن عليها ٬ فركضت نحوهن وأنا أصيح : فاطمة . . فلانة . .فجذبني بقوة وهو يقول : تعالي . . تعالي . . هل تظنين نفسك في فندق أو في زيارة ! وفجأة سمعت من آخر الزنازين (رقم 24 ) صوت أمي التي يبدو أنها سمعت صوتي أيضا فبدأت تدعو عليهم بصوت عال وتصيح : هؤلاء حريمات تتقوون عليهن يا ظلام . . ما عندكم رحمة ! والله أنا طول عمري أسمع أنه لا رحمة في قلوبكم ولكنني أرى ذلك الآن بعيني ! بهرتني المفاجأة . . وركضت ثانية باتجاه مصدر الصوت وأنا أصيح بدوري : أمي هنا ؟ الله يخرب بيتكم . . ماذا تفعلون بها ؟ إخوتي صغار وأبي مريض . . ولا حول جميعا لهم ولا قوة .

فناداني حسين وهو يقهقه بسخرية : وما حاجتنا لأبيك وإخوتك ؟ نحن نريد أمك فقط ! وذهب فأغلق نوافذ المنفردات جميعا ثم عاد يدفعني إلى المنفردة وأنا أحاول المقاومة وأتكىء على زاوية الباب ٬ فقال لي مهددا : إذا لم تدخلي الان فسأحضر كل عناصر الفرع ليدخلوك .

قلت : المكان معتم جدا ! أجاب بسخرية : أنت الآن ستنورينه . . هيا ادخلي . نظرت فإذا بعلبتين من الصفيح في زاوية الزنزانة واحدة فيها خبيص من أرز أو برغل مع مرق وفي الثانية ماء . . قلت له : والله هذا مثل قن الدجاج . . وهذه والله مثل معاملة الحيوانات ! قال : هذا عشاؤك الليلة داذا كان لك نفس لتأكلي فكليه . قلت وقد تملكني الغيظ : أنتم تعرفون أن الذي يدخل إليكم لا تعود له نفس ليأكل ! وهنا حضر عنصر اخر متقدم في السن كان يحسن معاملتي فيما بعد قدر المستطاع . . تقدم مني وقال بصوت منخفض : يالله يا أختي ادخلي وتوكلي على الله ولا تتركي له مزيدا من الفرص ليسخر منك .

فدخلت المنفردة وصوت أمي لا يزال يبلغ مسمعي . . ثم لم يلبث صوتها أن غاب وسط قهقهات العناصر وصياحهم وهذرهم ٬ وعمت المكان رائحة الخمر وصيحات المجون احتفالا بليلة رأس السنة إ! فيما لفتني في وحدتي الظلمة ووحشة المكان فازدادت أعصابي توترا ولم أستطع حتى أن أغير جلستي ٬ خاصة وأنهم أخذوا ماجدة بعدي إلى التحقيق وكان من الممكن أنها تعذب في تلك الساعة مثلما كان محتملا أن تقول عني أي شيء .

وبقيت على هذا الحال إلى ما بعد منتصف الليل ٬ حينما حضر أحد العناصر واقتادني إلى غرفة التحقيق من جديد .
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6545
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: تسع سنوات في سجون سورية...
« رد #36 في: 2011-04-24, 19:47:23 »
لون الليمون !

في غرفة التحقيق وجدت الرائد ثلجة في انتظاري يستقبلني قائلا : لست من الإخوان أليس كذلك ؟ ولم تقومي بأي عمل لهم ولا تريدين الإعتراف . . ولكن هناك من أرسله الله ليعترف عليك الليلة .
هذه رفيقتك يقصدماجدة قالت بأنك مسلحة وأنها رأت السلاخ معك بعينها . قلت له بتحد : أحضرها لأفقأ لها عينها . . هيا أحضرها لتقول ذلك أمامى . قال : هي لا تكذب ٬أنا قلت لك هي لا تكذب . . هي أصدق منك ٬ والدليل على كذبك لونك الذي أصبح أصفر مثل الليمون . قلت له : لي ليلتان كاملتان لم أنم ولم آكل ولم أدخل الحمام مع القتل والتعذيب ولعيان القلب ٬ فكيف لا يصفر لوني ! هز برأسه وهو يمط شفتيه بلا معنى وصاح للحاجب كي يعيدني للمنفردة ٬ فعدت إلى جلستي القلقة ذاتها وعاد إلي التوتر والأرق ٬ حتى أنني لم أمد البطانيات خوف أن يأتي أحد العناصر فيفتح نافذة الباب أو يدخل علي وأنا نائمة . . وبينما أنا متكورة على نفسي وسط الزنزانة أرمق الصراصير في تلك الظلمة تتسلق الجدران حولي دونما اكتراث بالنزيل الجديد . . شق جدار السكون فجأة صوت مزلاج الباب الخارجي وصياح السجانين وتدافع أقدام تتخبط مهرولة فوق الدرجات وعلى الممر باتجاه منفردة قريبة . أدركت بحدسي أن دفعة من المعتقلين الجدد قد وصلت ٬ وعلمت لاحقا أنهم ستة أو سبعة شباب بين الثانية عشرة والخامسة عشرة من العمر جمعوهم من مسجد واحد وحشروهم معا في هذه المنفردة التي لا تزيد بمساحتها عن متر بمتر ونصف ! والذي يبدو أن واحدا منهم أصابه إسهال من الخوف أو التعذيب فجعل يصيح طالبا الخروج إلى الحمام ٬ فلا يجيبه إلا صوت العناصر الغارقين في متعة الإحتفال برأس السنة : سد حلقك !

لكن الفتى لم يكن يستطيع الصبر ٬ فيعيد الرجاء وينادي : والله بطني بتوجعني . . يا عالم . . لم أعد أستطيع ضبط نفسي . . عندها جاءه عنصر منهم وفتح النافذة وتناوله بضربة بالكبل وهو يكرر:
سد حلقك واخرس يا . . . وسكت الفتى لبرهة يا حرام ٬ بدأنا نشم بعدها رائحة من زنزانتهم خنقتنا . . فعاد العنصرإليه يكفر ويلعن ويقول له : فعلتها هنا يا ابن ال . . . وأخرجه إلى الممر وانهال عليه ضربا كالمجنون ٬ وتعالى صراخ أمي من منفردتها ثانية تدعو عليهم وتقول له : يخرب بيتك . . مالك قلب بشر؟ سألك أن تخرجه فلم تفعل ففعلها تحته . .ماذا يفعل المسكين بنفسه ؟ وعاد الأمر بعد هذه المهزلة إلى ما يشبه الهدوء من جديد . . ومضت ساعات الليل المتبقية تمر علي أثقل من الجبال ٬ وعلى الرغم من أنني لم يطرق لي النوم جفنا ليلتها إلا أنني بدأت أفقد الإحساس بما حولي ٬ وأتخيل ربما من شدة البرد أن الثلج قد غطى المكان كله ٬ وأن العناصر تستعد لاقتحام الزنزانة علي ليسحبوني في هذا الثلج فيعروني ويعذبوني للمرة الأخيرة قبل أن يرشوني وأغادر الحياة ! لكن شيئا من ذلك لم يحدث ٬ ولم ألبث وقد دنا وقت الفجر أن أحسست بما يشبه الطرق الخافت على الجدار من الزنزانة الأخرى المجاورة حيث وضعوا ماجدة ٬ فعلمت أنها تنبهني إلى موعد الصلاة  ٬ ولم نكن خلال الفترة السابقة من الإعتقال كلها قد تمكنا من الصلاة ٬ فتيممت وهممت أن أبدأ ٬ لكنني لم أستطع معرفة اتجاه القبلة فطرقت الباب ٬ ولم يلبث أن حضر حسين من جديد فسألته ٬ فقال بسخرية : كيف وضعت رأسك على الفلقة فهذا اتجاه القبلة ! كررت عليه السؤال مع الرجاء ٬ فقال بتبرم : أنا لا أصلي . . لا أعرف ٬ لكنني أشاهد الشباب في المنفردات يصلون بهدا الإتجاه . فصليت إلى حيث أشار وظهري إلى الباب ٬ فكان قلبي ينتفض من الرعب طوال الصلاة خشية أن يفتح أحد العناصر علي فيراني وأنا أصلى! فيحدث ما لا تحمد عقباه !

وبالفعل . . وبينما أنا في صلاتي فتح السجان ابراهيم الطاقة ليعطيني الإفطار ٬ فلما رآني أصلي قال بما يشبه السخرية : شو . . عم بتصلي ؟ فلم أجب ٬ ولكنني أحسست أن قلبي قد سقط بين يدي ٬ غير أن الله سلم ٬ ومضى إبراهيم فأكمل توزيم الفطور على الزنزانات الأخرى ثم عاد ففتح وسألنى باستهزاء : خلصتي ؟ الله يتقبل ! هززت برأسي دون أن أجيب ٬ فاكتفى بدفع طبق الطعام إلي والذهاب . . ولم يكد يفعل حتى فتحت الطاقة من جديد وكان القادم هذه المرة أبو محمد . . الرجل الذي ترفق بي لأدخل الزنزانة ليلة الأمس ٬ فسألني : ألا تريدين الخروج إلى الحمام ؟ أشرت بالإيجاب ٬ فلما فتح باب المنفردة أطللت على الممر برأسي فما وجدت أحدا . . سألته : مالي لا أسمع صوتا هنا ؟ وهذه صديقتي ملك ألم تنزل من التحقيق ؟

قال : خرجوا . . كلهم خرجوا ٬ وما بقي إلا أنت ورفيقتك الثانية – يقصد ماجدة . قلت بدهشة واضطراب : وأمي ؟ قال : أنت ورفيقتك وأمك فقط . . صفوكم ! أحسست أنها النهاية وأنها راحت علينا . . خرج الجميع وبقينا نحن . . إذا فهي النهاية! سألته وأنا أشهق بالبكاء : ولماذا أخرجوهم ولم يخرجونا نحن ؟ أنا لم يثبت أي شيء علي . . أنا بريئة .

أطرق وهو يقول : والله لا أعلم . . إسأليهم ٬ أنا هنا مجرد موظف . ثم غير مجرى الحديث وقال : أتريدين أن تأكلي .. ألست جائعة؟ أنا أحضرت فطوري الخاص معي : زبدة ومربى وأشياء أخرى . . أكلت منهم وزاد معي قطعة . تذكرت وقتها أنني لم أكن قد أكلت شيئا إلى ذلك الوقت من قبل ٬ لكنني لم أشأ أن آكل طعام غيري أيضا ٬ فشكرته واعتذرت . . ثم لما اشتد علي الجوع في اليوم الثاني بدأت آكل القشرة الخارجية للصمون الذي يحضرونه لأن الداخل عجين كله . . وقطعة الجبن التي لا يحضرونها إلا نادرا بطبيعة الحال ٬ وعلى هذه الحال بقيت طوال فترة بياتي في المنفردة ثمانية أيام بالتمام والكمال !
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6545
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: تسع سنوات في سجون سورية...
« رد #37 في: 2011-04-24, 19:53:49 »
"الخط "ورعاه البقر !

طلع صباح أول أيامي في سجن كفر سوسة وأنا لا أزال قابعة أترقب في زنزانتني المجهول بوجل ٬ وأطل على أحداث الأيام التي مضت مصدقة ومكذبة! تلفت أتأمل "مسكني " الجديد فإذا به أشبه بالقبر منه إلى أي شيء اخر ٬ وعدا الصراصير التي كانت لا تزال تبحث بمجساتها المقرفة عن شيء رطب تقتات عليه لم أستطع في البداية أن أجد على الجدار القاتم شيء ٬ لكن تسرب بعض الضوء واعتياد عيناي على الظلمة جعلني أبصر خطوطا مميزة بعض الشيء وشعار "الله أكبر ولله الحمد" محفورة أكثر من مرة وحولها أسماء أشخاص عديدين مروا على هذا المكان التعس قبلي . . وكان ثمة نقش لمسجد كتب حوله "لا إله إلا الله محمد رسول الله " وأسفل منه اسم الشخص الذي نقشه على الأغلب . . كذلك لمحت خريطة لفلسطين وتحتها عبارة "الله أكبر ولله الحمدا ا!

لم تكن أكثر من ساعتين على صلاة الفجر قد مضتا حين بدأت دورة يوم جديد من أيام السجن تأخذ مجراها . . فكما الكلاب تفعل كان المحققون والجلادون والسجانون لا ينامون إلا إذا دنا الفجر ويستيقظون وقت الضحى! وسرعان ما بدأت الشتائم واللعنات وعبارات الكفر بالله تختلط بفرقعة الكبلات على ظهور السجناء يقتادونهم إلى الحمامات أو إلى "الخط " بلغة السجن المتداولة . كان (ياسين ) المجند العلوي المتطوع أحد أجهل خلق الله وأغباهم يتصدر لهذا العمل على الدوام ٬ فتراه يمسك بالكبل بيده ويتفرس في طابور المعتقلين المتجه نحو الحمامات لبرهة ٬ ثم لا يلبث أن ينقض على المساكين لطما ولسعا يسلخ جلودهم كالدواب . . والويل كل الويل لمن كان يجرؤ ويصيح من الألم . . فجزاء ذلك مضاعفة العذاب حتى لا يعيدها ثانية! وسرعان ما انطلق صوت أمي من زنزانتها تنادي عليه : يا ولدي . . هل تظن أنك لا تزال في الضيعة التي جئت منها وهؤلاء قطيع من البقر الذي كنت ترعاه ! ولم يكن ياسين ليرضى أن يقطع متعته الصباحية شيء فاستمر يجلد الشباب ويتلذذ في خلق هذا المشهد الرهيب . . وأمي تطرق الباب بأيديها وأرجلها وتبكي ألما عليهم وحسرة وليس من مجيب ! ولم تكد تنته هذه المأساة ويهدأ المكان بعض
الوقت حتى كان موعد التحقيقات قد جاء ٬ وعاد صراخ المعذبين وصيحات العناصر وشتائم المحققين تقرع اذاننا وتذيب منا القلوب ٬ ثم وكما بدأت بلا مقدمات خفتت الأصوات من جديد ٬ ولم ألبث أن وجدت باب الزنزانة يفتح وأحد العناصر يدعوني للذهاب إلى الحمام  ٬ فلما أصبحت هناك وحدي وبدأت الوضوء وكل ظني أنني قد أغلقت الباب بإحكام علي فوجئت بوالدتي أمامي ٬ فأدهشتها المفاجأة مثلما أدهشتني . . واندفعت من فورها تحيطني بذراعيها وتسألنى وهي بادية الإضطراب : قتلوك ؟ عذ بوك ؟ قلت أريد أن أخفف المصاب عنها : لا . . أنا بخير .

لكنني كنت وقتها أضع رجلي على الحوض وأغسلها للوضوء ٬ فأشارت مفجوعة إليها تقول : ولكن ما هذا ؟ رجلك كلها زرقاء وأصابعك مزرقة أيضا ولا تكاد تظهر ! هل أذاك أحد؟ هل مسك أحد ؟
قلت من جديد : لا . . الحمد لله ما مسني أحد . سألتني وكأننا في سباق مع الزمن : ولماذا أمسكوك إذا ؟ قلت : والله لا أعرف . . يريدون أخي صفوان ويريدونني أن أدلهم عليه . فأخبرتني هنا أنها أجابت في التحقيق كما أجبت بأنه يدرس في الباكستان  ٬ فشعرت بارتياح لتطابق كلامي مع كلامها ٬ ولكنني وجدتها تتركني وتخرج إلى الممر ندعو عليهم بأعلى صوتها ٬ فحضر حسين راكضا وهو يصيح بالعنصر الآخر : كيف جعلتها تدخل والأخرى لا تزال هناك ؟ ألا تعلم أن اجتماع أكثر من شخص هناك ممنوع ؟ أجاب العنصر الذي أحضر أمي : لم يكن لي عالم بوجود أحد اخر . . لماذا أغلقت أنت باب المنفردة التي كانت فيها ولم تتركه مفتوحا لأعلم أنها لا تزال في الخارج ؟ واقتاد كلاهما والدتي وهي لا تكف عن إطلاق دعواتها عليهم ٬ ولم تتح لي رؤيتها ثانية إلا بعد أيام ٬ ولم تتح لي معرفة سبب وكيفية اعتقالها إلا حينما اجتمعنا في المهجع بعد انتهاء التحقيق . . فقصت علي رحمها الله ما جرى بالتفصيل .
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6545
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: تسع سنوات في سجون سورية...
« رد #38 في: 2011-04-24, 19:56:47 »
الكمين !

كانت والدتي علية الأمير قادمة من حماة لتحضر لي بعض أغراض كنت قد نسيتها أثناء الإجازة هناك ٬ ولتكمل بعدها إلى الأردن حيث استقر أخي صفوان مع كثير من الشباب الملاحقين بتهمة معارضة الحكومة والإنضمام إلى تنظيم الإخوان . . ومع والدتي حضرت أسرة ال مرقة ترافقها لزيارة ابنهم المقيم في عمان لنفس السبب . قالت والدتي استيقظ أبوك ليلة اعتقالك على منام مزعج أولمه شرا أصاب أخاك صفوان ٬ فقال لي اذهبي وا نظري أحواله ٬ فمضيت يرافقني ال مرقة وقد اتفقنا على المبيت عندكم ليلتها والتحرك إلى عمان في اليوم التالي . ٬ ولما وصلنا قرب بيتكم في دمشق وبت على خطوات من مدخل البناية سمعت صوتا يأتيني ويقول برجاء ظاهر : يا خالتي ارجعي . . لا تدخلي ! كان أحد الجيران ينادي من جهة لا أراها ويحذرني من الصعود بعد أن تم عتقالكم
قبل ليلة ٬ ولكنني لم أرد وما ظننت النداء كان لي ٬ فما أن طرقنا الباب حتى استقبلتنا الرشاشات وأيادي جذبتنا إلى الداخل بغلظة ٬ ووجدنا أنفسنا بعد ساعة زمن في سجن كفرسوسة !
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6545
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: تسع سنوات في سجون سورية...
« رد #39 في: 2011-04-24, 20:07:54 »
أحكم الأحكمين . .

كنت وأمي تحدثني عن اعتقالها لا أقل تأثرا وحزنا على حالها من تأثري وألمي على حال هؤلاء المساكين أسرة عمر مرقة الذين اعتقلوا معها ٬ فوالدتهم لم تكن قد أفاقت بعد من صدمة مقتل ابنها أيمن 18 سنة وأخته مجد 14 سنة حينما رشهما الخابرات في الشارع انتقاما من أهالي الملاحقين وحسب ! وكانت الأم حتى هذه الفترة فاقدة لتوازنها العقلي وقد نزعت حجابها وعصبت رأسها بعصابة تشد بها على الألم . . فلما وجدت نفسها قيد الإعتقال المفاجيء انهارت المسكينة . . وكنت وأنا في أول ليلة لي في المنفردة أسمع المحقق يصرخ في أذنها بأعلى صوته فيصل الصوت عندي وهي كالبلهاء لا تجيب . . وأما الزوج فكان أسوأ حالا وقد جاوز المسكين السبعين من عمره . . تجره والأم ابنتاهما اللتان اعتقلتا معهما وأغمي عليهما على باب المحقق ٬ فاضطرت والدتي أن تصفعهما لتفيقا !

وعندما لم يجدوا ما يهمهم من التحقيق مع هؤلاء البؤساء أرسلوهم للمبيت في القبو تلك الليلة ٬ لكن ولاغتصاص المكان ليلتها بالمعتقلين لم يجدوا مساحة يضعون العجوز فيها فتركوه بهرمه وشيخوخته ينام على أرض الممر أمام منفردتي ٬ فكنت أدعو الله أن يخفف عنهم المصائب التي تتوالى عليهم واحدة بعد الأخرى . . وأما والدتي فقد جابهتهم من البداية ما شاء الله بحزم . . قال لها المحقق : خبرينا عن ابنك المجرم . . أين هو؟ فقالت : أنا ماعندي ابن مجرم . . دير بالك ها ! قال لها : ماذا لديك إذا ؟ مجرم ومغرر بإخواته أيضا على طريق ا لإجرا م .

قالت : أنا لا أعرف نفسي إلا أنني ربيت ابني من الجامع إلى البيت ومن البيت إلى الجامعة.

فقال لها ساخرا : الله يعطيك العافية . . تعيشي وتربي ! إذا لا تريدي أن تحكي . . والتفت إلى أحد العناصر وقال له : ضعها على الفلقة . فقالت له : كتر خيرك . . أنا في سن أمك وتضعني على الفلقة ؟ قال لها : ولكنك ما تكلمت . قالت : وماذا تريدني أن أقول ؟ لا الذي يصدق يسلك معكم ولا الذي يكذب !

فتركها سبحان الله ولم يعذبها . . وكانت لا أدري كيف تقوم طوال فترة اعتقالها فتشد معهم وتواجههم وتدعو عليهم وكانوا مع ذلك يراعونها من دون جميع السجينات والسجناء الآخرين . . وكانت لا تكاد تنام لا في الليل ولا في النهار ٬ وتراقب كل صغيرة تجري وكبيرة فلا يفوتها شيء ! وفي بداية اعتقالها في المنفردة كانت تنادي أبا عصام مدير السجن وهومن درعا وتسأله : ماذا فعلت أنا . . ولماذا تعتقلونني ؟ فيجيبها : أنا لا علاقة لي بذلك .

فترد عليه وتقول : بل بيدك كل العلاقة . . أنا أريد أن أرفع كتابا لرئيس الفرع ٬ أعطني ورقة وقلما . فينهرها وهو يكرر عليها : ممنوع . . لا تصل . . مخالفة للأوامر . . . فيصيبها القهر ويشتد بها الغيظ وتنادي داعية عليه : شكيتك لواحد أحد . . لأحكم الحاكمين . . وإن شاء الله تقعد قعدتي وما بتصبر صبري . وسبحان الله لم يمر شهر أو شهران حتى قتل هذا الرجل كما بلغنا حادث سيارة . . ودخل المقود في بطنه . . وسمعت أمي بموته قبل أن تموت .
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب