أيامنا الحلوة

الساحة الإسلامية => :: ساعة حلوة لقلبك :: => الموضوع حرر بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-08-31, 09:53:55

العنوان: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-08-31, 09:53:55
بسم الله الرحمن الرحيم

هنا إخوتي سأحاول ما استطعت وضع ما يقع عليه قلبي أو عقلي من تدبر في آيات الله العظيمة الكريمة، أو ما تقع عليه قراءتي من كلمات العلماء المفسرين المتدبرين، وكنت قد بدأت ذلك في موضوع آخر كان لي في رمضان، وسأكمل ها هنا ليكون ما نستطيعه خلال العام إن أبقانا الله من أهل الحياة . أنار الله قلوبنا ودروبنا وبصائرنا بنور قرآنه العظيم، وجعله حجة لنا يوم القيامة لا حجة علينا .
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-08-31, 09:55:41
من سورة المائدة :

قال الأصمعي :
قرأت يوما هذه الآية" والسارق والسارقة فاقطعوا أيدهما جزاءاً بما كسبا نكالاً من الله والله عزيز حكيم " والى جنبي أعرابي
فقلت [ والله غفور رحيم ] سهوا
فقال الأعرابي : كلام من هذا ؟
قلت : كلام الله
قال : ليس هذا بكلام الله ، أعد فأعدت وتنبهت فقلت [ والله عزيز حكيم ]
فقال : نعم هذا كلام الله ،
فقلت : أتقرأ القرآن ؟
قال : لا ،
قلت : فمن أين علمت اني أخطات ؟
فقال يا هذا : عز فحكم فقطع ، ولو غفر ورحم لما قطع .
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-08-31, 09:56:24

من سورة المائدة :

قرأت هذه الآية :  "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللّهُ بِشَيْءٍ مِّنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللّهُ مَن يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ(94) "

فاستحضرت رأس السورة، وقوله سبحانه : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ(1)"

سبحان الله، يأتي الأمر والحكم من الله سبحانه في رأس السورة بأنّ الصيد محرّم عند إحرام المؤمن، ثم سبحانه وتعالى لا يكتفي بتقرير الحكم، بل عند مقاربة نهاية السورة نجد آية الابتلاء والاختبار،  وأن الله سبحانه يختبر المؤمنين بأن يسهّل لهم في سبيلهم وهم محرمون الصيد حتى أن البيضاوي يقول :" نزل في عام الحديبية ، ابتلاهم الله سبحانه وتعالى بالصيد، وكانت الوحوش تغشاهم في رحالهم بحيث يتمكنون من صيدها أخذا بأيديهم، وطعنا برماحهم وهم محرمون ."

وكان الصيد مما تعيش به العرب وتتلذذ باقتناصه ولهم فيه الأشعار والأوصاف الحسنة  .

فسبحان الله ! هذا اختبار للمؤمنين، تمحيص لهم ليُعلَم من يخاف الله بالغيب، ويلتزم حدود ما بينه الله له، فلا يغترّ ولا تأخذه شهوة نفسه وسهولة الأمر بين يديه، بل يلتزم، ويأتمر بأمر الله تعالى ويغلب نفسه وهواها ...

وهذا الاختبار مصداق قوله تعالى : "أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ(2)" -العنكبوت- ....
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-08-31, 09:56:53
من سورة المائدة :

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(90)"

"التعبير بقوله تعالى "فاجتنبوه" نص في التحريم ولكنه أبلغ في النهي والتحريم من لفظ "حُرّم"لأن معناه هو البعد عنه بالكلية، فهو مثل قوله تعالى : "ولا تقربوا الزّنى" لأن القرب منه إذا كان حراما فيكون الفعل محرّما من باب أولى، وكذلك هنا ." -صفوة التفاسير للصابوني-


العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-08-31, 09:58:17
رائع، لكن كيف نبتعد عن الخمر؟


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لعن الله الخمر ، وشاربها ، وساقيها ، وبائعها ، ومبتاعها ، وعاصرها ، ومعتصرها ، وحاملها ، والمحمولة إليه"
الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: أبو داود - المصدر: سنن أبي داود - الصفحة أو الرقم: 3674


هكذا يكون اجتناب الخمر يا زينب...
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-08-31, 09:59:28
من سورة النور :

في قوله تعالى :

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ(27) فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَداً فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ(28)"

قمة الأدب والتربية العالية في استئذان المؤمن بيتا أراده وقصده، قمة الأدب والرقي في كلمات تضمن أمن المؤمن في بيته، حرمته، والمكان الذي يستتر فيه بعوراته ومسراته، قمة الأدب والتربية الربانية العالية الرفيعة للمؤمنين حتى يأمن الإنسان في بيته ويأذن لمن أحب أن يأذن له بالدخول، وعلى الوجه الذي يريده، وبعد أن يؤمّن الطريق فلا يدع عورة سواء كانت في بدنه أو في حال نفسية لا يحب أن يطلع عليها غيره، إلا وأوجد الإسلام له حلا لسترها ولبقائها خصوصية له ، قمة احترام الخصوصيات والدواخل، قمة احترام الشعور الإنساني والخصوصية الإنسانية ...فيأذن إن أحب ويقول "ارجع" إن أحب ....

وفي هذا :

روى أبو داود - بإسناده - عن ربعي قال:أتى رجل من بني عامر استأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيته فقال:أألج ? فقال النبي صلى الله عليه وسلم لخادمه:" اخرج إلى هذا فعلمه الاستئذان , فقل له:قل:السلام عليكم . أأدخل ؟ " فسمعها الرجل فقال:السلام عليكم . أأدخل ؟ فأذن له النبي صلى الله عليه وسلم فدخل .

وفي الصحيحين عن رسول الله [ ص ] أنه قال:" لو أن امرأ اطلع عليك بغير إذن , فحذفته بحصاة ففقأت عينه ما كان عليك من جناح " .

وروى عطاء بن رباح عن ابن عباس - رضي الله عنهما , قال:قلت أأستأذن على أخواتي أيتام في حجري معي في بيت واحد ? قال:نعم . فرددت عليه ليرخص لي فأبى , فقال:تحب أن تراها عريانة ? قلت:لا . قال:فاستأذن . قال:فراجعته أيضا . فقال:أتحب أن تطيع الله ? قال:قلت:نعم . قال فاستأذن .


سبحان الله أين نحن من هذا التسامي والعلو في آفاق الأدب والتربية الراقية اللطيفة الطاهرة ؟!!

يقول في ذلك سيد قطب رحمه الله :

ونحن اليوم مسلمون , ولكن حساسيتنا بمثل هذه الدقائق قد تبلدت وغلظت . وإن الرجل ليهجم على أخيه في بيته , في أية لحظة من لحظات الليل والنهار , يطرقه ويطرقه ويطرقه فلا ينصرف أبدا حتى يزعج أهل البيت فيفتحوا له . وقد يكون في البيت هاتف "تليفون" يملك أن يستأذن عن طريقه , قبل أن يجيء , ليؤذن له أو يعلم أن الموعد لا يناسب ; ولكنه يهمل هذا الطريق ليهجم في غير أوان , وعلى غير موعد . ثم لا يقبل العرف أن يرد عن البيت - وقد جاء - مهما كره أهل البيت تلك المفاجأة بلا إخطار ولا انتظار !

ونحن اليوم مسلمون , ولكننا نطرق إخواننا في أية لحظة في موعد الطعام . فإن لم يقدم لنا الطعام وجدنا في أنفسنا من ذلك شيئا ! ونطرقهم في الليل المتأخر , فإن لم يدعونا إلى المبيت عندهم وجدنا في أنفسنا من ذلك شيئا ! دون أن نقدر أعذارهم في هذا وذاك !

ذلك أننا لا نتأدب بأدب الإسلام ; ولا نجعل هوانا تبعا لما جاء به رسول الله [ ص ] إنما نحن عبيد لعرف خاطى ء , ما أنزل الله به من سلطان !

ونرى غيرنا ممن لم يعتنقوا الإسلام , يحافظون على تقاليد في سلوكهم تشبه ما جاء به ديننا ليكون أدبا لنا في النفس , وتقليدا من تقاليدنا في السلوك . فيعجبنا ما نراهم عليه أحيانا ; ونتندر به أحيانا . ولا نحاول أن نعرف ديننا الأصيل , فنفيء إليه مطمئنين .


العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-08-31, 09:59:59
"وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (33)"  -النور-

قال السدي:أنزلت هذه الآية الكريمة في عبد الله بن أبي بن سلول , رأس المنافقين , وكانت له جارية تدعى معاذة . وكان إذ نزل به ضيف أرسلها إليه ليواقعها , إرادة الثواب منه , والكرامة له . فأقبلت الجارية إلى أبي بكر - رضي الله عنه - فشكت إليه ذلك ; فذكره أبو بكر للنبي [ ص ] فأمره بقبضها . فصاح عبد الله بن أبي:من يعذرنا من محمد ? يغلبنا على مملوكتنا ! فأنزل الله فيهم هذا .

هذه الآية انزلت في عبد الله بن أبي بن سلول رأس المنافقين، الذي ادعى الإسلام، وأضمر له الشر، كم من موقف ضد الإسلام كان هو بطله ؟!  وكم من فضيحة فُضِحَها في القرآن ؟؟ وكم من رؤوس النفاق اليوم يلحقون بالإسلام ما لا يلحقه العدو به ؟ !


الآية تقول "إن أردن تحصنا" فما المقصود بهذه الجملة؟؟ هل معناها أنه إن كانت الجارية لا تمانع فإنه يجوز فعل ذلك؟؟

إن هنا ليست شرطية يا زينب، بل هي لتقرير الواقع، وإظهار بشاعته، أي أنتم تكرهوهن على البغاء، والحال أنهن يردن التحصن، فما أبشع هذه الجريمة.
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-08-31, 10:01:55
من سورة النور:

 وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(33) وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَمَثَلاً مِّنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ(34)


يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُوْلِي الْأَبْصَارِ(44) وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِن مَّاء فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(45) لَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ(46)


من السورة ذاتها، سورة النور، أما في المجموعة الأولى من الآيات، فقد جاء قوله سبحانه : لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَمَثَلاً مِّنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ(34)

وهنا خُصِّص المؤمنون بالآيات، لأن ما سبق أحكام موجهة إليهم،وأوامر موجهة إليهم، وتربية خُصّوا بها، أما في المجموعة الثانية من الآيات، فقد جاء قوله سبحانه :لَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ(46)

هنا لم تأتِ : "لقد أنزلنا لكم" ، بل جاءت: أ"نزلنا آيانت مبينات"   ، ذلك أن الله تعالى في هذا المقام سبقت آيات تنبّه إلى عظمة خلقه، من حديثه عن تقليب الليل والنهار، وما سبقها من حديثه سبحانه عن السحاب المُزجى، وعن تفاصيل خروج الودق، وكلها آيات في الكون، يهتدي بها ويؤمن بها حتى من لم يكن مؤمنا أصلا، فهو سبحانه هنا يعمّم، ولا يخصّ المؤمنين، وآياته هنا يهدي بها من يشاء من عباده .




العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-08-31, 10:03:29
آية من القرآن الكريم، قفزت إلى عقلي عندما لم أجد ما أفسر به مجازر سوريا الأخيرة، وهذا النظام الذي لا يردعه رادع، فقلت: إلى متى ؟؟!!!

قفز في رَوْعي قوله سبحانه :

وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ(30)

"إني أعلم ما لا تعلمون "

نعم يعلم سبحانه ما لا نعلم .... يعلم ما لا نعلم ....
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-08-31, 10:04:43
عن حذف حرف من المفردة في القرآن الكريم وكيف أن ذلك لا يكون اعتباطا، بل له مدلولاته، ومن أهمها زمن الحدث، إذ أن حذف حرف من الفعل مثلا يدل على قصر زمن حدوث الفعل، كما يدل على الإيجاز في مقام الإيجاز، بينما يذكر الفعل بكل حروفه في مقام التفصيل ومثال على ذلك كما يورده الدكتور فاضل السامرائي :

في قوله تعالى :"فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً(97)" –الكهف – 97

وذلك في ال
سد الذي صنعه ذو القرنين من زبر الحديد والنحاس المُذاب، فالصعود على هذا السد أيسر من إحداث نقب فيه لمرور الجيش،فحذف من الحدث الخفيف، فقال: "فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ"، بخلاف الفعل الشاق الطويل،فإنه لم يُحذف بل أعطاه أطول صيغة له،فقال: "وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً"، فخفف بالحذف من الفعل بخلاف الفعل الشاق الطويل .
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-08-31, 10:05:13
في قوله سبحانه :
لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ(273) -البقرة-

قال الضحاك: المراد شىء آخر هو أن لعباد الله المخلصين هيبة ووقعاً فى قلوب الخلق، وكل من رآهم تأثر منهم وتواضع لهم، وذلك له إدراكات روحانية، لا علامات جسمانية. ألا ترى أن الأسد إذا مر هابته سائر السباع بطباعها لا بالتجربة، لأن الظاهر أن تلك التجربة ما وقعت، والبازى إذا طار تهرب به منه الطيور الضعيفة وكل ذلك إدراكات روحانية لا جسمانية فكذا هنا...".

وقد ذكر - سبحانه - فى الجملة السابقة أن الجاهل بحالهم يظنهم أغنياء من أجل تعففهم عن السؤال، وذكر هنا أنهم يعرفون بسيماهم، وذلك للإِشعار بأن أنظار الناس تختلف باختلاف فراستهم ونفاذ بصيرتهم. فأصحاب الأنظار التى تأخذ الأمور بمظاهرها يظنونهم أغنياء، أما أصحاب البصيرة المستنيرة، والحس المرهف، والفراسة الصائبة، فإنهم يدركون ما عليه أولئك القوم من احتياج، بسبب ما منحهم الله من فكر صائب ونظر نافذ، وفى الحديث الشريف: "اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله"
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-09-01, 08:25:11
تأثير القرآن في نفوس المؤمنين بمعانيه لا بأنغامه ، وبمن يتلوه من العاملين به لا بمن يجوده من المحترفين به ، ولقد زلزل المؤمنون بالقرآن الأرض يوم زلزلت معانيه نفوسهم ، وفتحوا به الدنيا يوم فتحت حقائقه عقولهم ، وسيطروا به على العالم يوم سيطرت مبادئه على أخلاقهم ورغباتهم ، وبهذا يعيد التاريخ سيرته الأولى

(مصطفى السباعي ـ هكذا علمتني الحياة)
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: زينب الباحثة في 2012-09-02, 00:29:32
 ::ok:: ::ok::
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: زينب الباحثة في 2012-09-02, 00:39:19
عن حذف حرف من المفردة في القرآن الكريم وكيف أن ذلك لا يكون اعتباطا، بل له مدلولاته، ومن أهمها زمن الحدث، إذ أن حذف حرف من الفعل مثلا يدل على قصر زمن حدوث الفعل، كما يدل على الإيجاز في مقام الإيجاز، بينما يذكر الفعل بكل حروفه في مقام التفصيل ومثال على ذلك كما يورده الدكتور فاضل السامرائي :

في قوله تعالى :"فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً(97)" –الكهف – 97

وذلك في ال
سد الذي صنعه ذو القرنين من زبر الحديد والنحاس المُذاب، فالصعود على هذا السد أيسر من إحداث نقب فيه لمرور الجيش،فحذف من الحدث الخفيف، فقال: "فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ"، بخلاف الفعل الشاق الطويل،فإنه لم يُحذف بل أعطاه أطول صيغة له،فقال: "وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً"، فخفف بالحذف من الفعل بخلاف الفعل الشاق الطويل .

هل هذا في القرآن فقط أم نستطيع أن نقول "اسطاع" في العربية التي نستخدمها؟؟
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-09-04, 09:45:57
عن حذف حرف من المفردة في القرآن الكريم وكيف أن ذلك لا يكون اعتباطا، بل له مدلولاته، ومن أهمها زمن الحدث، إذ أن حذف حرف من الفعل مثلا يدل على قصر زمن حدوث الفعل، كما يدل على الإيجاز في مقام الإيجاز، بينما يذكر الفعل بكل حروفه في مقام التفصيل ومثال على ذلك كما يورده الدكتور فاضل السامرائي :

في قوله تعالى :"فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً(97)" –الكهف – 97

وذلك في ال
سد الذي صنعه ذو القرنين من زبر الحديد والنحاس المُذاب، فالصعود على هذا السد أيسر من إحداث نقب فيه لمرور الجيش،فحذف من الحدث الخفيف، فقال: "فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ"، بخلاف الفعل الشاق الطويل،فإنه لم يُحذف بل أعطاه أطول صيغة له،فقال: "وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً"، فخفف بالحذف من الفعل بخلاف الفعل الشاق الطويل .

هل هذا في القرآن فقط أم نستطيع أن نقول "اسطاع" في العربية التي نستخدمها؟؟

سؤالك جميل يا زينب وقد دعاني للبحث أيتها الباحثة  emo (30):

بحثت، وكلما بحثت وجدت معلومات عن حذف حرف من الفعل وإثباته في القرآن الكريم، وعثرت على الإيجاز في اللغة وكيف يحذف الحرف من الفعل في اللغة للإيجاز ولكن لعلات أخرى غير ما هو في سياق القرآن من مثل "اسطاع"، وليس بعيدا أن يكون ذلك من  خصوصيات القرآن في إثراء اللغة العربية والله أعلم .

و الشيخ حسان في هذا الفيديو يقول أنها لغة تسمى تاء الخفة وتاء الثقل، وإليك الفيديو :

http://zadalmutta9in.blogspot.com/2010/07/blog-post_6500.html (http://zadalmutta9in.blogspot.com/2010/07/blog-post_6500.html)
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-09-05, 11:17:52
والحياة في جو القرآن لا تعني مدارسة القرآن؛ وقراءته والاطلاع على علومه.. إن هذا ليس "جو القرآن " الذي نعنيه.. إن الذي نعنيه بالحياة في جو القرآن: هو أن يعيش الإنسان في جو، وفي ظروف، وفي حركة، وفي معاناة، وفي صراع، وفي اهتمامات.. كالتي كان يتنزل فيها هذا القرآن.. أن يعيش الإنسان في مواجهة هذه الجاهلية التي تعم وجه الأرض اليوم، وفي قلبه، وفي همه، وفي حركته، أن "يُنشىء" الإسلام في نفسه وفي نفوس الناس، وفي حياته وفي حياة الناس، مرة أخرى في مواجهة هذه الجاهلية. بكل تصوراتها، وكل اهتماماتها وكل تقاليدها.


سيد قطب

وهي الحياة بالقرآن وهو معناها ....

العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-09-05, 18:10:24
لا تفوّتوا هذا الفيديو !!! ماذا نقول نحن ؟؟؟!!!

طفل كفيف لا يتمني ان يبصر وإجابته أبكت كل الحاضرين :'( (http://www.youtube.com/watch?v=JGys6zHNMnY#ws)
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-09-07, 16:59:40
تخيّل لو سألك أحدهم هذا السؤال :

لماذا وردت في هذه الآية :
"مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ" من الآية 4 من سورة الأحزاب

كلمة "رجل" بدل كلمة "بشر" أو "إنسان" مثلا أو كلمة "مرء" يعني "لامرئ" ، أو أي كلمة عامة تشمل الجنسَيْن معا ووردت "رجل"، أليس لكل إنسان قلب واحد ؟ هل للمرأة قلبان ؟ لماذا وردت "رجل" بالذات ؟

كيف سيكون جوابك ؟  emo (30):
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-09-09, 08:09:03
سورة يوسف

المحور الأساسي للقصة هو "يعلم ولا نعلم"

إن هدف سورة يوسف هو إعلامنا أن تدبير الله تعالى للأمور يختلف عن النظرة البشرية القاصرة، وكأنها تقول لنا: (ثِق في تدبير الله، واصبر ولا تيأَس).

إن الأحداث في سورة يوسف غريبة، وهي تسير بعكس الظاهر، فيوسف ولدٌ محبوبٌ من والده، وهذا الأمر بظاهره جيد ولكن نتيجة هذه المحبة كانت أن ألقاه إخوته في البئر. ومع أن إلقاء يوسف في البئر هو في  ظاهره أمر سيئ، لكن نتيجة هذا الإلقاء كانت أن أصبح في بيت العزيز.

ووجود يوسف في بيت العزيز هو أمر ظاهره جيد، لكنه بعد هذا البيت ألقي في السجن. وكذلك سجن سيدنا يوسف أمر في غاية السوء، لكن نتيجة هذا السجن كانت تعيينه في منصب عزيز مصر...

من الفيسبوك من صفحة الإبداع في حفظ القرآن
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2012-09-09, 12:56:45
تخيّل لو سألك أحدهم هذا السؤال :

لماذا وردت في هذه الآية :
"مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ" من الآية 4 من سورة الأحزاب

كلمة "رجل" بدل كلمة "بشر" أو "إنسان" مثلا أو كلمة "مرء" يعني "لامرئ" ، أو أي كلمة عامة تشمل الجنسَيْن معا ووردت "رجل"، أليس لكل إنسان قلب واحد ؟ هل للمرأة قلبان ؟ لماذا وردت "رجل" بالذات ؟

كيف سيكون جوابك ؟  emo (30):


ألا يعطي سببب النزول إجابة لهذا السؤال؟
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2012-09-09, 12:59:29
سورة يوسف

المحور الأساسي للقصة هو "يعلم ولا نعلم"

إن هدف سورة يوسف هو إعلامنا أن تدبير الله تعالى للأمور يختلف عن النظرة البشرية القاصرة، وكأنها تقول لنا: (ثِق في تدبير الله، واصبر ولا تيأَس).

إن الأحداث في سورة يوسف غريبة، وهي تسير بعكس الظاهر، فيوسف ولدٌ محبوبٌ من والده، وهذا الأمر بظاهره جيد ولكن نتيجة هذه المحبة كانت أن ألقاه إخوته في البئر. ومع أن إلقاء يوسف في البئر هو في  ظاهره أمر سيئ، لكن نتيجة هذا الإلقاء كانت أن أصبح في بيت العزيز.

ووجود يوسف في بيت العزيز هو أمر ظاهره جيد، لكنه بعد هذا البيت ألقي في السجن. وكذلك سجن سيدنا يوسف أمر في غاية السوء، لكن نتيجة هذا السجن كانت تعيينه في منصب عزيز مصر...

من الفيسبوك من صفحة الإبداع في حفظ القرآن


جميل جدا
جزاك الله خيرا
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: elnawawi في 2012-09-09, 13:10:22
سورة يوسف

المحور الأساسي للقصة هو "يعلم ولا نعلم"

إن هدف سورة يوسف هو إعلامنا أن تدبير الله تعالى للأمور يختلف عن النظرة البشرية القاصرة، وكأنها تقول لنا: (ثِق في تدبير الله، واصبر ولا تيأَس).

إن الأحداث في سورة يوسف غريبة، وهي تسير بعكس الظاهر، فيوسف ولدٌ محبوبٌ من والده، وهذا الأمر بظاهره جيد ولكن نتيجة هذه المحبة كانت أن ألقاه إخوته في البئر. ومع أن إلقاء يوسف في البئر هو في  ظاهره أمر سيئ، لكن نتيجة هذا الإلقاء كانت أن أصبح في بيت العزيز.

ووجود يوسف في بيت العزيز هو أمر ظاهره جيد، لكنه بعد هذا البيت ألقي في السجن. وكذلك سجن سيدنا يوسف أمر في غاية السوء، لكن نتيجة هذا السجن كانت تعيينه في منصب عزيز مصر...

من الفيسبوك من صفحة الإبداع في حفظ القرآن
وكأني أرى مسيرات الثورات العربية في قصة سيدنا يوسف عليه السلام
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-09-14, 16:38:14
هادية و أخي النووي أهلا بكما  emo (30):

تخيّل لو سألك أحدهم هذا السؤال :

لماذا وردت في هذه الآية :
"مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ" من الآية 4 من سورة الأحزاب

كلمة "رجل" بدل كلمة "بشر" أو "إنسان" مثلا أو كلمة "مرء" يعني "لامرئ" ، أو أي كلمة عامة تشمل الجنسَيْن معا ووردت "رجل"، أليس لكل إنسان قلب واحد ؟ هل للمرأة قلبان ؟ لماذا وردت "رجل" بالذات ؟

كيف سيكون جوابك ؟  emo (30):


ألا يعطي سببب النزول إجابة لهذا السؤال؟

نعم عرفت سبب نزولها، وذلك سنذكره بإذن الله زيادة في الفائدة، ولكن المقصود غيرُه، فالقرآن يشمل كل الاحتمالات وليس به من ثغرات من كل الحيثيات، فعلى فرض أننا نناقش وجود القلبين في جوف واحد، فما موقفنا ممن يسأل : وهل للمرأة قلبان في جوفها ؟
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: فارس الشرق في 2012-09-18, 00:18:22
لعل المرأة إذا كانت حاملا تحمل جنينا في جوفها، وله قلب ينبض، فكأنما حوت قلبين في داخلها، وهذا على الظاهر من منطوق الآية، وربما للمفهوم معنى آخر..
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2012-09-18, 07:21:09
لعل المرأة إذا كانت حاملا تحمل جنينا في جوفها، وله قلب ينبض، فكأنما حوت قلبين في داخلها، وهذا على الظاهر من منطوق الآية، وربما للمفهوم معنى آخر..

فتح الله عليك يا فارس

لم يخطر هذا في بالي أبدا

 ::ok::
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-09-18, 07:54:56
لعل المرأة إذا كانت حاملا تحمل جنينا في جوفها، وله قلب ينبض، فكأنما حوت قلبين في داخلها، وهذا على الظاهر من منطوق الآية، وربما للمفهوم معنى آخر..

فتح الله عليك يا فارس

لم يخطر هذا في بالي أبدا

 ::ok::

 ::)smile:

نعم، فتح الله عليك يا فارس  ::)smile:، وهو كذلك، وسبحان الله، انظروا لو لم يكن اللفظ "رجل"، حتى وإن كان نزول الآية لسبب بعينه، فانظروا دقة نزول الكلمة بذاتها وليس غيرها، حيث تراعى كل الحيثيات ، وسبحان الله العظيم .
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: فارس الشرق في 2012-09-18, 10:06:15
لعل المرأة إذا كانت حاملا تحمل جنينا في جوفها، وله قلب ينبض، فكأنما حوت قلبين في داخلها، وهذا على الظاهر من منطوق الآية، وربما للمفهوم معنى آخر..

فتح الله عليك يا فارس

لم يخطر هذا في بالي أبدا

 ::ok::

 ::)smile:

نعم، فتح الله عليك يا فارس  ::)smile:، وهو كذلك، وسبحان الله، انظروا لو لم يكن اللفظ "رجل"، حتى وإن كان نزول الآية لسبب بعينه، فانظروا دقة نزول الكلمة بذاتها وليس غيرها، حيث تراعى كل الحيثيات ، وسبحان الله العظيم .

أجل سبحان الله، ومن أصدق من الله قيلا، ومن أصدق من الله حديثا..
جزاكم الله خيرا يا أستاذة أسماء، وفتح الله عليكم بكل خير..
والشكر لك يا ماما هادية..اشتقت للعودة بينكم...كل عام أنتم بخير، وبمشيئة الله تكون الأعوام المقبلة أفضل..
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-09-18, 17:30:09
صدقوني، تابعوه لن تندموا، فقد آثرت أن أضعه كاملا بدل الاقتباس من روائع ما ورد فيه، تابعوه وستستمتعون مع الفائدة

فاضل السامرائي حلقة كاملة من برنامج لمسات بيانية (http://www.youtube.com/watch?v=mewG0Ikt9Fc#)


العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: فارس الشرق في 2012-09-18, 22:17:53
رائع دون شك
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-09-22, 07:00:57
إن القرآن يحيى القلوب كما يحيى الماء الأرض .. قال الله تعالى {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الحديد: 17]، وقد جاءت هذه الآية بعد قول الله تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ} [الحديد: 16]
وفي هذا إشارة إلى أن حياة القلوب تكون بذكر الله تعالى وما نزل من الحق، وهو القرآن .. مثل ما أن حياة الأرض الميتة يكون بالماء، قال مالك بن دينار: " ما زرع القرآن في قلوبكم يا أهل القرآن ؟ إن القرآن ربيع المؤمن كما أن الغيث ربيع الأرض" [إحياء علوم الدين (1:285)] ..
فمن أراد حياة قلبه، عليه بسقيه بربيع القلوب القرآن وبكميات وكيفيات مناسبة لإحداث الحياة ..

كما أن الهدف من قراءته هو العمل به .
عن الحسن البصري قال "أُمِرَ الناس أن يعملوا بالقرآن، فاتخَذوا تلاوته عملا" [مدارج السالكين (1:451)].
وعن أبي عبد الرحمن السلمي: عن عثمان وابن مسعود وأبي بن كعب رضي الله عنهم: أن رسول الله كان يقرؤهم العشر، فلا يجاوزونها إلى عشر أخرى حتى يتعلموا ما فيها من العمل، "فتعلمنا القرآن والعمل جميعًا"


من صفحة : الإبداع في إتقان حفظ القرآن
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-09-22, 09:39:50
وأنا أقرأ سورة "النحل"، والتي تسمى أيضا سورة النّعم، لاحظت تكرار "التكبر"، بالزيادة وبالتجريد،  فالله سبحانه وتعالى وهو يذكر آلاءه ونعمه على عباده يُردف بذكر المتكبرين منهم، هذا العبد الذي لا يستنكف أن يتكبر وكل هذه النعم محيطة به من كل جانب، بين جنبَيه، وفي صفحات الكون أمام عينيه، وفي كل نأمة وفي كل خطرة وفي كل حركة من حركات الحياة نعم تتبعه، لا تُعدّ ولا تُحصى ....
وفوق كل هذا يتكبر الإنسان !!! وأنّى له أن يتكبر إذا تذكر أن كل ما به من نعمة الله وكل ما حوله من نعم الله وكل ما هو فيه من نعم الله، ولولا نعمه لما كان ولما تحرك ....
وبدل أن يشكر يبطر الحق، ويغمط الناس ... بدل أن يشكر ويلهج لسانه بالشكر يتكبر ويحسب أنه سيخرق الأرض أو يبلغ الجبال طولا ....

فينبه الله تعالى إلى مكانة المتكبرين المستكبرين عنده من بعد ذكره للآلاء والنعم .... وهو سبحانه يستعظم التكبر من العبد مع الإنعام منه وهو الخالق المنعم ...

وكأن قوام وجود الإنسان في الأرض وجودا نافعا لا ينفصل فيه الاعتقاد عن السلوك، ولا تنفصل فيه الحياة عن الدين، ولا تذهب بالإنسان شطحات غروره فيحسب أنه الآمر الناهي الفاعل المقدّر، لا يكون إلا مع دوام اليقين أن طلاقة القدرة لله وحده، وتمام العلم لله وحده، والحاكمية لله وحده دائم الإنعام والإسباغ ، فلا يتكبر ولا يظن بعقله الكمال وأنه لا حاجة له برب يُعبَد وقد علم واخترع وفهم مما يأذن به الله أن يُعلم ويُفهم ....

فيقول سبحانه في هذه السورة :

"وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ(18) وَاللّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ(19) وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ(20) أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَاء وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ(21) إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ(22) لاَ جَرَمَ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ(23)"

فيصل سبحانه بعباده إلى أنهم لن يحصوا نعمته إن عدّوها، وأن الإشراك به استكبار عن الحق الظاهر في إنعامه .وهو سبحانه لا يحب المستكبرين، و أي استكبار على الحق يكون مع العيش بنعم الحق، أي إعراض للإنسان عن المنعم ولا عيش بغير نعمه  !!بل كيف يستقيم للإنسان حياة سوية وهو المتنعّم المعرض عن المنعِم وعن أوامره ونواهيه !!

ويقول سبحانه :

وَإِذَا قِيلَ لَهُم مَّاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ(24) لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ(25) قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللّهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ(26) ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قَالَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالْسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ(27) الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ فَأَلْقَوُاْ السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ(28) فَادْخُلُواْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ(29)

وهذا الإنسان وهو يرى نعم المنعم ويتحسسها ويلمسها، يتكبر عن الذي أنزله المنعم سبحانه من كتب فيها الهدى، فعندها، هي أبواب جهنم مفتّحة لهؤلاء المتكبرين عن الحق وعن أمر المُنعِم المسبغ نعمه ظاهرة وباطنة، فلبئس ما إليه قد سعوا، سعوا إلى حتفهم في جهنّم بما استكبروا وظنوا أنهم يحسنون صنعا .فهم وهُم يغرقون بالنِّعم لا يرضون حاكمية المنعِم، بل يرضون نعمه ولا يرضون حكمه !!

أَوَ لَمْ يَرَوْاْ إِلَى مَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلاَلُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالْشَّمَآئِلِ سُجَّداً لِلّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ(48) وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِن دَآبَّةٍ وَالْمَلآئِكَةُ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ(49)

كل شيء في الكون يسجد لله صاغرا ذليلا، منقادا، كل ما في السماوات والأرض يسجد لله، وما في الأرض من دابة تدب، والملائكة، كلهم لا يستكبرون، ويستكبر الإنسان الذي كرمه الله تعالى عن كل خلقه، وتكريمه للإنسان عن كل خلقه، وتمييزه بالعقل نعمة فوق النعم، ومع ذلك يستكبر .... فأي معنى لحياة الإنسان على الأرض وهو يقبل على النعم ويعرض عن المنعم !!!


كما لاحظت ورود كلمة "سخّر" في ذكر الله سبحانه للنعم، والتسخير هو القهر والإذلال والتشغيل، أي أنه سبحانه ذلّل ما خلق لخدمة الإنسان، وشغّله لخدمته وسهّله هو بأمره لخدمته ولولا تسخيره هو وتذليله له لما كان للإنسان أن يستغلّ شيئا مما يحيط به .

سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين، ومع كل التسخير يستكبر الإنسان، ويغفل عن النعم، بل هو يعرفها ثم ينكرها .

وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالْنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ(12)
وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ(14)
أَلَمْ يَرَوْاْ إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاء مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ اللّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ(79)

هو يعرف النعمة ثم ينكرها، فأي استكبار هو هذا ؟!!

وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ(53)
وَاللّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُواْ بِرَآدِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاء أَفَبِنِعْمَةِ اللّهِ يَجْحَدُونَ(71)
وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ(72)

وأي استكبار للعبد المنعَم عليه على المنعِم جلّ في علاه ؟!!

وأما قول المستكبرين فقول مستكبر، ضال مضل، وأما قول المتقين المتواضعين لله المؤمنين بما أنزل فقول الحق والخير والعاقبة الخيّرة، فماذا يقول المستكبر عندما يُسأل عما أنزل الله، وماذا يقول المتواضع المؤمن بالمقابل؟

" وَإِذَا قِيلَ لَهُم مَّاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ(24) لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ(25)
"وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْاْ مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ خَيْراً لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ(30) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَآؤُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللّهُ الْمُتَّقِينَ(31)

والعاقبة للمتقين، الذين لا يستكبرون ...



العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-09-27, 15:31:53
ومع سورة النحل أيضا نكمل

سورة النِّعَم .... سورة الحث على وجوب شكر نعمة الله واقتران الغيمان بالله وتوحيده بشكر أنعمه، واقتران الكفر به بالكفر بنِعمه ....

 إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ(120) شَاكِراً لِّأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ(121) وَآتَيْنَاهُ فِي الْدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ(122) ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ(123)

وهكذا كان سيدنا إبراهيم عليه السلام، كان قانتا لله، حنيفا، ولم يكن مشركا، كان شاكرا لأنعم الله، اختاره الله وهداه إلى صراط مستقيم،وعلى هذا كان الأمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون على ملة إبراهيم المؤمن القانت، الشاكر لأنعم الله الذي لم يكن من المشركين الذين جحدوا وأنكروا نِعم الله وهم يعرفونها في أنفسهم وفيما حولَهم، فكفروا بما أنزل، وبمن أرسل ..........


فلنذكر نِعمَه الغامرة لنشكر، فنؤمن ولا نكفر ..........
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-09-27, 17:37:26
سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ(1) -الإسراء-

سورة محفوفة بالحمد وبالتسبيح، كيف ذلك ؟

أول سورة النحل التي تسبقها مباشرة :

أَتَى أَمْرُ اللّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ(1)

وأول سورة الكهف التي تليها مباشرة :

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا(1)

سورة الإسراء سورة لا تدانيها سورة أخرى في التسبيح، وذكره بالصيغ المختلفة، فقد قال سبحانه فيها :

سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ(1)
سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيراً(43)
تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً(44)
أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاء وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَراً رَّسُولاً(93)
وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً(108)

ولفظة "بعبده" ولم تكن "بمحمد"، ولا بالرسول ولا بالنبي، مقام تشريفي لرسول الله صلى الله عليه وسلم،إذ العبودية الاختيارية أعلى وسام ، والعبودية نوعان قصرية واختيارية ، القصرية أننا كلنا لله عبد مؤمننا وكافرنا، بينما العبودية الاختيارية هي اختيار الإيمان، وهي أن يتقرب العبد من ربه، وكلما تقرب وذلّ بين يديه وتذوق عبوديته لله كلما كان مقامه عند الله أكبر .
ولننظر في قوله سبحانه :
وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَـكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ موسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ(143) -الأعراف-

ولم يقل "عبدنا"، لأنها لو كانت "عبدنا" وهي الأعلى والأسمى لما ناسب أن تكون النتيجة "خرّ موسى صعقا"

بينما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم في سورة الإسراء بلفظ "عبده" وهو الذي نال درجة لم ينلها أحد من الأنبياء بأن أسرى به الله وعرج به في ليلة، ورغم عظيم ما رأى وسمو ما بلغ في معراجه، لم يخرّ صعقا، فناسب أن يكون هنا لفظ" العبد" أسمى وأعلى من نعته باسمه الشريف صلى الله عليه وسلم .

وكذلك مقام التشريف بالعبودية جاء في قوله تعالى : " فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً(65)" -الكهف-

مقتطفات من فيديو من حلقة للدكتور فاضل السامرائي
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-09-28, 17:10:49
ونبقى مع سورة الإسراء ...

سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً .... -الإسراء-

قد يسأل سائل : مادام الإسراء أو السُّرى هو المشي ليلا، فلماذا جاء التعقيب بعد الفعل "أسرى" بــ "ليلا" ؟؟

هييييه من يجيب على سؤال كهذا ؟؟؟ هيا يا جماعة فكروا قليلا قبل أن تنزلوا  emo (30):
.
.
.
.
.
.
.
.



.
.
.
.
هه هل وصلتم ؟؟ :emoti_138: أقصد هل وصلتم للإجابة، ولا أقصد هل وصلتم إلى هنا بعد كل تلك النقاط  ::)smile:

طيب الإجابة هي :

لو لم يكن التعقيب بـ "ليلا"، لما عرفنا أنّ الرحلة كلها استغرقت جزءا من الليلة، بل لكان بالإمكان التصور أن الرحلة دامت ما دامت، شهرا، ستة أشهر، أكثر ....لو لم يكن التعقيب بـ "ليلا" لعرفنا أن الفعل أي الرحلة بدأت إسراء، يعني مشيا بليلة من الليالي، ولكن لن نعرف متى كانت نهاية الرحلة، لو لم يكن التعقيب لما عرفنا أن الرحلة استغرقت جزءا من الليل...

وأيضا في الظروف أي ظروف الزمان وظروف المكان، وفي الحال وفي الصفة لغةً يوجد حال أو صفة أو ظرف مؤسس وظرف مؤكد، فالظرف المؤكد هو ما يأتي مُعَقَّبا بكلمة تؤكد المعنى، بينما المؤسس هو الذي يؤسس لمعنى جديد، أما التي تؤكد المعنى فذلك مثل : "مكث زمنا" فالمكث وحده يعني البقاء زمنا، ثم جاء التعقيب بـ "زمنا" ليكون التأكيد، والحال هنا : "أسرى ليلا " فالظرف هنا مؤكد،إذ أنّ "أسرى" وحدها تعني أمشاه ليلا، فجاءت ليلا لتؤكد المعنى .

طيب وما الذي يبين أنها استغرقت جزءا من الليل ولم تستغرق الليل كله ؟؟

ذلك أنّ قاعدة لغوية سيبويّة (من سيبَوَيْه)  تقول :" إذا عرّفت استغرقت "، فلو كان هنا "الليل" معرفا بالألف واللام لأفاد ذلك أن الرحلة استغرقت كل الليل، كله، وليس جزءا منه،  فنقول "حادثته ليلا" أي حادثته في جزء من الليل، أما "حادثته الليل" فتعني محادثته كلّ الليل، كلّه .

وفي ذلك يقول المولى عز وجل :

"وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِندَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ(19) يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ(20) "-الأنبياء-
 فجاءت "الليل" معرّفة لتدلّ فعلا على أنهم لا يفترون، لا يسبحون جزءا من الليل وكفى، بل يسبحون النهار كله والليل كله دون أن يفتروا .

من كلمات في بيان سورة الإسراء للدكتور فاضل السامرائي


---------------
وفعلا عندما تتأمل هذه الدقائق : تقول وحدَك : "سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى" .... سبحانه !! سبحانه ...

كم أنّ "سبحان "  هنا في محلّها تماما ، وكيف لا والمعنى من لغويات الآية، أنه جل وعلا أسرى به في جزء من الليل من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وكانت تلك الرحلة العظيمة العجيبة في ذلك الزمن القصير القياسيّ...............


العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: سيفتاب في 2012-09-29, 05:25:11

بارك الله لك يا فراشتنا كما تخففين عنا وعثاء السفر في هذه الدنيا الصعبة
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-09-29, 06:38:33

بارك الله لك يا فراشتنا كما تخففين عنا وعثاء السفر في هذه الدنيا الصعبة

أهلا وسهلا ومرحبا بك يا سيفتاب ، تسعدني متابعتك  emo (30): والقرآن شفاء لقلوبنا، ولولاه لما كان للدنيا برمّتها من طعم ولا لون، وهو الذي يُحيينا.
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-09-29, 17:28:36
ودائما مع سورة الإسراء

سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ(1)

"باركنا حوله"، لو جاءت : "باركنا ما حوله" لخصّت البركة الأشياء التي حول المسجد وبزوال الأشياء تزول البركة، ولكن جاءت "حوله" بركة دائمة لا تزول بزوال الأشياء.

الدكتور فاضل السامرائي
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2012-09-29, 20:06:48
هل تسمحين لي بإضافة شيء استطرفته أثناء قراءتي في التفسير؟

لماذا اختص الله سيدنا زيد بن حارثة رضي الله عنه دون غيره من الصحابة بذكر اسمه في القرآن الكريم؟
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-09-30, 17:18:13
هل تسمحين لي بإضافة شيء استطرفته أثناء قراءتي في التفسير؟

لماذا اختص الله سيدنا زيد بن حارثة رضي الله عنه دون غيره من الصحابة بذكر اسمه في القرآن الكريم؟

طبعا أسمح ::)smile: ، بل أتمنى أن تشاركوني بما ترون وتتدبرون وتسألون  emo (30):

لا أظن يا هادية أنّ سبب النزول سيكون شافيا لما تريدين، لأنكِ تبحثين عن سبب تخصيص زيد رضي الله عنه دون غيره من أسماء العظماء الذين صاحبوا المصطفى صلى الله عليه وسلم، لم يذكر أبو بكر، ولم يُذكر عمر، ولا غيرهما، وذُكر زيد . هل لديك في ذلك فائدة ؟
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2012-09-30, 18:27:46
نعم.... قرأته أيضا في التحرير والتنوير  ::)smile:

قال السهيلي : "كان يقال له زيد بن محمد، فلما نزع عنه هذا الشرف، حين نزل {ادعوهم لآبائهم } ( الأحزاب : 5 ) ، وعلم الله وحشته من ذلك، شرفه بخصيصة لم يكن يخص بها أحدا من أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- وهي أنه سماه في القرآن ، ومن ذكره الله تعالى باسمه في الذكر الحكيم، نوه غاية التنويه " ا هـ .
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-09-30, 18:40:55
نعم.... قرأته أيضا في التحرير والتنوير  ::)smile:

قال السهيلي : "كان يقال له زيد بن محمد، فلما نزع عنه هذا الشرف، حين نزل {ادعوهم لآبائهم } ( الأحزاب : 5 ) ، وعلم الله وحشته من ذلك، شرفه بخصيصة لم يكن يخص بها أحدا من أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- وهي أنه سماه في القرآن ، ومن ذكره الله تعالى باسمه في الذكر الحكيم، نوه غاية التنويه " ا هـ .

قد قال لي قلبي والله أن شيئا من التحرير وشيئا من التنوير عندكِ في ذلك، الله ينوّر عليكِ وعلى العاشوري المنوِّر ::)smile:

وكيف لا يستوحش مَن كان محمد أباه ولم يعد ... وأي إيناس هو لحِبّ الحبيب صلى الله عليه وسلم
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: فارس الشرق في 2012-09-30, 20:31:37
قد قال لي قلبي والله أن شيئا من التحرير وشيئا من التنوير عندكِ في ذلك، الله ينوّر عليكِ وعلى العاشوري المنوِّر ::)smile:

وكيف لا يستوحش مَن كان محمد أباه ولم يعد ... وأي إيناس هو لحِبّ الحبيب صلى الله عليه وسلم

 ::)smile: :emoti_282:
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: فارس الشرق في 2012-09-30, 20:45:41
رائع يا أسماء ما نقلتيه عن سورة الإسراء..

والذي شغلني في هذه السورة، أن مطلعها جاء متعلقا بحديث الإسراء، دون المعراج، واقتضى الإسراء تسبح الله فما بال المعراج؟ وانتهت الآية بقوله تعالى: (إنه هو السميع البصير) وقافلة آيات السورة كلها مختلفة عن الآية الأولى، فهي تنتهي بألف التنوين.. ثم بعد الآية الأولى مباشرة جاء ذكر موسى عليه السلام، ثم الآية الثالثة جاء ذكر نوح عليه السلام، ثم بعد ذلك جاء الحديث عن بني إسرائيل...كل هذا في مطلع السورة، ولعل لذلك بيان عند أهل البيان، فلو عندكم بيان من هذا فلا تحرموناه..
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2012-10-01, 07:34:40
[color=green



ولفظة "بعبده" ولم تكن "بمحمد"، ولا بالرسول ولا بالنبي، مقام تشريفي لرسول الله صلى الله عليه وسلم،إذ العبودية الاختيارية أعلى وسام ، والعبودية نوعان قصرية واختيارية ، القصرية أننا كلنا لله عبد مؤمننا وكافرنا، بينما العبودية الاختيارية هي اختيار الإيمان، وهي أن يتقرب العبد من ربه، وكلما تقرب وذلّ بين يديه وتذوق عبوديته لله كلما كان مقامه عند الله أكبر .


 :emoti_6: :emoti_6:

الصواب يا أسماء قسرية ، أي إجبارية، أما قصرية، فتعني اختصاصها بشخص أو شيء لا تتجاوزه لغيره، فهي مقتصرة عليه...

يبدو أن علينا إعادة تفعيل العيادة اللغوية



العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-10-01, 08:12:40
[color=green



ولفظة "بعبده" ولم تكن "بمحمد"، ولا بالرسول ولا بالنبي، مقام تشريفي لرسول الله صلى الله عليه وسلم،إذ العبودية الاختيارية أعلى وسام ، والعبودية نوعان قصرية واختيارية ، القصرية أننا كلنا لله عبد مؤمننا وكافرنا، بينما العبودية الاختيارية هي اختيار الإيمان، وهي أن يتقرب العبد من ربه، وكلما تقرب وذلّ بين يديه وتذوق عبوديته لله كلما كان مقامه عند الله أكبر .


 :emoti_6: :emoti_6:

الصواب يا أسماء قسرية ، أي إجبارية، أما قصرية، فتعني اختصاصها بشخص أو شيء لا تتجاوزه لغيره، فهي مقتصرة عليه...

يبدو أن علينا إعادة تفعيل العيادة اللغوية





 :blush:: :blush::

ألا ليت العيادة تعود يوما فأخبرها بمدى حبي لها  :emoti_144:

رائع يا أسماء ما نقلتيه عن سورة الإسراء..

والذي شغلني في هذه السورة، أن مطلعها جاء متعلقا بحديث الإسراء، دون المعراج، واقتضى الإسراء تسبح الله فما بال المعراج؟ وانتهت الآية بقوله تعالى: (إنه هو السميع البصير) وقافلة آيات السورة كلها مختلفة عن الآية الأولى، فهي تنتهي بألف التنوين.. ثم بعد الآية الأولى مباشرة جاء ذكر موسى عليه السلام، ثم الآية الثالثة جاء ذكر نوح عليه السلام، ثم بعد ذلك جاء الحديث عن بني إسرائيل...كل هذا في مطلع السورة، ولعل لذلك بيان عند أهل البيان، فلو عندكم بيان من هذا فلا تحرموناه..


جميلة تأملاتك يا فارس الشرق، وصبرا لعلّ بالجعبة ما يشفي تساؤلاتك  emo (30):
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: زينب الباحثة في 2012-10-01, 16:09:00
في أي آية ذكر الصحابي زيد بن حارثة رضي الله عنه؟

( ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورا رحيما ( 5 ) )
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: زينب الباحثة في 2012-10-01, 16:13:19
آه صح:
فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-10-01, 17:21:19
طيب يا فارس الشرق نأتي الآن لبعض البيان في تساؤلاتك  بفضل الحنّان المنّان.

رائع يا أسماء ما نقلتيه عن سورة الإسراء..

والذي شغلني في هذه السورة، أن مطلعها جاء متعلقا بحديث الإسراء، دون المعراج، واقتضى الإسراء تسبح الله فما بال المعراج؟ .



من الذي عرفتُه أثناء علاقتي بهذه السورة، وبسورة النجم في مرحلة الإسراء والمعراج من سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم أنّ الإسراء والمعراج ثابتان في القرآن والسنة، وذلك  في قوله سبحانه عن الحكمة من الإسراء :" سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ(1) " -الإسراء- .
وفي قوله سبحانه عن ثمرة المعراج : "وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى(13) عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى(14) عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى(15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى(16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى(17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى(18)" -النجم-

أما عن التسبيح في الإسراء دون المعراج، أفلا ترى أنّ التسبيح في الإسراء تضمنّهما الاثنين؟ ، إذ أنّ الإسراء كانت مبتدأ الرحلة، وبعد الإسراء كان المعراج من المسجد الأقصى ؟

وأيضا : "لنريه من آياتنا"  و هي علة الإسراء، طيب ألا يجوز أن يكون الإسراء وما رأى فيه والمعراج وما رأى فيه هي "من آياتنا"، أي من آيات الله التي أراها الله لرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ؟

. ثم بعد الآية الأولى مباشرة جاء ذكر موسى عليه السلام، ثم الآية الثالثة جاء ذكر نوح عليه السلام، ثم بعد ذلك جاء الحديث عن بني إسرائيل...كل هذا في مطلع السورة، ولعل لذلك بيان عند أهل البيان، فلو عندكم بيان من هذا فلا تحرموناه..

حينما كنت مع الإسراء والمعراج من السيرة، وأنا أبحث ، اعترضني ما يشير لهذا يا فارس الشرق، أي كيف أن السورة كاملة سميت "الإسراء"، بينما الحديث فيها عن الإسراء لم يكن إلا في آية واحدة منها، وكل باقي آياتها عن بني إسرائيل وأمور أخرى .

والخلاصة أنّ الإشارة إلى المسجد الأقصى، وبني إسرائيل، وإلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو صاحب الرسالة الخاتمة التي على كل الأمم أن تتبعها وأنّ المسجد الأقصى مرجعه لأمّة المُسْرى به إليه والمُعرَج به منه .

وأدعوك لقراءة هذه الكلمات لسيد قطب :
هذا الإسراء آية من آيات الله . وهو نقلة عجيبة بالقياس إلى مألوف البشر . والمسجد الأقصى هو طرف الرحلة . والمسجد الأقصى هو قلب الأرض المقدسة التي أسكنها الله بني إسرائيل ثم أخرجها منها . فسيرة موسى وبني إسرائيل تجيء هنا في مكانها المناسب من سياق السورة، وهذه الحلقة من سيرة بني إسرائيل لا تذكر في القرآن إلا في هذه السورة . وهي تتضمن نهاية بني إسرائيل التي صاروا إليها ; ودالت دولتهم بها . وتكشف عن العلاقة المباشرة بين مصارع الأمم وفشو الفساد فيها , وفاقا لسنة الله التي ستذكر بعد قليل في السورة ذاتها . وذلك أنه إذا قدر الله الهلاك لقرية جعل إفساد المترفين فيها سببا لهلاكها وتدميرها .

ويقول :

ولقد خاطبهم باسم آبائهم الذين حملهم مع نوح , وهم خلاصة البشرية على عهد الرسول الأول في الأرض . خاطبهم بهذا النسب ليذكرهم باستخلاص الله لآبائهم الأولين , مع نوح العبد الشكور , وليردهم إلى هذا النسب المؤمن العريق .
ووصف نوحا بالعبودية لهذا المعنى ولمعنى آخر , هو تنسيق صفة الرسل المختارين وإبرازها . وقد وصف بها محمدا [ ص ] من قبل . على طريقة التناسق القرآنية في جو السورة وسياقها .


وما يزال هناك بيان آخر في الآية الأولى من السورة أؤجله لمداخلة أخرى بإذن الله تعالى  emo (30):

العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: فارس الشرق في 2012-10-02, 00:27:38
الله الله يا أسماء، ما أروع جعبتك وما بها من سهام صائبة...جزاكم الله خيرا على ما تفضلتم به في هذه السورة الكريمة..

وفي انتظار مزيدكم ::ok::
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-10-02, 14:54:57
سنضع المزيد عن آية سورة الإسراء يا فارس الشرق ولكن قبله أحب ان أضعه هذه الرائعة حتى لا أنسى وضعها :

"وَلاَ تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ" [يوسف: 78]

وكلمة «روْحِ» أدق دلالة وأكثر شفافية، ففيها ظل الاسترواح من الكرب الخانق بما ينسم على الأرواح من روْح الله الندي، فالمؤمنون موصولة قلوبهم بالله، الندية أرواحهم بروحه، الشاعرون بنفحاته المحيية الرخية فإنهم لا ييأسون من روْح الله، ولو أحاط بهم الكرب وأشتد بهم الضيق، وإن المؤمن لفي روح من ظلال إيمانه وفي أنس من صلته بربه وفي طمأنينة من ثقته بمولاه، وهو في مضايق بعد الشدة ومخانق الكروب...

سيد قطب
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-10-04, 16:37:37
وكما وعدنا نكمل مع الآية الأولى من سورة الإسراء

سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ(1)

"إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ" ، "هو" تدل على أنه الكامل في ذلك، وأنها تختص به سبحانه، ولم يقل "القدير" مثلا أو "على كل شيء قدير"

لأنّه افتتح الآية بـ  : "سبحان الذي أسرى بعبده...." يعني هنا دلّ على عظيم قدرته بالتسبيح المطلق في إخباره عن هذه الرحلة العظيمة وكيفيتها وزمنها، فلن يُزاد شيء بعد هذا بقوله "إنه على كل شيء قدير" .

هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، نسأل : لماذا أسرِي برسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أليس ليسمع ويرى؟ فما سيسمعه محمد صلى الله عليه وسلم وما سيراه، يسمعه ويراه ربه سبحانه.

هذه كلمات للدكتور فاضل السامرائي

أما أنا فما تأملتُه في "السميع البصير"، هنا ذكر لاختصاص الله تعالى  بهاتين الصفتين العظيمتين، إذ هو الذي لا تخفى عليه خافية فيبصر كل شيء، ولا يخفى عليه صوت فيسمع كل شيء، فهل  نرى ما يراه الله ؟ وهل كل ما يراه الله نراه نحن؟ بل هل كان لمحمد صلى الله عليه وسلم أن يَرى ذلك الذي رآه لو لم يُرِه الله ؟ وهل كان ليسمع ما سمع في تلك الرحلة لو لم يُسمِعه الله ؟ فمن هو السميع البصير ؟؟ المحيط بكل شيء سمعا وبصرا .

ونعود للدكتور فاضل :

ولماذا لم تأتِ "السميع العليم" ؟
الذي يسمعك ويبصرك هو عليم بك أم لا ؟ ...بلى هو عليم، فهل الذي يعلم بك ضروري أن يبصرك ويسمعك ؟ لا .

إذن هنا "السميع البصير"  أشمل وأدلّ على العلم، لأن الذي يعلم قد يكون غائبا عنك، فشملت العلم والرؤية والسمع .

وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(200)
هنا لما ذكر الشيطان، وهو الذي لا تُرى وساوسه وإنما تُعلَم جاءت "إنه سميع عليم".

إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ(56)

فهؤلاء المجادلون يبصر بعضهم بعضا .

طيب ولماذا تقدمت "السميع" "البصير" ؟ ذلك أن آلة الليل السمع .


العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-10-04, 17:08:29
المفكر الإسلامي مالك بن نبي وهو يحلل الظواهر الاجتماعية يستند غالبا إلى القرآن الكريم وإلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في تفسير القاعدة الاجتماعية التي يعطيها  مبنى علميّا دقيقا ...
ومن بين ما كان من فكره، تعريفه للمجتمع، ولمعنى "المجتمع"
فيقول:

المجتمع هو الجماعة الإنسانية التي تتطور ابتداء من نقطة يمكن أن نطلق عليها مصطلح (ميلاد)
ولكن حين نتحدث عن ميلاد معين، فإنا نعرّفه ضمنا بوصفه حدثا يسجل ظهور شكل من أشكال الحياة، كما يسجل نقطة انطلاق لحركة التغيير التي تتعرض لها الحياة .
ويظهر هذا الشكل في صورة نظام جديد للعلاقات بين أفراد جماعة معينة. ومع ذلك فإن هذه الصورة الجديدة للحياة المشتركة قد تبدأ بفرد واحد، يمثل في هذه الحالة نواة المجتمع الوليد، وذلك بلا شك هو المعنى المقصود من كلمة "أمة" عندما يطلقها القرآن الكريم على إبراهيم عليه السلام في قوله تعالى : "إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً"، ففي هذه الحالة نجد أن المجتمع (الأمة) يتلخص في إنسان واحد، أي أنه يتلخص في مجرد احتمال حدوث تغيير في المستقبل، مازال في حيز القوة، تحمله فكرة يمثلها هذا الإنسان .

مالك بن نبي -ميلاد مجتمع-
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-10-06, 07:00:05
هنا ستجدون فيديو في غاية الأهمية في طريقة للعيش مع القرآن... وقبل أن تتابعوه اصبروا على كلمات أكتبها لي ولكم :

كم هو مهم ورائع تدبّر القرآن، سبحان الله وكأن قراءته هي المرحلة الأولى لولوج البحر كشأن الغواص الذي لا يغوص في أعماق البحر إلا إذا لامس السطح أولا، ثم ينتقل إلى التفسير وهو حال الغواص يستكشف الأعماق، وينتبه لكُنْهِ ما حوله وهو غائص، حتى إذا ما عاد إلى البرّ فتح الكتب وقرأ عن أغوار البحر، وعما رأت عينُه....
فيتكوّن لديه فهم لما قد رأى وعاين، ولطبيعة تلك الأعماق .....
وهكذا الحال مع القرآن، بمعرفة حياة المصطفى صلى الله عليه وسلم وسيرته العطرة التي لم تكن إلا قرآنا على الأرض يتحرك، وكتب التفسير التي تركها لنا العلماء جزاهم الله عنا وعن هذا الدين خير الجزاء ....

ثم تأتي المرحلة التالية والواحد منا لا يشبع مع ما رأى من سحر، وما تذوق من حلاوة، وما عرف من أسرار مخبوءة نحتاج أن نبذل جهدا أكبر لاستكشافها، وهذه المرحلة هي مرحلة التدبر .....

حينما يتدبر الغواص فيما قد رأى وفهم، في موضع الصخور تحت البحر، وفي حركة الحيتان، وفي أنواع الأسماك وكيفية حياتها، وفي كل حركة من حركات الحياة فيه، فإذا الدرر من مَكْمَنِها بين يديه وقُبالة ناظِرَيْه وملء قلبه وعقله ....
فأنّى لمن وجد الدرر أن ينأى بعدها عن بحره....
أنّى للمتدبر في القرآن العظيم أن ينأى عن جماله وسحره ومعانيه في حياته ؟؟ !!

وهذا الفيديو بين أيديكم :

https://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=BSLT1P88VZY (https://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=BSLT1P88VZY)
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-10-10, 16:42:48
الآن حالا أقرا كلمات عن كيف أنّ معجزة رسول الله صلى الله عليه وسلم جامعة مانعة، جامعة لجميع الأمم و لجميع العصور إلى أن تقوم الساعة،ومانعة من  يأتي بعد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم رسول،لذلك كان من الواجب أن ينفرد صلى الله عليه وسلم بمعجزة تبقى بقاء رسالته إلى أن تقوم الساعة،فقد كان الرسل يُبعثون كل في قومه لبعد المسافات بعضها عن بعض، وليكون لكل قوم من يدعوهم.

وشاء الله سبحانه أن يختم الرسالات برسالته صلى الله عليه وسلم لتكون على موعد مع رشد العقل البشري في أن يجعل العالم كله وحده واحدة.

فقلت: سبحان الله، إذ أنّ زماننا هذا وما بلغه من تطور وتقدم في وسائل الاتصال والمواصلات جعلت العالم قرية صغيرة متواصلة يعتبر شاهدا من شواهد أنه لا نبي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا كتاب بعد القرآن الكريم، بل إن البشرية بشاهد الزمان وحاله لم تعد في حاجة لان يُبعث الأنبياء كلّ إلى قومه، فكان محمد صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين .

العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2012-10-11, 12:16:36
تأمل جميل يا أسماء

وأحب أن اضيف اليه ان كل البشرية منذ بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم الى قيام الساعة تعبر أمة محمد... من حيث الدعوة
والمؤمنون به هم أمته من حيث الاستجابة

اي ان اليهود والنصارى والمجوس والملحدين منذ عصر النبي والى عصرنا والى قيام الساعة، يعتبرون كافرين بنبيهم المبعوث اليهم، وهو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم..
وهذا رد على من يزعم ان اليهود اذا آمنوا بموسى وبكتابهم نجوا... لأنه ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم صار هو نبيهم، وهو الذي عليهم ان يؤمنوا به

العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-10-12, 14:22:19
تأمل جميل يا أسماء

وأحب أن اضيف اليه ان كل البشرية منذ بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم الى قيام الساعة تعتبر أمة محمد... من حيث الدعوة
والمؤمنون به هم أمته من حيث الاستجابة


اي ان اليهود والنصارى والمجوس والملحدين منذ عصر النبي والى عصرنا والى قيام الساعة، يعتبرون كافرين بنبيهم المبعوث اليهم، وهو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم..
وهذا رد على من يزعم ان اليهود اذا آمنوا بموسى وبكتابهم نجوا... لأنه ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم صار هو نبيهم، وهو الذي عليهم ان يؤمنوا به



جزاك الله خيرا كثيرا.
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-10-12, 14:48:43
قال سبحانه في سورة المائدة:

حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(3)

ومن بداية هذه الآية إلى قوله سبحانه : "ذَلِكُمْ فِسْقٌ" كلها في سياق ما تلاه الله سبحانه وتعالى محرّما على المؤمنين في المأكل...
يتساءل متسائل، وكيف تخللها قوله سبحانه : "اليوم يئس الذين كفروا من دينكم" ...؟

تأملت، فوجدت أن كل ما سبق وبينه الله تعالى في هذه الآية مما حرّم، كلّه كان يأكله المشركون، حتى أنهم كانوا يأكلون طعاما هو الدم معبأ في الأمعاء، كانوا يُعرفون بأكله ... أما وقد حرّم الله على المؤمنين كل هذا الذي كان يحلّه المشركون في الجاهلية، فقد بعدت الشقّة بين المؤمن والكافر، وأصبحت للمؤمن شخصيته ومنهجه وطريقته حتى فيما يأكل بأمر من الله سبحانه الذي أحل له الطيبات وحرم عليه الخبائث ....

فكيف للذين كفروا بعد هذا أن يجدوا لهم على المؤمنين سبيلا وقد ابتعدوا عنهم كل هذا ما أن اعتنقوا هذا الدين الذي جاء ليخلصهم من عبادة العباد والاحتكام لشطحات عقولهم إلى عبادة رب العباد الأعلم بما ينفع النفس ويضرها، وبما ينفع الجسد ويضره .....

لم يعد للكافرين بعد هذا من سبيل على المؤمنين الذين طُبِعت حياتهم كلها بطابع أمر الله ونهيه، الذين يحتكمون إليه وحده في التشريع وفي الحكم وفي الأمر .... ولا يرون لغيره سبحانه سمعا ولا طاعة .... أي وجه للشبه أصبح بين المؤمن والمشرك، بين المؤمن والكافر ؟ والمؤمن هو الذي يحدد الله له ما يأكل وما لا يأكل، وما يفعل وما لا يفعل، بينما يكفر الكافر بكل ما يأتي من عند الله تعالى سواء كان أمرا أو نهيا، أو تحليلا أو تحريما ولا يرضى بغير ما مردت عليه نفسه من الخزعبلات والخرافات والخبائث ....

اليوم يئس الذين كفروا من دينكم أي من أن يمكنوا منكم، ومن دينكم، من بعد ما صبغ وطبع كل حياتكم، من بعد ما أصبح هو حياتكم كلها، من بعد ما أصبح لا فرق في حياة المؤمن بين دنياه ودينه، وقد أصبحت دنياه تسير بمنهج دينه، وقد أصبحت بنظره ذلك المِهاد الذي يمهد له طريق آخرته الدائمة الباقية ....

اليوم يئس الذين كفروا وهم يرون كل هذا التحول الغريب العجيب في شخصية مَن كان معهم يوما كافرا مثلهم، وغدا اليوم مؤمنا بالله ورسوله، فلا يرى الدنيا إلا كما يحبه الله أن يراها، بعين نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم، وبأمر ربه سبحانه وبما يرضيه حتى فيما يأكل ويشرب ....فاليوم قد يئسوا وها هو كل ما كان منذ عهد قريب حلالا زُلالا لهم يأكلونه، غدا حراما على من آمن بالله ورسوله بنص الكتاب المنزّل ....



العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2012-10-12, 15:17:09
والله تأمل جميل

دائما تأملي لنا هكذا  ::ok::
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-10-12, 18:22:51
والله تأمل جميل

دائما تأملي لنا هكذا  ::ok::

 ::)smile:
ادعي لنا الله أن يرزقنا العيش مع القرآن وبالقرآن وللقرآن  emo (30):
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-10-15, 11:11:39
قرأت سورة العنكبوت، وجعلت أتأمل سياقاتهان فإذا فيها قَصص الانبياء، ولكن ما لاحظته في ورود قَصَصهم هنا أنّ فيها كيفية تنجية الله لصفوة عباده الأنبياء، كيف نجّى الله كل واحد منهم مما لحقه، ذلك لأنهم اعتصموا بحبل الله ولم يهِنوا ولم يضعفوا ولم ييأسوا رغم شدة ما لحقهم من التكذيب والتعذيب، فما كان لهم إلا أن أنجاهم الله تعالى في الدنيا قبل الآخرة....

 فلنتأمل سويا ورود التنجية الإلهية في صيغ اللغة في هذه الآيات الكريمة:

1-فأما سيدنا نوح عليه السلام :

وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَاماً فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ(14) فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ(15)

2-وأما سيدنا إبراهيم عليه السلام :

فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ(24)

3-وأما سيدنا لوط عليه السلام :

قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطاً قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَن فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ(32)

وَلَمَّا أَن جَاءتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ(

وهنا سيدنا إبراهيم الذي نجّاه الله قبل سيدنا لوط يخبره الملائكة أن الله سينجي نبيّه لوط عليه السلامن ثم يخبرون سيدنا لوط إخبارا مباشرا أنهم منجّوه

وبالموازاة مع اخبار تنجية الله سبحانه لعباده المؤمنين، يخبر سبحانه بإهلاكه للقرى الظالمة الكافرة، بكفرهم وبما قدموا من إنكار وجحود بالله وبنعمه

وَعَاداً وَثَمُودَ وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مِّن مَّسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ(38) وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءهُم مُّوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ(39) فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ(40)

فكانت الخلاصة
مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ(41)

أن من اتخذ من دون الله وليا ومعبودا وإله كمثل العنكبوت إذ اتخذت لها بيتا وإن أوهن البيوت لبيتها، فما أوهن بيت الكافر، وما أوهن حبله، وما اسرع نهايته وما آكَدَها، هي السنة الإلهية المحتومة اللاحقة بكل من اتخذ من دون الله وليا ونصيرا ومعبودا لا محالة .لا ينجو، بل يهلك،أما المؤمن فناج ناج ناج لا محالة

 ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ حَقّاً عَلَيْنَا نُنجِ الْمُؤْمِنِينَ(103) -يونس-
ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً(72) -مريم-
فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ(88  -الأنبياء-

وأما من يعبد الله على حرف، فإنه يذكره ساعة الشدة وينساه ساعة الرخاء، وينجيه الله من شدته ثم لما يأمن ينسى ويكفر،فكان جزاؤه الكفر على الكفر .

 فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ(65) لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ(66)


أما من اتخذ غير حبل الله حبلا، وغير الله وليا فإنما مصيره مصير بيت العنكبوت ....

العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2012-10-15, 12:30:22
وافتتاح السورة يا اسماء مناسب لهذا الذي ذكرته
حيث افتتحت بقوله تعالى: {أفحسبب الذين آمنوا ان يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون}
فسنة الله تعالى في عباده المؤمنين ان يبتليهم ويفتنهم (يمتحنهم) فإن صبروا واستمسكوا بالحق نجاهم من الذين كفروا ومكنهم في الارض

ليت اسلاميي اليوم يتعظون بهذا ولا يتسابقون في تقديم التنازلات وتملق الظالمين
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-10-15, 12:44:44
وافتتاح السورة يا اسماء مناسب لهذا الذي ذكرته
حيث افتتحت بقوله تعالى: {أفحسبب الذين آمنوا ان يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون}
فسنة الله تعالى في عباده المؤمنين ان يبتليهم ويفتنهم (يمتحنهم) فإن صبروا واستمسكوا بالحق نجاهم من الذين كفروا ومكنهم في الارض

ليت اسلاميي اليوم يتعظون بهذا ولا يتسابقون في تقديم التنازلات وتملق الظالمين

وهو كذلك تمام التمام  ::ok::نورك الله بنور كتابه emo (30):

وسبحان الله فاما المؤمن فيبتليه بما هو صعب، وبالشدة وبالمصيبة تصيبه فيصبر ويحتسب، بل ويقوى بعدها اكثر،ويزداد إيمانا، واما الكافر فيبتليه بالفرج وبالتنجية فيكفر بعدها ويزداد كفرا

فهو سبحانه يعطيهم ويفرج عنهم الكرب، وهم من بعدها يشركون .

فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ(65) لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ(66)

فربّ ابتلاء ممحّص في قلب مؤمن يزيده إيمانا وبُعدا لفرج في قلب ناكر جحود
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: فارس الشرق في 2012-10-15, 17:40:20
والنجاة لا تكون إلا بعد ابتلاء ومِحَن واختبارات، أفلح فيها الصابرون المعتصمون بحبل الله الواثقون في نصره، المؤمنون بمعيته

اللهم نسألك نجاة منك وعصمة بأمرك وتوفيقا للرشاد والسداد...اللهم آمين
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-10-16, 09:10:45
والنجاة لا تكون إلا بعد ابتلاء ومِحَن واختبارات، أفلح فيها الصابرون المعتصمون بحبل الله الواثقون في نصره، المؤمنون بمعيته

اللهم نسألك نجاة منك وعصمة بأمرك وتوفيقا للرشاد والسداد...اللهم آمين


ونسأله سبحانه الثبات من عنده حتى لا نجزع ولا نشك في نصره.
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-10-16, 10:10:27
جاء قوله سبحانه وتعالى في سورة الذاريات :

هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ(24) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَاماً قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ(25) فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ(26) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ(27)

وجاء في سورة الحجر

 وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِ بْراَهِيمَ(51) إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلاماً قَالَ إِنَّا مِنكُمْ وَجِلُونَ(52)

فلسائل أن يسأل ايهما كان من سيدنا إبراهيم؟ انه رد السلام عليهم أم انه لم يردّ السلام عليهم وأجابهم مباشرة أنه خائف منهم؟؟

يقول في ذلك الدكتور فاضل السامرائي أن القرآن الكريم يورد تفاصيل بعينها في موقع ما، ولا يوردها في موقع آخر، اي أن كلا منهما كان صحيحا،فرده عليهم السلام أورده الله تعالى في سورة الذاريات ولم يورده في سورة الحجر، كما ان إكرامهم بالعجل أورده في سورة الذاريات ولم يورده في سورة الحجر، فهو قد رد السلام ثم كلمهم بقوله "إنا منكم وجلون"، اي بالجمع بين ما ورد في كل سورة .

ويقول الدكتور أن سياق السورة يلعب دورا كبيرا في تحديد تركيب الألفاظ ونوعها، ففي الذاريات جاء الحديث عن إكرام سيدنا إبراهيم للملائكة، بينما في سورة الحجر جاء الاختصار وتم الانتقال مباشرة إلى حديث سيدنا إبراهيم معهم . وعلى هذا فلا تقوم حجة من يقول أي الموقفين كان منه هذا أم ذاك؟ وان هناك تناقضا، بل إن الاثنين قد كانا.
ونحن في سياقات أحاديثنا قد نفصل القصة الواحدة أحيانا لمن نريد وساعة نريد، وقد نختصرها أحيانا أخرى لآخرينن فنتغاضى عن ذكر اشياء كانت نراها في سياق حديثنا الجديد لا تهمّ من نحدثه ولا تأتي بفائدة .

------------------------

كما أنني هنا ألاحظ ورود كلمة "حديث" في سورة الذاريات، بينما في سورة الحجر "النبأ" بصيغة "نبئهم"ن فكان الحديث مفصلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان موجزا لما أمر ان يخبر به الصحابة رضوان الله عليهم .

والنبأ لغة -كما بحثت- لا يكون إلا للإخبار بما لا يعلمه المخبَر ، أما الخبر: فيجوز أن يكون بما يعلمه وبما لا يعلمه.
أي أن في النبأ إيجازا .

والحديث هو ما يُتحدّث به من كلام وخبر قليله وكثيره، فناسب النفصيل في الحديث، كما ناسب الإيجاز في النبأ

والله أعلم
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2012-10-16, 11:28:53
جميل
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-10-17, 16:04:41
جاء في سورة المائدة ستة عشر (16)نداء للمؤمنين من جملة 88 نداء للمؤمنين في عَرض القرآن الكريم كله

هي السورة الوحيدة في القرآن التي تبدأ بـ "يا أيها الذين آمنوا"

جاء فيها تسلسل في المعنى بديع بين النداء والنداء، ومنهجية ربانية في موضع كل نداء خلف النداء الذي يسبقه وأمام النداء الذي يليه

وكان نداؤها الاول هو ذاته الهدف من السورة كلها، سورة التحليل والتحريم، سورة البيان في أحكام الحلال والحرام، سورة الدعوة إلى الوفاء بالعقودن اي بالمواثيق، ورأسها العقد بين المؤمن وربه :

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ(1)

وبعد خمسة نداءات متوالية متسقة في السورة، يذكر الله سبحانه جملة من المواقف والقَصَص لأهل الكتاب على سبيل التحذير من الوقوع فيما وقعوا فيه كلها تصبّ في نقضهم للمواثيق، هي على التوالي :

1- موقف بني إسرائيل من الميثاق  الذي أخذه الله عليهم .  ------------------ نقض فلعنة من الله      
فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ(13)

2- موقف النصارى من الميثاق .      ----------------- نقض فغغراء للعداوة بينهم إلى يوم القيامة
وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ(14

3- القرآن حجة  على أهل الكتاب    ------------------  دعوة وتذكير وفرصة
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ(15) يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ(16)

4-بطلان  اعتقاد النصارى . (تأليههم لبشر)   -----------------    نقض منهم للميثاق،فتصريح قوي من الله بكفرهم
لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(17)

5-تمثيلهم الله جل في علاه بالبشر (انهم ابناؤه) -----------------   نقض منهم للميثاق وتحريفهم لمفهوم الالوهية
وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ(18)

6-رسول الله حجة على أهل الكتاب   -----------------  دعوة وتذكير وفرصة
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ أَن تَقُولُواْ مَا جَاءنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءكُم بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(19)

7-قصة بني إسرائيل مع نبيهم موسى(القرية)   ----------------  نقض للميثاق فضيّق الله عليهم بان ضرب عليهم التيه اربعين سنة.
 من "وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاء وَجَعَلَكُم مُّلُوكاً وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِّن الْعَالَمِينَ(20) يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ............إلى الآية 26

8-قصة ابنَيْ آدم  ----------------نقض للميثاق فكتب الله أن من قتل نفسا فكأنما قتل الناس جميعا.
من "وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ(27) .......إلى الآية31

فلنتأمل 7  و 8

فمن 7 نرى ان بني إسرائيل في قصة عصيانهم لامر نبيهم بدخول القرية كان نقضهم للميثاق عن جُبن في أنفسهم، بينما من 8، قابيل نقض الميثاق بتهوّره، والموقفان نقيضان، ولكن كلا منهما كان نقضا للميثاق، فأما نقض بني إسرائيل للميثاق لجبنهم فقد أدى إلى معاقبة الله لهم بالتضييق عليهم، بأن ضرب عليهم التيه، بأن أذهب عنهم استقرارهم، بأن حرم عليهم ما كان قد أحل لهم .

فعندما أتأمل هذا، وكأنه سبحانه يخاطبنا اليوم، -وهو يحذرنا من الوقوع في مطبات اهل الكتاب-، فإذا نحن جبناء إزاء من يلزمنا معهم الإقدام، ومتهورون إزاء من تلزمنا معهم الرحمة والتسامح والإخاء

نحن ضد أعدائنا ضِعاف لا نتقدم،ومع بعضنا البعض إخوة أعداء، يقتل الأخ اخاه ، ويسفك الأخ دم أخيه، فلما كنا على هذه الحال، ضرب الله علينا التيه، وحرم علينا تلك القرية ذاتها التي حرمها على بني إسرائيل ذات زمان لما خاروا وعصوا وجبنوا، لما لم ياتمروا بامر الله ، حرم علينا القدس والمسجد الاقصى ....

فمتى ننزل المفاهيم منازلها فيرحم بعضنا بعضا، ونقوى على أعدائنا فنتقدم ولا نتاخر، ولا نراهم الاقوياء الجبارين فننتظر حتى يخرجوا منها لندخل ...!!

أأسأل متـــــــى ؟؟

أظن حينما نتامل النداء الموالي من نداءات سورة المائدة، الذي يلي مباشرة هذه الأمثلة، قوله سبحانه

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(35)

تقوى ثم--------- تقرّب ثم ---------جهاد  -------------------وفاء بالعقد، بالميثاق مع الله تعالى .


العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-10-19, 09:24:29
يقرأ المسلمون القرآن فيحركون ألسنتهم بلفظ كلماته وتجويد تلاوته ، ولكن لا يفكرون في وجوب تحريك عقولهم لفهم معانيه ، ويرون أن هذا هو الأصل في القراءة ، كأن القرآن ليس إلا كلاماً معداً للتلحين ولا يُطلب منهم إلا التسابق إلى حسن تلحينه وإدارته على البيات والرصد والعجم وهاتيك الأنغام !

وصار البر بالقرآن كل البر ، والعناية به كل العناية ، أن نتقن مخارج حروفه ونفخم مفخمه ونرقق مرققه ونحافظ على حدود مدوده ، ونعرف مواضع إخفاء النون وإظهارها ودغمها وقلبها والغنة بها . القرآن الذي أنزله الله أمراً ونهياً ومنهجاً كاملاً للمسلم في حياته الخاصة وحياته الاجتماعية ، يُكتفي منه بالتغني بألفاظه وتجويد تلاوته !

فهل ينفع القاضي أن يقرأ القانون مجوداً ثم لا يفهمه ولا يحكم به ؟ وإذا تلقى الضابط برقية القيادة هل ينجيه من المحكمة العسكرية أن يضعها على رأسه ويقبلها ويترنم بها ، ولا يحاول أن يدرك مضمونها .بل لو رأيتم رجلاً قعد يقرأ جريدة حتى أتمها كلها من عنوانها إلى آخر إعلان فيها ، فسألتموه : ما هي أخبارها ؟ فقال : والله ما أدري ، لم أحاول أن أتفهم معناها فماذا تقولون
فيه ؟ أما تنكرونه وتنكرون عليه ؟ فكيف لا تنكرون على من يعكف على المصحف حتى يختم الختمة ، وقد خرج منها بمثل ما دخل فيها ، ما فهم من معانيها شيئاً ؟ فمن أين جاءت هذه المصيبة ؟ وأي عدو من أعداء الله استطاع أن يلعب هذه اللعبة فيحرم المسلمين من قرآنهم وهو بين أيديهم ، وفي كل بيت نُسخ منه ، وهو يُتلى دائماً في كل مكان ؟ يحرمهم منه وهو في أيديهم وهو ملء أنظارهم وأسماعهم ؟

مسألة عجيبة جداً والله !
علي الطنطاوي ـ فصول إسلامية

يااااه كم عزف الشيخ رحمه الله على وتر مووووجع....فكم هُم مَن يترنّمون بتلاوته، ويحسنون تجويدهن ولكن ......!!
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-10-21, 15:28:44
تابعوه لا تفوّتوه، عن قوله سبحانه :
"وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً(31)"،، يعني إسناد الفعل هنا للمذكر والمقصود هو جمع مؤنث، وفي مواضع أخرى أيضا ما يسند إلى المفرد المذكر من الأفعال والمقصود به الجمع، مثل قوله سبحانه : "ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتنيّ ألا في الفتنة سقطوا"ن وغيرها ..... و"قالت الأعراب"، لماذا جاءت مسندة إلى المفرد المؤنث والمعني جمع مذكر، "وقال نسوة في المدينة" لماذا أسندت إلى مفرد مذكرن والمعني جمع مؤنث ؟؟؟

تابعوه لتعرفوا الردّ ....

https://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=aNbiEz45vF8 (https://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=aNbiEz45vF8)
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-10-24, 16:38:22
هذه كلمات من التحرير والتنوير لابن عاشور أعجبتني، وهو يفصّل فيها عن خوف الأنبياء، من خلال قوله سبحانه :

 وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ(21) إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُم بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاء الصِّرَاطِ(22)  -ص-

والفزع : الذعر ، وهو انفعال يظهر منه اضطراب على صاحبه من توقع شدة أو مفاجأة ، وتقدم في قوله لا يحزنهم الفزع الأكبر في سورة الأنبياء . قال ابن العربي في كتاب أحكام القرآن : إن قيل : لم فزع داود وقد قويت نفسه بالنبوءة ؟ . وأجاب بأن الله لم يضمن له العصمة ولا الأمن من القتل ، وكان يخاف منهما وقد قال الله لموسى " لا تخف " وقبله قيل للوط . فهم مؤمنون من خوف ما لم يكن قيل لهم إنكم منه معصومون اهـ .

وحاصل جوابه : أن ذلك قد عرض للأنبياء إذ لم يكونوا معصومين من إصابة الضر حتى يؤمن الله أحدهم فيطمئن ، والله لم يؤمن داود فلذلك فزع . وهو جواب غير تام الإقناع لأن السؤال تضمن قول السائل وقد قويت نفسه بالنبوءة فجعل السائل انتفاء تطرق الخوف إلى نفوس الأنبياء أصلا بنى عليه سؤاله ، وهو أجاب بانتفاء التأمين فلم يطابق سؤال السائل .

وكان الوجه أن ينفي في الجواب سلامة الأنبياء من تطرق الخوف إليهم . والأحسن أن نجيب

أولا بأن الخوف انفعال جبلي وضعه الله في أحوال النفوس عند رؤية المكروه ، فلا تخلو من بوادره نفوس البشر فيعرض لها ذلك الانفعال بادئ ذي بدء ثم يطرأ [ ص: 233 ] عليه ثبات الشجاعة فتدفعه على النفس ، ونفوس الناس متفاوتة في دوامه وانقشاعه ، فأما إذا أمن الله نبيئا فذلك مقام آخر كقوله لموسى : " لا تخف " وقوله للنبيء صلى الله عليه وسلم - " فسيكفيكهم الله " .

وثانيا : بأن الذي حصل لداود - عليه السلام - فزع وليس بخوف . والفزع أعم من الخوف إذ هو اضطراب يحصل من الإحساس بشيء شأنه أن يتخلص منه ، وقد جاء في حديث خسوف الشمس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج فزعا ، أي مسرعا مبادرا للصلاة توقعا أن يكون ذلك الخسوف نذير عذاب ، ولذلك قال القرآن " ففزع منهم " ولم يقل : خاف . وقال في إبراهيم - عليه السلام - فأوجس منهم خيفة أي توجسا ما لم يبلغ حد الخوف . وأما قول الخصم لداود " لا تخف " فهو قول يقوله القادم بهيئة غير مألوفة من شأنها أن تريب الناظر .

وثالثا : أن الأنبياء مأمورون بحفظ حياتهم لأن حياتهم خير للأمة ، فقد يفزع النبيء من توقع خطر خشية أن يكون سببا في هلاكه فينقطع الانتفاع به لأمته . وقد جاء في حديث عائشة أن النبيء صلى الله عليه وسلم - أرق ذات ليلة فقال : " ليت رجلا صالحا من أصحابي يحرسني الليلة " إذ سمعنا صوت السلاح فقال : " من هذا ؟ " قال : سعد بن أبي وقاص جئت لأحرسك . قالت : فنام النبيء - صلى الله عليه وسلم - حتى سمعنا غطيطه ، وروى الترمذي أن العباس كان يحرس النبيء - صلى الله عليه وسلم - حتى نزل قوله تعالى والله يعصمك من الناس فتركت الحراسة .


التحرير والتنوير لابن عاشور
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-11-07, 07:05:37
فجرَ اليوم، فتحت مصحفي، فوجدت خيطه الذي يحفظ صفحة آخر مبلغي من وِرْدي في صفحة أخرى غير التي تركته عليها، ذلك أن شقيقتي قرأت من مصحفي ووضعت الخيط حيث انتهت هي في قراءتها، فكانت أول آية فتحت عليها : " أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ(23)" -الجاثية-

فتأملتها،تأملت :"وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ " فخفتها.....
أضله الله على علم، على علم .... يعلم ويضلّ...!!

يقول ابن عاشور في كتابه :
"أضله الله "
"أنه حفهم بأسباب الضلالة من عقول مكابرة ونفوس ضعيفة ، اعتادت اتباع ما تشتهيه لا تستطيع حمل المصابرة والرضا بما فيه كراهية لها . فصارت أسماعهم كالمختوم عليها في عدم الانتفاع بالمواعظ والبراهين ، وقلوبهم كالمختوم عليها في عدم نفوذ النصائح ودلائل الأدلة إليها ."
وقال :
"أنهم أحاطت بهم أسباب الضلالة مع أنهم أهل علم ، أي عقول سليمة "
وقال أيضا  في "على علم" :

"والمعنى : أنه ضال مع ما له من صفة العلم ، فالعلم هنا من وصف من اتخذ إلهه هواه وهو متمكن من العلم لو خلع عن نفسه المكابرة والميل إلى الهوى . "

فسألت الله سبحانه ألا يجعلنا منهم، وأسأله سبحانه أن يقي الأمَّة شرّ من اتبع هواه فراح يضلّ الناس وهو يحسب أنه يحسن صنعا ...
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: فارس الشرق في 2012-11-14, 23:24:52
أتأمل اختصاص سورة الحج بذكر المخبتين من عباد الله عز وجل..
(وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (34) الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (35)

وفي موضع آخر من السورة، قال عز وجل:
(وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (54)

فلعل لذلك بيانا...علما بأن هذه الصفة لم تذكر في القرآن الكريم في غير هذين الموضعين إلا في سور هود في قوله تعالى: (نَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (23)

جعلنا الله من عباده المخبتين..
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-11-19, 06:57:20
أتأمل اختصاص سورة الحج بذكر المخبتين من عباد الله عز وجل..
(وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (34) الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (35)

وفي موضع آخر من السورة، قال عز وجل:
(وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (54)

فلعل لذلك بيانا...علما بأن هذه الصفة لم تذكر في القرآن الكريم في غير هذين الموضعين إلا في سور هود في قوله تعالى: (نَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (23)

جعلنا الله من عباده المخبتين..


آمين

بإذن الله أبحث في هذا
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-11-19, 07:03:58
معجزة حادث قطار منفلوط ..
------------------------
(http://www.ayamnal7lwa.net/forum/index.php?action=dlattach;topic=5765.0;attach=10557;image)
لم تبك.. لم تصرخ..فقط رتلت سورتى النجم والمؤمنون بصوت بديع فى سيارة الإسعاف والمستشفى..فهدأت من روع زميلاتها وعندما شاهدها الأطباء بكوا

...اسمها حبيبة وطولها لم يزد على 50 سم وعمرها لا يتعدى الـ7 سنوات، غير أن ما فعلته فى الحادث المأساوى لقطار منفلوط على سيرة كل تلميذ نجا من الحادث وسيرة أهل قرية المندرة القبلية، وأيضا كافة طاقم المستشفى الطبى الذى تولى استقبال الأطفال بمستشفى أسيوط الجامعى.

ففى الوقت الذى كان كل الأطفال المصابين الواردين فى سيارات الإسعاف يصرخون من شدة الألم والكسور وبعضهم فاقدو الوعى كانت الطفلة حبيبة ساكنة لا تبكى ولم تذرف أى قطرة دمع من عينها وظلت فقط تردد آيات من سورة النجم وسورة المؤمنون بصوت يجذب كل من حولها رغم كل ما أصابها من كسور فى الحوض واليد والرجل وكدمات مختلفة فى الوجه.

حبيبة يحكى قصتها الدكتور مصطفى وهو أحد 3 أطباء تولوا استقبال المصابين منذ الساعة السابعة والنصف صباح يوم الحادث.



يقول الدكتور مصطفى: لم أشاهد فى حياتى موقفًا مثل يوم الحادث ففى السابعة والنصف صباحا تلقينا أول اتصال من شخص يبلغ عن وجود حادث كبير بمنفلوط أسفر عن وفاة 50 طفلا، ولم نصدق البلاغ وقتها بل وصل الأمر إلى أننا كذبنا البلاغ، ولكن بعد دقائق وصلت أول سيارة إسعاف تحمل الأطفال وهم مصابين إصابات خطيرة بين الكسور حالات حرجة، ومن ضغط الإقبال المتزايد من المصابين ونوعية الحالات وبكاء وصراخ الأطفال لم نستطع أن نتمالك أنفسنا من البكاء لدرجة أن إحدى أصدقائنا وهى طبيبة بالمستشفى فقدت وعيها وسقطت على الأرض من شدة الموقف حتى وصلت الطفلة حبيبة والتى كان لها أثر قوى فى رفع الحالة المعنوية للأطباء والشد من عزيمتهم لاستكمال إسعاف الأطفال المصابين أولا بأول.


يقول الطبيب: جميع الأطفال يبكون ويصرخون إلا الطفلة حبيبة، تردد آيات من سورة النجم بصوت جميل ثم تبعتها بآيات من سورة المؤمنون وهو ما دفعنى لسؤالها هل أنت مع الحادث، فأجابت بنعم، ثم عاودت الترتيل مرة أخرى.

يضيف الطبيب: التقرير الأولى لحبيبة يفيد بأن جسدها ملئ بالكسور فضلا عن كدمات متفرقة فى الجسد والوجه، وأقل كسر بها يجعل أى رجل كبير يبكى من شدة الألم، غير أنها لم تبك أبدا وظلت متمسكة بربها ومؤمنة بقدره وترتل آيات من القرآن الكريم.


حبيبة بحسب ما يقول الدكتور مصطفى لم تقف إلى هنا فقط بل ظلت تسأل عن زميلاتها وتحديدا زميلة لها تدعى أروى وتردد بين حين وآخر "أين أروى يا دكتور لو سمحت عايزة أشوف أروى"، يضيف الدكتور أنه بحث فى الأسماء الواردة إليه لكنه لم يجد اسم أروى بين المصابين، ويردد باكيا "بقيت حبيبة وذهبت أروى، وتعلقت بأروى فقط لتعلق حبيبة بها رغم أننى لم أشاهدها فى أى يوم من حياتى".



وتبين أن حبيبة تحفظ القرآن الكريم كاملاً وهى فى عمر السادسة وأنها من بين أشطر الطالبات فى المعهد الأزهرى، حبيبة حاليا محجوزة فى غرفة العناية المركزة وتوقفت عن ترتيل القرآن بسبب ما تعرضت له من تخدير فى عملية جراحية أجريت لها فى وقت متأخر مساء أمس بينما والدتها تجلس على أطراف السرير وترتل آيات من القرآن الكريم وتكمل سورة المؤمنون التى لم تكملها حبيبة قبل إجراء العملية
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-11-25, 13:32:52
سبحان الله .....!!!

https://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=i0-vHzN7TaY# (https://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=i0-vHzN7TaY#)!
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-12-12, 16:24:15
لا أدري لماذا لامستْ مني شغافا،ورأيتها قريبة في ظل ما هو قريب من حالنا، وما مِصْرُ فيه ...

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ(51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ(52) -المائدة-

يقول الشعراوي في قولهم "نخشى أن تصيبنا دائرة" متعللين بها على موالاتهم لليهود والنصارى، إذ أنهم أهل القوة، ومعاداتهم لهم يخشون بها دائرة تصيبهم وهم قليلو حيلة قياسا إليهم

ف:"عسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده"، عسى للرجاء، وهو هنا رجاء إله من إله لبشر، من إله هو محقق الرجاء، فإذا تحقق "الفتح" وهو النصر بأسباب يسببها الله جل وعلا يُدخل فيها المؤمنين سببا باجتهادهم واستعدادهم عددا وعُدة، وسعيهم لجهاد أو قتال، أما الأمر فمن عند الله خالصا يكفي به الله تعالى المؤمنين السعي والجهد، كما نصر رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبلُ بالرعب ....

فتأتي : "فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين"، فإذا الله قد جلّى لنا بهذه العبارة أنهم قد أسرّوا، ولم يعلنوا حقيقتهم وداعيَهم الأكبر لمسارعتهم في موالاة اليهود والنصارى، إنهم قد صرحوا أنهم يخشون أن تصيبهم دائرة، ولكنهم أضمروا وأسروا في أنفسهم ما هو أكبر ... وما هو أكبر هو تمنيهم هزيمة هذا الدين وأهله،وخذلانهم ورجوعهم القهقرى ....

فإذا المولى عز وجل يكشف لنا أنهم قد أسروا ما هو أكبر ....وأنهم بمعاينتهم الفتح أو الأمر قد أصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين ....

وكذلك مَن يعادي الإسلاميين، ويتمنى إزالة حكمهم، فإنه يصرح بشيء، ويسرّ ما هو أكبر ... فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده  emo (30):
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2012-12-13, 09:18:38
يارب... اللهم افتح بيننا وبين قومنا بالحق
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-12-14, 08:20:27
يارب... اللهم افتح بيننا وبين قومنا بالحق
آمين
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-01-19, 10:48:35
وكأنك يا أيها الشهيد كنت وأنت تفيؤ الظلال ترى البعيد البعيد، ترى ما هو ممتد إلى يومنا، إلى ما بعد يومنا ...

من سورة المائدة

------------------------------
وَتَرَى كَثِيراً مِّنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (62) لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ (63) -المائدة-
يقولها الله - سبحانه - لأنها الحقيقة ; ثم لكي يطمئن المؤمنون إلى كلاءة ربهم لهم , وحفظهم من كيد عدوهم ; وإحاطته علما بهذا الكيد المكتوم , ثم ليهدد أصحاب هذا الكيد لعلهم ينتهون !
ويمضي السياق يرسم حركاتهم كأنها منظورة تشهد وتلحظ من خلال التعبير:
(وترى كثيرا منهم يسارعون في الإثم والعدوان , وأكلهم السحت . لبئس ما كانوا يعملون). .
والمسارعة مفاعلة تصور القوم كأنما يتسابقون تسابقا في الإثم والعدوان , وأكل الحرام . وهي صورة ترسم للتبشيع والتشنيع , ولكنها تصور حالة من حالات النفوس والجماعات حين يستشري فيها الفساد ; وتسقط القيم ; ويسيطر الشر . . وإن الإنسان لينظر إلى المجتمعات التي انتهت إلى مثل هذه الحال , فيرى كأنما كل من فيها يتسابقون إلى الشر . . إلى الإثم والعدوان , قويهم وضعيفهم سواء . . فالإثم والعدوان - في المجتمعات الهابطة الفاسدة - لا يقتصران على الأقوياء ; بل يرتكبهما كذلك الضعفاء . . فحتى هؤلاء ينساقون في تيار الإثم . وحتى هؤلاء يملكون الاعتداء ; إنهم لا يملكون الاعتداء على الأقوياء طبعا . ولكن يعتدي بعضهم على بعض . ويعتدون على حرمات الله . لأنها هي التي تكون في المجتمعات الفاسدة الحمى المستباح الذي لا حارس له من حاكم ولا محكوم ; فالإثم والعدوان طابع المجتمع حين يفسد ; والمسارعة فيهما عمل هذه المجتمعات !
وكذلك كان مجتمع يهود في تلك الأيام . . وكذلك أكلهم للحرام . . فأكل الحرام كذلك سمة يهود في كل آن !
(لبئس ما كانوا يعملون)!

----------------------
 ولكن الله - سبحانه - كان يضع للجماعة المسلمة قاعدة تصورها ومنهجها وحياتها الدائمة . وكان الله - سبحانه - يعلم ما سيكون على مدار الزمان مع أجيال المسلمين . وها نحن أولاء رأينا ونرى أن أعداء هذا الدين وأعداء الجماعة المسلمة على مدار التاريخ أمس واليوم من الذين قالوا:إنهم نصارى كانوا أكثر عددا من اليهود ومن الكفار مجتمعين ! فهؤلاء - كهؤلاء - قد ناصبوا الإسلام العداء , وترصدوه القرون تلو القرون , وحاربوه حربا لا هوادة فيها منذ أن اصطدم الإسلام بالدولة الرومانية على عهد أبى بكر وعمر - رضي الله عنهما - حتى كانت الحروب الصليبية ; ثم كانت "المسألة الشرقية " التي تكتلت فيها الدول الصليبية في أرجاء الأرض للإجهاز على الخلافة ; ثم كان الاستعمار الذي يخفي الصليبية بين أضلاعه فتبدو في فلتات لسانه ; ثم كان التبشير الذي مهد للاستعمار وسانده ; ثم كانت وما تزال تلك الحرب المشبوبة على كل طلائع البعث الإسلامي في أي مكان في الأرض . . وكلها حملات يشترك فيها اليهود والنصارى والكفار والوثنيون . .
وهذا القرآن جاء ليكون كتاب الأمة المسلمة في حياتها إلى يوم القيامة . الكتاب الذي يبني تصورها الاعتقادي , كما يبني نظامها الاجتماعي , كما يبني خطتها الحركية . . سواء . . وها هو ذا يعلمها ألا يكون ولاؤها إلا لله ولرسوله وللمؤمنين ; وينهاها أن يكون ولاؤها لليهود والنصارى والكافرين . ويجزم ذلك الجزم الحاسم في هذه القضية , ويعرضها هذا العرض المنوع الأساليب .
إن هذا الدين يأمر أهله بالسماحة , وبحسن معاملة أهل الكتاب ; والذين قالوا:إنهم نصارى منهم خاصة . . ولكنه ينهاهم عن الولاء لهؤلاء جميعا . . لأن السماحة وحسن المعاملة مسألة خلق وسلوك . أما الولاء فمسألة عقيدة ومسألة تنظيم . إن الولاء هو النصرة . هو التناصر بين فريق وفريق ; ولا تناصر بين المسلمين وأهل الكتاب - كما هو الشأن في الكفار - لأن التناصر في حياة المسلم هو - كما أسلفنا - تناصر في الدين ; وفي الجهاد لإقامة منهجه ونظامه في حياة الناس ; ففيم يكون التناصر في هذا بين المسلم وغير المسلم . وكيف يكون ?!
إنها قضية جازمة حاسمة لا تقبل التميع , ولا يقبل الله فيها إلا الجد الصارم ; الجد الذي يليق بالمسلم في شأن الدين .

-----------------------------
 قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ(59)
وهذه الحقيقة التي يقررها الله سبحانه في مواضع كثيرة من كلامه الصادق المبين , هي التي يريد تمييعها وتلبيسها وتغطيتها وإنكارها اليوم كثيرون من أهل الكتاب , وكثيرون ممن يسمون أنفسهم "مسلمين" . . باسم تعاون "المتدينين" في وجه المادية والإلحاد كما يقولون !
أهل الكتاب يريدون اليوم تمييع هذه الحقيقة بل طمسها وتغطيتها , لأنهم يريدون خداع سكان الوطن الإسلامي - أو الذي كان إسلاميا بتعبير أصح - وتخدير الوعي الذي كان قد بثه فيهم الإسلام بمنهجه الرباني القويم . ذلك أنه حين كان هذا الوعي سليما لم يستطع الاستعمار الصليبي أن يقف للمد الإسلامي , فضلا على أن يستعمر الوطن الإسلامي . . ولم يكن بد لهؤلاء - بعد فشلهم في الحروب الصليبية السافرة , وفي حرب التبشير السافرة كذلك - أن يسلكوا طريق الخداع والتخدير , فيتظاهروا ويشيعوا بين ورثة المسلمين , أن قضية الدين والحرب الدينية قد انتهت ! وأنها كانت مجرد فترة تاريخية مظلمة عاشتها الأمم جميعا ! ثم تنور العالم و"تقدم" فلم يعد من الجائز ولا اللائق ولا المستساغ أن يقوم الصراع على أساس العقيدة . . وأنما الصراع اليوم على المادة ! على الموارد والأسواق والاستغلالات فحسب ! وإذن فما يجوز للمسلمين - أو ورثة المسلمين - أن يفكروا في الدين ولا في صراع الدين !
وحين يطمئن أهل الكتاب - وهم الذين يستعمرون أوطان المسلمين - إلى استنامة هؤلاء لهذا التخدير ;وحين تتميع القضية في ضمائرهم ; فإن المستعمرين يأمنون غضبة المسلمين لله ; وللعقيدة . . الغضبة التي لم يقفوا لها يوما . . ويصبح الأمر سهلا بعد التنويم والتخدير . . ولا يكسبون معركة العقيدة وحدها . بل يكسبون معها ما وراءها من الأسلاب والمغانم والاستثمارات والخامات ; ويغلبون في معركة "المادة " بعدما يغلبون في معركة "العقيدة " . . فهما قريب من قريب . .
وعملاء أهل الكتاب في الوطن الإسلامي , ممن يقيمهم الاستعمار هنا وهناك علانية أو في خفية , يقولون القول نفسه . . لأنهم عملاء يؤدون الدور من داخل الحدود . . وهؤلاء يقولون عن "الحروب الصليبية " ذاتها:إنها لم تكن "صليبية " !!! ويقولون عن "المسلمين" الذين خاضوها تحت راية العقيدة:إنهم لم يكونوا "مسلمين" وإنما هم كانوا "قوميين" !
وفريق ثالث مستغفل مخدوع ; يناديه أحفاد "الصليبين" في الغرب المستعمر:أن تعالوا إلينا . تعالوا نجتمع في ولاء ; لندفع عن "الدين" غائلة "الملحدين" ! فيستجيب هذا الفريق المستغفل المخدوع ; ناسيا أن أحفاد الصلييبين هؤلاء وقفوا في كل مرة مع الملحدين ; صفا واحدا , حينما كانت المواجهة للمسلمين ! على مدار القرون ! وما يزالون ! وأنهم لا يعنيهم حرب المادية الالحادية قدر ما تعنيهم حرب الإسلام , ذلك أنهم يعرفون جيدا أن الإلحادية المادية عرض طارى ء وعدو موقوت ; وأن الإسلام أصل ثابت وعدو مقيم ! وإنما هذه الدعوة المموهة لتمييع اليقظة البادئة عند طلائع البعث الإسلامي ; وللانتفاع بجهد المستغفلين المخدوعين - في الوقت ذاته - ليكونوا وقود المعركة مع الملحدين لأنهم أعداء الاستعمار السياسيون ! وهؤلاء كهؤلاء حرب على الإسلام والمسلمين . . حرب لا عدة فيها للمسلم إلا ذلك الوعي الذي يربيه عليه المنهج الرباني القويم . .
إن هؤلاء الذين تخدعهم اللعبة أو يتظاهرون بالتصديق , فيحسبون أهل الكتاب جادين إذ يدعونهم للتضامن والولاء في دفع الإلحاد عن "الدين" إنما ينسون واقع التاريخ في أربعة عشر قرنا - لا استثناء فيها - كما ينسون تعليم ربهم لهم في هذا الأمر بالذات , وهو تعليم لا مواربة فيه , ولا مجال للحيدة عنه , وفي النفس ثقة بالله ويقين بجدية ما يقول !
إن هؤلاء يجتزئون فيما يقولون ويكتبون بالآيات القرآنية , والأحاديث النبوية , التي تأمر المسلمين أن يحسنوا معاملة أهل الكتاب ; وأن يتسامحوا معهم في المعيشة والسلوك . ويغفلون التحذيرات الحاسمة عن موالاتهم ; والتقريرات الواعية عن بواعثهم , والتعليمات الصريحة عن خطة الحركة الإسلامية , وخطة التنظيم , التي تحرم التناصر والموالاة , لأن التناصر والموالاة لا يكونان عند المسلم إلا في شأن الدين وإقامة منهجه ونظامه في الحياة الواقعية , وليست هناك قاعدة مشتركة يلتقي عليها المسلم مع أهل الكتاب في شأن دينه - مهما يكن هناك من تلاق في أصول هذه الأديان مع دينه قبل تحريفها - إذ هم لا ينقمون منه إلا هذا الدين , ولا يرضون عنه إلا بترك هذا الدين . . كما يقول رب العالمين . .
إن هؤلاء ممن يجعلون القرآن عضين ; يجزئونه ويمزقونه , فيأخذون منه ما يشاءون - مما يوافق دعوتهم الغافلة الساذجة على فرض براءتها - ويدعون منه ما لا يتفق مع اتجاههم الغافل أو المريب !
ونحن نؤثر أن نسمع كلام الله , في هذه القضية , على أن نسمع كلام المخدوعين أو الخادعين ! وكلام الله - سبحانه - في هذه القضية حاسم واضح صريح مبين . .
ونقف وقفة قصيرة في هذا الموضع عند قوله تعالى - بعد تقرير أن سبب النقمة هو الإيمان بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قبل - أن بقية السبب:
(وأن أكثركم فاسقون)
فهذا الفسق هو شطر الباعث ! فالفسق يحمل صاحبه على النقمة من المستقيم . . وهي قاعدة نفسية واقعية ; تثبتها هذه اللفتة القرآنية العجيبة . . إن الذي يفسق عن الطريق وينحرف لا يطيق أن يرى المستقيم على النهج الملتزم . . إن وجوده يشعره دائما بفسقه وانحرافه . إنه يتمثل له شاهدا قائما على فسقه هو وانحرافه . . ومن ثم يكرهه وينقم عليه . يكره استقامته وينقم منه التزامه ; ويسعى جاهدا لجره إلى طريقه ; أو للقضاء عليه إذا استعصى قياده !
إنها قاعدة مطردة , تتجاوز موقف أهل الكتاب من الجماعة المسلمة في المدينة , إلى موقف أهل الكتاب عامة من المسلمين عامة . إلى موقف كل فاسق منحرف من كل عصبة ملتزمة مستقيمة . . والحرب المشبوبة دائما على الخيرين في مجتمع الأشرار , وعلى المستقيمين في مجتمع الفاسقين , وعلى الملتزمين في مجتمع المنحرفين . . هذه الحرب أمر طبيعي يستند إلى هذه القاعدة التي يصورها النص القرآني العجيب . .
ولقد علم الله - سبحانه - أن الخير لا بد أن يلقى النقمة من الشر , وأن الحق لا بد أن يواجه العداء من الباطل , وأن الاستقامة لا بد أن تثير غيظ الفساق , وأن الالتزام لا بد أن يجر حقد المنحرفين .
وعلم الله - سبحانه - أن لا بد للخير والحق والاستقامة والالتزام أن تدفع عن نفسها وأن تخوض المعركة الحتمية مع الشر والباطل والفسق والانحراف . وأنها معركة لا خيار فيها , ولا يملك الحق ألا يخوضها في وجه الباطل . لأن الباطل سيهاجمه , ولا يملك الخير أن يتجنبها لأن الشر لا بد سيحاول سحقه . .
وغفلة - أي غفلة - أن يظن أصحاب الحق والخير والاستقامة والالتزام أنهم متروكون من الباطل والشر والفسق والانحراف ; وأنهم يملكون تجنب المعركة ; وأنه يمكن أن تقوم هناك مصالحة أو مهادنة ! وخير لهم أن يستعدوا للمعركة المحتومة بالوعي والعدة ; من أن يستسلموا للوهم والخديعة . . وهم يومئذ مأكولون مأكولون !

سيد قطب -الظلال-
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-01-29, 10:45:37
إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ(55) وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ(56 -المائدة-

سورة المائدة تعرف بأنها سورة العقود، فتبتدئ بقوله سبحانه: "يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود"، فهي سورة فيها دعوة المؤمنين لأن يوفوا بالعقود، ورأس العقود عقدهم مع الله تعالى، هذا العقد بطرفين كعادة العقود،طرفه الأول الله جل في علاه وطرفه الثاني عبده المؤمن الذي أعلن أنه يؤمن به ربا، وإيمانه بالله ربا هو قبوله أن يتلقى أوامره من ربه سبحانه وتعالى ويتلقى تعاليمه منه، ويطيع، ومن هذا العقد يتمخض وجوب وفائه بكل ما يأمره ربه سبحانه وتعالى، فجاءت السورة محتوية على ستة عشر نداء من الله عز وجل لعباده المؤمنين يأمرهم فيها ويرشدهم حتى يكونوا أهلا لعقدهم مع الله فيوفوا .....

ثم تأتي هاتان الآيتان:
إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ(55) وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ(56 -المائدة-
 بعد ثمان نداءات للمؤمنين،آخرها نداء الله لهم ألا يتخذوا اليهود والنصارى أولياء، لتأتي هي موضحة أن ولي المؤمنين هو الله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون. هذه الآية عندما نتأملها  تأتي بالطرف الأول في عقد ولاية، في تشكيلة لا تُضاهى وليس لها مثيل ولا نظير، هي عقد ولاية من طرفين، الطرف الأول فيها الله سبحانه ثم رسوله، والطرف الثاني فيها المؤمنون، ليتم عقد الولاية اللازم للمؤمن والذي إن لم يحد عنه ورضيه فاز في الدنيا وفي الآخرة وأنقذ نفسه من الذل والهوان، وضمِن النصر والعزة ....

ويأتي لفظ "وليكم" هنا طرفا أولا في تشكيلة سيسميها الله تعالى "حزب الله" ، فالولي هو الله ثم رسوله ثم الذين آمنوا .

ثم في الآية الموالية يبين لنا الله سبحانه وتعالى أن أطراف هذا العقد عقد الولايةوالتحالف والنصرة  الله جل في علاه ثم رسوله ثم المؤمنون يكونون حزب الله، وجاء لفظ "يتولّ" هنا ليتم تشكيل الحزب الذي هو أساسا وكما نعرف يكوّن من وليّ وممّن يتولاه أطرافا مشكلة لهذا الحزب العظيم الذي لا يُقارَع .

وتجدر الإشارة إلى أنّ لأعضاء هذا الحزب من المؤمنين صفات حددها الله تعالى، صفات تنأى بهم عن الشبهات، وتجعلهم أهلا للولاية، وهو سبحانه وتعالى هنا لم يقل "المؤمنون"، واكتفى بل إنه حدد لهم أوصافا تجعلهم أهلا لهذا الحزب وأهلا لأن يتولاهم المؤمن "الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ راكِعُونَ"

مقيمون للصلاة، مؤتون للزكاة، راكعون..... ويذكر إقامة الصلاة للإيحاء بالمعنى الحقيقي للصلاة لروح الصلاة التي تنعكس على نفس المؤمن في كل مناحي حياته، وليست صلاة بلا روح، ثم يؤتون الزكاة حتى يُعلَم أنما هم مؤمنون لا يعيشون لأنفسهم بل يعيشون لمجتمعهم يؤدون واجبهم تجاه مجتمعهم، مؤمنون لا يرضون بمجتمع طبقي مغال في الطبقية بل الكل فيه متعاونون، ولنا أن نتخيل هذا المجتمع وحاله، ثم تأتي "راكعون"، وهي في ذاتها جزء من الصفة السابقة لهم، سبحان الله وكأن الله تعالى يريد أن يُلزم المؤمنين هذه الصفة لازمة في حياتهم، فهم لله راكعون، وركوعهم هذا هو دوام طاعتهم لله سبحانه في كل ما يأمرهم وينهاهم .......

فأي حزب هو هذا يجد عنه المؤمن بديلا ؟!!

وهكذا وفي سورة العقود، نبقى في سياق معنى العقود، فنعرف من هاتين الآيتين عقد الولاية الذي هو عقد قلبيّ عقليّ فهو عقد رَوعِيّ يعقده المؤمن مع ربه، ونعرف حزب الله الذي هو أيضا عقد ماديّ واقعيّ يلتف فيه المؤمنون أهل العمل والجدّ كما جاء وصفهم جماعة واقعية موحّدة حول ربها سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم.
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-02-13, 10:52:57
سبحان مالك المُلك، سبحان الملِك ، سبحان المالك، له المِلك وله المُلك ...سبحانه ...تابعوا:

تعدد قراءات القرآن - لمسات بيانية د.فاضل السامرائي (http://www.youtube.com/watch?v=0NyRf8TTL7A#)
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-02-14, 05:33:18
من صفحة الدكتور مجدي الهلالي:

أخي أين أثرك؟؟

إن الأثر الذي يحدثه اللقاء الدائم بالقرآن يتعدى الفرد إلى المحيط الذي يتعامل معه ، ،
وعندما يجفو المؤمن عن القرآن يضعف هذا الأثر ويغيب ..
يؤكد على هذا قوله صلى الله عليه وسلم (المؤمن الذي يقرأ القرآن ويعمل به "كالأترجة" ، طعمها طيب وريحها طيب
والمؤمن الذي لا يقرأ القرآن ويعمل به كالتمرة ؛ طعمها طيب ولا ريح لها ..الحديث)
فالطعم يخص صاحبه
والريح يخص من حوله ،، وهذا يدل أن المنشغل بالقرآن ، غير الجافي عنه هو الأكثر تأثيرا في الآخرين و تغييرا للمجتمع
يقول ابن حجر:
الحكمة في تخصبص الأترجة دون غيرها من الفاكهة التي تجمع طيب الطعم والريح؛ لأنه يتداوى بقشرتها
ولأن الجن لا تقرب البيت الذي فيه الأترج ؛ فناسب أن يمثل به القرآن الذي لا تقربه الشياطين ، وغلاف حبه أبيض ؛ فيناسب قلب المؤمن .. و فيه أيضا من المزايا كبر حجمه وحسن منظره ، وتفريح لونه ، ولين ملمسه
وفي أكل الأترج طيب نكهة ، ودباغ معدة ، وجودة هضم ، ومنافع أخرى .. !!
فلنكن كالأترجة في هذه المرحلة العصيبة التي تمر بها الأمة

فما أكثر الأمراض ، وما أكثر الشياطين من الإنس والجن
وما أكثر احتياج الدعوة لمن يترك ذلك الأثر الطيب الذي تتركه الأترجة ..

أخي
أين أثرك؟؟
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-02-19, 17:03:23
من أهداف قراءة القرآن :
معظم الناس لا يستحضر هدفا واضحا لقراءة القرآن .. لذلك فهو لا يستشعر أهميته .

وقراءة القرآن يجتمع فيها مقاصد خمسة ونيات كلها عظيمه , وأهداف قراءة القرآن مجموعة في قولك ( ثمّ شعّ ) :
(الثاء ) : ثواب , ( الميم ) : مناجاة .. ( الميم ) : مسأله , ( الشين ) : شفاء , ( العين ) : علم .. عمل .

فمتى قرأ المسلم القرآن مستحضراً المقاصد الخمسة معاً كان انتفاعه بالقرآن أعظم وأجره أكبر .
ومن قرأه يريد العلم رزقه الله العلم , ومن قرأه يريد الثواب فقط أعطي الثواب .
قال ابن تيمية ( من تدبر القرآن طالباً الهدى منه تبين له طريق الحق )

الإبداع في إتقان حفظ القرآن‎
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: زينب الباحثة في 2013-02-19, 21:23:54
 ::ok::

باركَ الله فيك
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2013-02-20, 07:46:09

ومن قرأه يريد العلم رزقه الله العلم , ومن قرأه يريد الثواب فقط أعطي الثواب .
قال ابن تيمية ( من تدبر القرآن طالباً الهدى منه تبين له طريق الحق )


جميل جدا ويجب التنبيه له ... جزاك الله خيرا
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: زينب الباحثة في 2013-02-20, 17:49:44
"(قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا) [سبأ 46].

فقوله (مثنى وفرادى) يشير إلى ما أكده علم النفس الحديث من تأثير الغوغائية أو ما يسمى "العقل الجماعي" على سلامة الإدراك، وسداد الحكم على الأشياء، لذا طلب من الإنسان أن يفكر وحده، أو مع صديق مخلص له، في هدوء وإخلاص، حتى يصل إلى الحقيقة.


القرضاوي، العقل والعلم في القرآن الكريم
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-02-21, 09:55:24
"(قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا) [سبأ 46].

فقوله (مثنى وفرادى) يشير إلى ما أكده علم النفس الحديث من تأثير الغوغائية أو ما يسمى "العقل الجماعي" على سلامة الإدراك، وسداد الحكم على الأشياء، لذا طلب من الإنسان أن يفكر وحده، أو مع صديق مخلص له، في هدوء وإخلاص، حتى يصل إلى الحقيقة.


القرضاوي، العقل والعلم في القرآن الكريم

 ::ok::   جزاك الله خيرا emo (30):
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-02-22, 10:05:36
 تأملت صفحتين اثنتين من سورة البقرة،وهما اللتين وردت بهما قصة طالوت وجالوت ،فخرجت من تأملي وقد مررت في السياق القرآني للقصة بمحطات تصفية ثلاث
 في عجالة أذكر أصل القصة ....ذلك أن قوما من بني إسرائيل بعد سيدنا موسى مع واحد من الأنبياء الكثر الذين أنزلوا عليهم طلبوا من نبيهم أن يسأل الله سبحانه أن يعيّن لهم ملكا يكون قائدهم للقتال في سبيل الله ....ولنتأمل جيدا عبارتهم الحرفية في سبيل الله وذلك يقينا منهم أنهم إنما يريدون القتال في سبيله من أثر إيمانهم وتصديقهم فسألهم نبيهم عندها مباشرة أنه إن كتب عليهم القتال ربما لن يقاتلوا وذلك من وحي حكمته وتمام عقله بأن الكلام أيسر بكثير من الفعل عندما يجدّ الجدّ فأجابوه من توّهم أن كيف لا يقاتلون وقد أخرجوا من ديارهم وأبنائهم
هنا لنتأمل أنهم قوم متيقنون أنهم على حق وأن لهم كل الحق في الذود عن حقهم بعدما سلبت أراضيهم وسبي أبناؤهم
فلما كتب عليهم القتال إذا بهم يتولون...ولنتأمل الفرق بين الموقف القولي والموقف الفعلي ، وأن نبوءة النبي بسؤاله قد تحققت وخاصة بني إسرائيل الذين عرفوا عبر التاريخ بنقضهم لكل عهد، وهذا الحال لا يخصهم وحدهم وإنما يخص كل أمة لا تقدّر مواقفها الحقيقية إلا بقدر إقدامها على الفعل وليس بمجرد التشدق القولي...

تولوا إلا قليلا منهم وهذه محطة التصفية الأولى التي وقفتُ عندها فالعدد الذي كان قد تناقص وانتهى إلى عدد الصادقين المقبلين على الفعل...
ثم يخبرهم نبيهم أن الله قد بعث لهم طالوت ملكا فإذا بهم يحاجون كعادة اليهود في المحاججة...ولكم أن تتذكروا معي هنا قصة البقرة إذ أمرهم الله بذبح بقرة بلا ألف ولام التعريف فإذا بهم يسألون ويمعنون في السؤال حتى شقوا على أنفسهم فشق الله عليهم ...يحاجون في اختيار الله لهم....

ثم وبعدما يرسل لهم الله التابوت آية تحمله الملائكة وبعد تصديقهم واطمئنانهم لهذه الآية العينية يقبلون مع طالوت مقاتلين فيأتي دور محطة التصفية الثانية ها هنا وهي مع قصة النهر الذي ابتلاهم الله به فيخبرهم ملكهم أنه من شرب منه لن يكون معه ولن يتبعه وأن من لم يشرب فسيتم معه المسير إلى القتال في سبيل الله بعدما يكون قد اختبر في صدقه وإقدامه على الله تعالى باختبار شهوة نفسه وهم في أشد حالات الظمأ ولنتأمل كيف أنه سبحانه لا يسد كل منافذ الرحمة على طبيعة البشر وإنما يقول سبحانه إلا من اغترف غرفة بيده وهذه الغرفة يعني بها شربة تذهب حرارة الظمأ المستعرة ولا يراد بها أن يغرق الشارب بالماء فيشرب حتى يرتوي .....فيأتي قوله سبحانه "فشربوا منه إلا قليلا منهم" وبالعبارات القرآنية نفسها وبذات الاستثناء "إلا قليلا منهم" هم الذين نجحوا بالاختبار فكانوا في زمرة المؤمنين الصادقين المختبرين في صدقهم باختبار صعب ها نحن أمام تناقص جديد في عدد المؤمنين المكملين المسير معه.....

أراه وكأنما هو الغربال الذي يطرح الزائد الذي لا معنى له ويبقي على الأصلح بين الأصلح ....فلما جاوز طالوت النهر هو والذين آمنوا معه بعبارة "هو والذين آمنوا معه " وكأن درجة الإيمان قد استحقت لهم بعد هذين الاختبارين وهاتين المحطتين ثم في آخر القصة يستعظم الباقون معه ، (الفئة القليلة الباقية معه) يستعظمون جيش جالوت المقبلين عليه فيقولون "لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده"

فيأتي في السياق قوله سبحانه
"فقال الذين يظنون أنهم ملاقو الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين"
لنتأمل وصفه سبحانه الجديد للفئة الصادحة بهذه الحكمة وهذا اليقين
وصفهم بالذين يظنون أنهم ملاقو الله وهنا الظن ليس بمعنى الظن وإنما هو بمعنى اليقين. يعني هذه محطة التصفية الأخيرة

حيث نطق الذين يتيقنون من لقاء الله ومن وعد الله بالنصر للذين على حق وأنه مع صبرهم وإن كانوا قلة

من هذه القصة ألا نستنتج أن الفئة القليلة الصادقة المختارة من فعل صدقها وتصديقها وإقبالها الفعلي لا القولي وتحملها للشدائد كلها وصبرها على كل عائق وكل شدة هي التي يكون وزن الواحد منها بوزن العشرات أو المئات ، وأن نصر الله للأمة برمتها قد يأتي على يد هذه القلة الصادقة؟؟ هذه الفئة القليلة المختبرة في صدق إيمانها وإقبالها على الله ؟؟؟

    ولكم أن تتــــــــــــأملوا
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-02-23, 09:59:41
في  قوله تعالى من سورة المائدة :

 يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ(67)

هذه الآية من سورة تكاد تكون آخر ما نزل من القرآن الكريم إن لم تكن آخر ما نزل، يأتي فيها الأمر من الله سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم أن يبلغ ما أنزِل إليه .... إنها لم تكن في بدايات النزول، لم تكن في أوائل ما أنزِل، بل كانت في أواخر ما أنزِل !!

سبحان الله !! إنها آية قاطعة كل القطع أنّ ما أنزله الله سبحانه على نبيه إنما يقتضي أن يبلّغ كله، إلى آخره، إلى آخر حرف نزل، ومع آخر الآيات نزولا من رب العزة، ينزل هذا التحضيض وهذا الأمر وهذا التأكيد على وجوب إتمام التبليغ إلى آخر حرف ينزل من الله سبحانه... وللتأكيد على أنه صلى الله عليه وسلم قد بلّغ ما قبله وها هو يحثّ على إتمام التبليغ .

--------------------------------------

ويقول في ذلك الطاهر بن عاشور قولا نضعه هنا فيه تفصيل لكثر من الأمور في هذه النقطة، أرجو أن تقرؤوه فيه الفائدة والنفع :

يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِى الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ).
إنّ موضع هذه الآية في هذه السورة معضل ، فإنّ سورة المائدة من آخر السور نزولاً إن لم تكن آخرها نزولاً ، وقد بلّغ رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) الشريعة وجميعَ ما أنزل إليه إلى يوم نزولها ، فلو أنّ هذه الآية نزلت في أوّل مدّة البعثة لقلنا هي تثبيت للرسول وتخفيف لأعباء الوحي عنه ، كما أنزل قوله تعالى : ( فاصْدَعْ بما تؤمر وأعرض عن المشركين إنّا كفيناك المستهزئين ( ( الحجرات : 94 ، 95 ) وقوله : ( إنّا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً إلى قوله واصبِر على ما يقولون ( ( المزمل : 5 10 ) الآيات ، فأمّا وهذه السورة من آخر السور نزولاً وقد أدّى رسول الله الرسالة وأُكْمِل الدّينُ فليس في الحال ما يقتضي أن يؤمر بتبليغ ، فنحن إذنْ بين احتمالين :

أحدهما : أن تكون هذه الآية نزلت بسبب خاصّ اقتضى إعادة تثبيت الرسول على تبليغ شيء ممّا يثقل عليه تبليغه .
وثانيهما : أن تكون هذه الآية نزلت من قبللِ نزول هذه السورة ، وهو الّذي تواطأت عليه أخبار في سبب نزولها .
فأمّا هذا الاحتمال الثّاني فلا ينبغي اعتباره لاقتضائه أن تكون هذه الآية بقيت سنين غير ملحقة بسورة ، ولا جائز أن تكون مقروءة بمفردها ، وبذلك تندحض جميع الأخبار الواردة في أسباب النزول الّتي تَذْكُر حوادث كلَّها حصلت في أزمان قبل زمن نزول هذه السورة . وقد ذكر الفخر عشرة أقوال في ذلك ، وذكر الطبري خبرين آخرين ، فصارت اثني عشر قولاً .
وقال الفخر بعد أن ذكر عشرة الأقوال : إنّ هذه الروايات وإن كثرت فإنّ الأوْلى حمل الآية على أنّ الله آمنَه مكر اليهود والنّصارى ، لأنّ ما قبلها وما بعدها كان كلاماً مع اليهود والنّصارى فامتنع إلقاء هذه الآية الواحدة في البين فتكونُ أجنبية عمّا قبلها وما بعدها اه . وأمّا ما ورد في الصّحيح أنّ رسول الله كان يُحرَس حتّى نزل ) والله يعصمك من النّاس ( فلا يدلّ على أنّ جميع هذه الآية نزلت يومئذٍ ، بل اقتصر الراوي على جزء منها ، وهو قوله : ( والله يعصمك من النّاس ( فلعلّ الّذي حدّثت به عائشة أنّ الله أخبر رسوله بأنّه عصمه من النّاس فلمّا حكاه الراوي حكاه باللّفظ الواقع في هذه الآية .

فتعيّن التعويل على الاحتمال الأوّل : فإمّا أن يكون سبب نزولها قضية ممّا جرى ذكره في هذه السورة ، فهي على وتيرة قوله تعالى : ( يأيّها الرسول لا يحزنك الّذي يسارعون في الكفر ( ( المائدة : 41 ) وقوله : ( ولا تتّبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك ( ( المائدة : 49 ) فكما كانت تلك الآية في وصف حال المنافقين تليتْ بهذه الآية لوصف حال أهل الكتاب . والفريقان متظاهران على الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) فريق مجاهر ، وفريق متستر ، فعاد الخطاب للرسول ثانية
بتثبيت قلبه وشرْح صدره بأن يدوم على تبليغ الشريعة ويجهد في ذلك ولا يكترث بالطاعنين من أهل الكتاب والكفّار ، إذ كان نزول هذه السورة في آخر مدّة النّبيء ( صلى الله عليه وسلم ) لأنّ الله دائم على عصمته من أعدائه وهم الّذين هوّن أمرهم في قوله : ( يأيّها الرسول لا يحزنك الّذين يسارعون في الكفر ( ( المائدة : 41 ) فهم المعنيّون من ) الناس ( في هذه الآية ، فالمأمور بتبليغه بعض خاصّ من القرآن .

وقد علم من خُلق النّبيء ( صلى الله عليه وسلم ) أنّه يحبّ الرفق في الأمور ويقول : إنّ الله رفيق يحبّ الرفق في الأمر كلّه ( كما جاء في حديث عائشة حين سلَّم اليهود عليه فقالوا : السامُ عليكم ، وقالت عائشة لهم : السامُ عليكم واللّعنة ) ، فلمّا أمره الله أن يقول لأهل الكتاب ) وأنّ أكثركَم فاسقون قل هل أنبّئكم بشرّ من ذلك مثوبة عند الله مَن لعنه الله وغضب عليه ( ( المائدة : 59 ، 60 ) الآية ، وكان ذلك القول مجاهرة لهم بسوءٍ أعلمه الله بأنّ هذا لا رفق فيه فلا يدخل فيما كان يعاملهم به من المجادلة بالّتي هي أحسن ، فتكون هذه الآية مخصّصة لما في حديث عائشة وتدخل في الاستثناء الّذي في قوله تعالى : ( لا يحبّ الله الجهر بالسوء من القول إلاّ من ظُلم ( ( النساء : 148 ) .
ولذلك أعيد افتتاح الخطاب له بوصف الرسول المشعِر بمنتهى شرفه ، إذ كان واسطة بين الله وخلقه ، والمذكِّر له بالإعراض عمّن سوى من أرسله .
ولهذا الوصف في هذا الخطاب الثّاني موقع زائد على موقعه في الخطَاب الأول ، وهو ما فيه من الإيماء إلى وجه بناء الكلام الآتي بعده ، وهو قوله : ( وإن لم تفعل فما بلّغت رسالاته ( ، كما قال تعالى : ( ما على الرسول إلاّ البلاغ ( ( المائدة : 99 ) .
فكما ثبّت جَنَانُه بالخطاب الأوّل أن لا يهتمّ بمكائد أعدائه ، حُذّر بالخطاب الثّاني من ملاينتهم في إبلاغهم قوارع القرآن ، أو من خشيته إعراضهم عنه إذا أنزل من القرآن في شأنهم ، إذ لعلّه يزيدهم عناداً وكفراً ، كما دلّ عليه قوله في آخر هذه الآية ) وليزيدنّ كثيراً منهم ما أنزل إليك من ربّك طغياناً وكفراً فلا تأس على القوم الكافرين ( ( المائدة : 68 ) .

ثم عُقّب ذلك أيضاً بتثبيت جنانه بأن لا يهتمّ بكيدهم بقوله : ( والله يعصمك من النّاس ( وأنّ كيدهم مصروف عنه بقوله : ( إنّ الله لا يهدي القوم الكافرين ). فحصل بآخر هذا الخطاب ردّ العجز على الصدر في الخطاب الأوّل الّتي تضمّنه قوله : ( لا يحزنك الّذين يسارعون في الكفر ( ( المائدة : 41 ) فإنّهم هم القوم الكافرون والّذين يسارعون في الكفر . فالتّبليغ المأمور به على هذا الوجه تبليغُ ما أنزل من القرآن في تقريع أهل الكتاب . وما صدق ) ما أنزل إليك من ربّك ( شيء معهود من آي القرآن ، وهي الآي المتقدّمة على هذه الآية . وما صدقُ ) ما أنزل إليك من ربّك ( هو كلّ ما نزل من القرآن قبل ذلك اليوم .
والتّبليغ جعل الشيء بالغاً . والبلوغ الوصول إلى المكان المطلوب وصوله ، وهو هنا مجاز في حكاية الرّسالة للمرسل بها إليه من قولهم : بَلَغ الخبر وبلغَت الحاجة . والأمر بالتّبليغ مستعمل في طلب الدّوام ، كقوله تعالى : ( يأيّها الّذين آمَنوا آمِنوا بالله ورسوله ( ( النساء : 136 ) . ولمّا كان نزول الشريعة مقصوداً به عمل الأمّة بها ( سواء كان النّازل متعلّقاً بعمل أم كان بغير عمل ، كالّذي ينزل ببيان أحوال المنافقين أو فضائل المؤمنين أو في القصص ونحوها ، لأنّ ذلك كلّه إنّما نزل لفوائد يتعيّن العلم بها لحصول الأغراض الّتي نزلت لأجلها ، على أنّ للقرآن خصوصية أخرى وهي ما له من الإعجاز ، وأنّه متعبَّد بتلاوته ، فالحاجة إلى جميع ما ينزل منه ثابتة بقطع النّظر عمّا يحويه من الأحكام وما به من مواعظ وعبر ) ، كان معنى الرّسالة إبلاغ ما أنزل إلى مَن يراد علمه به وهو الأمّة كلّها ، ولأجل هذا حذف متعلِّق ) بلِّغ ( لقصد العموم ، أي بلّغ ما أنزل إليك جميع من يحتاج إلى معرفته ، وهو جميع الأمّة ، إذ لا يُدرى وقت ظهور حاجة بعض الأمّة إلى بعض الأحكام ، على أنّ كثيراً من الأحكام يحتاجها جميع الأمّة .

والتّبليغ يحصل بما يكفل للمحتاج إلى معرفة حكممٍ تَمكُّنَه من معرفته في وقت الحاجة أو قبله ، لذلك كان الرسول عليه الصّلاة والسّلام يقرأ القرآن على النّاس عند نزول الآية ويأمر بحفظها عن ظهر قلب وبكتابتها ، ويأمر النّاس بقراءته وبالاستماع إليه . وقد أرسل مصعباً بن عُمير إلى المدينة قبل هجرته ليعلّم الأنصار القرآن . وكان أيضاً يأمر السامع مقالتَه بإبلاغها مَن لم يسمعها ، ممّا يكفل ببلوغ الشّريعة كلّها للأجيال من الأمّة . ومن أجل ذلك كان الخلفاء مِن بعدِه يعطون النّاس العطاءَ على قدر ما معهم من القرآن . ومن أجل ذلك أمر أبو بكر بكتابة القرآن في المصحف بإجماع الصّحابة ، وأكمل تلك المزيّة عثمان بن عفّان بانتساخ القرآن في المصاحف وإرسالها إلى أمصار الإسلام ، وقد كان رسول الله عيَّن لأهل الصّفَّة الانقطاع لحفظ القرآن .

والّذي ظهر من تتبّع سيرة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أنّه كان يبادر بإبلاغ القرآن عند نزوله ، فإذا نزل عليه ليلاً أخبر به عند صلاة الصّبح . وفي حديث عمر ، قال رسول الله : ( لقد أنزِلت عليّ اللّيلة سورة لَهِي أحبّ إليّ ممّا طلعتْ عليه الشّمس ) ثمّ قرأ : ( إنّا فتحنا لك فتحاً مبيناً ( ( الفتح : 1 ) . وفي حديث كعب بن مالك في تخلّفه عن غزوة تبوك ( فأنزل الله توبتنا على نبيّه حين بقي الثلثُ الآخر من اللّيل ورسُولُ الله عند أمّ سلمة ، فقال : يأمّ سلمة تِيب على كعب بن مالك ، قالت : أفَلا أرْسِلُ إليه فأبشِّرَهُ ، قال : ( إذاً يَحطمُكم النّاسُ فيمنعونَكم النّومَ سائر اللَّيلة . حتّى إذا صلّى رسول الله صلاة الفجر آذَنَ بتوبة الله علينا ) . وفي حديث ابن عبّاس : أنّ رسول الله نزلت عليه سورة الأنعام جملة واحدة بمكّة ودعا رسول الله الكتَّاب فكتبوها من ليلتهم .
وفي الإتيان بضمير المخاطب في قوله : ( إليك من ربّك ( إيماء عظيم إلى تشريف الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) بمرتبة الوساطة بين الله والنّاس ، إذ جَعل الإنزال إليه ولم يقل إليكم أو إليهم ، كما قال في آية آل عمران ( 199 ) ) وإنّ من أهل الكتاب لَمَنْ يؤمن بالله وما أنزل إليكم ، وقوله : لتُبيّن للنّاس ما نُزّل إليهم ( ( النحا : 44 ) .

وفي تعليق الإنزال بأنّه من الرّب تشريف للمنزّل .
والإتيان بلفظ الرّب هنا دون اسم الجلالة لما في التذكير بأنّه ربّه من معنى كرامته ، ومن معنى أداء ما أراد إبلاغه ، كما ينبغي من التعجيل والإشاعة والحثّ على تناوله والعمل بما فيه .
وعلى جميع الوجوه المتقدّمة دلّت الآية على أنّ الرسول مأمور بتبليغ ما أنزل إليه كلِّه ، بحيث لا يتوهّم أحد أنّ رسول الله قد أبقى شيئاً من الوحي لم يبلِّغه . لأنّه لو ترك شيئاً منه لم يبلّغه لكان ذلك ممّا أنزل إليه ولم يَقَع تبليغه ، وإذ قد كانت هذه الآية من آخر ما نَزَل من القرآن علمنا أنّ من أهمّ مقاصدها أنّ الله أراد قطْع تخرّص من قد يزعمون أنّ الرسول قد استبقى شيئاً لم يبلِّغه ، أو أنّه قد خصّ بعض النّاس بإبلاغ شيء من الوحي لم يبلِّغه للنّاس عامّة . فهي أقطع آية لإبطال قول الرافضة بأنّ القرآن آكثرُ ممّا هو في المصحف الّذي جمَعه أبو بكر ونسخَه عثمان ، وأنّ رسول الله اختصّ بكثير من القرآن عليّاً بن أبي طالب وأنّه أورثه أبناءه وأنّه يبلُغ وقرَ بعير ، وأنّه اليوم مختزن عند الإمام المعصوم الّذي يلقّبه بعض الشيعة بالمهدي المنتظر وبالوصيّ .

وكانت هذه الأوهام ألَمَّتْ بأنفس بعض المتشيّعين إلى عليّ رضي الله عنه في مدّة حياته ، فدعا ذلك بعض النّاس إلى سؤاله عن ذلك . روى البخاري أنّ أبا جُحَيْفة سأل عليّاً : هل عندكم شيء ما ليس في القرآن وما ليس عند النّاس ، فقال : ( لا والّذي فلق الحبّة وبرأ النّسمة ما عندنا إلاّ ما في القرآن إلاّ فهما يُعطَى رجل في كتاب الله وما في الصحيفة ، قلت : وما في الصّحيفة ، قال : العقل ، وفَكاك الأسير ، وأن لا يقتل مسلم بكافر ) . وحديث مسروق عن عائشة الّذي سنذكره ينبىءُ بأنّ هذا الهاجس قد ظهر بين العامّة في زمانها . وقد يخُصّ الرّسولُ بعض النّاس ببيان شيء من الأحكام ليس من القرآن المنزّل إليه لحاجة دعت إلى تخصيصه ، كما كَتب إلى عليّ ببيان العَقْل ، وفَكَاك الأسير ، وأن لا يُقتل مسلم بكافر ، لأنّه كان يومئذٍ قاضياً باليمن ، وكما كتب إلى عمرو بن حزم كتاب نصاب الزّكاة لأنّه كان بعثه لذلك ، فذلك لا ينافي الأمر بالتّبليغ لأنّ ذلك بيان لما أنزل وليس عين ما أنزل ، ولأنّه لم يقصد منه تخصيصه بعلمه ، بل قد يخبر به من تدعو الحاجة إلى علمه به ، ولأنّه لمّا أمَرَ مَنْ سَمِع مقالته بأن يَعيها ويؤيّديها كمَا سمعها ، وأمَر أن يبلِّغ الشّاهدُ الغائبَ ، حصل المقصود من التّبليغ ؛ فأمّا أن يدع شيئاً من الوحي خاصّاً بأحد وأن يكتمه المودع عنده عن النّاس فمعاذَ الله من ذلك .
وقد يَخُصّ أحداً بعلم ليس ممّا يرجع إلى أمور التّشريع ، من سرّ يلقيه إلى بعض أصحابه ، كما أسرّ إلى فاطمة رضي الله عنْها بأنّه يموت يومئذٍ وبأنّها أوّلُ أهله لحاقاً به . وأسرّ إلى أبي بكر رضي الله عنه بأنّ الله أذِنَ له في الهجرة . وأسرّ إلى حذيفة خبر فتنة الخارجين على عثمان ، كما حدّث حذيفةُ بذلك عمرَ بن الخطّاب . وما روي عن أبي هريرة أنّه قال : حَفِظت من رسول الله وِعائيْن ، أمّا أحدهما فبثثته ، وأمّا الآخر فلو بثثته لقطع منّي هذا البلعوم .

ومن أجل ذلك جزمنا بأن الكتاب الّذي هَمّ رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بكتابته للنّاس ، وهو في مرض وفاته ، ثمّ أعرض عنه ، لم يكن فيما يرجع إلى التشريع لأنّه لو كان كذلك لمَا أعرض عنه والله يقول له : ( بَلّغْ ما أنزِل إليك من ربّك ). روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها أنّها قالت لمَسْروق : ( ثلاث من حدّثك بهن فقد كذبَ ، من حدّثك أنّ محمّداً كتم شيئاً ممّا أنزل عليه فقد كذَب ، والله يقول : ( يأيّها الرّسول بلّغ ما أنزل إليك من ربّك وإن لم تفعل فمّا بلغت رسالاته ( الحديث .
وقوله : ( وإن لم تفعل فما بلغت رسالاته ( جاء الشّرط بإنْ الّتي شأنها في كلام العرب عدم اليقين بوقوع الشرط ، لأنّ عدم التّبليغ غيرُ مظنون بمحمدّ ( صلى الله عليه وسلم ) وإنّما فُرض هذا الشّرط ليبني عليه الجوابُ ، وهو قوله : ( فمَا بَلَّغْتَ رسالاته ( ، ليستفيق الّذين يرجون أن يسكت رسول الله عن قراءة القرآن النّازل بفضائحهم من اليهود والمنافقين ، وليبكت من علم الله أنّهم سيفترون ، فيزعمون أنّ قُرآناً كثيراً لم يبلّغه رسول الله الأمَّةَ .

ومعنى ) لم تفعل ( لم تفعل ذلك ، وهو تبليغ ما أنزل إليك . وهذا حذف شائع في كلامهم ، فيقولون : فإن فعلت ، أو فإن لم تَفعل . قال تعالى : ( ولا تَدْعُ من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرّك فإن فَعَلْتَ فإنّك إذاً من الظّالمين ( ( يونس : 106 ) أي إن دعوتَ ما لا ينفعك ، يَحذفون مفعول فعلتَ ولم تَفْعَل لدلالة ما تقدّم عليه ، وقال تعالى : ( فإن لم تَفْعَلوا ولن تفعلوا في سورة البقرة ( 24 ) . وهذا ممّا جرى مجرى المثل فلا يتصرّف فيه إلاّ قليلاً ولم يتعرّض له أيمّة الاستعمال .
ومعنى تَرَتّب هذا الجواب على هذا الشّرط أنّك إنْ لم تُبلّغ جميع ما أنزل إليك فتركت بعضه كنت لم تبلّغ الرّسالة ، لأنّ كتم البعض مثل كتمان الجميع في الاتّصاف بعدم التّبليغ ، ولأنّ المكتوم لا يدري أن يكون في كتمانه ذهاب بعض فوائد ما وقع تبليغه ، وقد ظهر التّغاير بين الشّرط وجوابه بما يدفع الاحتياج إلى تأويل بناء الجواب على الشّرط ، إذ تقدير الشّرط : إنْ لم تبلّغ مَا أنزل ، والجزاءُ ، لم تُبلّغ الرّسالة ، وذلك كاففٍ في صحّة بناءِ الجواب على الشرط بدون حاجة إلى ما تأوّلوه ممّا في الكشاف ( وغيره . ثمّ يعلم من هذا الشّرط أنّ تلك منزلة لا تليق بالرسل ، فينتج ذلك أنّ الرسول لا يكتم شيئاً ممّا أرسل به . وتظهر فائدة افتتاح الخطاب ب ) يأيّها الرسول ( للإيماء إلى وجه بناء الخبر الآتي بعده ، وفائدة اختتامه بقوله : ( فما بلّغتَ رسالته ).
وقرأ نافع ، وابن عامر ، وأبو بكر ، وأبو جعفر ) رسَالاته ( بصيغة الجمع . وقرأه الباقون ) رِسالته ( بالإفراد . والمقصود الجنس فهو في سياق النّفي سواء مفرده وجمعهُ . ولا صحّة لقول بعض علماء المعاني استغراق المفرد أشمل من استغراق الجمع ، وأنّ نحو : لا رجال في الدار ، صادق بما إذا كان فيها رجلان أو رجل واحد ، بخلاف نحو لا رجُلَ في الدّار . ويظهر أنّ قراءة الجمع أصرح لأنّ لفظ الجمع المضاف من صيغ العموم لا يحتمل العهد بخلاف المفرد المضاف فإنّه يحتمل الجنس والعهد ، ولا شكّ أن نفي اللّفظ الّذي لا يحتمل العهد أنصّ في عموم النّفي لكن القرينة بيّنت المراد .
وقوله : ( والله يعصمك من النّاس ( افتتح باسم الجلالة للاهتمام به لأنّ المخاطب والسّامعين يترقّبون عقب الأمر بتبليغ كلّ ما أنزل إليه ، أن يلاقي عنتاً وتكالباً عليه من أعدائه فافتتح تطمينه بذكر اسم الله ، لأنّ المعنى أنّ هذا ما عليك . فأمّا ما علينا فالله يعصمك ، فموقع تقديم اسم الجلالة هنا مغن عن الإتيان بأمَّا . على أنّ الشيخ عبد القاهر قد ذكر في أبواب التّقديم من ( دلائل الإعجاز ) أنّ ممَّا يحسن فيه تقديم المسند إليه على الخبر الفعلي ويكثرُ ؛ الوعدُ والضّمانُ ، لأنّ ذلك ينفي أن يشكّ من يُوعَد في تمام الوعد والوفاءِ به فهو من أحوج النّاس إلى التّأكيد ، كقول الرّجل : أنا أكفيك ، أنا أقوم بهذا الأمر آه . ومنه قوله تعالى حكاية عن يوسف ) وأنَا به زعيم ( ( يوسف : 72 ) . فقوله : ( والله يعصمك من النّاس فيه هذا المعنى أيضاً . والعصمة هنا الحفظ والوقاية من كيد أعدائه .

والنّاس ( في الآية مراد به الكفّار من اليهود والمنافقين والمشركين ، لأنّ العصمة بمعنى الوقاية تؤذن بخوف عليه ، وإنّما يَخاف عليه أعداءَه لا أحبّاءه ، وليس في المؤمنين عدوّ لرسوله . فالمراد العصمة من اغتيال المشركين ، لأنّ ذلك هو الّذي كان يهمّ النّبيء ( صلى الله عليه وسلم ) إذ لو حصل ذلك لتعطّل الهدي الّذي كان يحبّه النّبيء للنّاس ، إذ كان حريصاً على هدايتهم ، ولذلك كان رسول الله ، لمّا عرض نفسه على القبائل في أوّل بعثته ، يقول لهم ( أنْ تمنعوني حتّى أبيّنَ عننِ الله ما بعثني به أو حتّى أبلِّغ رسالات ربّي ) . فأمّا ما دون ذلك من أذى وإضرار فذلك ممّا نال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ليكون ممّن أوذي في الله : فقد رماه المشركون بالحجارة حتّى أدْموه وقد شُجّ وجهه . وهذه العصمة الّتي وُعد بها رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قد تكرّر وعدُه بها في القرآن كقوله : ( فسيكفيكهم الله ( ( البقرة : 137 ) . وفي غير القرآن ، فقد جاء في بعض الآثار أنّ رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أخبر وهو بمكّة أنّ الله عَصمه من المشركين . وجاء في الصّحيح عن عائشة أنّ رسول الله كان يُحرس في المدينة ، وأنّه حَرَسه ذَاتَ ليلة سعدُ بن أبي وقّاص وحذيفة وأنّ رسول الله أخرَج رأسهُ من قُبّة وقال لهم : ( الحَقُوا بملاحقكم فإنّ الله عصمني ) ، وأنّه قال في غزوة ذات الرقاع سنة ستّ للأعرابي غَوْرَثٍ بننِ الحارث الّذي وجد رسول الله نائماً في ظلّ شجرة ووجد سيفَه معلّقاً فاخترطه وقال للرسول : مَن يمنعك منّي ، فقال : اللّهُ ، فسقَط السيف من يد الأعرابي . وكلّ ذلك كان قبل زمن نزول هذه الآية . والَّذين جعلوا بعض ذلك سبباً لنزول هذه الآية قد خلطوا . فهذه الآية تثبيت للوعد وإدامة له وأنّه لا يتغيّر مع تغيّر صنوف الأعداء .
ثمّ أعقبه بقوله : ( إنّ الله لا يهدي القوْمَ الكافرين ( ليتبيّن أنّ المراد بالنّاس كفّارهم ، وليؤمي إلى أنّ سبب عدم هدايتهم هو كفرهم . والمراد بالهداية هنا تسديد أعمالهم وإتمام مرادهم ، فهو وعد لرسوله بأنّ أعداءه لا يزالون مخذولين لا يهتدون سبيلاً لكيدِ الرّسول والمؤمنين لطفاً منه تعالى ، وليس المراد الهداية في الدّين لأنّ السياق غير صالح له .


الطاهر بن عاشور -التحرير والتنوير-
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-02-24, 09:29:05
في قوله تعالى :" يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ(67)" -المائدة-
"والله يعصمك من الناس"، هنا الله سبحانه عنى بها عصمة رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن تناله أيدي الكائدين من مشركين ومنافقين وأهل كتاب حاقدين بالقتل، لا بالأذى، لأن الأذى قد طاله صلى الله عليه وسلم، إذ ضربوه حتى أدميت قدماه، وشجّ رأسه، وكسرت رباعيته ...، وكانوا يعيرونه ويكذبونه ويكيلون له ألوان الأذى صلى الله عليه وسلم......

فهو سبحانه ينبئ نبيه صلى الله عليه وسلم أنه قد عصمه من أن تصل إليه أياديهم بالقتل حتى يتمّ تبليغ رسالة الله سبحانه ويؤدي ما عليه منه حتى آخره يستوجب بقاءه حيا.... وهذا ما كان يعنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما كان يدعو القبائل للإسلام بمكة وهو يقول لهم : "أن تحموني مما تحمون منه أنفسكم حتى أبلّغ رسالة ربي" لأن حمايته هي حماية للرسالة حتى تبلّغ للناس .

ثم وفي السياق القرآني ذاته وبعد آيتين فقط يأتي قول الله تعالى :
"لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّمَا جَاءهُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُواْ وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ(70)"

وهنا نلاحظ جليا كيف يصف الله سبحانه فعل اليهود برسلهم إذ كانوا فوق تكذيبهم لهم يقتلونهم، وجاء فعل القتل هنا مضارعا "يقتلون" خلاف مجيئ فعل التكذيب ماضيا "كذبوا"، وذلك لتمثُّل شناعة قتلهم للأنبياء والتي هي أفظع من تكذيبهم، وإشارة إلى أنّ سعيهم هذا مستمر وكيدهم بالقتل مستمر مع وجود الرسول صلى الله عليه وسلم بينهم .

وقد كُذب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المشركين ومن أهل الكتاب، ولكنهم لم يصلوا إليه بقتل، لم يصل إليه حتى اليهود بالقتل، رغم أن دأبهم مع الأنبياء كان القتل، مما يؤكد عصمة الله له من أن تناله يد بقتل، ومما يؤكد أن أكثر من قُصد بلفظ "الناس"، إنما هم اليهود، هؤلاء الذين مردوا على قتل الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم جميعا . دون أن نلغي محاولات المشركين لقتل رسول الله، ولكن السورة مدنية ونزلت أكثر ما نزلت في أهل الكتاب وهم حول رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة .
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-03-02, 09:11:46
1- ما اللمسة البيانية في تذكير كلمة عاقبة  مرة وتأنيثها مرة أخرى في القرآن الكريم؟

تذكير الفاعل المؤنث له أكثر من سبب وأكثر من خط في القرآن الكريم. فإذا قصدنا باللفظ االمؤنّث معنى المذكّر جاز تذكيره وهو ما يُعرف بالحمل على المعنى. وقد جاء في قوله تعالى عن العاقبة تأتي بالتذكير مرة وبالتأنيث مرة ، وعندما تأتي بالتذكير تكون بمعنى العذاب وقد وردت في القرآن الكريم 12 مرة بمعنى العذاب أي بالتذكير. والأمثلة في القرآن كثيرة منها قوله تعالى في سورة الأنعام (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (11)) و(وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (84) الأعراف) و(فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (73) الصافّات) وسورة يونس (فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلاَئِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنذَرِينَ {73}) المقصود بالعاقبة هنا محل العذاب فجاء الفعل مذكراً ، وعندما تأتي بالتأنيث لا تكون إلا بمعنى الجنّة كما في قوله تعالى (وَقَالَ مُوسَى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جَاءَ بِالْهُدَى مِنْ عِنْدِهِ وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (37) القصص) وفي قوله تعالى في سورة الأنعام (قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدِّارِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ {135}).

د.فاضل السامرائي

2-(وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ (19)) يعالج الله عباده بأسلوبي الإنذار والتبشير لكن هذه الآية اقتصرت على الإنذار فما حكمة ذلك؟

اقتصر ربنا على جعل علة نزول القرآن بالإنذار دون البشارة لأن المخاطبين كانوا في حالة مكابرة وهذه الحال والمقام لا يناسبه إلا الإنذار.
(أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللّهِ آلِهَةً أُخْرَى (19)) هذا هو كلام الله تعالى كلامه المعجز اذي يفحم أرباب البيان ويرغمهم على لوقوف أمامه مشدوهين. انظر كيف يصور هذا الإستفهام المشركين ويسبغ عليهم جلباب الاستهانة والحماقة فقد جعل ربنا الاستفهام في الآية (أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ) داخلاً على إنّ المؤكدة ولام التأكيد ولم يكتف بأداة الاستفهام (أتشهدون أن مع الله آلهة أخرى) لأن دخول همزة الاستفهام (أئنكم) يفيد أن شهادتهم هذه مما لا يكاد يصدق السامعون أنهم يشهدونها لاستبعاد صدورها من عقلاء. فأنت لو سألت صديقك عن أمر تستبعده فتقول (أئنك لتغدر بي) فإذا أردت الإثبات أجابك بالأسلوب نفسه (نعم إنني لأغدر بك) فأدخل في الإجابة (إنّ واللام) ليؤكد ما تستبعده وكذلك الآية تحتاج إلى التأكيد في الإجابة (نعم إنهم ليشهدون أن مع الله آلهة أخرى).

ورتل القرآن ترتيلا

العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-03-05, 08:55:50
نرى الله يقول لليهود الماديين : " اتقوا النار " .

ويقول للمؤمنين أولي الألباب : " اتقوني يا أولي الألباب "

لأن العقليات المادية لا تخاف إلّا النار المادية . أما أولوا الألباب فإنهم يعرفون أن خالق النار أخطر شأناً من النار ، ولهذا نراه يضيف الضمير فيقول :
...
" اتقوني يا أولي الألباب " .

وهكذا نرى أن الحروف في القرآن لا ترد اعتباطاً وإنما تأتي بحساب ولحكمة .

د.مصطفى محمود رحمه الله .
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-03-06, 11:36:46
كلمات القرآن كلمات منفردة بذاتها وبخصائصها ، لا تستطيع أن تغيّر كلمة أو تبدل عبارة أو تقدم جملة ، فكل كلمة تمسك بالأخرى مثل الذرات في مجال مغناطيسي محكم ..

حتى الحرف لا يأتي في القرآن إلا لضرورة ، ولا يمكنك أن ترفع حرفاً من مكانه أو تستبدله بحرف آخر ..

نرى القرآن يقول:

[ أَلْهَاكُمُ التَّكاثُرْ ( 1 ) ،حَتىَّ زُرْتُمُ الَمقاَبِر ( 2 ) ]

من سورة التكاثر

فلماذا .. زرتم .. لماذا لم يقل سكنتم المقابر ، أو دخلتم المقابر ، أو حللتم في المقابر أو ملأتم المقابر ؟

ولماذا قال " زرتم "

ليلفت النظر إلى أن المقام في القبر مقام مؤقت وأن الدخول إلى القبر دخول زيارة لا دخول سكني .

وتدل على ذلك آية ثانية عن الموت:[ قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ ]

من سورة آل عمران - من آية ١٥٤

فيصف رقدة الموت بأنها مجرد ضجعة وأن القبر مجرد مضجع ، والضجعة بعدها انتباه وقيام ، وتلك دقة بالغة في التعبير تجعل كل كلمة مقصودة لضرورة ولا يمكن استبدالها .

د.مصطفى محود
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-03-08, 10:56:46
قرأت من سورة الأنعام قول الله تعالى:  وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ(13)

فتساءلت: "سكن"، تفيد سكون الحركة، فكيف يذكر النهار معطوفا على الليل، ولا تكون هناك صفة مغايرة للسكون، تابعة للنهار، بل جاءت "سكن في الليل والنهار"

فوجدت في أغلب التفاسير أنها بمعنى ملك الله لكل ما في الليل والنهار، ولكل ما يسكن، أي لكل ما يحلّ في الليل والنهار، أو بمعنى يحصل في الليل والنهار...

حتى بحثت قليلا، فوجدت ما رأيته أدق في التفسير، فكان شيء منه للطاهر بن عاشور، وشيء آخر لزغلول النجار...

يقول الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير:

وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم .

جملة معطوفة على لله من قوله قل لله الذي هو في تقدير الجملة ، أي ما في السماوات والأرض لله ، وله ما سكن .
والسكون استقرار الجسم في مكان ، أي حيز لا ينتقل عنه مدة ، فهو ضد الحركة ، وهو من أسباب الاختفاء ، لأن المختفي يسكن ولا ينتشر . والأحسن عندي أن يكون هنا كناية عن الخفاء مع إرادة المعنى الصريح . ووجه كونه كناية أن الكلام مسوق للتذكير بعلم الله تعالى وأنه لا يخفى عليه شيء من أعمالكم ومحاسبكم عليها يوم يجمعكم إلى يوم القيامة ، فهو كقوله تعالى : الله يعلم ما تحمل كل أنثى إلى أن قال : ومن هو مستخف بالليل . فالذي سكن الليل والنهار بعض ما في السماوات والأرض ، فلما أعلمهم بأنه يملك ما في السماوات والأرض عطف عليه الإعلام بأنه يملك ما سكن من ذلك لأنه بحيث يغفل عن شمول ما في السماوات والأرض إياه ، لأن المتعارف بين الناس إذا أخبروا عن أشياء بحكم أن يريدوا الأشياء المعروفة المتداولة . فهذا من ذكر الخاص بعد العام لتقرير عموم الملك لله تعالى بأن ملكه شمل الظاهرات والخفيات ، ففي هذا استدعاء ليوجهوا النظر العقلي في الموجودات الخفية وما في إخفائها من دلالة على سعة القدرة وتصرفات الحكمة الإلهية .

و في للظرفية الزمانية ، وهي ظرف مستقر ، لأن فعل السكون لا يتعدى إلى الزمان تعدية الظرف اللغو كما يتعدى إلى المكان لو كان بمعنى حل واستقر وهو ما لا يناسب حمل معنى الآية عليه . والكلام تمهيد لسعة العلم ، لأن شأن المالك أن يعلم مملوكاته . وتخصيص الليل بالذكر لأن الساكن في ذلك الوقت يزداد خفاء ، فهو كقوله : ولا حبة في ظلمات الأرض . وعطف النهار عليه لقصد زيادة الشمول ، لأن الليل لما كان مظنة الاختفاء فيه قد يظن أن العالم يقصد الاطلاع على الساكنات فيه بأهمية ولا يقصد إلى الاطلاع على الساكنات في النهار ، فذكر النهار لتحقيق تمام الإحاطة بالمعلومات .

وتقديم المجرور للدلالة على الحصر ، وهو حصر الساكنات في كونها له لا لغيره ، أي في كون ملكها التام له ، كما تقدم في قوله : قل لمن ما في السماوات والأرض قل لله .

وقد جاء قوله : وهو السميع العليم كالنتيجة للمقدمة ، لأن المقصود من الإخبار بأن الله يملك الساكنات - التمهيد لإثبات عموم علمه ، وإلا فإن ملك المتحركات المتصرفات [ ص: 156 ] أقوى من ملك الساكنات التي لا تبدي حراكا ، فظهر حسن وقع قوله : وهو السميع العليم عقب هذا .

و السميع العالم العظيم بالمسموعات أو بالمحسوسات . و العليم الشديد العالم بكل معلوم . انتهى

ويقول د.زغلول النجار، ما يوحي إلى أمر علمي وهو نوم بعض الكائنات نهارا، ونوم الأخرى ليلا في هذا الفيديو :

{ وله ما سكن في الليل والنهار } الأنعام 13 6 10 2010 التفسير العلمي للقرآن الكريم (http://www.youtube.com/watch?v=P__cZ4ttlLM#)
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-03-14, 11:41:44
ﺳئل أﺣﺪ اﻷﺋﻤﺔ ،!

ما اﻟﺬي أوﺻﻞ ﺣﺎل اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ إﻟﻰ ﻫﺬﻩ اﻟﺪرﺟﺔ ﻣﻦ اﻟﺬل واﻟﻬﻮان وتكالب الاعداء ،!!!

ﻓﺮد اﻟﺸﯿﺦ :: (ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻓﻀﻠﻨﺎ اﻟﺜﻤﺎﻧﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺜﻼﺛﺔ)،!

فسأل:ﻣﺎﻫﻲ اﻟﺜﻤﺎﻧﯿﺔ وﻣﺎﻫﻲ اﻟﺜﻼﺛﺔ ؟

ﻓﺄﺟﺎب:: اقرأها ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ::

"قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ(24)" -التوبة-

اللهم أعزّ الاسلام و المسلمين


من على صفحة "ذكر الله"
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-03-21, 09:39:07
اليهود في توراتهم اليوم (المحرّفة)، يتهمون سيدنا داوود بأشنع التهم، بأنه -عياذا بالله وحاشاه- قد زنا بامرأة واحد من قادة جيوشه، بل وقد جعل يبحث عن ميتة لهذا القائد "أُورْيَا" هذا حتى يتخلّص منه ويظفر بزوجته ....

قد جاء ما جاء في قدحهم أنبياءهم، من مثل اتهامهم سليمان بعبادة الأصنام-حاشاه-

والقرآن الكريم جاء فيه قوله تعالى : "لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ(78) كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ(79)" -المائدة-

إن سيدنا داوود الذي سبق سيدنا عيسى عليهما السلام بأكثر من ألف سنة قد لعن الذين كفروا من بني إسرائيل من فرط عصيانهم، وأنهم لم يكونوا يتناهون عن المناكر ....وكذلك بقي حالهم بعد ألف سنة، ليلعنهم بعدها سيدنا عيسى عليه السلام .

هذه حقيقة هؤلاء مع أنبيائهم، وها هُم أولاء من فرط حَنَقِهم على أنبيائهم وحقدهم عليهم وبوئهم باللعنة من ألسنتهم يلصقون بهم التهم الشنيعة التي لا تليق حتى بالرجل العادي فكيف بأنبياء الله المصطفين !!

إنهم قد حرّفوا وبدّلوا، ودسوا السم دسا فيما يسمونه كتابهم المقدّس، فمن جهة هُم يذكرون أنهم أنبياء مرسلون من الله بأمر الله لإقرار أمر الله فيهم، ومن جهة أخرى يصفونهم بأبشع ما يوصف به إنسان من فُحش ورذيلة.... لا لشيء إلا لعلمهم بما لحِقهم من لعن على ألسنة أنبيائهم الذين كذبوهم وعذبوهم وقتلوهم ولم يتبعوهم ........وهكذا ينتقم اليهود ممّن لعنهم من أهل الحق، من الأنبياء أصوات الحق في الأرض،بأن يلصقوا به الرذيلة والفُحْش ....
بل ومِن موجبات التناقض والسخرية واللهو والعبث الإبقاء على ذكر لعنة داوود عليه السلام لبني إسرائيل في توراتهم اليوم،-وإن بألفاظهم- ففي المزمور 109" قد انفتحَ عليّ فم الشرّير وتكلّموا معي بلسان كذب أحاطوا بي وقاتلوني بلا سبب ثمّ قال ينظرون إليّ ويُنغِضُون رؤوسهم ثمّ قال أمَّا هُم فيُلعنون وأمَّا أنتَ فتُبارك ، قاموا وخُزُوا أمّا عبدك فيفرح "...

أي لهو وعبث هذا في كتابهم؟؟ وكيف لمَن بحث عن الحق منهم متجرّدا للحق ألا يكتشف كل هذا العبث فيهتدي إلى سواء السبيل ؟!!

--------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
ولكم أعجبني ما وضع ابن عاشور في التحرير والتنوير وهو يفسر قول الله تعالى : "كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ" :

وجملة ) كانوا لا يتناهَوْن عن منكر فعلوه ( مستأنفة استئنافاً بيانياً جواباً لسؤال ينشأ عن قوله : ( ذلك بما عَصوا ( ، وهو أن يقال كيفَ تكون أمّة كلّها مُتمالئة على العصيان والاعتداء ، فقال : ( كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه ). وذلك أن شأن المناكر أن يبتدئها الواحد أنّ النّفَر القليل ، فإذا لم يجدوا من يغيِّر عليهم تزايدوا فيها ففشت واتّبَع فيها الدّهماءُ بعضهم بعضاً حتّى تعمّ ويُنسى كونها مناكرَ فلا يَهتدي النّاس إلى الإقلاع عنها والتّوبةِ منها فتصيبهم لعنة الله . وقد روى التّرمذي وأبو داوود من طرق عن عبد الله بن مسعود بألفاظ متقاربة قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ( كانَ الرجل من بني إسرائيل يلقَى الرجل إذا رآه على الذنب فيقول : يا هذا اتّققِ الله ودَع ما تصنع ، ثمّ يلقاه من الغد فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيلَه وخليطَه وشريكَه ، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض ولعنهم على لسان داوود وعيسى ابن مريم ، ثُمّ قرأ : ( لُعن الّذين كفروا من بني إسرائيل إلى قوله : فَاسقون ( ( المائدة : 78 81 ) ثُمّ قال : والّذي نفسي بيده لتأمُرُنّ بالمعروف ولَتَنْهَوُنّ عن المنكر ولتأخُذُنّ على يد الظّالم ولتأطُرُنَّهُ على الحقّ أطْرا أوْ لَيضربَنّ الله قلوبَ بعضكم على بعض أو ليلعنُكم كما لَعنهم ) .

يا رب سلم سلم .... فلننظر ما يحدث من فشوّ عدم التناهي عن المناكر !!
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2013-03-21, 11:55:57
جزاك الله خيرا
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: أم عبد الله في 2013-03-21, 12:01:51
جميل هذا النقل
بارك الله فيك يا أسماء
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-03-22, 09:02:06
جزانا خيرا وإياك يا هادية، وفيك بارك الله يا أم عبدِهِ  emo (30):
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-03-22, 10:25:02
دقيقة أشار إليها الفخر الرازي أعجبتني جدا جدا، أضعها هنا:

يقول الفخر الرازي في التفسير الكبير :
ههنا دقيقة نافعة في طلب الدين وهو أن كفر النصارى أغلظ من كفر اليهود ; لأن النصارى ينازعون في الإلهيات وفي النبوات ، واليهود لا ينازعون إلا في النبوات ، ولا شك في أن الأول أغلظ ، ثم إن النصارى مع غلظ كفرهم لما لم يشتد حرصهم على طلب الدنيا بل كان في قلبهم شيء من الميل إلى الآخرة شرفهم الله بقوله ( ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ) وأما اليهود مع أن كفرهم أخف في جنب كفر النصارى طردهم وخصهم الله بمزيد اللعن ، وما ذاك إلا بسبب حرصهم على الدنيا ، وذلك ينبهك على صحة قوله صلى الله عليه وسلم : حب الدنيا رأس كل خطيئة " .

ثم يقول :
 فإن قيل : كيف مدحهم الله تعالى بذلك مع قوله : ( ورهبانية ابتدعوها ) [الحديد : 27] وقوله عليه الصلاة والسلام : لا رهبانية في الإسلام .

قلنا : إن ذلك صار ممدوحا في مقابلة طريقة اليهود في القساوة والغلظة ، ولا يلزم من هذا القدر كونه ممدوحا على الإطلاق .
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2013-03-22, 10:39:38
والله وبصراحة لم تعجبني كثيرا وشعرت انها مضطربة
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-03-22, 10:48:40
والله وبصراحة لم تعجبني كثيرا وشعرت انها مضطربة

أفصحي يا هادية  emo (30):
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2013-03-22, 11:24:22
طبعا هذه اراء تقبل النقاش... وليس فيها حق مطلق
لكن القناعة التي وصلت لها ان النصارى الممدوحين بآية (أقربهم مودة) هم غير المذمومين بقول (لقد كفر الذين قالوا) فالاولون نصارى موحدين، آمنوا بالاسلام لما بلغهم، والاخرون منحرفون عن العقيدة الصحيحة كافرون بالله وبوحدانيته، وليسوا اقرب مودة، بل هم صليبيون لطالما اذاقونا الويلات في كل مرة ينتصرون بها سواء في الاندلس او الحروب الصليبية او غيرها
وكلامه ان اليهود ينازعون في النبوات لا الالهيات غير دقيق، لان اليهود لديهم خلل عقائدي في صفات الله عز وجل، فهم يرونه بخيلا (يد الله مغلولة) ويحسبونه لا يسمعهم ولا يعلم سرهم (أتحدثونهم بما فتح الله به عليكم ليحاجوكم به عند ربكم) ويحسبون الله يتعب ويرتاح، ويتعارك مع الانسان فيغلبه الانسان (كقصة عراكه مع يعقوب في التوراة او العهد القديم) الخ
واي دليل واقعي تطبيقي على زهد النصارى في الدنيا. بما في ذلك رهبانهم الذين يكنزون الذهب والفضة في الاديرة ويفرضون على الناس الاتاوات والا حرموهم من ملكوت السموات ...
وهناك خلاف في تفسير قوله تعالى (ورهبانية ابتدعوها) هل كانت على محمل المدح ام الذم..
وعلى هذا لم يعجبني الكلام ووجدته مضطربا
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-03-22, 11:39:00
طبعا هذه اراء تقبل النقاش... وليس فيها حق مطلق
لكن القناعة التي وصلت لها ان النصارى الممدوحين بآية (أقربهم مودة) هم غير المذمومين بقول (لقد كفر الذين قالوا) فالاولون نصارى موحدين، آمنوا بالاسلام لما بلغهم، والاخرون منحرفون عن العقيدة الصحيحة كافرون بالله وبوحدانيته، وليسوا اقرب مودة، بل هم صليبيون لطالما اذاقونا الويلات في كل مرة ينتصرون بها سواء في الاندلس او الحروب الصليبية او غيرها
وكلامه ان اليهود ينازعون في النبوات لا الالهيات غير دقيق، لان اليهود لديهم خلل عقائدي في صفات الله عز وجل، فهم يرونه بخيلا (يد الله مغلولة) ويحسبونه لا يسمعهم ولا يعلم سرهم (أتحدثونهم بما فتح الله به عليكم ليحاجوكم به عند ربكم) ويحسبون الله يتعب ويرتاح، ويتعارك مع الانسان فيغلبه الانسان (كقصة عراكه مع يعقوب في التوراة او العهد القديم) الخ
واي دليل واقعي تطبيقي على زهد النصارى في الدنيا. بما في ذلك رهبانهم الذين يكنزون الذهب والفضة في الاديرة ويفرضون على الناس الاتاوات والا حرموهم من ملكوت السموات ...
وهناك خلاف في تفسير قوله تعالى (ورهبانية ابتدعوها) هل كانت على محمل المدح ام الذم..
وعلى هذا لم يعجبني الكلام ووجدته مضطربا

بارك الله فيك، وأيضا قولهم "نحن أبناء الله"، وقولهم عزير ابن الله ...
ربما أن كان من النصارى قسيسون ورهبان سمعوا كلام الله ولانت له قلوبهم، هنا كان اللين من جانبهم أظهر من اليهود الذين لم يعرف حتى عن أحبارهم مثل هذا

وأرى-والله أعلم- أن الاستشهاد بقول الله تعالى "ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى"، مجتزءا عن باقي السياق في الآيات لن يكون سليما،من حيث الاستشهاد على لين عريكة النصارى قياسا باليهود، فذلك لا يكون في كل حال، ولا في كل زمان، ولا ينطبق على عموم النصارى، ذلك أن المعنيين فئة بعينها، حددها الله تعالى وحدد سبب كونهم أقرب مودة بقوله سبحانه: "ذلك" التي فتح بها باب معرفة السبب والجواب على السؤال : كيف كانوا هكذا ؟

فجاءت : "ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ(82) وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ(83) وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا جَاءنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبَّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ(84"
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-03-23, 07:27:23
تفيض...تفيض العين من الدمع، تمتلئ العين بالدمع فتخرجه عن حدودها......العين وعاء الدمع، تفيض منه فتطرحه خارجها منسابا على الخدود، مبلِّلَها.... يفوق الأمر الاغريراق فيصير فيضانا ......!
ما الذي يجعل العين تفيض من الدمع ؟!!! إنها أمور كثيرة ...
ولكن ترى ما الذي يجعل العين تفيض من الدمع عند الاستماع لكلام الله تعالى ؟!
ما بال أقوام لا يعرفون اللغة العربية، فإذا سمعوا القرآن، فاضت أعينهم من الدمع ...!!
إنه الحق .....
أجل إنه الحق له فِعله في الفطرة، تلك الفطرة التي فطرنا الله عليها سليمة صحيحة غير منحرفة ولا معوجّة ...
إنه لَيوقظها حتى في النفس الكافرة، فكأني بها تنتفض باكية على ما ظلمت نفسها ...
وكأني بالفطرة تستيقظ ذلك الحين فتخِزُ النفس، فتفيض العين من الدمع أن فرطت، ونسيت، وضلّت، وتاهت عن دوائها، وعن ملاذها، وملجئها الآمن ....
كما تفيض العين من الدمع من الحق، وهي لنفس مؤمنة، ذلك أن الفطرة فيها ترتاح، وتزداد راحتها، وتستلذ الحق، وتستشعر حلاوته، فتفيض العين من دمع مريح شافٍ...
أليس قوله تعالى :
وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ(83)-المائدة-

تفيض أعينهم من الدمع مما عرفوا من الحق، والمفسرون يذكرون حال النجاشي والقساوسة من حوله وجعفر الطيار يتلو عليهم شيئا من سورة مريم.... ....مما عرفوا، إنها الفطرة فيهم تعرِف، إنها الفطرة تميل للحق، إنها تريده، إنها ترتاح له ، غنها تعرفه فتبكي النفس ظلمها نفسَها...تستوحش ما هي فيه من ضلال، تحنّ للحق، تحنّ لسواء السبيل، تحنّ للحق وهي النفخة من روح الله ..............
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-03-26, 08:28:40
قُلْ أَنَدْعُو مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُنَا وَلاَ يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَىَ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ(71)-الأنعام-

"ونردّ على أعقابنا بعد إذ هدانا الله"...
هنا يأتينا الله سبحانه بمَثَل لهذا الذي يرتد على عقبه، فمثله كمثل الذي استهوته الشياطين...
الشياطين تستهويه، أي تطلب هُوِيَّه أو تطلب هواه،من هوِيَ (بكسر الواو وفتح الياء) ومن هوَى ...

وكما يقول الشعراوي طلب الهُوِيّ أو طلب الهَوَى كلاهما واحد، فهذه الشياطين تطلب هويّه في سُحق، سقوطه في سحق بعيد، أو تطلب أن يكون هواه هو هواها، فهو حيران، حيران لأنه كان على الحق ثم ارتدّ، فأصبح حيرانا ولم يعد مستقرا، لأن الاستقرار لا يكون إلا مع الحق، إلا مع نفحات الله، إلا بنور الله، والنفس بعد ارتدادها قد أظلمت فلم تعد تعرف الطريق...بل قد التبس عليها حق بباطل، تماما كما يلتبس على الساري في ظلمة دامسة الحائط من فضاء ....

والضياع والحيرة نتيجة الارتداد والابتعاد من بعد قُرب بأمس قريب، وحيرته تزيد وهو تجتذبه الشياطين من جهة وتدعوه صحبة إلى الهُدى من جهة أخرى، فبعدما انتكس ونكص على عقبيه لم يعد يثق أنّ أصحاب الهُدى هم أهل الحق، بل أصبح الغبش يعمّي عليه، فهو بين هذا وبين ذاك حيران .....حيران، ويالكذب الكاذبين وهم يحاولون عبثا إخفاء حيرتهم بمسوح سموها "حُريّة"، وداخله ظمآن، وداخله تعبان، وداخله حيران ....حيران لا مراء ولا جدال....

فكيف السبيل إلى الخلاص وهذا الحيران فيما هو فيه من حيرة ومرض وتخبّط ؟

إنه أن يفصل مع نفسه بتعليم الهادي سبحانه له في هُداه بأن الهُدى الذي سيرتاح له ويرتاح فيه لن يكون إلا هُدى الله الخبير العليم بهذه النفس التي خلقها، ويعلم ضعفها ويعلم قلة حيلتها، ويعلم حقّ دوائها ....
فلن يكون دواؤه إلا إذا عرف القاعدة أن : "هدى الله" هو "الهدى" ...

هذا هو التعريف الحقّ للهدى، هو أنه هُدى الله، وأن هُدى الله هو الهُدى ...وما من هُدَيَيْن اثنَيْن ...
بل إنه "الهدى" معرّفة بألف ولام، ثم يعرّفه بلفظين اثنين : "هُدى الله"، فمتعلَّقُها الذي يعرفها في الجزء الأول من المساواة :"هدى الله= الهدى" هو لفظ الجلالة "الله"
ما من بابين اثنين، إن هو إلا باب واحد تطمئن فيه النفس، وتستقرّ وترتاح وتهنأ حق هناءتها، وتجد الفطرة مطلبها وحاجتها فيه لأنها منه... لأنه منبعها ....
هي صنع هذا الهُدى .....

ولن يعلم براحة النفس وعلاجها من كل أسقامها إلا خالقها الذي خلقها ......فهُدى الله هو الهُدى ....

وذلك سبيل الخلاص وما عداه حيرة وتخبط، تماما كما نرى حال الأرض اليوم في تململها وتخبّطها وهي تُعرض عن دوائها الأصلي وتطفق باحثة عن مسكّنات ما تفتأ تقوّي الألم وتبرّحه بعد أن توهِم لبرهة أنها سكّنتْه .....
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-03-28, 08:43:50
تأملت قبل قليل آيات من سورة الأنعام، فإذا الفعل فيها بصيغة الماضي الذي حدث وكان وتحقّق، فتأتيك الومضات هنا كيف أن الله سبحانه وتعالى يأتي بالأفعال ماضية ومضارعة كلّ في مكانه المناسب الدقيق، الملائم لعلمه ولوعده المتحقق، ولوجوب فعله سبحانه وتعالى لكل ما قدّر وكتب، فكأن الشيء قد كان ومضى وتحقق، وهو ما يزال موعده إلى حين قيام الساعة ....سبحان الله ! لننظر مثلا قوله :


وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ فَقَالُواْ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ(27) بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ(28)

 وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُواْ عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُواْ بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُواْ العَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ(30) قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَاء اللّهِ حَتَّى إِذَا جَاءتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُواْ يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ(31)

لقد وقفوا على النار، ولقد قالوا قول الندامة والحسرة وتمنّي العودة ليؤمنوا، ولكن قد فات الأوان، وقد بدا لهم ما كانوا يُخفون ....انتهى الأمر وانقضى، كما هو علم الله تعالى، وكما هو وعده الحق، وكما هو تقديره الدقيق المتحقق .... لنستشعر ونحن نقرأ كم أن الوعد حق، وكم أن الواعد سبحانه فعّال لما قدّر، لا ريب ولا جدال، ولكنها حياتنا الدنيا تحول بيننا وبين رؤية ما يعلمه الله، فقط هي حياتنا الدنيا، وبعد انتهائها نقول نحن "ســ"، و"سوف" نرى، ولكنّ الله يؤكّد لنا وقوعه وكأنه وقع وانتهى .

وكما نلاحظ ورود الفعل الماضي في مكانه المناسب والملائم له تمام الملاءمة، نلاحظ أيضا ورود الفعل مضارعا حاضرا وهو في زمن المستقبل من غير "سين" التسويف ولا "سوف" التسويف، بل الفعل كما هو حاضر أمام العيان ليتبيّن لنا عيانا حاضرا تلك الصورة المتحققة أيضا، لنستشعرها أمامنا مصوّرة متحركة ليس بيننا وبينها حائل من تسويف، بل هي أمامنا .... ولنستشعر عِظم هذا الذي سيحدث، وعِظم هذا الذي سيكون وكأنه أمام أعيننا اليوم . فلننظر قوله سبحانه :

قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَاء اللّهِ حَتَّى إِذَا جَاءتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُواْ يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ


ويشاء الله أن أقرأ الآن كلمات للدكتور مصطفى محمود رحمه الله فيها من الرؤية ذاتها إذ يقول:

ونجد هذه الدقة القرآنية مرة أخرى في تناول القرآن للزمن .. فالمستقبل يأتي ذكره على لسان الخالق على أنه ماض .. فأحداث يوم القيامة ترد كلها على أنها ماض :
" و نفخ في الصور"
"و انشقت السماء فهي يومئذ واهية "
"و برزت الجحيم للغاوين"
"وعرضوا على ربك صفا"
و السر في ذلك أن كل الأحداث حاضرها و مستقبلها قد حدثت في علم الله و ليس عند الله زمن يحجب عنه المستقبل ، فهو سبحانه فوق الزمان والمكان ، و لهذا نقرأ العبارة القرآنية أحياناً فنجد أنها تتحدث عن زمانين مختلفين ، و تبدو في ظاهرها متناقضة مثل :
"أتى أمر الله فلا تستعجلوه"
فالأمر قد أتى و حدث في الماضي .
لكن الله يخاطب الناس بألا يستعجلوه كما لو كان مستقبلًا لم يحدث بعد .. و السر كما شرحنا أنه حدث في علم الله ، لكنه لم يحدث بعد في علم الناس ، ولا تناقض .. و إنما دقة و إحكام ، و خفاء و استسرار ، و صدق في المعاني العميقة
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: زينب الباحثة في 2013-03-28, 14:22:59
قال الله تعالى : (أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ) سورة العنكبوت 2

قانون إلاهي

إن الإيمان ليس كلمة تقال إنما هو حقيقة ذات تكاليف ، و أمانة ذات أعباء ، و جهاد يحتاج إلى صبر ، و جهد يحتاج إلى احتمال . فلا يكفي أن يقول الناس : آمنا . و يتركون لهذه الدعوة ، بل سيتعرضوا للفتنة فيثبتوا عليها و يخرجوا منها صافية عناصرهم خالصة قلوبهم . كما تفتن النار الذهب لتفصل بينه و بين العناصر الرخيصة العالقة به – و هذا هو أصل الكلمة اللغوي و له دلالته و ظله و إيحاؤه – و كذلك تصنع الفتنة بالقلوب .

هذه الفتنة على الإيمان أصل ثابت ، و سنة جارية ، في ميزان الله سبحانه :

(وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ)

و الله يعلم حقيقة القلوب قبل الإبتلاء ، و لكن الإبتلاء يكشف في عالم الواقع ما هو مكشوف لعلم الله ، مغيب عن علم البشر ، فيحاسب الناس إذن على ما يقع من عملهم لا على مجرد ما يعلمه سبحانه من أمرهم . و هو فضل من الله من جانب ، و عدل من جانب ، و تربية للناس من جانب ، فلا يأخذوا أحداً إلا بما استعلن من أمره ، و بما حققه فعله . فليسوا بأعلم من الله بحقيقة قلبه !

إن الإيمان أمانة الله في الأرض ، لا يحملها إلا من هم لها أهل و فيهم على حملها قدرة ، و في قلوبهم تجرد لها و إخلاص . و الذين يؤثرونها على الراحة و الدعة ، و الأمن و السلامة ، و على المتاع و الإغراء .

و إنها لأمانة الخلافة في الأرض ، و قيادة الناس إلى طريق الله ، و تحقيق كلمته في عالم الحياة ، فهي أمانة كريمة ، و هي أمانة ثقيلة ، و هي من أمر الله يضطلع بها الناس ، و من ثم تحتاج إلى طراز خاص يصبر على الابتلاء .

أنواع الفتن

و من الفتنة أن يتعرض المؤمن للأذى من الباطل و أهله ، ثم لا يجد النصير الذي يسانده و يدفع عنه ، و لا يملك النصرة لنفسه و لا المنعة .

و هناك فتنة الأهل و الأحباء الذين يخشى أن يصيبهم الأذى بسببه ، و هو لا يملك عنهم دفعاً .

و هناك فتنة إقبال الدنيا على المبطلين ، و رؤية الناس لهم ناجحين مرموقين ، تهتف لهم الدنيا ، و تصفق لهم الجماهير ، وتتحطم في طريقهم العوائق ، و تصفو لهم الحياة . و هو مهمل منكر لا يحس به أحد ، و لا يحامي عنه أحد ، و لا يشعر بقيمة الحق الذي معه إلا القليلون أمثاله الذين لا يملكون من أمر الحياة شيئاً .

و هناك فتنة الغربة في البيئة و الاستوحاش بالعقيدة ، حين ينظر المؤمن فيرى كل من حوله غارقاً في تيار الضلالة ، و هو موحش غريب طريد .

و كما قال صلى الله عليه و سلم (بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ ، فطوبى للغرباء) مسلم

و هناك فتنة من نوع آخر . فتنة أن يجد المؤمن أمماً و دولاً غارقة في الرذيلة ، و هي مع ذلك راقية في مجتمعها ، متحضرة في حياتها ، يجد الفرد فيها من الرعاية و الحماية مع ما يناسب قيمة الإنسان . و يجدها قوية غنية ، و هي مشتاقة إلى الله !

و هنالك أكبر و أعنف فتنة وهي فتنة النفس و الشهوة . و الرغبة في المتاع و السلطان ، أو في الدعة و الاطمئنان . و صعوبة الاستقامة على صراط الإيمان و الاستواء على مرتقاه ، مع المعوقات و المثبطات في أعماق النفس ، و في ملابسات الحياة ، و في منطق البيئة ، و في تصورات أهل الزمان !

حكمة الفتن

و ما بالله – حاشا لله – أن يعذب المؤمنين بالابتلاء ، و أن يؤذيهم بالفتنة . و لكنه الإعداد الحقيقي لتحمل الأمانة . فهي في حاجة إلى إعداد خاص لا يتم إلا بالمعاناة العملية للمشاق ، و إلا بالاستعلاء الحقيقي للشهوات ، و إلا بالصبر الحقيقي على الآلام ، و إلا البثقة الحقيقية في نصر الله أو ثوابه ، على الرغم من طول الفتنة و شدة الابتلاء .

و النفس تصهرها الشدائد فتنفي عنها الخبث ، و تستجيش كامن قواها المذخورة فتستيقظ و تتجمع . و تطرقها بعنف و شدة فيشتد عودها و يصلب . و كذلك تفعل الشدائد بالجماعات ، فلا يبقى صامدا إلا أصلبها عودا ، و أقواها طبيعة ، و أشدها اتصالا بالله ، و ثقة فيما عنده للمحسنين : النصر أو الأجر . و هؤلاء هم الذين يستلمون الراية في النهاية . مؤتمنين عليها بعد الاستعداد و الاختبار .

و إنهم ليستلمون الأمانة و هي عزيزة على نفوسهم بما أدوا لها من غالي الثمن ، و بما بذلوا لها من الصبر على المحن ، و بما ذاقوا في سبيلها من الآلام و التضحيات . و الذي يبذل من دمه و أعصابه ، و من راحته و اطمئنانه ، و من رغباته و لذاته . يشعر و لا شك بقيمة الأمانة التي بذل ، فلا يسلمها رخيصة بعد كل هذه التضحيات و الآلام .

فأما انتصار الإيمان و الحق في النهاية فأمر تكفل به وعد الله . و ما يشك مؤمن في وعد الله . فإن أبطأ فلحكمة مقدرة ، فيها الخير للإيمان و أهله . و ليس بأحد بأغير على الحق و أهله من الله . و حسب المؤمنين الذين تصيبهم الفتنة و يقع عليهم الابتلاء ، أن يكونوا هم المختارين من الله  ، ليكونوا أمناء على حق الله . و أن يشهد الله لهم بأن في دينهم صلابة فهو يختارهم للابتلاء :

جاء في الصحيح : ( أشد الناس بلاء الأنبياء ، ثم الصالحون ، ثم الأمثل فالأمثل ، يبتلى الرجل على حسب دينه ، فإن كان في دينه صلابة زيد له في البلاء )

قانون آخر

و أما الذين يفتنون المؤمنين ، و يعملون السيئات ، فما هم بمفلتين من عذاب الله , مهما انتفخ باطلهم و انتفش ، و بدا عليه الانتصار و الفلاح .

وعد الله كذلك و سنته في نهاية المطاف :

(أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا سَاء مَا يَحْكُمُونَ)

فلا يحسبن مفسد أنه مفلت و لا سابق . فإن الله الذي جعل الابتلاء سنة ليمتحن إيمان المؤمن و يميز الصادقين و الكاذبين ، هو الذي جعل أخذ المسيئين سنة لا تبدل و لا تتخلف و لا تحيد .

تطمين الذين يرجون لقاء الله ، ووصل قلوبهم به في ثقة و يقين

(مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ )

فلتقر القلوب الراجية في لقاء الله و لتطمئن ، و لتنتظر ما وعدها الله إياه ، انتظار الواثق المستقين ، و لتتطلع إلى يوم اللقاء في شوق و لكن في يقين . فإن الله سمع لها و يعلم تطلعها (و هو السميع العليم)

(وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)

فإذا كتب الله على المؤمنين الفتنة و كلفهم أن يجاهدوا أنفسهم لتثبت على احتمال المشاق ، فإنما ذلك لإصلاحهم ، و تكميلهم ، و تحقيق الخير لهم في الدنيا و الآخرة .

(ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه)

فلا يقفن أحد في وسط الطريق ، و قد مضى في الجهاد شوطا ، يطلب من الله ثمن جهاده ، و يمن عليه و على دعوته ، و يستبطئ المكافأة على ما ناله !

فإن الله لا يناله من جهاده شيء و ليس في حاجة إلى جهد بشر ضعيف هزيل (إن الله لغني عن العالمين) . و إنما هو فضل الله أن يعينه في جهاده ، و أن يستخلفه في الأرض ، و أن يأجره في الآخرة بثوابه :

(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ)

فليطمئن المؤمنون العاملون على مالهم عند الله ، من تكفير للسيئات و جزاء على الحسنات . و ليصبروا على الجهاد و الفتنة و البلاء . فالأمل مشرق و الجزاء طيب ينتظرانهم في نهاية المطاف . و إنه لحسب المؤمن حتى لو فاته في الحياة الانتصاف .

نموذج من النفوس

(وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِن جَاء نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ * وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ )

ذلك النموذج من الناس ، يعلن كلمة الإيمان في الرخاء يحسبها خفيفة الحمل ، هينة المؤونة ، و لا تكلف إلا نطقها باللسان ، (فإذا أوذي في الله) بسبب الكلمة التي قالها و هو آمن معافى (جعل فتنة الناس كعذاب الله) فاستقبلها في جزع ، و اختلت في نفسه القيم ، و اهتزت في ضميره العقيدة و تصور أن لا عذاب بعد هذا الأذى الذي يلقاه ، حتى عذاب الله ، و قال في نفسه : ها هو ذا عذاب شديد أليم ليس وراءه شيء ، فعلام أصبر على الإيمان ، و عذاب الله لا يزيد على ما أنا فيه من العذاب ؟

(وَلَئِن جَاء نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ)

إنا كنا معكم .. و ذلك موقفهم في ساعة العسرة من التخاذل و التهافت و التهاوي ، و سوء التصوير و خطأ التقدير ، و لكن حين يجيء الرخاء تنبث الدعوى العريضة ، و ينتفش المنزوون المتخاذلون ، و يستأسد الضعفاء المهزومون ، فيقولون (إنا كنا معكم) !

(َأوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ)

أو ليس يعلم ما تنطوي عليه تلك الصدور من صبر أو جزع ، و من إيمان أو نفاق ؟

(وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ)

وليكشفهم فيعرفون ، فما كانت الفتنة إلا ليتبين الذين آمنوا و يتبين المنافقون .

فهل نحن مستعدون لتحمل البلاء ؟ ؟

في ظلال القرآن للسيد قطب رحمه الله – سورة العنكبوت (2-11)
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: زينب الباحثة في 2013-04-02, 16:25:50
"رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا"

وكيف يكون المؤمنون فتنة للذين كفروا؟

قال المفسرون: تصيبهم هزائم بسبب تقصيرهم فينظر الكفار إلى هذه الهزائم ويقولون: لو كانوا على حق ما مستهم تلك المصائب . .



محمد الغزالي: حصاد الغرور
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: الميماس في 2013-04-03, 04:26:42
بارك الله بكم ....متابع
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-04-03, 10:13:25
بارك الله فيك يا زينب وجزاك كل خير، وأرجو ألا تحرمينا من هذا في هذا الموضوع...

أهلا بك أخي الميماس .
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-04-04, 16:02:17
في شأن تحريم الله سبحانه لأمور وتحليله لأخرى، وكيف لم تكن معالجة الإسلام لأمراض الجاهلية تلك المعالجة السطحية التي لا قيمة لها ولا جدوى منها، يقول في ذلك سيد قطب في ظلاله:
----------------------------------------------
ولم يبدأ المنهج الإسلامي في معالجة هذه التقاليد في أول الأمر , لأنها إنما تقوم على جذور اعتقادية فاسدة ; فعلاجها من فوق السطح قبل علاج جذورها الغاثرة جهد ضائع . حاشا للمنهج الرباني أن يفعله ! إنما بدأ الإسلام من عقدة النفس البشرية الأولى . عقدة العقيدة . بدأ باجتثاث التصور الجاهلي الاعتقادي جملة من جذورة ; وإقامة التصور الأسلامي الصحيح . إقامته من أعماق القاعدة المرتكزة إلى الفطرة . . بين للناس فساد تصوراتهم عن الألوهية وهداهم إلى الإله الحق . وحين عرفوا إلهم الحق بدأت نفوسهم تستمع إلى ما يحبة منهم هذا الإله الحق وما يكرهه . وما كانوا قبل ذلك ليسمعوا ! أو يطيعوا أمرا ولا نهيا ; وما كانوا ليقلعوا عن مألوفاتهم الجاهلية مهما تكرر لهم النهي وبذلت لهم النصيحة . . إن عقدة الفطرة البشرية هي عقدة العقيدة ; وما لم تنعقد هذه العقيدة أولا فلن يثبت فيها شيء من خلق أو تهذيب أو إصلاح اجتماعي . . إن مفتاح الفطرة البشرية ها هنا . وما لم تفتح بمفتاحها فستظل سراديبها مغلقة ودروبها ملتوية , وكما كشف منها زقاق انبهمت أزقة ; وكلما ضاء منها جانب أظلمت جوانب , وكلما حلت منها عقدة تعقدت عقد , وكلما فتح منها درب سدت دروب ومسالك . . إلى ما لا نهاية . .

لذلك لم يبدأ المنهج الإسلامي في علاج رذائل الجاهلية وانحرافاتها , من هذه الرذائل والانحرافات . . إنما بدأ من العقيدة . . بدأ من شهادة أن لاإله إلا الله . . وطالت فترة إنشاء لا إله إلا الله هذه في الزمن حتى بلغت نحو ثلاثة عشر عاما , لم يكن فيها غاية إلا هذه الغاية ! تعريف الناس بإلههم الحق وتعبيدهم له وتطويعهملسلطانه . . حتى إذا خلصت نفوسهم لله ; وأصبحوا لا يجدون لأنفسهم خيرة إلا ما يختاره الله . . عندئذ بدأت التكاليف - بما فيها الشعائر التعبدية - وعندئذ بدأت عملية تنقية رواسب الجاهلية الاجتماعية والاقتصادية والنفسية والأخلاقية والسلوكية . . بدأت في الوقت الذي يأمر الله فيطيع العباد بلا جدال . لأنهم لا يعلمون لهم خيرة فيما يأمر الله به أو ينهى عنه أيا كان !

أو بتعبير آخر:لقد بدأت الأوامر والنواهي بعد "الإسلام" . . بعد الاستسلام . . بعد أن لم يعد للمسلم في نفسه شيء . . بعد أن لم يعد يفكر في أن يكون له إلى جانب أمر الله رأي أو اختيار . . أو كما يقول الأستاذ أبو الحسن الندوي في كتابه:"ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين" تحت عنوان:"انحلت العقدة الكبرى ":" . . انحلت العقدة الكبرى . . عقدة الشرك والكفر . . فانحلت العقد كلها ; وجاهدهم رسول الله [ ص ] جهاده الأول , فلم يحتج إلى جهاد مستأنف لكل أمر أو نهي ; وانتصر الإسلام على الجاهلية في المعركة الأولى , فكان النصر حليفه في كل معركة . وقد دخلوا في السلم كافة بقلوبهم وجوارحهم وأرواحهم كافة , لا يشاقون الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى ; ولا يجدون في أنفسهم حرجا مما قضى ; ولا يكون لهم الخيرة من بعد ما أمر أو نهى . حدثوا الرسول عما اختانوا أنفسهم ; وعرضوا أجسادهم للعذاب الشديد إذا فرطت منهم زلة استوجبت الحد . . نزل تحريم الخمر والكؤوس المتدفقة على راحاتهم ; فحال أمر الله بينها وبين الشفاه المتلمظة والأكباد المتقدة ; وكسرت دنان الخمر فسالت في سكك المدينة " .
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-04-04, 20:22:03
 لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُواْ إِذَا مَا اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّأَحْسَنُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ(93)  -المائدة-

تدعو هذه الآية للتأمل والتعمق، والتفكر، والتدبّر، وتدعو للسؤال عن سرّ ورود التقوى فيها على ثلاث صيغ متعاقبة مختلفة، وقد وجدت أن سيد قطب رحمه الله قد تأمل ذلك كعادته في تأمل الصور الجمالية في القرآن العظيم، وفي صيغ القرآن العظيم، وقد اقرّ أنه لم يجد ما ترتاح له نفسه كل الراحة، فيما ورد عن المفسرين، ولا فيما وضع هو ذاته، فيقول:

----------------

ولم أجد في أقوال المفسرين ما تستريح إلية النفس في صياغة العبارة القرآنية على النحو وتكرار التقوى مرة مع الإيمان والعمل الصالح , ومرة مع الإيمان , ومرة مع الإحسان . . كذلك لم أجد في تفسيري لهذا التكرار في الطبعة الأولى من هذه الظلال ما يستريح إليه نفسي الأن . . وأحسن ما قرأت - وإن كان لا يبلغ من حسي مبلغ الارتياح - هو قاله ابن جرير الطبري:"الاتقاء الاول هو الاتقاء بتلقي أمر الله بالقبول والتصديق والدينونة به والعمل . والاتقاء الثاني الاتقاء بالثبات على التصديق والثالث الاتقاء بالإحسان والتقرب بالنوافل" . .
وكان الذي ذكرته في الطبعة الأولى في هذا الموضع هو:"إنه توكيد عن طريق التفصيل بعد الإجمال . فقد أجمل التقوى والإيمان والعمل الصالح في الأولى . ثم جعل التقوى مرة مع الإيمان في الثانية , ومرة مع الإحسان - وهو العمل الصالح - في الثالثة . . ذلك التوكيد مقصود هنا للاتكاء على هذا المعنى . ولابراز ذلك القانون الثابت في تقدير الأعمال بما يصاحبها من شعور باطني . فالتقوى . . تلك الحساسية المرهفة برقابة الله , والاتصال به في كل لحظة . والإيمان بالله والتصديق بأوامره ونواهيه , والعمل الصالح الذي هو الترجمة الظاهرة للعقيدة المستكنة . والترابط بين العقيدة الباطنة والعمل المعبر عنها . . هذه هي مناط الحكم , لا الظواهر والأشكال . . وهذه القاعدة تحتاج إلى التوكيد والتكرار والبيان" .
وأنا , اللحظة لا أجد في هذا القول ما يريح أيضا . . ولكنه لم يفتح علي بشيء آخر . . والله المستعان .


-----------------------------

وقد نزلت هذه الآية في الذين ماتوا من قبل بلوغهم تحريم الخمر،وهم مؤمنون منهم من مات في غزوة أحد، وفي بطنه الخمر، كما تساءل عنهم أصحاب لهم شهدوا التحريم، نزلت تبين أنّ التحريم يبدأ من النص لا قبله، وألا عقوبة إلا بنص....

فقلت -والله أعلم- أليس ورود التقوى في الصيغ المتعاقبة في الآية متعلقا بحال الذين ماتوا ولم يشهدوا تحريم الخمر، أو أي محرم لم يكن محرما وهم أحياء، ثم حال المؤمنين الذين شهدوا التحريم... ؟
بمعنى :
1- "لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُواْ إِذَا مَا اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ"---------->  هذه عن الذين ماتوا ولم يشهدوا التحريم فلا عقوبة عليهم، وقد اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات، أي قد اتقوا الله في كل ما أمر ونهى وهم أحياء، ولم يشهدوا ما حرم بعد وفاتهم، وآمنوا، أي صدقوا بأمر الله كله، وعملوا صالحا أخذوا عليه جزاءهم من عند الله تعالى .

2-"ثُمَّ اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ " ------------>  هذه عن المؤمنين الذين عايشوا ما قبل التحريم، وما بعده، فهم بعد التحريم اتقوا الله وآمنوا أي صدقوا ولم يرفضوا ويكذبوا، رغم سطوة الخمر على أنفسهم وتعودهم الكبير عليها .

3-"ثُمَّ اتَّقَواْ وَّأَحْسَنُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ"--------------> هؤلاء الذين ارتقوا بإيمانهم إلى مرتبة الإحسان، فكلما شهدوا حكما جديدا من الأحكام وهم أحياء صدقوا وأطاعوا ولم يرتدوا، بل إن إيمانهم في رقيّ وازدياد وهم يسمعون ويطيعون كل أمر جديد وكل حكم جديد .

والله أعلم .



العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-04-05, 11:10:39
أعجبتني هذه لابن عاشور في "التحرير والتنوير"، فلننظر إلى دقة استخدام فعل "طعموا"


 لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُواْ إِذَا مَا اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّأَحْسَنُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ(93) -المائدة-

وأصل معنى ) طَعِموا ( أنّه بمعنى أكلوا ، قال تعالى : ( فإذا طعِمتم فانتشروا ( ( الأحزاب : 259 ) . وحقيقة الطعم الأكل والشيء المأكول طَعام . وليس الشراب من الطعام بل هو غيره ، ولذلك عُطف في قوله تعالى ) فانظُر إلى طعامك وشَرابك لم يَتَسَنَّهْ ( ( البقرة : 259 ) . ويدلّ لذلك استثناء المأكولات منه في قوله تعالى : ( قل لا أجد فيما أوحي إلي محرّماً على طاعم يطعمه إلاّ أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزير فإنّه رجس أو فسقاً أهلّ لغير الله به ( ( الأنعام : 145 ) . ويقال : طَعِم بمعنى أذَاق ومصدره الطُّعْم بضمّ الطاء اعتبروه مشتَقّاً من الطَّعْم الذي هو حاسّة الذوق . وتقدّم قوله تعالى ) ومن لم يطْعَمه فإنّه منّي ( ( البقرة : 249 ) ، أي ومن لم يذقه ، بقرينة قوله ) فمن شرب منه ( ( البقرة : 249 ) . ويقال : وجَدت في الماء طعْم التراب . ويقال تغيّر طعم الماء ، أي أسِنَ . فمن فصاحة القرآن إيراد فعل ) طَعِمُوا ( هنا لأنّ المراد نفي التَّبِعَة عمَّن شربوا الخمر وأكلوا لحم المَيْسر قبل نزول آية تحريمهما . واستعمل اللفظ في معنييه ، أي في حقيقته ومجازه ، أو هو من أسلوب التغليب .
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: زينب الباحثة في 2013-04-08, 15:18:57
إن النعيم والثواب من مقتضى رحمته ومغفرته وبره وكرمه، ولذلك لا يضيف ذلك إلى نفسه، وأما العذاب والعقوبة، فإنما هو من مخلوقاته، ولذلك لا يسمى بالمعاقب والمعذب، بل يفرق بينهما، فيجعل ذلك من أوصافه، وهذا من مفعولاته، حتى في الآية الواحدة، كقوله تعالى: (نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم*وأن عذابي هو العذاب الأليم) [الحجر: 49، 50].

ابن تيمية
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: زينب الباحثة في 2013-04-08, 21:05:04
(قل أعوذ برب الناس* ملك الناس* إله الناس* من شر الوسواس الخناس)

ومع ما في الآية من تكرار، فإنها في غاية البلاغة والإبداع والجمال، ولو قال: (رب الناس وملكهم وإلههم). لذهبت حلاوتها وطلاوتها، وغاض حسنها!

سلمان العودة: مع الله
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-04-13, 08:54:18
(قل أعوذ برب الناس* ملك الناس* إله الناس* من شر الوسواس الخناس)

ومع ما في الآية من تكرار، فإنها في غاية البلاغة والإبداع والجمال، ولو قال: (رب الناس وملكهم وإلههم). لذهبت حلاوتها وطلاوتها، وغاض حسنها!

سلمان العودة: مع الله
أي والله ....أي والله ... ما أجملها ، ما أروعها بتكرارها ....

بارك الله فيك يا زينب
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-04-13, 09:15:47
رائعة رائعة، أرجو أن تستمعوا لهذه المكالمة إخوتي ولمن لا يفهم اللغة الفرنسية سأضع أدناه المعنى الإجمالي لما كان في المكالمة :


https://www.facebook.com/photo.php?v=476848455683426 (https://www.facebook.com/photo.php?v=476848455683426)


 أصل القصة أنها مكالمة من عاملة بمصلحة الاتصالات لسيدة تريد الاستعلام منها عن حال الأنترنت في بيتها، فتجيبها السيدة أنها مخطئة لأنه لا أنترنت في بيتها، ولا تملك حاسوبا أصلا، وأنها سيدة مسنّة عمياء، فيشاء الله أن تفتح معها حوارا، تُعجب العاملة بالمصلحة بالسيدة وتشفق عليها لما سمعت بعمى عينيها، فتسألها السيدة : هل أنت أفريقية فتجيب العاملة: نعم، فتسألها إن كانت مسلمة، تجيب العاملة: نعم ، فتفرح السيدة لذلك أيما فرح، وتقول لها ها أنا ذي أنطق الشهادة، فتنطق الشهادة صحيحة سليمة : "أشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله"وتقول لها أنها درست أربع سنوات اللغة العربية لتتمكن من فهم الفصحى ونطقها، وأنها عرفت القرآن، وأنها أعجبت جدا جدا بسورة البقرة، وأنها قد أعجبت بالقرآن وهي التي قرأت الإنجيل وكتاب البوذيين، ولكن لم يؤثر بها كلام كما أثر بنفسها قوله تعالى :

"لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا "-من الآية 286 من سورة البقرة-، تقرأها عليها بالترجمة الفرنسية، تقول: لقد أعجبتني جدا جدا، وتقول لها: إن لديكم دينا جميلا جدا،تُعجب بها العاملة جدا فتستأذنها أن تعاود الاتصال بها مرة أخرى، فتأذن لها، ثم تقرأ عليها دعاء جميلا جدا بالفصحى، اسمعوه من صوتها في أواخر الفيديو .... emo (30):

تقول لها العاملة أن كلماتها قد أبكتها . وفعلا كلماتها مبكية،مبكية لأنها كلمات حق ....
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: زينب الباحثة في 2013-04-14, 02:05:36
(وهو الغفور الودود) [البروج: 14]، إشارة إلى أنه مع المغفرة يزيل آثار الذنب، أما العباد فربما سامحوا، ولكن تبقى الجفوة والوحشة.

مع الله: سلمان العودة
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-04-15, 13:54:58
(وهو الغفور الودود) [البروج: 14]، إشارة إلى أنه مع المغفرة يزيل آثار الذنب، أما العباد فربما سامحوا، ولكن تبقى الجفوة والوحشة.

مع الله: سلمان العودة

سبحانه !
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-04-15, 13:58:33
عبق القرآن، نور القرآن..... عظيم خير القرآن... وكأنه معنى الحياة، لا بل وكأنه الحياة ... لا بل هو الحياة ........ومن غير القرآن كيف تحلو؟ كيف تجلو؟ إنها من غيره تخلو........

ذكره، الحديث عنه، القرب منه، تدبّره، حفظه، قراءة التفاسير، العيش به، العيش معه، العيش له ............... جعله المنبع، والمصدر، والمرجع، والمنهج .... جعله مرجعا لنفعل أو لا نفعل، لنأتمر، ولننتهي ...... الخوف من معصية أمر فيه، والرجاء بإتيان أمر جاء فيه .......

هذا البرنامج سمعت عنه من زينب جزاها الله خيرا ....

تابعوا هذه الحلقة منه :

https://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=5vb_Of2QskM (https://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=5vb_Of2QskM)
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-04-16, 10:08:54
وأترككم مع الحلقة الثانية من "مسافر مع القرآن"، لا تفوتوا فَلتات حفظ القرآن الكريم من أطفال المسلمين، تابعوا قصة الشيخ شريف  emo (30):

https://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=efQQqv9bhxw (https://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=efQQqv9bhxw)
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: زينب الباحثة في 2013-04-17, 16:31:26
وأنا سمعت عنه من صديقتي التي اشتركت بالمنتدى حديثا "أحيا بقرءاني" ^_^
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: سلمى أمين في 2013-04-17, 23:56:10
تقل العزيمة حتي تكاد تختفي

أتحجج و اتزعم اسبابا للتنصل من الحفظ و السماع .. وحضور المجلس

صرت مهملة !
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-04-18, 09:25:49
تقل العزيمة حتي تكاد تختفي

أتحجج و اتزعم اسبابا للتنصل من الحفظ و السماع .. وحضور المجلس

صرت مهملة !

لا حجة لنا يا زبادي، الحفظ التفسير، التدبر كله خير في القرآن ومن القرآن عظيم، وليس أهمّ من فهم قرآننا، وتدبّر آياته، والبحث في التفاسير ...
التفسير ثم التفسير يا زبادي، روح القرآن، حب للقرآن أكبر وأكبر وتعلق به أعظم كلما فهمناه، وكلما تدبرنا آياته العظيمة .... كوني معنا يا زبادي هنا، وأنصحك أن تتخذي لك ابتداء تفسيرا على الأقل مبسطا ميسرا من مثل المختصر في التفسير للصابوني مثلا...

وأضعه لك هنا يا زبادي في المرفقات أدناه ، في هذه المداخلة أضع لك الجزئين الأول والثاني، وفي الموالية تجدين الجزء الثالث بالمرفقات .
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-04-18, 09:32:50
هنا تجدين الجزء الثالث من صفوة التفاسير للصابوني، وقد وضعت الأول والثاني بمرفقات المداخلة السابقة
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: سلمى أمين في 2013-04-18, 11:39:31
جميل جميل

حملتهم ..

و انا احاول والله يا اسماء.. لكن اشعر بهول الكمية و الهدف نفسه .. لكن الله المستعان ..
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: زينب الباحثة في 2013-04-18, 15:51:10
كله يبدء بخطوة :)

تابعي تلك الحلقات.. لقد بثت في نفسي العزيمة مرّة أخرى بعد خمول..

العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: زينب الباحثة في 2013-04-18, 16:13:16
سألني طالب عن سر الفرق بين قوله سبحانه: (لها ما كسبت) وقوله: (وعليها ما اكتسبت) [البقرة: 286]، وطالعت كثيرًا من كتب التفسير، ثم ظهر لي -والله أعلم- أن سرَّ الفرق في التعبير أن قوله: (لها ما كسبت) في الحسنات التي للإنسان أنها تكتب له، حتى لو لم يعلمها، بل لمجرد النيَّة، أما في السيئات فعبر بقوله: (وعليها ما اكتسبت)؛ لأنه لا يُعَاقَب إلا بالفعل [...]، فعبر بالاكتساب الدال على المعالجة والفعل وليس مجرد النية.


سلمان العودة: مع الله
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: أم عبد الله في 2013-04-18, 22:08:38
أسماء
ليتك تكتبين لنا شيئا عن برنامجك في التفسير وكيف بدأت به والتزمت
تجربتك قد تفيدنا إن شاء الله
بارك الله فيكن جميعا 
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-04-19, 09:50:49
زبادي، كما أخبرتك زينب، كل شيء يبدأ بخطوة، ومن يؤمن بالبدئ بخطوة هو الذي يقطع المسافات الطويلة، ومن يحب القفز من حينه هو الذي لا يحصّل...
ابدئي شيئا فشيئا، فأن نعمل شيئا خير من ألا نعمل أي شيئ ...

أسماء
ليتك تكتبين لنا شيئا عن برنامجك في التفسير وكيف بدأت به والتزمت
تجربتك قد تفيدنا إن شاء الله
بارك الله فيكن جميعا  

أهلا بك يا أم عبد الله emo (30):
 والله لا أذكر تحديدا تحديدا كيف بدأت، ولكنني أذكر كم كنت أسحَر بحلقات الشعراوي رحمه الله مثلا، وكم كنت أرحل معه بعيدا وهو يغوص في قرآننا العظيم، أذكر أيضا كم أخذني "في ظلال القرآن" إلى العيش مع القرآن كائنا حيا يتمثل في سلوكياتنا وأخلاقنا وحياتنا كلها ....أيضا أذكر كيف تعرفت على "قصص الأنبياء" لابن كثير في سن مبكرة، ومنها كيف أحببت حبا جما عظيما قصص الأنبياء العظام، ثم كيف بدأت مع "تفسير القرآن العظيم" لابن كثير، وكيف وجدت فيه من نقله لعلم الصحابة الكرام بالقرآن وأغواره، وكيف فسروه، وكيف تدارسوه، وكيف عملوا به، وكيف نشأت مدارسهم الأولى من علمهم الجمّ، فكنت أجد لذة ما بعدها لذة وأنا أعرف كيف عاش هؤلاء مع القرآن، وكنت أتخيل حياتهم رضوان الله عليهم ورسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم، والقرآن يتنزل عليه وهم -من نعم الله العظيمة عليهم- عايشوا نزول القرآن العظيم على نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام....

وهكذا يا أم عبد الله، ومنذ سنوات يسر الله تعالى أن أواظب على حصة تفسير بالجمعية أقدمها للأخوات، أضع فيها زبدة ما أقرأ من عدد من أجمل كتب التفاسير، وما أتدبر من كتاب الله تعالى، بمعدل صفحة واحدة أسبوعيا .... فهي إلى يومنا تعدّ من أجمل لقاءاتنا، وأروعها، حينما نسقط القرآن على حياتنا، ونبحث في جنباتها، ونتأمل إن كنا نحيا به أم أننا البعداء عنه، حينما تفضي الواحدة بما يختلج في دواخلها من إحساس بالتقصير ومن عزم على استشعار أمر الله في القرآن أمرا عظيما عليها طاعته والعمل به قدر استطاعتها...

وهكذا صرنا نستشعر كم هو عظيم عظيم عظيم فهم القرآن، وفهم أسباب النزول، وفهم قصص النزول التي لم تكن إلا حكمة من الله عظيمة، أن جعل للقرآن أسبابا تنزّل بها في ثلاث وعشرين عاما، أسباب هي أمثلة لما هو كائن وسيكون، ينطبق عليه أمر الآية أو حكمها، لتكون تربية للناس في سائر أمور حياتهم في لاقابل من حياة البشر، ....فلم تقتصر الآية منه على خصوصية السبب، بل يُعنى بها عموم  الحال ....

كما أن معرفة سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم بتفاصيلها لها تأثير عظيم ودور كبير في فهم القرآن العظيم، بحكم خصوصيات السور المكية مثلا وبيئتها وجوها وأحوالها، وخصوصيات السور المدينة وبيئتها وأحوالها ....فهذا القرآن جاءنا به المصطفى صلى الله عليه وسلم، وهذا المصطفى وقد كان قرآنا يمشي على الأرض، فلا ينفصل القرآن عن حياته أبدا، إذ أن حياته لم تكن إلا قرآنا مطبقا مثالا للمؤمنين وقدوة ليعرفوا كيف يطبقوا القرآن ويعيشوا به حياتهم ويستقبلوا به آخرتهم .

وهكذا يكتشف الإنسان كم أن القرآن هو تلك المعجزة التي لا ينضب نبعها أبدا أبدا أبدا، مهما خاض العلماء في بحره، ومهما شقّوا عبابه، ومهما غاصوا، فهو دائما وأبدا يأتي بالمعاني، وبالكنوز، وبالحكم وبالتربية لا ينقطع خيره، هو جنة الله على الأرض، هو معنى الحياة، ومن غيره لا معنى لها، ولا ريح ولا طعم ....

تفسير القرآن، وتدبره من أعظم الأمور التي يحيا بها المؤمن، ويرتقي بها إيمانه، وتسعد بها حياته.... دائما لا أكف عن تكرار أن الحفظ خير عظيم، ولكن الحفظ من غير فهم ولا تدبر ولا عمل ما معناه ؟؟!!

وقد ترك لنا العلماء كنوزا وذخائر في مجال التفسير، وكثيرة هي التي تأخذك إلى الحياة الجميلة بكل معانيها، الحياة مع القرآن ....وخاصة تلك التي تغوص في التركيب اللغوي وعظمة موضع الكلمة في موضعها المحدّد من مثل غوصات الدكتور فاضل السامرائي اللغوية، ومن مثل ورود ذلك في تفسر ابن عاشور "التحرير والتنوير"، والتصوير القرآني الحيّ الخاص العظيم من مثل تفسير الظلال والشعراوي، .... والتدبّر أيضا يجعلك تقطفين من بساتين القرآن الرياحين التي تستشعرينها لذة للحياة، تستشعرين معها كم أن القرآن للناس جميعا، كتاب أنزل خيرا ونورا للناس كافة، ولم تُختصّ به فئة من الناس هم العلماء فقط، ولو كان كذلك لأصبح كتابا لا يقرأه إلا العلماء، نعم هم لهم باع في علوم الدين جعلهم يستمدون من القرآن الفقه والفتوى، وغيرها، ولكن كل مؤمن مطالَب بالتدبّر حتى لا يعيش منعزلا عن القرآن، حتى لا يعيش هو في واد والقرآن في واد كمن يجعل من الحي المتحرك المملوء حياتا جمادا لا يتحرك، وهو ليس أي حيّ بل هو مصدر حياتنا، فكيف لحياتنا أن تكون حياة مستقرة مطمئنة وهي بعيدة عن حبلها الذي يمدها بالنبض وبالنَّفَس، هي النفس التي بين جنباتنا، والتي هي نفخة من روح الله، لا تطمئن ولا تهدأ ولا ترتاح ولا تجد معناها ومعنى وجودها إلا في أمر الله، إلا في دستور الله الذي أنزله لها، وليهديها طريقها الذي يجعلها المطمئنة السعيدة، المستقرة، البعيدة عن التيه والحيرة ....

فكيف بمن فتح الله عليه ومنّ عليه، فعرف الحروف، وتعلم ولم يبقَ جاهلا أو أميا ألا يفتح أول ما يفتح كتاب الله، وألا يبحث أول ما يبحث في تفسير كتاب الله، وفهم كتاب الله ؟؟!
وكما أن النفَس لا يستغنى عنه للحياة، فكذلك أرى أن يخص المؤمن من ساعات يومه للغوص في القرآن، وتدبرّه، لا قراءته قراءة مجردة، بل تدبرا وعيشا وتمعنا ....

هي تجربة بسيطة يا أم عبد الله، ولكنني أتمنى أن يجرب كل مؤمن معنى مطالعة التفاسير، ومعنى التدبّر ومعنى العمل على خدمة القرآن، ليس من باب الحفظ والتحفيظ فحسب بل من باب الدعوة إلى استشعار حركته وحياته وتمثلها في الحياة، ليتذوق هذه الحلاوة، ويعرف هذه الطلاوة الفريدة التي لن يجد مثلها، فيعرف لحياته معنى هو معناها الحقيقي، فلا يبقى تائها باحثا لها عن معنى بين المعاني الزائفة الزائلة .

رزقنا الله وإياكم العيش بالقرآن، والعيش معه والعيش له، ولا جعلنا من الذين يقولون ما لا يفعلون، ورزقنا لذة الحياة به والموت عليه ...وثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وجعل القرآن رفيقا لنا في الدنيا، وأنيسا لنا في قبورنا وشفيعا لنا يوم القيامة، وجعله حجة لنا لا علينا .


العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: أم عبد الله في 2013-04-19, 17:00:31
جميل جدا
بارك الله فيك ولك يا أسماء ونفعنا بك

إذن أنت تقومين بالنظر في تفسير صفحة كاملة من القرآن الكريم أسبوعياً من عدة كتب تفاسير وتجمعينها , صحيح ؟
وبالترتيب من بداية المصحف ؟

وفي أوقات أخرى تقومين بالتدبر الحر بدون ترتيب.

جميل
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-04-20, 07:48:45
جميل جدا
بارك الله فيك ولك يا أسماء ونفعنا بك

إذن أنت تقومين بالنظر في تفسير صفحة كاملة من القرآن الكريم أسبوعياً من عدة كتب تفاسير وتجمعينها , صحيح ؟
وبالترتيب من بداية المصحف ؟

وفي أوقات أخرى تقومين بالتدبر الحر بدون ترتيب.

جميل


شيء من هذا يا أم عبد الله . وكلما وجدت شيئا يتعلق بالقرآن وتفسيره والتدبر فيه أمسكت به، والبحث في كتب التفسير المختلفة له طعم ولا أحلى ... وكثير منها متوفر على النت من مثل هذه الصفحة :
http://library.islamweb.net/newlibrary/bookslist.php?subject=%CA%DD%D3%ED%D1%20%C7%E1%DE%D1%C2%E4 (http://library.islamweb.net/newlibrary/bookslist.php?subject=%CA%DD%D3%ED%D1%20%C7%E1%DE%D1%C2%E4)
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-04-20, 07:53:34
كثيرا ما أسمع عن معلمات القرآن اللاتي أول ما يتميزن به الشدة، والحزم المبالغ فيه،حتى أن منهنّ مَن لا يُعرف على وجهها الابتسام، منهنّ مَن نفّرت طالبات لها، وعزلت أخريات ...
فقلت:
-----------------------------------------
إسلامنا وردة مفتّحة فواحة،فلماذا يحاول بعض من أهله أن يصورها مغلقة؟!

لماذا بعض أهله لا يرون التدين إلا عبوسا في الوجه حتی لكأن الابتسامة كائن خيالي خرافي هلامي ليس ذلك الوجه كوكبه!

ولم يكن سيد المسلمين وسيد البشر كلهم إلا بساما...!علی وزن الإكثار في الفعل"فعّال" لا علی وزن الإقلال ...

تبسموا يا من تعلِّمون القرآن..تبسموا فالبسّام كان قرآنا يمشي علی الأرض...!

تبسموا فالابتسام ليس حراما نهی عنه القرآن...

تبسموا فالابتسامة لا تحول بين قلب المؤمن والقرآن... تبسموا فتبسم المؤمن في وجه أخيه المؤمن صدقة....

تبسموا فالابتسامة تفتح مغاليق القلوب، والعبوس يغلق مفتوحها ومفاتيحها...!

تبسموا فمَن قال أن وقار معلّم القرآن في عبوس وجهِه ؟!!
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-04-20, 09:52:47
في قوله تعالى :

" أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِيَ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ(96) جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِّلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلاَئِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ(97) اعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(98) " -المائدة-

يزيد الله سبحانه وتعالى تأكيدا على تحريمه لصيد البرّ في حال الإحرام موافقة لقوله في هذه السورة العظيمة ذاتها، وفي مستهلها: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ(1) "

ولقوله أيضا فيها :

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّداً فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللّهُ عَمَّا سَلَف وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللّهُ مِنْهُ وَاللّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ(95

هذا اختبار من الله تعالى لعباده المؤمنين، ولننظر كيف أنه سبحانه أمّن صنفا من مخلوقاته، ما خلقها إلا ليسخّرها للإنسان مأكلا ومتاعا، ولكنه سبحانه يؤمنها في مكان بعينه، وفي زمان بعينه ....

إنه الأمان والسلام يعطيه الله سبحانه لخلقه، لا للإنسان وحده ولكن للحيوان أيضا... إنه سبحانه يعلّم الإنسان مذاق الأمان، إنه سبحانه يَعْلم ما في السماوات وما في الأرض، ويعلم إفساد الإنسان في الأرض، ويعلم أحوال الناس فيها، وكيف هي الحروب والتقاتل والتباغض والبعد عن الأمان ومدى حاجة الإنسان للأمان ...

فها هو سبحانه يعلّمه كيف يذوق الأمان، كيف يؤمّنه هو في بيته الحرام...

"جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِّلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلاَئِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ(97)"

المكان الآمن مكة البيت الحرام، الزمان الآمن الأشهر الحُرم ذو القعدة وذو الحجة و محرم ورجب .
والحيوان المُهدى للكعبة أمان من أن تناله يد بسوء، والقلائد، التي تتقلد بشجر مكة، كل هذا أمان في أمان، سلام في سلام ...
وما أحوج الإنسان للأمان، وللسلام، إن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض، يعلم مدى حاجة الإنسان الذي يقتل ويقاتل للأمان، للسلام، فها هي الدُّربة له في مكة، في هذا المكان الذي يجعله سبحانه أرضا لعباده المؤمنين الذين يؤمونه من كل فج عميق، وكأنها أرضهم التي تربيهم، أرضهم التي تحميهم،أرضهم التي إذا زطؤوها قوِي إيمانهم، وتعزّز أمانهم ... أرض الرسالة الخالدة، أرض الكعبة المشرفة قبلة المسلمين في كل بقاع الأرض، أرض أول بيت وضع للناس، بيت الله الحرام ....

إنه الأمان يستشعره المؤمن في هذه الأرض، الأمان للأرض، وللبشر، وللحيوان، وللنبات، الأمان في النفس والطمأنينة والسكينة، إنها الدربة على حب السلام، وعلى معرفة جوّه ونعيمه، إنها الدربة على كُره الحروب وكُره القتل وسفك الدماء،وعلى التخلّص من نشوة الانتصار، انتصار الإنسان على أخيه الإنسان، انتصار الإنسان لنفسه ولحاجات نفسه...إنها الدُّربة على التخلص من إدمانه القوة والتقوي على الضعفاء ...
حتى أن الحيوان الذي هو حلال للبشر في سائر الأمكنة صيده وأكله، يحرّم صيده في تلك الأرض، وفي حال الإحرام حتى إن لم يكن الحاج بالحرم ليتدرب على السموّ وعلى حفظ الأرواح، وعلى إمساك يده عن القتل ....

إنها مكة الملاذ الآمن، البلد الأمين .... وما أحوج البشرية للأمان.... ما أحوجها لدروس في الأمان والسلام ....
ثم يقول سبحانه بعدها:
"مَّا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاَغُ وَاللّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ(99) قُل لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُواْ اللّهَ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(100)
أما الرسول صلى الله عليه وسلم فهو الموكل بالتبليغ، بتبليغ أمر الله تعالى، وهو الذي أمره ربه سبحانه وتعالى بالتبليغ، التبليغ الكامل بلا نقصان، في هذه السورة العظيمة ذاتها، في قوله سبحانه: " يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ".

هو صلى الله عليه وسلم بلغ، وما عليه هو البلاغ، أما العلم بدواخل النفوس وبسرائرها وبعلانياتها سواء بسواء فهو ليس إلا لله سبحانه العليم الخبير، هو الذي يعلم ما يبدي البشر وما يكتمون، وهنا تخويف للبشر من العالِم بأنفسهم وأغوارها، تدريب آخر على أن تخاف هذه النفس ربَّها، وبخوفها ربَّها تأمن العاقبة السيئة، وتأمن العقوبة ...

ها هو ذا الأمان إذن يشع من جديد، وهذه المرة في النفس بظاهرها وباطنها، إنها إذا خافت عالم الغيب والشهادة، عالم السر والعلانية وراقبته فيما تفعل وما لا تفعل أمِنت ... وما أحوج النفس لأمان النفس... ما أحوجها لراحتها وطمأنينتها، فربّ خوف يدرب على الأمان الداخلي الخالص، يضمن الأمان  والأمن ....

"قُل لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُواْ اللّهَ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(100)"

لا يستوي الخبيث والطيب ....
ومن اختار الطيب على قلته فقد أمِن ... نعم إنه الأمان مجددا ... الطيب أمان والخبيث اضطراب وخلخلة وسوء قوام وإن بدا كثيرا منتفشا، وكذلك الباطل الخبيث وهو منتفش، والحق الطيب وهو قليل وكأنه المنكسر ....

يأمن العبد بذلك عاقبة السوء في الدنيا وفي الآخرة، يأمن غضب ربه ...
إنه الأمان .... إنه السلام ... ومن أسلم فقد ضمن السلام الداخلي والخارجي، ضمن الأمان ....
وأي أمان هو ذاك الذي ليس  في جَناب الله تعالى ....

العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-04-20, 11:38:37
ونكمل مع سياق هذه الآيات العظيمة من سورة المائدة:

في قوله تعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْأَلُواْ عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللّهُ عَنْهَا وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ(101) -المائدة-

آية عظيمة، وفيها تربية ربانية عظيمة لعباده المؤمنين... تبحث في ثناياها وفي سياقها، وفي مُرادها، فيأخذك البحث من خير إلى خير، يأخذك إلى الحكمة بعينها، يأخذك إلى سموّ هذا الدين وحكمته وعلو شأنه، وقوته ....

يأخذك البحث فيها إلى واقعية هذا الدين العظيم، وإلى معالجته لحاجات الناس الواقعية بعيدا عن الخيال، وعن التنطّع، وعن التعنيت الفارغ الذي ليس إلا مضيعة للوقت، يتعلم المؤمن كم أنّ دينه يذهب عنه كل حيرة، ويُجلي له الحقيقة كما تستوعبها طاقته العقلية والقلبية، ويوفّر عليه إهدار طاقته فيما لا يُجدي نفعا...

دين حق وحقيقة، دين لا يحب الخُرافة، ولا يحب الخوض فيها، ويبيّن فراغات الخوض في الخُرافة، وأن كل ما هو ليس من واقع حياة الإنسان خُرافة وجهد ضائع هباء، وديننا لا يحبّ تضييع الجهد هباء، بل كل دقيقة من حياة المؤمن ثمينة، غالية، ما ذهب منها لن يعود ....

أشياء إن تُبدَ لكم تسؤكم ....

هو سبحانه جلّ في عُلاه، العليم الخبير، المحيط بكل شيء علما، أراد أن يستر عن عباده ما يستر من علم الغيب، وأن يكشف ما يكشف لهم، فعلّم الإنسان حقيقة الجنة والنار، وأن النار مآل صنف من الناس، والجنة مآل صنف آخر منهم، ولكنّه سبحانه لم يُطلع الإنسان على مآله من الاثنَيْن، ولحكمته ولرحمته مجتَمِعَتَيْن قد أخفى هذا سبحانه ....

فما حال من يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بين ظهرانيهم عن مآله ؟!  ما حال من يسأله صلى الله عليه وسلم مَن يكون أباه ؟ ما حال من يسأله عن مكان ناقته ؟؟
إنها أحوال متفرقة من حالات البشر كلها كانت في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، تعلمنا إلى أبد الآبدين أن هناك من يسأل أسئلة كهذه، والحكم فيمَن سأل في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك، هو حكم من يسأل هذا اليوم ...

ولهذا نزلت هذه الآية العظيمة تعرّف المؤمنين حدود المعرفة التي تجب، والتي تنفع ولا تضر ّ.تربيهم على أدب السؤال، وأنّ من كان قبلهم من الأمم التي تنطعت وعنّتَتْ رسلها بالسؤال لم يكن مآلها إلا سوءا وشرا ولعنة لحقتهم ...

ففي البخاري جاء:
"كان قومٌ يَسألونَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم استِهزاءً ، فيقولُ الرجلُ : مَن أبي ؟ ويقولُ الرجلُ تَضِلُّ ناقتُه : أين ناقتي ؟ فأنزَل اللهُ فيهم هذه الآيةَ : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} . حتى فرَغ منَ الآيةِ كلِّها ."
الراوي:   عبدالله بن عباس المحدث:البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 4622  خلاصة حكم المحدث: [صحيح].

قال الحافظ ابن رجب -رحمه الله-:
(( في "صحيح البخاري" [برقم (4622)] عن ابن عبَّاس قال: كان قومٌ يسألون رسولَ الله -صلى اللهُ عليهِ وسلَّم- استهزاءً، فيقول الرَّجل: مَن أبي؟ ويقول الرَّجل تضلُّ ناقتُه: أين ناقتي؟ فأنزل الله هذه الآية: {يا أيُّها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياءَ}.
وخرَّج ابن جرير في "تفسيره" من حديث أبي هريرة، قال: خرجَ رسولُ الله -صلى اللهُ عليه وسلَّم- وهو غضبانُ مُحمارًّا وجهه، حتى جلس على المنبر، فقام إليه رجل فقال: أين أنا؟ فقال: "في النار"، فقام إليه آخرُ فقال: مَن أبي؟ قال: "أبوك حذيفة"، فقام عمر فقال: رضينا بالله ربًّا، وبالإسلام دِينًا، وبمحمَّد نبيًّا، وبالقرآن إمامًا، إنا يا رسول الله حديثو عهدٍ بجاهليَّة وشرك، والله أعلمُ من آباؤنا، قال: فسكن غضبُه، ونزلت هذه الآية: {يا أيُّها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياءَ إن تُبدَ لكم تَسُؤكم}.
---------------------------------

هكذا كانت حكمة عمر رضي الله عنه، وكان فهمه لغضبة النبي صلى الله عليه وسلم، فأجابه بما أذهب غضبه، فالمؤمنون يكفيهم الله ربا، والإسلام دينا، ومحمد نبيا ورسولا، وكل ما عداه من أسئلة تسيئ السائلَ أجوبتُها تعنيت لرسول الله ولأنفسهم وهُم قومُ "سمعنا وأطعنا" الذين أخرجوا للناس خير أمة، على خلاف قوم "سمعنا وعصينا".

ويقول في هذا سيد قطب في ظلاله:

لقد جاء هذا القرآن لا ليقرر عقيدة فحسب , ولا ليشرع شريعة فحسب . ولكن كذلك ليربي أمة , وينشى ء مجتمعا , وليكون الأفراد وينشئهم على منهج عقلي وخلقي من صنعه . . وهو هنا يعلمهم أدب السؤال , وحدود البحث , ومنهج المعرفة . . وما دام الله - سبحانه - هو الذي ينزل هذه الشريعة , ويخبر بالغيب , فمن الأدب أن يترك العبيد لحكمته تفصيل تلك الشريعة أو إجمالها ; وأن يتركوا له كذلك كشف هذا الغيب أو ستره . وأن يقفوا هم في هذه الأمور عند الحدود التي أرادها العليم الخبير . لا ليشددوا على أنفسهم بتنصيص النصوص , والجري وراء الاحتمالات والفروض . كذلك لا يجرون وراء الغيب يحاولون الكشف عما لم يكشف الله منه وما هم ببالغيه . والله أعلم بطاقة البشر واحتمالهم , فهو يشرع لهم في حدود طاقتهم , ويكشف لهم من الغيب ما تدركه طبيعتهم . وهناك أمور تركها الله مجملة أو مجهلة ; ولا ضير على الناس في تركها هكذا كما أرادها الله . ولكن السؤال - في عهد النبوة وفترة تنزل القرآن - قد يجعل الإجابة عنها متعينة فتسوء بعضهم , وتشق عليهم كلهم وعلى من يجيء بعدهم .
لذلك نهى الله الذين آمنوا أن يسألوا عن أشياء يسوؤهم الكشف عنها ; وأنذرهم بأنهم سيجابون عنها إذا سألوا في فترة الوحي في حياة رسول الله [ ص ] وستترتب عليهم تكاليف عفا الله عنها فتركها ولم يفرضها:
(يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم . وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم . . عفا الله عنها . .).
أي لا تسألوا عن أشياء عفا الله عنها وترك فرضها أو تفصيلها ليكون في الإجمال سعة . . كأمره بالحج مثلا . . أو تركه ذكرها أصلا . .
ثم ضرب لهم المثل بمن كانوا قبلهم - من أهل الكتاب - ممن كانوا يشددون على أنفسهم بالسؤال عن التكاليف والأحكام . فلما كتبها الله عليهم كفروا بها ولم يؤدوها . ولو سكتوا وأخذوا الأمور باليسر الذي شاءه الله لعبادة ما شدد عليهم , وما احتملوا تبعة التقصير والكفران .


وقال أيضا:

إن المعرفة في الإسلام إنما تطلب لمواجهة حاجة واقعة وفي حدود هذه الحاجة الواقعة . . فالغيب وماوراءه تصان الطاقة البشرية أن تنفق في استجلائه واستكناهه , لأن معرفته لا تواجه حاجة واقعية في حياة البشرية . وحسب القلب البشري أن يؤمن بهذا الغيب كما وصفه العليم به . فأما حين يتجاوز الإيمان به إلى البحث عن كنهه ; فإنه لا يصل إلى شيء أبدا , لأنه ليس مزودا بالمقدرة على استكناهه إلا في الحدود التي كشف الله عنها . فهو جهد ضائع . فوق أنه ضرب في التيه بلا دليل , يؤدي إلى الضلال البعيد .
وأما الأحكام الشرعية فتطلب ويسأل عنها عند وقوع الأقضية التي تتطلب هذه الأحكام . . وهذا هو منهج الإسلام . .

ولقد اقتدى الصحابة الكرام رضوان الله عليهم بهدي الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، فكانوا كارهين للسؤال عما لم يكن
كان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يلعن من سأل عما لم يكن . . ذكره الدارمي في مسنده . . وذكر عن الزهري قال:بلغنا أن زيد بن ثابت الأنصاري كان يقول إذا سئل عن الأمر:أكان هذا ? فإن قالوا:نعم قد كان , حدث فيه بالذي يعلم . وإن قالوا:لم يكن , قال:فذروه حتى يكون . وأسند عن عمار بن ياسر - وقد سئل عن مسألة - فقال:هل كان هذا بعد ? قالوا:لا . قال دعونا حتى يكون , فإذا كان تجشمناها لكم .

وقال الدرامي:حدثنا عبدالله بن محمد بن أبي شيبة , قال:حدثنا ابن فضيل , عن عطاء , عن ابن عباس , قال:ما رأيت قوما كانوا خيرا من أصحاب رسول الله [ ص ] ما سألوه إلا عن ثلاث عشرة مسألة حتى قبض , كلهن في القرآن , منهن: (يسألونك عن الشهر الحرام). . (ويسألونك عن المحيض). . وشبهه . . ما كانوا يسألون إلا عما ينفعهم .
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-04-21, 17:40:43
لا أدري لماذا شدّتني بشكل كبير جدا آية :

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْأَلُواْ عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللّهُ عَنْهَا وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ(101)

وبقيت بشأن الجزء منها : "وَإِن تَسْأَلُواْ عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللّهُ عَنْهَا وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ" ، في حيرة، لأن معظم التفاسير تذكر فيها أقوالا وأقوالا أخرى...

ووجدت في تفسير القرطبي شيئا شافيا بعض الشيء، وخاصة منه الفقرة الثانية:

روى مسلم عن عامر بن سعد عن أبيه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أعظم المسلمين في المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يحرم على المسلمين فحرم عليهم من أجل مسألته . قال القشيري أبو نصر : ولو لم يسأل العجلاني عن الزنى لما ثبت اللعان . قال [ ص: 256 ] أبو الفرج الجوزي : هذا محمول على من سأل عن الشيء عنتا وعبثا فعوقب بسوء قصده بتحريم ما سأل عنه ; والتحريم يعم .

قال علماؤنا : لا تعلق للقدرية بهذا الحديث في أن الله تعالى يفعل شيئا من أجل شيء وبسببه ، تعالى الله عن ذلك ; فإن الله على كل شيء قدير ، وهو بكل شيء عليم ; بل السبب والداعي فعل من أفعاله ، لكن سبق القضاء والقدر أن يحرم الشيء المسئول عنه إذا وقع السؤال فيه ; لا أن السؤال موجب للتحريم ، وعلة له ، ومثله كثير لا يسأل عما يفعل وهم يسألون .

------------------------
وأيضا شيء في تفسير الرازي :

وفي التفسير الكبير للرازي جاء:
قال ابن عباس : معناه لا تسألوا عن أشياء في ضمن الإخبار عنها مساءة لكم ، إما لتكليف شرعي يلزمكم ، وإما لخبر يسوءكم ، مثل الذي قال من أبي ؟ ولكن إذا نزل القرآن بشيء ، وابتدأكم ربكم بأمر ، فحينئذ إن سألتم عن بيانه ، بين لكم وأبدى . انتهى.

وأضع أيضا هذا التسجيل الجميل لهذا الشيخ الذي أتعرف عليه حديثا وهو الشيخ ياسين رشدي رحمه الله، وقد قرأت عنه وكان شيخا سخر من عمره لتفسير القرآن في المساجد،ولتفسير أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم :

Quranv00267 تفسير سورة المائدة الشيخ ياسين رشدى (http://www.youtube.com/watch?v=v6cvhm3PXgg#)



العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: زينب الباحثة في 2013-04-22, 17:23:42
هل تعتدقين بأن هذا ينطبق على عصرنا؟

أعرف بعض الناس يسألون عن الحكم الديني في كل شيء وفي أمور قد لا تخطر على البال.. في البداية بدا لي حرصا على توقي الحلال لكن شعرت بأنه مبالغ فيه بعدها
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: زينب الباحثة في 2013-04-22, 17:27:15
إن الله سبحانه وتعالى حينما يصف نفسه في القرآن، أو يصفه رسوله صلى الله عليه وسلم في السنة فذلك يكون على سبيل الإثبات المفصل والنفي المجمل، فإذا كان المقام مقام إثبات الكمال لله عز وجل من الأسماء والصفات والأفعال الجميلة العظيمة؛ فإن ذلك يكون بتفصيل وتطويل، وليس باقتضاب ولا إجمال، بينما إذا كان المقام مقام نفي النقائص والعيوب فإنه يختصر، وهذا أمر معروف مألوف، لأنه من مقتضى الإيمان بالله عز وجل والتأدب معه.

ولو أنك مدحت إنسانا بأنه ليس بخيلا ولا أحمق ولا فاجرا؛ لربما قال الناس: ما هذا المديح الذي هو أشبه بالذم منه بالثناء؟

سلمان العودة: مع الله
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: زينب الباحثة في 2013-04-22, 18:18:06
يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ (12) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَكِن لاَّ يَعْلَمُونَ (13)

من سورة البقرة

لماذا قال يشعرون مرتين وفي الأخيرة قال يعلمون؟



العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-04-23, 10:52:27
هل تعتدقين بأن هذا ينطبق على عصرنا؟

أعرف بعض الناس يسألون عن الحكم الديني في كل شيء وفي أمور قد لا تخطر على البال.. في البداية بدا لي حرصا على توقي الحلال لكن شعرت بأنه مبالغ فيه بعدها

تقصدين أن المؤمنين يا زينب كثير منهم اليوم ليس على هذه التربية؟ أم تقصدين إن كانت تنطبق التربية عليهم؟ إن كنت تقصدين الأولى فنعم كثير من المؤمنين حال تربيتهم غير هذه، بل يا زينب وحسبما عاينت، كثير من المؤمنين لا يعلمون أصلا بسبب نزول هذه الآية، وأنا واحدة منهم، لم أكن أعلم بالسبب إلا حين مطالعتي للتفسير، وانظري يا زينب كم يختلف الحال حينما نبحث في قرآننا، وحين لا نبحث فيه ...

ونعم حينما يعرفها المؤمن، ويتربى بموجبها، يحرص حرصا أكبر على أن تكون أسئلته في حدود الواقع،أي في حدود ما ينفعنا في هذه الدنيا، وهذا هو التوازن العظيم في الإسلام أنه من جهة لا يحجر على العقل، ولا يمنع السؤال، ومن جهة أخرى يمنع التنطع والتعنيت، والتعجيز بما ليس منه فائدة توفيرا لطاقة المؤمن العقلية وحرصا على حراسة معرفته لئلا تنقلب تَيْها وحيرة يؤديان فيما يؤديان إليه إلى بعيد مجهول مخيف غالبا ...

يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ (12) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَكِن لاَّ يَعْلَمُونَ (13)

من سورة البقرة

لماذا قال يشعرون مرتين وفي الأخيرة قال يعلمون؟





سؤال جميل يا زينب.

وقد وجدت للدكتور حسام النعيمي هذا:

ما الفرق بين (لا يشعرون) و(لا يعلمون)؟(د.حسام النعيمى)
هنا استعمل الشعور في الكلام على القضايا الظاهرة وعلى الأحاسيس الواضحة، هنا المخادعة عمل ظاهر، يخادعون، يقولون، يتصرفون، فالشيء الذي يكون بالأحاسيس، يتلمسه بحواسه ، بالكلام،بالحركة يناسبه الشعور الذي فيه معنى الإحساس (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَـكِن لاَّ يَشْعُرُونَ (12)  استعمل (لا يشعرون) الشعور لأن الإفساد ظاهر. لكن لما تكلم على القضايا القلبية المعنوية (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَـكِن لاَّ يَعْلَمُونَ (13)  استعمل (لا يعلمون) لأن العلم داخلي. لكن لما استعمل دعاهم إلى الإيمان والإيمان شيء قلبي لا تعلمه استعمل (لا يعلمون) ما قال لا يشعرون لأن الإيمان ليس شعوراً ظاهراً وإنما هو علم باطن.

ولزيادة فائدة أيضا للدكتور حسام النعيمي :

) لما يعلنون أنهم هم آمنوا كأنما يعتقدون أنهم يخادعون الله سبحانه وتعالى
(وما يشعرون) الفعل المضارع يدل على الحال أو الاستقبال أو أحياناً  الدوام والثبات يعني على الوصف، لما تقول: زيد ينظم الشعر إما أن تعني ينظم الشعر الآن أو هو من الشعراء هذه حاله فاستعملوا (ما) لنفي الحاضر يقولون: زيد ما ينظم الشعر أي الآن . وإذا أرادوا المستقبل استعملوا (لا) قالوا: لا ينظم الشعر أي ليس شاعرا.
في مسألة يشعرون فى القرآن استعمل مرة (وما يشعرون) ومرة (لا يشعرون) معنى ذلك أنه يريد أن ينفي عنهم الإحساس والشعور الآن وفي المستقبل
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: زينب الباحثة في 2013-04-23, 13:07:27
سبحان الله اختلافات بسيطة تغير المعنى تماما

بارك الله فيك يا فراشة كفيت ووفيت حقا  D:
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: زينب الباحثة في 2013-04-23, 13:15:25
هناك سؤال آخر عام ما الفرق بين "ف" و "و" في القرآن

هذا مثال من سورة البقرة أيضا:

وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ (35) فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36)

العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-04-24, 11:34:36
هناك سؤال آخر عام ما الفرق بين "ف" و "و" في القرآن

هذا مثال من سورة البقرة أيضا:

وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ (35) فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36)



هنا يا زينب:

وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ (35)

الواو تفيد أمورا كثيرة في اللغة العربية يا زينب، فهي قد تفيد الاستئناف ،وتفيد العطف، وتفيد القسم، وتفيد المعيّة، وقد تكون زائدة للتوكيد، ولننظر للعطف هنا :
 
وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ (35)

وللمعية في :

أَنتَ وَزَوْجُكَ

وكذلك للفاء أدوارها في اللغة، فتوجد فاء السببية وفاء التعقيب مثلا ...

انظري للفاء مثلا هنا
وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ

وهي تعني السببية، وفاء السببية هي التي يكون ما قبلها سببا لما بعدها، وتقترن بالفعل المضارع فيُنصب، وكذلك الحال هنا : "فتكونَا" انظري كيف نصب ما بعدها، فعل مضارع ناقص منصوب وعلامة نصبه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة . (يعني أصلها تكونان، فلما نصبتها فاء السببية أصبحت "فتكونَا").

فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ..

هي هنا غالبا في الأولى تعني التعقيب، وتعقيبها يكون بلا مهلة، يعني فوريا ، وفي الثانية هي سببية، فما قبلها كان سبب إخراجهما مما كانا فيه، وهو إزلال الشيطان لهما عنها .

أما :

وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36)

فانظري إلى الواو هنا، كيف هي استئنافية يا زينب، وما يزيد في إثبات ذلك  الرسم العثماني الذي يقف بحرف الوقف "ص" عند قوله سبحانه :  "مِمَّا كَانَا فِيهِ" ليستأنف ما بعدها

وهذا رسم الآيات في الصورة التالية، لتري حرف الوقف "ص" بعد "مِمَّا كَانَا فِيهِ":

(http://www.ayamnal7lwa.net/forum/index.php?action=dlattach;topic=5765.0;attach=10596;image)

وانظري باقي علامات الوقف، لنرى كيف أن كل واو بعدها، غالبا هي للاستئناف .

والله أعلم.

وهكذا يا زينب، فكل حرف في القرآن العظيم، له موضعه الصحيح الدقيق الذي يناسب المعنى، ويناسب السياق.  وزيادة في الفائدة، هذان تسجيلان قصيران للدكتور فاضل السامرائي، عن هذا الموضوع.

فلا يخاف ، سبب إضافة الفاء (http://www.youtube.com/watch?v=tb9b-br4tOA#)

فاستجبنا له فنجيناه وأهله ، ونجيناه وأهله (http://www.youtube.com/watch?v=HnzfVO_9RkE#)








العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: زينب الباحثة في 2013-04-24, 14:30:14
 ::ok:: جزاك الله خيرا
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-04-25, 11:53:35
::ok:: جزاك الله خيرا

وإياكم يا زينب  emo (30):

--------------------------------

نصيحة مهمة وجميلة وبليغة :

نصيحة جامعة لكيفية تعلم القرآن:
قال أبو نصر الرملي: أتانا الفضيل بن عياض بمكة فسألناه أن يملي علينا فقال: " ضيعتم كتاب الله وطلبتم كلام فضيل وابن عيينة ولو تفرغتم لكتاب الله لوجدتم فيه شفاء لما تريدون" قلنا: قد تعلمنا القرآن. قال: " إن في تعلم القرآن شغلاً لأعماركم وأعمار أولادكم وأولاد أولادكم, قلنا: كيف؟ قال: لن تعلموا القرآن حتى تعرفوا إعرابه ومحكمه ومتشابهه وحلاله وحرامه وناسخه ومنسوخه, إذا عرفتم ذلك اشتغلتم عن كلام فضيل وغيره. ثم قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم, بسم الله الرحمن الرحيم " ياأيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين" سورة يونس.
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: زينب الباحثة في 2013-04-25, 14:20:08
الإعراب أيضا  :emoti_351: ::cry::
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-04-27, 09:17:19
الإعراب أيضا  :emoti_351: ::cry::

الحمد لله يا زينب أن عادت آخر المشاركات في المنتدى وكله محلول بإذن الله  ::)smile:...لعل الله ييسر لنا ونفتح موضوعا عن النحو .

وإليك وإلى الإخوة أهدي هذا الموقع الأكثر من رااائع :

مصحف راائع جدا بالتفاسير، وبالإعراب وبالترجمة، وبالتلاوات، وبأحكام التجويد، وبالقراءات، وبالمتشابهات، كله مع إمكانية البحث .رااائع ومفييييد .

https://www.mosshaf.com/ar/main (https://www.mosshaf.com/ar/main)
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: زينب الباحثة في 2013-04-27, 23:48:28
دروس في النحو  :emoti_64:

حسنا سأحاول  emo (9):
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-04-28, 11:48:19
دروس في النحو  :emoti_64:

حسنا سأحاول  emo (9):

 emo (30):

-----------------------------------------
تسجيل مفيد جدا عن المحكم والمتشابه في القرآن الكريم للشيخ الشعراوي:

https://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=XzSrDTttlLU (https://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=XzSrDTttlLU)
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: زينب الباحثة في 2013-04-28, 15:22:41
جميل بارك الله فيك
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-04-30, 11:08:47
وفيك بارك الله يا زينب ... emo (30):

--------------------------------

القرآن لفجر آخر... القرآن لآفاق أخرى قد لا تكون ظاهرة من الوهلة الأولى، قد تحتاج أن يبزغ بها فجر خاص، فجر يلوّح بخيطه في القلوب المتأملة المتدبّرة المتملّية بجمال القرآن، وبمدرسة القرآن العظيمة، وبنور القرآن ....

برنامج كنت أتابعه من قبل من على قناة فضائية، ثم جعلت أتابعه من على النت، وكان مميزا حقا، ورائعا، يحمل الراوي فيه مع صوته الهادئ الرزين كلمات مستوحيات من روح القرآن العظيم، من أنفاسه، من حركاته، من حياته ....فتشعر بالجمال، بالبيان، بالسر، بالحكمة، بالمعجزة فيه... ونحن نقرأ الآية مرارا ومرارا ولكنها تبدو لنا بهذه التجلّيات وكأنها المرة الأولى التي نعرفها فيها ...... نستشعر مع تأملات كهذه كم أن القرآن للحياة منهج كامل متكامل يَعرِض لحالات النفس كلها، وتقلباتها، وعذاباتها، وضعفها وقوتها كما لا تعرِض لها كل علوم الأرض التي سموها طبا للنفس، وكأن القرآن ينادي النفس لترجع إلى ربها، لتطمئن في جنابه، وأنّ دواءها هنا بين طيات هذا الكتاب، فمن عاش يبحث في سرّ جماله، وعظيم مُراده، عرفت نفسه الاستقرار، والطمأنينة والراحة وعرف العالم كله كم أن لنفس الإنسان دواء لم يصنعه لها صاحب نفس مثله، بل قد صنعه له خالق النفس والعالم بسرها وجهرها، بضعفها وحاجتها ....

ومن سورة الفجر : " يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ(27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً(28)"

لن أطيل عليكم وأدعوكم لتتابعوا حلقة من هذه السلسلة الرائعة عن الصبر، وهي بجزئين:

الصبر 1/2 - القرآن لفجر آخر (http://www.youtube.com/watch?v=aTsxRzfmDyI#)

الصبر 2/2 - القرآن لفجر آخر (http://www.youtube.com/watch?v=aK1XkdakOsY#)
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-05-03, 14:31:07
ولكن قد يجهد العقل ويتعب بالتجربة الطويلة حتى يصل إلى حقيقة ما. لذلك أراد سبحانه حماية الناس من شقاء التجارب القاسية فأنزل منهجه ليحدد الحرام من الحلال. قال سبحانه:{ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىا وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ }[التوبة: 33].

ويقول في موضع آخر من القرآن الكريم:{ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىا وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَىا بِاللَّهِ شَهِيداً }[الفتح: 28].

ولقائل أن يقول: لماذا إذن وُجد في العالم أديان أخرى. كاليهودية والنصرانية، ولماذا إذن هناك ملاحدة ما دام الله قد قرر ألا يوجد مع الإسلام دين آخر؟

ونقول: أنت لم تفهم مراد الآيتين الكريمتين، إن الحق سبحانه يقرر مرة أن الذي الذي سيظهر ولو كره المشركون، ومعنى ذلك أن هناك كافرين ومشركين، وأهل ديانات أخرى وسيظهر الإسلام عليهم، ويجعله الله هو السائد بالحجة والبرهان وبشهادة الكافرين والملحدين والوثنيين أنفسهم؛ لأن أمور الحياة ستتبعهم في كل قضايا حياتهم، ولا يجدون حلولاً لهذه المتاعب إلا بأن يذهبوا إلى قضية الإسلام، لا لأنه إسلام، ولكن لأن أسلوب وقواعد الإسلام هي التي ستخلصهم من مشكلاتهم، ولجوؤهم إلى أقضية تتفق مع الإسلام - مع كفرهم بالإسلام - هو شهادة قوية على أن الإسلام جاء دين الفطرة، ودين العقل، وأن الكل سيحتاج إليه قهراً عنه. ومن لم يأخذ ديناً فيسضطر إلى أن يأخذه نظاماً.

الشعراوي رحمه الله
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-05-03, 15:14:54
"وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا۟ إِلَىٰ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَإِلَى ٱلرَّسُولِ قَالُوا۟ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ ءَابَآءَنَآ ۚ أَوَلَوْ كَانَ ءَابَآؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْـًۭٔا وَلَا يَهْتَدُونَ ﴿١٠٤﴾"-المائدة-


وأنا أعرض لهذه الآية تذكرت قصة سلمان الفارسي رضي الله عنه وأرضاه emo (30): الباحث عن الحقيقة، الذي كان أبوه سيدا في بلدته، ورئيس خدمة النار، وورّث ابنَه خدمتها بإخلاص منقطع النظير، فلا يغفل عن ربه ساعة،..لا يتركها تخمد، يحرسها لئلا تخمد، تلكم كانت ربَّه المعبود!!

ماذا كان من أمر سلمان الذي حبسه أبوه عن كل شيء إلا النار، فشبّ خادما لها، ولكنه لم يشِبْ على ذلك...
إن القرآن لم يكن قد نزّل بعد على محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعث بعد،ولكنّ سلمان الفارسي كان قد رأى تعبد المسيحيين في كنائسهم، فلما نطقت فيه فطرته لم يسكتها، ولم يقل حسبي ما وجدت عليه أبي...
لم يقل ذلك أبدا، بل إن أباه لما سمع منه إعجابه بتعبد المسيحيين، حذره، وقال له أنهم على دين خطأ، وأن دينهم هو الصواب...

فهل سمع سلمان لكلام أبيه، واكتفى بما وجد عليه أباه؟ أم أنه استمع لنداء فطرته، وأصغى لها،بل وعقد العزم على الرحيل للبحث، للسعي باحثا عن الحقيقة ...
فجعل يتنقل من كنيسة إلى أخرى،من بلد إلى آخر يبعث به قساوسة بعضهم إلى بعض بقوا على دين الله الحق لا يدينون بما حرف غيرهم، فهذا يستودع سلمانَ ذاك، وذاك يستودعه الآخر  حتى هداه الله إلى الحق المطلق، إلى محمد صلى الله عليه وسلم ... لقد كان سلمان سيدا ابن سيد، فما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهو عبد مملوك ليهودي...!!
لم يبالِ، لم يأبهْ، لم يتوقف عن البحث، لم يقمع عقله ولم يعبّده هوى أحد حتى وهو عبد! وسمع بوصوله صلى الله عليه وسلم قباء وهو على رأس نخلة لسيده، فنزل منها يستثبت صاحب الخبر .... ذلك العبد المملوك مازال عقله حرا ...مازالت فطرته تنادي ...!!
إنه لم يقل : "حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ ءَابَآءَنَآ".

بل قد كفر بدين أبيه حتى شرفه الله بدين الحق يملك عليه قلبه وكيانه كله .... تلكم هي الحرية حقا !!

ترى كيف تذوّق سلمان هذه الآية عندما عرفها ؟  emo (30):

أما ربعي بن عامر  الذي كان من المشركين يوما، فإنه لما ذاق طعم الحرية بفهمه لسمو عبوديته لله وحده، فقد قال: "إن الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام."
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: زينب الباحثة في 2013-05-03, 16:14:57
سبحانه الله
باركَ الله فيك  ::ok::
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: زينب الباحثة في 2013-05-03, 16:15:35
الآن أصبح الوصول إلى الحقيقة سهلا ولا يستلزم كل هذه السفريات والمشقات لكن لم يعد في الناس مثل سلمان
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: elnawawi في 2013-05-03, 17:33:54
الآن أصبح الوصول إلى الحقيقة سهلا ولا يستلزم كل هذه السفريات والمشقات لكن لم يعد في الناس مثل سلمان

بل أصعب .. ليست المشقة بدنية صحيح ولكن المشقة النفسية والإدراكية صعبة جدا ..
الفتن أكبر واوسع ولا يستطيع أحد ان يمنعها من دخول بيته .. والكاذبون هم الرموز والقدوات في هذا العصر .. واختلط الباطل بالحق اختلاطا كبيرا .. والمذاهب المنحرفة كثييييييييرة .. اللهم قنا الفتن ما ظهر منها وما بطن
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-05-04, 11:24:59
الآن أصبح الوصول إلى الحقيقة سهلا ولا يستلزم كل هذه السفريات والمشقات لكن لم يعد في الناس مثل سلمان

بل أصعب .. ليست المشقة بدنية صحيح ولكن المشقة النفسية والإدراكية صعبة جدا ..
الفتن أكبر واوسع ولا يستطيع أحد ان يمنعها من دخول بيته .. والكاذبون هم الرموز والقدوات في هذا العصر .. واختلط الباطل بالحق اختلاطا كبيرا .. والمذاهب المنحرفة كثييييييييرة .. اللهم قنا الفتن ما ظهر منها وما بطن

لذلك وجب علينا أن نكون دوما مسافرين لا نقنع بحطّ رحالنا في أرض خبر ما، إلا إذا محّصنا ودققنا وثبتنا على الحق مهما بدا من كثرة أهل الباطل .وأؤمن على دعائك.
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: زينب الباحثة في 2013-05-04, 14:07:42


لذلك وجب علينا أن نكون دوما مسافرين لا نقنع بحطّ رحالنا في أرض خبر ما، إلا إذا محّصنا ودققنا وثبتنا على الحق مهما بدا من كثرة أهل الباطل .وأؤمن على دعائك.

سرقتها بعد إذنك  :blush::
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-05-05, 10:45:15


لذلك وجب علينا أن نكون دوما مسافرين لا نقنع بحطّ رحالنا في أرض خبر ما، إلا إذا محّصنا ودققنا وثبتنا على الحق مهما بدا من كثرة أهل الباطل .وأؤمن على دعائك.

سرقتها بعد إذنك  :blush::

سرقة بالإذن، هذا مما لا يكون في الواقع أبدا  :emoti_282:مسامحة طبعا يا زينب  ::)smile:
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: زينب الباحثة في 2013-05-05, 20:59:05
 ::roses2::
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-05-13, 17:16:17
::roses2::

شكرا يا زينوبة  ::)smile:
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-05-13, 17:16:35
النهفة العاشرة

تفسير: "ألقى الشيطان في أمنيته"

بصراحة وجدت شيئا جميلا.. بل راااائعا بالأمس.. فأحببت مشاركة اهل المنتدى به.. وخاصة اختي الحبيبة اسماء، المهتمة بالتفسير، لعله يفيدها يوما ما

النهفة هو أنني كثيرا ما كنت أحتار في تفسير الآيات التالية من سورة الحج:

{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ * وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ أَنَّهُ الحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ )

خاصة انني قرأت بعض الشبهات حولها.. وكنت ارى كتب التفسير، تذكر الشبهة، وتبين انها شبهة، لكن لا تأتي بتفسير قوي يدحضها.. أو يثلج الصدر
وكان أفضل ما قرأت في تفسيرها هو ما ذكره سيد قطب حمه الله في ظلاله
لكنني بالأمس.. وبتوفيق الله تعالى، عثرت على تفسير رائع لها، شفى صدري تماما، في كتاب الشيخ سعيد حوى الجميل: "تربيتنا الروحية"
فأحببت ان أشارككم به .. فإليكموه:

-------------------------------------

هذه الآيات من الآيات التي يكثر الأخذ والرد حول معناها ونحن في هذه السطور القليلة سنقدم خلاصة في شأنها لا يعثر عليها الإنسان إلا بمشقة.
 {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى}:
ماذا يتمنى الرسول أو النبي؟
إن أمنية الرسول أو النبي إنما هي في قومه وأتباعه، أن يرتفع بهم إلى مقام العبودية الكاملة، إلى مقام الصديقية الكبرى.
إن مثل هذا هو أمنية الرسول والنبي عليهم الصلاة والسلام جميعاً.
 فماذا يفعل الشيطان؟
إن الشيطان في مثل هذه الحالة، يحاول أن يقطع الطريق على أمنية الرسول والنبي، بإلقاءاته الإلقاءات الخبيثة، في قلوب محل أمنية الرسول.
 قال تعالى: {إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته}: أي في قلوب محل أمنيته، وهم قومه وأتباعه، وهذا الذي يدل عليه السياق.
 فإذا ألقى الشيطان إلقاءاته، فإن من سنة الله عز وجل: {فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم} إن من سنة الله عز وجل إبطال إلقاءات الشيطان، وإحكام الآيات في القلوب، على مقتضى العلم والحكمة.
 وقد بين الله عز وجل سنته هذه بالآيتين التاليتين فقال: {ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض}، أي المنافقين، {والقاسية قلوبهم} أي المشركين أو المرضى بقسوة القلب ولو لم يكن شركاً، فهؤلاء وهؤلاء هم الذين يقبلون إلقاءات الشيطان فيفتنون بها.
ثم قال تعالى: {وإن الظالمين لفي شقاق بعيد}، دلت الآية على أن مرضى القلوب وقساتها ظالمون، وأنهم في خلاف بعيد عن الحق. إن هؤلاء هم الذين يقبلون إلقاءات الشيطان.
 ثم قال تعالى: {وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم}، أي إن إلقاءات الشيطان في قلوب أهل العلم، لا يترتب عليها إلا زيادة إيمان بالقرآن، وزيادة خشوع للقرآن، واطمئناناً به.
 ثم قال تعالى: {وإن الله لهاد الذين آمنوا إلى صراط مستقيم}، أي في الفهم والسلوك.
إن القلب البشري إذا قبل الحق اندفع فيه، ثم تأتيه هجمة معاكسة من الشيطان، هذه الهجمة إما أن يسقط فيها إنسان، أو يرتفع بسببها إنسان.
 يسقط مرضى القلوب وقساتها، وينجح أصحاب العلم، وأصحاب القلوب السليمة.
 والمربي الذي لا يدرك أبعاد هذه الأمور، فيلاحظها، ويعرف كيف يتوقعها، ويتصرف أمامها، مرب فاشل.

 


العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: زينب الباحثة في 2013-05-13, 19:52:40
الفرق بين الغفلة والنسيان : أن الغفلة ترك باختيار الغافل ، والنسيان ترك بغير اختياره ، ولهذا قال تعالى : ولا تكن من الغافلين ولم يقل : ولا تكن من الناسين ، فإن النسيان لا يدخل تحت التكليف فلا ينهى عنه .

ابن القيم مدارج السالكين
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-05-14, 09:12:45
الفرق بين الغفلة والنسيان : أن الغفلة ترك باختيار الغافل ، والنسيان ترك بغير اختياره ، ولهذا قال تعالى : ولا تكن من الغافلين ولم يقل : ولا تكن من الناسين ، فإن النسيان لا يدخل تحت التكليف فلا ينهى عنه .

ابن القيم مدارج السالكين

جميل جدا يا زينب، بوركت emo (30):
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2013-05-14, 10:21:02
الفرق بين الغفلة والنسيان : أن الغفلة ترك باختيار الغافل ، والنسيان ترك بغير اختياره ، ولهذا قال تعالى : ولا تكن من الغافلين ولم يقل : ولا تكن من الناسين ، فإن النسيان لا يدخل تحت التكليف فلا ينهى عنه .

ابن القيم مدارج السالكين

لا أظن هذا الكلام دقيقاً.. لأن النسيان نوعان: منه ما هو عرضي وجزئي، وهذا مما لا يؤاخذ الله تعالى فيه المكلف، بفضله وكرمه، كمن نسي الصلاة حتى خرج وقتها، او نسي وهو صائم فأكل او شرب.. او ما شابه هذا.. وهو ما يشمله حديث: "رفع عن امتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" وهو ما أرشد الله تعالى الإنسان إلى معالجته بذكر الله عز وجل.. قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ } (الأعراف: 201)

لكن من النسيان ما هو نتيجة الإهمال والتجاهل، وعدم الاكتراث، وهو نسيان كلي، وهذا ندد الله تعالى به، وتوعد عليه بالعذاب الشديد

قال تعالى:
 عن نسيان اليوم الآخر: {فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الخُلْدِ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} (السجدة: 14)
وعن نسيان أوامر الله : {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ } (الاعراف)

وعن نسيان شيء من كتاب الله او تكاليفه: {إنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظاًّ مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ العَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ } (المائدة: 14)

وكما قال تعالى "ولا تكن من الغافلين" قال "ولا تكونوا كالذين نسوا الله" وذلك في قوله تعالى:
{وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ } (الحشر:19)
والآيات في هذا كثيرة.. وأكتفي بهذه الأمثلة
والله أعلم
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-05-14, 11:04:48
لفتة مهمة يا هادية بارك الله فيك
ولو أننا نجد أيضا "الغفلة" بمعنى عدم العلم بالخبر،وهي ليست في مقام الذمّ على أنها إثم، وذلك يتجلى في قوله سبحانه مخاطبا رسوله صلى الله عليه وسلم :

نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ(3) -يوسف-
فهنا نجدها بمعنى عدم العلم بالخبر .

كما وجدت المعنى اللغوي لفعل "غفَلَ"

غَفَلَ :
غَفَلَ عن الشيء غَفَلَ ُ غُفُولا ، وغَفْلَة : سَهَا من قِلَّة التحفُّظ والتيقُّظ .
و غَفَلَ الشَّيْء : تركه إهمالا من غير نسيان .

وهنا نرى وكأن الغفلة هي الترك باختيار فعلا، أي أنها الترك والإهمال من غير نسيانن وربما كان النسيان قسمين، نسيان يتذكر المرء بعده وهو عادة في البشر كلهم، ولذلك لا يؤاخذ الله عليه العبد من رحمته سبحانه،ويتحسر الإنسان على نسيانه، ونسيان هو نتيجة تراكمية للغفلة والغفلة حتى نسوا الله فأنساهم أنفسهم. جعلنا الهل من الذاكرين الشاكرين.
والله أعلم
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: زينب الباحثة في 2013-05-14, 15:16:10
أها بارك الله فيكما على التوضيح
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-05-16, 14:48:01
يَوْمَ يَجْمَعُ ٱللَّهُ ٱلرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَآ أُجِبْتُمْ ۖ قَالُوا۟ لَا عِلْمَ لَنَآ ۖ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّـٰمُ ٱلْغُيُوبِ ﴿١٠٩﴾ -المائدة-

ماذا أجِبْتُم ؟ يسأل سبحانه رسله، فهم أولاء رسل الله تعالى يُسألون عن غيرهم، بينما يُسأل الإنسان عن نفسه...، وبمَ تراهم قد أجابوا ربهم سبحانه ومصطفيهم من كل خلقه، وباعثهم للناس أئمة وهُداة وحَمَلة رسالاته إلى خلقه .

الإنسان يسأل عن نفسه، ويُحاسب فردا، وكل يحاسب بما فعل، وعما فعل،وكما كان من الإنسان في الدنيا يلاقي في الآخرة الجزاء من جنس اعتقاده وعمله .

فلننظر بماذا يجيب الكافرون في الدنيا إذا ما سُئلوا ماذا أنزل الله:"وَإِذَا قِيلَ لَهُم مَّاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ(24)"-النحل-

ولكنّهم يوم القيامة ينكرون، ينكرون ما قالوه وأجابوا به في الدنيا، ينكرون كفرَهم وتكبرهم على آيات الله،ينكرون سوءَهم،ولأنّ الله هو العليم الخبير، فهو سبحانه يفضح إنكارهم وكذبهم يوم القيامة.

ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قَالَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالْسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ(27) الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ فَأَلْقَوُاْ السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ(28)-النحل-

إن الله عليم بما كنتم تعملون، فلا مجال للإنكار، ولا مجال للكذب...
أما الذين اتقوا فهم حينما سئلوا في الدنيا عن هذا الذي أنزله ربهم، قالوا : "خيرا"....

وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْاْ مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ خَيْراً لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ(30)-النحل-

فيكون جزاؤهم يوم القيامة بما وعدهم ربهم الذي آمنوا به وبما أنزل ولم يستكبروا عن آياته سبحانه:
جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَآؤُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللّهُ الْمُتَّقِينَ(31) الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ(32) -النحل-

وعلى هذا كان سؤال الرسل عن غيرهم وليس عن أنفسهم، إنهم أقوى خلق الله إيمانا، وأكثرهم قربا منه، وأشدّهم ابتلاء، وأدأبهم عملا على دعوة الناس إلى توحيد الله وعبادته، وطاعة أمره، وأكثرهم صبرا على التكذيب والصدّ والتعذيب... فهُم أولاء يوم القيامة سالمون من جهة ذواتهم، وهم يُسألون يومها عن أقوامهم، ماذا كان من استجابة أقوامهم لهم ؟

فكيف يجيبون الله على سؤاله هذا؟ الله العليم الخبير، الله علام الغيوب...
ولنُمْعِن النظر في "علام الغيوب" وورودها بصفة خاصة هنا في جوابهم، جوابهم المؤدّب الذي يليق بعظمة الله تعالى وبإجلاله حق إجلاله، وبتقديره حق تقديره، ومَن ذا يقدر الله سبحانه ويعرف عظمته مثلما يعرفها رسله صلوات الله وسلامه عليهم جميعا؟!

فها هُم من معرفتهم بعظمته وجلاله، وقدره، وعلمه، يجيبون بهذا الأدب، أنهم وإن كانوا قد عرفوا وهُم بين أقوامهم، أن منهم من تبعهم ومنهم من تولى عنهم، وصدّ عنهم،وكل ما علموا كان من الذي ظهر لهم وليس الذي خفِي عنهم في الصدور فلم يتبيّن لهم، وإن علموا فهم قد علموا أمر من عايشوهم ، ولم يدروا ما فعل الناس من بعدهم وقد غابوا عنهم، إلا أن العلم الدقيق، وعلم الغيب ، وعلم الصدور، وعلم النوايا، وعلم الماضي والحاضر والمستقبل يختص به علّام الغيوب الله سبحانه وتعالى، فهم وإن علموا لهم تابعين وموالين ومصدقين ومؤمنين، فإن علم نواياهم صدقها من كذبها ليس إليهم، وليس إلى أحد غيره سبحانه وتعالى وهو علام الغيوب، وليس جوابهم له سبحانه وتعالى مما سيزيد في علمه بما غاب عنه، تعالى سبحانه عن ذلك، بل إنه علام الغيوب، يعلم دقّ الأمور وجلّها لا تخفى عليه خافية وما يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض .

وكما رأينا أعلاه والله سبحانه ينكر عليهم إنكارهم ويقرّ عملهم للسوء وكفرهم"بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون". فبهذا الذي يعلمه رسله عنه سبحانه حقّ العلم، يجيبون الله تعالى، فينفون العلم عن أنفسهم في حضرة علم علام الغيوب .


العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: زينب الباحثة في 2013-05-16, 14:52:50
سبحان علام الغيوب  emo (30):
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-05-17, 10:47:30
أعجبني هذا لابن عاشور وهو يرى علاقة ما جاء في الآية 108 من سورة المائدة وما قبلها  عن الوصية وعن دقة القرآن في معالجة حالات الوصية حتى اهتمامه بالمؤمن وهو ضارب في الأرض أي مسافر وتحضره الموت كيف يعلّمه أن يوصي ولا يغفل عن الوصية لمَن بعده، لورثته بأن يستأمن حتى مَن ليسوا على دينه لينقل لورثته وصيته، يستنتج ابن عاشور العلاقة بين هذه الآيات وبين الآية 109 من المائدة والتي جاء فيها :

يَوْمَ يَجْمَعُ ٱللَّهُ ٱلرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَآ أُجِبْتُمْ ۖ قَالُوا۟ لَا عِلْمَ لَنَآ ۖ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّـٰمُ ٱلْغُيُوبِ ﴿١٠٩﴾ -المائدة-

فلننظر ما يقول :

ولمناسبة هذا المقام التزم وصف عيسى بابن مريم كلّما تكرّر ذكره في هذه الآيات أربع مرات تعريضاً بإبطال دعوى أنّه ابن لله تعالى . ولأنّه لمّا تمّ الكلام على الاستشهاد على وصايا المخلوقين ناسب الانتقال إلى شهادة الرسل على وصايا الخالق تعالى ، فإنّ الأديان وصايا الله إلى خلقه . قال تعالى : { شرع لكم من الدين ما وصّى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصّينا به إبراهيم وموسى وعيسى } [ الشورى : 13 ] . وقد سمّاهم الله تعالى شهداء في قوله : { فكيف إذا جئنا من كلّ أمّة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً } [ النساء : 41 ] .

العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-05-18, 10:50:18
ونبقى مع الآيات الرائعات من سورة المائدة، وشخصيا أحب بشكل خاص جدا، وبشكل كبير جدا جدا هذه الآيات إلى نهاية المائدة، أشعر فيها بجو من جلال الله تعالى ومن صدق أنبيائه، ومن الأدب والإيمان واليقين في أنبياء الله تعالى والذي لا يُضاهى، وأشعر فيها كم أنّ قول سيدنا عيسى وردّه على الله سبحانه وتعالى وعلى سؤاله فيه من التعليم والترسيخ والتأكيد على أن عيسى عليه السلام عبد من عباد الله تعالى، عبد آتاه الله الكتاب وجعله نبيا كما جعلها الله سبحانه وتعالى على لسانه وهو في المهد صبيّ .....

نبقى مع جو هذه الآيات :

إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ إِنْ هَـذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ(110)

فلنتأمل هذه الكلمات وهذه العبارات المتتالية :

**يا عيسى ابن مريم
**نعمتي عليك
**أيدتك-------------------لتكلم الناس في المهد وكهلا
**علمتك
**تخلق-------------بإذني(إذن الله تعالى)
**تنفخ، فتكون-------بإذني
**تبرئ---------------بإذني
**تخرج الموتى-------بإذني
**كففت بني إسرائيل عنك
**جئتهم بالبينات--------من عند الله .


أي كلمة من هذه الكلمات، وأي فعل فيها ليس مصدره الله سبحانه ....؟؟
أيده وعلمه وأجرى على يديه الخوارق من خلق ونفخ وإبراء وإخراج للموتى بإذن الله تعالى، فهو سبحانه زيادة على نعمه عليه  من اصطفاء وتعليم وتأييد، والتي هي فضل من الله عليه عظيم، يختصه الله سبحانه بأن يجري على يديه ما هو من شأن الله تعالى من إحياء  وخلق ونفخ، ولكن بماذا؟؟؟ بإذن الله تعالى الفعال لما يريد والذي شاء وأراد فكانت مشيئته، وكانت إرادته،وكان اختباره لعباده بهذه المعجزات،فآمن من آمن أنه عليه السلام فعل ما فعل بإذن من الله تعالى، وكفر من كفر وقال أنما ذلك منه سحر مبين، وغالى مَن غالى فألّه عيسى عليه السلام وافترى في ذاته الأباطيل الشنيعة....

وعبارة "نعمتي عليك" في قرآننا العظيم كفيلة بأن تلقي في روعنا الإيمان والتسليم أن سيدنا عيسى عليه السلام هو عبد الله المنعَم عليه من الله، وعبارة "ابن مريم" أيضا تلقي ظلال أن سيدنا عيسى ابن مريم وينسب إليها وهي أمه بمشيئة الله تعالى بلا أب وأنه عبد من عباد الله خلقه الله تعالى بإرادته ومشيئته أن يكون من أم هي أمة من إماء الله بلا أب فكان .

وهذا ليس تذكيرا لعيسى عليه السلام بالنعم، إذ أن أنبياء الله تعالى أكثر الناس ذكرا لنعمه، ولكنها تقريع لقوم كفروا وغالَوا ...

ولنتتبع ذكر فساد اعتقاد النصارى في عيسى عليه السلام في هذه السورة :

لقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(17)

ثم قوله سبحانه:
لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ(72)

ثم قوله سبحانه:
مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ(75)

ففي الأولى تبيان إلى أنّه سبحانه مالك أمر عيسى عليه السلام وأمر أمه معه،وأمر كل من في الأرض، وأن السماوات والأرض لا تقوم إلا بأمره وحده، ومن ذا الذي يقوم بها من دونه سبحانه الحي الذي لا يموت القيوم وعيسى عبد يموت ومريم أمه أمةٌ تموت.

وفي الثانية ذكر لبراءة عيسى عليه السلام مما اعتقد قومه باطلا، ومما ادعوا فيه وغالوا فيه بجعله إلها وأنه الذي أقر أنه عبد لله الذي هو رب قومه وربه معهم.

وفي الثالثة قصر بحرف "ما" قصر لصفة عيسى عليه السلام أنه ما هو إلا رسول قد كانت من قبله رسل، وأن أمه أمة من إماء الله تميزت بتصديقها لأمر الله تعالى فيها.

ثم في هذه الآيات الأخيرة من سورة المائدة والتي هي بين أيدينا يُجمل الله سبحانه وتعالى هذه الأمور كلها فيها زيادة في التأكيد على كفر من ادّعى في عيسى عليه السلام غير أنه عبد من عباد الله ورسول من رسله .ففيها ذكر لقيامة الله تعالى بكل الأمر بذكر إنعامه على عبده في كل ما فعل وكل ما جرى على يديه، وهي فيها كون عيسى المسؤول والمنادَى والموجّه له الخطاب يوم القيامة ،والله سبحانه ربه هو السائل والمسؤول من السائل عبد بين يدي إله ورب معبود .وفيها الإقرار بأن كل نعمة على عيسى عليه السلام هي من الله، وبالتالي فهو عبد المصطفى الذي أرسله واجتباه بهذه المعجزات، أي أن فيها إجمالا لكل ما ورد عن عيسى عليه السلام في هذه السورة وهذه الآيات .
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: زينب الباحثة في 2013-05-18, 12:28:12
جميل :)
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: أم عبد الله في 2013-05-18, 13:30:14
سبحان الله!
ما قدرنا الله حق قدره



 
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-05-19, 09:39:42
نعم يا زينب ولا أجمل من قرآننا، ونعم يا أم عبد الله ما قدرنا العلي القدير العظيم حق قدره...نسأله سبحانه أن يعرّفنا بقدره كما ينبغي لعظيم سلطانه وجلال قدره .

بالأمس كنت مع الأخوات مع هذه الآيات من المائدة، وكنا مع آية:

وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي قَالُوَاْ آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ(111) إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ(112) قَالُواْ نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ(113)

تدارسنا هذه الآيات، وقد قال فيها علماء التفسير ما قالوا، فمنهم من قال أنّ الله سبحانه قد أورد قول الحواريين عن أنفسهم أنهم آمنوا وأنهم مسلمون، ولكنّ حقيقتهم وسرسرتهم إلى الله، وإلا فكيف يكون هذا السؤال منهم، والذي استنكره سيدنا عيسى عليه السلام وأمرهم بالتقوى إن كانوا مؤمنين، أي أن الإيمان الحق الذي يملأ القلب حقا يدفع بصاحبه إلى التصديق الكامل والتسليم الذي ليس معه طلبات ولا طلب رؤية معجزات عينية، وندقق مع ردهم فإذا حتى ردهم وأسباب طلبهم لنزول المائدة ليست بالتي تكون معذرة لهم في طلبهم، ليأكلوا منها، وتطمئن قلوبهم، وكأن قلوبهم ينقصها الاطمئنان، وليعلموا أن عيسى عليه السلام قد صدقهم، وكأن كل تلك المعجزات التي أيده بها الله سبحانه، من خلق ونفخ وإحياء بإذن الله لم تكفِهم ولم تملأ قلوبهم طمأنينة ولم تكفِهم ليصدقوا، فطلبوا المزيد، وليكونوا عليها من الشاهدين، أي ليشهدوا أمام من غاب من قومهم أن أعينهم قد رأت تلك المعجزة أي نزول المائدة ....

وقولهم "هل يستطيع"، وقولهم "ربك".

وهنا في طلبهم هذا مثلا سيد قطب رحمه الله يورد في هذا مقارنة بين حواريي عيسى عليه السلام وبين صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا الفرق كبير كبير جدا، كيف أن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعتورهم شك ولم يجرؤوا على طلب ، بل سلّموا كل التسليم وعملوا وفق تربية قرآنية كانت تُملى عليهم من القرآن عبر رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ومن العلماء من يقول أنه كان فيهم شيء من الشك، ومنهم من يقول أنما طلبهم كان الغرض منه الاطمئنان في شكل من أشكال إيجاد العذر ...

في الحقيقة أمس وأنا أقرأ هذه الآيات، تركت للأخوات مندوحة أن تقول كل واحدة ما تستشعر وما ترى من موقف الحواريين ثم من رد عيسى عليه السلام عليهمن ثم من ردهم هُم عليه من بعد ذلك ... فوجدت الأخوات ورؤاهنّ بين هذا وذاك كما قرأت من رؤى التفاسير من يدافع عنهم، وبين من يتحير من طلبهم ذلك وهم المؤمنون الأنصار، وبين من يقارن فيجد البَون شاعا بينهم وبين صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ....

ثم تكلمت أخت لنا فقالت  أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتنزّل عليهم القرآن وفيه من هذه الأخبار، وكانوا يتعلمون من هذه القَصص كيف يكونون الأخيَرَ والأحسن، فرباهم القرآن ورباهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقرأتْ من القرآن قوله سبحانه :
 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ(14)  -الصف-

ترى ما الشاهد هنا؟ هل أنهم كانوا على درب الحواريين ولكنهم كانوا خيرا منهم فسمعوا وأطاعوا بلا محاججة ولا مداججة وبتسليم تام،وبلا طلبات؟وبإيمان قلبي حقيقي وليس مجرد قول كما نجد في القرآن عن الحواريين قولهم لا حقيقة يقرّها الله عن قلوبهم، ولو أنه سبحانه أورد أنه أوحى إليهم أن يؤمنوا به وبرسوله أي بمعنى ألهمهم الإيمان به، أي ألقى في قلوبهم الإيمان به؟ هل طلبهم هذا شيء من طباع بني إسرائيل يظهر وإن في الخيرة من بينهم؟

ماذا ترون ؟
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: سيفتاب في 2013-05-19, 09:49:10
الله أعلم يا أسماء

ولكن تكفيني الآية الأخيرة والتي يطلب الله سبحانه وتعالى من المؤمنين أن يكونوا كما  كان الحواريون بصدق إيمانهم و حكاية اطمئنان القلب هذه لا تنفي الإيمان فسيدنا إبراهيم طلب اطمئنان قلبه من الله عز وجل وهو من هو إنه أمة وحده.

إنما هذا لا ينفي أيضا فضل الصحابة عليهم وتعلمهم بأن يكونوا أفضل بمعنى أني أرى الخير في الطائفتين والأمر بين فضل وأفضل والله أعلم
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2013-05-19, 14:11:22
يعني هناك الفاضل وهناك الافضل
ولا شك انه كما كان نبينا صلى الله عليه وسلم خير الانبياء والمرسلين
فقد اختار له الله سبحانه تعالى صحبا هم خير القرون السابقة واللاحقة
دون ان ينفي هذا افضلية اصحاب الانبياء السابقين، ومنهم الحواريون
والله أعلم
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2013-05-19, 18:39:40
 :emoti_133:
يقول ابن عاشور في تفسير قوله تعالى:
{وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين}.
"قرأ الجمهور: {وأحل لكم} بالبناء للفاعل، والضمير المستتر عائد إلى اسم الجلالة من قوله {كتاب الله عليكم} .
وأسند التحليل إلى الله تعالى إظهارا للمنة، ولذلك خالف طريقة إسناد التحريم إلى المجهول في قوله {حرمت عليكم أمهاتكم} لأن التحريم مشقة فليس المقام فيه مقام منة."

أعجبتني.. فنقلتها لكم .. من التحرير والتنوير
لكن لاحظوا ان قراءتنا برواية حفص عن عاصم تكون فيها (وأحل) بالبناء للمجهول، بضم الهمزة وكسر الحاء.. فلا تحتمل هذه اللفتة التي ذكرها ابن عاشور
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-05-21, 12:24:26
سيفتاب وهادية بارك الله فيكما، نعم هذا هو الوسط الذي علينا أن نأخذ به بإذن الله تعالى في شأن الحواريين .جزاكما الله خيرا  emo (30):

:emoti_133:
يقول ابن عاشور في تفسير قوله تعالى:
{وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين}.
"قرأ الجمهور: {وأحل لكم} بالبناء للفاعل، والضمير المستتر عائد إلى اسم الجلالة من قوله {كتاب الله عليكم} .
وأسند التحليل إلى الله تعالى إظهارا للمنة، ولذلك خالف طريقة إسناد التحريم إلى المجهول في قوله {حرمت عليكم أمهاتكم} لأن التحريم مشقة فليس المقام فيه مقام منة."

أعجبتني.. فنقلتها لكم .. من التحرير والتنوير
لكن لاحظوا ان قراءتنا برواية حفص عن عاصم تكون فيها (وأحل) بالبناء للمجهول، بضم الهمزة وكسر الحاء.. فلا تحتمل هذه اللفتة التي ذكرها ابن عاشور


بارك الله فيك، أما عندنا في قراءة ورش يا هادية فتنطبق هذه الملاحظة لابن عاشور، لأنها تبني للفاعل أَحَلَّ، كما هو في الصورة:

(http://www.ayamnal7lwa.net/forum/index.php?action=dlattach;topic=5765.0;attach=10671;image)
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: زينب الباحثة في 2013-05-21, 13:57:01
:emoti_133:
يقول ابن عاشور في تفسير قوله تعالى:
{وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين}.
"قرأ الجمهور: {وأحل لكم} بالبناء للفاعل، والضمير المستتر عائد إلى اسم الجلالة من قوله {كتاب الله عليكم} .
وأسند التحليل إلى الله تعالى إظهارا للمنة، ولذلك خالف طريقة إسناد التحريم إلى المجهول في قوله {حرمت عليكم أمهاتكم} لأن التحريم مشقة فليس المقام فيه مقام منة."

أعجبتني.. فنقلتها لكم .. من التحرير والتنوير
لكن لاحظوا ان قراءتنا برواية حفص عن عاصم تكون فيها (وأحل) بالبناء للمجهول، بضم الهمزة وكسر الحاء.. فلا تحتمل هذه اللفتة التي ذكرها ابن عاشور


لم أفهم  :blush::

يعني القراءة الأولى هي أحَلَ لكم؟؟؟
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-05-21, 14:09:36
:emoti_133:
يقول ابن عاشور في تفسير قوله تعالى:
{وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين}.
"قرأ الجمهور: {وأحل لكم} بالبناء للفاعل، والضمير المستتر عائد إلى اسم الجلالة من قوله {كتاب الله عليكم} .
وأسند التحليل إلى الله تعالى إظهارا للمنة، ولذلك خالف طريقة إسناد التحريم إلى المجهول في قوله {حرمت عليكم أمهاتكم} لأن التحريم مشقة فليس المقام فيه مقام منة."

أعجبتني.. فنقلتها لكم .. من التحرير والتنوير
لكن لاحظوا ان قراءتنا برواية حفص عن عاصم تكون فيها (وأحل) بالبناء للمجهول، بضم الهمزة وكسر الحاء.. فلا تحتمل هذه اللفتة التي ذكرها ابن عاشور


لم أفهم  :blush::

يعني القراءة الأولى هي أحَلَ لكم؟؟؟

نعم يا زينب في حال القراءة بـ: "أحلَّ لكم" فهنا البناء للفاعل اي أنه معلوم وليس مبنيا للمجهول وهو "أُحِلَّ" ، وفي قراءة حفص عن عاصم تجدين أُحِلَّ، بينما في قراءة ورش عن نافع وهي المعتمدة في المغرب العربي مثل الجزائر، نجد أَحَلّ، وبالتالي تنطبق رؤية وملاحظة ابن عاشور عليها،وابن عاشرو أراد أن فضل الله تعالى ومنّته بالتحليل على عباده جاء فيها البناء للفاعل يعني معلوم، بينما التحريم من مثل "حُرِّمَتْ عليكم أمهاتكم" جاء التحريم هنا ببناء للمجهول  لما في التحريم من مشقة وليس المقام فيه مقام مِنّة .
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: زينب الباحثة في 2013-05-21, 14:13:21
أها شكرا على التوضيح :)

أنا أقرؤ برواية حفص :)
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-05-30, 13:30:18
في قوله تعالى : "قَالَ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ ٱللَّهُمَّ رَبَّنَآ أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةًۭ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًۭا لِّأَوَّلِنَا وَءَاخِرِنَا وَءَايَةًۭ مِّنكَ ۖ وَٱرْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ ٱلرَّ‌ٰزِقِينَ ﴿١١٤﴾" -المائدة-

تأملوا ما قاله أبو عبد الله الرازي، وما أشار إليه من اختلاف الترتيب عند الجواريين عنه عند عيسى بن مريم عليه السلام:

"تأمل في هذا الترتيب فإن الحواريين لما سألوا المائدة ذكروا في طلبها أغراضا، فقدموا ذكر الأكل فقالوا {نريد أن نأكل منها} (المائدة: 113) وأخروا الأغراض الدينية الروحانية، فأما عيسى فإنه لما طلب المائدة وذكر أغراضه فيها قدم الأغراض الدينية وأخر غرض الأكل حيث قال {وارزقنا} وعند هذا يلوح لك مراتب درجات الأرواح في كون بعضها روحانية وبعضها جسمانية، ثم إن عيسى عليه السلام لشدة صفاء دينه وإشراق روحه لما ذكر الزرق بقوله {وارزقنا} لم يقف عليه بل انتقل من الرزق إلى الرزاق فقال {وأنت خير الرازقين} فقوله {ربنا} ابتداء منه بذكر الحق سبحانه وتعالى، وقوله {أنزل علينا} انتقال من الذات إلى الصفات، وقوله {تكون لنا عيدا لاولنا} إشارة إلى ابتهاج الروح بالنعمة لا من حيث إنها نعمة، بل من حيث إنها صادرة عن المنعم وقوله {الشاهدين قال عيسى} إشارة إلى كون هذه المائدة دليلا لأصحاب النظر والاستدلال وقوله {وارزقنا} إشارة إلى حصة النفس وكل ذلك نزول من حضرة الجلال.
فانظر كيف ابتدأ بالأشرف فالأشرف نازلا إلى الأدون فالأدون.
ثم قال: {وأنت خير الرازقين} وهو عروج مرة أخرى من الخلق إلى الخالق ومن غير الله إلى الله ومن الأخس إلى الأشرف، وعند ذلك تلوح لك شمة من كيفية عروج الأرواح المشرقة النورانية الإلهية ونزولها اللهم اجعلنا من أهله."
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-05-30, 16:38:37
أما هذا فتفسير للطبري أعجبني جدا، وقوله في نزول المائدة على الحواريين من عدم نزولها، لأن قوما كثيرين قالوا بأنها لم تنزل، وإنما كانت مثلا ضرب، ولم ينزل عليهم شيئ، ومن قال أنهم لما خوّفهم الله تعالى بالعذاب  الذي لا يعذبه أحدا من العالمين إن هم كفروا بها، أعرضوا وانتهوا عن طلبهم . تأملوا قول الطبري في هذا، وإن فيه لقوة  emo (30):


"وبعدُ, فإن الله تعالى ذكره لا يخلف وعدَه، ولا يقع في خبره الْخُلف, وقد قال تعالى ذكره مخبرًا في كتابه عن إجابة نبيه عيسى صلى الله عليه وسلم حين سأله ما سأله من ذلك:  إِنِّي مُنَـزِّلُهَا عَلَيْكُمْ  , وغير جائز أن يقول تعالى ذكره: إِنِّي مُنَـزِّلُهَا عَلَيْكُمْ  , ثم لا ينـزلها، لأن ذلك منه تعالى ذكره خبر, ولا يكون منه خلاف ما يخبر. ولو جاز أن يقول:  إِنِّي مُنَـزِّلُهَا عَلَيْكُمْ  , ثم لا ينـزلها عليهم, جاز أن يقول:  فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ  ، ثم يكفر منهم بعد ذلك، فلا يعذّبه, فلا يكون لوعده ولا لوعيده حقيقة ولا صحة. وغير جائز أن يوصف ربنا تعالى ذكره بذلك. "
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: زينب الباحثة في 2013-05-31, 13:54:58
أول مرة أسمع بهذا القول الذي يقول لم تنزل المائدة

سبحان الله القرآن واضح كيف يفسرونه بهذه الطريقة الغريبة
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-05-31, 14:42:48
هو ما جاء في القرآن يا زينب يغنينا عن التعمق في أسئلة حول ما لم يأت به، فما فيه يغنينا بالعبرة ولا ضرورة لأن نبحث فيما لم يأتِ فيه، من مثل هل النملة التي كلمت سليمان عليه السلام ذكر أم أنثى، أو ما هي القرية التي مر عليها الرجل في سورة البقرة وهي خاوية على عروشها، أو من مثل ما في المائدة هنا، ماذا حدث بعد نزولها؟ ، وبالتالي بما أن الله تعالى لم يأت على ذكر ما حدث بعد نزولها، يترك المجال للبعض بأن رأى إمكانية عدم نزولها بالنظر إلى أمور كثيرة من نقولات و فهم وغيرها، ولكن ما في القرآن يكفينا ويزيد .... وأقوالهم هذه يا زينب بما فيها ، إلا أنها أيضا تقودنا إلى مَن يتأمل قول الله تعالى هنا مثلا "إني منزّلها"، انظري كيف أنه الوعد، ثم انظري أنه سبحانه لو أنه لم ينزلها وقد قال بإنزالها، يمكن ألا يعذب من يكفر بعدها، بينما هو سبحانه قد أتى وعيده لمن يكفر بعدها، فقياسا هذا بذاك كما ذكر الطبري هنا، يتبين أن وعد الله تعالى ووعيده لا يمكن أن يكون إلا الحق ...، فيسطع الحق قويا ...
يعني في كل خير بإذن الله  emo (30):
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: زينب الباحثة في 2013-05-31, 14:54:50
 :emoti_416: :emoti_416:

تضييع وقت ما الفائدة العائدة في معرفة جنس النملة  ::what:: ::what::
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-05-31, 15:47:10
:emoti_416: :emoti_416:

تضييع وقت ما الفائدة العائدة في معرفة جنس النملة  ::what:: ::what::

طبعا يا زينب، هذا مثال من التساؤلات، وهو أتفه مثال في الحقيقة، ولكن هناك تساؤلات كثيرة، تأتي من حيث الخوض فيما لم يأت به القرآن، وقد أصبح عندي بفضل الله تعالى نوع من الحصانة بحيث وطّنت نفسي على أن أقبل الكلام فيما هو في القرآن ثم ما ورد في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما عداها حينما أقرأ فيها أقوالا لا تضرني، بل كثيرا ما توصلني إلى عظمة اقتصار القرآن على ما هو فيه، وما فيه بحر زاخر لا تكفيه الأقلام من خلفها الأقلام ....
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: زينب الباحثة في 2013-05-31, 21:56:01
يعني شخصيا لا أستطيع أن أمنع فضولي من التساؤل عن بعض الأشياء التي لم يفصل فيها القرآن (ليس لدرجة التفكير في جنس النملة  ::ooh:: !!)

لكن كما قلتِ أعلم أن تلك التفاصيل لو كان فيها فائدة تفيدنا في ديننا أو دنيانا لذكرها لنا الله...

وكتمها عنّا جعلها في علم الغيب، فمهما تفلسف فيها المتفلسفون فإنها تبقى أمرًا لا يعلم حقيقته إلا الله سبحانه..
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-06-01, 08:51:48
وهو كذلك يا زينب  emo (30):  وأظن أن التبحّر في القرآن الكريم، مع الوقت يجد معه الإنسان أجوبة عن أسئلة كثيرة، إذ القرآن يصدق بعضه بعضا، وفهمه نور من الله تعالى يؤتيه لبعض من عباده، وفي ذلك قول للإمام أبي حامد الغزالي رحمة الله عليه جميل ومفيد سأحاول نقله يوما ما، ذكريني يا زينب لو سمحت لأفعل، لأنه من الكتاب الورقي وليس من الكمبيوتر
---------------------------

طيب يا زينب ومن يتابع معنا أيضا أحب أن أطرح عليكم هذا السؤال  ::)smile: كيف ترون سؤال رب العالمين لسيدنا عيسى عليه السلام :

وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ

مع أن الله تعالى يعلم ما قال عيسى عليه السلام وما لم يقل، كيف ترون محل السؤال هنا ؟
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: سيفتاب في 2013-06-01, 16:49:11
أراه تذكرة وإقامة الحجة على أهل الكتاب
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: زينب الباحثة في 2013-06-01, 21:34:35
 :emoti_17:

لأنهم ادعوا بأن عيسى عليه السلام هو الذي قال بذلك

فلتقوم عليهم الحجة يأتيهم الرد من عيسى عليه السلام بنفسه

العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: زينب الباحثة في 2013-06-01, 21:35:49
أيضا حين يُسأل العبد يوم القيامة عن عمره فيما أفناه وغيرها من الأسئلة والحساب

ثم تشهد عليه حتى جوارحه
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-06-02, 08:21:36
جزاكما الله خيرا سيفتاب وزينب  emo (30):

إذن فسؤال رب العزة لسيدنا عيسى عليه السلام ليس سؤال من ينتظر الجواب، طبعا، فهو سبحانه محيط بكل شيء علما، بما بدا وبما خفي، بما أسرّ وما أعلن ...

ونعم هو لتبكيت أهل الكتاب ولتقريعهم ولإقامة الحجة عليهم من فم عيسى عليه السلام ذاته ...وبالتالي هنا نعود إلى اللغة العربية وأغراض الصيغ في اللغة العربية، ولنتأمل مدى أهمية المعرفة باللغة وبأغوارها.

السؤال في اللغة من السائل للمسؤول يحمل أغراضا عديدة،من بينها السؤال الذي غرضه التقرير والسؤال الذي غرضه الإنكار، والذي غرضه التعجب، وما غرضه النفي، وما غرضه السخرية،والتشويق والتمني ... وغيرها، كل هذه أغراض ترجى بالسؤال، فهو على ضروب ....

وسأضرب أمثلة :
الإنكار: "فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون" " أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير"، "وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللّهِ "
التعجب:"قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ ".
النفي : "هل جزاء الإحسان إلا الإحسان  "
التقرير: "أليس الله بأحكم الحاكمين"، " أليس في جهنم مثوى للكافرين"

وغيرها أيضا من الأغراض ...

أما سؤال الله عز وجل هنا، فغرضه في إطار التقرير، إنه سبحانه يريد تقرير الأمر أمام الناس على رؤوس الأشهاد، في ذلك المشهد العظيم، يوم القيامة، وانظروا إلى بناء الفعل للماضي، وهو عن يوم القيامة، وذلك كما علمنا لانتفاء الزمن عند الله تعالى وهو سبحانه خالق الزمن، ذلك لأنه سبحانه غير مخلف وعده، ولا وعيده، فأمره سبحانه مقضيّ ماض لا شك ولا ريب، فيضعنا عز وجل في موقف استشعار للأمر على أنه قد كان، لنستشعر نحن ذلك المشهد وكأننا فيه، ولنكون أمام المستقبل القادم لا محالة، الوعد المحقق لا ريب، وكأننا نراه رؤيا العين ....

إذن فغرضه التقرير لتقريع أهل الكتاب ممن كفر بعيسى عليه السلام، وممن افترى عليه الكذب، وممن اختلق في ذاته الأباطيل الشنيعة التي لا تغتفر ....
ويالعظمة نعمة الإسلام علينا .... يالعظمة هذه النعمة، أي كلمات، وأي كلمات، وأي كلمات تلك التي تفي وصف عظمة هذه النعمة علينا في هذا الموقف وحده، نحن المسلمين، وقد نجونا من ذلك الخزي، والعار، والذل على رؤوس الأشهاد .... ماذا لو كنا منهم ؟؟!!!(اللهم ربنا ثبتنا ) لتحاتّت وجوهنا خزيا وذلا من ذلك الموقف المهيب، وذلك السؤال من رب العزة يملأ كل الأرجاء والأنحاء، وذلك الجواب من عبده ونبيه عليه السلام ....ذلك الجواب العظيم العظيم الدقيق الصادق الذي يعرف به صاحبه قدر ربه حق قدره ....

والمسافة بين قوله سبحانه : " يَوْمَ يَجْمَعُ اللّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ(109) "  وبين قوله سبحانه جواب سيدنا عيسى عليه السلام: "قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ  إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ(116)"  ... هي ذاك السؤال لواحد من أنبيائه، فأجابه أنه هو سبحانه علام الغيوب ....عالم بما قال وبما لم يقل، ولكنه أدبا وأنْسا بالله تعالى وبالحوار معه أجاب،وإرادة الله سبحانه أن يكون الجواب على فمه قد سبقت ويالذلك كان الجواب !!

بالأمس كان موعدنا مع هذه الصفحة العظيمة، فقلت للأخوات فيما قلت : عادة ما يكون آخر المائدة نزرا يسيرا من طعام كان يملؤها، ولكن آخر مائدتنا اليوم شيء عظيم عظيم ....  emo (30):  فقالت أخت لنا : ولكن كما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر الطعام البركة والنفع، وكذلك في آخر مائدتنا اليوم  ::)smile:   وحقا وصدقا ... كانت العظمة والبركة والخير الذي لا يوصف .... كان جلال الله الملك الحق، وكان أدب النبي الجمّ مع ربه في حضرة ربه، في كبرياء ربه، في علم ربه،في إحقاق ربه للحق، في أنفاذ ربه لأمره، وتحقيقه لوعده ....

ملاحظة: زينب بالنسبة لقولك أنه لتبيّن أن ليس عيسى عليه السلام من قال للناس تلك الفِرَى(جمع فِرْية وهي الكذبة emo (30):) العظيمة -حاشاه-، فنعم... تأملي قوله سبحانه "أأنت قلت للناس"، أأنت هنا -ولله المثل الأعلى- قوْلي لك : أأنتِ قرأت الكتاب يا زينب، تقولين مثلا : لا بل قد قرأته سيفتاب .

أي أن: "أأنت" هنا توحي بأن غيره من قال ....

العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-06-06, 09:11:09
قال تعالى: وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون [١٢٩] [الشعراء]

----------------------[[ تفسير ابن كثير ]]----------------------
ولهذا قال: "وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون" قال مجاهد والمصانع البروج المشيدة والبنيان المخلد وفي رواية عنه بروج الحمام وقال قتادة هي مأخذ الماء قال قتادة وقرأ بعض الكوفيين "وتتخذون مصانع كأنكم خالدون" وفي القراءة المشهورة "وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون" أي لكي تقيموا فيها أبدا وذلك ليس بحاصل لكم بل زائل عنكم كما زال عمن كان قبلكم وروى ابن أبي حاتم رحمه الله حدثنا أبي حدثنا الحكم بن موسى حدثنا الوليد حدثنا ابن عجلان حدثني عون بن عبد الله بن عتبة أن أبا الدرداء رضي الله عنه لما رأى ما أحدث المسلمون في الغوطة من البنيان ونصب الشجر قام في مسجدهم فنادى يا أهل دمشق فاجتمعوا إليه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال ألا تستحبون ألا تستحيون تجمعون ما لا تأكلون وتبنون ما لا تسكنون وتأملون ما لا تدركون إنه قد كانت قبلكم قرون يجمعون فيوعون ويبنون فيوثقون ويأملون فيطيلون فأصبح أملهم غرورا وأصبح جمعهم بورا وأصبحت مساكنهم قبورا ألا إن عادا ملكت ما بين عدن وعمان خيلا وركابا فمن يشتري مني ميراث عاد بدرهمين؟.
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: زينب الباحثة في 2013-06-06, 14:47:20
قال تعالى: وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون [١٢٩] [الشعراء]

----------------------[[ تفسير ابن كثير ]]----------------------
ولهذا قال: "وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون" قال مجاهد والمصانع البروج المشيدة والبنيان المخلد وفي رواية عنه بروج الحمام وقال قتادة هي مأخذ الماء قال قتادة وقرأ بعض الكوفيين "وتتخذون مصانع كأنكم خالدون" وفي القراءة المشهورة "وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون" أي لكي تقيموا فيها أبدا وذلك ليس بحاصل لكم بل زائل عنكم كما زال عمن كان قبلكم وروى ابن أبي حاتم رحمه الله حدثنا أبي حدثنا الحكم بن موسى حدثنا الوليد حدثنا ابن عجلان حدثني عون بن عبد الله بن عتبة أن أبا الدرداء رضي الله عنه لما رأى ما أحدث المسلمون في الغوطة من البنيان ونصب الشجر قام في مسجدهم فنادى يا أهل دمشق فاجتمعوا إليه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال ألا تستحبون ألا تستحيون تجمعون ما لا تأكلون وتبنون ما لا تسكنون وتأملون ما لا تدركون إنه قد كانت قبلكم قرون يجمعون فيوعون ويبنون فيوثقون ويأملون فيطيلون فأصبح أملهم غرورا وأصبح جمعهم بورا وأصبحت مساكنهم قبورا ألا إن عادا ملكت ما بين عدن وعمان خيلا وركابا فمن يشتري مني ميراث عاد بدرهمين؟.

 sad:(
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-06-08, 09:00:58
قال الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله:

عجبتُ لأربع يغفلون عن أربع:

1 - عجبتُ لمن ابتُـلى ( بغم ) ، كيف يغفل عن قول :
۞ لا إلهَ إلاّ أنتَ سُبحانكَ إني كنتُ من الظالمين ۞
والله يقول بعدها ؛
۞ فاستجبنا لهُ ونجيناهُ من الغم ۞

2 - عجبتُ لمن ابتُـلى ( بضرّ ) ، كيف يغفل عن قول :
۞ ربي إني مسّنيَ الضرُ وأنتَ أرحمُ الراحمين ۞
والله يقول بعدها ؛
۞ فاستجبنا له وكشفنا ما به من ضر ۞

3 -عجبتُ لمن ابتُـلى ( بخوفٍ ) ، كيف يغفل عن قول :
۞ حسبي الله ونعم الوكيل ۞
والله يقول بعدها ؛
۞ فانقلبوا بنعمةٍ من اللهِ وفضلٍ لم يمسسهم سوء ۞

4 - عجبتُ لمن ابتُـلى ( بمكرِ الناس ) ، كيف يغفل عن قول :
۞ وأفوضُ أمري إلى اللهِ واللهُ بصيرٌ بالعباد ۞
والله يقول بعدها ؛
۞ فوقاهُ اللهُ سيئاتِ ما مكروا ۞

اللهم إجعلنا من الذاكرين الشاكرين ولاتجعلنا من الغافلين،واجعل القرآن ربيع قلوبنا وجلاء غمومنا وهمومنا
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: زينب الباحثة في 2013-06-08, 15:19:28
آميـــــن

حسبي الله ونعم الوكيل  sad:(
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: سيفتاب في 2013-06-08, 21:10:37

اللهم آمين

جزاك الله خيرا يا أسماء على التذكرة
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: أم عبد الله في 2013-06-09, 10:02:34
قال تعالى: وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون [129] [الشعراء]

----------------------[[ تفسير ابن كثير ]]----------------------
ولهذا قال: "وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون" قال مجاهد والمصانع البروج المشيدة والبنيان المخلد وفي رواية عنه بروج الحمام وقال قتادة هي مأخذ الماء قال قتادة وقرأ بعض الكوفيين "وتتخذون مصانع كأنكم خالدون" وفي القراءة المشهورة "وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون" أي لكي تقيموا فيها أبدا وذلك ليس بحاصل لكم بل زائل عنكم كما زال عمن كان قبلكم وروى ابن أبي حاتم رحمه الله حدثنا أبي حدثنا الحكم بن موسى حدثنا الوليد حدثنا ابن عجلان حدثني عون بن عبد الله بن عتبة أن أبا الدرداء رضي الله عنه لما رأى ما أحدث المسلمون في الغوطة من البنيان ونصب الشجر قام في مسجدهم فنادى يا أهل دمشق فاجتمعوا إليه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال ألا تستحبون ألا تستحيون تجمعون ما لا تأكلون وتبنون ما لا تسكنون وتأملون ما لا تدركون إنه قد كانت قبلكم قرون يجمعون فيوعون ويبنون فيوثقون ويأملون فيطيلون فأصبح أملهم غرورا وأصبح جمعهم بورا وأصبحت مساكنهم قبورا ألا إن عادا ملكت ما بين عدن وعمان خيلا وركابا فمن يشتري مني ميراث عاد بدرهمين؟.

ماذا لو رآنا أبو الدرداء رضي الله عنه اليوم  ؟!
بل ما ردة فعلنا نحن تجاهه لو قال لنا ما قاله لأهل الغوطة ؟!
مرعب هذا الكلام, وهو معفي عنه في تعليمنا الديني والتربوي, لا يخصنا.

وما معنى نصب الشجر ؟

بارك الله فيك يا أسماء
أرسلت لك بريداً الكترونياً
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-06-14, 18:30:47
لا أدري يا أم عبد الله ما يقصد بنصب الشجر.  وفيك بارك الله

-----------------------

(https://fbcdn-sphotos-g-a.akamaihd.net/hphotos-ak-prn1/1011141_530903730299529_1845659271_n.jpg)

العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-06-16, 15:23:46
رحمه الله وأسكنه فسيح جناته

سورة الرحمن نسخة من الاذاعة المصرية للشيخ محمود خليل الحصرى (http://www.youtube.com/watch?v=10ikH97aCyg#)
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-06-17, 14:07:16
القطمير . الفتيل . النقير.

يسأل البعض عن معنى قوله تعالى ( ولا يظلمون فتيلا ) فما معنى الفتيل ؟
وكذا في الآية الأخرى ( ولا يظلمون نقيراً ) فما معنى النقير ؟
وأيضاً وصف الله المعبودات الأخرى بأنهم ( ما يملكون من قطمير ) فما معنى هذا ؟
ثق تماماً أنك لن تتأثر بالقرآن ولن يلامسَ المعنى الجميل فيه قلبكَ إلا بمعرفة تلك المفردات .كل هذه الكلمات ( نقير وقطمير وفتيل ) موجودة في نوى التمر.وقد ذُكرت في الآيتين التاليين :
ثلاثٌ في النواةِ مسمياتٌ
فقطميرٌ لفافتها الحقيرُ
وما في شقِّها يدعى فتيلاً
ونقطة ظهرها فهي النقيرُ


(http://www.ayamnal7lwa.net/forum/index.php?action=dlattach;topic=5765.0;attach=10924;image)

* أولاً : القطمير :
ذكرت هذه الكلمة في القرآن مرة واحدة ، وهي اللفافة التي على نوى التمر ، وهي غشاء رقيق يتبين في الصورة.
بعد أن عرفت المعنى اقرأ هذه الآية :
( يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُـونَ مِن دُونِهِ مَــا يَمْلِكُــونَ مِـن قِطْمِيــرٍ )

* ثانياً : الفتيل :
ذكرت في القرآن ثلاث مرات. وهو خيط رفيع موجود على شق النواة
تأمل بعد ذلك قوله تعالى : ( يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَٰئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُــونَ فَتِيــلًا )

* ثالثاً : النقير :
وقد يكون هذا أصغر مثل ضربه الله في القرآن. وهو نقطة صغيرة تجدها على ظهر النواة في الجهة المقابلة للشق ، يتضح بيانه في الصورة

ذكرت في القرآن مرتان ، كلاهما في سورة النساء ، الأولى وصف الله بها الإنسان لو كان عنده نصيب من الملك فلن يؤتـي النــاس نقيــراً:( أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لاَّ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً(53))
والثاني قوله تعالى : ( وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُــونَ نَقِيــرًا )

من على صفحة الشيخ متولي الشعراوي
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: سيفتاب في 2013-06-17, 17:43:33
سبحان الله العظيم سبحان العلي سبحان الله القدير

جزاك الله خيرا يا أسماء على هذا النقل الرائع

العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-06-17, 18:14:23
سبحان الله العظيم سبحان العلي سبحان الله القدير

جزاك الله خيرا يا أسماء على هذا النقل الرائع



سبحانه جلّ في عُلاه.. وإياك يا سيفتاب الحبيبة  emo (30):

-----------------------------------------------------------
ولنتأمل ما يقوله الشعراوي رحمه الله في الفرق بين الموت والقتل، وهو قول بديع

الله قد جعل القتل مقابلاً للموت، صحيح أنهما ينتهيان بأن لا روح، لكن هناك فرق بين أن تؤخذ الروح بدون هذه الوسائل. وأن تترك الروح البدن لأن بنيته قد تهدمت. وإياك أن تظن أن الروح لا تخضع لقوانين معينة، إن الروح لا تحل إلا في مادة خاصة، فإذا انتهت المقومات الخاصة في المادية فالروح لا تسكنها، فلا تقل: إنه عندما ضربه على رأسه أماته! لا، هو لم يخرج الروح لأن الروح بمجرد ما انتهت البنية تختفي.
والمثال الذي يوضح ذلك: لنفترض أن أمامنا نوراً، إذا كسرت الزجاجة يذهب النور. هل الزجاجة هي النور؟ لا، لكن الكهرباء لا تظهر إلا في هذه الزجاجة، كذلك الروح لا توجد إلا في بنية لها مواصفات خاصة، إذن فالقاتل لا يخرج الروح ولكنه يهدم البنية بأمر محس؛ فالأمر الغيبي وهو الروح لا يسكن في بنية مهدومة.
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-06-18, 08:38:37
في ذكرى وفاة شيخنا الغالي الشعراوي رحمه الله تعالى وأسكنه الفردوس الأعلى من جناته،(يوم أمس17/06/1998 )آخر كلمات له، كم نحتاجها ....

https://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=Uo1FHdfDWiw# (https://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=Uo1FHdfDWiw#)!
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: سيفتاب في 2013-06-19, 10:38:53
رحمه الله كلمات رائعة
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-06-19, 10:55:07
عن سورة المائدة (1)

في الحقيقة سورة المائدة من السور الرائعة الرائعة، وهل يحقّ لي أن أصف سورة من القرآن بالرائعة؟ ، فكيف حال غيرها ؟! أهي الأقل روعة؟ أهي الأقل جمالا ؟!

حاشا وكلا .... بل كلها جمال ورونق، وبهاء، وعلم ، ونور، وشفاء وخير عظيم لا يضاهيه خير ...
وهكذا فعلا إخوتي وجدت حالي وأنا بين حنايا القرآن العظيم، وفي ظلاله الوارفة، وجدتني مع سورة البقرة أعايشها، وألامس لآلئها، وأتحسس جواهرها، وأملّي قلبي بنورها، وأسعد بمعايشتها ... بل إنني وأنا أنهي فترة مكوثي في رحابها من تدبّر وعيش، وكأنني أغادر حبيبا،غاليا، أعزّي نفسي بأنني الملازمة قراءتها كلما مررت بها في ختمة من الختمات، فكنت كلما عدت إليها وجدت الحنين والشوق والحب يغمرني، وهي التي تغدق كلما مررتَ بها....

ونزلت على آل عمران ضيفة،وأطلت المكوث، وفي قلبي حب عميق للبقرة، وأنس عظيم كان لي بها، وحلاوة ولذة ما بعدها لذة كنت أقضيها مع آياتها العظيمات، نزلت على آل عمران وأنا أحمل الحب الأول ولا أراني سأحبّ مثلما أحببت .... ولكنْ تُلقي المعجزة الإلهية العظيمة "القرآن" التي كانت معجزة محمد صلى الله عليه وسلم فكفت ووفت وزادت، تلقي بظلالها على نفسي فأجد الحب يتجدد، والتعلّق يتجدد، والنور يتجدّد وأجد الحبّ الأول وقد أضيف له حب ثان .... emo (30):

وهكذا من آل عمران إلى النساء، القصة ذاتها والحال ذاتها ..... وصولا إلى المائدة ....
يااااه يالهذه المائدة العظيمة ..... وأنا الآن على مشارف توديعها بعد مكوث دام طويلا .... نعم على مشارف الوداع وأنا أجهّز نفسي ليوم عظيم، إنه يوم الصفحة الأخيرة .... وأي صفحة أخيرة هي صفحة المائدة وما أدراك ما المائدة ..... emo (30):

تلك التي كنت كلما مررت بها قراءة أبكتني، أبكتني بكاء حب عظيم، بكاء إجلال، بكاء ذل أمام عظمة الله تعالى وجلاله وصدق أنبيائه وحُسن أدبهم مع ذي الجلال والإكرام ، بتقديرهم الله حقّ حقّ حقّ قدره فهم إذا سئلوا عرفوا كيف يجيبون، وإذا قال الله لهم عرفوا أنه علام الغيوب يقول ويسأل، فكيف يكون لهم مِن علم وهم في حضرة علام الغيوب، وكيف وهم الصادقون الصدّيقون الذين يعلمون أنه يعلم ما في أنفسهم ولا يعلمون ما في نفسه .....!!

كنت ومازلت تلك حالي مع صفحتك الأخيرة أيتها المائدة العظيمة .... يا كل إحسان..... كيف لا ؟ و: "لأنها عطية من قول العرب: ماد فلان فلانا يميده ميدا إذا أحسن إليه، فالمائدة على هذا القول، فاعلة من الميد بمعنى معطية"....!

هي المائدة إذن يا إخوان ....  emo (30):

فهي إذن سورة العقود، لورود الأمر بالوفاء بالعقود في أولها .....
فهل تعلمون أن اسمها أيضا   "سورة الأخيار"،ذلك أنّ الصحابة رضي الله عنهم كانوا يسمّونها سورة الأخيار أي الذين يوفون بالعهود .

وهل تعلمون أنها سورة مدنية إلا آية واحدة منها "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً".  -من الآية 3- نزلت ف يحجة الوداع .

وهل تعلمون أن في وقت نزولها روايات مختلفة، أغلبها القول بنزولها عام الحديبية (06 للهجرة) ، بعد عودة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية إلى المدينة، وذلك بعد سورة "الممتحنة".

وهل تعلمون أن عائشة رضي الله عنها روت أنها من آخر ما نزل قال جبير بن نفير : دخلت على عائشة رضي الله عنها فقالت : هل تقرأ سورة " المائدة " ؟ فقلت : نعم ، فقالت : فإنها من آخر ما أنزل الله ، فما وجدتم فيها من حلال فأحلّوه وما وجدتم فيها من حرام فحرّموه.

وعن تركيباتها البلاغية المعجزة تأملوا معي هذا الذي قيل في آياتها الأولى:

ذكروا عن أصحاب الفيلسوف الكندي إذ قالوا له: "أيها الحكيم اعمل لنا مثل هذا القرآن، فقال: نعم، أعمل مثل بعضه، فاحتجب أياماً كثيرة ثم خرج فقال: والله ما أقدر، ولا يطيق هذا أحد، إني فتحت المصحف فخرجت سورة المائدة، فنظرت فإذا هو قد نطق بالوفاء، ونهى عن النكث، وحلل تحليلاً عاماً، ثم استثنى استثناء، ثم أخبر عن قدرته وحكمته في سطرين، ولا يقدر أحد أن يأتي بهذا إلا في إجلاد (أي مجلدات) !  emo (30):

-------------------------------------------------------------------

والمائدة حينما نتأمل فموضوعها وجوّها كله حول الوفاء بالعقود، وفيها تربية ربانية راقية لأسس المجتمع الإسلامي وخصائص حضارته، كما جاء في ذلك وفي خصائصها الحضارية كتاب بعنوان : "خصائص الأمة الإسلامية الحضارية كما تبينها سورة المائدة" لمؤلفه عبد الرحمن النجدي...

فيها ستة عشر نداء بـ "يا أيها الذين آمنوا"، فيها كلها أوامر ونواهٍ للمؤمنين تؤسس لمجتمع قوامه الوفاء بالعهود، هو مجتمع الأخيار، مجتمع خير أمة أخرجت للناس، فيها كيف يتدرّج الله سبحانه مع نفس المؤمن، فيريده مؤمنا موفيا بعهوده، وهي عهده مع الله تعالى وعهده مع نفسه وعهده مع الناس، وكلها تنبثق عن عقد هو بين الله وعبده الذي أقر أنه به مؤمن، فكان بإقراره بإيمانه بالله ربا ملزَما أن يوفي بشروط ذلك العقد الذي طرفُه الأعلى هو الله سبحانه وتعالى الذي لا يخلف الميعاد ولا يخلف عهده ....

وهذا المؤمن الذي يوفي بعهوده هذه، مؤمن يؤمر أن يعظم شعائر الله، وأن يعرف لها حرمتها على الوجه الأكمل لا على الوجه الذي كان مشوّها في جاهلية أبقت على جلال المكان وأحاطته بخرافاتها.... مؤمن يحلّ له الله ما يحلّ لجسمه لإشباع غريزة جوعه، في حدود من طيبات أحلها، ومحرمات حرمها، وأنه ما أحل للمؤمنين إلا الطيبات، وما بقي محرما فخبيث لا يرقى أن يكون للمؤمن غذاء .... نعم يشبعه، يطعمه من جوع، أولا لأن مؤمنا جوعانا مؤمن همّه بطنه، همّه جوعه، همّه ما يسدّ رمقه ورمق عياله .... -ولننظر لمجتمعاتنا وهي التي لم تعد تأكل مما تزرع !-

ثم يشبع غريزة فيه خلقه الله عليها بحدود ...بطرق بيّنها، فأحل له المحصنات ، المحصنات، تأملوا كيف أنهنّ حتى من المؤمنات محصنات ولسن أي مؤمنات! ليحصنّهم، ويحفظنَهم ...وهو ذا مشبع الغرائز بما حدد الله له من طيب غير خبيث، يتوجّه إلى روحه ليمنحها الغذاء كما منح جسمه الغذاء.... ولبى حاجته البشرية ....
يعدّه للقاء روحي عظيم ليس أعظم منه لقاء، لقاء ربه بصلواته، فيعلّمه التطهر للارتقاء، يعلّمه أن يطهر جسده وهو يتوجه لتطهير روحه ...فإذا المؤمن طاهر ظاهرا وباطنا ....

وهذا المؤمن الآن... المُشبع جسدا وروحا ... بما أحل الله وبما يحب الله، كيف لا يكون مؤهلا لأن يؤمر بأن يكون قوّاما لله، كما ينبغي أن يقوم لله، شاهدا بالقسط، بالعدل، عادلا فلا يجور ولا يظلم ، فرد عادل، لإقامة مجتمع عادل....فإذا اهتماماته قد خرجت الآن من دائرة نفسه إلى دائرة غيره ...إلى مجتمعه ...إنه الفرد الذي يؤهل لأن يؤسس المجتمع القويم، المجتمع الراقي، المجتمع العادل ....

وفي خلال هذا وذاك، ها هو العلي القدير العظيم، يذكر  هذا المؤمن بنعمه عليه بأن كف أيدي المريدين سوءا به عنه...كيف دفع المشركين عن رسوله صلى الله عليه وسلم بالرعب يلقى في قلوبهم، بالعزة في وجوه المؤمنين، إنه يذكره بنعمة العزة وكيف كان جزاء من صدق الله، كيف أرعب أعداءه منه، إنه يذكره بعزة المؤمن وهي تلقي بظلال القوة والمنعة .... ليعلّمه أن يكون عزيزا وأن يعدّ لهذه النعمة نفسه ...وتأتيه دروس وأمثلة من ناس نقضوا ما عاهدوا الله عليه فباؤوا بالخسار والبوار، وحتى لا يكون المؤمن على نهجهم .... ليعدّه، ليؤهله أنما سبيل عزته تقوى الله وابتغاء الوسيلة إليه والجهاد في سبيله ....

وكل ما ذكرت يا إخوتي  لو تتأملون هي انتقالات من الله عز وجل في نداءاته للذين آمنوا بــ :"يا أيها الذين آمنوا" فعُدّوا وانتقِلوا بمعانيها، لنرى هذا الزخم الرائع الراقي السامي من التربية الربانية للفرد المؤمن وللأمة المؤمنة المسلمة، ولتأسيس حضارتها على هذه الأسس العظيمة ...... وتتوالى الأوامر، وتتوالى متسلسلة تسلسلا منطقيا يعدّ المؤمن ويعلمه ويأتيه بالأمثلة من قصص الغابرين  .....

ولو نكمل  مع 16 نداء، كلها سلسلة لؤلئية من التربية العظمية والتأسيس العظيم لحضارة الأمة المسلمة ..............فمن ذا يأتينا منكم بهذه النداءات المتسلسلة التي ذكرناها في كلامنا أعلاه ....وليكن لغزا بسيطا جديدا ... ::)smile:  وبعدها إن أحببتم نكمل .

يتبع...
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-06-19, 10:57:02
عن سورة المائدة (2)

ونكمل مع السلسلة اللؤلؤية emo (30):


وبعد أن أصبح هذا المؤمن الذي يؤمر أول ما يؤمر أن يوفي بالعقود  ، مشبع حاجة الجسد والروح، الطاهر ظاهرا وباطنا، العادل المقيم للعدل، الذي لا يحمله بغضه لأحد على أن يظلمه، فهو العادل مع مَن أحب ومع مَن كره، المتذكر لعزة المؤمنين وسؤددهم وكيف كان الله ناصرهم، باعث الرعب في قلوب أعدائهم، هذا المؤمن العامل على أن يبقى سليل هؤلاء الأعزة باتخاذهم مثالا له وقدوة، حتى إذا ما حاكت في أمته صروف الدّهر لم ينقطع الأمل ولا العمل على استرجاع تلك العزة على نهج السلف الصالح الذي مضى قبلهم، هذا المجتمع المؤمن، هذا المجتمع المسلم الموصول بربه، فهو متّقيه، ومبتغي الوسيلة إليه المجاهد في سبيله...في سبيل أن يمنع الدين من صدّ الصادّين والمبتغين تحكيم أهوائهم في الأرض بمحاربة شرع الله وحُكمه وأهله ...

وفي ثنايا هذا كلّه، بين النداء والنداء،تأتي من الله الدروس للمؤمنين، بذكر أحوال الأمم السابقة، والذين اختصوا بالرسالات من قبلهم وبالأنبياء، وكيف كان مآلهم لما نقضوا العهود واستكبروا وعاندوا،حتى لا يكونوا على خطاهم،ثم يُعلّم المجتمع المسلم كيف يقيم الحدود، كيف يطهّر نفسه من الأدران، كيف يحارب الخبائث التي لا جَرَم من وجودها مع الأنفس الضعيفة،يعلّمه كيف يحافظ على سلامته، بالأمر الحاسم والحدّ الرادع الذي يكون فيه الردع والتخويف لمن تسوّل له نفسه أن يزيد الفساد على الفساد فيستسهل المجتمع الفساد فينكر المعروف، ويعرف المنكر...فهذا السارق تقطع يده...

وكما حافظ على الإسلام وبقائه وسؤدده وانتشاره بالدعوة للجهاد في سبيل الله،وبدفع من يريد بالإسلام والمسلمين أذى من الخارج، كذلك بالموازاة يحافظ على المجتمع المسلم من أذى داخله بإقامة الحدود،هذا المجتمع الذي هو قوام هذه الأمة القائدة الرائدة، وهو هو  قوام الحفاظ على الإسلام .

وفي الثنايا أيضا يعلم المسلمين أحوال أعداء متربصين منافقين يتغلغلون في أوساط المجتمع ويعيشون معه، وهم مريدون به السوء، يعلّمهم حال اليهود وطباعهم وكيدهم بالإسلام والمسلمين، ويعلّمهم أنهم كانوا أهل كتب وبعثت فيهم الرسل، وكيف أنهم لم يحكّموا أمر الله ولا حكمه،وكيف تذبذبوا وبدّلو وحرّفوا،ليعلّمهم بكل هذا أنّ كتابهم ونبيهم صلى الله عليه وسلم هما النور الذي يجب اتباع هديه، وأنّ ما عداه هوى وحكم جاهلية...

وهو سبحانه يعلّمهم من أحوالهم وتقلباتهم ونكوصهم وتمردهم على أمر خالقهم حتى يصل بهم إلى الأمر منه سبحانه ألا يتخذوهم أولياء، ليكون سبحانه وتعالى بما عرض عنهم وعن أحوالهم قد استوفى الحجة والأسباب فلا يكون لهم بعد الله حجة ....

فهذا دفاع عن الدين من أعدائه بالجهاد، وهذه حماية للمجتمع المسلم من داخله بإقامة الحدود، وهذه الآن حماية للعقيدة من أن تنالها أهواء المضطربين، وإذا ما دقّقنا وتأملنا لوجدنا كل تبنٍّ لقوانين الوضع الهوائية نابع من نفث أهل الكتاب في عقول المتبنّين من أبناء الأمة ...وبهذه الحمايات، وهذه الحصانات كلها تتكون الحضارة الإسلامية بخصائصها النقية ...

ويا لهذا القرآن العظيم ...ويالإعجازه وعلاجه لكل حالة من حالاتنا..! ويالعلم العليم الخبير بما كان وبما هو كائن اليوم، وبما سيكون .... فإذا النداء الموالي للمؤمنين يخصّ الذين يرتدّون عن دينهم، عن الإسلام ،وأن الله مقيّض لهذا الدين من سيدافع عنه وأنه غنيّ عنهم، وما ارتدادهم ونحن نتأمل إلا من تلك الموالاة، ومن ذلك الذوبان الذي يأخذ صاحبه كل مأخذ حتى يأخذ منه دينَه ... وهل يرضى اليهود والنصارى عن المسلم إلا إذا اتبع ملّتهم ؟!!....

وينادي الله المؤمنين من بعدها يدعوهم ألا يوالوا المستهزئين بدينهم ليعلّمهم الاعتزاز به، والذود عنه ذود الروح عن الروح ....وكم هي حال كثر من أبناء أتنا اليوم حالهم كحال من يستحي بدينه فهو متبع كل ناعق من الغرب على أنه التمدن والرقي والتحضر...

فماذا بعد كل هذا التعليم والتوضيح والتبيين مِن تعليم ؟!! وأي حجة لنا بعد كل هذا؟  والواحد من أبناء الإسلام ينصهر فيهم ويواليهم أكثر من موالاة بعضهم بعضا ...!!

هي إذن الحضارة الإسلامية بخصوصيتها، بتفرّدها، بكمالها، بعزّتها، وبمعرفتها مواطن النقص والعيب والعوار فيما سواها، وبأستاذيتها على هذا العالم كلّه...

وفي الثنايا أيضا وقبل الوصول بالمؤمنين إلى أمر آخر وإلى نداء آخر، سبحانه جلّ في علاه  وبعدما عرّف المؤمنين ببعد أهل الكتاب عما أنزل إليهم في الكتاب، يعرّفهم بشناعة أباطيلهم وتجرئهم على ذات الله تعالى، وباعتقادهم المحرّف، وتقرير من الله حاسم وقوي بأن من اعتقد ذلك فهو كافر، "لقد كفر"، مع تقرير الحق من الله تعالى بتبيين حقيقة سيدنا عيسى عليه السلام،والحديث عن مغالاتهم في دينهم غير الحقّ، وتقرير من الله عن عداوة بعضهم وشدة عداوة بعضهم الآخر للمسلمين...

ومع تبيين مغالاتهم في دينهم غير الحق، يأتي الأمر من الله سبحانه بعدها للمؤمنين بألا يحرموا ما أحل الله من الطيبات، وفي ذلك منهم مغالاة هي من جنس مغالاة أهل الكتاب التي بينها سبحانه، وتعدٍّ على أمر هو لله الذي يحلل ويحرّم، وليس للعباد.

ثم يأتي التحريم النهائي لأكثر ما كان سائدا بين العرب وعرفوا به، ولأكثر ما كان له سلطان عليهم، ذلك التحريم النهائي للخمر في مرحلته الأخيرة الحاسمة،والذي تشرف به سورة المائدة. هكذا ليكتمل حال المؤمنين على أكمل وجه، هكذا ليتبيّن رشد المؤمن من بعد ما كان التدرج معه في هذا الأمر، وقد آن الأوان لأن يصبح التحريم كليا ونهائيا وبلا شروط ... وقد كان من الصحابة من سأل عمّن كان ممن معهم واستشهد في أحد وفي بطنه من الخمر، والذين بيّن سبحانه أنه لا جناح عليهم وقد امتثلوا لأمر الله بالشكل الذي كان وعايشوه، وهم لم يحيَوا لأمر التحريم النهائي ....
وبهذا يكمل للمؤمن حاله في هذه السورة، تكمل صفاته، وتمتد سلسلته الؤلؤية الربانية فيها الحسم والكمال ...

والآن وقد اكتمل حال المؤمن وصفاته، هل على هذا لم يبقَ له من تتبّع ولا امتحان ولا اختبار؟!
كلا ... بل إنّ اجتماع الصفات الحميدة واكتمال الحال من دواعي التأهيل للاختبار، هل من ثبات على تلك الحال، أم أنها حال عابرة خفيفة سرعان ما تهزها الرياح ....
فيأتي ابتلاء الله سبحانه للمؤمنين، يبلوهم بشيء من الصيد الذي حرمه عليهم وهم حُرُم، يقربه منهم، يزينه لهم، وهُم في ذلك الزمان كان عَيشهم كله من صيد يصطادونه ، يتكبدون لأجله الصعاب، ويشقون لأجله الصحاري، وهو اليوم بين أيديهم ييسره الله لهم وهم حُرُم ، تناله أيديهم ورماحهم بلا مشقة ولا عذاب....

فكيف سيكون حالهم ؟ وكيف سيكون مدى امتثالهم، وكيف هو وفاؤهم بالعقود، وكيف هو تعلّمهم من أحوال أهل الكتاب الذين نقضوا من قبلهم، وما كانوا موفّين، وهل من فرق بينهم وبين أهل الكتاب حين ابتلوا بالسبت، والحيتان الشرّع ؟!  هكذا كان الدرس من قبل وبالابتلاء يأتي التطبيق

نعم إنه أوان الاختبار، وإنها الأهلية للاختبار .... ومفتاح الامتثال خشية الله بالغيب، والتوفية بالعقد كما قُبلت من قبل شروطه ....وهكذا حال المؤمن مع كل اختبار، حاله مع فتن الدنيا، ومع أبواب فتنتها المفتّحة... هكذا هو من امتحان لامتحان .... وهكذا هو زيادة كماله كلما نجح في امتحان يقدّمه لامتحان أصعب ...

ويعلمنا الله فيما يعلمنا بهذا، كيف بدأ السورة بتحريم، ثم جاء عليه بسلسلة من التربيات والتأهيل، ثم جاء ليختبر مدى استيعاب عبده لما أمره به ...

ومما سبق، فلننظر فإذا العقيدة السليمة رأس الحفاظ على المجتمع المسلم والأمة المسلمة .....فلننظر وإذا التحذير من أن تنالنا سَموم المبطلين، أو أن ننجرف مع المنجرفين، أو أن ننصهر فنصبح بلا هوية بل نصبح شراذم هويات ليست منا وليست لنا.........

قد تعمدت ألا أذكر الآيات في سياق ما كتبت، حتى يعود كل منا للسورة فيجد النداء المقابل لما هو هنا ... emo (30):

ولم يبقَ من النداءات "يا أيها الذين آمنوا" إلا القليل القليل emo (30):

يتبع...
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-06-19, 11:05:13
عن سورة المائدة (3)

أين وصلنا من النداءات الربانية للذين آمنوا من عباده ؟ إلى اختبار الله تعالى لعباده بالصيد تناله أيديهم ورماحهم، فلا يجهدون في الحصول عليه، ليرى أين هم من وفائهم بالعقود والعهود، ومن امتثالهم، ومن غيرهم ممن سبقهم من أمم لم يكن إيمانها بالقوة التي وفوا بها بعهد أو أبقوا بها على ميثاق، بل كانوا الناقضين ...وليس الصيد وحده هو الذي عُني ،بل إن الكثير من أبواب الفتن التي تَعرِضُ للمؤمن في هذه الدنيا  على هذا تقاس ....

ومن بعد الإخبار بذلك البلاء، وأنه اختبار لقوة الإيمان ولمدى الوفاء بالعهد،ولمدى خشية الله بالغيب، يأتي الأمر من الله تعالى مرة أخرى ألا يصطاد المؤمن وهو مُحرم، من شدة تأمين الله تعالى في ذلك الحِمى لمخلوقاته كلها، وتأكيدا على أنه سبحانه إذا قضى بتحريم أمر فإنما هو عقد بين العبد وربه ألا يقربه، وألا يأتيه وفي هذه المرة نصَّ سبحانه على العقوبة تقابل تعمّد إتيان هذا الفعل المحرّم ، عقوبة تلقي بظلال الحزم والقوة والفصل، والحد، الحدّ الذي يعلي شأن حرمات الله تعالى، ويخوّف من تسول له نفسه التعدي عليها، وتلقي في المجتمع ظلال تعظيم حرمات الله ...

وإذا تأملنا العقوبة والحد  emo (30):  فلنتأمل  emo (30):  : أن يقدم مثل ما قتل من النّعم، أو إطعام مساكين أو عدل ذلك صياما، فأما العقابان الأولان، فكل منهما يعود نفعه على المجتمع، في صورة توحي بأن ما هو عقوبة للفرد منفعة للجماعة، توحي بأن الفرد في خدمة الجماعة، توحي بأن الفرد جزء من الجماعة وأنّه ملزَم بها .... وبأنه لا يعيش فردا، بل يعيش مع جماعته مواليا لها، مصدرا لخيرها ونفعها حتى وهو في مقام العقوبة والحد ...."وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(179)"-البقرة-....ليأتي في المقام الأخير عقوبة تخص نفسه ولا يتعدى خيرها لغيره، إنها الأخيرة .... emo (30):

وحتى نصل النداء الموالي، يعقب سبحانه ما حرّم بما أحلّ، وبتعظيم حِماه، الكعبة، والأشهر الحرم في تثنية وإعادة لتعريف جلال مقام حِمى الله تعالى وشعائره ....وسبحانه الذي عرّفنا أنه يحلّ الطيبات، يعلمنا كيف أن كثرة الخبيث ولو أعجبتْ لا تستوي والطيّب،وهو سبحانه يحرم الخبيث ويحلّ الطيب، يعلّمنا كيف نرى بعين البصيرة...

ثم ينادي الله عباده المؤمنين، يربّيهم تربية ربانية في مقام من مقامات هذه الحياة، يعلّمهم  واقعية هذا الدين العظيم، و معالجته لحاجات الناس الواقعية بعيدا عن الخيال، وعن التنطّع، وعن التعنيت الفارغ الذي ليس إلا مضيعة للوقت، يتعلم المؤمن كم أنّ دينه يذهب عنه كل حيرة، ويُجلي له الحقيقة كما تستوعبها طاقته العقلية والقلبية، ويوفّر عليه إهدار طاقته فيما لا يُجدي نفعا...
دين حق وحقيقة، دين لا يحب الخُرافة، ولا يحب الخوض فيها، ويبيّن فراغات الخوض في الخُرافة، وأن كل ما هو ليس من واقع حياة الإنسان خُرافة وجهد ضائع هباء، وديننا لا يحبّ تضييع الجهد هباء، بل كل دقيقة من حياة المؤمن ثمينة، غالية، ما ذهب منها لن يعود ....وعلى هذا دعاهم ألا يسألوا عن أشياء مقام الصمت فيها أحرى، حتى لا يكونوا على خطى من سأل وسأل فيما يجب وما لا يجب فلم يجدِ سؤاله نفعا له، بل جعله يمضي في غيّه واستكباره وعناده لا يعرف فرقا بين علم الله تعالى المحيط بكل شيء وبين علمه المحدود ....

والآن هذا المؤمن الذي رباه ربه، الذي اختار له منهجه، الذي أعطاه وأغدق عليه، ليؤهله أن يكون فردا يخدم مجتمعه وينفعه وقد هيأ له نفسَه، هذا المؤمن الذي ينبّهه ألا يكون على خطى من سبقوه من المستكبرين الخائضين، السائلين ما لا يُسأل، هذا الموفي بعهوده، العادل، القوّام لله، الذي يعرف خبط السابقين وخلطهم، الذي له سَمته وميزته وخصوصيته، الذي يعلم أن ما بين يديه كمال في كمال ليس فيه عوار ولا تعروه شائبة ولا شِية فيه،المجاهد في سبيل الله وفي سبيل إعلاء كلمته، الذي يعيش من أجل رسالته في الأرض، الذي يخشى ربه بالغيب، الذي يُبتلى على قدر إيمانه فينجح في امتحاناته ويرتقي، وعندما يرتقي كل هذا الارتقاء، يعلّم ألا يضيع طاقته هباء بل فيما هو واقعي بين يديه، في حياته، فلا يلهو بعقله ذات اليمين وذات الشمال لأن وجهته قد حددت، وقد حددها، وهي محددة لا تغيير فيها ولا تقليب لها، ولا تبديل.... وبعد كل هذا، ماذا يضرّه من ضلال الضالين إن هو ثبت على حاله، وأيقن أنه الحال الصحيح وأنه الحق، وملأ قلبَه اليقين، لا يضره من ضلّ، ولا تأخذه رياح الهوى، ورياح الفساد ورياح المفسدين، ولا يلهو بعقله لاهٍ، ولا يأخذه عن الحق آخذ ....

ثم هو المؤمن العادل، المنصف المرتقي في رحاب الله، القوّام لله، هو الذي يوصَى ألاّ يضيّع الحق حتى والموت مقبلة عليه، وهو عليها مقبل، عن الحياة مدبر، يعلّمه أن يوصي لمن خلفه بحقوقهم، وكله بشروطه، وبآدابه، وبالشهادة،يعلّمه أن يوفّي بالعقود حتى مع آخر رمق له في الحياة ....وكما أوصى بحق العبد على العبد، يسأل سبحانه رسله عن وصيّته سبحانه لهم ان يبلغوها لعباده، فتلك كانت وصية بين العبد والعبد، وهذه وصية الله لرسله، "شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ "-الشورى-

وتنتهي النداءات ... وبانتهائها يتبين الحق من الباطل، يتبين صدق الصادقين بين يدي الله تعالى يوم ينفع الصادقين صدقهم، يتبين مآل الموفين بعقدهم مع الله، يتبين الحق، يتبيّن كيف يعرف الإجابةَ من وفّى بعهده مع الله .... يتبيّن علمه المحيط بالشواهد وبالغيوب ...

وهكذا تنبني خصائص المجتمع المسلم وخصائص الحضارة الإسلامية، من هذه السورة التي تربي المؤمن وتعدّه وتبين له معالم الطريق، وتعطيه غذاءه وسلاحه الذي عليه أن يتوشحه في معركة الحياة وفي وجه المعتدين ...عزيزا غير ذليل، قويا غير ضعيف، متيقنا غير متذبذب، ثابتا غير متزعزع ...يعلم علم اليقين أنه حامل الشعلة والراية وليس الذي ينتظر من ينير له دربا أو يعلمه مسلكا بين المسالك ....! فهل بعد تعليم الله من تعليم ؟!! وهل بعد تربية الله من تربية ؟!
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: رحيمة في 2013-06-29, 20:41:01
ماشاء الله.. لسورة المائدة وقع خاص في قلبك يا أسماء.. ماشاء الله تبارك الله...
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-07-10, 15:06:39
ماشاء الله.. لسورة المائدة وقع خاص في قلبك يا أسماء.. ماشاء الله تبارك الله...

أهلا وسهلا بك يا رحمية، وأعتذر عن تأخري في الرد عليك  emo (30):

نعم لسورة المائدة ما لها في نفسي، وهكذ هو القرآن كله إذا ما عايشناه وتدبرناه . emo (30):

---------------------------------------

هذا مقطع للدكتور فاضل السامرائي يشرح فيه قوله سبحانه وتعالى : "مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ(17)" -البقرة-

مثلهم كمثل الذي استوقد نارا ( مثال المنافقين ) (http://www.youtube.com/watch?v=o3jlzOav9Tc#)
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-07-11, 16:57:38
مع سورة النمل في رمضان  emo (30):  عييتُ في الاختيار حقا، وأنا أختار أي سورة نتدارس رمضانهذا العام، كلما وليت وجهي شطر سورة رأيتها رائعة، جميلةن غنية، معلمة، حتى شاء الله تعالى أن ينتهي الأمر بي عند "النمل" ....

-----------------
طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ(1) هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ(2)

الإيمان يحتاج إلى جُهد، ألا إنَّ سلعة الله غالية، تريد جنَّةً عرضها السماوات والأرض، تريد أن تسعد إلى الأبد، تريد أن تكون من عَلِيَّة خلق الله عزَّ وجل، من الذين اصطفاهم لدخول الجنَّة، ولا تريد أن تبذل وقتاً أو جهداً في الدنيا لمعرفة الله عزَّ وجل ؟‍ هذا شيءُ عُجاب، هذا الذي يخوض ويلعب ولا يدري لِمَ يخوض ويلعب هذا إنسانٌ تائهٌ ضال، إذاً من قوله تعالى:

﴿ هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2) ﴾

 يتَّضح أن الإيمان قبل القرآن، لو أن القرآن قبل الإيمان لقال الله عزَّ وجل: " هدىً وبشرى للناس "، بينما هؤلاء الذين ظلموا أنفسهم وابتعدوا عن ربِّهم، وصف الله القرآن بحقِّهم بأنه عمى عليهم، بأنه لا يزيدهم إلا ضلالاً، إلا بُعداً، إلا خسارا.
 من هم المؤمنون ؟ هؤلاء الذين يُعَدُّ القُرآن لهم هدىً وبُشرى، فأحياناً الإنسان لا يهتم بالطُرُق إلا إذا كان مسافراً، إذا كان مسافراً يقصد بلدةً معيَّنة، وفي هذه البلدة يُعَلِّق آمالاً عريضة على بلوغها، عندئذٍ يُصْغِي إلى النشرة الجويَّة، يصغي إلى حالة الطُرُق، يقرأ بعنايةٍ بالغة اللافتات من هنا البلد الفلاني، من هنا الفلاني، يديم الإصغاء إلى حالة الطُرُق، والنظر إلى اللافتات، والأسهم والإشارات، وهذا سببه الحرص على بلوغ هذه البلدة، فأنت إذا أردت الله عزَّ وجل، أردت أن تصل إليه، من هذه الإرادة الجازمة يأتي اهتمامك لمعرفة كتابه، وأمره ونهيه، ووعده ووعيده، ماذا يُحِب وماذا يكره، ماذا يأمر وماذا ينهى، ماذا يَعِدُ المؤمنين وماذا يَعِدُ الكافرين، فلا يمكن أن نهتمَّ بالقرآن إلا إذا عرفنا الواحد الديَّان.
 أعيد وأكرِّر: " أوتينا الإيمان قبل القرآن "، فلابدَّ من وقفةٍ طويلة لمعرفة الله، لابدَّ من وقفةٍ طويلة في هذا الكون لمعرفة الخالق، لمعرفة المُربي، لمعرفة المسيِّر، عندئذٍ ترى أن قرآنه، وكلامه، وكتابه في أعلى درجة من اهتمامك، وعنايتك، وبحثك عن الحقيقة.

دكتور راتب النابلسي
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-07-11, 17:31:24
يا إلهي لكم أعجبتني هذه الجزئية ! الإيمان قبل القرآن وهو قول الصحابة :"أوتينا الإيمان قبل القرآن"...

هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ(2) -النمل-

هذا القرآن، فيه الهدى للمؤمنين بالله، للذين صدقوا بالله تعالى، وبما أنزل وبمن بعث ....الإيمان هو أساس الهدى بالقرآن ...فمن لا إيمان له لا هدى له بالقرآن ...

فلنتأمل إخوتي :

وإن الإنسان ليقرأ الآية أو السورة مرات كثيرة , وهو غافل أو عجول , فلا تنض له بشيء ; وفجأة يشرق النور في قلبه , فتتفتح له عن عوالم ما كانت تخطر له ببال . وتصنع في حياته صنع المعجزة فى تحويلها من منهج إلى منهج , ومن طريق إلى طريق .

وكل النظم والشرائع والآداب التي يتضمنها هذا القرآن , إنما تقوم قبل كل شيء على الإيمان . فالذي لا يؤمن قلبه بالله , ولا يتلقى هذا القرآن على أنه وحي من عند الله وعلى أن ما جاء فيه إنما هو المنهج الذي يريده الله . الذي لا يؤمن هذا الإيمان لا يهتدي بالقرآن كما ينبغي ولا يستبشر بما فيه من بشارات .

إن في القرآن كنوزا ضخمة من الهدى والمعرفة والحركة والتوجيه . والإيمان هو مفتاح هذه الكنوز . ولن تفتح كنوز القرآن إلا بمفتاح الإيمان . والذين آمنوا حق الإيمان حققوا الخوارق بهذا القران . فأما حين أصبح القرآن كتابا يترنم المترنمون بأياته , فتصل إلى الآذان , ولا تتعداها إلى القلوب . فإنه لم يصنع شيئا , ولم ينتفع به أحد . . لقد ظل كنزا بلا مفتاح !

سيد قطب
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-07-12, 14:57:33
تساءلت أختنا رحيمة عن الفرق بين "أوقد" و"استوقد" وهذه الأخيرة التي جاءت في قوله تعالى :
مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ(17) -البقرة-

فكان لها تدبّر في هذه الآية، وهو التالي :

سبحان الله كم هو جميل الفرق بين الضوء و النور...
لنعد إلى السين في (استوقد)و ما تضفيه على الكلمة من معاني مختلفة عن تلك التي نجدها في( أوقد).. شخص يستوقد نارا ليس كمن يوقدها.. الذي يستوقد يظهر عليه ضعف مقدرته على إيقادها بمفرده.. لهاذا السبب هو يطلب المساعدة مِن مَن يستطيع أن يوقد النار.. يطلب إيقاد النار أي يبذل سببا وهو طلبه بحد ذاته و أسباب أخرى أيضا.. و الأمر مختلف بين نار الدنيا و النار المذكورة في الآية لان الأخيرة ترمز للهدى.. ما أريد الإشارة إليه هو أن هذا المثل ضُرب للمنافقين.. جاءوا المدينة.. جاءوا رسول الله.. إذن استوقدوا نارا.. ثم إذا أصبحوا أمام الهدى باعوها مقابل الضلال.. و يذكرني المثل باليهود.. زعموا أنهم إذا ما جاءهم رسول ليتبعنّه و لينصرنّه.. فلما بعث محمد صلى الله عليه و سلم من العرب كفروا و اعرضوا.. هم أيضا أرادوا الهدى.. حتى إذا جاءتهم رفضوها و باعوها.. تماما كمن استوقد نارا.. طلب الاضاءة و الهدى و النور ثم اعرض عنها فذهب الله بنورهم كله.. طيب هذه معاني.. لكن ماهي الدروس التي نتعلمها؟(لكي يكون التدبر كاملا كما قال الشيخ الذي أتيتي لنا به على المنتدى) أهم الدروس التي نتعلمها: هو أن الهداية بيد الله.. هو سبحانه من يوقد النار.. نحن نستوقد.. نطلب الهداية.. نبذل الأسباب.. نقرأ كتب.. نبحث.. ندعو: اهدنا الصراط المستقيم في كل الصلوات كل يوم كل ركعة.. ثم نتوكل حق التوكل على الله.. هو من يهدي و هو من يوفق.. ( و ما تشاؤون إلا أن يشاء الله) فإذا ما عرفنا الهدى و طريق الوصول إلى الله كان حريا بنا ان نسلكه و أن لا نعرض عنه.. و بذلك نخالف اليهود و المنافقين.. و أين مبدأ النور؟ أين أجد النور لأضيء به حياتي و طريقي؟ كتاب الله و سنة نبيه.. و مكان آخر: في بيوت أذن الله أن ترفع و يذكر فيها اسمه.. لماذا هذه الاية؟ لماذا المساجد؟ لأنها أول آية تأتي مباشرة بعد اية النور في سورة النور التي تقول: الله نور السماوات و الأرض.. الأجمل في هذا كله و ما نسأل الله أن يؤتينا إياه هو الآتي: النور بنفع صاحبه.. لكن الضياء يتعداه.. فينفع الآخرين أيضا.. تخيلي أناس آخرين في الظلام و يبحثون عن النور.. ثم يلمحون ضوءا بجانبهم ألن يتوقفوا عنده؟ بلى.. و يستضيئون به حتى يصبحون هم أيضا حملة نور و ضياء.. ذاك هو نور و ضياء النبي و سنته صلى الله عليه و سلم.. الذي أضاء الأمة كلها و أخرجها من الظلام إلى النور.. فهو سراج منير.. و هدى و ضياء للمؤمنين.. وما وصلنا من علم العلماء كأمثال ابن القيم و ابن تيمية ماهو إلا قبس من ذلك النور.. فبعد أن كانوا صالحين منيرين أصبحوا مصلحين مضيئين.. (نسأل الله أن نكون منهم: كنتم خير أمة) و قد ذكرهم الله في القرءان أيضا.. أين؟ في الآية الثانية بعد آية النور( رجال لا تلهيهم تجارة و لا بيع عن ذكر الله و إقام الصلاة)
إذن من أراد الهدى فليبذل لها الأسباب من دعاء و طلب علم.. و ليبدأ من القرءان و السنة و بيوت الله و علم ورثة الأنبياء..
والله تعالى أجل و أعلم

رحيمة


فكتبت عن جزئية المنافقين وسماعهم القرآن:

بارك الله فيك يا رحيمة ياااه كم أحب هذه الأجواء!! نعم هكذا يقرأ قرآننا، ولا يقرأ أبدا حروفا وكفى... لا يقرأ حروفا وكفى...
ولكن يا رحيمة بخصوص الاستيقاد نعم أنا معك أن من استوقد قد طلب أن توقد له، والمنافقون قد سمعوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولكنهم لم يؤمنوا حق الإيمان،فهم لم يطلبوا بل كانوا إذا قَرَأ عليهم القرآن كالخشب المسنّدة، وهم بشكل من الأشكال لم يطلبوا الهدى، فهم لو طلبوه بإخلاص لنالوه كدأب كل من استهدى صادقا فهداه الله ...ولكنني أراهم مثلهم كمثل الذي أوقدوا له النار وهو لا يعرف قيمتها، أي أنه لم يطلب إيقادها من باب أنه يعرف منفعتها، بل استوقدها وهو غير عارف بقيمتها، فلما أضاءت ما حوله، فتبين له الطريق من ضوئها أعرض ولم يقبل بذاك الطريق بل اشترى الضلالة بالهدى اشترى الظلمة بالنور، فلم يبقَ له من نور، اشترى العمى بالإبصار، والصمم بالسمع، والبكم بالنطق... ياااه ما أروعها من أجواء أجواء القرآن نورك الله بنوره
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-07-12, 17:27:20
إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (10) إِلَّا مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ(11)
فلنحذر هنا حذرا شدييييدا فإنه لغةً :

الاستثناء المنقطع

 هؤلاء الذين ظلموا ليسوا مرسلين، هذا اسمه استثناء مُنقطع، ما معنى الاستثناء المنقطع و المتصل ؟ تقول: حضر الطلاب إلا خالداً، خالد طالب، هذا استثناءٌ متصل، فإذا كان المستثنى منه من جنس المستثنى فهو استثناء متصل، أما الاستثناء المُنقطع كأنْ تقول: حضر الطلاب إلا المدرس، المدرس ليس طالباً، من نوعٍ آخر، لكن اشترك معه في الحضور، وتخلف المدرس، فإذا كان المستثنى منه من غير جنس المستثنى يقال له: استثناء منقطع.
 قد يفهم إنسان:

﴿إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (10) إِلَّا مَنْ ظَلَمَ﴾
 منهم.. لا، أعوذ بالله، الأنبياء معصومون عن أن يظلموا، العصمة صفةٌ ثابتة للأنبياء، معاذ الله أن يقع نبيٌ في ظلم أحد، وكل قصةٍ ترويها الكُتب الإسرائيلية، أو ما يسمى في التفاسير الإسرائيليات، عن أن هذا النبي فعل كذا وكذا، وهذا النبي فعل كذا وكذا كل ذلك من قبيل الإساءات أو التجاوزات أو الافتراءات، هذه القصص لا أصل لها، ولا صِحَّةَ لها لأن العصمة صفةٌ أساسيةٌ لجميع الأنبياء والمرسلين، إذاً:

﴿ إِلَّا مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ(11) ﴾

راتب النابلسي
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: رحيمة في 2013-07-14, 05:01:15
تساءلت أختنا رحيمة عن الفرق بين "أوقد" و"استوقد" وهذه الأخيرة التي جاءت في قوله تعالى :
مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ(17) -البقرة-

فكان لها تدبّر في هذه الآية، وهو التالي :

سبحان الله كم هو جميل الفرق بين الضوء و النور...
لنعد إلى السين في (استوقد)و ما تضفيه على الكلمة من معاني مختلفة عن تلك التي نجدها في( أوقد).. شخص يستوقد نارا ليس كمن يوقدها.. الذي يستوقد يظهر عليه ضعف مقدرته على إيقادها بمفرده.. لهاذا السبب هو يطلب المساعدة مِن مَن يستطيع أن يوقد النار.. يطلب إيقاد النار أي يبذل سببا وهو طلبه بحد ذاته و أسباب أخرى أيضا.. و الأمر مختلف بين نار الدنيا و النار المذكورة في الآية لان الأخيرة ترمز للهدى.. ما أريد الإشارة إليه هو أن هذا المثل ضُرب للمنافقين.. جاءوا المدينة.. جاءوا رسول الله.. إذن استوقدوا نارا.. ثم إذا أصبحوا أمام الهدى باعوها مقابل الضلال.. و يذكرني المثل باليهود.. زعموا أنهم إذا ما جاءهم رسول ليتبعنّه و لينصرنّه.. فلما بعث محمد صلى الله عليه و سلم من العرب كفروا و اعرضوا.. هم أيضا أرادوا الهدى.. حتى إذا جاءتهم رفضوها و باعوها.. تماما كمن استوقد نارا.. طلب الاضاءة و الهدى و النور ثم اعرض عنها فذهب الله بنورهم كله.. طيب هذه معاني.. لكن ماهي الدروس التي نتعلمها؟(لكي يكون التدبر كاملا كما قال الشيخ الذي أتيتي لنا به على المنتدى) أهم الدروس التي نتعلمها: هو أن الهداية بيد الله.. هو سبحانه من يوقد النار.. نحن نستوقد.. نطلب الهداية.. نبذل الأسباب.. نقرأ كتب.. نبحث.. ندعو: اهدنا الصراط المستقيم في كل الصلوات كل يوم كل ركعة.. ثم نتوكل حق التوكل على الله.. هو من يهدي و هو من يوفق.. ( و ما تشاؤون إلا أن يشاء الله) فإذا ما عرفنا الهدى و طريق الوصول إلى الله كان حريا بنا ان نسلكه و أن لا نعرض عنه.. و بذلك نخالف اليهود و المنافقين.. و أين مبدأ النور؟ أين أجد النور لأضيء به حياتي و طريقي؟ كتاب الله و سنة نبيه.. و مكان آخر: في بيوت أذن الله أن ترفع و يذكر فيها اسمه.. لماذا هذه الاية؟ لماذا المساجد؟ لأنها أول آية تأتي مباشرة بعد اية النور في سورة النور التي تقول: الله نور السماوات و الأرض.. الأجمل في هذا كله و ما نسأل الله أن يؤتينا إياه هو الآتي: النور بنفع صاحبه.. لكن الضياء يتعداه.. فينفع الآخرين أيضا.. تخيلي أناس آخرين في الظلام و يبحثون عن النور.. ثم يلمحون ضوءا بجانبهم ألن يتوقفوا عنده؟ بلى.. و يستضيئون به حتى يصبحون هم أيضا حملة نور و ضياء.. ذاك هو نور و ضياء النبي و سنته صلى الله عليه و سلم.. الذي أضاء الأمة كلها و أخرجها من الظلام إلى النور.. فهو سراج منير.. و هدى و ضياء للمؤمنين.. وما وصلنا من علم العلماء كأمثال ابن القيم و ابن تيمية ماهو إلا قبس من ذلك النور.. فبعد أن كانوا صالحين منيرين أصبحوا مصلحين مضيئين.. (نسأل الله أن نكون منهم: كنتم خير أمة) و قد ذكرهم الله في القرءان أيضا.. أين؟ في الآية الثانية بعد آية النور( رجال لا تلهيهم تجارة و لا بيع عن ذكر الله و إقام الصلاة)
إذن من أراد الهدى فليبذل لها الأسباب من دعاء و طلب علم.. و ليبدأ من القرءان و السنة و بيوت الله و علم ورثة الأنبياء..
والله تعالى أجل و أعلم

رحيمة


فكتبت عن جزئية المنافقين وسماعهم القرآن:

بارك الله فيك يا رحيمة ياااه كم أحب هذه الأجواء!! نعم هكذا يقرأ قرآننا، ولا يقرأ أبدا حروفا وكفى... لا يقرأ حروفا وكفى...
ولكن يا رحيمة بخصوص الاستيقاد نعم أنا معك أن من استوقد قد طلب أن توقد له، والمنافقون قد سمعوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولكنهم لم يؤمنوا حق الإيمان،فهم لم يطلبوا بل كانوا إذا قَرَأ عليهم القرآن كالخشب المسنّدة، وهم بشكل من الأشكال لم يطلبوا الهدى، فهم لو طلبوه بإخلاص لنالوه كدأب كل من استهدى صادقا فهداه الله ...ولكنني أراهم مثلهم كمثل الذي أوقدوا له النار وهو لا يعرف قيمتها، أي أنه لم يطلب إيقادها من باب أنه يعرف منفعتها، بل استوقدها وهو غير عارف بقيمتها، فلما أضاءت ما حوله، فتبين له الطريق من ضوئها أعرض ولم يقبل بذاك الطريق بل اشترى الضلالة بالهدى اشترى الظلمة بالنور، فلم يبقَ له من نور، اشترى العمى بالإبصار، والصمم بالسمع، والبكم بالنطق... ياااه ما أروعها من أجواء أجواء القرآن نورك الله بنوره
[/size]

جميل أنك أوردتيه هنا أسماء.. جزاك الله خيرا...
 لكن ماذا لو تخصصين لكل سورة موضوع خاص بها عشان يسهل إيجاد المعلومات و لا تختلط السور ببعض؟
إيش رايك تفتحين موضوع خاص بالبقرة.. تدبرا و كل المتشابهات التي فيها... حيكون أكثر تنظيــما في رأيي..
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-07-16, 17:15:37
نعم يا رحيمة بعد رمضان بإذن الله ننظم الموضوع أنا وأنت ...إن شاء الله نقسمه بحيث نخصص لكل سورة موضوعا ... emo (30):
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: رحيمة في 2013-08-01, 02:47:00
تخيّل لو سألك أحدهم هذا السؤال :

لماذا وردت في هذه الآية :
"مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ" من الآية 4 من سورة الأحزاب

كلمة "رجل" بدل كلمة "بشر" أو "إنسان" مثلا أو كلمة "مرء" يعني "لامرئ" ، أو أي كلمة عامة تشمل الجنسَيْن معا ووردت "رجل"، أليس لكل إنسان قلب واحد ؟ هل للمرأة قلبان ؟ لماذا وردت "رجل" بالذات ؟

كيف سيكون جوابك ؟  emo (30):


قرأت الجواب من قبل
جواب مدهش حقا D:
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-08-02, 11:00:13
تخيّل لو سألك أحدهم هذا السؤال :

لماذا وردت في هذه الآية :
"مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ" من الآية 4 من سورة الأحزاب

كلمة "رجل" بدل كلمة "بشر" أو "إنسان" مثلا أو كلمة "مرء" يعني "لامرئ" ، أو أي كلمة عامة تشمل الجنسَيْن معا ووردت "رجل"، أليس لكل إنسان قلب واحد ؟ هل للمرأة قلبان ؟ لماذا وردت "رجل" بالذات ؟

كيف سيكون جوابك ؟  emo (30):


قرأت الجواب من قبل
جواب مدهش حقا D:

قبس من سورة الأحزاب الرائعة، أنهينا تفسيرها وتدبرها هذا الأسبوع، أكثر من رائعة، زاخرة، عامرة، كلها تربية، كلها تبيان لحقيقة البشرية في الإنسان ثم كيف تطوّع هذه البشرية بضعفها لترقى، والله سبحانه وتعالى يتقبل هذه البشرية ويرشدها لما يهذبها ويقويها ...رائعة رائعة ... قضينا معها أوقاتا ولا أحلى
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: زينب الباحثة في 2013-08-11, 01:40:18
Yes please do :D
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: elnawawi في 2013-08-11, 05:26:33
{وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ}

هذه الآية تصف سلوكا عجيبا من فرعون .. فرعون الذي قال{أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي} .. فرعون الذي أدعى الألوهية وقال {يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} .. فرغون القائل {مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ} ويتبعه في هذا قومه بدون تفكير أو جدال أو نقاش {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ} ..
هذا الفرعون الذي {عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ } لماذا يستجدي الموافقة من قومه على قتل موسى عليه السلام ؟! أليس هو الإله والملك في أعينهم ؟! لماذا يسوق المبررات لهم ليقنعهم بضرورة قتل موسى عليه السلام قيقول أنه يخشى أن يبدل دينكم أو يحدث خلافا وشقاقا فيظهر الفساد في الأرض بسببه ..

هل يعرف أحد لماذا طلب فرعون من قومه تفويضا لقتل موسى عليه السلام ؟
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-08-12, 17:31:14
{وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ}

هذه الآية تصف سلوكا عجيبا من فرعون .. فرعون الذي قال{أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي} .. فرعون الذي أدعى الألوهية وقال {يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} .. فرغون القائل {مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ} ويتبعه في هذا قومه بدون تفكير أو جدال أو نقاش {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ} ..
هذا الفرعون الذي {عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ } لماذا يستجدي الموافقة من قومه على قتل موسى عليه السلام ؟! أليس هو الإله والملك في أعينهم ؟! لماذا يسوق المبررات لهم ليقنعهم بضرورة قتل موسى عليه السلام قيقول أنه يخشى أن يبدل دينكم أو يحدث خلافا وشقاقا فيظهر الفساد في الأرض بسببه ..

هل يعرف أحد لماذا طلب فرعون من قومه تفويضا لقتل موسى عليه السلام ؟

نعم أخي النووي لي بإذن الله عودة لسؤالك .رزقنا الله نور القرآن .
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-08-25, 15:19:57
{وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ}

هذه الآية تصف سلوكا عجيبا من فرعون .. فرعون الذي قال{أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي} .. فرعون الذي أدعى الألوهية وقال {يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} .. فرغون القائل {مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ} ويتبعه في هذا قومه بدون تفكير أو جدال أو نقاش {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ} ..
هذا الفرعون الذي {عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ } لماذا يستجدي الموافقة من قومه على قتل موسى عليه السلام ؟! أليس هو الإله والملك في أعينهم ؟! لماذا يسوق المبررات لهم ليقنعهم بضرورة قتل موسى عليه السلام قيقول أنه يخشى أن يبدل دينكم أو يحدث خلافا وشقاقا فيظهر الفساد في الأرض بسببه ..

هل يعرف أحد لماذا طلب فرعون من قومه تفويضا لقتل موسى عليه السلام ؟

أعود أخي النووي لهذه الآية التي سألت عنها منذ زمن، شغلتنا الأحداث الجسام أن نعود إليها .وأريد أن أجمع الآيتين المتتاليتين لحسن ما هو موجود من مقابلة فيهما بين الكافر المتجبر في الأرض المتأله، وبين المؤمن الموقن بالله تعالى وبجواره .

وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ (26) وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُم مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَّا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ (27)

وقد قرأت عنها في مجموعة من التفاسير، وجدت الأكثر تبيانا لما فيها ما عند سيد قطب والشعراوي رحمهما الله، وما عند الدكتور راتب النابلسي ...ومفاده كله أنّه لم يستأذن في قتل موسى إلا لوجود من عارض ما أراده من قتله، وهذا التفصيل:

1-فأما ما جاء فيها في الظلال فهو التالي:

"وقال فرعون:ذروني أقتل موسى , وليدع ربه , إني أخاف أن يبدل دينكم , أو أن يظهر في الأرض الفساد). .
ويبدو من قوله: (ذروني أقتل موسى). . أن رأيه هذا كان يجد ممانعة ومعارضة - من ناحية الرأي - كأن يقال مثلاً:إن قتل موسى لا ينهي الإشكال . فقد يوحي هذا للجماهير بتقديسه واعتباره شهيداً , والحماسة الشعورية له وللدين الذي جاء به , وبخاصة بعد إيمان السحرة في مشهد شعبي جامع , وإعلانهم سبب إيمانهم , وهم الذين جيء بهم ليبطلوا عمله ويناوئوه . . وقد يكون بعض مستشاري الملك أحس في نفسه رهبة أن ينتقم إله موسى له , ويبطش بهم . وليس هذا ببعيد , فقد كان الوثنيون يعتقدون بتعدد الآلهة , ويتصورون بسهولة أن يكون لموسى إله ينتقم له ممن يعتدون عليه ! ويكون قول فرعون: (وليدع ربه). . رداً على هذا التلويح ! وإن كان لا يبعد أن هذه الكلمة الفاجرة من فرعون , كانت تبجحاً واستهتاراً , لقي جزاءه في نهاية المطاف كما سيجيء .
ولعله من الطريف أن نقف أمام حجة فرعون في قتل موسى:
(إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد). .
فهل هناك أطرف من أن يقول فرعون الضال الوثني , عن موسى رسول الله - عليه السلام - (إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد)?!!
أليست هي بعينها كلمة كل طاغية مفسد عن كل داعية مصلح ? أليست هي بعينها كلمة الباطل الكالح في وجه الحق الجميل ? أليست هي بعينها كلمة الخداع الخبيث لإثارة الخواطر في وجه الإيمان الهادى ء ?
إنه منطق واحد , يتكرر كلما التقى الحق والباطل , والإيمان والكفر . والصلاح والطغيان على توالي الزمان واختلاف المكان . والقصة قديمة مكررة تعرض بين الحين والحين .
"

2-وأما ما عند الدكتور راتب :

 يبدو أنّ مَنْ حول فرعون نصحوه بألاَّ يقتله، لعلَّه رسول، ولعلَّه يدعو ربَّه، فيأتيك عذابٌ يا فرعون، قال: أنا لا أخاف.

﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ ﴾
 ففرعون ادَّعى أنه إله، وقال:

﴿ أَنَا رَبُّكُمْ الأَعْلَى(24) ﴾

( سورة النازعات )
 وأمرهم أن يعبدوه، فهذا موسى سينغِّص عليه هذه الدعوى، فيشتِّت الناس عنه، لذلك قال:

﴿ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ ﴾
إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ

الفساد بمنظور فرعون:

 الفساد في نظر فرعون أن ينصرف الناس عنه، إذا انصرف الناس عن عبادته فهذا هو الفساد.

كيف يتغطرس الإنسان وهو ضعيف في قبضة الله:

 طبعاً الكافر لا يرى الله عزَّ وجل، لا يرى أنه في قبضة الله، يرى نفسه أنه قوي، وكلَّما تعمَّق الإنسان في العِلم شعر بضعفه، وشعر بافتقاره، وشعر أنه في قبضة الله، وشعر أنه عبدٌ ضعيف، هذا الذي يقول: أنا، هل علم هذا الإنسان أن خثرةً صغيرةً صغيرة من الدم لو تجمَّدت في إحدى أوعية الرأس لَشُلَّت حركته، أو لأصيب بالعمى، أو لاختلَّ توازنه، أو لذهبت ذاكرته، كيف يقول الإنسان: أنا، وهو ضعيف ؟

﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ ﴾
 فكل إنسان يتفلسف أحياناً، حتى لو كان على باطل، حتى لو كان ضالاً مُضِلاًّ، حتى لو ادَّعى الألوهيَّة يتفلسف، يقول:

﴿ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ ﴾
الإنسان يفلسف كفره وفلسفته:

 الإنسان منطقي، واللهُ أعطى الإنسان فكرًا ليتعرَّف به إلى الله، لكنه ينحرف و يكفر، فإذا كفر بالله يستخدم فكره ليفلسف كفره، فإذا أراد الإنسان أن يكفُر أو أن يشرك، استخدم الفكر نفسه الذي هو أداة لمعرفة الله، استخدمه استخدامًا آخر لغير ما خُلِق له، استخدمه للبحث عن حججٍ واهيةٍ لكفره وفِسْقِهِ، وهذا معنى المجادلة التي وردت في القرآن الكريم.

﴿ وَكَانَ الإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلا(54) ﴾( سورة الكهف )

 مرَّة قلت لكم: آلة تصوير ملوَّنة غالية جداً، يمكن أن تستخدم استخداماً جيداً فيغتني صاحبها اغتناءً كبيراً، ويمكن أن يستخدمها لتزوير العملة فتنتهي به إلى السجن، والآلة واحدة، إن استخدمها في المخطَّطات والتصميمات، لمع نجمه في سماء البلدة فاغتنى واشتهر ؛ أما إذا استخدمها لتزوير العملة، وكُشِفَ أمره ألقي في غياهب السجن، عن طريق هذه الآلة الواحدة الملوَّنة.
 وكذلك الفكر يمكن أن ترقى به، فتتعرَّف إلى الله من خلاله، وتزداد به قرباً وله طاعةً، فتسعد وتسعِد، وإما أن يستخدم الفكر نفسه لفلسفة الشرك، والكفر، والنفاق، فيكون الفكر سبباً لهلاك الإنسان.

﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ ﴾
 إذاً: الكافر، أو مدعي الأُلُوهيَّة، أو المشرك كل منهم يتفلسف، ويقول لك: أنا على حق، وهذه مبادئ، وهذا تقدُّم، وهذه إنسانيَّة، وهذه مبادئ العدل، وهذه قيم، وهذه مُعْطَيَات، وهذه بيئة، عنده فلسفة لكنها فلسفة باطلة، لأن الله عزَّ وجل يقول:
﴿ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلا الضَّلالُ ﴾( سورة يونس: من الآية 32 )

 فلا يوجد إلا حق واحد، إن لم تكن مع الحق فأنت مع الضلال، إذا لم تكن أفكار الإنسان ومعتقداته وتصوُّراته وفق القرآن فهو ضال، قولاً واحداً بكل تأكيد، بالحجَّة الدامغة، ليس مِنْ حلٍّ وسط، إمّا أن تكون مع الحق، وإما أن يكون الإنسان ضالاً، فإذا دعا إلى ضلاله صار مضلاً، فهذا إذًا إمّا أن يكون ضالاًّ أو مضلاًّ، فاسدًا مفسدًا، فليس هناك مبدأ آخر، فالله واحد، والحق واحد، والقرآن واحد، والدين واحد، والمبادئ واحدة، أما إذا اعتنق أفكارًا ليست في كتاب الله فهي ضلال قولاً واحداً.
 والمؤمن إذا هُدِّد، وإذا تآمر عليه المتآمرون، وإذا توعَّده المتوعِّدون ليس له إلا الله، يا رب ليس لي إلا أنت، أنت قصدي، إني مغلوبٌ فانتصر، أحد الملوك الصالحين وهو نور الدين الشهيد، الذي أجرى الله على يديه النصر، سجد لله عزَّ وجل وقال كلمةً لولاَ أنها وردت عنه لما كنت أقولها لكم، قال له: " يا رب من هو نور الدين الكلب حتَّى تنصره ؟ انصر دينك " أنا لا شيء، انصر دينك يا رب، إني مغلوبٌ فانتصر، فانتصر لدينك ـ والله سبحانه وتعالى أجرى على يده النصر المؤزَّر، نصراً عزيزاً، فالمؤمن ليس له إلا الله عزَّ وجل إذا كان ضعيفًا مستضعفًا، وأعداؤه أقوياء وتوعَّدوه، وهدَّدوه.

﴿ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ ﴾




3-وأما ما عند الشعراوي رحمه الله (وهو من تسجيل له)

طلبه بـ: "ذروني" يدل على أن هناك من فيهم خميرة الإيمان متيقظة ويعلمون أنه نبي، ولا يريدون أذية نبي الله، لأنهم يتمنون أن يسري منهج الله.
طيب كيف يدخلون هذا على فرعون؟ أبدفاعهم عن موسى عندهم؟ لو كان منهم ذلك لعرف منهم الخيانة العظمى للألوهية،وغنما يجب أن يغلفوها بما يرضي فرعون من جهة ويرضي ضمائرهم أيضا،فجاؤوه من منطق أنه لو يقتله فسيشيع بين الناس أنه إنما قتله لأنه لم يطق حياته التي كانت ستفضح حاله،وأنك لو كنت على حق لتركته ولدفعه عنك الجدل والمحاججة، أما بقتله فسيقولون خفت أن يهدّ عرشك وينقض ألوهيتك.

---------------------------------------------------------------------------

ومن كل ما سبق ف يالتفاسير،وجب السؤال: سبحان الله ! ما دام وفي عزّ استعباد فرعون لبني إسرائيل، هناك من عارض سواء بتحايل أو بعلنية، وهناك خميرة إيمانية، يخشى الظالم دوما منها، يخشى من طوافها على السطح، لأنه يعلم داخليا، -وهو ما لا يظهره- أنه على طريق صعبة من شأنها أن تثير الرعية ضدّه، فهو يحافظ على ربوبيته وظلمه بصعوبة كبيرة، يعيش في هاجس الخوف من تفلت زمام الأمور، ومن غضبة الرعية .... سبحان الله !! مهما بلغت درجة البطش! فلمَ لا تفكر الرعيّة بهذا الخوف عند الظالم ؟؟!! لو أنها فقط فكرت به : " إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً(104)"

بالمقابل فلننظر لموسى عليه السلام وهو موقن بربه، متوجه له، مستعيذ به من كل متكبر، متحصّن بحصنه، لائذ بركنه المكين .... فهو يدعو ربه كما قال فرعون فعلا، يدعو ربه وربهم الواحد الذي لا إله غيره كما يدعي لهم فرعون المتألّه اللعين، يدعوه، ويستعيذ بجنابه من كل متكبر، من كل متكبر ...!! فنعوذ بك يا ربنا من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب.


العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: elnawawi في 2013-08-25, 18:00:05
لم تتركي لي مجالا للتعليق ..
ما أجمل هذا التفسير .. يحتاج لتأملات عميقة .. جدا
ولكن ماذا لو أخذنا الأمر من زاوية أخرى بأنه لم تكن توجد معارضة حقيقة له .. فهل هناك ما يدعوه في تلك الحالة أن يقول "ذروني اقتل موسى" ؟
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-08-26, 10:03:43
لم تتركي لي مجالا للتعليق ..
ما أجمل هذا التفسير .. يحتاج لتأملات عميقة .. جدا
ولكن ماذا لو أخذنا الأمر من زاوية أخرى بأنه لم تكن توجد معارضة حقيقة له .. فهل هناك ما يدعوه في تلك الحالة أن يقول "ذروني اقتل موسى" ؟

طيب أنا أرى -والله أعلم- أنه حتما كانت هناك معارضة، وما الدليل ؟ الدليل هي الآية الموالية :
"وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ وَإِن يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِن يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُم بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ(28)"

وهذا الرجل المؤمن من أين؟ من آل فرعون، إذن فهو نموذج للمعارضة الصادحة بالحق، أما الذين يمنعهم خوفهم من أن يكونوا مثله، فمؤكد أنهم أيضا موجودون.

وهذا الذي صرح، مؤمن آل فرعون لما أخلص لله تعالى، ولم يخش في قولة الحق لومة لائم، كان جزاؤه :
فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ(45)

إذن فهذا دليل قوي على وجود هذه المعارضة، وحتى وإن لم توجد فإن الذي على الباطل لديه رهبة من صاحب الحق، تجعل لسانه ينطق بها، فجعل يعلّل للناس سبب نيته قتل موسى عليه السلام .

سبحان الله، ما أقوى الحق، إلا أنه يحتاج رجالا .... وما أضعف الباطل وإن كان بالأكثرية ....فقلة مؤمنة تهزم الباطل وأهله ! ليتنا نفقَه ونتعلم .


 
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: elnawawi في 2013-08-28, 00:52:25
صحيح .. قرأت الآية مرارا من قبل ولم انتبه لحقيقة أن الرجل من "آل فرعون" نفسه .. من داخلهم .. سبحان الله .. ربما كان الانطباع الأول أنه من أهل مصر .. ربما عامي من هنا أو هناك .. ربما كالرجل اذلي جاء يسعى ينصح قومه باتباع المرسلين .. ولكن الآن انتبهت .. إنه من داخل آل فرعون أنفسهم .. ما أقوى الباطل وإن جرى على لسان فرد واحد وسط الآلاف والمئات .. ذكرني هذا بفعل ابن مسعود في الكعبة رضي الله عنه .. فعلا كانوا رجالا ..
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2013-08-28, 09:25:41
تقصد يا نووي ما أقوى الحق !!  emo (30):
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-08-28, 17:23:47
صحيح .. قرأت الآية مرارا من قبل ولم انتبه لحقيقة أن الرجل من "آل فرعون" نفسه .. من داخلهم .. سبحان الله .. ربما كان الانطباع الأول أنه من أهل مصر .. ربما عامي من هنا أو هناك .. ربما كالرجل اذلي جاء يسعى ينصح قومه باتباع المرسلين .. ولكن الآن انتبهت .. إنه من داخل آل فرعون أنفسهم .. ما أقوى الباطل وإن جرى على لسان فرد واحد وسط الآلاف والمئات .. ذكرني هذا بفعل ابن مسعود في الكعبة رضي الله عنه .. فعلا كانوا رجالا ..

نعم ما أقوى الحق تعني  emo (30): وفعلا كانوا رجالا ... ولننظر كيف أن قرآننا عظيم عظيم عظيم ...
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-08-31, 08:38:24
(وﺟﺎء رﺟٌﻞ ﻣﻦ أﻗﺼﻰ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ)
ﺗﻨﻜﯿﺮ(ﻣﺆﻣﻦ آِل ﯾﺲ) : ﻣﻘﺼﻮٌد ﺣﯿﺚ ﻗﺎل : ( وﺟﺎء رﺟٌﻞ ) ﻟﻔﻆ ﻧﻜﺮة ﻷنه ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻣﻌﺮوﻓﺎً ﻓﻲ زﻣﻨﮫ ، ﻓﺎﻟﺪﻋﻮة ﻻ
ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻷﺳﻤﺎء وإﻧﻤﺎ ﺑﺎﻷﻓﻌﺎل

-من على صفحة لطائف قرآنية-

-------------------------

اللهم ارزقنا الاعتبار والاتعاظ حتى لا نرى الانتماءات، أو الأشخاص أكبر من الدين ذاته ...
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: elnawawi في 2013-08-31, 16:08:57
تقصد يا نووي ما أقوى الحق !!  emo (30):

نعم .. ما أضعف الباطل وما أقوى الحق ..
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-09-01, 15:19:18
إنهم - في الجيل الأول - لم يكونوا يقرءون القرآن بقصد الثقافة والاطلاع ، ولا بقصد التذوق والمتاع . لم يكن أحدهم يتلقى القرآن ليستكثر به من زاد الثقافة لمجرد الثقافة ، ولا ليضيف إلى حصيلته من القضايا العلمية والفقهية محصولاً يملأ به جعبته . إنما كان يتلقى القرآن ليتلقى أمر الله في خاصة شأنه وشأن الجماعة التي يعيش فيها ، وشأن الحياة التي يحياها هو وجماعته ، يتلقى ذلك الأمر ليعمل به فور سماعه ، كما يتلقى الجندي في الميدان " الأمر اليومي " ليعمل به فور تلقيه ! ومن ثم لم يكن أحدهم ليستكثر منه في الجلسة الواحدة ، لأنه كان يحس أنه إنما يستكثر من واجبات وتكاليف يجعلها على عاتقه ، فكان يكتفي بعشر آيات حتى يحفظها ويعمل بها كما جاء في حديث ابن مسعود رضي الله عنه.
هذا الشعور .. شعور التلقي للتنفيذ .. كان يفتح لهم من القرآن آفاقًا من المتاع وآفاقًا من المعرفة ، لم تكن لتفتح عليهم لو أنهم قصدوا إليه بشعور البحث والدراسة والاطلاع ، وكان ييسر لهم العمل ، ويخفف عنهم ثقل التكاليف ، ويخلط القرآن بذواتهم ، ويحوله في نفوسهم وفي حياتهم إلى منهج واقعي ، وإلى ثقافة متحركة لا تبقى داخل الأذهان ولا في بطون الصحائف ، إنما تتحول آثارًا وأحداثًا تحوِّل خط سير الحياة .
إن هذا القرآن لا يمنح كنوزه إلا لمن يُقبل عليه بهذه الروح : روح المعرفة المنشئة للعمل . إنه لم يجيء ليكون كتاب متاع عقلي ، ولا كتاب أدب وفن ، ولا كتاب قصة وتاريخ - وإن كان هذا كله من محتوياته - إنما جاء ليكون منهاح حياة . منهاجًا إلهيًّا خالصًا .

وكان الله سبحـانه يأخذهم بهذا المنهج مفرقًا ، يتلو بعضه بعضًا :
{ وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً } [ الإسراء : 106 ]
لم ينزل هذا القرآن جملة ، إنما نزل وفق الحاجات المتجددة ، ووفق النمو المطَّرِد في الأفكار والتصورات ، والنمو المُطَّرِد في المجتمع والحياة ، ووفق المشكلات العملية التي تواجهها الجماعة المسلمة في حياتها الواقعية . وكانت الآية أو الآيات تنزل في الحالة الخاصة والحادثة المعينة تحدث الناس عما في نفوسهم ، وتصوِّر لهم ما هم فيه من الأمر ، وترسم لهم منهج العمل في الموقف ، وتصحح لهم أخطاء الشعور والسلوك ، وتربطهم في هذا كله بالله ربهم ، وتعرِّفُه لهم بصفاته المؤثرة في الكون ، فيحسون حينئذ أنهم يعيشون مع الملأ الأعلى ، تحت عين الله ، في رحاب القدرة . ومن ثم يتكيفون في واقع حياتهم ، وفق ذلك المنهـج الإلهي القويم .
إن منهج التلقي للتنفيذ والعمل هو الذي صنع الجيل الأول . ومنهج التلقي للدراسة والمتاع هو الذي خرَّج الأجيال التي تليه . وما من شك أن هذا العامل الثاني كان عاملاً أساسيًا كذلك في اختلاف الأجيال كلها عن ذلك الجيل المميز الفريد .


سيد قطب-معالم في الطريق-
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-09-11, 04:28:24
أما الشوق إليك آيات ربي تدبرا فشوق الروح لفرحها وراحتها .. وأما حاجتها منك فالحاجة لهواء أنفاسها ولماء حياتها.....
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-09-15, 10:21:48
قال لي أحدهم أنّ من بني جلدتنا، من المسلمين مَن أصبح يعتنق اعتقادا جديدا مفاده أنه يؤمن بالله، ولكنه لا يؤمن بالوحي ولا بالرسل، ويرى إيمانه هذا هو الأساس، فهو لا ينكر وجود الله، ولكنه ينكر الوحي والرسل.

ويشاء الله أن أقرأ في سورة "المؤمنون" فإذا فيها وصف دقيق لأمثال هؤلاء المعتقدين بالاعتقاد الجديد،وصف دقيق لأمثالهم ...

فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَأَنزَلَ مَلَائِكَةً مَّا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ(24)

إنهم يعلمون بوجود الله، ويعترفون به، "ولو شاء الله..."، وفي مخزونهم المعرفي "ملائكة"، وبالتالي فهم قوم يؤمنون بوجود الله، ولكنهم ها هم أولاء لا يؤمنون برسله، ويكذبون رسله، ويكذبون ما أوحى به الله لرسله...

وأيضا :

إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ(38)

افترى على الله، إنهم يعرفون الله، ولكنهم يكذبون رسوله، ويعلنون عدم إيمانهم برسوله.

وهكذا هو دأب الأمم متعاقبةً :

"ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا كُلَّ مَا جَاء أُمَّةً رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُم بَعْضاً وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فبُعْداً لِّقَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ(44) "

بعدا لقوم لا يؤمنون
، الله سبحانه وتعالى يقرر أن عدم إيمانهم برسله الكرام، يصنفهم مع غير المؤمنين. وبالتالي فإن هؤلاء يُظهرون الإلحاد بمظهر مخادع، مظهر يبدون فيه وكأنهم مؤمنون، بأن يعلنوا إيمانهم بالله، وبالمقابل كفرهم برسله ووحيه، وما هذا إلا التواء، وفتنة لكثير من الذين يخطؤون إذ يصنفونهم صنفا آخر من الناس، بينما هم بقول الله تعالى فيهم : "فبعْداً لِّقَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ".

ثم يأتي وصف المولى عز وجل للمؤمنين في قوله:

إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ(57) وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ(58) وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ(59) وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ(60) أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ(61)

فإذا الصفة اللازمة مع الصفات، الذين هم بآيات ربهم يؤمنون، سواء منها آيات الله في كتابه ، أو آيات كونه العظيم.

ثم وصف سبحانه حالهم لما أخذهم بعذاب، وهو يعدد لهم أسبابه، ومن أهمها :

قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنكِصُونَ(66)... فهم كانوا يعرضون عن أيات التي التي كانت تتلى عليهم. فلم ينفعهم أن عرفوا الله، كما يصفون هؤلاء الجُدُد الذين يجعلون لإلحادهم ستارا !!

رزقنا الله الثبات على الحق.
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2013-09-15, 11:01:24
آمين

الإيمان بالله، يريح العقل من التناقض والضلال في متاهات التفكير في أصل وجود الكون
وإنكار الرسل والوحي يريح الجسد والنفس من ثقل التكاليف والالتزام بطاعة الشريعة، والتقيد بحدود الله

هذا هو السر
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-09-15, 12:09:10
آمين

الإيمان بالله، يريح العقل من التناقض والضلال في متاهات التفكير في أصل وجود الكون
وإنكار الرسل والوحي يريح الجسد والنفس من ثقل التكاليف والالتزام بطاعة الشريعة، والتقيد بحدود الله

هذا هو السر

نعم... سبحان الله !  كم يتحايل البشر ليكفروا !
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-09-17, 10:23:40
وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ(216) -البقرة-

كم يكره الإنسان أمرا، ويغفل أنه الخير له !، وكم يحب آخر ويغفل كل الغفلة أنه شر له...
سبحان الله...!، وفي هذه الآية العظيمة تسبق الكراهية الحب، وكأنما الله سبحانه يريد أن يؤكد لنا أولا على أن ليس كل ما تكرهونه شر، ولأن النفس مجبولة على النظر في ما يظهر لها، دونما تدبر في الحكمة المخبأة، إلا مَن أوتي الحكمة، فقد أوتي خيرا كثيرا، وتعلق قلبه بالله تعالى فهو راض بما يكون فيه ويأمل الخير من وراء البادي شرا، كما لا يغتر بما يبدو له خيرا، بل يحترس ويسأل الله أن يتم بخير، ويخشى سيطرة النعمة على نفسه إلى الحد الذي تنسيه ذكر ربه، وتنسيه التأمل وسؤال السلامة . فيعتدّ بنفسه ونظرتها . فهو لا يأمن ظهور الخير وطفوِه، كما لا ينفر من ظهور الشر وطفوه، بل يحب الغوص ليرى الحقيقة، وما غوصه إلا بالاستهداء بالله العليم الخبير الحكيم .

ويقول سبحانه وتعالى :
إِنَّ ٱلَّذِينَ جَآءُو بِٱلْإِفْكِ عُصْبَةٌۭ مِّنكُمْ ۚ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّۭا لَّكُم ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌۭ لَّكُمْ ۚ ... النور -11-

حادثة الإفك بما فيها من عسر، وضغط على أعصاب خير البشر، وزوج خير البشر، ومساس  بامرأة من أطهر نساء العالمين زوج أطهر الخلق أجمعين، هي خير،وفيها الخير...!
فيها تعليم للمؤمنين كيف يكون ظن بعضهم ببعض على مدّ العصور والأزمنة كلها، كيف لا يسيئ أحدهم بأخيه الظن، وكيف أن الأساس بينهم إحسان الظن بعضهم ببعض . وعلى قدر إحسان ظن الواحد بالىخر، يكون الآخر عند حسن ظنّ المحسن به ظنا.
فهل نتصور أن خيرا يكمن في حادثة الإفك ؟  لولا أمر الله تعالى وتربيته سبحانه لنا، وإعلامه لنا كيف كان هذا الخير، وكيف نزلت تبرئة ساحة أمنا عائشة رضي الله عنها وأرضاها من رب السماوات والأرض ... وكيف تربت الجماعة المسلمة آنذاك خير تربية، وكيف ميزَ الخبيث من الطيب

هل للإنسان دون هَدي الله تعالى، ودون ترقب فعله فيه، -وهو في عزّ المصاب، ودون أن يثق بحبله المتين، ودون أن يداوم اللجوء إليه- من خاطر يذهب به هذا المذهب الذي لا يجعل من ظاهر الأمور هي الحقيقة التي يركن إليها ؟!  لولا هدي الله تعالى ونور يلقيه في قلب عبده، وحكمة يؤتيه إياها لهلك الإنسان وهو يقيس بعقله وما يصور له من ظاهر ....

ويقول سبحانه وتعالى في هذا السياق :

"فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً(5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً(6)" -الشرح-

وأجمل ما في الأمر كله، أن ينتبه المؤمن في قلب العسر الذي يصيبه إلى يسر متزامن معه، أجل متزامن معه لا يخطئ زمنَه،يلازمه.
فكلما أصابه من مصيبة كان فيها... في قلبها خير قد يدركه وهو في عزّ المصاب، وقد يدركه بعده،  وفي ذلك قال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه :
"ما أصابتني مصيبة إلا وجدت فيها ثلاث نِعَم : الأولى : أنها لم تكن في ديني ...والثانية : أنها لم تكن أعظم مما كانت ...والثالثة : أن الله يُجازي عليها الجزاء الأكبر ....."

فنسأل الله تعالى أن يبصرنا باليسر في حال عسرنا، وأن يعلمنا كيف نبحث عن الخير فيما نكره، ويظهر لنا شرّه، وكيف لا نركن لما يظهر لنا خيره  emo (30):


العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-09-19, 15:17:21
في سورة النور آيات تشد بقوتها، ومن أهمها :

" إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ(51) وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ(52)"

الآية الأولى تبين قول المؤمنين  وهو "سمعنا وأطعنا" ، ثم التي تليها تبين الفعل منهم الذي يصدق قولهم "ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه"

فهم قالوا أنهم السامعون المطيعون، وأن فعلهم كان السمع والطاعة، فتجسد في طاعة الله تعالى ورسوله، وخشيته سبحانه وتقواه...
فأما طاعته فهي ثمرة الإيمان به سبحانه...طاعته في كل ما يأمر به ، وينهى عنه، وأما خشيته وتقواه، فما الفرق بين كليهما ؟
خشيته سبحانه على ما مضى من أفعال، وتقواه فيما هو مستقبل من العمر ...خشية الله تعالى عنوان الإيمان به وبحكمه وأمره، وتقواه كذلك ....

ذكر أسلم أن عمر بينما هو قائم في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وإذا رجل من دهاقين الروم قائم على رأسه وهو يقول : أنا أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله . فقال له عمر : ما شأنك ؟ قال : أسلمت لله . قال : هل لهذا سبب ؟ قال : نعم إني قرأت التوراة والزبور والإنجيل وكثيرا من كتب الأنبياء , فسمعت أسيرا يقرأ آية من القرآن جمع فيها كل ما في الكتب المتقدمة , فعلمت أنه من عند الله فأسلمت . قال : ما هذه الآية ؟ قال قوله تعالى : " ومن يطع الله " في الفرائض " ورسوله " في السنن " ويخش الله " فيما مضى من عمره " ويتقه " فيما بقي من عمره : " فأولئك هم الفائزون " والفائز من نجا من النار وأدخل الجنة . فقال عمر : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أوتيت جوامع الكلم )...

ويذكر الشيخ الشعراوي رحمه الله في هذه الآية أن شيخا من شيوخه عبر عن هذه الآية بقوله "إنها برقية من الله تعالى"، هي على قصرها وإيجازها شملت كل ما في القرآن .

فالمؤمن قوله : "سمعت وأطعت"، وفعله طاعة لله ورسوله وخشية الله وتقواه ....

وكلها إن تأملنا من ثمرات الإيمان . ولهذا نعود دوما لقول الصحابة : "أوتينا الإيمان قبل القرآن"، فلما كان هذا، كان تلقيهم القرآن بالسمع والطاعة القولية والفعلية على الأرض سواء بسواء .ويصدق هذا أيضا...أي أسبقية الإيمان في النفوس على القرآن، قوله سبحانه : "إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ".. فهم والإيمان يعمر قلوبهم، التصديق بالله تعالى وتوحيده وإفراده بالعبادة والاستعداد لتقبل كل أوامره ونواهيه، قالوا بعد ذلك وفعلوا لما دُعوا إلى الله ورسوله . فكانوا بقولهم المفلحين، ثم أصبحوا بفعلهم الفائزين ...
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-09-20, 10:21:59
ومن سورة النور أيضا :

وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ(55)

إنه الوعد من الله، "وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ"

الوعد من الله المرتبط بشرطين أساسيّين هما  الإيمان وعمل الصالحات، أن يحقق الله لهم أمورا ثلاثة مرتبطة بعضها ببعض، متلازمة لا يفترق واحدها عن الآخر:

1- الاستخلاف في الأرض.
2- التمكين للدين .
3-تبديل الخوف أمنا .

1-فأما الاستخلاف فمقرون دوما بمسببات من قبل حصوله، وبما يحفظه من بعد حصوله، فأما ما يحققه، فكما عرفنا من هنا الإيمان وعمل الصالحات، وأما ما يحفظه من بعد تحققه، فهو أن يُعمل بأمر الله في الأرض، ويحقق مراد الله تعالى بتعبيد الناس له سبحانه، وبنشر دينه، وبإعلاء كلمته، ويتجلى لنا ذلك في قوله سبحانه :
"قَالُواْ أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِينَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ(129) "

2-وأما التمكين للدين فهو مقرون بما قبله وهو الإيمان وعمل الصالحات اللذان يحققان الاستخلاف، وما يجعله متحققا أيضا العمل بعد هذا الاستخلاف، لأن أساس العمل بعد الاستخلاف في الأرض بالغلبة على العدو، والقوة، أن يعمل المؤمنون على تمكين دين الله تعالى في الأرض والعمل على أن تكون الحياة كلها به . فمتى عرف الله تعالى من المستخلفين هذا العمل والسعي، مكن لهم دينهم .


3-وأما تبديل الخوف أمنا
، فهو من أكبر علامات الاستخلاف والتمكين والقوة، بحيث تكون الغلبة في الأرض للإسلام وأهله، فالأمن السمة الغالبة عليهم عندها، من بعد ما استخلفوا أولا، ثم لما استخلفوا عملوا عمل الاستخلاف الذي يرضي الله تعالى ثانيا فمكّن لهم الدين. فلما مكّن سبحانه للدين عمّ الأمان الأرضَ، واحتمت البشرية بهذا الأمان،ووجدت في الإسلام راحتها وأمنها وطمأنينتها،بما عرفت من أهله المستخلَفين الممكّن لدينهم من عدل وحق، ولم تعد في حاجة للتناحر والتقاتل، بل جاءها ترياقها ودواؤها الذي لطالما غاب عنها.والذي لغيابه عمّت الأرض الحروب، والتناحرات بسبب وبغير سبب، فهؤلاء المؤمنون الممكّنون آمنون، وهذه الأرض بالإسلام آمنة، لا تخاف ....

ثم بعد كل هذا لنتأمل تأكيد الله تعالى على ما يكون بعد كل ما يحققه لعباده المؤمنين العاملين للصالحات، المستخلفين، الممكّن لدينهم، المبدَّل خوفهم أمنا...

"يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ"

 تأكيده سبحانه على ما يجب أن يكون عليه حالهم، والذي هو أساسا أن يعبدوا الله لا يشركوا به شيئا، ألا يطغيهم التمكين وينسيهم عبادة الله على الأرض، وتعبيد الأرض لله، ألا ينسيهم نعيم التمكين والاستخلاف رسالتهم على الأرض التي لا تنقطع ولا تتوقف، والتي ما خلق الله الجن والإنس إلا لأجلها، لعبادة الله تعالى وحده، فأما من كفر بعد كل هذا، والكفر هنا كفران النعمة الحاصلة بوعد الله تعالى، فأولئك فاسقون قد خرجوا من زمرة المؤمنين المستحقين  لدوام تلك النعم عليهم، وبهذا تدور الدائرة عليهم، ويُنتظر أن يأتي غيرهم يحققون الشروط  المبينة ابتداء قبل التمكين والاستخلاف، ثم يحققون على الأرض العمل المناط بهم من بعد الاستخلاف والتمكين والأمن....

وبالتالي فإن التمكين الحقيقي الذي يدوم ويكون له وقعه على الأرض هو الذي يحقق شروطه الأولى قبل حصوله، ثم يحقق شروطه الأخيرة بعد حصوله .

العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-09-21, 09:39:49
من سورة الفرقان :

وَإِذَآ أُلْقُوا۟ مِنْهَا مَكَانًۭا ضَيِّقًۭا مُّقَرَّنِينَ دَعَوْا۟ هُنَالِكَ ثُبُورًۭا ﴿١٣﴾

هؤلاء الكافرون المكذبون بالساعة، فإذا جاءت الساعة، ها هو مصيرهم -عياذا بالله وثباتا منه-...
إذا ألقوا منها مكانا ضيقا، إن المكان الذي سيلقون فيه لهو منها ضيّق !! ضيّق .... ليس فيه حتى السعة، وإن كانت السعة لن تغني عما فيها شيئا.... مقرّنين، مجموعين جماعات بالسلاسل والأغلال، يلقون إلقاء !!

فما دعواهم ساعتها، وقد كذبوا وهم آمنون ؟!! كذبوا ساعة هم ضاحكون منعّمون، حسبوا أن نعيمهم ذاك دائم، وأن ضحكهم دائم!! حسبوا أن الساعة غير آتية، وأن الدنيا قرارهم ومستقرّهم، بل حتى إذا أخرجوا منها لن ينالهم من شيء .... إن هي إلا حياتهم الدنيا وما هم بمبعوثين !

ها هم أولاء ساعة الساعة يُلقون في نار جهنّم إلقاء، بمكان ضيّق منها ! فما تُراها دعواهم؟ أهي "الخلاص الخلاص" ؟ أهي "أخرجنا منها يا ربنا" ؟ أهي "النجدة النجدة" ؟ أهي "الغوث الغوث" ، أهي "المغفرة المغفرة" ؟!!

إنها ليست ذلك من شيء، ولا من ذلك في شيء ! لقد علموا وأيقنوا ألا مفر.... ألا محيص... ألا مهرب.... ألا منجي من عذابه سبحانه، ألا مبدل لكلماته ووعده
إنهم علموا أنه الهلاك .... الهلاك ....فكانت دعواهم ساعة وهم يُلقَون "ثبورا"....!! والثبور هو الهلاك ....

هل لنا بتخيل الهول؟ ! هل بتخيل من يهلك وهو يدعو بالهلاك والخيبة والويل ؟؟!! من يملك أن يدعو بالهلاك والويل وهو يساق إليه؟ إنها ساعة لا بصيص فيها لأمل أو نجاة .... إنها الهلاك .... فلا محلّ إلا للهلاك حتى في دعاء الهالك ....!! "الهلاك الهلاك" "الثبور الثبور"........!!

فيقول لهم المولى الحق، وهو العليم الخبير، هو العالم بهول ما هم فيه، وبهول ما سيلقون حيث ألقوا :

لَّا تَدْعُوا۟ ٱلْيَوْمَ ثُبُورًۭا وَ‌ٰحِدًۭا وَٱدْعُوا۟ ثُبُورًۭا كَثِيرًۭا

اللهم ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة... اللهم نجنا برحمتك... اللهم عافنا من غضبك وعذابك ...
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2013-09-21, 10:58:08
آمين آمين

أحيانا أشعر اننا نتخيل دوما ان هذه الايات خاصة بالكافرين المجاهرين بكفرهم

لكن بعض من يسمون (مسلمين) تصدر منهم تصرفات، تنبيك ان اليوم الاخر والحساب والعذاب والوقوف بين يدي الله  عز وجل ليست على بالهم اصلا
أو كأنهم يظنون انهم اذا لقوا  الله، سينجون بحيلة او اخرى، كما ظن اليهود حين قالوا : {قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُم بِهِ عِندَ رَبِّكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }

اللهم لا تشغلنا بالدنيا عن الآخرة ، ولا تنسنا ذكرك، ولا تهتك عنا سترك، وقنا عذابك يوم تبعث عبادك
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-09-21, 11:24:44
آمين آمين

أحيانا أشعر اننا نتخيل دوما ان هذه الايات خاصة بالكافرين المجاهرين بكفرهم

لكن بعض من يسمون (مسلمين) تصدر منهم تصرفات، تنبيك ان اليوم الاخر والحساب والعذاب والوقوف بين يدي الله  عز وجل ليست على بالهم اصلا
أو كأنهم يظنون انهم اذا لقوا  الله، سينجون بحيلة او اخرى، كما ظن اليهود حين قالوا : {قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُم بِهِ عِندَ رَبِّكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }

اللهم لا تشغلنا بالدنيا عن الآخرة ، ولا تنسنا ذكرك، ولا تهتك عنا سترك، وقنا عذابك يوم تبعث عبادك

آمين يا رب.
ورزقنا الله تذكر ضعفنا في كل حين لنلجأ إليه سبحانه نستهديه دوما ونستغفره، لأن الاعتداد بالنفس من أعظم الأدواء.
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-09-21, 14:37:29
ياللتناقض الذي كان في نفوس الكافرين، وكان من نفوسهم ....!
إنهم كذبوا بالرسل التي أرسلها الله سبحانه تترا....

ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا كُلَّ مَا جَاء أُمَّةً رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُم بَعْضاً وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْداً لِّقَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ(44) -المؤمنون-

وإنهم قد كذبوا برسول الله صلى الله عليه وسلم كما كان دأب أسلافهم من الكافرين مع رسل الله تعالى...

وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓا۟ إِنْ هَـٰذَآ إِلَّآ إِفْكٌ ٱفْتَرَىٰهُ وَأَعَانَهُۥ عَلَيْهِ قَوْمٌ ءَاخَرُونَ ۖ فَقَدْ جَآءُو ظُلْمًۭا وَزُورًۭا ﴿٤﴾ وَقَالُوٓا۟ أَسَـٰطِيرُ ٱلْأَوَّلِينَ ٱكْتَتَبَهَا فَهِىَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةًۭ وَأَصِيلًۭا ﴿٥﴾ -الفرقان-

ثم هُم وأهواؤهم تخدعهم فتفضح تناقضهم وقولهم بالقول، ثم قولهم بضدّه وبما يخالفه... هم أولاء يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتيهم بآية كما جاء بها مَن قبله !!!
بَلْ قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ(5) -الأنبياء-

فهم لا يؤمنون، وهم من ناحية أخرى يقولون أنه كان مِن قبله رُسُل، وأنهم أرسلوا...!فمن ذا الذي أرسلهم ؟!
وأنهم جاؤوا بالآيات، فمن أين جاؤوا بها ؟!
وكيف يكفرون بما بين أيديهم من آيات جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم، ويرون أنها ليست آيات من شاكلة ما جاء به مَن سبقه ؟
كيف عرفوا أن تلك آيات، وأن هذه ليست بآيات؟!
كيف يكفرون بما جاء به مَن هو بين أيديهم، ويستشهدون بما جاء به مَن كفر بهم قومهم؟! أفهم قد آمنوا بهم وهم ليسوا قومهم، ولا في زمانهم... كان أحرى إذن أن يؤمنوا بمن أرسل فيهم وهو منهم، وبما جاء به وهو بينهم ....!!

أي تناقض...!! وأية جُبلة هي جُبلة الكافرين !!
إن هي إلا أهواؤهم تفضح تناقضهم، بقولهم من أفواههم .... !
ولو استسلموا للحق وأذعنوا له لكانوا على صراط مستقيم، ولارتاحت عقولهم، ولما تلاعبت بها الأهواء...ولما تخبطت أقوالهم بين القول وضدّه ....
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-09-26, 09:16:40
من سورة الفرقان

مقابلة لما وصف سبحانه من حال أهل النار المكذبين الكافرين الذين تطاولوا وتجرؤوا فطلبوا أن يروا الملائكة، فأجاب رب العزة، أن يوم رؤيتهم للملائكة إنما هو يوم لا بشرى لهم فيه، وأعمالهم يجعلها الله يومها هباء منثورا .... وما أدق هذا التصوير القرآني !! إذ يشبه الله أعمالهم بذلك الغبار الدقيق المتطاير في الهواء ذرات، لا ترى إلا إذا نفذ من أشعة الشمس شيء تراها فيه متطايرة منثورة نثرا .... سرعان ما تختفي بعد ذلك ...!!


يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَّحْجُوراً(22) وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً(23) أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً(24)

وأصحاب الجنة ؟ كيف حالهم يومها، في اليوم ذاته ؟ ! إنهم خير مستقرا وأحسن مقيلا .... في ذلك اليوم يوم الحساب، يوم تنزل الملائكة تنزيلا، إنه ذلك اليوم العظيم المجموع له الناس من بدء الخليقة إلى آخر من يخلق الله سبحانه وتعالى في هذه الدنيا....

هم يومها خير مستقرا ... فمستقرّهم الجنة، وأحسن مقيلا ....وما المقيل ؟؟ تساءلت.... وهو من القيلولة... تساءلت، وكيف يكون الحديث عن القيلولة في الجنة، وما فيها نوم ؟!

المقيل: موضع القيلولة . و - نوم أو استراحة في الظهيرة .


فإذا معنى الكلمة ذاته يحتمل أن يكون موضع القيلولة، كما يحتمل أن يكون فعل النوم في وقت الظهيرة، أي يحتمل المكان والفعل.
فيكون المعنيّ هنا في الآية أن الأحسن، وهو مكان القيلولة أين؟ في الجنة.

قال ابن مسعود: لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقبل أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار

قال ابن عباس في هذه الآية: الحساب ذلك اليوم في أوله، وقال القوم حين قالوا في منازلهم في الجنة. (بمعنى أن يوم الحساب على المؤمنين لا يأتي منه وقت الظهيرة حتى يكون أهل الجنة بالجنة)

قال الأزهري: القيلولة والمقيل: الاستراحة نصف النهار، وإن لم يكن مع ذلك نوم، لأن الله تعالى قال: وأحسن مقيلاً، والجنة لا نوم فيها.

يروى أن يوم القيامة يقصر على المؤمنين حتى يكون كما بين العصر إلى غروب الشمس.

كما أعجبني في ذلك قول للبيضاوي لم أجده في غيره من التفاسير يوضح ضرب المثل بالمقيل والجنة لا نوم فيها  emo (30):

" وأحسن مقيلاً " مكاناً يؤوي إليه للاسترواح بالأزواج والتمتع بهن تجوزاً له من مكان القيلولة على التشبيه ، أو لأنه لا يخلو من ذلك غالباً إذ لا نوم في الجنة وفي أحسن رمز إلى ما يتميز به مقيلهم من حين الصور وغيره من التحاسيس"

العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-09-30, 16:03:55
وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً(30) -الفرقان-

يالها من شكوى !! يا لها من حقيقة نحياها ...!
إنه صلى الله عليه وسلم عنى بها قومه من قريش الذين كذبوه وكذبوا ما جاء به وقد عرفوا انه الصادق الأمين من قبل أن يصبح رسولا نبيا....
اتخذوه مهجورا... هذا القرآن...لم يؤمنوا به...
فماذا لو علم رسول الله صلى الله عليه وسلم بحال قوم يعرفونه، ويؤمنون به، ويقرؤونه،بل ويحفظه منهم من يحفظه... ولكنه مهجور !! مهجور ما دام حالهم ليس القرآن يمشي على الأرض ...مادام حالهم ليس روح القرآن ...

يقول في ذلك ابن قيم رحمه الله :
هجر القرآن أنواع : أحدها هجر سماعه والإيمان به،والثاني هجر العمل به وإن قرأه وآمن به،والثالث هجر تحكيمه والتحاكم إليه،والرابع: هجر تدبره وتفهّم معانيه. الخامس: هجر الاستشفاء والتداوي به في جميع أمراض القلوب، وكل هذا داخل في قوله تعالى : "وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً"، وإن كان بعض الهجر أهون من بعض ...
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: أسيرة الصفحات في 2013-10-01, 00:35:30
سلام عليكم اختي الحبيبه اسماء اشتقت كثيرا الى هذا الموضوع و قرات اليوم ما كتبته عن سورة الماءده و استفدت كثيرا فبارك الله بك
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-10-01, 07:02:04
أهلا وسهلا بك يا سلمي :) أسعدني وجودك.
ولله الحمد والشكر أن نفعك ما قرأت.
تابعي فبإذن الله أضع هنا الجديد كلما استوقفتني آية.
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-10-06, 09:41:30
سورة الفرقان...
هذه السورة العظيمة من هذا الكتاب العظيم ...القرآن...الفرقان..
إذا ما لامستْ قلوبُنا آياتِها، ردّت آياتها بلمسات أقوى، وأعمق، وبهمسات، وبهزات في حركات هي من حركة الحياة فيها وهي الكلمات...!
"تبارك الذي نزّل الفرقان على عبده"
إنه القرآن... تبارك الذي نزّله على عبده...تبارك الذي كانت هذه مشيئته التي أنفذها... تبارك وتعالى الفعّال لما يريد... الفعّال لما يشاء، وقت ما يشاء، وكيفما يشاء...

المنزّل للفرقان....

"نزّل" على وزن "فعّل"، وهو من التنزيل، أي إنزال على مراحل، فلم يكن إنزالا جملة واحدة...بل كان إنزالا بالتدريج.
الفرقان هو القرآن... هو المفرّق بين الحق والباطل، القرآن الذي نزّله الرحمن مفرّقا بين الحق والباطل، فناسب وصفه بهذا الوصف الدقيق، وهو المرجع الأول والرئيس إذا ما أردنا حقا في كل أمر من أمورنا بدءا من معنى وجودنا على الأرض في هذه الحياة إلى أدق أمورنا فيها.
وإن السورة كلها لمصبوغة بهذه الصبغة ...صبغة التفريق بين الحق والباطل، حقّ الله الحقّ، وباطل البشر الذين يأبون الاهتداء بهَدي خالقهم، فيتخذون أهواءهم آلهة من دونه...
إنها سورة ابتدأت الحديث عن القرآن "الفرقان"... وهي السورة التي نلمس في آياتها دور القرآن في تحديد الأمر الفصل والحياد عن الهزل...
دوره في إظهار الحق وإحقاق قوّته،وإبطال الباطل وإزهاق ضعفه ...
"ليكون للعالمين نذيرا"
رسول الله صلى الله عليه وسلم هو البشير النذير...
إلا أنه في هذه الآية الأولى من سورة الفرقان خُصّ بالنذارة دون البشارة...
فإذا تأملنا وجدنا السورة حافلة بالحديث عن أحوال الكافرين، وموقفهم من الرسول والرسالة، حتى تنوّع وصفهم بين الكافرين، والمشركين، والظالمين والمجرمين...وهُم الذين نزل القرآن وهم على حالهم وموقفهم منه من الصدود، وصد الناس عنه... جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم لينذرهم عاقبة كفرهم وشركهم وإجرامهم وظلمهم، ومحاربتهم للقرآن وللنذير الذي جاء ينذرهم ...
السورة فيها القليل من مآل المؤمنين مقارنة بالكثير من حال المشركين الكافرين ثم مآلهم.
فناسب أن يُخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في مطلع السورة بالنذارة دون البشارة. ولو أن الوصفين سيذكران له لاحقا حينما يفصّل شيء من مآل المؤمنين في أواخرها.

الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً(2)
سبحانه مالك السماوات والأرض...فلم يحتج لأن يكون له ولد يعينه على القيام بملكه، وتصريف أمره...سبحانه الحي الذي لا يموت فلا يخلفه ولد في ملكه من بعده...
ولا كان له من شريك في هذا الملك، وخلق كل شيء...
وكل شيء جعل له قدرا مقدورا...قدّره به بحكمته، سبحانه الذي يقدّر بها لكل شيء خصائصه وصفاته ودوره...
سبحانه المالك الواحد الأحد الفرد الصمد، الغني عن الشريك وعن الولد، الخالق الحكيم المقدّر.
وَاتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ ضَرّاً وَلَا نَفْعاً وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُوراً(3)
كما في الآية السابقة، الذي خلق كل شيء، يتخذ عبادُه –وهم شيء من خلقه- آلهة من دونه، وهذه الآلهة مخلوقة لا تَخْلُق! بل لا تملك ضرا ولا نفعا ولا حياة ولا نشورا...

إنها لا تملك شيئا من هذا فكيف تملك أن تخلق؟ وكيف يعبد الإنسان ما لا يملك شيئا من هذا ؟! بل يعبد مخلوقا مملوكا للخالق، الخالق مالك كل شيء...مالك السماوات والأرض وما فيهما، وما بينهما .
وسواء كان المعبود من دون الله صنما أو ملائكة أو عبدا من العباد...سواء كان حيا أو جمادا من الجمادات...فكلٌّ لا يملك حياة ولا موتا ولا نشورا ...
هكذا بتنكير الموت والحياة "موتا ولا حياة ولا نشورا"
أي نوع من أنواع الموت، وأي نوع من أنواع الحياة ليس المعبود من دون الله لها مالكا...
اما الله جل في علاه فهو خالق الموت والحياة...

تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(1)الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ(2) -الملك-
هكذا بالتعريف، "الموت" و"الحياة" سبحانه خالق الموت والحياة ومالك النشور ويومه ...
ومقابلةً بين هذا الحقّ المبين المبيّن بالآيتين الأولَيَين...الفرقان( القرآن) الذي هو كلام الله الذي نزّله على عبده، والله المالك الواحد الخالق، القدير القادر المقدّر...
مقابلةً بين هذا الحقّ وبين ما يبينه العلي القدير سبحانه في الآيات الموالية من باطل هو من صنع الإنسان المخلوق، الجحود، الكنود، الذي يكفر بخالقه ويتخذ من دونه آلهة، فيكون ذلك أول باطل يصنعه بهواه...أن يعبد غير الله فيتفرّع عن هذا الباطل باطل يتْرا تباعا ...
وكيف لا يُولَد الباطل ألوانا وضروبا، وقد كان الرحمُ والأساس الباطل الأكبر والظلم الأظهر. ظلم الإنسان نفسه بكفره بربّه !!
فها هو ذا الباطل يتْرا ...

يتبع بإذن الله

العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-10-07, 10:47:54
سورة الفرقان (2)

وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاؤُوا ظُلْماً وَزُوراً(4) وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً(5)

إنه الإفك المفترى.... ممّن يا تُراه ؟
من الذي كانوا هُم أنفسهم يسمونه الصادق الأمين...
من الذي كانوا يحكّمونه ويرتضون تحكيمه...
من الذي اعتلى الصفا، ينادي ويصدع بالدعوة، ويجهر كما أُمِر، وهو يسألهم: "أرأيتكم إن أخبرتكم أن خيلا تخرج من سفح هذا الجبل أكنتم مصدقيّ ؟ قالوا : ما جربنا عليك كذبا..."

أصبح اليوم وقد جاءهم بالهدى المفتري إفكا أعانه عليه قوم آخرون !
مَن هؤلاء القوم المعينون في زعمكم؟ أم أنّهم "قوم"  هكذا وانتهى..

أفتُلقون بالكلام جزافا في الهواء بلا تعيين ؟المهم عندكم أن تجعلوه موضع شبهة وتهمة ؟!
قد جئتم الظلم، كل الظلم بما قلتم، وجئتم الزور.
ظلمتموه وأنتم أعرف الناس به، وهو منكم،بل من أشرفكم نسبا ومن أظهركم طهرا وصدقا ورجولة...
 قد عرفتم طفولته النابغة، قد عرفتموه طفلا يُستسقى الغمام بوجهه الصبوح الوضيئ، وقد عرفتموه شابا لا ككُل الشباب.. لم يعرف لَهْوَهُم، ولا سمرهم، ولا خفّتهم...بل كان الطاهر الصادق الأمين.

فأي ظلم ظلمكم إياه اليوم؟ وأي زور قولكم فيه اليوم؟!
ألأنه جاءكم بالهدى من ربكم؟ ألأنه النذير الذي جاء منذِرَكم عاقبة كفركم وبغيكم على أنفسكم ؟

وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً(5)
ها هو الظلم والباطل من أفواههم يَترا... تقطر به ألسنتهم سُمّا يريدونه قاتلا، ولكن هيهات هيهات...هيهات أن يقتل السمّ متحصنا بكل مضادات السموم !
ها هُم أولاء  يرون مجدا وعزّا وجاها وسلطانا ومالا يُهدّد بدعوة محمد صلى الله عليه وسلم وبقوة ما جاء به.
ها هُم -وهم يرون فيما جاء به قوة في ذاته، مع قوّته في تبليغه وثقته بربّه- يخافون أن ينال من جاههم ومكانتهم الاقتصادية والاجتماعية ... يخافون على تجارة عُرفوا بها، وعليها تعارفوا، تجارة الأصنام والأوثان، وأنهم حُماة البيت وخَدَمته..

بيت يطوف حوله الناس عراة، وما طوافهم وعبادتهم إلا مكاء وتصدية! والأصنام من حوله أرباب تُعبد، ولها القرابين تَبذل، يتخذونها شريكا من غير سلطان أنزله الواحد الأحد الذي لا شريك له في الملك ولا ولد.
ها هو الظلم يَتْرا...وها هو الباطل منهم يتتابع...

قالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا ...!!
منذ متى يا قومه، يا مَن هو منكم، عرفتم فيه رُكونه للأساطير وأهلها؟!
أو لو كان هذا ديدنَه وتلك عادته، أما كنتم لتعرفوه بها من قبل؟!
أولم تكونوا تعلمون أنه أبعد الناس عنها، بل أبعدكم أنتم عنها وعن تداولها...
وعن دَنايا الفِعال كلها من قبل أن يأتيكم بما به بُعث؟ أو لم يكن أكرهكم للأصنام وعبادتها، وأنآكم عن حبها والتقرب إليها...
ألم يكن يُعرف بكرهه لها ولذكرها؟ متعففا عن اتخاذ المصنوع المنحوت إلها يعبد؟
أولم تكونوا من عهد قريب تستأمنونه وترضون حكمه؟
أو لم تقولوا فيه ساعة خطب خديجة أشرف نسائكم: "هو الفحل لا يُقرع أنفه" ؟!

منذ متى عرفتم فيه كذبا؟ وهل يصدق على الصادق الذي لا يقول ولا يفعل إلا صدقا أن يكون مصدقا بالأساطير ، ملبّسها لبوس الحق ، داعيا إليها؟!
ها أنتم تصفون الأساطير بـ"الأساطير"، تعرفون أنها الاختلاق والكذب والأوهام، فكيف يليق أن يقع في خاطر الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم أنه قد ينجح في الاعتداد بالأساطير، بل ونشرها على أنها الكلام الذي لم يُسبق؟!

أما إن كنتم ترون في الدعوة الأولى والواحدة من كل مَن سبق من الرسل إلى إفراد الله تعالى بالعبادة، وتوحيده أساطير الأولين، فتلك أخيلتكم وأهواؤكم قد قلبت الحق باطلا والباطل حقا...
قلبت توحيد الله تعالى أسطورة، وقلبت اختلاق الآلهة وعبادتها من دون الله الواحد دينا حقا ...! فما يؤخذ من ألسنتكم وإملاءات أهوائكم حقّ، بل يؤخذ الباطل يعمّي على المبصرين الرؤية، ويبحر بهم في دياجير الضلال والظلمة .

إن هي إلا الأباطيل من القول تملونها، وتُملى عليكم بكرة وأصيلا لتصموه صلى الله عليه وسلم بالشبهة ، لتلفقوا له التهمة ليس إلا ...
ولتعلنوا على الله وعلى رسوله وعلى رسالته الحرب شعواء بلا وجه حق .
ولتعلنوا أنكم رافضون، صادون، موصدون كل باب للرويّة والتملّي والتأمّل والبحث والفهم والتبصّر...!

قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً(6)
ومقابل الباطل الذي تنضح به أنفسهم لينطلق من ألسنتهم رصاص حرب باطلة، ولتعلنه جوارحهم حربا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسالة الله سبحانه وأمره في الأرض قاطبة...
الله جلّ في عُلاه يبيّن لنبيه صلى الله عليه وسلم ويعلمه ما يردّ به من حق على باطلهم وتقوّلهم، قولا فصلا، ليس فيه مراوغة ولا مراودة، ولا مداهنة، بكل حزم، وهو الأمر الأهمّ في الرسالة كلها، بل هو رأس الرسالة والدعوة، إنه أمر العقيدة

"قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض"
فهو سبحانه يعلم ما أسررتم أيها المكذبون، فكيف بما أعلنتم وقلتم وأشعتُم؟!
ورغم علمه بكل سركم وبكل تآمركم، وبكل ما تسرونه مكيدةً ومكرا وتخطيط إهلاك لرسول الله وللرسالة... فقد أنزله...
وإذا ما تأملنا لعرفنا القوة كل القوة في هذه الكلمات، كلمات الحق من الله الحق تسرّي عن حبيبه بالحق لا بالأماني ولا بالتمنّي. تقوّيه، تشدّ من أزره وتثبّته أنه على الحق، وأنّ ما بعث به بُعث به هو من عند الله الذي يعلم ما يسرّه المجرمون، وما سيعلنونه من حرب عليه، فلا مجال لأن يحمل همّها ويظن بالدعوة الهلاك وقد أحاط بها المحاربون .

يا محمد إن الله أنزله وهو يعلم كل كيد وكل مكر يعدونه. فهو وقد أنزله يعلم سبحانه قوّته، وأنه ناصر به عبده، هازم ومذلّ وخاذل به عدوّه.
فأي تأييد وأي تثبيت من الله بهذا التحدي الإلهي الحق للباطل وأهله ؟!!
ولننظر كمّ ما تعرضه هذه السورة العظيمة من أباطيل أهل الباطل، وما يقابلها من حق يزهقه ...

وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً(7)

وما يزال باطلهم يتتابع، ويترا، وهُم لم يعد يؤُدُهم التصريح به وإن ناقض بعضه بعضا، وإن بدا تلفيقا وظلما صارخا، وكلاما هواء لايُبنَى ولا يبني،كل ما يهمهم تلفيق التهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والتشكيك بما جاء به داعيا، ووصمه بكل شبهة، غايتهم أن يعلنوها حربا كيفما كانت الطريقة ..
وها هم وقد قالوا قبل قليل أنه الإفك المفترى، المستعان عليه بقوم آخرين، وأنه الأساطير تملى عليه بكرة وأصيلا، يعودون هنا ليصفوه بـ "الرسول".
فهم بهذا لا ينكرون وصف "الرسول" بحدّ ذاته، ولكنهم يريدون تكذيبه.

إنّ في موروث مما تناقلوا من أخبار مَن قبلهم "الرسالة"، والرسول"
ولكنهم يريدون الإنكار والجحود والتكذيب لغاية في أنفسهم دنيوية تحملهم على الضلال  وارتضائه لقاء متاع من الدنيا قليل.

"وَلَكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَاءهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْماً بُوراً(18)

إنه يأكل الطعام ويمشي في الأسواق... هذا ما جعلوه حجة لكفرهم وتكذيبهم...!!
"لولا أنزل إليه ملك ليكون معه نذيرا"
إنهم أيضا يعرفون "المَلَك"، في مخزونهم المتوارث. يعرفون هذا، ولكنهم قوم مكذبون بالحق الذي جاءهم كما كذب الذين من قبلهم.
إن الله سبحانه وتعالى قد بعث رسله وأنبياءه بهديه للأرض ولكن أبى أكثر الناس إلا كفورا، ومع كفرهم وجحودهم وتعنّتهم وتجرئهم على الله، مازال ذلك المخزون المعرفيّ متوارثا بالأسماء.يحمل الأسماء، يعي معناها، ولكنه يكفر بها، ولا يؤمن... إنه الإنسان إذ يظلم في الأرض وأكبر الظلم ظلمه نفسه، بأن يبعدها بهواه عن المراد من خلقه وإيجاده على الأرض، عن معرفة ربّه والإذعان لأمره.

أيها المكذبون، المتوارثون للأسماء أسماء، الجاحدون معناها، الكافرون بها، ماذا ينفعكم -وقد توارثتم الكفر والجحود- أن ينزل مع الرسول مَلَك ؟!
ألاّ يأكل الطعام وألاّ يمشي في الأسواق؟! وماذا بعد؟
إن لم يكن قد نفعكم مَن هو منكم، وتعرفونه، بشر مثلكم يريكم إذعانه وطاعته لربه ليكون لكم قدوة وأسوة، وهو البشر مثلكم، أفينفعكم مخلوق من نور لا يأكل ولا يشرب، ولا يمشي في الأسواق؟
ساعتها أكنتم ستؤمنون أم كنتم لتقولوا إنه المَلَك، إنه المخلوق من نور فأنّى لنا ونحن البشر الطينيون أن نصنع صنيع الملائكة ؟!

وَقَالُواْ يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ(6) لَّوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلائِكَةِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ(7) –الحجر-

يالظلمكم الصارخ!تسمّون الأسماء التي بها تكفرون، وتجعلونها طلبكم واقتراحكم الباطل على الملك الحق كيف تكون دعوته إياكم! وإلى عبادته!
بئس الحجة لكفركم، وحاشا لله العظيم الفعّال لما يريد أن ينصاع لرغبة بشر ."لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ(22) لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ(23)"–الإسراء-

أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَّسْحُوراً(8)

"أو" .... إنهم يخيّرون إرادة الله تعالى !
يخيرون إرادة الحق بباطلهم الذي لا يستكبرون إعلانه."أويلقى إليه كنز أو تكون له جنة يأكل منها"
أليستغني عن المشي في الأسواق؟ وعن الاسترزاق؟
أليفرض نفسه عليكم بسلطان المال الذي أرداكم في هاوية الدنيا ، فما أنتم واجدون لكم منها الفِكاك.؟! والذي لأجله تحاربون صاحب الدعوة لرب الكون ومالكه ومالككم..ألأنّ سلطان الجاه والمنصب والمال عندكم هو الرب المعبود ؟!

محمد ليس هذا،ولم يكنْه، ولن يكونه يوما...ورسالة محمد صلى الله عليه وسلم جاءت لترقى بروح الإنسان عن دنايا الدنيا وزوائلها إلى ما فيه الخلود والبقاء والدوام، إلى نعيم مقيم غير زائل، ودار دائمة غير فانية.

"وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا"
قالوها وهم يتخيّرون بين الكلام ما يقولون، بين التهم ما يلفقون، بين الأوصاف ما به يصفونه...
فتحيروا ولم يجدوا فيه شيئا مما اجتمعوا عليه ليختاروه وصفا له...
لقد علموا أن الذي جاء به الحق القوي الذي يستميل القلوب، ويشفيها من عللها وأدوائها، فإذا الآية والآيتان، أو السورة تفعل فعلها بالقلوب، فتقلبها من حال إلى غير حال، من كفر إلى إيمان، من خرافة وخيال إلى واقع وحقيقة كائنة ومحققة، ولعلّ أجمل تعبير عما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من وحي رب العزة وكلامه، ما قاله واحد من كفارهم وكبرائهم، كان الوليد بن المغيرة حينما اجتمعوا إليه يتباحثون الرأي في وصف محمد صلى الله عليه وسلم لمَن سيؤمّون البيت حجاجا من بقاع العرب في موسم الحج، ليقرروا الوصف الذي سيبلّغونهم عنه ...
فقال وهو لا يجد له نظيرا بين السحار ولا بين الكهان ولا بين الشعراء
"والله إن لقوله لحلاوة ، وإن أصله لعذق ، وإن فرعه لجناة..."
ويقررون وصفه بالساحر الذي يفرق بين المرء وزوجه ....

يتبع بإذن الله
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-10-08, 16:28:22
سورة الفرقان (3)

انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً(9)

انظر يا محمد كيف ضربوا لك الأمثال، فهم تارة يصفون ما جئت به بالإفك الذي أنت مفتريه،وتارة يصفونه بالأساطير التي تملى عليك، وأخرى يتحججون فيها لكفرهم بمشيك في الأسواق، وأكلك الطعام كما يأكلون ..وأخرى يشترطون لك فيها الجاه والمال والسلطان بالكنوز والجنة ماثلة لأعينهم.
فأي أمثال هي من وحي باطلهم، وحقدهم وضعفهم أمام قوة القرآن وقوة تأثيره في النفوس ؟!
إن هي، هيَ إلا الإفك المفترى الذي تظاهروا عليه،والظلم البين، والتلفيق والاتهام، والوصم بالأكاذيب المختلقَة ..
تعاونوا وتظاهروا عليه لمحاربة الله ورسوله،فضلّوا كل الضلال، فليست لهم أدنى قدرة على تبيّن سبيل الحق.

وهنا أورِدُ كلاما جميلا للدكتور حسام النعيمي، قارن فيه بين ورود كلمة "سبيل" معرّفة بالألف واللام مرة واحدة في سورة الفرقان، وورودها نكرة فيها ست مرات:
"كلمة السبيل عندما تقف  عليها تقف على السكون. والسكون فيه معنى الاستقرار والسكون و السبيل المعروف هو الإسلام. عندما تأتي كلمة السبيل بالألف واللام وهي لم ترد في القرآن إلا في ثلاثة مواضع منها الآية في سورة الفرقان محل السؤال (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ (17)) والسبيل هنا يعني سبيل الإسلام (أل) مع "سبيل" تعني الإسلام والآيات الست الأخرى في سورة الفرقان ليس فيها أل: ثلاث منها ليس فيها مجال إلا أن تُنصب والمنصوب في الآخر يُمدّ لأنه جاء تمييزاً آخر الآية منصوب فمُدّت الفتحة (أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (44)) تمييز(الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا (34)) تمييز (إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آَلِهَتِنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا (42)) تمييز وفي الآية (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27)) .
لم يأت بـ(أل) وجاء بكلمة سبيل منكرة وهنا حتى يشير إلى أي سبيل يعني يتمنى لو اتخذ مع الرسول سبيلاً أيّ سبيل: سبيل المجاهدين، سبيل المنْفقين، سبيل الملتزمين بالفرائض، سبيل المحافظين على النوافل، أو غيرهم وكلها تصب في سبيل الله. وعندما قال سبيلاً جعله نكرة بما يضاف إليه. وعندما يقول "السبيل" فهو يعني الإسلام خالصاً فالظالم يعض على يديه يتمنى لو اتخذ مع الرسول أي سبيل منج له مع الرسول وليس سبيلاً محدداً. والآية الأخرى (انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا (9)) ايضاً لا يستطيعون أي سبيل خير أو أي سبيل هداية."

تَبَارَكَ الَّذِي إِن شَاء جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِّن ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَل لَّكَ قُصُوراً(10)

تبارك سبحانه وتعالى وهو الذي يجعل لرسله ما شاء إن شاء.
مشيئته هي التي تمضي لأنها الحكمة التامة والعلم الكامل الدقيق بكل دقائق الأمور، دون أن ينتظر سبحانه اقتراح مقترح أو رأي بشر ممن خَلق...ولكنه سبحانه يفعل ما يشاء،في الوقت الذي يشاء،ولو شاء لجعل له بدل الجنة جنات، وبدل الكنز والقصر قصورا،فملكه عظيم ولا ينقص منه شيء وإن أعطى لكل من خلق ما أراد وما أحب، وفوقه...ولكنه سبحانه بعث عبده بما هو أسمى ولما هو أسمى من كل هذا وأبقى من كل هذا، سبحانه منزّل الفرقان عليه مفرّقا بين الحق والباطل ليكون للعالمين نذيرا ...

بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً(11)

وتأتي هذه الآية بالسبب الذي يفصل به المولى عز وجل في حالهم ، وهو السبب الآكَد والرئيس لكل تراهاتهم، وتخرصاتهم وأباطيلهم. إنه تكذيبهم بالساعة.
هذا التكذيب الذي جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم لينذر الناس عاقبته، ويصف حالهم  في السعير وهم ملقون في مكان ضيق منها ينادون بالثبور والويل وهم متيقنون ألا محيص لهم ساعتها ولا مهرب.

إِذَا رَأَتْهُم مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً(12)

مَن الذي يرى؟ ومن الذي يسمع ؟
إن الذي يرى هي النار ذاتها، هي جهنم -عياذا بالله منها-، جهنم تراهم من مكان بعيد، فيشتد غضبها، وهي المأمورة بإنزال العذاب بهم، بها زبانية يفعلون ما يؤمرون، ولما يشتد غضبها لله وهي أمَته المطيعة، يُسمع لها صوت غضب  عظيم، وهُم الذين يسمعونه... !
يسمعون صوت تغيظها، كما صوت زفيرها( أي صوت إخراج النَّفَس)... والعياذ بالله... من فرط تغيظها يصدر هذا الزفير !
وكما أن لها زفيرا فإن لها شهيقا أيضا ... فأما زفيرها فحين تراهم من بعيد، وأما شهيقها فحين يلقَون فيها ...
إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ(7)-الملك-

وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُوراً(13)


وَإِذَآ أُلْقُوا۟ مِنْهَا مَكَانًۭا ضَيِّقًۭا مُّقَرَّنِينَ دَعَوْا۟ هُنَالِكَ ثُبُورًۭا ﴿١٣﴾

هؤلاء الكافرون المكذبون بالساعة، فإذا جاءت الساعة، ها هو مصيرهم -عياذا بالله وثباتا منه-...
إذا ألقوا منها مكانا ضيقا، إن المكان الذي سيلقون فيه لهو منها ضيّق !! ضيّق .... ليس فيه حتى السعة، وإن كانت السعة لن تغني عما فيها شيئا.... مقرّنين، مجموعين جماعات بالسلاسل والأغلال، يلقون إلقاء !!

فما دعواهم ساعتها، وقد كذبوا وهم آمنون ؟!! كذبوا ساعة هم ضاحكون منعّمون، حسبوا أن نعيمهم ذاك دائم، وأن ضحكهم دائم!! حسبوا أن الساعة غير آتية، وأن الدنيا قرارهم ومستقرّهم، بل حتى إذا أخرجوا منها لن ينالهم من شيء .... إن هي إلا حياتهم الدنيا وما هم بمبعوثين !

ها هم أولاء ساعة الساعة يُلقون في نار جهنّم إلقاء، بمكان ضيّق منها ! فما تُراها دعواهم؟ أهي "الخلاص الخلاص" ؟ أهي "أخرجنا منها يا ربنا" ؟ أهي "النجدة النجدة" ؟ أهي "الغوث الغوث" ، أهي "المغفرة المغفرة" ؟!!

إنها ليست ذلك من شيء، ولا من ذلك في شيء ! لقد علموا وأيقنوا ألا مفر.... ألا محيص... ألا مهرب.... ألا منجي من عذابه سبحانه، ألا مبدل لكلماته ووعده
إنهم علموا أنه الهلاك .... الهلاك ....فكانت دعواهم ساعة وهم يُلقَون "ثبورا"....!! والثبور هو الهلاك ....

هل لنا بتخيل الهول؟ ! هل بتخيل من يهلك وهو يدعو بالهلاك والخيبة والويل ؟؟!! من يملك أن يدعو بالهلاك والويل وهو يساق إليه؟ إنها ساعة لا بصيص فيها لأمل أو نجاة .... إنها الهلاك .... فلا محلّ إلا للهلاك حتى في دعاء الهالك ....!! "الهلاك الهلاك" "الثبور الثبور"........!!

فيقول لهم المولى الحق، وهو العليم الخبير، هو العالم بهول ما هم فيه، وبهول ما سيلقون حيث ألقوا :

لَّا تَدْعُوا۟ ٱلْيَوْمَ ثُبُورًۭا وَ‌ٰحِدًۭا وَٱدْعُوا۟ ثُبُورًۭا كَثِيرًۭا

اللهم ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة... اللهم نجنا برحمتك... اللهم عافنا من غضبك وعذابك ...

وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاء أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ(17)

ويصف سبحانه كيفية حشرهم، وسؤال معبوديهم "أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل"
ياللهول !! إنه لا حجة لأحد يومها أنه بريئ وأن الجُرم والإثم على من أضله...!!

أفلا نتأمل هذا الكلام الدقيق العميق؟! أفلا ندرك قوته؟
إنه لا حجة لإنسان أنه مُضلَّل، مغرر به مسكين، فربّ العزة ما خلق له هذا العقل إلا ليستخدمه أول استخدامه في معرفة ربه وإدراك عظمته. وليس لأحد على أحد وصاية، لا يُبرؤ عقل خلقه الله ليفكر ويعقل فيعرف ربه...
ليس يتبرأ يومها أحد من جرم نفسه، فيلقيه على غيره ليتخلص أو ليرى نفسه ناجيا ويرى مضلّه معذّبا بما أضله !
يا إلهي إنه لا مهرب لصاحب نفس يومها من جرم نفسه ومن فعل نفسه بنفسه!!

إنهم قد ضلّوا السبيل إذ لم يتبعوا الحق ولم يكونوا مسلمين، سواء أكان ذلك من عمل المضلّين أو من غيره.
 فمالهم إذن وهم يتبعون لم يتبعوا الهدى؟ لم يتبعوا الرسل، لم يتبعوا داعي الحق؟ بل اتبعوا داعي الباطل واتبعوا كل ناعق بهوى، واتبعوا كل مضلّ، واتبعوا آباءهم وما تركوهم عليه، أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ؟!
وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ(170) وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ(171)-البقرة-

ليس ذلك إلا من أنفسهم ومن أهوائهم التي مالت عن الحق إلى الباطل...
كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ(38) -المدثر-

ويأتي الجواب الأصعب على هذا السؤال الصعب، وأي جواب؟ وكيف هو الجواب ؟!
جواب الذين عبدوهم، وكانوا يتمنون رضاهم، ثم سمّوهم المضلّين يوم الحشر واللقاء برب العزة.
قالوا: سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء
فلنتأمل: قد كان السؤال"أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء؟"، فكان الجواب:"ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء".
وكأنه سبحانه قد سأل المعبودين ذاتهم، لا العابدين، وكأنه سأل المعبودين عما إذا كانوا عبدوا هُم غير الله .

يأتي جواب المعبودين، أنهم هُم ذاتهم عباد الله، مذعنون لخالقهم، هُم ذاتهم عابدون لله الذي خلقهم، لا معبودون، وأنهم خلق من خلقه...
أفلا نرى من هذا الجواب الدقيق كيف هُم قد اتخذوا من خُلِق ولا يَخلق، حتى يأتي يوم اللقاء ليسمعوهم يقرون بأفواههم بأنهم المخلوقون العابدون لخالقهم، يقرّون ما قد أقرّه الله تعالى عليهم في قوله : "وَاتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ ضَرّاً وَلَا نَفْعاً وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُوراً(3)"

لقد كانوا قوما بورا...وصفة "بورا" من البوار...
البُور : الفاسد لا خيْر فيه ( للمفرد وغيره ) .و البُور الأَرض البائرة .
الأرض التي لا تُنبت، ينزل الماء عليها ولكنها لا تُنبت، تماما كحالهم، والقرآن قد نزّل، وهدى الله بين ظهرانيهم في شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم قرآنا يمشي على الأرض.
فإذا أنفسهم أرض بور، لا تعرف هدى، ولا تُنبت هدى...

يتبع بإذن الله

العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-10-10, 13:26:54
سورة الفرقان (4)

وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً(20)

ويأتي الفرقان ليفرق بين الحق وبين باطلهم...وهو صبغة هذه السورة العظيمة، إذ يأتي قولهم الباطل، ويليه قول الله الحق ليُزهقه، وليعلم نبيّه الرد على باطلهم بالحق، وليعلّمنا مقدار تخرّصهم وعظمة حق كلمات الله تعالى ...

هنا يثبّت المولى عز وجل نبيّه الكريم عليه صلوات الله وسلامه،بذكر حال كل من كان قبله من الرسل، وأن أكله الطعام، ومشيه في الأسواق لم يكن بدعة فيه، وما كان هو بدعا من الرسل، بل كان كلهم يمشي في الأسواق،ويأكل الطعام، وهكذا شاء الله، وهكذا مضت مشيئته وسنّته فيهم جميعا، وهكذا كان المكذبون من الناس يكذّبون سنّة من سنن الله تعالى ماضية.قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ(33) -الأنعام-

وفعلا إننا لنعلم أنهم أكثر الناس معرفة بصدق محمد صلى الله عليه وسلم، وقد كان فيهم وليدا ثم شبّ بينهم، ثم أرسل إليه من رب العزة بين ظهرانيهم وهم أعرف الناس بأمانته وصدقه، وأنه أبعدهم جميعا عن الكذب والنفاق والتخرّص وعن كل خوارم المروءة.
ولكنهم رغم ذلك كله، ولما جاءهم بالحق من الله تعالى، جعلوا يتهمونه بالكذب والاختلاق، وجعلوا يستهزئون به، ويصفونه بأبشع الأوصاف وأبعدها عن شخص محمد الذي يعرفونه . وبالتالي فهم يجحدون بآيات الله تعالى، كما جحد بها الذين من قبلهم. فالجحود غير التكذيب.تكذيبهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم في حقيقة أمرهم، وفيما بين بعضهم بعضا، وفي خاص مجالسهم غير متحقق ما داموا متيقنين من أنه لا يكذب، ولكن آفتهم الكبرى أنهم يجحدون بآيات الله تعالى، والجحود هو إنكار المعروف من الأمر مكابرة .

وبالتالي فمشيئة الله الماضية أن كل رسله يمشون في الأسواق ويأكلون الطعام، وهم بشر ممن خلق ولم يكونوا ملائكة، ومشيئة الله هذه هي التي يجحدونها، وينكرونها تكبرا ومكابرة .

" وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً "

فالسقيم مبتلى بالصحيح ، والتعيس مبتلى بالسعيد ، والفقير مبتلى بالغني، والرسل فتنة للمرسلين، والكفار فتنة للرسل،وهكذا...
هي امتحانات من الله تعالى ليرى مدى صبر الواحد منا في كل امتحان يوضع فيه.

وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءنَا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْ عُتُوّاً كَبِيراً(21)

وقد عرفنا فيما سبق اعتراض الكافرين على القرآن، ووصفه بالإفك المُفتَرَى، وأنه الأساطير، واعتراضهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكيف يكون بشرا كما البشر، وكيف لا ينزل إليه ملك يؤيده، وكيف لا يُخصّ بالمال والزينة العظيمة.
ثم ينتقل باطلهم بكل وقاحة وسفاقة إلى ذات الله عز وجل، فمِن التكذيب برسول الله صلى الله عليه وسلم،وبمشيئة الله التي يمضيها، إلى التجرؤ على الله سبحانه:وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءنَا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْ عُتُوّاً كَبِيراً(21)

و "الرجاء" هنا بمعنى الخوف، فهم لا يخافون يوم لقاء الله تعالى، ولا يحسبون لذلك اليوم حسابا، فانتقلوا من رسول الله والرسالة إلى باعث الرسول ومكلّفه بالرسالة ، فمن انعدام خوفهم لقاءه هم يسألون تنزيل الملائكة عليهم، لا يستكثرون على أنفسهم هذا،بل يرون أنفسهم أعلى منزلة من الأنبياء والرسل... وفعلا كان هذا اعتقادهم حتى قالوا، كما جاء في قوله سبحانه وتعالى عنهم:وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ(31)-الزخرف-

كما لا يخافون طلب رؤية الله عيانا، شأنهم شأن كل متكبر من قبلهم، شأن بني إسرائيل الذين طلبوها من سيدنا موسى عليه السلام:وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ(55)-البقرة-

أفئن كنتم أصحاب عقول-وأنتم قبل قليل استكثرتم أن يكون الرسول بشرا- كيف تستسهلون بعدها رؤية الخالق، مرسل الرسل، ومالك الملك؟!!
أو كيف تتخيلون تنزّل الملائكة عليكم، وأنتم قبل قليل تستكثرون أن يكون الرسول بشرا يأكل الطعام ويمشي في الأسواق؟! أم أنها حلال عليكم تليق بكم، حرام على غيركم لا تليق بهم؟! يا أبناء كِبركم... ويالهول ما يصنع الكِبر بصاحبه!

ثم سألتم ما هو أكبر... أمعنتم في الكِبر والاستكبار حتى سألتم رؤية الله جلّ في عُلاه. سبحانه الذي يدرك الأبصار ولا تدركه الأبصار.
لنتأمل...لندقق... فإذا الاستكبار داء يجعل الإنسان يؤلّه نفسه، يؤلّه عقله، فلا يعود يرى فوق نفسه شيئا ...

لنتأمل فإذا الآيات السابقة بدءا من الآية 4فـ 5 فـ 7 فـ 8 ، كانت تصف أباطيل الكافرين بتقوّلهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى القرآن الباطلَ والزور والمنكر والكذب تلفيقا واتهاما.
أما في هذه الآية (21) فقد وصفهم الله تعالى بـ "الذين لا يرجون لقاءنا"
الذين لا يخافون لقاء الله، ولا يؤمنون به، ودفعهم استكبارهم ونكرانهم يوم حساب بين يدي الله أن سألوا رؤية الله، وتنزّل الملائكة عليهم فهؤلاء المستكبرون تأتي الآية الموالية تصفهم بــ:المجرمين :

يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَّحْجُوراً(22)

وتصف هول ما ينتظرهم وشُؤمه...يوم يرون الملائكة حقا،ولكن أي رؤية وأي نذارة لهم يوم رؤيتهم لا بشارة... يوم الحساب، يوم الحشر...
يوم يجعل الله أعمالهم هباء منثورا، يوم لا يمضي ذلك اليوم على أصحاب الجنة كمضيّه على الكافرين، يوم مقداره خمسون ألف سنة، فإذا هو على المؤمنين أهل الجنة كصلاة مكتوبة.
"أنَّهُ يُخفَّفُ الوقوفُ عنِ المؤمنِ حتى يكونَ كصلاةٍ مكتوبةٍ."    الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث: ابن حجر العسقلاني - المصدر: فتح الباري لابن حجر - الصفحة أو الرقم: 11/456 خلاصة حكم المحدث: إسناده حسن

أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً(24)

مقابلة لما وصف سبحانه من حال أهل النار المكذبين الكافرين الذين تطاولوا وتجرؤوا فطلبوا أن يروا الملائكة، فأجاب رب العزة، أن يوم رؤيتهم للملائكة إنما هو يوم لا بشرى لهم فيه، وأعمالهم يجعلها الله يومها هباء منثورا .... وما أدق هذا التصوير القرآني !! إذ يشبه الله أعمالهم بذلك الغبار الدقيق المتطاير في الهواء ذرات، لا ترى إلا إذا نفذ من أشعة الشمس شيء تراها فيه متطايرة منثورة نثرا .... سرعان ما تختفي بعد ذلك ...!!


يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَّحْجُوراً(22) وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً(23) أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً(24)

وأصحاب الجنة ؟ كيف حالهم يومها، في اليوم ذاته ؟ ! إنهم خير مستقرا وأحسن مقيلا .... في ذلك اليوم يوم الحساب، يوم تنزل الملائكة تنزيلا، إنه ذلك اليوم العظيم المجموع له الناس من بدء الخليقة إلى آخر من يخلق الله سبحانه وتعالى في هذه الدنيا....

هم يومها خير مستقرا ... فمستقرّهم الجنة، وأحسن مقيلا ....وما المقيل ؟؟ تساءلت.... وهو من القيلولة... تساءلت، وكيف يكون الحديث عن القيلولة في الجنة، وما فيها نوم ؟!

المقيل: موضع القيلولة . و - نوم أو استراحة في الظهيرة .


فإذا معنى الكلمة ذاته يحتمل أن يكون موضع القيلولة، كما يحتمل أن يكون فعل النوم في وقت الظهيرة، أي يحتمل المكان والفعل.
فيكون المعنيّ هنا في الآية أن الأحسن، وهو مكان القيلولة أين؟ في الجنة.

قال ابن مسعود: لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقبل أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار

قال ابن عباس في هذه الآية: الحساب ذلك اليوم في أوله، وقال القوم حين قالوا في منازلهم في الجنة. (بمعنى أن يوم الحساب على المؤمنين لا يأتي منه وقت الظهيرة حتى يكون أهل الجنة بالجنة)

قال الأزهري: القيلولة والمقيل: الاستراحة نصف النهار، وإن لم يكن مع ذلك نوم، لأن الله تعالى قال: وأحسن مقيلاً، والجنة لا نوم فيها.

يروى أن يوم القيامة يقصر على المؤمنين حتى يكون كما بين العصر إلى غروب الشمس.

كما أعجبني في ذلك قول للبيضاوي لم أجده في غيره من التفاسير يوضح ضرب المثل بالمقيل والجنة لا نوم فيها  emo (30):

" وأحسن مقيلاً " مكاناً يؤوي إليه للاسترواح بالأزواج والتمتع بهن تجوزاً له من مكان القيلولة على التشبيه ، أو لأنه لا يخلو من ذلك غالباً إذ لا نوم في الجنة وفي أحسن رمز إلى ما يتميز به مقيلهم من حين الصور وغيره من التحاسيس"

يوم يُرى الملائكة وينزّلون، هو يوم تشقق فيه السماء بالغمام:وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاء بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنزِيلاً(25)
هو اليوم الموعود، نعم ستتنزّل الملائكة حقا في هذا اليوم، وسيرونها حقا، ولكن لا بشرى يومئذ للمجرمين، لا بشرى لهم وقد تنزّلت الملائكة في يوم تمنوا لو أنه لم يحن أوانُه، يتمنون ساعتها لو لم يروا الملائكة !!
وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ(12) -السجدة-

يتبع بإذن الله


العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: زينب الباحثة في 2013-10-10, 15:25:14
السلام عليكم ^_^

(وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين)

ما معنى من مثله
ولماذا لم يقل "مثله" مثل بقية آيات التحدي؟
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-10-11, 09:34:01
السلام عليكم ^_^

(وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين)

ما معنى من مثله
ولماذا لم يقل "مثله" مثل بقية آيات التحدي؟

هناك عدد من آيات التحدي كلها جاء فيها "مثله"، إلا هذه من سورة البقرة، فقد جاءت "من مثله"

هذه الآيات نوردها هنا للفائدة:

أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ  فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ(38) -يونس-

أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ  وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ(13) -هود-

قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً(88)-الإسراء-

أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لَّا يُؤْمِنُونَ(33) فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ(34) -الطور-

وآية البقرة موضوعنا :

وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23) - البقرة-

ما أعرفه أن "من" تستخدم للتبعيض، وغرض التبعيض هو الإغراق في التحدي، كقولنا: "ليس عندي من مال" هنا ليتبين مقدار افتقاره الشديد للمال، وهي غير "ليس عنده مال"

وبالتالي أراها هنا للإمعان في التحدي، يعني بشكل أكبر وآكد...ثم ما أراه أيضا أنها بين آيات التحدين الوحيدة التي تتوجه بالخطاب مباشرة للكافرين، ولا تحدث عنهم، كباقي ىيات التحدي. وبالتالي استدعى الأمر تحديا أقوى.

طيب لن أكتفي بما عندي، وقد بحثت فوجدت كلاما قيما لكل من اللغويَّيْن: الدكتور حسام النعيمي، والدكتور فاضل السامرائي:
---------------------

*ما الفرق بين (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23) البقرة) و (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (38) يونس) و(قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (13)هود )؟(د.حسام النعيمى)

التحدي كان بأكثر من صورة، كان هناك تحدي في مكة وتحدي في المدينة. السور المكية جميعاً جاءت من غير (من) ( فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (34) الطور)، الحديث يمكن أن يكون آية أو عشر آيات أو سورة كاملة، بحديث مثله: الحديث مطلق. (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (38) يونس) بسورة مثله، (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (13) هود) بعشر سور، (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88) الإسراء) حكاية حالهم بأسلوب القرآن الكريم. فكان أحياناً يطالبهم بحديث، أحياناً يقول لهم: فإتوا بقرآن مثله، أحياناً عشر سور، أحياناً سورة مثل الكوثر أو الإخلاص، هذا كان في مكة. سورة واحدة فكان يقول (مثله)في المدينة (في سورة البقرة) المكان الوحيد الذي قال (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23) البقرة). هنا القرآن إنتشر وأسلوبه صار معروفاً، الآن يقول لهم (بسورة من مثله) لو قال : بسورة مثله كما قال سابقاً يعني سورة مثل سور القرآن الكريم. (من) هذه للتبعيض، هو هل له مثل حتى يطالَبون ببعض مماثله؟ هو لم يقل : فاتوا بمثله وإنما ببعض ما يماثله أو بعض ما تتخيلونه مماثلاً ولا يوجد ما يماثله فما معناه؟ هذا معناه زيادة التوكيد. لما تأتي (مثل) ويأتي عليها حرف في شيء ليس له مثل معنى ذلك توكيد كما قال تعالى (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11) الشورى) الكاف للتشبيه، ومثل للتشبيه معناه أنه لو تخيلتم لو أن تصوّركم أنجدكم بأن تتخيلوا مثالاً لهذا القرآن فحاولوا أن تأتوا بمثل ذلك المثال ، بجزء من ذلك المثال الذي تخيلتموه فهذا أبعد في التيئيس من قوله (مثله) مباشرة.
هذا إمعان في التحدي وأبعد لأنه صار القرآن منتشراً. وهذا غير ممكن لأنه سبق وقال تعالى (لا يأتون بمثله) فإتوا ليس بمثله وإنما بجزء من مما تتخيلونه مماثلاً له.

*ما الفرق البياني بين قوله تعالى (من مثله) و(مثله)؟(د.فاضل السامرائى)
تحدّى الله تعالى الكفار والمشركين بالقرآن في أكثر من موضع فقال تعالى في سورة البقرة (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23)) وقال في سورة يونس (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (38)) وفي سورة هود (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (13)).
*أولاً ينبغي أن نلحظ الفرق في المعنى بين (من مثله) و(مثله) ثم كل آية تنطبع بطابع الفرق هذا. فإذا قلنا مثلاً : إن لهذا الشيء أمثالاً فيقول: ائتني بشيء من مثله فهذا يعني أننا نفترض وجود أمثال لهذا الشيء أما عندما نقول : ائتني بشيء مثله فهذا لا يفترض وجود أمثال لكنه محتمل أن يكون لهذا الشيء مثيل وقد لا يكون فإن كان موجوداً ائتني به وإن لم يكن موجوداً فافعل مثله. هذا هو الفرق الرئيس بينهما.
هذا الأمر طبع الآيات كلها . أولاً قال تعالى في سورة البقرة (وإن كنتم في ريب) وفي آيتي سورة يونس وهود قال تعالى (افتراه) وبلا شك (إن كنتم في ريب) هي أعمّ من (افتراه) أن مظنة الإفتراء أحد أمور الريب (يقولون ساحر يقولون يعلمه بشر يقولون افتراه) أمور الريب أعم وأهم من الإفتراء والإفتراء واحد من أمور الريب.
**والأمر الآخر أننا نلاحظ أن الهيكلية قبل الدخول في التفصيل (وإن كنتم في ريب) أعمّ من قوله (افتراه) و(من مثله) أعمّ من (مثله) لماذا؟ لو لاحظنا المفسرين نجد أنهم وضعوا احتمالين لقوله تعالى (من مثله) فمنهم من قال من مثله أي من مثل القرآن وآخرون قالوا أن من مثله أي من مثل هذا الرسول الأمي الذي ينطق بالحكمة أي فاتوا بسورة من القرآن من مثل رجل أمي كالرسول . وعليه فإن (من مثله) أعمّ لأنه تحتمل المعنيين أم (مثله) فهي لا تحتمل إلا معنى واحداً وهو مثل القرآن ولا تحتمل المعنى الثاني. الإحتمال الأول أظهر في القرآن ولكن اللغة تحتمل المعنيين. وعليه فإن (إن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فاتوا بسورة من مثله) أعم من (أم يقولون افتراه فاتوا بسورة مثله) لأن إن كنتم في ريب أعمّ من الإفتراء و(من مثله) أعمّ من (مثله).
***ثم هناك أمر آخر وهو أنه حذف مفعولين الفعلين المتعديين (تفعلوا) في قوله تعالى (فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا) والحذف قد يكون للإطلاق في اللغة كأن نقول: "(قد كان منك ما يؤذيني" هذا خاص و" قد كان منك ما يُؤذي" وهذا عام. وإن كان المعنى في الآية هنا محدد واضح لكن الحذف قد يعني الإطلاق عموماً (سياق التحديد ظاهر جداً والحذف قد يأتي في مواطن الإطلاق فحذف هنا).


العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: زينب الباحثة في 2013-10-11, 10:13:22
جزاك الله خيرا أستاذة  ::ok::
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-10-11, 15:22:41
جزاك الله خيرا أستاذة  ::ok::
وإياك يا زينب .
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-10-11, 15:25:48
سورة الفرقان (5)

الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْماً عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيراً(26)

إن الملك يومئذ الحق للرحمن.

لا صوت لملك من ملوك الدنيا يومها، لا صوت لرئيس من رؤسائها، ولا لكبير من كبرائها... انتهت أيامهم كلها...
وجاء اليوم الحق، جاء اليوم الفصل، جاء يوم الحساب والجزاء والعقاب... جاء يوم ظنه جلّهم لا يأتي، ولا يكون، كذبوا به،حتى أتاهم اليقين....
جاء اليوم الذي لم يحسبوا له حسابا..." وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءنَا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْ عُتُوّاً كَبِيراً(21)"
جاء اليوم الذي تتنزل فيه الملائكة، فلا بشرى فيه للمجرمين...يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَّحْجُوراً(22)

جاء اليوم الذي لا رئيس فيه ولا مرؤوس، بل يوم يعض الظالم فيه على يديه ندما وحسرة، وهيهات أن ينفع الندم !!
جاء اليوم الذي يعطي فيه المولى الملك عز وجل لكل ذي حق حقه، ولا يبخس الناس حقوقهم، فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره...
جاء اليوم الذي يخذل الشيطان فيه أولياءه، وتشرئب عنقه عسى تطاله رحمة الرحمن .....!

جاء يوم سيلقى فيه كل مجرم حسابه، وسيلقى فيه كل ملك جزاء ما كان منه لما كلّف بمسؤولية ظنها التشريف الذي ألّهه والنعيم الذي سيدوم له...
وسيلقى فيه كل رئيس عاقبة عتوّه وظلمه، وتكبره في الأرض، وقوله للناس في الدنيا أنه ربهم الأعلى، فعذب فيها من كفر به وآمن بالواحد الديان أشد العذاب... جاء اليوم ليقتص كل مظلوم من ظالمه ....
فأي يوم هو عليكم يا أصحاب المُلك والرياسة ؟!!

إلا من خشي الرحمن وقال صوابا، إلا من خشى الله في رعيته، إلا من كان على درب المصطفى صلى الله عليه وسلم والراشدين من بعده ... وقليل ما هم ...!
أين أنتم أيها الرؤساء يومئذ؟ أين أصواتكم المجلجلة بالباطل؟ أين رصاصكم الغاشم الظالم؟ أين ما صددتم عن سبيل الله، وعتوتم وظننتم الدنيا دارا دائمة لكم، حتى تخطفتكم الموت لتمتثلوا اليوم بين يدي الديان الجبار المتكبر، المنتقم ....

أين جنودكم وحاشيتكم؟ أين رجال كنتم ترونهم أصحاب الدعوة لله، فظننتم جبروتكم وظلمكم سيسكت صوت الحق فيهم بطلقة نار، أو بسجن، أو بتعذيب ؟!
أين أطفال ونساء رششتموهم بالمبيدات، كما يرش الذباب وترشّ الحشرات، وظننتم أنّكم بذلك الأقوى والأبقى؟ بينما الحق حق لا يقتله الباطل وإن انتفش، لا يغلبه وإن بدا صاحب العتاد والعدة، وإن بدا الحق مهيضا ضعيفا ....

أين تنكيلكم بكل صاحب دعوة لله؟ أين ما فعلتم بهم رجالا ونساء؟ أين حربكم لله ولرسوله ولدعوته وللمخلصين من الدعاة ؟! وما تظاهرتم عليهم بالقوى الغربية، أو بالقوة الأمريكية، أو بهيئة الأمم المتحدة الظالمة المتعدية؟ أو بسلاح الجو أو بسلاح الفضاء، أو بسلاح البحر أو بسلاح الهواء .......؟!!
أين خدمتكم لأعداء الدين وأنتم بنو الجلدة الواحدة؟ !!
أين هُم أولياؤكم من دون الله ومن دون المؤمنين ؟ فلينقذوكم من هول هذا اليوم الحق... من هول يوم فيه المُلك الحق للرحمن .....!!
"يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ(26)" -ص-

الحكم بالحق، ومن لم يحكم بالحق واتبع الهوى، يضل عن سبيل الله، ومن يضل عن سبيل الله ينتظره عذاب شديد بما نسي يوم الحساب ولم يعمل له من حساب.
هكذا هي المعادلة، معادلة الحق. ومن لم يفهمها أو تجاهلها، يضل عن سبيل الله الذي يرتضي، ومن يضلّ عن السبيل ينتظره العذاب يوم يكون الملك الحق للرحمن
لقد تركهم الله في الدنيا يحكمون، ويأمرون، لقد أمهلهم في الدنيا، فذاق من ذاق من محكوميهم  شرا وظلما وطغيانا. لقد مدّ لهم الله في الدنيا، فظلموا وعتوا عتوا كبيرا.... ونسوا الله...

واليوم يوم الانتقام، اليوم يوم الملك الحق فيه للرحمن، فهو عليهم يوم عسير ... "وكان يوما على الكافرين عسيرا..."
ملك مصائر العباد كلها بين يديه سبحانه، الرحمن.
ولنتأمل فإذا هذا الاسم العظيم لله سبحانه "الرحمن" يرفّ بنسماته في ظلال هذا اليوم العظيم، هذا اليوم الذي ستيسره على المؤمنين رحمة الرحمن الرحيم...ولكنه على الكافرين يوم عسير.

إنه سبحانه في ظل ما يتوعد الكافرين والظالمين والمجرمين والذين لا يرجون لله لقاء، يبعث الطمأنينة في قلوب المؤمنين، بذكر هذا الاسم تحديدا من أسمائه الحسنى سبحانه، في ظل الوعيد، ترف نسائم الطمأنة لعباده المؤمنين الذي يرجون رحمة الله تعالى ولا يقنطون منها، والتي لا يقنط منها إلا القوم الضالون.
قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ(56) -الحجر-

هذه سورة الفرقان، الفرقان المفرّق بين الحق والباطل،وهذا اليوم الحق، وفيه الملك للملك الحق، ملكُ حق، وما عداه باطل. إنه يوم إحقاق الحق وإعطاء كل ذي حق حقه، وإزهاق الباطل، والاقتصاص من كل ظالم وتوفيته حسابه.

وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً(27) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَاناً خَلِيلاً(28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولاً(29)

هذا حال الظالم في ذلك اليوم، يعضّ على يدين اثنتين لا على واحدة !
يالهول هذا اليوم! يالعُسره على الكافرين.. على الظالمين..!"...وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ"- من(254) من البقرة-

ويا ليت "ياليت" منهم يومها تنفع ! ولات حين مناص!
"ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا" "يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا"
ولننظر فإذا "الرسول" معرّفة، وإذا "فلانا" نكرة، هكذا كما هو حال الحق والباطل، والحق معرّف معروف لا ريب فيه، ظاهر، والباطل لاقيمة له ولا دور، زاهق
إنه يعض على يديه...
إنه يعلم أن هذا من صنع يديه، إنه يعلم أنه -وما دام قد اتبع- كان قادرا على اتباع الحق، واتخاذ سبيل إليه مع داعي الحق، وعلى عدم اتخاذ خليل مضلّ...
إنه يعلم أن نفسه ساعتها هي التي ظلمته، وهي التي أجرمت بحقه:" أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاء أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ(17) "

إنهم يعلمون أنهم هُم الذين ضلوا السبيل.. لقد ضلوا ولا حجة لهم تكفيهم يومها هول ما هُم فيه، لا حجة لهم بأنهم مُضلَّلون قد أضلّهم غيرهم.
لقد عرفهم الله في الفرقان كيد الشيطان "إ نَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ(6)"-فاطر-

ولقد عرّفهم في الفرقان أيضا أن من يتبع الهوى يبوء بالخسران المبين
"...وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ" -من(26)  من ص-

ولقد عرّفهم أنه الله الواحد الأحد الملك الفرد الصمد الذي يُفرَد بالعبادة، وأن إليه الرجعى.
"وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيماً(164) رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً(165) لَّـكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلآئِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيداً(166)"-النساء-

فأي حجة سيجدون ؟!
إنهم لا يجدون كيف يُلقون باللائمة على غيرهم، بل هم يقرون ويعترفون،ويعلنون الندامة...! بل ولا يجدون غير الدعاء بالثبور وهم قد باؤوا بالثبور...!
"وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُوراً(13) لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً وَاحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً(14)"-الفرقان-
ليتنا فعلنا وليتنا لم نفعل...
ليتنا اتبعنا الرسل، وليتنا لم نتخذ فلانا خليلا...
لن ينفعه أن يذكر فلانا وإن لم يعيّنه!
عرف أنه وإن ذكره فلا مفرّ له من مصيره الذي هو ملاقيه...إنه يرى تحقق الوعيد الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، فأعرض عنه يومها وكذّب...
وها هو الشيطان الذي يعِد ويمنّي وما يعد إلا غرورا، وما كان للإنسان إلا خذولا، يعد ويمنّي ويوم الحساب هو الخذول...


يتبع بإذن الله

العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-10-17, 11:55:50
سورة الفرقان (6)

وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً(30)

يعود بنا سبحانه في سياق الآيات التي تأخذنا تارة إلى هناك، إلى ذلك اليوم الحق المتحقق بلا أدنى ريب، وتارة أخرى إلى يوم الناس الذي عاشه رسول الله صلى الله عليه وسلم، عاشه صاحب الرسالة حاملا للرسالة، مبلغا لها، صابرا على أشواك طريقها الصبرَ الجميل. "....وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً(20)" –من الآية 20 من الفرقان-

ولنتخيل حال رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يتحمّل لأواء الدعوة، ويتنزّل عليه القرآن نديّا مُؤنسا مثبتا، كيف يصير حاله وربّه يعرّفه بتلك المآلات، ويحدّثه عن الوعد والوعيد اللذين سيتحققان،بل وكأنهما قد تحقّقا وقضي الأمر..

لنتخيل كيف يصير حاله وهو يعرف كل هذه الحقائق في ظل ما يلقاه من الكافرين الصادين عن دعوة الحق..ثم يُنزّل عليه المولى عزّ وجلّ كلمات كانت منه صلى الله عليه وسلم، ناجى بها ربّه، سأله بها، وبثه بها شكواه وحزنه...

إنه يُسمَع كلماته التي قالها، ولا يعلم أحد غيره سبحانه به إذ قالها،يُسمَعُها عبر جبريل عليه السلام من ربّ العزة الذي يعلم السرّ في السماوات والأرض،وتصبح قرآنا يتلى إلى يوم الدين، يسمع كلماته من وحي كلمات ربّه ! ما أحلاها، ما أسماها، ما أرقّها، وما أعظمها كلمات رسول الله صلى الله عليه وسلم تُعاد بكلمات الله !

الله جلّ في علاه ينقلها إلينا وإلى كل من يقرأ هذا القرآن إلى يوم الساعة، ينقل لنا بثا وحزنا وشكوى كانت من رسول الله صلى الله عليه وسلم لربّه :وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً(30)

إنه صلى الله عليه وسلم لا يشتكي مصابه من قومه،لا يشتكي تكذيبهم شخصه،ولا تعذيبه ولا تعذيب أصحابه، ولا يشتكي استهزاءهم به، ولا يشتكي كمّ الأقاويل التي نسجوا حول شخصه وهو الصادق الأمين...

لا يشتكي كل إساءاتهم له...بل يشتكي هجرهم للقرآن...!

لم يكن صلى الله عليه وسلم همّه نفسه، لم يكن يغضب لنفسه،ولم يكن يريد الانتصار لنفسه وهو القريب الحبيب مجاب الدعوة، بل إنّ الله أرسل إليه جبريل ومعه ملك الجبال يأذن له أن يأمر ملك الجبال إن شاء فيُطبق الأخشبين على الكفار من قومه، ولكنه يأبى والفرصة بين يديه، ولا ييأس منهم، ولا من دعوتهم...! "لعل الله يخرج من أصلابهم من يوحد الله لا يشرك به شيئا"....

لقد بُعث للعالمين رحمة... بعث ليكون للعالمين نذيرا ...
لم يكن يشتكي شيئا من إيذاء قومه، بل قد اشتكى هجرهم القرآن...

اشتكى تكذيبهم بالقرآن، وهذا منه صلى الله عليه وسلم إنما هو دليل أمرَيْن اثنَيْن:
فأما الأول: وعْيُه صلى الله عليه وسلم كل الوعي أنهم لا يكذّبونه، بل يكذبون بآيات الله، وأن تجرؤهم عليه إنما هو تجرؤ على الله جلّ في عُلاه وعلى آياته.
وبأنهم يختلقون ويصطنعون، ويفتعلون الحُجج الواهية، ويضربون الأمثلة الممجوجة الممروجة التي ليس للعقل فيها من نصيب، كل ذلك لأنّ علّتهم تكذيب بآيات الله، وبالساعة قبل التكذيب به صلى الله عليه وسلم، ويصدّق هذا الوعي والفهم الربانيّ الذي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله سبحانه : " قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ(33)"-الأنعام-.

وأما الثاني: أن كان القرآن أنفاس رسول الله صلى الله عليه وسلم التي تُحييه، كان روحه،كان كل شيء في حياته، بل كان حياته كلها...
فلم يكن يأبه لنفسه وما يلحقه، بل كان يأبه للقرآن وما يلحقه من هجر قومه...!
إنه صلى الله عليه وسلم لم يقل : "يا رب إن قومي اتخذوني مهجورا"، بل قال: "يا ربّ إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا".
لم يكن صلى الله عليه وسلم يرسّخ لتقديس شخصه وإن كان هو خير خلق الله كلهم، بل كانت رسالته تقديس القرآن واتباع القرآن، واتخاذه منهج حياة...
لقد كان قرآنا يمشي على الأرض بشهادة أقرب الناس إليه عائشة زوجه رضي الله عنها، وها هو صلى الله عليه وسلم يعلّمنا كيف حُزنه لهجر القرآن، وغضبه للقرآن، وهمّه كل همّه القرآن.
وكم نستشعر نحن أمة محمد عليه الصلاة والسلام من أهل هذا الزمان قوة هذه الشكوى وأوجاعها في نفوسنا،ونحن أيضا قومه، وأتباعه، وأمّته ...!
ماذا كنت لتقول يا رسول الله فيمَن آمنوا بالقرآن وصدّقوا به، ولكنهم هجروه إذ هجروا العمل به ؟!

ماذا كنت لتقول فيمَن جعله كتابا يُتبرّك به، ويوضع للسقيم تحت وسادته عساه يُشفى من علّته، ويُقدّم هدية لمَن يُهدى إليهم على أنه الأجلّ والأول ولكنه فقط بالاسم والعنوان، لا للمعنى ولا للعيش بما فيه ...
ماذا كنت لتقول يا رسول الله في قوم بالاسم هم المسلمون، وبالفعل والتطبيق هم المقلّدون المتهربون من دينهم، الباحثون عن الدنيا والحياة في معنى آخر من معاني البشر لا من معاني خالق البشر ؟! الذي خلق كل شيء فقدرّه تقديرا، وقد اتخذوا من دونه آلهة لا يخلقون شيئا وهم يُخلقون، قد اتخذوا إلههم هواهم ....

وكلّه في هذه السورة العظيمة مذكور... كلّه قد بينه الله سبحانه فيمَن غرّتهم الدنيا، وغرّهم متاعها، حتى نسوا الذكر فكانوا قوما بورا ....
كلّه من هذه السورة التي بين أيدينا.... كله على حالنا يُسقط وإن كنا قوما مسلمين، فإذا هو من حالنا...فإذا خالقنا سبحانه يصف حالا من أحوالنا اليوم....
كيف كانت لتكون شكواك ؟ وكيف كانت ستكون زفراتك لأجل القرآن المهجور عملا، المهجور حياة، المهجور روحا، فإذا المسلم ونفسه كالبيت الخرِب، ظاهره قصر وهيلمان، وباطنه غبار على رُكام؟!

ورغم ما في هذه الشكوى من قوة ومن زفرة حزينة، ورغم ما نستشعره معها وحالنا هو حالنا اليوم، إلا أنها تبقى كلمات الله سبحانه ينقل بها كلام رسوله وحبيبه صلى الله عليه وسلم، يُسمعنا مناجاته له، يُسمعنا إلى يوم الدين كلمات توجه بها إلى ربه الذي كان يبثه شكواه وما أهمّه ....!

يتبع بإذن الله
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-10-21, 11:06:01
سورة الفرقان (7)

وكَذَ‌ٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِىٍّ عَدُوًّۭا مِّنَ ٱلْمُجْرِمِينَ ۗ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ هَادِيًۭا وَنَصِيرًۭا(31)

والله سبحانه في قرآنه... في فرقانه، يؤسّي حبيبه وصفيّه، وهو يسمع شكواه، وهو يعلم غضبه وسبب غضبه،وأنه للقرآن لا لنفسه، وأن حزنه على القرآن لا على ما يلحق نفسه من أذاهم وتكذيبهم واستهزائهم.
يؤسّيه سبحانه ويذكّره حال من كان قبله من الرسل، والذين كانوا أكثر خلق الله ابتلاء وهم أكرم خلق الله .
إنها سنّة المجرمين على مدى العصور والأزمان، وكلما جاء نبي يدعو قومه، كان له منهم أعداء، أعداء الرسالات السماوية والتربية الربانية، والهدي الإلهي لأهل الأرض من خلق الله سبحانه الرب المربي...

هكذا في كل زمان وفي كل مكان، يترصد أعداء الدعوة للدعوة وأهلها، للدعاة إلى سبيل الحق...
فيكون رئيس البلاد عدوا لدودا للدعاة المخلصين من أهل البلاد، ويكون ملك البلاد خصما خصيما  للدعاة المخلصين من أهل تلك البلاد...

ويكون كل ذي سلطان وجاه ومال عدوا لدودا للدين وأهله والدعاة إليه ... هكذا هم أولئك الذين كان الشيطان وليا لهم، عدوٌّ هم لمن كان الله وليهم...

وها نحن نعيش هذا الزمان، وسمة هذا الزمان، وكل زمان، بل سمة أزمنة الأنبياء وهم بين ظهراني أقوامهم، أعداء من المجرمين المترصدين لدعوة الحق بباطلهم وبغيهم، وكيدهم للدين وأهله ....
وهكذا يتبين الصادق من الكاذب، ويتبين صاحب الفعل من صاحب القول، ويتبين الصابر على لأواء الطريق وأشواكها من الذي يفرّ منها ساعة يجدّ الجدّ...

وقد عرف تاريخ الدعوة على مدى العصور الصابرين من أهلها الصامدين، أهل العزم والإصرار والثقة بالله ووعده رغم كل ما لاقوا، كما عرف الجبناء، الأسود عند الأقوال الجرذان  عند الأفعال...
كما عرف المجرمين المصرين على إجرامهم، المترصدين للدعوة بكل القوة الموجودة والمتوفرة، بل ويعدّون لها العدة لكل احتمالاتها واحتياطاتها، كما يعدّون لها وحوش الإنس وشياطين الإنس الذين يربونهم على كُره الدعوة وأهلها، ونصرة أعدائها ...!! فيشبّون وأكثر ما يكبر بنفوسهم حقدهم على الإسلام وأهله ودعاته ....

وعلى قدر عزم الدعاة المخلصين وصبرهم، وجدّهم، وثقتهم بالله، على قدر استئساد العدو المجرم، واختراعه لكل وسيلة محاربة للدعوة وأهلها :"أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ(214)"-البقرة-

وبقدر ما يبدو المجرمون أقوياء، ويبدو أهل الدعوة ضعاف العدة والأسباب المادية، تلحقهم الآلام والأتعاب والأنصاب في سبيل الدعوة، بقدر ما يأخذ الألم مأخذه من أهل الباطل والإجرام أيضا، وهم كلما ظنوا أنهم قادرون عليها وعليهم، وأنهم مهلكوهم كلما ولد لهم من المخلصين من يقضّ مضاجعهم ويضرب بكل حساباتهم وتخطيطاتهم عرض حائط صلب متماسك لا تهزّه زلازل ولا براكين ....!"وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً(104)"-النساء-

"...َوجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً(20)" -الفرقان-
هكذا هي حكمة الله تعالى، وإرادته ومشيئته، أن يجعل لكل نبي عدوا من المجرمين، وكذلك لكل أتباع نبي، ولكل أصحاب دعوة لله على درب الأنبياء، يجعل لهم الله سبحانه أعداء من المجرمين ألدّاء، ولو شاء الله تعالى لما كان ذلك، ولكن حكمته اقتضت أن يكون هذا، ليبتلي الله ما في الصدور، وليمحّص ما في القلوب، وليُعلم الصادق الصابر الثابت من الكاذب المتشدق بالكلام، الجبان الذي لا يثبت على حال، وليُعلم أن هذه الدعوة لا يقوم بها ولا ينصرها إلا الثابتون الذين ابتلي ما في صدورهم، ومحّص ما في قلوبهم، فخلصوا لله، كما أخلصوا كل أمرهم لله ....

وعن خباب بن الأرت رضي الله عنه وأرضاه  :شكونا إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وهو متوسِّدٌ بُردةً له في ظلِّ الكعبةِ، فقلنا : ألا تستنصرُ لنا، ألا تدعو لنا ؟ فقال : ( قد كان مَن قبلكم، يؤخذ الرجلُ فيحفرُ له في الأرضِ، فيجعل فيها، فيجاء بالمنشارِ فيوضع على رأسِه فيجعلُ نصفين، ويمشط بأمشاطِ الحديدِ ما دون لحمه وعظمه، فما يصدُّه ذلك عن دينه، واللهِ لَيُتمَّنَّ هذا الأمرَ، حتى يسير الراكبُ من صنعاءَ إلى حضرمَوتٍ، لا يخاف إلا اللهَ، والذئبَ على غنمِه، ولكنكم تستعجِلون ) .-صحيح البخاري-

"ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ(4)"-محمد-

أجل إن أمرا من الله العلي القدير الفعال لما يريد بـ "كن" يكون بها النصر للأنبياء وللمؤمنين دون تعب ولا نَصَب، ولكنّ الله تعالى جعل الكافرين والمجرمين وترصدهم للدعوة امتحانا للمؤمنين على صبرهم وإيمانهم وتحمّلهم كل عذاب في سبيل الدعوة لله، الدعوة للحق....

...وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ هَادِيًۭا وَنَصِيرًۭا
هو سبحانه الذي أراد بحكمته ومشيئته وعلمه المحيط بكل دقائق الأمور، وبمن خلق، أن يكون لكل نبي ولكل أصحاب دعوة حق لله أعداء، وصفهم سبحانه بالمجرمين...
الذي مضت مشيئته هذه، فجعل لأهل الحق قوة في الصبر والتصدي لأهل الباطل، حيّرت أهل الباطل أنفسهم، وجعلتهم يضربون كفا بكف وهم لا يجدون لعزم أهل الإيمان ولثباتهم من تفسير...!

هو سبحانه الذي جعل من عباده المؤمنين مجاهدين صابرين ثابتين على الحق وإن لحقهم من المجرمين أعداء الدين ما لحقهم، هو سبحانه هو هاديهم، وهو سبحانه نصيرهم، كما يثبت حبيبه وصفيه صلى الله عليه وسلم هنا، ويقوّيه، ويعده أنه كما هداه فسينصره...

الهادي الذي إذ هداهم، وعرّفهم كَأْد الطريق، ومشقة سلوكه، وكمّ الأشواك والمكاره التي تحفّه، وجزاهم لقاء إيمانهم وثقتهم بوعده صبرا وجلدا، وثباتا، هو سبحانه نصيرهم بعد هذا منهم، نصيرهم جزاء ثباتهم وصبرهم على صعوبة الطريق، وكيد الكائدين ....

فأنّى لمن كان الله هاديه ونصيره أن يخاف كيد المجرمين الكافرين المكذبين ؟!
وأي تسلية هي من الله سبحانه لحبيبه صلى الله عليه وسلم في كلمتين ثقيلتين كل الثقل !! فهو لن يخاف والله هاديه الذي لن يضيّعه... ولن يلتبس عليه السبيل وهو سبحانه هاديه، ولن يخيفه صاحب قوة ولا صاحب عدة ولا سلاح ولا بطش ولا جند ولن يخيفه كيدهم، ولو اجتمع عليه كل المتآمرين في الأرض من كل حدب وصوب وكما هو هاديه فهو سبحانه نصيره...!

وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً(32)

ويعود الكذابون الأفاكون المتقوّلون على رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعود الله سبحانه في هذه الآية لعرض أقاويل جديدة من افتراءاتهم وأمثلة ضلالهم، فبعدما رموه بأنه الذي يفتري إفكا،وأنما جاء بأساطير الأولين، وبعدما عرفنا تخرّصات المستكبرين المجرمين الذين بلغ بهم التجرؤ أن طلبوا رؤية الله عز وجل،وأن تتنزّل الملائكة عليهم...
يأتي الآن باطل جديد من أباطيلهم، وتخرّص جديد من تخرصاتهم،وتجرؤ آخر من تجرؤاتهم...إنهم يقترحون على الله !!

نعم يقترحون كيفية نزول القرآن، فانتقلوا من كونه إفكا، وهم بذلك ينفون عنه أي صفة إذ يصفونه بالإفك الذي لا أساس له من صحة ولا من سلامة،إلى تسميتهم له "قرآنا"...!

فما بالكم قبل قليل لم تعترفوا به قرآنا؟ولم تعترفوا به منزّلا من عند الله؟ بل لم تروه إلا الأساطير تُملى ؟! ولم تروه إلا الإفك المفترى الذي أعانه عليه قوم آخرون؟!  أوَأصبح الآن قرآنا ومنزّلا ؟! بل وتقترحون على منزّله سبحانه كيفية نزوله!
عجبا لكم وأفّ لعقولكم كيف هي العقول وهي لا تعقل ؟! وأصبح همّكم الآن الكيفية؟!

سبحان الله ! في عقول تستخدم في الباطل فلا تصبح تعقل !  سبحان الله والحق دليل العقل وقائده إلى أن يعقل...
إنه التحايل والمراودة والكلام الهباء، والذي أخفّ هو من الهواء، الكلام لغاية الوصم والتقوّل، فيناقض بعضه بعضا،ولا يحترم أساسا بعينه ليُبنى عليه، إنه كلام منهم بلا أساس، وهل لما لا أساس له ولا مبنى أن يكون له من معنى ؟!

أم أنكم أيها القوم تعلمون أنه الحق، ولكنكم تستكبرون أن تعلنوا علمكم رغم حربكم ؟! أم تراها هي هي لا غيرها : "قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ(33)" -الأنعام-

كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً

هكذا هي مشيئة الله سبحانه أن ينزّل القرآن، مشيئة الحكيم المقدّر، مشيئة الذي خلق كل شيء فقدّره تقديرا، والتي تقابلها اقتراحات المخلوقين المكذبين بخالقهم، رؤية قاصرة لا ترتقي لأن ترى إلا بعين الدنيا التي يعيشون، لا بعين الله الذي خلق الدنيا وأنزل لأهلها منهاجا يسيرون فيها وفقه ....

هكذا كانت مشيئة الله أن ينزّل القرآن...
بهذا التفرّق جزءا إثر جزء، آيات إثر آيات على أوقات متفرقة بأسباب مقدّرة عند الله في علم الغيب عنده، مسطرة وفق أحداث.
هكذا شاء الله سبحانه ليثبّت رسوله صلى الله عليه وسلم، ليؤسّيه، وليسرّي عنه، وليقوي قلبه، وليجدد عزمه كلما اشتدت عليه حرب الكفار، فيكون الوحي النديّ من السماء ماء  يُحيي قلبه وينعشه، ويمدّه بأسباب الحياة، وهكذا كان القرآن أنفاسَه وحياته صلى الله عليه وسلم ...


وأحب أن أضيف هنا قولا لغويا للدكتور حسام النعيمي في وجود "كذلك" مقابل "نزّل"

يردّ القرآن (كذلك) أي هكذا أنزل (لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا) أي جعلناه رَتَلاً يتبع بعضه بعضاً كما يقال سار الجُند رتَلاً وهذا رَتَل من السيارات وليس رتْْل بالسكون وإنما رَتَل بالفتح. لو قيل في غير القرآن : لولا أنزل عليه القرآن جملة واحدة لا تستقيم كلمة (كذلك). الفرق بين أُنزِل ونزّل أن أنزل كأنه مرة واحدة ولذلك أنزل التوراة والإنجيل ونزّل من معانيها التدرّج. قوله تعالى (إنا أنزلناه في ليلة القدر) أي جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا ثم بعد ذلك نزل مفرّقاً؟ نزّل (فعّّل) تأتي للتدرج كما تقول علّمه، التعليم لا يكون جملة واحدة وإنما يكون بتدرّج، أعلّمه مرة واحدة تعلّمه شيئاً معيناً. لكن نزّل (فعّل) لا تأتي دائماً للتدرج وقد تأتي لمعنى التكثير والمبالغة وقد تأتي بنفس معنى أنزل: عندما تقول: كرّمت الجامعة المتفوق الأول لا يعني التدرج وإنما مرة واحدة، نوع من التكريم والتعظيم والمبالغة، قدّمت زيداً وأخّرت عمرواً ليس فيه تدرجاً قد يكون المعنى للتكثير أنه للمبالغة.
هم قالوا: لولا نُزّل هذا القرآن جملة واحدة: كأنما يريدون أن يؤكدوا أن الإنزال جملة واحدة، أنه للتكثير، والأمر الثاني هم يعلمون أنه نزل مفرّقاً فكأنهم استعملوا هذا اللفظ مع العرض والتحضيض لأنه (لولا) للعرض والتحضيض يعني لولا كان هذا التفريق جملة واحدة – كانوا يريدونه جملة واحدة – (لولا نُزّل) هذا الذي نُزّل مفرقاً لولا جاء جملة واحدة. فإذن لمعرفتهم بإنزاله مفرّقاً استعملوا اللفظة وسبقوها بالعرض أوالتحضيض: (لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً ) أي لولا كان هذا التدرج جملة واحدة فإذن التدرج مراد. فإما أن يكون مراداً وإما أن يكون مبالغاً وفي الحالين ينبغي أن يكون (نزّل) لينسجم مع قوله (كذلك) يعني نزلناه مدرّجاً. ولو قيل في غير القرآن لولا أنزل ما كان تستقيم (كذلك) لأنه ما أنزله جملة واحدة. لأن (كذلك) أي كذلك نزل بهذه الصورة.
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: Asma في 2013-11-08, 15:55:23
عن حذف حرف من المفردة في القرآن الكريم وكيف أن ذلك لا يكون اعتباطا، بل له مدلولاته، ومن أهمها زمن الحدث، إذ أن حذف حرف من الفعل مثلا يدل على قصر زمن حدوث الفعل، كما يدل على الإيجاز في مقام الإيجاز، بينما يذكر الفعل بكل حروفه في مقام التفصيل ومثال على ذلك كما يورده الدكتور فاضل السامرائي :

في قوله تعالى :"فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً(97)" –الكهف – 97

وذلك في ال
سد الذي صنعه ذو القرنين من زبر الحديد والنحاس المُذاب، فالصعود على هذا السد أيسر من إحداث نقب فيه لمرور الجيش،فحذف من الحدث الخفيف، فقال: "فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ"، بخلاف الفعل الشاق الطويل،فإنه لم يُحذف بل أعطاه أطول صيغة له،فقال: "وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً"، فخفف بالحذف من الفعل بخلاف الفعل الشاق الطويل .

هل هذا في القرآن فقط أم نستطيع أن نقول "اسطاع" في العربية التي نستخدمها؟؟
لم افهم كثيرا الفرق بين الكلمتين
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: سلمى أمين في 2013-11-08, 21:35:14
عن حذف حرف من المفردة في القرآن الكريم وكيف أن ذلك لا يكون اعتباطا، بل له مدلولاته، ومن أهمها زمن الحدث، إذ أن حذف حرف من الفعل مثلا يدل على قصر زمن حدوث الفعل، كما يدل على الإيجاز في مقام الإيجاز، بينما يذكر الفعل بكل حروفه في مقام التفصيل ومثال على ذلك كما يورده الدكتور فاضل السامرائي :

في قوله تعالى :"فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً(97)" –الكهف – 97

وذلك في ال
سد الذي صنعه ذو القرنين من زبر الحديد والنحاس المُذاب، فالصعود على هذا السد أيسر من إحداث نقب فيه لمرور الجيش،فحذف من الحدث الخفيف، فقال: "فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ"، بخلاف الفعل الشاق الطويل،فإنه لم يُحذف بل أعطاه أطول صيغة له،فقال: "وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً"، فخفف بالحذف من الفعل بخلاف الفعل الشاق الطويل .

هل هذا في القرآن فقط أم نستطيع أن نقول "اسطاع" في العربية التي نستخدمها؟؟
لم افهم كثيرا الفرق بين الكلمتين

ضيفة جديدة ..

الشاي يا جماعة :)

العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-11-09, 06:56:26
عن حذف حرف من المفردة في القرآن الكريم وكيف أن ذلك لا يكون اعتباطا، بل له مدلولاته، ومن أهمها زمن الحدث، إذ أن حذف حرف من الفعل مثلا يدل على قصر زمن حدوث الفعل، كما يدل على الإيجاز في مقام الإيجاز، بينما يذكر الفعل بكل حروفه في مقام التفصيل ومثال على ذلك كما يورده الدكتور فاضل السامرائي :

في قوله تعالى :"فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً(97)" –الكهف – 97

وذلك في ال
سد الذي صنعه ذو القرنين من زبر الحديد والنحاس المُذاب، فالصعود على هذا السد أيسر من إحداث نقب فيه لمرور الجيش،فحذف من الحدث الخفيف، فقال: "فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ"، بخلاف الفعل الشاق الطويل،فإنه لم يُحذف بل أعطاه أطول صيغة له،فقال: "وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً"، فخفف بالحذف من الفعل بخلاف الفعل الشاق الطويل .

هل هذا في القرآن فقط أم نستطيع أن نقول "اسطاع" في العربية التي نستخدمها؟؟
لم افهم كثيرا الفرق بين الكلمتين

ضيفة جديدة ..

الشاي يا جماعة :)



نعم يا سلمى ضيفة جديدة بيننا هي أسماء أختي في الله وبلدياتي ::)smile: ، وهي مهندسة معمارية حديثة التخرج، يعني يا سلمى  قريبة جدا من سنك ::ok:: كنت دائما حين أخاطبها: "يا أسماء"، أقول لها وكأنني أخاطب نفسي  ::)smile:

أهلا بك يا أسماء أهلا وسهلا  :good: نورت المنتدى.  أرجو أن يطيب لك المقام، وأدعوك لزيارة مواضيع منوعة في ساحاتنا المطروحة لإخوة وأخوات هم صفوة الصحبة الصالحة النافعة بإذن الله 

------
نأتي الآن للفرق بين الكلمتين، هنا يا أسماء كما تين الحرف المحذوف، وهو حرف التاء(ت)، فإن هذا الحذف يتناسب مع المعنى والسياق، فمثلا: فما اسطاعوا أن يظهروه، هي بمعنى أنهم لم يستطيعوا ارتقاء السد للقفز منه، بينما النقب هو ثقبه، ذلك لم يستطيعوا فعله أيضا، ولكن ما الأسهل ؟ النقب أم الظهور على السد؟ طبعا الأسهل أن يظهروه، وبالتالي فهنا ناسب حذف حرف التاء لأن الفعل مقارنة بالثاني أسهل، فحذف حرف دلالة على سهولة العمل من جهة مقارنة بالثاني، ودلالة على وقته القصير قياسا بالوقت الذي يستغرقه الآخر، أما النقب فيستغرق الوقت الطويل وصعب أن يفعلوه، فناسب زيادة حرف التاء هنا.

هل تجلى المعنى ؟ emo (30):
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: زينب الباحثة في 2013-11-09, 13:21:39
أهلا بالأخت أسماء  ::happy:

تفضلي الشاي



و الحلوى


العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-11-09, 18:38:39
واحدة تطلب الشاي والأخرى شاي وحلوى :emo (3): ... فما اسطاعوا أن يأتوا بشاي وما استطاعوا أن يشتروا حلوى  :emo (5):   
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: Asma في 2013-11-09, 18:43:50
عن حذف حرف من المفردة في القرآن الكريم وكيف أن ذلك لا يكون اعتباطا، بل له مدلولاته، ومن أهمها زمن الحدث، إذ أن حذف حرف من الفعل مثلا يدل على قصر زمن حدوث الفعل، كما يدل على الإيجاز في مقام الإيجاز، بينما يذكر الفعل بكل حروفه في مقام التفصيل ومثال على ذلك كما يورده الدكتور فاضل السامرائي :
نعم تجلى المعنى شكرا لكي استاذتي و شكرا على ترحيبكم بي بينكم لي الشرف العظيم ان اكون بينكم
في قوله تعالى :"فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً(97)" –الكهف – 97

وذلك في ال
سد الذي صنعه ذو القرنين من زبر الحديد والنحاس المُذاب، فالصعود على هذا السد أيسر من إحداث نقب فيه لمرور الجيش،فحذف من الحدث الخفيف، فقال: "فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ"، بخلاف الفعل الشاق الطويل،فإنه لم يُحذف بل أعطاه أطول صيغة له،فقال: "وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً"، فخفف بالحذف من الفعل بخلاف الفعل الشاق الطويل .

هل هذا في القرآن فقط أم نستطيع أن نقول "اسطاع" في العربية التي نستخدمها؟؟
لم افهم كثيرا الفرق بين الكلمتين

ضيفة جديدة ..

الشاي يا جماعة :)


العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: Asma في 2013-11-09, 18:45:43
أهلا بالأخت أسماء  ::happy:

تفضلي الشاي



و الحلوى
اهلا بك اخت زينب شكرا على الترحيب
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: زينب الباحثة في 2013-11-09, 18:49:36
أنا حطيت صورة شاي وحلوى

وين راحت؟  :emoti_209: :emoti_209: :emoti_209:

لا تكوني أكلتيها أنت يا أسماء حازرلي :emoti_6: :emoti_6:
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: سيفتاب في 2013-11-19, 18:06:20
Asma

emoemoemo
صديقة الفراشة وحبيبتها تصبح حبيبتنا فورا

وآدي الشاي والحلوى

العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-12-07, 08:59:33
Asma

emoemoemo
صديقة الفراشة وحبيبتها تصبح حبيبتنا فورا

وآدي الشاي والحلوى



ياه يا سيفتاب اليوم فقط أنتبه للضيافة والإكرام :blush:: ... جزاك الله كل خير يا سيوفة، وبقلاوة كمان  ::)smile:
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-12-07, 09:00:47
في قوله تعالى من سورة الأنعام : "وَقَالُواْ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً لَّقُضِيَ الأمْرُ ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ(8) "

فمعنى الآية أنّ ما اقترحوه لو وقع لكان سيء المغبّة عليهم من حيث لا يشعرون . وليس المراد أنّ سبب عدم إنزال الملك رحمة بهم بل لأنّ الله ما كان ليظهر آياته عن اقتراح الضاليّن ، إذ ليس الرسول صلى الله عليه وسلم بصدد التصدّي لرام كلّ من عُرضت عليه الدعوة أن تظهر له آية حسب مقترحه فيصير الرسول صلى الله عليه وسلم مضيّعاً مدّة الإرشاد وتلتفّ عليه الناس التفافهم على المشعوذين ، وذلك ينافي حرمة النبوة ، ولكن الآيات تأتي عن محض اختيار من الله تعالى دون مسألة . وأنّما أجاب الله اقتراح الحواريّين إنزال المائدة لأنّهم كانوا قوماً صالحين ، وما أرادوا إلاّ خيراً . ولكنّ الله أنبأهم أنّ إجابتهم لذلك لحكمة أخرى وهي تستتبع نفعاً لهم من حيث لا يشعرون ، فكانوا أحرياء بأن يشكروا نعمة الله عليهم فيما فيه استبقاء لهم لو كانوا موفّقين .

ابن عاشور التحرير والتنوير
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: Asma في 2013-12-07, 18:31:38
سلام عليكم يبدو انه فاتني الكثير من الخير في المنتدى
تعددت استاذتي الاقوام لكنا اساليب الجحود هي هي لم تتغير
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2014-01-18, 09:11:17
كم أنّ معرفة اللغة العربية والغوص في بحورها ضروري !! كم يعدّ هذا على المسلم فرضا من فروضه...!!
ربما لا يُدرَك مقام ذلك ومدى ضرورته بالقدر الذي يُدرك حينما يريد أحدهم ليّ أعناق آيات القرآن الكريم وإعطائها تفسيرات لغوية ما أنزل الله بها من سلطان في عالم اللغة ولا في عِلم اللغة .... لم يعرفها العرب من قبلُ، ولم يكن مراد القرآن ما أراده ذلك اللّاوي....

قد يأتي بجذر الكلمة ويبحث في معانيه المختلفة عمّا يناسب فكرته التي يريد، بينما مُراد القرآن منها أبعد ما يكون عن مراده، وأقرب ما يكون إلى المعنى البسيط المفهوم العامّ الذي يصطلح عليه الفهم الجماعيّ ...

خطورة كبيرة تكمن في عدم الانتباه لمن يريد ليّ اللغة ليلوي بها مرادات القرآن الكريم، وهذا ما ينطلي غالبا على مَن لا دراية له باللغة إلا من قشورها وسطحها، ويغيب عنه استخدامات العرب لها والتي جاء القرآن وفيه منها الكثير ....

سأضرب مثالا...
قال تعالى : "إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ(4)"-التحريم-

هذا تلقين رباني لحبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم ليبلّغه زوجَتَيْه عائشة وحفصة رضي الله عنهما وأرضاهما، فالمخاطَب إذن مثنّى، والسؤال الذي قد يتبارد لمن لا معرفة له باستعمالات العرب للغة أنْ ما محلّ "قلوبكما" وهي جمع ينسب لمثنّى، والأنسب حسب الفهم المتعارَف عليه أن تكون :"قلباكما"...بمعنى حاصل قلبين لكل من الاثنَيْن ....

قد يجدها اللّاوي الذي يريد أن يوصل فكرة ملتوية معيّنة ثغرة يعبر بها لعقول الذين يكتفون بما عرفوا من أساسيات القواعد التي درسوها صغارا ليثبت فكرته ويبث شكوكا، ما يكون لها من موقع ولا وقع لو أن المتلقي بحث، ولم يرَ في مخزونه البسيط خلاصة المعرفة باللغة .... إذ أن العرب كانت للتخفيف تجمع الاسم المثنّى المضاف لاسم مثنّى ...

وكم خلط خالط وخبط خابط وهو يتسلل من منافذ قلة المعرفة باللغة العربية وباستعمالات العرب لها ليصل إلى العقائد داخل القلوب فيفسدها على أصحابها ...وما كتاب "آذان الأنعام " منا ببعيد ....عافانا الله وإياكم ونوّرنا وعلمنا ما ينفعنا ونفعنا بما علمنا .
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: Asma في 2014-01-18, 20:56:09
سلام عليكم ضروووووووووووووووووووووري جدا تعلمها ناسف لانني كنت في وقت، حتى دروس العربية لا احضرها،  :emoti_25: :emoti_6: لكن كيف السبيل يا فراشتنا الجميلة لتعلمها
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2014-01-19, 08:34:39
أهلا بك يا أسومة  emo (30):

السبيل إلى ذلك أن نكثر من قراءة الكتب، حتى تلك التي قد يتهرب منها البعض بدعوى أن لغتها صعبة وقديمة، من مثل كتب الأسبقين من أئمة المسلمين،فالتعوّد يورِث الألفة، والألفة تعطي للعقل مجالا أن يقرن بين المعاني فيتوسع مجال الفهم،وتتوسع دائرة المفردات والألفاظ أيضا،  وكذا التعوّد على الكتابة باللغة العربية حتى وإن كانت لنا أخطاء، فممارسة كتابتها مع الوقت تُكسب معرفة أكبر بقواعدها خاصة إن كانت لنا مخالطة لأهل المعرفة بها، أيضا لا يفوتني يا أسماء تذكيرك بدور المعاجم العربية، التي أرى وجوب ملازمتها لنا، وخاصة منها المعاجم القديمة، وهنا أضعُ لكِ موقعين مهمَّيْن عند البحث عن كلمة تأتيك النتائج من مختلف المعاجم :

http://www.almaany.com/home.php?language=arabic&lang_name=%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A&word=%D8%B9%D8%B8%D8%A9

http://www.baheth.info/

العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: Asma في 2014-01-19, 16:30:27
 ::happy: ::happy: ::happy: شكرااااااااااااااااااا
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: زهراء في 2014-01-21, 21:08:34
السلام عليكم انا ايضا اعاني من نقص في اللغة العربية   ::angry::بالرغم اني احبها عسى الله ان يفتح بك أبواب العلم و انواره يا استاذتي و أفتخر انك أستاذتي الى لقاء قريب ان شاء الله  emo (6):
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2014-05-15, 15:05:42
"وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ(74) وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ(75) فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَـذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ(76) فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَـذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ(77) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَـذَا رَبِّي هَـذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ(78) "-الأنعام-

كيف كان تفاعل سيدنا إبراهيم عليه السلام في كل مرة؟
إنه تفاعل تدريجي، فهو يجاري قومَه ليخاطبهم بما يفهمون، وليجعلهم أكثر تقبلا لما سيقرّره أخيرا. إنه المهتدي الذي أراه ربه ملكوت السماوات والأرض، فكان من الموقنين.

1-المرة الأولى عن الكوكب قال: لا أُحِبُّ الآفِلِينَ ....

2-في المرة الثانية عن القمر قال: لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ...وهو هنا يعرّض بهم ولا يواجههم بقوله مثلا: "لأكوننّ منكم"، كما أنه ينفي أنه منهم، لأنّ الآصرة عنده هي آصرة العقيدة لا آصرة الدم، فماداموا ضالين فهو ليس منهم .كما أنه المهتدي بهدى الله، ولكنه الذي لا يستغني عن هدى على الهدى، "وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى"

3-في المرة الثالثة عن الشمس قال:يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ .

"لا أحب الآفلين"----> إنه هنا وكأنه يتّبع هوى نفسه، وإن كان هواها مع الحق، هم هنا لن يفزعوا من قولته هذه، ولن يرفضوها، فهو يصرّح عن نفسه وما تحبّ وما تكره، أضف إلى ذلك أنّ عدم حبّه للآفلين، سيُلفت نظرهم إلى أنّ هذا الذي يتخذونه إلها لا يليق أن يكون إله وهو مِن "جمع" الآفلين.

"لئن لم يهدِني ربي لأكوننّ من القوم الضالين " ----> إنه من بعد تصريحه عما تكره نفسه، بدأ الآن بذكر الهدى، ومصدر هذا الهدى الذي يرتجي، إن مصدره ربّه، فقد انتقل من مرحلة اتباع نفسه إلى مرحلة وكْل أمرها وهداها لربّه، فكرهه للآفلين وإن كان سليما، وطريقا صحيحا، إلا أنه يبرأ هنا من نفسه ومن حوْلها ومن هواها، وإن كان هواها مع الحق.... إنه يبيّن أول الطريق ... أنّ المنهج الذي يهدينا هو الذي يبينه لنا ربنا وليس الذي تبينه لنا أنفسنا .

"يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ"----> أما هذه المرة فهو يعلن براءته مما يشركون، من كل ما يشركون، من بعد ما أعلن براءته من نفسه،يعلن لهم صراحة أنّ مذه المعبودات إنما شركاء، ليسوا بالقوة التي تقهر، والتي لا تغيب، ولا تأفل، ولا  تظهر عليها قوة... وفي هذا تمهيد لإعلانه التوحيد ..براءته من الشرك هي  طريقه للتوحيد ...والذي سيعلن عنه أخيرا إعلانا قويا ظاهرا لا يخالطه لُبس وذلك في قوله :"إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ(79)"

إنه يوحّد ربّه، ويوجّه له وحده وجهه، ويقرّ بعظيم قدرته، وأنه الذي فطر السماوات والأرض، فطر السماء التي يعبد منها قومه نجوما وكواكب، وشمسا وقمرا، وفطر الأرض التي يتخذون من حجرها ومن خشبها أصناما يعبدونها، أما هو فيعبد ربّ هذا كله، رب السماوات والأرض وما بينهما، وقد أُرِيَ ملكوت السماوات والأرض وكان من الموقنين . "حَنِيفاً وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ"

ما أروع "حنيفا" هنا...!وهو الذي أعلن مَيْله عن الشرك، ميله عن أهواء قومه وخرافاتهم، ميله عما ساد الأرض من شرك وكفر، ميله إلى الحق، وإن كان وحده بينهم فقد مال عنهم، عن باطلهم إلى الحق ..... "وما أنا من المشركين"   إنه سأل ربه أن يهديه فوق هُداه، ولم يستغنِ عن هدى فوق الهدى، فزاده الله هدى، زاده الهدى الذي واجه به كل قومه غير آبه بما يصنعون به، ولا بما ينعتونه به، واجه أباه ،وواجه  مَلِكهم، وواجه به تكذيبهم، وصبر على تعذيبهم، حتى أمر الله النار فتغيّر فعلها فيه ...!  عرّض لهم بدايةً أنّه لئن لم يهده ربّه ليكوننّ من القوم الضالين، غير معيِّنهم، فلما زاده الله هدى على هداه، أعلن بين جمعهم "وما أنا من المشركين".... لقد عيّنهم، ووصفهم بوصفهم. ...

وهكذا :

هواي وإن كان حقا لا أعوّل عليه----->بل أبرأ من نفسي وأتوكل على الله ربي وأسأله الهدى على الهدى----->عندها لن يكلني ربي لنفسي ولضعفها وسأفصل بالتوحيد وتوجيه وجهي لله مائلا عن كل باطل إلى الحق وإن عجّ به كل ما حولي








العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2014-05-16, 11:16:59
فتح الله لك فتوح العارفين
جميل جدا جدا ما كتبته هنا يا اسماء
لقد اطربني
  emo (30):
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2014-05-18, 08:28:07
تقبل الله دعاءك وفتح لك ونفع بك  emo (30): من أجمل القصص قصص سيدنا الخليل عليه السلام.
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2014-05-18, 09:24:05
"وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ(84)" -الأنعام-

هذا من نعم الله تعالى على سيدنا إبراهيم عليه السلام، ومن حسن الجزاء الذي جزاه به أن وهبه إسحاق ويعقوب، وقد دعاه عليه السلام أن يهبه من الصالحين، فكانا نبيَّيْن...
ولكن يسأل السائل، وما داعي ذكر سيدنا نوح في هذا المقام ؟

أرى -والله أعلم- أن سيدنا نوحا يشبه سيدنا إبراهيم في أمور، كما أن لسيدنا إبراهيم ما يربطه بسيدنا نوح عليهما السلام .

**سيدنا نوح صابرَ ورابط، وظل يدعو لله تعالى ما يقارب ألف سنة، وقومه مكذّبوه لا يكفون عن الاستهزاء به، وهو ثابت، يدعوهم ليلا ونهارا، ويجهر ويسرّ لهم إسرارا ...
قومه كانوا أيضا عَبدة أوثان وأصنام كقوم سيدنا إبراهيم عليه السلام، و على كثرتهم حوله، وعلى ما ناله منهم طوال تلك القرون، إلا أنه ما انثنى ولا بدّل ولا غيّر ...كان موجها وجهه للذي فطر السماوات والأرض ...

**سيدنا إبراهيم عليه السلام كان يدعو أباه، ولم يستجب له، كان كافرا، ولكن في هذا المقام يذكر الله تعالى مقام الأبوة الحقة، إنها أبوة نوح عليه السلام أبي البشرية الثاني لسيدنا إبراهيم عليه السلام، ومقام بنوة إبراهيم له عليهما السلام، وهي آصرة العقيدة، إبراهيم الذي نفى أن يكون من القوم الضالين، إبراهيم الذي إذ خاطب أباه قال"إني أراك وقومك في ضلال مبين"، ولم يقل:" أراك وقومي" يَشرُف أن يكون أبوه نوح عليه السلام .

**سيدنا نوح الذي لم يكن ابنُه ابنَه، بل كان عملا غير صالح، إذ دعاه أن يركب معهم فأبى،يشرف أن يكون إبراهيم ابنه، هذه هي الرابطة  القوية ... وتلك هي الآصرة الحقيقية .

**سيدنا إبراهيم بالحجة التي أوتيها، وبالذبّ الذي كان منه عن الدين، وعن الواحد الأحد سبحانه وبنفي الشركاء عنه، كان جزاؤه جزاء المحسنين، وُهب ذرية من الأنبياء، وكذلك سيدنا نوح، وقد خلت الأرض من كل من كان يعمرها من البشر إلا مَن ركب معه السفينة، جزاه الله بذرية أنبياء من بعده ... لم تخلُ الأرض، بل عمرت من جديد، عمرت لتعلي كلمة الله تعالى، فكل من ذكر في تلك الآيات المتتاليات من السورة ثمانية عشر نبيا، كلهم ذريته عليهم الصلاة والسلام .

**سيدنا إبراهيم ذلك الذاهب إلى ربه ليهديه "إني ذاهب إلى ربي سيهدين" ، ذلك الذي ما ينفك يذكر أنه ربه خالقه الذي هو هاديه "الذي خلقني فهو يهدين"، الذي كان مهتديا ولم يستغنِ عن سؤال الهدى فوق الهدى "لئن لم يهدني ربي لأكوننّ من القوم الضالين"... إنه الذي هداه ربّه، وزاده على الهدى هدى، فكان أمة قانتا لله،وكذلك سيدنا نوح هداه ربه من قبلُ حتى قال لقومه:"يَا قَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُم مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللّهِ فَعَلَى اللّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُواْ أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُواْ إِلَيَّ وَلاَ تُنظِرُونِ" .

فمن أجل كل ذلك كان هذا مقام ذكر سيدنا نوح عليه السلام،مع سيدنا إبراهيم وجزائه بالذرية، إنه الجزاء من جنس العمل، إنه الإحسان منه وهو أبو إبراهيم كما هو الإحسان من إبراهيم عليه السلام وهو ابنه،  ذرية من الأنبياء الهداة المهديّين .

العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2014-05-21, 09:28:57
ماشاء الله لا قوة إلا بالله

جميل

جزاك الله خيرا
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2014-06-10, 10:57:04
وإياك يا هادية  emo (30):
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2014-06-10, 11:02:02
قَالَ قَآئِلٌ مَّنْهُمْ لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ(10) -يوسف-

أليس كلام هذا الضمير الذي فيه شيء من حياة من أحد إخوته، أليس هذا ذاته رحمة من رحمات الله تعالى بيوسف جاءت على لسانه، وإنفاذا لأمره سبحانه في عبده الصالح يوسف ومآله وما سيصير إليه ؟ أليس بداية تأويل رؤياه ؟   ....... كيف ذلك ؟ أفيكون الإلقاء في الجب خيرا ؟

أجل .... فماذا إن قتلوه، أو طرحوه أرضا، بمعنى جعلوه في أرض نائية يهلك فيها ؟

إن بداية تأويل رؤياه هي إلقاؤه في غيابة الجب، ولا بد أنّ بعض السيارة سيمرون ليسقوا، فيجدوه، وتبدأ قصته، وهو حي ينساق بإرادة الله تعالى إلى منّ الله عليه شيئا فشيئا متقلبا بين المحن إلى أن يصبح عزيز مصر .....
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2014-06-11, 18:03:01
1-معرفة يوسف لمقام الرؤيا جعله يقصّ رؤياه على أبيه ....

2-كما كان قصها على أبيه سببا في تنبئ أبيه بكيد إخوته له . وأن الله سينعم عليه بتأويل الأحاديث،وأنه سيتم نعمته عليه.

3-تأويله لرؤيا صاحبي السجن كان سببا في تذكّر أحدهما له وذكره تحديدا للملك.

4-رؤيا الملك كانت السبب الذي ذكّر صاحب السجن بيوسف.

5-تأويله لرؤيا الملك كان سببا في خروجه من السجن....وتبوئه مقاما عليا .

6-وأخيرا تحقّق رؤياه من الله تعالى بأن سجد له إخوته وأبواه .
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2014-06-12, 10:11:24
وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مِكِينٌ أَمِينٌ(54) -يوسف-

إنه اليوم مكين، ذو مكانة، وليس ذلك العبد الذي اشتراه العزيز، إنه اليوم أمين، وليس ذلك السجين الذي لبث في السجن سنين .... مكين أمين ...

فمتى أعلن الله تعالى أنه مكّن له في الأرض، لقد أعلنها منذ اشتراه العزيز، ولم يعلنها هنا، هنا أعلمنها الملك من بعد ما رأى آيات براءته، وعظمته وطهارته، وتعبيره لتلك الرؤيا ....

أعلنها الله تعالى منذ اشترى العزيز يوسف في قوله :
وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ(21)

من العبودية(لحظة اشتراء العزيز له) ----------إلى التمكين، هكذا بأعيننا نرى السوء، ما نزال لا نرى في شرائه خيرا،نراها المحنة، ولكن رُبّ محنة تقود لمنحة، رب شر تراه أعيننا شرا، بينما ينال الصابر عليه، والثابت والواثق بالله تعالى بعده فرج عظيم وتمكين .

فالفرحة تعترينا لحال يوسف فقط حينما يستخلصه الملك لنفسه، ويعلن أنه لديه مكين أمين، بينما وجب أن نتشوّف للفرج منذ اللحظة التي تصيب فيها المؤمنَ المحنة فيصبر ويثبت ويثق بربه ... من لحظتها،-وإن كانت حزينة- يحدث التشوّف لرحمة وفرج قادِمين من الله تعالى .

فلننظر ليوسف عليه السلام، وهو يأل الناجي بين السجينَين أن يذكره عند ربه، أي سيده، ولنبحث عن الفرق العظيم بين ذلك الحين الذي أنسى الشيطان فيه يوسف أن يتمسك بالله وحده وقد استخلصه الله تعالى لنفسه، وبين اللحظة التي طلبه فيها الملك، ولم يتسرع ولم يهفُ للخروج إلا بعد أن ثبتت براءته، فقال الملك "ائتوني به"........... فرق عظيم بين "اذكرني عند ربك"، و"ائتوني به".... فالله تعالى لما توجه يوسف بكليته لربه وحده في رجاء الخلاص، ها هو يمكّن له عند عباده كما مكّن له عنده سبحانه .....
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2014-06-12, 10:30:10
جميل
فتح الله عليك وبارك بك يا اسماء
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2014-06-12, 16:31:33
وبك بارك الله يا هادية وفتح عليك  emo (30): هذه السورة عظيمة، عظيمة كلما قرأناها، ومهما عرفناها ... سبحان الله !
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2014-06-12, 16:47:42
وَقَالَ يَا بَنِيَّ لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللّهِ مِن شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ(67)

ويبقى النبي نبيا، رغم حزنه، ورغم عظيم مصابه في قرة عينه يوسف، ورغم حدسه أنّما سوّلت لأبنائه أنفسهم أمرا... ولكنه صبر الصبر الجميل، فما ضيّع عقلا، ولا أتلف برهانا، ولا فقد حجة

هذه الآية عظيمة .... إنها دستور، وقانون نورانيّ رباني...
إنها الموازنة بين الرضى بقاضاء الله، وأنه لا رادّ له، وأنه لا دافع له، وأنه لا يغني عن أمره وفعله شيء، وبين الأخذ بالأسباب ....

إنه يعلمهم، ويعلمنا، ويعلم به الله تعالى عباده جميعا، كيف تكون الموازنة، كيف يكون اليقين بأن الله تعالى هو المدبر وهو الفاعل وهو الآمر، والحكم له وحده، ولا يمنع ذلك من الأخذ بالأسباب، فهو يسألهم أن يدخلوا من أبواب متفرقة، ويبين لهم أنّ ذلك منه لن يغني عنهم من الله شيئا...

وأغلاط وأخلاط في كثير من الناس وهم إما متواكلون فلا يتحركون ويعزون ذلك منهم للقضاء وإلى أن ما يكون لا مغيّر له بحركتهم، وإما هم سببيون موغلون في السببية حتى يغفلوا عن مسبب الأسباب ....

فما أروع متيقنا بفعل الله تعالى، وبيده في كل شيء، وهو يأخذ بالأسباب متوكل على الله، راض قانع سابق في يقينه أن الفاعل هو الله ولا يكون إلا ما يريد وإن أخذ بكل الأسباب، فإذا كان ما أراد عرف أنه إرادة الله، وإذا لم يكن ما أراد عرف أن الله أمضى ما أراد .

أخذ بالأسباب -----مع يقين بأن الأمر لله والحكم له وحده ----- وتوكل تام على الله بعد التيقن والأخذ بالأسباب
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2014-06-13, 09:14:13
قَالَ هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ(89)

إنه يعلمهم بأمرهم وهم لا يشعرون، وهم لا يعرفونه ولا يستطيعون تبيّن أنه يوسف الذي ألقوه في غيابة الجب .

إنه  تحقق وعد الله تعالى :فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ وَأَجْمَعُواْ أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَـذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ(15)

هنا تحقق وعد الله تعالى ليوسف وهو في الجب.

أما مجيئهم مع أبويه وسجودهم فذلك تحقق الرؤيا .

وكما عرفنا في الفرق بين النبأ والخبر، لم تجئ "لتخبرنّهم" لأن نبأهم ذلك عظيم

الله سبحانه الذي لا يخلف وعده، وهذه سورة يوسف التي في قصته وإخوته آيات للسائلين، أي دلائل على ما يخفى، وفيها، من هذه الآية من الدلائل للسائلين أن تحقق وعد الله تعالى واجب لا محالة، ومنها نتعلم أنه سبحانه سيحقق وعده هذا:

 وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ(55)  -النور-
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2014-06-13, 12:09:45
إن أعظم كارثة نراها نحن قراء سورة يوسف هي إلقاء إخوته له في غيابة الجب، ونراها غما وهمّا وحزنا ألمّ بيوسف وبأبيه عليهما السلام .

بينما يوسف عليه السلام لما عدّد نعم الله عليه من بعد مجيئ أهله إليه، لم يذكره أول ذكره. يقول:

وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى ٱلْعَرْشِ وَخَرُّوا۟ لَهُۥ سُجَّدًۭا ۖ وَقَالَ يَـٰٓأَبَتِ هَـٰذَا تَأْوِيلُ رُءْيَـٰىَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّى حَقًّۭا ۖ وَقَدْ أَحْسَنَ بِىٓ إِذْ أَخْرَجَنِى مِنَ ٱلسِّجْنِ وَجَآءَ بِكُم مِّنَ ٱلْبَدْوِ مِنۢ بَعْدِ أَن نَّزَغَ ٱلشَّيْطَـٰنُ بَيْنِى وَبَيْنَ إِخْوَتِىٓ ۚ إِنَّ رَبِّى لَطِيفٌۭ لِّمَا يَشَآءُ ۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ .

لم يبدأ به على أنه المحنة العظمى، ولا تنجية الله له منه، بل تلطف بين إخوته الذين سبق وأن أخبرهم ألا تثريب عليهم، فأشار ولمّح إليه بذكره نزغ الشيطان بينه وبينهم ...

إنه يرى نجاته من السجن قبل كل شيء، ذلك السجن الذي قال عنه في عزّ محنته بامرأة العزيز والنسوة، "ربّ السجن أحب إلي مما يدعونني إليه"...  نعم إنه أحب إليه من أن ينصاع لهواهنّ، ومن أن يقترف معصية، الجبّ لم يطل به مكثه، بل لقد نجاه الله منه، والسيارة كثيرو الارتياد له... أما السجن فقد طال فيه مكثه، حتى طلب من الناجي أن يذكره عند ربه... ورغم ذلك لم يكن له ما أراد، بل لبث فيه بضع سنين أخرى... وهو مسجون ظلما، ففي السجن محنتان،محنته  بالنسوة وبعدم ظهور براءته منهنّ على الملأ مع محنة السجن التي لولا أقدار الله وألطافه لكان موته فيه ...

والسجن...هذا الذي رآه أخف الضررَين عليه،يتم الله نعمته عليه من ثباته وصبره، فيخرجه منه أيضا، ويمكّن له في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء ....

إنّ الجبّ وإن كان إلقاؤه فيه هما وحزنا، إلا أن إيناس الله له فيه بأن أوحى إليه لينبئنّهم بأمرهم، وتنجيته منه سريعا، كان بداية التمكين التي تجعل مع العبد المؤمن الثابت الصابر ما مظهره حزن وغمّ بداية لمنحة عظيمة ... فكان الجبّ أمرا أهون من قتله أو طرحه في أرض يهلك فيها، بينما كان قصر العزيز المنيف، حيث حياة الترف، والنعمة مكانا تطارده فيه المحنة العظيمة، فكان السجن أحبّ إليه منه ومما دعيْنه إليه... وهكذا تقلب عليه السلام بين المحن، وكان ثابتا، يرى المنحة في المحنة ببصيرته الثاقبة وقلبه الموصول بالله ...
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2014-07-04, 14:02:31
وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ(154)-الأعراف-

لقد عاد فوجدهم عبدوا العجل، فتملّكه الغضب لربه.
لربه الذي نجاهم وعلاهم وووعدهم أن يورثهم الأرض من بعد القوم الظالمين....

غضب غضبا شديدا، حتى ألقى الألواح، حتى أخذ بلحية أخيه يجره إليه... ولكن الغضب سكت... فالغضب لم يُيَئس نبي الله من رحمة الله، ولم يَحُل دون مواصلته درب دعوته لله ....

أخذ الألواح وفي نسختها هدى ورحمة .... لمن ؟
للذين هم لربهم يرهبون

إنه هدى التوفيق، هدى المعونة الذي يقرب العبد المؤمن بربه من ربه...
وكذلك هنا يتشابه المعنى مع قوله تعالى : "ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ(2)"-البقرة-
هدى للمتقين، هدى توفيق وهدى معونة، هدى يأخذ المؤمن المتقي في مدارج المحسنين ....

من آمن بالله ربا فاتقاه كان له في القرآن هدى....
ومن كان لربه راهبا هداه كلام الله ....
هدى التوفيق ....
أما هدى الدلالة، هدى يدل العبد على ربه، وإلهه فقد هداه الله كل خلقه ....

هداه بني إسرائيل من بعد الفطرة والعقل بموسى عليه السلام جاء يدعوهم لعبادة الله الواحد...
ولكن هدى التوفيق والمعونة لا يكون إلا للذين هم لربهم يرهبون....
ولكن الهدى من القرآن لا يكون إلا للمؤمنين المتقين ....

أوليس مخطئا كل الخطأ من حسب أن الدعوة تكون بالدرجة الأولى للبعيدين، للمسرفين، للغارقين في لجّ الشهوات، للذين أخذتهم الدنيا كل مأخذ ....
فأين هدى المتقين؟ وأين هدى الذين هم لربهم راهبون ؟

لا نغفل عنهم، فهدى القرآن لن يتمكن إلا من نفوسهم، ومن نفوس المسرفين التائبين التوبة النصوح .
أما أن يُبحث عن هدى توفيق ومعونة لمن ضيّع هدى الدلالة .... فصعب، وإنه لمرتقى بلا قاعدة ....
ولا يتوقف الهدى عند حد لا تستوجب معه الدعوة، بل يستمر ويكبر ليأخذ المؤمن من كتاب الله ويعبّ ولا ينفك محتاجا للهدى ...وللاهتداء، وللدعوة ....
أو لم يقل إبراهيم عليه السلام، وهو المهتدي العارف ربه "لئن لم يهدني ربي لأكوننّ من القوم الضالين" ؟
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2014-07-10, 17:31:52
 قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُواْ أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُم مَّوْثِقاً مِّنَ اللّهِ وَمِن قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّىَ يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ(80) -يوسف-

لم يستطع كبيرهم أن يعود معهم بغير بنيامين، ذكّرهم بموثق أبيهم، وذكرهم بفعلتهم في يوسف أخيهم، ثم قرر ألا يبرح الأرض حتى يحكم الله له...

لقد كانوا عشرة يوم ألقوا يوسف في غيابات الجب ....
عشرة، ولكن بينهم من وصفه الله تعالى بالقائل منهم، هو الذي اقترح عليهم ألا يقتلوا يوسف وألا يطرحوه أرضا، بل أن يلقوه في غيابات الجب ليلتقطه بعض السيارة ....
لقد كان قوله -وإن كان أحدهم والمنفذ معهم-  رحمة من الله تعالى أجراها على لسانه حتى لا يقتل يوسف ولا يطرح أرضا، وقد يكون هذا القائل هو ذاته كبيرهم الذي أبى أن يترك أرض مصر وأن يعود معهم لأبيهم من غير بنيامين ....

فأين بنيامين اليوم؟ إنه مع يوسف، لقد آواه إليه يوسف، ولقد منّ الله على يوسف وعليه، كما لم يكن مع إخوته ساعة كادوا ليوسف، بنيامين بجانب يوسف، وكبيرهم لم يبرح الأرض، ولم يعد معهم إلى مصر ....
فكم بقي منهم ؟
لقد بقي تسعة هم المتمالؤون على الشر الأكبر، وهم الذين كانوا سيقتلون يوسف لولا إرادة الله وتسبيبه لقول أخيهم أن يطرحوه في الجب لينجو بدل قتله....

لقد خلُصَ المجرمون الخلّص .... ولقد منّ الله على يوسف وعلى أخيه بن يامين، وهذا الثالث كبيرهم أيضا على قدر الخيرية التي كانت فيه، لم يجعله الله تعالى مع إخوته ساعة قدموا على يوسف وهم في ذل وصَغَار
فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَيْهِ قَالُواْ يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ(88)

رفع الله البريئَيْن يوسف وبن يامين درجات، كما خلّص الثالث (كبيرهم) من الذل والصغار جزاء وفاقا لخيريّة فيه ظاهرة...

فسبحان الله العدل، وسبحان الله الذي لا يظلم مثقال ذرة، وسبحانه وما هو بظلام للعبيد... !
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2014-07-16, 17:35:24
"أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ(18) "-الحج-


الشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب كلها تسجد لله، كلها دون استثناء، ما فيها أن قليلا منها يسجد، وما فيها أن كثيرا منها يسجد، بل كلها تسجد لله ....

أما في الناس... أما بين الناس....!!
فقد جاء رب العزة بـ"كثير" ولم يجئ بـ "أكثر"، لنقول أنه بقي القليل الذين لا يسجدون، بل  لنعلم أن كثيرا منهم أيضا لا يسجدون ...، وهؤلاء الكثير الذين لا يسجدون، هم الذين حق عليهم العذاب ...
إنه سبحانه بعذابه لهم قد أهانهم، وإنه سبحانه بسجود الساجدين له قد أكرمهم... فما أكرم وما أعزّ من سجد لربه ... وما أذلّ وما أهون من لم يسجد له...

من لم يسجد لله تعالى أهانه الله في الدنيا وأذلّه، وأخضعه لمن مثله من البشر، وأسجده له، مؤتمرا بأمره منتهيا بنهيه،وتلك إهانة من الله تعالى له ما بعدها إهانة، ولن يكرمه أحد ممن سجد لهم من دون الله، بل كلهم سيذلونه وسيستصغرونه...

من لم يسجد لربه، ولم يذلّ بين يدي ربه، أذلّه الله لغيره وأهانه، ومن سجد لله تعالى أكرمه، فلم يحوجه لغيره، ولم يذلّه لغيره، وكيف يذلّ أو يهان والله أكرمه بسجوده له سبحانه ؟

قمة كرامتنا ورأس عزّنا في السجود لله، وغاية الهوان والذل في الاستنكاف عن السجود له سبحانه



العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2014-11-20, 13:21:49
عندما نتحدث عن ترتيب النزول وترتيب المصحف، فهما ليسا الشيء نفسَه... ترتيب النزول شيء، وترتيب المصحف الكريم شيء غيره... للمؤمن أن يتساءل ما سرّ اختلاف الترتيبَيْن؟ وقد يترتّب عن تساؤله ثمرة أو ربما ثمرات ...

لماذا لا نحاول قراءة القرآن الكريم بترتيب المصحف، على أنه الطريق الذي يسلكه سالك، فيبدأ من مبتدأ وينتهي إلى منتهى .... هذا السالك هو أنا وأنت وهو وهي ... ربما كان مؤمنا، وربما لم يكن، هذا الكتاب فيه هدى للناس كل الناس، هذا الكتاب يدلّ المؤمن، كما يدلّ غير المؤمن الذي يريد أن يعرف، ويبحث ....

لماذا لا نحاول فتح هذا الكتاب من جديد، بفكرة جديدة، بطريقة جديدة، بروح جديدة....
أريد أن أعرف وأنا أبدأ الطريق، ما التسلسل الذي جاء في هذا الكتاب، بهذا الترتيب الذي أراده ربّ العزة، الذي رسم خطوطه ربّ العزة، فإذا كانت السورة بمعنى"المنزلة" فكيف أراني وأنا أنتقل من منزلة إلى منزلة ؟ وأنا أشق هذا الدرب إلى الله تعالى من مبتدأ الطريق(الكتاب) ....

عندما أبدأ الطريق(فتح دفّتي المصحف) ماذا يقابلني؟ ما أول حاجتي؟ ما أول ما يجب أن أعرف، وما أول ما يجب أن أفعل؟ ما أول ما يجب ألا أفعل ؟

لماذا لا نحاول قراءة القرآن العظيم بهذه الطريقة ؟ لا بترتيب النزول كما نزل على قوم أميّين، كانوا ضالين فهداهم، بل بترتيب المصحف الذي حدده الله تعالى، الذي وضعه الله تعالى لحكمة عظيمة...ربما تتبيّن في عصور ما بعد النزول وما بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من تبيّنها في عهد النزول...ربما توائم ناس هذه العصور، ولا تلائم ناس عصر النزول...

لماذا لا نحاول تدبّر الآيات، وتدبّر المنازل(السور)، وتدبّر الانتقال من آية إلى آية، ومن سورة إلى سورة ؟ لماذا لا نحاول ان نبصر النور لا بشيء بل بنور القرآن....

لماذا لا نحاول الربط بين آية تبدو لنا بعيدة عن موضوع آيات كنا بصددها ؟ كأن نقرأ في آيات عن القتال ونقرأ ونقرأ، ثم وفي الطريق نفسه، نقرأ واحدة عن الربا، ثم نعود لنقرأ عن القتال؟ !
نقرأ عن النظام الأسري في الإسلام، ونقرأ ونقرأ ثم نقرأ على نفس الطريق آية الحفاظ على الصلوات والصلاة الوسطى ونعود بعدها لنقرأ عن النظام الأسري من جديد ؟!

لماذا لا نبحث؟ لماذا لا نتأمل؟ لماذا لا نطيل المكوث في الآية ؟ وفي السورة؟ لماذا يكون همنا آخر السورة أو آخر الكتاب لنكون قد أتممنا ختمة !    وبعد....... ؟!

لنحاول.... لنقرأ... لنبحث...لنربط...لنتأمل...لنتدبّر... لنقرأ قراءة شخصية دون استعانة بتفسير إلا في القليل الذي لا نفهم... وسنجد...سنكتشف... سنعرف، وكأننا لم نقرأ من قبل شيّا !!

لنفتح دفتّي المصحف .... لنبدأ الطريق.... لنتخذه طريقا ومشكاة في آن ....لنبحث في أنفسنا بعد كل منزلة(سورة) عما رسخ بأنفسنا، عما استنارت به عقولنا، عما أضاء لنا لنكمل الدرب منزلة إثر منزلة ...
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2015-02-20, 11:38:47
إذا تأملنا سنّة الله في عباده ساعة الوغى ولقاء العدوّ، تعلّمنا أمورا أساسية تُذهب عن عقولنا الشطط، وتعلّمنا عقيدة النصر، وكيف يتأتى للمؤمنين، وتمحو عقائد باطلة يرمي بها بعضهم ذات اليمين وذات الشمال سواء بنيّة التشكيك في الدين، أو لتخذيل المؤمنين وليظلوا على حالهم من الضعف والاستكانة ...

سورة آل عمران تعلمنا عقيدة النصر بقواعدها وبشروطها المتشابكة، إذا تأملنا في معرض السورة من مبتدئها إلى منتهاها .
1- فقد يقول قائل من أهل النفاق أو الدسّ أو التشكيك" لو كان محمد حقا لما هُزم أصحابه"، وقد قالها أهل النفاق في "أُحُد"، ويقولها كذلك أهل النفاق والتشكيك وتلامذة المستشرقين والعلمانيون اليوم. كما قد يقولها ضعاف النفوس من المؤمنين اليوم عن حالنا وما نعاني.

2-قد يقول قائل ناظر في حال الأمة اليوم، كيف يتأتى لنا نصر ونحن على ما نحن عليه من ضعف وتفرّق وتشرذم، ويقطع الأمل ويخذّل المؤمنين في حدوث نصر لهم جديد.

فلنتأمل آيات سورة آل عمران التي جاءت من أولها تلوّح بإمكانية تجدد نصر الأمة وأنه لا ينقطع مهما كان من حال ولكن بشروط : "قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لَّأُوْلِي الأَبْصَارِ(13)"

وقبل هذا قد علّمنا الله تعالى هوان الكافرين عليه سبحانه، حتى لا يقع في قلوبنا من قوة يكونون فيها رهَب أو قياس بالعين التي تقدّر العدد والعُدّة وحدهما فقال سبحانه :
"إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُم مِّنَ اللّهِ شَيْئاً وَأُولَـئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ(10) كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ(11) قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ(12)"

علّمنا سبحانه أنّ عددهم وعدتهم وما هم عليه ليس دليل قوة مطلقة، وكيف يكونون الأقوياء وهم "الذين كفروا" ؟ إلا إذا قرّرنا نحن بنظرة قاصرة أنهم "الأقوياء" بينما يقرر الله تعالى أنهم بكفرهم "الضعفاء" وأنه متى كان المؤمنون معتزين بإيمانهم متقوّين به غيرَ ناكسي رؤوسهم وهم أهل إيمان كان الكفار بما لهم من مظاهر عزة هم الضعفاء...

فإن الآية بارزة لنا ظاهرة في نصر الله لفئة كانت صفتها الأهم "يقاتلون في سبيل الله"

ولكنّ هذه العبرة لا تتأتى إلا لأولي الأبصار، فأي أبصار هي؟ والبصر يقول أن الفئة الكافرة أكبر عددا وعدة من الفئة المقاتلة في سبيل الله ؟!
إنما هي البصائر التي لا تتخذ النظرة العينيّة حكما تاما كاملا مستوفي الشروط . بل إنّ التاريخ الإسلامي الممتد بالفتوحات والنصر المبين في عصور العزة يشهد بلقاء المؤمنين دوما بالفئة الكافرة وهي الأكثر عددا، بل تكون في غالب الأحيان بأضعاف المؤمنين .

أولا:
سورة آل عمران تعلّمنا من بداياتها أول السلاح الذي على الأمة أن تتسلح به وهو الخلاص من الهزيمة النفسية، ومعرفة هوان الكافرين على الله وإن يكن من مظهر قوتهم ما يكُنْ .


ثم تعرض السورة لما يداوي المؤمنين من أن يقعوا فرائس شهوات الدنيا التي تحيط بهم فتأخذهم عن نصرة دينهم "زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ(14) قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ(15)"

ثانيا:

فالمؤمن ليس فريسة للدنيا وشهواتها بل هو صاحب الخير العظيم الذي يخبئه له رب العزة، ومن شأن الشهوة أن تذهب العبد عن أن يكون همّه نصرة دينه .
 
يزيد الله في تأكيد هوان الكافرين عليه سبحانه بما ظلموا وبما أتوا مع الأنبياء والرسل وبما قابلوا دعوة الله تعالى
"كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ(110) لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأَدُبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ(111) ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَآؤُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ(112)"

ثالثا:

فهم بما ظلموا وبما كان منهم من كفر وصدّ وتقتيل للأنبياء هانوا على الله تعالى، فكيف لهم أن يقاوموا قلوبا عامرة بالإيمان بالله ؟

رابعا:
الأمة التي كانت يوما ما قوية مؤيدة من الله تعالى، حقيقة بأن تعود لمجدها على خطى أسلافها .

أما إذا حاول منافقو اليوم-وهم يفعلون- أن يقولوا بقول منافقي الأمس وأنّ القتال في سبيل الله لا داعي له، وأنه انتحار، وأنه إرهاب، وأنّ الأضعف قوة كيف له أن يلاقي الأكثر والأظهر قوة؟ وأنّ الإقدام على قتال الكافرين الأقوياء عدة وعددا جنون وموت بلا معنى، فالله تعالى يعلّمنا الردّ عليهم، ويعلمنا قبل الرد عليهم عقيدة أن النصر من عند الله تعالى لا من سواه...

"وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ(123)".إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُنزَلِينَ(124)بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَـذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ(125) وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ(126)

خامسا:

تقوى الله مع الصبر والثبات في قلب اللقاء تؤهل أهلها للنصر على الكافرين وإن كان المؤمنون قلة .


كما تعلمنا آل عمران شروط نصر المؤمنين.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافاً مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(130) وَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ(131) وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ(132) وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ(133) الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ(134) وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ(135) أُوْلَـئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ(136)

سادسا:

نفوس المؤمنين الذين يستحقون نصر الله نفوس زكيّة، أعلنوا الحرب على أنفسهم وعلى غواياتها قبل إعلانهم الحرب على عدو الخارج .


ولقد علّمنا الله تعالى في آل عمران أن عدم الفشل وعدم الضعف وعدم الاستكانة(الصبر) وكل هذا مع توكل على الله تعالى ودوام سؤاله ودعائه أن يغفر لهم ويثبتهم وينصرهم.

وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ(146) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ(147) فَآتَاهُمُ اللّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ(148)

سابعا:

النصر حليف المؤمنين الربيّيين أي المطيعين لله ولرسوله، الصابرين المتواضعين لله مديمي الاستغفار وسؤال الثبات والاستنصار بالله .

ثم يعلمنا سبحانه شرطا آخر
إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ(160)

ثامنا:

فهو سبحانه الناصر لعباده المتوكلين عليه، وهو سبحانه الذي يخذل عباده الذين لا تتوفر في أنفسهم شروط النصر التي تعلمناها من الآيات أعلاه.

ولا ننسى أن الله تعالى علمنا في معرض كثير من آيات آل عمران ضرورة التنبة للمنافقين في الصفوف، وضرورة توقّيهم، وعدم السماع لتخرّصاتهم وتشكيكاتهم، وأن عقائدهم عقائد كفر باطلة.

وبهذا نستنتج شروط النصر من آيات آل عمران السابقة ونجملها هنا مرقومة :

1- أول سلاح الأمة الخلاص من الهزيمة النفسية، ومعرفة هوان الكافرين على الله وإن يكن من مظهر قوتهم ما يكُنْ .

2-المؤمن ليس فريسة للدنيا وشهواتها بل هو صاحب الخير العظيم الذي يخبئه له رب العزة، إذ من شأن الشهوة أن تذهب المؤمن عن رسالته العظيمة وعن نصرة دينه.

3-الكافرون(أهل الكتاب) بما ظلموا وبما كان منهم من كفر وصدّ وتقتيل للأنبياء هانوا على الله تعالى، فكيف لهم أن يقاوموا قلوبا عامرة بالإيمان بالله ؟

4-الأمة التي كانت يوما ما قوية مؤيدة من الله تعالى، حقيقة بأن تعود لمجدها على خطى أسلافها .

5-تقوى المؤمنين الله مع الصبر والثبات في قلب اللقاء تؤهلهم  -وإن كانوا قلّة- للنصر على الكافرين .

6- نفوس المؤمنين الذين يستحقون نصر الله نفوس زكيّة، أعلنوا الحرب على أنفسهم وعلى غواياتها قبل إعلانهم الحرب على عدو الخارج .

7-النصر حليف المؤمنين الربانيّين أي المطيعين لله ولرسوله، الصابرين المتواضعين لله مديمي الاستغفار وسؤال الثبات والاستنصار بالله.

8-الله سبحانه الناصر لعباده المتوكلين عليه، وهو سبحانه الذي يخذل عباده الذين لا تتوفر في أنفسهم شروط النصر التي تعلمناها من الآيات أعلاه.

9- معرفة صفات المنافقين وضرورة اتقاء المؤمنين تخذيلهم وتشكيكهم وتضعيفهم .

والآن وبعد هذا ....

نأتي على آية عظيمة من سورة آل عمران، جامعة شاملة لك ما سبق:

"لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ(164) "

أ-يتلو آيات الله --------> يبلّغ المؤمنين ما يعلّمهم الله تعالى من هوان الكافرين عليه، ومن حقيقة المنافقين وخطورة الركون لتخرّصاتهم، ومن تقوية للمؤمنين رغم كل بأس، ومن تخليصهم من الهزيمة النفسية إزاء القوة الظاهرة للكافرين، ومن حقيقة كفرهم وفعلهم بالأنبياء، وغضب الله عليهم وضربه الذلة عليهم.

ب-يزكّيهم-------------> للتسلح بالتقوى، والتزكية (من الآية130 إلى 136) .

ج-يعلمهم الكتاب والحكمة---------> يعلمهم أمر الله ونهيه، ويعلّمهم بسلوكه صلى الله عليه وسلم وتربيته إياهم .

ولذلك وحتى يُبهت المنافقون المتقوّلون، بأن هذا الدين لو كان حقا لما هُزم المسلمون ولما ضعفوا، قال تعالى "رسولا من أنفسهم" بشر عليه الصلاة والسلام جاء ليبلّغ رسالة ربه، ويقابل كل فعل منه صلى الله عليه وسلم تفاعل من المؤمنين ليتحقق النصر .

فتلاوته آيات الله يقابلها منهم -----------------> فهمها وتشرّبها والعيش بها.
وتزكيته لنفوسهم منه يقابلها منهم--------------> أن تتزكّى نفوسهم وتتطهر فعلا على الأرض .
ويعلمهم الكتاب والحكمة منه تقابلها منهم--------> أن يعملوا بما تعلموا أي أن يطيعوا  الله ورسوله.

ولهذا تأتي الآية الموالية لهذه الآية الجامعة تبيّن للمؤمنين أن ليس عليهم أن يتساءلوا عن سر هزيمتهم وضعفهم، وهم الذين لم يتفاعلوا مع أمر الله تعالى ومع فعل الرسول صلى الله عليه وسلم معهم، ولتخرص ألسنة المنافقين وكل المشككين في الدين، فالله تعالى قدير على أن ينصرهم، ولكنّ نصره سبحانه وتأييده لهم مرتبط بتفاعلهم هُم، وفعلهم على الأرض، وفقههم لشروط النصر سواء على الجبهة الداخلية بتزكية أنفسهم واتقاء المنافقين وتخلّصهم من الهزيمة النفسية أو على الجبهة الخارجية بمعرفتهم هوان الكافرين على الله وياعتزازهم بإيمانهم  فيقول تعالى :

أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(165)

العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2015-02-28, 16:43:40
عندما نتحدث عن ترتيب النزول وترتيب المصحف، فهما ليسا الشيء نفسَه... ترتيب النزول شيء، وترتيب المصحف الكريم شيء غيره... للمؤمن أن يتساءل ما سرّ اختلاف الترتيبَيْن؟ وقد يترتّب عن تساؤله ثمرة أو ربما ثمرات ...


مما يثير الدهشة والإعجاب اعتماد الدكتور محمد عبد الله دراز على اختلاف ترتيب النزول عن  ترتيب المصحف في إثبات إعجاز القرآن الكريم وأنه منزل من عند الله
وقد شرح هذا باستفاض في كتابه القيم (النبأ العظيم)
أوصي الجميع باقتنائه وقراءته بتدبر
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2015-03-03, 12:25:04
عندما نتحدث عن ترتيب النزول وترتيب المصحف، فهما ليسا الشيء نفسَه... ترتيب النزول شيء، وترتيب المصحف الكريم شيء غيره... للمؤمن أن يتساءل ما سرّ اختلاف الترتيبَيْن؟ وقد يترتّب عن تساؤله ثمرة أو ربما ثمرات ...


مما يثير الدهشة والإعجاب اعتماد الدكتور محمد عبد الله دراز على اختلاف ترتيب النزول عن  ترتيب المصحف في إثبات إعجاز القرآن الكريم وأنه منزل من عند الله
وقد شرح هذا باستفاض في كتابه القيم (النبأ العظيم)
أوصي الجميع باقتنائه وقراءته بتدبر

وهو كذلك. نسأل الله أن يعلمنا قرآننا ويفهمنا كنوزه .
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2016-04-10, 09:29:39
عندما يناطح هوى البشر إرادة الله وحكمته.. !
عندما يحكّم الإنسان في نفسه هواها...

عندها طالب مَن طالب رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يأتي بقرآن غير هذا القرآن أو أن يبدله..

عندها تجرؤوا فاستعجلوا العذاب والشر استعجالهم بالخير...

عندها طالبوه أن يأتيهم بآية خارقة...

عندما تناطح أهواء البشر حكمة الله تعالى، عندها يقولون ما يشاؤون ويتشدقون بما يشاؤون... ويهرفون بما لا يعرفون...

ولكن الجمال ... كل الجمال والجلال كل الجلال... ألا يجيبهم الحكيم العليم إلى ما يريدون  بل يقضي بأمره وتدبيره ... وإن قالوا عن نبيه إنما أنت متقوّل، فأين إجابة ربك لما طلبنا ؟

الجلال كل الجلال في بقاء الأمر كما قضى الله وكما شاء، وكما قدر، حتى وإن زادهم إمضاء الله لما يريد لا لما يريدون طغيانا وعمى على العمى ....

" وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُم بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ ۖ فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ" -يونس : 11-
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2016-04-12, 10:14:58
{بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ ۚ كَذَٰلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ} [يونس : 39]

خطيرة هذه الآية....

هذا عن حال المشركين، وكيف كذبوا بالقرآن من غير ان يتدبروه ويفقهوا معانيه، وينتظروا تأويل (أي تفسير) وتفصيل أحكامه من رسول الله صلى الله عليه وسلم....

فماذا عنا اليوم ؟!!! والشائع حفظ الحروف بلاتدبر أو تفكّر....
أليس هذا ما جعل كثيرا من الشباب سريع التأثر بالشبهات التي تُلقى؟!!

الحكم على الشيء فرع من تصوره...

أليس البعد عن التدبر والتفكر، والمدارسة من عوامل الحكم الجائر من ابناء الإسلام على الإسلام، ومن كثير من أبناء الأمة على القرآن... ؟!!!  ومن كثير من ابناء الأمة على السنة وهي الشارحة للقرآن.. ؟! المفصلة لما أجمل فيه؟!!!

أليس من عوامل مسارعتهم للاستجابة لطعن طاعن او تشكيك مشكك ؟!!
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2016-04-12, 10:55:58
نعم
{فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلاَ يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لاَ يُوقِنُونَ}
العنوان: رد: في ظلال القرآن
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2016-04-13, 04:08:07
نعم
{فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلاَ يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لاَ يُوقِنُونَ}

ثبتنا الله على الحق.