المحرر موضوع: حكايات من واقع الحياة ....  (زيارة 11914 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6545
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
حكايات من واقع الحياة ....
« في: 2013-06-12, 17:25:40 »
بسم الله الرحمن الرحيم

هنا بإذن الله تعالى سأضع بعض حكايات تقابلني في حياتي، كنت دوما أحب تسجيلها، ولكنني كثيرا ما كنت أتأخر ....
أسأل الله أن يجعل فيها الفائدة والنفع لي ولكم  emo (30):
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6545
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: حكايات من واقع الحياة ....
« رد #1 في: 2013-06-12, 17:26:21 »
أم مريم... مريم التي تبلغ من العمر ثمان سنوات ...

من الناس من يضعهم الله تعالى في دربك، وتتأمل فكأنما معرفتك بهم قديمة وسابقة لموعد اللقاء الأول .... وتتأمل مقادير الله تعالى لترى كم أنّ شيئا ينقلك إلى شيء، وتتأمل فتنبهر بمشيئته سبحانه وبإمضائه أمره، وكيف يلاقي عبده بعبده، وكيف يعرّف عبده بعبده، ربما بطريقة بسيطة لا نلقي لها بالا ... ربما منها تبدأ قصة أخوة في الله قوية عُراها ...

أم مريم ... كانت تحيا في الدنيا وهي عنها غائبة .... كانت أما وهي عن أمومتها ذاهلة .... كانت متزوجة وهي مع زوجها وبيتها الحاضرة الغائبة ....

حملت بوليدها الأول الذي يكبر مريم، ولم يلبث أن مرض ومات، في خلال خمسة عشر يوما، خرج للدنيا ضجيعُ أحشائها ليعيش خمسة عشر يوما، ويرحل عنها ...يرحل عنها مخلّفا ألما عميقا وجرحا يبدو أنه حتى الساعة لم يندمل،كلما ذكرته فحنّت إليه وإلى وجهه الحبيب فبكتْ ... ولو أنّ أم مريم اليوم هي غيرها أمس ....

ورزقها الله بمريم ... ويشاء سبحانه أن يبتليها فيها ابتلاء... فقد أصيبت بمرض التهاب السحايا، وأضيبت بحمى المرض، فقدت على إثرها النطق، وفقدت السيطرة على حركة قويمة لكل أعضائها، نعم مشت ولكن مشت متأخرة، ومشيتها مترنّحة إلى حد بعيد ...
لا تستطيع التحكم بلعابها، وتراها وهي التي تبدو دائمة الإنهاك، ضعيفة هزيلة .... لا تقوى على التركيز، ولا على الحركة الطبيعية، ولا على فعل أشياء الحياة العادية اليومية كسائر الأطفال،إضافة إلى فقدانها النطق بطريقة شبه كلية .....

وأم مريم، يبتليها الله تعالى مع الابتلاء، بالابتلاء، هكذا هي مشيئة الله فيها .... فتحمل مرة أخرى، وتسقط .... ثم تحمل مرة أخرى وتسقط، وتحمل مرة أخرى وتسقط  وهي على أبواب شهرها التاسع ....

وتبدّلت أم مريم، وسيطرت عليها الهواجس، وزاد محيطها من نساء العائلة ورجالها الطين بلا ....
وناءت نفسها بحِمل ما أصبحت تسمع أذنها بين غدو لها ورواح...من مشرق الأهل ومغربهم ....
من نساء متبجحات لا يراعين في مصاب مُبتلى إلاّ ولا ذمة .... من زوج تذهب به الوسوسات الإنسيّة كل مذهب...
ويجد الشيطان اللعين ساحته ليلعب، ليفرق بين المرء وزوجه ... ليرتع فيجتهد ليحقق غاية مُناه .... فيؤجج كل شرَر للصراع، ويذكّي نار كل فتنة، ويلهب سُعار التفرقة ....

فهذا أب لزوجها يُذكّره أنّ من بنات العائلة من يتمنّين أن يكنّ له زوجات .... وأنه ليس بمحتّم عليه أن يقضي شبابه مع امرأة لا يصلح لها ولا معها من الأمر شيء !!! وكأن الأمر بيدها فإن شاءت أصلحت وإن شاءت أفسدت، وإن شاءت أبقت من شاءت حيا، وأقبرت من أقبرت ...!!

وهذه بنت العمّ النديدة،وبنت الخال، وقريبة الزوج  والتي لها من العيال اثنان، والتي لها منهم أربعة، والتي لها منهم ثلاثة ... ها هي ترى نفسها التي فعلت والتي أحيت، والتي أسبلت السّتر على أولادها فهم في أحسن حال، وها هي ذي تمطّ شفاهها، وتتمطى وتُبرِّقُ بصرها بأم مريم، و تجعل من الحيرة موضوعها، فتلقمها كلمات من حجر، ليس مستقرها ومستودعها إلا قلب أم مريم المكلوم ....!!
 وكأن القلب موطن للسهام والرماح والحجر ... وكأنه مقبرة تلك الأسلحة كما بات مقبرة حياتها التي تلبس مسوح الحياة ....!!  

نعم في ديار الإسلام هذا اللافِكر واللاإيمان يُحدث الصدوع والشقوق، هؤلاء أهل الإسلام في دياره يتركون للخرافة ولأهواء النفس، وللسخط على إرادة الله تعالى مندوحة وفرصا عظيمة تتيح للشيطان العمل .....وأية إتاحة !!

وأصبحت أم مريم، تأخذها الكلمات فتهوي بها في مكان سحيق، وتُرديها صريعة الشقاق، والاهتزازات النفسية الكبيرة ....والحياة في ظلّ جمع الكلمات المسيئة الجارحة بعضها إلى بعض...
تراكمت عليها أكوامها .... وأثقلها رُكامُها .... وأظلمت نفسها من ضعف نفسها، ومن تكالب المحيطين بها عليها ...فما تكاد تفيق من صدمة حتى ترديها الصدمة الأخرى، وتطوّح بها ذات اليمين وذات الشمال ....وتهزّها هزّ الريح لريشة ....

لم تعد تتحكم بأعصابها، بل باتت أعصابها الحاكم والحَكَم .... وأصبحت تغضب لأتفه سبب، والدموع سلاحها المُشهَر الأول .... والصراخ والعويل...
وضاقت عليها الدنيا بما رحبت .... وهي  لا تجد في زوجها المعين ولا الظهير، ولا تجد من نفسها القوة التي تأخذها بها إلى حيث الخلاص، إلى الملجأ الآمن، إلى حيث الراحة من كل تعب ونَصَب... والدعة من كل سَورة وغضب ....

لم تحملها نفسها إلى حيث الأمان والاطمئنان....إلى حيث القوة من بعد الضعف.... بل لقد أصبحت -وهي التي لا تصدّق بالخرافة-، تصدّق بالخرافة، وكأن التي بين جنبَيْها نفس أخرى، غير نفسها، ويكأن النفس المكلومة المجروحة المهمومة، لا تعود تعرف كيف تؤوب للحق، ولا للعقل، لا تعود تقوى على الصمود...

لقد همسوا إليها بكلمات أنها مسحورة، وجهروا لها بها، وأسروا بها لها إسرارا ....!!
بكل الطرق قد أوصلوها إليها، ولم تكن تصدّق هي ذاتها أنها ستعرف من نفسها ترحيبا بكلامهم بمثل ما عرفت فيها ....

يبدو أن النفس العليلة التي لم تعد تعرف طريق اطمئنانها وسكينتها، مع ضعفها مع خوفها تصبح فريسة للخرافة والأوهام .....
تصبح الصيد السهل الذي تناله الأوهام من مرة ....
ورحبت بكلامهم، وصدّقت .... وذهبت إلى حيث أشاروا عليها أن تذهب ...إلى ذاك الذي يُذهب السحر، والعين..

-آخ يا بنيتي إن من فعل فيك فعلته فعلها وهو العالم بالمآل منها ... آخ لقد أهلكوكِ ... ولكن معي، لا تحزني، هذه وُرَيقات عليك بها، وهذه... وهذه ...
وإلى الآخر الذي ييسّر على معسر .... فيعين امرأة تسقط  فتمسك ..... يذهب سحر الرّحِم.... نعم إن للرحِم لسحرا ... يذهبه هذا المبطل ....!!

لقد سئمت من الأطباء وأدويتهم، لم تعد تجد في دوائهم من جدوى، ولا من منفعة .... إنها في حال عسِر بين ما هي فيه من ابتلاء وما يحيط بها من تهويل مهوّل وسخط ساخط، ونقمة ناقم، ولقْم لاقمٍ لا يلقم إلا بالحجر  .....!

ومريم ؟؟؟ أين مريم من كل الحكاية ؟!!  أين الأم التي تعتني بها حقّ العناية، أين العين التي تحرسها، وتتبعها، وتقوّيها وهي الضعيفة، وتؤنسها وهي الوحيدة .... وتذهب وحشتها وهي التي ينظر لها الكل بعين الشفقة أو الحيرة، أو الحيرة أو الشفقة، وكأنها كلها تنبيها أنّ عينا واحدة بين كل الأعين تعرف كيف تنظر إليها .... ولكن هيهات هيهات أن تنظر إليها .....

أين أم مريم في حياة مريم ؟؟؟

لم يعد هناك ما يؤهل أم مريم لتمدّ ابنتها الضعيفة المريضة بقوة، وفاقد الشيئ كيف يعطيه ؟!!

ويشاء الله عزّ وجلّ في عُلاه أن يسوق أم مريم إليه .... إلى كنفه ... إلى رحابه .... إلى دوائه ....

يشاء الله سبحانه، وهو الرحيم ألا يتركها، هي التي تفصح عن هذا وهي اليوم تبكي، تبكي نعم، ولكن ليس ككل بكائها أمس، ولا كعادة بكائها أمس، تبكي  اليوم....تبكي، تجهش بالبكاء..... وليت شعري ... ما أبعد بكاء عن بكاء ....! تجهش، تشهق، تغلبها الشهقة مع بكائها... ولكنها تغالب وتحكي، تغالب وتفصح، تغالب وهي القوية القوية وتحكي .......وتحكي  emo (30):
تبكي وهي السعيدة، وهي المطمئنة، وهي التي ترى نفسها تطير وتحلّق ... ولا ترى نفسها تهوي وتغرق .......

نعم هي ذي أم مريم اليوم .....اليوم هي الأقوى ... هي التي تبكي وهي تقول: لقد كنت أرى مريم مثلها مثل كرسي في البيت، لا أراها تصلح للحياة، لا أراها إلا جمادا، إلا كائنا لا ينفعه أن أعتني به، لم أكن أشعر بوجودها، لم أكن آمل أن يتحسن حالها... أن تتبدّل ....لم أكن ألتفت إليها من بعد رحلات تعجّ بالعذاب والآلام والجراح والأوهام ... من بعد سقطات تهدينيها الحياة، تترا، الواحدة تلو الأخرى، لا تتأخر الواحدة فيها عن أختها .... تهدينيها في ساعات يقظتي كما في ساعات منامي، في ساعات الشمس الحارقة كما في ساعات البرد القارس ... في كل ساعة ....في كل ساعة...

أم مريم اليوم، التفتت لمريم، ونفضت قلبها من أتربة الآلام، أخذتها لطبيب يتابعها، طبيب نفساني، يتابع حالتها عن كثب، هي اليوم تسافر أسبوعيا لتأخذ مريومة للطبيب، تطبق معها برنامجا يمدّها به.
هي اليوم لا تقتنع أن تكون مريم في صف مدرسي مع أتراب لها، تشفق عليها المعلمة فتقبلها بينهم، وتشفق عليها فتسهّل تمريرها للصف الموالي في العام الموالي، لا لتتابع الدروس وتستوعب، وتنجح، لا بل لتساعدها نفسانيا على المخالطة ولتهيئ لها أنها المقبولة بين أترابها ....

لم تعد أم مريم تقتنع بذلك، لم تعد تسعى لأن تتعلم مريم ما لا تقدر عليه كما يقدر عليه أترابها، لم تعد تريد أن تغصبها على الفهم، لم تعد تقتنع بأن تضغط عليها لتكتب كلمة تكوّنها من مجموعة حروف صغيرة .... لم يعد ذلك مسعاها ...

لقد تنوّرت أم مريم، لقد اقتنعت أن عليها قطع شوط كبير، والمرور بمرحلة صعبة من التدريبات والبرامج التلقينية على تحسين مدارك مريم وفق برنامج علميّ مسطر، تحسين مداركها لتعيش حياتها أولا، لتفهم أبجديات الحياة أولا قبل أن تبحث عن تمدرسها في صفّ أول وثان، فمريم هذه حقيقتهان والاعتراف بحقيقة حالها هو الطريق للعلاج ....
لقد أصبحت صديقة لمريم ... أصبحت تكرّس جلّ يومها، إن لم يكن كله لها، تدرب لسانها على النطق بتمارين خاصة يمدها بها الطبيب .....

تحاورها، تأخذ وتعطي معها، تحكي لها .... تسمع لها، تراقب تعاملاتها، تراقب تطور حالتها .....، تضحك من فراستها حينا، وتفرح بنموّ ذكائها حينا آخر ....
لم تعد تيأس .... لم تعد تلقي بالا لما كانت من قبل تلقي له كل بالها .... لقد قررت أن تهتم بمريم، لقد أصبحت ترى بعين جديدة، من زاوية جديدة، من منطقة مضيئة جديدة لم تكن من قبل تعرف الإطلال منها .... emo (30):

إنها اليوم سعيدة .... سعيدة بمريم وقد أصبحت تسيطر أخيرا على لعابها ... فتغلبه ولا تترك له الغلبة عليها..
لقد أصبحت سعيدة بمريم التي أصبحت تضحك وتفهم، وتستنتج .... لم تكن مريم من قبل قادرة على الاستنتاج .... هكذا قال لها الطبيب، أخبرها أن مريم ذات السنوات الثمان عقلها عقل ذوي الأربع ....
عقلها لا يحسن الاستنتاج وإعطاء الخلاصة .......

ولكنها اليوم تستنتج .... ولكنها اليوم، تدقق الملاحظة، وتحكي ما لاحظت، وتعطي خلاصتها ..... نعم مريم اليوم تنجح  ::)smile:

تجهش أم مريم باكية وهي تقول : لم أكن أرى مريم إلا شيئا بين الأشياء .... لم أكن أرى الرحمة المهداة لي من الرحمان الرحيم في مريم .... مريم اليوم كل حياتي، مريم بها ومعها تعلمت كيف ألجأ لربي .... تعلمت كيف أجد ملجئي .... مريم بها وجدت ربي .... بها وجدت ربي .....
مريم بها أحببت ساعة الفجر، وصرت أقوم لأصليه .... كم كنت قبلها غافلة عن تلك الساعة الأثيرة .... كم كنت قبلها في غفلة ..... كم كنت أندب الحظ والأيام .... كم كنت لا أفهم معنى الابتلاء ....

كم كنت عمياء عن رحمة الله بي بمريم، كم غفلت عن حكمته من أخذه كل من حملت في أحشائي، وإبقائه لي مريم .... يااااااه كنت أبكي خيرا يعمّني

كم تعست ذات يوم وأنا وزوجي عائدان من عند الطبيب وقد أخبرني أن عقل مريم عقل الأربع سنوات .... كم اسودت الدنيا في ناظري وحلكت وأنا أناجي ربي باكية في طريق العودة ..... أن يا ربي أتراه غضبك مني؟ أتراه سخطك علي؟ أتراه بعدي عنك ؟؟؟

إني أرى مريم اليوم زورقا جمييييلا جمييييلا يأخذني لدنياي الجميلة ... لدنياي البهيّة .... أراها زورقا ينتشلني من الغرق .....ليأخذني إلى ربي .....

تقول : ياااه كم كان لمن آذاني من فضل .......... فلقد خلت الدنيا أمامي ولم أعد أجد لي ظهيرا، فطفقت أبحث عن ربي ...... حتى وجدت ربي .....
إنني سعيدة .....سعيدة وقد وجدت ربي ....

سألته سبحانه باكية: إلهي أرني آية تؤنسني بها أنك عني غير غضبان، غير غضبان عني يا ربي وقد أخذتني الأوهام وضعف نفسي إلى غيرك في ساعة شدتي وبلائي أبحث عندهم عن شفائي ....

وأراه اليوم يرينيها في مريم ....اليوم وقد عدت من عند الطبيب وهو متعجب مستغرب يلتفت إلي ليسألني : سيدتي أخبريني بالله عليك .... ماذا فعلتِ لمريم ؟؟ إنها معجزة في مقياس الطب، أن تتطور حالتها خلال ثمانية شهور بهذا الشكل المذهل ....!!
إنني وكل سنوات خبرتي وعملي أقف عاجزا أمام تفسير ما آلت إليه حال مريم في وقت قياسي .... إن الدواء الذي وصفته لها وإن أعطيتها منه أضعافا لم يكن ليكون السبب ....!!
أخبريني بالله عليك ..... إن تطورها يعجزني يذهلني ....!!

ساعتها غلبتني دموع فرحتي، ولكنني ما غفلت عن إجابته ..... : إنه الله يا دكتور، إنها إرادته، إنها يده، إنه كرمه .....

نعم قد أجابني ربي .... أشعر أنه استجاب دعائي وأنا الضعيفة، أشعر أنه أسعدني سبحانه، وبيّن لي أنه عني غير غضبان، أنه يقبلني في رحابه .....

قال الطبيب: اليوم مريم هي في سنها، نعم إن مريم اليوم بعد شهور ثمانية بنت ثمان سنوات ......

ياااااه يالكرمك يا الله ....!! حينما سمعت مقالة التي حكت عن عبد الله بن الزبير، ابن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهم ....حينما سمعتها تقول أنه الذي بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن سبع سنوات، وبايعه الرسول صلى الله عليه وسلم مبتسما.... عندها كم تمنيت لو أن الله سبحانه يمنّ عليّ فأعلم مريم الصلاة، كما يعلَّمَ الصلاةَ أبناء السبع ....!! كم رجوتها من الله في قلبي، وأنا أعلم أن مريم عقلها عقل ذي السنوات الأربع .....

في الأسوبع ذاته .... أزور الطبيب ليخبرني أن مريم تبلغ اليوم من العمر ثمان سنوات ........... يااااااه يا الله كم عظيم هو كرمك .... ليكوننّ أول ما أفعله فور خروجي من عند الطبيب شراء لبس الصلاة لمريم ... أسعد بها وهي إلى جانبي تصلي ....أعلمها ، فتقلدني ....

وأبو مريم اليوم .... إنه أبو مريم الذي أفاقت أم مريم فإذا لين معه، وصبر عليه وتقرّب منه قد بدّله هو الآخر ... وأصبح زوجها المحبّ الذي يعيش لمريم ولأم مريم .... هو اليوم يشاركها رحاب الله ....... نعم لقد أصبح لمريم من القوة  ما أخذت به بيد زوجها إلى تلك الرحاب .... فهو اليوم معها رجل آخر ....

تعود فتقول : لقد وجدت ربي ....وجدت ربي ... وبإيجاد ربي، وجدت كل سعادتي .... emo (30):
« آخر تحرير: 2013-06-12, 17:46:09 بواسطة حازرلي أسماء »
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل ابنة جبل النار

  • شباب إيجابي
  • ***
  • مشاركة: 618
  • الجنس: أنثى
رد: حكايات من واقع الحياة ....
« رد #2 في: 2013-06-12, 17:50:39 »
اقتباس
تعود فتقول : لقد وجدت ربي ....وجدت ربي ... وبإيجاد ربي، وجدت كل سعادتي .

جزاك الله خيرا ....
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن ﻻ إله إﻻ أنت أستغفرك وأتوب إليك[/co

غير متصل أم عبد الله

  • شباب نشيط
  • **
  • مشاركة: 413
رد: حكايات من واقع الحياة ....
« رد #3 في: 2013-06-12, 21:15:45 »
ياه! أخذتني كلماتك يا أسماء لعوالم لا يعلم بها إلا الله!

كم آلمتني البداية, وفرحت أيما فرح بالنهاية.. سبحان ربنا الرحيم الحليم.. ويعفو عن كثير
لا, لم ألُم أم مريم, لأني ربما لو كنت محلها لأصابني مثل ما أصابها أو أكثر
فأنا أعلم ضعفي , ولا أسأل المولى إلا العافية من الابتلاء والشدة
ونعم ألوم المجتمع الذي نحن فيه ولا يرحم

اللهم أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة
 
« آخر تحرير: 2013-06-13, 01:35:41 بواسطة أم عبد الله »

غير متصل سلمى أمين

  • أحلى شباب
  • *****
  • مشاركة: 2671
  • الجنس: أنثى
  • و مالنا ألّا نتوكل على الله، وقد هدانا سُبلَنا ..
رد: حكايات من واقع الحياة ....
« رد #4 في: 2013-06-13, 00:41:56 »
ابتسامة هادئة جداً يا اسماء ..

أتعلمين ما هو الوطن يا صفيّة ؟

- الوطن هو ألّا يكون هذا كلَّه .. [/

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6545
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: حكايات من واقع الحياة ....
« رد #5 في: 2013-06-13, 08:54:12 »
جزاكنّ الله خيرا أخواتي، وبارك فيكنّ .
نعم يا زبادي حينما ننظر لابتلاءات كثير من الناس، نرى أنفسنا في نعمة لم نعرف كيف نقدّرها، فنستصغر أنفسنا ونحن نتذمّر من توافه . نعم الأمر يستحق ابتسامة هادئة جدا . emo (30):

ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15899
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: حكايات من واقع الحياة ....
« رد #6 في: 2013-06-13, 19:18:44 »
راااائعة هذه القصة يا أسماء

بل أكثر من راااائعة

جزاك الله خيرا كثيرا يا أسماء

وأسأل الله تعالى ان يرزقنا الرضى ويرضى عنا وعن أولادنا وأحبابنا
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل سيفتاب

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 7766
  • الجنس: أنثى
  • إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ
رد: حكايات من واقع الحياة ....
« رد #7 في: 2013-06-14, 03:09:49 »
اللهم آمين يا هادية


رائعة فعلا

يا الله كم هي صعبة وممحصة هذه الابتلاءات

اللهم اجعلنا عبيد إحسان
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ
وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6545
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: حكايات من واقع الحياة ....
« رد #8 في: 2013-06-14, 17:57:39 »
آمين يا هادية، آمين يا سيفتاب. emo (30):

أم مريم في دربها الذي ذكرت، ولله الحمد والمنة والفضل، emo (30):وبإذن الله تعالى آتيكم بورد جديد من ورود دربها، جعلنا الله وإياكم من الذين يتعلمون ما يرضي ربنا عنا . كم نحن بحاجة لأن نتعلم من كثيرين حولنا، قد لا نراهم لوهلة أنهم أهل لأن نتعلم منهم، من نظرة سريعة ومن حكم على المظهر متسرع قد نسجله قرارا فيهم وتقريرا في حالهم، بينما قد يؤدي بنا التسرع في حكمنا عليهم إلى حرمان أنفسنا من خير كبير نتعلمه منهم . نسأل الله أن يعلمنا كيف نتأنى فلا نسارع بالأحكام وإصدارها وتقريرها حتى لا يحرمنا سبحانه من خير ينفعنا.
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15899
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: حكايات من واقع الحياة ....
« رد #9 في: 2013-06-14, 19:40:50 »
أحسنت يا أسماء

أحسنت فعلا

غفر الله لنا زلاتنا..

ذكرتني بحديث شريف:
 قَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ: قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ:
أَلَا أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ قُلْتُ بَلَى.
 قَالَ: هَذِهِ الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ ، أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: إِنِّي أُصْرَعُ ، وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ. فَادْعُ اللَّهَ لِي.
 قَالَ: إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ.
 فَقَالَتْ: أَصْبِرُ. فَقَالَتْ: إِنِّي أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ لَا أَتَكَشَّفَ. فَدَعَا لَهَا"
متفق عليه

كم من امرأة سوداء او بيضاء، ضعيفة او قوية .. نراها ولا نلقي لها بالا.. لاننا لا نعلم بما ابتلاها الله تعالى به، فلا نعلم انها من اهل الجنة
وقد يحسب احدنا انه يفوقها علما او فهما او تربية او خدمة للدعوة او الاسلام..
لهذا دوما ما أقول : الحمد لله انه لم يوكل حسابنا لأحد غيره


*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6545
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: حكايات من واقع الحياة ....
« رد #10 في: 2013-06-15, 10:46:33 »
أحسنت يا أسماء

أحسنت فعلا

غفر الله لنا زلاتنا..

ذكرتني بحديث شريف:
 قَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ: قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ:
أَلَا أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ قُلْتُ بَلَى.
 قَالَ: هَذِهِ الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ ، أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: إِنِّي أُصْرَعُ ، وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ. فَادْعُ اللَّهَ لِي.
 قَالَ: إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ.
 فَقَالَتْ: أَصْبِرُ. فَقَالَتْ: إِنِّي أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ لَا أَتَكَشَّفَ. فَدَعَا لَهَا"
متفق عليه

كم من امرأة سوداء او بيضاء، ضعيفة او قوية .. نراها ولا نلقي لها بالا.. لاننا لا نعلم بما ابتلاها الله تعالى به، فلا نعلم انها من اهل الجنة
وقد يحسب احدنا انه يفوقها علما او فهما او تربية او خدمة للدعوة او الاسلام..
لهذا دوما ما أقول : الحمد لله انه لم يوكل حسابنا لأحد غيره




نعم الحمد لله أن ربنا هو من سيحاسبنا، سبحانه ينظر بعين رحمته وحكمته. هادية لو سمحت ما معنى "أصرع وأتكشف" ؟
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15899
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: حكايات من واقع الحياة ....
« رد #11 في: 2013-06-15, 11:27:48 »
أصرع: أصاب بالصرع .. وهو المرض المعروف
أتكشف: انها اثناء غيابها عن الوعي في نوبة الصرع، ونتيجة التشنجات التي تصيبها، تتكشف بعض مناطق من جسمها لانزياح الملابس عنها او تمزقها وهي لا تشعر

فهذه المرأة العظيمة،  رضيت ان تتحمل آلام المرض، مقابل ان يكون ثمنا لدخولها الجنة، لكنها لحرصها على الستر، طلبت فقط ألا يتكشف شيء من جسمها اثناء النوبات التي تعتريها، من شدة حيائها وتقواها .. سبحان الله
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6545
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: حكايات من واقع الحياة ....
« رد #12 في: 2013-06-18, 09:28:26 »
أصرع: أصاب بالصرع .. وهو المرض المعروف
أتكشف: انها اثناء غيابها عن الوعي في نوبة الصرع، ونتيجة التشنجات التي تصيبها، تتكشف بعض مناطق من جسمها لانزياح الملابس عنها او تمزقها وهي لا تشعر

فهذه المرأة العظيمة،  رضيت ان تتحمل آلام المرض، مقابل ان يكون ثمنا لدخولها الجنة، لكنها لحرصها على الستر، طلبت فقط ألا يتكشف شيء من جسمها اثناء النوبات التي تعتريها، من شدة حيائها وتقواها .. سبحان الله


جزاك الله خيرا كثيرا، وعلمنا الله ما ينفعنا ممن ينفعنا
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل زينب الباحثة

  • أحلى شباب
  • *****
  • مشاركة: 1938
  • الجنس: أنثى
  • إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم
رد: حكايات من واقع الحياة ....
« رد #13 في: 2013-06-18, 13:45:32 »
ررررااااائعة يا اسماء
وأسلوبك القصصي راائع
بارك الله فيك وفي ام مريم
« آخر تحرير: 2013-10-28, 13:01:01 بواسطة زينب الباحثة »

غير متصل أحمد عبد ربه

  • شباب إيجابي
  • ***
  • مشاركة: 791
  • الجنس: ذكر
رد: حكايات من واقع الحياة ....
« رد #14 في: 2013-06-19, 22:51:17 »


يا الله .. !

ما أكرمك بعبادك و أرحمك بهم

اغفر لنا يا رب.

أثرت في هذه المشاهد الواقعية والله .. حتى لكدت أن أبي من الفرح !

الحمد لك ربي وحدك


شكرا .. أستاذة أسماء

ذكرتنا بالكريم سبحانه .
أحمق .. من ترك يقين ما في نفسه ، لظن ما عند الناس !

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15899
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: حكايات من واقع الحياة ....
« رد #15 في: 2013-06-19, 23:33:04 »
ررررااااائعة يا اسماك
وأسلوبك القصصي راائع
بارك الله فيك وفي ام مريم

مين أسماك؟؟ :emoti_138:
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6545
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: حكايات من واقع الحياة ....
« رد #16 في: 2013-09-22, 09:44:46 »
لو رأيته لرأيت شباب اليوم بصيحات اليوم، وبصخب اليوم على كل ملامحهم ...!
لو رأيته لعرفت من شعره آخر موضات مَشْطه،وإعلاء أجزاء منه وكأنها اللاقطات الهوائية تلتقط كل أنواع الذبذبات المنتشرة في الأجواء ...!

لو رأيته لقلت عنه: يا حسرتَى على شبابنا وهو التائه الضائع الضاحك اللاهي اللاعب.... ويغفل أنه بعمره يلهو ...
لعرفت فيه لامبالاتهم، وضحكاتهم المتعالية، وأصواتهم التي يدّعون بها الرجولة من بعد خشونة فيها لم تكن قبل سنوات قليلة ...
لعرفت فيه استهتار الشباب وتشدّقه بجوّال ذي سمّاعة، تراه بها في الشارع وكأنه المجنون الذي يكلم نفسه وهو يكلم غيره ...!!

لو رأيته لتحسرت على حال الأمة، ولأطلقت زفرة قوية تحمل فيما تحمل همّا متراكما وحسرة لا يكاد ينطفئ سُعارها، وآهة مكتومة تود لو أنها وجدت مراحا لتخرج  وتنفذ عساها تنفّس عن النفس شيئا من خنقتها ....

لو رأيته لقلت فيما قلت: .... آه من شباب لاهٍ... آه من زهرات الأمة تذبل قبل أوانها، وتُعلن أن رياض الأمة اليوم وبساتينها بساتين أزهار ذابلة...!!
ما أن تونع حتى تذوي... فلم يعد لبساتينها من زهو كان فيما كان، ولا نضارة لزهراتها كانت فيما كانت ... بل كلما تذكرت ما كان جادت عينك وتشوّق قلبك فدعوت ربّك أن يكشف الغمة وأن يخرج من الأصلاب والأرحام من ينقذ رياض الأمة وينعشها ويحيي مَواتها .... ويعيد للزهر ألوانه الزاهية ...!!

نعم إنه واحد منهم .... ليس الغريب عنهم، ربما رمقتَه فإذا ضحكته الهستيرية غير المنتظمة قد انطلقت تفصح عن ضياع، وتساوي الغث عنده بالسمين، والحلو بالمر، والحق بالباطل .... تفصح عن التقاء كل المتناقضات في نفسه، وتعايشها فيها تعايشا يقتل معنى السموّ فيها ....

ولكن .........!! آه ولكن...

ربما لو رأيته لوددت أنك لم ترَه .... لأنك مللت وسئمت، وتعبت من رؤيتك لأحوالهم .... ومن معاينتك لاتباعهم كل ناعق... ونبذهم لكل أصيل من أصلهم وحقيقة هويتهم ...

ربما لو رأيته وكنتَ في حالة من حزنك العميق، ومن ضعف نفسك التي تتململ بين الأمل واليأس والاختناق لما حولها من هول وهول شرقا وغربا... لربما لم تجد في نفسك بقايا من صبر ومن سعة، فدعوت عليه دعوة أن يخلّص الله الأمة منه ومن أمثاله .....وربما لم يكن خلاص الأمة ساعتها أهمّ عندك من خلاص نفسك من حزنها وضيق بها يكاد يأتي على أنفاسها ...!!

ربما لو رأيته ولم تكن حينها في أناة من أمر نفسك، وفي روية من معالجتها بالصبر والحكمة والحق، وبتذكر ضعفك ودورك أيضا مع الأدوار فيما آلت إليه حال الأمة، وأنك واحد من الجماعة ولست فردا فريدا فذا قد فعل  كل ما عليه، ولم يبقِ من كرم فعله شيئا، ولم يدّخر من جهده شيئا إلا بذله ....
ربما وأنت لم تتذكر أنك منهم، وأنّ اللوم والعتاب والتحسّر والتذمّر "قدْ" يُهضم منك ويستساغ وأنت على التقدير الأقل عملت شيئا، وبذلت جهدا، وما بخلت بما تملك من شمع تستضيئ به وتضيئ شيئا من تلك العتمة التي لم تعد تطيقها، وتنشد مشكاة... كوّةً في حائط من الحيطان الخرِبة تحتضن الزجاج والمصباح....!!

ربما لو رأيته وهو يبدو الواثق من حاله، الواثق من كلامه، الواثق من فِعاله... والتي لا تَنبتُ ولا تزرع.... لضربت كفا بكف ولقلت: ما أهلكنا إلا أمثالك... وما أضعفنا إلا استهتارك... وما جعلنا لقمة سائغة إلا خُيلاؤك بالخواء تحسبه العَمار... وزهوّك بالآلة يصنعونها من ترابك ونشتريها كمن يشتري ما لَه بمالِه ...! نشتريها كمن يشتري عزّه بذلّه وهوانه .... نشتريها كما نشتري لعبة لقاء دين بعناه، وأرض بعناها .... وأي بيع وأي ربح وأي تجارة خاسرة ساحقة ماحقة !!!

لو رأيته.... لربما غفلتَ فيما تغفل ...-وكم تغفل وتظنّ بنفسك كل النباهة- عن أب وأم ...!!! وعن دور لهما ميت لا حِراك له ولا حياة ولا روح.... إلا من اسم وعنوان "أب وأم"   كما يبقى اسم الميت من بعد موته يتداوله الناس وبه يذكرونه... بل لعلهم يذكرون مع الاسم الفِعال الطيبة والخصال التي بها يُحمَد حتى بعد مماته.... أما اسم لهذَيْن فهو اسم .... لا يعدو أن يكون اسما وعنوانا عريضا لمقال او نص فارغ بلا حروف، بلا نقاط !!

نسيتَ ربما ونسيتُ معك في غمرة كل هذا، في غمرة ضيق أنفسنا بالحال، وغفلة أنفسنا عن ضعف أنفسنا مع ضعفهم، أنّ الله الرحمن الرحيم، لا ينساهم من رحمته، ولو تُرك أمر البشر للبشر لما رحمهوهم، بل لانهال يلقي بعضهم باللائمة على بعض، ويعزو كل ضعف وكل ذلّة وكل صغار في الأمة لمَن ظهر وبدا ضعفه وانحرافه.... وننسى أنّ من خفايا المتذمّرين أنفسهم ما يشيب له الوِلدان، ولكنّ الفرق أن هذا يطفو حاله، وذاك حاله خفيّ لا يُدرى شيء عنه ....

نسيتَ ربما يا مَن رأيته، وتراه أنّنا ونحن حاملو الهمّ، والمغتمّون به قد نكون سببا فيما نحن فيه، ولو أننا جمعنا أنفسنا مع مَن نجمع في الملامة لوجدنا حلا أقرب، ولما تكبرّت أنفسنا عن ذنب قد يكون في ذاك بيّنا وهو فينا الخفيّ المتخفّي .....!! بل ربما ما خفي فينا كان أعظم...

أجل إنّ رحمته سبحانه لا تنساهم وإن نسيناهم وعددناهم هَملا ....

في ليلة ليلاء من ليالي ذلك الشاب والناس نِيام .... والشاب يظنّ أن الكل قد غطّ في نوم عميق، وأن نوافذ الجيران مغلّقة، وأن سكون الليل وهدوءه كفيل بأن يخبّئ سرّه وأوجاعه التي تخفى عن عين كل من رآه كما قد تراه وأراه....ولكنها عن عين الرحمان الرحيم لا تخفى ....

ونافذة بين نوافذ بيوت الجيران، لم توصَد عن آخرها، بل ترك منها متنفّس لبعض الهواء من خنقة حرارة لا تُحتمل.... والجار على سرير غرفته ممدّد، والنوم ليس من حظّ الناس كلهم في وقت واحد، فهو أيضا قسمة، وحظوظ، وأوقات !!
والأذن إذ صاحبها منتبه على فراشه، ينتظر أن يأخذه النوم على حين غرّة، يخرجه من دنياه إلى عالم آخر ....يهيّئ له نفسه مُنْبِيهِ عن استسلامه له كل الاستسلام إذا ما قارب جفونه....الأذن وصاحبها هذه حاله منتبهة مثلما هو منتبه ....

وذلك الشاب يحدّث بحديث مسموع، يظنّه لا يُسمع....
يحدّث أحدهم عبر جواله بين غدوّ ورواح، يمشّط الزّقاق الذي فيه بيته كما فيه نافذة جاره غير المغلّقة...
ومع الحديث ذي الشجون بدأ صوت نحيب له يعلو ...
نحيب مَن غدا طفلا يشكو بثه وهمّه وحزنه لأقرب الناس إليه .... "ماما أنا ضائع".... "ماما أنا الليلة أبيت خارج البيت، في العراء" .... "ماما حبيبتي اشتقت إليك "..... بكاء حار .... حار... حار... حرارة تلك الليلة التي يأبى النوم أن يزور فيها جفون الجار المستلقي على فراشه....

"ماما اشتقت إليك وإلى أختي ...مرّريها لي أريد سماع صوتها" .... وما أن يسمع صوتها حتى يجهش باكيا، وتخنقه دموعه، فتكلمها عَبَراته الخانقة ......
ويغدو ويروح مع ذرات تراب ذلك الزقاق التي تكاد تئنّ لحاله، وترقّ له .....!

يعرفه الجار.... إنه هُو ....هُو .... ذلك الشاب الذي ما أن يراه مَن يراه حتى يقول عنه ما يقول ......

ياااااه أتُراهم الناس بأسرار وأوجاع وأشجان وآلام حتى وإن رأينا منهم الثغر الذي يكاد يتقطّع من ضحك هستيري .... !!

هكذا كان لسان حال ذلك الجار.... الذي بكى لبكائه.... الذي تعلّم في ليلته تلك وقد جافاه النوم ،أنّ الله هو الرحيم بعباده ... أنه سبحانه لا يترك كل عباده من رحمته ....
وآه ثم آه لو تُرك أمر البشر للبشر، لما رحم البشر البشر، ولرأوا من ظاهر الحال ما ينفّر ويدعو للنفور وللتفلسف في أسباب النفور، ولتحميل الوِزر كل الوِزر الغير لا النفس مع الغير... والنفس تخبّئ الآلام التي يعلمها الذي يعلم ما تخفي الصدور.... فيرحمها سبحانه .... ويأخذ بأيديهم وهو يعلم ضعفهم .....

"ماما حبيبتي لا أريد أن أقطع عنك أولا.... اقطعي أنتِ  "..... باكيا.... منتحبا.... يغلبه البكاء ..... ويغالبه هو ليبثها آلامه وضعفه الذي لا يظهره لغيرها .....!!

إنها قد  تركت بيت الزوجية من مراهَقَات زوجها اللّعوب إلى حيث بيت أبيها مع بنتَيْها .... تاركة خلفها هذا الشاب الذي لم يتجاوز السابعة عشر أو الثامنة عشر، كان لصيقا بأخته الصغرى، يحبّها، يدلّلها، ترافقه هنا وهناك، يمازحها، يسعدها... يشتري لها ما تشتهي وكأنه أب لها والأب لاهٍ في مراهقاته !!
نعم أذكر كثيرا من هذا فيه .....!! أذكره ...

ياااه ليتنا ونحن نلوم ونتحسر، ونتذمّر ونكره مَن هذا مظهرُهم، نتذكر أنهم بشر وأنّ فيهم من خيريّة البشر ما قد لا يكون فينا، وأنّ الله الرحيم يعلم ما يضنيهم ويسمعهم فيرحمهم....
فله الحمد سبحانه أن لم يكِل أمر بشر لبشر وإلا لما عرفنا إلا الكلام والحديث وذكر السيئات قبل الحسنات .... !! الحمد لله الذي إذ خلقهم رحمهم، ورحم ضعفهم، وعلم ما ظهر من حالهم وما خفي، فهو يتولاهم، ولا يعدّهم دون البشر ....!

ياااه... ليتنا نبحث عن الحسن بين أكوام السوء الذي نراه .... ليتنا نعزو ما نراه لأسبابه الحقيقة حتى لا نرى المظلوم ظالما ....ليتنا لا نعتدّ بأنفسنا فنرانا خيرا منهم .... لا تدري لعلّ الله يُحدث فيهم أمرا لرقة يعلمها في دواخلهم، ولطيبة خفيّة تستتر بظاهر من أمر لأعيننا، وما أن تتفجّر حتى تُحدث الخير كل الخير....خير قد لا نجده نحن من أنفسنا .... فوَيْح أنفسنا متى تتعلّم ....!!
« آخر تحرير: 2013-09-22, 09:53:41 بواسطة حازرلي أسماء »
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل ابنة جبل النار

  • شباب إيجابي
  • ***
  • مشاركة: 618
  • الجنس: أنثى
رد: حكايات من واقع الحياة ....
« رد #17 في: 2013-09-22, 13:32:00 »
فويح أنفسنا متى نتعلم ؟!
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن ﻻ إله إﻻ أنت أستغفرك وأتوب إليك[/co

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15899
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: حكايات من واقع الحياة ....
« رد #18 في: 2013-09-22, 14:42:54 »
كثيرا ما تكون المظاهر خداعة بالفعل

*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل زينب الباحثة

  • أحلى شباب
  • *****
  • مشاركة: 1938
  • الجنس: أنثى
  • إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم
رد: حكايات من واقع الحياة ....
« رد #19 في: 2013-10-28, 13:00:05 »
تذكرت حديث:
 إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم