المحرر موضوع: مذكّرات الطبيب  (زيارة 26956 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6545
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: مذكّرات الطبيب
« رد #40 في: 2011-11-29, 13:51:41 »
شكرًا لك يا سلمى..... المعنى أكبر بكثير من كل الحروف..... والقلم عيّ كل الإعياء........

لا تحف يا عبد الرؤوف، حمّله فهو يتحمّل ... أقلامنا نبض أحلامنا، وآهات آلامنا.... أقلامنا قلوبنا تمشي على ورق  emo (30):

بوركت يا عبد الرؤوف، متابعة لما تكتب، ولا تتصور كم أثرت بي كلمات كتبتها في موضوع "علم النفس الإسلامي" كم كانت نابضة ....!!
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل أبو دواة

  • شباب إيجابي
  • ***
  • مشاركة: 640
  • الجنس: ذكر
رد: مذكّرات الطبيب
« رد #41 في: 2011-11-29, 13:55:51 »
شكرًا لك يا سلمى..... المعنى أكبر بكثير من كل الحروف..... والقلم عيّ كل الإعياء........

لا تحف يا عبد الرؤوف، حمّله فهو يتحمّل ... أقلامنا نبض أحلامنا، وآهات آلامنا.... أقلامنا قلوبنا تمشي على ورق  emo (30):

بوركت يا عبد الرؤوف، متابعة لما تكتب، ولا تتصور كم أثرت بي كلمات كتبتها في موضوع "علم النفس الإسلامي" كم كانت نابضة ....!!

أخشى أن أكون قد أفسدته بخروجي عن لبّ الموضوع...... لهذا السبب توقّف بسرعة........

في النزهة الأخيرة الفارغة الممطرة المظلمة..... انطلق لساني بشكل غريب.... وتكلمت كثيرا..... وجاءت الكلمات منتظمة ورائعة... وقل أن يحدث هذا..... ولعل الأمر يتكرّر مع الكتابة أيضا.....

يا دولة الظلم امّحي وبيدي.........

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6545
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: مذكّرات الطبيب
« رد #42 في: 2011-11-29, 14:01:38 »
شكرًا لك يا سلمى..... المعنى أكبر بكثير من كل الحروف..... والقلم عيّ كل الإعياء........

لا تحف يا عبد الرؤوف، حمّله فهو يتحمّل ... أقلامنا نبض أحلامنا، وآهات آلامنا.... أقلامنا قلوبنا تمشي على ورق  emo (30):

بوركت يا عبد الرؤوف، متابعة لما تكتب، ولا تتصور كم أثرت بي كلمات كتبتها في موضوع "علم النفس الإسلامي" كم كانت نابضة ....!!

أخشى أن أكون قد أفسدته بخروجي عن لبّ الموضوع...... لهذا السبب توقّف بسرعة........

في النزهة الأخيرة الفارغة الممطرة المظلمة..... انطلق لساني بشكل غريب.... وتكلمت كثيرا..... وجاءت الكلمات منتظمة ورائعة... وقل أن يحدث هذا..... ولعل الأمر يتكرّر مع الكتابة أيضا.....


ومن قال أنك خرجت عنه، بل قد دلفتَ بابه الصحيح... وإنّي لأتعمّد تأجيله إلى حين الفراغ من شيء أقرأه عنه بإذن الله تعالى .

أنصحك أن تحتفظ بما كتبت هناك في موضوع وحده لئلا تضيع يا عبد الروف، فقد كانت  رائعة
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل أبو دواة

  • شباب إيجابي
  • ***
  • مشاركة: 640
  • الجنس: ذكر
رد: مذكّرات الطبيب
« رد #43 في: 2011-11-29, 14:02:46 »
شكرًا.. شكرًا جزيلًا......
  emo (30):

يا دولة الظلم امّحي وبيدي.........

غير متصل saaleh

  • شباب جديد
  • *
  • مشاركة: 67
  • الجنس: ذكر
رد: مذكّرات الطبيب
« رد #44 في: 2011-11-29, 17:23:38 »
أنهيت عملي في مستشفى الشيخ زايد....... وأنهاه صديقي أحمد عمر.......

أنا وأحمد تنويعتان على لحن واحد..... لحن الشباب الحالم العاجز المنكسر........

الوسواس والتردّد وجلد الذات وخيبة الأمل قواسم مشتركة بيني وبينه.... يتكلّم فأراني في لسانه.... وأبكي فيراه في دموعي..... دراستنا وحبّنا وميلادنا في بلاد غريبة ويأسنا من الاندماج مجددا في بلادنا........ كل هذه الأشياء جعلت أفكارنا قريبة جدا....... وفي الجو البارد واصطكاك الأسنان تمددت هذه الأفكار في أحضان الأمل الدافئ الهامس الكاذب.........

تكلمنا عن اليهود....... من وجهة النظر الهتلرية والمسيرية والقطبية....... وأفضنا........ اليهود من وجهة النظر المسيرية جماعة وظيفية....... وأنا وأحمد أبناء الجالية المصرية في البلاد البعيدة جماعة وظيفية.... المادة هي الشرعية الوحيدة للغريب في مغتربه..... يا للحسرة!

عن اليمين والشمال الدارات ومزارع النخيل....... وخلفها الصحراء والأهرام....... والليل المهيب.......

أخيرا أخذتنا القاهرة بين ذراعيها....... المحور ثم ميدان لبنان....... وفوق النيل...... والزمالك الغنية الرافلة في غناها........ ثم شارع رمسيس..... شارع الملكة نازلي...... ودار الشبان المسلمين..... حيث فاضت روح الإمام البنا....... ونقابة الصحفيين والمحامين....... والمدرسة اليسوعية..... ودار القضاء.......

نزلنا في الإسعاف....... ومشينا في شارع فؤاد الطويل الرحب....... وهناك على مرمى البصر حديقة الأزبكية وكلوت بك العابث.........

الليل والبرد والمطر والانتخابات في الصباح........ كلها دوافع نحو المكث في المنزل..... والعزوف عن الخروج...

الشوارع خاوية....... والماء على الأرض..... والظلام كثيف كأنّه سيلطّخ ملابسنا في النهاية.......

مشينا..... وتركنا وراءنا قاهرة الإفرنج....... وحول سور الجنينة ونادي السلاح وفي الطرقة الضيقة التي تمتلئ بالباعة المتسببين في الأيام العادية الخاوية الآن بعد أن غسلتها الأمطار من العيون الانتهازية والأيمان الكاذبة والفقر والضجيج........ جامع التوحيد مغلق والسبيل الذي يصطرع الناس لأجله في الأيام العادية..... ما من أحد يشرب في هذا الليل البارد......... ووقع الأقدام في الشارع الخالي وفي برك الماء الصغيرة.....

وميدان العتبة الواسع........ خاو هو الآخر.........

وشارع الأزهر الذي يتملئ في الأيام العادية بالبضاعة الرخيصة والألعاب النارية والأجهزة الكهربية والستائر....... كل المحال مغلقة الآن.....

أخيرا وصلنا الأزهر... المعمّر الألفيّ.... وجاوزنا الشارع إلى الحسين....... حيث المطاعم أفواه مفغورة..... والعود يحتضر..... والحواري القديمة العابقة برائحة التوابل والبخور.......

عدنا أدراجنا إلى المطعم....... وشربنا الحساء.......

وأخذتنا أفكارنا وآمالنا نحن الجيل الثاني في الغربة..... وخيبة أملنا في الرجعة........ وذكريات الرحيل السيئة..... حتى الإسعاف من جديد..... ومنها إلى محطة رمسيس........ تحدونا الأفكار......... شرّق أحمد إلى مدينة نصر...... وغرّبت أنا إلى إمبابة الفقيرة المنهكة....... أتلمس السبيل بين الباعة المتسببة وإضبارات صحف الصباح وباعة العصير....... كل الأشياء هنا أغلى لأننا في رمسيس....... بعيد محطة القطار....... القطار الذي سحقنا مرارا وغنى لنا مرات........

ما أحلاها

ما أحلاها..

 نعم.. هكذا يا عبده.. الآن عدت فأمسكت بطرف الخيط


 هيا لا تتردد...

غير متصل أبو دواة

  • شباب إيجابي
  • ***
  • مشاركة: 640
  • الجنس: ذكر
رد: مذكّرات الطبيب
« رد #45 في: 2011-11-29, 20:40:37 »
الآن انتهيتُ من حشو ضرسي......

منذ يومين حفره الطبيب ووضع فيه كلسًا وزنكًا...... واليوم نزع ما وضع..... وأبدله معدنًا فوق عازل من الكلس والزنك.......

ذكرتُ أبي كثيرًا....

حين كنّا في الصعيد....... وكانت لديه عيادة أسنان.. وهو ثاني طبيبي أسنان اثنين في الصعيد كله.... كان أبي يراوح بين الكرسيّ والخزانة..... ويأخذ من قنّينة صغيرة زئبقًا..... ويضيف إليه مسحوقًا في هاون من الزجاج........ ويخفق بقوّة......

حفّارة أبي بدائيّة للغاية..... وحفّارات اليوم أسرع بآلاف المرّات....... وقد أدرك أبي الحفّارات التي تدار بالرجل......

بعد حفر الضرس بآلة التعذيب..... ودون مخدّر لاعتبار أبي للألم..... واعتماده علامة على وخز العصب أو عدمه......

لم يكن لدى أبي ممرّضة جميلة...... ولا قفّازات....... ولا كمامات..... وطالما حرص مرضاه على وضع أسنان ذهبية وبلاتينية........

دارت الأرض أربعين سنة.... وأصبحتْ الأسنان الصناعية من البورسلين..... وأصبح زرعها أسهل........ بعد أن خرجتْ أسرار المهنة من يد كهنة قصر العيني.......

عيادة أبي وشقتنا كانتا ضمن طبقة واحدة من العمارة.......

وطالما احتال الناس للتمورجي...... فيجيئون بعد انصرافه للتهرّب من دفع الأجرة...... فأبي صاحب نفس أكبر من قبض الأجرات......
وإذا تأخروا أكثر....... ونام أبي كما ينام كل بني آدم....... تحسسوا خيط نور في بيتنا...... وعرفوا أن أحدا صاح....... وقذفوا النوافذ بالحجارة.....

"يا دكتور!...... يا دكتور عبد المجيد!...."

ولا يزال أبي ينصحني باتخاذ عيادة بعيدة عن سكني......... لله أبي!
« آخر تحرير: 2011-11-30, 12:43:11 بواسطة عبد الرؤوف النجولي »

يا دولة الظلم امّحي وبيدي.........

غير متصل أبو دواة

  • شباب إيجابي
  • ***
  • مشاركة: 640
  • الجنس: ذكر
رد: مذكّرات الطبيب
« رد #46 في: 2011-12-12, 17:28:05 »
أمس عرّجت على الشيخ زايد.....

كالعادة..... أخذتُ سيارة بعد الظهر بقليل...... لأبدأ نوبة بعد الظهر....... هناك في الغرب....... والصحراء مدّ البصر..... والهرمان الأكبران.... ومتحف مراكب الشمس...... والدّارات والمزارع.........

ثم في سيّارة أصغر إلى الحيّ الأوّل....... حيث المستشفى......

الباب الحديد أولا....... وغرفة المسعفين..... و... ما الأمر؟؟!!!!! أين الاستقبال؟؟؟!!!!!

ذهب فريق الاستقبال....... الطبيب المناوب والممتاز والممرضون إلى غرفة في الداخل..... لأن الاستقبال خاضع للتجديد.....

دهنتْ الحيطان بالزيت...... والموزاييك بمسحوق....... والأبواب.... دهنتْ بإهمال شديد....... ودون نزع أوراق الإعلانات..... وفوق الغبار وبقايا الدهان القديم...

الحوض تلطّخ بألوان عدّة من الدهان....... المرحاض لا زال يسرّب الماء..... ومقبض الباب لا زال غير صالح......

دفعتْ المستشفى سبعة آلاف جنيه مقابل هذه الجريمة البصرية....... طبعا معلوم جدّا هي في أيّ جيب الآن..... وحسبنا الله ونعم الوكيل.......

يا دولة الظلم امّحي وبيدي.........

غير متصل أبو دواة

  • شباب إيجابي
  • ***
  • مشاركة: 640
  • الجنس: ذكر
رد: مذكّرات الطبيب
« رد #47 في: 2011-12-15, 07:24:46 »
الدكتور س رجل أشقر.... قصير ونحيل... وأخنف....... ومصريّته مشوّهة..... اعتقدتُ في البدايّة أنّه مسيحيّ صعيديّ....... لكن عرفتُ في النهاية أنّه من فلسطين......

لا أذكر كيف أخذتْنا الكلمات إلى (الكتاب المقدّس)... وبدأ الطبيب يعدّ الجمل..... ويتبع العثرات...... وحكى لي قصّته مع الديانة المسيحية هو الطبيب المسلم.......

في سنوات الدراسة الجامعية في فلسطين...... حيث المستشفى والكنيسة وبينهما سور لا أكثر....... طالع الدكتور س (الكتاب المقدّس) وشارك في حوارات (البالتوك) بين المسلمين والمسيحيين....... وهي حوارات نارية..... فيها الحق المرّ....... وفيها الباطل الحاقد الجاهل......

في كنيسة البروتستانت استأذن الدكتور س ورفيقاه السادنة في حضور الصلاة...... وفرح القسّ كثيرًا بوجود ثلاثة من المسلمين وقدّمهم للحضور بوصفهم من المسلمين الذين صدفوا عن دينهم إلى دين المحبّة ومن واجب المسيحيين أن يشرحوا لهم أكثر ويفسحوا لهم في كنيستهم.......

اعتلى الدكتور منصته....... بينا أخفا صديقاه وجهيهما في أكفّهما........ وبدأ يعدّ المتناقضات.. ويسأل عن الأقانيم واللاهوت والناسوت........ إلخ..... وبعد أن لم يبق ولم يذر...... نزل والحضور كلهم يصفقون...... ليبدأ حوارا أطول مع القس لكن على الأرض..........

المعارك الناجحة نفسها تكررت في رحلاته وفي مصر وعلى الإنترنت........

كان أدبه واحترامه للطرف الآخر عاملا في نجاح هذه الحوارات التي تنتهي بانتصار حجته دوما.........

أحترم علمك يا دكتور س..... علمك الطبي وعلمك بعلوم أهل الكتاب ومحبتك لإسلامك........ أنت وجه مشرق للإسلام وفلسطين....
« آخر تحرير: 2011-12-15, 07:27:32 بواسطة عبد الرؤوف النجولي »

يا دولة الظلم امّحي وبيدي.........

غير متصل حلم

  • شباب منتج
  • ****
  • مشاركة: 1079
رد: مذكّرات الطبيب
« رد #48 في: 2011-12-15, 08:31:45 »
تسجيل متابعة .
لا إله إلا الله.

غير متصل أبو دواة

  • شباب إيجابي
  • ***
  • مشاركة: 640
  • الجنس: ذكر
رد: مذكّرات الطبيب
« رد #49 في: 2011-12-16, 15:06:52 »
الطبّ... كم ظلمتُ عمل الطبيب........

تغيّرت آرائي كثيرًا في الأيّام الأخيرة......

قضّيتُ الليلة الماضية في كشك العظام..... أطبّاء العظام بنظراتهم الساهمة وأيديهم المتّسخة بالجبس... وتذاكر الاستقبال والأشعّة المبعثرة في كلّ مكان....... لا وجود هنا للسمّاعة أو جهاز الضغط...... وكل تلك الأدوات التي يتسخدمها المنجّمون......

في الغرفة المجاورة...... عم عزيز بسجائره....... على الأرض عدد كبير من قلوب بكرات الجبس المستعملة.... وبين يديه طست الماء....... الجو خانق جدا.... والمرضى يصرخون دوما.........

أمس جاءت سيّدة تحمل طفلا أشقر جميلًا لديه إصابة في عظامه........ هو ابن الرجل الذي ظهرت صورته على شاشات التليفزيون...... وجيشنا الباسل يرمي جثّته في أكوام القمامة في ميدان التحرير في القاهرة........ تاركًا أمّا شابة وطفلا ملاكًا......

الحالات كثيرة....... والليل يمضى بسرعة مذهلة........

أكثر الحالات نتيجة انقلاب الدراجات النارية....... فشكرا للصين التي لا تفتح فقط بيوت تجار الموتوسيكلات ولكن أطباء العظام ومن حولهم أيضا.........

الأطباء الذين ظلمتهم كثيرا........ راقبتهم أمس يعزفون سيمفونية جميلة.......

طبيب العظام بقبضته يضغط على العظام ويحقق في الأشعة ويتنهد.........
وطبيب الأوعية بأنامله يتحسس النبض.....
والجراح يقيّم الحالة ويسمع النفس والقلب.........
وجراح التجميل يجرب حركة العضلات ويكشف عن وتر ما مقطوع........

أنتم رائعون أيها الأطباء....... حين يهجع الناس...... وتسهرون في الدماء والبكاء والدخان والشتائم.... أنتم رائعون...... وأنا أحب أن أكون رائعا مثلكم....... للأسف كتابتي تضعف كثيرا..... لكن لذة العمل معكم أجمل من لذة التحسر والسلبية والشعر المهزوم........

يا دولة الظلم امّحي وبيدي.........

غير متصل أسيرة الصفحات

  • شباب إيجابي
  • ***
  • مشاركة: 629
رد: مذكّرات الطبيب
« رد #50 في: 2011-12-17, 17:39:10 »
كيف لم تر الجمال في  مدينة الشيخ زايد , قد عشت شطرا من حياتي بين مدينتي السادس من أكتوبر و الشيخ زايد , لكني الآن للأسف لا أكاد أذكر الطريق إليها بعد سفري فترة طويلة, لكني أذكر الفضاء البعيد عن زحام القاهرة , أذكر كيف تعلو الأشجار بحرية ترفرف بوريقاتها محيية عابري السبيل الذين لا يعبؤون لها و لا يرونها , الهواء نظيف نظيف , و الجو في الليل منعش , كم افتقد هذا الجو , كم أفتقد ارض الصبا , و اللعب بدراجتي حول أحواض الزهور ... بل كم افتقد رحلتي اليوميه إلى جامعة القاهرة , و أركب كوبري المحور الذي يخترق الأراضي الزراعية الشاسعه , ليرينا بساطة الفلاح المستكين في سلام وسط ماشيته و أرضه و ساقيته , كم احببت مشهد الأرض , و مشهد النخل الذي يتناثر بكثرة على جانبي كوبري المحور , لكأنني الآن أركب السي تي إي , تلك الحافلة التي كانت تأخذني يوميا إلى الجامعه , فأرى الخضرة من حولي تحييني , و لكن بعد مرور الوقت , تبدأ الخضرة تتلاشى تدريجيا , لنفاجأ في النهاية في آخر جسر المحور بمنظر العشوائيات الفقيرة , التي تتقدمها رائحة القمامة الرهيب , و الناس ستزاحمون , يصدمون بأيديهم حافلتنا , يريدون الركوب , يقفزون على الأسوار , يركضون في كل صوب بعشوائيه كعشوائياتهم , ما أقسى الحياة عليهم
" .
نقطة.  "

غير متصل أبو دواة

  • شباب إيجابي
  • ***
  • مشاركة: 640
  • الجنس: ذكر
رد: مذكّرات الطبيب
« رد #51 في: 2011-12-19, 18:55:49 »
بل أحببتُ الشيخ زايد.... أحببتُ فيها السماء ذات النجوم..... حين تخبو نجوم القاهرة في وسخها....... وأحببتُ فيها الصمت....... حين يضيّع المرء ذاته في صخب القاهرة........

هوائيّتي تقتلني........ يوم للقاهرة ويوم عليها.........

في أسبوعين اجتاحني حبّ جارف للقاهرة....... للصخب والجلافة والفعل ورد الفعل والدم والدخان....... أعمل حتى العمى...... وأنام لأحلم بالعمل....... وبين نومتي وقومتي ندم على ما ضاع من عمري في التأمّل والقراءة وتحميل الأشياء فوق طاقتها.....

سعيد أنا بحروبي وانتصاراتي وطموحاتي ونفسي التي أكبّرها وأرى غيرها صغيرا....... وأجلدها وأرى آخر يعبدها......

راح النوم...... وراح الضجر...... وجاء العمل...... وجاءت الذات.......

جاءت الذات..... خفيفة بتلاشيها....... حازمة حين تجرح لتأسو...... مؤمنة حين يمحو الوجع وجودها الكاذب...... ويبني الأمل بكلتا يديه وجودًا أوقع وأعمق......

صدق رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-:
"إنّ من الذنوب ذنوبًا لا يكفّرها إلا السعي على الرزق"

يا دولة الظلم امّحي وبيدي.........

غير متصل أبو دواة

  • شباب إيجابي
  • ***
  • مشاركة: 640
  • الجنس: ذكر
رد: مذكّرات الطبيب
« رد #52 في: 2011-12-21, 16:08:28 »
سجى الليل على القاهرة....... والنوافذ عيون مفتوحة....... وبلادنا بعيدة....... بلادنا..... هناك..... حيث البرتقال والرز والمطر ورائحة التراب الرطب الجميلة........

أمس ناوبت في (الأطفال) مع وجه من بلادي ولسان من بلادي....... وذكرى طيّبة من بلادي.......

تذكّرت الجامعة.......وتضحيتي بدراسة واعدة في قصر العيني وعمل مميز في مستشفى قاهري لأجل أن أدرس في الأرياف....... حيث جوار بلادي الأغنّ.... السماء الواسعة القريبة..... والماء والخضرة والوجه الحسن........ والمستقبل العريض.......

أحبّك ربّي...... وأحبّ صنعك....
« آخر تحرير: 2011-12-21, 16:11:13 بواسطة عبد الرؤوف النجولي »

يا دولة الظلم امّحي وبيدي.........

غير متصل أبو دواة

  • شباب إيجابي
  • ***
  • مشاركة: 640
  • الجنس: ذكر
رد: مذكّرات الطبيب
« رد #53 في: 2011-12-21, 22:01:08 »
تجربة جديدة...... ربما من العيب حتى هذه السنّ المتقدّمة في الحياة الطبّيّة.......... تجربة شهود ولادة.......

لأنّ درجاتي أقلّ من المطلوب...... غالبًا ستكلّفني الوزارة العمل في الأرياف...... أريافنا لا زالت تعاني....... لا زالت تعوزها الكهربا والمياه والطرق الصالحة للسير في الشتاء والأمطار........ وبالطبع المستوى المقبول من الخدمة الطبّيّة في قرن الواحد والعشرين........

هناك يمكن للطبيب المتواضع الخبرة أن يكون إلهًا...... تمامًا كما صنع كابتن كوك بسكّان أسترالبا..... حين دخّن سيجارة قالوا إنسان خارق يطلق الدخان من نار في جوفه....... وحين دسّ يديه في سراويله وأخرجها قالوا يضع يديه في جوفه ولا يصيبه الأذى!!!!!!!!

هناك يعمل الطبيب الناشئ باطنيّا وجرّاحا ومولّدًا وكاهنًا.......

لذلك حاولتُ أن أطّلع ولو من بعيد...... على فرع لا أحبّه ولا أفكّر مطلقًا أن أشتغل به....... على طبّ النساء والتوليد........ لأنّ للظروف أحكامًا..... وللكهانة أحكامًا.........

كلّما تقدّمتُ خطوة في طبّ النساء أخذتني خطواتي أبعد عنهنّ......

الدراسة مقيئة جدّا....... بداية من الأسئلة ومرورًا بالفحص......... وحتى الولادة.......

في كشك الولادة نلبس بوطًا وبدلة بلاستيكيّتين....... ونرى ونشمّ ونلمس الأمصال والدماء والفضلات...... ونسمع صراخ الأمّ أوّلا والطفل آخرًا...... وذكر البطّ الكبير وهو يضع ملاحظات ويقول: "نو نو نو........ إنتو مش عارفين حاجة أصلًا......"....... والوجوه الباسمة التي اعتادت رؤية هذه الأشياء البشعة وأحبّتْها حبّا مطلقا......... الأطباء والقابلات والممرضات والعاملات.........

ومزقة اللحم التي ولدتْ للتوّ هذه........ هناك على خرقة خضراء....... الله أعلم أي شيء ستكون في المستقبل........

تجربة صعبة حقا....... نزعت حذائي وجريت من الغرفة ثم إلى الأسفل وحتى الشارع........... حيث الهواء ثم البيت........

سبحان الذي "يخرج الحيّ من الميّت ويخرج الميّت من الحيّ"...........

يا ربّ حِلمَك علينا!
« آخر تحرير: 2011-12-22, 18:52:16 بواسطة عبد الرؤوف النجولي »

يا دولة الظلم امّحي وبيدي.........

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15899
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: مذكّرات الطبيب
« رد #54 في: 2011-12-22, 09:25:30 »
ما أفظع هذا التصوير لأبدع عملية انتاج انسانية في الكون
عملية لا يمللك الانسان امامها الا ان يسبح بحمد الله الخالق القادر المبدع المصور ويشعر بالعجز التام وبالعبودية المطلقة



 :emoti_417:
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل أحمد سامي

  • شباب منتج
  • ****
  • مشاركة: 1258
  • حائط برلين لم يهدم عندنا حتى الان يعيش داخلنا
رد: مذكّرات الطبيب
« رد #55 في: 2011-12-22, 12:45:08 »
اريد أن اعرف لغز الماء المغلي الذي نراه في الأفلام
‏{‏لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا ()إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا‏}‏

غير متصل أبو دواة

  • شباب إيجابي
  • ***
  • مشاركة: 640
  • الجنس: ذكر
رد: مذكّرات الطبيب
« رد #56 في: 2011-12-22, 18:51:44 »
خالتي... الأمّ لا ترى شيئًا من كل هذه الأشياء....... فقط الألم...... وأي ألم!

الماء الساخن يا أحمد له دور في تسكين آلام الولادة بشكل أو بآخر........

يا دولة الظلم امّحي وبيدي.........

غير متصل أسيرة الصفحات

  • شباب إيجابي
  • ***
  • مشاركة: 629
رد: مذكّرات الطبيب
« رد #57 في: 2011-12-23, 11:53:13 »
هناك آلام لا يستطيع الطب أن يسكنها , و الماء الساخن إن كان له وظيفة فمن الأفضل إعطاؤه للأم لكي تصبه على رأس الأطباء و الممرضات
صدقوني ستشعر بتحسن كبير
" .
نقطة.  "

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15899
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: مذكّرات الطبيب
« رد #58 في: 2011-12-23, 21:11:06 »
هناك آلام لا يستطيع الطب أن يسكنها , و الماء الساخن إن كان له وظيفة فمن الأفضل إعطاؤه للأم لكي تصبه على رأس الأطباء و الممرضات
صدقوني ستشعر بتحسن كبير

 ::)smile:

إلحق نفسك يا نجولي
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل أبو دواة

  • شباب إيجابي
  • ***
  • مشاركة: 640
  • الجنس: ذكر
رد: مذكّرات الطبيب
« رد #59 في: 2011-12-23, 22:27:36 »
 emo (17):

يا دولة الظلم امّحي وبيدي.........