المحرر موضوع: الفرق بين مصطلحي السلفية والسلف الصالح  (زيارة 32874 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل محمد عيد

  • شباب إيجابي
  • ***
  • مشاركة: 896
  • الجنس: ذكر
  • ابن الأزهرالحاني


الله ، جميل ياما هادية ، بارك الله فيكي .
" ومن أحسن قولًا ممن دعا إلى الله، وعمل صالحًا وقال إنني من المسلمين "!!


لا أحد.

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6545
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
أما أنا فأتمنى أن أتعلم، وليس بالضرورة أن ننتظر الأخ فارس الشرق أو أيا كان لننتظر التهم ثم ردها لنفهم، وإنما  أظن أنها غالبا اتهامات معروفة فلمَ لا توضع ثم نعرف الرد عليها، ولو أنني صراحة أتمنى لو أعرف الكثير من الأساس، من مثل تعريفات مختصرة جدا ومبسطة لكل فرقة ومرحلتها ومعتقدها (ماتردية، أشاعرة .......إلخ)

بصراحة أكبر ليت أهل الاختصاص يبسطون لنا ما يجب أن يُعلم عن تاريخ هذه الفرق وعن سبب الاختلاف بينها يعني ليشكل عندنا نواة معرفية ثقافية

جزاك الله خيرا ماما هادية
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل فارس الشرق

  • شباب إيجابي
  • ***
  • مشاركة: 827
  • الجنس: ذكر
  • وحشيتي سرج على عبل الشوى نهد مراكله نبيل المحزم
السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته..
يسعدني جدا أن يفسح في هذا المنتدى مجالا للحديث عن مسائل العقيدة وأصول الإيمان، واتباع الحق والمنهج القويم فيها.. وبيان الخلاف الواقع في الأمة حول هذه المسائل؛ إذ إن مسائل العقيدة هو أولى العلوم بالتعلم والمعرفة وهي أولى الواجبات على المكلفين....
وأشهد الله تعالى أن أدخل إلى هذا الموضوع متجردا لا أبغي من وراءه إلا الحق والعلم، وقولي صواب يحتمل الخطأ وقول غيري خطأ يحتمل الصواب، وكل يؤخذ من قوله ويرد إلا النبي صلى الله عليه وسلم...
وكم كنت أود لو دخلنا إلى هذا الموضوع سلفا على غير جدال أو مشادة بيني وبين ماما هادية... فالله يعلم أن سلوكي الشخصي في مسائل العقيدة خاصة التوخي والحذر وعدم الإسراع إلى التخطئة والتماس العذر والأخذ بمحاسن المقاصد، ومحاولة الوقوف على الحق البين الموافق للكتاب والسنة وعمل الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، ولكني رأيت منها تحاملا على العقيدة السلفية..ووقوفها بها عند مدرسة ابن تيمية وقصر مفهوم المنهج السلفي عليها..رغم أن ابن تيمية من وجهة نظري ما هو إلا علم من أعلامها وإئمام من أئمتها وقد سبقه على المنهج السلفي كثير من الأئمة الأعلام وعلى رأسهم الإمام أحمد بن حنبل... كان قولها هذا في وجهة نظري إجحافا للفكر السلفي.. ولا غرو في أن السلفية من بعده تعود لأقواله وآرائه في العقيدة ويردون بها على المخالفين إذ لم يخالف الرجل أصول الصحابة والتابعين في مسائل العقيدة، ورد على كل المخالفين فيها.. وكان منهجه في كل ذلك وسطيا معتدلا يحق الحق ويبطل الباطل ويقيم الأدلة على كلامه...
كما أنني لا أدخل إلى هذا الموضوع فرحا بتخطئة هذا وتبديع هذا وتفسيق هذا والتحامل على ذاك..بل إن أشد ما يقع على نفسي وقوع الخلاف في هذه الأمة وتفرقتها..خاصة في مسائل العقيدة التي كلفت الأمة كثيرا من الآلام والأعباء والتناحرات ..وفي كل موطن خلاف كنت آسى على وقوعه ..ولكنها إرادة الله..فقد روى الشيخان عن عامر بن سعد عن أبيه أنه أقبل مع رسول الله {صلى الله عليه وسلم} في طائفة من أصحابه من العالية حتى إذا مر بمسجد بني معاوية دخل فركع ركعتين وصلينا معه ودعا ربه طويلاً ثم انصرف إلينا فقال سألت ربي ثلاثاً فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة سألت ربي ألا يهلك أمتي بالسنة فأعطانيها وسألته ألا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها وسألته ألا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها" وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن افتراق الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة....وبين أن الفرقة الناجية هي ما كانت على هدي النبي وصحابته...

لا أريد أن أدخل إلى هذا الموضوع بهذه الصورة من عرض التهم والخلافات والجدال حولها...وإنما أود أن نبين عقيدة السلف الصالح من الصحابة والتابعين ونقف خاصة عند الأشاعرة والماتريدية والسلفية....وسأقف أنا بالسلفية قبل ظهور ابن تيمية..ولنسميها كما كان الشائع عنها أهل الحديث أو الأثر..
كما أحب أن أبين الفرق بين المذهب الفقهي والمذهب العقدي، فليس كل شافعي أشعري بالضرورة فكثير من أئمة الشافعية سلفية المعتقد وكذلك المالكية والحنفية ليست بالضرورة ماتريدية فمنهم كثير من أئمة السلفية، كما أبين أن انتشار مذهب من المذاهب ليس شرطا في الحكم على صلاحه فقد كان للمعتزلة انتشار كبير في الأمة وكذلك الشيعة كان لها انتشار عظيم في دولة الإسلام شرقا وغربا ولا يمنع ذلك من فساد عقيدتهم، وقد انتشر المذهب الأشعري أيضا بوجود الدولة الأيوبية والنورية والسلجوقية وانتشار المدارس النظامية ..وأطلق مسمى أهل السنة والجماعة على كل من الأشعرية والماتريدية والسلفية...وذلك في مواجهة المذهب الشيعي..وبهذا كان للمذهب الأشعري أئمته وشيوخه الكبار وقاموا بنشر المذهب والدفاع عنه، وكذلك كان للسلفية أئمتها وشيوخها وقاموا بالدفاع عن عقيدة السلف وواجهوا بها كل مخالف..ولست في حاجة هنا أن أعدد أئمة السلفية الكبار من أمثال الأئمة الأربعة والبخاري ومسلم وعبد الله بن مسلم بن قتيبة وعثمان بن سعيد الدارمي وابن أبي عاصم والأوزاعي والطبري زابن خزيمة والطحاوي والأشعري بعد رجوعه إلى مذهب السلف وابن أبي حاتم والبربهري والدارقطني والبغوي وابن منده وابن أبي زمنين واللالكائي وابن كثير والحافظ المزي وابن عبد البر وابن تيمية وابن القيم وغيرهم كثير.....كل هؤلاء على اعتقاد السلفية وليسوا أشاعرة....


والذي يهمني في هذه الموضوع أن أحرر عقيدة السلفية والأشعرية والماتريدية، وأبين مواطن خلاف عقيدة الأشعرية عن عقيدة السلفية وأيهما أكثر موافقة للكتاب والسنة والسلف الصالح من الصحابة والتابعين وتابعيهم ... والله الموفق والمعين



"وفي الأرض منأى للكريم عن الأذى
وفيها لمن خاف القلى متعزل
لعمرك ما بالأرض ضيق على امرئ
سرى راغبا أو راهبا وهو يعقل"
الشنفرى

غير متصل أبو الوليد

  • شباب إيجابي
  • ***
  • مشاركة: 975
بارك الله فيك أخي فارس الشرق وأنا آذاني صاغية لما تتفضل به أنت والإخوة الأكارم لنصل إلى نقطة في النهاية أننا كلنا مسلمون مؤمنون بالله  عز وجل
{وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً } النساء104


غير متصل زينب الباحثة

  • أحلى شباب
  • *****
  • مشاركة: 1938
  • الجنس: أنثى
  • إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم
أما أنا فأتمنى أن أتعلم، وليس بالضرورة أن ننتظر الأخ فارس الشرق أو أيا كان لننتظر التهم ثم ردها لنفهم، وإنما  أظن أنها غالبا اتهامات معروفة فلمَ لا توضع ثم نعرف الرد عليها، ولو أنني صراحة أتمنى لو أعرف الكثير من الأساس، من مثل تعريفات مختصرة جدا ومبسطة لكل فرقة ومرحلتها ومعتقدها (ماتردية، أشاعرة .......إلخ)

بصراحة أكبر ليت أهل الاختصاص يبسطون لنا ما يجب أن يُعلم عن تاريخ هذه الفرق وعن سبب الاختلاف بينها يعني ليشكل عندنا نواة معرفية ثقافية

جزاك الله خيرا ماما هادية

أضم صوتي لصوتكِ أختي العزيزة ..

الهدف في الأول والأخير أن نخرج مستفيدين في النهاية .. وأن نتعلم شيئا عن ديننا ..

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15899
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخي الكريم
لا يستقيم عرضك هذا ومنهجية الحوار أبدا وسيشتتنا الى افكار ومعطيات كثيرة
فكثير ممن ذكرتهم هم من السلف الصالح وليسوا من السلفية (بحسب فكرها المعاصر) أبدا
فالأئمة الاربعة هم دون شك من السلف الصالح المتبع، وليسوا من منهج السلفية..
وبعض من ذكرت أشاعرة وبعضهم ماتريدية
ولن ندخل في تفاصيل الأسماء وتواريخها وإلا تشتتنا
لكنني أذكرك وأذكر القراء أن السلف الصالح بقرونه الثلاثة الأولى وهذا يشمل أئمة الحديث الأوائل والأئمة الاربعة والصحابة والتابعين، هم سلف صالح لكل أهل السنة والجماعة، وادعاء السلفيين أنهم الورثة الوحيدون لمذهبهم دعوى لا بينة عليها ولا نقبلها أبدا
فلا تجعل دعواك هي برهانك

وأرجو أن تسمح لي أنا بإدارة الحوار حفاظا على المنهجية

ليس الموضوع هنا لعرض العقيدة الإسلامية... فلا اظن أننا نكون مسلمين إذا لم نكن نعرف بعد عقيدتنا
فإن كنت تقر بأننا مسلمين ومن أهل السنة والجماعة فلندخل مباشرة إلى النقاط التي تأخذها على الأشاعرة وتعتقد بموجبها انهم ليسوا على منهج السلف الصالح
وإن كنت تعتقد أننا لسنا من أهل السنة والجماعة أو تشك في هذا بالنسبة لبعضنا، فضع لنا تعريفا موجزا منضبطا لأهل السنة والجماعة

---------------------

إخوتي الكرام بالنسبة للتعريف بتاريخ تلك الفرق ونشأتها وأئمتها فهذا امر يطول شرحه، وسأؤجله الى ما بعد فراغنا من النقاش حول مآخذ السلفيين على الأشاعرة
وجزاكم الله خيرا
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل فارس الشرق

  • شباب إيجابي
  • ***
  • مشاركة: 827
  • الجنس: ذكر
  • وحشيتي سرج على عبل الشوى نهد مراكله نبيل المحزم
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخي الكريم
لا يستقيم عرضك هذا ومنهجية الحوار أبدا وسيشتتنا الى افكار ومعطيات كثيرة
فكثير ممن ذكرتهم هم من السلف الصالح وليسوا من السلفية (بحسب فكرها المعاصر) أبدا
فالأئمة الاربعة هم دون شك من السلف الصالح المتبع، وليسوا من منهج السلفية..
وبعض من ذكرت أشاعرة وبعضهم ماتريدية
ولن ندخل في تفاصيل الأسماء وتواريخها وإلا تشتتنا
لكنني أذكرك وأذكر القراء أن السلف الصالح بقرونه الثلاثة الأولى وهذا يشمل أئمة الحديث الأوائل والأئمة الاربعة والصحابة والتابعين، هم سلف صالح لكل أهل السنة والجماعة، وادعاء السلفيين أنهم الورثة الوحيدون لمذهبهم دعوى لا بينة عليها ولا نقبلها أبدا
فلا تجعل دعواك هي برهانك

وأرجو أن تسمح لي أنا بإدارة الحوار حفاظا على المنهجية


أين الكلام الذي يخالف منهجية الحوار هذا...أنا لم أبدأ الحوار بعد، فقط وضعت مقدمة للحديث عن الخلاف بين السلفية والأشعرية...أما عن مسألة الأسماء التي ذكرتها على أنها أئمة السلفية..فيمكننا أن نقول إنهم هم السلف الصالح وإنما السلفية أتباع لهم لو كان هذا سيطيب خاطرك..وبالمرة فإن السلفية من أتباع ابن تيمية يعتبرون السلف الصالح من أئمتهم وهم يتبعون منهجهم ويهتدون بهديهم..وهذا أصل منهجهم: الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة..وهم لا يقصرون الصحابة والتابعين على أنفسهم، وإنما يتبعون منهجهم ويردون به على المخالفين..........
أبدأ كلامي هنا للخلاف بين عقيدة السلفية والأشعرية بنص لابن تيمية عن الأشاعرة يقول فيه:
" وإن كان في كلامهم من الأدلة الصحيحة وموافقة السنة ما لا يوجد في كلام عامة الطوائف، فإنهم أقرب طوائف أهل الكلام إلى السنة والجماعة والحديث، وهو يعدون من أهل السنة والجماعة عند النظر إلى مثل المعتزلة والرافضة وغيرهم، بل هم أهل السنة والجماعة في البلاد التي يكون أهل البدع فيها هم المعتزلة والرافضة ونحوهم "
كما يشيد شيخ الإسلام بجهود العلماء - ومنهم علماء الأشاعرة - في فضحهم للباطنية وكشف أسرارهم، يقول: "وقد صنف المسلمون في كشف أسرارهم، وهتك أستارهم كتباً كباراً وصغاراً، وجاهدوهم باللسان واليد، إذ كانوا أحق بذلك من اليهود والنصارى، ولو لم يكن إلا كتاب " كشف الأسرار وهتك الأستار" للقاضي أبي بكر محمد بن الطيب، وكتاب عبد الجبار بن أحمد، وكتاب أبي حامد الغزالي، وكلام أبي إسحاق، وكلام ابن فورك، والقاضي أبي يعلى، وابن عقيل، والشهرستاني، وغير هؤلاء مما يطول وصفه "
.............................
لا شك أنني سأعطيك دفة قيادة الموضوع ليس فقط للحفاظ على المنهجية بل لأنك أكبر مني مقاما وأولى بالإرشاد والتوجيه....... (يعني كفاية كلمة ماما)
طيب يا ماما هادية

إن المسألة الرأس التي يأخذها أصحاب الفكر السلفي على الأشاعرة هي مسألة الإيمان بصفات الله عز وجل
حيث يرون أن منهج الصحابة والتابعين فيها هي: الإثبات لكل ما ذكره الله تعالى لنفسه من صفات وما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم له عز وجل من غير تحريف ولا تعطيل ولا تأويل ولا تكييف ولا تجسيم ولا تفويض.....فنثبت كل صفات الله تعالى على الوجه الذي يليق به ضمن قاعدة ليس كمثله شيء وهو السميع البصير..فالله استوى على عرشه استواء يليق بجلال وجه وعظيم سلطانه..فالاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعه.........
أما المنهج الأشعري..فقد أثبت لله تعالى سبع صفات فقط وهي:  الحياة ، والكلام ، والبصر ، والسمع ، والإرادة ، والعلم ، والقدرة ، ويؤولون الباقي...
وإنما أثبتوا وأولوا عن طريق دلالة العقل وقدموا العقل على النقل وأغرقوا في طرائق المتكلمين التي كرهها السلف الصالح..وكان الإمام مالك يقول: أمروها كما جاءت..رحمه الله تعالى....
....................


« آخر تحرير: 2011-07-08, 13:54:27 بواسطة فارس الشرق »
"وفي الأرض منأى للكريم عن الأذى
وفيها لمن خاف القلى متعزل
لعمرك ما بالأرض ضيق على امرئ
سرى راغبا أو راهبا وهو يعقل"
الشنفرى

غير متصل أحمـد

  • شباب إيجابي
  • ***
  • مشاركة: 709
  • الجنس: ذكر
بسم الله الرحمن الرحيم

الأخ الكريم فارس الشرق
ماما هادية

أحيا الله قلوبنا جميعا بجميل محبته، وصادق الإيمان به ..!

...لقد أحببت المشاركة معكم في حواركم على علمي بانشغالي وعدم امتلاكي حاليا لجهاز كمبيوتر وعدم قدرتي على تسجيل دخول معرفي الجديد عبر الموبايل نظرا لوجود ـ إضافية فيه لا يستطيع هاتفي كتابتها!
فما أدخل إلا في سويعة أختلسها كل حين

لكنني أحببت المشاركة في هذا الموضوع دون بقية الموضوعات الجديدة؛ ربما: تحدثا بنعمة الله، أو استغفارا عما اقترف العبد قبلا من آثام يرجو لو جاء بعين ما يخالفها عسى الله يغفر له :)

لقد فتح الله علي باب علم الكلام ست سنوات درست فيه المختصر والمطول من كتبه، ولازمت فيه كبار الشيوخ، وقرأت الحواشي، ودارست الأقران،.. حتى كان فيه ما كان!

وأعني بعلم الكلام.. كل ما قيل أنه حجاج تبين عقيدة المسلمين وترد الشبه عنها .. سواء مما كتبه فلاسفة المشرق والمغرب الإشراقيين والمشائين والصوفية أو كتبه معتزلة بغداد والبصرة وما وراء النهر، أو كتبه الأشاعرة أو الماتريدية أو أهل الحديث أو الشيخ ابن تيمية وابن القيم ومن جاء بعدهم ممن وافقهم أو خالفهم!

لا أبالغ أخي الكريم، ولعل ماما هادية على علم بذلك أو بشيء منه!

ولن أتحدث هنا عما تحمله كل هذه الكتب والمباحثات والمدارسات (بلا استثناء أبدا لأي شيء منها مهما يكن) من بعد عن حقيقة الإيمان الذي أحيا قلبا كقلب عمر بن الخطاب رضي الله عنه من حال يئد فيها ابنته حية وهي ترفع التراب عن لحيته ويأكل وثنه الذي يعبده إلى حال يكون فيها الفاروق عمر الذي لو كان في أمة الحبيب محدثون فهو عمر!

عن أي شيء نتحدث؟ وفيم نتباحث؟ وإلام وحتام وعلام ...إلخ؟

إن إيمانا بالله عز وجل أخرج أمة من قاع الجهل وحطيط التخلف إلى قمم العلم ومفاوز النور في سنوات معدودات .. إيمانا كانت بذرته وماؤه ومقوياته وشمسه التي تشرق عليه كل صباح .. هو القرآن الكريم .. هذا الإيمان لا يعرف مسألة واحدة من مسائل تلك الكتب!

وما إخالنا إلا بحاجة إلى هذا الإيمان دون أي شيء آخر، فأمسكوا ألسنتكم رحمكم الله .. وانشغلوا بما يبني أمتنا، ورحم الله كل من مات على لا إله إلا الله!
وما لهم فيهما من شرك، وما له منهم من ظهير

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15899
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
شكرا لك يا أحمد وجميلة هذه السياسة الجديدة التي اتبعتها .. عساك تنتفع بها، وعسانا نلمس لها أثرا ملموسا في سلوكك وحياتك
ولا بأس أن تمسك لسانك عن نقاشنا

أخي الكريم فارس الشرق شكرا لمداخلتك، واسمح لي أن أقول لك إنك قد جمعت عدة تهم في تهمة واحدة ، وهي كالتالي:
1- أما المنهج الأشعري..فقد أثبت لله تعالى سبع صفات فقط وهي:  الحياة ، والكلام ، والبصر ، والسمع ، والإرادة ، والعلم ، والقدرة ، ويؤولون الباقي...
2- وإنما أثبتوا وأولوا عن طريق دلالة العقل
3-  وقدموا العقل على النقل
4- وأغرقوا في طرائق المتكلمين التي كرهها السلف الصالح

فهذه أربع تهم كاملة.. وسيأتي الرد عليها تباعا إن شاء الله، ولكن واحدة واحدة ليتمكن القراء من المتابعة

*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15899
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
أحب قبل أن أبدأ أن أضع تعريفا جامعا لأهل السنة والجماعة كنت قد كتبته في موضوع سابق، وأرجو أن يكون متفقا مع رؤية الاخ فارس الشرق:
اقتباس

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة. قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: من كانت على مثل ما أنا عليه وأصحابي"

فالفرقة الناجية هي كل من يتبع كلام الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فإن غمضت عليه السنة في أمر من الأمور (وهذا لا يكون إلا في أمور فرعية وجزئية) فإنه يجتهد قدر المستطاع في اتباعها فإن أصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر.
مع التنبيه على أن من أخطأ في الاجتهاد إذ تبين له الخطأ أن يرجع عنه إلى الحق............

وأما الفرق الضالة الـ(72) فهي الفرق التي لا تستند إلى كتاب الله، أو تخالف سنة رسول الله، أو سنة أصحابه رضوان الله عليهم، تخالفها عمداً وعن قصد، وتجانبها كراهية لها، لا تخالفها عن خطأ في الاجتهاد، فاعلموا هذا، ولا تخلطوا الأمور.

طبعا سنة الصحابة المقصودة ما اجمعوا عليه، وأما إن اختلفوا، فالعلماء في سعة من اتباع بعضهم دون بعض .. وللامر تفاصيل مبسوطة في أصول الفقه
« آخر تحرير: 2011-07-09, 20:47:57 بواسطة ماما هادية »
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15899
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
التهمة الأولى: الصفات السبعة

نبدأ بالشبهة الأولى والأقوى والمهمة، فإذا زالت إن شاء الله، فما بعدها أهون بكثير..
وهي الأسماء والصفات..

يزعم بعض الكتاب السلفيين، وبعض من نقل عنهم من العوام أن الأشاعرة لا يثبتون لله تعالى إلا سبع صفات فقط...
فما هو الحق في هذه المسألة؟

الحق ببساطة أن هذا افتراء كاذب لا برهان عليه، ومن يكلف نفسه فتح أي كتاب عقيدة للأشاعرة ويطالعه بتروٍ، سيعجب من هذه الكذبة والفرية ، وسيكتشف بنفسه أن  الأشاعرة يصنفون في بعض كتبهم  صفات المولى جل وعلا إلى أبواب، لتسهيل الدراسة على الطالب، وتحت كل باب يندرج ما يتعلق به من أسماء وصفات، فيقسمون صفات المولى جل وعلا إلى صفة نفسية وهي الوجود، ثم الصفات السلبية ويندرج تحتها عدة صفات كالصمدية، والوحدانية، والبقاء ومخالفة الحوادث، وصفات المعاني أو المعنوية، وهي تشمل سبع صفات رئيسية، ويندرج تحتها بقية الصفات الرباينة..

ولا تجد عالماً من علماء الأشاعرة إلا وله مؤلف مستقل في أسماء الله الحسنى  وأثر الإيمان بها على المؤمنين، ككتاب (المقصد الأسنى للأسماء الحسنى لحجة الإسلام الغزالي)
ولعل أشهر مرجع لعقيدة الأشاعرة في عصرنا الحاضر هو "شرح جوهرة التوحيد" للإمام الباجوري، ومتن الجوهرة للإمام اللقاني، يقول فيه:
وعندنا أسماؤه العظيمه................................... كــذا صـفـات ذاتـه قـديـمـه
واختير أن اسماه توقيفيه.................................. كذا الصفات، فاحفظ السمعيه

والشرح لهذا باختصار من كلام الشيخ الباجوري:
"وعندنا –معاشر أهل الحق- أسماؤه العظيمة قديمة، خلافا للمعتزلة، فالله تعالى لم يزل مسمى بأسمائه قبل وجود الخلق، وعند وجودهم وبعد فنائهم، لأنه لا تأثير لهم في أسمائه، وكذلك صفات ذاته قديمة، فهي ليست من وضع خلقه، ولا هي حادثة..
واختير: أي اختار جمهور أهل السنة أن أسماءه تعالى توقيفية وكذلك صفاته، فلا نثبت لله اسماً ولا صفة إلا إذا ورد بذلك توقيف من الشارع، (أي نص صحيح ثابت قطعي) وهذا قول الجمهور
فاحفظ السمعيه: أي فاحفظ الأسماء والصفات الواردة عن طريق السمع، أي في الكتاب أو السنة الثابتة بالإجماع"
. انتهى

وهذا مثال على تصنيف الأشاعرة للصفات الربانية:

"صفة نفسية: الوجود، ويندرج تحتها صفات: الحق والنور والظاهر والباطن
وصفات سلبية: الوحدانية، القِدم، البقاء، القيام بالذات، مخالفة الحوادث، والتي يندرج تحتها: الصمدية، السلام، القدوس، الغني، الأول، الآخر، الباقي
صفات المعاني:
-القدرة: ويندرج تحتها: القوي، المتين، القادر، المقتدر، الواجد، العزيز، المقيت، مالك الملك، الملك، الوارث
-الإرادة
-العلم: ويندرج تحتها: العليم، اللطيف، الخبير، الشهيد، الحسيب، المحصي، الواجد، السميع، البصير، الرقيب، الميهمن، الواسع، المؤمن
-الحياة
- الكلام
صفات الأفعال:
- باب الخلق والإيجاد والتكوين العام: الحكيم، الرشيد، الخالق، البارئ، البديع، المصور، الهادي، المبدئ، المعيد، الباعث، المحيي، المميت، الجبار، القهار، القيوم، الحفيظ، المؤمن، المهيمن
- باب رزق المخلوقات: الرزاق، المقيت، المغني، القابض، الباسط
- باب الهبة والعطاء: الوهاب، البر، الكريم، الواسع
-باب الرأفة والرحمة: الرحمن، الرحيم، الرؤوف، الودود، اللطيف
- باب الولاية والنصر:الوالي، الولي، الحسيب، الصمد، الفتاح، المجيب
- باب علاقة الملكفين بخالقهم: الملك، الهادي، الحكم، العدل، المقسط، الحميد، الشكور، التواب، الغفور، الغفار، العفو، الحليم، الصبور، المنتقم
-باب أن كل ما يجري في الكون من متناقضات من أفعال الله سبحانه: الخافض، الرافع، المعز، المذل، المقدم، المؤخر، الجامع، المانع، الضار، النافع
- صفات الحمد والتمجيد: الكبير، المتكبر، العلي، المتعالي، الجليل، العظيم، الكريم، الماجد، المجيد، الحسيب، ذو الجلال والإكرام، الصمد، الحميد".

 
ولعل معترضاً يعترض فيقول هذه أسماء الله الحسنى وليست صفاته فنقول:
أي قارئ مبتدئ في علم التوحيد يعرف أن كل اسم لله تعالى يستتبع صفة له جل جلاله، إلا اسم الذات (الله)..
ولكن لا تستتبع كل صفة اسماً... لذلك باب الصفات أوسع من باب الأسماء...

فمن يثبت أسماء الله الحسنى فهو يثبت لله تعالى كل الصفات التي تستلزمها...
اسم الله الرحيم تثبت به صفة الرحمة
اسم الله القهار، تثبت به صفة القهر
اسم الله المهيمن: تثبت منه صفة الهيمنة
اسم الله الحكيم: تثبت منه صفة الحكمة
اسم الله الأول: تثبت منه صفة أن ليس قبله شيء
اسم الله الآخر: صفة أن ليس بعده شيء
اسم الله الظاهر: صفة أن ليس فوقه شيء
اسم الله الباطن: صفة أن ليس دونه شيء

إلخ...
وإذن.... كل اسم يثبت به صفة، وليست كل صفة تثبت اسماً...




وبهذا نكون قد بينا أن اتهام الأشاعرة بأنهم لا يثبتون لله تعالى إلا سبع صفات، هو محض وهم، وندعو من يقول بذلك دعوة صادقة، أن يتناول بعض كتب عقيدة الأشاعرة بالدراسة الموضوعية، دون أن يكتفي بقراءة اقتباسات منها متضمَّنة في كتب شيوخه، فهذا هو منهج الباحث عن الحق..


هدانا الله جميعا لما يحبه ويرضاه..
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل elnawawi

  • أحلى شباب
  • *****
  • مشاركة: 5374
  • الجنس: ذكر
  • يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك
متابع

غير متصل أبو الوليد

  • شباب إيجابي
  • ***
  • مشاركة: 975
اقتباس
وصفات سلبية: الوحدانية، القِدم، البقاء، القيام بالذات، مخالفة الحوادث، والتي يندرج تحتها: الصمدية، السلام، القدوس، الغني، الأول، الآخر، الباقي

جزاك الله خيراً أختي الكريمة

أريد أن أسأل ما المقصود بالصفات السلبية هنا
{وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً } النساء104


غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15899
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
الصفات السلبية أخي الكريم تعني الصفات التي مدلولها عدم أمر لا يليق بالله سبحانه وتعالى
فالوحدانية تعني عدم التعدد والشركاء، والقدم تعني عدم وجود أول له سبحانه وتعالى، والبقاء يعني عدم لحوق العدم بذاته سبحانه ، والقيام بالذات أي أنه سبحانه غير مفقتر إلى موجد يوجده ولا محل يقوم به، فالله تعالى كان قبل وجود الزمان والمكان وهو سبحانه خالق الزمان والمكان وهكذا

----------------

إن رأيتم أننا انتهينا من مناقشة تهمة أن الأشاعرة لا يثبتون لله تعالى إلا سبع صفات وأثبتنا بطلانها فننتقل إلى التهمة التالية وهي مشكلة تأويل صفات الله تبارك وتعالى
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل فارس الشرق

  • شباب إيجابي
  • ***
  • مشاركة: 827
  • الجنس: ذكر
  • وحشيتي سرج على عبل الشوى نهد مراكله نبيل المحزم
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.....
أولا: أخي الكريم أحمد بارك الله فيكم ونفع بكم...أعلم أن كثيرا من علم الكلام لا يدخل على الإنسان إلا الحيرة والشكوك والوساوس..وأن الإيمان بالله جاء به القرآن الكريم والسنة النبوية سهلا ميسورا لا تعقيد فيه ودخل على يد المتكلمين في محارات العقل وغموض الفكر.....
قال الإمام الفخر الرازي
 العلم للرحمن جل جلاله ... وسواه في جهلاته يتغمغم
 ما للتراب وللعلوم وإنما ... يسعى ليعلم أنه لا يعلم
 وقال الإمام الشهرستاني
 قد طفت في تلك المعاهد كلها ... وسيرت طرفي بين تلك المعالم
 فلم أر إلا واضعا كف حائر ... على ذقن أو قارعا سن نادم
 ولكن لن نخوض كثيرا في أسباب نشأة علم الكلام وظروف نشأته ثم الدور العظيم الذي قام به في مواجهة العقائد المنحرفة ثم جموده على يد المتأخرين ووقوفه عند الحواشي وشرح الحواشي والحواشي على الحواشي........الخ
ولكن أحب أن أوضح لك هنا أننا لم ندخل إلى هذا الموضوع من أجل الجدال والمخاصمة كما يحدث غالبا في أي نقاش كلامي عقدي بين الفرق...أنا والله لا أريد إلا أن أصل إلى الصواب والحق..وأي الفريقين أولى بالاتباع...ويعلم الله كم أكن لماما هادية من الإجلال والتقدير والاحترام وكلما كنت أقف على مشاركة لها أعلم فضلها ومقامها..وليس معنى أننى سلفي المعتقد وأرى في هذا المنهج الحق والتزام منهج الصحابة والتابعين أن أصم أذناي عن كل داع للنقاش والتقريب........
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 أما عن تعريفك يا ماما هادية لأهل السنة والجماعة فأنا أسلم لك ذلك..مع التنبيه على أن من أخطأ في الاجتهاد إذ تبين له الخطأ أن يرجع عنه إلى الحق............
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أما عن تعليقي على جوابكم عن الصفات السبع عند الأشاعرة...........
فأقول: إنه من المعلوم  أن العلماء قسموا صفات الله تعالى أقساما عدة، فمنها صفات ذات وصفات أفعال أو صفات خبرية وغيرها من تقسيمات العلماء .....هذا أمر درج عليه العلماء وطلاب العلم....
ومن الأمور المسملة لدى الأشاعرة أن أقوال الأشاعرة تعددت واختلفت في مسائل عديدة من مسائل العقيدة، وكل علم من أعلامهم حوت مؤلفاته ورسائله آراء توصل إليها إما باجتهاده أو تقليدا لأحد أعلام عصره أو مدرسته ممن تلقى على يديه العلوم والمعارف، فأصبح ذا منهج مستقل، ثم قد يرجع عن بعض أقواله في مؤلف أومؤلفات أخرى فتكثر الأقوال وتتعدد المناهج.
ويعتبر الأشاعرة مثل هذا الاختلاف أو التعدد في الأقوال اجتهادا داخل المذهب لا يؤثر عليه، ويجدون التفسير المناسب لمثل ذلك، فيقولون مثلا في بعض الصفات الخبرية، قال قدماء أصحابنا أو شيوخنا بإثباتها مع التفويض ونفي التشبيه، ثم يذكرون القول الثاني بالتأويل تنزيها لله عن مشابهة المخلوقات، والقولان - عندهم - صحيحان ولا تعارض بينهما، والعجيب أن يتلقى الأشاعرة بعضهم عن بعض مثل هذا، لا يتوقفون عنده، ولا يثيرهم ما فيه من تناقض.
لهذا كان المجمل في موقفهم من الصفات إثبات بعض هذه الصفات الذاتية وصفات الأفعال وتأويل الصفات المتبقية مثل: العلو واليدين والوجه والقدم....الخ
وتأويل بعض الصفات الفعلية مثل: الاستواء على العرش والنزول إلى السماء الدنيا ، والمجيء للفصل بين العباد يوم القيامة والرضا والغضب والمحبة....الخ
لذلك كان من الواضح أنهم في صفات الذات والأفعال يثبتون هذه الصفات فقط ويؤولون باقيها.....
كما أنهم أثبتوا صفة القٍدَم لله عز وجل وهذه لم ترد في كتابه عز وجل ولا في سنة نبيه صلى الله عليه وسلم......
.........................................................................
والقضية الأصل هنا هي قضية التأويل لبعض الصفات وإثبات بعضها...فعلى أي أساس أولوا وعلى أي أساس أثبتوا.....
والتأويل أشهر من أن يذكر في المذهب الأشعري..

يقول اللقانى ناظم جوهرة التوحيد:
وكل نص أوهم التشبيها أوله أو فوض ورم تنزيها
ويقول البيجورى شارحا:
" وقوله : ( أوله ) أى احمله على خلاف ظاهره مع بيان المعنى المراد، فالمراد أوله تأويلا تفصيليا يكون فيه بيان المعنى المراد كما هو مذهب الخلف، وهم من كانوا بعد الخمسمائة، وقيل: من بعد القرون الثلاثة، وقوله: (أو فوض) أى بعد التأويل الاجمالى الذى هو صرف اللفظ عن ظاهره فبعد هذا التأويل فوض المراد من النص الموهم إليه - تعالى - على طريقة السلف، وهم من كانوا قبل الخمسمائة، وقيل: القرون الثلاثة، الصحابة والتابعون وأتباع التابعين.
وطريقة الخلف أعلم وأحكم لما فيها من مزيد من الإيضاح والرد على الخصوم وهى الأرجح. ولذا قدمها المصنف، وطريقة السلف أسلم لما فيها من تعين معنى قد يكون غير مراد له تعالى"

وأنا أشهد الله أن طريقة السلف أعلم وأحكم وأسلم، وأن السلف لم يفوضوا في الصفات بل يُثبتون لله ما أثبته لِنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من غير جُحود ولا تفويض ولا تأويل.
قال ابن القيم رحمه الله :
وكذا تلقينا نصوص نبينا ....... بقبولها بالحق والإذعان
من غير تحريف ولا جحد ...... ولا تفويض ذي جهل بلا عرفان
« آخر تحرير: 2011-07-09, 17:05:24 بواسطة فارس الشرق »
"وفي الأرض منأى للكريم عن الأذى
وفيها لمن خاف القلى متعزل
لعمرك ما بالأرض ضيق على امرئ
سرى راغبا أو راهبا وهو يعقل"
الشنفرى

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15899
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك

ولكن أحب أن أوضح لك هنا أننا لم ندخل إلى هذا الموضوع من أجل الجدال والمخاصمة كما يحدث غالبا في أي نقاش كلامي عقدي بين الفرق...أنا والله لا أريد إلا أن أصل إلى الصواب والحق..وأي الفريقين أولى بالاتباع...ويعلم الله كم أكن لماما هادية من الإجلال والتقدير والاحترام وكلما كنت أقف على مشاركة لها أعلم فضلها ومقامها..وليس معنى أننى سلفي المعتقد وأرى في هذا المنهج الحق والتزام منهج الصحابة والتابعين أن أصم أذناي عن كل داع للنقاش والتقريب........


جزاك الله خيرا كثيرا.. وهذه الروح التي أحب أن ندخل بها النقاشات دوما ... ونحن في هذا الموقف متقاربان إن شاء الله.. ففي النهاية كلنا آتيه فردا


 أما عن تعريفك يا ماما هادية لأهل السنة والجماعة فأنا أسلم لك ذلك..مع التنبيه على أن من أخطأ في الاجتهاد إذ تبين له الخطأ أن يرجع عنه إلى الحق............
 


استدراك ممتاز.. وقد أضفته إلى تلك المداخلة ... فجزاك الله خيرا


أما عن تعليقي على جوابكم عن الصفات السبع عند الأشاعرة...........
فأقول: إنه من المعلوم  أن العلماء قسموا صفات الله تعالى أقساما عدة، فمنها صفات ذات وصفات أفعال أو صفات خبرية وغيرها من تقسيمات العلماء .....هذا أمر درج عليه العلماء وطلاب العلم....
ومن الأمور المسملة لدى الأشاعرة أن أقوال الأشاعرة تعددت واختلفت في مسائل عديدة من مسائل العقيدة، وكل علم من أعلامهم حوت مؤلفاته ورسائله آراء توصل إليها إما باجتهاده أو تقليدا لأحد أعلام عصره أو مدرسته ممن تلقى على يديه العلوم والمعارف، فأصبح ذا منهج مستقل، ثم قد يرجع عن بعض أقواله في مؤلف أومؤلفات أخرى فتكثر الأقوال وتتعدد المناهج.
ويعتبر الأشاعرة مثل هذا الاختلاف أو التعدد في الأقوال اجتهادا داخل المذهب لا يؤثر عليه، ويجدون التفسير المناسب لمثل ذلك، فيقولون مثلا في بعض الصفات الخبرية، قال قدماء أصحابنا أو شيوخنا بإثباتها مع التفويض ونفي التشبيه، ثم يذكرون القول الثاني بالتأويل تنزيها لله عن مشابهة المخلوقات، والقولان - عندهم - صحيحان ولا تعارض بينهما، والعجيب أن يتلقى الأشاعرة بعضهم عن بعض مثل هذا، لا يتوقفون عنده، ولا يثيرهم ما فيه من تناقض.
لهذا كان المجمل في موقفهم من الصفات إثبات بعض هذه الصفات الذاتية وصفات الأفعال وتأويل الصفات المتبقية مثل: العلو واليدين والوجه والقدم....الخ
وتأويل بعض الصفات الفعلية مثل: الاستواء على العرش والنزول إلى السماء الدنيا ، والمجيء للفصل بين العباد يوم القيامة والرضا والغضب والمحبة....الخ
لذلك كان من الواضح أنهم في صفات الذات والأفعال يثبتون هذه الصفات فقط ويؤولون باقيها.....
كما أنهم أثبتوا صفة القٍدَم لله عز وجل وهذه لم ترد في كتابه عز وجل ولا في سنة نبيه صلى الله عليه وسلم......
.


قبل ان نتحول لمسألة التفويض والتأويل والإثبات ... وأيها أقرب لمسلك السلف الصالح...
اسمح لي ان أتوقف عند هذه النقطة التي تزعجني كثيرا .. وأرجو ألا يحزنك قولي ، ولكنها تشككني في مصداقية أتباع المنهج السلفي...
وهي أنك رأيت أن الأشاعرة يثبتون لله تعالى ما هو أكثر بكثير من الصفات السبع التي ذكرتها ... ومع ذلك لم تقل أنك أخطأت في نسبة تلك التهمة لهم.. ولم أر علماء السلفية يتراجعون عن هذه التهمة في كتبهم او مقالاتهم مهما تبين لهم خطؤها...
وبغض النظر عن الصفات المختلف فيها (وبعضها يثبته الاشاعرة ولا يثبته السلفية كالقدم ومخالفة الحوادث) وبعضها يثبته السلفية ويفوضه او يؤوله الاشاعرة (كالساق والوجه والعين) لكن الصفات التي يثبتها الاشاعرة والمتفق عليها بينهم وبين السلفية اكثر بكثير من السبع التي ذكرتها أنت
فهل لي بتوضيح يشفي القلب  قبل ان ننتقل لمسألة التأويل؟
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15899
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يبدو أن الأخ فارس الشرق قد انشغل فلم يرد على سؤالي.. ولأنني أتوقع ان أنشغل في الأيام القليلة المقبلة فسأضع الآن مناقشة تهمة (تأويل الصفات) خاصة أن المناقشة طويلة نوعاً ما، لأنني حاولت أن أكون فيها موضوعية وأبين وجهة نظر كل طائفة سواء المفوضة أو المؤولة أو المثبتة (السلفيين) وأسأل الله تعالى ان يكون فيما أكتبه فائدة ومنفعة للجميع.. ونجاة لي يوم القيامة

ومازلت أرجو الأخ فارس الشرق ان يجيب على سؤالي الوارد في المداخلة السابقة حالما يتوفر له الوقت ويعود للمشاركة

وجزاكم الله خيرا
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15899
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
البحث ملحق في المرفقات منسقا وملوناً... فأرجو تحميله وقراءته

وسأنقله هنا في المداخلات ولكن دون تنسيق وتلوين لصعوبة ذلك وضيق الوقت

وجزاكم الله خيرا
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15899
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
التهمة الثانية: تأويل الصفات

المبحث الأهم في موضوع الأسماء والصفات هو اتهام السلفية للأشاعرة أنهم يؤولون الأسماء والصفات، وأن تأويلهم هذا هو تحريف للكلم عن مواضعه، وتقوّل على الله بغير الحق، واتباع للظن في مجال العقائد..
وأما من يفوض من الأشاعرة فيتهمونه كذلك بأنه يعطل الصفات، لأنه يثبت ألفاظاً لا معاني لها..
فما الذي يريده الإخوة السلفيون؟؟

يقولون: نريد منكم أن تثبتوا لله تعالى ما أثبته لنفسه، وما أثبته له نبيه صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف  ولا تمثيل

والتحريف: هو حرف الصفة عن معناها إلى معنى آخر مع عدم الموجب له
والتعطيل: هو نفي الصفات كلها أو بعضها عن الله تعالى
والتكييف: هو الإخبار عن حال الشيء وكيفيته، وصفات الله لا يعلم كيفيتها إلا هو سبحانه وتعالى
والتمثيل: هو إثبات مثل للشيء، كأن يقال: إن صفات الله تعالى مثل صفات المخلوقين.(1 )

فهل ما يظنه السلفيون بالأشاعرة صحيح؟ وما حقيقة الأمر؟

أولا- ما هي الصفات محل الخلاف؟ هل الاختلاف حول جميع صفات الله عز وجل أم بعضها فقط؟؟


اسمحوا لي هنا أن أنقل لكم من كتاب شيخنا الفاضل علي الطنطاوي رحمه الله، من كتابه القيم "تعريف عام بدين الإسلام":





آيات الصفات

«لقد اجتنبت في هذا الكتاب الخوض في المسائل الكلامية، وأعرضت عن سرد اختلافات المتكلمين، ولكن مسألة (آيات الصفات) قد طال فيها المقال وكثر فيها الجدال، ولابد من بعض البسط في الكلام فيها، ولقد وصف ربنا نفسه في القرآن بألفاظ موضوعة في الأصل للدلالة على معان أرضية، ومقاصد بشرية، مع أن الله ليس كمثله شيء، وهو الرب الخالق، تعالى على أن يشبه المخلوقين، ولا يمكن أن تفهم هذه الألفاظ حين إطلاقها على الله، بالمعنى نفسه الذي تفهم به حين إطلاقها على المخلوق.
 
فنحن نقول: فلان عليم، وفلان بصير، ونقول: إن الله عليم بصير، ولكن الكيفية التي يعلم بها العبد ويبصر، ليست هي التي يعلم بها ربنا ويبصر. وعلم العبد وبصره ليس كعلم الله وبصره، كذلك نقول: استوى المعلم على منبر الفصل، ونقول: استوى الله على العرش، نحن نعرف معنى الاستواء (القاموسي) ونطبقه على المعلم، ولكن هذا المعنى لا يمكن أن يكون هو بذاته المقصود حين نقرأ: {الرحمن على العرش استوى} (آية 5 طه).
 
هذا كله متفق عليه بين العلماء، فهم جميعا مقرّون بأن آيات الصفات هي كلام الله. فإذا قال الله: {ثم استوى على العرش} لم يستطع أحد أن يقول: ما استوى. وهم جميعا معترفون بأن المعنى (القاموسي) البشري لكلمة (استوى) ليس هو المراد من قوله استوى على العرش، ولكنهم مع ذلك اختلفوا اختلافا كبيرا في المراد المقصود بعد اتفاقهم على ترك التعطيل والتشبيه، تساءلوا: هل هذه الآيات حقيقة أم مجاز؟ ؟؟؟ وهل تؤول أم لا تؤول؟؟؟
 
 
أما الذين أوَّلوا فقالوا بأن الحقيقة هي استعمال اللفظ بالمعنى الذي وضع له، وهذا هو تعريف الحقيقة عند عامة علماء البلاغة ، ولا شك أن اللسان العربي الذي نزل به القرآن، وضعت فيه هذه الألفاظ  قبل نزول القرآن ، ووضعت لمعان أرضية مادية، حتى إنها لتعجز عن التعبير عن العواطف والمشاعر البشرية فضلا عن التعبير عن صفات الله خالق البشر، فإن مظاهر الجمال وأشكاله لا حد لها، وما عندنا لها كلها إلا كلمة (جميل)، وأين جمال المنظر الطبيعي من جمال القصيدة الشعرية، من جمال العمارة المزخرفة، من جمال الغادة الحسناء؟ وفي النساء ألف لون من ألوان الجمال، وما عندنا لها كلها إلا هذا اللفظ الواحد، فاللغات تعجز عن وصف الشعور بالجمال. وكذلك القول في الحب، في تعداد أنواعه واختلاف مشاعره، وضيق ألفاظ اللغة عن وصف هذه الأنواع، ونعت هذه المشاعر، فكيف تحيط بصفات الله وتشرح كيفياتها؟؟؟
وإذا كانت الحقيقة هي (استعمال اللفظ فيما وضع له) ، وكانت ألفاظ: ( استوى- وجاء – وخادع- ويمكر- ونسيهم) إنما وضعت للمعاني الأرضية البشرية المادية، وكان استعمالها في القرآن في قوله: {ثم استوى على العرش} ، {وجاء ربك} ، {وهو خادعهم} ، { ويمكر الله } ، وقوله: {فنسيهم} في غير هذا المعنى المادي الأرضي البشري الذي وضعت له، لم تكن إذاً: حقيقة بمقتضى تعريفهم هذا للحقيقة.
 
 
ومن ينكر أنها مجاز، ومنهم ابن تيمية، يعرف (الحقيقة) تعريفاً آخر خاصاً به، غير التعريف الذي جرى عليه البلاغيون، ويقول ما معناه: إن تأويل هذه الألفاظ، أي: تفسيرها تفسيراً مجازياً، والجزم بأنه هو المراد مردود، لأن المعاني المجازية هي أيضاً معان بشرية.
 
ولقد نظرت فوجدت أن هذه الآيات على ثلاثة أشكال:
 
_____________________________
( 1)     يلاحظ أن السلفية ينفون التمثيل عن صفات الخالق تبارك وتعالى، أما بقية أهل السنة والجماعة فينفون عنها التمثيل والتشبيه ، وأنا أرى أن السلفية أخطؤوا في هذه النقطة خطأ بينا وحادوا عن منهج السلف الصالح فيها. وهذا الاختلاف بين الطائفتين تنبني عليه أمور خلافية أخرى، ولكنني سأعرض عن ذكرها رغبة في البحث عن نقاط الاتفاق، لا نقاط الاختلاف، والتركيز عليها ، فهذا هو الأولى، والله أعلم.
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15899
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
ولقد نظرت فوجدت أن هذه الآيات على ثلاثة أشكال:
 


1-   آيات وردت على سبيل الإخبار من الله تعالى:


كقوله: {الرحمن على العرش استوى} فنحن لا نقول : إنه ما استوى، فنكون قد نفينا ما أثبته الله، ولا نقول إنه استوى على العرش كما يستوي القاعد على الكرسي، فنكون قد شبهنا الخالق بالمخلوق، ولكن نؤمن بأن هذا هو كلام الله، وأن لله مراداً منه لم نفهم حقيقته وتفصيله، لأنه لم يبين لنا مفصلاً، ولأن العقل البشري –كما قدمنا- يعجز عن الوصول إلى ذلك بنفسه.

2-   آيات وردت على الأسلوب المعروف عند علماء البلاغة بالمشاكلة:

 والمشاكلة هي كقول القائل:
(قالوا اقترح شيئا نجد لك طبخه.................. قلت اطبخوا لي جبة وقميصا)
وقول أبي تمام في وقعة عمورية، يرد على المنجمين الذين زعموا أن النصر لا يجيء إلا عند نضج التين والعنب:
  ( تسعون ألفاً كآساد الشرى نضجت............. جلودهم قبل نضج التين والعنب) والآيات الواردة على هذا الأسلوب كثيرة، كقوله تعالى: {نسوا الله فنسيهم}. فكلمة (نسوا)  جاءت على المعنى (القاموسي) للنسيان، وهو غياب المعلومات عن الذاكرة، ولكن كلمة (فنسيهم) جاءت مشاكلة لها، ولا يراد منها ذلك المعنى، لأن الله لا ينسى{وما كان ربك نسيا}. ونقول بعبارة أخرى: إن كلمة (نسوا) استعملت بالمعنى الذي وضعت له، وكلمة (فنسيهم) استعملت بغير هذا المعنى. ومثلها قول: {وهو معكم أينما كنتم}، اتفق الجميع على أنها مَعِيَّـةُ علم، لا مَعِيَّـةُ ذات، لأن صدر الآية ينص على أن الله استوى على العرش. ومثلها قوله: {سنفرغ لكم أيها الثقلان} ، وقوله: {ومكروا ومكر الله} ، وقوله: {يخادعون الله وهو خادعهم}. كل هذه الآيات لا يجوز فهمها بالمعنى القاموسي، المادي، بل بمعنى يليق به جل وعلا.


3-   آيات دلت على المراد منها آيات أخرى، كقوله تعالى:

{ وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء} ، تدل على المراد منها آية: {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط} .  ويُفهم أن بسط اليد يراد به الكرم والجود، ولا يستلزم ذلك (بل يستحيل) أن يكون لله تعالى  يدان كأيدي الناس والحيوان، تعالى الله عن ذلك.  وقد جاء في القرآن قوله: {بين يدي رحمته} ، و {بين يدي عذاب شديد} ، والقرآن {لا يأتيه الباطل من بين يديه} . وليس للرحمة ولا للعذاب ولا للقرآن يدان حقيقيتان.

المحكم والمتشابه:

بين الله في القرآن، أن فيه آيات محكمات، واضحة المعنى، صريحة اللفظ، وآيات وردت متشابهات، وهي التي لايَضِحُ (أي يتضح) المعنى المراد منها تماما، بل تكثر أفهام الناس لها، وتتشابه تفسيراتها حتى يتعسر معرفة المراد منها، وآيات الصفات منها، وأن على المؤمن ألا يطيل الغوص في معناها، ولا يتتبعها فيجمعها، ليفتن الناس بالبحث فيها.

موقف المسلمين منها وكيف فهموها:

المسلمون الأولون، وهم سلف هذه الأمة، وخيرها وأفضلها، لم يتكلموا فيها، ولم يقولوا إنها حقيقيقة، ولم يقولوا إنها مجاز، ولم يخوضوا في شرحها، بل آمنوا بها كما جاءت من عند الله على مراد الله. فلما انتشر علم الكلام، وأوردت الشبه على عقائد الإسلام، وظهرت طبقة جديدة من العلماء انبرت لرد هذه الشبه، تكلم هؤلاء العلماء في آيات الصفات، وفهموها على طريقة العرب، في مجاوزة المعنى الأصلي للكلمة -إذا لم يمكن فهمها به- إلى معنى آخر، وهذا ما يسمى: (المجاز)  أو (التأويل)  وهو موضوع نزاع بين العلماء طويل.
والحق أن هذه الآيات نزلت من عند الله، من أنكر شيئاً منها كفر، وأن من عطلها تماما، فجعلها لفظاً بلا معنى كفر، ومن فهمها بالمعنى البشري، وطبقه على الله، فجعل الخالق كالمخلوق كفر. والمسلك خطر، والمفازة مهلكة، والنجاة منها باجتناب الخوض فيها، واتباع سنن السلف، والوقوف عند حد النص، وهذا ما أدين الله به، وما أعتقده.» انتهى

وأنا كذلك هذا ما أدين به لله تعالى وما أعتقده.
ولولا كثرة الخائضين فيه، وتجرؤهم على تكفير غيرهم واتهامه بمخالفة أهل السنة والجماعة، ما كنا خضنا مع الخائضين..
ولكنها فتنة ابتلينا بها في عصرنا، فصار إخوة  لنا يجمعون أحاديث الصفات المتشابهة في نسق واحد ويمتحنوننا بها، كما امتُحن الإمام أحمد بخلق القرآن، وإلى الله المشتكى.

*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*