أيامنا الحلوة

الساحة الثقافية => :: مما قرأت :: => الموضوع حرر بواسطة: ماما هادية في 2008-10-06, 17:15:10

العنوان: ملخص كتاب "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2008-10-06, 17:15:10

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعزائي أعضاء منتدى أيامنا الحلوة  ::)smile:
أحببت –كمساعدة في حل مشكلة الثقافة- أن أتطوع بتقديم ملخص لكتاب قيم كل شهر بإذن الله تعالى
فأتمنى أن تقرؤوا معي وتتابعوني
ونتناقش ان اقتضى الامر في اي نقطة غامضة او غير مقنعة
وأتمنى أكثر ان يحذو بعضكم حذوي ويقدم لنا أيضا ملخصات، او على الأقل نبذات عن أفضل ما قرأه من كتب، لتتسع حصيلتنا الثقافية..  emo (30):

الكتاب الذي اخترته لكم هذا الشهر كتاب قيم جدا، لفت نظري لأنني كنت سابقا قد تكلمت عن نفس الموضوع (تطوعا مني، ودون ان أقرأ الكتاب ::happy:) لهذا فرحت به جدا، وفرحت أكثر عندما وجدت ان ما كنت كتبته في موضوعي (.اضغط هنا (http://www.ayamnal7lwa.net/forum/index.php?topic=940.msg10795#msg10795)) كان صحيحا  ::ok::  وموافقا لما جاء في كلام الاستاذ العظيم محمد قطب، نفعنا الله بعلمه وفكره النير وقلمه المعطاء


الكتاب الذي اخترناه هو:



حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية
لمحمد قطب


تابعونا
لطفاً يعني لا أمراً
 emo (30):
 
العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: سيفتاب في 2008-10-06, 17:18:45
 ::ok:: ::ok:: ::ok:: ::ok:: ::ok:: ::ok::
العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2008-10-06, 17:33:01

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يتحدث الكتاب عن ضرورة إعادة النظر في االعلوم الاجتماعية بسائر فروعها، التي تتعلق بدراسة واقع الإنسان، كعلم الاجتماع، والنفس، والاقتصاد، والتربية، وغيرها، وذلك من وجهة نظر إسلامية أصيلة، لأن هذه العلوم نشأت في الغرب في ظل ظروف خاصة بالقارة الأوروبية، هي ظروف الفصام النكد بين الدين والعلم، وبين الكنيسة والشعب، أسفرت عن عداء شديد بين الطرفين، ودفعت الشعب للثورة على كل ما هو دين أو خاضع للمفهوم الديني، من جملة ثورته على الاستبداد السياسي والظلم الاقتصادي، وظهرت نظريات عديدة في أوروبا في بداية عصر النهضة، تحاول تفسير الظواهر الإنسانية المختلفة، سواء الاجتماعية أو الاقتصادية أو النفسية بعيدا تماما عن أي ظل أو أثر للدين، فتخبطت وضلت، وتعامت عن كثير من الحقائق وحرفتها وشوهتها، فخرجت نظرياتها وتفسيراتها منحرفة وبعيدة عن الحقيقة بعدا شاسعا، ولا يمكن بحال ان تعمم على كافة الشعوب والأجيال والحقب التاريخية.

ولا ينكر الكاتب تطور الوسائل والادوات وأساليب البحث والتجارب العلمية والملاحظة وتسجيل النتائج الموجودة في هذه المناهج الغربية، بل ويدعو للاستفادة منها، ولكن ضمن الإطار الإسلامي المستنير بمنهج الله وشرع الله، وما عرفناه من خلال دين الله  من حقائق قطعية عن الكون والإنسان والحياة.


والكاتب يفرق بين التأصيل الإسلامي وبين أسلمة العلوم..

فالأسلمة تعني أن نأخذ العلم كما هو، فنحذف منه ما يتعارض مع عقيدتنا، ونضيف له بعض الايات او الاحاديث التي تناسب بعض الفقرات، ونتبناه بعد هذا (وهذا ما يفعله اليوم من يحاول اسلمة البرمجة اللغوية العصبية والتنمية البشرية وما شابهها من فنون ومناهج فكرية) .. وهذه طريقة خاطئة غير نافعة.. بل إنها تؤدي لدس السم في العسل وإلباس الحق بالباطل.
أما التأصيل الإسلامي فإنه يعني أن أحدد منطلقاتي الإسلامية، وتصوري الشامل وأطره، ثم من خلاله أنطلق مستخدمة الاساليب الدراسية الحديثة والتجارب الميدانية أو المعملية. وقد أتفق في جزئيات كثيرة مع الدارس الغربي، لكن المهم أن تصوري العام والشامل مفترق عنه ومتوافق مع عقيدتي ورؤيتي الواضحة الإسلامية.

ويرصد الكاتب الأخطاء التي وقعت فيها الدراسات الغربية نتيجة حصرها لدراستها في نطاق عينة واحدة فقط، هي الجيل الاوروبي المعاصر، ثم تعميم هذه النتيجة على سائر الاجيال السابقة واللاحقة وفي كافة المناطق الجغرافية، وهذا امر غير علمي ولا موضوعي، لان الانسان ليس كالمادة الجامدة، تكفي اجراء التجربة على عينة واحدة منه..
والخطأ الثاني القاتل هو نظرتها غير الموضوعية والعدائية للدين(بسبب ظروفها الخاصة) وكل ما يمت له بصلة، والتي جعلتها تنطلق فارة منه الى اي شيء سواء كان حقا او باطلا، فتتخبط وتتيه..

وحين نتناول هذه العلوم علينا ان نتجنب هذه الأخطاء، وبالتالي علينا ان تكون لنا رؤيتنا الاسلامية المستقلة، والمتفحصة والواعية..

الكتاب قيم جدا جدا،  ::ok::
وينبهنا لكثير من الاخطاء التي نتشربها في دراساتنا رغم تناقضها مع عقيدتنا، دون ان ننتبه، او –ان انتبهنا- دون ان نعرف ما يمكننا فعله حيالها، ويقدم لنا حلا جذريا لمشكلة المسخ الثقافي والتشوه الفكري الموجود لدى كثير جدا من المثقفين في عالمنا العربي والاسلامي بكل أسف، هذا ان وجد آذانا مصغية وقلوبا واعية وسواعد مناضلة مستعدة لإدارة عجلة التغيير وأخذ زمام المبادرة...
فمن لها؟ :emoti_389:

الفقرات التالية ستكون ملخصا تفصيليا نوعا ما لهذا الكتاب القيم الذي انصح الجميع باقتنائه وقراءته قراءة متأنية واعية..  :emoti_277:

فتابعونا..  :Pc:::
العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2008-10-07, 09:12:22
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سعداء جدا بالتلخيص وننتظره ...........خاصة وأنك قد أوردت ما يلي :

ويقدم لنا حلا جذريا لمشكلة المسخ الثقافي والتشوه الفكري الموجود لدى كثير جدا من المثقفين في عالمنا العربي والاسلامي بكل أسف، هذا ان وجد آذانا مصغية وقلوبا واعية وسواعد مناضلة مستعدة لإدارة عجلة التغيير وأخذ زمام المبادرة...
فمن لها؟  



وللفائدة فقد وجدت الكتاب على صيغة pdf
وهو مرفق أدناه

ولمن لا يملك برنامج acrobat  على جهازه هذا رابط لتحميل البرنامج في آخر إصداراته :

http://ardownload.adobe.com/pub/adobe/reader/win/9.x/9.0/enu/AdbeRdr90_en_US.exe
العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2008-10-07, 23:16:22
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


مقدمة



أردت أولا أن أعرض فكرة سريعة عن " التأصيل الإسلامي " : ما هو ؟ ما المقصود به ؟ ما ضرورته بالنسبة لحياتنا الثقافية والفكرية ، بل السياسية والاقتصادية والاجتماعية كذلك ، وكلها أمور متداخلة في الكيان النفسي والحياتي ، ثم أردت بعد ذلك أن أعرض فكرة عامة عن المنهج الذي نحتاج إليه في التأصيل الإسلامي لهذه العلوم ، التي يجمعها قاعدة مشتركة هي       "الإنسان". فإذا حددنا : ما الإنسان ؟ ما تكوينه ؟ ما حدود طاقاته ؟ ما غاية وجوده ؟ ما السنن التي تحكم حياته ؟ فقد حددنا القاعدة المشتركة التي تلتقي عندها هذه العلوم جميعا وتتفرع عنها .

وكثيرا ما يوحي إلينا التخصص الدقيق – أو الغرور العلمي أحيانا – أن كلا من هذه العلوم عالم مستقل بذاته ، ولكن المنطلق المشترك لها هو الكيان الإنساني المترابط ، الذي لا تتفكك أجزاؤه في أثناء حركته على مدار حياته كلها من بدئها إلى نهايتها، وإن اختلفت اتجاهاته واهتماماته وألوان نشاطه، ما بين لحظة وأخرى.

وغني عن البيان أن العلوم الاجتماعية قد نمت وتأصلت في أوربا في ظل أجواء نفسية وفكرية معينة ، أثرت في توجيهها ، وهي أجواء الصراع بين الكنيسة والعلم ، أو بين الدين والحياة بصفة عامة ، وأن هذا الصراع قد خلَّف بصماته الواضحة عليها ، فنشأت إما معادية للدين ، أو في القليل مبتعدة عنه، ثم أصبح هذا في حس الناس هناك هو " المنهج العلمي " الذي يجب أن تسير عليه البحوث العلمية ، والذي تعتبر أي مخالفة له خللا في الفكر ، ونقضا " للروح العلمية " و " الموضوعية " وإفساداً للبحث العلمي !!

وهذا الموقف ليس موقفا علميا في حقيقته ، وإن ألبس ثوب العلم ! إنما هو موقف وجداني انفعالي، له أسبابه الكامنة في مجرى حياتهم ، وله تأثيره الخطير على " الحصيلة العلمية " التي أنتجها الغرب في هذه العلوم ، على الرغم مما بذل في دراستها من جهد ، وما استحدث في دراستها من أدوات ، وعلى الرغم من محاولة وضع " ضوابط علمية " للبحث !

إن الظروف التي مرت بها أوربا وأنتجت الانفصام بين العلم والدين ، هي ظروف خاصة بأوربا وحدها ، وليست ظروفا عالمية ؛ والمعايير التي أنشأتها تلك الظروف هي كذلك معايير محلية خاصة ، ليس لها صفة العموم ، ولا صفة اللزوم . ليست معايير " إنسانية " كما يحلو لأوربا أن تتصورها، فظروفنا التي عشناها في ظل الإسلام: سواء في فترة ازدهار الإسلام، أو في ظل الانحسار الذي طرأ على العالم الإسلامي حتى أوصل الأمة إلى حضيضها، أو في ظل الصحوة الإسلامية المباركة التي تبشر بالخير، كانت ظروفاً مختلفة عن ظروف الغرب ، فلا عجب أن تكون معاييرنا مختلفة عن معايير الغرب ، وأن يكون تناولنا للعلوم الاجتماعية – وغيرها كذلك – مختلفا عن التناول الغربي في أسسه وقواعده ، وإن التقى معه في بعض الجزئيات ، ذلك أن الخلاف الجوهري ليس في إجراء التجارب المعملية ورصد نتائجها ، إنما هو في تفسير الظواهر الاجتماعية وتأصيلها ، المستمد أساسا من تصورنا للكيان الإنساني ، ولغاية الوجود الإنساني .. وهنا يقع الخلاف ، وهنا يكمن الدافع إلى ضرورة التأصيل الإسلامي لهذه العلوم !
العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2008-10-08, 09:12:27


وهذا الموقف ليس موقفا علميا في حقيقته ، وإن ألبس ثوب العلم ! إنما هو موقف وجداني انفعالي، له أسبابه الكامنة في مجرى حياتهم ، وله تأثيره الخطير على " الحصيلة العلمية " التي أنتجها الغرب في هذه العلوم ، على الرغم مما بذل في دراستها من جهد ، وما استحدث في دراستها من أدوات ، وعلى الرغم من محاولة وضع " ضوابط علمية " للبحث !


[/font]

ويستشهد الدكتور البوطي td في إطار حديثه عن هذا المنهج غير العلمي الذي يعتمده الغرب في علومهم الإنسانية والاجتماعية والذي يقول أن أبسط حكم عليه أنه غريب وطريف ، منهج يعتمد على الرغبة المنبعثة من الإنسان لا غير ....يستشهد بكلام المفكر البريطاني بنتام عن هذا المنهج الفكري :

"يجب أن يكون سير الديانة موافقا لمقتضى المنفعة ، فالديانة باعتبارها مؤثرا ، تتركب من عقاب وجزاء ، فعقابها يجب أن يكون موجها ضد الأعمال المضرة بالهيئة الاجتماعية فقط .وجزاؤها يكون موقوفا على الأعمال التي تنفعها فقط ، والطريقة الوحيدة في الحكم على سير الديانة هو النظر إليها من جهة الخير السياسي في الأمة فقط وما عدا ذلك لا يلتفت إليه "
ثم يكمل البوطي :

"وحينما وجدوا أن طبيعة العقل تختلف كل الاختلاف عن هذا المنهج في البحث والنظر ، ورأوا أن ترك زمام العقل يفكر في القضايا الغيبية والمجردة كما يحب ، سيسبب لهم فساد كثير من قواعدهم وأحكامهم الفكرية التي أقاموها على هذا المنهج ، لم يبالوا أن يقيموا مدرسة فكرية أخرى قوامها الاستهانة بالعقل وإنكار حججه وبراهينه ، وأن يحذّر بعضهم بعضا من غوائل العقل على الدين (أي على الدين الذي فهموه وفق المنهج الذي أوضحناه )  وأصبح شعارها (إنقاذ الدين من العقل)!!"
العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2008-10-10, 16:30:13
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاك الله خيرا يا اسماء على متابعتك الفعالة ومشاركاتك المفيدة ::ok::

ونتابع بجزء جديد

أتمنى من بناتي إن وجدن ان الموضوع صعب ان يخبرنني لأحاول شرحه

نحن في الخدمة
  emo (30):
العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2008-10-10, 16:40:35
ظروف أوربا

من المعلوم عند المؤرخين والمفكرين الأوربيين أن الدين الذي اعتنقته أوربا لم يكن هو الدين الذي جاء به المسيح عليه السلام ، إنما هو الدين الذي نشره بولس في أرجاء الغرب ، وإن كان قد نسبه إلى المسيح !

ويقول " رينان "   الفيلسوف الفرنسي :
" إنه ينبغي لفهم تعليم يسوع المسيح الحقيقي كما كان يفهمه هو أن نبحث في تلك التفاسير والشروح الكاذبة التي شوهت وجه التعليم المسيحي حتى أخفته عن الأبصار تحت طبقة كثيفة من الظلام . ويرجع بحثنا إلى أيام بولس الذي لم يفهم تعليم المسيح ، بل حمله على محمل آخر ، ثم مزجه بكثير من تقاليد الفريسيين وتعاليم العهد القديم" .

ويقول "برنتون" :
" إن المسيحية الظافرة في مجمع نيقية – وهي العقيدة الرسمية في أعظم إمبراطورية في العالم – مخالفة كل المخالفة لمسيحية المسيحيين في الجليل (1 ) . ولو أن المرء اعتبر (العهد الجديد) التعبير النهائي عن العقيدة المسيحية ، لخرج من ذلك قطعا ، لا بأن مسيحية القرن الرابع تختلف عن المسيحية الأولى فحسب ، بل بأن مسيحية القرن الرابع لم تكن مسيحية بتاتا " ! ( 2) .

ولكن النصرانية التي نشرها بولس في أرجاء أوربا كانت عقيدة بلا شريعة ، إلا ما كان متعلقا منها " بالأحوال الشخصية" وبقي التشريع المهيمن على الحياة في ربوع الإمبراطورية الرومانية هو القانون الروماني ، لا قانون السماء ، بكل ما في القانون الروماني من رق وإقطاع وطبقية وحرمان للمرأة من الكرامة الإنسانية .
وحين يخلو الدين من التشريع ، ويصبح عقيدة فحسب ، فإن علماءه وفقهاءه يتحولون إلى "رجال دين" أي إلى "كهنة"، وسرعان ما يتحول الكهنة إلى وسطاء بين العبد والرب ، وتكون لهم قداسة ، ويكون لهم على قلوب الناس سلطان .. فيبدأ الطغيان !
وحدِّث عن طغيان الكنيسة الأوربية ولا حرج !


______________________

(1) أي المسيحية الأولى كما جاء في كلام الكاتب بعد ذلك .
(2)  جرين برنتون ، في كتاب " أفكار ورجال " ترجمة محمود محمود ، ص 207 .
العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2008-10-10, 16:47:05
ظروف أوربا(2)

طغيان الكنيسة:

وحدِّث عن طغيان الكنيسة الأوربية ولا حرج !

لقد انتقل الطغيان فشمل كل مجالات الحياة واحدا بعد الآخر ، فأضاف إلى الطغيان الروحي الذي يحتكر الوساطة بين العبد والرب ، طغيانا ماليا يشمل العشور والإتاوات والتركات وسخرة العمل الإجباري في حقول الكنيسة يوم الأحد مجانا بلا مقابل ! وطغيانا فكريا يحرّم على العقل أن يفكر لكي لا يزيغ عن " العقيدة ! " ، وطغيانا سياسيا يخضع الأباطرة لسيطرة البابوات وأهوائهم وشهواتهم ، وطغيانا علميا يقف في وجه النظريات العلمية ، ويحرّق العلماء أحياء لأنهم قالوا بكروية الأرض ، وبأن الأرض ليست مركز الكون !

وذلك كله بالإضافة إلى فضائح الأديرة وفساد رجال الدين ومهزلة صكوك الغفران ومحاكم التفتيش ووقوف الكنيسة ضد حركات الإصلاح ( 3) !

وخلال قرون متوالية احتدم الصراع بين رجال الدين وفئات متزايدة من المجتمع : العلماء و " المفكرين الأحرار " والأباطرة وغيرهم وغيرهم ، حتى حدث الانفجار المدوي في الثورة الفرنسية التي كان من بين شعاراتها : اشنقوا آخر ملك بأمعاء آخر قسيس ! وظهرت " العلمانية " على السطح ، بمعنى إبعاد نفوذ رجال الدين عن مجالات الحياة المختلفة بدءا بالسياسة ، ثم الاقتصاد ، ثم الفكر ، ثم العلم ، ثم الأدب والفن ، ثم الأخلاق !

ورغم أن الكتاب الأوربيين يعتبرون العلمانية قامت حين اقتصر نفوذ رجال الدين على عالم الروح والآخرة ، وتركوا " السلطة الزمنية " للأباطرة، إلا أننا نقول -من وجهة نظر إسلامية- إن العلمانية قائمة منذ لم تطبق الشريعة الربانية، أي منذ أول لحظة اعتنقت فيها أوربا النصرانية، على الرغم من وجود " الحكومة الثيوقراطية "، فقد كانت تلك الحكومة هي حكومة "رجال الدين" ولم تكن حكومة دينية ، ما دامت لا تطبق شريعة الدين . وبيان هذه الحقيقة مهم لتصحيح كثير من المفاهيم الخاطئة التي تطلق اسم الحكومة الثيوقراطية على الحكومة الإسلامية التي تطبق الشريعة الربانية لتنفر الناس من تطبيق الشريعة حين يتذكرون انحرافات "الحكومة الثيوقراطية " الأوربية ومظالمها وحجرها على العقول وجمودها وجهالتها وإفسادها لكل مجالات الحياة !

_____________________
(3 )  اقرأ إن شئت فصل " الدين والكنيسة " من كتاب " مذاهب فكرية معاصرة " .

العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2008-10-10, 17:26:25
معلش يا جماعة
حتى لا يتعقد الموضوع علينا وتصعب علينا متابعته

دعونا نشرح بشكل مبسط معنى (حكومة ثيوقراطية)

المقصود بها حكومة دينية، يعني رجل دين يحكم الشعب باسم الدين، ولا يستطيع أحد ان يعترض عليه لأن من يعترض يكون كافرا زنديقا ملعونا

المصيبة فيما تم تطبيقه في أوربا أن الدين الحقيقي كان قد اختفى مع الاضطهاد الذي تعرضت له المسيحية الاولى في القرن الاول، بعد اختفاء المسيح عليه السلام..
الدين الذي توارثته أوربا كان بقايا ما تذكره التلاميذ من تعاليم السيد المسيح، مع كثير من التحريفات التي ادخلها (بولس) للديانة...
وأهم تحريف أدخله بولس هو تبشيره بأن الانسان (لا يتبرر بالشريعة بل يتبرر بالإيمان بي)
يعني الانسان لن يصل لأن يكون من الأبرار باتباعه للشريعة، ولكن فقط بإيمانه بالمسيح..
وبهذا تم إهمال الشريعة واندثارها
وصار الدين النصراني دينا بلا شريعة، يعني لا وجود لحلال وحرام لا في الاقتصاد ولا السياسة ولا المعاملات
آمِن بأن المسيح صلب ليفتديك ويكفر عن خطاياك، تدخل مملكة السماء... وافعل في الدنيا ما يحلو لك، ودع الناس يفعلون ما يحلو لهم..

طيب
عندما تقوم حكومة دينية من القساوسة والبابوات وتريد ان تحكم باسم الدين.. ما هي مرجعيتها مع عدم وجود شريعة؟ وكيف نقرر هل حكمها هذا فعلا يرضي الله وباسم الله أم لا؟ :emoti_138:
لا نعرف ولا يمكن...
فأخضع البابوات والقساوسة الناس لسلطانهم وأهوائهم كما يريدون، وحللوا لهم وحرموا وفق أهوائهم، وحكموهم باسم الرب، مع ان الاحكام صادرة من عقولهم... والويل لمن يعترض فهو كافر زنديق يجب احراقه... :emoti_291:
 
وهذه هي الحكومة الثيوقراطية أو حكومة رجال الدين أو الحكومة الدينية..

لكن في بلادنا الوضع مختلف
فنحن لم تحكمنا يوما (حكومة ثيوقراطية) بهذا المفهوم
نحن حكمنا خلفاء، يخضعون هم بانفسهم لحكم الشريعة التي أنزلها الله، ولو خالفوها أو حكموا بغيرها أو غيروا فيها لسقطت عدالتهم والتغت بيعتهم وتم عزلهم
فلم يكن يوما الخليفة او الأمير في الاسلام حاكما دينيا.. أطلاقا... ولا مشرعا حتى..
بل كان مجرد منفذ للشريعة الربانية المعروفة للجميع، ويستطيع جميع العلماء والفقهاء والقضاة ان يقيموا أداءه ويوافقوا أو يعترضوا بقياس عمله وحكمه على ميزان الشريعة المعروف والواضح لدى الجميع
فليس في ديننا أسرار..  :emoti_134:

أي أن الحكومة في بلادنا كانت دوما حكومة تنفيذية لا تشريعية، وحكومة سياسية لا دينية.. فليس لها أي حصانة ذاتية إلهية، او حق في تحليل حرام او تحريم حلال... ولا تعمل الا ضمن اطار الدستور الذي ارتضاه الشعب، الا وهو القرآن والسنة

أرجو ان نفهم هذا المصطلح وحقيقته واللعب الذي يتم به لنفهم ما يتحدث عنه الناس في البرامج والكتب عندما يتناولون هذه القضية :emoti_144:

لانهم يحاولون أن يعمموا علينا التجربة الاوروبية..  :emoti_6:
فاوروبة تكره الحكومة الدينية لانها حكومة ثيوقراطية... إذن يا مثقفين (يا ببغاوات تقلد الغرب بالأحرى) اعترضوا على تحكيم الشريعة الاسلامية وعودة الناس للدين لاننا لا نريد حكومة ثيوقراطية تجعلنا نرجع للعصور الوسطى المظلمة!!
ياسلام!!
ياريت يا (أذكياء) نرجع للعصور الوسطى،  اصل يا فالحين العصور الوسطى كانت مظلمة بالنسبة لأوروبا، أما بالنسبة لنا فقد كانت عز التقدم والتفوق والتنوير...




العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2008-10-10, 17:49:28


طيب والمصطلح الآخر  :emoti_17:

العلمانية

تعالوا نشوف حكايته



خضعت أوروبا فترات طويلة (طيلة العصور الوسطى) لهذا النوع من الحكم... (الثيوقراطي)
لهذا لما بدأت تتعلم وتتنور وتعمل عقلها، (بعد احتكاكها بحضارة الاسلام ) وجدت ان هذه الحكومة مرفوضة تماما وبغيضة، فثارت عليها :emoti_214:

وصارت أوروبا تريد ان يكون الحكم للعلم... لا للدين... فظهر مصطلح (علمانية) أي أننا لا نريد الدين ان يتحكم في حياتنا بعد اليوم،  emot::بل نريد العلم ان يحكمنا..
لماذا؟
لأن العلم والدين كانا عندهم على طرفي نقيض...

وأصل مصطلح (علمانية) في اللغة الاجنبية هو secularism     في الانجليزية ،    أو   secularite   بالفرنسية وترجمته الحرفية (اللادينية)
لكن المتأثرين بالفكر الغربي لم يجرؤوا على دعوة الناس إلى (اللادينية) فترجموا المصلح إلى شيء له ارتباط بالعلم واختاروا له كلمة (علمانية)

بالنسبة للاوروبيين الأمر سواء
فالاخذ بالعلم يعني ترك الدين، فالدين والعلم عندهم متناقضان... فاللادينية والعلمانية مترادفان

لكن في ثقافتنا العربية الاسلامية، لا تعارض أبدا بين الدين والعلم... فالدين يحث على العلم، والمسلمون عندما كانوا متمسكين بدينهم كانوا في أوج حضارتهم العلمية، ومتفوقين علميا على كل العالم من حولهم...  ::cong:

لهذا فالدعوة إلى التمسك بالعلم ونبذ الدين (العلمانية) لا معنى لها في بلادنا إطلاقا...
والدعوة للهروب من تحكيم الشريعة الاسلامية بدعوى أننا لا نريد حكومة (ثيوقراطية).. أيضا لا معنى لها عندنا إطلاقا


 ولكنه التقليد الاعمى، والهزيمة النفسية أمام الحضارة الغربية المتغلبة، أو الرغبة في الهروب من تكاليف الدين والعيش كما نهوى بلا ضابط ولا رابط،  :emoti_159:فهو عصيان لله وتمرد على دينه، مغلف بثوب التقدمية والتحضرية والدعوة للتطور من خلال تحكيم العلم في حياتنا عبر المناداة والدعوة لقيام أنظمة علمانية

وهكذا نرى أنه لا وجود لشيء اسمه (علمانية وسطية) كما يحلو لبعض الناس أن يروج.. فالعلمانية تعني (تنحية الدين وتحكيم العلم، وكأنهما متناقضان لا يجتمعان، ويعني قصر الدين على المشاعر والعلاقة بين العبد وربه، وتنحيته من أن ينظم علاقات العباد بعضهم ببعض، فلا شان له بالبيع والشراء والزواج والطلاق والحكم والسياسة... لا شأن له بالحياة)

فمن ينادي بالعلمانية ينادي بهذا
ومن لا ينادي بهذا فهو لا ينادي بالعلمانية بل بشيء آخر، وان كان لا يعرف ويظن انه يطالب بالعلمانية ولكن لا يطالب بتنحية الدين، فهو مسكين لا يفهم ما يردد فعلينا أن نفهمه..  :emoti_281:

وبس

يارب تكون المصطلحات واللعبة التي فيها اصبحت واضحة  :emoti_138:

عموما لو كان اسلوبي معقد  :blush::
تابعوا معنا تلخيص الكتاب، وستتضح الامور بشكل اكثر ومفصل emo (30):

العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2008-10-12, 16:13:44
النظرة المسيحية الأوروبية للإنسان:


لقد كانت نظرة مسيحية القرون الوسطى إلى الإنسان أنه خاطئ بطبعه ، هابط بشهواته ، لا أمل في رفعه من هبوطه طالما هذه الشهوات مركبة في طبعه – إلا أن يكبتها ويجتثها من جذورها .
وامتزجت هذه النظرة – عقائديا – بعدة أمور ، كلها خطير ، وإن كانت خطورتها لم تظهر لأصحابها في حينها !

1-  امتزج تقديس الرب وتعظيمه في حسهم بتحقير الإنسان في المقابل ! كأنما الألوهية والعبودية طرفان في معادلة ، لا يرتفع أحدهما إلا بإسقاط الآخر . ( 4)

2-  لم يعد الأمل في " الخلاص " ممكنا عن طريق " الأعمال " التي يقوم بها الإنسان ، ما دام خاطئا بطبعه ، ولا سبيل إلى تنقيته وترقيته طالما جرثومة الخطيئة في دمائه . إنما يجيء الخلاص من "الاعتقاد" في الرب المخلص يسوع ، الذي إذا آمن به الإنسان ربا ومخلّصاً تغفر له خطاياه .

3-  انصرف اهتمامهم عن تحقيق " ملكوت الرب " في الحياة الدنيا على اعتبار أن هذا عمل ميئوس منه ، إنما يتحقق ملكوت الرب في الآخرة وحدها ، كما أشار ولفرد كانتول سميث في مقدمة كتابه " الإسلام في التاريخ الحديث Islam in Modern History " وهو يعقد موازنة بين رؤية المسلم ورؤية المسيحي للتاريخ ، إذ يقول : إن المسلم يرى أن تحقيق ملكوت الرب يكون بإطاعة شريعته وتطبيقها في الحياة الدنيا ، ولهذا يسعى أن يجعل سلوك الفرد وسلوك المجتمع مطابقا للشريعة ، ويرى أن النجاح في الحياة الدنيا لا يتأتى إلا بتحقيق " ملكوت الرب " في هذه الحياة . بينما يشعر المسيحي أن مهمة تقويم المجتمع أمر خارج عن اختصاصه ! إنما هو يسعى إلى الخلاص الفردي ، كل فرد بمفرده . كما أن صورة المجتمع ، ونجاحه أو فشله أمر خارج عن نطاق العقيدة ! بل إن كثيرا من المسيحيين الأتقياء ينظرون إلى النجاح في الحياة الدنيا على أنه فتنة تصرف الإنسان عن طريق الخلاص ، وأن الابتهاج بالنجاح الدنيوي خطيئة يجب أن يتخلص منها الإنسان ولا يسمح لها بأن تتملكه !

4- دعوى أن الرضى بالظلم والألم والشقاء هو الذي يؤهل الناس لنيل الملكوت في الآخرة !
وقد استخدمت الكنيسة هذه العقيدة في مقاومة حركات الإصلاح حين جاء أوانها في أوربا ، وفي تخذيل الناس عن الثورة على الظلم الواقع عليهم مما جعل ماركس يقول قولته المشهورة : " الدين أفيون الشعوب " . وهي قولة صادقة على دين الكنيسة الأوربية في العصور الوسطى ، وكان هذا منها دفاعا عن وجودها الذاتي في الواقع ، إذ كانت الكنيسة منذ زمن قد أصبحت من ذوات الإقطاع ، فلم يكن يعقل أن تشجع الناس على الثورة على الإقطاع !

5-اعتقاد الكنيسة بالثبات المطلق في كل شيء، ونشرها لهذه العقيدة . ومضمونها أن الله قد وضع نظاما ثابتا للكون المادي بشمسه وأرضه ونجومه وسماواته ، ووضع كذلك نظاماً ثابتاً للحياة البشرية لا يتغير – لأنه من إرادة الله الثابتة – وهو نظام يقسم الناس إلى طبقتين رئيسيتين : رجال الدين ورجال الإقطاع والملوك والأباطرة من جانب ، والشعب من جانب آخر .
وكان لذلك التصور أثره – ولا شك – في الجمود الذي اتسمت به الحياة الأوربية في عصورها الوسطى المظلمة !

____________________________

( 4)  وسنرى خطورة هذه النظرة حين حدث " الانقلاب " الأوربي ، فمجّد الإنسان وأسقط الإله !!
العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2008-10-12, 16:25:40
مصادمة العلم بالدين

ولكن الطامة الكبرى كانت مصادمة العلم بالدين ، وتحريق العلماء أحياء لأنهم قالوا بكروية الأرض ، وبأن الأرض ليست مركز الكون !  :emoti_138:

يقولون في كتاباتهم إن الكنيسة وقفت هذا الموقف من العلم والعلماء لأن نفوذها كان قائما على الخرافة ، وأنها خشيت لو انتشر العلم وقوّض الخرافة أن يتقوض سلطانها على قلوب الناس، وهذا صحيح، لكنه ليس السبب الوحيد، بل هناك سبب آخر مهم، ألا وهو أن العلوم التي اعتنقها العلماء ونادوا بها كانت في أصولها علوما إسلامية ، تعلمها علماؤهم حين تتلمذوا على كتب العلوم الإسلامية . وقد كانت تعني في نظر الكنيسة غزوا فكريا إسلاميا يهدد كيانها ، وسيطرتها على الناس . لذلك كانت حربها لها حربا صليبية في حقيقتها ، لمقاومة الخطر الإسلامي الزاحف على أوربا من الشرق والغرب والجنوب !
فحين احتك الأوربيون بالمسلمين – احتكاكا حربيا في الحروب الصليبية ، واحتكاكا تجاريا عن طريق جنوة والبندقية ، واحتكاكا ثقافيا وحضاريا في الأندلس والشمال الأفريقي وجنوب إيطاليا وصقلية الإسلامية – حدث تحول هائل في الحياة الأوربية .

لقد وجدت أوربا نمطا من الحياة يختلف تماما عن النمط الذي عاشت به طوال قرونها الوسطى المظلمة.
 وجدت دينا بلا كنيسة ولا رجال دين ! دينا يمارسه الناس في علاقة مباشرة بين العبد والرب لا يدخل فيها كاهن ولا قسيس.
ووجدت فكرا واسع الآفاق متعدد الجوانب ، لا حجر فيه على العقل البشري ، ولا رقيب فيه على الناس إلا ضمائرهم ولا محاكم تفتيش تقتحم ضمائر الناس لتفتش عن المخبوء فيها لتقذف به وبحامله إلى النار !
ووجدوا علاقات اجتماعية ليس فيها إقطاع ، وليس فيها عبيد يسامون الخسف والذل والهوان ( 5) . ووجدوا شريعة موحدة يتحاكم إليها الناس كلهم سواسية ، لا تخضع لهوى أمير الإقطاعية الذي تتمثل فيه السلطة التشريعية والسلطة القضائية والسلطة التنفيذية كلها في آن !
ووجدوا علما هائلا في كل أبواب المعرفة المتاحة يومئذ، وحضارة مشرقة وطيدة الأركان.
وهذا كله على الرغم مما كان قد طرأ على المسلمين من انحرافات خلال قرون من الزمان !

ولم يكن لأوربا بدٌّ من أن تتأثر بهذا كله تأثرا يغير حياتها من الأساس . وكان يمكن – كما قال ويلز – أن تدخل أوربا في الإسلام ..
وكانت الكنيسة أول من استشعر هذا الخطر " الداهم ! " الذي يشكل بالنسبة لها تهديدا مباشرا لكيانها وسلطانها ، ولدينها كذلك ! فوقفت بعنف تذود عن نفسها ، وتصد المد الإسلامي عن أوربا بكل ما تملك من سلطان .

واتخذت الكنيسة وسيلتين أساسيتين لوقف المد الإسلامي : الأولى محاكم التفتيش بكل ما تشتمل عليه من وسائل التعذيب الوحشي ، والثانية أنها كلفت كتابها وشعراءها أن يشنوا حملة شعواء على الإسلام يشوهون فيها صورته في نفوس الأوربيين ، ويلصقون به وبأهله أبشع التهم التي تدعو إلى النفور منه والشعور بالبغضاء نحوه ..

وعلى الرغم من ذلك كله فقد كان الإسلام هو الذي أخرج أوربا من ظلمات القرون الوسطى لتبدأ "نهضتها"، وإن كانت بسبب التشويه الذي تبنته الكنيسة لم تدخل في الإسلام.

ووجدت أوروبا نفسها  في مأزق خطير لم تنج من آثاره حتى اليوم، ولم تجد مخرجا من مأزقها ذلك إلا أن ترجع إلى تراثها الوثني الذي عاشته قبل دخولها في دين الكنيسة ، أي التراث الروماني الإغريقي ، لتستمد منه مقومات نهضتها ، وتبتعد في الوقت ذاته عن " الدين "

وكان هذا التراث يحمل في طياته فكرة خبيثة عن العلاقة بين البشر و " الآلهة " .. علاقة صراع دائم لا مودة فيه ولا هوادة ولا تعاطف .. الإنسان من جانبه في محاولة دائبة لإثبات ذاته بتحدي " الآلهة " وعصيانها والتمرد عليها ، و " الآلهة " من جانبها في محاولة دائبة لتحطيم الإنسان وإذلاله كلما أراد أن يثبت ذاته .. وتلك هي مأساة الحياة ! (6)

لقد انقلبت أوربا في " نهضتها " مائة وثمانين درجة كاملة ، لتنتقم من الكنيسة ، ومن الدين الذي أذلت به الكنيسة رقاب العباد ..

انقلبت من
•   دين يؤمن بالغيب (7 ) ويكاد يهمل عالم الشهادة ، إلى " دين " يصب اهتمامه في عالم الشهادة ويهمل عالم الغيب !

•   من دين يمجّد الله ويسقط الإنسان من الحساب إلى "دين" يمجّد الإنسان ويسقط الإله من الحساب !

•   من دين رهباني يزدري الجسد ولذائذه الحسية إلى دين غارق في لذائذ الحس إلى درجة الحيوانية!

•   من دين يحارب العلم إلى علم يحارب الدين، ومن دين يحارب الحضارة إلى حضارة تحارب الدين !

•   من دين يتصور " الثبات " في كل شيء ويرفض التطور ، إلى " دين " يتصور التطور في كل شيء ويرفض الثبات في أي شيء !

______________________________

( 5)  كان في العالم الإسلامي رق . ولكن الإسلام كان قد جفف كل منابع الرق التي كانت قائمة قبله ، فيما عدا بابا واحدا هو رق الحرب التي تقع بين المسلمين والكفار . ولكن ذلك الرقيق كان يعامل معاملة إنسانية وتفتح أمامه كل السبل لتحريره .
(6) يرجى مراجعة الرابط التالي للاطلاع على أسطورة برمثيوس الاغريقية
http://www.ayamnal7lwa.net/forum/index.php?topic=1761.msg23163#msg23163

( 7)  الذي يسمونه في لغتهم الميتافيزيقا ( أي ما وراء الطبيعة ، أو ما وراء العالم المحسوس ) .
العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: جواد في 2008-10-13, 08:56:45
تسجيل متابعة.

جزاكم الله خيرا.
العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2008-10-14, 12:11:09
جزاك الله كل خير ماما هادية على هذا التلخيص .....الكتاب حقا رااائع .....

حول أمر العلمانية ، هناك من يبحث ، ويحلل فيجد أن الترجمة الصحيحة التي أريدت ل securalism     هي العَلمانية بفتح العين وليس بكسرها ، لأن من يقول بكسرها إنما يظلم العلم ويدخله في دائرة أنه المبعد عن الدين .... وفي أي حال من الأحوال وفي كل حال فإن securalism
أريدَ بها إبعاد العلم عن الدين بل فصل الحياة برمتها عن الدين وعن حاكميته وتشريعه  أو كما قالوا هم أنفسهم "إنقاذ العقل من الدين "

ويرى بعض الكتاب العلمانيين العرب أنّ العَلماني بفتح العين من "العَالم" وليس من العلم  هو رجل الدنيا  بينما الغير علماني هو رجل الدين ....ولنرَ كيف أنهم في كلا الحالتين وكلا الوصفين يريدون الفصل والتفريق بين الدين والدنيا وبين الدنيا والآخرة ........ وعلى قولهم ما لقيصر لقيصر وما لله لله ....

ويريد بعضهم التأصيل التاريخي للعلمانية في التاريخ الإسلامي ............أي أنهم يسيرون بقطار العلمانية ويريدون تأصيلها ونسبها للإسلام ....
وربما كان ذلك مردّ الخلط بين مفهوم الحكومة الثيوقراطية والحكم الإسلامي .....

نتابع معك بارك الله فيك
العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2008-10-14, 12:48:41
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شكرا لمتابعتكم يا جواد
ويهمنا ان نسمع رأيكم ونستفيد من نقاشكم

وشكرا لمشاركتك يا أسماء
وما أود التوكيد عليه أن العلمانية، بفتح العين أو كسرها، وسواء كانت ترجمة دقيقة للمصطلح الاجنبي او غير دقيقة، فالمهم الفكر الداخل فيها...

فكرتها الاساسية ليست أبدا الدعوة للاخذ بأسباب العلم والتكنولوجيا، فمعظم دعاتها يلهثون وراء الثقافة الغربية لا العلوم التقنية والطبيعية بكل أسف
(يرجى مراجعة الفرق بين العلم والثقافة في ملخص كتاب "الاسلام ومشكلات الشباب" على الروابط التالية: )

http://www.ayamnal7lwa.net/forum/index.php?topic=1645.msg20721#msg20721

http://www.ayamnal7lwa.net/forum/index.php?topic=1645.msg20722#msg20722

وانما هي دعوة لفصل الدين عن شؤون الحياة، بحيث تنظم العلاقات بين الناس في المجتمع، وبين المجتمع والمجتمعات المجاورة قوانين وضعية يتواضع عليها البشر، ويتم حصر الدين في نطاق دور العبادة والضمائر، لمن شاء ان يتمسك به...

فأيا كان الاسم او المصطلح لهذه الفكرة فهو مرفوض... فالعبرة بالمسمى (اي المحتوى) وليس بالاسم سواء كان مفتوحا او مضموما او مكسورا...

وأما البحث عن جذور للعلمانية في الاسلام، فهي لعمري أخطر وأخبث، لانها محاولة لالباس الحق بالباطل، وستر الراقصة الغانية بجلباب الفاضلات...

فالإسلام منذ أول لحظة أعلنها صريحة واضحة أن الحاكمية لله تعالى، وان رفض شرع الله، وتنصيب الانسان لنفسه او لغيره من العباد ليحكموا ويشرعوا انما هو منازعة لله تعالى في ألوهيته وحاكميته.. {والله يحكم لا معقب لحكمه}
سواء كان التشريع في امور الطعام والشراب، او المناسك والعبادات، او الزواج والطلاق، او معاملات الحرب والسلم، او البيع والشراء..
{ما فرطنا في الكتاب من شيء}
"يرجى مراجعة سورة الأنعام، وربط الله تعالى التشريعات المختلفة بعقيدة الايمان بالله، والانكار على من يشرعون من لدن انفسهم "...
والأمة الاسلامية عاشت في ظل دستورها المنزل من السماء قرونا عديدة، ولم تكن بحاجة لاستيراد اي قوانين لا في مجال الاقتصاد ولا السياسة ولا السلم ولا الحرب ولا الاحوال الشخصية ولا العقوبات
فالأطر العامة مقننة
والمستجدات يتم قياسها عليها
والتفاصيل الاخرى يتم ضبطها وفق ضوابط المصالح المرسلة والاستحسان المبني على اصول الشريعة..

فمن يعتقد ان الاسلام مجرد عبادات، او اخلاقيات، او عقيدة في القلب، لا يعرف الاسلام، ويهدم جزءا اساسيا من بنائه...
وهاقد جربنا هؤلاء الناعقين قرنا كاملا من الزمن، فما الذي جلبوه لبلادنا ؟؟ إلا الخراب والدمار والفساد والويلات؟
وياما جاب الغراب لأمه





العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2008-10-14, 14:51:10
ماما هادية اسمحي لي أن أضع تعريفا لغويا واصطلاحيا فيه من التفصيل للثيوقراطية :

الثيوقراطيـــة:

وهي عبارة عن كلمتين في اليونانية: "ثيو " معناه : ديني و "كراتيس " معناه: حكم، وهو الحكم، القائم على التفويض الإلهي، أي أن الحاكم يختاره الله فيحكم باسمه ويستمد منه سلطته، يحيط به جمع من الكهنة يسيطرون على الناس ويستغلونهم.

وهذا المعنى النابع من التاريخ الأوروبي لا ينطبق على مفاهيم الحكم الإسلامي، لأن إمام المسلمين أو خليفتهم، لا يختاره الله، بالمعنى السابق ولم يفوض إليه أن يحكم باسمه، بل تختاره الأمة، فينوب عنها في تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية.  ثم إنه لا توجد طبق كهنة أو رجال الدين في الإسلام، وإنما يوجد العلماء، شأنهم شأن غيرهم من العلماء في العلوم والآداب والفنون، وليس لهؤلاء العلماء الاجتهاد في موضع النص القاطع الثابت بالوحي الإلهي.


*************

الخلط القائم هو القول بأن الحكم الإسلامي مساويا للثيوقراطية

وحتى لا أذهب بالموضوع يا ماما هادية   مذهبا آخر ، فسأنتظر إلى حين انتهائك من التلخيص بإذن الله ، ثم أضع شيئا عمن يسعون للتأصيل التاريخي للعلمانية في التاريخ والتراث الإسلامي، وعن ليهم للنصوص بما يتفق وأهواءهم لبلوغ مرادهم وكم يحملون من فكر خطير...
العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2008-10-14, 16:45:45
جزاك الله خيرا يا أسماء
مداخلاتك دوما تثري الموضوع


العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2008-10-19, 22:11:09
تأثر العلوم الاجتماعية الغربية بالظروف الأوروبية




ثم زاد الطينُ بلةً بالداروينية ! والتي:
1-  نفت الداروينية  صفة الخلق عن الخالق سبحانه وتعالى ، ونسبتها إلى الطبيعة . فقال دارون : " الطبيعة تخلق كل شيء ولا حد لقدرتها على الخلق :
Nature creates everything and there is no limit to its creativity . 

2- نفت الغاية من الخلق . فالإله الجديد – الطبيعة – يخبط خبط عشواء .Nature works haphazardly .
3- ركزت على حيوانية الإنسان وماديته . فهو لم يخلق إنسانا من أول لحظة ، إنما هو نهاية تطور السلسلة الحيوانية، والبيئة المادية هي التي تدفع الكائنات إلى التطور الدائم ، الذي انتهى بالإنسان ..

وبالنسبة للعلوم الاجتماعية بالذات كان هذا الرافد الأخير أخطر الروافد جميعا ، وأشدها في التأثير !

إن الموضوع الأساسي للعلوم الاجتماعية كلها هو " الإنسان " . وبحسب تصورنا للإنسان يكون مسيرنا في هذه العلوم . فإذا كان تصورنا للإنسان أنه حيوان متطور ، وأن خالقه لا غاية له من خلقه ، فأين مكان " القيم " يا ترى؟ وما " المعايير " التي تحكم حياة هذا الكائن ؟ أم إنه لا خير ولا شر ، والكل في الميزان سواء ؟!

قضايا خطيرة في الحقيقة .. لا نلتفت إليها حين نتلقى علمنا في العلوم الاجتماعية من الغرب ، بينما هي مفرق طريق بيننا وبينهم : في التصور ، وفي طريقة التناول ، وفي النتائج المستخلصة ، حتى لو التقى فكرنا وفكرهم في بعض الجزئيات أو في كثير من الجزئيات ! فالجزئية وحدها لا تعطي التصور . إنما التصور المبدئي هو الذي يفسر الجزئية ويضعها في مكانها من الصورة الكلية المتكاملة .

إن دعوى الموضوعية في العلوم الاجتماعية التي يقدمها لنا الغرب دعوى داحضة ، ما دامت تستمد أساسا من التفسير الدارويني للإنسان، وتلوّن بهذا التفسير كل التجارب وكل الأبحاث، وتؤثر لا محالة في النتائج الأخيرة المستخلصة من الأبحاث !
ويكفي هذا لاستشعار الحاجة الملحة إلى التأصيل الإسلامي لتلك العلوم .


العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2008-10-21, 13:39:35
أحوال الأمة الإسلامية


اعتنقت أوربا دين بولس بدلا من الدين السماوي ، ولكن الأمة الإسلامية قد اعتنقت الدين السماوي الحقيقي المنزل من عند الله للبشرية كافة وللزمن كله من مبعثه صلى الله عليه وسلم إلى آخر الزمان، ولنركز في نظرتنا السريعة على الجوانب التي يتقابل فيها موقف الدينين من قضايا الحياة الكبرى ، لنتبين فيما بعد أثر ذلك التقابل في المسيرة التاريخية لكل من الأمتين .

نلاحظ أن الإسلام هو نقطة الوسط المتوازن بين النقيضين المتطرفين :

1-ليست الدنيا نقيضا مقابلا للآخرة ، وليس العمل لإحداهما صارفا عن العمل للأخرى . إنما يعمل الإنسان بجهده كله لعمارة الأرض بمقتضى المنهج الرباني فيكون قد عمل للآخرة في ذات الوقت دون أن يحتاج لأن يحيد عن طريقه أو يعطل طاقة من طاقاته ، أو يهمل واجبا من واجباته . ومن ثم لا تتنازع الدنيا والآخرة في حسه ، ولا تتمزق بينهما نفسه.

2- إن الإيمان بالله ليس نقيضا مقابلا للإيمان بالمحسوس،
ففي تركيب النفس الإنسانية كما فطرها الله تتجاور النزعتان معاً وتتآلفان وتتناسقان ، نزعة الإيمان بما تدركه الحواس ، والإيمان بما لا تدركه الحواس .. وتلك مزية ميز الخالق بها الإنسان عن الكائنات الأخرى، فالحواس تتعامل مع الكون المادي – مع عالم الشهادة – تعاملا كاملا يشمل السمع والبصر (وما يؤديان إليه من ملاحظة وقياس واستنباط وتجربة وتعلم واختراع واستغلال ) والأفئدة تتعامل مع عالم الغيب، فتؤمن بالله ، وتتلقى عنه، وتعمل بمقتضى وحيه، بلا تعارض ، ولا تنازع ولا شتات ..

3- والله  والإنسان ليسا ندين متصارعين كما تصور الأسطورة الوثنية الإغريقية، بحيث يكون ارتفاع أحدهما هبوطا للآخر، بل الإنسان هو العبد الخاضع لجبروت الله والمتطلع لرحمته ، ولكنه في عبوديته مكرم ، لأن الخالق كرّمه ، ووهبه من فضله ، وعلّمه ورشّده ، وهداه النجدين . ومِنْ أكرم ما كرمه به أنه لم يقهره على الإيمان كما قهر بقية الكائنات ، إنما وهب له عقلا يميز به ، وإرادة فاعلة يختار بها بين طريقين :
( وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا ، فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ، قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ، وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ) .

4- الإسلام لا يستقذر الدوافع الفطرية ولا يكبتها ،
بل يدعو إلى إعطائها مجالها الطبيعي لتعمل ، ولكنه يضبطها ليرفع منطلقها ، ويربطها بالقيم العليا لكي لا تسف وتهبط إلى مستوى الحيوان ، ويظل أداؤها " إنسانيا " في جميع الأحوال :
" وإن في بضع أحدكم لأجرا . قالوا يا رسول الله ، إن أحدنا ليأتي زوجه شهوة منه ثم يكون له عليها أجر ؟ قال : أرأيت لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر ؟ فإذ وضعها في حلال فله عليها أجر " 
" ألا إني أتقاكم لله ، ولكني أصوم وأفطر ، وأقوم وأنام ، وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني "  .
( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ )  .

5- لا الحياة كلها تتطور .. ولا الحياة كلها ثبات !والإسلام يثبّت الثوابت ويسمح بالمتغيرات !


يتبع لنعرف الثوابت والمتغيرات من منظور إسلامي إن شاء الله
العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: أم وعالِمة في 2008-10-28, 12:32:38
تسجيل متابعة يا ماما هادية ....

الموضوع ده كان شاغلني كتير قبل كده و كنت بفكر فيه فعلا و بسأل نفسي ليه
لا يعاد النظر في العلوم دي من منظور إسلامي و مفهوم عربي شرقي ؟؟؟؟؟؟؟؟

الحمد لله إني لقيت شيء حقيقي يؤيد فكرتي ...
جزاك الله خيرا يا اسماء على الكتاب يارب ..
العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2008-10-28, 22:10:16
الثوابت والمتغيرات من المنظور الإسلامي


أ- قضية الالوهية والعبودية ثابتة:
الله سبحانه وتعالى موجود . ووجوده ثابت لا يتغير ، لأنه حيّ قيوم أزلي أبدي: ( هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) .
وهو الخالق سبحانه ، والإنسان من مخلوقاته .. ومن حق الإله أن يُعْبَد ، ومن واجب المخلوق أن يعبد إلهه .
تلك قضية ثابتة .. وليس الفرق بين إنسان وإنسان أن هذا يعبد وذاك لا يعبد .. إنما الفارق أن إنسانا يعبد الإله الحق ، وإنسانا يعبد آلهة أخرى مع الله أو من دونه سواء . وحين يخيل للإنسان في لحظة غروره – أو تمرده – أنه لا يعبد شيئا أبدا فهو في تلك اللحظة عابد لهواه.

ب- في التشريع الرباني ثوابت ومتغيرات :
•   من الثوابت عبادة الله وحده بلا شريك .
•   ومن الثوابت حرمة الدم والمال والعرض .
•   ومن الثوابت تنظيم علاقات الجنسين في قنوات منضبطة بحيث لا تنقلب إلى فوضى .
•   ومن الثوابت تنظيم علاقات الأسرة والمحافظة عليها وعلى ترابطها وتوزيع المغانم والمغارم فيها بالعدل .
•   ومن الثوابت تحريم الربا والغصب والسرقة والغش والخداع فـي المعاملات الاقتصادية .
وكل هذه وضعتها الجاهلية المعاصرة على الخط المتغير فحدث ما حدث من الفساد في الأرض .
وهناك متغيرات تنشأ من الاحتكاك الدائم بين العقل البشري وطاقات الكون المادي ، فتتغير معها صورة الحياة ، كلما عرف الإنسان جديدا من خواص المادة ، فاستغل المعرفة في التحسين والتجميل والتكميل ، وموقف الشريعة تجاه هذه المتغيرات أنها وضعت لها قواعد ثابتة تحكمها دون أن تحبسها في إطار معين، كالثوابت التي تحكم المعاملات الاقتصادية وتتغير الصورة تحتها من اقتصاد رعوي إلى اقتصاد زراعي إلى اقتصاد صناعي. وقس على ذلك بقية المجالات.
فالشريعة تتميز بالمرونة لأن الله أنزلها لتحكم الحياة البشرية مدى الزمن كله فتتسع لكل جديد صالح ، وتبقى ثوابتها ثابتة حيث يلزم الثبات .

ج- المسلم السوي لم يكن قط – ولا يكون قط – في موقف الصراع مع دينه ، ولا هو في حاجة أن ينبذه ويتمرد عليه
والشاهد هو التاريخ
فالأمة التي حملت الإسلام إلى البشرية لم تكن قبل اعتناقها الإسلام أمة علم ، ولم تكن لها عناية كبيرة بعمارة الأرض،  والإسلام هو الذي دفعها للبحث العلمي، وهو الذي دفعها لاستنباط المنهج التجريبي في البحث العلمي الذي هو عماد التقدم الذي حدث في كل ميادين العلم الحديث، والإسلام كذلك هو الذي دفع المسلمين إلى المشي في مناكب الأرض وكشف مجاهلها، وعمارتها بشتى أنواع العمارة من زراعة وصناعة وتجارة ، وبناء مدن وإنشاء طرق وتنظيم وسائل اتصال، فضلا عن الخدمات الإنسانية الرفيعة، من تعليم مجاني، وتطبيب مجاني، وأوقاف للخير ، ونشر للبر . وهذه الحضارة التاريخية الفذة ، المتعددة الجوانب ، كانت نتاج الإسلام ، وترجمة واقعية للروح الدافعة في هذا الدين .
ويخبرنا التاريخ أن فترات الالتزام والتمسك هي فترات القوة والتمكين والرفعة والازدهار في جميع الجوانب ، وفترات التفلت والانحراف ، هي فترات الضعف والهبوط وزوال التمكين .

فمنبع القوة لهذه الأمة هو هذا الدين ، ومصدر الضعف الذي يلم بها هو البعد عنه، بينما الأمة التي اعتنقت دين بولس كان دينها هو الداء ، كلما زادت جرعته في حياتها زاد ضعفها وفسادها والظلمات التي تحيط بها ، وكان جزءا من علاجها أن تخرج من ذلك الدين.
العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2008-10-28, 22:11:21
تسجيل متابعة يا ماما هادية ....

الموضوع ده كان شاغلني كتير قبل كده و كنت بفكر فيه فعلا و بسأل نفسي ليه
لا يعاد النظر في العلوم دي من منظور إسلامي و مفهوم عربي شرقي ؟؟؟؟؟؟؟؟

الحمد لله إني لقيت شيء حقيقي يؤيد فكرتي ...
جزاك الله خيرا يا اسماء على الكتاب يارب ..


شكرا لمتابعتك يا سارة، والحمد لله ان فكرة الكتاب وموضوعه قد نالا إعجابك

العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2008-10-28, 22:20:08
وهم ضخم

ولكن هناك وَهْماً ضخما يسيطر على الناس في الجاهلية المعاصرة ، منشؤه التمكين المادي الذي أحرزه الغرب في تاريخه الحديث . ذلك الوهم هو الظن بأن هذا التمكين لا يمكن أن ينشأ إلا عن منهج سليم للحياة ! ومن ثم فكل ما يفعله الغرب صحيح وسليم ومستقيم !

جهل كبير بالسنن الربانية التي يُجْرِي الله بها حياة البشر على الأرض
( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَدْحُوراً ، وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً ، كُلّاً نُمِدُّ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً )
والإرادة المذكورة في الآية ليست مجرد الرغبة ! فالرغبة بلا عمل لا تؤدي إلى شيء . إنما هي الرغبة مع استخدام الأدوات المؤدية إلى تحقيق الرغبة ،
ولله حكمته في ذلك . فهذا تمكين الاستدراج ، يستدرج به الله الخارجين على عبادته ليزدادوا إثما :
( وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ )  .

هذا التمكين مهما طال فنهايته الدمار :
( فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ، فَقُطِـعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ).

وفضلا عـن " الضنك " الذي يعيشون فيه رغم الوفرة المادية وفتح أبواب التمكين عليهم :
( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً .. ) .

وهذا الضنك في حياة الغرب اليوم يتبدى واضحا في الأمراض النفسية والعصبية والقلق والانتحار والجنون والخمر والمخدرات والجريمة ، التي تتزايد على الدوام ولا يجدون إلى وقفها من سبيل، ذلك كله فضلا عن المصير البئيس في الآخرة

أما الذين آمنوا فيشتركون في جانب من هذه السنن ويفترقون في جانب .

يشتركون في أنه لا تمكين بغير جهد يبذل ، وأدوات تتخذ ..
ويفترقون – بالنسبة للحياة الدنيا – في أمرين: هما البركة والطمأنينة
الطمأنينة مقابل القلق والانتحار والخمر والمخدرات والجريمة . والبركة مقابل الضنك .
أما في الآخرة فالفارق هو فارق الجنة والنار ..

تلك هي السنن الربانية التي تحكم هذا الأمر . ويتبين منها أن النجاح المادي والتمكين في الأرض ليس في ذاته دليلا على استقامة المنهج وصلاحه،

ولا يعني هذا أن حياة الغرب كلها شر أو أنها خلت من جوانب الخير ! كلا ! فما من جاهلية فـي التاريخ كله كانت كلها شرا ، وكانت خالية من الخير .
ولكن الخير الجزئي المتناثر في الجاهليات لا يمنع وَسْمَ الجاهلية بأنها جاهلية ! ولا يعطيها شرعية الوجود من ناحية أخرى . ولا يمنع عنها الدمار في النهاية !

نستنتج من هذا:

أن منهج الغرب في تناوله للعلوم الاجتماعية منهج لا يتفق معنا لأنه نتاج ظروف غير ظروفنا ، وليس علما "موضوعيا" كما يزعم الغرب ، وأن التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية حاجة ملحة للأمة الإسلامية ، وأن الصحوة ينبغي أن تضع هذا الأمر في حسابها ، وتوجه له من الاهتمام ما هو جدير به ، وإلا فسيظل الغزو الفكري المنبث في هذه العلوم في الوقت الحاضر يفسد عقول الدارسين ، ويبث فيها تبعية مريضة تجاه الغرب !
العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2008-10-31, 11:06:41
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كيف يكون التأصيل الإسلامي
للعلوم الاجتماعية


تجدر الإشارة أولا إلى أننا اخترنا كلمة " التأصيل الإسلامي " بدلا من كلمة " الأسلمة " التي شاع استخدامها في الفترة الأخيرة ، لأن كثيرا مما كتب في مجال " أسلمة العلوم " لم يكن تأصيلا إسلاميا حقيقيا بالمعنى المطلوب ، بقدر ما كان اعتمادا للمفاهيم الغربية ، مع وضع " طلاء " إسلامي عليها ، يتمثل في بعض الآيات والأحاديث التي يرى مستخدموها أنها تناسب الموضوع !
التأصيل الإسلامي عمل مختلف .. إنه الانطلاق ابتداء من منطلق إسلامي ،  باستخدام الوسائل العلمية (التي طورها الغرب او غيره) والمشهود لها بالدقة والجودة، والتي تناسب البحث المطلوب، سواء التقى بعد ذلك في بعض الجزئيات أو لم يلتق مع ما كتبه الغرب في تلك العلوم .

 ففي التاريخ مثلا أو في الاجتماع قد نتفق معهم في رصد الظاهرة التاريخية أو الظاهرة الاجتماعية لأنها واقع مشهود لا يختلف الناس في رؤيته . ولكن تفسيرهم للظاهرة ، المنبثق من رؤيتهم الخاصة ، كثيرا ما نختلف معهم فيه ، لأن رؤيتنا ورصيدنا الواقعي والميزان الذي نزن به مختلف عنهم. وأوضح مثال على ذلك أنهم يرون أن إلغاء عالم الغيب ( الذي يسمونه الميتافيزيقا ) أو في القليل إهماله ، كان تقدما تاريخيا واجتماعيا وإنسانيا اكتسبه الغرب في عصره الحاضر ، بينما نرى نحن ذلك انتكاسة إنسانية لا تليق بالإنسان ..


يتبع
العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2008-10-31, 11:10:21

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

فصلت الفقرة السابقة في مداخلة مستقلة لاهميتها الشديدة
الاستاذ محمد قطب يتحدث عن علوم الاجتماع والعلوم الانسانية عموما
وانا اريد اسقاط نفس الكلام على الثقافات الجديدة الوافدة علينا تحت مسى (البرمجة اللغوية العصبية) (التنمية الذاتية) (علوم الطاقة) وغير ذلك من برامج تربوية، تتم أسلمتها لا تأصيلها اسلاميا، ويتم إحلالها رويدا وريدا -بما فيها من دخن وخبث- محل مناهج التربية الاسلامية والثقافة الاسلامية الاصيلة.... وتقوم بهذا -بكل اسف- جامعات ومعاهد معتمدة ورسمية، علما ان هذه المواد نفسها غير معتمدة في المعاهد العلية المرموقة في الدول التي صدرتها لنا... فيرجى الانتباه
العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2008-10-31, 20:48:51
الخلل في دراسة الغرب للعلوم الاجتماعية:


 إن التصور الغربي للإنسان يشتمل على عدة اختلالات أساسية:

الخلل الأول هو اعتبار أن الإنسان هو ذلك الحيوان الدارويني المتطور.
تقول الداروينية إن الإنسان لم يخلق إنسانا من أول لحظة ، إنما هو تطور عن كائن آخر هو القرد الشبيه بالإنسان ، المتطور بدوره عن أحد القردة العليا الأربع : الشمبانزي والغوريللا والأورانج أوتانج والجيبون ، وإنه مر في تطوره بمراحل عدة ، كان يقترب فيها في كل مرة من وضعه الحالي
وكان الواجب بالتالي أن يكون التركيز على ما تفرد به الإنسان عن أشباهه من الكائنات السابقة عليه ، التي تطور عنها ، لا على أوجه الشبه بينه وبين تلك الكائنات .. وذلك كله على فرض صحة الفرضية من أساسها .. ولكن الذي جرى على يد داروين كان هو التركيز على أوجه الشبه بين الإنسان والقردة العليا ( مع افتراض وجود حلقة مفقودة بينهما ) أكثر من التركيز على ما تفرد به الإنسان .. أي – بعبارة أخرى – التركيز على حيوانية الإنسان ، وليس على إنسانيته !
إن الذي تطور في الإنسان – كما تقول الداروينية – هو عقله وإبهامه !

ولأمر ما نشرت هذه النظرية على نطاق واسع في كل الأرض (1 ) ! ولكن الذي يعنينا منها هنا على أية حال هو تأثيرها على الدراسات الاجتماعية بالذات .

الإنسان حيوان له هدفان رئيسيان : الأول صراع البقاء ، والثاني الاستمتاع ، المتمثل في الطعام والشراب والجنس .
فأما الحيوان فكان يستخدم قوته العضلية ليأخذ مكانه في صراع البقاء وأما الحيوان المتطور فهو – إلى جانب عضلاته – يستخدم الأداة المستجدة التي " اكتسبها " في تطوره ، وهي العقل ، وكلما ارتقى صار استخدامه للعقل أوسع مدى وأكثر فاعلية ، يستجد فيه كل حين لونا جديدا من ألوان الاستمتاع ، ويستخدم في سبيل ذلك مزيدا من الأدوات يخترعها العقل ، وتستخدمها اليد ذات الإبهام المتطور !
وتنشأ من ذلك الحضارة ..

فسعيه إلى إثبات ذاته في صراع البقاء يتمثل في القوة الحربية ، والقوة السياسية ، والقوة العلمية ، والقوة الاقتصادية ، وسعيه إلى الاستمتاع يتمثل في " الفن " بمحتلف انواعه إلى جانب المتاع الحسي المباشر بما يلبي نداء الشهوات ..
وهذه – بشقيها – هي معايير إنجازاته !

أين مكان " القيم " في هذا التصور ؟ .. نعني ما نسميه " القيم العليا " من نشر العدل وإزالة الظلم ونشر الخير
إنها كلام جميل يتحدث عه المتحدثون ! لا مكان لها عند الحيوان الأصلي ، ولا مكان لها كذلك عند الحيوان المتطور ! .

الخلل الثاني في التصور الغربي هو دراسة الإنسان بمعزل عن خالقه ، كأنما هو قد خلق نفسه!
ويترتب على ذلك – عندهم – ألا تكون للإنسان مرجعية خارج حدود ذاته ! إنما يكون " هو " مرجع نفسه ،
ومن الواضح أن هذا الخلل في فكر الغرب قد نشأ من الصراع ضد الكنيسة وطغيانها . أو قل : من فساد الدين الذي اعتنقته أوربا

يقول " جوليان هكسلي " في كتابه ( الإنسان في العالم الحديث ) : إن الإنسان قد خضع لله في الماضي بسبب عجزه وجهله . والآن – وقد تعلم وسيطر على البيئة – فقد آن له أن يأخذ على عاتق نفسه ما كان يلقيه من قبل في عصر العجز والجهل على عاتق الله ، ومن ثم يصبح هو الله !
ويقول في نفس الكتاب : إن أسطورة بروميثيوس ما تزال كامنة في كيان الأوربي الحديث توجهه على غير وعي منه . فالأوربي المعاصر هو " بروميثيوس الحديث " الذي يريد أن يضع نفسه في مكان الإله . وكلما تعلم ، وزادت سيطرته على البيئة ، ارتفع في حس نفسه درجة ، وهبط الإله مقابل ذلك في حسه بنفس القدر ، حتى إذا استطاع يوما أن يخلق الحياة انتهى الإله من حسه تماما ، وأصبح هو الله .
{ قُتِلَ الْأِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ ، مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ، مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ ، ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ ، ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ ، ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ ، كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ}

ولم يكن موقف الفارين في الغرب من طغيان الكنيسة خللا عقديا فحسب ، ( وَكَفَى بِهِ إِثْماً مُبِيناً ) إنما كان إلى جانب ذلك خللا علميا، أفضى إلى القول بحتمية " قوانين الطبيعة " (2 ) والقول بالطبيعة الخالقة " التي تخلق كل شيء ولا حد لقدرتها على الخلق " (3 ) ! والقول باالخلق الذاتي ( 4) ، والقول بأزلية المادة وأبديتها .. إلخ .
ولكن الخلل في دراسة الإنسان كان أشد وأبعد أثرا

إننا حين ندرس الإنسان بمعزل عن خالقه ، وعن السنن الربانية التي تحكم حياته ، فما المعيار الذي نقيس به تصرفاته ؟ وما معيار إنجازاته ؟ من الذي نعتبره مرتفعا راقيا ومن الذي نعتبره منتكسا هابطا ؟ أم الكل سواء ؟!
من هنا تتخبط النظريات وتتخبط التفاسير التي تحاول أن تفسر السلوك البشري والحياة البشرية ، ما بين مبدأ اللذة والألم ، ومبدأ النفعية ، ومبدأ نسبية القيم ؛ وما بين التفسير المادي للتاريخ ، والتفسير اللبرالي ؛ وما بين الغاية التي تبرر الوسيلة ، واللاغائية ، والعدمية ، والفوضوية ، والوجودية .. وكلها مذاهب ، وكلها تفاسير !!

إذا جمعنا حصيلة الخللين الأساسيين في التصور الغربي للإنسان ، نجد أن الإنسان في ذلك التصور حيوان متأله ! حيوان بحكم منشئه . متأله بحكم جعله نفسَه حكما مطلقا في كل ما يتعلق به من الأمور : السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية والخلقية والفنية .. إلخ

الخلل الثالث في النظرة الغربية هو دراسة الإنسان كأنه يعيش حياته الدنيا وحدها ، ولا معاد له في الآخرة ، وبهذا اختلت الموازين تماما ، ولم يبق شيء في الرؤية على وجهه الصحيح !
فحين يعيش الإنسان للدنيا وحدها ، ويعتقد أن ما يجنيه فيها من خير أو شر هو الحصيلة النهائية لجهده ، وألا بعث ولا حساب ، فكيف تكون قيمه ، وكيف تكون أهدافه ؟
لا جرم يركز على الهدفين الرئيسيين للحيوان : الغلبة في صراع البقاء ، والاستمتاع ، وإن كانت أدواته لتحقيق كل من الهدفين هي أدوات الحيوان المتطور ، أي باستخدام العقل ، واستخدام العُدد والآلات .. ومن هنا يبرز مثل هذا الشعار : القوة هي الحق !! ( Might is right ) ويكون قانون التعامل بين التجمعات البشرية بعضها وبعض هو قانون الغاب، وإن كان الكلام " الحلو " الذي تعلمه الحيوان المتطور حين أتيح لمخه أن يكبر ، يفيض رقة وعذوبة وهو يتكلم عن التعاون الدولي ، وعن الحرية والديمقراطية واحترام حقوق " الآخرين " !

ولا ينفي هذا أن تكون هناك " أخلاقيات " في السياسة والاجتماع ، وعلاقات الناس بعضهم وبعض في داخل كل تجمع على حدة ، قائم على رابطة الدم أو العصبية القومية ، ولكنها – باعترافهم – أخلاقيات نفعية ، يتواضعون عليها لتقليل الاحتكاك في التجمع الواحد إلى أقصى حد ممكن ، وتوجيه العدوان إلى " الآخرين " ! ثم لينال كل إنسان حظه من الاستمتاع الحيواني بأقل قدر من المنغصات .. وحتى هذه " الأخلاقيات " كما يقول دوركايم دائمة التقلب لا تثبت على حال !

إذا جمعنا هذه الاختلالات الثلاثة ، وتأثيرها على الدراسات الاجتماعية في الغرب فماذا نجد في النهاية ؟

نجد أن هذه الدراسات لا تتحدث عن الحقيقة الشاملة للإنسان ، ولا عن كل حالاته ، إنما تتحدث عن حالة معينة من حالاته ، هي حالة " الجاهلية " التي ينتكس إليها الإنسان حيث يستكبر عن عبادة الله ، ويرفض اتباع منهج الله ، فيكون الناس فيها ( كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ )
.. ثم يقال هذا هو الإنسان !! وتتأسس على ذلك " علوم " ، وتسمى " العلوم الإنسانية " !!


___________________

(1) تقول " بروتوكولات حكماء صهيون " في البروتوكول الثاني : لقد رتبنا نجاح داروين ونيتشه ، وإن تأثير أفكارهما في عقائد الأمميين واضح لنا بكل تأكيد !
(2 )  بما ينفي المعجزة ، وينفي قدرة الله على التصرف في الكون بما يخالف السنة الجارية !
( 3)  هذه قولة داروين .
(4 )  هذه قولة الملاحدة من " علماء ! " الحياة .

العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2008-11-05, 10:42:54
 :emoti_133:


الإنسان في التصور الإسلامي


الإنسان في التصور الإسلامي كائن مختلف تماما ! لا هو حيوان ولا هو إله ! وإنما هو إنسان !
إنه قبضة من طين الأرض ، ونفخة من روح الله . فأما قبضة الطين فهي جسده بكل ما يحويه من نوازع وشهوات . وأما نفخة الروح فقد منحتها الوعي والإرادة والحرية
ثم إن له بطبيعة خلقته تلك طريقين اثنين لا طريقا واحدا كالحيوان أو كالملاك، أحدهما طاعة الله والآخر طاعة الشيطان، وفي كل لحظة من لحظاته يستمع إلى أحد الندائين فيتجه إليه ، ويصم سمعه عن النداء الآخر .
الحيوان لا توصف أعماله بأنها خير أو شر ، لأنه لا خيار له فيها ، وليس له إلا طريق واحد يسلكه بدافع الغريزة. أما الإنسان فكل عمل يعمله بوعيه وإرادته له قيمة خلقية لاصقة به ، فيوصف بأنه خير أو شر. وليست هذه القيمة الخلقية مفروضة عليه من خارج كيانه كما يزعم علم الاجتماع الجاهلي (1 ) ، أو علم النفس الجاهلي ( 2) . إنها نابعة من تكوين الإنسان ذاته، لكن  "المعايير الخلقية " هي التي يمكن أن تفرض من خارج الكيان الفردي .. المعايير التي تحدد أن عملا بعينه يعتبر خيرا وأن عملا آخر يعتبر شرا . وهذه هي التي يختلف الناس في تقديرها حسب مصدر التلقي الذي يتلقون منه القيم والمعايير .

السلطة التي تقرر المعايير عند المؤمن هي الله سبحانه وتعالى
( أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ) (3 ) .
أما عند الذين لا يؤمنون بالله فهي سلطة بشرية سواء كانت هي الدولة أو المجتمع أو " الطبقة المستغلة " .. أو الهوى والشهوات ! وهي في جميع أحوالها سلطة جاهلية لأنها تحكم في الأمور بغير ما أنزل الله .
و " الإنسان " في أي وضع من أوضاعه هو أحد اثنين لا ثالث لهما – أيا كان جنسه ولونه ولغته وثقافته ومبلغه من " العلم " ومبلغه من الحضارة ومبلغه من الثروة ومبلغه من القوة – فهو إما ذلك الذي يستمد منهج حياته من المنهج الرباني ، وإما ذلك الذي يستنكف أن يأخذ عن الله منهج حياته ، ويستكبر عن عبادة الله :
( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) ( 4) .
ولا يعني هذا التقسيم " المبدئي " أنه لا توجد تقسيمات أخرى ومفاضلات أخرى بين البشر .
فلا المؤمنون كلهم نوعية واحدة ودرجة واحدة ، ولا الكافرون كذلك .
ولكنهم كلهم بشر ، فيهم الخصائص الرئيسية للإنسان : فيهم الوعي والإرادة والحرية ، ويفترقون في إشراقة الروح ، فهي عند المؤمن عنصر فعال يرفعه إلى أعلى ويزكي نفسه ، وعند الكافر عنصر مطموس لا يعمل ، فتهبط به ثقلة الطين .



:rose::: :rose::: :rose:::

وهذا الإنسان الذي زوده الله بهذه الخصائص : الوعي والإرادة والحرية – ليس مخلوقا عبثا ، وليس متروكا سدى . إنما هو مسئول .. مسئول في الدنيا والآخرة ، مقابل هذه الخصائص التي أعطيت له :
( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ ) (5 )
وتتمثل مسئوليته في أنه مفطور على حب الاستمتاع ، وأن المتاع موجود في الحياة الدنيا ومتاح ، ولكن الله رسم له حدوداً معينة ( هي التي يعلم سبحانه أنه يتحقق بها الخير ) ووضَعَ الإنسانَ مقابل ذلك المتاع .. للابتلاء – بمعنى الاختبار – وجعل موضوع الاختبار هو : ماذا يأخذ من متاع الدنيا وماذا يدع، وبأي طريقة؟ والمحك هو الالتزام بحدود الله أو تجاوز الحدود، ومقابل الالتزام جنة عرضها السموات والأرض . ومقابل التجاوز عذاب لا يقف عند حد .

والإنسان في ذلك جزء من بنية هذا الكون الهائل العظيم
، الذي خلقه الله بالحق . ولا يتم هذا الحق بالنسبة للإنسان حتى يحاسب في اليوم الآخر عما فعله في الحياة الدنيا ويأخذ جزاءه عليه إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر .
ومن ثم فليس الإنسان حرا يفعل ما يشاء ولا يسأل عما يفعل .
وكذلك ليس ساقطا عنه التكليف كالحيوان ، لأنه ليس حيوانا . ولا هو مقهور على التصرف بطريقة معينة كالكون المادي .. إنما هو " إنسان " ذو وعي وإرادة وحرية في نطاق معين . وعلى قدر هذا النطاق يسأل عما يفعل ، ويجازى عليه .

فهو يملك أن يعمّر الأرض بمقتضى المنهج الرباني إذا شاء والتزم ، ويستطيع كذلك أن يعمرها بمناهج من عند نفسه يخالف بها أمر الله إذا شاء ألا يلتزم . ولكن لا تجري الأمور في الحالتين على صورة واحدة – وإن تشابهت أحيانا – إنما تختلف النتائج في الدنيا وفي الآخرة على السواء ، بمقتضى سنن لا يملك الإنسان أمرها ، إنما هي سنن إلهية ، الله هو الذي قررها وقدرها ، وهو الذي يجريها بمشيئته في حياة الإنسان ، ولا يملك الإنسان إزاءها إلا الإذعان ، وإن كابر وزعم أنه إله !
وبين حرية الاختيار وحتمية السنن التي لا تتبدل ولا تتحول تسير الحياة البشرية في مجراها الذي قدره الله ، إلى أن يرث الله الأرض وما عليها .

وهنا مفرق الطريق بين مفهوم الإسلام ومفاهيم الجاهلية !

إن الجاهلية تعتبر أن النجاح في العمارة المادية للأرض، في اكتساب القوة والتمكن، ثم في الاستمتاع بمتاع الأرض ..

لكن المعايير الربانية تفترق عن معايير الجاهليين فـي أمرين رئيسيين :

الأمر الأول : هو تحديد غاية الوجود الإنساني ، التي يتخذ الإنسان الأسباب لتحقيقها ، والغاية هي أن يعبد الله على وعي ، ويعمر الأرض بمقتضى المنهج الرباني . المبين في الكتب المنزلة على الرسل الكرام صلوات الله وسلامه عليهم:
( لَقَـدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ) ( 6) .
فأنّى يتحقق القسط بين الناس حين يطبقون فـي حياتهم قانون الغاب الذي وضع للحيوان ؟!
أما الأمر الثاني هو مدّ الوعي بالوجود الإنساني إلى ما وراء الحياة الدنيا القصيرة الفانية إلى الحياة الخالدة الباقية
فالإنسان ينشط في الدنيا بعمله وعمله ، ومجاله الفردي ومجاله الأسري ومجاله الاجتماعي ومجاله البشري ملتزما بما أنزل الله ، متوجها بعمله ومشاعره إلى الله ، ليستحق عند الله نعيم الآخرة .
 
وإن الصورة المريضة التي تعيشها الأمة المسلمة اليوم ، ويتخذها الجاهليون المعاصرون حجة لنبذ المعايير الربانية واتخاذ معايير الجاهلية الأوربية ، ليست من الإسلام ، ولا يحتج بها على الإسلام . إنما هي انحراف تسأل عنه الأمة في الحياة الدنيا ويوم تقوم بين يدي مولاها.

إنما الصورة السليمة التي عاشتها الأمة بالإسلام قرونا متوالية هي المرجع ، وهي المحك لواقعية المعايير الربانية ، وأنها ليست مُثُلاً معلقة في الفضاء غير قابلة للتطبيق

على أن الخسارة ليست واقعة في الدار الآخرة وحدها ! فالوضع المضطرب الذي تعيشه البشرية اليوم في مختلف أرجاء الأرض ، هو شهادة الواقع على عدم صلاحية المعايير الجاهلية المجافية للمنهج الرباني لقيادة البشرية إلى النجاح الحقيقي، وانظر فقط إلى نسبة الأمراض النفسية والعصبية والقلق والجنون والانتحار والخمر والمخدرات والجريمة .. والفزع الدائم من الأزمات ، سواء السياسية أو الحربية أو الاجتماعية أو الاقتصادية .. واسأل نفسك هل أدى التقدم العلمي والتكنولوجي وظيفته التي كان قمينا أن يقوم بها في ظل المنهج الرباني ، يوم يقوم الناس بالقسط ؟!
( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ) ( 7) .


:rose::: :rose::: :rose:::

العلوم الاجتماعية التي تدرس أحوال الإنسان مستندة إلى هذا التصور الإسلامي ومستمِدَّة منه ، لا بد أن تختلف اختلافا جذريا في المنطلق وفي الغاية ، عن العلوم التي تستمد من التصور الغربي ، ولو التقت معها في بعض الجزئيات ، أو في كثير من الجزئيات . فليست الجزئية هي التي تحدد الصورة النهائية ، إنما الصورة الشاملة هي التي تحدد مكان الجزئية من الصورة ، ودلالتها في الكل المتكامل الذي تمثله الصورة .

وفي الفصل التالي نعرض خطوطا عريضة لما نتصور أن تكون عليه الدراسات الاجتماعية المستمدة من التصور الإسلامي للإنسان .

____________________
(1 )  انظر دوركايم .
(2 )  انظر فرويد .
( 3( )  سورة التغابن [ 2 ] .
( 4)  سورة المؤمنون [ 115 ] .
(5)  سورة الأعراف [ 54 ] .
 (6)  سورة الحديد [ 25 ]
العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2008-11-09, 01:04:43
خطوط عريضة في التأصيل الإسلامي



الأمر الأول :
من بدهيات البحث العلمي أن تكون " العينة " التي يُجْرَى عليها البحث ممثلة تمثيلا صادقا للنوع أو الشيء المراد دراسته وتقنينه ومعرفة خواصه وترتيب النتائج عليه .
لقد تعرض علماء الغرب لخطأ علمي فادح حين أخذوا العينة البشرية التي درسوها من جيل معين من أجيال البشرية (المعاصر)، ولم تشمل دراستهم كل أفراد الجيل (بل اختاروا العينة من مجتمعهم وحسب) ، ثم استخرجوا نتائج عامة عمّمومها على كل الاجيال من مختلف المجتمعات البشرية،  فكانت دراستهم  بعيدة عن الواقع ، وبعيدة عن " الأصول العلمية " التي يجب توافرها في البحث ؟

انظر إلى دوركايم – مثلا – وهو يقول "إن الدين والزواج والأسرة ليست من الفطرة" !
فعلى أي شيء بنى تلك النتيجة التي أعطاها صفة القطع ؟!
لقد بناها على جيل معين من أجيال البشرية فرط في دينه ، ولم يعد يلتزم بالزواج إطاراً للعلاقة بين الجنسين ، ولم يعد يهتم بالأسرة كياناً يجمع الأم والأب والأولاد ..
فهل يمكن أن توصف هذه الاستنتاجات بأنها " علمية " وأنها سليمة ؟
وهل يلغي جيلٌ دلالة أجيال لا يحصيها إلا الله وحده ..

إنما يكون المسلك العلمي الصحيح أن نرصد الظاهرة خلال الأجيال ، في آلاف السنين التي نملك عنها بيانا نطمئن إلى صحته ، ثم نقرر شذوذ هذا الجيل عن سلسلة الأجيال قبله ، ثم نحاول أن نرصد أسباب هذا الشذوذ في واقعنا المعاصر ، لنعلم إن كان شيئا عارضا قابلا للزوال ، أم إنه تحول في الفطرة البشرية ذاتها خرج بها عن خطها إلى خط جديد ..

الأمر الثاني
 الذي يجب أن يتجنبه الكاتب المسلم – هو الدعوى التي تقول إن البحث العلمي يجب أن يكون " واقعيا " لا يتعلق " بالمثاليات " ، أي أنه يجب أن يتعامل مع ما هو كائن لا مع ما ينبغي أن يكون !

إن هذا المنطلق يصح في حالة واحدة ، هي أن يكون " ما يجب أن يكون " غير قابل – في ذاته – للتطبيق ، لمخالفته للفطرة البشرية ، أو لكونه خارج حدود قدرة الإنسان . فأما إن كان مما يقدر الناس عليه ، ومما طبق بالفعل في فترة معقولة من الزمن ، فلا تقبل دعوى " الواقعية " في عدم التعامل معه ، ولو انحرف الناس عنه ، فالقضية هنا لا تتعلق بالواقعية أو عدمها ، إنما تتعلق بالمرجعية : هل هي للإنسان أم هي لخالق الإنسان !

فكل التكاليف التي كلف الله بها الإنسان ملزمة له ، وهي الأصل الذي يجب أن يكون عليه الإنسان . وحين ينحرف عنها يكون انحرافه في خانة " الخطأ " لا في خانة " الواقع " ، ولو وقع في الخطأ كل الناس ! .. فإن كثرة الخطأ وعمومه لا تنفي عنه صفته ، ولا تعطيه شرعية الوجود .

والواقعية الإسلامية لن تزيف الواقع ، ولن تعطيه وصفا ليس له . ولكن الفرق بينها وبين واقعية الغرب أنها تتسع للواقع كله ، بشقيه ، الواقع الذي يجب أن يكون عليه الناس ، والواقع الذي عليه الناس بالفعل في أي جيل من أجيالهم ، مقيسا بما يجب أن يكون ، أي موضوعة مخالفاته في خانة الخطأ والانحراف .


 emo (30):
العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: جواد في 2008-11-09, 01:22:11
جزاكم الله خيرا كثيرا،

مشكلة كثير من المسلمين ومن كتاب المسلمين هى هزيمتهم النفسية امام الغرب وعلومة المادية..

فيتحول التملق لهم والدعوة الى فكرهم الى مدنية حضارة !

بالطبع لقد تشربنا الكثير من التاريخ المزور عنا ومسخت شخصياتنا كثيرا بتخلفنا العلمى..
العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2008-11-10, 20:59:06
شكرا لتعليقكم وحسن متابعتكم أخي الكريم

ونتابع معا
العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2008-11-10, 21:09:10

( 1 )  في علم الاجتماع


علم الاجتماع الإسلامي ينبغي أن يركز على الموضوعات الآتية :
1- السنن الربانية التي تحكم الحياة البشرية ، وخاصة سنن التمكين في الأرض ، وسنن التدمير .
2- الثابت والمتغير في حياة البشرية .
3- الدين والفطرة .
4- مكانة الأسرة في البنيان الاجتماعي .
5- العلاقة المتبادلة بين الفرد والمجتمع .

أولا : السنن الربانية

إن حتمية السنن الربانية تختلف اختلافا جذريا عن الحتميات الزائفة التي أتت بها الجاهلية المعاصرة خاصة ، سواء الحتمية المادية أو الحتمية التاريخية التي اصطنعها ماركس ، أو الحتمية النفسية التي اصطنعها فرويد ، أو الحتمية الاجتماعية التي اصطنعها دوركايم ، والتي تلغي إيجابية الإنسان إزاء الضغوط الواقعة عليه من خارج كيانه أو من داخل كيانه ، وتجعله عبداً ذليلا خاضعا للأوضاع المادية ، أو لضغط الشهوات ، أو لضغط المجتمع ، في الوقت الذي يرفض فيه أن يكون عبداً لله !

إن هذه الحتميات الزائفة تلغي في الحقيقة " إنسانية الإنسان " المتمثلة في الوعي والإرادة والحرية

وعالم الاجتماع المسلم عليه أن ينبه إلى زيف هذه الحتميات كلها ، ويبين في الوقت ذاته معنى حتمية السنن الربانية ، والفرق الهائل بينها وبين الحتميات الزائفة .

إن السنن الربانية لا تفرض على الإنسان سلوكا بعينه . إنما تقول له إنه إذا اختار كذا فالنتيجة الحتمية لهذا الاختيار هي كذا . فهي تدع له حرية الاختيار ، ولكنها ترتب نتيجة معينة ، ثابتة لا تتغير ، على الاختيار الحر الذي يختاره .
 وهي من ثم تكرّم الإنسان إذ تدع له حرية الاختيار ، وتقول له إنه مسئول عن عمله ، وعن النتائج التي تترتب على عمله:
( وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا ، فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ، قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ، وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ) (1 ) .
( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ) (2) .

وإن الإسلام – بواقعه التاريخي – لهو الشاهد على كذب تلك الحتميات الزائفة كلها ، وصدق السنن الربانية ، وتكريمها للإنسان ، فليس في الإسلام شيء واحد يمكن أن ينشأ من الحتمية التاريخية ، أو الحتمية النفسية ، أو الحتمية الاجتماعية ، التي زعمها ماركس وفرويد ودوركايم ، إنما هو واقع قوم اختاروا الإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر ، فغيروا ما بأنفسهم ، فغيروا – بحول الله ، وبمقتضى سنن الله – كل الواقع المادي والاقتصادي والنفسي والاجتماعي الذي كان قائما في الأرض واستبدلوا به غيره !

شعور الناس هو الذي حدد وجودهم على عكس ما قال ماركس .
ارتفاع مشاعر الناس عن الحيوانية الغريزية هو الذي جعل منهم أكبر طاقة بانية معمرة في التاريخ ، على عكس ما قال فرويد .
إيمانهم – بإرادتهم ومن داخل نفوسهم – هو الذي أزاح كل الأعراف الاجتماعية التي كانت قائمة في وقتهم ، وأنشأ بدلا منها أعرافا جديدة قويمة ، على عكس ما قال دوركايم .

وثبتت سنة الله ، ووعده ووعيده ، فمكن الله للمؤمنين ، ودمر على الكافرين:

( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً ) (3 ) .
( أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا ) (4 ) .

 :rose::: :rose::: :rose:::

من السنن الربانية:


1- لا تحصيل بغير جهد يبذل .

2- أن الله يعطي على الجهد – في الدنيا – للمؤمن والكافر سواء ،
ويترتب على هذه السنة: أن النجاح والتمكين في الحياة الدنيا ليس في ذاته مقياسا للصلاحية ولا للخيرية ، ما دام يعطى للمؤمن والكافر على السواء !
*فقد اكتسح التتار – في همجيتهم – بقاعا شاسعة من الأرض ، ودكوا حضارات كانت قائمة ، وأزالوا دولا ذات سلطان
*وقد سادت الإمبراطورية الرومانية الأرض ردحا من الزمن غير قليل ، وهي قائمة على العسف والظلم والقهر واستعباد الآخرين واستغلالهم أسوأ استغلال .
*و " الحضارة " الغربية الحالية هي وريثة الإمبراطورية الرومانية في عسفها وظلمها وتجبرها وطغيانها ، وإن انخدع عن هذه الحقيقة المنخدعون !

3- سنة الابتلاء، وغالبا ما يكون الابتلاء للتمحيص ، تمهيدا للتمكين بعد التمحيص .
ولكن يكون الابتلاء الشديد أحيانا لحكمة أخرى غير التمكين في الأرض ، هي إعطاء النموذج الفذ للتجرد الكامل لله ، والاستعلاء بالإيمان على كل قوى الأرض ، وكل متاع الحياة الدنيا ، ابتغاء الآخرة وحدها ، دون أيّ أمل في أيّ نجاح في الأرض

4- البركة والطمأنينة يختص الله بها المؤمنين دون غيرهم.

5- سنة الشيخوخة: وهي تختص بقيام الدول وزوالها ، وقد كان لابن خلدون اهتمام بهذه الظاهرة وأعطاها تفسيره المعروف ، الذي أخذه عنه " توينبي " المؤرخ الإنجليزي المعاصر، ومفادها أن الدول تبدأ صغيرة ثم تكبر ، وتكون في فترة شبابها قوية ذات شكيمة وعزيمة ، ثم يدب إليها الوهن فتهرم ثم تموت .
والنقطة التي نود أن يتناولها علم الاجتماع الإسلامي هي : أمة العقيدة .. هل ينطبق عليها سنة الفناء بالشيخوخة كما يقول ابن خلدون ، أي الهلاك بالترف؟؟

نريد أن نفرق بين " الدولة الإسلامية " و " الأمة الإسلامية " .

لقد هلكت الدولة الأموية بالترف ، وهلكت من بعدها الدولة العباسية ودولة المسلمين بالأندلس ، والدولة العثمانية .. كلها هلكت بهذا الداء المهلك الذي جعله الله في سننه سببا لزوال الدول . ولكن " الأمة الإسلامية " كتب لها البقاء .. فعاشت خمسة عشر قرنا ربما كانت أطول عمر عاشته أمة واحدة في التاريخ !
 فهذه السنة ليست حتمية، وهي قد تتناول الدول، لا الأمم.. والدلالة قائمة في حركات البعث الإسلامي وحين يتجدد الدين تتجدد الأمة ، لأن حياة هذه الأمة في هذا الدين !


______________________

(1 )  سورة الشمس [ 7 – 10 ] .
(2 )  سورة الزلزلة [ 7 – 8 ] .
( 3)  سورة النور [ 55 ] .
(4 )  سورة محمد [ 10 ] .
العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2008-11-13, 23:03:24

ثانيا : الثابت والمتغير في حياة البشرية

قضية الثابت والمتغير من القضايا الهامة في علم الاجتماع . فمن الواضح أنه يوجد في حياة البشرية ثوابت ومتغيرات .
دوركايم وضع الثوابت كلها – بما فيها الدين والزواج والأسرة – على الخط المتغير ، وقال إنه لا توجد ثوابت على الإطلاق !
ثم قال فوق ذلك إن " العقل الجمعي " هو الذي يغير كل شيء في حياة الأفراد ، ويتحكم فيهم من خارج أنفسهم ويفرض عليهم كل ما يعتنقونه من العقائد والأفكار والمشاعر وأنماط السلوك !
ثم أضاف في النهاية إن هذا العقل الجمعي المتحكم في الأفراد من خارج كيانهم لا يثبت على حال !!
" ولكن لما كان هذا العمل المشترك ( الذي تنشأ عنه الظواهر الاجتماعية ) يتم خارج شعور كل فرد منا – وذلك لأنه نتيجةٌ لعدد كبير من الضمائر الفردية – فإنه يؤدي بالضرورة إلى تثبيت وتقرير بعض الضروب الخاصة من السلوك والتفكير ، وهي تلك الضروب التي توجد خارجة عنا ، والتي لا تخضع لإرادة أي فرد منا " ( 1) !
ودعك مؤقتا من التملص – غير العلمي – من الحقائق الدامغة إذ يثبت أن الظواهر الاجتماعية تنشأ نتيجة " لعدد كبير من الضمائر الفردية " ، ثم يقول في نفس الوقت إنها " لا تخضع لإرادة أي فرد منا " . وهي معادلة لا تتم على أي ميزان إلا ميزان الهوى المختل .
ولكن انظر إلى ما ينفي ثباته ! إنه " القيم الإنسانية " بالذات : الدين والزواج والأسرة والأخلاق !
ولا يستحي دوركايم أن يجعل مرجعه في ذلك عالم الحيوان ! متأثرا في ذلك باللوثة الداروينية.

القضية في أمر الثابت والمتغير لها مدخلان :

1- هل المرجعية للخالق العليم الحكيم ، أم للإنسان؟
2- الواقع التاريخي للإنسان يدلنا على أن كل ما يقوم به الإنسان من ألوان النشاط هو أصيل في تكوينه . حتى شهواته التي قد ينشأ عنها انحرافه هي أصيلة فيه، والأصل فيها أن تكون دوافع لمهمته في عمارة الأرض، وحين تكون في مسارها الصحيح – أي حين تكون ملتزمة بالثوابت التي فرضها الله – فهي عندئذ قوة خير ، أما حين تنحرف عن المسار الصحيح فهي عندئذ قوة مدمرة ، تهلك الإنسان ، وتفسد حياته في الدنيا والآخرة على السواء .
وفي الوقت ذاته هي نقطة الابتلاء الدائمة التي يختبر بها الإنسان : هل يطيع فيها ربه ، فيلتزم بالثوابت التي فرضها عليه ، أم يطيع الشيطان ؟

ويقول الواقع التاريخي إن الإنسان خلال حياته كلها – فيما عدا هذا الجيل الضائع الذي أخرجته عن صوابه عوامل شتى – كان له دين يعتنقه – صحيحا كان دينه الذي يعتنقه أو منحرفا ( ) – وكان يمارس الزواج ويسعى إلى الحياة في داخل أسرة

والله تعالى قد ثبت " القيم الأخلاقية " التي ينبغي للإنسان أن يقيم عليها حياته، ولكن الواقع التاريخي يقول إن أكثر الناس لا يلتزمون بهذه القيم الأخلاقية ، وينحدرون عنها بدافع الهوى والشهوات، ولكنهم حين ينحرفون لا يسلمون من نتائج انحرافهم ، بل يصيبهم الخلل والاضطراب والضنك ، والواقع المعاصر للغرب أكبر شاهد عليه ، ومعنى ذلك أن الثبات في هذه القيم هو الواجب الذي يجب أن يكون ، وهو الأصل ، والتغيير هو الانحراف .


المتغيرات

يحدث التغيير من احتكاك العقل البشري بالكون المادي ، فيتعرف على مكنوناته ، ويتعرف على خواص المادة ، فيسعى – بعقله وعضلاته – إلى تسخيرها لرغباته وحاجاته ، ثم يظل يحاول تحسينها وتجميلها وتكميلها حتى يصل بها إلى غاية ما يستطيع . ومن خلال هذه العملية الدائبة ، تتغير على الدوام في حياة الإنسان أمور بعد أمور، ولكن لا تتغير دوافع الإنسان الأصيلة وإنما تتغير الطريقة التي يشبع بها الإنسان دوافعه.
فالإنسان بفطرته يجب أن يكون له مأوى يأوي إليه، فيأوي – في بداوته وقلة حيلته – إلى الكهوف، ثم ينشئ أكواخا من غصون الشجر، ثم يبني أكواخا من الخشب المصنع ، أو بيوتا من الطين، أو بيوتا من الحجر أو قصورا شامخات .. ما الذي تغير ؟ حب المأوى ، والسكن إلى المسكن ، أم صورة المأوى ، وما يحتويه من أدوات الراحة ، وأدوات التجميل والزينة ؟
وقس على ذلك ما شئت !
ما الذي تغير عبر العصور في حياة الإنسان ؟
رغبة التنقل أم الوسيلة ؟
 حب المعرفة من حيث الجوهر ؟ أم وسائل المعرفة ؟
إن جوهر القضية ..هو في تصور " الإنسان "
وإنما يحدث الرقي الحقيقي حين تحكم الثوابتُ المتغيراتِ ، فيزداد الإنسان رقيا كلما زاد عملا بالمنهج الرباني



_____________________

(1) إميل دوركايم ، قواعد المنهج في علم الاجتماع ، ترجمة الدكتور محمود قاسم ومراجعة الدكتور السيد محمد بدوي ، طبع القاهرة ، الطبعة الثانية ص 25 .
العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2008-11-18, 11:18:44

ثالثا : الدين والفطرة

الدين من الثوابت التي تشتمل عليها الفطرة ، ولكنا نخصه بحديث خاص لأهميته الخاصة ولأن الجاهلية المعاصرة تجتهد بكل قوتها لزحزحته من مكانه الثابت ، ووضعه على الخط المتغير ، الذي ينتهي به إلى الزوال ! فتقول صراحة إن الحياة البشرية قد مرت في ثلاثة أطوار، طور السحر والخرافة ، وطور التدين ، وطور العلم .
والحقيقة أن موجة الإلحاد قد بدأت تنحسر اليوم تحت مطارق العلم ذاته.

بيان حقيقة الفطرة ومكان الدين منها:

أودع الله فطرة الكون كله – والإنسان جزء منه – أن يتجه إلـى الخالق ، ويسبح بحمده :
عن طريقين اثنين ، طريق " الوعي " وطريق " الوجدان " (الروح) .

1- يظن كثير من الناس أن حالة " الوعي " التي تتجه إلى الخالق تأتي متأخرة في مرحلة النضج ، أو مرحلة البلوغ .
ولكنا إذا دققنا الملاحظة نجد أن بداية الوعي تبدأ قبل ذلك بكثير ، منذ الطفولة !
أرأيت إلى الطفل بعد أن يستكمل قدرته على النطق في الخامسة أو السادسة ( وأحيانا قبل ذلك ) إذ يرهق أبويه بالأسئلة عن كل شيء حوله : من الذي صنعه ؟ وكيف هو مصنوع ؟ ولماذا هو على الحالة التي هو عليها ؟
لماذا تشرق الشمس بالنهار ولا توجد في الليل ؟ وأين تكون قبل أن تشرق ؟
إن إجابتها في الحقيقة عبارة واحدة ، "هي هكذا كما خلقها الله" !
إنه بدء تيقظ الفطرة عن طريق الوعي ، تسأل في الحقيقة عن الخالق لتتوجه إليه ! ومهمة التربية هي تركيز هذا الوعي ، ووضعه على المسار الصحيح .


2- متى يبدأ الوجدان طريقه .. طريق الروح ؟

لعل الناس في هذا الأمر مختلفون .. منهم من يستيقظ وجدانه مبكرا ، ومنهم من يتأخر . ففي الفطرة منافذ تتلقى إيقاعات الكون: كعجيب صنع الله في الخلق، وظاهرة الموت والحياة، والغيب المستور كله، فتوقظ الفطرة إلى عظمة الله ، وقدرته المعجزة ، وتفرده بالخلق والرزق والتدبير .. وتفرده بالألوهية ، فتتجه الفطرة إلى الله .
وفي كتاب الله توجيهات للفطرة ، تدخل من هذه المنافذ ذاتها التي أوجدها الله في النفس البشرية ، فتهتدي إن كتب الله لها الهداية ، وتستقيم على الطريق .
الأصل في الإنسان الإيمان ، والكفر هو المرض الذي يصيب القلوب ، فتنحرف عن الأصل .

ومع ذلك تزعم الجاهلية المعاصرة على يد " علمائها ! " أن الدين ليس من الفطرة ! . أو أن الدين أخلى مكانه للعلم ! أو أن الإنسان شب عن الطوق ولم يعد في حاجة إلى وصاية الله !

وعالم الاجتماع المسلم يعلم أن:

- الحق أن الدين فطرة :  ( فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) ( 1) .
- والحق أن الأرض – في القديم والحديث – تعج بالشرك
- والحق أن الله لا يرضى لعباده الشرك
- والحق أن الدين الذي يطلبه الله من عباده ليس مجرد أن يؤمنوا بأنه سبحانه هو الخالق الرازق المدبر ، إنما الدين الذي يطلبه الله من عباده أن يؤمنوا به وحده ، ويعبدوه وحده ، ويتبعوا شرعه وحده ، ويتخذوا منهج حياتهم من منهجه وحده.

وعلى هذه الحقائق والاسس يقيم دراساته، ويبني تصوراته.


____________________________________

(1 )  سورة الروم [ 30 ] .
العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2008-11-18, 11:48:20
رابعا : الأسرة والمجتمع

الأسرة من الثوابت التي ثبّتها الله سبحانه وتعالى ، وشهد بثباتها الواقع التاريخي للبشرية
لقد تمردت الجاهلية المعاصرة على هذا الأصل الثابت الذي ثبّته الله لحكمة ، وجعل له روابط متينة تثبّته في القلب البشري وفي الحياة البشرية ، فأصابها من هذا التمرد كوارث كثيرة .
فحين حولت الجاهلية المعاصرة علاقة الزوجين – الذكر والأنثى – إلى علاقة جنس وشهوة،  لا علاقة مودة ورحمة ، فقدت السكينة التي خلق الله هذه الرابطة من أجلها ، فحين تبرد حرارة " الحب " – وهي عرضة دائما لأن تبرد – تنفصم العلاقة ، ويتفرق الشركاء .. ويتشرد الأطفال .

ومشكلة جنوح الأحداث من المشاكل " الاجتماعية " الخطيرة التي تقلق بال الغرب – أو تقلق أصحاب الوعي فيه – فيجتمعون ، ويأتمرون ، ويتباحثون ، ثم لا يخرجون بحل حقيقي
ومن وراء مشكلة الجنوح مشكلة الشذوذ

وللأسرة ولا شك مشكلاتها ، التي هرب منها الجاهليون بحماقة ليقعوا في أشد منها !
لا شيء في الحياة الدنيا يمثل نعيما خالصا بلا تنغيص !
ولكن مشكلات الأسرة ، وما تحمل في طياتها من معاناة ، جزاؤها في الحياة الدنيا هو هذا السكن والسكينة والمودة والرحمة والنمو السوي للأجيال .. فماذا كان جزاء تحطيم الأسرة ، والحياة على طريقة الحيوان .. بل أضل من الحيوان ؟!

لقد ظلت الجاهلية المعاصرة تعمل على تحطيم الأسرة كأنما هي موكلة بالقضاء عليها من قبل الشيطان نفسه .
كان أول خطوات التحطيم إخراج المرأة من البيت لكي تعمل ، بحجة تحريرها .. ورفع الظلم الواقع عليها ، ولقد كان الظلم واقعا عليها حقا ، ولكن " تحريرها " على هذا النحو لم يكن هو العلاج ، لا لها ولا للمجتمع الذي كان يظلمها .
ثم عُلَِّمت على مناهج الرجل فاسترجلت، فالرجل يتعلم ليعمل، وهذا دوره الذي خلق له، يكدح خارج البيت ليؤمن البيت والأسرة، ولكن المرأة التي تعلمت – أو عُلَّمت – على مناهج الرجل صارت مثله تريد أن تعمل، وحين خرجت لتعمل لم يعد هناك بيت ! ولم تعد هناك أسرة تقيم في البيت !
وأسس الغرب المحاضن التي تقوم بدور المرأة في البيت ، لتتفرغ للعمل ! وأطفال المحاضن هم الذين يشكو المجتمع الغربي من ظاهرة الجنوح فيهم ( Delinquency ) .
ولعبت أيد كثيرة في أسعار الحاجيات فرفعتها رفعا تدريجيا دائبا لا يتوقف ، مع خفض القيمة الشرائية للعملة خفضا دائبا بنفس المقدار . بالإضافة إلى عملية دائبة أخرى تحول الكماليات إلى ضروريات ، وتبث – بالإعلان – روحا من التلهف الدائم على الشراء . ومن ثم لم يعد يكفي دخل الرجل وحده للقيام بتكاليف " البيت ! " المكتظ بالأشياء الخاوي من الحياة والأحياء ! وصار عمل المراة أمراً لا معدى عنه ، لتتحمل نصيبها من التكاليف !

كيف تنشأ " الأسرة " في هذا الجو ؟ وطرفاها مشغولان بالعمل ، إن لم يكونا مشغولين كذلك بالاستمتاع على مذهب " متع نفسك Enjoy yourself " والأولاد في المحاضن .. أو في الطريق ؟!
ثم تولت مناهج التعليم ووسائل الإعلام تخريج أجيال " متحررة " لا تقبل التدخل في " حريتها الشخصية " ! وتُعَوَّد على الانضباط الشديد في كل شيء إلا في القيم الخلقية
وتضافرت العوامل كلها – مضافا إليها المخدرات ، ومسلسلات التلفاز والفضائيات – لإخراج الجيل المنحل الذي عهد إليه الشيطان بتدمير " الإنسان " ! ( 1)


:rose::: :rose::: :rose::: :rose:::

والباحث المسلم في علم الاجتماع عليه أولا أن يفطن لهذا كله ، ثم عليه أن يبين للناس حرص الإسلام الشديد على الأسرة ، والحكمة من هذا الحرص الشديد ، البادي في التشريعات والتوجيهات ، والممارسة التاريخية لهذه الأمة قبل أن تتفشى فيها العدوى من الجاهلية المعاصرة. .
إن الأسرة هي المحضن الطبيعي الذي تتربى فيه الأجيال على مكارم الأخلاق ، ولا توجد – حتى الآن – مؤسسة أخرى يمكن أن تقوم بهذا العمل الضخم بالصورة التي تقوم بها الأسرة .. إنما تقوم المؤسسات كلها – حين يحسن توجيهها وتنظيمها – بالمساعدة في هذه المهمة الرئيسية ، التي تقوم بها الأسرة بطريقة شبه تلقائية ، لأنها تملك العنصر الأهم ، ذا الفعالية العالية فـي العملية التربوية ، وهو الحب الفطري الذي يكنه الوالدان لأبنائهما ، ويكنـه الأبناء للوالدين ، والذي لا يتوافر – بحكم الفطرة – بالقدر اللازم إلا بين الآباء والأبناء !


____________________________

(1)  اقرأ – إن شئت " دور اليهود في إفساد أوربا " من كتاب " مذاهب فكرية معاصرة "
العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2008-11-21, 22:49:33
خامسا : علاقات الفرد والمجتمع


علم الاجتماع الجاهلي يصور العلاقة بين الفرد والمجتمع على أنها علاقة خصام وصراع 

وسواء كانت الجاهلية – في المعسكر الرأسمالي – تعيش الفردية الجانحة ، أو كانت – في المجتمعات – الاشتراكية قبل انهيار الشيوعية – تعيش الجماعية الطاغية ، ففي كلتا الحالتين لا تتفق مصالح الفرد والمجتمع .. ولا يصطلحان !
ويستوي أن يكون المحرض على تكريه الفرد في المجتمع وتبغيضه لتدخله في شئونه " عالم اجتماع " كدوركايم الذي يقول : " إن ضروب السلوك والتفكير الاجتماعيين أشياء حقيقية توجد خارج ضمائر الأفراد ، الذين يجبرون على الخضوع لها في كل لحظة من حياتهم (1 ) .. أو " عالما نفسيا " كفرويد ، الذي يقول في كل كتبه إن " السلطة " المتمثلة في الدين والوالدين والمجتمع هي التي تصيب الفرد بالعقد النفسية والاضطرابات العصبية ( 2) .. أو كان " كاتبا " مثل سارتر الذي يقول إن " الجحيم هو الآخرون " ( 3) .. أو " مربيا " مثل " جون ديوي " الذي يقول " إن التربية يجب أن تكون عملية متحققة بنفسها في ذات نفسها دون تدخل من أي سلطة خارجية لتفرض هدفا خارجا عن العملية التربوية يعوق النمو الحر للفرد ( 4) . أو إيحاءً مسموما في فيلم سينمائي أو قصة أو مسرحية أو مسلسل تليفزيوني .. ففي النهاية يلتقي هؤلاء جميعا في أن " الفرد " يجب أن تتاح له الحرية إلى أقصى الحدود ، وأن " المجتمع " ليس له أن يفرض القيود !  إنه ذات الشعار الذي رفعته الرأسمالية اليهودية أول مرة:
 " Laissez Faire , Laissez Passer " دعه يعمل دعه يمـر!

أما في الأمم التي كانت تعيش الجماعية الطاغية ، فالفرد يصور فيها على أنه ذلك الأناني البغيض الذي يريد أن يحقق كيانه على حساب " المجتمع " ، وأنه بأنانيته الطاغية هو العدو الذي ينبغي للمجتمع أن يسحقه تحت أقدامه ، ويتخلص منه ولو بالقضاء الكامل عليه !!
في الحالين لا صلح ولا وئام !

والمجتمع المسلم له أوصاف غير تلك الأوصاف !!
والمجتمع المسلم ليس مجموعة من الملائكة ، إنهم بشر .. يتخاصمون ويتنازعون ويقع بينهم الصدام والصراع .. ولكنهم مع ذلك يظلون أرقى نفسيا وخلقيا من الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر ، ولا يدينون دين الحق .
وشهادة التاريخ أولى بالاعتبار .
لقد ظل المجتمع المسلم إلى ما قبل نكسته الحالية التي تجمعت فيها كل الأمراض من الداخل والخارج ، أقل المجتمعات البشرية جرائم ، وأقربها إلى روح المودة والتسامح والتعاون على البر والتقوى ، وأقلها تناولا للخمر والمخدرات .. ومعنى ذلك أن علاقات الفرد والمجتمع فيه جيدة ، وأن الفرد ليس ناقما على مجتمعه ، ولا المجتمع ناقم على أفراده إلى الحد الذي يؤدي إلى انتشار الجريمة ( 5) .

إن الكائن البشري ذو شعبتين في آن واحد ، يكوّنان في مجموعهما شخصيته : شعبة فردية تسعى إلى إثبات الذات وتوكيدها ، وشعبة اجتماعية تسعى إلى الاجتماع بالآخرين ، والأنس بهم ، والاشتراك معهم>

وفي المجتمع المتوازن ، الذي تحكمه " شريعة الله " ، يأخذ الفرد والمجموع كلٌّ مكانَه بأقل قدر من الصراع والتنازع

إن المنهج الإسلامي يكلف الفرد المسلم تكاليف في نفسه خاصة كالإيمان بالله، والعبادات من صلاة وصيام وزكاة وحج ، ثم تكاليف موجهة للآخرين ، بدءا بالوالدين والأقربين وانتهاء بالمجتمع كله ، بل بالبشرية كلها .. وفي الوقت ذاته يكلف المجتمع تكاليف كالجهاد ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والتعاون على البر والتقوى .. فتلتقي التكاليف في النهاية بين الفرد والمجتمع ، وتجمعهما في اتجاه واحد ، متوجه إلى الله ، عامل على رضاه .. وهذا هو الذي يجعل الفرد في المجتمع المسلم لا يحس أن المجتمع ضاغط على كيانه ، قاهر لوجوده الفردي ، ويجعل المجتمع لا يحس أن الفرد عدو لا يصلح له إلا السحق !

أما الفرد الشاذ الجانح فله علاجه في المنهج الرباني بحيث لا يقلق أمن المجتمع . علاج يبدأ بالتربية وينتهي بالعقوبة الرادعة إذا أصر على انحرافه .

وأما المجتمع الشاذ الجانح فله علاجه كذلك في المنهج الرباني ، وهو الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة ، وتلك مهمة الدعاة ، أو الردع ، وتلك مهمة أولياء الأمور : " يزع الله بالسلطان ما لا يزع بالقرآن " .

والدارس المسلم في علم الاجتماع من مهامه أن يتبين تلك العلاقة الوطيدة بين الفرد والمجتمع في الكيان الإنساني السوي ثم يبينها بدوره للدارسين

_________________________________

(1 )  إميل دوركايم ، قواعد المنهج في علم الاجتماع ، ترجمة الدكتور محمود قاسم ومراجعة الدكتور السيد محمد بدوي ، طبع القاهرة ، الطبعة الثانية ص 168 – 169 .
(2 )  راجع بصفة خاصة كتابه " The Ego and the Id " وكتابه Totem and Taboo .
(3 )  عنوان مسرحية لسارتر .
(4 )  يكرر ديوي هذا الكلام في كل كتاباته ، ولكنه ينسى فيقول إن هدف العملية التربوية يجب أن يكون هو الديمقراطية ! أي أنه يسمح بوجود هدف خارجي ، بشرط ألا يكون هو الدين ! فهو وحده هو المحظور !
( 5)  لا يوجد مجتمع بشري – ولا مجتمع الرسول صلى الله عليه وسلم – يخلو خلوا كاملا من الجريمة . ففي مجتمع الرسول صلى الله عليه وسلم من سرق ومن زنا ومن شرب الخمر ، وأقيم عليه الحد . ولكن هناك فرقا واضحا لا ينكره إلا مغالط ، بين مجتمع لا تحدث فيه الجريمة إلا شذوذا يستنكر ، ومجتمع الجريمة فيه شيء عادي دائم الحدوث .
العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2008-11-22, 08:58:56
نتابع بإذن الله... بارك الله فيك وأنار دربك emo (30):
العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2008-11-24, 10:16:56
نتابع بإذن الله... بارك الله فيك وأنار دربك emo (30):

طيب الحمد لله أنكم متابعون
أسأل الله تعالى أن ينفع بهذا الكتاب.. لأنه بالفعل مهم جدا


العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2008-11-24, 10:54:13
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

( 2 )في التاريخ


الدارس في علم الاجتماع يحتاج أن يطلع على مسارات التاريخ ، ليعرف سير الظواهر الاجتماعية وجوداً وعدماً ، وترابطاً وتفككاً ، وثباتاً وتغيراً ، ودارس التاريخ يحتاج إلى تفهم الظواهر الاجتماعية من أجل تفسير الأحداث التاريخية وتقويمها (1 ) .. ولا غنى لأحدهما عن الآخر . والمؤرخ المسلم لن يخترع تاريخا جديدا للبشرية. ولكنه سيجد نفسه مختلفاً في التفسير والتقويم.

إن المؤرخ الغربي -من وحي التصور الغربي للإنسان وأنه ذلك الحيوان الدارويني المتطور المتأله- يكتب عن "عظمة" الإمبراطورية الرومانية، وغيرها من الإمبراطوريات.. مع أنها قامت على أسس الجبروت الغاشم، والقوة الحربية القاهرة، التي تخضع الآخرين لسلطانها، وتستعبدهم لخدمتها .. فهل هذا معيار " إنساني " ؟ أم إنه قانون الغاب؟
أما المؤرخ المسلم فيصنفها على أنها حضارة جاهلية..  حضارة من ناحية العمارة المادية للأرض ، وجاهلية بالمعنى القرآني: الجهل بحقيقة الألوهية، واتباع غير ما أنزل الله (2 ) .
والجاهلية الفرعونية كذلك! إنها جاهلية برعت في أمور كثيرة وصلت فيها إلى حد العبقرية، كما يوحي بذلك بناء الأهرام وعملية التحنيط، بالإضافة إلى صناعات أخرى كثيرة وفنون متعددة.. ولكنها راسبة في "مادة الرسوب" التي يعتبر من رسب فيها راسبا ولو نجح في المواد الأخرى كلها بأعلى الدرجات!
نحن المسلمين لا نربي أبناءنا على الانبهار والتمجيد لمن عصى الله وتجبر على الناس ، وادعى الألوهية ، واتخذ الناس عبيدا له ! والذين بيّن الله لنا مصيرهم في الآخرة : أنهم مخلدون في نار جهنم ! وخاصة ونحن لا ننفي عنهم كل البراعات التي برعوا فيها ، ولا نخفي شيئا مما كانوا ناجحين فيه .. بل نعلمهم أن النجاح في الحياة الدنيا ليس في ذاته دليلا على أن أصحابه من الأخيار

وفي دراستنا لتاريخ الإسلام لا نحتاج أن نزوِّر صورة زاهية تخالف الواقع ! ولكنا نحتاج إلى إبراز نقاط معينة فيها :

1- أن الإيمان بالله واليوم الآخر لم يكن دعوة إلى التعلق بالحياة الأخرى وحدها وإهمال الحياة الدنيا ، كما كانت النصرانية المحرفة في حياة أوروبا، إنما كانت – مع الإشراق الروحي، والتمسك بالثوابت الأخلاقية – عملا جادا في الحياة الدنيا في جميع الميادين ، أنتج حركة علمية فائقة ، وحضارة عمرانية شاملة ، مع التمكن الحربي والسياسي والاقتصادي ، ومع السبق في ميادين من الخير كثيرة ، كنشر التعليم المجاني ، وإتاحة العلاج المجاني ، وحبس الأوقاف الضخمة لأوجه البر .

2- أن حركة الفتح الإسلامي – وهي من أبرز ملامح فترة الصعود – لم تكن جبروتا ظالما يسعى لاستلاب الخيرات من أصحابها ، وإفقارهم وإذلالهم وقهرهم ، ككل حركات التوسع الجاهلية من أول التاريخ إلى هذه اللحظة ، إنما كانت لنشر النور والهدى – بغير إكراه – ورفع الناس من وهدة الشرك والخرافة

3- أن الحضارة الإسلامية كانت حضارة إنسانية النزعة ، لا تحجب الخير عن الآخرين ، ولا تضن بالعلم والثقافة ووسائل التمدن فتمنع الآخرين من الوصول إليها أو التمكن منها كما تصنع الجاهلية المعاصرة مع المسلمين بصفة خاصة، لتمنعهم من الوصول إلى آفاق عالية في العلم، وتقتل منهم من برع بصفة خاصة في علوم الذرة دون أن يتحرج ضميرها من هذا الصنيع! وقد كانت مدارسهم وجامعاتهم مفتوحة لليهود والنصارى يتعلمون فيها كل العلم الذي يرغبون في تحصيله .. ومن هناك قامت النهضة الأوربية ، بما تعلمته في مدارس المسلمين .

4- أن الحضارة الإسلامية كانت حضارة إنسانية بالمعنى الآخر ، معنى شمولها لكل جوانب الإنسان، جسمه وروحه، عقله ووجدانه، دنياه وآخرته، عمله وعبادته، في توازن يحقق "إنسانية الإنسان" فلا هو حيوان ولا هو إله، وإنما هو إنسان عابد لله، متبع لمنهج الله .

5- ثم إننا لا نحتاج كذلك أن نداري على انحرافات الأمة الإسلامية وانتكاساتها، وخاصة نكستها الحاضرة، ولا أن نتلمس لها المعاذير الكاذبة، فنلقي المسئولية في ذلك على أحد غير نفسها ! بل إننا حريصون أن ندرس ذلك بأمانة وصدق وإخلاص .
إن المستشرقين – وتلاميذهم – عمدوا إلى تشويه "علمي" منظم هادف بالنسبة للتاريخ الإسلامي لأمر يراد، فركزوا على الخط الأسود في الصفحة، وحجبوا البياض كله عن العيون ! وكان الهدف أمرين في وقت واحد: الإيحاء بأن التاريخ الإسلامي – " الحقيقي ! " – لا يستحق الاعتزاز به ولا الفخر بأمجاده فهو مليء بالبقع السوداء ! ثم الإيحاء بأن الإسلام – في صورته الزاهية التي تملأ وجدان المسلمين – لم يعش إلا سنوات قليلة لا تستحق أن يُنشأ لها فصل خاص في تاريخ البشرية ( إنما الذي يستحق ذلك هو "الحضارة" الغربية ! ) .
فأما المؤرخ المسلم فينبغي له أن يرسم الصورة كاملة ببياضها وسوادها في حجمها الحقيقي دون إفراط ولا تفريط، وسيجد حين يفعل ذلك أنه خلال سبعة قرون على الأقل من تاريخ هذه الأمة كان البياض هو الغالب على الصورة، وخلال خمسة قرون أخرى كان السواد يتكاثر في الصورة ولكنها لا تخلو من البياض كما يزعم المستشرقون وتلاميذهم، وأن القرنين الأخيرين كانا أشد فترات الظلام في تاريخ الأمة. ومن ثم توجيه الأمة إلى أنها لن تخرح من انتكاستها إلا بإزالة الأسباب التي أدت إليها، ولن يعيد الله للأمة مجدها ومكانتها وقوتها حتى تعود عودة صادقة إلى الإسلام، لأنه: " لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها " .

6- إن تحميل الأمة الإسلامية مسئولية ما هي فيه اليوم ، لا ينفي أن الأعداء يتآمرون منذ قرون للقضاء على الإسلام، وتصوير هذين الأمرين على أنهما نقيضان لا بد من نفي أحدهما لإثبات الآخر، خلل في الرؤية يقع فيه كثير من الناس بوعي وبغير وعي، فالأمة تتحمل المسئولية كاملة عن تقصيرها وتقاعسها وإعراضها، كما أن الحقائق التاريخية تبين  أن الأعداء يكيدون دائما ولا يكفون عن الكيد: (وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ) ( 3) ، ولكن هذا الكيد يصيب – أو لا يصيب – حسب مناعة الأمة الإسلامية تجاهه: ( وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً ) ( 4) .

7- إنه على الرغم من كل ما وقع من الأمة من الانحراف ، وكل ما قام به الأعداء من الكيد ، فقد حدثت الصحوة .. وهذا يدل على أن هذه الأمة – أمة العقيدة – لا تنطبق عليها سنة الفناء بالشيخوخة وأن فيها من الحيوية الكامنة ما يبعثها من جديد بعد أن تكون قد أشرفت على الهلاك، وذلك بفضل حفظ الله لكتابه المنزل ، ولسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولكون هذا الدين هو دين الفطرة الذي يلبي كل احتياجات الفطرة السوية ، ويتجاوب مع النمو السوي في حياة الإنسان ، لا يعوقه ولا يعرقله ولا يكبته، ولكون هذا الدين ليس نظريات في الكتب ولا شعارات مرفوعة في الفضاء ، وإنما هو واقع عملي عاشته الأمة بالفعل عدة قرون ، ووعت أحداثه ذاكرتها التاريخية المتجددة ..
وفوق ذلك كله ، وقبل ذلك كله ، وعد الله الدائم أن يبعث على رأس كل قرن من يجدد لهذه الأمة أمر دينها.

8- والمؤرخ المسلم قبل هذا وبعد هذا مؤرخ .. عليه أن يبذل الجهد في تحرير الوقائع ، وتمحيص الروايات ، وتحري الدقة العلمية في الدراسة ، والتجرد من الهوى ما وسعه الجهد .
وعليه فوق ذلك ألا يفاجأ – ولا يوهن من عزمه – أن يجد نفسه أحيانا وحيدا في اللجة يسبح ضد التيار !

_______________________________

(1 )  المقصود بالتقويم هو تقدير القيمة ، وكثير من الكتاب يستخدمون كلمة تقييم بدلا من تقويم والصواب التقويم
( 2)  راجع تفسير مصطلح الجاهلية عن ابن تيمية رحمه الله في كتاب " اقتضاء الصراط المستقيم " ص 78 – 79 .
(3 )  سورة البقرة [ 217 ] .
( 4)  سورة آل عمران [ 120 ] .
العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2008-11-27, 00:01:29
( 3 ) في الاقتصاد


تبدأ الدراسة المنقولة عن الغرب في علم الاقتصاد بتعريف " المشكلة الاقتصادية " ويقال للطلاب إن المشكلة الاقتصادية هي مشكلة الندرة !
وقد عجبت حين علمت ذلك ، وعلمت أن هذا يقال في معاهدنا " الإسلامية " !
رغم قوله تعالى : ( قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَاداً ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ ، وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ ) (1 ) .
الله يقول إنه بارك فيها وقدر فيها أقواتها ، ونحن نقول إن المشكلة الاقتصادية هي مشكلة الندرة ! أي قلة الموجود بالنسبة للمطلوب !

كلا ! إن المشكلة هي في السلوك البشري المخالف لمنهج الله ! فحين يأخذ أناس أكثر من حقهم الشرعي ، باستخدام وسائل لم يأذن بها الله ، ثم لا يؤدون حق المال الذي فرضه الله عليهم في أموالهم .. تنشأ المشكلة !
ومرة أخرى حين أخذ أنصار نظرية " مالتس " ينذرون بالويل والثبور ، وعظائم الأمور ، ويقولون إن الأرض لن تكفي سكانها بسبب الانفجار السكاني " الرهيب ! " عجبت لمن يردد هذا الكلام في عالمنا الإسلامي كأنه حقيقة !

وحرصت الجاهلية المعاصرة على إبعاد الدين:
 1- بالادعاء بأن الدين لا علاقة له بالاقتصاد ولا بغيره من أمور الحياة الدنيا " العلمانية "
 2- بإبعاد الناس في واقع حياتهم عن الدين وتأثيره ، فلا يعودون يقيسون شيئا بمقياس الدين !

ولكن الباحث المسلم في علم الاقتصاد يجب أن يتبين نقطة الخلل الرئيسية في الاقتصاد الغربي ، وهي أنه اتباع لغير ما أنزل الله .
فالإقطاع في أوروبا يجعل الإقطاعي مالكا للأرض ومن عليها من البشر يتصرف فيهم كيف يشاء ، و بيده السلطة التشريعية والسلطة القضائية والسلطة التنفيذية في ذات الوقت 
وهذا حرام في دين الله الحق ، ولو باركته الكنيسة الأوربية ودافعت عنه !
أما الرأسمالية فتعتمد على الربا الذي آذن الله مرتكبيه بالحرب، وعلى عدم توفية الأجير أجره وهو محرم في دين الله .
وتعتمد على تقديم منتجات جديدة باستمرار تبدأ باعتبارها كماليات ، ثم تتحول بإغراء الإعلان إلى ضروريات ، وكثير منها أقرب إلى الترف منه إلى الضرورة الحقيقية ، والترف محرم في دين الله .
وتعتمد أخيرا على تلهية الناس بالحياة الدنيا وزينتها ، وشغلهم عن الله والآخرة ، لكي يظلوا يستهلكون ما تنتجه الرأسمالية من المنتجات ، ولا يشعرون بالشبع ، ولا يزهدون في الشراء .. واستحباب الحياة الدنيا على الآخرة محرم في دين الله .
بهذه الوسائل المحرمة تتضخم الرأسمالية ، والذي قال فيه بعض خبراء الغرب أنفسهم إن نتيجته الحتمية هي تزايد الثروة في يد فئة يتناقص عددها على الدوام ، وتزايد الفقر في فئة يتزايد عددها على الدوام (2 ) .

والظلم الاقتصادي يصاحبه دائما ظلم سياسي وظلم اجتماعي وانحراف فكري ، وهذا الظلم المتشعب ، لا علاج له إلا بإزالة أسبابه .. أي باتباع ما أنزل الله .


:rose::: :rose::: :rose:::

وقد وضع الله نظاما لحكم حياة الناس في الأرض ، يقوم على العدل وعلى أن المال مال الله ، وأن البشر مستخلفون فيه بحسب شروط المالك سبحانه وتعالى لا بحسب أهوائهم

وأن الكسب والتملك مباح من حيث المبدأ ولكنه مقيد بأن يكون حلالا في مأخذه ، حلالا في استخدامه ، حلالا في إنفاقه . فلا يكون من غصب أو سرقة أو غش أو احتكار أو ربا . ولا يستخدم في الضرر ولا الإفساد ، ولا ينفق في سرف ولا ترف ولا مخيلة ، ولا يكنز ، وتخرج زكاته فتجمع في بيت المال لتصرف في مصارف الزكاة .

وفي داخل هذه الحدود العامة – الثابتة – عشرات من الوسائل بل مئات

ولا نقول مع ذلك إن المجتمع الإسلامي الصحيح لا يحدث فيه شيء من الظلم على الإطلاق ! ولكن توجد دائما أداة تصلح ما يفسد الناس في الأرض ، هي الاحتكام إلى شريعة الله
ولا نتصور كذلك أن الحياة في المجتمع المسلم الملتزم خالية من المعاناة ، فالمعاناة قدر مقدور على البشر في الحياة الدنيا . ولكن هناك فرق بين معاناة يصحبها الظلم ، ومعاناة سببها طبيعة الكدح البشري ولكن ثمرتها بركة وطمأنينة في الحياة الدنيا ، ورضوان من الله في الآخرة .


:rose::: :rose::: :rose:::

المدخل إلى علم الاقتصاد الإسلامي هو مدخل تربوي سلوكي
يجب ابتداء أن ينتفي من حس الدارس المسلم في علم الاقتصاد أن الاقتصاد له قوانينه الخاصة التي لا علاقة لها بالدين ولا علاقة لها بالأخلاق ! فقد ابتدعت الجاهلية المعاصرة هذه الدعوى لتستر وراءها جرائمها التي ترتكبها باسم " قواعد الاقتصاد " !

لا بد من تربية الناس على العقيدة الصحيحة ، وعلى أخلاقيات لا إله إلا الله ، ولا بد أن يكون التحاكم في كل الأمور إلى شريعة الله ، وأن تكون مناهج التعليم ووسائل الإعلام ملتزمة بما أنزل الله ، معاونة في تثبيت القيم الإيمانية ، لا معارضة لها ولا معادية لمقتضياتها .. وهذا كله داخل في صميم التنمية الاقتصادية

_________________________

(1 )  سورة فصلت [ 9 – 10 ] .
( 2)  انظر تقرير الخبير الألماني جوزيف شاخت عن الربا .
العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2008-11-30, 23:33:50
( 4 ) في التربية


الدين في الغرب علاقة بين العبد والرب ، محلها القلب ، ولا علاقة لها بواقع الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية ، التي يشترك فيها صاحب الدين مع المتخلي عن الدين مع المتمرد على الدين ، كلهم بطريقة واحدة ، وبنسب متساوية ! فيصبح الدين مزاجا شخصيا لا يؤثر في واقع الحياة العملي !
هذه هي الصورة " العلمانية " للدين

ولكن الدين في الإسلام هو الحياة. إنه العقيدة المستقرة في القلب ، والوجدان الذي يحرك الشعور ، والعبادات التي توجه لله سبحانه وتعالى وحده بلا شريك ، والشريعة التي تحكم السياسة والاقتصاد والاجتماع والفكر والسلوك الفردي والاجتماعي ، وتحدد لكل شيء في حياة الإنسان حدودا لا يتعداها، وهو كذلك عمارة الأرض بمقتضى المنهج الرباني.

وفي كل مجال من مجالات الحياة له تشريع أو توجيه بحيث لا يخرج شيء على الإطلاق عن أحوال الشريعة الخمسة : إما حلال وإما حرام وإما واجب وإما مستحب وإما مكروه .
ومن ثم فإن " التربية الإسلامية " لا تشمل العقيدة وحدها.

لقد كان الذين رباهم النبي صلى الله عليه وسلم عمالقة في كل اتجاه : عمالقة في سياسة الحكم ، عمالقة في الحرب ، عمالقة في العلم ، عمالقة في الأخلاق ، وكانوا هم ، وذراريهم الذين تربوا على أيديهم من بعدهم ، سادة العالم وقادته ورواده وهداته إلى النور .

هذا المعنى الواضح للتربية الإسلامية لم يعد واضحا في أذهان الكثيرين اليوم بسبب:
1- المفهوم الغربي "للدين"
2- الواقع السيئ الذي يعيشه المسلمون اليوم
3-  الجماعات الإسلامية التي انبثقت عن الصحوة الأخيرة لم تستوعب هي نفسها كل معاني التربية الإسلامية، لتعرضها واقعا يقنع الناس بحقيقة هذه التربية، بل زادت فتصارعت فيما بينها وتنابذت ، فأعطت المثل السيّء، الذي يزيد الناس بعداً عن تصور الحقيقة .

ولا ننكر أن الغرب برعوا في بعض جوانب التربية :
فقد أجروا من التجارب التربوية الجادة الدقيقة المؤسسة على قواعد البحث العلمي الصحيح ما أعطاهم حصيلة عملية يستطيعون أن يستندوا إليها وهم يقدمون نظرياتهم التربوية، وهم يتابعون أبحاثهم، ولا يقعدهم الوصول إلى نتائج معينة عن إجراء تجارب جديدة
وكل تلك إيجابيات يجب أن نستفيد منها، ولكن يجب في الوقت ذاته أن ننظر في الحصيلة النهائية لمناهج التربية عندهم ، لنعرف ماذا نأخذ منها وما ندع.

الحصيلة هي إنسان ذو شخصية فريدة بارزة ، واثقة من نفسها ، إيجابية ، لا ترهب التجربة ، ذات نزوع عملي ، وذات قدرات متنامية ، متحملة لمسئوليتها ، منظمة ، متقبلة للنظام، قادرة على التعامل مع الآخرين بقدر عال من التهذيب ، وبأقل قدر من الاحتكاك ، وقادرة على بذل الجهد ، وعلى المثابرة في بذل الجهد حتى تتحقق الغاية ..
وفي الوقت ذاته هو إنسان عالمه هو الحياة الدنيا ، قلما يؤمن بالآخرة أو يفكر فيها ، شديد الرغبة في الاستمتاع بكل لحظة تمر به ، لا يبالي في استمتاعه بحلال أو حرام ، بل هو يستحل كل متاع يخطر في باله ، ويسعى إلى تحقيقه ، شاذا أو سويا ، ويرى أن ذلك من حقه الطبيعي ، وداخل في حريته الشخصية ما دام لا يؤذي الأفراد الآخرين ، الذين لهم مثل حقوقه ، ولهم أن يفعلوا بأنفسهم ما شاءوا .
وفي الوقت ذاته كذلك إنسان معرض لكثير من حالات القلق والأمراض العصبية والنفسية ، وإدمان الخمر وإدمان المخدرات .. وليست الجريمة منه ببعيد !

ونقطة الخلل في مناهج التربية الغربية: هي النظرة إلى " الإنسان " ..فهو الحيوان المتأله ، الذي يعيش لدنياه ، ولا يؤمن بآخرته .

يقول الحالمون من قومنا : نأخذ إيجابياتهم ونترك عيوبهم وانحرافاتهم ..وهو حلم جميل.. ولكن  ما باله لم يتحقق خلال قرنين من الزمان جرى فيهما العالم الإسلامي لاهثا وراء الغرب لينهل من منابعه ؟!

الصواب:
في التربية نحن نملك المنهج الأعلى ، لأنه المنهج الرباني البريء مما يعرض للبشر من قصور وخطأ في الرؤية .. ولكنا نحتاج إلى استنباطه مرة أخرى من منابعه وأن نستنبط الوسائل التي تعيننا على تطبيقه في عالم اليوم، ويمكن أن نأخذ الأساليب من الغرب ونطوعها لما نريده نحن من تطبيق المنهج الرباني. وتلك هي مهمة المشتغلين بالتأصيل الإسلامي لعلوم التربية، والذين ينبغي– بداهة – أن يكونوا هم أنفسهم عميقي الإيمان بالمنهج ، واعين في الوقت ذاته إلى مكنوناته ، مجتهدين في اكتشاف أسراره ، جادين في الدعوة إليه ومحاولة تطبيقه .

والحصيلة التربوية لهذا المنهج – متمثلة في الجيل الذي رباه رسول الله صلى الله عليه وسلم – هي " الإنسان الصالح " في أعلى صورة يكون عليها الإنسان الصالح في واقع الأرض، فهو إنسان متوازن، مجاهد، عامل، متعاون متكافل، عزيز، عفيف.
العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2008-12-05, 19:22:57

( 5 ) في الدراسات النفسية

تقوم دعوى الموضوعية في الدراسات النفسية على أساس أن معظم أبحاث علم النفس اليوم قد أصبحت تجريبية ، تجري في المعمل ، ويقوم الباحثون بتحليل النتائج تحليلا " علميا " فلا يكون لهم فيها موقف ذاتي.
وهذا المنهج في الدراسات النفسية مملوء بالثغرات التي يجب أن يتجنبها التأصيل الإسلامي.

الثغرة الاولى: اننا إذا تصورنا النفس البشرية طبقات – أو مقامات – فأي طبقاتها هي التي يمكن أن تدخل المعمل ، ويتم فيها التجريب ؟ لا شك أنها الطبقات القريبة من الحس ، كمعامل التعب ، ومعامل الانتباه ، وقياس الذكاء ، والميول التي يمكن أن تشاهد أو تحصى أو تقدم عنها استبيانات ( على فرض أمانة المشاركين في الاستبيانات في تقرير حقيقة أوضاعهم ، وعدم اللجوء إلى التظاهر بما يعتقدون أنه مستحسن عند الناس ! ) .
ولكن هل تنتهي النفس البشرية عند هذه المقامات ؟ وهل هذا هو أهم أو أثمن ما في النفس البشرية ؟
حقا إننا من الوجهة العملية قد نستفيد فوائد كثيرة من مثل هذه التجارب – وخاصة في مجال التعليم – لأنها تجعلنا على بينة من أفضل وسائل الأداء لتحقيق الهدف الذي نريد تحقيقه ، فلا نضيع جهدا يمكن أن نوفره ، ولكن .. في نطاق محدود من النفس ، وجوانب محدودة من الحياة !
ولا شك أن جنوح الغرب في واقعه المعاصر إلى الجانب النفعي ( البراجماتي كما يسمونه Pragmatic ) هو الذي جعل هذه التجارب – ونتائجها – تجد صدى واسعا عندهم ، لأنها تلبي أهدافهم في المحيط الذي يعيشونه ويهتمون به ..
ولكن هل هذا هو " الإنسان " كما يجب أن يكون ؟
هل تقف اهتمامات " الإنسان " السوي عند الأوضاع المادية والمجالات النفعية ؟ أو عند الحياة الدنيا ؟

الثغرة الثانية: في العينة التي يجرون عليها تجاربهم لأنها ليست ممثلة للنوع البشري كله تمثيلا صادقا بحيث تعمم النتائج المستخلصة منها على كل البشرية
إنها بحكم الواقع محصورة في هذا الجيل ، وفي بقعة واحدة من الأرض ، هي التي تجري فيها التجارب في الوقت الحاضر . فمن قال إن الغرب هو كل البشرية ؟ ومن قال إن الحاضر هو كل التاريخ ؟! وبالتالي : من يقول إن النتائج التي تستخلص من هذه التجارب نتائج نهائية كالنتائج التي تجري على المادة ، أو حتى على الحيوان ؟
إنما ينقصها لكي تكون معبرة عن هذا الجيل أن تجري في أماكن مختلفة من الأرض ، من بيئات مختلفة ، من ثقافات مختلفة ، من عقائد مختلفة ، من رواسب تاريخية مختلفة.
ولا يجوز لنا أن نهدر الكم الهائل من المعلومات التي حصلنا عليها من هذه التجارب ، ولا الفوائد العملية التي جنيناها منها ، إنما فقط علينا أن نتواضع بعلمنا ، ونعلم منذ البدء أن هناك آفاقا من العلم بالنفس البشرية لا تصل إليها تجارب المعمل ، ولا بد من الرجوع فيها إلى علم فوق علم الإنسان .

الثغرة الثالثة: المدارس النفسية او النظريات التي يبنى عليها علم النفس:
1- علم النفس التحليلي ، الذي يمكن أن نطلق عليه بحق علم تبرير الجريمة! أو علم تزيين الجريمة ! فهو يسقط الإرادة الضابطة في الإنسان، ويفسر الأمور على أساس جبرية نفسيه لا تدع للإنسان مجالا للاختيار .. هذا في مجال تبرير الجريمة. ثم يدعو إلى إطلاق الشهوة البهيمية على أنها علاج للكبت .. وهذا في مجال تزيين الجريمة. وفي كلا المجالين يتعامل مع الحيوان وليس مع الإنسان.
2- فرويد والتفسير الجنسي للسلوك البشري: على الرغم مما تكشف للناس من التزييف الواضح في نظريات فرويد، ومن اعتماده في نظرياته على المرضى والشواذ، وتعميم الملاحظات المستقاة من حالاتهم على الأصحاء والأسوياء (1 ) ، فما زالت السموم التي بثها قائمة في مجالات كثيرة، من بينها العيادات النفسية.
3- المدرسة السلوكية: وحين توارى فرويد عن مكان الصدارة في الساحة، خلفته مدرسة أخرى لا تقل عنه سوءاً في تصورها وتصويرها للإنسان . وهي المدرسة السلوكية التي لها السيادة اليوم في الدراسات النفسية، والتي تعتمد اعتمادا أساسيا على تجارب المعمل، ولكنها تستمد تجاربها أساساً مـن عالم الحيوان، ثم تجريها – بنجاح ! – على عالم الإنسان !
كلتا النظرتين : نظرة فرويد ونظرة السلوكيين ، تفسر جوانب من الإنسان، ولكنها لا تحيط به، ولا تستطيع أن تفسر المقامات العليا من النفس البشرية، التي لا تصل إليها "جنسيات" فرويد، ولا تجارب السلوكيين .


:rose::: :rose::: :rose::: :rose::: :rose:::


لا مناص لنا عند التأصيل الإسلامي في الدراسات النفسية من الرجوع إلى المصادر التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها ، لتكون أساسا لأبحاثنا ومنطلقا لدراساتنا وتجاربنا . وبالرجوع لها نجد:
1- أن الله أودع في فطرة الإنسان أن يعرف خالقه ويتوجه إليه بالعبادة ( أي الدين )، وأن بعض الفطر تعتل " فيطبع " الله على قلوبها ، فتضل عن خالقها فتعبد سواه.
2- أن الله خلق في الفطرة نوازع شتى، هي بمثابة الدوافع التي تدفع الإنسان للعمل والنشاط ليحقق مهمة الخلافة التي خلق لها، والتي من مهامها عمارة الأرض.
3- أن الله لم يترك الإنسان مع هذه الشهوات بلا قدرة على الضبط، فالإنسان السوي يستخدم الدوافع والضوابط معا فيتوازن وتستقيم حياته،  أما إذا أحجم عن استخدام الضوابط الفطرية فإنه يهلك بشهواته.
و "الصحة النفسية" بالنسبة له هي أن يكون كيانه كله : فكره ومشاعره وسلوكه في الاتجاه الذي يحقق غاية وجوده
4- أن الإنسان ليس أحادي الاتجاه كالحيوان ، إنما هو مزدوج الاتجاه ( كما أنه مزدوج التركيب ) ومن أجل ذلك فإن له في كل لحظة وفي كل حالة طريقين اثنين يختار أحدهما، أحدهما يوصف بأنه خير والآخر يوصف بأنه شر، وقد وهبه الله القدرة على التمييز بين الطريقين، والقدرة على اختيار أحدهما.
5- أنه كائن أخلاقي بطبيعة تكوينه، بسبب وجود هذه الخاصية فيه ، لذا فأعماله ذات قيمة أخلاقية مصاحبة لها.
6- أن في تكوين النفس الإنسانية "خطوط متقابلة" مثل الحب والكره، والخوف والرجاء، والإيمان بالمحسوس والإيمان بما لا تدركه الحواس، والفردية والجماعية، والواقع والخيال، والسلبية والإيجابية .. وكل منها قوة ضاغطة أو جاذبة، فإذا كان كل منها في مكانه الصحيح اعتدل الإنسان وتوازن أما إذا اختلت أو اختل بعضها في النوع أو المقدار فهنا يفقد الإنسان توازنه ، ويحتاج إلى تقويم ( 2) .


:rose::: :rose::: :rose::: :rose::: :rose:::

تلك خلاصة سريعة للتصور الإسلامي للنفس البشرية .. وواضح أنه يختلف عن التصور الغربي السائد اليوم في أمور أساسية، وإن التقى معه في بعض الجزئيات. ومهمة الباحث المسلم في الدراسات النفسية أن يستحضر معه دائما هذا التصور الإسلامي، ثم ينطلق منه ليبحث في جميع المجالات التي يشملها علم النفس، وخاصة في مجال التربية والتعليم، وفي مجال الدعوة، وهي التي تهم الباحث المسلم بصفة رئيسية.

موضوعات مقترحة:
وإن من الموضوعات التي يجدر بالباحث المسلم أن يعكف عليها ويوليها اهتمامه، هذه الموضوعات على سبيل التمثيل لا على سبيل الحصر :
-   تأثير العقيدة في تشكيل النفس الإنسانية .
-   تأثير العقيدة في إنشاء حالة الاتزان العاطفي والسلوكي عند الإنسان .
-   تأثير العقيدة في دفع الإنسان إلى بذل الجهد والمثابرة عليه .
-   الظاهرة الروحية عند الإنسان ( التليباثي – الاستشفاف – الرؤيا الصادقة).
-   الإيمان بالغيب عند الإنسان وتفرده به عن الحيوان .
-   مكان الدين من الفطرة .
-   نشأة الضمير عند الطفل .
-   نشأة القيم العليا في الفرد والمجتمع .
-   دور العقيدة في علاج الاضطرابات النفسية والعصبية .
-   التكوين النفسي للرجل والمرأة ، وعلاقة هذا التكوين الفطري بالدور المنوط بكل منهما ، وهل هما متماثلان أم متكاملان مع الاختلاف .
وفي كثير من هذه الموضوعات سيجد الباحث المسلم نفسه رائدا .. وسيجد نفسه في أحيان كثيرة يسبح ضد التيار . فليعزم العزمة الصادقة وليمض في الطريق !

______________________________________

( 1)  لا يرى فرويد أن هناك في البشر من هو سَوِيّ ! ويقول صراحة إن كل الناس مصابون بهذا النوع أو ذاك من الأمراض النفسية والعصبية . وقال في كتاب " Three contributions " " ص 32 " نحن جميعا مصابون بالهستريا إلى حد ما ! We are all hysterical to some extent
(2 )  اقرأ إن شئت فصل " خطوط متقابلة في النفس البشرية " من كتاب " دراسات في النفس الإنسانية " .
العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2008-12-12, 10:57:58
بين الواقع والمثال

أنا أدعو إلى الاطلاع على ما عند الغرب ، ولكنّ هناك فرقا بين اطلاع المأخوذ ، الذي يتلقف كل شيء يجده هناك كأنه غنيمة عثر عليها ، وبين اطلاع المستبصر بنور الإسلام ، الذي يعرض عن الغث ، وينتقي الثمين .
وجزء من حالة الغثاء التي تعيشها الأمة اليوم ، راجع إلى غلبة الفكر الدخيل ، وتلقفها له على أنه طريق الخلاص ، بينما أصحابه أنفسهم قد بدءوا يحسون بما فيه من عوج ، ويبحثون عن البديل !

والبديل هو الإسلام !

هو الذي أنزله الله ليصحح خطى البشر على الأرض ، ويخرجهم من الظلمات إلى النور :
( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ ، يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) (1 ) .

والمسلمون أولى الناس أن يعوا إسلامهم ، ويرجعوا إليه .
والتأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية جزء من الوعي المطلوب ، يحتاج أن يُبْذَلَ فيه الجهد ، ليؤتي ثماره مع الدعوة إلى الله ، ولو على المدى الطويل .. فطريق الدعوة كله طويل ، ولكنه هو الطريق الواصل بإذن الله :
( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) ( 2) .


انتهى ملخص الكتاب بحمد الله
________________________________________________
( 1)  سورة المائدة [ 15 – 16 ] .
( 2)  سورة الصف [ 9 ]
العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2008-12-17, 18:10:13
انتهى ملخص الكتاب وأنتظر تعليقاتكم

ام انني تعبت ولخصت ونقلت على الفاضي ولم يقرأ احد؟

العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2008-12-17, 18:36:42
قريبا بإذن الله سيبدأ التعليق  ::)smile:جزاك الله كل خير وفتح عليك emo (30):
العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: ريحان المسك في 2008-12-17, 19:13:16
جزاك الله خيرا يا ماما هادية  ::ok::

بس طولي بالك علينا , لا تخافي تعبك ما رح يروح على الفاضي  ::)smile:
العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2008-12-18, 13:09:09
جزاك الله خيرا يا ماما هادية  ::ok::

بس طولي بالك علينا , لا تخافي تعبك ما رح يروح على الفاضي  ::)smile:



 emo (30): emo (30):
العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: جواد في 2008-12-18, 18:01:23
جزاكم الله خيرا كثيرا،

ومعذرة على التأخر فى المتابعة والقراءة ..  :blush::

ان شاء الله أعود للتعليق بعد قراءة ما فاتنى ..
العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2008-12-27, 10:23:09
طيب بانتظاركم

 em10::

بس بصراحة بصراحة يعني
اتسدت نفسي

وبعد ان كنت انوي ان الخص كتابا كل شهر او شهرين
بطلت  :emoti_144:

العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: امينة في 2009-02-23, 22:21:24
ماما هادية  

وعد عشان اعود و أقرأ هذا الملخص الرائع  :blush::

 قرأته في عجالة بحتا عن اجابة سؤال المسابقة فأكتشفت الكتير من المعلومات المفيدة  ::happy: ::ok:: ::ok::


جزاك الله الف خير  emo (30):

العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2009-07-13, 12:22:39
هل انتهى احدكم من قراءة الموضوع؟

معلش ولو دون مناقشة، بس أطمن ان الملخص تمت قراءته والاستفادة منه
  ::cry::
العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: elnawawi في 2009-12-13, 00:29:24
لم انته بعد من قراءة هذا الموضوع لأنه يريد ذهنا صافيا للاستيعاب .. ولكنني أسجل هنا لكي لا أنسى استكماله فيما بعد إن شاء الله
العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2009-12-13, 01:26:15
لم انته بعد من قراءة هذا الموضوع لأنه يريد ذهنا صافيا للاستيعاب .. ولكنني أسجل هنا لكي لا أنسى استكماله فيما بعد إن شاء الله

يعني سيكون حالك أفضل من حالهم   ::what::

طيب

سنرى


 em10::
العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: زينب الباحثة في 2009-12-13, 01:46:21
تسجيل حضور أنا أيضا  :emoti_282: :emoti_143:

العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: أبو الحسرة في 2009-12-13, 10:35:14




ولكن النصرانية التي نشرها بولس في أرجاء أوربا كانت عقيدة بلا شريعة ، إلا ما كان متعلقا منها " بالأحوال الشخصية" وبقي التشريع المهيمن على الحياة في ربوع الإمبراطورية الرومانية هو القانون الروماني ، لا قانون السماء ، بكل ما في القانون الروماني من رق وإقطاع وطبقية وحرمان للمرأة من الكرامة الإنسانية .
وحين يخلو الدين من التشريع ، ويصبح عقيدة فحسب ، فإن علماءه وفقهاءه يتحولون إلى "رجال دين" أي إلى "كهنة"، وسرعان ما يتحول الكهنة إلى وسطاء بين العبد والرب ، وتكون لهم قداسة ، ويكون لهم على قلوب الناس سلطان .. فيبدأ الطغيان !
وحدِّث عن طغيان الكنيسة الأوربية ولا حرج !


_________________

لهذا ضموا العهد القديم إلى العهد الجديد.. لافتقادهم للشريعة والأحكام
العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: حلم في 2010-12-23, 06:39:22
وأنا كمان ... تسجيل متابعة لقراءة الموضوع بتركيز ... ولو إني متأخرة كتير .



جزاكِ الله خيراً ماما هادية
العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2010-12-23, 11:36:31
وإياك أختي الحبيبة

العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-10-26, 12:06:00
أم عبد الهادي...... في مكتبتي رفّ كامل تشغله كتب الأخوين قطب............

تعرفّتُ على كتابات محمّد قطب منذ حوالى سنتين....... اقتنيت فيهما أكثر ما كتب...... وكالعهد بكلّ كاتب تتكرّر الأفكار في كل كتاب...... فالكاتب يحبّ أن يعرفنا في كتابه الأوّل أن الواحد بعده اثنان وبعد الاثنين ثلاثة....... وفي كتابه الثاني يعرفنا أن الثلاثة قبلها اثنان والاثنين قبلها واحد....... وفي كتابه الثالث يعرفنا أن الاثنين بين الواحد والثلاثة....... وعود على بدء........ وعبارات مكرورة...... وأعراض وسواس....... وما يمكن تلخيصه في (معركة التقاليد) يجري مطّه في (التطوّر والثبات في حياة البشرية)....... وتسويّته في (الإنسان بين المادّية والإسلام)........ وزفافه في (مذاهب فكرية معاصرة)..... وسلقه في (هل نحن مسلمون)...........

كتب محمّد قطب يمكن أن تختصر في حجم أصغر بكثير......... إذا تحاشينا التكرار والتشنّج...... هناك كتب ذات موضوعات متميّزة فعلًا....... (شبهات حول الإسلام)...... و(مغالطات)...... و(معركة التقاليد)............ وكتب هي مجرّد تنويعات على ألحان قديمة.....

الأمر نفسه يتكرّر مع الدكتور المسيري........ وبشكل سافر في مجلديه عن العلمانية..........

السادة الكتاب!..... قليلًا من المراجعات!
العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2011-10-26, 16:29:44
هذه الملاحظة صحيحة يا عبد الرؤوف، لكنني اعتقد ان السبب ان الكاتب يفترض في كتابه ان القارئ قد لا يكون قرأ له كتابا غيره، فهو يريد ان يذكر فيه كل المعلومات المتعلقة بالموضوع دون ان يحيل الى كتب اخرى...
اضافة الى انك يجب ان تراعي التسلسل الزمني لهذه الكتب، فغالبا يكون الكاتب قد بسط القول في كتاب متقدم، ثم اوجزه في متأخر، او اوجز في متقدم ثم توفرت له معلومات او وقت او حاجة جعلته يسهب ويبسط القول في كتاب اخر
وهذا الضيق الذي تشعر به لن يجسه الا من حرص مثلك على اقتناء جميع الكتب لمؤلف واحد...  emo (30):
العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-10-26, 16:32:03
أخشى أن يكون في كلماتي سوء أدب....... أيها الإخوة.... لقد أفدتُ من كتب الشيخ محمد قطب إفادة جلّى....... كانت بداية جدّ موفّقة...... كتُب محمّد قطب ملأى بالحديث عن فرويد وماركس ودارون ودوركايم....... وتتبنّى نظرية المؤامرة اليهودية....... وهي رؤية مغايرة بالكامل لرؤية الدكتور المسيري الذي يفسّر سلوك اليهود في ضوء مصطلح الجماعة الوظيفية....... يهود القرآن الكريم في نظر المسيري بادوا....... فيهود اليوم ليسوا بني إسرائيل وقلّ أن تجد فيهم من يفقه ديانته أو يتقيد بأحكامها........ يهود اليوم جماعات وظيفية....... تشغل مهنا ذات طابع مشين (الدعارة والربا) أو كريه (جباية الضرائب) أو مهيب (الطب والكهانة)........ وهذا ما يعزلهم عن الناس ويترك عنهم انطباعا سيئا ويحدوهم إلى العزلة.......

في المقابل يُعِدّ اليهود -عند قطب- عددًا من أبنائهم للقضاء على البشرية..... بردّ الإنسان إلى حيوانيّته........ واعتباره ضحية معاملات اقتصادية أو رغبة جسدية أو عقل جمعي ظالم.........

أكثر ما يعيب كتب محمّد قطب التكرار والتشنّج.........

كتاب مصطفى محمود (الماركسية والإسلام) يبزّ كل ما كتب محمّد قطب عن الماركسية...... بسهولة عباراته وهدوء نبراته.......

أمّا فرويد الذي وقفتْ كل مقالات قطب النقدية عاجزة أمام بيانه وأوراقه المرتّبة........ فقد تهافتْ فجأة أمام كلام الدكتور المسيري عن ارتباط فرويد بالتراث الصوفي اليهودي (القبالاه)...... الذي يسقط الجنس على كل مقدّس....... فالرب ذكر!!!..... يتزوّج الأرض وأحيانا الشعب....... وله تشكّل أنثوي!!!........ والتوراة توراتان...... توراة الخلق..... وتوراة الفيض....... ولا يخفى صوت الجنس في كلمة الفيض.......... تخلع توراة الخلق أثوابها واحدا وراء واحد حتى تظهر توراة الفيض عارية تماما للعارفين!!!...... وأوصى بعض الحاخامات المصلّين بتمثّل امرأة عارية تماما أثناء الصلاة لتحقيق الخشوع!!!...... وعند اليهود الأرثوذكس فإن المرأة التي تودّ أن تتهودّ عليها أن تتجرّد وتغتسل أمام الحاخامات........!!! وقد مارستْ الكثير من الجماعات اليهودية سلوكيات إباحية مشينة...... لم يسلم منها حتى المحارم!!!......... ومن رؤوس هذه الممارسات شبتاي تسفي الدجال.......

المعذرة من ذكر هذه الأشياء بصراحة....... لكن الذي يقول هذا الكلام عن إلهه وعن كتابه وعن صلاته ووضوئه.... حريّ بأن يقول أكثر منه عن علاقة الأم بولدها والبنت بأبيها......

وإن ساغتْ بعض أفكار فرويد بشكل أو بآخر......
العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-10-26, 16:33:04
هذه الملاحظة صحيحة يا عبد الرؤوف، لكنني اعتقد ان السبب ان الكاتب يفترض في كتابه ان القارئ قد لا يكون قرأ له كتابا غيره، فهو يريد ان يذكر فيه كل المعلومات المتعلقة بالموضوع دون ان يحيل الى كتب اخرى...
اضافة الى انك يجب ان تراعي التسلسل الزمني لهذه الكتب، فغالبا يكون الكاتب قد بسط القول في كتاب متقدم، ثم اوجزه في متأخر، او اوجز في متقدم ثم توفرت له معلومات او وقت او حاجة جعلته يسهب ويبسط القول في كتاب اخر
وهذا الضيق الذي تشعر به لن يجسه الا من حرص مثلك على اقتناء جميع الكتب لمؤلف واحد...  emo (30):

معك حقّ يا أم عبد الهادي...... لقد تكرّر هذا منّي أكثر من مرّة..........
العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-10-26, 16:41:14
أخشى أن يكون في كلماتي سوء أدب....... أيها الإخوة.... لقد أفدتُ من كتب الشيخ محمد قطب إفادة جلّى....... كانت بداية جدّ موفّقة...... كتُب محمّد قطب ملأى بالحديث عن فرويد وماركس ودارون ودوركايم....... وتتبنّى نظرية المؤامرة اليهودية....... وهي رؤية مغايرة بالكامل لرؤية الدكتور المسيري الذي يفسّر سلوك اليهود في ضوء مصطلح الجماعة الوظيفية....... يهود القرآن الكريم في نظر المسيري بادوا....... فيهود اليوم ليسوا بني إسرائيل وقلّ أن تجد فيهم من يفقه ديانته أو يتقيد بأحكامها........ يهود اليوم جماعات وظيفية....... تشغل مهنا ذات طابع مشين (الدعارة والربا) أو كريه (جباية الضرائب) أو مهيب (الطب والكهانة)........ وهذا ما يعزلهم عن الناس ويترك عنهم انطباعا سيئا ويحدوهم إلى العزلة.......

في المقابل يُعِدّ اليهود -عند قطب- عددًا من أبنائهم للقضاء على البشرية..... بردّ الإنسان إلى حيوانيّته........ واعتباره ضحية معاملات اقتصادية أو رغبة جسدية أو عقل جمعي ظالم.........

أكثر ما يعيب كتب محمّد قطب التكرار والتشنّج.........

كتاب مصطفى محمود (الماركسية والإسلام) يبزّ كل ما كتب محمّد قطب عن الماركسية...... بسهولة عباراته وهدوء نبراته.......

أمّا فرويد الذي وقفتْ كل مقالات قطب النقدية عاجزة أمام بيانه وأوراقه المرتّبة........ فقد تهافتْ فجأة أمام كلام الدكتور المسيري عن ارتباط فرويد بالتراث الصوفي اليهودي (القبالاه)...... الذي يسقط الجنس على كل مقدّس....... فالرب ذكر!!!..... يتزوّج الأرض وأحيانا الشعب....... وله تشكّل أنثوي!!!........ والتوراة توراتان...... توراة الخلق..... وتوراة الفيض....... ولا يخفى صوت الجنس في كلمة الفيض.......... تخلع توراة الخلق أثوابها واحدا وراء واحد حتى تظهر توراة الفيض عارية تماما للعارفين!!!...... وأوصى بعض الحاخامات المصلّين بتمثّل امرأة عارية تماما أثناء الصلاة لتحقيق الخشوع!!!...... وعند اليهود الأرثوذكس فإن المرأة التي تودّ أن تتهودّ عليها أن تتجرّد وتغتسل أمام الحاخامات........!!! وقد مارستْ الكثير من الجماعات اليهودية سلوكيات إباحية مشينة...... لم يسلم منها حتى المحارم!!!......... ومن رؤوس هذه الممارسات شبتاي تسفي الدجال.......

المعذرة من ذكر هذه الأشياء بصراحة....... لكن الذي يقول هذا الكلام عن إلهه وعن كتابه وعن صلاته ووضوئه.... حريّ بأن يقول أكثر منه عن علاقة الأم بولدها والبنت بأبيها......

وإن ساغتْ بعض أفكار فرويد بشكل أو بآخر......


مع ذلك لا يزال رأيي مشوّشًا إزاء تقبّل فكرة المؤامرة اليهودية أو إنكارها......
العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-10-26, 18:54:38
اقتباس
والكاتب يفرق بين التأصيل الإسلامي وبين أسلمة العلوم..

تحت أي اسم يمكننا أن نضع كتاب (جدّد حياتك) للغزالي؟؟؟؟؟؟
العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-10-26, 19:07:25
اقتباس
ثم زاد الطينُ بلةً بالداروينية ! والتي.......

تعتمد الداروينية الصدفةَ آليّة للخلق............ وقد دحضتْ الرياضيّات النظريّة والتجربة العمليّة فكرة الصدفة.........

دحضتْها الرياضيّات.......

إن فرصة إخراج عملة تحمل رقم 1 مرة واحدة من كيس به عشر عملات تحمل أرقاما من 1 إلى 10....... هي 1 على 10.......

وفرصة إخراجها مرتين متتاليتين هي 1 على 10×10....... أي 1 في المئة........ وهكذا.......

لتطبيق هذا القانون على خلق جزيء واحد من البروتين بالصدفة نحتاج إلى آلاف أضعاف مادة الكون أو آلاف آلافها........ للحصول على ترتيب معيّن للذرات في كل حمض أميني......... ثم ترتيب معيّن للأحماض في جزيء البروتين..... على فرض أن الذرّة هي الأكثر بساطة.. وبالطبع الذرّة كيان معقّد للغاية........... ويحتاج هو الآخر لقصة مشابهة.......... هذا عوضًا عن الزمن الذي ستستغرقه عملية الخلق بالصدفة والذي يحتاج إلى آلاف أضعاف عمر الكون المفترض............. وقل مثل ذلك عن خلية فيها آلاف آلاف الجزيئات........ وعن نسيج ثم جهاز ثم جسم ثم ملايين الأجسام..........

وبالتجربة...... قام فريق من العلماء في بريطانيا باختبار عبارة هكسلي التي تقول: إننا بوضعنا عشرات القرود مع آلة كاتبة لأسابيع ربما نحصل على سوناتا لشكسبير.......

وأثبتت التجربة عجز القردة عن كتابة كلمة مفيدة........... حتى كلمة a التي هي أداة التنكير في الإنكليزية!
العنوان: رد: كتاب جديد... "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2011-10-26, 20:20:47
على أية حال يا أبا دواة فالقطبان لا يوضعان في كفة واحدة، فمحمد قطب كتبه تصلح للمبتدئين والناشة والمقتربين من الفكر الاسلامي للتعرف عليه
اما كتب سيد قطب فهي أكثر عمقا واكبر دفئا وابعد نظرا واعظم اثرا .. وبين كتب الكاتبين الشقيقين بون شاسع

كتاب جدد حياتك -من وحهة نظري- هو تأصيل اسلامي لا اسلمة
فالشيخ الغزالي لم يتناول كتاب ديل كارنيجي (دع القلق وابدأ الحياة) ويتبنى افكاره ويبحث لكل فكرة عن دليل من آية او حديث كما يفعل المؤسلمون
وانما لفت الكتاب نظره الى وجود منهج تربوي عظيم في الإسلام، لم يعرضه أحد من قبل بهذه الصورة، فحرضه هذا على البحث في الاسلام واظهار جوانبه وجماله وسببقه في هذا المجال... واتى بمنهج اسلامي اصيل في بعث الامل ومحاربة القلق والتشاؤم اوالتقاعس
والله أعلم