أيامنا الحلوة

قضايا معاصرة => :: قضايا وشبهات معاصرة :: => الموضوع حرر بواسطة: ماما هادية في 2011-01-19, 12:59:37

العنوان: شبهات حول الإسلام
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2011-01-19, 12:59:37
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في هذا الموضوع سأنشر بعض الردود التي كنت كتبتها ونشرتها عبر رسائل خاصة او منتديات مختلفة عن بعض الشبهات التي يثيرها العملاء للتشكيك في كمال شريعتنا وصلاحيتها لكل زمان ومكان

أتمنى ان تكون فيه فائدة


العنوان: رد: شبهات حول الإسلام
أرسل بواسطة: elnawawi في 2011-01-19, 16:06:49
أكيد
العنوان: رد: شبهات حول الإسلام
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2011-01-19, 17:34:33
فريضة الحجاب وشبهات حولها

ملاحظة: الملف المرفق غرضه الرد على من ينكر فرضية الحجاب، لا مناقشة الخلاف الشهير في ستر الوجه بين موجب وغير موجب

أتمنى أن تجدوا فيه فائدة لكم
العنوان: رد: شبهات حول الإسلام
أرسل بواسطة: أبو بكر في 2011-01-19, 22:56:22
:emoti_133:
موضوع جميل و مفيد و دسم... جزاكم الله خيراً
العنوان: رد: شبهات حول الإسلام
أرسل بواسطة: أحمـد في 2011-01-20, 04:30:30
جميل

سلمت يمناكم ودمتم في عصبة الحق
العنوان: رد: شبهات حول الإسلام
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-01-20, 06:02:15
جزاك الله خيرا كثيرا ماما هادية...ولكن لم لا تنشرين الموضوع على الصفحات هنا؟ فلبرما دخل الموضوع من ليست له معرفة كبيرة بالمنتديات وبالمرفقات، فلا يعرف من أين يحمل ....

مفيد جدا بارك الله فيك....أول أمس تابعت على قناة تعنى بشؤون المغرب العربي، لقاء مع أربع عضوات من جمعية نسوية تونسية يتشدقن بالديمقراطية عنوانا، ويطالبن بحقوق المرأة!! سَمْتهن يظهر جليا توجهاتهن....

بدأن يتحدثن عن الوضع الحالي في تونس، حتى تطرقن لموضوع الحجاب ، فتقول إحداهن تتمطى بمزيج من الجرأة والسفاهة معا أنها المسكينة كانت تخاف من ظاهرة الحجاب، فهي عودة بالمرأة إلى الخلف وتراجع، إذ أنه موروث العشرينيات الذي نادى المتحررون بالفكاك منه، وحصل،ويعود اليوم من جديد، وهو اليوم مرتبط عند المرأة بعقدة الذنب، وتقول لم يعد يخيفني كثيرا لما رأيت متحجبات يطالبن بحقوقهن معنا ....!!
العنوان: رد: شبهات حول الإسلام
أرسل بواسطة: إيمان يحيى في 2011-01-20, 06:09:58


متابعة
العنوان: رد: شبهات حول الإسلام
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2011-01-20, 09:07:12
جزاك الله خيرا كثيرا ماما هادية...ولكن لم لا تنشرين الموضوع على الصفحات هنا؟ فلبرما دخل الموضوع من ليست له معرفة كبيرة بالمنتديات وبالمرفقات، فلا يعرف من أين يحمل ....


فكرت ان انشره فعلا، ولكن قلت ان نشره على شكل مرفق افضل لمن يحب ان يستفيد منه ويرسله لمن يحتاج من معارف، فأصل الملف رسالة ارسلتها لاحد اقاربنا ممن ينكرون فرضية الحجاب...
كذلك ارفاقه دون نشره يعفيني من النقاش حوله وفصفصته  ::)smile:  كسل يعني
 :blush::
العنوان: رد: شبهات حول الإسلام
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2011-01-20, 09:48:35
جزى الله جميع الاخوة الذين ردوا على الموضوع خيرا وبارك بهم

الملف المقبل ان شاء الله عن ربا البنوك والودائع المصرفية

الملف ليس محكما تماما، وفي الموضوع أبحاث لجملة من علماء المسلمين قدمت للمجامع الفقهية، هي طبعا شاملة ومغنية... لكن الملف أعددته أيضا ردا على رسالة أرسلها احد المغتربين لوالده وهو صديق لعمي، يحاول ان يقنعه فيها بإيداع ماله في البنك وقبض فائدة عليه، وان هذا ليس من الربا المحرم، وساق لذلك فتوى أو مقالا يشمل عددا من الشبهات وأقوالا لعلماء تخدم غرضه، فكان الملف الذي أعددته ردا عليها.. وللأسف ستجدون بعض فقرات الرسالة الاصلية مدرجة ضمن ردي، وبعضها اشرت إليه اشارة ولم ارفقه، لان الرسالة كانت مكتوبة بخط اليد لا مطبوعة.... لكنني احسب الملف لا يخلو من فائدة، فأحببت ايضا ان ارفقه لكم .. عسى الله تعالى يكرمنا بالأجر والثواب

العنوان: رد: شبهات حول الإسلام
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2011-01-20, 10:50:39
الملف مرفق، لكن الآيات القرآنية فيه بالرسم العثماني، فمن كان لا يملك على جهازه هذا النوع من الخطوط فلن تظهر عنده
وسأحاول ارفاق نسخة أخرى بالخط العادي ان شاء الله
العنوان: رد: شبهات حول الإسلام
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2011-01-20, 11:23:41
هذه نسخة أخرى من المرفق السابق الآيات فيها بالخط العادي لا العثماني
العنوان: رد: شبهات حول الإسلام
أرسل بواسطة: سيفتاب في 2011-01-20, 16:07:03

للمتابعة
العنوان: رد: شبهات حول الإسلام
أرسل بواسطة: حلم في 2011-01-20, 16:15:49
للمتابعة
العنوان: رد: شبهات حول الإسلام
أرسل بواسطة: أحمد سامي في 2011-02-25, 21:43:46
لكن هناك من يقول لو اقرضت شخص الف جنيه فبعد عام او عامين وقت السداد ستكون القوة الشرائية للمبلغ قلت... فهل يجوز تثمينها بجرامات الذهب في وقت التسليف على ان يرد ما قيمة نفس جرامات الذهب وقت السداد علما بأن الذهب في الظروف العادية سعره يزداد مع الوقت

ام في تلك الحالة اسلفه ذهب بعينه على هيئة جنيهات ذهبية فيرد لي بعد ذلك نفس الجنيهات ام ماذا؟
العنوان: رد: شبهات حول الإسلام
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2011-02-25, 21:55:46
القرض يجب ان يرد من نفس النوع وبنفس القدر، دون اعتبار لتغير قيمته، وهذا رأي الجمهور.
لكن إن تغير سعر العملات الورقية بقدر فاحش، فيمكن عندها تقديرها بعملات أخرى او بالذهب، هذا ما أفتى به العلماء المعاصرون، وقدروا مقدار التغير الفاحش بالثلث، فإن كان التغير أقل من الثلث لم يعتبروه، وهذا الرأي مستمد من وجه في فقه المالكية

والله اعلم
العنوان: رد: شبهات حول الإسلام
أرسل بواسطة: فارس الشرق في 2013-08-13, 21:56:24
أشكر لكم طرح هذا الموضوع يا ماما هادية..
وأستميحكم عذرًا في نشر هذه المشاركة في موضوعكم لأنها في المحتوى ذاته..

للفائدة..
هذا الرابط لتحميل أكبر عمل علمي موسوعي للرد على الافتراءات والشبهات ضد الإسلام..

وبالرابط بيان تفصيلي عن محاور الموسوعة وشبهاتها ومحتوياتها..

http://www.waqfeya.com/book.php?bid=7813 (http://www.waqfeya.com/book.php?bid=7813)
العنوان: رد: شبهات حول الإسلام
أرسل بواسطة: زينب الباحثة في 2013-08-17, 20:28:05
موضوع مهم بارك الله فيك ماما هادية والأخ فارس على الرفع
العنوان: رد: شبهات حول الإسلام
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2015-01-31, 21:17:55
فيما يلي أدرج الردود على الشبهات التالية ان شاء الله:
1- لماذا لم يلغ الإسلام الرق
2- هل يعقل ان يأجوج ومأجوج موجودون معنا على كوكب الأرض ولم تكتشفهم الأقمار الصناعية
3- كيف يذكر القرآن أن الإيمان ف القلب، وقد أثبت العلم ان الدماغ هو المتحكم في التصرفات والقلب مجرد مضخة دموية
4- كيف تذكر بعض الآيات أن السماوات خلقت قبل الأرض، وبعدها يذكر ان الارض خلقت قبل السموات

والله الموفق وهو المستعان
العنوان: رد: شبهات حول الإسلام
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2015-02-12, 13:35:03
الحجــــــاب

بسم الله الرحمن الرحيم

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : إِنَّ اللَّهَ قَالَ: "مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ. وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ" (صحيح البخاري)
ومما فرضه الله تعالى على نساء المسلين الحجاب، أو بعبارة أدق الخمار وستر العورة:
قال تعالى: وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فَرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ ...  (النور 31)
وقال: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ المُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً (الأحزاب 59)
وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: "يَرْحَمُ اللَّهُ نِسَاءَ الْمُهَاجِرَاتِ الْأُوَلَ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ:  وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ  شَقَّقْنَ مُرُوطَهُنَّ فَاخْتَمَرْنَ بِهَا" (صحيح البخاري)
وفي هذا الحديث الصحيح دلالة على سرعة امتثال نساء المؤمنين لأوامر الله عز وجل، وحقيقة فهمهن لها وقد نزلت بلسانهن العربي الفصيح.
ومما يؤسف له أن هذه الفريضة العظيمة التي هي أكثر الفرائض تمييزا لنسائنا، بل لمجتمعاتنا، وإعلانا صريحا لهويتنا الإسلامية، هي أقل الفرائض تطبيقا في عالمنا الإسلامي، ومن طبقها يطبقها على استحياء دون إتقان ولا إحسان، كما أنها أكثر الفرائض استهدافاً لمعاول الهدم والمهاجمة من قبل أعداء الدين، فلئن كان الجهاد وإعداد القوة ورباط الخيل سياجاً للدولة من هجمات العدو الخارجي، فإن الحجاب سياج للمجتمع بكل أطيافه من نساء ورجال وشيوخ وأطفال من الفساد الخلقي والوهن والتفكك الاجتماعي وغياب الغيرة والنخوة.
ترى هل نحتاج أن نتحدث عن أهمية هذه الفريضة وشيء مما تعلمناه من حكمة الله في تشريعها؟
لا أحسب هذا مهماً في واقعنا المعاصر، فنظرة مقارنة لأحوال الأخلاق والأسرة والروابط الاجتماعية في مجتمعاتنا قبل خلع الحجاب وبعده، كافية لندرك الأهمية العظمى لهذه الفريضة الربانية، والنجاح منقطع النظير الذي حققه أعداء الأمة بمحاربتهم لهذه الفريضة، فماتت التقوى في القلوب، واختفت النخوة والغيرة على العرض ثم على الأرض، ثم تحولت بلادنا لقمة سائغة تتخاطفها الذئاب الجائعة وتتسابق في نهشها.
وأحب هنا أن أبدد شبهتين يثيرهما المشككون وأعداء الدين، وتمكنوا بهما من التأثير على بعض الناس لقلة حظهم من علوم الشريعة ومبادئ الدين.
الشبهة الأولى: أن لفظ الحجاب لم يرد في كتب الفقه القديمة أبدا، وأن آية الحجاب خاصة بأمهات المؤمنين، ويزعمون بالتالي أن الحجاب لم يفرض إلا على أمهات المؤمنين رضوان الله عليهن، ولم يعمم على المسلمات إلا في عصور التخلف والجهل، بعضهم ينسب ذلك للعصر العباسي، وبعضهم للعثماني... (علما أنهما كانا من عصور ازدهار الحضارة الإسلامية إلا في أواخرهما)
الشبهة الثانية: وهي أسخف من الأولى: أن الله تعالى أمر المؤمنات بستر الجيوب بالخُمُر ولم يأمرهن بستر الشعر أو بقية أجزاء الجسم.

فأما الشبهة الأولى فالرد عليها كالتالي:
الآيات التي نزلت بشأن الحجاب ثلاثة: اثنتان في سورة الأحزاب، وواحدة في سورة النور.
أولاً- آية الحجاب هي  الآية 53 من سورة الأحزاب:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلاَ مُسْتَئْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلاَ أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيماً 
وقد نزلت يوم زواج النبي  بالسيدة زينب بنت جحش رضي الله عنها، والخطاب فيها موجه لأمهات المؤمنين.
وهي خاصة بأمهات المؤمنين رضوان الله عليهن، فالحجاب في اللغة هو الساتر الذي يحجب الرؤية، وهو الحاجز بين شيئين، وقد فرض على نساء النبي  الاحتجاب الكامل عن الرجال، وألا يخاطبنهم إلا من وراء حجاب، فإذا خرجن من البيت كن محجوبات بالكامل حتى الوجه والكفين.
ففي صحيح البخاري: "قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ يَدْخُلُ عَلَيْكَ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ فَلَوْ أَمَرْتَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ بِالْحِجَابِ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ الْحِجَابِ."
وفي تفسير ابن كثير: "وكان وقت نزولها في صبيحة عرس رسول الله  بزينب بنت جحش ا، التي تولى الله تعالى تزويجها بنفسه، وكان ذلك في ذي القعدة من السنة الخامسة، في قول قتادة والواقدي وغيرهما. وزعم أبو عُبَيدة معمر بن المثنى، وخليفة بن خياط: أن ذلك كان في سنة ثلاث، فالله أعلم."
وتفسيرها كما قال ابن كثير: ""أي: وكما نهيتكم عن الدخول عليهن، كذلك لا تنظروا إليهن بالكلية، ولو كان لأحدكم حاجة يريد تناولها منهن فلا ينظر إليهن، ولا يسألهن حاجة إلا من وراء حجاب".
وفي سبب نزولها وبيان كيفيتها بالنسبة لنساء النبي  يروي البخاري في صحيحه:
روى البخاري عن أنس بن مالك  قال: "لما تزوج رسول الله  زينب بنت جحش، دعا القوم فَطَعموا ثم جلسوا يتحدثون، فإذا هو كأنه يتهيأ للقيام فلم يقوموا. فلما رأى ذلك قام، فلما قام قام مَنْ قام، وقعد ثلاثة نفر. فجاء النبي  ليدخل، فإذا القوم جلوس، ثم إنهم قاموا، فانطلقت، فجئت فأخبرت النبي  أنهم قد انطلقوا. فجاء حتى دخل، فذهبت أدخل، فألقي الحجاب بيني وبينه، فأنزل الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ} الآية."
والحديث التالي يبين كيف كان الحجب كاملاً ، وأذن لهن أن يخرجن لحاجتهن متسترات محتجبات، بما في ذلك الوجه والكفان، ولا حرج عليهن بعد ذلك إن عُرفن من هيئتهن أو جسامتهن:
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: "خَرَجَتْ سَوْدَةُ بَعْدَمَا ضُرِبَ الْحِجَابُ لِحَاجَتِهَا، وَكَانَتْ امْرَأَةً جَسِيمَةً لَا تَخْفَى عَلَى مَنْ يَعْرِفُهَا، فَرَآهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ: يَا سَوْدَةُ أَمَا وَاللَّهِ مَا تَخْفَيْنَ عَلَيْنَا فَانْظُرِي كَيْفَ تَخْرُجِينَ. قَالَتْ: فَانْكَفَأَتْ رَاجِعَةً، وَرَسُولُ اللَّهِ  فِي بَيْتِي وَإِنَّهُ لَيَتَعَشَّى وَفِي يَدِهِ عَرْقٌ، فَدَخَلَتْ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي خَرَجْتُ لِبَعْضِ حَاجَتِي فَقَالَ لِي عُمَرُ كَذَا وَكَذَا. قَالَتْ: فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ، ثُمَّ رُفِعَ عَنْهُ وَإِنَّ الْعَرْقَ فِي يَدِهِ مَا وَضَعَهُ، فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ".
هذا وقد قال بعض العلماء أن الحكم وإن كان خاصاً بأمهات المؤمنين، إلا أنهن قدوة لسائر نساء المسلمين، فمن باب أولى أن يحتجبن مثلهن، ولكن الجمهور من العلماء لا يرى هذا، بل يرى الحكم خاصاً بأمهات المؤمنين ولا يعمم. ويرى أن أحكام لباس النساء المسلمات تؤخذ من الأدلة العامة الأخرى.

ثانياً- آية الخمار  وستر الزينة، وهي الآية 31 من سورة النور:
وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فَرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
 والآية تأمر المؤمنات أمراً صريحاً بضرب الخمار –وهو غطاء الرأس- على الجيب وهو فتحة الصدر من أعلى الثوب، أي أمروا بتغطية الشعر والنحر والرقبة.
جاء في تفسير ابن كثير: "أمر الله المؤمنات أن يستترن في هيئاتهن وأحوالهن، والخُمُر: جمع خِمار، وهو ما يُخَمر به، أي: يغطى به الرأس، وهي التي تسميها الناس المقانع.
قال سعيد بن جبير: {وَلْيَضْرِبْن}: وليشددن {بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} يعني: على النحر والصدر، فلا يرى منه شيء."
ومعروف في أصول الفقه أن الأمر للوجوب ما لم تصرفه قرينة، فهو هنا للوجوب بالإجماع.
ويقول الشيخ الشعرواي في تفسير هذه الآية:
"فالخمار هو غطاء الرأس، والجيب هو النحر مع مقدم الصدر ، والمطلوب أن يضرب غطاء الرأس على النحر والصدر. وهذه الآية تعطي حدود الصورة من أعلى، فما هي حدودها من أسفل؟ الجواب في الآية ذاتها: ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن فزينة الأرجل الخلاخيل، ولما كن يخفينها بأثواب سابغة كما تدل عليه الآية الكريمة فإنهن كن يضربن بأرجلهن حتى تعلن هذه الزينة عن نفسها من وراء الحجاب، فنهاهن الله تعالى عن ذلك، إذًا لا بد بموجب هذه الآية من ستر الساقين حتى مكان الزينة منها، أي العقبين."

ثالثاً- آية الجلباب، وهي الآية 59 من سورة الأحزاب:
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ المُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً 
والآية تأمر المؤمنات بلبس الجلباب، وهو لباس ساتر لسائر الجسد يلبس فوق الثياب، عند خروج المرأة من بيتها، لكيلا تلتصق ثيابها بجسمها فتصف شكلها.
جاء في تفسير ابن كثير: "قال تعالى آمراً رسوله ، أن يأمر النساء المؤمنات -خاصة أزواجه وبناته لشرفهن -بأن يدنين عليهن من جلابيبهن، ليتميزن عن سمات نساء الجاهلية وسمات الإماء. والجلباب هو: الرداء فوق الخمار"
وفي التحرير والتنوير لابن عاشور: "أتبع النهي عن أذى المؤمنات بأن أمرن باتقاء أسباب الأذى وهذا يرجع إلى قاعدة التعاون على إقامة المصالح وإماتة المفاسد. وابتدئ بأزواج النبي  وبناته لأنهن أكمل النساء.
والجلابيب: جمع جلباب وهو ثوب أصغر من الرداء وأكبر من الخمار والقناع، تضعه المرأة على رأسها فيتدلى جانباه على عذاريها وينسدل سائره على كتفيها وظهرها، تلبسه عند الخروج والسفر.
وهيئات ليس الجلابيب مختلفة باختلاف أحوال النساء تبينها العادات.
والإدناء: التقريب، وهو كناية عن اللبس والوضع، أي يضعن عليهن جلابيبهن"

هذا وقد كان الفقهاء الأوائل يستخدمون لفظ الحجاب لما فرض على نساء النبي ، فهو بهذا المعنى فعلا يعني الاحتجاب الكامل عن الرجال، وهو معناه اللغوي، وكانوا يشيرون للباس الساتر الواجب على المؤمنات باسم "لباس المرأة" أو "حد عورة المرأة"، ولكن لفظ الحجاب في العصور المتأخرة صار يطلق على لبس المسلمات الساتر، إذاً فهناك تطور لغوي في استخدام الكلمة، استغله أعداء الدين ليموهوا على المسلمين ويضلونهم، فزعموا أن حجاب المرأة غير مذكور في كتب الفقه والسنة، وألا دليل عليه، ولو أن المرء راجع كتب الفقه والتفسير القديمة لعرف حقيقة الأمر، وأنهم كانوا يتحدثون عن حجاب المسلمة تحت مسمى: (لباس المرأة ) أو (حد العورة من المرأة) ، ويوضحون أن المرأة كلها عورة إلا وجهها وكفيها، واختلفوا في قدميها، وبعض العلماء شملوا الوجه والكفين أيضا، وفي تلك الكتب بسط للأدلة التي استنبطوا منها هذا الحكم سواء من آيات الله أو سنة رسوله .
فالاختلاف بين الكتب القديمة والمعاصرة هو في استخدام المصطلح، أما الحكم (أي وجوب ستر سائر بدن المرأة عدا وجهها وكفيها وقدميها) فهو لا خلاف فيه لأنه في كتاب الله وسنة رسوله  وقد أجمع عليه المسلمون في كافة عصورهم.
الخلاصة:
فرض الله تعالى على المرأة المسلمة ارتداء الخمار والجلباب  (وليس الحجاب)...
الخمار أمام غير المحارم في البيت وخارجه، ويعفى عن الجلباب في البيت أمام غير المحارم من المخالطين كابن العم وأخي الزوج لأن المرأة في بيتها تكون في مهنة وخدمة ويثقل عليها الالتزام بالجلباب، فلا بأس إن كانت ملابسها سابغة ساترة لا تشف ولا تصف وليست ذات شهرة ولا زينة في نفسها، أما خارج البيت وأمام الرجال الأباعد فلا بد لها من ارتداء الجلباب أيضا فوق ثيابها، وهو الثابت في الآية، وفي كثير من الأحاديث الصحيحة عن الصحابيات.
أما الحجاب فهو مفروض على نساء النبي ، لحجب شخوصهن كاملة عن أعين الناس، لأن لهن من الحرمة ما ليس لغيرهن من النساء، لمكانهن من النبي ، ولهذا لا نجد مبحث الحجاب في الكتب الفقهية القديمة بل مبحث (عورة المرأة) أو (لباس المرأة وزينتها).

أما الشبهة الثانية: والتي تقول: ((أن الله تعالى أمر المؤمنات بستر الجيوب بالخمار ولم يأمرهن بستر الشعر أو بقية أجزاء الجسم..))  فالجواب عليها:
أن الخمار عند العرب كان لباساً معروفاً تضعه المرأة على رأسها وتغطي به شعرها، والقرآن يخاطب عقلاء عرب يفهمون الكلام العربي المبين ويعون مقاصده. 
فلو خاطبتُ عاقلا وقلتُ له ارتد حذاءك فأنا لا أتـوقع منه أن يرتديه في كفه ولا أنفه، بل مفهوم أنه سينتعله في قدمه ، فعندما يقول الحق تبارك وتعالى للنساء: وليضربن بخمرهن على جيوبهن، لا حاجة لأن يقول ضعن الخمار أولا على الرأس ثم اضربن به على العنق، لأن النسوة المخاطبات عاقلات، يعلمن أن الخمار غطاء للرأس أصلا، لكنهن اعتدن أن يربطنه إلى الخلف من العنق تحت الشعر فلا يستر النحر والعنق، فأمرهن أن يغيرن هذه العادة الجاهلية ويسترن الأعناق والنحور، كما بينته آنفاً من خلال كلام المفسرين.
 
ختاماً أحب أن أذكر للفائدة شروط الحجاب الشرعي الذي أمر به الله تعالى، والتي بينها الفقهاء بعدما استخلصوها من جملة من الأحاديث الصحيحة وهي:
أن يكون ساتراً سابغاً، لا يصف ولا يشف ولا يكون زينة في نفسه ولا يكون ثوب شهرة، ولا يقصد به التشبه بالرجال ولا بالكافرات.

نسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، ومن الذين وصفتهم الآية الكريمة:
إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ المُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ (النور 51)
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا وحبيبنا وإمامنا وشفيعنا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
والحمد لله رب العالمين
العنوان: رد: شبهات حول الإسلام
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2015-02-12, 13:36:39
تبصرة ذوي الأفهام بأن ربا البنوك حرام

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
أما بعد:
فقد قرأتُ الورقة التي تضمنت كلاماً يحاول قائله من خلاله إباحة الربا، وتحليل الاقتراض بالفائدة لأجل الاستثمار، وسأحاول كشف الأغاليط في هذا الكلام، وتفنيد الادعاءات، وإزالة الشبهات، والله المستعان. وسأبدأ بتعريف الربا وبيان حكمه وأسباب تحريمه، ثم أنتقل -بعون الله- لتفنيد مزاعم الكاتب( ) ومغالطاته جميعاً، وما أكثرها.

**********************
أولاً- تعريف الربا وحكمه وعاقبته، وصفة ربا الجاهلية
تعريفه:
"الربا في اصطلاح الفقهاء هو زيادة مال بلا مقابل في معاوضةِ مالٍ بمال. وبهذا يكون ما يؤديه المدينُ إلى الدائنِ زيادةً على الدين نظير مدة معلومة من الزمن مع الشرط والتحديد من الربا، كما تكون الزيادة عند مقايضة شيئين من جنس واحد من الربا أيضاً"( ).
حكمه:
"الرِّبَا مُحَرَّمٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالإِْجْمَاعِ، وَهُوَ مِنَ الْكَبَائِرِ، وَمِنَ السَّبْعِ الْمُوبِقَاتِ ، وَلَمْ يُؤْذِنِ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ عَاصِيًا بِالْحَرْبِ سِوَى آكِل الرِّبَا، وَمَنِ اسْتَحَلَّهُ فَقَدْ كَفَرَ -لإِِنْكَارِهِ مَعْلُومًا مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ- فَيُسْتَتَابُ ، فَإِنْ تَابَ وَإِلاَّ قُتِل، أَمَّا مَنْ تَعَامَل بِالرِّبَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ مُسْتَحِلًّا لَهُ فَهُوَ فَاسِقٌ.
قَال الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ: إِنَّ الرِّبَا لَمْ يَحِل فِي شَرِيعَةٍ قَطُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ  ( ) يَعْنِي فِي الْكُتُبِ السَّابِقَةِ.( )
وَدَلِيل التَّحْرِيمِ مِنَ الْكِتَابِ قَوْل اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: وَأَحَلَّ اللَّهُ البَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ( )، وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَل: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ المَسِّ ( )
وَدَلِيل التَّحْرِيمِ مِنَ السُّنَّةِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ سيرد بعض منها في ثنايا البحث، 
"وَقد أَجْمَعَتِ الأُْمَّةُ عَلَى أَصْل تَحْرِيمِ الرِّبَا.
هَذَا، وَيَجِبُ عَلَى مَنْ يُقْرِضُ أَوْ يَقْتَرِضُ أَوْ يَبِيعُ أَوْ يَشْتَرِي أَنْ يَبْدَأَ بِتَعَلُّمِ أَحْكَامِ هَذِهِ الْمُعَامَلاَتِ قَبْل أَنْ يُبَاشِرَهَا، حَتَّى تَكُونَ صَحِيحَةً وَبَعِيدَةً عَنِ الْحَرَامِ وَالشُّبُهَاتِ، وَمَا لاَ يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلاَّ بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ، وَتَرْكُهُ إِثْمٌ وَخَطِيئَةٌ، وَهُوَ إِنْ لَمْ يَتَعَلَّمْ هَذِهِ الأَْحْكَامَ قَدْ يَقَعُ فِي الرِّبَا دُونَ أَنْ يَقْصِدَ الإِْرْبَاءَ، بَل قَدْ يَخُوضُ فِي الرِّبَا وَهُوَ يَجْهَل أَنَّهُ تَرَدَّى فِي الْحَرَامِ وَسَقَطَ فِي النَّارِ، وَجَهْلُهُ لاَ يُعْفِيهِ مِنَ الإِْثْمِ وَلاَ يُنَجِّيهِ مِنَ النَّارِ؛ لأَِنَّ الْجَهْل وَالْقَصْدَ لَيْسَا مِنْ شُرُوطِ تَرَتُّبِ الْجَزَاءِ عَلَى الرِّبَا، فَالرِّبَا بِمُجَرَّدِ فِعْلِهِ -مِنَ الْمُكَلَّفِ- مُوجِبٌ لِلْعَذَابِ الْعَظِيمِ الَّذِي تَوَعَّدَ اللَّهُ جَل جَلاَلُهُ بِهِ الْمُرَابِينَ، يَقُول الْقُرْطُبِيُّ: لَوْ لَمْ يَكُنِ الرِّبَا إِلاَّ عَلَى مَنْ قَصَدَهُ مَا حُرِّمَ إِلاَّ عَلَى الْفُقَهَاءِ.
وَقَدْ أُثِرَ عَنِ السَّلَفِ أَنَّهُمْ كَانُوا يُحَذِّرُونَ مِنْ الاِتِّجَارِ قَبْل تَعَلُّمِ مَا يَصُونُ الْمُعَامَلاَتِ التِّجَارِيَّةَ مِنَ التَّخَبُّطِ فِي الرِّبَا، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْل عُمَرَ : "لاَ يَتَّجِرُ فِي سُوقِنَا إِلاَّ مَنْ فَقِهَ، وَإِلاَّ أَكَل الرِّبَا"، وَقَوْل عَلِيٍّ : "مَنِ اتَّجَرَ قَبْل أَنْ يَتَفَقَّهَ ارْتَطَمَ فِي الرِّبَا ثُمَّ ارْتَطَمَ ثُمَّ ارْتَطَمَ".
وَقَدْ حَرَصَ الشَّارِعُ عَلَى سَدِّ الذَّرَائِعِ الْمُفْضِيَةِ إِلَى الرِّبَا؛ لأَِنَّ مَا أَفْضَى إِلَى الْحَرَامِ حَرَامٌ، وَكُل ذَرِيعَةٍ إِلَى الْحَرَامِ هِيَ حَرَامٌ"( ).


عقوبته:
قَال السَّرَخْسِيُّ : ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى لآِكِل الرِّبَا خَمْسًا مِنَ الْعُقُوبَاتِ:
إِحْدَاهَا: التَّخَبُّطُ . . قَال اللَّهُ تَعَالَى: {لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ}.
الثَّانِيَةُ: الْمَحْقُ.. قَال تَعَالَى: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا} وَالْمُرَادُ الْهَلاَكُ وَالاِسْتِئْصَال، وَقِيل: ذَهَابُ الْبَرَكَةِ وَالاِسْتِمْتَاعِ حَتَّى لاَ يَنْتَفِعَ بِهِ، وَلاَ وَلَدُهُ بَعْدَهُ.
الثَّالِثَةُ: الْحَرْبُ . . قَال اللَّهُ تَعَالَى: { فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ }.
الرَّابِعَةُ: الْكُفْرُ . . قَال اللَّهُ تَعَالَى: {وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} وَقَال سُبْحَانَهُ بَعْدَ ذِكْرِ الرِّبَا: {وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُل كَفَّارٍ أَثِيمٍ}  أَيْ : كَفَّارٍ بِاسْتِحْلاَل الرِّبَا، أَثِيمٍ فَاجِرٍ بِأَكْل الرِّبَا.
الْخَامِسَةُ: الْخُلُودُ فِي النَّارِ. قَال تَعَالَى: {وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} .
حِكْمَةُ تَحْرِيمِ الرِّبَا :
"أَوْرَدَ الْمُفَسِّرُونَ لِتَحْرِيمِ الرِّبَا حِكَمًا تَشْرِيعِيَّةً:
مِنْهَا: أَنَّ الرِّبَا يَقْتَضِي أَخْذَ مَال الإِْنْسَانِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ، أي أكل ماله بالباطل.
وَمِنْهَا: أَنَّ الرِّبَا يَمْنَعُ النَّاسَ مِنْ الاِشْتِغَال بِالْمَكَاسِبِ؛ لأَِنَّ صَاحِبَ الدِّرْهَمِ إِذَا تَمَكَّنَ بِوَاسِطَةِ عَقْدِ الرِّبَا مِنْ تَحْصِيل الدِّرْهَمِ الزَّائِدِ نَقْدًا كَانَ أَوْ نَسِيئَةً خَفَّ عَلَيْهِ اكْتِسَابُ وَجْهِ الْمَعِيشَةِ، فَلاَ يَكَادُ يَتَحَمَّل مَشَقَّةَ الْكَسْبِ وَالتِّجَارَةِ وَالصِّنَاعَاتِ الشَّاقَّةِ، وَذَلِكَ يُفْضِي إِلَى انْقِطَاعِ مَنَافِعِ الْخَلْقِ الَّتِي لاَ تَنْتَظِمُ إِلاَّ بِالتِّجَارَاتِ وَالْحِرَفِ وَالصِّنَاعَاتِ وَالْعِمَارَاتِ .
وَمِنْهَا: أَنَّ الرِّبَا يُفْضِي إِلَى انْقِطَاعِ الْمَعْرُوفِ بَيْنَ النَّاسِ مِنَ الْقَرْضِ؛ لأَِنَّ الرِّبَا إِذَا حُرِّمَ طَابَتِ النُّفُوسُ بِقَرْضِ الدِّرْهَمِ وَاسْتِرْجَاعِ مِثْلِهِ، وَلَوْ حَل الرِّبَا لَكَانَتْ حَاجَةُ الْمُحْتَاجِ تَحْمِلُهُ عَلَى أَخْذِ الدِّرْهَمِ بِدِرْهَمَيْنِ، فَيُفْضِي إِلَى انْقِطَاعِ الْمُوَاسَاةِ وَالْمَعْرُوفِ وَالإِْحْسَانِ.
وَمِنْ ذَلِكَ مَا قَال ابْنُ الْقَيِّمِ: "فَرِبَا النَّسِيئَةِ، وَهُوَ الَّذِي كَانُوا يَفْعَلُونَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، مِثْل أَنْ يُؤَخِّرَ دَيْنَهُ وَيَزِيدَهُ فِي الْمَال، وَكُلَّمَا أَخَّرَهُ زَادَ فِي الْمَال، حَتَّى تَصِيرَ الْمِائَةُ عِنْدَهُ آلاَفًا مُؤَلَّفَةً، فَيَشْتَدُّ ضَرَرُهُ، وَتَعْظُمُ مُصِيبَتُهُ، وَيَعْلُوهُ الدَّيْنُ حَتَّى يَسْتَغْرِقَ جَمِيعَ مَوْجُودِهِ، فَيَرْبُو الْمَال عَلَى الْمُحْتَاجِ مِنْ غَيْرِ نَفْعٍ يَحْصُل لَهُ، وَيَزِيدُ مَال الْمُرَابِي مِنْ غَيْرِ نَفْعٍ يَحْصُل مِنْهُ لأَِخِيهِ، فَيَأْكُل مَال أَخِيهِ بِالْبَاطِل"."( )
ربا الجاهلية:
"وَهُوَ الزِّيَادَةُ فِي الدَّيْنِ نَظِيرَ الأَْجَل أَوِ الزِّيَادَةِ فِيهِ، وَسُمِّيَ هَذَا النَّوْعُ مِنَ الرِّبَا رِبَا النَّسِيئَةِ مِنْ أَنْسَأْتُهُ الدَّيْنَ: أَخَّرْتُهُ - لأَِنَّ الزِّيَادَةَ فِيهِ مُقَابِل الأَْجَل أَيًّا كَانَ سَبَبُ الدَّيْنِ بَيْعًا كَانَ أَوْ قَرْضًا.
وَسُمِّيَ رِبَا الْقُرْآنِ؛ لأَِنَّهُ حُرِّمَ بِالْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَسُمِّيَ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ، لأَِنَّ تَعَامُل أَهْل الْجَاهِلِيَّةِ بِالرِّبَا لَمْ يَكُنْ إِلاَّ بِهِ كَمَا قَال الْجَصَّاصُ.
 وَالرِّبَا الَّذِي كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُهُ وَتَفْعَلُهُ إِنَّمَا كَانَ قَرْضَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ إِلَى أَجَلٍ بِزِيَادَةٍ عَلَى مِقْدَارِ مَا اسْتَقْرَضَ عَلَى مَا يَتَرَاضَوْنَ بِهِ، وَسُمِّيَ أَيْضًا الرِّبَا الْجَلِي"( ).

**********************
ثانياً- تفنيد مزاعم الكاتب

•   زعم الكاتب بداية أن الشريعة الإسلامية أولت اهتماماً كبيرا لمسألة الفقر الذي كان يسود أرض الحجاز، وذلك بتشريع الزكاة وإيجابها في مال الأغنياء لتصرف على الفقراء، وتحريم الربا، والذي عرفه بأنه الزيادة على ثمن المبيع مقابل تأجيل الثمن إلى أجل.
وهذا الكلام محاولة للتمويه والتشويش لا طائل منها، وذلك للأسباب التالية:
أولاً- لأن بلاد الحجاز لم يكن الفقر سائداً فيها، بل كان اقتصادها مزدهرا ومعتمدا على التجارة، من ذلك رحلتا الشتاء والصيف، وأسواق المواسم كعكاظ وذي المجنة وغيرها، وكانت قريش تعقد المعاهدات التجارية مع القبائل والدول المختلفة، قال الدكتور هيكل: "وعقد عبد شمس معاهدة تجارية مع النجاشي، كما عقد نوفل والمطلب حلفاً مع فارس ومعاهدة تجارية مع الحميريين في اليمن. وكذلك ازدادت مكة منعة وجاهاً كما ازدادت يساراً، وبلغ أهلها من المهارة في التجارة أن أصبحوا لا يدانيهم فيها مُدانٍ من أهل عصرهم. كانت القوافل تجيء إليها من كل صوب، وتصدر عنها في رحلتي الشتاء والصيف، وكانت الأسواق تنصب فيما حولها لتصريف هذه التجارة فيها، ولذلك مهر أهلها في النسيئة والربا، وفي كل ما يتصل بالتجارة من أسباب المعاملات"( ) ووجود الفقراء في مكة لا يغير شيئا من هذه الحقيقة، فوجودهم ثمرة للاستغلال والجشع والظلم الذي يتفشى دوما في ظلال الجاهلية والحكم بغير شرع الله، كما نرى في الدول الغربية في عصرنا الحاضر والتي تزخر رغم تقدمها- بالفقراء والعاطلين والمعدمين.
 وثانياً- لأن الشريعة الإسلامية لم ينزلها الله تعالى رب العالمين لإصلاح أوضاع الناس في رقعة محدودة من البلاد، أو حقبة معينة من الزمان، بل هي الشريعة الخاتمة التي أنزلها الله تعالى لتحكم الناس وتصلح لهم أحوالهم في كل زمان وكل مكان، قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا  ( ) وقال عز من قائل: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ  ( ). 
ثالثاً- من القواعد المعروفة والمستقرة لدى الفقهاء أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فتشريعات الإسلام جاءت عامة للعالمين على اختلاف بيئاتهم وأشكالهم وألوانهم وعصورهم، فلا تختص بزمان ولا مكان ولا أشخاص، ولا تقتصر أحكامها على البيئة أو الحادثة أو السبب الذي كان سبباً مباشراً لنزولها.
رابعاً- تعريفه للربا، تعريف قاصر وغير دقيق، وقد عرفناه بما يكفي، واختيار الكاتب لهذا التعريف غرضه تعزيز الإيهام بأن الربا كان يجري بين غني مقرض وفقير مقترض، وهو النوع الذي سماه بالقرض الاستهلاكي، لينفي عن ربا الجاهلية سمة القرض الإنتاجي، ويخلص من هذا إلى إباحة هذا النوع من القروض الربوية بدعوى أنها غير مشمولة بالتحريم، وهذا ما لا يسلم له، فإذا نظرنا إلى البيئة العربية التي نزل فيها التحريم لم نكد نجد قرضاً استهلاكياً، ذلك أن الربا قل أن يحتاج إلى هذا النوع من القروض:
"فالعرب في الصحراء كان غذاؤهم فيها بسيطا، وكان لباسهم بسيطا كغذائهم، ولم تكن خصلة عندهم تفوق خصلة الكرم، فكان الغني بينهم يعطف على الفقير، كثيراً ما كان يذبح إبله في سنين القحط، يطعمها عشيرته، كما يذبحها قرير العين لضيفانه الذين ينزلون به أو تدفعهم الصحراء إليه. ومن سنتهم أنهم كانوا يوقدون النار ليلاً على الكثبان والجبال؛ ليهتدي إليهم التائهون والضالون في الفيافي، فإذا وفدوا عليهم أمنوهم حتى لو كانوا من عدوهم"( ) وإنما كانت غالبية قروضهم إنتاجية، بهدف الاستثمار والتجارة، كما سيتضح.
•   وأما ما نقله عن تفسير الطبري من أن آية {فنظرة إلى ميسرة} نزلت في الربا، فصحيح، وهو دليل عليه لا له، فإنه يبين حرمة ربا النسيئة، جاء في تفسير الطبري:  "وذلك أن الذين كانوا يأكلون من الرّبا من أهل الجاهلية، كان إذا حلّ مالُ أحدهم على غريمه، يقول الغَريم لغريم الحق: "زدني في الأجل وأزيدك في مالك"( ).
•   وأما قوله أن الفقهاء قالوا "أن القرض من دون ربا صدقة"
 فإن كان يقصد به بيانهم ثواب القرض، فهذا صحيح، فقد جاء في صحيح مسلم: "مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ" وفيه أيضاً عن أبي قتادة  قال: "سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ  يَقُولُ مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُنْجِيَهُ اللَّهُ مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلْيُنَفِّسْ عَنْ مُعْسِرٍ أَوْ يَضَعْ عَنْهُ". وعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ  أَنَّ النَّبِيَّ  قَالَ: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُقْرِضُ مُسْلِمًا قَرْضًا مَرَّتَيْنِ إِلَّا كَانَ كَصَدَقَتِهَا مَرَّةً"( ) .
 وجاء عن النبي  أيضاً أنه قال: "لا يحل دين رجل مسلم فيؤخره إلا كان له بكل يوم صدقة" ( )
لكن إن كان الكاتب يقصد أن طبيعة القرض أن يكون بربا، فإن خلا عن الربا لم يعد اسمه قرضاً بل صدقة، فقد كذب على الله ورسوله، لأن الآيات في سورة البقرة جاءت للنهي عن الربا في القروض، كما نهت عنه في البيوع، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ( ) قال الطبري في تفسيرها: يعني جل ثناؤه بذلك:"يا أيها الذين صدّقوا بالله وبرسوله خافوا الله على أنفسكم، فاتقوه بطاعته فيما أمركم به، والانتهاء عما نهاكم عنه واتركوا طلب ما بقي لكم من فَضْل (أي زيادة) على رؤوس أموالكم التي كانت لكم قبل أن تُربوا عليها إن كنتم مؤمنين"( ). وقال: "كان ربًا يتبايعون به في الجاهلية، فلما أسلموا أمِروا أن يأخذوا رؤوس أموالهم."( ) وفي تفسير قوله تعالى:  وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ ( ) قال الطبري: "يعني به غرماء الذين كانوا أسلموا على عهد رسول الله ، ولهم عليهم ديون قد أربَوْا فيها في الجاهلية، فأدركهم الإسلام قبل أن يقبضوها منهم، فأمر الله بوضع ما بقي من الربا بعد ما أسلموا، وبقبض رؤوس أموالهم، ممن كان منهم من غرمائهم موسراً، أو إنظار من كان منهم معسراً برؤوس أموالهم إلى ميسرتهم".( )
•   ثم قال الكاتب: ويعني ذلك أن الشريعة حرمت الربا لاعتبارات إنسانية أي بيئية، كان الفقر يعم طبقة كبيرة من الناس... إلخ..
وهذا استنتاج من محض خيال الكاتب لا دليل عليه ولا برهان، فالشريعة حرمت الربا لاعتبارات إنسانية واقتصادية أيضاً( )، وحرمت الربا بإطلاق، دون تفريق بين غني أو فقير، ولا بين مستثمر أو مسكين.
ففي صحيح البخاري: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ النَّبِيِّ  قَالَ: اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَالسِّحْرُ وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَكْلُ الرِّبَا وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ".
وفي صحيح مسلم: عَنْ جَابِرٍ  قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ  آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ وَقَالَ هُمْ سَوَاءٌ".
وسائر النصوص التي حرم فيها الربا أتت بصيغة العموم، لم تميز بين فقير وغني، وبين مقترض لحاجة أو لغير حاجة، وسيأتي مزيد بيان لهذا فيما يلي.
•   وقد زعم الكاتب أن الناس في ذلك الزمان لم يعرفوا اقتراض المال لاستثماره في الزراعة أو التجارة أو الصناعة، بل كانت القروض استهلاكية لتغطية حاجة الفقراء.
وهذا أيضا من شطحات خيال الكاتب، لأن التاريخ والنصوص تكذبه، فقريش كانت تقترض وتُقرض من أجل التجارة، والاقتراض للاستثمار في الزراعة كان معروفاً في يثرب والطائف وغيرها، ونظمه الإسلام فأبطل منه ما فيه شبهة ربا، وأقر ما فيه مشاركة باقتسام الغنم والغرم، كالمغارسة والمساقاة، بل إن القبائل كانت يقرض بعضها بعضا، كما تقرض الدول الغنية الفقيرة الآن بالربا؛ جاء في تفسير التحرير والتنوير لابن عاشور: "قيل نزلت هذه الآية خطاباً لثقيف -أهل الطائف- إذ دخلوا في الإسلام بعد فتح مكة وبعد حصار الطائف، بسبب أنهم كانت لهم معاملات بالربا مع قريش، فاشترطت ثقيف قبل النزول على الإسلام أن كل ربا لهم على الناس يأخذونه، وكل ربا عليهم فهو موضوع، فأنزل الله تعالى هذه الآية خطاباً لهم فقالوا: لا يديّ لنا بحرب الله ورسوله"( ) أي لا نقدر على حربهما. وجاء في تفسير الطبري: "نزلت هذه الآية في العباس بن عبد المطلب ورجلٍ من بني المغيرة، كانا شريكين في الجاهلية، يُسلِفان في الرِّبا إلى أناس من ثقيف من بني عمرو، وهم بنو عمرو بن عمير، فجاء الإسلام ولهما أموال عظيمة في الربا، فأنزل الله {وذروا ما بقي من الربا}"( ) وربا العباس هذا هو الذي وصفه رسول الله  بأنه ربا الجاهلية، وكان أول ربا وضعه ، وذلك في خطبته في حجة الوداع حيث قال: "وَرِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ وَأَوَّلُ رِبًا أَضَعُ رِبَانَا رِبَا عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ"( ) فهذه كلها كانت قروضاً استثمارية بين الأغنياء، ولم تكن قروضاً استهلاكية من أغنياء لفقراء كما زعم الكاتب وتخيل.
•   بعد ذلك استشهد الكاتب بما ورد في كتاب السنهوري، والذي قال فيه إن موضوع الربا قد طرح في مؤتمر الفقه الإسلامي الذي انعقد في باريس عام 1951، وذهب فريق من المؤتمرين إلى القول بأن الربا الذي حرمته الشريعة هو ربا القروض الاستهلاكية، وليس عن القروض الاستثمارية.. إلخ..
وهذا الكلام ليس بدليل على الإطلاق -كما لا يخفى- لأن ذهاب فريق من المؤتمرين إلى هذا الرأي لا يعني صحته ولا وجاهته، ناهيك عن أنه لم يذكر من هم هؤلاء الذين ذهبوا ولا مرتبتهم من العلم الشرعي، كما أن العبرة بما انتهى إليه المؤتمر، وصدر في بيانه الختامي، لا بالآراء والاستشكالات التي تطرح فيه للنقاش، وقد بينت آنفاً حقيقة القروض التي كانت في الجاهلية وأنها كانت إنتاجية بالدرجة الأولى، علماً أن هذه الشبهة قديمة، لطالما لاكها الصحفيون والعلمانيون في مقالاتهم، وقد وجدت رداً قديماً عليها في بحث للدكتور السالوس، قدمه عام 1985م، قال فيه: "أحب أن أقف هنا وقفة لننظر في تسلسل فكرنا الاقتصادي المعاصر، ولنعذر مشايخنا الأجلاء -رحمهم الله تعالى- فيما وقعوا فيه من خطأ في الفتوى. نشأت البنوك نشأة يهودية ربوية، وظل هذا الطابع مسيطرا عليها حتى عصرنا. وصور لنا الاقتصاديون أن الاقتصاد لا يقوم بغير البنوك، وأن البنوك لا تقوم بغير نظام الفائدة المتبع، أي النظام الربوي. وانقسم علماؤنا آنذاك: فمنهم من بحث بحثا علميا مجردا، وانتهى إلى أن فوائد البنوك وما شابهها هي من الربا المحرم، ومنهم من حاول تبريرها رغبة في تحليل عقود المسلمين، فحسنت نياتهم، وسمت مقاصدهم، إلا أنهم وقعوا فيما رأيناه من الأخطاء، وعذرهم نبل الغايات مع عدم وجود البديل الشرعي.
ومشكلات العصر لا تحل باجتهاد فردي، وهذه حقيقة يسهل إدراكها، فرأي الجماعة غير رأي الفرد، وكان هذا منهج سلفنا الصالح رضوان الله عليهم، فكما يروي المسيب بن رافع: "كانوا إذا نزلت بهم قضية ليس فيها من رسول الله  أثر، اجتمعوا لها وأجمعوا، فالحق فيما رأوا، فالحق فيما رأوا". وكان أبو بكر  إن أعياه أن يجد في أمرٍ سُنّةً من رسول الله ، جمع رؤوس الناس وخيارهم فاستشارهم، فإذا اجتمع رأيهم على أمر قضى به.
وهنا نذكر ونشكر المجهود الذي بذله المرحوم الشيخ شلتوت لإنشاء مجمع البحوث الإسلامية، وتحقق ما سعى إليه ولكن لم ير ثمرة غرسه، وعقد المؤتمر الأول للمجمع سنة 1383 هـ (1964 م)، وكان من قراراته وتوصياته:
"أن السبيل لمراعاة المصالح، ومواجهة الحوادث المتجددة، هي أن يتخير من أحكام المذاهب الفقهية ما يفي بذلك، فإن لم يكن في أحكامها ما يفي به فالاجتهاد الجماعي المذهبي ، فإن لم يف كان الاجتهاد الجماعي المطلق. وينظم المجمع وسائل الوصول إلى الاجتهاد الجماعي بنوعيه ليؤخذ به عند الحاجة ".
وعقد المؤتمر الثاني لمجمع البحوث في شهر محرم سنة 1385 هـ (مايو سنة 1965 م) فكان هذا المؤتمر نقطة تحول في مسار فكرنا الاقتصادي الإسلامي من الناحية النظرية، حيث صدرت الفتوى الجماعية بتحريم فوائد البنوك، ونصها: "الفائدة على أنواع القروض كلها ربا محرم، لا فرق في ذلك بين ما يسمى بالقرض الاستهلاكي، وما يسمى بالقرض الإنتاجي، وكثير الربا في ذلك وقليله حرام .
والإقراض بالربا محرم، لا تبيحه حاجة ولا ضرورة، والاقتراض بالربا حرام كذلك، ولا يرتفع إثمه إلا إذا دعت إليه الضرورة،  وكل امرئ متروك لدينه في تقرير ضرورته.
وإن أعمال البنوك في الحسابات الجارية، وصرف الشيكات وخطابات الاعتماد والكمبيالات الداخلية التي يقوم عليها العمل بين التجار والبنوك في الداخل، كل هذا من المعاملات المصرفية الجائزة، وما يؤخذ في نظير هذه الأعمال ليس من الربا.
وإن الحسابات ذات الأجل، وفتح الاعتماد بالفائدة، وسائر أنواع الإقراض نظير فائدة، كلها من المعاملات الربوية، وهي محرمة".
وبعد صدور هذه الفتوى حسم الأمر، وأصبحنا في غنى عن أي رأي فردي.
وإلى جانب هذه الفتوى انتهى المؤتمر إلى التوصية التالية:
"لما كان للنظام المصرفي أثر واضح في النشاط الاقتصادي المعاصر، ولما كان الإسلام حريصاً على الاحتفاظ بالنافع من كل مستحدث مع اتقاء أوزاره وآثامه، فإن مجمع البحوث الإسلامية بصدد درس بديل إسلامي للنظام المصرفي الحالي، ويدعو علماء المسلمين، ورجال المال والاقتصاد إلى أن يتقدموا إليه بمقترحاتهم في هذا الصدد ".
ثم كان التحول في هذا المسار من الناحية العملية التي دعا إليها المؤتمر بظهور البنوك الإسلامية، فظهر التطبيق العملي، وأثبت البديل الإسلامي إمكان قيام بنوك بدون تعامل بالفوائد الربوية. وبذلك حسم الجانبان: النظري والعملي معا.
وبدأت الجهود الإسلامية المخلصة تتجه إلى تحسين هذا البديل ودعمه، ومحاولة إزالة العقبات من طريقه.
وعندما عقد المؤتمر العالمي الأول للاقتصاد الإسلامي سنة 1396 هـ (1976م) وحضره الكثرة الكاثرة من فقهاء الشريعة ورجال الاقتصاد والقانون وغيرهم، لم يثر أي خلاف حول اعتبار البنوك الربوية من الربا المحرم، كلهم أجمعوا على أن هذه الفوائد من الربا الذي حرمه الإسلام، ثم كانت الخطوة الأخرى نحو دعم البديل الإسلامي وتحسينه".( )

•   وعودة لكاتب الشبهات لنرى أنه ذكر أن من الذرائع التي تذرع بها المؤتمرون في إباحة الربا قولهم: "ليس من العدل أن يستغل المقترض المال الذي اقترضه في أعمال تجارية أو زراعية أو صناعية، وينمي ماله وثروته، بينما يحرم صاحب المال من أي منفعة، وقد عرض ماله للمخاطرة والضياع"
والجواب عن هذا أن الشريعة الإسلامية أباحت المضاربة أو القراض، وهو أن يشارك صاحب المال المستثمر في استثماره، ويتفقان بينهما على تقسيم الأرباح بنسبة معينة، فيكون لصاحب المال نسبة ثابتة، وللعامل نسبة ثابتة، وبهذا يتحقق العدل بينهما، ويقتسمان الغنم والغرم، أما أن يقرض صاحب المال المستثمر مالاً دون مشاركة أو مضاربة، فإنه لا يكون قد عرض ماله للمخاطرة والضياع، وبالتالي لا يستحق عليه أي ربح، ولا يستحق إلا رأس ماله، فالقرض مضمون، ولا بد من سداده كاملا غير منقوص، ويمكن له أن يوثق دينه برهن يستوفي منه ماله إن عجز المدين عن السداد،  فأين الضياع وأين المخاطرة المزعومة؟
•   ثم ذكر الكاتب أن الشيخ محمود شلتوت أفتى أن الفائدة التي يدفعها صندوق البريد للمودعين لديه حلال لا حرمة فيها.
ونسي الكاتب أن يبين لنا أن الشيخ محمود شلتوت –رحمه الله- قد رجع عن هذه الفتوى، فقد جاء عنه في تفسيره للقرآن، تحت عنوان: (بطلان الاستدلال بالآية على إباحة الربا القليل): "بقي علينا أن ننبه في هذا الشأن لأمر خطير، وهو أن بعض الباحثين المولعين بتصحيح التصرفات الحديثة، وتخريجها على أساس فقهي إسلامي ليُعرفوا بالتجديد وعمق التفكير، يحاولون أن يجدوا تخريجا للمعاملات الربوية التي يقع التعامل بها في المصارف أو صناديق التوفير أو السندات الحكومية أو نحوها، ويلتمسون السبيل إلى ذلك، فمنهم من يزعم أن القرآن إنما حرم الربا الفاحش بدليل قوله: {أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} وهو يعني إباحة ما لم يكن أضعافا مضاعفة من الربا، وهذا قول باطل؛ فإن الله سبحانه وتعالى أتى بقوله: {أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} توبيخاً لهم على ما كانوا يفعلون، وإبرازاً لفعلهم السيئ، وتشهيراً به، يقول الله لهم: لقد بلغ بكم الأمر في استحلال أكل الربا أنكم تأكلونه أضعافا مضاعفة، فلا تفعلوا ذلك، وقد جاء النهي في غير هذه المواضع مطلقاً صريحاً، ووعد الله بمحق الربا قل أو كثر، ولعن آكله وموكله وشاهديه، كما جاء في الآثار، وآذن من لم يدعه بحرب الله وحرب رسوله، واعتبره من الظلم الممقوت، وكل ذلك ذكر فيه الربا على الإطلاق دون تقييد بقليل أو كثير.
ومنهم من يميل إلى اعتباره ضرورة من الضروريات بالنسبة للأمة، ويقول: ما دام صلاح الأمة في الناحية الاقتصادية متوقفاً على أن نتعامل بالربا، وإلا اضطربت أحوالها بين الأمم، فقد دخلت بذلك في قاعدة: الضرورات تبيح المحظورات.
وهذا أيضا مغالطة، فقد بيّنا أن صلاح الأمة لا يتوقف على هذا التعامل، وأن الأمر فيه إنما هو وهم من الأوهام، وضعف أمام النظم التي يسير عليها الغالبون الأقوياء"( ).
 علماً أن عدداً من المفتين الرسميين في بعض البلاد الإسلامية قد أفتوا بإباحة ربا البنوك،  وهي فتاوى باطلة، دحضها العلماء المستقلون (الذين لا تقيدهم وظائف الحكومة ومناصبها) وبينوا عوارها وبطلانها، ومن أشهر من تصدى لذلك الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي في كتابه (فوائد البنوك هي الربا المحرم) والذي أنصح كل من حيرته هذه الفتاوى الباطلة أو شوشته أن يطالعه ففيه الشفاء من كل عي بإذن الله.
•   ثم ذكر حيثيات فتوى الإباحة وأن في إيداع المال في الصناديق الاستثمارية تنمية وطنية، يستحق عليها صاحبها بعض الربح.
 وهذه مغالطة اقتصادية وشرعية؛ أما شرعاً، فلأن تحقيق بعض الفوائد لا يبيح الحرام، فما من حرام إلا وفيه شيء من الفائدة، فالسرقة فيها فائدة للسارق، والتجارة بالخمر فيها فائدة للتاجر، والغش والاحتكار والقمار وغير ذلك، لا يخلو من فائدة لجهة ما، وهذا لا يبيحه، ما دام إثمه أكبر من نفعه، ومادامت النصوص القاطعة قد حرمته. وأما أنه مغالطة اقتصادية، فلأن بلدان العالم الثالث منذ تورطت في شبكة البنوك الاستثمارية الربوية العالمية والمحلية، وديونها القومية تزيد أضعافاً مضاعفة، ومستوى التخلف والفقر والجهل والمرض فيها يزيد ولا ينقص، وهذا مصداق قوله تعالى: ﭽ ﮄ   ﮅ  ﮆ  ﮇ  ﮈﮉ  ﮊ  ﮋ     ﮌ  ﮍ          ﮎ           ﮏ       ﭼ ( ) 
•   ثم زعم أن إباحة البيع في قوله تعالى: {وأحل الله البيع وحرم الربا} ليست على إطلاقها، فكذلك تحريم الربا ليس يسري على كل أنواعه.
وهذا الكلام مغالطة وتلبيس لسببين: لغوي وشرعي. أما كونه مغالطة لغوية، فيوضحها كلام ابن عاشور في التحرير والتنوير في تفسيره للآية حيث قال: "ثبت بها حكم أصلين عظيمين في معاملات الناس محتاج إليهما فيها: أحدهما يسمى بيعاً والآخر يسمى ربا. أولهما مباح معتبر كونه حاجيًّا للأمة، وثانيهما محرم ألغيت حاجيته لما عارضها من المفسدة. وظاهر تعريف الجنس أن الله أحل البيع بجنسه فيشمل التحليل سائر أفراده، وأنه حرم الربا بجنسه كذلك. ولما كان معنى {َأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ}: أذن فيه، كان في قوة قضية موجبة، فلم يقتض استغراق الجنس بالصيغة، ولما كان البيع قد تعتريه أسباب توجب فساده وحرمته تتبعت الشريعة أسباب تحريمه، فتعطل احتمال الاستغراق في شأنه في هذه الآية.
أما معنى قوله: {وَحَرَّمَ الرِّبا} فهو في حكم المنفي لأن حرم في معنى منع، فكان مقتضياً استغراق جنس الربا بالصيغة، إذ لا يطرأ عليه ما يصيره حلالاً. وجملة: {وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} معترضة بين أحكام الربا. ولما كان شأن الاعتراض ألا يخلو من مناسبة بينه وبين سياق الكلام، كان الإخبار بأن الله لا يحب جميع الكافرين مؤذنا بأن الربا من شعار أهل الكفر، وأنهم الذين استباحوه فقالوا إنما البيع مثل الربا، فكان هذا تعريضا بأن المرابي متسم بخلال أهل الشرك."( )
وأما كونه مغالطة شرعية فلأن إباحة البيع المنصوص عليها بالآية، تم تخصيصها بنصوص شرعية من السنة النبوية الشريفة، وأما تحريم الربا فلم يرد أي نص شرعي من كتاب أو سنة يخصصه، فيبقى على عمومه.
•   وزعم كذلك أن نظر المحرمين للربا بكل وجوهه قد قصر عن ربط الشريعة بالمصلحة.
 ولكن فاته أن المصلحة لكي تعتبر في الشريعة، ويكون لها أثرها في الأحكام لا بد لها من ضوابط، بيّنها الفقهاء، نلخصها فيما يلي نقلاً عن الدكتور البوطي: "أن تكون من مقاصد الشريعة، وألا تعارض الكتاب، وألا تعارض السنة، وألا تعارض القياس الصحيح، وألا تعارض مصلحة أهم منها أو مساوية لها"( ).
وبما أن المصلحة المذكورة هنا معارضة لنصوص شرعية قطعية الثبوت قطعية الدلالة، فهي مصلحة ملغاة، أي لا اعتبار لها في الشرع، وعلينا أن نلاحظ أنه لا يمكن أن يقع تعارض بين مصلحة حقيقية وأدلة الأحكام، ولكن يمكن أن تتعارض الأدلة مع ما يتوهمه الباحث مصلحة، وليست كذلك في حقيقة الأمر، وسيتضح في نهاية البحث –إن شاء الله- كيف أن هذه المصلحة موهومة، وليست مصلحة على الإطلاق، عندما أفصل القول في الجانب الاقتصادي للنظام الربوي. 
•   ثم ختم القول بأن الفقهاء إذ حرموا الربا، ومنه ربا البنوك لم يفرقوا بين القرض للفقير الذي يقترض المال لقضاء حاجته الضرورية، وبين القرض للغني الذي يستثمر المال لزيادة ثروته.
فأقول -وبالله التوفيق- إن الغني المقصود بكلامه هنا هو البنك، على أساس أن البنك يقترض من المودعين أموالهم، ثم يردها لهم بزيادة ربوية، وبما أن البنك يستثمر هذا المال ويربح منه، فمن حق المودعين أن يربحوا أيضاً!!
هذا هو المنطق الذي يستند إليه هذا الكاتب.. ولكن كيف يستثمر البنك هذه الأموال، ومن أين يجني الأرباح التي يعطي نصيباً منها للمودعين أو المقرضين بمسمى الفائدة؟
إنه يجنيها من إقراض المال بربا أعلى من الربا الذي يدفعه للمودعين، يقرضه للمحتاجين وصغار المستثمرين والمزارعين والراغبين في تأسيس منازل أو استكمال تعليم، وغير ذلك من صور القروض البنكية، فيدفع هؤلاء المحتاجون ربا على قروضهم، يبلغ أحياناً أضعافاً مضاعفة، بل قد يعجزون أحياناً عن سداد الربا المتراكم على قروضهم مما يؤدي إلى أن يستولي البنك على ممتلكاتهم المرهونة كضمان للقرض، فيضيع عليهم الاستثمار ورأس المال والأصول، ومن هنا يجني البنك أرباحه الهائلة، ويدفع جزءًا منها للمودعين، الذين يشاركونه إثم أكل الربا، ويقتسمون معه الغنيمة التي راح ضحيتها المقترضون المحتاجون والمستثمرون الصغار.
فالبنك لا يستثمر في مشاريع تنموية كما يحاول دعاة الاقتصاد الربوي أن يشيعوا، بل هو يمتص دماء المستثمرين الصغار والطامحين، ومن هنا يراكم أرباحه دون أن يتعرض لأدنى مخاطرة، والبنوك التي تزعم أنها بنوك استثمارية وطنية، كبنك التسليف الزراعي، أو التسليف الشعبي أو غيرها، لا يعدو ما تفعله أنها تقرض المستثمرين قروضاً مضمونة برهون موثقة، وتتقاضى على هذه القروض أرباحا مضمونة تحت اسم (الفائدة أو الربح) ولا تتحمل أي مخاطرة، وتتحصل على أرباحها ورباها سواء استثمر المقترض أو لم يستثمر، نجح استثماره أو فشل. وسأعود لبيان المخاطر الاقتصادية لهذا النظام الربوي، والتي كان لأجلها تحريم الربا بكل أشكاله وأنواعه. ولكنني أردت هنا أن أبين فقط كذب قوله أن المقترض الغني (أي البنك) يستثمر ويربح فيحق للمشاركين معه (المودعين) أن يقاسموه  الربح، فهم في الحقيقة يقاسمونه امتصاص دماء المقترضين وعرقهم.
هذا وإنَّ زعم الكاتب أن هذا النوع من القروض الاستثمارية هو نوع مستحدث، فينبغي أن يكون خارجاً عن حكم الربا الذي حذر منه القرآن الكريم وآذن المتعاملين به بحرب من الله ورسوله، هو زعم كاذب، كما بينا سابقا حين تحدثنا عن ربا العباس وربا ثقيف، ونزيد الأمر بياناً حين نتحدث عن مثال من أمثلة القروض التي كانت تدفع لغني، وهو الزبير بن العوام . يقول الدكتور علي أحمد السالوس: [يعجب كثير من الناس عندما يسمعون أن ودائع البنوك تعتبر قرضاً، فالقرض إنما يكون للفقير المحتاج، والمودع قد يكون هو الفقير الذي ادخر أموالاً قليلة بشق الأنفس للانتفاع بها في وقت آخر، أو لأي سبب من الأسباب، فكيف يقرض البنكَ صاحبَ الملايين ؟!
ويعترض بعض أهل العلم على جعل هذه الودائع من باب القرض؛ لأن القرض عقد إرفاق، والمتعاملون مع البنوك هنا إنما يريدون الإيداع والاستثمار، وليس الرفق بالبنوك والإحسان إليها!
وقبل أن أحاول إزالة هذه الشبهة أضع أمام القارئ المسلم ما يأتي:
بعد أن قُتل الزبير بن العوام  ترك من بعده مالاً كثيراً وفيراً، ووجدوا عليه ديناً كبيراً! قال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (7/250):
"وقد كان الزبير ذا مال جزيل وصدقات كثيرة جدا، لما كان يوم الجمل أوصى إلى ابنه عبد الله، فلما قُتل وجدوا عليه من الدين ألفي ألف ومائتي ألف، فوفوها عنه، وأخرجوا بعد ذلك ثلث ماله الذي أوصى به، ثم قسمت التركة بعد ذلك، فأصاب كل واحدة من الزوجات الأربع من ربع الثمن ألف ألف ومائتا ألف درهم.. فعلى هذا يكون جميع ما تركه من الدين والوصية والميراث تسعة وخمسين ألف ألف وثمانمائة ألف ".
معنى هذا أن تركة الزبير رحمه الله ورضي عنه كانت كالآتي:
مجموع الديون مليونان و200 ألف.
والتركة بعد الديون 59 مليونا و600 ألف درهم ( ) وهنا يرد السؤال: من يملك هذه الثروة الضخمة كيف يستدين هذا الدين ؟
ولنقرأ معاً ما جاء في صحيح البخاري :
"إنما كان دينه الذي عليه أن الرجل كان يأتيه بالمال فيستودعه إياه، فيقول الزبير: لا، ولكنه سلف، فإني أخشى عليه الضيعة ".
فالذين جاءوا بهذه الأموال أرادوا حفظها عند الزبير، أي أن تكون وديعة، فطلب منهم أن تكون سلفاً لا وديعة لأن الوديعة لا يضمنها المودع لديه( ) والقرض يضمنه المقترض، ولذلك قال: "فإني أخشى عليه الضيعة"، أي أنه طلب أن يكون ضامناً للمال باعتباره قرضاً، (وهذا من شدة ورعه وإحسانه للناس)، ويقابل هذا الضمان أن يكون من حقه الاستفادة من هذا المال المقترض، فيحفظه بماله في التجارة وغيرها، أما الوديعة فتبقى كما هي لا يستفاد منها.
فلم يكن الزبير  فقيراً يقترض، بل كان من أصحاب الملايين، له ممتلكات في المدينة والعراق ومصر وغيرها، وأراد المودعون حفظ أموالهم لا الرفق بالزبير، وتحول العقد من وديعة إلى قرض، فكل عقد له ما يميزه عن غيره، وما دام العقد عقد قرض فلا يحل أخذ زيادة على رأس المال وإلا كان من ربا النسيئة.
فمن أراد الإيداع لحفظ المال مع الضمان فالإيداع هنا قرض مضمون، كإقراض المودعين للزبير، ومن أراد الإيداع للاستثمار عن طريق الفائدة المحددة كودائع البنوك الربوية وشهادات الاستثمار، فالإيداع هنا عود للقرض الإنتاجي الربوي الذي كان شائعاً في العصر الجاهلي.
ومن ساعد المحتاج، وفرج كربته، وأقرضه قرضا حسنا، جزاه الله سبحانه وتعالى أحسن الجزاء، وفرج عنه كربة من كرب يوم القيامة، وهذا هو عقد الإرفاق.
إذن ليس القرض في جميع حالاته عقد إرفاق، وإنما هو في الأصل عقد إرفاق وقد يخرج عن هذا الأصل.] اه ( )
**********************
ثالثاً- حقيقة دور ربا البنوك في التنمية الاقتصادية

نأتي الآن لتفصيل القول فيما أجلته سابقاً، وهو الحديث عن الربا من الناحية الاقتصادية، وبيان أن الإسلام لم يحرمه فقط لدوافع إنسانية ونصرة للفقراء من الأغنياء، بل حرمه لأسباب اقتصادية، للمحافظة على ثروة الأمة وقوتها.
إن مال الأمة هو ثروتها، ومقياس سلطانها وتوازنها بين الأمم. قصدت الشريعة إلى حفظ مال الأمة وتنميته ومراعاة العدل في الانتفاع به، ذلك أن مال الأمة لما كان كلاً مجموعياً، فحصول حفظه يكون بضبط أساليب إدارة عمومه، وبضبط أساليب حفظ أموال الأفراد وأساليب إدارتها، فإن حفظ المجموع، يتوقف على حفظ جزئياته. ( )
ومن هنا كانت القاعدة الاقتصادية الإسلامية العظيمة: مال + عمل = ربح أو مال أكثر، وتأسس نظام الاستثمار الإسلامي على أساس المشاركة بين رأس المال وجهد العامل، في اقتسام الربح والخسارة، وتحمل عواقب المخاطرة، فالربح مهما قل أو كثر فهو يقتسم بينهما وفق نسبة متفق عليها، دون تحديد مبلغ ثابت من الربح، والخسارة بينهما، فيتحمل صاحب المال الخسارة المالية، ويتحمل العامل خسارة مجهوده، وفي هذا تحقيق للعدل، ورفع للقهر والاستغلال عن كاهل العامل، وتنمية لأموال الأمة في مشاريع تجارية أو زراعية أو صناعية حقيقية.
أما أن يلد المال المال، فهذا من قواعد النظم الوضعية الجاهلية، وهو الذي يؤدي في النهاية إلى ازدياد الفقراء فقراً، والأغنياء غنى، وزيادة التفاوت بين الطبقات الاجتماعية، وتكدس الثروات في أيدي فئات قليلة، وانتشار العطالة والبطالة، ومن ثم الجرائم والفواحش، وحدوث التضخم الاقتصادي، ومن ثم الكساد، دون تنمية اقتصادية حقيقية، لأن المودعين يجمدون أموالهم في البنوك ويتقاضون عليها الربا، والبنوك لا تستثمر الأموال في مشاريع حقيقية، بل تقرضها لمن يشاء مقابل ربا أعلى، سواء كان هذا المقترض يريد الاستثمار أو بناء مسكن أو منشآت.
ولنأخذ مثالاً توضيحيا على هذا، وهو تصريح الرئيس السابق لنيجريا أوبازانجو، والذي أطلقه في مؤتمر القمة عام 2000م، حيث قال: "لم يتجاوز مجموع ما اقترضناه –كدولة من صندوق النقد الدولي- عام 1985 و1986م خمسة مليارات دولار، وقد قمنا بتسديد ما يقرب من 16 مليار دولار، ومع هذا فما زال يُقال لنا أننا مدينون بقرابة 28 مليار دولار. إن هذا المبلغ: 28 مليار دولار نشأ من جراء النظام الربوي الغربي الظالم، ولو سألتموني ما هو أسوأ شيء في العالم، لأجبتكم بأنه الفائدة الربوية المركبة".
إن هذا المثال يوضح لنا ثمار النظام الجاهلي الربوي العالمي المعاصر، والذي تقوده البنوك العالمية الكبرى، علماً أن نيجريا ليست حالة غريبة، بل هي نموذج لسائر دول العالم الثالث، والتي تنتقل من سيء إلى أسوأ بسبب هذه الديون المتراكمة المتضخمة.
ولكي نفهم أكثر دور الربا المصرفي في التنمية الاقتصادية إقليميا وعالميا على وجه الحقيقة، فلنقرأ ما يقوله المختصون: "إن النظام الربوي في البنوك جعل أصحابها مسيطرين على اقتصاديات المجتمع بل على سياسته الداخلية والخارجية وتشريعاته وسلوكياته وثقافته وفكره، يمتصون دماءه وهم آمنون، والناس من حولهم كادحون مغلوبون.
وهذا النظام في الإقراض الإنتاجي دفع المنتج إلى غلاء الأسعار ليسدد القرض وفائدته، وإذا غلت الأسعار انحسر الاستهلاك وتضخم الفائض، ولو أراد المنتج تخفيض السعر ليصرف ما عنده كان ذلك على حساب العمال، إما بتخفيض أجورهم وإما بالاستغناء عن بعضهم، ولذلك عواقبه في نقص القوة الشرائية وفي خلق البطالة وزيادة انحسار الاستهلاك، وفائض الإنتاج يزداد، ولتصريف الفائض يجيء التفكير في خلق أسواق غير منتجة، وذلك في البلاد النامية، وهو طريق إلى السيطرة عليها واستعمارها، وذلك يخلق تحكماً في أسعار المواد الخام التي لم تصنعها تلك البلاد غير الصناعية، فتقل أثمانها، ولا تجني من تصديرها إلا القليل. (وبهذا تزداد الدول –وبالأحرى الشركات الاحتكارية- ثراء إلى ثرائها، وتزداد الدول النامية تخلفا وفقرا إلى فقرها)
إن خير ما يواجه به النظام الربوي لأصحاب البنوك، هو نظام المضاربة بشروطها الشرعية المعروفة التي لا تثري فيه طائفة على حساب الأخرى، ويسود فيها التشاور والاشتراك الفعلي في النشاط الذي يحقق الربح للطرفين" ( )
وليس الغرب بمعزل عن هذه الآثار المدمرة للنظام الربوي الجاهلي، وما الأزمة العالمية الاقتصادية الأخيرة إلا إحدى ثمرات هذا النظام المنتنة، وتداعيات هذه الأزمة لازالت تتابع حتى الآن، علماً أن دولاً بأكملها أعلنت إفلاسها، وشركات كبرى وبنوكاً ضخمة أفلست وأغلقت، وشرد آلاف العاملين والموظفين ليواجهوا مصيرهم عاطلين عن العمل، وتحاول الدول الغربية الآن خلق أزمات عالمية وشغل الشعوب بالاستعمار والحرب على الإرهاب لإلهائها عن مأساتها الاقتصادية والاجتماعية الكبرى. هذه الأزمة العالمية جعلت أنظار الاقتصاديين في العالم تلتفت بقوة نحو النظام الاقتصادي الإسلامي، والمصارف الإسلامية الخالصة التي لا تتعامل بالربا، بل بنظام المشاركة، والتي لم تهتز ولم تتأثر بهذه الأزمة، تحاول أن تسترشد بها وتقتبس منها نظامها الاقتصادي الرباني المحكم.
وصل الأمر إلى أن الفاتيكان الآن يدعو إلى تبني المصرفية الإسلامية، ونشرت مقالات عديدة في كثير من الصحف العالمية تنادي بدراسة النظام المالي الإسلامي الطاهر من الربا، من ذلك مقال في Le Journal de Venise  بعنوان: "هل تأهلت وول ستريت لاعتناق مبادئ الشريعة الإسلامية؟"، ومقال في "تشالنجر" كبرى الصحف الاقتصادية الأوروبية بعنوان: "البابا أو القرآن". وتحاول اليابان اليوم بشكل رسمي -وعلى مستوى الحكومة- أن تجعل النظام الإسلامي نظاماً رسمياً وموازياً للتقليدي، وعاملاً في القطاعات الاقتصادية المختلفة.
لقد أصبحت المصرفية الإسلامية اليوم، والتي كان مجرد التفكير فيها من ستين عاما يعتبر نكتة مثيرة للسخرية، أصبح ما يتعامل به يقارب التريليون.
وتحول أكثر من 300 مصرف مستقل للتعامل بالمصرفية الإسلامية، منها بنوك ربوية عريقة في الربا، وتحولت دول بأكملها للاقتصاد الإسلامي الخالص والنظام المالي الإسلامي، مثل: السودان وماليزيا وباكستان وإيران. وبعد بضعة أشهر سيفتتح أكبر مصرف إسلامي على مستوى العالم، تتنازعه عدة دول: ماليزيا، البحرين، أندونيسيا، وقد يصل رأسماله إلى نحو أربع مليارات. والصكوك التي هي من أهم صيغ التمويل الإسلامية، صدرت منها عام 2009م صكوك بقيمة 23 مليار دولار. ولندن مرشحة لأن تكون المركز الأول للمصرفية الإسلامية. بل إن صندوق النقد الدولي قرر إنشاء مجلس الخدمات المالية الإسلامية كهيئة مستقلة تحت إشرافه، وإشراف عدد من البنوك المركزية في عدد من الدول العربية والإسلامية.


**********************














ختـــامــاً

وأحب أن أختم هذا البحث بقرار المجمع الفقهي الإسلامي رقم: 90 / 3 / د 9
بشأن ( الودائع المصرفية حسابات المصارف )، وذلك بعد أن بينت سابقاً أهمية القرارات المجمعية، وفضلها على القرارات الفردية، لأنها لا تصدر إلا بعد دراسة شاملة للقضية من جميع نواحيها الشرعية والاقتصادية بمشاركة متخصصين شرعيين واقتصاديين: 
"إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره التاسع بأبو ظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة من 1 إلى 6 ذي القعدة 1415 هـ، الموافق 1-6 أبريل 1995 م.
بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع: (الودائع المصرفية - حسابات المصارف)، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله، قرر ما يلي:
أولا: الودائع تحت الطلب (الحسابات الجارية) سواء أكانت لدى البنوك الإسلامية أو البنوك الربوية هي قروض بالمنظور الفقهي، حيث إن المصرف المتسلم لهذه الودائع يده يد ضمان لها، هو ملزم شرعا بالرد عند الطلب.
ولا يؤثر على حكم القرض كون البنك (المقترض)، مليئاً.
ثانيا: إن الودائع المصرفية تنقسم إلى نوعين بحسب واقع التعامل المصرفي:
أ - الودائع التي تدفع لها فوائد، كما هو الحال في البنوك الربوية، هي قروض ربوية محرمة سواء أكانت من نوع الودائع تحت الطلب (الحسابات الجارية)، أم الودائع لأجل، أم الودائع بإشعار، أم حسابات التوفير.
ب - الودائع التي تسلم للبنوك الملتزمة فعليا بأحكام الشريعة الإسلامية بعقد استثمار على حصة من الربح هي رأس مال مضاربة ، وتنطبق عليها أحكام المضاربة ( القراض ) في الفقه الإسلامي التي منها عدم جواز ضمان المضارب ( البنك ) لرأس مال المضاربة ."


**********************

الخلاصــة
1-   حرم الله تعالى الربا بجميع أنواعه وأشكاله، سواء كان من غني أو فقير، لقرض إنتاجي أو استهلاكي، وشدد الوعيد والتهديد لمتعاطيه.
2-   القروض الربوية التي انتشرت في مكة في الجاهلية والتي حرمها الإسلام كانت قروضا إنتاجية بالدرجة الأولى لا استهلاكية
3-   تحريم الربا لم يكن فقط لأسباب إنسانية، بل كان لإرساء قواعد نظام اقتصادي متكامل مبني على قاعدة هامة، وهي أن المال لا يلد المال، بل انضمام المال إلى العمل هو الذي يولد المال، وأن الغنم بالغرم، ولا ربح دون مخاطرة.
4-   النظم الاقتصادية المبنية على الربا تتهاوى بشكل سريع، والأزمة العالمية المالية الأخيرة مجرد بداية، وأنظار العالم كله تلتفت الآن نحو المصارف الإسلامية وأساليب التعامل المصرفي الإسلامي.
5-    النصوص الشرعية تبقى دوما بعمومها إلا لو خصصها دليل شرعي، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب
6-   النوازل الحديثة يعتمد في الحكم عليها على القرارات المجمعية، أي المجامع الفقهية ومجامع البحوث، لأنها تصدر بعد دراسة وافية شاملة للواقعة وسؤال المختصين من أطباء أو اقتصاديين أو مهندسين بحسب طبيعة واقعة الفتوى.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين
وعلى آله وصحبه أجمعين

وكتبتُه: في دمشق، يوم الخميس 16 رمضان 1431هـ
الموافق لـ 26 آب 2010

العنوان: رد: شبهات حول الإسلام
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2015-02-12, 13:38:57
المشاركتان السابقتان، هما نشر للملف المرفق الموجود في أصل الموضوع، حاولت ان انشرها في مكانها المناسب لكن منعني من ذلك عدم تمتعي بخاصية التعديل على المداخلات القديمة
وقد نشرتها دون تنسيق، اختصارا للوقت، والتنسيق موجود في الملف المرفق، لكن نشرها يتيح لمن يتابع المنتدى من جهاز يتعذر فيه فتح المرفقات أن يطلع عليها
وسأقوم لاحقا بإذن الله بنشرالردود على الشبهات التي وعدت بنشرها قبل بضعة ايام
والله المستعان
العنوان: رد: شبهات حول الإسلام
أرسل بواسطة: زينب الباحثة في 2015-06-01, 01:03:55
بارك الله فيك على مجهودك
أنتظر البقية إن شاء الله
العنوان: رد: شبهات حول الإسلام
أرسل بواسطة: فارس الشرق في 2015-07-29, 21:45:37
تبصرة ذوي الأفهام بأن ربا البنوك حرام


ب - الودائع التي تسلم للبنوك الملتزمة فعليا بأحكام الشريعة الإسلامية بعقد استثمار على حصة من الربح هي رأس مال مضاربة ، وتنطبق عليها أحكام المضاربة ( القراض ) في الفقه الإسلامي التي منها عدم جواز ضمان المضارب ( البنك ) لرأس مال المضاربة ."





هل هناك بنوك معاصرة ينطبق عليها هذا الشرط فيما تعلمون؟؟

وهل بنك فيصل الإسلامي يجري عليه هذا المعنى فيمكن الإيداع به أم ماذا؟؟
العنوان: رد: شبهات حول الإسلام
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2015-08-11, 09:22:48
تبصرة ذوي الأفهام بأن ربا البنوك حرام


ب - الودائع التي تسلم للبنوك الملتزمة فعليا بأحكام الشريعة الإسلامية بعقد استثمار على حصة من الربح هي رأس مال مضاربة ، وتنطبق عليها أحكام المضاربة ( القراض ) في الفقه الإسلامي التي منها عدم جواز ضمان المضارب ( البنك ) لرأس مال المضاربة ."





هل هناك بنوك معاصرة ينطبق عليها هذا الشرط فيما تعلمون؟؟

وهل بنك فيصل الإسلامي يجري عليه هذا المعنى فيمكن الإيداع به أم ماذا؟؟

والله يا فارس الشرق لا أعلم
سمعت من يثني على بنك فيصل الإسلامي خيرا
لكن لا معلومات تفصيلية لدي بهذا الصدد
والأمر شائك
وبعض المصارف تبدأ اسلامية ثم تتساهل
وشيخنا د.عادل قوته كان يببدي دهشته من الرواتب الضخمة الخيالية التي تعطى للمستشارين الشرعيين لبعض المصارف الإسلامية، او العادية التي تفتتح اقساما اسلامية
والله أعلى وأعلم
العنوان: رد: شبهات حول الإسلام
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2019-10-09, 09:16:01
حرية الزوجة وقوامة الزوج
وردني السؤال التالي عن حق الزوج على زوجته ومدى تعارضه مع حريتها.
قالوا:
هل لو استأذنت زوجها بالخروج له الحق ان يتحكم بها بدون عذر
 هل من الممكن ان يمنع الزوج زوجته لخروج ما مثلا إلى البحر او الى مكان آخر دون أن يكون عنده سبب مقنع
أليس الله خلق المرأة حرة كما قال سيدنا عمر "متى استعبدتم الناس وقد خلقوا احرارا"

وقد أجبت بما يلي:
الله تعالى خلق عباده احرارا ولكن لم يتركهم فوضى بلا نظام.
فكل وحدة من وحدات المجتمع لها قائد او مدير، له حق الطاعة على من يتولى امرهم الا لو امر بمعصية.
هذا النظام يسري بدءا من الخليفة او الحاكم حتى الولاة والامراء وقادة الجند ومدراء المؤسسات الى اصغر مؤسسة في المجتمع وهي الاسرة، والتي عين الله تعالى قائدها وهو الرجل زوجا وأباً.
فالرجل له على زوجته واولاده الصغار ( الذين يعولهم) حق الطاعة في المعروف، أي في غير معصية، وفيما يطيقون ويستطيعون.. فلا تصوم التطوع الا بإذنه ولا تخرج الا بإذنه ولا تنفق من ماله الا بإذنه ولا تُدخل بيته الا من يأذن له. وهكذا. كأي مدير في اي مؤسسة.
وللمرأة الحرية في دخول هذه المؤسسة ابتداء والالتزام بقوانينها او عدم الدخول والبقاء عازبة.
ولها حرية اختيار المدير  ( اختيار زوجها ابتداء)
ولها اذا دخلت ولم ترض عن اداء المدير ان تشكوه للسلطات الأعلى ( للقضاء او التحكيم).
 فإذا تعسف الزوج في استعمال حقه فللمرأة ان تشتكي لأهلها وتطلب التحكيم ( حكما من أهله وحكما من أهلها) او ترفع امرها للقضاء، فهي إن لم تحصل على حقها او لم تعجبها ادارته او تعامله فلها ترك هذه المؤسسة بالطلاق ( ان أثبتت ان القصور منه) او بالخلع ان لم يكن ثمة قصور من طرفه ولكن فقط عدم قبول من طرفها.
اما ان تبقى في المؤسسة وتتمرد على قوانينها ولا تطيع قرارات رئيسها فهذه فوضى وليست حرية.
وأن تمضي الحياة دون نظام ولا انضباط ولا قيادة لها حق الطاعة فليس ذلك من هدي الاسلام.
هذا مع ما أوصى به الإسلام الزوج من معاشرتها بالمعروف والإحسان إليها والرفق بها، وما علمه إياه من كريم الخلق والتلطف والتسامح والعفو.. وإن كان قوام الحياة الحب وتقوى الله، فلن تكون مثل هذه المشاحة والمحاسبة، وهذا ما يربي عليه الإسلام المؤمنين.. قال تعالى "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة"

رزقنا الله التقوى والرضى وأنعم على بيوتنا بالمودة والرحمة والإيمان والسكينة