أيامنا الحلوة

الساحة الإسلامية => :: ساعة حلوة لقلبك :: => الموضوع حرر بواسطة: ماما هادية في 2011-11-05, 12:30:52

العنوان: نفحات عطرية من الروضة المحمدية
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2011-11-05, 12:30:52
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إخوتي الكرام
هذه خواطر كتبتها بعيد رحلتي للمدينة المنورة عام 1425 هـ والتي كانت رحلة مميزة بالفعل..
ذكرني بها طلب الابن الكريم عبد الرؤوف النجولي لذكرياتنا حول رحلات الح والعمرة.. فأحببت ان أعيد نشرها،  لعلكم تجدون فيها فائدة ما، أو تستنشقون من خلالها بعض الأنسام العطرية، من تلك الروضة المحمدية..

وقد أدهشني الآن قدم ذلك التاريخ
يااااااااااااه سبع سنوات كاملات مرت كلمح البصر
تغيرت فيها أشياء كثيرة، في حياتي وفي العالم من حولي... ومع ذلك ما زال مذاق تلك النفحات غضا طريا في قلبي وروحي... أتوق لاسترجاعه، وأشتاق إلى رحابه

وقد كان لتلك الرحلة مقدمات.. وسأبدأ بمقدماتها
وكانت تلك الرحلة في مثل هذه الأيام المباركات من شهر ذي الحجة المحرم

العنوان: رد: نفحات عطرية من الروضة المحمدية
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2011-11-05, 12:32:52
السادس من ذي الحجة

- تعالي معنا غدا لنحضر جلسة الحاجة فلانة.... إنها من أهل الله..
- من أهل الله؟
- من الذين إذا رؤوا ذُكر الله..
- حسن... إن شاء الله

وعندما رأيتها فهمت ما يقصدن....
كان يكفي أن تحتسي بضع قطرات من الماء البارد، ثم تقول:
"الحمد لله... الحمد لله...الحمد لله..
احمدن الله يا حبيباتي على نعمة الماء البارد..
احمدن الله على نعمة الستر... ونعمة العافية..
احمدن الله....
سبحانك... سبحانك يا ألله.."

كلمات كلنا نعرفها... ونرددها... لكنها عندما تقولها تهتز لها القلوب، وتنهمر لها الدموع...
لماذا؟
إنه الصدق
اللهم حققنا بالصدق
اللهم دلنا عليك... ودلنا على من يدلنا عليك...
ودلنا على عمل صالح يقربنا إليك
العنوان: رد: نفحات عطرية من الروضة المحمدية
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2011-11-05, 12:36:22
السابع من ذي الحجة 1425 هـ:


اذهبي يا ابنتي إلى حضرة النبي صلى الله عليه وسلم وأنت متجردة..
لا تأخذي الكثير من المتاع
لا تفكري بالسوق
لا تشغلي بالك بالهدايا التي ستشترينها من هناك..
عودي لبلدك واشتري لهم ما تشائين..
اذهبي إلى هناك بكُـلِّـيتك..
وعندما تدخلين المسجد احملي كل همومك وأفكارك ومشاغلك هكذا... وارمي بها وراء ظهرك هكذا..
وأقبلي على الله بكل قلبك..

ولا تجلسي بقرب أحد من العرب...
ابتعدي عنهم..
ابحثي عن الماليزيين أو الأندونيسيين أو الهنود أو غيرهم من الأعاجم.. واحشري نفسك بينهم..
حتى لا يشغلنك أي حديث أو سلام أو كلام عما أنت فيه..

والتزمي الأدب في حضرة الرسول صلى الله عليه وسلم
إياك أن ترفعي صوتك..
إياك ثم إياك أن تلتفتي

ولا تعترضي

لا تقولي: لماذا يقف الرجال في المواجهة، ولا يُسمح لنا أن نقف إلا ناحية الأقدام؟
أوَ تطولين أن تقفي عند أقدام الحبيب الشريفة؟
صلى الله عليك يا سيد الخلق.
احمدي الله على هذه النعمة
قفي حيث أوقفك الله
وارضي بما قسمه لك الله
كله بأمره
كله بأمره
سبحانك... سبحانك يا ألله

وتأدبي...
تأدبي...

واذهبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم متجردة..

تخيلي أنك واحدة من المؤمنات المهاجرات، اللاتي تركن الأوطان والأموال وهاجرن إلى الله ورسوله..

اتركي كل شيء وراء ظهرك....

ليُقال لك: ربح البيع

ربح البيع.

--------------------

اللهم يا نور النور
يا عالما ما في الطوايا والصدور
نجنا يا مولانا برحمتك من الظلمات إلى النور
واجعل لنا من حبك تجارة لا تبور
يا مغيث من في البحور
-----------------
- أستودعكن الله يا أخواتي
- من ستذهب للحج؟
- لا تنسينا من دعواتك
- من ستزور الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم؟
- لا تنسينا من دعائك
- من ستبقى؟
- عسى الله أن يرزقك زيارة قريبة، ويعوضك خيرا
- لا تنسينا من دعواتك
- نستودعكم الله.
--------------------------
إلى الحبيب خذوني
إلى حيث نور عيوني
إلى المختار
حيث الأنوار
وهناك دعوني... دعوني
العنوان: رد: نفحات عطرية من الروضة المحمدية
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2011-11-05, 12:41:49
الثلاثاء/ الثامن من ذي الحجة.... يوم التروية

السيارة تنهب بنا الطريق
يا لهذه الصحراء المترامية الأطراف
أهذا هو طريق الهجرة؟
أهذا هو الطريق الذي قطعه الصحابة رضوان الله عليهم حفاة متجردين راجلين؟....
رضي الله عنكم يا أصحاب رسول الله
وصلى الله عليك يا سيدي يا رسول الله
ليتنا كنا مهاجرين فعلا..
الناس اليوم تهاجر من دار الإسلام إلى دار الكفر والفسوق، بعضهم هربا من الظلم والقهر، وهؤلاء لهم الله، وبعضهم طمعا في الدنيا، فهجرتهم إلى ما هاجروا إليه....
ليتنا كنا مهاجرين فعلا.... إلى الله ورسوله
نترك الدنيا وراء ظهورنا... ونجاور هناك...
يااااااااااااااااااااااه.......
يا له من حلم جميل...
-------------------

- ماما.... نريد أن نشتري خمارا وعباءة من المدينة..
- ماما... أريد أن أشتري كذا وكذا من المدينة...
- ماما...
وابتسمت.ُ..
لا يا أبنائي الأعزاء....
لم أحضر معي ولا قرشا
لن أشتري شيئا....
لقد قيل لي أن أذهب متجردة...

- هه.... بدأت ماما حركاتها...
- ونهرهم الأب: تأدبوا يا أولاد..

-   أبتسم... وأتابع مع الأنشودة الجميلة..

يا إلهي عبدك العاصي أتى ............. بذنوب هل له من توبة
يطرق الأبواب يبكي ندما............. سوء أيام مضت في الخيبة
ظنه فيك إلهي راحما ............. فافتح الأبواب رب العزة
كم ينادي في السويدا ضارعا ............. يا إلهي يا مقيل العثرة
فاقبل العبد وثبت قلبه ............. واهده يا رب درب الجنة
لا تخيب يا رحيما ظنه ............. لا تدعه رهن تيه الحيرة
مًنْ مجيري من ذنوب عظمت ............. من نصيري في خضم الأزمة
ليس لي إلاك يهدي حيرتي ............. ليس لي إلاك يمحو زلتي
يا إلهي عبدك العاصي أتى............. بذنوب هل له من توبة
ظنه فيك إلهي راحما
ظنه فيك إلهي راحما
ظنه فيك إلهي راحما

العنوان: رد: نفحات عطرية من الروضة المحمدية
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2011-11-05, 12:48:47
الأربعاء... التاسع من ذي الحجة.... يوم الوقوف بعرفات
أعظم يوم من أيام العام.

أخطو بخطوات سريعة نحو الحرم...
وتتسارع ضربات قلبي، وتتلاحق أنفاسي...
السلام عليك يا سيدي يا رسول الله...
وأصلي وأسلم على النبي طوال الطريق، وما فتر لساني عن الصلاة والسلام عليه طوال رحلة السفر...
وأدخل المسجد..
أحب مكان في الدنيا إلى قلبي..
ركعتين تحية المسجد..
سنة الظهر القبلية
صلاة الظهر
سنة الظهر البعدية
ويفتح باب الزيارة...........
وندخل المسجد القديم

الصلاة والسلام عليك يا سيدي يا رسول الله...
وأقترب... أقترب..... أقترب منك أيها الحبيب الأعظم...

الصلاة والسلام عليك يا خير خلق الله...
الصلاة والسلام عليك يا من بك يرحمنا الله...

حواجز.... حواجز....

- ماذا؟.... هل الزيارة مقفلة يا أختي؟...
- ها هي الروضة أمامك مفتوحة... ادخلي وصلي....
وأفهم المقصود.... ويوشك قلبي أن ينخلع من بين أضلعي... وتفر الدموع من عينيّ رغما عني...
وأقول في محاولة يائسة:
- ولكن.... ألن نزور المقام الشريف؟....
- لعن الله زوارات القبور!.....

حسبي الله ونعم الوكيل.... ولكن هذا الحديث منسوخ... يا إلهي.....
{لا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج}

تأدبي ولا تعترضي... قفي حيثما يوقفك الله.... كله بأمره...
واحمدي الله أنك وصلت لهنا...
وهل تستحقين أكثر من هذا؟
ألا يكفيك هذا النعيم؟

الحمد لله... الحمد لله... الحمد لله...

وأشق طريقي بلطف وسط أمواج النساء المتلاطمة باتجاه الروضة الشريفة...
عمود واحد فقط من الروضة هو المفتوح للنساء...

لا تعترضي..

يا إلهي.... نساء أتين من أقاصي الأرض، ومن كل مكان...
لقد صليت في الروضة الشريفة مرارا قبل ذلك.... فلماذا أزاحمهن، وأحرمهن من فرصة الصلاة هنا، خاصة أن وقت الزيارة محدود وقصير جدا...

وتراجعت إلى حيث كان الحصى...
تحت المظلات البيضاء....
إلى اليسار من هذا المكان، وخلف الحائط الأحمر، كان مصلى النساء قديما...
هناك كنت أجلس مع والدتي –حفظها الله- (معلمتي الأولى في مدرسة حب الحبيب)، وأختيّ، نصلي ونقرأ القرآن... فقد سن لنا والدنا سنة حسنة، أن ننجز ختمة كاملة في المسجد، مهما كانت زيارتنا قصيرة، ولا زلنا مستمسكين بهذا إلى الآن...
نقرأ وننظر في الساعة وننتظر .... ننتظر أن يفتح لنا باب الزيارة....
يااااااااااااااااه

كم كان ذلك المكان قريبا... وكم كنا نراه بعيدا....
لقد صارت الصلاة فيه الآن بالنسبة للنساء أمنية وحلما....

وتحت المظلات البيضاء المتحركة، كان الحصى...
وكان مسافة فاصلة بين مصلى النساء ومصلى الرجال...
وكان الرجال يصلون فيه إذا اكتظ المسجد، وما كان يظلهم شيء إلا السماء الصافية...
يا لشريط الذكريات...

جلست هناك ورأيتها....
تتلألأ بالأنوار..
وتشع بالضياء
كم تغزل بها الشعراء
وكم اشتاق لها المحبون والعشاق...

إنها القبة الخضراء....

إنها ليست قبة من قباب المسجد، بل هي قبة مبنية فوق قبر رسول االله صلى الله عليه وسلم...

وجلست أتأملها... وأبكي... أبكي ...... أبكي شوقا وحبا ولوعة...
أبكي خجلا وندما وحسرة...
أبكي على عهود قطعتها ثم أخلفتها...
أبكي على وعود أعطيتها ثم نكثت بها...
أبكي على ذنوب تبت عنها، ثم عدت إليها....
أبكي على قسوة قلبي، وقلة همتي، وعجزي وكسلي وتقصيري....

أبكي وأبكي...
وأدعو ...وأدعو...

اللهم اجعلني من أحبابك
ولا تطردني عن أبوابك..


اللهم يا من حرمتنا من صحبة حبيبك محمد في الدنيا...
لا تحرمنا من رؤيته في الآخرة...
اللهم وفقنا للمثول بين يديه
وتقبيل قدميه
واسقنا من يمينه الطاهرة الشريفة شربة هنيئة لا نظمأ بعدها أبدا...

اللهم إنا نشهدك أنه قد أدى الأمانة، وبلغ الرسالة، ونصح الأمة...
فاجزه اللهم عنا خير ما جزيت نبيا عن أمته..

اشتقنا يا ربي اشتقنا
لمحمد كامل المعنى
فهو من النار بينقذنا
إلهي ربي تطعمنا..... والله اشتقنا


اشتقنا لميّة زمزم
يللي حواليها بنتلملم
شربتها بتشفي من الآلام
إلهي ربي تطعمنا... والله اشتقنا

اشتقنا لطلعة عرفة
ولمنى ولمزدلفة
اشتقنا للصفا والمروة
إلهي ربي تطعمنا.... والله اشتقنا

اشتقنا لأرض المدينة
يللي ساكنها نبينا
يا ما كانت حلوة ليالينا
إلهي ربي تطعمنا.... والله اشتقنا



يا حبيبي يا رسول الله
يا حبيبي يا حبيب الله
يا حبيبي يا إمام المرسلين
يا حبيبي يا شفيع المذنبين

اللهم شفعه فينا
اللهم شفع فينا حبيبك محمدا

اللهم صل قلوبنا بقلبه........
يا رب صل قلوبنا بقلبه... يا كريم

الصلاة والسلام عليك يا سيدي يا رسول الله...


العنوان: رد: نفحات عطرية من الروضة المحمدية
أرسل بواسطة: Al-Muslim في 2011-11-05, 15:50:44
ما زلت أذكر تماماً يوم قرأتها أول مرة، وما زلت أذكر كيف أثرت بي، وإنها لصدقها لا زالت تحتفظ بأثرها طيلة هذه السنين.
العنوان: رد: نفحات عطرية من الروضة المحمدية
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2011-11-08, 11:33:25
ما زلت أذكر تماماً يوم قرأتها أول مرة، وما زلت أذكر كيف أثرت بي، وإنها لصدقها لا زالت تحتفظ بأثرها طيلة هذه السنين.

جزاك  الله خيرا يا أخي....
سبحان الله... تلك هي النفحات
تكون عطاء من الله سبحانه ووتعالى، يحلق به الانسان في اجواء قدسية... ما كان له ان يصلها ابدا باجتهاده وعمله.. ولكنه كرم الله وعطاؤه .. ثم يبقى الانسان يتوق لاستعادة تلك النفحات عمره.. فهل يدركها؟؟


كنت أنوي ان اعيد ننشر تلك النفحات يوميا، لتقارن أيامها أيامنا... لكن قدر الله ان ينتهياشتراكنا بالنت، ولم نستطع -لبعض الظروف- استعادته الا اليوم... فقدر الله وما شاء فعل

كل عام وأنتم بخير
العنوان: رد: نفحات عطرية من الروضة المحمدية
أرسل بواسطة: أحمـد في 2011-11-08, 11:36:06
بسم الله

لا زلت أذكرها أنا أيضا

وكيف أثرت بي

جزاكم الله خيرا وجعلها وكل مقال لكم في ميزان حسناتكم
العنوان: رد: نفحات عطرية من الروضة المحمدية
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2011-11-08, 11:37:38
الخميس/ العاشر من ذي الحجة ... يوم النحر
أول أيام عيد الأضحى.... الله أكبر

- هيا يا عمر... البس ثيابك الجديدة.... وأنت يا عبد الهادي، ارتدِ القميص الذي أحضرته لك خالتك...
- ماما... ماما... لم أحضر ثيابا جديدة...
واخجلتاه.... في غمرة الفرحة بالقدوم على الحبيب صلى الله عليه وسلم، نسيت أمر العيد تماما، ولم أفكر في إحضار الثياب الجديدة لأولادي..
- لا بأس يا ابنتي... ارتدي أفضل ما عندك من ثياب، فليس من الضروري أن تكون جديدة..

جلسنا بعد الفجر هذه المرة، لا لننتظر أن يسمح لنا بالزيارة... بل انتظارا لصلاة العيد..
واكتظ المسجد بأفواج المصلين والمصليات والأطفال....
وكم كان طريفا أن ترى الأطفال في هذا اليوم بالذات بثيابهم الجديدة اللامعة....
ثياب هندية لأطفال الهنود.... وحبشية لأطفال الحبشة.... وحجازية تقليدية لأطفال الحجاز....
ووو..... أشكالا وألوانا...
مؤتمر طفولي إسلامي عالمي...
والبسمة تعلو وجوه الجميع...

لم نقرأ قرآنا في هذا اليوم... فالتكبير الآن أولى
وجلست أكبر...
وبين آونة وأخرى يعلو صوت تكبيرة من الميكرفون... فتلتقطها آذاننا بشغف، ونكبر وراءها...

قال لي عمي:
- هل سمعت تكبيرنا؟
- لا!... لم أسمع إلا تكبيرة بين كل آونة وأخرى...
- لكننا في الروضة الشريفة كبرنا تكبيرات شامية على أصولها... وضج المسجد بالتكبير...

لكن المسجد مع توسعته صار أكبر من أن يضج بتكبير بضعة أو عشرات الأفراد...
أبعاده صارت مترامية...
ونحن في مصلى النساء القصي، ما كنا نسمع إلا ما يجود علينا به الميكرفون بين آن وآخر...
كنت أكبر وأنا أفكر في إخوتي الحجاج ... ترى أين وصلوا الآن...

لقد رمى المتعجل منهم جمرة العقبة بعد منتصف ليلة أمس، وتحلل من إحرامه، ثم أفاض إلى مكة ليطوف طواف الحج.... لا شك أنهم نائمون الآن، بعد أن صلوا الفجر.... فلا صلاة عيد على الحجاج... بعضهم عاد لمنزله... وبعضهم عاد لخيمته...
ياااااااااااااااااااه ما أهنأهم.... ضيوف الرحمن...

ونحن هنا ضيوف رسول الله صلى الله عليه وسلم
اللهم اغفر لنا أجمعين
وأعتق رقابنا من النار كما أعتقتهم... يا رحيم يا رحمن...

- الصلاة جامعة...

وقمنا لصلاة العيد
وهنا... ارتجت جنبات المسجد بالتكبير
وارتجت القلوب...
يا إلهي....
أول صلاة عيد في الوجود أقيمت هنا...
في هذا المسجد المبارك
الله أكبر.... الله أكبر
وكان الإمام هو الرسول صلى الله عليه وسلم
وكان المأمومون هم صحابته... رضوان الله عليهم..

صلاة العيد في المسجد النبوي الشريف لها طعم آخر
وتجليات أخرى..

وتراءت أمام ناظري الصور متلاحقة...

الله أكبر.. الله أكبر... لا إله إلا الله
الله أكبر.. الله أكبر... ولله الحمد

الله أكبر كبيرا... والحمد لله كثيرا... وسبحان الله وبحمده بكرة واصيلا
لا إله إلا الله وحده
صدق وعده
ونصر عبده
وأعز جنده
وهزم الأحزاب وحده

وتراءت لناظري صور الجيش الظافر وهي تدخل مكة المكرمة منطلقة من هنا...
من هذا المسجد العظيم... حيث كانت تعقد كل الألوية...
انطلقت لتزيل الشرك وتحطم الطاغوت، وتدك صرح الوثنية، وتنشر النور، وتعلي كلمة التوحيد...
هؤلاء المهاجرون الهاربون المطاردون...
الحفاة العراة الخائفون...
أبدل الله خوفهم أمنا، وفقرهم غنى، وضعفهم قوة، وهوانهم عزة وانتصارا...
دخلوا معقل الكفر يدكونه دكا بصيحة الله أكبر...
وهزم الله الأحزاب وحده...

صدقوه الإيمان والطاعة... فأنجز لهم وعده..

فاصدقوه يا مسلمين
اصدقوه يا مؤمنين.... لينجز لكم وعده
ويهزم لكم الأحزاب وحده
فلا شيء قبله ولا شيء بعده....

العنوان: رد: نفحات عطرية من الروضة المحمدية
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2011-11-08, 11:40:28
سبحان الله العظيم

كما كتبتها في حينها

وكانت أمتنا تبدو للناظرين وقد ارتضت الذل والهوان، وخنعت لواقعها المرير
وإذا بها بركان يمور ويتحرك تحت الأرض يستجمع قوته ليثور
وها قد ثار

وسينصر الله جنده.. وسيهزم الاحزاب وحده .. فلا شيء قبله ولا شيء بعده
فلنحسن التوكل عليه... والظن به.. ولننصره لنستحق نصره

العنوان: رد: نفحات عطرية من الروضة المحمدية
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2011-11-08, 11:41:29
بسم الله

لا زلت أذكرها أنا أيضا

وكيف أثرت بي

جزاكم الله خيرا وجعلها وكل مقال لكم في ميزان حسناتكم

 emo (30):

نعم... سبحان الله
وجزاك الله خيرا يا أحمد وجعلك من أحبابه

العنوان: رد: نفحات عطرية من الروضة المحمدية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-11-08, 12:10:47
وطبعا أنا أيضا أذكرها، وأذكر تأثيرها ....

أما هذه وشبيهاتها القديمة أي في عهد ما قبل الثورة ، فكم بتّ أقارنها بيومنا، وكم بت أسقطها على ما هو حال يومنا

الخميس/ العاشر من ذي الحجة ... يوم النحر
أول أيام عيد الأضحى.... الله أكبر

وتراءت لناظري صور الجيش الظافر وهي تدخل مكة المكرمة منطلقة من هنا...
من هذا المسجد العظيم... حيث كانت تعقد كل الألوية...
انطلقت لتزيل الشرك وتحطم الطاغوت، وتدك صرح الوثنية، وتنشر النور، وتعلي كلمة التوحيد...
هؤلاء المهاجرون الهاربون المطاردون...
الحفاة العراة الخائفون...
أبدل الله خوفهم أمنا، وفقرهم غنى، وضعفهم قوة، وهوانهم عزة وانتصارا...
دخلوا معقل الكفر يدكونه دكا بصيحة الله أكبر...
وهزم الله الأحزاب وحده...

صدقوه الإيمان والطاعة... فأنجز لهم وعده..



البارحة تأملت كلمات لشيخنا الغالي الغزالي رحمه الله في "حصاد الغرور" :

هل أمام العرب من منفذ نجاة ؟
نعم، بل منافذ رحبة
يوم يعالجون عللهم من أصولها، ويوم ينسجون أنفسهم وأحوالهم الداخلية على المنوال الذي نسج عليه الأسلاف العظام

أو وهو يقول :

عندما أشعر بأن حلقات الحصار تضيق حول الإسلام، وأن مكاسب عدائه تكثر على مر الأيام أتساءل : هل وعى تاريخنا الطويل أحوالا في مثل هذه القساوة والخباثة ؟
وأتردد في الجواب قليلا !!
لقد سقطت الدولة الإسلامية، وناوشها الأعداء من الشرق والغرب، واحتلوا عواصمها، وألحقوا بها أفدح الخسائر...ومع ذلك نهضت من عثرتها واستأنفت المسير، فلمَ لا تكون ظروف اليوم كظروف الأمس ؟
وأقول لنفسي : لعلّ

ولم  يعش لأيامنا، ولكنه لم يكن يائسا بحال من الأحوال، ولله الحم والمنة


العنوان: رد: نفحات عطرية من الروضة المحمدية
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2011-11-09, 10:15:49
شكرا لك يا أسماء على هذه الاضافة المميزة
العنوان: رد: نفحات عطرية من الروضة المحمدية
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2011-11-09, 10:28:16
الخميس/ العاشر من ذي الحجة ... يوم النحر

أول أيام عيد الأضحى.... الله أكبر

لم يكن هناك مجال للزيارة بعد صلاة العيد، فقد صدرت لنا الأوامر المشددة يومها بالعودة المباشرة لتناول طعام الإفطار مع العائلة (المكونة من أربع أسر) لأول أيام العيد...

كان الأمر أشبه بعيد الفطر، فمعظم أفراد العائلة كانوا قد صاموا جميع أيام العشر، بل إن منهم من لم يفطر حتى في يوم السفر...

وبعد إتمام هذا الواجب العائلي....... تحررنا....

وانطلقنا كلٌ في اتجاه...

الرجال للنوم، فقد زاروا وانتهى موضوعهم... (لا حسد والله)
والأطفال للتمشية مع أبناء عمومتهم في الأسواق....
والنساء للمسجد للزيارة....

كل واحدة بمفردها...

الآن نعيِّد حقا........... هذا هو العيد الحقيقي....
الآن نلقى الأحبه.... محمدا وصحبه

وكان الزحام لا يوصف... وكأن جميع أهل الحجاز والمقيمين فيه، ممن تخلفوا عن الحج، قد أتوا ليعوضوا ذلك بزيارة الحبيب صلى الله عليه وسلم...

يا خير من دفنت بالقاع أعظمه
فطاب من طيبهن القاع والأكم
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه
فيه العفاف وفيه الجود والكرم

وكانت الصلاة في الروضة في ذلك اليوم حلما من الأحلام...
وجلست في نفس مكاني بالأمس، وصليت ما شاء لي ربي... ودعوت...

أما أختي، فقد وقفت في الزحام، واختفت عن ناظري..

ومر الوقت سريعا... أشبه بنسمة لطيفة شذية، أو حلم وردي جميل...
واستيقظت على تصفيق إحدى المطوعات، وهي تقول:
هيا يا أختي، هذا مصلى الرجال... هيا إلى مصلى النساء...
فأشرت لها أن تسمح لي بإكمال تلاوة الجزء الذي أتلوه...
قالت: الثواب واحد يا أختي، هنا وفي مصلى النساء... لا فرق..
فتنهدت تنهيدة عميقة حملتها كل ما في قلبي من أسى وحسرة وشوق ولهفة....
- لكن يا أختي الحال هنا مختلف... أنوار القرب من الرسول صلى الله عليه وسلم وتجلياتها هنا مختلفة...
وابتسمتُ لها، وابتسمتْ لي.... لست أدري إن كانت قد فهمتني...
يقولون إن شدة القرب حجاب...
أسأل الله تعالى أت يفتح قلوبهم وقلوبهن ليستشعروا نعيم القرب الذي أكرمهم الله به وهم لا يشعرون...
سبحان الله... له في خلقه شؤون..


قالت لي أختي وقد اجتمعنا في طريق الخروج:
- هل صليت في الروضة؟
- لا... الزحام شديد جدا... وفكرت أن أعطي مكاني للآفاقيات، فهن أولى مني بذلك...
نظرت لي أختي بطرف عينها، وقالت:
- لم يكن هذا أسلوبك في التفكير، وكنت لا يعجبك كلام الشيخ علي الطنطاوي بهذا الصدد..
- نعم... ولكن... الوقت قصير جدا... فكرت أن أستغله كله، بدلا من أن أضيعه في الانتظار...
- بالعكس يا أختي.. لقد نظم المسؤولون هذه المرة نظاما جيدا جدا، جزاهم الله خيرا، فقد جعلوا الدخول للروضة من مكان، والخروج من مكان مختلف، أترين هذا الزحام الشديد، لو وقفت بهدوء وصبرت، لرأيت أنهم يدخلون فوجا، ويتركونه ليصلي ركعتين أو أربعا، ثم يأمرونهم بالخروج من المكان المخصص، ثم يسمحون للفوج الذي يليه بالدخول، وهكذا... وبالصبر قليلا، تدخلين الروضة بمنتهى الهدوء...
- أحقا؟!...
كم تحسرت على نفسي وما فاتني... وتذكرت حديث الرسول صلى الله عليه وسلم:
"بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس إذ أقبل ثلاثة نفر ، فأما أحدهما فوجد فرجة في الحلقة فدخل فيها ، وأما الآخر فجلس وراء الناس ، وأدبر الثالث ذاهبا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا أنبئكم بخبر الثلاثة ؟ أما الأول فآوى إلى الله فآواه الله ، وأما الثاني فاستحيا فاستحيا الله منه ، وأما الثالث فأعرض فأعرض الله عنه"
صحيح/ ابن كثير /تفسير القرآن 8/73
نسأل الله أن يؤوينا إليه، وألا يجعلنا من المعرضين..

سبحان الله... حفظة القرآن لهم أحوال مختلفة...
وأختي هذه –تصغرني بست سنوات- حفظت القرآن الكريم ولما تنهِ بعد المرحلة الإعدادية، ثم أعادته ثلاث مرات، وفي الرابعة حصلت على إجازة القرآن الكريم، وكان احتفالنا بنيلها الإجازة، في نفس يوم احتفالنا بخطوبتها، وكان أن أثنت عليها أستاذتها، ولفتت نظر صديقاتها إلى أننا نحتفل كل يوم بخطبة فتاة أو زفافها، لكننا لا نحتفل كل يوم بحصول مسلمة على إجازة في القرآن الكريم، فهذا هو الحفل الحقيقي، وهذه هي السعادة الكبرى...
وأختي هذه تعمل الآن في تعليم القرآن، وابنها الذي لم يبلغ السابعة من عمره قد حفظ –ما شاء الله- ثلاثة أجزاء من القرآن...
فكم تحفظون يا إخوتي؟
وكم يحفظ أبناؤكم؟

بارك الله لها وبلغنا...
بلغنا جميعا يا إخوتي في الهدف...
بلغنا جميعا..

العنوان: رد: نفحات عطرية من الروضة المحمدية
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2011-11-09, 10:40:38
طبعا هذا كان في حينه
الأن كبر ابناء أختي، ابنها الكبير يبلغ من العمر 16 عاما، والاوسط 14 عاما، وكلاهما حفظ القرآن الكريم كاملا.... ما شاء الله

عقبالنا  emo (30):
العنوان: رد: نفحات عطرية من الروضة المحمدية
أرسل بواسطة: حلم في 2011-11-09, 11:32:43
اللهم اكتب لنا حج بيتك الحرام وزيارة النبي عليه أفضل الصلاة والسلام واجعل خير أيامنا يوم لقاك ...

حاسة كل حرف بتكتبيه يا هادية  .

جزاك الله خيراً.
العنوان: رد: نفحات عطرية من الروضة المحمدية
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-11-09, 11:36:54
الله! ما أجمل هذه المفاجأة!
العنوان: رد: نفحات عطرية من الروضة المحمدية
أرسل بواسطة: حلم في 2011-11-09, 11:38:04
على فكرة يا هادية  ، في موضوعات كتيرة هنا خسارة تقف عند حدود المنتدى وبس  ..

شوفوا لكم حل   :emoti_17:

=======


الجمعة / الحادي عشر من ذي الحجة  emot (3):
العنوان: رد: نفحات عطرية من الروضة المحمدية
أرسل بواسطة: أم يوسـف في 2011-11-09, 17:30:46
جزاك الله خيرا يا أم عبد الهادي على إعادة النشر

قرأتها أنا أيضا في وقتها وحفظتها على جهازي

لا أكاد أصدق أنه قد مر 7 سنوات على نشرها لأول مرة وكأني قرأتها بالأمس و تأثيرها ما يزال باقي
العنوان: رد: نفحات عطرية من الروضة المحمدية
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2011-11-09, 22:13:40
الله! ما أجمل هذه المفاجأة!

الحمد لله أنها اعجبتك يا عبد الرؤوف... وجزاك الله خيرا فقد شجعتني على إعادة نشرها


اللهم اكتب لنا حج بيتك الحرام وزيارة النبي عليه أفضل الصلاة والسلام واجعل خير أيامنا يوم لقاك ...

حاسة كل حرف بتكتبيه يا هادية  .

جزاك الله خيراً.


آمين آمين

شكرا لك يا حلم..

جزاك الله خيرا يا أم عبد الهادي على إعادة النشر

قرأتها أنا أيضا في وقتها وحفظتها على جهازي

لا أكاد أصدق أنه قد مر 7 سنوات على نشرها لأول مرة وكأني قرأتها بالأمس و تأثيرها ما يزال باقي

وأنا أيضا لم أصدق عندما طالعت تاريخها يا أم يوسف... سبحان الله
نسأل الله ان يبارك في اعمارنا بما يحبه ويرضاه، وأن يجعلنا في زيادة لا نقصان



العنوان: رد: نفحات عطرية من الروضة المحمدية
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-11-10, 12:05:31
نزلت الطائرة إلى الأراضي الحجازية......... في مطار مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم.........

وأخذتنا الحافلة إلى قلب المدينة........

الشوارع بسيطة....... والبنيان عال........ والوجوه بيض وحمر وغرابيب سود.........

إنّها المدينة المنوّرة........ لعلّ القدم على القدم.........

-المسجد يا أبي!

لاح لنا مسجد الرسول نورًا....... ومناراته أصابع مرفوعة بالتوحيد لرب السماء..........

والقبّة الخضراء........ حيث رسول الله قائم يصلّي في قبره....... يردّ السلام على المسلمين...... ويدعو الله لهم.....

والشيخان....... رضي الله عنهما..... دون قبره الشريف........ في حجرة أمّ المؤمنين عائشة........ ومن ورائها بيت فاطمة ريحانة رسول الله....... وعليّ أخيه.......

ها هنا مصلّاه الشريف.......... وهناك سريره......... هذه أسطوانة عائشة....... وتلك أسطوانة أبي لبابة.......... وثالثة لقي رسول الله وفود العرب دونها فبايعهم...........

وبعيد خطوات بقيع الغرقد............ حيث ينام الصحابة وجيران الرسول.......... ويطير الحمام...... ويحط الحمام........ وتطير الذكرى...... وتحط الذكرى.........

السلام عليك يا رسول الله.........

(يا خير من دفنتْ بالقاع أعظمه...... فطاب من طيبهن القاع والأكم.......... نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه........ فيه العفاف وفيه الجود والكرم)
العنوان: رد: نفحات عطرية من الروضة المحمدية
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2011-11-10, 12:52:09
شكرا لك على المشاركة الجميلة يا عبد الرؤوف

سبحان الله... كم هي زيارة ملهمة..  وكم تتنوع اساليب التعبير عنها بتنوع آثارها على كل قلب  emo (30):
العنوان: رد: نفحات عطرية من الروضة المحمدية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-11-10, 13:58:56
عطركما الله من أريج الروضة المحمدية كما عطّرتمانا منها هادية وعبد الرؤوف .....

----------------------

وهذه كلمات كتبتها ذات يوم بعد عودتي من هناك  emo (30):

----------------------

طيبة .............الحبيبة طيبة وهل مثل طيبة ؟؟

وهل مثل ما تستشعره بطيبة...... تلك المدينة التي نورها الحبيب بطلعته عليها بدرا منيرا ، ... كل من زارها أسأله هل رأيت فيها ما رأيت ؟؟ هل استشعرت فيها ما استشعرت ؟؟

تستشعر فيها حنانا ومحبة ورأفة تغمرك أينما ذهبت فيها وحيثما يممت ...

وأنت تصلي بالمسجد النبوي ، وأنت قبالة مقام الحبيب صلى الله عليه وسلم ، وأنت تزور موقعة أحد وأنت ترمق جبل أحد بعين المحب ... وأنت تسمع الصخور وهي تحدث منبعثة بأريج البطولة والثبات والرجولة الفذة

وأنت يعزّ عليك أن تطأ التراب الذي وطأته قدماه الشريفتان ، وددت لو تحتضنه وتقبله حبة حبة لا أن تطأه بأقدامك !!!

وأنت تسير بشوارعها وأنت بغرفة الفندق المجاور لمسجده الحبيب حيث قبره والقبة الخضراء ، تطل من نافذة الغرفة تذكّر نفسك وتؤكد لها أنكِ يا

نفس في قلب الحقيقة ولست غارقة ببحر أحلام وردية وأن عينك اليوم عين يقين
وتستمدّ من إطلالتك تلك أنوارا تستنشقها هواء لروحك أن يا نفس إنك بجوار الحبيب تصبحين وتمسين فتنام وملء جفونك جواره وقربه

من تلك النافذة تطل العين ، تسلم عليه من بعيد كما سلمت عليه من قريب وأنت أمامه والعين تجود والقلب يحلق والمُهَج حبا تترقرق، وتخال نفسك بحضرته في كل ركن وكأنك بين يديه ، فتغض من الصوت وتحترم ، وتطأطئ الرأس إجلالا وحبا

في كل زاوية من تلك المدينة المنورة التي ما تزال تستمد أنوارها منه ميتا كما استمدتها منه حيا ...

أجل هذا ما كان خلاصة السبب من ذلك الذي كان فيها وحدها ميزها دون غيرها من بقاع الأرض ، جو من حب وحنان ورحمة محمدية غمامة تعمر تلك السماء وتغمرها وتظلل تلك الأرض الحبيبة.....(لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ) (التوبة:128)
كم وكم وكم تستشعر السكينة والهدوء يظلّان المدينة بأكملها ، فتمر السيارات وكأنها بلا أصوات ، ويمشي الناس وكأنهم أمضوا معاهدة الهدوء والسكينة فما تخلفوا وما أخلفوا ...
سبحان الله وكيف لا تكون تلك مدينة أشع فيها نوره حيا كما يشع فيها ميتا

واعذروني إخوتي فإنّ الذكرى عندي ما تفتأ تجد فتيلا حتى تضيئ بقلبي قنديلا ،وهل لكلماتي المسكينة أن تحدّث بخبر المدينة وأنوارها ؟؟؟!!!
لا حرم الله أحدا من أنوارها ولا حرم المشتاق الملوّع من العودة
العنوان: رد: نفحات عطرية من الروضة المحمدية
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2011-11-10, 16:06:48
آمين آمين
جزاك الله خيرا يا اسماء ؟؟؟ وكتبب لك عودة قريبة
العنوان: رد: نفحات عطرية من الروضة المحمدية
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-11-10, 16:09:04
عطركما الله من أريج الروضة المحمدية كما عطّرتمانا منها هادية وعبد الرؤوف ....

اللهمّ لا تجعلْه آخر العهد منها يا ربّ العالمين.........
العنوان: رد: نفحات عطرية من الروضة المحمدية
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2011-11-10, 23:11:20
الخميس/ العاشر من ذي الحجة ... يوم النحر

أول أيام عيد الأضحى.... صلاة الظهر

أسرعت مع ابنتيّ لصلاة الظهر
ما دمت قررت هذه المرة الانتظار والدخول للروضة الشريفة، فلأصطحب ابنتيّ معي..
ووقفنا حيث أرشدتنا أختي... وطال انتظارنا...
كان يطيب لي أن تلتقط أذني أدعية بعض من حولي، وأتعجب، كيف تتعدد اللهجات، وتتزاحم الطلبات، وتلهج الألسن بالدعوات، بلغات متخالفات، لكن الله تعالى عالم الجهر، لا تختلط عليه الأصوات ولا الدعوات، فيعطي كل ذي سؤل سؤله...

يطيب لي أن أتعلم من أحوال الناس المختلفة، منهم من يسأل للدنيا، ومنهم من يسأل للآخرة...
منهم الخاشع، ومنهم اللاهي...
منهم الباكي على خطيئته...
ومنهم الفرح المستبشر بلقاء حبيبه...

وطال الانتظار...
وبدأت النساء يتململن...
- ماما..... لا أحس أن أحدا يتحرك
- اصبري يا ابنتي........ إن الله مع الصابرين
ولأشغلها قليلا قلت لها:
أترين جموع النساء المتزاحمة هذه؟
تخيلي لو أنك الآن في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنك واقفة تنتظرين الإذن ليسمح لك بالدخول لمبايعة رسول الله....
سرحت ابنتي قليلا في كلماتي.... ثم قالت:
- وعلى ماذا أبايعه؟
- انظري أنت وفكري... على ماذا ستبايعين رسول الله...

 emo (30):


فكروا قليلا...
علام ستبايعون رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

وهل ستكونون على مستوى البيعة؟

وهل ستوفون بالبيعة؟

أم ستنقلبون على أعقابكم؟

{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ
انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ
اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ }
(آل عمران 144)

العنوان: رد: نفحات عطرية من الروضة المحمدية
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2011-11-11, 13:19:37
الخميس/ العاشر من ذي الحجة ... يوم النحر
أول أيام عيد الأضحى....صلاة العصر

صدرت التعليمات الحاسمة
- أنهوا الزيارة سريعا، وعودوا فورا إلى الفندق، لأن الوالد يريد زيارة مسجد قباء، وسنصلي العصر هناك بإذن الله..

واتجهنا نحو المسجد القديم.....
أول مسجد أسس في الإسلام
المسجد الذي امتدحه ربنا سبحانه وتعالى في محكم آياته لأنه أسس على التقوى من أول يوم: { لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ المُطَّهِّرِينَ} (التوبة 108)
ومضينا.... مقتفين آثار الأنصار والمهاجرين، وهم يهرعون إلى هناك، ليستقبلوا الحبيب المحبوب، صلوات ربي وسلامه عليه، تسبقهم قلوبهم وأرواحهم، حتى التقوا بقرة عينهم ومهجة فؤادهم...
ياااااااااااااااااااااألله..................
وطلع البدر عليهم، من ثنيات الوداع.....
واختارهم الله لنصرة خاتم أنبيائه ورسله...
وفازوا بنعيم صحبته...
وسعادة القرب منه.......
بما صدقوا الله ما عاهدوه....

قالوا: ما لنا إن نحن وفينا
قال: لكم الجنة
قالوا: رضينا... لا نقيل ولا نستقيل...

رضي الله عنهم وأرضاهم، وألحقنا بهم في عباده الصالحين..
سبحان الله....
قباء لها طابع خاص....
بيوتها القديمة، وشوارعها الضيقة، وأشجار النخيل على الجانبين، تحمل عبق الماضي وأريجه...
نسمات عليلة، وجو هادئ ساكن، لا صخب ولا ضجيج...
هدوء وسكينة وطمأنينة..
ودخلنا لنصلي ركعتين في هذا المسجد المبارك....

" من خرج حتى أتى هذا المسجد – مسجد قباء – فصلى فيه؛ كان له عدل عمرة" السلسلة الصحيحة/ الألباني/ 3446)

ثم قامت الصلاة، فصلينا صلاة العصر، ودعونا المولى جل وعلا بما فتح به علينا...

ثم انطلقنا إلى أحدُ.....

أحُد جبل يحبنا ونحبه...

ووقفنا على الرمال الدافئة الممتدة من حولنا....
وأخذت أتلفت حولي، وأجول ببصري في هذه البقعة المباركة...
ذلك هو جبل الرماة، حيث استشهد عبد الله بن جبير رضي الله عنه، ومن بقي معه من الرماة، ثابتين على الحق، مطيعين لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، حارسين لهذا الثغر حتى آخر قطرة من دمائهم الزكية، لم يلتفتوا لغنيمة ولا لمتاع، ودفعوا أرواحهم ثمنا لخطيئة إخوانهم...

وهذا هو جبل أحُد.......... الشامخ الأشم............ الحنون...
الذي ارتجف بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فقال له النبي: "اثبت أحد، فإنما عليك نبي وصديق، وشهيدان" (صحيح البخاري)

أحُد الذي تحصن به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وثبت يقاتل قتال الأنبياء، والصحابة من حوله، يفدونه بأرواحهم ومهجهم، ويتساقطون بين يديه واحدا تلو الآخر، ليموتوا وتبقى العقيدة، فما كانوا أمواتا، بل أحياء عند ربهم يرزقون..

بأبي أنت وأمي يا رسول الله
صلوات ربي وسلامه عليك يا حبيب الله

وانكشفت الغمة، وتراجع جيش الكفر والهمجية، القوي الكبير العتيد، أمام ثبات هذه الثلة المؤمنة الصابرة المرابطة، وصمودها واستماتتها...
وكفكف الصحابة رضوان ربي عليهم دموعهم ودماءهم، وهم يرون أجساد إخوانهم الذين سقطوا في ساحة الوغى...

سبعون شهيدا...
سبعون شهيدا من خيرة أهل الأرض...
مصعب بن عمير...
والهفاه عليك يا مصعب الخير...
يا أول سفير في الإسلام...

يا من دخل بفضله الإسلام إلى كل بيت من بيوت المدينة..
يا من مهدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم هذه البلدة الحبيبة، حتى صارت قلوب أهلها تهفو إليه، وتطير شوقا للقياه..

أيها الشاب الذي كان ناعما مدللا مترفا...
يا من جعله حب الله وحب رسوله يستشهد فلا يجدون ما يغطونه به إلا ثوبا إن غطى رأسه كشف عن قدميه الشريفتين الطاهرتين..
فتدمع عينا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لهذا المنظر الذي ينضح بالصدق والإخلاص... والتجرد لحب الله...


أنس بن النضر....
عم سيدنا أنس بن مالك...
استبسل واستأسد في القتال حتى أثبتته الجراح، حتى ما عرفوه من كثرة ما أصابه من طعن وضرب، إلا أخته عرفته من بنانه..

وعمرو بن الجموح، من أراد أن يخطر بعرجته في الجنة..
وعبد الله بن عمرو بن حرام، مخلفا بناته الصغيرات حملا ثقيلا ينوء به كاهل أخيهن الشاب الفقير جابر بن عبد الله

وأسد الله وأسد رسوله..حمزة بن عبد المطلب..
من كان يصول ويجول بين المشركين، يهدهم بسيفه هدا...
وقد مُزقت بطنه، وليكت كبده..
وتمعّر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يرى عمه الحبيب، وقد مَثل بجثته، وتجرأ عليه بعد موته من كانوا يهابون المرور من أمامه في حياته...

فداك أبي وأمي ونفسي وروحي يا رسول الله..

ها هو قبر حمزة رضي الله عنه..... إنه إلى يميني...
وجبل أحُد من ورائي..
وجبل الرماة من يساري..
وهنا حيث أقف دارت رحى المعركة الضارية..
ومن هناك جاءت جيوش الكفر.... وإلى هناك أدبرت...

كنت أحكي لأبنائي وأبناء عمومتهم هذه الأحداث المتلاحقة من السيرة المباركة...
درس عملي ميداني..
نستشعر جلال الموقف...
وتهب علينا النسمات العطرة الباردة، فتحيي في قلوبنا هذه الذكريات الشذية، يعطرها أريج دم الشهداء الذي اختلط بهذا التراب الطاهر...


ماذا فعلتم يا أحفاد الشهداء؟....
لقد رووا الثرى بدمائهم العطرة، وثوت أجسادهم الطاهرة هنا... تحت هذه الرمال...
لتحيا العقيدة، وترثوا الدين....

فماذا فعلتم بميراثكم؟
ماذا فعلتم بميراثكم يا أحفاد الأبطال العظماء؟...

العنوان: رد: نفحات عطرية من الروضة المحمدية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-11-11, 14:30:28
درّت أعيننا لذكرك يا حبيب .... فمتى نراك يا طبيب ؟؟

يا حبيبي يا رسول الله ... من أنا من غيرك؟؟ من أكون؟؟ ماذا أساوي وأنا لا أعرفك ؟؟..... ماذا كنت لأكون لو لم أعرفك يا حبيبي يا رسول الله ؟؟

أي نعمة هي التي عليّ سابغة أن عرفتك وعرفت رسالتك، ونطق لساني وقلبي معا، وشهدا أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله .....
ماذا أنا بلاك يا حبيبي ؟؟؟؟ يااااه لا أساوي شيئا ....لو لم أعرفك ... يااااه ما أكبر نعمة معرفتك، نعمة حبك، نعمة اتباعك، نعمة التوق إلى شفاعتك ونعمة الرجاء في ابتسامة رضى منك وسقيا من حوضك لا أظمأ بعدها أبدا..........

ما أنا وما نحن لولاك يا حبيبنا .......يا حبيب الله .................ما أنا وما نحن لولا ما علمتنا لنجتمع حوله هنا وفي كل مكان نكون فيه من الأرض  

جزاك الله خيرا كثيرا يا هادية ...... بذكرك لدرر الحبيب المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه .....

ذكرتني بتلك الأيام الحبيبة .... ذكرتين بيوم لقائي "أحد"....بشيء كتبته عنه .... لا أدري أين هو الآن ....لربما وجدته
العنوان: رد: نفحات عطرية من الروضة المحمدية
أرسل بواسطة: أحمـد في 2011-11-11, 22:45:53
جميلة تلك النفحات.. جزاكم الله عنا فيها خيرا:)
العنوان: رد: نفحات عطرية من الروضة المحمدية
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2011-11-12, 13:13:30
أسماء وأحمد
شكرا على المتابعة
بارك الله بكما
العنوان: رد: نفحات عطرية من الروضة المحمدية
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2011-11-12, 13:25:02
الخميس/ العاشر من ذي الحجة ... يوم النحر
أول أيام عيد الأضحى.... شهداء أحُد


سرنا إلى حيث ثوت أجساد هؤلاء الأبطال من شهداء أحد...


السلام عليكم دار قوم مؤمنين
أنتم السابقون، ونحن إن شاء الله بكم لاحقون
يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين
أبشروا إن الساعة آتية لا ريب فيها، وإن الله يبعث من في القبور
آنسكم الله برحمته
وجزاكم الله عن أمة الإسلام خير الجزاء
اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تفتنا بعدهم، واغفر لنا ولهم
اللهم اجمعنا معهم في مستقر رحمتك، تحت لواء نبيك وحبيبك محمد، صلى الله عليه وسلم

- ماما... نريد أن نتسلق جبل الرماة
- لا بأس، ولكن انتبهوا

ومضى الفتيان والفتيات والأطفال يتسابقون ويتنافسون في الوصول إلى القمة...
وبقيت أتجول في المكان، أتنشق عبق الذكريات، وأستحيي صور الأحداث..

وأشاهد بعيني قلبي جيش المسلمين وقد انزاح عنهم الكفار، يضمدون جراحهم، وينظرون إلى وجه نبيهم الحبيب -صلى الله عليه وسلم- وقد خضبته الدماء، وكثرت فيه الجراح...
ويستشعرون عظم ما جنته أيديهم في كشف ظهور المسلمين ومخالفتهم أوامر قائدهم الحبيب...
عادوا إلى مدينتهم بنفوس كسيرة، وأعين حسيرة، وقلوب ممزقة، كل منهم قد أودع التراب أخا حبيبا، أو صاحبا عزيزا...
عادوا وهم يتجرعون مرارة الهزيمة، وشماتة الأعداء، وفقد الأحباب، وبشاعة التمثيل بجثث إخوانهم، وحزن وألم الرسول صلى الله عليه وسلم على من فقد من أهله وأصحابه..

ونزلت آيات الذكر الحكيم، من الرب الرؤوف الرحيم، تواسي القلوب المكلومة، والأرواح المألومة:

بسم الله الرحمن الرحيم

{وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ  *
 إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ القَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ *
 وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الكَافِرِينَ *
أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ * }
(آل عمران 139-142)

من حكمة الله تعالى أن يبتليكم بالمصائب والمحن يا مسلمين، ليتخذ منكم شهداء، يحظون بهذه الرتبة العالية والمكانة الرفيعة..

وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ *
فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ *
يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ المُؤْمِنِينَ *}
(آل عمران: 169-171)

فلا تحزنوا على إخوانكم، فإنهم في حال أحلى وأجمل وأفضل من حالكم..

"إن أرواح شهداء المسلمين في حواصل طير خضر، تغدوا إلى رياض الجنة، ثم يكون مأواها إلى قناديل معلقة بالعرش، فيقول لهم الرب تبارك وتعالى: أتعلمون كرامة أفضل من كرامة أكرمتموها؟ فيقولون: لا إله إلا أنت، إنا وددنا أنك أعدت أرواحنا في أجسادنا، حتى نقاتل مرة أخرى، فنقتل في سبيلك"

ولا تتشاءموا من هذا الجبل، بل أحبوه... فقد كان السبب في نعيم سبعين من إخوانكم..
بل هو الحصن الذي احتميتم به فآواكم الله وحماكم

أحُد جبل يحبنا ونحبه

لن يستشعر أحد بهذه المحبة حتى يقف هناك... ويرى هذا الجبل العظيم.. ويستشعر روعة المكان..

أسأل الله تعالى أن يكرمكم جميعا بهذه الزيارة، فإذا وقفتم هناك، فلا تنسونا من دعواتكم الصالحة..

اللهم أنبت لنا ذرياتنا نباتا حسنا صالحا، على الوجه الذي يرضيك عنا وعنهم..
رب توفني مسلما وألحقني بالصالحين..



العنوان: رد: نفحات عطرية من الروضة المحمدية
أرسل بواسطة: سيفتاب في 2011-11-12, 16:14:46
ياااااااااه يا هادية

ما أحوجني لهذه الزيارة يا رب يسرها لي
العنوان: رد: نفحات عطرية من الروضة المحمدية
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2011-11-12, 20:07:18
ياااااااااه يا هادية

ما أحوجني لهذه الزيارة يا رب يسرها لي

آمين يا سيفتاب آمين
أسأل الله ان ييسرها لك حجا وعمرة وزيارة يفرح بها قلبك وينشرح صدرك وتقر عينك
العنوان: رد: نفحات عطرية من الروضة المحمدية
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2011-11-13, 10:49:30
يوم الجمعة/ الحادي عشر من ذي الحجة/ يوم التشريق الأول
ثاني أيام عيد الأضحى.. الله أكبر

الله أكبر الله أكبر
لا إله إلا الله
الله أكبر الله أكبر
ولله الحمد

وأسرعنا لحضور صلاة الجمعة
وكان المسجد غاصا بالمصلين.... وبالكاد وجدنا مكانا نصلي فيه، وكأن الحج كان هنا لا هناك...
وقال الخطيب: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
ورفع المؤذن النداء الثاني ليوم الجمعة...

وبدأت الخطبة...

وبدأ الشيخ علي عبد الرحمن الحذيفي –جزاه الله خيرا- بصوته الشجي يخطب في الناس، يذكرهم بنعم الله وآلائه، من مطعم طيب، ومشرب هنيء، وملبس لين، ومسكن أمين، ووطن آمن، ونعمة وافرة، ويحذرهم من أن يقابلوا النعمة بالجحود والكفران، فيحل بهم ما حل بأهل سبأ الذين بطروا نعمة ربهم وما شكروها:

{لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15)
فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ العَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ (16)
ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلاَّ الكَفُورَ (17)
وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ القُرَى الَتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ (18)
فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (19)
وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقًا مِّنَ المُؤْمِنِينَ (20)
وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِالآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (21)}
(سبأ)

فحذار حذار من بطر النعمة
حذار حذار من التململ وكثرة الشكوى وجحود الآلاء والمنن، حتى لا نستبدل بها العقوبة والنقم فـ {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}...

وتساءلت في نفسي:
ترى ما شعور الإمام وهو يقف على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، قائما مقامه؟
وما شعورنا لو كنا الآن نستمع لخطبة من شفتي الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم؟
وكيف كان المسلمون يتلقون تلك الكلمات الخالدة، كلمات الوحي المقدسة من تلك الشفاه الكريمة؟...
وكيف يصغون؟
وكيف ينصتون؟
وكيف لا تطير قلوبهم من الفرح؟
وكيف لا تذهل عقولهم من الهيام والهوى؟
وكيف تلتقط أرواحهم المتعطشة كل كلمة وكل حرف، فيحفظونها، ويطبقونها، ويعيشونها، ويبلغونها، ويحملونها أمانة في أعناقهم، يؤدونها للأجيال من ورائهم؟....
فنعم الأمانة، ونعم الأداء...
جزاهم الله عنا خير الجزاء...

فهل نسير على دربهم؟ وهل نهتدي بهديهم؟
وهل نحمل الأمانة لمن يخلفنا من أجيال؟
أم نكون من المضيعين؟
ممن خسروا الدنيا والدين؟

نعوذ بالله أن نكون من المحرومين.... أو الأشقياء المبعدين...



العنوان: رد: نفحات عطرية من الروضة المحمدية
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2011-11-14, 14:00:03
يوم الجمعة/ الحادي عشر من ذي الحجة/ 1425هـ
ثاني أيام عيد الأضحى.. الضحى

غادر أفراد عائلتنا أرض طيبة الطيبة، وتخلفنا عنهم ليوم آخر، على ان نسافر صباح السبت لنخلي المدينة للحجاج القادمين الذين فرغوا من مناسك الحج، تقبل الله منهم ورزقنا الحج مثلهم.

صدرت أوامر ولي أمرنا :
- إنني متعب اليوم، وأريد أن أظفر بقسط من النوم قبل السفر، وإلا سأتعب في قيادة السيارة، لذا أجلوا الزيارة إلى ما بعد الإفطار.
- حسنا

ولفحتنا النسمات الشتوية الباردة، وانهمرت علينا الأمطار.... أمطار الخير والبركة........ وصار الرخام في صحن المسجد زلقا للغاية، وفرشت المفارش البلاستيكية الشبكية السوداء، ووضعت الحواجز لإجبار الجميع على المشي على المفارش وحدها منعا لأي حادث أو إصابة....

دخلنا المسجد مبللين، ومكثنا حتى صلاة الضحى، ثم عدنا...
منعنا المطر من أن نفكر مجرد تفكير في مخالفة الأوامر ومحاولة الذهاب لقسم الزيارة...
عدنا إلى الفندق، وبعد الإفطار توجهنا ثانية للمسجد... لكن المشي البطيء والمطر الغزير جعلنا لا نصل إلا في العاشرة...

- أغلق باب الزيارة
- غير معقول.... لا زال الوقت مبكرا جدا!!!
- أغلق باب الزيارة.
- لا حول ولا قوة إلا بالله

ومكثنا في المسجد ساعتين ونحن نقطر ماءً... وكان لابد لنا من أن نعود لتجهيز الحقائب حتى يتسنى لنا المكث في المسجد بعد صلاة الظهر انتظارا للزيارة ولعل المطر يخف قليلا
لم يخف المطر أبدا.... بل اشتد

وأكرمنا الله تعالى بالزيارة بعد صلاة الظهر، وكان علينا أن نودع جناب الحبيب صلى الله عليه وسلم، ونستودع المكان شهادة ألا إله إلا الله.
وأنكرت قلبي الذي استمر في ضرباته بشكل عادي، وكأننا لسنا مسافرين بعد قليل، وكأنها ليست زيارتي الأخيرة لمقام الحبيب في هذه الرحلة، وكأنني لن أغيب لفترة لا يعلمها إلا الله....
استغربت من نفسي، ومع ذلك فقد دعوت ربي بما شاء لي، وأحسست أن أبواب السماء مفتحة لدعائي... دعوت لنفسي ولأسرتي ولإخوتي في الله، ولكل من أوصاني واستوصاني، ثم خرجت....
أسرعنا إلى الفندق وجهزنا أنفسنا..... ومكثنا ننتظر.....


عاد ولدي غاضبا...






عاد ولدي غاضبا...

- أرأيتم!!........ كان علينا أن نرحل بالأمس مع جدي وعمي... لقد حُبسنا هنا في المدينة...

رددت عليه مندهشة وعقلي يعمل بسرعة ويتخيل وضعنا لو كنا حُبسنا فعلا بجوار الحبيب....
يا للسعادة..
- ماذا تقول يا محمد؟
- أقول لقد انهار الجسر الموصل إلى جدة بسبب الأمطار الغزيرة، ولن نتمكن من مغادرة المدينة..
- غير معقول.... ما هذا الكلام الذي تقوله؟... ثم هناك أكثر من طريق... لو أغلق واحد فيمكننا أن نسلك الآخر.
- يا أماه...أنا كنت في صالة الاستقبال بالفندق، ووجدت أكثر من عائلة قد عادت أدراجها لتعذر السفر بسبب الأمطار.
وبدأ الأولاد يتصايحون، ويضربون كفا بكف...
- لماذا لم نغادر مع البقية؟ ماذا سنفعل الآن؟ المطر مستمر... ماذا لو مكثنا عدة أيام؟؟
- ماما لماذا تبتسمين؟.... طبعا... أنت لا يهمك أمرنا..

لم أستطع أن أتعاطف مع همومهم ومخاوفهم، ولا أن أخفي ابتسامتي التي انفرجت بها شفتاي رغما عني تعبيرا عن سعادتي بالمكوث يوما آخر أو أكثر في هذه الرحاب الطاهرة.
كان أهلنا يقولون إن الذهاب للحج والعمرة هو دعوة (عزومة) من الله عز وجل، فكيف لا أفرح أن مدد الله دعوتنا لفترة أخرى؟..

وعاد زوجي ليؤكد كلام ولدي ويقول إنه قد صدرت أوامر لجميع الفنادق ليمددوا إسكان نزلائهم حتى إشعار آخر، وأن حالة الطرق سيئة جدا، إذ انهار أحد الجسور، وامتلأت الطرق بالمجروفات الطينية بسبب السيول، وأن الأوضاع في مكة أسوأ، أما في منى فهي أسوأ بكثير... لذا لن يستطيع أحد من الحجاج أن يصل للمدينة اليوم، وعلينا أن ندعو الله لهم ليسلمهم، فقد حلت بكثير منهم وبأمتعتهم أضرار كثيرة بسبب الأمطار والسيول.

وتصايح الأولاد محتجين:

- ومتى سنعود للبيت؟ لقد تعبنا؟ ستضيع الإجازة كلها...
- احمدوا الله أننا لم نسلم الغرف بعد ولم نحبس في الطريق، نحن هنا بأتم نعمة وأمن وسلام، ويوم آخر لن يؤثر علينا... هيا ارتاحوا قليلا ثم تأهبوا لصلاة المغرب في الحرم.
العنوان: رد: نفحات عطرية من الروضة المحمدية
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2011-11-14, 23:40:05
الثاني عشر من ذي الحجة
1425هـ

كان الحرم هادئا جدا، وشبه فارغ، فقد رحل معظم الأهالي في الليلة السابقة، ولم يبق إلا من احتبس، وكنت تسمع همسات هنا وهناك، وقصصا مختلفة عمن احتبسوا بسبب المطر، وعن الأضرار التي حدثت في منى، ووو..........

كنت قد أنهيت ختمة القرآن منذ البارحة، فقررت استغلال الوقت في حفظ شيء من القرآن، ووجدتني أتوجه لسورة الأحزاب، هذه السورة الجميلة التي تتحدث عن بيت النبوة وخصوصيته، وواجب المؤمنين في توقيره وتوقير أمهات المؤمنين، والتأدب مع رسول رب العالمين صلى الله عليه وسلم، وكان لترتيل هذه السورة وتردادها لمحاولة حفظها في المسجد النبوي الشريف، وبالقرب من بيوت النبي صلى الله عليه وسلم مذاق آخر... مذاق لا يمكن للكلمات أن تصفه، ولا للقلم أن يسجله.


صلينا المغرب والعشاء وما شاء لنا ربنا...
كنت أستشعر بنعمة الله وفضله في كل ركعة وكل لحظة أمضيها بالمسجد، وكأنها صدقة قد تُصدق بها علي، وكأنها جائزة قد مُنحتها، وشعرت بسعادة لا توصف... أتراها علامة على رضا الله تعالى عني وقبوله لي؟.... ليتها تكون كذلك.


العنوان: رد: نفحات عطرية من الروضة المحمدية
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2011-11-17, 12:51:16

ليلة وصباح الأحد
13 ذي الحجة 1425هـ



ذهبنا مبكرين للتهجد....
ستكون هذه غالبا آخر ليلة لنا، إن أذن الله تعالى لنا وسافرنا، فلنغتنم كل لحظة.
كان المسجد هادئا جدا، وعدد المصلين لا يتجاوز بضعة صفوف...
وكان المطر لا زال ينهمر في الخارج، لكن بصورة أقل بكثير من الأمس...
اتفقت مع ابنتيّ على أن تكون زيارتنا ووداعنا للحبيب صلى الله عليه وسلم في الضحى.
وهكذا صلينا الفجر ثم توجهنا لقسم الزيارة ومكثنا ننتظر حتى ارتفعت شمس الضحى فصلينا، وفتح باب الزيارة، فدخلنا......


زرنا وصلينا في الروضة ووقفنا نودع وندعو.......

هذه المرة شعرت أنه وداع حقيقي..
وكاد قلبي ينخلع من بين أضلعي...

كلما قلت: الوداع يارسول الله،الوداع يا حبيب الله، اللهم لا تجعله آخر العهد بهذا المكان الطيب الطاهر، كلما نطقت بهذا أجهشت بالبكاء، وأحسست كأن سكينا تمزق قلبي...
تمنيت لو يكتب الله لي الإقامة في هذه المدينة الطيبة الطاهرة,,

بدأت ابنتاي تشدانني ....
-هيا يا أمي... حسبك هذا........ هيا سنتأخر..

ولكنني أحسست أنني متسمرة في مكاني...
كيف أترك هذه الجنة بملء إرادتي؟
كيف أبعد عن الحبيب وأرحل؟...
ودعوت الله تعالى بما فتح به علي...
وشدتني ابنتاي للخارج وأنا أبكي... وعرفت وقتها أنه كان الوداع...

{إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد}

اقرءا يا ابنتيّ هذه الآية..... اقرءاها عسى يكتب لنا المولى عز وجل عودة قريبة...

اللهم إنا نستودع هذا المكان شهادة ألا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله
اللهم إنا نشهدك أن حبيبنا محمدا قد أدى الأمانة وبلغ الرسالة ونصح الأمة، فاجزه اللهم عنا خير ما جزيت نبيا عن أمته، واجمعنا معه على الحوض الشريف، واسقنا من يده الكريمة شربة هنيئة لا نظمأ بعدها أبدا، ووفقنا اللهم لاتباع سنته ونشرها في العالمين.

العنوان: رد: نفحات عطرية من الروضة المحمدية
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2011-11-17, 12:59:50

ميلاد ُأحمدَ للحياةِ حياةُ ******* فالأرضُ ظمأى والحبيبُ فراتُ
الغيثُ والنورُ المبينُ ونفحةٌ ******* للعالمين ومنحة ٌوعِظاتُ
لما أتى هذا الوجودَ أحالَه ُ******* روضاً فألسنةُ الوجودِ شُداةُ


اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد
كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم
وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد
كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم
في العالمين إنك حميد مجيد

تمت بحمد الله
اللهم أعطنا ولا تحرمنا واكتب لنا العودة إلى أمثال امثالها
وكل من يتمنى
العنوان: رد: نفحات عطرية من الروضة المحمدية
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2014-04-07, 11:10:43
رحلتنا لمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم /
المولد النبوي الشريف، 1431هـ/2010م



سافرنا بالطائرة، انا وعبد الهادي وأمي وابي وأختي الكبرى
وسمعت بسفرنا ابنة خالتي، فحجزت معنا
ونزلنا في فندق قريب من الحرم مباشرة، ولكنه في الجانب الغربي منه، في حين أن مدخل زيارة مقام الرسول صلى الله عليه وسلم في الجانب الشرقي.. وهي مسافة كبيرة.، وقطعها مع دفع كرسي متحرك مشقة لا بأس بها ..
لم تستطع أختي الكبرى دخول المسجد الحرام لعذر شرعي، وبهذا توليت أنا أخذ أمي من وإلى المسجد والزيارة على كرسيها المتحرك، وتولى ابني عبد الهادي أمر جده كذلك..
والحمد لله، ظفرنا بدعاء كثير ورضا شعرته والله يظللني طيلة تلك الأيام، حتى أنني شعرت بخشوع وروحانية لم أكن أشعر بمثلها سابقا
كان الجو باردا لطيفا، وكانت تهب أحيانا نسمات باردة، فأتذكر قول الشاعر:
أهفو لأنفاس النسيم تعلة          ولوجه من حملت شذاه تشوفي
فلعل نار جوانحي بهبوبها       أن تنطفي، وأود ألا تنطفي
والحمد لله رب العالمين، وفقني الله تعالى للصلاة في الروضة الشريفة عدة مرات، ووفقني لختم القرآن في آخر يوم قبل سفرنا، وختمته أمام المقام الشريف وأنا أنظر إليه.
حقيقة لا أعرف كيف أصف مشاعري هذه المرة... لكنها كانت مشاعر سرور وصلة
وجدت أنك عندما تكون هناك، وتكثر من الصلاة والسلام على رسول الله بصيغة المخاطب، تشعر كأنك بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وتخاطبه، حتى أن المرء يشعر انه يريد ان ينكمش ويتوارى خجلا واستحياء من هذه الأنوار الغامرة
وأعني بالمخاطبة ان تقول: الصلاة والسلام عليك يا سيدي يارسول الله، الصلاة والسلام عليك يا حبيب الله، أشهد أنك قد أديت الأمانة وبلغت الرسالة ونصحت الأمة وجاهدت في الله حق جهاده حتى أتاك اليقين. ثم تطلب منه صلى الله عليه وسلم ان يذكرك عند الله ويشفع لك
ثم تبتهل وتتضرع لله عز وجل ان يجمعك بحبيبه على الحوض الشريف، ولا يجعلك ممن يذادون عن الحوض ويردون عنه بما غيروا وبدلوا، ثم يرتجف القلب خوفا ألا يلحق بهذا الركب الشريف المطهر، ويشعر أن كل أمله في الدنيا ورجائه فيها أن يحشر معهم، ويدخل تحت لوائهم

وتذكرت بعضا من أبيات حسان بن ثابت رضي الله عنه:
بطيبة رسم للرسول ومعهد
منير وقد تعفو الرسوم وتهمد

لا أحفظ القصيدة، ولكن تداعت لذهني أبيات متفرقات منها

وراحوا بحزن ليس فيهم نبيهم
وقد وهنت منهم ظهور وأعضد
لهف نفسي عليهم .. هؤلاء الصحابة الكرام.. هؤلاء المحبون العظام... كيف تحملوا تلك المصيبة .. وكيف انطوت قلوبهم على ذلك الجرح الأليم والفقد العظيم...

يبكون من تبكي السماء لموته
ومن قد بكته الأرض، فالناس أكمد
وهل عدلت يوما رزية هالك
رزية يوم مات فيه محمد

صلى الله وسلم وبارك عليه

وما فقد الماضون مثل محمد
ولا مثله حتى القيامة يفقد

وصرت أجول بنظري في أرجاء المسجد القديم، أتمثل صور الصحابة رضوان الله عليهم وانصرافهم بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم، كيف كان حزنهم، وكيف كان كمدهم، وكيف أظلمت المدينة المنورة في عيونهم

فبينا هم  في ذلك النور إذ غدا
إلى نورهم سهم من الموت مقصد
فاصبح محمودا إلى الله راجعا
يبكيه جفن المرسلات ويحمد
وأمست بلاد الحرم وحشا بقاعها
لغيبة ما كانت من الوحي تعهد

وكيف صار اجتهادهم أن يقتفوا أثره ليلقوه مجددا في رحاب الله وهو عنهم راض.....

أقول ولا يلفي لقولي عائب
من الناس، إلا عازب العقل مبعد
وليس هوائي نازعا عن ثنائه
لعلي به في جنة الخلد أخلد
مع المصطفى أرجو بذاك جواره
وفي نيل ذاك اليوم أسعى وأجهد

وصار كل أملي ان تكتحل عيني برؤية الحبيب الكريم والنبي العظيم، أسأل الله تعالى ألا يحرمني هذا بذنوبي، وأن يعاملني بما هو أهله لا بما أنا أهله..

وهكذا.. يعيش المرء في الدنيا وما كأنه في الدنيا
وتصغر كل الأمور والهموم التي تقلقنا، ويتحد الهدف، ويتضح الطريق، ويستنير القلب، وتتجدد الهمة ، ويتجدد العهد


لم أقض حق هواك إن كنت الذي
لم أقض فيه أسى ومثلي من يفي

فإن لم نعش ونمت في سبيل هذا الحب الخالد فما وفيناه حقه أبدا، وكان حبنا دعوى لا برهان عليها...
وسألت الله تعالى أن يجعل لي بالمدينة قرارا، ويرزقني منها رزقا حلالا، ويقبضني إليه فيها على الإيمان والإسلام، غير مفتونة ولا مبدلة
العنوان: رد: نفحات عطرية من الروضة المحمدية
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2014-04-07, 11:11:46
بحثت اليوم عن قصيدة حسان بن ثابت رضي الله عنه، اثر نشر ماما فرح لها على صفحتها، فعثرت على هذه الخاطرة التي لم أنشرها سابقا، وانما كتبتها في بعض رسائلي
فأحببت ان انشرها هنا

 emo (30):
العنوان: رد: نفحات عطرية من الروضة المحمدية
أرسل بواسطة: سيفتاب في 2014-04-07, 21:27:25
اللهم صلس وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.

أحلى أيام عمري قضتتها في المدينة

اللهم اجعل لي عودة
العنوان: رد: نفحات عطرية من الروضة المحمدية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2014-04-08, 07:03:27
اللهم صلّ وسلم وبارك على حبيبنا المصطفى محمد صلاة تبتدئ ولا تنتهي

هادية ما خبرٌ بلغني أن عبد الهادي يشارف على الأربعين أو زيادة ؟ ::)smile:
العنوان: رد: نفحات عطرية من الروضة المحمدية
أرسل بواسطة: زمرد في 2014-04-08, 07:06:59
ابكيتني ياهادية . مابالك بمن هو بعيد ولا يستطيع الزيارة وكل عام تزداد المشقة والكلفة وان يسر له الله فمسكين هو ايامه بكلا الحرمين معدودة محسوبة يكابد فيها الشوق ثم الخوف من وقت الترحيل إن اراد ان تطول رحلته ولو يوم . حسبنا الله ونعم الوكيل . هنيئا لكم هذا القرب وهذا التيسير ولا تنسونا من دعاؤكم .



بالتوفيق
العنوان: رد: نفحات عطرية من الروضة المحمدية
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2014-04-08, 07:25:54
أخواتي الحبيبات
رزقكن الله وإياي زيارة قريبة هنية سعيدة لروضة الحبيب صلى الله عليه وسلم
وحشرنا تحت لوائه وجمعنا معه على الحوض الشريف، وروانا من كفه المباركة


اللهم صلّ وسلم وبارك على حبيبنا المصطفى محمد صلاة تبتدئ ولا تنتهي

هادية ما خبرٌ بلغني أن عبد الهادي يشارف على الأربعين أو زيادة ؟ ::)smile:

من أين أتاك هذا الخبر؟    :emoti_209:
العنوان: رد: نفحات عطرية من الروضة المحمدية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2014-04-08, 08:02:01
تفكّري من أين أتاني... ::)smile: لم يأتِني من بعيد بل من قريب... قريب جدا ... منذ عام 1410هـ  :emoti_17:
العنوان: رد: نفحات عطرية من الروضة المحمدية
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2014-04-09, 17:14:44
تفكّري من أين أتاني... ::)smile: لم يأتِني من بعيد بل من قريب... قريب جدا ... منذ عام 1410هـ  :emoti_17:
رحماك يا أسماء
لقد أعدت قراءة الخاطرة عدة مرات، فلم أكتشف من اين استخرجت هذه النتيجة العبقرية؟
  :emo (3):
العنوان: رد: نفحات عطرية من الروضة المحمدية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2014-04-09, 17:18:25

رحلتنا لمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم /
المولد النبوي الشريف، 1410هـ


[/color][/size]
العنوان: رد: نفحات عطرية من الروضة المحمدية
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2014-04-09, 17:43:00
 :blush::

تم التصويب

جزاك الله خيرا