أيامنا الحلوة

الساحة الإسلامية => :: ساعة حلوة لقلبك :: => الموضوع حرر بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-03-02, 20:38:25

العنوان: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-03-02, 20:38:25
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لا أدري........
 رأيت أن أطيب ما يطيب القلوب  في خضم هذه الآلام، وأكثر ما يذكرنا بالوعد الحق، وأكثر ما يبقي شعلة الأمل فينا وقادة ، وما يبقي أرواحنا للخيرية وثابة .....ذكره ....ذكره صلى الله عليه وسلم ......
فاذكروه اذكروه تطيب قلوبكم  ......

********************************

لما قدمت حليمة مكة استقبلها عبد المطلب فقال: من أنت ؟ فقالت : امرأة من بني سعد،

فقال: ما اسمك؟  فقالت : حليمة، فتبسم عبد المطلب وقال:  بخٍ بخٍ سعد وحلم خصلتان فيهما خير الدهر وعزّ الأبد...
 يا حليمة ! إن عندي غلاما يتيما وقد عرضته على نساء بني سعد فأبين أن يقبلن وقُلن: ما عند اليتيم من الخير،  إنما نلتمس الكرامة من الآباء، فهل لك أن ترضعيه فعسى أن تسعدي به، فقالت: ألا تذرني حتى أشاور صاحبي، قال: بلى، فانصرفت إلى صاحبها فأخبرته فكأن الله قذف في قلبه فرحا وسرورا، فقال لها : يا حليمة خذيه، فرجعت إلى عبد المطلب فوجدته قاعدا ينتظرها فقالت: هلمّ الصبي، فاستهل وجهه فرحا، فأخذها وأدخلها بيت آمنة فقالت لها : أهلا وسهلا وأدخلتها البيت الذي فيه محمد صلى الله عليه وسلم، فإذا هو مُدرج في ثوب صوف أبيضَ من اللبن وتحته حريرة خضراء راقدا عليها على قفاه يغط، تفوح منه رائحة المسك، قالت حليمة: فأشفقت أن أوقظه من نومه لحسنه وجماله، فوضعت يديّ على صدره فتبسم ضاحكا وفتح عينيه إلي فخرج منهما نور حتى دخل عنان السماء وأنا أنظر فقبلته بين عينيه وحملته........




من السيرة الدحلانية على هامش السيرة الحلبية

******************************

يا الله....يا الله ....أي طِيب....!! أي طيب  يا حبيب صلى عليك ربي وسلم تسليما كثيرا يا طيب القلوب وطبّها


العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2011-03-02, 20:46:07
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد
طب القلوب ودوائها وعافية الأبدان وشفائها ونور الأبصار وضيائها
وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: محمد عيد في 2011-03-03, 01:30:29


صلى الله على من كان  ضحكه التبسم ومشيه الهوينا ، ونومه الإغفاء .


صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم


العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-03-03, 09:05:01
عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان يهودي قد سكن مكة يتجر بها....

فلما كانت الليلة التي ولد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مجلس من قريش: يا معشر قريش ! هل ولد فيكم الليلة مولود؟

قالوا : والله ما نعلمه، قال : الله أكبر، فأما إذا أخطأكم فلا بأس، فانظروا واحفظوا ما أقول لكم ، وُلِد هذه الليلة نبي هذه الأمة الأخيرة ، بين كتفيه علامة فيها شعرات متواترات كأنهن عُرف فرس، لا يرضع ليلتين، وذلك أن عفريتا من الجن أدخل إصبعيه في فمه فمنعه من الرضاع، فتصدع القوم في مجلسهم وهم متعجبون من قوله وحديثه، فلما صاروا إلى منازلهم أخبر كل إنسان منهم أهله، فقالوا: قد ولد لعبد الله بن عبد المطلب غلاما سمّوه محمدا، فالتقى القوم فقالوا: هل سمعتم حديث اليهودي وهل بلغكم مولد هذا الغلام؟ فانطلقوا حتى جاؤوا اليهودي فأخبره الخبر،قال: فاذهبوا معي حتى أنظر إليه ، فخرجوا به حتى أدخلوه على آمنة ، فقال: أخرجي إلينا ابنك، فأخرجته وكشفوا له عن ظهره فرأى تلك الشامة، فوقع اليهودي مغشيا عليه فلما أفاق قالوا: ويلك مالك؟! قال : ذهبتْ والله النبوة من بني إسرائيل، فرِحْتُم به يا معشر قريش،أما والله ليسطونّ بكم سطوة يخرج خبرها من المشرق والمغرب .


*****************

–رواه الحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه-
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: أبو بكر في 2011-03-03, 10:24:19
صلى الله على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم

بارك الله فيكم يا أخت أسماء
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: أم يوسـف في 2011-03-03, 11:42:17
اللهم صل على سيدنا محمد و على آل سيدنا محمد

جزاك الله خيرا يا أسماء
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: Al-Muslim في 2011-03-03, 16:22:17
الصلاة والسلام عليك يا سيدي يا رسول الله وعلى آلك وأصحابك أجمعين.
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-03-04, 10:00:29
جزاكم الله خيرا كثيرا إخوتي وأخواتي وأترككم مع هذه الأنشودة الرائعة  emo (30)::

http://www.youtube.com/watch?v=e0UYNgOhNdw

اللهم صل وسلم على الحبيب المصطفى عدد ما يخرج من الأنفاس وما يلج، وعدد ما نعد وما لا نعد، وعدد ما شئت يا ربنا من شيء بعد
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: أحمد عبد ربه في 2011-03-06, 10:13:27
 صلى الله على حبيب قلوبنا صلى الله عليه وسلم

بارك الله فيكم على هذه التذكرة الرائعة !
 موضوع تفوح منه روائح العطر والياسمين  ولم لا فإن الحديث عمن قال عنه ملازمه سيدتا أنس رضي الله عنه :

‏ما مسست حريرا ولا ‏ ‏ديباجا ‏ ‏ألين من كف النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏ولا شممت ريحا قط أو ‏ ‏عرفا ‏ ‏قط أطيب من ريح أو ‏ ‏عرف ‏ ‏النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏.

واسمحوا لي أن أهديكم محبي رسول الله  هذه الأنشودة الرائعة للمنشد المتألق يحيى حوى                 
http://www.youtube.com/watch?v=zd1ITXqnDW4                                         
         
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-03-17, 08:11:08
بارك الله بك أخي أحمد وشكرا على الهدية ومعذرة على الرد المتأخر  :blush::

وفيما يلي إخوتي لقاء لنا جديد مع طيب الحبيب  emo (30):
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-03-17, 08:13:23
أحببت أن أشارككم شيئا مما أقرأه للشيخ الغزالي رحمة الله عليه من كتابه "فقه السيرة"

نحن موقنون من مطالعة سيرة محمد عليه الصلاة والسلام بأنه طراز رفيع من الفكر الصائب والنظر السديد، وأنه-قبل رعي الغنم وبعده، وقبل احتراف التجارة وبعدها- كان يعيش يقظ القلب في أعماء الصحراء،صاحيا بين السكارى والغافلين، وجو الجزيرة العربية يزيد خمول الخامل وحِدّة اليقظان، كالشعاع الذي ينمّي الأشواك و الورود معا، وقد كان محمد يستعين بصمته الطويل ، صمته الموصول بالليل والنهار، صمته المطبق على الرمال الممتدة والعمران القليل، كان يستعين بهذا الصمت على طول التأمل، وإدمان الفكر واستكْناه الحق، ودرجة الارتقاء النفسي التي بلغها من هذا النظر الدائم أرجح يقينا من حفظ لا فهم فيه،أو فهم لا أدب منه، ومثله في احترام حقائق الكون والحياة أولى بالتقديم من أولئك الذين اعتنقوا الأوهام وعاشوا بها ولها .
---------------
ويقول:

إن مراتب التعليم المختلفة هي مراحل جهد متصل لتهذيب العقل وتقوية ملكاته، وتصويب نظرته للكون والحياة والأحياء،فكل تعليم يقصر بأصحابه عن هذا الشأن لا يُؤبه له،مهما وسم بالشهادات والإجازات،وأحق منه بالحفاوة، وأسبق منه إلى الغاية المنشودة، أن ينال المرء حظا وافرا من حسن الفطنة وأصالة الفكرة، وسداد الوسيلة والهدف، وقد أشار القرآن الكريم إلى نصيب إبراهيم من هذه الخصال عندما قال : "وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِه عَالِمِينَ(51) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ(52) " -الأنبياء-
ومحمد صلى الله عليه وسلم في هذا المنهج كجده إبراهيم، إنه لم يتلق علما عن راهب أو كاهن أو فيلسوف ممن ظهروا على عهده، ولكنه بعقله الخصب وفطرته الصافية طالع صحائف الحياة وشؤون الناس وأحوال الجماعات،فعاف ما ساءه من خرافة ونأى عنه،ثم عاشر الناس على بصيرة من أمره وأمرهم،فما وجده حسنا شارك فيه بقدر،وإلا عاد إلى عزلته العتيدة، يتابع النظر الدائم في ملكوت السماوات والأرض،وذلك أجدى عليه من علوم هي بالجهل المركب أشبه،ومن مجتمع فقد الهداة من قرن، فهو يضم ضلالا جديدا إلى الضلال القديم كلما مرت ليلة وطلع صباح .

العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: Al-Muslim في 2011-03-17, 08:19:19
ما أجمل هذه الكلمات، وكم أحب أسلوب الشيخ الغزالي وأندمج في قراءة كتاباته.

مرحباً بعودتك يا أسماء :)
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: أم يوسـف في 2011-03-17, 09:40:33
كيف حالك يا أسماء

وحشتينا

جزاك الله خيرا  على النقل

الشيخ الغزالي رحمه الله له أسلوب رائع في الكتابة

ومن أجمل كتب السيرة التي قرأتها " فقة السيرة " للغزالي " وفقة السيرة " للبوطي
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-03-17, 11:43:20
أهلا بكما مسلم وأم يوسف ...تسعدني متابعتكما  emo (30): سأحاول في كل مرة أن أضع شيئا من طيب الحبيب صلى الله عليه وسلم ضمن موضوع عن سيرته أكتبه وأستشهد فيه بأشياء من هذا القبيل سواء من حر سيرته أو مما كتب محبوه عن سيرته العطرة الشريفة الندية ..... عطرنا الله بشذاها ....

الحمد لله يا أم يوسف أنا بخير، ولكن مشاغلا تحول دون إطلال مستمر ....دعواتكم  emo (30):

----------------------------------------------------
وصلت فيما وصلت إلى قصة النومة التي أنزلها الله على رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم وقد هم بالسمر ليلة، وهي من كلاءة الله تعالى لصفيّه صلى الله عليه وسلم، فوضعت لها عنوانا :"نومة ونزاهة".........

عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "ما هممت بما كان أهل الجاهلية يهمون به إلا مرتين من الدهر كلاهما يعصمني الله  تعالى منهما ، قلت ليلة لفتى كان معي من قريش  في أعلى مكة  في أغنام لأهلها ترعى : أبصر لي غنمي حتى أسمر هذه الليلة بمكة  كما تسمر الفتيان ، قال : نعم ، فخرجت فلما جئت أدنى دار من دور مكة  سمعت غناء وصوت دفوف وزمر ، فقلت : ما هذا ؟ قالوا : فلان تزوج فلانة لرجل من قريش  تزوج امرأة ، فلهوت بذلك الغناء والصوت حتى غلبتني عيني فنمت فما أيقظني إلا مس الشمس ، فرجعت فسمعت مثل ذلك ، فقيل لي مثل ما قيل لي ، فلهوت بما سمعت وغلبتني عيني ، فما أيقظني إلا مس الشمس ، ثم رجعت إلى صاحبي فقال : ما فعلت ؟ فقلت : ما فعلت شيئا " ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " فوالله ما هممت بعدها أبدا بسوء مما يعمل أهل الجاهلية حتى أكرمني الله - تعالى – بنبوته"-حديث صحيح على شرط مسلم-

وعلى ذكرك للعلامة البوطي ولكتابه والذي كنت أتصفحه أيضا قبل قليل فإليكم شيء منه ذو صلة بالقصة...فتأملوا تأمله واستنتاجه  :

إن الله عز وجل قد عصمه مع ذلك من جميع مظاهر الانحراف وعن كل ما لا يتفق مع مقتضيات الدعوة التي هيأه الله لها، فهو حتى عندما لا يجد لديه الوحى أو الشريعة التى تعصمه من الاستجابة لكثير من رغائب النفس ، يجد عاصما آخر خفيا يحول بينه وبين ما قد تتطلع إليه نفسه مما لا يليق بمن هيأته الأقدار لتتميم مكارم الأخلاق وإرساء شريعة الإسلام.وفى اجتماع هاتين الحقيقتين لديه صلى الله عليه وسلم دليل واضح على أن ثمة عناية إلهية خاصة تسيره وتأخذ بيده بدون وساطة الأسباب العادية كوسائل التربية و التوجيه ، ومن ذا الذى يوجهه فى طريق هذه العصمة وآل الذين حوله من أهله وبني قومه وجيرانه ، غرباء عن هذا الطريق ، ضالون عن هذه الوجهة ؟
لا جرم إذاً أن العناية الإلهية الخاصة التي جعلت لشباب النبي صلى الله عليه وسلم طريقا دقيقاً من النور يمخر عباب ظلام الجاهلية ، من أعظم الآيات الدالة على معنى النبوة التي خلقه الله لها وهيأه لحمل أعبائها ، وعلى أن معنى النبوة هو الأساس في تكوين شخصيته واتجاهاته النفسية و الفكرية و السلوكية في الحياة .



العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: أبو بكر في 2011-03-18, 19:53:25
بارك الله فيك يا أخت أسماء وجزاك خير الجزاء على ما قرأت وما وضعت ورزقك صحبة الحبيب في الآخرة وسقاك شربة هنيئة من يديه لا تظمأي بعدها أبداً. emo (30):
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-03-19, 10:59:30
بارك الله فيك يا أخت أسماء وجزاك خير الجزاء على ما قرأت وما وضعت ورزقك صحبة الحبيب في الآخرة وسقاك شربة هنيئة من يديه لا تظمأي بعدها أبداً. emo (30):
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً


يا الله ما أجمل هذا الدعاء .... emo (30):
اللهم آميييين
وإياكم يا أبا بكر وكل إخوتنا بالمنتدى والمؤمنين والمؤمنات ....يا رب
اللهم فرجك لكل إخوتنا المؤمنين ونصرة لدينك وعزة للمسلمين بحق طيب حبيبك صلى الله عليه وسلم
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-04-25, 08:10:12
وجدته في موضوع ماما فرح "قناة ساعة حلوة لقلبك"، وأحببت أن أضعه فيديو ظاهر فلم أقتبس.... تابعوا إخوتي تطيب قلوبكم

المذيع المشهور أحمد الشقيري يبكي على الهواء (http://www.youtube.com/watch?v=R5J_t40r_1I#)
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-04-27, 08:55:47
من شهادات أهل الكتاب في ذكر صفة الحبيب صلى الله عليه وسلم في الكتب السماوية (في التوراة)

في كتاب "عيون الأثر"

جاء عن الواقدي  أن النعمان السّبائي وكان حبرا من أحبار اليهود ، لما سمع بذكر النبي قدم إليه وأخبره أن والده أوصاه أن يخفي سِفرا من أسفار التوراة  (والسفر هو الجزء)  فلا يقرأه حتى يسمع بنبي  يخرج في يثرب، ويقول النعمان للرسول صلى الله عليه وسلم، أنه لما سمع به، فتح السِّفر .فقال: فإذا فيه صفتك كما أراك الساعة،وإذا فيه ما تُحِلّ وما تُحرّم وإذا فيه أنك خير الأنبياء وأمتك خير الأمم ، واسمك أحمد صلى الله عليك وسلم، وأمتك الحمّادون،قربانهم دماؤهم، وأناجيلهم صدورهم،لا يحضرون قتالا إلا وجبريل معهم ، يتحنن الله إليهم كتحنّن الطير على أفراخه .كما أن والده أوصاه أن يخرج إليه إذا سمع به، وأن يؤمن به،فكان صلى الله عليه وسلم يحب أن يسمع أصحابَه حديثه، ورئي صلى الله عليه وسلم يبتسم والنعمان يروي يوما حديثه ذاك للصحابة ثم قال  :"أشهد أني رسول الله  .  

وفي طبقات ابن سعد:

أن عليا رضي الله عنه روى أنه لما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن خطب في الناس، وأحد أحبار يهود واقف وفي يده سِفر من أسفار  التوراة، فناداه وطلب منه أن يصف له رسول الله صلى الله عليه وسلم،فجعل علي يصفه له، فلما توقف علي أكمل اليهودي أوصافا أخرى لرسول الله صلى الله عليه وسلم مذكورة عندهم في التوراة   فقال: في عينيه حُمرة، حَسَن اللحية، حَسَن الفم تامّ الأذنين، يقبل جميعا ويدبر جميعا فقال علي: هذه والله صفته ....واسترسل الحبر يقول : نجده يُبعث من حرم الله وأمنه وموضع بيته، ثم يهاجر إلى حرم يحرّمه هو ويكون له حرمة كحرمة الحرم الذي حرّم الله،ونجد أنصاره الذين هاجر إليهم قوما من ولد عمرو بن عامر ولد نخل،وأهل الأرض قبلهم يهود قال علي: هو هو.  ثم قال الحبر: فإني أشهد أنه نبي الله وأنه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناس كافة ، فعلى ذلك أحيا وعليه أموت وعليه أبعث إن شاء الله .                                                          



اللهم صل وسلم على سيدنا وحبيبنا أفضل الصلاة وأزكى التسليم وارفع برفعة مقامه عندك الغمة عن الأمة وانصر إخواننا المؤمنين في كل أرض الإسلام يا رب
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: أحمد عبد ربه في 2011-04-29, 11:26:53
صلى الله عليه وسلم

حقا لقد تعب كثيرا من أجلنا

اللهم اغفر لنا تقصيرنا بحبنا لحبيبك صلى الله عليه وسلم
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: أحمد عبد ربه في 2011-04-29, 11:52:21
                                 
                                           معا نصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم


من باب " وفي ذلك فليتنافس المتنافسون"

سيقوم كل منا بالصلاة على النبي ثم يكتب العدد الذي وصل إليه

وصاحب الرقم الأعلى ستكون له جائزة قيمة  !!!!!!!!!!!


                                                لو بتحبوه  أكثرو من الصلاة عليه

                 صلى الله عليه وسلم
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: زمرده صغنونه في 2011-05-25, 12:26:06
 عليه افضل الصلاة والسلام .   جميل جدا ربنا يوفقك يا حازرلى اسماء كلامك جميل جدا بجد
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: الزهراء في 2011-07-18, 01:13:47
عليه الصلاة والسلام
اطيب الخلق واحسنهم وأفضلهم
جزيت خيرا أختي الكريمة
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-07-18, 21:31:14
عليه الصلاة والسلام
اطيب الخلق واحسنهم وأفضلهم
جزيت خيرا أختي الكريمة

أهلا وسهلا بك أختنا الزهراء في منتدانا ....وسعيدة أن يكون موضوعي هذا أول موطئ لمفاتيحك اللوحية  emo (30):
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-07-21, 12:50:48
في هذه الأيام العصيبة التي تمر بها أمتنا الحبيبة، وبلاد من بلاد الإسلام الغالية .... نحتاج أن نتزود من أطهر سيرة وأن نفقه أطهر سيرة ....وهذه كلمات جعلتها صورا لشيخنا الغزالي رحمة الله عليه، ولمصطفى السباعي  المفكر والداعية والكاتب والقائد السوري رحمه الله وأحيا فكره النير بين شباب سوريا الثائرين....تأملوها ...



(http://www.ayamnal7lwa.net/forum/index.php?action=dlattach;topic=4494.0;attach=9858;image)


(http://www.ayamnal7lwa.net/forum/index.php?action=dlattach;topic=4494.0;attach=9856;image)
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: Al-Muslim في 2011-07-24, 07:29:12
ليس أجمل من الكلمات إلا الاستشهاد القرآني في خاتمتها.
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: أحمد عبد ربه في 2011-07-24, 12:43:18


جهد رااااااائع

جزاكم الله خيرا
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-07-26, 17:22:51
مسلم وأحمد جزيتما خيرا emo (30):

وهذه إخوتي صور توضيحية لنسب رسول الله صلى الله عليه وسلم مع بعض المعلومات عن القبائل ووجهاتها  وأصل التسميات قمت بتصميمها وفقا لما طالعته من المصادر الموثوقة، أرجو أن تفيدكم.
نمضي الهوينة بدءا من سيدنا إسماعيل عليه السلام أب العرب المستعربة صورة فصورة وصولا إليه صلى الله عليه وسلم .


---------------------------------------------------------

رُزِق سيدنا إسماعيل عليه السلام باثني عشر ولدا، تناسلوا في مكة وسكنوها مدة ثم انتشروا في أرجاء الجزيرة العربية وخارجها،ولكن أخبارهم اندثرت، إلا أخبار ابنَيْه "نابت وقيدار"، فأما نابت فأقام أحفاده حضارة الأنباط التي كانت عاصمتها البتراء، وأما قيدار فتناسل أبناؤه بمكة حتى كان منهم عدنان .
1- من عدنان إلى ربيعة ومضـــــر
الصورة أدناه تبين السلسلة من عدنان وصولا إلى ربيعة ومُضَر ابنَيْ نزار بن معد بن عدنان .

(http://www.ayamnal7lwa.net/forum/index.php?action=dlattach;topic=4494.0;attach=9866;image)

2- بنو قَيس بن عَيلان بن مضر وانتشارهم
الصورة أدناه تبين أشهر القبائل المنبثقة عن عيلان بن مضر وابنه قيس بن عيلان بن مضر وانتشارهم في أنحاء الجزيرة العربية وخارجها .

(http://www.ayamnal7lwa.net/forum/index.php?action=dlattach;topic=4494.0;attach=9864;image)

3- قريش وأشهر بطونها وقبائلها
الصورة أدناه تبين أشهر القبائل المنبثقة عن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، والنضر هو قريش ومنه القبيلة التي كان منها  رسول الله صلى الله عليه وسلم .

(http://www.ayamnal7lwa.net/forum/index.php?action=dlattach;topic=4494.0;attach=9868;image)

4-محمد خير خلق الرحمن صلى الله عليه وسلم :
وهذه الصورة التفصيلية التي تصل بنا إلى الحبيب صلى الله عليه وسلم لنتعلم جيدا بعدما رأينا مما سبق من التسلسل أنه صلى الله عليه وسلم : محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كِلاب بن مرة بن عامر بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن عمرو بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان .

(http://www.ayamnal7lwa.net/forum/index.php?action=dlattach;topic=4494.0;attach=9862;image)

العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-01-20, 18:01:30
رائع ....!! تابعوا... لن تندموا ....

فلم امريكي عن النبي محمد عليه الصلاة والسلام (http://www.youtube.com/watch?v=xiwx5rv5NTY#ws)

العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: أم يوسـف في 2012-01-21, 08:35:24
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله و صحبه و سلم .

جزاك الله خيرا يا أسماء

شاهدت هذا الفيديو من فترة طويلة و هو رائع حقا.
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: فارس الشرق في 2012-06-11, 23:54:53
"ولم يكن في دين محمد صلى الله عليه وسلم الرهبانية والإقبال على الأعمال الصالحة بالكلية كما كان في دين عيسى ؛ وإنما شرع الله له ولنا بحكمته حنيفية سمحة خالصة عن الحرج خفيفة عن الإصر ، نأخذ من الآدمية وشهواتها بحظ وافر ، ونرجع إلى الله بقلب سليم ، إن شغل بدنه باللذات عكف قلبه على المعارف ، ورأى اليوم علماء القراء والمخلصون من الفضلاء أن الانكفاف عن اللذات ، والخلوص لرب السموات اليوم أولى ، لما غلب على الدنيا من الحرام ، واضطر إليه العبد في المعاش من مخالطة من لا تجوز مخالطته ، ومصانعة من تحرم مصانعته ، وحماية الدنيا بالدين ، وصيانة المال بتبدل الطاعة بدلا عنه ؛ فكانت العزلة أفضل ، والفرار عن الناس أصوب للعبد وأعدل ، حسبما تقدم به الوعد الذي لا خلف له من الصادق ؛ (يأتي على الناس زمان يكون خير مال المسلم غنما يتبع بها شعف الجبال ، ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن)".
أبو بكر ابن العربي، أحكام القرآن.
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-06-12, 18:03:29
جزاك الله كل خير يا فارس الشرق على تفقدك لهذا الموضوع، وعلى إضافتك الطيبة  emo (30):
أما عن إقلالي هنا فإنما هو كتاب الوجه يا فارس الشرق  emo (30): (الفيسبوك)، والذي كنت من قبلُ معرضة عنه وعن الخوض فيه لولا طلب بعض الإخوة في الله،وقبله بعض الانشغالات التي نسألكم الدعاء أن يجعلها الله عابرة عبور السلام ومارة مرور الكرام.

أما الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فلا يحلو الكلام ولا العيش إلا بذكره وبتطييب القلب به ...صلى الله عليه وسلم

وهذه يا فارس الشرق صورة وهي شريحة  اقتطعتها من عرض تصميمي على الباوربوينت أعدّه عن سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ضمن حلقات متسلسلة:

(http://www.ayamnal7lwa.net/forum/index.php?action=dlattach;topic=4593.0;attach=10510;image)

ما تأملته من هذا الموقف حرية أن تقال كلمة الحق التي يراد بها الإسلام، وأنّه الأعلى من كل اعتبار، فقال عمر رضي الله عنه ما قال، غير خائف ولا متحسّب من أنّ التي يقول عنها هي زوجة الرسول النبي الكريم الذي يعث بالرسالة يعلم الناس جميعا مبادئ الدين وأسس العقيدة، فقال عمر ونيّته ووجهته الله ودين الله، وتقبلتها زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقبّلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يرفض أن يبدي عمر رأيه في لباس إحدى زوجاته وهو النبي الذي يعلّمهنّ قبل غيرهم .

فسبحان الله كم نتعلم دوما من مواقف السيرة الدروس والعبر، وكم يتمثّل لنا رنوّ أولئك الكرام من الرعيل الأول لأن يكون الإسلام الأول وفوق كل اعتبار .

العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: فارس الشرق في 2012-06-12, 19:08:24
الله الله يا أسماء..
لا حرمنا الله جهدكم، فلا تبخلي علينا به ولو كان جهد المقل..
سررت لمرورك كما سررت بتصفح هذا الموضوع..
ما أعظم روعة ما جئت به، أجل، إنهم قوم لم يخافوا في الله لومة لائم، أعزهم الله بالإسلام وكانوا خير أجناد له، رضي الله عنهم أجمعين..
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-06-13, 17:18:28
الحبيب صلى الله عليه وسلم في الطائف بين ضيق الأرض ورَحْب السماء :

(http://www.ayamnal7lwa.net/forum/index.php?action=dlattach;topic=4593.0;attach=10512;image)

العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-06-14, 19:41:10
وفي طريقه من الطائف إلى مكة، وقوفا في قرن الثعالب (قرن المنازل):

(http://www.ayamnal7lwa.net/forum/index.php?action=dlattach;topic=4593.0;attach=10514;image)
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-06-19, 17:09:03
عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة من رحلته إلى الطائف التي نشد بها من ينصره بين ثقيف من بعد ما خالفه قومه ونكّلوا به وضاقت على الدعوة مكة، عاد إليها داخلا في جوار المطعم بن عديّ، يكمل دعوته بها وبين أهلها غير آيس ولا مُحبَط مما لاقاه من أهل الطائف من صدود وسخرية وضرب أدمى قدميه الشريفتين، وهم الذين لجأ إليهم مستنصرا ومستجيرا ...

فلئن رفضته الطائف ورفضت دعوته وأخرجته منها طريدا، مُدمى مكسور الخاطر، فإنّ الله سبحانه قد أراه آيات رضاه وتأييده وحبّه، وكفى بهذه الآيات العظيمة قوة وسندا ومتكأ يجعله صلى الله عليه وسلم يعود لمكة التي خرج منها بروح جديدة عازمة مُقدمة متفائلة، صابرة، ثابتة ....

فهو صلى الله عليه وسلم يكفيه أنسا بالله وبرضاه أن بعث له في عزّ محنة الطائف رجلا نصرانيا من نينوى بلاد العراق يؤمن به ويصدّقه، ويَنْكَبّ على يديه ورجليه المدمَاتَين وعلى وجهه الوضيء تقبيلا، ويعود لسيّدَيه عتبة وشيبة ابنَي ربيعة يخبرهما أن ذلك الرجل خير مَن على الأرض كلها ....

ثم يكفيه ويزيد نزولُ جبريل رسول رب العالمين إليه يأتيه بأمر الله عزّ وجلّ أن يكون مَلَك الجبال تحت إمرته،وهو رفيق جبريل هذه المرة، وأنه سبحانه قد أمر السماء والأرض والجبال أن تطيعه إلى ما يريد، ويفتح له باب الأمر على مصراعيه، حتى أنه لو أذن بإطباق الجبلين على أهل مكة والطائف لفعل المَلَك ولائتمر بأمره وما تأخر.....
ولكنه صلى الله عليه وسلم رحم ورأف وأنِف أن تقرّ عينه بالثأر ممّن آذاه ونال منه، وسما وارتقى ورنا لأن يرى اليوم الذي يخرج فيه من أصلاب هؤلاء العُتاة المتكبرين الذين آذوه من يعبد الله لا يشرك به شيئا ....

لقد كان الإيمان بالله عنده غاية أمنياته لا يَحول عنها ولا تتبدّل ...
وكل ذلك في ظلّ السحابات النورانية العليّة السميّة المتنزّلة عليه نورا يغشاه، ينقله من عالم الأرض وناس الأرض إلى عالم الأنوار الربانية الملائكية السماوية....

ثم يكفيه صلى الله عليه وسلم ويزيد أن يسخّر الله له الجنّ يجلس إليه النفر منهم يستمعون إليه وهو يصلي من جوف الليل في طريق عودته من الطائف بوادي نخلة، يستمعون إليه وهو يقرأ القرآن، ثم يولّون إلى قومهم منذرين داعين إلى الله، ليصبح اسمه الشريف، وذكره الطاهر مَدار حديث الجنّ، وليحبّه الجنّ ويسمعوا إليه ويهتدوا بهداه كما سمع له الإنس من قبلهم وتحمّلوا في سبيل ما جاء به من ربّه كل مشقة .

فهذه طريق عودته محفوفة بالأنس وبالرّضى وبالتأييد الرباني ، وبحراسة العين الربانية، ربّه الذي دعاه تحت كرمة حائط ابنَي شيبة وناجاه وترجّاه واستعاذ بنور وجهه الذي أشرقت له الظلمات من أن يكون ما حل به غضب منه عليه قد نزل، وأنّ ما عداه لا يبالي به ولا يأبه وإن سيمَ بأضعاف تلك العذابات....
فينبئه ربه بما آنسه أنّه راض عنه كل الرضى غير ساخط ولا غضبان ...

فمن ذا الذي يقول مع كل هذا الفوز وكل هذا الرضى، وكل هذا الحبّ، وكل هذا الغضب من العليّ العظيم الجبار لحبيبه صلى الله عليه وسلم، أنّ رحلة الطائف كانت رحلة فاشلة ؟؟!!!
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: شيخ العرب في 2012-06-19, 19:24:42
صلى الله عليه وسلم           بارك الله فيك يا أخت أسماء وجزاك خير الجزاء     
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-06-22, 18:10:36
أهلا بك أخي شيخ العرب، وفيك بارك الله
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-06-22, 18:12:11
بعد عودة رسول الله صلى الله عليه وسلم من رحلة الطائف عام 10 للبعثة داخلا مكة في جوار المطعم بن عدي كثر اتصاله بالقبائل يعرض عليها الإسلام،وكان هذا ديدنه في مواسم الحج منذ العام الأول للبعثة وحتى آخر عام له بمكة قبل هجرته للمدينة، ولكن العام العاشر شهد أكثر لقاءاته،فتفرقت ردود أفعال القبائل  بين :

1-   قوم  طمعوا بالملك وبالجاه من بعده .
2-   قوم أبوا دعوته ولم يقبلوها .
3-   قوم أعجِبوا بدعوته ومالوا إليها ولكنّ وقوعهم تحت سيطرة ملك الدول العظمى آنذاك (فارس)كان حائلا دون احتضانهم الدعوة والذود عنها .

و في هذا أورد "منير الغضبان" في كتابه "فقه السيرة" تحليلا لما كان بينه صلى الله عليه وسلم وبين القبائل التي عرض عليها الإسلام، أحاول أن أرقمه في نقاط :

1- في قوله صلى الله عليه وسلم :»الأمر لله يضعه حيث يشاء» ردا على من اشترطوا أن ينالوا حظا من الملك والجاه إذا نصروه :

ليس الأمر صراعا على الحكم أو تسابقا على السلطة، إن الأمر انتشار هذه الدعوة وتبليغها، وسوف تكون العاقبة للمتقين،فالحماية المشروطة بشرط مغاير لمبادئ هذا الدين، حماية مرفوضة، ويقظة الدعاة إلى الله في هذا الأمر وفقههم لهذه القضية هو  الذي يعصمهم من الانزلاق في منحدرات السياسة، التي تضع الحكم غاية والعقيدة والدين وسيلة من وسائله .
وقال:
ولهذا رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم -ولم يصل إلى المنعة التي يريد-، أراد أن يعلم هؤلاء القوم الذين ترهبهم سلاطين الأرض في فارس أنه ستكون لهم الدولة عليهم إن آمنوا بالله ورسوله......

2- وقال فيمن خشي منهم سطوة كسرى عليهم رغم ميلهم لدعوته :

"فلم يكن العربي في ذلك الوقت يطمح في أكثر من أن يحظى برضاء كسرى أو قيصر ، وأن يكون عميلا مخلصا له، ولم تتحرر هذه النفوس إلا بالإسلام وبرسول الإسلام الذي زرع في النفوس هذه الثقة العظيمة التي غيرت واقع الأرض كله ...."
"ولم يمرّ على ما وعدهم الله من نصر عشرون عاما، حتى كانت بنات كسرى سبايا في المدينة،ثم كان أن نكحهنّ الحسين بن علي وعبد الله بن عمر،ومحمد بن أبي بكر، فأنجبن سادة الأرض علما وفضلا وفقها، علي بن الحسين –زين العابدين-،وسالم بن عبد الله بن عمر، والقاسم بن محمد بن أبي بكر."

3- وقال في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إني رسول الله وآتيكم لتمنعوني حتى أبلغ رسالة ربي، ولا أكرهكم على شيء»:

نحن أمام خط أصيل من خطوط الدعوة، ومرحلة من المراحل تمر فيها، بل تسعى إلى الوصول إليها، وهو أن توجد السلطة المحايدة التي تضمن حرية الدعوة، وحرية التبليغ، والحماية لها من الإبادة والقتل، ولا شك أن النظام الذي ينطلق في مفاهيمه ومبادئه وأعرافه من حرية الناس فيما يدعون ويعتقدون، ويضمن لهم هذه الحرية، وهو خير قطعا من النظام الذي يقتل الناس على معتقداتهم، ويخنق حرية التعبير عندهم وحرية الرأي، وقد تجد الدعوة الإسلامية نفسها في مرحلة من المراحل تسعى وتساهم للوصول إلى هذا النظام، وهو مرحلة سابقة لحكم الإسلام،بل يمكن القول أن حكم الإسلام غالبا يتم عن هذا الطريق، طريق القوة المحايدة، سواء أآمنت بالإسلام أم لم تؤمن، والتي تُخلّي بني الناس وبين ما يعتقدون،وعندئذ ستكون الغلبة للإسلام،لا بقوة السيف، وإرهاب السلطة إنما بقناعات الناس وتديّنهم لهذا الدين وعندئذ إذا  خالط الإسلام بشاشة القلوب، فلن يرضى أهله بديلا عن حكمه فيهم .
لا بد من الوعي لدروس السيرة وفقهها، أن الحكم على النظام والسلطة-بغض النظر عن الحكم الذي ينطلق منه-إنما يكون من خلال موقف هذا النظام من الدعوة والدعاة،وإمكانية التعايش معه ومساندته قائمة بمقدار ما يتيح الحرية لهذه الدعوة أن تنتشر وتبلغ،وضرورة المواجهة معه قائمة حين يفرض الحرب المدمّرة على دعاة الإسلام لإبادتهم واستئصالهم .

4-ويقول في تأثر من دعاهم بدعوتــــــــــــه وإن لم ينصروها:

لقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يدخلهم في الإسلام ولكنه غزاهم في أعماقهم،وعندما التقوا مع الفرس تشجعوا لذلك اللقاء كما سمعوا من الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم وعده لهم بالنصر عليهم، ومن أجل هذا جعلوا شعارهم «محمد» ، وبه انتصروا، وكانت هذه المقدمة للنصر الحقيقي للإسلام، وشريعته ، ونخلص من هذه السمة إلى أن الداعية قد لا يلقى أثر دعوته مباشرة، وقد لا يحصل التجاوب المطلوب منذ اللحظات الأولى، ولكن حسن عرضه لدعوته لا بد أن يضع بصمة واضحة أو نقطة بارزة في نفس المدعو، تعمل بعدها في نفسه،وتدفع في قلبه لتقوده إلى حظيرة الإيمان .

5-في وعي المثنى بن حارثة الشيباني بأن هذه الدعوة مما يكرهه الملوك:

ولا شيء يغيظ الملوك المتجبرين مثل وعي جماهيرهم بحقيقة هذا الدين، ورفضهم الانصياع له بعد سماع دعوة التوحيد التي تقول : لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، والحاكم الذي لا يريد أن يفيء إلى أمر الله لن يجد خطرا عليه أعظم من هذا الخطر ، لأنه يدعو كما قال ربعي رضي الله عنه (لإخراج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله)، ومن أجل هذا يواجه الطغاة هذا الدين ويحاربونه حفاظا على سلطانهم، وخوفا من أن تنثل عروشهم، وتميد الأرض من تحتهم .

6-وفي  رفض رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمنع بنو شيبان الدعوة من قبل مياه العرب وأنهم عاجزون عن ذلك من قبل بلاد فارس قال :

لا بد من الرأي الواضح المحدد في أي موقف يقفه الحلفاء من الدعوة، وأن نتأكد من صدق الموقف، والاستعداد الحقيقي لتحمّل تبعاته،لا أن ترمي بثقلها في مكان، ثم تكون بعد ذلك لقمة سائغة للعدو فيه .

7-استئثار رسول الله صلى الله عليه وسلم بقلوب من يدعوهم:

ميل مفروق من بني شيبان لدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول : «دعوت والله يا أخا قريش إلى مكارم الأخلاق، ومحاسن الأعمال، ولقد أفك قوم كذبوك، وظاهروا عليك»  ليدلّ دلالة واضحة على عظمة هذا الداعية وهذه الدعوة،بحيث تكون قادرة على اجتذاب القلوب إليها، والسيوف لحمايتها،يوم يزول الغبش والتشويه، والعوائق من طريقها.

8- ولا يترك رسول الله لالوم إلا أصدقاء لهذه الدعوة وهذا الدين،ولم يعلنوا استجابتهم له، حين لا يجد حرجا من الثناء عليهم-على كفرهم-بقوله : «ما أسأتم الرد حين أفصحتم بالصدق».ودعاة اليوم نناديهم أن يتعلموا هذه الأصول في فقه التخاطب مع الرجال والجماعات والأعداء، لا أن يكون همّهم السبّ والشتم للجاهلية، بكل ما فيها، لينفّروا منها الناس كافة ولا يبقوا لهم صديقا يتعاطف معهم، ليكونوا كما قال تعالى : «وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ(8)» المائدة
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-06-25, 15:13:40
أي عزيمة هي عزيمة محمد صلى الله عليه وسلم ؟ وأي إصرار وأي ثبات هما له ؟
وأي أداء للأمانة أداؤه؟ وأي تبليغ للرسالة هو تبليغه ؟! ، فرغم ما كان يلقاه عليه صلوات الله وسلامه من صدود ومن تكذيب ومن تعذيب وتسفيه، إلا أنه لم يكن يَني، ولم يكن يقعد، ولم يكن ييأس، بل كان يزيد من نشاطه وحركته، ويأخذ بكل الأسباب، ولا يتأخر ...

فكما عرض صلى الله عليه وسلم الإسلام على القبائل، قبيلةً قبيلة... يأتي القبيلة وصاحبه أبو بكر العارف بالأنساب يرافقه،فيسأل أهلها عن المنعة فيهم، وعن العدد ،ويعرض عليها أن تنصر الدعوة وتؤوي الداعي، فيلقى التكذيب والهروب والطرد والإعراض ......

ولا ييأس ولا يملّ بل كان يعرض الإسلام على الأفراد، فكان لا يسمع بمَن يزور مكة في موسم من المواسم ويعرف شرفه ومكانته وكلمته في قومه إلا و تصدّى له وعرض عليه الإسلام....
يدعوه ولا يملّ ولا يكلّ وعمّه أبو لهب من خلفه، عمّه أقرب المقربين إليه يصرخ بالناس أنه كذاب أفاك صابئ فلا تصدقوه ولا تتبعوه، والقوم يرون عمّه ويسمعون مقالته فيه، فكيف السبيل إلى أن تُحتَضَن دعوة مَن هذا حاله مع أقربائه وهم يحذّرون منه ويوصمونه بأبشع الوصم، وينعتونه بأفظع النعوت.....

كيف السبيل إلى أن يحتضن هذه الدعوة من يرون ويسمعون من أقربائه وأهله وعشيرته ما يسمعون، ويرون منهم من التسفيه لأفعاله ما يرون ؟؟!!

كيف السبيل أن تجد هذه الدعوة، وهذا الداعي محضنا وأمنا وملجأ وملاذا وهذه ظروفه، وهذه حيثياته الصعبة في مجتمع قبليّ يقدّس القبيلة ويعرف لها روحها ومعنى أن يصرخ الأقربون قبل الأبعدين أنّ هذا الرجل منا صابئ كذاب ساحر أفاك مجنون فاحذروه .....!!!!

فـأي عزم كان عزمك يا حبيبي يا حبيب الله ؟؟!!!!

وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائـــــــــــــــــم ......
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: أحمـد في 2012-06-25, 19:31:38
جزاك الله خيرا على هذا الموضوع وهذه المشاركة الخاصة بالعزم وأعظم الخلق عزما صلى الله عليه وسلم..
موضوع العزائم هذا مثير جدا جدا ..
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-07-05, 15:20:53
جزاك الله خيرا على هذا الموضوع وهذه المشاركة الخاصة بالعزم وأعظم الخلق عزما صلى الله عليه وسلم..
موضوع العزائم هذا مثير جدا جدا ..

وهو كذلك يا أحمد  emo (30):
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-07-05, 15:21:34
لا ينفك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثابتا على موقفه من الرسالة التي أمِر بتبليغها، لا يهزّه هازّ، ولا يحيك في ثباته وقوته وإيمانه سبيل من سبل المكذبين المتفرّقة ،المتصدين له، الصادين عن سبيل الله، المتربصين به وبدعوته وبأصحابه الدوائر...
وقد كان صلى الله عليه وسلم وكبراء قريش وأسيادها يترددون على عمّه أبي طالب مستَنَده وداعمه ومانعه من شرورهم ومكائدهم، يجيب عمّه بكل عزم و ثقة مقسما بالله آمِره وباعثه للعالمين رحمة وهُدى : "يا عم ! والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلِك فيه ما تركته " .

هكذا كان في حياة عمّه الذي بقي على عهده له أن يمنعه من قريش ومما يُراد به، وأن يحميه، يدعوه بثقة الحامي الكفء أن يمضي إلى ما أمِر به لا يخشى المتربصين...
وهكذا كان حاله في حياة خديجة زوجه، أول من ثبّته في أولى ساعات الوحي نزولا عليه، خديجة التي كان يعود إليها من وعثاء ما يلقاه ويلقاه أصحابه من محاربيهم والمتصدين لعقيدتهم وإيمانهم، يشكو إليها همّه، ويبثّها حزنه، فكانت تشد من أزره، وتخفّف عنه، وتقوّيه وتذكّره أن ربّه لن يخزيه أبدا ....
فكان يقوى ويشتدّ ويتجدد عزمه ...
حتى جاء عام على حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم الملأى بالجهاد في سبيل تبليغ الرسالة، وبالشدائد، والتي لم تكد تخلو ساعة من ساعاتها من ألم ونَصَب ...غابت عنه فيه خديجة وأبو طالب كلاهما، في عام واحد، عام أعقب حصار الشّعب الذي فرضته قريش على أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم من بني عمومته سواء في ذلك  من آمن منهم أو من لم يؤمن، من فرط ما نال الجوع  من جسَدَي هذين القريبين الحبيبَيْن،فأنهكهما مرضا .... فخلا جانبه من نصيره الأكبر من قرابته ولُحمته يدفع عنه أذى أكابر الكافرين وعُتاة المجرمين، كما خلا جانبه من خديجة رفيقة دربه وحبيبة قلبه والشفيقة عند رزئه، وأم عياله، والقائمة عليه وعلى بيته....

فكيف أصبح بعدهما حاله ؟ وكيف هي همّته وقريش قد خلا لها الطريق، وأصبحت تصول وتجول، لا تخشى مقالة ولا ملامة ولا عذلا وهذا الذي كانت تكرهه وتتوعّده، تقبل على عمّه تبلّغه أن يبلّغه السؤال، وتعرض عليه البديل، وتحاوره من وراء حجابِه، تستنهض في عمّه الحميّة لقومه ولما دان به آباؤه، فتشكو إليه محمدا فيما هي آتية تعرض عليه ما يغري وتعده أن تسوّده عليهم وتملّكه فيهم ...
كيف أصبح حاله اليوم ؟ وقد قال صلى الله عليه وسلم  : "مازالت قريش كاعّة (أي جبانة) حتى توفي أبو طالب"، وقال: "ما نالت مني قريش شيئا أكرهه حتى مات أبو طالب"

لقد اشتدّ به الخَطْب، وتقوّت عليه قريش ، وتجرأت عليه، وأصبحت تنال منه ضربا وتفلا، وحثوا بالتراب، وضاقت مكة على الدعوة، فطفق صلى الله عليه وسلم ينشد النصير من غيرها، فانطلق إلى ثقيف الطائف، فإذا هم وكأنهم قد تواصوا وأهل مكة بنبذه وطرده وصدّه، فنال منه سفهاؤها ضربا حتى أدموا قدميه ....!!

فهل اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الله ثقل المَكَارِه عليه، وشدة الأهوال التي نزلت به ، هل سأله أن يخفّف عنه أذاهم وعُدْوانَهم ؟ -ولو سُئِله لأُجيبه-  بل إنه قد اشتكى لله ضعف قوته وقلة حيلته، واستعاذ بنور وجهه أن يكون ما حلّ به غضبا من الله أو سخطا منه عليه، فإنّ كل ما عداهما لا يبالي به وإن كان أضعافا .....!!

فكيف أجابه ربه ؟ هل رقّق قلوب الأعداء عليه؟ هل أضعفهم وأنزل بهم ما يحول به بينهم وبين أذى رسوله وحبيبه وصفِيّه؟

لا...
بل قد كان يمدّه بالفيوضات الربانية التي لم يكن يُطلِع عليها غيرَه، لأنها كانت فضلا منه اختصّ به حبيبه،وأثرةً له عنه دون غيره.... لأنّ محمدا كان النبع النوراني الذي يُصبّ فيه النور الذي يكفي حين ينتشر كل مَن يبصره قلبه،فيعبّ منه ولا ينقص....
فكانت تقويته وترقيته مكانة وشأنا عند مولاه كفيلة بأن تُجْزِئ الأرض كلها، وتجزِئَ الرسالةَ قوةً بمبلّغها ...
ولم يكن يحتاج الأمر في كثير من الأحيان إلى أن  ترى أعين خصومه وأعدائه ما يُختصّ به من فضل ومن معجزات، لأنّ نتيجتها ستظهر في قوة عزيمته وإصراره على المضيّ في دعوته لرب العالمين ،  فأمر سبحانه الشجرة أن تطيعه إلى أمره فتأتيه حين يأمرها، وتعود مكانها حين يأمرها...أرسل إليه عبدا من عباده من نينَوَى بلدة النبي يونس عليه السلام يؤمن به ويُعلي من شأنه ويَنْكبّ عليه مُقَبِّلا أطرافه الشريفة، شاهدا أنه خير أهل الأرض كلهم، أرسل له الجنّ يؤمنون به وينقلبون إلى أهلهم دُعاة لله، وأرسل له جبريل يصحبه ملك الجبال ليأتمر بأمره فيريه ثأر نفسه من أعدائه رأي العين...

وهكذا ....
ما كانت قريش تدري كُنْه هذا الإيناس الإلهي، ولم تكن تفهم سرّ الحبّ الفياض الذي كان يُظِلّ رسول الله من ربّه، وما كانت تعلم أنّ عصاها الغليظة كانت ترتطم بإرادة الله وقوّته وفعله وحراسته نبيّه فترتدّ عليهم حسرة وخيبة ." وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ(48) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ(49) " -الطور-

وهكذا يعود رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد رحلة الطائف مشحونا إيمانا وحكمة وصبرا وإصرارا على المضيّ قُدُما في رسالته ودعوته، فيدعو القبائل كما كان دأبه منذ مبعثه، ولكنه هذه المرة بشكل أكبر، ويلقى الصدود والرفض، والاستهزاء، ومجرمو قريش يتتبعون خطاه ويشككون القبائل بكلامه، ويخوّفونهم مغبّة اعتناقهم ما يدعو إليه واصميه بالكذب والافتراء ....
فهذا يتفل على وجهه الشريف، وهذا يحثو التراب على رأسه الطاهر، وذاك يتعقّبه بالحجارة ......

ورسول الله صلى الله عليه وسلم بعين الله تعالى، كلما تلقى الصدود والتكذيب كلما ارتقى به ربُّه الدرجاتِ العُلى، حتى جاء موعد تلك الليلة المباركة التي كانت ليلة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم تكن لأحد من قبله من الرسل، تلك الليلة التي سَرَّى فيها الله عن قلب حبيبه الحزين لبعد الناس عن رشدهم وهُداهم، الحزين على غفلتهم وتماديهم في الغيّ،يريد لهم الخير وإن آذوه، ويغضب لله ولرسالته العظيمة ولا يغضب لنفسه، ويرضى في سبيلها ألوان التعذيب، ولا يرضى الدنيّة فيها، بل يراها الدرة المكنونة التي لا غِنى عن عنصر من عناصرها، ولا يرضى لها وهو في عزّ الحاجة للنصير من العباد والمجير منهم، أن تكون في مهبّ الريح بين أيدي من يقول بحمايتها من جهة وعجزه عن حمايتها من جهة تتربص بها الأعداء منها، بل يريدها حماية كاملة شاملة .....

وفي تلك الليلة التي نامت فيها أعين الناس، وعين الحي القيوم لم تنم، جاءت الفيوضات الربانية للحبيب القريب من رب البرية تبشّره بفضل من الله عظيم، وتُنبيه أنه القريب المقرّب والحبيب المفضّل الذي سيرى ما لم يَرَه أحد غيره، سيراه عين اليقين، وسيُقرّب من الملأ الأعلى، بل من العليّ الأعلى جلّ في عُلاه ....
جاءت الليلة التي سيُسرى فيها بالحبيب من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ليريه الله من آياته الكُبرى، وسيُعرَج به إلى السماوات العُلى، وسيَدخُلها سماء بسماء، وسيرى الأنبياء، وسيرى جنّة المأوى، وسيعرف، بل سيرى من مآل الناس في الأخرى على قدر تقلب أحوالهم في الدنيا ......

إنها ليلة الإسراء والمعراج ..........
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-12-25, 09:45:56
كلما قرأت في سيرة الطاهر المطهّر صلى الله عليه وسلم عرفت أن دنيانا من غير معرفة حياته لا شيء...

وعرفت أنّ النبض فينا يعود نبضا له معنى بمعرفة حياته...
عرفت أنه لا انقطاع بين تلك الحقبة التي كان فيها، وبين كل حقب الدنيا حتى تنتهي ...

وعرفت أنّ كل من يرى في حياته ماضيا وتاريخا لا يليق بمن يعيش اليوم أن يقتدي به إما جاهل لم يعرف عن حياته، وإما مقلّد بهرتْه حضارات حدودها الدنيا ومبتدأها الدنيا وآخرتها الدنيا، محروم حُرم لذة العيش بنبض حياته صلى الله عليه وسلم...

وعرفت أن دنيانا ظُلمة من فوقها ظلمة من فوقها ظلمة كلما هجرنا سيرته، وسيرة العظماء الذين اهتدوا بهداه من بعده ...

وعرفت أنّ أكبر أدوائنا أن نبحث لنا عن عظماء حضارات أخرى من ركام التاريخ الساحق، ولا نبحث عن سيرة الطاهر المطهّر، ولا نتعمق في بحر مواقفه، ولا نستشفّ العبرة والدرس من كل خطواته ، ولا نعي الحكمة من كل أفعاله ...

وعرفت كم أنّ أمتنا انصاعت لمن غيّبها عن أصلها،وقطع ساقها عن جذرها، فأبعَدَ أن تكون السيرة المطهّرة للحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم رأس برامج مدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا ...

وعرفت أنّ الحياة لا تكون حياة ولا نعي معناها ولا قيمتها ولا الغاية منها إلا ونحن نسبر غور حياته النورانية التي شَرُفَت الأرض باحتضانها ....وستشرف إلى يوم تزلزَلُ زلزالها وتخرج أثقالها وتحدّث أخبارها...
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-01-07, 10:40:48
سبحان الله...!!
صباح اليوم، وتزامنا مع خطاب الأسد الجسور الذي يكاد الصبر ينقلب رجلا فيصرخ بوجهه المُقطِّب، ويصرخ أن ارحل ارحل...ماذا يبقيك بعدُ يا أسد الظُلّام وجسور الغُشَّام... يا أسطورة البغي والعدوان، يا حاميها الحرامي...يا راعيها الذئب.... متى ترحل ؟؟متى ترحل ؟؟؟!!!

وأنا أتابع خطابه الأُجاج الممجوج... وعيني على "فقه السيرة للغزالي"، وسمعي يلقف شيئا من أجاجه...
إذا بهتافات المنافقين مِن حوله، وتصفيقاتهم المرّة على أشلاء ضحايا كلاب جيشه المسعورة.....
تهتف لهوبحياته وهو يقول وشرّ القول قوله أن مادام الإرهاب قائما مادام مستمرا في حربه ...!

وفي لحظة قوله ولحظة الهتاف، تقرأ عيني كلمات الغزالي وكأني بها ترياق القلوب العليلة، وجواب الصبر الموشك على الصراخ والجزع ....نعم في اللحظة ذاتها أقرأ له رحمه الله وهو يتأمل العِبَرَ من بيعة العقبة الكبرى للحبيب صلى الله عليه وسلم :

"وحكى القرآن أخبار الأولين وكيف أخلص المؤمنون لله فنجوا مع رسلهم، وكيف طغى الكفار وأسكرهم الإمهال فتعنتوا وتجبروا، ثم حل العدل الإلهي، فذهب الظالمون بدداً، وتركوا وراءهم دنيا مدبرة، ودوراً خرِبة. فأدبروا ووجوه الأرض تلعنهم كباطل من جلال الحق منهزم...!! "...

فاستبشرت خيرا...واستبشر صبري معي خيرا...:) فوجوه الأرض ستلعنه كباطل من جلال الحق منهزم...
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-01-07, 10:41:15
سأل الأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيعة العقبة الثانية من بعد أن عرّفهم بشروطها: فما لنا بذلك يا رسول الله إن نحن وفّينا بذلك؟قال صلى الله عليه وسلم : الجنة.

يقول راغب السرجاني : يا الله! الجنة، الجنة وفقط، الثمن لكل هذه التضحيات الجنة، لم يعد بأي شيء آخر، لم يعد بدولة، ولا بتمكين، ولا بنصر، مع أن هذا كله سيحدث لا محالة، ولكن قد لا تراه، قد تموت شهيدًا قبل التمكين بسنوات، قد تموت طريدًا شريدًا معذبًا، ولكن في النهاية، أنت إلى الجنة ذاهب "إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ" -التوبة: 111-.
-------------------------------

"قد تموت شهيدا قبل التمكين بسنوات" ....!! نعم ولذلك كانت الجنة هي الفوز المضمون يوم الخلود، إن لم يُضمَن التمكين يوم الفناء .....!!
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-01-13, 14:54:14
بيعة العقبة، وما أدراك ما بيعة العقبة ...

حينما تتّبعها بفكر متأمل، كم تستوقفك مواقفها، وكم يُبهرك ذلك الاجتماع الليلي، الذي كانت فيه النقاشات والأسئلة والأخذ والرد والتوثيق والتأكيد والتثبّت، بين جَمع الأنصار الثلاثة والسبعين، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يرافقه ويؤيّده عمّه العباس رضي الله عنه، وهو حينها ما يزال على شركه، لم يؤمن بعد، ولكن كان منه العجب العُجاب من السَّنَد والظهر والحماية كما كان من أخيه أبي طالب الذي مات على شِركِه ...

في جزء يسير من ليلة من ليالي العام الثالث عشر للبعثة، في جُنح الظلام،اجتمع مَن على عاتقهم ستُبْنى الأمة، ستُبنى الدولة، سيتحقق التمكين لدين الله، ستشرق شمس الإسلام على الأرض منهم....... واتسم اللقاء بسموّ عقلي وقلبي سواء بسواء،وفيه تمت المشاورات، والتوثيقات، والتعهدات، والمعاهدات، وفيه خرج الجمع بالقرار، وفيه أخِذ الميثاق، وتمت المبايعة...

كل ذلك كان في جزء يسير من ليلة من ليالي ذلك العام،في مكان ما بين مكة ومنى،عند العقبة، في جزء ما بعد الثلث الأول من الليل، حيث تسلل ثلاثة وسبعون رجلا ومعهم امرأتان من نسائهم من بين جمع مِن قومهم الذين ما يزالون على شركهم أدوا معهم مناسك الحج في ذلك الموسم من ذلك العام .

كم كان اللقاء ثريا ونحن نتجاذب الرؤية والتأمل في معاني هذا اللقاء، هذه المبايعة، هذه المعاهدة..... في كل لقطة منه، في كل مرحلة منه، في كل كلام كان فيه، في كل متكلم تكلم فيه ....
كم أن التأمل فيما كان منهم وحده ثري، وأي ثراء !! كم أنّ أولئك كانوا عِظاما بحيث تتمثل وجوههم الوضاءة، وحضرتهم المهيبة، وقوة قلوبهم وتفتحها للإيمان، وإصرارهم على المبايعة رغم كل ما نُشر وبُسط ووضّح من مغارم لا يطيقها إلا رجل اشترى الجنة وباع دنياه بما فيها ....

فكان تأملا أنسانا الدنيا بما فيها، وصغُرت في أعيننا بما فيها، وصرنا وكأنّ الزمان كله قد طُوي في ذلك الجزء اليسير من تلك الليلة، وكأن المكان الذي نحن فيه هو تلك العقبة.... وأي عقبة هي !! عقبة كانت اسما على غير مسمى، عقبة مهدت لنشر الدين، ولتمكينه، ولبناء الدولة الإسلامية .....عقبة ذلّت فيها على النفوس كل الصعاب ....
فعشنا.... حيث عشنا .......


"وفي موسم الحج من العام الثالث عشر للبعثة (13)اعتزم المسيرَ إلى الحج سبعون رجلا من الأوس والخزرج اجتمعوا على موافاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة وقد قالوا : حتى متى نذَرُ(أي نترك) رسول الله صلى الله عليه وسلم يُطرَد في جبال مكة ويخاف؟"

حتى متى نذره ؟؟؟
هم جَمع من الذين آمنوا من أوس يثرب وخزرجها، بدؤوا في العام الحادي عشر ستة، ثم ارتقوا في العام القابل إلى اثني عشر ،قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كما وعدوه، فبايعوه بيعة العقبة الأولى بيعة النساء، وعادوا إلى يثرب بعدهاوقد أرفق معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير الذي نجح أيما نجاح في دعوة أهل يثرب للإسلام، وتعليمهم الدين، وعادوا في العام الثالث عشر للبعثة،بعد عام واحد، وهُم جمع من ثلاثة وسبعين رجلا ومعهم امرأتان، تدفعهم الغيرة على رسول الله، وعلى دين الله، تدفعهم روح الإيمان بصدق ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبعظمة ما جاء به، تدفعهم أن لم يرضوا الدنيّة لرسول الله، فإلى متى سيتركونه طريدا في جبال مكة ؟!! إلى متى ؟؟ يسألها سائل قد أعيته السنون، وأثقلت كاهله، وهو يعلم أن الحق يُضطهد وتُستباح حرمة أهله، ولكن هؤلاء لم يلبثوا في كنف وحِياض  الإيمان والإسلام إلا عاما أو عامَين، وكان العامان كافِيَيْن لشحنهم إيمانا يناطح السحاب سموا، والجبال شموخا ....  فيؤهله لأن يغار لله، ويغضب لله، ويهبّ لله .... "إلى متى نذر رسول الله صلى الله عليه وسلم يُطرد في جبال مكة ويخاف ؟"



"خرجنا إلى الحج، وواعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعقبة من أوسط أيام التشريق، فلما فرغنا من الحج، وكانت الليلة التي واعدَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لها،ومعنا عبد الله بن عمرو بن حرام أبو جابر،سيّد من ساداتنا وشريف من أشرافنا، أخذناه معنا، وكنا نكتم مَنْ معنا من قومنا من المشركين أمرنا، فكلمناه وقلنا له: يا أبا جابر إنك سيّد من ساداتنا وشريف من أشرافنا، وإنا نرغب بك عما أنت فيه، أن تكون حطبا للنار غدا، ثم دعوناه إلى الإسلام، وأخبرناه بميعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم إيانا العقبة، فأسلم وشهِد معنا العقبة وكان نقيبا ."

ها هم أولاء وهم قد خرجوا للحج، ومعهم المشركون من قومهم، وهم يخفون إسلامهم وأمرَهم عنهم، ويخفون أنهم ما قدِموا هذا الموسم إلا للقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، ها هم أولاء لا يتركون الدعوة، ولا يتخلون عنها وهم في أشقّ حالة، وأصعب ظرف، ولكنهم، -ولله درّهم- ...إنهم يعرفون من يختارون من هؤلاء لدعوتهم في ظل إخفائهم أمرهم، وخشيتهم من المشركين أن ينقلبوا عليهم ويفسدوا عليهم خطتهم ... إنهم إذ يدعون لله وللإسلام في هذا الظرف يعرفون ما يفعلون، ومع من يفعلون ذلك ....

إنهم -ولا ريب- كانوا أهل حكمة ورزانة ونظر بعيد، فلا يعرّضون جماعتهم ولا خطتهم ولا هدفهم للخطر، بل لننظر كيف أنهم يتخيرون السيد والشريف، وليس السيد والشريف في قوم العرب بذي المال، سفيه العقل، بل إنه عادة بينهم سيد الحكمة فيهم، والرأي السديد، والنظر البعيد، والخُلُق القويم، والأمانة والصدق، والشجاعة والإقدام ... فهم إذ يختارونه لدعوته وهم في طريقهم هذه، وفي ظروفهم هذه، وفي ظلّ سريّتهم تلك، وحرصهم كل الحرص على ألا يفسد أمرهم، ولا يُكشف، يعرفون مَن يختارون.... وها هو الشريف يُسلم، بل ويحضر معهم أخطر اجتماع، ويطّلع على أكبر الأسرار، بل ويعيَّن نقيبا .... فلله درهم من دعاة فطنين، حكماء، يعرفون كيف يزداد خيرهم وهم في أصعب وأخطر ظرف ...إنهم كانوا الرجال... إنهم كانوا المثل الصحيح لمعنى الرجولة ....

"قال كعب: فنِمْنا تلك الليلة مع قومنا في رِحالنا، حتى إذا مضى ثلث الليل، وهدأت الرِّجل، خرجنا من رحالنا لميعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم نتسلّل تسلّل القَطا (طائر مِشْيَتُه ثقيلة)، مستخفين حتى اجتمعنا في الشِّعب عند العقبة، ونحن ثلاثة وسبعون رجلا، من ذوي أسنانهم (أي المسنّين منهم) وأشرافهم،وثلاثون شابا،يقال أن أصغرهم كان أسعد بن زُرارة،قال: ومعنا امرأتان من نسائنا، نُسيبة بنت كعب أم عُمارة إحدى نساء بني مازن بن النجّار، وأسماء بنت عمرو أم منيع إحدى نساء بني سَلمة."

ها هم أولاء نِيام مع قومهم، كأن شيئا ليس كائنا، كأنهم لم يلتقوا رسول الله سرا فور وُلُوجهم مكة، ويتفقوا معه على لقاء هذه الليلة ذاتها، وأن يكونوا جميعا عند العقبة ....
ها هم أولاء، وهم ثلاثة وسبعون، يُوقظ أحدهم الآخر، ويتسللون تسلل القطا... بكلمة سرّ؟ بإشارات؟؟ بنأمات؟؟ بحركات ؟!!
المهم أنهم نجحوا في أن ينسلوا من بين قومهم دون أن يشعر أحد بهم .....

 يااااه ما أروعها من خطة .... ما أجمل تلك الليلة وهم فيها يخططون للقاء خير خلق الله، للسمع منه، لإخباره بمكنوناتهم وبما مِن أجله قدِموا إليه، ليعاهدوه، ليُظاهروه ...
ما أروعه من تسلّل في جنح الليل لجَمع مؤمن كل الإيمان أن هذه الدعوة التي تلاقي كل الصدود والتعذيب والتنكيل في مسقط رأسها، لهي دعوة للأرض كلها، فها هُم يهبّون من أرض أخرى ليحتضنوها .... فأيّ تسلل كان تسللكم ؟؟ !! وأي خطة تلك التي اتفقتم يا جَمع المؤمنين الصادقين الحكماء على تنفيذها !!!

وامرأتان من نسائهم معهم.... أي عزّ، وأيّ قدر، وأي قيمة!! وأي تقدير هو للمرأة من الإسلام، وممّن اعتنق الإسلام فعلا وقولا ؟! أي بَون هو وأي شساعة هي شساعته بين جاهليّي الأمس القريب وهم على ما هم عليه من رأيهم بالمرأة وموقفهم من المرأة ورؤيتهم للمرأة، وبين حالهم اليوم وهم مؤمنون بالله وبرسوله، مسلمون ؟! ها هي ذي المرأة ترافق زوجها في مرحلة من أخطر وأهم مراحل الدعوة، فلا ينتقص من رأيها، ولا من قدرها، ولا من دورها، بل يصحبها معه وهو واثق من دورها، ومن فكرها، ومن أنها ستقاسمه الوفاء بالوعد كما قاسمته حضوره وسماعه ...

"كان أول متكلم العباس بن عبد المطلب، فقال: يا معشر الخزرج،-وكانت العرب إنما يسمّون الحيّ من الأنصار "الخزرج"خزرجها وأوسَها-: إنّ محمدا مِنّا حيث قد علمتم،وقد منعناه من قومنا ممن هو على مثل رأينا فيه، فهو في عزّ من قومه، ومَنَعة في بلده، وإنه قد أبى إلا الانحياز إليكم،واللّحوق بكم،فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه، ومانعوه ممّن خالفه، فأنتم وما تحمّلتم من ذلك،وإن كنتم ترون أنكم مُسْلِموه وخاذِلوه، بعد الخروج به إليكم، فمِن الآن فدَعُوه، فإنه في عزّ ومنعة من قومه وبلده ."

العباس بن عبد المطلب ! ما يزال بعد على دين قومه ! ويُقدِمه معه رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل ويكون أول متكلم قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويستأمنه على سر من أكبر أسرار الدعوة ! ويدخل مع ابن أخيه ظهيرا، حاضا على نصرته حق النصرة، مخوّفا من خذلانه، مبيّنا لمكانته من قومه وإن كان منهم ما كان، فهو وإن لقي من قومه ما لقي، إلا أنه أيضا لا يعرف مصيره بين هؤلاء الجُدُد، هؤلاء البُعداء، هؤلاء الذين لم يكن ليعرفهم لولا إرادة الله أن يعرفهم، ها هو العباس رغم معرفته بما كاله قومه لابن أخيه من صنوف التعذيب والتكذيب، إلا أنه وبعقل الحكيم الراجح لا يضمن ما سيكون له بين هؤلاء، فقد يناله منهم ما قد يبدو معه ظلم أهله رحمة، وما قد يبدو معه سَموم أهله نسمة .... ما يدريهم أنّ الذي سيكون خير من الذي كان ؟؟!!

بهذا المنطق تحدث العباس الذي ما يزال بعد على دين قومه، بمنطق العقل وبمنطق الحق على السواء، وإن كان ما هو قائم عليه حتى الساعة مخالفا لما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم ....
ولكنها الحكمة ...وأي حكمة في رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو إذ استأمنه يعرف مَن استأمن ... وإذ اتخذه ظهيرا وسندا يعرف من اتخذ لذلك ! ولله درّ العباس وهو على غير الإسلام، يحضّ على احتضان الإسلام بصدق لا بغدر، ويخوّف من خذلان الذي جاء به...
ويكأنّ الله سبحانه وتعالى لم يحرم العباس فضل هذه الليلة العظيمة من قبل أن يؤمن، ويهيئه لأن يصبح مؤمنا ....

"فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلا القرآن،ودعا إلى الله،ورغّب في الإسلام،ثم قال:
"تبايعوني على السمع والطاعة في النشاط والكسل،والنفقة في العسر واليسر،وعلى الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر،وأن تقولوا الحق لا تخافوا في الله لومة لائم،وعلى ن تنصروني فتمنعوني إذا قدِمْتُ عليكم مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءَكم ولكم الجنة"".

تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبماذا تُراه بدأ ؟ وبمَ عقّب؟!
بدأ بالقرآن، ثم دعا إلى الله ثم رغّب في الإسلام، ولأي شيء كانت هذه البدايات وهذه الأساسات منه ؟؟ إنها كانت لبناء الدولة المسلمة، إنها كانت لبناء الأمة المسلمة، إنها كانت للتمكين لدين الله في الأرض كلها ....
ولمَن يقولون وينادون ويناضلون من أجل فصل الدين عن الدولة، وأين؟؟ في بلاد الإسلام !! أقول وما ضرّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وهو يؤسس للدولة أن جعل الأساس هو القرآن، وهو الدعوة إلى الله، وهو الترغيب في الإسلام .... لهؤلاء أقول، أي معنى لدولة مسلمة تفصل الدين عن الدولة ؟؟؟ إنه كمعنى اللامعنى ! إنه كمن يبني السراب ، إنه كمن يريد دينا على هواه، ويريد للسياسة أن تكون بمعزل عن الدين.... وللدين أن يكون بمعزل عن السياسة ... وما بيعة العقبة إلا سياسة رشيدة من أعظم ساسة الأرض، لم يجعل لها من أساس أقوى من قرآن رب السماوات والأرض ...!! فهل منكم يا دعاة الفصل رجل رشيد ؟! أم أنّ رشدكم قد بلغ عنان الصواب حتى رأى في محمد صلى الله عليه وسلم أسطورة لا يجب التأسي بها في عالم الحقيقة !!

وفي بنود البيعة، الوضوح كل الوضوح، القوة كل القوة، اللازم لمعركة بناء الأمة، بينما كانت البيعة الأولى لمعركة بناء النفس، أما وقد بُنِيت تلك الأنفس، فإنّ الدور حان للاضطلاع بمسؤولية بناء الأمة،بناء الدولة المسلمة، ولذلك فالتبعات قوية قوية، قوية....ومن البداية كان هذا الوضوح، وكان هذا الإفصاح، فمَن رضي أن يبايع على هذا وهو واثق من مدى تحمله للتبعات، فليأخذ، ومن لم يرضَ فهو حر أن يُعرض .....

"البراء بن معرور كان قد دُعِي للإسلام من قِبل الأنصار وهم في طريقهم إلى مكة، وكان سيدًا من سادتهم، فقبل الإسلام ، والأنصار بذلك يعلّمون المسلمين جميعًا درسًا لا ينسى، وهو أن الدعوة لا تتوقف مهما صعبت الظروف، فرغم مشقة السفر، ورغم الاحتياط والحذر، رغم كل ذلك لم يتوقف الأنصار عن دعوتهم إلى الله، وسبحان الله! سيموت البراء بن معرور بعد هذا الحدث بأقل من شهرين"

وهكذا يُدْعى البراء بن معرور هو الآخر في ظل كل السرية المحيطة بالأمر، وهو شريف من أشرافهم، فيسلم، ويشهد البيعة، بل يكون أول من يوثق العهد لرسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله : والذي بعثك بالحق لنمنعنّك ممّا نمنع منه أزُرَنا فبايِعْنا يا رسول الله، فنحن والله أهل الحروب،وأهل الحلْقة(وهي السلاح عامّة)، ورثناها كابرا عن كابر .

وهكذا يموت البراء بن معرور بعد البيعة بشهرين، فلا يشهد مع المسلمين غزوة، ولا حربا، ولا يجاهد، ولكنّه مات مبايعا، وشتان بين موته كافرا، وموته مبايعا ....!!إن المغزى ليس بطول العمر، بل بحسن العمل، بل بالصدق مع الله، بل بالإخلاص لوجه الله وحده .....فها هو يسلم شهرين، ثم يموت، فيموت مبايعا ....!!

والبراء على ذلك الموقف من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقاطعه أبو الهيثم بن التَّيِّهان رضي الله عنه، فيقول: يا رسول الله إن بيننا وبين الرجال(يعني بهم اليهود) حبالا، وإنّا قاطعوها، فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك، ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدَعَنا؟ فتبسّم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: "بل الدّم الدّم والهَدْم الهَدْم، أنا منكم وأنتم منّي، أحارب من حاربكم، وأسالم من سالمكم"

ما أصدق الرجل، ما أشد حضور عقله مع حضور قلبه، ما أبعد نظره، وما أحكم قراءته لما قد يكون حاك في نفوس الكثير ممن معه ، ولكنهم أحجموا عن الخوض فيه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد يكون من تحرج، وقد يكون من استكثار مواجهته بها وهو رسول الله...

ابن التيّهان، ها هنا يطرح أمرا مهما جدا، وخطيرا جدا، قد يكون الكثير ممّن معه قد أغفلوه في ساعة نصرة عاطفية لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنّه هنا بإفصاحه يجعل موالاتهم موالاة كاملة خالصة، موالاة قلبية وعقلية، لا تشوبها شائبة من ظنّ أو شك أو خوف . يطرح أمر اليهود الذين يحيطون بالمدينة إحاطة السِّوار بالمعصم،وفيما بينهم عهود وتحالفات، واتفاقيات، واليهود على ما هُم عليه من المكانة والسيادة الروحية والمالية.وهم أهل حروب وصنّاع سلاح، وهو يزيد من تجلية الأمر لمَن معه أنهم سيقطعون كل هذه الحبال التي تربطهم بهم، فيريد جواب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن موقفه منهم إن هو انتصر وعاد إلى مكة...
 فيجيبه رسول الله صلى الله عليه وسلم بكل تواضع ودون رسم أي خلفية من أنّ الرجل يشكك بمواقف رسول الله، بل يتبسم ويعطيه العهد والميثاق الآكَد أنه معهم في السراء والضراء، يذود عنهم ويحميهم مما يحمي منه نفسه وأهله، فإن طُلب دمهم فقد طُلِب دمُه .ولنا أن نتخيّل نفسية ابن التيّهان بعد جواب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونفسيّة كل من كان بداخله تخوّف من هذه النقطة .

والآن ....قد حان وقت البيعة...قد انجلت الغيوم كلها من صفحات تلك النفوس، قد حان لا ريب .......................أم .....أنه لم يحن بعد ؟؟؟!!!! emo (30):

أأصبح لذلك الجزء اليسير من الليل البهيم، كل هذا التحمّل... ليتسع لنقاش أكثر، وأطول، فيُحاط بكل ما يجب الإحاطة به والقوم مقبلون على قرار مصير الأرض كلها .......

نعم ...إنه ليستّع ............... emo (30):

يتدخل رجل آخر من رجال الأنصار .....إنه العباس بن عبادة موضحًا لهم: إنكم تبايعونه على حرب الأحمر والأسود من ، فإن كنتم ترون أنكم إذا نُهِكَت أموالُكم مصيبةً، وأشرافَكم قتلاً أسلمتموه، فمِن الآن، فهو والله إن فعلتم خزي الدنيا والآخرة، وإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه على نَهْكَة الأموال وقتل الأشراف فخذوه، فهو والله خير الدنيا والآخرة.

وهكذا، يزيد العباس بن عبادة من توثيق العهد، ويزيد في توضيح الأمر للأنصار، أنه ليس نُزهة، ولا لقاء تلك الليلة وكلمات فيها، ومن بعدها النقض والتولّي، والنكوص، بل هو الوعد الذي يوافقه الفعل ويصدّقه، بل هو تحمّل كل الأذى في سبيله مهما بلغ، إنه يقدّر عظمة الوعد، ويضعهم في صورة الموقف وجلاله،وهم يعدون رسول الله صلى الله عليه وسلم على محاربة الأحمر والأسود نصرة له ولما جاء به . وهكذا يبدو جليا صدق الأنصار، وعزمهم على الحق لا الباطل، والصدق لا الكذب، والوفاء لا الغدر .

فيجيب الأنصار في عزم وثقة: فإنا نأخذه على مصيبة الأموال وقتل الأشراف.فما لنا بذلك يا رسول الله إن نحن وفّينا بذلك؟قال صلى الله عليه وسلم : الجنة.

إنهم قد عرفوا الجنة .....فلما عرفوها، قبلوا بها ثمنا وجزاء لكل استعداداتهم للتضحية بالنفس والنفيس...قد عرفوها ساعة عاد أولئك الستة، وأخبروهم بدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم، وساعة عادوا إلى يثرب في العام الذي تلاه وقد أصبحوا اثني عشر رجلا ومعهم مصعب بن عمير يعلمهم القرآن والإسلام.... لقد نزل بمكة ما قارب نصف القرآن في تلك الآونة، فقد عرفوه كله من مصعب، وتشربوا معانيه، وصدقوا وعوده، وآمنوا باليوم الآخر، وبأن الجنة حق، والنار حق .... فعرفوا الجنة وقدروا عظمتها فقبلوها ثمنا، وأدركوا أنه لا يعلو عليها ثمن ....

ولله درّ مصعب بن عمير وقد كان سفير رسول الله صلى الله عليه وسلم بيثرب، فعلّم وأسس لهذا الجمع المؤمن الواثق، المصدّق المستعد لبذل مهج الأنفس دون رسول الله صلى الله عليه وسلم ودون الإسلام ...لله درّه معلّم هؤلاء البُناة ، هؤلاء الأنصار الناصرون ....لله درك يا مصعب، كم هي حسناتك ؟! وكيف تُراك كنت تقضي أيام عامك بين اليثربيّين، بين خصماء الدهر أوسا وخزرجا، وقد غدوا بالإسلام إخوة متحابّين، فأقبلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدها أوسا وخزرجا على قلب رجل واحد، وهذا الإسلام بيده الربانية وحده يجمع شتاتهم، ويوحد صفوفهم، ويأتي بهم إخوانا متحابين ....
ها هو الإسلام وهم يرونه الحل الذي لم يكن لهم قبله من حل، ها هُم يقبلون على البيعة الثانية وقد عاينوا فعل الإسلام فيهم........
وقد جمعهم بعد فرقة، وسالمهم بعد حرب وقتال .... ها هو الإسلام يعمّ به السلام أولا قبل أن يكون منه أي أمر آخر ....
فأين من ينعتون الإسلام بالإرهاب ليعرفوا فعله في خصماء الدهر ؟؟!! ليعرفوا كيف دعاهم هذا السلام الذي عاينوه حقيقةً لم يكونوا ليحلموا بها يوما، أن يقبلوا عليه وعلى نصرته ونصرة رسوله صلى الله عليه وسلم غير مدبرين ولا مولّين، ولا مذبذبين، ولا متهيّبين ....إن لم يكن لإدراكهم العميق بأنّ فيه كل الخير، كل الخير، وبأن في الإدبار عنه كل الشر، كل الشر....

الآن أقد حان وقت البيعة ؟! لا بد أنه قد حان، لا بدّ أنه لم يبقَ من صوت غير صوت الأيادي تصفق على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم مبايِعة، معاهدة على النصرة وعلى كل تلك الشروط التي أعطى ....

أم أن ذلك الجزء من الليل ما يزال يطيق ويتحمّل ما هو أكثر ...........؟؟  emo (30):

بلى ...........إنه ليطيق .... emo (30):

فهذا أسعد بن زرارة يقطعهم فيقول :
رويدًا يا أهل يثرب، إنا لم نضرب إليه أكباد الإبل إلا ونحن نعلم أنه رسول الله.وإن إخراجه اليوم مفارقة العرب كافة، وقتل خياركم، وأن تَعَضَّكم السيوف، فإما أنتم تصبرون على ذلك فخذوه وأجركم على الله، وإما أنتم تخافون من أنفسكم خيفة فذروه، فهو أعذر لكم عند الله.

إنه يؤكد على معنى جديد، وخطير، وبالغ في الأهمية كل مبلغ، على الجهاد، وعلى الاستعداد لفقد خيار القوم وأشرافهم،الاستعداد لحماية الدعوة من كل ما يتعرض لها ولرسول الله صلى الله عليه وسلم، والتضحية في سبيل ذلك أكبر التضحيات.

الأنصار كانوا قد سمعوا الوعد: "الجنة" فما عادوا يطيقون صبرًا، ما بينهم وبين الجنة إلا أن يبايعوا، فقاموا يتسارعون وقالوا: يا أسعد، أمِطْ عنا يدك،والله لا  نذر هذه البيعة ولا نستقيلها.
روي عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة قال:قالت أم عمارة:كانت الرجال تصفق على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة بيعة العقبة،والعباس بن عبد المطلب آخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما بقيت أنا وأم منيع نادى زوجي عرفة بن عمرو: يا رسول الله !هاتان امرأتان حضرتا معنا تبايعانك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قد بايعتهما على ما بايعتكم عليه،إني لا أصافح النساء.

وها هو عرفة بن عمرو لا يفوّت الليلة واللقاء، ويكتفي بمبايعة الرجال لرسول الله صلى الله عليه وسلم، بل من فرط تقديره لزوجته، ها هو يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن بينهم امرأتان، وأنهما ما قدمتا إلا للمبايعة هما الأخريان، ولم تَقْدَما هكذا لتحضرا، وتكتفيا بالحضور وحده، بل إنهما حرتان ، ذاتَا إرادة وفكر حر، تريدان المبايعة، تريدان المعاهدة، وهما على قدر من الثقة بما في نفسيهما من الوفاء بالعهد، والعمل بشروط المبايعة .....
فيبايعهما رسول الله صلى الله عليه وسلم على تلك الشروط .....................

وياااااه على وفاء المرأة المؤمنة الحرة القوية  بعهدها....ياااه على وفاء نسيبة بنت كعب أم عمارة الرائعة ....المجاهدة بنفسها وبزوجها وبأولادها .....
هي تلك التي قامت تذود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد، يوم انفض الرجال من حوله، وهي تمنعه من ضربات المشركين وتعرّض جسدها لها دونه، وتصاب بالجروح الغائرة يومها، حتى يطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتوه بعصبة للملمة جراحها ، ويدعو لها ولأهل بيتها، فتتصيّد الفرصة وهي الموفية بوعدها لرسول الله يوم العقبة، فتسأله أن يدعو لها ولأهل بيتها أن يكونوا رفقاءه في الجنة، فدعا لها بما أحبت ....
ليهنأْكِ الدعاء يا أم عمارة ..... طوبى لك طوووووبى ...................

وكأنها وهي قد أعطيت الجنة على وفائها بشروط بيعة العقبة، وقد بايعت عليها، تسأل ما هو أعظم، تسأل رفقة رسول الله فيها ، وهكذا هي الروح المؤمنة العالية التي تطمع فيما عند الله.... في الآخرة، وكلما ارتقى إيمانها كلما ارتقى طمعها في خير الآخرة، وأي خير أعظم من رفقة الحبيب صلى الله عليه وسلم في الجنة !!! وتزهد في الدنيا بما فيها .... فلما دعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلم بمرادها قالت : ما أبالي ما أصابني من الدنيا....!!!

وعاشت أم عمارة ما عاشت مجاهدة في أكثر من غزوة، وكانت تبلي البلاء الحسن، واستشهد زوجها وأبناؤها في سبيل الله ....وتلكم عينة من عينات وفاء أهل العقبة بما عاهدوا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ....
هم قوم صدقوا الله ..... فصدقهم الله .....

فطوبى لكم يا أهل تلك البيعة .... طوبى لكم يا بناة الأمة والدولة، ويا لبنات الإسلام الأولى، ويا مَن أنقذتم الإسلام وأوردتموه موارد النصرة والانتشار والقوة والمنعة .... يا مَن تفتحت قلوبكم للإيمان تفتّح الصدر لنَفَسِه المُحيي ............

ولذلك سمّيتم الأنصار، وكم أنتم مستحقون لهذا الفضل العظيم ..... يا أيها العظماء .....

يااااااااااااااه كم عشنا يوم أمس هذه اللحظات وكأننا نعيش بروح الآخرة لا بروح الدنيا، وكأننا ونحن الأخوات المجتمعات نقرب من طأطأة رؤوسنا إجلالا لعظمة أولئك الرجال، وحياء من حضرتهم المهيبة....حتى قالت إحداهنّ، وقد جعلن بين حين وحين يستوقفن ليقلن ما يجيش في نفوسهن من إعجاب وإجلال وتقدير، وحسرة على واقع نعيشه وددْن لو أنهن لا يعدْن له وقد عِشن جزءا من تلك الليلة العظيمة .... قالت  : اليوم هم أولاء يتبارون على التنمية البشرية، والبرمجة اللغوية العصبية في بناء الفرد ، الآن عرفت إننا نستند لتنمية بشرية، بينما استند هؤلاء العظماء لتنمية إلهية ربانية ....وشتان بين التنميتين.... ::)smile:
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-01-21, 09:01:01
رمش العيون له انحِنَا وسوادها ليل الهَنا***هو أدعج العينين قد نظرت بنور إلهنا ....
هو واسع الكف الندي خلقا وجودا فاشهدِ*** أسقى من الغيث الهطول روحي فدا تلك اليدِ 

أنشودة في وصف النبي المصطفى
 اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد

وصف النبي المصطفى أنشودة رائعة جدا جدا بدون إيقاع (http://www.youtube.com/watch?v=5SBlVz2WmAM#)
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: أحمد عبد ربه في 2013-01-22, 21:23:39
رمش العيون له انحِنَا وسوادها ليل الهَنا***هو أدعج العينين قد نظرت بنور إلهنا ....
هو واسع الكف الندي خلقا وجودا فاشهدِ*** أسقى من الغيث الهطول روحي فدا تلك اليدِ 

أنشودة في وصف النبي المصطفى
 اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد

وصف النبي المصطفى أنشودة رائعة جدا جدا بدون إيقاع (http://www.youtube.com/watch?v=5SBlVz2WmAM#)


صلى الله عليه وسلم
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2013-01-23, 10:21:24
سبحان الله يا أسماء
اليوم وصلتني نفس الانشودة على الجوال.. ولكم انعشتني هذا الصباح

صلى الله على محمد
صلى الله عليه وسلم

العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2013-01-23, 10:40:16
وهذه هدية لكم بمناسبة ذكرى المولد النبوي   ::)smile:


نور الحبيب يضيء الكون أجمعه
كما أتى ذكره في نص قرآن
هو السراج المنير المستضاء به
من الضلالة يهدي كل حيران
يا فوز من كان بالمختار مقتديا
يقفوا هداه بإسرار وإعلان
ومن يخالف حبيب الله في سنن
ويتبع غيره يرجع بخسران
يخسر في هذه الدنيا وآخرة
يصلى الجحيم ويهوي وسط نيران
وإن ترد صحبة المختار في خلد
وفي جنات وفي روح وريحان

حافظ على الصلوات الخمس في فرح
مع خشوع وإحسان وإتقان
ورافق أهل الهدى تحشر بزمرتهم
ولا ترافق أخا شر وخذلان
واقتدْ بطه النبي واتبع لسنته
صل عليه بآناء وأحيان

العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-01-24, 08:54:30

ورافق أهل الهدى تحشر بزمرتهم
ولا ترافق أخا شر وخذلان
[/color][/size][/font][/center]

جزاك الله كل خيرا يا هادية وأنعش أرواحنا ، وهدانا لما يحبه ويرضاه  emo (30):
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-01-24, 09:17:52
إن الله سبحانه وتعالى لَيُهيئ لدعوة نبيه صلى الله عليه وسلم أسباب الانتشار، ويهيئ لرسالته الخالدة أسباب الخلود...

فرغم ما عرفنا من دأب قريش في تتبّع خطى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكِرام، يكيدون لهم صنوف الكيد ليصدوهم عن دينهم ودعوتهم،إلا أن عظمة مصدر هذه الرسالة، وعظمة تدبيره سبحانه لنبيه ولدينه، لن تحول دون مضيّه أعظمُ مكائد الكفار، ولن يقف بطريقه تناصرهم وتحالفهم ضدّه بكل ما ملكوا من قوة، وهو سبحانه يمهّد لدينه  كيف يشاء وعلى الصورة التي يشاء ومتى يشاء، ويسخّر لنبيّه من النصراء والأولياء مَن يشاء...

وإنه لَيُخيّل لمَن لا يعرف عن هذا الدين ومآله ومصيره وهو يسمع عن جرائم كفار قريش وجرأتهم، وتآمرهم وتكالبهم على أهل الإسلام ما يسمع، أن هذا الدين ذاهب لا محالة، وأن أهله هالكون لا ريب، وأنّه لا صمود لهم أمام كل تلك العواصف التي لا تهدأ ولا تَني، ولا هوادة في قلوب مثيريها ومدبّريها ....

حتى إذا ضاقت على المسلمين أرض مكة، وتقطعت بهم السبل، ورأى المشركون أنهم قادرون عليهم ببطشهم ومكائدهم وتآمرهم، وبقوة جاههم وسلطانهم، أتى أمر الله تعالى، بتسخيره لستة من خيرة شباب يثرب من أوس وخزرج، أرسلهم الله  يستمعون لرسوله صلى الله عليه وسلم وهو يحدثهم عن الإسلام، ويدعوهم إليه، فينقلبوا إلى أهلهم دعاة جادّين غير مستهزئين،مُحكِمين غير مفرّطين....

ويمرّ العام الحادي عشر من البعثة وهم في مدينتهم دُعاة، نشَرَة لخبر الإسلام بين دور يثرب، حتى يعودوا لرسول الله في العام الموالي وهم اثنا عشر نفرا، يأخذ عليهم صلى الله عليه وسلم البيعة الأولى عند العقبة على ألا يشركوا بالله شيئا، ولا يسرقوا، ولا يزنوا،ولا يقتلوا أولادهم،ولا يأتوا ببهتان يفترونه بين أيديهم وأرجلهم،ولا يعصوهُ صلى الله عليه وسلم في معروف. وعادوا أدراجَهم من مكة وهم على عهدهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبينهم مصعب بن عُمَير يعلمهم الإسلام ويزرع في نفوسهم نور القرآن، ويربيهم على منهجه، حتى نشأ في عام واحد رجال صنع نفوسَهم القرآن، فإذا هم ثلاث وسبعون من خيرة رجال الإسلام، بل من أعظم من عرف التاريخ الإنساني كله، ييمّمون وجوههم شطر مكة حيث رسول الله صلى الله عليه وسلم، يتفقون على أنه لا مجال بعدُ لتركه بين أيدي كفار قريش خائفا على رسالته، يلقى في سبيلها وصحابته كل ألوان التعذيب والتكذيب ... وأنّ عليهم أن ينصروه ويحموه ويمنعوه من كل من يريد به وبرسالته سوءا وأذية ....

ويجتمع الرجال، وكل منهم بوزن الرجل كما ينبغي أن يكون الرجال، ويجتمع رأيهم ولا يتفرق، ويعقدون العزم على لقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والائتمار بأمره ...فيكون ذلك اللقاء الليلي، وكم لليل الحالك من أسرار، وكم في الليل الحالك من أنوار لا تُدركُها كل الأبصار ....!
يجتمع الرجال المؤمنون الصادقون بسيّدهم وسيّد الأبرار، برحمة الله للعالَمين... يسمعون منه شروطه، فيُقدِمون وهُم لا يَلوون على شيء،لا يتأخرون...يفتحون معه كل المغاليق، ويُجْلُون له كل مُبهَم في أنفسهم حتى لا يبقى بأنفسهم خوف أو مبرّر لخذلان ....

ويبايعُ القومُ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة الرجال -وهُم الرجال- على السمع والطاعة في النشاط والكسل،والنفقة في العسر واليسر،وعلى الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر،وأن يقولوا الحق لا يخافوا في الله لومة لائم،وعلى أن ينصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمنعوه إذا قدِمَ عليهم مما يمنعون منه أنفسهم وأزواجهم وأبناءَهم...وأنّ لهم الجنة ........

وقد عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم حماسة لا تقدّمها العاطفة ويؤخرها العقل، بل يُقدم عليها العقل والعاطفة معا،ويستسيغها العقل مع العاطفة، في غير تراجع ولا تخاذل...
لقد أقبلوا وهُم قد حزموا أمرهم، وهم على أهبة أن يحاربوا في سبيل رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسالته الأحمرَ والأسود، وأن يضحوا في سبيله وسبيل الإسلام بالنفس والنفيس لا يستكثرون ولا يبالون، فقد عرّفهم القرآن بالجنة وهم يتدارسون آياته مع مصعب بن عُمَير من قبل أن يسمعوها مِن فِي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
كيف بمَن عرف عن الجِنان أن يتأخر وقد وعده بها  خير عباد الرحمن، صاحب الرسالة والبيان، والنور والإيمان محمد عليه من الله أفضل الصلاة وأزكى السلام ....؟!
إنهم قد رضُوا بالجنة ثمنا ....فهُم على الوعد والعهد ... فما أروع تربية القرآن حينما يُخالط معناه نِياط القلوب، ويُهدهد وعده سُويداءَها.

فماذا في الأمر بعد بيعة العقبة الثانية،بيعة الرجال... بيعة الحرب ؟
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-02-05, 18:25:03
والآن

هاهُم  المهاجرون من مكة إلى المدينة، يتركون خلفهم الدار والأهل والأصحاب ومورد الرزق والمال، لا يبالون بكل ذلك في سبيل النجاة بدينهم وفي سبيل إعلاء رايته وعدم السماح باستئصال شأفته كما أرادت قريش وهي تصعّد من قمعها وصدّها لأهل الإيمان، يتركون ثمرة كدّهم وسعيهم لسنين وسنين وراء أظهرهم، ينقلعون من الجذور انقلاعا، ويذهبون نحو المجهول....

يدفعهم أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم لهم بالخروج، سامعين مطيعين لا يفكرون ولا يناقشون ولا يندمون، يخرجون وهم متوكلون على الله حق التوكّل... الله الذي عرفوه من محمد صلى الله عليه وسلم، عرفوه من القرآن،فعرفوا كم أنكروه وأشركوا به ما لم ينزّل به سلطانا، حتى جعلوا الحجارة والخشب آلهة يتوددون إليها ويتبرّكون بها ويسالونها حاجاتهم، فلما عرفوا كم ظلموا أنفسَهم، وكم كان الله بهم رحيما فأنصف أنفسهم من أنفسهم قدروه حقّ قدره...

الله الذي أخرجهم بمحمد من الظلمات إلى النور ... إنهم وقد نجَوا من الشرك وأسبابه، لم يرضوا أن يعودوا مشركين مقابل أن يُبقوا على ممتلكاتهم وديارهم ومكانتهم بين أهليهم، بل إنهم يفرون بدينهم وإن جُرِّدوا من كل مال ... يفرون بدينهم وإن لاقَوا الأهوال ...لا يردّهم عن هجرتهم رادّ....

وهكذا خرجوا وهُم لا يعلمون إن كان الذي ينتظرهم خيرا أم شرّاً مما كانوا فيه... فإن كان الأهل والأقارب والأحباب قد تنصّلوا منهم لإيمانهم، ونبذوهم وشرّدوهم ... ونكّلوا بهم أفيجدون الرحمة والرأفة بين غرباء لم يجمع بينهم يوم أمر ؟!

إنهم يطيعون الله ورسوله، هذا حَسْبُهم وهذا رأس مالهم، وهذا منطلقهم وهذا دافعهم، وهذا ضامنهم ....فهُم متوكلون على الله حق التوكل، مُخلصون لوجهه، آمنوا فصدقوا الله، وصدقوا رسولَه، آمنوا فضحوا ولم يَلووا على شيء، آمنوا فأيقنوا أن رسول الله حق وأن كلامه حق، وأن وعده حق، وأنّ الذي جاء به حق .... فعرفوا أن ما عداه لن يغني من الحقّ شيئا فاستمسكوا به وهُم مستعدون لكل تضحية بالنفس التي بقيت وقد ضحوا بالنفيس ....

إننا ونحن نعيش معهم خطواتهم النيّرة الخالدة هذه نحو هذا الذي قد يخطر بخاطر أنه المجهول،ونحن نعيشها معهم حروفا مسطورة،نكاد نصرخ بمَن يظنّ بعدُ ممن يقرأ معنا أنّهم مساكين راحلون نحو المجهول وقد اقتُلِعوا من منبتهم الخصيب، أن يا أيها الذي تظنّ بعدُ الظنون  أفنسيتَ رجالا أفذاذا أنصارا أوسا وخزرجا، الواحد منهم بألف، يأخذ الألباب بصدقه وإيمانه العميق، وبعهده الوثيق الذي قطعه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم له في كل ما يأمر في النشاط وفي الكسل، وأنهم له في بذل المال، وأنهم له في هلَكة الرجال ودفع النفس دونه ودون دينه ومن والاه، ...أنهم له على الأحمر والأسود من الناس، أنصار يحتضنون الرسالة والرسول صلى الله عليه وسلم خير احتضان ....
إنهم إخوة ينتظرون إخوتهم ...فأي أُخُوّة وأي صلة وأي أرحام ؟!

إن الإسلام هو الرحم وإنّ العقيدة هي الأم الولاّدة .... إنّ الدين هو الآصرة وهو الدم وهو الرحم ....وليس كرحم العقيدة رحِم... إنه الدين الذي آخى بين أعداء الدهر أوسا وخزرجا، إنه الذي أتى بهم مجتمعين متآخين متقاسمين السرّ والعزم والعهد، وعاد بهم وهُم ينتظرون إطلالة إخوة لهُم لم تلدهم لهم أمّ كما ينتظر الواحد ميلاد أخيه في فجر واعد بعد ليل ألمٍ مدلهمّ ....

إنهم الذين عادوا إلى بلادهم يُعِدّون أول وفائهم بعهدهم، يُعِدون لهم المنزل والإيواء، والتكفّل كما يكفل الأخ أخاه وكما يأوي الأخ أخاه...وأول وفاءِ الأنصار هو أول سبب من الله لكلاءة المهاجرين وحفظهم ونصرهم وقد صدقوه.

أي شعر ؟ أي نثر؟ أي قول؟ أي وصف يَفي المهاجرين والأنصار مِعشار الحق ؟! أيّ عين تحيط بجمال المهاجرين والأنصار متعانقين متحابّين؟! أي لغة تُفهِم العالَم كيف يكون الرجل أخا لمَن لم يعرفه يوما فيضمّه إلى صدره؟ ويقاسمه داره وماله ؟!

أيّ شكر لك يا قارئ السطور النيّرة من الهجرة الخالدة،  تضمّه إلى شكري إلى شكر كل مسلم على الأرض تريد أن تلقى به المهاجرين والأنصار يوم تهاجر إلى دار القرار ....شكر العاملين لا القاعدين إن كان في زادِنا ما يليق أن نكون به الملاقينَ ....!!!

العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: فارس الشرق في 2013-02-06, 10:06:34
إن الإسلام هو الرحم وإنّ العقيدة هي الأم الولاّدة .... إنّ الدين هو الآصرة وهو الدم وهو الرحم ....وليس كرحم العقيدة رحِم... إنه الدين الذي آخى بين أعداء الدهر أوسا وخزرجا، إنه الذي أتى بهم مجتمعين متآخين متقاسمين السرّ والعزم والعهد، وعاد بهم وهُم ينتظرون إطلالة إخوة لهُم لم تلدهم لهم أمّ كما ينتظر الواحد ميلاد أخيه في فجر واعد بعد ليل ألمٍ مدلهمّ ....


رائع يا أسماء، بارك الله فيك وجزاك الله خيرا..
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: فارس الشرق في 2013-02-06, 10:24:19

أيّ شكر لك يا قارئ السطور النيّرة من الهجرة الخالدة،  تضمّه إلى شكري إلى شكر كل مسلم على الأرض تريد أن تلقى به المهاجرين والأنصار يوم تهاجر إلى دار القرار ....شكر العاملين لا القاعدين إن كان في زادِنا ما يليق أن نكون به الملاقينَ ....!!!



أجل إن شكرنا لقليل، وإن عزمنا لنذر يسير..
اللهم لك الحمد ولك الشكر كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك..
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2013-02-11, 13:12:53

أجل إن شكرنا لقليل، وإن عزمنا لنذر يسير..
اللهم لك الحمد ولك الشكر كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك..


لنزر يسير  emo (30):
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: فارس الشرق في 2013-02-11, 18:52:50
 :blush:: :blush::
تمام
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-02-12, 09:57:51
أهلا بكما هادية وفارس الشرق  ::)smile:
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-02-24, 13:57:10
البيوتـــــــــات الحاضنة

احتضنت بيوت الأنصار إخوانهم المهاجرين، وتقاسموا معهم الدار والأموال، فأصبح البيت الواحد يضمّ المهاجريّ والأنصاري، والمهاجرة والأنصارية، ومن بين هذه البيوت :
** دار المبشر بن عبد المنذر بن زَنْبر بقباء، وضمت عمر بن الخطاب ومن لحق به من أهله وابنته حفصة وزوجها وعياش بن أبي ربيعة.
** دار خُبَيْب بن إساف أخي بني الحارث نزل بها طلحة بن عبيد الله بن عثمان وأمه وصهيب بن سنان .
** دار أسعد بن زُرارة من بني النجار ونزل بها حمزة بن عبد المطلب.
** دار سعد بن خيثمة أخي بني النجار، وكان يسمى بيت العُزاب ونزل بها عُزاب المهاجرين.
** دار بني جَحْجَبَى للمنذر بن محمد بن عقبة، نزل بها الزبير بن العوام وزوجه أسماء بنت أبي بكر، وأبو سبرة بن أبي رُهم وزوجته أم كلثوم بنت سهيل .
** دار بني النجار لأوس بن ثابت بن المنذر نزل بها عثمان بن عفان وزوجته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
** دار بني عبد الأشهل ، احتضن فيها سعد بن معاذ مصعب بن عمير وزوجته حمنة بنت جحش .

وكانت هذه الديار وكانت غيرها ...

(http://www.ayamnal7lwa.net/forum/index.php?action=dlattach;topic=4593.0;attach=10576;image)


إنها لم تكن قصورا فارهة عُرفت عبر التاريخ بروعة تصاميمها وبنائها، بل لقد كانت ديارا بسيطة وسط الصحراء، ولكنها ضمّت قلوبا مؤمنة آخى بينها الإيمان، ولو وُزّع إيمانهم على الأرض لما وسعته الأرض، إنّ روعتها كانت في روعة القلوب العامرة  بالله وبرسوله صلى الله عليه وسلم فأنارت دروب العالمين، وعرّفت العالم كله أن دواء الأرض من عِللها ليس إلا هذا الدواء السماوي الخاتم الذي جاء ليصلح شأن الأرض ... إنهم لم يكونوا طُلاب دنيا بل كانوا من ساعتهم مثالا في نبذ بُهرج الدنيا وزينتها، وعَدِّها دارا يعمل فيها المؤمن لإعلاء كلمة الله . فأين نحن اليوم منهم ومجالس الرجال والنساء تَعُجّ بأحاديث الدنيا وآخر صيِحات الدنيا من مظاهر زائلة ؟! وأين نحن من تعلّل المتعلّل بالدنيا وبضيق العيش فيها وأنه الذي يحبس المؤمن عن القيام بدوره إزاء دينه ..حتى ضاعت منه أقلّ أدواره وآكدِها  دوره في بيته بين أهله وعِياله...يتركهم للدنيا ولصيْحاتها وينشغل عنهم بالدنيا وصيحاتها !!

العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-02-24, 14:10:50


اجتماع دار الندوة ...

إن قريشا اليوم على خطر عظيم، تدركه وتدرك عواقبه، وهي اليوم تشحذ كل همَمِها لتقارع هذا الخطر المحدق بمَجْدها، وبسلطانها، وبمالها، وبتجارتها، هذا ما كانت تخاف عليه قريش، وهي ترى مَنعَة تتحقق لمحمد صلى الله عليه وسلم، وهي ترى أنّ رسالته يحتضنها أهل بأس وقوة وحرب وعُدة، يرون بأمهات أعينهم كيف يخرج المسلمون من مكة أرسالا متتابعين، منهم أبناؤهم، وأهلهم وذووهم، يرى عُمْيُ البصائر بأبصارهم القاصرة أن هذا الدين هو سبب القطيعة بين ذوي الرحم الواحدة وذوي الوطن الواحد، بينما هُم على علم أنّ أولئك على حق يتبعونه، إلا أن عنادهم وشدة تعلقهم بسلطان الدنيا يحول دون أن يخضعوا ويستسلموا للحق، فيتشبثون بحبائل الباطل الواهية، ويعقدون لها العُقَد ويظنّون بها الإحكام والدوام ....

إنهم يرون كيف يحتضن الأنصارأتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنهم عندهم آمنون سالمون، وأنهم قد هيؤوا لهم أسباب الأمن والسلامة، ويعرفون عن الأنصار ما يعرفون من النّجدة والحميّة وألفة الحرب والشدة فيها .... فهُم على خطر عظيم مِن هؤلاء الأشداء الأقوياء وهُم ينقذون الرسالة من بين فُكوكِهم...من بين فُكوكِ مشركي مكة الذين لو أنهم ملكوا أن يجعلوا المؤمنين بينها لجعلوهم،ولمزقوهم بأسنانهم كل ممزّق ولألقوا بهم أشلاء في غيابات الزمان ... ولطوَوا صفحة هذا الدين الذي نغّص عليهم نهارهم وأرق ليلَهم، هذا الدين الذي ثبت أهله وقد ظنوا بهم أمرا عابرا يُذهبه الترهيب والتخويف والتعذيب والتنكيل، فإذا بصاحب الرسالة المؤيَّد من رب السماء بقوة الإيمان والاعتقاد في نصر الله أقوى عليهم من كل قوتهم، وأشدّ عليهم من كل حيلهم، وإذا أتباعه على تربيته وعلى هداه مقتدون ....

قد أغرَوه بما عندهم، ولم يدركوا أنه عزيز عليهم، وعلى كل إغراءاتهم وإغواءاتهم، ظنّوا أنّ ما اختزنوه من صور لفِكرهم الأرضي القاصر الباطل المخطئ السادر في الغيّ يكفيهم عُدّة للتحايل وللإغراء ولكفّ لسان محمد عن قولة الحق، أو لكفّ قلبه وقلوب أصحابه عن اعتقاد الحق .... إنهم أعداء ما قد جهِلوا ....

 لقد جهِلوا أنّ هذه الرسالة الربانية، والدعوة الإلهية لن يقدر عليها أهل الأرض قاطبة، أهل الدنيا وأهل غرور الدنيا.
إنهم قد جهِلوا أنّ دعوة تأخذ بيد الإنسان إلى هناءة العيش وطمأنينة الحياة في داره الدنيا، وإلى راحة وسعة من السكينة والرضا وصلته برب الأرض والسماء التي لا تُنقَض ولا تُحلّ تبعث في النفس الدواء لكل علة، وتحصّنها من كل تَيْه، وتعرّفها بكينونتها وبتركيبتها، وبما يليق بها تِرياقا وحياة .... ثم تأخذ بتلك اليد لتعرّفها أنّها بعد الموت تحيا...
تحيا من جديد كي لا تموت بعدها، بل لتخلد... لتخلد في نعيم مقيم لا ينازعها فيه منازع ولا يخرجها منها أمر وقد سبق فيها أمر العليّ القدير الذي إذا وعد لم يخلف وعدَه .....
تخلد في حياة بلا موت، وفي صحة بلا سقم، وفي شباب بلا هرم ..... تخلد في النعيم الذي أعدّه الله لعبد عرفه في الدنيا فعبده كما تجب له العبادة وعرف قدره، فخاف غضبه إذا عصاه، ورجا رضاه إذا أطاعه .....

كل هذا كانت قريش تعتدّ له بعدّتها الدنيوية، فبذلت قُصارى جهدها وصاغت مُنهتى فِكرها لردّ الحق في حرب أنهكتْها، واستنزفت قِواها، بل واستنزفت حتى أتباعها بجاذبية هي من روح السماء، لا من أصل الأرض....

أنهكتْها .... فكلما ظنّت أنها على محمد وعلى أصحابه قادرة، كلما قيّض الله لقوم أحبهم وأحبوه أسباب الفِكاك والنجدة والنجاة، ولرسالته ولدينه أسباب التمكين والقوة .....
لم يقدر أهل الفناء على أهل البقاء.... لم يقدر عبيد الفانية على أصحاب الباقية .... لم يقدر عبيد الدنيا على سادتها... وأنّى للعبد أن يقدر على سيّده؟! .... لم يقدر عبيد الجاه والسلطان والمكانة والمال والتجارة على عباد الله ،المخلصين لله، المنيبين لله، المضحّين في سبيل الله .... وأنّى لعبد الهوى أن يقدر على عبد الله .....!!
ها هُم أولاء وهُم يرون أن مكة قد باتت خُلواً من كثير من أهلها، فديارهم مهجورة، وأعمالهم متروكة، وأنّهم وعيالهم قد هاجروا، هاجروا بدينهم إلى أرض تسعه، إلى أرض تحفّه بالرعاية والحضانة وقد شحّت أرض مكة أن تكون له الحاضنة ....

ها هُم يرونهم يهاجرون لا يبالون بمال ولا بجاه، يهاجرون لله ورسوله ..... يهاجرون بأمر من الله ورسوله .... يهاجرون لإنقاذ دين الله من أعدائه من بعد ما تربّوا في مكة ثلاث عشرة سنة كاملة على الصبر وعلى الثبات وعلى الاعتقاد الجازم اللازم في الله، وفي نصر الله....

مشركو مكة وهُم يرون كل هذا .... يجتمعون هذه المرة في يوم سمَّوْه "يوم الزحمة"، يومٌ لم يبقَ فيه أحد من الأعداء الألداء لدين الله إلا وانتقل إلى دار الندوة .... تلك الدار التي اتخذتها قريش لإبرام أمرها، وللبتّ في قضايا مكة ، يجتمع فيها أهل الرأي والحصافة لفضّ النزاعات، ولحل الإشكالات .... إنها دار الندوة اليومَ ،بعد ثلاثة أشهر من بيعة العقبة الثانية،السادس والعشرين من شهر صفَر من العام الرابع عشر للبعثة (26صفر 14للبعثة ) يجتمع فيها الرأي الفصل في محمد وأمرِه ....
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-02-25, 09:48:08
وبعد اجتماع دار الندوة، وإجماع القوم على قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم

لقد ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر رضي الله عنه ليخبره الخَبَر، وليبشّره أنه رفيقه في رحلته، وليتفق معه على تنفيذ خطة كاملة متكاملة يستطيع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه الفِرار من تتبّع قريش المُحدِق به من كل جانب، في لحظة من اللحظات العسيرة الصعبة، إن لم تكن أشدّ اللحظات صعوبة في الدعوة المُحمدية ...
إنه على علم من الله تعالى بتربُّصهم به، في تلك الليلة ذاتها من اليوم الموالي لذهابه إلى أبي بكر رضي الله عنه في وقت غير الوقت الذي تعوّد زيارته فيه ، فليس أمامه صلى الله عليه وسلم من الوقت إلا الشيء القليل، القليل جدا...

وفي هذا الوقت القصير وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم خطة كاملة رزينة ذكيّة لهجرته وصاحبه، أخذ فيها بكل الأسباب المتاحة له، ولم يغفَل سببا، ولم يعوّل على نبوّته وعلى قدرة الله تعالى على حفظه وتيسير الأمر له بين طرفة عين وانتباهتها، لم يُعوِّل على دعاء يخصّصه في هذا الوقت الحرِج، دعاء خالص ملحّ يدعوه رسول الله صلى الله عليه وسلم، يذهب إلى أبي بكر خصيصا ليجتمع وإياه  للدعاء، وهو صلى الله عليه وسلم مستجاب الدعوة، وهو الذي أسرى به الله من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى قبل عامَين من ذلك الوقت في ليلة واحدة حدث فيها ما حدث، وعاد فجرا إلى مكانه الأول من غير لَاي منه ولا تعب ...!!
لم يعوّل على نبوّته وخصوصيته عند ربّ العزة وهو الذي نزل عليه وحي قبل لحظات يُعلِمُه بكيد المشركين له ...!! بل طفِق يأخذ بالأسباب ....

إن الله سبحانه يعلّمنا بنبيّه صلى الله عليه وسلم وبخطواته هذه كيف علينا أن نأخذ بالأسباب ثم نتوكل على الله، وأن التوكل على الله ليس أن نتوكل ونحن قاعدون ننتظر حدوث معجزة ... ولو كانت المعجزات تتهاطل أمطارا لتهاطلت على الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم جميعا بلا هوادة، ولما أخذ أحدهم بسبب من الأسباب، ولما ابتُلي بينهم أحد بمشقة او عذاب وهُم أكثر عباد الله ابتلاء ...!!

وسنرى الخُطّة النبوية البارعة التي رسم معالمَها رسول الله صلى الله عليه وسلم للخروج من مكة وصاحبه بسلام، خطوة بخطوة لنعلم مدى ألمعيّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومدى ثباته في أحرج الأوقات التي يفقد فيها البشر أعصابهم فلا يعرفون كيف يتصرّفون وهُم في أوج الحصار وبين يَدَي الهلاك المُحدِق ...
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-02-25, 10:39:54
وكان أبو جهل بين أولئك المتربّصين برسول الله، المحيطين ببيته، قال لأصحابه في سخرية: إن محمدا يزعم أنكم إن تابعتموه على أمره، كنتم ملوك العرب والعجم،ثم بُعِثتم من بعد موتكم، فجُعلت لكم جِنان كجِنان الأردنّن وإن لم تفعلوا كان له فيكم ذبح، ثم بعثتم من بعد موتكم ثم جُعلت لكم نار تُحرَقون فيها .

ولكأني أراه في لحظات الحسم التي يراها تامّة متمّة لمكرهم ....ولكأني به يكاد يطير فرحا وهو يردد كلماته تلك، ولكأني به من فرط فرحه وغبطته لا يقوى على إخفاء سخريّته وهزئه فيجهر بها كلمات في وقت يُعْدِمون فيه كل نأْمة وكل هينَمة... لكأني به يعتز ويفخر ويبطر منتهى البطر وهو يرى مقام النجاح من قبل حلول ساعة الصفر ...!!

إنه هذا الجاهل أبو الجهل والجهلاء، لم يظنّ -وهم محيطون هذه الإحاطة بمن يُريدونه جثة هامِدة بين أيديهم ، وهُم كُثُرٌ لا يخافون قلّة-، إلا أنهم ظافرون برسول الله صلى الله عليه وسلم، قاضون مأربهم فيه، متخلّصون منه ومن دعوته إلى أبد الآبدين ...
إنه وهو يقول قولته هذه فرِحا أشِرا بطِرا، لا يرى ما بينه وبين هلاك محمد إلا ساعة من زمن هي قريبة في عَدّ الزمن أقرب من كل قريب إليهم ينقضّون فيها عليه وهو نائم آمِن لم يتسلّح للقاء عدو، ولم يدرِ بمكر ماكر فيعدّ له مكْرَه ...
إنّ أمنيته ورجاءه لم يعد إلا قاب قوسين أو أدنى.... فهو يراها قريبة ،قريبة... قريبة ....وكأنها التي حصلت وانتهت .. وانتهى معها كل أمر من محمد ... وعاد فيها الأمر لهم ولباطلهم وللهواهُم ولسلطانهم ولمجونهم، ولكفرهم ....

إنه حسِب وهو الذكي الأريب الذي أشار بهذه الحيلة وبهذا المَكر أنه الناجح لا محالة ... والظافر لا ريب .... ولكن هيهات هيهات يا أبا الجهل والجهلاء ...هيهات أن يُترك لجهلك ولأمثالك ان يظفروا على دين الله وعلى إرادة الله وعلى أمر الله ...!!
ومنك عرفتُ كم أنّ الجهل حقا هو الجهل بالله، وبقدر الله، وبإرادة الله التي لا تعلو فوقها إرادة، وليس هو الجهل بحرف أو بخبر ...!

العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-03-07, 12:42:04
الفتاة التي أبكت العالم بحديثها عن الرسول (ص الله ع س) (http://www.youtube.com/watch?v=QJ2Uo_kxm7Q#)
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-03-11, 10:04:06
لقد كان غار ثور صعب المرتقى، والطريق إليه وعرا، ذا أحجار كثيرة،فحفِيت قَدَما رسول الله صلى الله عليه وسلم.روِي عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال أبوبكر: لو رأيتني أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم إذ صعدنا الغار، فأما قَدَما رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقطّرتا دما، وأما قدماي فعادت كأنهما صفوان(الصخر الأملس). قالت عائشة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتعود الحِفية.

وقد رُوي أنه في عهد عمر بن الخطاب تحدث أناس، كأن عمر رضي الله عنه أفضل من أبي بكر الصديق رضي الله عنهما،فبلغ ذلك عمر فقال: والله لَلَيلة من أبي بكر خير من آل عمر،ولَيَوم من أبي بكر خير من آل عمر،لقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلا لينطلق إلى الغار ومعه أبو بكر،فجعل يمشي مرة أمامه، ومرّة خَلفَه،ومرّة عن يمينه،ومرّة عن يساره حتى فطِن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما هذا يا أبا بكر؟ ما أعرف هذا من فِعلك، فقال: أذكر الرّصد فأمشي أمامك، وأذكر الطلب فأمشي خلفَك،ومرة عن يمينك، ومرّة عن يسارك، لا آمن عليك، فقال: يا أبا بكر لو كان شيء أحببتَ أن يكون بك دوني؟ قال: نعم والذي بعثك بالحق، ما كانت لتكون من مُلِمّة (وهي المصيبة العظيمة من مصائب الدهر) ، إلا أردتُ أن تكون بي دونك، فمشى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة على أطراف أصابعه كي يُخفِي أثره،حتى حفِيَت رجلاه، فلما رأى أبو بكر رضي الله عنه أنها قد حفِيت حمله على كاهله، وجعل يشتد به حتى أتى به فَمَ الغار فأنزله. وكان ذلك مع الصبح. ثم قال أبو بكر: مكانك يا رسول الله، والذي بعثك بالحق لا تدخله حتى أدخله، فأستبرئَه لك، قال عمر: والذي نفسي بيده لتلك الليلة خير من آل عمر. وأما يومه فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وارتدّت العرب، فقال بعضهم: نصلّي ولا نزكّي، وقال بعضهم: لا نصلّي ولا نزكّي، فأتيته ولا آلُوه نصحا، فقلت: يا خليفة رسول الله! تألَّفِ الناس وارفُق بهم، فقال: جبّار في الجاهلية، خوّار في الإسلام، فبماذا أتألّفهم؟ أبشِعر مفتعل؟ أم بشِعر مفترى؟ قبض النبي صلى الله عليه وسلم وارتفع الوحي،فوالله لو منعوني عِقالا مما كانوا يعطون رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه، قال: فقاتلْنا معه، فكان والله رشيد الأمر، فهذا يومه –دلائل النبوة للبيهقي-


فدخل أبو بكر الغار فاستبرأه، فلم يترك فيه جُحْرا إلا أدخل فيه أصبعه مخافة أن يكون فيه سبع أو حيّة، يقي رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه،فكلما رأى جُحرا شقّ ثوبه ثم ألقمه الجُحر حتى فعل ذلك بثوبه أجمع،وبقِي جُحر وكان فيه حيّة، فوضع عقِبَه عليه(والعَقِب عظْم مؤخر القدم)ثم قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : ادخل. فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضع رأسَه في حِجره ونام، فلُدِغ أبو بكر في قدمه من الجُحر، ولم يتحرّك مخافة أن تخرج الحيّة من مسكنها، وحتى لا ينتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجعلت دموعه تنحدر على الرغم منه،فابتلّ وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: مالَكَ يا أبا بكر؟، قال: لُدِغْت فداك أبي وامي، فتفل رسول الله صلى الله عليه وسلم على مكان اللدغة ، فذهب ما يجده من الألم.ثم لما أصبح النهار قال النبي صلى الله عليه وسلم : فأين ثوبك يا أبا بكر؟، فأخبره بالذي صنع، فرقع النبي صلى الله عليه وسلم يده فقال: "اللهمّ اجعل ابا بكر معي في درجتي يوم القيامة".

هذا غيض من فيض فضل أبي بكر الصدّيق مع صاحبه وحبيبه الذي يفتديه بأبيه وأمه، والذي لا ينفكّ قلبه يردّد قبل فمه كلما كلمه : "بأبي أنت وأمي يا رسول الله"، إنه يفتديه بأبيه وأمه، وبأولاده، وبماله، بل وبنفسه....
وهكذا الإيمان حقا، وهكذا قد فعّل الصدّيق بسجيّته وطبيعته وصدق ما في قلبه من حبّ عظيم لصاحبه وحبيبه صلى الله عليه وسلم معنى الإيمان كما وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله : " لا يُؤمِنُ أحدُكم حتى أكونَ أحبَّ إليهِ من والدِه وولدِه والناسِ أجمعينَ"-صحيح البخاري-.
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-03-12, 09:31:31
تصميم قمت بإعداده عن خطة رسول الله صلى الله عليه وسلم في هجرته وصاحبه رضي الله عنه :

(https://fbcdn-sphotos-a-a.akamaihd.net/hphotos-ak-ash3/578534_534430113268156_1502591853_n.jpg)
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-03-25, 11:37:04
هذا نبي الله صلى الله عليه وسلم في طريقه إلى المدينة التي تنتظر إشراقته عليها شمسا تُعِمّ الضياء في أرجائها الحاضنة، وقمرا ينير ليلها الساكن الهادئ النّاعم بعَبَق وَعْدَيْن لبيعَتَيْن  في عقبة واحدة، ذلّلت لمضيّ الرسالة الخالدة كل العقبات ...وعد الاثني عشر رجلا، ووعد الثلاثة والسبعين...

ذانك الوعدان اللذان لم يكونا كلاما، بل كانا أول الفعل...حينما همّ الرجال في ليلة العقبة الثانية مِن فورهم ليفعلوا وهم يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم الإذن لهم أن يميلوا على أهل مِنى بأسيافهم لما سمعوا الشيطان من غيظه يجمع عليهم أهل الجَباجِب، لولا أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم من حكمته وبعد نظره أجّل جهادهم ودفاعهم إلى حين بين الأحايين ....

وأول الأحايين لقاء الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم بأنصاره،ساعة يطلع البدر عليهم من ثنِيّات الوداع ....

هذا الحبيب المصطفى الذي نجّاه ربه من أكبر مكائد قريش وهي تعِدّ دفوفها وطبولها وغوانيها وقِيانها لاحتفالها الأعظم بخلاصها من محمّد بضربات رجال قبائلها، وكأنها الضربة الواحدة، فتُفرِّق دمه عليها، ويحار بعدها قوم محمد وآلُه من أيها يأخذون الثأر ....!
وإذا المولى في عليائه قد قدّر لقريش ما حذرته، بل وأقوى ...قد قدّر لها ألا تهنأ، قدر قدّر لها ألا ترغد ولا تسعد، قد قدّر لعينها ألا تقرّ...

هذا الحبيب المصطفى من غار ثور يخرج إلى الفضاء، حيث الصحراء وحيث السماء وحيث الجبال، وحيث الناس...
يمشي وصاحبه....  وأي صحبة!! وأي رحلة، وأي رَحْل وأي راحلة، وأي راحِلَيْن هما ؟!
إنها الرحلة إلى الدار الحاضنة... إنه الإيمان والهُدى رَحْلُهما وزادهما... إنه التوكل على الله راحلتهما قبل الراحلتَيْن...
إنهما الراحلان الاثنان، الصاحبان في بداية الوحي، وعند الإسرار، وعند الجهْر... وفي أيام العُسْر من أهل الشرك والكُفر...وفي يوم الخروج من بين القوم ليلا وهُم الظانون أنّ محمدا على فراش النوم يغطّ، وأن أبا بكر بمكة على حاله وقد هاجر المسلمون إلا هو وصاحبه النائم...
الصاحبان في الغار لأيام ثلاثة، يفتدي الصدّيق صاحبه بأبيه وأمه، يستبرئ له الغار،ويستقبل بيديه وقدَمَيه الأفاعي والهوامّ لئلا تقع يد من يدَي صاحبه أو قدم من قدميه على واحدة منها ....
ويفرش له حجرَه لينام عليه ويرتاح من بعد ليلة ليلاء لأواء ، تحفّى فيها الصاحب الحبيب المفتَدَى  حتى دميت قدماه....
وتنساب دمعات حرّاقات من وجنتَيه على وجه صاحبه الآمن النائم على حجره، لينتبه أنّ أفعى لدغتْه،وأنّ قلبه المحبّ يتحمّل لدغتها، ولا يتحمّل أن يقضّ مضجع الصاحب الحبيب ....!!
إنهما اليوم الراحلان ....الحاملان خير الدنيا بما فيها، إلى حيث حاضنة هذا الخير العميم ...إلى مدينة تنتظر إشراقة محمد لتتنوّر ...

إنها طريقُهما إلى المدينة .....إنّه "محمد" البدر في طريقه إليها....إنه"محمد"   الشمس في طريقها إليها.......
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-03-26, 08:56:19
مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه في طريقهما حتى مرا على أم معبَد الخُزاعيّة، وكان منزلها بقُدَيْد، وكانت امرأة كهلة لا تحتجب احتجاب الشابات، وكانت عفيفة عاقلة تجلس للناس وتحدّثهم (يقال عن مثل هذه المرأة في اللغة "امرأة بَرْزَة")،كانت بخيمتها تسقي وتُطعِم من يمرّ بها، فسألها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر لحما وتمرا ليشتريا منها، فلم يجدا عندها من ذلك شيئا، وقد أخذ الجوع والعطش من القوم كل مأخذ، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شاة في جانب خيمتها، فقال: ما هذه الشاة يا أمّ مَعبد؟قالت: شاة خلّفها الجَهْد عن الغنم، قال: هل بها من لبن؟ قالت: هي أجهد من ذلك، قال: أتأذنين لي أن أحلبها؟ قالتْ : بأبي أنتَ وأمِّي ! إن رأيتَ بها حلبًا فاحلُبْها، فدعا بها رسولُ اللهِ  صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، فمسح بيدهِ ضَرعَها، وسمى اللهَ  تعالى، ودعا لها في شاتِها، فتفاجَّت عليهِ، ودرَّت واجترَّت،
فدعا بإناء يربضُ الرهطُ، فحلب فيهِ ثجًّا(أ ي لبنا كثيرا)، حتى علاهُ البهاءُ(رغوة اللبن)، ثمَّ سقاها حتى رَوِيتْ، وسقى أصحابَهُ حتى رَوَوْا، ثمَّ شرب آخرُهم، ثمَّ حلب فيه ثانيًا بعدَ بدءٍ، حتى ملأَ الإناءَ، ثمَّ غادرهُ عندَها وبايعَها، وارتحَلوا عنها.

فلما عاد زوجها  أبو معبَد يسوق أعنُزا عِجافا (أي عنزات هزيلات)، ورأى اللبن عجِب، فقال: من أين لك هذا يا أم معبد؟ والشاء عازب حائل(أي غير حوامل)، قالت: لا والله إلا أنه مرّ بنا رجل مبارك من حالِه كذا وكذا، قال:صفيه لي يا أم معبد، فوصفتْه له، فقال أبو معبد: هذا والله صاحب قريش الذي ذكر لنا من أمره ما ذكر ، ولقد هممتُ أن أصحبه ولأفعلنّ إن وجدتُ إلى ذلك سبيلا.-من طبقات ابن سعد، ومن تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر-

وصف أم معبد لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أروع، ولا أروع  emo (30):

(http://www.ayamnal7lwa.net/forum/index.php?action=dlattach;topic=4593.0;attach=10583;image)


العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-04-07, 17:23:00
لم يبقَ على رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا القليل ليطلّ على أصحابه بالمدينة وعلى أهلها المتلهّفين شوقا لرؤيته...

لم يبقَ عليه إلا القليل ليهلّ عليهم بطلعته البهيّة وهم ينتظرونه كالحيّ ينتظر لحياته المعنى... كميت قبرته جاهلية ظلماء،وآن أوان انبعاثه حيّا بالإسلام ، وليستنشق عبير الحريّة بعبوديته لله، من بعد ما ضاقت نفسه ذَرْعا بأسْر الخرافة والبعد عن معرفة خالقها الذي جعلها من روحه نفخة ....

لم يبقَ الكثير على الحبيب صلى الله عليه وسلم وصاحبه المحبّ المفتديه بنفسه وبأبيه وأمه، وبماله وعياله ليبلغا تُخوم المدينة، تُخوم تلك الأرض الحاضنة التي انتشل أهلها الأنصار الأحرار الرجال الأبرار رسالة الإسلام من فُكوك المشركين الذين ظنّوا كل الظنّ، وسدروا في غيّ ظنّهم البعيد وأملهم المديد، أنّهم قد ظفروا بأنفاس محمّد فهي قاب قوسين أو أدنى من أيديهم ليكْتُموها إلى الأبد ...
فلا يُسمَع لها بين الفِجاج رِكز، ولا يُحسّ له من نبض ...

لم يبقَ الكثير على الملوّعين بحب المصطفى صلى الله عليه وسلم،الذين يفتدون نظرة من عينيه بأرواحهم ومُهَجِهِم ليروه عَيانا بَياناً، ليتملّوا بوجهه الوضيئ وقلبه المضيئ ....
لتستنير حياتهم كما دُروبُهم كما تُراب الأرض من مدينتهم الغرّاء بنور محمد الهادي ...

لم يبقَ على حبات الرمل الحارقة الكثير لتبعث بالنقباء منها إلى أطراف المدينة تبشّر حبات رملها الطيّبة بأريج محمّد وصاحبه الصدّيق يبعث الطّيبَ في أرجاء طَيْبَة ....

لم يبقَ الكثير على جبل أُحُد لتزفّ له جبال الصحراء الممتدّة، تلك التي مرّ بها المهاجر محمّد بُشرى اعتلائه له يوما قريبا ليهتزّ توقيرا وهَيبةً من حضرة النبيّ الكريم فوق تُربتِه الموحّدة الشاهدة جهادا واستشهادا في سبيل رسالة الحق العليّة ....

لم يبقَ الكثير على ديار المدينة وعلى ناسها، وعلى رجالها، وعلى نسائها، وعلى أطفالها وعلى شيوخها لترفرف عليهم وهُم أيقاظ وهم نِيام، وهُم قُعود وهُم وُقوف سُعاة رحمة مَن بالمؤمنين هو الرؤوف الرحيم ....

لم يبقَ الكثير على رجالها وعلى نسائها ليتعلموا منه معنى الحياة ومعنى الوجود، ومعنى امتداد الحياة إلى لانهاية للحياة بعد هذه الدنيا القصيرة التي تأخذ أصحابها في رحلة قصيرة لتوصلهم بَرّا بين البرور فإما جنات بأنهارها وإمّا نار بشَرارها ....

والمؤمنون لم يفهموا معنى السعادة مذ خُلِقوا إلا بعدما عرفوا بمحمّد أن الله واعدُهم بها أبدية لا تنهيها الموت ولا يذهب بها القبر بل تبدأ بعد الموت، وتُبنى بلِبان القبر ....
وبأنّ قبر السعيد روضة من رياض جنات تنتظر قُدومه عليها وتستعدّ له وتشتاق له كما يشتاق الحبيب لحبيبه ....

يااااه ما أجمل القبر في ميزان المؤمن الصالح العامل للصالحات ...
يااااه ما أسعده بالموت وهو يرجو لقاء الأحبة محمدا وصحْبَه ......:)
لم يبقَ الكثير .......
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-04-09, 09:33:32
لقد وصل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة... إنه بقُباء جنوبي المدينة ... على بعد خمسة كيلومترات منها .... إنه بديار عمرو بن عوف.... ها هُم الأنصار ملتفون حوله، وها هو ذا مع وصوله قُباء، ومكوثه فيها لأربعة أيام لا يضيّع يوما منها بلا عمل، ويبدأ برأس كل العمل، فيؤسس لمسجد قُباء ....

وفي قُباء يلتقي سلمانَ الفارسي، وفي قُباء تبدأ مرحلة من مراحل تكشّف الحقيقة لذلك البحّاثة عنها، سَلمان الفارسي ....وما أجمل قصة إسلامه ....ولا مفرّ من ذكرها كلما ذكرنا وتدارسنا ..... فنوردها ها هنا :

--------------------------------------------
إسلام سلمان الفارسي رضي الله عنه
قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بقُباء سلمان الفارسي رضي الله عنه، وكان قد سمع بمبعثه صلى الله عليه وسلم وأنه يخرج بالحجاز، فلما علم بقدومه المدينة أسرع إليه فأسلم، ولنترُك سلمان رضي الله عنه يحدثنا عن قصة إسلامه بنفسه، يقول سلمان رضي الله عنه : كنت رجلا فارسيا من أهل أصبهان من قرية يقال لها جَيّ ، وكان أبي دِهقان قريته (أي رئيسها)، وكنت أحبَّ خلق الله إليه ، لم يزل به حبه إيّاي حتى حبسني في بيته كما تُحبس الجارية ، واجتهدت في المجوسية حتى كنت قَطِن النار(أي خازنها وخادمها الذي يلازمها ولا يتركها) الذي يوقودها ، لا يتركها تخبو ساعة ‏‏.‏‏
قال ‏‏:‏‏ وكانت لأبي ضيعة عظيمة ، قال ‏‏:‏‏ فشغل في بنيان له يوما ، فقال لي ‏‏:‏‏ يا بني ، إني قد شغلت في بنياني هذا اليوم عن ضيعتي ، فاذهب إليها فاطّلعها ‏‏.‏‏ وأمرني فيها ببعض ما يريد ، ثم قال لي ‏‏:‏‏ ولا تحتبس عني فإنك إن احتبست عني كنت أهمَّ إلي من ضيعتي ، وشغلتَني عن كل شيء من أمري ‏‏.‏‏

قال ‏‏:‏‏ فخرجت أريد ضيعته التي بعثني إليها ، فمررت بكنيسة من كنائس النصارى ، فسمعت أصواتهم فيها وهم يصلون ، وكنت لا أدري ما أمر الناس ، لحبس أبي إيّاي في بيته ، فلما سمعت أصواتهم دخلت عليهم أنظر ما يصنعون ، فلما رأيتهم أعجبتني صلاتهم ورغبت في أمرهم وقلت ‏‏:‏‏ هذا والله خير من الدين الذي نحن عليه ، فوالله ما برِحتهم حتى غربت الشمس ، وتركت ضيعة أبي فلم آتها ؛ ثم قلت لهم ‏‏:‏‏ أين أصْلُ هذا الدين ‏‏؟‏‏ قالوا ‏‏:‏‏ بالشام ‏‏.‏‏

فرجعت إلى أبي ، وقد بعث في طلبي ، وشغلته عن عمله كُلِّه ، فلما جئته قال ‏‏:‏‏ أي بنيّ أين كنت ‏‏؟‏‏ أولم أكن عهدت إليك ما عهدت ‏‏؟‏‏ قال ‏‏:‏‏ قلت له ‏‏:‏‏ يا أبتِ ، مررت بأناس يصلون في كنيسة لهم ، فأعجبني ما رأيت من دينهم ، فوالله ما زلت عندهم حتى غربت الشمس ؛ قال ‏‏:‏‏ أي بني ، ليس في ذلك الدين خير ، دينك ودين آبائك خير منه ؛ قال ‏‏:‏‏ قلت له ‏‏:‏‏ كلا والله ، إنه لخير من ديننا ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ فخافني ، فجعل في رجلي قيدا ، ثم حبسني في بيته ‏‏.‏‏

قال ‏‏:‏‏ وبعثت إلى النصارى فقلت لهم ‏‏:‏‏ إذا قدِمَ عليكم ركْب من الشام فأخبروني بهم ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ فقدم عليهم ركب من الشام تجار من النصارى ، فأخبروني بهم ‏‏.‏‏ فقلت لهم ‏‏:‏‏ إذا قضوا حوائجهم ، وأرادوا الرجعة إلى بلادهم ، فآذنوني بهم ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ فلما أرادوا الرجعة إلى بلادهم أخبروني بهم ، فألقيت الحديد من رجلي ، ثم خرجت معهم حتى قدمت الشام ‏‏.‏‏ فلما قدمتها ، قلت ‏‏:‏‏ مَنْ أفضل أهل هذا الدين علما ‏‏؟‏‏ قالوا ‏‏:‏‏ الأسقف في الكنيسة ‏‏.‏‏

قال ‏‏:‏‏ فجئته فقلت له ‏‏:‏‏ إني قد رغبت في هذا الدين ، فأحببت أن أكون معك ، وأخدمك في كنيستك ، فأتعلم منك ، وأصلي معك ؛ قال ‏‏:‏‏ ادخل ، فدخلت معه ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ وكان رجل سوء ، يأمرهم بالصدقة ، ويرغبهم فيها ، فإذا جمعوا إليه شيئا منها اكتنـزه لنفسه ، ولم يعطه المساكين ، حتى جمع سبع قلال من ذهب وورق ‏‏.‏‏
قال ‏‏:‏‏ فأبغضته بغضا شديدا لِما رأيته يصنع ؛ ثم مات ، فاجتمعت إليه النصارى ليدفنوه ، فقلت لهم ‏‏:‏‏ إن هذا كان رجل سوء ، يأمركم بالصدقة ، ويرغبكم فيها ، فإذا جئتموه بها ، اكتنـزها لنفسه ، ولم يعط المساكين منها شيئا ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ فقالوا لي ‏‏:‏‏ وما علمك بذلك ‏‏؟‏‏ قال ‏‏:‏‏ فقلت لهم ‏‏:‏‏ أنا أدلكم على كنزه ؛ قالوا ‏‏:‏‏ فدُلَّنا عليه ؛ قال ‏‏:‏‏ فأريتهم موضعه ، فاستخرجوا منه سبع قلال مملوءة ذهبا وورقا ‏‏.‏‏
قال ‏‏:‏‏ فلما رأوها قالوا ‏‏:‏‏ والله لا ندفنه أبدا ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ فصلبوه ، ورجموه بالحجارة ، وجاؤوا برجل آخر ، فجعلوه مكانه ‏‏.‏‏

قال ‏‏سلمان ‏‏:‏‏ فما رأيت رجلا لا يصلى الخمس ، أرى أنه كان أفضل منه وأزهد في الدنيا ، ولا أرغب في الآخرة ، ولا أدأب ليلا ولا نهارا منه ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ فأحببته حبا لم أحبه شيئا قبله مثله ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ فأقمت معه زمانا طويلا ، ثم حضرته الوفاة ، فقلت له ‏‏:‏‏ يا فلان ، إني قد كنت معك وأحببتك حبا لم أحبه شيئا قبلك ، وقد حضرك ما ترى من أمر الله تعالى ، فإلى من توصي بي ‏‏؟‏‏ وبمَ تأمرني ‏‏؟‏‏ قال ‏‏:‏‏ أي بني ، والله ما أعلم اليوم أحدا على ما كنت عليه ، فقد هلك الناس ، وبدّلوا وتركوا أكثر ما كانوا عليه ، إلا رجلا بالموصل ، وهو فلان ، و هو على ما كنت عليه فالحَقْ به ‏‏.‏‏
فلما مات وغُيِّب لحقت بصاحب الموصل ، فقلت له ‏‏:‏‏ يا فلان ، إن فلانا أوصاني عند موته أن ألحق بك ، وأخبرني أنك على أمره ؛ قال ‏‏:‏‏ فقال لي ‏‏:‏‏ أقم عندي ، فأقمت عنده ، فوجدته خير رجل على أمر صاحبه ، فلم يلبث أن مات ‏‏.‏‏

فلما حضرته الوفاة ، قلت له ‏‏:‏‏ يا فلان ، إن فلانا أوصى بي إليك ، وأمرني باللُّحوق بك ، وقد حضرك من أمر الله ما ترى ، فإلى من توصي بي ‏‏؟‏‏ وبم تأمرني ‏‏؟‏‏ قال ‏‏:‏‏ يا بني ، والله ما أعلم رجلا على مثل ما كنّا عليه ، إلا رجلا بنَصِيبِين ، وهو فلان ، فالحقْ به ‏‏.‏‏
فلما مات وغُيِّب لحقت بصاحب نصيبين ، فأخبرته خبري ، وما أمرني به صاحبه ، فقال ‏‏:‏‏ أقم عندي ، فأقمت عنده ، فوجدته على أمر صاحبَيْه ‏‏.‏‏ فأقمت مع خير رجل ، فوالله ما لبث أن نزل به الموت ، فلما حُضر قلت له ‏‏:‏‏ يا فلان ، إن فلانا كان أوصى بي إلى فلان ، ثم أوصى بي فلان إليك ؛ فإلى من توصي بي ‏‏؟‏‏ وبمَ تأمرني ‏‏؟‏‏ قال ‏‏:‏‏ يا بني ، والله ما أعلمه بقي أحد على أمرنا آمرك أن تأتيه إلا رجلا بعمُّورية من أرض الرّوم ، فإنه على مثل ما نحن عليه ، فإن أحببت فأتِه ، فإنه على أمرنا ‏‏.‏‏

فلما مات وغُيِّب لحقت بصاحب عمورية ، فأخبرته خبري ؛ فقال ‏‏:‏‏ أقم عندي ، فأقمت عند خير رجل ، على هدى أصحابه وأمرهم ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ واكتسبت حتى كان لي بقرات وغُنَيْمة ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ ثم نزل به أمر الله تعالى ، فلما حُضر قلت له ‏‏:‏‏ يا فلان ، إني كنت مع فلان ، فأوصى بي إلى فلان ، ثم أوصى بي فلان إلى فلان ، ثم أوصى بي فلان إليك ، فإلى من توصي بي ‏‏؟‏‏ وبمَ تأمرني ‏‏؟‏‏ قال ‏‏:‏‏ أي بني ، والله ما أعلمه أصبح اليوم أحد على مثل ما كنا عليه من الناس آمرك به أن تأتيه ، ولكنه قد أظل زمان نبي ، وهو مبعوث بدين إبراهيم عليه السلام ، يخرج بأرض العرب ، مُهاجَره إلى أرض بين حَرَّتَيْن ، بينهما نخل به علامات لا تخفى ، يأكل الهدية ، ولا يأكل الصدقة ، وبين كتفيه خاتم النبوة ، فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل ‏‏.‏‏
قال ‏‏:‏‏ ثم مات وغُيِّب ، ومكثت بعمورية ما شاء الله أن أمكث ، ثم مر بي نفر من كَلْب تجار ، فقلت لهم ‏‏:‏‏ احملوني إلى أرض العرب وأعطيكم بقراتي هذه وغنيمتي هذه ؛ قالوا ‏‏:‏‏ نعم ‏‏.‏‏ فأعطيتهموها وحملوني معهم ، حتى إذا بلغوا وادي القرى ظلموني ، فباعوني من رجل يهودي عبدا ، فكنت عنده ، ورأيت النخل ، فرجوت أن يكون البلد الذي وصف لي صاحبي ، ولم يحقّ في نفسي(أي لم يكن على يقين من ذلك) ‏‏.‏‏

فبينا أنا عنده ، إذ قدم عليه ابن عم له من بني قريظة من المدينة ، فابتاعني منه ، فاحتملني إلى المدينة ، ‏فوالله ما هو إلا أن رأيتها فعرفتها بصفة صاحبي ، فأقمت بها ، وبُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأقام بمكة ما أقام ، لا أسمع له بذكر مع ما أنا فيه من شغل الرقّ ، ثم هاجر إلى المدينة ‏‏.‏‏

والله إني لفي رأس عذق لسيدي (أي نخلة)أعمل له فيه بعض العمل ، وسيدي جالس تحتي ، إذ أقبل ابن عم له حتى وقف عليه ، فقال ‏‏:‏‏ يا فلان ، قاتل الله بني قَيْلة ، والله إنهم الآن لمجتمعون بقُباء على رجل قدم عليهم من مكة اليوم ، يزعمون أنه نبي ‏‏.‏‏
قال سلمان: فلما سمعتها أخذتني العُرَواء(الرعدة والانتفاض من البرد)،حتى ظننت أني سأسقط على سيّدي ، فنزلت من النخلة، فجعلت أقول لابن عمّه ذلك:ماذا تقول؟، فغضب سيّدي، فلكَمَني لكْمة شديدة، ثم قال: ما لك ولهذا؟، أقبِلْ على عملك، قال: قلت: لاشيء، إنما أردت أن أستثبته عمّا قال.‏‏ وقد كان عندي شيء قد جمعته فلما أمسيت أخذته ، ثم ذهبت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بقباء ، فدخلت عليه ، فقلت له ‏‏:‏‏ إنه قد بلغني أنك رجل صالح ، ومعك أصحاب لك غرباء ذوو حاجة ، وهذا شيء قد كان عندي للصدقة ، فرأيتكم أحقَّ به من غيركم ، قال ‏‏:‏‏ فقربته إليه ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه ‏‏:‏‏ كلوا ، وأمسك يده فلم يأكل ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ فقلت في نفسي ‏‏:‏‏ هذه واحدة ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ ثم انصرفت عنه ، فجمعت شيئا ، وتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، ثم جئته به فقلت له ‏‏:‏‏ إني قد رأيتك لا تأكل الصدقة ، فهذه هدية أكرمتك بها ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم منها ، وأمر أصحابه فأكلوا معه ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ فقلت في نفسي ‏‏:‏‏ هاتان ثِنْتَان ؛ قال ‏‏:‏‏ ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ببقيع الغرقد ، قد تبع جنازة رجل من أصحابه ، و علي شمْلَتَان لي(أي كسوتان) ، وهو جالس في أصحابه ، فسلَّمت عليه ، ثم استدرت أنظر إلى ظهره ، هل أرى الخاتم الذي وصف لي صاحبي ؛ فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم استدبرته عرف أني أستثبت في شيء وُصِف لي ، فألقى رداءه عن ظهره ، فنظرت إلى الخاتم فعرفته ، فأكببت عليه أقبله وأبكي ؛ فقال لي رسول الله‏ صلى الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ تحول ، فتحولت فجلست بين يديه ، فقصصت عليه حديثي كما حدثتك يا ابن عباس ، فأعجب رسول الله صلى الله عليه وعلى وآله وسلم أن يسمع ذلك أصحابه ‏‏.‏‏ ثم شغل سلمانَ الرقُّ حتى فاته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدر وأحد ‏‏.‏‏

قال سلمان ‏‏:‏‏ ثم قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ كاتبْ يا سلمان(والمكاتبة عقد بين السيد وعبده على العبد فيه أن يدفع لسيّده مالا يصير بعد إتمامه حرّا) ؛ فكاتبت صاحبي على ثلثمائة نخلة أحييها له بالفقير، وأربعين أوقية (والفقير الحفرة التي تُغرس فيها الفسيلة) ‏‏.‏‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه ‏‏:‏‏ أعينوا أخاكم ، فأعانوني بالنخل ، الرجل بثلاثين وَدِيَّة(الوديّ صغار النخل) ، والرجل بعشرين ودية ، والرجل بخمس عشرة ودية ، والرجل بعشر ، يعين الرجل بقدر ما عنده ، حتى اجتمعت لي ثلاثمائة ودية ؛ فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ اذهب يا سلمان ففقِّر لها(أي احفُر لها موضعا تغرس فيه) ، فإذا فرغتَ فأتِني أكُنْ أنا أضعها بيدي ‏‏.‏‏
قال ‏‏:‏‏ ففقَّرت وأعانني أصحابي ، حتى إذا فرغت جئته فأخبرته ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم معي إليها ، فجعلنا نقرّب إليه الودي ، ويضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده ، حتى فرغنا ‏‏.‏‏ فوالذي ‏نفس سلمان بيده ما ماتت منها وديّة واحدة ‏‏.‏‏
قال ‏‏:‏‏ فأديت النخل وبقي عليّ المال ‏‏.‏‏ فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل بيضة الدجاجة من ذهب ، من بعض المعادن ، فقال ‏‏:‏‏ ما فعل الفارسي المُكاتب ‏‏؟‏‏ قال ‏‏:‏‏ فدُعِيت له ، فقال ‏‏:‏‏ خذ هذه ، فأدِّها مما عليك يا سلمان ،‏‏ قال ‏‏:‏‏ قلت ‏‏:‏‏ وأين تقع هذه يا رسول الله مما علي ‏‏؟‏‏ فقال ‏‏:‏‏ خذها فإن الله سيؤدي بها عنك ‏‏.‏‏
قال ‏‏:‏‏ فأخذتها فوزنت لهم منها ، والذي نفس سلمان بيده أربعين أوقية ، فأوفيتهم حقهم منها ، وعتق سلمان ‏‏.‏‏ فشهدت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الخندق حرا ، ثم لم يفتني معه مشهد ‏‏.‏‏

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وحدثني يزيد بن أبي حبيب ، عن رجل من عبدالقيس عن سلمان ‏‏:‏‏ أنه قال ‏‏:‏‏ لما قلت ‏‏:‏‏ وأين تقع هذه من الذي علي يا رسول الله ‏‏؟‏‏ أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلبها على لسانه ، ثم قال ‏‏:‏‏ خذها فأوفهم منها ، فأخذتها ، فأوفيتهم منها حقهم كله ، أربعين أوقية ‏‏.


العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-04-09, 09:36:33
وهكذا هي قصة هذا الرجل العظيم، هكذا أراد الله لمن أحبّ البحث عن الحقيقة، وسعى لها سعيها أن يهديه إلى الحق...
هكذا كان هذا البحّاثة عن الحقيقة فائزا بالحق، وبصحبة نبيّ الحق، وبلقب الصحابي الجليل الذي قال عنه صلى الله عليه وسلم: "سلمان منا أهل البيت"، وهو ذلك الفارسيّ الذي عاش قسطا وافرا من حياته خادما للنار، عابدا لها كأحسن ما يعبدها إنسان...
تلك كانت ربّه المعبود الذي كان يحرسه لئلا ينطفئ ، لا يغيب عنه ساعة مخافة أن ينطفئ!.... كان هو الذي يوقدها وهو الذي يحرسها،وأي رب كان ربّه العاجز عن أن يحمي شراراته من الخبوّ ...!!

هكذا يريد الله لعبد صادق يتحمّل في سبيل الحقّ وفي سبيل الوصول إليه أن ينتقل من الرّفاهِ والعيش الرغيد وقد كان ابنَ سيّد بلدته ورئيسها إلى عبد يُأمَر فيطيع، ويضربه سيّده كما يحلو له، لا يملك لنفسه أمرا ولا نهيا وهو العبد الضعيف المملوك المُهَان ....

ثم يزيد أمله مع عزمه من بعد ما تكشّفت له الحقيقة واستبانتْ ،وقد رآها مجسّدة في شخص المصطفى صلى الله عليه وسلم، في سلوكه وهو الذي لا يقبل الصدقة، ولكنّه يقبل الهدية، كما في جسده الشريف خاتما للنبوّة مطبوعا به ظهره الطاهر، يلقي سلمان الباحث عن الخاتم بين ثنايا الجسد، كما بحث عن الحقيقة بين ثنايا الأرض،-من بعد تكشّفه لعينه- بروحه بين ذراعي رسول الله صلى الله عليه وسلم باكيا شاهقا كحال طفل يأنس بصدر أمّه التي غابت عنه لسنوات، فغابت بغيابها الحياة، وهي ذي بين ذراعيه الحانِيتَين تعود من جديد، بل تعود أحلى وأسمى، بل تعود كما أحبّ الله له أن تعود، وكما أحبّ هو أن يجدها حقا يعلو ولا يُعلَى عليه...

سلمان الذي لم ينسَ أوصافا حُدّدت له،وظلّت تخالِجُه وترنّ في وجدانه، فإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم هو صاحبها، فيقوى، ويعتدّ، وقد سرى الحق بنوره في قلبه سريان الدم في عروق الحيّ السليم من كل سقم، ويعمل دائبا على تحرير نفسه من سيّده، ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا يبرحه رحيما، محبّا عطوفا رؤوفا، يسعى معه، ومعه أصحابه يسعَون من هدي النبي وتربيته لتخليص صاحبهم اليوم الذي كان بالأمس القريب مجوسيا عابدا للنار، خادما لها .....

إنها آصرة العقيدة عندما تنادي في أعماق الفطرة والفطرة والفطرة فتلتقي و تتجاذب، وتتقارب، وتتآلف، وتتحابّ لأنها الرحم والأمّ التي لا تفرّق بين ابنٍ لها وابن .....
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: أحمد عبد ربه في 2013-04-09, 11:31:05

حقا .. إن قصة كل صحابي هي رائعة من الروائع التي لا نملك معها إلا أن نطأطئ الرأس احتراما وتوقيرا، بعد أن نرفعها إعجابا وانبهارا .

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ فَوَجَدَ قَلْبَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ ، فَاصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ

وَابْتَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ ، ثُمَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِهِ فَوَجَدَ قُلُوبَ أَصْحَابِهِ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِهِ ، فَجَعَلَهُمْ وُزَرَاءَ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،

يُقَاتِلُونَ عَلَى دِينِهِ ، فَمَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّه حَسَنٌ ، وَمَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ سَيِّئٌ .
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-04-13, 08:52:50

حقا .. إن قصة كل صحابي هي رائعة من الروائع التي لا نملك معها إلا أن نطأطئ الرأس احتراما وتوقيرا، بعد أن نرفعها إعجابا وانبهارا .

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ فَوَجَدَ قَلْبَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ ، فَاصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ

وَابْتَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ ، ثُمَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِهِ فَوَجَدَ قُلُوبَ أَصْحَابِهِ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِهِ ، فَجَعَلَهُمْ وُزَرَاءَ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،

يُقَاتِلُونَ عَلَى دِينِهِ ، فَمَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّه حَسَنٌ ، وَمَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ سَيِّئٌ .

أهلا بك أخي أحمد وجزاك الله كل خير .
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-04-13, 10:19:04
تابعوا هذا الفيديو بداية من الدقيقة الأولى و45ثانية

https://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=s-fbJTsQ3-M (https://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=s-fbJTsQ3-M)

العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-04-13, 10:19:23
هذا مقال جميل للدكتور راغب السرجاني عن ما بين العهد المكي والعهد المدني أضعه ها هنا :
---------------------------------
العهد المدني-د.راغب السرجاني-

إذا كنا قبل ذلك قد تحدثنا عن العهد المكّيّ؛ فإن الكثير من الأحداث المهمة جدًّا في العهد المكيّ أُغفلت؛ لكثرتها وصعوبة الإلمام بكل ما تمَّ في حياة رسول الله من دروس وعبر وعظات وأحداث وأحكام وتشريعات.

العهد المكي والعهد المدنيإذا كنا نقول ذلك في العهد المكّيّ، فإن الحديث عن العهد المدني يبدو صعبًا بشكل لافت للنظر؛ وذلك لأن المدينة المنوَّرة كان بها من الأحداث الكثير والكثير، وهي أحداث متشعبة من غزوات وسرايا ومعاهدات ولقاءات ومعاملات وحياة زوجية لرسول الله ، وتعاملاته مع الصحابة، ومع المنافقين، ومع أعداء الأمة من اليهود ومن المشركين وغيرهم.

الإعجاز في السيرة النبوية
في الحقيقة هناك تنوعات هائلة في السيرة النبويّة، إننا قد نتحدث في السيرة سنوات وسنوات ودائمًا سوف نجد الجديد؛ لأن السيرة النبويّة كنز لا تنتهي عجائبه، وكما نقرأ القرآن الكريم، ونأتي بالجديد في فقه الآيات، وفي فهم المعاني، ويبدع المفسرون في تفسير بعض الآيات، مع أن القرآن نزل منذ 1400 سنة، فكذلك السيرة النبويّة، كلما قرأنا حدثًا خرجنا منه بالجديد، وكتب السيرة التي تُؤلَّف اليوم بعد 1400 سنة من التدقيق والتحليل والدراسة للسيرة النبويّة، ما زالت تأتي بالجديد.

إن السيرة النبويّة إعجاز وترتيب دقيق من رب العالمين I، وقد وضع الله فيه كل المتغيرات وكل الأحداث التي من الممكن أن تحدث في الأرض وإلى يوم القيامة؛ لكي يقيم الله حجته على البشر في قوله I: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآَخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21].

ففي كل مواقف الحياة تستطيع أن تجد أسوة حسنة في رسول الله ؛ لأجل ذلك، وفي تناولنا للعهد المدني لن نستطيع بأي حال من الأحوال أن نتناول كل الأمور بالترتيب، سنغفل بعضها، ونحيل هذه الأمور إلى أبحاث أخرى إن شاء الله.

السمات العامة للعهدين المكي والمدني
على سبيل الإجمال، فإن فترة المدينة المنوّرة بصفة عامة لها سمات عامة تميزها عن فترة مكّة المكرّمة، وتستطيع أن تقول: إن فترة مكّة فترةُ بناءٍ للفرد المسلم الصالح المؤمن بربه وبرسوله الكريم المعتقد في البعث والحساب ويوم القيامة، وفي دخول الجنة أو النار، كانت فترة بناء للأواصر القوية بين الجماعة المسلمة الصغيرة جدًّا، كانت فترة تجنب للاستئصال قدر المستطاع، تارةً عن طريق التخفِّي، وتارةً عن طريق تجنب الصراع بكل وسيلة ممكنة، وتارةً أخرى عن طريق الهجرة إلى الحبشة، فقد هاجر المسلمون مرتين إلى الحبشة، والثالثة كانت إلى المدينة المنوّرة.

أما فترة المدينة المنوّرة فكانت فترة بناء للأمة الإسلاميّة بكل ما تعنيه الكلمة، فإذا كنا في فترة مكّة نبني أفرادًا، فإننا قي فترة المدينة نبني دولة كاملة قوية بكل ما تحتاجه الدولة من مؤسسات، ولا شك أن هذه قضية شاقّة وعسيرة، لكن بدأها الرسول بصبرٍ وبدأ معه المؤمنون في هذا البناء الكبير، بناء أمة بكل الأصول والتفريعات.

إننا إذا أردنا أن نقيم (شركة كبرى) من لا شيء سيكون هذا أمرًا غاية في الصعوبة، فما بالنا إذا أردنا بناء أمة، فقصة البناء هذه من معجزات الإسلام؛ لأنه لم تقم أمة في هذا التوقيت بهذا المعدل السريع والبناء القوي والعمق الحضاري الرائع إلا في أمة الإسلام. بعض الدول قامت في وقت قصير، ولكنها أيضًا وقعت في وقت قصير، ولم تترك خلفها أي تراث حضاريّ يُذكر، فلو قارنا بين قيام أمة الإسلام وبين قيام أمة التتار، تجد أن أمة التتار أيضًا قامت سريعًا، وانتشرت انتشارًا هائلاً في الأرض، ولكن أين تراث التتار الآن؟! أين الميراث الحضاري لهذه الدولة؟ انتهى بالكامل، بل على العكس دخلت دولة التتار التي كانت تحتل مساحات شاسعة من العالم الإسلامي دخلت في الإسلام؛ لأن دين الله يختلف كُلِّيَّة عن كل قوانين البشر الوضعيّة، فهو دين غالب قاهر {لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصِّلت: 42].

لا شك أن بناء هذه الأمة واجه تحديات هائلة داخليّة وخارجيّة، داخل المدينة المنوّرة وخارجها، داخل الجزيرة العربيّة وخارجها، تحديات في كل جوانب الحياة، سلاسل متتالية من الصراع من أزمة إلى أخرى، ومن مشكلة إلى مشكلة أكبر، ومع ذلك تم بناء الأمة الإسلاميّة.

وهذا الأمر لم يكن حكمة بشريّة فقط من رسول الله مع أنه أحكم البشر، وأعلم الخلق ، لكنَّ هذا وحيٌ من رب العالمين، هذا منهج إلهي صادق، كيف تُبنى أمة بهذا الإعجاز الواضح، وبهذا التوقيت المعجز؟! ففي غضون عشر سنوات فقط أصبحت دولة المدينة المنوّرة دولة معترف بها في العالم كله، لها قوتها ومكانتها ولها سفراؤها ولها مراسلاتها إلى كل بقاع العالم، ولها لقاءات حربية صارمة مع قوى كبيرة جدًّا في موازين العالم في ذلك الوقت.

فهي تجربة رائعة حقًّا وتستحق الدراسة، بل يجب دراستها جيدًا.

حقيقة الإسلام
الحقيقة أن الدين الإسلامي ليس مجرد صلاة وصوم وقيام ليل وذكر، بل هو منظومة متكاملة تحكم حياة الأفراد، وحياة المجتمعات، بل وحياة الأرض بصفة عامة، يقول ربنا I في القرآن الكريم: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ العَالَمِينَ} [الأنعام: 162].

تعلمنا في فترة المدينة كيف يكون المحيا لله رب العالمين في كل جزئيّة من حياتنا.

في فترة مكّة كان هذا يطبق على المسلمين، لكن لم يكن عندهم تشريعات، ولم تكن لهم دولة أو سياسة أو اقتصاد، فهذه الأمور لم تكن واضحة؛ لأن المسلمين كانوا جماعة صغيرة جدًّا مضطهدة ومعذبة ومشردة، لكن الدستور الإسلامي وضَحَ تمام الوضوح في فترة المدينة المنوّرة.

ومع كون المحلل للأحداث يجد أن فترة بناء الأمة تبدو في ظاهرها أصعب من فترة مكّة التي كانت فترة بناء للأفراد، إلا أنني أقول: إن الفترتين كانتا على مستوى واحد من الأهمية، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون هناك أمة إسلامية قويّة بدون تربية مكّة، لن تُفهم فترة المدينة مطلقًا دون الرجوع إلى فترة مكّة.

تربيةُ مكّة كانت هي الأساس للصرح الضخم الذي بُني بعد ذلك في المدينة المنوّرة، إن الأساس قد لا يراه عامّة الناس، الأساس الذي يحمل فوقه عشرات الطوابق، لا أحد يراه، لكن العالمين ببواطن الأمور يقدّرونه جيدًا، يعرفون عمقه ومساحته وقوّته ومدى تحمله، وإذا كان الأساس ضعيفًا فما من شك أن البناء سينهار، قد يستمر فترة من الزمن، لكن مع أول زلزال أو هزة ولو بسيطة سينهار تمامًا. وما أكثر ما رأينا من دولٍ -وربما كانت دولاً إسلامية- قد انهارت؛ لأن الأساس كان ضعيفًا والتربية كانت ضعيفة! وما أحداث (طالبان) منا ببعيد. نحن لا نشك في نياتهم أو أخلاقهم أو طباعهم أو عادتهم، لكن البناء كان ضعيفًا والتربية كانت ضعيفة، ولأجل هذا كان الانهيار في فترة قصيرة؛ لأنها لم تدرس سيرة الرسول دراسة متأنية منهم، أو ممن وقع من أمثالهم في حلقات التاريخ المختلفة.

إنني أقول لكل العاملين على الساحة الإسلاميّة: إن دراسة السيرة ليست ترفًا فكريًّا، إنما هي فريضة على كل من أراد أن يعزّ هذه الأمة أو يشارك في بنائها.

http://islamstory.com/ar/%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%87%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%83%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%87%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AF%D9%86%D9%8A (http://islamstory.com/ar/%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%87%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%83%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%87%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AF%D9%86%D9%8A)
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-04-14, 09:42:07
إنّ في كل سطر من سطور سيرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم تربية وعظة لو تأملنا ودققنا...

لم تكن حياته صلى الله عليه وسلم إلا تربية في كل دقيقة من دقائقها، في كل لحظة من لحظاتها...
صلى الله عليه وسلم لم يعش لنفسه، بل عاش مدرسة للمؤمنين مفتوحة أبوابها لا توصد، عاش سنوات بعثته ونبوّته، لو عُدت بمقياسنا لرأيناها قليلة، ولكنها كانت عامرة بالتربية وبالتوجيه، فكانت بميزان سنوات الدنيا المديدة ما امتدت وما طالت ....
لم يكن صلى الله عليه وسلم يفتر، وعلى هذا نجد الكنوز المترامية في سيرته، وكلما أبحرنا وغصْنا وجدنا اللآلئ والدرر الكامنة في الأعماق تنادي أنه كما أن السطح عامر، فالأعماق عامرة، فمن شاء أن يطفو على السطح رأى خيرا ولا مس خيرا، ومن شاء أن يغوص اكتشف خيرا أعظم ....فجعلنا الله من الغوّاصة ....

لم تكن حياته خاصة، بل قد كانت عامة وكأنه عاش حياة الكل، وعاش حياةً للكل ....
فلننظر كم في السطور، وكم بين ثناياها .....

كان أهل المدينة –منذ أن سمعوا بخروج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة-  يترقّبون قدومه عليهم، فكانوا يغدون لذلك كل غَداة إذا صلّوا الصبح إلى ظاهر الحَرَّة فينتظرونه حتى يردّهم حرّ الظهيرة، فانقلبوا يوما بعدما أطالوا انتظارهم، فلما أوَوا إلى بيوتهم  أوفى(أي اطّلع) رجل من يهود على أُطُم من آطامِهِم (أي حصن من حصونهم) لأمر ينظر إليه، فبصُر برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مبَيَّضين(أي لابسين ثيابا بيضا)، يزول بهم السّراب(أي ظاهرين بارزين لا يغطيهم شيء)، وقد رأى ما كانوا يصنعون، وأنهم ينتظرون قُدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم يملك اليهودي أن صرخ بأعلى صوته : يا بني قَيْلة، هذا جدّكم قد جاء(وقَيلة جدّة كانت للأوس والخزرج)، فخرجوا فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الثلاثة، فسُمِعت الرجّة في بني عمرو بن عوف والتكبير، وتلبّس المسلمون السّلاح، فتلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعدل بهم ذات اليمين حتى نزل بهم في بني عمرو بن عوف، وذلك يوم الإثنين من شهر ربيع الأول،فقام أبو بكر رضي الله عنه للناس، وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم صامتا في ظلّ نخلة، فطفِق من جاء من الأنصار ممن لم يرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يُحيّي أبا بكر، حتى زال الظلّ وأصابت الشمس رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأقبل أبو بكر حتى ظلّل عليه بردائه، فعرف الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك .-صحيح البخاري وسيرة ابن هشام وطبقات ابن سعد-


"فعدل بهم ذات اليمين حتى نزل بهم في بني عمرو بن عوف "

"عدل بهم ذات اليمين"، انظروا كيف ييمّن صلى الله عليه وسلم في كل حال...لننظر كيف يختار اليمين لأهل اليمين .

" وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم صامتا في ظلّ نخلة، فطفِق من جاء من الأنصار ممن لم يرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يُحيّي أبا بكر"

جلس الرسول صلى الله عليه وسلم صامتا في ظل نخلة!!  إنه الرسول المنتظر من محبّيه الذين جعلوا يتشوّفون للقائه فورما سمعوا بخروجه من مكة وصاحبه الصديق، إنهم ينتظرونه متلهفين لرؤياه، متشوقين كل الشوق، ينتظرون قدومه عليهم، وجلّهم لا يعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم، جل الأنصار لا يعرفه، وكل هذا ورسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس في ظل نخلة ويقدّم صاحبه الصديق رضي الله عنه ليكلم الناس، ولا يقدم هو نفسه ، ولا يجتهد معرفا بنفسه، ولا يحيّيهم بالإشارة تحية "أنا هنا"، وتحية "ها أنا ذا" وتحية "أنا هو" !!، لا يكلّف نفسه عناء التعريف بنفسه، بل ينتظر، ينتظر انتظار المتواضع الذي يعلمنا التواضع، وسلوك التواضع...
وننظر من حولنا فإذا الرئيس بين الرؤساء اليوم ،والمسؤول بين المسؤولين  إذا دخل مدينة من مدن بلده، وهو الذي عرّفتْ به الصور المتناثرة في كل وسائل الاتصال الحديثة قبل الصوت والمقاربة التي تكاد تكون ضربا من ضروب الخيال،نراه -وإن فتك به الإجهاد والعياء-،  ينقلب أنشط النشطاء وأكثر الناس حركة وخفة، وهو يرى جَمْع المصفقين والمهللين والمنتظرين، والمنادين بحياته وكأنه الذي لم تكتب له الموت فيما كُتِب له  !!

تراه يلوّح بيده وبتقاسيم وجهه وبهزات رأسه أن "أنا هو ذا"...!!

أما الرسول الكريم العظيم فلا يبالي بكل هذا...
ذاك هو تواضع عظيم .... تلك هي حكمة حكيم ... يعلم لمَ جاء وبمَ جاء، وأنّ العمل أقوى دلالة من الكلام، ومن الإشارة، ومن إظهار النفس والاعتداد بالنفس، يعلم أنه جاء معلما، فهو ذا يعلّم من أول أيامه، من أول لحظات وصوله... يعلّم التواضع، فترى التواضع وكأنه لا يليق إلا بمقام العظماء الذين على قدر قيمتهم يكون تواضعهم .....

"حتى زال الظلّ وأصابت الشمس رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأقبل أبو بكر حتى ظلّل عليه بردائه، فعرف الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك "

ها هو المحب الصديق رضي الله عنه وأرضاه، لا ينسى من أمور الحبيب صلى الله عليه وسلم أمرا، كحال المحبّ المتيّم بحبيبه، يذهل عن الناس وعن نفسه وعن حاجاته وهو المهتمّ بحاجة حبيبه .... فلا يغفل عن أدقّ أمر يحتاجه صلى الله عليه وسلم في خضمّ تلك الحشود الملتفة حوله وكل أولئك المستقبلين المتجمعين .... فما أن لامست الشمس جسده الشريف حتى همّ يحول بينه وبين حرّها بردائه، وكأن الناس لما رأوا درجة اهتمامه بصاحبه، عرفوا حينها قدره، وأنه لا يكون إلا النبي المنتظَر .... الذي يتلهفون شوقا لرؤياه ....عندها عرف الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم .


فكيف لا يكون في كل سطر من سطور السيرة المطهرة دروس وتربية وعظة ؟!!








العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-04-16, 12:52:56
عرفنا البراء بن معرور، والحمد لله أن عرفنا رجلا عظيما مثله، عرفنا كيف يصنع الإيمان في صاحبه، ولا يشترط في الإيمان طول عمر به ، بل يشترط الصدق معه .... البراء بن معرور رضي الله عنه وأرضاه... هو ذاك الرجل الذي جاء في صحبة لم يكن يعلم أنها ستأخذه إلى طريق تغير حياته تغييرا كليا، جذريا .... أقبل مع أولئك الثلاثة والسبعين ولم يكن منهم، لم يكن ساعتها مؤمنا مثلهم، لم يأتِ ساعتها ليضرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم موعدا للقاء، لم يأتِ مع مَن أتوا وقد عقدوا العزم على نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنهاء رحلة عذابه وما كانت تنال منه قريش .... بل قد أتى وهو لا يدري ما كان يعدّه ثلاثة وسبعون رجلا ولا ما عقدوا العزم عليه .....
لم يكن يعلم أنّ ممّن معه صحبة سفر  مؤمنون مستخفون بإيمانهم عمّن جاء معهم من قومهم من المشركين، وهو قد كان واحدا منهم ... ولكنّ مقادير الله تعالى، ومشيئته تقضي أن يكلمه بعضهم في سرّ وخفية عن الإسلام وهم في الطريق من المدينة إلى مكة، في طريق سفرهم، يشاء الله أن يدعوه بعضهم إلى الإسلام، ويشاء الله له كل خير بأن تقبل نفسه الإسلام من فورها، فيسلم، ويصبح واحدا من الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة العقبة الثانية، بل وواحدا من النقباء ....
ذلك البراء بن معرور الذي رد على العباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يستثبت موقف المبايعين من رسول الله صلى الله عليه وسلم بإبراز مخاطر ما هم مقدمون عليه من نتائج مبايعته، ردّ عليه قائلا: "قد سمعنا ما قلت، وإنا والله لو كان في أنفسنا غير ما تنطق به لقلناه،ولكنّا نريد الوفاء والصدق، وبذل مُهَجِ أنفسنا دون رسول الله صلى الله عليه وسلم،فتكلّم يا رسول الله فخذ لنفسك ولربّك ما أحببت"

هو الذي أخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال:"والذي بعثك بالحق لنمنعنّك ممّا نمنع منه أزُرَنا، فبايِعْنا يا رسول الله، فنحن والله أهل الحروب،وأهل الحلْقة، ورثناها كابرا عن كابر ."

فما خبر البراء بن معرور بعد مضيّ وقت قليل من بيعة العقبة الثانية إلى وصول رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة المنورة ؟
بعد شهرين من بيعة العقبة الثانية التي كانت في موسم الحج من العام الثالث عشر للبعثة، ووصول رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة لم يفصل بينه وبين تلك البيعة إلا شهْرَا صفر ومحرم، ليحلّ بها في 12 ربيع الأول من العام الرابع عشر للبعثة14للبعثة(السنة الأولى للهجرة). ماذا حلّ بالمبايع والنقيب البراء بن معرور؟

ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرؤوف بالمؤمنين، الرحيم بهم ، ولأنه لا ينسى أصحابه، فلقد سأل عن البراء بن معرور أول قدومه المدينة، فقيل له: توفّي وأوصى بثلث ماله لَكَ يا رسول الله، وأوصى أن يُوَجَّهَ للكعبة لما احتضر،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أصاب الفطرة،وقد رددتُ ثُلُثَه على ولده"، ثم ذهب فصلى عليه فقال: "اللهم اغفر له وارحمه وأدخله جنتك، وقد فعلتَ "-رواه الحاكم في المستدرك، وقال هذا حديث صحيح، ولم يخرجاه، وأقره الذهبي-
وكانت وفاته رضي الله عنه قبل مقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة بشهر...لقد عاش مسلما لمدة لم تزد عن شهرين، ومات مبايعا نقيبا، فسبق صدقه وإخلاصه السنوات المديدة والعمر الطويل، وكان إيمانه مِحَكّ مآله...
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-04-16, 12:55:19
والآن ........

ها قد أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة... لقد ترك مكة مرغَما، ولولا أنّ أهلها أخرجوه منها لما خرج منها، لقد كانت أحبّ بلاد الله إليه ... ولكنّه تركها في سبيل إعلاء كلمة الله، وفي سبيل الانتقال بالرسالة السماوية من أرض تريد استئصال شأفتها إلى أرض تحتضنها وتحتضن صاحبها صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين ضحّوا بالنفس والنفيس في سبيلها، وتركوا من خلفهم الديار والأموال والأملاك لينتقلوا إلى حيث تنجو الرسالة وتنتشر ....

لقد لاقى في مكة وأصحابه  ما لاقَوا، ويشاء الله سبحانه أن يصبح الطريد من مسقط رأسه منتَظرا مترقبا في بلدة غير بلدته، بين ناس غير ناسه، وقوم غير قومه، ولكنها آصرة العقيدة تعلمنا في هذه السيرة المطهرة يوما بعد يوم كيف تكون أرضي هي أرض الإسلام،وكيف يكون ناسي وأهلي هم ناس الإسلام وأهله، وكيف يكون ولائي لله، ولدين الله، ولعباد الله المؤمنين ...

ها هو الحبيب صلى الله عليه وسلم بالمدينة وقد غادر مكة ... ها هو يحلّ بها وقد تنورت بنوره بدرا طلع عليها في جنبات ليل كاد يأتي على كل بصيص فيها لولا رحمة الله برحمته المهداة محمد صلى الله عليه وسلم ...

ها هو الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم يُنهي مرحلة من الصراع المرير بين الإيمان والكفر، بين الحق والباطل، بين النور والظلمة، فهل تراها انتهت؟ هل ترى الأفراح والأهازيج والنشيد المتعالي، وأصوات الرجال مع النساء مع الأطفال مهللين بقدوم محمد صلى الله عليه وسلم علامة النهاية السعيدة ؟ نهاية الأتعاب والآلام ومصارعة موجات الباطل المتلاطمة ؟

أم أنها بداية جديدة لعهد جديد مع ما فيه من انتشاء للدعوة فيه من دوام الوقوف موقف المدافع عنها، الذائد عن حياضها ؟

 فلنرَ شيئا عن هذا (نقرة على الصورتين لقراءة واضحة):

(http://www.ayamnal7lwa.net/forum/index.php?action=dlattach;topic=4593.0;attach=10589;image)


(http://www.ayamnal7lwa.net/forum/index.php?action=dlattach;topic=4593.0;attach=10591;image)
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-04-22, 14:09:39
في الثاني عشر من شهر ربيع الأول من السنة الرابعة عشرة للبعثة، دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يثرب، فسمّيت بقدومه عليها المدينة المنورة، وقد استقبله الأنصار بفرحة ليس لها مثيل...
رسول الله، الذي كان بالأمس القريب مطارَدا، مضطهدا من قومه في مسقط رأسه مكة، وقد اجتمعوا على قتله والخلاص منه...ها هو اليوم يُستقبل كما لم يستقبل أحد  قبله ولن يُستقبل أحد بعده، بحفاوة منقطعة النظير، وبفرحة هزّت أرجاء المدينة المنورة وما جاورها، بل وبقيت ترنّ مزيّنة  التاريخ الذي تبدّل وجهه، وتغيرت وِجهته مذ سطعت على المدينة شمس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطلع عليها بَدْره...فأصبح ليلها كنهارها مَحَجّة بيضاء تُشِعّ من ربوعها نورا على الأرض  ...

رسول الله صلى الله عليه  وسلم وهو في تمام الثالثة والخمسين من عمره، وقد قضى من فترة بعثته نبيا صلى الله عليه وسلم حتى ساعة وصوله المدينة المنورة ثلاثة عشر عاما، قضاها بمكة كاملة يؤسس لبناء الفرد المسلم، يعرّفه بربّه، وبدينه الذي هو عند الله الإسلام، وبعقيدته التي أخرجتْه من براثن الجاهلية والشرك واتخاذ الخُرافة ربا معبودا،واتخاذ العباد أربابا، إلى نور التوحيد والإيمان بوحدانية الله ربا خالقا، ورازقا، ومحييا ومميتا، وفعالا في كونه وخلقه ما يريد، وكيفما يريد، وعلى النحو الذي يريد ....

ثلاث عشرة عاما كاملة قضاها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثابتا على حاله، مستقيما، مؤديا للأمانة، مبلغا للرسالة، متصديا لمشركي قريش وترصّدهم له ولأصحابه بشتى ألوان التعذيب والصدّ والتكذيب ... لينتقل بعدها إلى أرض شاء الله تعالى أن يكون أهلها أنصارا للرسول وللرسالة، شاء الله تعالى أن يحبيهم بنعمة النصرة واحتضان الرسالة والرسول صلى الله عليه وسلم، على أن يحموه مما يحمون منه أنفسهم وأولادهم وحُرمتهم، متجشّمين بعهدهم مع رسول الله كل الصعاب، ومستعدّين لبذل أنفسهم ومُهَجِهم دون شوكة يُشاك بها صلى الله عليه وسلم...
هكذا أراد الله تعالى أن يقيّض له صلى الله عليه وسلم المتوكل على ربه كل التوكل، وحق التوكل مَن يؤمن به، وبما جاء به،ويبذل في سبيل إعلاء كلمة الله تعالى في الأرض النفس والنفيس ....

إنهم علموا علم اليقين أنهم قد مدوا نُحورَهم دون نحر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبايعوه على حرب الأحمر والأسود، لا يبالون بقتل أشرافهم، وذهاب أموالهم ...
إنهم لم يستقبلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأهازيج والأناشيد وهُم لاهُون عما ينتظرهم في قابل الأيام من مشاقّ ومصاعب وعداوات مُعلَنة وغير مُعلنة، ظاهرة ومُضمرة من مشركي قريش الذين لم تنطفئ نارهم، ولم يبرد سُعارهم، ومن يهود المدينة الذين أقضّ مقدمُ رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة مضجعَهم، وأشعل سلطان الإسلام فيها نارَ حقدهم وكُرههم، وألهبت قيادة محمد صلى الله عليه وسلم للمؤمنين فيها حسَدَهم، وأخرجتْ تربيته لأصحابه التربية الربانية القرآنية العظيمة أشواكَ كِبرِهم،كما كان لهم وللمنافقين معهم دور كبير في بثّ الفِتن في صفوف المسلمين، والعمل على نقض عُرى الأخوة بينهم، وزعزعة إيمانهم، وزرع بذور التفرقة والتشتيت ...

لم يكن الأمر هيّنا، ولم يكن الأنصار في غفلة عمّا ينتظرهم من وجوب الاستعداد والتأهب لمحاربة صنوف الحاقدين والصادين عن سبيل الله وعن دعوة رسوله صلى الله عليه وسلم ....

ها قد انتهى الدور المكي، من أدوار الدعوة المحمدية الخالدة، ليبدأ عهد جديد في الدعوة إلى الله، وإقامة دعائم الدولة الإسلامية، من بعد ما كانت مكة لبناء الفرد المسلم القوي المؤهل لأن يكون لبنة قوية، وأساسا صلبا لدولة قائمة بكل مقوماتها ودعائمها...
فلا يستطيع أحد كائنا مَن كان التهوين من دور مكة العظيم العظيم في بناء الفرد وبناء الأمة، وبناء الدولة، ففيها تكونت لَبِنَاتُ الإسلام القوية، ببناء النفس المؤمنة الصادقة التي قويَتْ عقيدتها واعتقادها في الله ربا حتى آمنت بكل ما نزّل من عنده توجيها وتربية وأمرا وحكما لا يقف دون إنفاذه والعيش به أمر ولا ظرف من الظروف .

ليبدأ العهد الجديد الذي لا يقلّ أهمية عن عهد مكة، عهد الدولة والأمة القوية التي على عاتقها نشر الإسلام في بقاع الأرض كلها،وفتح مغاليق الأرض بنور الإسلام، وذلك كان وما يزال دور أهل هذا الدين العظيم في كل عصر وفي كل زمان .

ولذلك ابتدأ المسملون تأريخهم من وقت قدومه صلى الله عليه وسلم المدينة المنورة،وكان أول من وضع التأريخ الهجري للمسلمين  عمر بن الخطاب بمشورة عدد من كبار الصحابة، ويعد ذلك نَقلة مهمة في حضارة المسلمين،واختيرت البداية بعام الهجرة، لأنها حدث مِفْصلي في مسيرة الدعوة وبناء المجتمع المسلم، وأعلنوا شهر الله المحرم بداية لكل عام، مع أن وصول النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة كان في ربيع الأول.

العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-05-05, 11:12:19
أبو أيوب الأنصاري


أبو أيوب الأنصاري هو ذلك الأنصاري الذي أجاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما سأل أيّ البيوت أقرب إلى مكان بُرُوك ناقته، وكان له شرف نزول رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه في بيته، فمكث به نحوا من سبعة شهور أو سنة حتى بُني له مسجده ومساكنه فانتقل إليها .

فرح أبو أيوب بنزول رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه،فقام بخدمته، وكان يأتيه بالماء من بئر أبي أنس مالك بن النضر، وكان شديد الحرص على راحته، قال أبو أيوب رضي الله عنه: لما نزل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي نزل في السُّفْل، وأنا وأم أيوب في العُلْو، فانتبه أبو أيوب ليلة فقال: نمشي فوق رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟! فتنحَّوا فكانوا في جانب ، وبات أبو أيوب الليل ساهراً يكره أن يأتي النبيَّ صلى الله عليه وسلم في الليل فيستأمره في التحويل(أي كرِهَ أن يأتيه ليلا يطلب منه الإذن في التحويل)، فلم يزل ساهرا حتى أصبح، فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبيّ الله! بأبي أنت وأمي إني لأكره وأٌعظِم أن أكون فوقك وتكون تحتي، فاظهَرْ أنت فكُنْ في العُلْو، وننزل نحن فنكون في السُّفْل، فقال: "يا أبا أيوب ! السُّفْل أرفق بنا وبمَن يغشانا"، قال أبو أيوب: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سُفْله، وكنا فوقه في المسكن، فلقد انكسر حُبٌّ لنا فيه ماء،(والحُبُّ وعاء الماء كالزير والجرة)، فقمت أنا وأم أيوب بقطيفة لنا ، ما لنا لِحاف غيرها، ننشّف بها الماء تخوّفا أن يقطر على رسول الله صلى الله عليه وسلم منه شيء فيؤذيه، فنزلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مشفق فقلت: لا أعلو سقيفة أنت تحتها، ولم يزل يتضرع إليه حتى أمر النبي صلى الله عليه وسلم بمتاعه فنُقل إلى العُلو ومتاعه قليل .-سيرة ابن هشام وصحيح مسلم-

قال أبو أيوب رضي الله عنه : وَكُنَّا نَصْنَعُ لَهُ الْعَشَاءَ، ثُمَّ نَبْعَثُ بِهِ إلَيْهِ، فَإِذَا رَدَّ عَلَيْنَا فَضْلَهُ تَيَمَّمْتُ أَنَا وَأُمُّ أَيُّوبَ مَوْضِعَ يَدِهِ، فَأَكَلْنَا مِنْهُ نَبْتَغِي بِذَلِكَ الْبَرَكَةَ، حَتَّى بَعَثْنَا إلَيْهِ لَيْلَةً بِعَشَائِهِ وَقَدْ جَعَلْنَا لَهُ بَصَلًا أَوْ ثُومًا، فَرَدَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ أَرَ لِيَدِهِ فِيهِ أَثَرًا. قَالَ: فَجِئْتُهُ فَزِعًا، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، رَدَدْتَ عَشَاءَكَ، وَلَمْ أَرَ فِيهِ مَوْضِعَ يَدِكَ، وَكُنْتَ إذَا رَدَدْتُهُ عَلَيْنَا، تَيَمَّمْتُ أَنَا وَأُمُّ أَيُّوبَ مَوْضِعَ يَدِكَ، نَبْتَغِي بِذَلِكَ الْبَرَكَةَ؛ قَالَ: "إنِّي وَجَدْتُ فِيهِ رِيحَ هَذِهِ الشَّجَرَةِ، وَأَنَا رَجُلٌ أُنَاجِي"، فقال أبو أيوب: أحرام هو؟، قال: لا، ولكني أكرهه، وفي لفظ آخر: أستحيي من ملائكة الله تعالى، وأما أنتم فكُلوه، فقلت: إني أكره ما تكره، قال: وكان النبي صلى الله عليه وسلم يُؤتى (أي يأتيه المَلَك)، ثم لم نضع في طعامه شيئا من الثوم أو البصل بعد. .-سيرة ابن هشام وصحيح مسلم-

وهذا تسجيل جميل جدا فيه محاولة لتصوير بيت أبي أيوب الأنصاري وحكاياته مع سُكنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيتَه:

الشيخ يعقوب |( بيت أبى أيوب الأنصاري )| حدث فى بيت الرسول (http://www.youtube.com/watch?v=GHzHsx69MZA#)
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-05-17, 19:58:51
لقد كانوا يعرفون أن مجرد النطق بـ " لا إله إلا الله محمد رسول الله " يعني فقدانهم لسلطان إرهاب الناس والقبائل. ولو كانت المسألة مجرد كلمة تقال، ويبقى الأمر على ما كان عليه لقالوها، ولكنها كانت كلمة تغير من الأمر سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، ولا يبقى من جبروت لأحد، فكل الناس سواسية. لذلك تصدى صناديد قريش لدعوة الإسلام. وهكذا نجد أن كل رسول يأتي يبرز له من يعاديه من أصحاب الفساد والجبابرة في الأرض، مصداقاً لقول الحق سبحانه وتعالى:{ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ }[الأنعام: 112].

والمثال على ذلك هو إرادة الحق في أن يجعل صيحة الإيمان في الجاهلية تأتي أولاً إلى أذن سادة العرب جميعاً وهم قريش الذين لا يجرؤ أحد على التعرض لهم، لكن النصر لا يأتي لمحمد وهو في مكة حيث كانت مقام السيادة؛ لأن النصر لو حدث في أول الدعوة ومحمد صلى الله عليه وسلم يحيا بين قومه في مكة لقال قائل: لقد حدث النصر من قوم ألفوا السيادة وأرادوا أن يسودوا العالم كله لا الجزيرة العربية وحدها، وأن قريشاً قد ساندت محمداً لاستبقاء هذه السيادة وبسطها على غيرهم، ولكنه - سبحانه - جعل مقام النصر ينبع من المدينة المنورة.

إنّ الصرخة أولاً جاءت في أذن السادة ثم التف حولها المستضعفون في الأرض الذين لا يستطيعون حماية أنفسهم، ثم هاجروا وقوّاهم الله من بعد ذلك على الأقوياء.

إننا نجد كل داع إلى الله يأتي إنما يريد استبقاء خير النبوات حتى لا يأتي الران على القلوب، وإن استبقاء هذا الخير يغضب منه الجبابرة والمنحرفون الذين يريدون السيادة على العالم بفكرهم. والداعية إلى الله الذي لا تجد له عدواً يصيبه بالسوء حظه من ميراث النبوة ضعيف، والداعية الذي له أعداء له من ميراث النبوة الشيء الكثير.


الشعراوي
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-10-25, 11:53:11
وأنا في معرض مراجعة السيرة النبوية، أحببت أن أضع هذه الصورة التي صممتها بالأمس القريب عن الحبيب طبّ القلوب وطيبها، أهديها لكل إخوتي بالمنتدى في يوم عيد المنتدى السابع  :rose:::

(http://www.ayamnal7lwa.net/forum/index.php?action=dlattach;topic=4593.0;attach=11028;image)
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: زينب الباحثة في 2013-10-25, 12:44:42
اللهم صل وسلم على سيدنا محمد
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2013-10-25, 17:44:19
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: سيفتاب في 2013-10-27, 02:20:01
اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2013-10-27, 12:05:28
بسم الله الرحمن الرحيم




و حلمت أني قد أتــيــت رحابــــــــــــــه....و يــــسوقني شوق إلى لقــيـــــــاه
فلَعمر من أهـــــــــــواه كـيـــــف لـقـاؤه....أو يـــرتـــــــوي قـلــبــي و قـــد واراه
عنـــي و عـــن عـشاق هذا المصطفى....قبر فـــصـــار الـقـبـر ما أبــــــــــــهاه
فنظرت هل أبكي لحالي في الــــنوى؟....أم أن عينـــــي تــكـتفي بسـنـــــاه!!
فرأيت عيني قد تسلت بالسـنـــــــــــا .... و رأيت قلـــبـــي الصب لا يســــلاه
و رأيتني أبكي دموعـــــــاً لا تـــفـــــي ... إطفـــاء نار الـحـب أو سقـــيـــــــــاه
و احترت في طعم العذاب لأنــــــــــــه ... مر لذيذ الطعم ما أحــــــــــــــــــــلاه
و وددت أن دموعه لا تـــــنـــــقضـــــي ... يــــــــا لـــيـــت شعري هكذا القــاه
يـــــــا بــقعة شـــرفـت بالــنــور الــذي .... أهــــداك ربـــك فاشـكـري نعمـــاه
فحويت من ســـــــاد الورى خلف الثرى .... يا لــيـــت شـعــر الـقـبر حين حواه


 ::)smile:
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-10-28, 10:14:21
أهلا وسهلا بكن جميعا أخواتي.

جزاك الله خيرا يا هادية. لله در أبي بكر.نذكره بكل خير وقد كان للخير أهلا.أصلح الله باله وجعله كما يحب الله ويرضى
اللهم صلّ وسلم على الحبيب المصطفى وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-10-30, 10:10:49
"الأمر لله يضعه حيث يشاء"...

هكذا كان رد رسول الله صلى الله عليه وسلم على من اشترط لنصرته من القبائل أن يكون له الملك والجاه والسلطان...
وتوجّه صلى الله عليه وسلم إلى عدد كبير من أكبر قبائل العرب في العام العاشر للبعثة بعد عودته من الطائف، وأخذ بكل الأسباب وهو يدعو...
فصاحبه أبو بكر الصديق الذي كان أعرف العرب بالعرب حتى يكون دليله إلى الأقوام وإلى أشرافهم وأصحاب الرأي فيهم...
وأخذ بكل الأسباب وهو يدعوهم ليلا حتى يتجنب ما استطاع تتبّع قريش له وإفسادها الأمر عليه بمثل ما كان يفعل أبو لهب وأبو جهل وهما يتتبعانه ويلقيان للقبائل بالأكاذيب والافتراء أنما هو مجنون يحدثهم حتى كانت القبائل تنفر منه بدعوى أن أهل الرجل أعرف الناس به...
وأخذ بالأسباب وهو يأتي القبائل في منازلهم تفاديا لتشويش قريش على دعوته ...
وأخذ بالأسباب وهو يتحرى في دعوته أن تستجيب القبيلة له على نحو يحمي الدعوة من كل جوانبها، فتحيط بها إحاطة كاملة، فرفض نصرة بني شيبان وهم قد مالوا لدعوته إلا أنهم استثنوا من حمايته جهة الفرس...فكان واضح الرأي محدد الرؤية في أي موقف يقفه الحلفاء من الدعوة، ومن ضرورة الاستعداد الحقيقي لتحمّل تبعاته،لا أن يرمي بثقلها في مكان، ثم تكون بعد ذلك لقمة سائغة للعدو فيه ...

وأخذ بالأسباب وهو إذ يدعو يبين للقوم أنه لا يكرههم على شيء ....
نعم أخذ بكل هذه الأسباب، ولكنّ الدعوة أخيرا فيمَن نجحت؟!
لقد نجحت في أفراد على عد أصابع اليد الواحدة وزيادة بواحد...
نجحت فيهم وهُم أفراد مترافقون لا يمثلون القبيلة ولا البلدة إذ دعاهم ...
ولا يمثلون القول الفصل عن أهلهم ...
نجحت فيمن شاء الله أن يكون الأمر...
فجعله فيهم دون قبائل معتدّة بممثليها وبخيامها المنصوبة بأسواق الحج، وبأصحاب الرأي الفصل في أمرها ...
نجحت في ستة أفراد لاقاهم .... وشاء الله أن يلقاهم بعد كل ما لاقاه من صدود القبائل التي دعاها كلها ...

في الستة اليثربيّين الذين لم يعدوه بالمناصرة والحماية من ساعتهم، ولكنهم استبشروا بدعوته الخير لأشتات العرب في يثرب بعد ما نالهم من ويلات الحرب بين الإخوة ما نالهم ....
ستة وعدوه بموافاته بعد عام كامل ....
وكان الوعد موفيّا ...
وكانت العودة بعد عام... فكانت بيعة العقبة الأولى والستة قد أصبحوا اثني عشر رجلا ...
ثم أعقبتها البيعة الثانية ....
ثم أعقبتها الهجرة إلى بلاد النصرة ....!
فهل كان الأمر في قبيلة واحدة من قبائل كلها اجتمعت في موسم الحج وكلها ذات شوكة وقوة ومنعة ؟!

الأمر لله يضعه حيث يشاء....

وكذلك أمرنا اليوم لله يضعه حيث يشاء...!
ومن يدري أي موضع هو ذاك ؟!
ربما ما يغيب عن أذهان الجميع هو الذي يكون ...
فلا تعلق بالأسباب وفعلها بل بإرادة المسبب سبحانه التي لا تكون إلا هي ...!
وربما يخفى عن كل آخذ بالأسباب موضع المشيئة الإلهية الحكيمة لأمره سبحانه ...!
فليذكر كل عامل وهو يعمل :"الأمر لله يضعه حيث يشاء"...ولا يغترنّ بآلاف الأسباب يأخذ بها حتى تنسيه فعل المسبب ومشيئته سبحانه !
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2014-01-12, 10:57:52
إنه ذلك القائد العظيم الذي تذوب عنده الأنا لتصبح جماعته وأصحابه وإخوانه أعلى منها وأولى،فلا يهنأ له بال حتى يطمئن على أصحابه، ويكون هو آخر من يخرج من مكة بمعية صاحبه الصديق رضي الله عنه.
ودخل المدينة، وكانت قباء بوابته إليها، فأقام بها مسجد قباء فور وصوله،كأول عمل يفتتح به صلى الله عليه وسلم حلوله بالمدينة، في دلالات اجتماعية قوية تبين أن هذا الدين العظيم جاء لتوحيد الكلمة ولجمع الشّتات ولتأسيس الدولة على أسس من علاقة الأرض بوحي السماء لا تنفصم ولا تنقطع، وأن هذا الوحي هو المنهج  القويم الوحيد القادر على إقامة حياة الإنسان على النحو الذي خلق لأجله . لعبادة الله الواحد، وقد كانت مكة بأعوامها الثلاثة عشر مرحلة أساسية لبناء الإنسان المسلم بعقيدته، عقيدة التوحيد، وإفراد الله وحده بالعبادة، والكف عن إشراك غيره في التحكيم، والتحليل والتحريم ...

لقد كان المشركون مقرّين أن الله هو الخالق، وأنه سبحانه المالك "قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاء لاَ يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ(16)" -الرعد-
ولكنهم لم يحكّموا أمر الله فيهم، بل حكّموا أهواءهم، وحُكْم البشر، حتى عبدوا الأصنام،وبذلوا لها العطايا، وبنوا لها النّصب، وسخّروا لها السدنة والخَدمة، وابتدعوا، وحلّلوا وحرموا... واحتلّ ربحهم من تجارة الأصنام المرتبة الأولى في قلوبهم، فلم يرضوا أن يكون فوق سلطانهم وما تدرّه عليهم تلك التجارة من أرباح سلطان يُذهب ريحها، ويسحق أباطيلها....

فكانت مكة أرض العقيدة... كانت مصنع القلوب المؤمنة التي شكلت العقيدةُ اللبنة الأساسية في تكوينها، وفي صناعة رجال تركوا المال والأهل والأصحاب ومسقط الرأس مهاجرين في سبيل دين عظيم ملك عليهم شِغاف قلوبهم، وربأ بعقولهم عن السَّفه والضلال، فأخرجهم من الظلمات إلى النور... وليس أجمل ولا أشمل من كلمات جعفر بن أبي طالب لملك الحبشة يعرّفه بالإسلام وبما جاء به محمد عليه من الله أفضل الصلاة والسلام :

"كنا قوماً أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك، حتى بعث الله إلينا رسولاً منا، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات، وأمرنا أن نعبد الله وحده، لا نشرك به شيئاً، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام، فصدقناه وآمنَّا به، واتبعناه على ما جاء به من الله، فعبدنا الله وحده، فلم نشركْ به شيئاً، وحرمنا ما حرم علينا، وأحللنا ما أحل لنا"

وهكذا خلّى الإسلام  أنفس العرب الجاهليين من كل ما تعلق ببراثن الجاهلية الظلماء، ثم حلاّها بضياء الإسلام، وأحكم عقدة الإيمان في قلوبهم، حتى لم يجدوا –ساعة جدّ الجدّ واختبر الإيمان فيهم-، من ضير في ترك كل ما لهم في مكة، في سبيل الله، وفي سبيل إعلاء كلمته، وتأسيس دولة الإسلام .

فكان المسجد الذي أسس في قباء أول عمل وأول رمز للدولة الإسلامية التي سيكون هو أساس مجتمعها الذي يراد له التوحيد، والاجتماع على أمر الله تعالى .
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2014-01-12, 10:58:54
وكما كان المسجد أول رمز من رموز الوحدة والاجتماع على كلمة التوحيد،فكان مسجد قباء، ثم أمر صلى الله عليه وسلم ببناء مسجد بقلب المدينة المنورة، عَمَد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أساس آخر من أسس هذا المجتمع المرتقب، وهذه الدولة التي ستتخذ من المدينة مركز إشعاع، وكان هو الآخر رمزا من رموز الوحدة ولمّ الشتات وتوحيد الصفوف...
 
فكان أول عَمْده إلى توحيد صفوف الأنصار الذين قدِم عليهم هو وأصحابه مهاجرين...
فقد يسأل سائل وهو متحيّر عن حال قوم كانوا أعداء ألِدّاء، لم تكن بينهم إلا الحروب التي أرهقتهم، وقضت على زهراتهم، وعلى أشرافهم، كيف أصبح الأعداء إخوة في ظرف من الزمان قياسيّ ؟ كيف نجح الإسلام من قبل وصول رسول الله صلى الله عليه وسلم في جمع كلمة الأوس والخزرج أعداء الدهر؟

كان الأنصار في المدينة المنوّرة ينقسمون إلى قبيلتين كبيرتين، هما قبيلتا الأوس والخزرج، وكانت قبيلة الخزرج تفوق الأوس عددًا (ثلاثة أضعاف تقريبًا)، وكانت العلاقة بينهما قبل الإسلام في منتهى الشراسة والعنف، آثار الدماء لم تجفّ بعد من سيوف هؤلاء وهؤلاء، والحرب التي قامت بينهم حرب مشهورة جدًّا في التاريخ ، حرب بُعاث التي كانت قبل بيعة العقبة الأولى بسنتين فقط.

خلال عام واحد  كيف تمكّن مصعب بن عمير مبعوث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة إثر بيعة العقبة الأولى من إذابة الجليد بين الأوس والخزرج؟
فلنعد بالذاكرة إلى أولئك الستة من الخزرج الذين التقاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة،من بعد ما طاف على القبائل في مواسم الحج،لا تستجيب إلى دعوته واحدة منها،ففاتحهم بأمر الإسلام، فقبلوه، وأخبروه ساعتها أنّ قومهم  أعداء متنافرون، وأنْ عسى أن يكون هو جامعَ شملهم .

نعم لقد نجح الإسلام في تصالح المتخاصمين، ونسيان عداوات الدهر، وفي التسامي عن دواعي الاقتتال والتناحر، لمّا سما بقلوبهم وعقولهم إلى علاقة السماء بالأرض، لما اتخذوا وحي السماء مشكاة دلتهم على طريقٍ الرجل فيه أخو الرجل وقد صارت العقيدة الواحدة الرحِم الذي أخرجهما أخوين، جمعت بينهما العقيدة، آخت بينهما العقيدة، وأصبحت الأخوة في الله أقوى العُرى، وأوثق الصلات التي تذوب معها كل الفوارق، ولا يبقى إلا أنّ ما يدين به الأوسي هو الذي يدين به الخزرجي، وما يعيش عليه الأوسي هو ذاته الذي يعيش عليه الخزرجي، وأن السلطان الكامل والتام على كليهما هو سلطان الله الواحد الأحد الذي يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وأنّ المؤمن أخو المؤمن حرام عليه دمه وماله وعرضه.  وفي المدينة نزلت : "وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ(103) "–آل عمران-

لقد نجح مصعب بن عمير بعد مرور أكثر من اثني عشر عاما على بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم في ترسيخ العقيدة في قلوب الأوس والخزرج من خلال القرآن المكي الذي كان -إلى يوم حلوله بينهم بالمدينة- قد نزل ثلثاه، فعمل القرآن عمله الفريد فيهم... وأذاب أكوام الجليد إلى أن حلّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أخيرا بينهم ....ليؤكد على توحيد الأنصار من أوس وخزرج تحت راية الإسلام.

العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2014-02-23, 13:13:04
بادر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمعاملة اليهود المعاملة الحسنة أول دخوله المدينة، فلما وجدهم يصومون عاشوراء قاسمهم صيامه، وكانت قبلة المؤمنين تجاه بيت المقدس إعلانا لهم أنهم والمسلمين يعبدون إله واحدا، ويتوجهون له وحده، وأنّ الإسلام يعترف بكل الأنبياء ولا ينكر منهم أحدا، كما وادعهم في صحيفة ضمّت بنود معاملتهم معاملة عادلة، لم يقم على الأرض دستور كفل حقوق الآخر على مر الأزمنة كما كان فيها، وإعطائهم حرية العبادة لا يُرغمون على الإسلام، بل وكفلت لهم حق المواطنة، كما بدأ بدعوتهم فرادى وجماعات، فكانوا يظهرون القبول والموادعة أول الأمر، وما لبثوا أن جهروا بما كان يعتلج بصدورهم من غلّ وكره وحقد وعِداء لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللإسلام .

والآن سنعرف غيضا من فيض وسائلهم وطرائقهم في التعامل مع الإسلام .
فاليهود الآن فئة -كما وجدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة-، فئة ذات جاهٍ، ومال وسلطة اقتصادية بارزة بما انتهجوا من سُبل التحايل على المسلمين وسلبهم مالهم وأرضهم وأملاكهم بالمراباة...

هكذا هو دَيْدَن اليهود...
قوم غضب الله عليهم ولعنهم بما كفروا، وبما عذبوا أنبياءهم وكذبوهم، قوم جُبلوا على الخداع والمكر والغدر، ولم يكونوا يذعنون لأمر الله الواحد، بل كانوا يعيشون وِفق أهوائهم، وما تمليه عليهم جبلّتهم المتمردة التي لا تقبل الخير، بل ترفضه وتستبدله بالذي هو أدنى ، وقد بين القرآن كل عَوارهم، وكشف مكرهم وما طُبعوا عليه من صفات الخداع والالتواء، والغدر والكيد : "وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ(61)" -البقرة-

"بِئْسَمَا اشْتَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُواْ بِمَا أنَزَلَ اللّهُ بَغْياً أَن يُنَزِّلُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَآؤُواْ بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ(90)"-البقرة-

وهذه هي حقيقتهم التي كشفها الله للمسلمين في القرآن عبر الأزمنة، كما كشفها في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما كان منهم نحوه ونحو أصحابه، ولم يكن ذلك إلا للاعتبار ولأخذ الدرس الذي بموجبه يتعامل المسلمون مع اليهود في كل زمان، فلا يؤخذوا بمكرهم. ولكن المسلمين عرفوا أنها الدروس يوم كانوا الأقوياء الممكّنين بطاعتهم لله وبإعلائهم لكلمته فوق كل كلمة، أما اليوم فإنهم يتيهون في الأرض، يخطبون ودّ اليهود ويسترضونهم وهم لهم كارهون، بهم مستخفّون، لا ينسون ما هزموهم به ، ولا ما كشفوا من شرهم، ينتقمون منهم اليوم والمسلمون سادرون في غيّ الغفلة يسمّونهم الأصدقاء والأخلاء...

وكأن الجاهلية الظلماء تعيد قصتها من جديد، وكأن استغلال اليهود لغيرهم، وسيطرتهم الاقتصادية بالتحايل والتلاعب والمراباة التي كانت سائدة بالمدينة، واليهود ممكّنون فيها، وكأنّ كل ذلك من غيابات الجاهلية ودامس أيامها يعيد نفسه اليوم في غياب قوة كشفتهم وفضحتهم وأحلّت العدل مكان جَوْرهم، والرحمة مكان استبدادهم، والحق مكان باطلهم ... تلكم كانت قوة الإسلام وقوة محمد صلى الله عليه وسلم ، وقوة رجال صنعهم بالقرآن وبالإيمان، فلم يجد اليهود حيال الحق الذي حملوه مخلصين وجههم لله من قوة ولا من شوكة، بل لقد دُحضوا وأُهلكوا رغم كل كيدهم ومكرهم ....
أما اليوم فها هم يرتعون في ديار الإسلام أسيادا وقد غابت شمس الرجولة التي تدحرهم دحرا، وتُذيب جليدهم البائس، غابت شمس رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه وتلبّدت سماء الأمة بغيوم الذلّ والهَوان والتلّ للجبين بين يدي العدو الغاصب...

نعم إنّ هؤلاء اليهود قوم مشرّدون في الأرض،باؤوا بغضب من الله، فهم لا قرار لهم، بل هُم متطفّلون على الشعوب وعلى أراضيهم، فكما عاثوا في يثرب فسادا وهضما لحقوق العرب،من طلوع بدر محمد على أهلها، أعادوا فأعلنوها قبل نكبة فلسطين "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"، هذا الشعب الذي كان يرى نفسه  ومازال شعب الله المختار، بينما هم المغضوب عليهم من الله، مغتصبو الحقوق ومُذلّو أهلها بالربا وشطحات الخداع والاستيلاء، لا يرقبون في مؤمن إلاّ ولا ذمّة، هكذا كانوا في المدينة من قبل حلول رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورغم علمه بما هُم عليه إلا أنه آثر أن يقيم عليهم الحجة بالمسالمة ومدّ يد الأمن والأمان ....فكيف يا ترى كان ردّ فعلهم ؟
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: زمرد في 2014-02-24, 06:22:45
صدقتِ
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2014-05-06, 16:22:53
وهكذا، نجدنا ونحن نفتح ملفّ اليهود لا نكاد نجد له مغلاقا، ونحن نرى أنوفهم تزجّ في كل فتنة، وشر ومكر وخديعة، فيجدر بنا أن نعرف عنهم ما يكفي لما لا يدع لنا مجالا للريب في أنهم العدوّ الذي لا يبطن لنا إلا الكره والحقد والضغينة، والذي علينا أن نحذر .... فكما كان دأبهم هو إلى اليوم مقيم ...
ولكننا نتعامى عمّا بصّرنا به القرآن، عما بصّرنا به رب السماوات والأرض، الذي فضحهم بين أيدينا أكبر فضيحة، فلم يترك أمرا سعوا في إخفائه ومداراته إلا أظهره لنا من وحي مكرهم وزيفهم وخداعهم وافترائهم الكذب على الله وعلى رسله .

حقيق بنا أن نصدع باللّوم على أنفسنا ونحن نعرف من القرآن،كلام الله ووحيه الحقَّ والحقيقة، ثم نصمّ آذاننا، ونُغشي على أبصارنا، وندّعي عدم الفهم، ونتنادى حتى تبحّ أصواتنا بالسلم والمسالمة والموادعة والتعايش والأمان مع مَن نعلم علم اليقين أنهم عدونا الأكبر الذي يضمر لنا من الحقد والكره ما علّمنا الله إياه، وما هو من محض جبلّتهم وتواطئهم واجتماعهم عليه، لا يألون في سبيل إمضائه والإتيان على مَن  ناصبوا العِداء والكُره جهدا،ولا يستصعبون سبيلا  ....

حقيق بنا أن نلقي باللائمة على تنادينا ببهتان نفتريه بين أيدينا، نصنع من خيوط ضعفنا نسيجا لا يلبسنا بل يُلبسهم ويعرّينا ، ونزرع من شوك ذلّنا ما لا ينالنا ريعُه بل ينالهم ... نُحقّ باطلهم، ونبطل حقّنا، حتى اشتكت الأرض كلها من صنع أيدينا، وكأنها التي لا تشفى ولا يقوم لها عود، ولا تعرف للحياة معنى إلا بعودتنا إلى حقنا الذي هو حقّها، وبفهمنا لمنهجنا الذي هو قَوامُها ....

نعم لقد بدأنا ولم ننتهِ من حديثنا عنهم، بل لن ننتهي منه حتى ننتهي عما نهانا الله  وحتى نأتمر بما أمرنا، وحتى نوقن أنّ العدوّ اللدود لن ينقلب صديقا إلا وهو يشتري لنا الموت بأيدينا، وبمالنا وبحبّات العرق تقطر منّا نُعليه وندنّي أنفسنا .لن ينقلب الصديقَ حتى تنقلب حروف "الصداقة" حروف "العداوة" وهيهات هيهات...
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2014-05-06, 16:27:33
عرفنا كيف أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يبيت إلا في حرس، وكيف بات الصحابة يخشون عليه غائلة  من قريش وهي التي أقدمت على إثارة الفتنة الطائفية بالمدينة بين المسلمين والمشركين من أوس وخزرج،بعد تقربها من عبد الله بن أبي بن سلول الذي لم تذهب عنه حرقته على ملك كاد يصير إليه في قوم لم يعقدوه لغيره،ليسودهم أوسا وخزرجا، هذا الملك الذي طار عرشه، وانكسر صولجانُهُ فور وصول محمد صلى الله عليه وسلم المدينة، ثم التفاف الأنصار من حوله نبيا وقائدا وحاكما . بل لقد خطّ لهم أول دستور يسيّر شؤون مختلف الطوائف فيها من مؤمنين ومشركين ويهود.

وهكذا التقت مصالح قريش التي لم تنسَ عداءها لرسول الله صلى الله عليه وسلم بمصالح عبد الله بن أبيْ الذي أرسلت إليه تُنِيبُه عنها في المدينة لتأليب مشركيها على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أعْمَتْ الغيرة والحقد قلوبهم، فلم يعودوا يذكرون ثارات الزمن القريب وعداواته،والتحم مشركو الأوس والخزرج ضدّ إخوانهم ممّن أسلم والتفّ حول دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم...
وهكذا بقي دأب المترصدين للإسلام في كل زمان وفي كل مكان،أعداء بُعَداء في غير وجهه ، أصدقاء حلفاء في هدف الإطاحة به واستئصال شأفته ،فإن لم يكن بإمكانهم غاية المُنى، رضوا بإضعاف شوكته وإيهانه بإضعاف أهله وإبعادهم عن دورهم السياديّ والريادي في الأرض. وتلك حرب أحمى وطيسا من حروب السلاح وقد تبيّن فيها الخيط الأبيض من الأسود، تبيّن فيها فريق الإيمان من فريق الكفر، والتقى كلاهما ندا بند يتحاربون، فأما أهل الكفر فأشدّ الناس حرصا على حياة، وأما أهل الإيمان فنُصب أعينهم نصر بإعلاء كلمة الله أو شهادة في سبيله هي مُرتقى الآخرة عند نائليها،وهي مطلب كل طالب يُقبل متمنّيها، فلا يدبر إلا نائلها أو نائل النصر من إقباله وقوّة إيمانه...

أما حروب على الفكر بغزو يُفرغها من حِلْيتها ويُخليها للخفافيش ترتع في ظلمة لا تأخذ إلا لظلمة فيها، وحروب على العقل تأخذه من الولاء للإيمان وأهله والبراء من الشرك وعُصبته إلى الانبهار بتفتّح الدنيا على أهل الكفر من بعد قعود المؤمنين وتمكّن الانهزامية من أنفسهم،فيغدو العدوّ صديقا، بل يغدو الآلهة المعبودة دون الإله الواحد،ولا يعود للولاء والبراء من معنى عند المحارَب الظانّ بنفسه وبحياضه الحياة الآمنة والعيش الرغيد... لم يعد يعنيه دينه، بل قد انقلبت دنياه له دينا، وقد انقلب زخرف الدنيا وبهرجها ربه المعبود. فتِلْكُم الحرب التي لا تجد لها جبهة واحدة ولا ساحة واحدة، ويختلط فيها حابل بنابل، ويلتبس فيها الحال،فيصبح الواحد مؤمنا ويمسي كافرا،أو يمسي مؤمنا ويصبح كافرا ... فتصعب المواجهة، وتتعدد الجبهات، ويقع فيها المحظور الذي تبتغيه الأعداء، فيقاتل الأخ أخاه وينشغل الداخل بالداخل، وأعداء الخارج متربّصون يُكفَوْن المؤونة وتُبسط لهم الفُرُش، وتمهّد لهم الدروب ليسلكوها إلينا ونحن تُلهينا الألْهيّات، ويشغلنا اللّعب عن الجِدّ...

بهذا المنطق يجب أن تفعل فينا السيرة المطهرة للحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فعلها، على هذا النحو يجب أن نقرأها، فهي لم تكن حياة وقصة للسرد على مسامع المعجَبين، أو لاستمطار دموع المتأثرين، أو لزيادة معرفة المتطلعين، لقد جُعِلت لنا مرآة تعكس حقيقة الإسلام في كل زمان، حقيقة حركته، وكينونته،وحقيقة وجوده، حقيقة مواجهاته، وحقيقة أعدائه وما يريدون به، وها نحن في زماننا نرى الأحداث تعيد نفسها، نرى تربّص أعداء الإسلام بالإسلام وأهله، ونراهم يشترون لهو أهله ولعبهم،لينقضوا بنيانه بأيديهم.

لقد كانت حكمة رسول الله صلى الله عليه وسلم هي الرادع، وهي الحائل دون نجاح قريش فيما أثارته من فتنة، إذ خاطب القوم بما يلزم مخاطبتهم به، ولولا حكمته وتذكيرهم بالعزة القبلية وأنهم مقبلون على إهلاك أنفسهم بأيديهم، لكانت الحرب التي يقتل فيها الأخ أخاه وهو صلى الله عليه وسلم ما جاء إلا ليطفئها، وليجعلها رمادا تذروه الرياح... ولو أنّه أسعر نارها، لالتفّ حوله المقاتلون، ولكانت الحرب، ولكانت الهلكة، ولقال القوم من بعدها: أهذا الذي قلنا سيصلح ويجمع قد زاد في تشتيتنا وفساد أمرنا ؟! ولكنه قرأ كل هذا، و رأى بعين بصيرته كل هذا، فكفاهم الحرب بكلمات منه معدودة فعلت فيهم ما لا تفعله الخطب الجارّة أرديتها الفاخرة الممتدة ...

ولكنّ حكمته العظيمة لم تقف عند هذا، بل لقد أدرك صلى الله عليه وسلم أن قريشا لن ترتدع، ولا تكفي رؤيتها تعود القهقرى في هذه، فهي التي لن تنثني، ولن يؤدها أن تقتنص كل فرصة لقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم. فجعل لا ينام إلا والصحابة حَرَسٌ عليه، حتى نزلت عصمة الله له من الناس آية كفاهم بها الحراسة، واليقين يملأه أن الله عاصمه من كل كيد يكيدونه، أو مكر يمكرونه.

قريش لم تقنع بابتعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم 500كم عن أرضها،فهي قد عرفت قوة دعوته، وفهمت أنّها ستمتد ولن تنكفئ على نفسها بالمدينة وتقنع بالعيش في كنف آمن محدود،ليست تلك رسالة الإسلام، ليست بحثا عن مغنم،وراحة وهدوء، ليست غايتها التنعّم بالسيادة، وليس ذلك لرسول الإسلام صلى الله عليه وسلم، إنما قد بعث رحمة للعالمين، قد بعث مطهرا للأرض قاطبة، قد بعث دواء لأسقامها،وترياقا لعللها ...قد بعث ليسود الحق والعدل،ولتكون كلمة الله هي العليا على الأرض كلها، وهي لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين . وبمكة قد نزل قوله سبحانه : "إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ(128)"-الأعراف- تلك هي رسالة الإسلام .وقد عرفت قريش هذه الآية وعرفت الكثير غيرها،وعلى هذا فقريش ما تزال مترصدة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، تبذل كل وسائلها، ولا تألو جهدا
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: Asma في 2014-05-09, 16:54:37
سلام عليكم اسجل للمتابعة


ساعود لاقرأ من الاول
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2014-05-10, 19:02:09
سلام عليكم اسجل للمتابعة


ساعود لاقرأ من الاول
أهلا وسهلا بك يا أسماء ::happy:. في هذا الموضوع أضع مجموعة خواطر حول ما يستوقفني من محطات السيرة المطهرة،  تجدينها أيضا على أوراق السيرة، وأيضا أعرضها عبر الباوربوينت.تأمل، انبهار، تشوف،تشوق، إسقاط ، تعلم، اعتبار، اتعاظ... كله يحدث والمؤمن يسبر أغوار أعظم سيرة.
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2016-05-01, 09:38:23
تأملات في موعد  الإذن بالقتال

ها نحن بعد كل هذا نرى المشركين يُعَرْبدون-وخاصة منهم مشركي مكة قريش- فهي التي ألّبت مشركي المدينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في محاولة منها لإثارة الفتنة الطائفية باءت بالفشل بعد تصدّي حكمة رسول الله صلى الله عليه وسلم لها، ثم هي ذي قريش لا تدع سبيلا من سبل إظهار العداوة إلا سلكته، ومع كل هذا ما يزال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ممتثلين لأمر الله تعالى :"وأعرض عن المشركين"...

ولكن يبلغ السيل الزُّبى، ويحين أوان الحزم، والفصل وتغيير الطريقة، وله سبحانه أمره وحكمته في الوقت الذي يشاء فيه أن يأذن للمسلمين بالقتال، فبعد كل هذا الاعتداء والعداء الصارخ من المشركين للمسلمين،إذ لم يكتفوا بإيذائهم وتكذيبهم وتعذيبهم بل وبتشريدهم وإخراجهم من ديارهم، وطردهم، والكيد لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالقتل بضربة أربعين سيفا،والمؤمنون بين مفتون في دينه،وبين معذّب في أيديهم، وبين هارب في البلاد فرارا،منهم مَن بأرض الحبشة، ومنهم مَن بالمدينة، وفي كل وجه . لم ترَ قريش في خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة مع أصحابه نهاية ما بينها وبينه، بل هي تعلن عداءها، واستعدادها لحربه وإن بعدت به الشُقّة، وغادر أرض مكة .وكما عرفنا سابقا ذلك دَيدن أهل الكفر يتتبعون الإسلام في كل دار صغرت دائرة أتباعه أو كبرت، ليس إلا من الرعب المُلقى في قلوبهم من قوته وحقه الظاهر.

فإننا ونحن نتابع الأحداث على ورق، نشعر بحشرجة في الصدر وغصة في الحلق، وحرقة في القلب ، نجدنا نبحث عمّا يسوّغ للمسلمين الثأر من أعداء الله... عمّا يسوّغ لهم طريقة لاسترداد حقوقهم، ولردع هؤلاء الطغاة ...

وفي الوقت  الذي قدّره الله سبحانه بحكمته أنه الأنسب للإذن، أذن لنبيه صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين بالقتال، والامتناع والانتصار ممن ظلمهم وبغى عليهم، فكانت أول آية نزلت في الإذن له في الحرب وإحلاله له الدماء والقتال لمن بغى عليهم، قول الله تبارك وتعالى :
"أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ(39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ(40) الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ(41)" -الحج-

لقد أذن الله تعالى لنبيّه صلى الله عليه وسلم بالقتال، من بعد مرحلة طويلة في مكة دامت ثلاثة عشر عاما، عُرف فيها أمر الله سبحانه لعباده المؤمنين بالصفح والعفو والإعراض عن المشركين، وبتحمّل الأذى، والصبر على تبِعات الدعوة من تعذيب وتكذيب، حتى بلغ بهم المدى أن دبّروا لقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم قتلة جماعية، عندها بدأ الانخلاع من أهل الشرك، وبدأ اليأس من البقاء بين ظهرانيهم  فأذن الله تعالى لنبيّه صلى الله عليه وسلم بالهجرة، بدءا بصحابته أرسالا، وانتهاء به صلى الله عليه وسلم وبأبي بكر الصديق رضي الله عنه . ثم لما وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأنصار النصير والمُعين، والمَنعة، بدأ بتأسيس الدولة، فكان أول فعله أن أقام المسجد، ثم آخى بين الأوس والخزرج، ثم آخى بين المهاجرين والأنصار، ثم وضع صحيفة الموادعة، ذلك الدستور الذي نظّم العلاقة بين الفئات المختلفة بالمدينة من مؤمنين ومشركين ويهود ...

ولما التفّ الأنصار حول رسول الله صلى الله عليه وسلم نبيا وقائدا ومسيّرا لشؤونهم، انتهض الرماد من تحت التراب، يريد أن يبعث أول الشّرر بمشركي المدينة يرأسهم عبد الله بن أُبي بن سلول الذي يخبّئ الحقد والكُره لمن سلبه ملكا كاد أن يصير إليه فيها،إذ تآمر مع قريش على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم جامعا مشركي الأوس والخزرج لحرب المؤمنين منهم، فكانت حكمة رسول الله صلى الله عليه وسلم الحائل دون بُعاث جديدة...

تفنّنت قريش في سُبُلها، فنوّعتها، وعدّدتها لتنال مأربها، وعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أنها لم ولن تنطفئ نارُها حتى تطفئ نور الإسلام،وتمحو ذكر رسوله صلى الله عليه وسلم، وهيهات هيهات أن تنال ما تريد، والله متمّ ما يريد،:"يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ(32)"-التوبة-
 وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قرآنا يمشي على الأرض، يربي أصحابه عليه ويصنعهم به على عينه، فكانوا يأتمرون بأمره، وينتهون عن نهيه.صبروا ما أمرهم الله أن يصبروا ويترقبوا أمره، حتى أتى أمرُه:"أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ(39) "-الحج-


العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2016-05-01, 09:57:10
في غزوة بدر، استفتح أبو جهل حين التقى الناس ودنا بعضهم من بعض فقال: "اللهم !  أقطعُنا للرّحِم، وآتانا بما لا يُعرف فأحِنْه الغداة، اللهمّ أولانا بالحق فانصره، اللهم أيُّنا كان أحبَّ إليك، وأرضى عندك، فانصره اليوم" ...!!!

وفي ذلك أنزل الله تعالى قوله : "إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءكُمُ الْفَتْحُ وَإِن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ وَلَن تُغْنِيَ عَنكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ(19)"-الأنفال-

وأحب أن أقف مع استفتاح أبي جهل وقفة، فلا أظنّ أن قارئا متأملا سيمرّ بقوله هذا مرور الكرام، وأكاد أجزم استغرابه واستهجانه، وتساؤله عن سرّ دعاء رأس الشرك والكفر بهذا الدعاء ! وفي هذا قدّر الله أن أقع على كلام للدكتور راغب يحلل فيه كلامه، أضعه بين أيديكم:

(http://www.ayamnal7lwa.net/forum/index.php?action=dlattach;topic=4593.0;attach=12028;image)

العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: جواد في 2016-05-01, 10:02:07
السلام عليكم ورحمة الله،

معذرة أختي الكريمة، ما الفائدة من هذا الكلام؟
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2016-05-01, 10:09:23
السلام عليكم ورحمة الله،

معذرة أختي الكريمة، ما الفائدة من هذا الكلام؟

أفصح أخي، ماذا تعني بسؤالك؟
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2016-05-01, 10:10:11
حول غزوة بدر


أحب أن أنقل كلاما نفيسا لسيد قطب رحمه الله عن غزوة بدر:

لقد كانت غزوة بدر - التي بدأت وانتهت بتدبير اللّه وتوجيهه وقيادته ومدده - فرقانا .. فرقانا بين الحق والباطل - كما يقول المفسرون إجمالا - وفرقانا بمعنى أشمل وأوسع وأدق وأعمق كثيرا ..

1- كانت فرقانا بين الحق والباطل فعلا .. ولكنه الحق الأصيل الذي قامت عليه السماوات والأرض، وقامت عليه فطرة الأشياء والأحياء .. الحق الذي يتمثل في تفرد اللّه - سبحانه - بالألوهية والسلطان والتدبير والتقدير وفي عبودية الكون كله: سمائه وأرضه، أشيائه وأحيائه، لهذه الألوهية المتفردة ولهذا السلطان المتوحد، ولهذا التدبير وهذا التقدير بلا معقب ولا شريك .. والباطل الزائف الطارئ الذي كان يعم وجه الأرض إذ ذاك ويغشي على ذلك الحق الأصيل ويقيم في الأرض طواغيت تتصرف في حياة عباد اللّه بما تشاء، وأهواء تصرف أمر الحياة والأحياء! .. فهذا هو الفرقان الكبير الذي تم يوم بدر حيث فرق بين ذلك الحق الكبير وهذا الباطل الطاغي وزيل بينهما فلم يعودا يلتبسان!

2-لقد كانت فرقانا بين الحق والباطل بهذا المدلول الشامل الواسع الدقيق العميق، على أبعاد وآماد: كانت فرقانا بين هذا الحق وهذا الباطل في أعماق الضمير .. فرقانا بين الوحدانية المجردة المطلقة بكل شعبها في الضمير والشعور، وفي الخلق والسلوك، وفي العبادة والعبودية وبين الشرك في كل صوره التي تشمل عبودية الضمير لغير اللّه من الأشخاص والأهواء والقيم والأوضاع والتقاليد والعادات ... وكانت فرقانا بين هذا الحق وهذا الباطل في الواقع الظاهر كذلك .. فرقانا بين العبودية الواقعية للأشخاص والأهواء، وللقيم والأوضاع، وللشرائع والقوانين، وللتقاليد والعادات ... وبين الرجوع في هذا كله للّه الواحد الذي لا إله غيره، ولا متسلط سواه، ولا حاكم من دونه، ولا مشرع إلا إياه .. فارتفعت الهامات لا تنحني لغير اللّه وتساوت الرؤوس لا تخضع إلا لحاكميته وشرعه وتحررت القطعان البشرية التي كانت مستعبدة للطغاة .

3-وكانت فرقانا بين عهدين في تاريخ الحركة الإسلامية: عهد الصبر والمصابرة والتجمع والانتظار. وعهد القوة والحركة والمبادأة والاندفاع .. والإسلام بوصفه تصورا جديدا للحياة، ومنهجا جديدا للوجود الإنساني، ونظاما جديدا للمجتمع، وشكلا جديدا للدولة .. بوصفه إعلانا عاما لتحرير «الإنسان» في «الأرض» بتقرير ألوهية اللّه وحده وحاكميته، ومطاردة الطواغيت التي تغتصب ألوهيته وحاكميته .. الإسلام بوصفه هذا لم يكن له بد من القوة والحركة والمبادأة والاندفاع، لأنه لم يكن يملك أن يقف كامنا منتظرا على طول الأمد. لم يكن يستطيع أن يظل عقيدة مجردة في نفوس أصحابه، تتمثل في شعائر تعبدية للّه، وفي أخلاق سلوكية فيما بينهم. ولم يكن له بد أن يندفع إلى تحقيق التصور الجديد، والمنهج الجديد، والدولة الجديدة، والمجتمع الجديد، في واقع الحياة وأن يزيل من طريقها العوائق المادية التي تكبتها وتحول بينها وبين التطبيق الواقعي فى حياة المسلمين أولا ثم في حياة البشرية كلها أخيرا .. وهي لهذا التطبيق الواقعي جاءت من عند اللّه ..

4-وكانت فرقانا بين عهدين في تاريخ البشرية .. فالبشرية بمجموعها قبل قيام النظام الإسلامي هي غير البشرية بمجموعها بعد قيام هذا النظام .. هذا التصور الجديد الذي انبثق منه هذا النظام. وهذا النظام الجديد الذي انبثق من هذا التصور. وهذا المجتمع الوليد الذي يمثل ميلادا جديدا للإنسان. وهذه القيم التي تقوم عليها الحياة كلها ويقوم عليها النظام الاجتماعي والتشريع القانوني سواء .. هذا كله لم يعد ملكا للمسلمين وحدهم منذ غزوة بدر وتوكيد وجود المجتمع الجديد. إنما صار - شيئا فشيئا - ملكا للبشرية كلها تأثرت به سواء في دار الإسلام أم في خارجها، سواء بصداقة الإسلام أم بعداوته! .. والصليبيون الذين زحفوا من الغرب، ليحاربوا الإسلام ويقضوا عليه في ربوعه، قد تأثروا بتقاليد هذا المجتمع الإسلامي الذي جاءوا ليحطموه وعادوا إلى بلادهم ليحطموا النظام الإقطاعي الذي كان سائدا عندهم، بعد ما شاهدوا بقايا النظام الاجتماعي الإسلامي! والتتار الذين زحفوا من الشرق ليحاربوا الإسلام ويقضوا عليه - بإيحاء من اليهود والصليبيين من أهل دار الإسلام! - قد تأثروا بالعقيدة الإسلامية في النهاية وحملوها لينشروها في رقعة من الأرض جديدة وليقيموا عليها خلافة ظلت من القرن الخامس عشر إلى القرن العشرين في قلب أوربا! ..
وعلى أية حال فالتاريخ البشري كله - منذ وقعة بدر - متأثر بهذا الفرقان في أرض الإسلام، أو في الأرض التي تناهض الإسلام على السواء».

5- وكانت فرقانا بين تصورين لعوامل النصر وعوامل الهزيمة. فجرت وكل عوامل النصر الظاهرية في صف المشركين وكل عوامل الهزيمة الظاهرية في صف العصبة المؤمنة، حتى لقال المنافقون والذين في قلوبهم مرض: «غر هؤلاء دينهم» .. وقد أراد اللّه أن تجري المعركة على هذا النحو - وهي المعركة الأولى بين الكثرة المشركة والقلة المؤمنة - لتكون فرقانا بين تصورين وتقديرين لأسباب النصر وأسباب الهزيمة ولتنتصر العقيدة القوية على الكثرة العددية وعلى الزاد والعتاد فيتبين للناس أن النصر للعقيدة الصالحة القوية، لا لمجرد السلاح والعتاد وأن أصحاب العقيدة الحقة عليهم أن يجاهدوا ويخوضوا غمار المعركة مع الباطل غير منتظرين حتى تتساوى القوى المادية الظاهرية، لأنهم يملكون قوة أخرى ترجح الكفة وأن هذا ليس كلاما يقال، إنما هو واقع متحقق للعيان.

6- وأخيرا فلقد كانت بدر فرقانا بين الحق والباطل بمدلول آخر. ذلك المدلول الذي يوحي به قول اللّه تعالى في أوائل هذه السورة: «وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ، وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ، وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَيَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ، لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْباطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ».
لقد كان الذين خرجوا للمعركة من المسلمين، إنما خرجوا يريدون غير أبي سفيان واغتنام القافلة. فأراد اللّه لهم غير ما أرادوا. أراد لهم أن تفلت منهم قافلة أبي سفيان (غير ذات الشوكة) وأن يلاقوا نفير أبي جهل (ذات الشوكة) وأن تكون معركة وقتال وقتل وأسر ولا تكون قافلة وغنيمة ورحلة مريحة! وقال لهم اللّه - سبحانه - إنه صنع هذا: «لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْباطِلَ» ..
وكانت هذه إشارة لتقرير حقيقة كبيرة .. إن الحق لا يحق، وإن الباطل لا يبطل - في المجتمع الإنساني - بمجرد البيان «النظري» للحق والباطل. ولا بمجرد الاعتقاد «النظري» بأن هذا حق وهذا باطل .. إن الحق لا يحق ولا يوجد في واقع الناس وإن الباطل لا يبطل ولا يذهب من دنيا الناس. إلا بأن يتحطم سلطان الباطل ويعلو سلطان الحق، وذلك لا يتم إلا بأن يغلب جند الحق ويظهروا، ويهزم جند الباطل ويندحروا ..
فهذا الدين منهج حركي واقعي، لا مجرد «نظرية» للمعرفة والجدل! أو لمجرد الاعتقاد السلبي! ولقد حق الحق وبطل الباطل بالموقعة وكان هذا النصر العملي فرقانا واقعيا بين الحق والباطل بهذا الاعتبار
الذي أشار إليه قول اللّه تعالى في معرض بيان إرادته - سبحانه - من وراء المعركة، ومن وراء إخراج الرسول - صلى الله عليه وسلم - من بيته بالحق ومن وراء إفلات القافلة (غير ذات الشوكة) ولقاء الفئة ذات الشوكة ..
ولقد كان هذا كله فرقانا في منهج هذا الدين ذاته، تتضح به طبيعة هذا المنهج وحقيقته في حس المسلمين أنفسهم .. وإنه لفرقان ندرك اليوم ضرورته حينما ننظر إلى ما أصاب مفهومات هذا الدين من تميع في نفوس من يسمون أنفسهم مسلمين! حتى ليصل هذا التميع إلى مفهومات بعض من يقومون بدعوة الناس إلى هذا الدين!
وهكذا كان يوم بدر «يوم الفرقان يوم التقى الجمعان» بهذه المدلولات المنوعة الشاملة العميقة .. «وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» .. وفي هذا اليوم مثل من قدرته على كل شيء .. مثل لا يجادل فيه مجادل، ولا يماري فيه ممار .. مثل من الواقع المشهود، الذي لا سبيل إلى تفسيره إلا بقدرة اللّه. وأن اللّه على كل شيء قدير.
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2016-05-01, 10:21:03
وحول غزوة بني قينقاع، أضع كلاما لسميرة الزايد من كتابها : "دروس من السيرة" :

(http://www.ayamnal7lwa.net/forum/index.php?action=dlattach;topic=4593.0;attach=12030;image)
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2016-05-01, 10:24:41
وعن بني قينقاع، وحول نزاع اليهودية والإسلام للشيخ محمد الغزالي رحمه الله كلمات :

"أصحيح أن نزاع اليهودية والإسلام كان سياسياً لا دينياً؟ وأن الانفراد بالسلطان في الجزيرة العربية هو مبعث هذا الخصام الحادّ؟. إن التغلغل في فهم العواطف والمشاعر الإنسانية يفسر كثيراً من المواقف الغامضة. لقد رأينا المسلمين في مكة يتحمسون للنصرانية في صراعها مع المجوسية، ويحزنون لانكسار الروم أمام الفرس، مع أن الإسلام لم يكن قد اتصل بعد بالنصارى اتصالاً يبرر هذا الحماس. لكنه الشعور الطبيعي الوحيد الذي ينتظر من الرجل المخلص لدينه، فالمسلمون أصحاب كتاب يدعو إلى التوحيد، والنصارى -وإن اضطرب فهمهم لمعنى التوحيد وشابوا الحق بالخرافة- فهم -على كل حال- أهل كتاب، ويعتبرون أعلى مرتبة من عبدة النار، فالرغبة في انتصارهم على الوثنية الصريحة الشرك ضرب من الوفاء للإسلام نفسه! ومن الاحترام للحقيقة التي معك أن تقترب مما يقرب منها، وأن تبتعد عن كل ما يبعد عنها. وقد كان المشركون من أهل مكة منطقيين مع أنفسهم حين رحبوا بانتصار الفرس، وعدوه رمزاً لغلبة الوثنية في كل صورها على أديان السماء جملة...
فما معنى أن يغضب اليهود الموحدون -كما يزعمون- من انتصار الإسلام على الشرك؟ وبم يفسر حنوهم على القتلى من عبدة الأصنام، وسعيهم الحثيث لتغليب كفة الوثنية العربية على هذا الدين الجديد؟؟

إن التفسير الوحيد لهذا الموقف أن اليهود انقطعت صلاتهم بمعنى الدين، وأن سلوكهم العام لا يرتبط بما لديهم من تراث سماوي، وأنهم لا يكترثون بما يقترب من عقيدة التوحيد أو أحكام التوراة، لأن هذه وتلك مؤخرة أمام شهواتهم الغالبة وأثرتهم اللازبة. ومن ثَمَّ شكك القرآن الكريم في قيمة الإيمان الذي يدَّعيه القوم:{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمْ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ...}.
والظاهر أن طوائف اليهود التي عاشت بين العرب كانت عصابات من المرتزقة اتخذت الدين عنواناً لمطامع اقتصادية بعيدة المدى، فلما توهمت أن هذه المطامع مهددة بالزوال ظهر الكفر المخبوء، فإذا هو كفر بالله وسائر المرسلين.ولم يعرف أولئك شرفاً في حرب الإسلام، ولم يقفهم حد أو عهد في الكيد له، فلم يكن بد من إجلائهم وتنظيف الأرض منهم.
" -محمد الغزالي-
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: جواد في 2016-05-01, 10:30:15
أعني أن هذا المنتدى تحديدا، شهد جدالا شديدا حين تم الربط بين السيرة (وخاصة تفسيرات سيد قطب) وبين واقعنا الحالي،

وحتى الموضوع الجديد الذي تم عمله عنه السيرة أيضا، تم الاعتراض فيه على اسقاط الدروس المستفادة من السيرة على أحوال مجتمعنا،
وتم قصر ذلك فقط على المختصين (لا أدري توصيفا معينا حتى يمكن أن يلقب الإنسان بالمختص !).

ولهذا فالسيرة هكذا إما مجرد "حكايات" عاطفية بالنسبة للأفراد (الغير مختصين)، أو طلاسم تنتظر (المختصين) ليكشوفنها للناس ويربطونها بأمور الأمة والمجتمع.

فإذا كنا سنتوقف عند مجرد القصة وننعزل بها عن واقع مجتمعاتنا الحالي (لا أدري اذا كنتم من "المتخصصين" أم لا)،
فلا معنى هنا برأيي من قراءة كلام لا يمكن الاستفادة منه في واقع الحياة أو ترجمته إلى عمل !

ولهذا جاء سؤالي، هل هو مجرد سرد نمصمص عليه الشفاه، أم اسقاط على الواقع يدفع للعمل من بعده؟
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2016-05-01, 10:39:59
بارك الله بك أخي جواد ...

طيب،  أبعد ما أكون عن أن أضع السيرة على شكل حكايات وقصص الغاية منها المعرفة الثقافة والتباهي بالمعرفة دون إسقاط، ولو تريثتَ قليلا لقرأت في مداخلة أنوي وضعها، وهي كلام كتبته منذ زمن قريب، كيف لا أريد من السيرة عاطفة عابرة أو معرفة للتباهي ...

ولعلمك أخي، إنما ما أضعه هنا، هو خواطر لي، أو مقتطفات تعجبني، فيها من الإسقاط الكثير، وأصلها ومنبعها حصص ولقاءات لي مع أخوات، لقاءات عينية واقعية، لا تقدّم فيها دروس السيرة تقديما مجردا، كقصة للزاد المعرفيّ أو لاستدرار العاطفة، وإنما هي لقاءات دامت منذ بدايتها وحتى الآن تحديدا ستّ سنوات كاملة، لم ننهِ فيها السيرة بعد  emo (30):

نقف عند كل محطة، نتعلم، نتربى، نستخلص، نُسقط، وأكثر ما نفعله الإسقاط، ولقد تغيّر بفضل الله تعالى حال الكثيرات منهنّ، وتربّين من دروس السيرة إسقاطا على الحياة، وأصبحن أفضل حالا، ولم تعدن قادرات على التخلّي عن هذه اللقاءات التي نمشي فيها الهُوينى مع السيرة منذ ستّ سنوات، وبلغنا بها اليوم "غزوة بني قريظة"

قليل من وحي تلك اللقاءات أكتبه خواطر، وكثير منه لا أكتبه، وفيه ما فيه من الإسقاطات والعيش بدروس السيرة ....

فدراسة السيرة عندي ليست أبدا ترفا فكريا أو معرفيا أو عاطفيا، بل دروس للحياة، ولهذا أثر على الأرض بفضل الله تعالى ... وما هنا إلا نقل يسير لبعض ما تجيش به النفس من آثار الدروس...
نسأل الله الثبات والنفع .
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: جواد في 2016-05-01, 10:52:36
وبارك بكم وجزاكم خيرا على مجهودكم،

وأود أن أوضح أنني أختلف جملة وتفصيلا مع القول الذي يقول بحكر الاجتهاد على المختصين أو أصحاب البصائر، فمن استطاع أن يقول عن نفسه مختصا أو من أصحاب البصائر، فعليه أن يراجع تزكية نفسه.

لكن السيرة لا يمكن أخذها فقط بمحمل فردي، بل ولا يمكن فهم الأمور الفردية في السيرة بمعزل عن المجتمع وظروفه،
وبالتالي، تأتي النقطة الشائكة التي تفصل بين الرهبنة والفهم الإسلامي الصحيح،
والسؤال الذي يطرح نفسه دوما حين يتم تناول السيرة، هو كيف يعيش المسلم بفهم يقيه الصدمات المجتمعية ويجعل الحقائق في نفسه واضحة جلية،
ولا يكون ضحية الغلو أو التفريط.
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2016-05-01, 11:20:27
وبارك بكم وجزاكم خيرا على مجهودكم،

وأود أن أوضح أنني أختلف جملة وتفصيلا مع القول الذي يقول بحكر الاجتهاد على المختصين أو أصحاب البصائر، فمن استطاع أن يقول عن نفسه مختصا أو من أصحاب البصائر، فعليه أن يراجع تزكية نفسه.

لكن السيرة لا يمكن أخذها فقط بمحمل فردي، بل ولا يمكن فهم الأمور الفردية في السيرة بمعزل عن المجتمع وظروفه،
وبالتالي، تأتي النقطة الشائكة التي تفصل بين الرهبنة والفهم الإسلامي الصحيح،
والسؤال الذي يطرح نفسه دوما حين يتم تناول السيرة، هو كيف يعيش المسلم بفهم يقيه الصدمات المجتمعية ويجعل الحقائق في نفسه واضحة جلية،
ولا يكون ضحية الغلو أو التفريط.

لا أراني أختلف معك في هذه النقطة...
أما عن أهل الاختصاص، فلا أرى في السيرة ودروسها حاجة لأهل الاختصاص، إلا إذا نصّب الفرد نفسه فقيها مثلا، فراح يستنبط الأحكام على غير هدى من علم، ولا دراية، وراح يفتي من وحي حادثة من السيرة  مثلا في حادثة من الواقع، يرى بعينه القاصرة مثلا أنها تليق حكما وفتوى، وهو لم يلمّ بجوانب الأمر كلها...

أما عن إسقاطها والتعلم منها، والتأسي بما فيها، فلا أرى لبيبا يقول بغير ذلك...
كما أن فهمنا بالإسقاط يشمل فرديتنا، ويشمل المجتمع كذلك ،وأظننا لا نستغني عن فهم العلماء لكثير من الجوانب، من مثل من كتب في فقه السيرة، ومن كتب في الإسقاطات السياسية والقيادية، مثل منير الغضبان، وكلها زاد لنا مع ما نفهم ونعتبر به من السيرة ...

وهكذا أرى أن الاطلاع عليها يشمل فيما يشمل الاطلاع على ما كتبه عدد من المتخصصين، وليس في ذلك عيب بل زاد فوق الزاد ...

 وربما التبس عليك مقصد من أجابك في الموضوع الجديد الآخر، فرأيتَه إلى هذا الحد الذي تراه رهبنة، وأنا لم أفهمه كذلك، ولو استفسرت لفهمت المقصد .
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2016-05-01, 20:55:13

الموضوعات السابقة التي حدثت فيها خلافات كلنا استفدنا من جميع الاراء التي طرحت فيها
شخصيا لم أعتبر اي رأي مما طرح، وان أيدتُه او تبنيته في فترة ما أنه هو الرأي الحق ولا شيء غيره...
المشكلة كانت في احتكار الحق، والحجر على من يقول بالرأي الاخر ومنعه من الكلام، ورفع سيف السلطة الإلهية بيد الفهم الشخصي، على انه هو الحق، ومن يعارضه يعارض الله ورسوله وآياته
وهذا هو الغلو والشطط
وهو منبت الفكر المتطرف، وبداية تكون الخوارج
الخوارج فكر قبل ان يكونوا طائفة
اما ان نختلف ونتحاور ونقتنع او لا نقتنع فهذا هو جوهر وجود المنتدى
والفكرة المختلفة قد نعارضها بشدة اليوم، ثم تستجد احداث، او نزداد علما، او نمر بتجارب تثبت لنا خطأ رأينا، وصحة الفكرة التي كنا نعارضها
لهذا فحرية الفكر يجب ان تحترم
والقدسية للنص.. لا لمفهوم البشر للنصوص

وكما قال الإمام أبو حنيفة: قولنا هذا رأي، وهو أحسن ما قدرنا عليه، فمن جاء برأي أفضل منه تبعناه
ومع ان رأيه مستنبط من الكتاب والسنة، إلا أنه لم يقل عنه أنه مقدس، وان من يخالفه يكون قد رمى بكلام الله وسنة نبيه عرض الحائط

أرجو ان يكون قد اتضح الفرق

-----------------

ونحن بالكاد قد تجمعنا، وتناشدنا ان نعود للكتابة في المنتدى، وان يشد بعضنا ازر بعض، لأننا شعرنا ان سنوات عمرنا التي اقتطعنا كثيرا من ايامها في الكتابة والعمل في المنتدى كانت مفيدة ولم تكن هباء
فرجائي الا نجد تثبيطا او تحبيطا او حجرا علينا يبعدنا عنه من جديد

----------------

وقصدت بالمختصين الراسخين في العلم الملمين بمقاصد الشريعة، المتحركين بها واقعا في حياتهم، العاملين في التخصص المقصود، هؤلاء من حقهم أن يستنبطوا الأحكام، وواجبنا نحن أن نتعلم منهم، ونتخير من أقوالهم، ونفهم أدلتهم، لا أن نسفه اراءهم، ونقفز نحن للاجتهاد والاستنباط..

فإذا كان الأمر في فقه البيوع، فلا بد من متخصص في فقه البيوع، يناقشه خبراء في الاقتصاد والتجارة، لا خبراء في التربية
وإذا كان الأمر في التربية الفردية، فلا بد من متخصص في فقه الأسرة، يناقشه مربون عاملون في التربية، لا حالمون بهذا العمل لم يرزقوا بطفل ولا تلميذ ولم يجربوا لأواء التربية ولم يخوضوا غمارها
وإذا كان الأمر في شؤون الحرب، فلا بد من متخصص في فقه الحروب والسياسة الشرعية، يحاوره ذوو تجربة في هذا المجال ... وهكذا
وقد نستطيع كلنا ان نناقش أمور السياسة والحكم ونقارنها بأحداث السيرة، وبفهمنا لبعض الآيات، لكن أحكامنا واقوالنا تبقى اجتهادات تقبل الخطأ والصواب، وهي أقرب للخطأ، نتيجة جهلنا بدهاليز السياسة، وعدم ممارستنا لها، اضافة الى جهلنا بنصوص السياسة الشرعية وأدلتها، واختلاط ذلك كله بأقوال العلماء والمجتهدثن على مر القرون، بحيث لم يعد يتميز عندنا النص المقدس من الاجتهادات التي تتغير بتغير الزمان والمكان، كذلك جهل البعض بمقاصد الشريعة، واغتراره بالشعارات على حساب الحقائق
وقد راعني ما قرأته من كتب التأصيل الشرعي لسياسة داعش مثلا، وتصديق واغترار كثير من البسطاء الطيبين بأقوالهم...

باختصار: المناقشة أهلا وسهلا به في أي شيء وأي مجال
الاجتهاد في الفهم، والاتعاظ والنصح ... كلنا بحاجة إليه
لكن اصدار أحكام الحلال والحرام والكفر البواح والتفسيق والتبديع والتكفير، لا يكون الا من متخصصين

أرجو أن يكون موقفي قد اتضح
وأن يحظى رجائي بالقبول
العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: ابنة جبل النار في 2016-05-02, 06:23:01
(والفكرة المختلفة قد نعارضها بشدة اليوم، ثم تستجد احداث، او نزداد علما، او نمر بتجارب تثبت لنا خطأ رأينا، وصحة الفكرة التي كنا نعارضها
لهذا فحرية الفكر يجب ان تحترم
والقدسية للنص.. لا لمفهوم البشر للنصوص

وكما قال الإمام أبو حنيفة: قولنا هذا رأي، وهو أحسن ما قدرنا عليه، فمن جاء برأي أفضل منه تبعناه
ومع ان رأيه مستنبط من الكتاب والسنة، إلا أنه لم يقل عنه أنه مقدس، وان من يخالفه يكون قد رمى بكلام الله وسنة نبيه عرض الحائط

أرجو ان يكون قد اتضح الفرق)

( ونحن بالكاد قد تجمعنا، وتناشدنا ان نعود للكتابة في المنتدى، وان يشد بعضنا ازر بعض، لأننا شعرنا ان سنوات عمرنا التي اقتطعنا كثيرا من ايامها في الكتابة والعمل في المنتدى كانت مفيدة ولم تكن هباء
فرجائي الا نجد تثبيطا او تحبيطا او حجرا علينا يبعدنا عنه من جديد)


( أرجو أن يكون موقفي قد اتضح
وأن يحظى رجائي بالقبول)

 ::ok::




العنوان: رد: طِــيــب القــــــــلوب
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2016-05-02, 06:54:33
إخوة يا جماعة بإذن الله ... والموضوع عنوانه "طيب القلوب" فصلوا على طيب القلوب عليه من الله أفضل الصلاة وأزكى التسليم ...

والحمد لله الذي جمعنا إخوة، فلم أعرف من نصّب نفسه ناطقا عن الدين، أو ناطقا عن الحكمة، بل إنّ أعلمنا بالدين هنا، ليُنهي كل كلامه بـ "الله أعلم" يعلّمنا بها في كل مرة أن التواضع من شيم الكرام الصادقين  emo (30):

وما نحن هنا إلا ليتعلم بعضنا من بعض، ونسأل الله تعالى أن يبعد عنا روح الاستمساك بالرأي الواحد، وأن يجعل صدورنا رحبة لكل الآراء ...

ونحن حقا وصدقا، قد نفهم، قد نستنتج، قد نتأمل ونتدبر فيمنّ الله علينا بنور فكرة، ولكننا أبدا لن نستغني لا عن آراء بعضنا البعض، ولا عن آراء العلماء والعارفين والمتخصصين .