المحرر موضوع: زجل على النار.. "ع المحاريق" خاطرة فوق الأدب والسياسة  (زيارة 4573 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

أحمد

  • زائر

المحاريق.. ورقة من تاريخ دعوتنا
 

 
إبراهيم منير
 
بقلم: إبراهيم منير
 


هل تتشابه بعض أوراقنا؟

بعد أربع سنوات مضت على حادث ميدان المنشية بمدينة الإسكندرية، والذي قال النظام العسكري المصري عنه أنه محاولة من جماعة الإخوان المسلمين لاغتيال قائد الثورة وزعيمها، وبعد أن استنفد "سجن جناح" أغراضه، أو على وجه الدقة فشل في هدفه، ومع توالي التقارير التي تؤكد هذا الفشل، قرر النظام العسكري تغييره إلى ما يظن أنه أسوأ منه وأشد وطأةً على المجموعة التي اختارها من بين من صدرت عليهم أحكام المحاكم العسكرية، وتم سوقهم إلى مختلف سجون مصر، وأراد هو أن يلقي بهذه المجموعة في هذه البقعة من الصحراء الغربية في منطقة الواحات الخارجة، والتي تصل فيها درجة الحرارة صيفًا في الظل إلى أكثر من خمسين درجة مئوية، وفي الشتاء تتدنى إلى ما تحت الصفر، وما كان يدري عنها أحد شيئًا غير أفراد من سلاح الحدود التابع للجيش المصري لقربها من مسارات الحدود مع السودان؛ حيث طرق التنقل وقوافل الجمال ودروب التهريب.

 

وشاء الله سبحانه وتعالى أن تشهد هذه الأرض القاحلة التي انتثرت فيها خيام أسرى النظام، تحيط بهم أسلاك شائكة لا تمنع عواصف الرمال الساخنة ولا رياح الشتاء الباردة، ولا الأفاعي والعقارب في هذه الصحراء الموحشة؛ ما أراده الله عزَّ وجلَّ لها من قرآنٍ يُتلى، وصلوات تقام، وحلقات ذكر وتكبير وتهليل.. فقد شهدت أيضًا دروسًا تميزت بها تلك المحنة التي ما كان أحد يتصور متى تنفرج كُرُبها إلا الله عزَّ وجلَّ، ولا يدري كيف تنتهي إلا هو سبحانه.

 

وبعد هذه السنوات الأربع، وفي أواخر عام 1958م تقرر إقامة سجن آخر في منطقة أخرى في هذه الصحراء تشبه باقي سجون الفرعون، ينتقل إليه مَن يصنفهم النظام بأنهم الأخطر، وفي منطقة لا تقل وحشةً عن منطقة "جناح" واسمها "المحاريق" وهي منطقة استخدمها الاحتلال البريطاني لمصر في أوائل القرن الماضي لتكون منفى زعماء حركة التحرر.

 

انقطاع أسباب الأرض

أربع سنوات مضت تمت فيها أحداث جسام بالنسبة لجماعة الإخوان المسلمين، وأحداث أخرى أكثر جسامةً بالنسبة لمصر وللنظام ولتوجُّهات الشعب المصري وثقافته، وبمقارنة سريعة واستحضار تصور ومشاعر وأحداث هذه السنوات والتي انقضى عليها أكثر من نصف قرن؛ يدرك المرء حجم المحنة التي مرَّت بالجماعة، وكيف استطاعت- بفضل الله عزَّ وجلَّ وحده- الثّبات والتّمسك بما رأته أنه الحق، والصورة باختصار شديد وبمقارنة بين موقف جماعة الإخوان المسلمين وموقف النظام يمكن تصور المعنى المقصود كالآتي:

1- تمت مطاردة كل أفراد الجماعة باستثناء من سحره مجموعة الضباط بأقوالهم المعسولة، وأصبح الإخوان الفاعلون وأعضاء الهيئة التأسيسية ومكتب الإرشاد بين شهيد وطريد وسجين، في الوقت الذي استولى فيه الخصم على الدولة بكل مقدراتها.

 

2- العنف الذي مارسه الخصم على الجماعة لم يكن متصوَّرًا ولا مسبوقًا، وحتى لو صدق القول بأن بعض عناصر الجستابو النازي اللاجئين إلى مصر بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية قد ساهموا في هذا العنف ووسائله المبتكرة؛ فإنَّ واقع الحال التاريخي هو أن بعض المصريين ممن عملوا في أجهزة الأمن والسجون والبعض ممن كان في رأس السلطة قد باشر بنفسه أنواعًا من التعذيب لا يستطيع السرد الورقي وصفه، وبعضهم كان يجمع بين تعذيب الإخوان وسفك دمائهم وبين الصلاة!! وكأن جماعة الإخوان المسلمين هي فعلاً كما صورتها الماكينة الإعلامية لمجلس قيادة الثورة هم أعداء الله ورسوله، وكان بعضهم يتمسّح بقول الله تبارك وتعالى: ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ﴾ (النساء: من الآية 59) لتبرير عمله الذي يتضمن هتك أعراض الناس، والجلد في غير حد، والقتل في غير قصاص، وهذا هو ما كان يحاولون به خداع أنفسهم.

 

3- ما كان فرد في جماعة الإخوان المسلمين يتصور أن ينحاز الأزهر ومجموعة كبيرة من العلماء الرسميين إلى جانب مجموعة الضباط الشباب بهذه الصورة الفاحشة، رغم هزلية المحكمة العسكرية التي رأسها (قائد النجاح) جمال سالم، وسخريته من سورة الفاتحة في القرآن الكريم.

 

4- كما أن تأثير السحر الذي أصاب الساحة الداخلية والساحات الخارجية- العربية على الأقل- كان عجيبًا، فلم يعد في مصر بعد أحداث عام 1954م صوت يجرؤ على المعارضة، وأصبحت المعارضة العربية في الخارج محاصرة متَّهمة، وفي موقف الدفاع المستمر.

 

5- بدأت فكرة القومية العربية- والتي لا يختلف معها فكر جماعة الإخوان المسلمين- تزحف تحت دعاوى متعددة متباعدة عن الدين، مع نزعة فرعونية في الداخل؛ ليزاحما فكرة الوحدة الإسلامية ودعائمها التي توارى دعاتها أيضًا ولاذ بعضهم بالصمت المطبق، رغم وجود أصوات ماركسية ظلت تنادي بأممية ماركسية لم تتأثر باعتقال أعضاء بعض التنظيمات الشيوعية ومطاردتهم، والذين كانوا وهم داخل السجون يشعرون بوجود الظهير لهم في "الكرملين"، ومن الأحزاب الشيوعية واليسارية المنتشرة في العالم، وفي أوروبا، وفي فرنسا بشكلٍ واضحٍ وصريح.

 

6- برزت فكرة الحياد الإيجابي وإيجاد كتلة دولية تقف بين المعسكرين المتنافسين في العالم، وظهرت شخصيات دولية مثل "سوكارنو" و"نهرو" و"تيتو" أعطت لجمال عبد الناصر من بريقها الكثير.. وتوالت المؤتمرات: باندونج، ونيودلهي، وبلجراد؛ لتعطي النظام في مصر ورئيسه حجمًا دوليًّا ساعده في زيادة الضغط على المعارضين في الداخل وفي المنطقة العربية.

 

7- حدث إعلان تأميم قناة السويس، والذي أخذ حيزًا إعلاميًّا كبيرًا جاءت بعده أحداث عام 1956م (العدوان الثلاثي)، وإخراج النظام في صورة المنتصر، والبطل الذي هزم ثلاث دول (بريطانيا العظمى، فرنسا، الكيان الصهيوني) هزيمة كاسحة، خصوصًا وقد تم إيهام الشعب المصري والشعوب العربية أن سيناء قد تحررت تمامًا، وأن قطاع غزة قد عاد إلى سابق عهده بقواه الوطنية وقوى المقاومة الشعبية فيه، ولم يتصور أحد حجم الصفقات التي تمت لإيقاف الحرب؛ مثل فتح خليج العقبة أمام الكيان الصهيوني، وما جناه هذا الكيان من مكاسب عسكرية واقتصادية وسياسية بسبب هذا الفتح، وأن سيناء قد عادت ولكن منزوعة السلاح بقوات أمن محدودة، وأن قطاع غزة قد تم تجريده من أي قوى مقاومة، وتتضح الصورة الحقيقية تمامًا بعد أحد عشر عامًا في حرب الساعات الست 1967م.

 

8- انتفاش صورة البطل، واختفاء أي صوت معارض، واعتياد الخروج على القانون والشرع أيضًا؛ دفعه كل ذلك لارتكاب مجزرة ليمان طرة عام 1957م، والتي استُشهد فيها اثنان وعشرون أخًا بالرصاص داخل الزنازين ردًّا على انضمام جماعة الإخوان المسلمين في الأردن إلى القوى الوطنية التي تصدت لانقلاب اللواء علي أبو نوار قائد الجيش الأردني وقتها والمتحالف مع رأس النظام في مصر.

 

9- جاءت الوحدة مع سوريا التي حملها إلى القاهرة مجموعة من الضباط السوريين في فبراير 1958م، وتسليم القيادة السياسية السورية بالأمر الواقع، ورضا شكري القوتلي- الرئيس السوري وقتها- بلَقَب "المواطن الأول" إيثارًا للسلامة، ثم حجم الدعاية الضخم، مع سعي الإمام البدر في اليمن إلى الانضمام إليها؛ إلى زيادة انتفاش النظام في مصر.

 

10- كانت المحنة فعلاً وخلال هذه السنوات الأربع غير مسبوقة، ويمكن تسميتها بمحنة قطع الأعناق والأرزاق، وهكذا أرادها مجموعة الضباط الذين استولوا على الحكم- هم ومَن معهم، ومن وراءهم- وظنوا أنهم عن طريقها قد قضوا على جماعة الإخوان المسلمين في مصر وإلى الأبد، فأربع سنوات مضت كانت مع قطع الرواتب ومصادرة الأموال وإغلاق محال الرزق، ومطاردة واعتقال وقتل- نعم وقتل- من أراد من أفراد الجماعة الذين نجوا من الاعتقالات الأولى في عام 1954م العمل على كفالة أسر المعتقلين على الرغم من ضآلة الموارد المالية، فمعظمهم كانوا من طلاب المراحل الجامعية والثانوية، أو من أصحاب الأعمال البسيطة والدخول القليلة من صغار أهل الريف.

 

لم تكن سنوات سهلة وخصوصًا على مجموعة "سجن جناح" الذين انقطعت عن بعضهم أخبار عوائلهم؛ لاستحالة سفر بعضهم إلى هذا المكان.. رهبًا ومرضًا وضيق ذات اليد.. لتنتهي السنوات الأربع 1954م- 1958م إلى صورة تدفع القانطين والمتعجلين والمنهزمين من كل أطياف المعارضة خارج السجون، ومن بعض أفراد الجماعة داخل السجون وخارجها؛ إلى التسليم، كما قال أحدهم بتعبير فيه ما فيه من اليأس والاستسلام بعد سيطرة شخص واحد على مصر كلها وتَقَزُّم من حوله ممن كانوا معه سواء: إن جمال عبد الناصر قَدَرٌ، ولا يملك أحد أن يقف أمام القدر، وليقول آخر: إن جماعة الإخوان المسلمين قد انقطعت بهم أسباب الأرض.

 

ميراث "جناح"

لم تكن سنوات سهلة على أفراد الجماعة في كل السجون، وما حدث في السجن الحربي ثم في ليمان طره عام 1957م كاد أن يتكرر في باقي السجون (جناح، بني سويف، أسيوط)، لولا قدر الله- عزَّ وجلَّ- الذي هيَّأ بعض مَن يظنه الناس أوهى من خيوط العنكبوت، وتحسَّب له النظام بشدة لأمر أخطأ فيه الحساب والتقدير.. ولم تذهب دماء شهداء ليمان طره هدرًا ولا دماء من سبقوهم، وكانت بفضل الله عزَّ وجلَّ رباطًا عجيبًا زاد الإخوان التصاقًا بجماعتهم، كما ازدادوا قناعةً بصحة موقفهم من مجموعة الضباط الذين استولوا على الحكم، ففي داخل السجون، وخصوصًا في "سجن جناح" ومع وجود شريحة كبيرة من قيادات الجماعة وأعضاء مكتب الإرشاد ومسئولي المناطق ومسئولين عن النظام الخاص، فقد كان يقين الجميع وبلا استثناء أن الجماعة بريئة تمامًا من تدبير حادث المنشية في الإسكندرية، وأنه لو كانت رواية هؤلاء الضباط صحيحة فإن الأمر لا يعدو عن كونه تصرفًا فرديًّا من الأخ "هنداوي دوير" خروجًا عن الالتزام وبعيدًا عن الجماعة، دُفع إليه بطريقةٍ غير معروفة، وتمت متابعته عن طريق عناصر متصلة بجمال عبد الناصر، وتُرك ليأخذ مجراه المرسوم، والقبض على محمود عبد اللطيف وسط جماهير الحضور في الميدان، ثم تتكفل السجون التي كانت مُعَدَّة مع قوائم المعتقلين، والتي بدأت بعد الحادث بساعات، وإجراءات التعذيب والمحاكمات الهزلية بإتمام باقي الصورة لتحقيق الهدف المطلوب، ومع ذلك فقد كان هذا احتمال تولَّد لدى البعض دون يقين بسبب ما قاله "هنداوي دوير" لهم في لقاءات خاطفة في السجن الحربي قبل إعدامه، وكذلك عدم معرفة أي مسئول في النظام الخاص بهذا الحادث، ومنهم المهندس محمد سليم مصطفى- يرحمه الله- الذي كان مسئول النظام الخاص في الإسكندرية، والذي أكد أنه وإخوانه كانوا كفيلين بتنفيذ أي أمر لا يتعارض مع شرع الله الواضح البين يصدر إليهم، وأنهم أيضًا فوجئوا بهذا الحادث بأدائه الهزلي تمثيلاً وإخراجًا، المخالف لتوجُّهات الجماعة، التي يعرفها كل العاملين، وبقي ثابتًا لدى الجميع أن هذا الحادث قد استبق وأجهض تحرُّكًا شعبيًّا كانت الجماعة تستعد له على غرار ما حدث في فبراير 1954م للضغط على الضباط للعودة إلى ثكناتهم وإعطاء الشعب حريته، وما اجتمع عليه يقين الجميع هو الرضاء بقدر الله، وأخْذ الأمر على أنه محنة جديدة تدخلها الجماعة، وأنها صورة من صور الابتلاء، وعلى الجميع أن يتحصن بأسباب الثبات فيها مع العمل على إغلاق منافذ شياطين الإنس والجن حفاظًا على طهارة الفكرة ووحدة الصف، وكان الفهم المشترك بين الجميع يتضمن نقاطًا لا خلاف عليها:

1- أننا لسنا بغاة ولا خوارج، وأن خلافنا مع مجموعة الضباط دار حول ما نراه موافقًا لشرع الله ومصلحة الوطن ومصالح العباد.

 

2- أن أي عمل بشري أو اجتهاد في مواقف الخلاف لا بد أن يشوبه أخطاء، ويبقى موقف الجماعة المُعلن الصادر عن مؤسساتها الشرعية هو الأساس الذي يتحاكم إليه الجميع.

 

3- أن التدافع السياسي لا يجب أن ينسينا الأصل في عملنا الذي بايعنا الله عليه وهو أننا دعاة إلى الله نستظل بشرعه وبالأخوة فيه والتمسك بجماعة نرى أن وجودها فريضة شرعية.

 

4- أن غلبة الخصم لا تعني أنه على الحق، كما لا تعني أننا كنا على ضلال، وأن مهمة الداعية وهو في الأغلال ليست أثقل عليه مما لو كان حرًّا طليقًا يتحرك، وأن الإخوة جميعًا مطالبون أمام الله- سبحانه وتعالى- بالالتزام عمليًّا بما تعلموه من دينهم (قرآن ربهم، وأحاديث نبيهم) وكانوا يُعلِّمونه للناس عن سنة الابتلاء، وما تتطلبه من صبر ومصابرة ورباط في سبيل الله، مع الرضا الكامل بقضاء الله والاستبشار الدائم بنصر الله وتأييده واليقين بـ﴿..إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6)﴾ (الشرح)، وكان الرأي الغالب أن الجماعة الآن تجري عليها أحكام الجهاد والمواجهة وما تتطلبه من تكاليف شرعية كالثبات يوم الزحف، مع اعتبار الرخصة الشرعية واعتمادها لبعض من لا تسمح ظروفهم بالالتزام بهذه الأحكام دون الإخلال بأمانات الدعوة والأخوة "المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يُسلِمه، ولا يخذله".

 

5- الفهم السليم للدعوة إلى الله يقتضي الثبات الكامل على ما يعتقده الداعية أنه الصحيح في دين الله وسلامة التصور والعقيدة، وأن واجب الوقت في هذه المحنة هو الثبات على كامل الفهم والتصور دون الرضوخ لما يريده الخصم من الموافقة على ما كان يقال وقتها تحت عنوان: (دع ما لقيصر لقيصر.. وما لله لله)، حتى لو فنيت أعمار الإخوان كلهم وهم في السجون إلى أن يأذن الله بجيلٍ يستلم الراية، يعطيه ثبات الإخوان دفعًا للعمل وحميةً للإسلام، وكان معنى أصحاب الأخدود دائمًا يرسم لدى الإخوة معالم النصر للمؤمنين غير تلك التي يراها غيرهم.

 

6- ضرورة الاستفادة من درس محاولة الوقيعة التي قام بها جمال عبد الناصر- كواحد ممن بايعوا الإمام حسن البنا- بين صفوف الجماعة حين عمل على إقناع بعض من بايع الإمام وتربى على يديه وصاحبه ومرّ بمحنة 1948م.. بأنه أحق بقيادة الجماعة من المرشد الدخيل عليها الأستاذ حسن الهضيبي- يرحمه الله رحمة واسعة- وبأن هذا الأخ ومَن يوافقونه الرأي هم من يمثلون حقيقة دعوة الإخوان ومشروعها الإصلاحي للدين والدنيا، وأنه- أي جمال عبد الناصر- على استعداد كامل للتعاون مع الجماعة إذا تم إبعاد الأستاذ حسن الهضيبي مع بعض الإخوة المتعسفين معه عن قيادة الجماعة، وتوهمت هذه المجموعة للأسف الشديد من سحره أنها كذلك، وانتهى الأمر بهم إلى الهجوم على المركز العام للجماعة مرةً، واقتحام الشقة السكنية لفضيلة المرشد الصابر المجاهد مرةً أخرى لإجباره على الاستقالة، مع ما انهمر من بعضهم من سيل كتابات ومواقف وصلت إلى حدِّ حضور المحاكمة الهزلية لجمال سالم ضد إخوانهم الذين ظهرت عليهم بصورة واضحة آثار التعذيب، وللحقيقة والتاريخ فقد راجعت هذه المجموعة مواقفها بعد أن تبيَّن لها ما لم تكن تدركه، وزال عنها أثر سحر فرعون.

 

7- أن مسارعة الإخوان أثناء معركة الاعتداء الثلاثي على مصر إلى إرسال رسائل إلى نظام الحكم باستعداد الجميع للمشاركة في رد هذا الاعتداء كواجب شرعي وواجب وطني، والتعهد بعودة مَن يبقى حيًّا إلى قيد السجن مرةً أخرى؛ لا يعني تأييدًا مطلقًا لنظام الحكم ونهجه، وهذا ما أجمع عليه الإخوان في كل السجون.

 

8- أعراف السجون المتعارف عليها منذ زمن طويل جرت على أن يُفرز من كل مجموعة مسجونين واحد تفرضه الأقدمية أو أطول مدة محكومية أو الفتوة أو واسطة مؤثرة عن طريق إدارة السجن؛ ويكون هذا المسجون هو الصلة مع الإدارة والمعبِّر عن المجموعة التي يعيش معها (ورش العمل- فرق تكسير الأحجار- الطابق السكني..)، وكذلك جرى الأمر مع الإخوان المسجونين في كل السجون، وإنما عن طريق اختيار كل مجموعة لأحدهم ممن يرى فيه إخوانه القدرة على التصرف والتواصل والتعبير الدقيق والملتزم لرغبات إخوانه وآرائهم.. وجاء هذا العرف متوافقًا مع نهج الجماعة في نظامها المعتمد على أسس شرعية يعلمها كل أخ بالضرورة، ويكاد الخروج عليها يعتبر خروجًا عن الالتزام والانضباط المطلوبَيْن من كل الإخوة.

 

9- تَوَافُق الجميع على أن من طبائع البشر الاختلاف، وأننا كجماعة بشرية لا يمكن أن نكون كلنا نسخة واحدة، والأصل فينا كدعاة إلى الله بايعناه سبحانه، وهتفنا بما ارتضته الجماعة لها من شعار: (الله غايتنا.. والقرآن دستورنا)؛ أن نلتزم جميعًا بأخلاقيات الإيمان والإسلام، وكيف ندير الاختلاف بيننا مع الحفاظ على ثوابت الأخوة في سبيل الله من سعة الصدر، والتماس العذر، وتوقير الكبير وأصحاب السبق والثبات، وأصحاب الفضل والوفاء بالعهد، وصون العرض، والتمسك بالقسط.. وهي أخلاقيات يطالب الدعاة غيرهم من الناس بالالتزام بها، وأولى بالدعاة أنفسهم الالتزام بها أولاً.. ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الكِتَابَ﴾ (البقرة: من الآية 44).

 

قواعد لا تختص بها جماعة الإخوان المسلمين وحدها، ولكنها قواعد عامة شرعية مفروضة، على أي عامل للإسلام أن يلتزم بها تحت أي ظرف.. في السراء أو في الضراء.. في فترة الاضطهاد أو العافية؛ ليكون قدوة لغيره، يتعلمون منه ويسيرون على نهجه، ولعل هذا ما عناه الإمام الشهيد حسن البنا عندما حدد مهمة الجماعة في كلمات قليلة: "روح تسري في قلب هذه الأمة فتحييها بالقرآن الكريم".

 

ومع كل ذلك، ومع عدم إنكاره من أحد، ولظروف المحنة والمفارقة الصعبة بين وضع الجماعة والنظام بعد هذه الأربع سنوات؛ فقد بدأ البعض في تجاوز بعض هذه القواعد عندما نادى بضرورة فتح نقاش حول أخطاء الجماعة ومساءلة من تسبب في تداعيات المحنة التي نتجت عن التعامل مع أعضاء مجلس قيادة الثورة ومع جمال عبد الناصر تحديدًا، وحول مسئولية الأستاذ حسن الهضيبي شخصيًّا في الموضوع، وفي فتح باب الحديث في مثل هذه الأمور، وفي ظروف الأسر والسجن التي تتوالى فيها الأسئلة أحيانًا بلا جواب مكتمل؛ تتضخم السلبيات، وتتقزم الإيجابيات، وتفسد القلوب، خصوصًا إذا تسرب الهوى إلى بعضها، وتم اتخاذها وسيلة إلى التحرر من ربقة الجماعة؛ تلمُّسًا للعافية بعيدًا عن المحنة.

 

ومع الحديث عن سلبيات العمل السياسي كان هناك حديث من فريق آخر عن أداء الجماعة في مجالات التربية ونشر الدعوة، والمفاضلة بين البقاء في السجن أو الخروج لمواصلة هذه المهمة المقدسة.. ولم تكن عيون وآذان إدارة السجن غافلة عما يحدث، وتم التقاط الخيط وشده وجذبه، وحدث ما كان متوقعًا من نُذُر فتنة تزيد المحنةَ ثِقَلاً، فحسمت الجماعة أمرها بإغلاق هذه النقاشات الجدلية، وإلزام الإخوان بالإقبال على العبادة والذكر، وهو ما لم يُرْضِ البعضَ الذي لوحت له الإدارة بأمر الإفراج إذا تقدَّم بكتابة ورقة لا تتعدى أسطرًا قليلة يتبرأ فيها من الجماعة، ويعلن تأييده للرئيس، ثم جاءت أوامر الإفراج عنهم فعلاً متزامنة مع أوامر أخرى بإغلاق "سجن جناح"، وترحيل كل المجموعة إلى "سجن المحاريق"؛ لتكون المحنة أشد وطأة عليهم، وبدأ الاستعداد للرحيل مع فتنة جديدة أطلت برأسها، وهي فتنة التأييد التي بدأت الإدارة تضيف إليها شيئًا آخرَ وهو البَوْحُ عن ما لدى الجماعة من أخبار وأسرار؛ لتُشكِّل الصورةُ كلها جزءًا من ميراث "سجن جناح"، مع قصيدة جديدة باللغة العامية سجلها الشاعر الداعية الأخ سعد سرور- يرحمه الله- قال فيها:

ع المحاريق ع المحاريق

ع المحاريق ع المحاريق          ربك بكره يفك الضيق

ع المحاريق ع المحاريق

والله رجعنا للزنازين           اوعى تكون مهموم وحزين

شد العزم وقول يا مُعين

لف النمرة ويالاَّ قوَام           واتْقَل واصبر ع الأيام

وابقى في وقت الحق جريء

ع المحاريق ع المحاريق

تلبس أزرق أو دَمُّور          تلبس بَفْتَه أو كَسْتُور

ما يهمكش ما دام مستور

تعمل إيه بحرير أو خِيش          أهي سُتْرة وَاهِي لقمة عيش

والحَبْسه ما فيهاش تزويق

ع المحاريق ع المحاريق

أمر المؤمن خير على طول          مهما الشدة تزيد وتطول

واوعى يكون قلبك مشغول

سلِّمها لله ترتاح               وفي إيده هو المفتاح

يفتح لك من أي طريق

ع المحاريق ع المحاريق

اطَّمِّن واسأل مولاك            كُونْ وَيَّاه هيكون وياك

وبفضله دايمًا يرعاك

الزم بابه ليل ونهار               هوه العدل والجبار

بيسجِّل وحسابه دقيق

ع المحاريق ع المحاريق

 

جينا المحاريق

كوحش وقف يزأر في غابة على أشلاء فريسته.. فتجاوبت معه باقي الذئاب وأكلةُ لحوم المَيْتة حتى ولو كانت من فصيلتها.. وبدأت كواسر الطير ترفرف حول الفريسة؛ لتنال منها ما يُشبعها.. وحتى الضعاف حول الوحش والخائفين منه بدءوا ترانيم الجنازة إشعارًا له بتفرده ونعيًا لفريسةٍ لم تعرف جحور السلامة ولا مسالك الهرب.

 

هكذا كانت الصورة بعد الأربع سنوات الأولى من المحنة.. فجماعة الإخوان المسلمين في نظر الخصم قد انتهت، وأصبح إعلامه يزأر في كل لحظة ومع كل تصريح يخرج منه يهاجم فيه "الرجعية" التي أصبحت بعد ذلك "المحظورة"، وينذرها بالزوال، ويبشر بالفكر الجديد القادم إلى الأرض ليعيدها إلى جذورها بعد أن انقطعت الصلة بهذه الجذور منذ عهد الفراعنة، باعتباره (أي عبد الناصر) أول مصري يحكم البلاد منذ ذلك التاريخ السحيق.

 

وانهال سيل الكتابات والدراسات، وكأن التاريخ قد قال كلمته وانتهت فعلاً جماعة الإخوان المسلمين، حتى جاء على لسان أحدهم وصف من اصطف إلى جانب قيادة الجماعة ومرشدها حسن الهضيبي وغابوا في القبور أو زنازين السجون: "لا هم بررة أتقياء ولا فجرة أقوياء.. تخلت عنهم أسباب الأرض، وانقطعت بهم أسباب السماء".

 

خلفية قاسية بالتأكيد تلك التي صاحبت سَوْق الإخوان من "سجن جناح" إلى "سجن المحاريق" ومعهم مجموعات أخرى مختارة من باقي السجون، كان من بينهم وعلى رأسهم شخصية متفردة لم تشهد مصر في تاريخها مثلها، وهو الأستاذ عبد العزيز عطية- يرحمه الله رحمة واسعة- عضو مكتب الإرشاد وقتها.. وقبلها بسنوات طوال كان أستاذًا ومعلِّمًا لتلميذٍ رأى فيه في صباه نجابةً وتميُّزًا، فتابعه إلى أن أنهى مراحله الدراسية، وبشَّر بدعوته، فتقدَّم إليه وبايعه ليفخر كل منهما بصاحبه.. الأستاذ بتلميذه حسن البنا الذي أصبح مرشدًا للجماعة، والتلميذ المرشد بأستاذ رَضِيَ بأن يكون جنديًّا بعد أن تجردت نفسه من هواها ولحق بركب دعوة لا تقبل من أفرادها إلا أن تكتمل في نفوسهم أركانٌ عشر يأتي التجرد في المرتبة الثامنة منها، وهي: (الفهم، الإخلاص، العمل، الجهاد، التضحية، الطاعة، الثبات، التجرد، الأخوة، الثقة)، وهي ما بايع عليه هذا العالم المعلِّمُ الجليل تلميذَه السابق.. وكذلك كل أخٍ صغير أو كبير؛ لتتشكل جماعة الإخوان المسلمين بتفردها وتميزها.

 

وكأي عمل تحكمه بيروقراطية وارتجال وغطرسة الأوامر العسكرية؛ فقد التأم الجمع في "سجن المحاريق" دون أن تكتمل مرافقه.. ودون أن تكتمل قوة الحراسة المطلوبة له، وحمل كل جمع من الإخوان من مختلف السجون معه- وكما حدث مع إخوة "سجن جناح"- ميراث الأربع سنوات الماضية، ومعها الفتنة التي أطلت برأسها "فتنة التأييد" الذي فقد غطاء المطالبة بإصلاح الجماعة من داخلها، ومحاسبة المسئولين، والبحث عن ثغرات التقصير، ومن كان الأحقَّ بمنصب الإرشاد؟.. إلى آخر ما كان يُطرح من مقولات لتغطية حقيقة المقصد، والذي هو هدم أركان البيعة وما التقى عليه الجميع.

 

وفي أول يوم جمعة من أيام هذا التجمع، وقبل أن تُتِمَّ الإدارة الجديدة للسجن ترتيباتها، وقبل وصول الحملة الأمنية من القاهرة بقيادة اللواء إسماعيل همت المعروف بقسوته واعتياده الخروج عن كل شرع وقانون، يساعده مجموعة من أمثاله، منهم العميد البشلاوي، والمقدم ضياء سالم، وعندما حان وقت الظهر؛ أذَّن الإخوان لصلاة الجمعة على رمال السجن وبين عنابره، وتقدم الشيخ الجليل أحمد شريت عضو مكتب الإرشاد ليؤُمَّ المصلين من إخوان وغيرهم من حرس الحدود، وتعرض لقوله تبارك وتعالى: ﴿وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ (59)﴾ (الأنعام)، وأفاض هذا العالم المجاهد- الذي وافاه أجله في سجون الفرعون بعد أكثر من سبع عشرة سنة كاملة قضاها صابرًا محتسبًا بعد أن تم اعتقاله بقرار جمهوري عقب انتهاء مدة محكوميته، وكانت خمس عشرة سنة، ضاربًا المثل على الوفاء والجندية- وأطال في خطبته ناقلاً المصلِّين إلى رحابة عالم الغيب وشهوده بعيدًا عن تلك البقعة من الصحراء التي لا يدري عنها أحد شيئًا، وتحدَّث عن هناء العبد بالرضا، والتسليم بقضاء الله عز وجل، والأنس بجواره، والصدق معه.. وكان بكاءٌ من الجميع، حتى حرس الحدود، جدَّد العزمَ، وارتفع بالنفوس عن لعاعة الدنيا وتكبُّر المتكبرين الذين يظنون في كل وقت من تاريخ البشرية والرسالات والدعوات أنهم هم الذين يكتبون التاريخ، وهم الذين يطوون صفحاته حسب ما يريدون، وكان للأخ سعد سرور أيضا تكملة لقصيدته جاء فيها:

جينا المحاريق

جينا المحاريق في سبيل الله       ودا شيء مكتوب لازم نرضاه

جينا المحاريق

الساعه اتناشر نُصّ الليل          جه للإخوان أمر الترحيل

وبسرعه قوَام بدأ التعزيل    كان لسه الفجر ما بانش ضياه

جينا المحاريق

بصينا لقينا العربيات           نقلتنا هناك عشرات عشرات

ورفعنا أيدينا بالدعوات          واثقين بالوعد في نصر الله

جينا المحاريق

لقينا سجون أشكال وألوان     من قنا لاسيوط والمنيا كمان

قضينا زمان جوه الليمان       والبرش يا خويا هناك شلناه

جينا المحاريق

صَرَفُوا لْنَا سراير ولا بْرَاش    أهي زي لوكانده بلاش في بلاش

واتعشينا ما اتعشيناش           آهو كاس بيدور ياما شِرْبناه

جينا المحاريق

إن زاد الحَرّ ودمَّك فَارْ               اتذكر جنبه عذاب النار

وإن شفت القلب في يوم احتار        آيتين تقراهم هم دواه

جينا المحاريق

وحدث ما كان متوقَّعًا... فبعد حشر الإخوة في الزنازين الصماء وصلت إلى السجن القوة العسكرية المفروزة، وكانت تقتحم الزنازين بمدافعها الرشاشة وذخيرتها الحية، وهو أمر مخالف لكل قوانين السجون والمعتقلات؛ محاولة منها لإحداث هزة تدفع الجميع إلى بدايات شِرَاكِ التأييد والحديث عن الأخطاء والمسئوليات السابقة.. والمفاضلة بين البقاء في السجون أو الخروج إلى دنيا النظام، وأيهما أنفع لدعوة الله؟.. وما الضرر في أن ينضم الإخوان إلى التنظيم الأوحد الذي حل محل هيئة التحرير، وهو الاتحاد القومي الذي حل محله الاتحاد الاشتراكي، ثم حل محله حزب مصر، إلى أن جاء الوريث الأخير؛ الحزب الوطني الديمقراطي جدًّا!! وكأن الجماعة هي التي قتلت أفرادها في السجن الحربي، وهي التي افترت الكذب بحادثة المنشية، وهي التي وضعت الإخوان في السجون وقطعت الأعناق والأرزاق.. أو كأن كل ذلك كان لمصلحة الإسلام والوطن، وأن كل ما لقيصر ولغير قيصر في مصر قد أصبح خالصًا لله سبحانه وحده.. وأن حكم الفرد قد انتهى.

 

ومرة أخرى يغفل الظالمون عن معاني قوة الإيمان والعقيدة في نفوس المؤمنين، وعن واجب الوقت في كل مرحلة من مراحل الداعية (سجني خلوة ونفيي سياحة)، فكان التواصي بالثبات على الفهم الذي بايعنا الله عليه، والحفاظ على جماعة الإخوان المسلمين لتبقى صورتها الوضاءة دون خدش، والحذر من تزحزح المواقف، وما أطلق عليه الأستاذ عبد العزيز عطية- أستاذ الأستاذ حسن البنا- مقولة: "الزُحْلُوقة" وهي التي إذا وقف شخص على رأسها فمصيره الوصول إلى نهايتها، وكان مما قاله لأحد إخوانه عن هذه المرحلة أن أصحاب الدعوات والمبادئ لا يجوز لهم المناورة بها، وإلا يكونون كمن يمسك العصا من منتصفها للرقص.. وكانت مرحلة لم يستطع الصبر عليها إلا أفراد قلائل في سجن المحاريق وفي غيرها من السجون، بعضهم تلمس الرخصة في حدودها الشرعية، وبعض البعض أخرجوه منها بالكيد والإكراه، يغفر الله لنا ولهم جميعًا.

 

وتمر أيام السجون وسنونها إلى قرابة العشرين عامًا وهي تشهد صلاةً وقيامًا، وصيامًا وذكرًا لله عز وجل، وصبرًا ومصابرة، ورباطًا وموتًا في سبيل الله، وتشهد الجماعة عدة اعتقالات ومحاكمات منها "محاكمات 1965م"، ولم يقل أخ ممن ابتلاه الله سبحانه وتعالى بالمحنة أو ممن ظلَّ في القيد قرابة العقدين من الزمان- وهم الأغلبية الكاسحة، ويعدون بالآلاف- أن الإخوان قد أصبحوا ملائكةً، وأنهم يتميزون عن غيرهم من عباد الله، أو يَتِيهون بصبرهم على غيرهم.. ولكن شهد لهم الناس أنهم كانوا بفضله وحده وتثبيته وربطه على القلوب؛ بررة أتقياء.. أما التاريخ الذي جرى بقدره وحده سبحانه فقد أثبت أنهم ما تخلت عنهم أسباب الأرض ولا انقطعت بهم أسباب السماء.

 

واليوم وبعد نصف قرن من الزمان وزيادة سنة.. فهل حقًّا أن بعض أوراقنا تتشابه؟.. مجرد سؤال.

والحمد لله رب العالمين.
 

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15899
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
موضوع مهم

بارك الله بك
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*