المحرر موضوع: دمــــية سمر  (زيارة 3803 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل زينب الباحثة

  • أحلى شباب
  • *****
  • مشاركة: 1938
  • الجنس: أنثى
  • إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم
دمــــية سمر
« في: 2013-05-28, 18:41:34 »


كانت سمر تضع دميتها الجميلة على ركبتيها وتجلس على الأرجوحة في الحديقة الخلفية من منزلها. كانت تأرجح ساقيها متابعة حركة الأرجوحة البطيئة وفي عينيها نظرة حزينة. كانت الدمية قد فقدت ذراعها! حاولت إصلاحها لكن بدا أنها انفصلت بلا رجعة. فجأة قفزت من مقعدها ودخلت راكضة إلى المنزل و هي تنادي :

ـ أمي، أمي...

ـ نعم، سمر... أنا في المطبخ

وصلت سمر إلى المطبخ و هي تلهث حاملة في يدها اليمنى الدمية وفي يدها اليسرى الذراع المفصولة.




ـ أمي يجب أن نأخذ سالي إلى الطبيب!

نظرت إليها أمها مبتسمة و رفعت حاجبيها في استغراب :

ـ إلى الطبيب؟ ولكنها دمية يا سمر. الطبيب يعالج البشر ولا يمكنه أن يداوي دميتك...



عقدت سمر ذراعيها أمام صدرها في غضب و هتفت :

ـ كيف يمكن للطبيب أن يعالج البشر ولا يمكنه مداواة دمية صغيرة!


كتمت الأم ضحكة أوشكت أن تفلت منها

ـ اتركي سالي الآن وسأشتري لك دمية جديدة في الغد

ـ لا أريد دمية جديدة! أريد سالي... لو مرضت أو حصل لي مكروه، هل كنت ستأتين ببنت أخرى وتتخلين عني؟

تأثرت الأم بكلام ابنتها فجلست وجذبتها لتجلس إلى جانبها وقالت في هدوء :

ـ لا تقولي هذا يا صغيرتي، لا يمكنني أن أتخلى عنك فأنت ابنتي حبيبتي، أنت لحمي ودمي... حين تمرضين آتي لك بكل أطباء العالم وأفعل ما بوسعي، أسهر إلى جانب سريرك طوال الليل وأدعو الله أن يشفيك. أنت كنزي الصغير...

كانت سمر قد هدأت وقالت مغمغمة :

ـ فلماذا لا تريدينني أن أعتني بسالي إذن؟


ـ المشكلة هي أنه لا يوجد أطباء للدمى! لذلك لا يسعني أن أحضر أحدهم

وقفت سمر متحمسة وهتفت :

ـ حين أكبر سأصبح طبيبة للدمى!

هذه المرة انفجرت الأم ضاحكة أمام موقف ابنتها البريء :

ـ حسن، في الانتظار ماذا سنفعل لسالي؟




« آخر تحرير: 2013-05-29, 13:01:15 بواسطة ماما هادية »

غير متصل زينب الباحثة

  • أحلى شباب
  • *****
  • مشاركة: 1938
  • الجنس: أنثى
  • إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم
رد: دمــــية سمر
« رد #1 في: 2013-05-28, 18:52:17 »


حين عاد والدها من العمل كانت سمر تجلس القرفصاء على عتبة الباب وقد احتضنت دميتها في حنان، وكانت ذراعها مربوطة بقطعة قماش إلى بقية جسمها.

وقفت لتعانقه في حب ثم عادت لتجلس في حزن

ـ ماذا في يدك يا سمر؟

ـ إنها سالي يا أبي، فقدت ذراعها فأعادتها أمي وربطتها بالقماش...

ابتسم الأب وهو يجلس إلى جانب ابنته :

ـ مسكينة، يجب أن نجري لها عملية جراحية!

ـ لا يا أبي، ألا تعلم أن الأطباء لا يداوون إلا المرضى من البشر؟ لم يتخصص أحدهم في أمراض الدمى بعد. لكنني سأفعل حين أكبر...

انفجر الأب ضاحكا و قبل ابنته البريئة و هو يقول :

ـ قبل أن تفكري في التخصص في أمراض الدمى تعالي سأريك شيئا



أمسك بيدها الصغيرة في كفه ودخلا قاعة الجلوس. فتح الأب التلفاز، واتخذت سمر مجلسها قريبا منه، تتابع حركاته في اهتمام. كانت نشرة الأخبار تنقل صور الجرحى إثر الاعتداء الأمريكي على العراق، والجثث المتناثرة هنا وهناك مع نقص الأطباء والدواء  الأماكن المحدودة في المستشفيات.

نظرت سمر الصغيرة إلى الشاشة في فزع، فلم تكن في سنها تتابع الأخبار أو تهتم بها :

ـ ما الذي يحصل هناك يا أبي؟

ـ أرأيت يا بنيتي؟ هؤلاء بشر مثلنا، ليسوا دمى ولا ألعابا ولكنهم لا يجدون من يداويهم. مهددون بالموت يوميا. قد يفقدون ساقا أو ذراعا و لا يجدون حتى كيف يربطونها بخرقة بالية مثل سالي. سالي محظوظة يا ابنتي لأنها وجدتك ولأنك مهتمة بها. بعض البشر في العالم لا يجد اهتماما من أحد.

أطرقت سمر في حيرة :

ـ ولكن أطباء البشر كثر، في حينا أكثر من ثلاث عيادات... فكيف لا يجدون من يهتم بهم؟

ربت الأب على رأس ابنته و قال :

ـ نحمد الله لأننا في نعمة، الطبيب قريب والصيدلي الذي نجد عنده الدواء في نهاية الشارع، كل المرافق الضرورية متوفرة لدينا. لكن إخواننا في أماكن أخرى من العالم العربي و المسلم يعانون من نقص الغذاء فما بالك بالدواء. بعضهم لا يجد قوت يومه و يبات بمعدة خاوية


تناول الأب الجريدة التي وضعها على الطاولة وبحث فيها لبرهة قبل أن يتوقف عند صورة مؤثرة لطفل رضيع لا يتجاوز عمره بضعة أشهر تحمله والدته بين ذراعيها بصعوبة نظرا لدقة عظامه وضعف بنيته. و قال معلقا :

ـ الآلاف يموتون في النيجر بسبب نقص المياه والطعام. المساعدات التي تقدم لهم غير كافية بالمرة، والأمراض تنتشر بسرعة شديدة... وعدد الأطباء هناك ليس كافيا

بدا الاهتمام على الفتاة التي لم يتجاوز سنها السبع سنوات :

ـ ألا يمكننا مساعدتهم يا أبي؟

ـ بالطبع يمكننا المساعدة، بتقديم التبرعات وإرسال الغذاء والدواء. كما أن بعض الأطباء يسافرون إلى هناك لتقديم العون ومعالجة الجرحى. ونملك أيضا أن ندعو لهم أن يرحمهم و يعينهم على مصيبتهم.




رفعت سمر كيفيها الصغيرتين في دعاء بريء :

ـ يا رب لماذا يتعذب أهل النيجر والعراق؟ يا رب ارحمهم و أعنهم... يا رب أرسل لهم من يحمل الماء و الطعام, يا رب أرسل لهم الأطباء والممرضين... يا رب تقبل مني...

أنهت سمر الصغيرة دعاءها ثم وقفت وفي عينيها نظرة حماس وتحد :

ـ حين أكبر سأصبح طبيبة للبشر و سأسافر إلى العراق لأساعدهم


ابتسم الأب في تفاؤل وهو يقول :

ـ نأمل أن لا تنتظرك الحرب!

ـ سأسافر إلى النيجر أيضا... بل إلى كل مكان يحتاجون فيه إلى الأطباء

توقفت للحظات متفكرة :

ـ ولكنني لن أكون قادرة على مداواتهم جميعا بمفردي... يجب أن يكون هناك عدد كبير من الأطباء معي...

نظر إليها والدها مبتسما :

ـ نعم بالطبع، إن شاء الله سيكون هناك الكثيرون من أبناء جيلك محبون لغيرهم، ويفعلون ما بوسعهم لتقديم العون لإخوانهم.

أخذت سمر دميتها ودخلت إلى غرفتها. وضعتها على الفراش وغطتها جيدا ثم خرجت راكضة إلى أمها

ـ أمي أمي...

ـ نعم سمر أنا هنا، ما الأمر؟



وصلت سمر وهي تقفز منفعلة :

ـ لا أريد أن تشتري لي دمية جديدة، أريد شيئا آخر... في الغد أريد أن نذهب إلى المحل الذي اشترينا منه سالي... وتشترين لي علبة التمريض الكاملة. رأيتها عنده في المرة الماضية!

نظرت إليها والدتها في إشفاق :

ـ هل ستمرضينها إلى أن تشفى؟

هزت سمر رأسها نفيا :

ـ لا يا أمي، غيرت رأيي... لكنني سأتدرب على التمريض من الآن... لأنني حين أكبر سأصبح طبيبة ماهرة وأسافر إلى العراق أو إلى أي مكان آخر يحتاجون فيه إلى الأطباء لأعالج الناس مجانا...

سكتت للحظات، ثم أضافت وعلى شفتيها ابتسماتها العذبة :

ـ ثم بعد أن يشفى جميع البشر، سأفكر في الدمى!

نظرت الأم إلى طفلتها في فخر :

ـ نعم يا ابنتي طبعا، لك ذلك... غدا بإذن الله نشتري العلبة

قفزت سمر من الفرح وركضت لتبشر والدها...




بقلم: خولة
رسم: سفينة
تلوين: زينب


غير متصل مريم

  • شباب جديد
  • *
  • مشاركة: 92
رد: دمــــية سمر
« رد #2 في: 2013-05-30, 20:22:38 »
يا سلاااااااام

لقد أعجبتني القصة كثيراً

يالها من متعة كبيرة

 مثل متعتي عندما  ماما هادية تحكي لي قصة من قصص الأنبياء في وقت النوم

وعن الرسم: الرسم أعجبني كثييييييراً
كأنه رسم فنان


 good::)(

الأحمر هو لوني المفضل

 sm::))(

غير متصل the knight

  • شباب نشيط
  • **
  • مشاركة: 308
  • الجنس: ذكر
  • انا وسطي انت ايه ؟
رد: دمــــية سمر
« رد #3 في: 2013-05-30, 21:12:25 »
الله ينور عليكم
السيف اصدق انباءا من الكتب *** فى حده الحد بين الجد واللعب
بيض الصفائح لا سود الصحائف *** فى متونهن جلاء الشك والريب
علي اسم مصر
على اسم مصر التاريخ يقدر يقول ما شاء ..... انا اسم مصر عندي احب ووأجمل الأشياء

بحبها وهي مالكة الأرض شرق وغرب ...... وبحبها وهي مرمية جريحة حرب

بحبها بعنف وبرقة وعلى استحياء ..... واكرهها وألعن أبوها بعشق زي الداء

واسيبها واطفش في درب وتبقى هي ف درب ....وتلتفت تلاقيني جنبها في الكرب

والنبض ينفض عروقي بألف نغمة وضرب

غير متصل زينب الباحثة

  • أحلى شباب
  • *****
  • مشاركة: 1938
  • الجنس: أنثى
  • إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم
رد: دمــــية سمر
« رد #4 في: 2013-05-30, 22:00:33 »
يا سلاااااااام

لقد أعجبتني القصة كثيراً

يالها من متعة كبيرة

 مثل متعتي عندما  ماما هادية تحكي لي قصة من قصص الأنبياء في وقت النوم

وعن الرسم: الرسم أعجبني كثييييييراً
كأنه رسم فنان


 good::)(

الأحمر هو لوني المفضل

 sm::))(

سعيدة أنها أعجبتكِ