المحرر موضوع: تعالوا نـــــَـــعــــــــش مع صفحة .........  (زيارة 32957 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

حازرلي أسماء

  • زائر
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في الحقيقة أردت أن أضع شيئا من التأمل والتدبر والعيش مع القرآن العظيم على منتدانا الهادف ... فرحت أكتب في موضوع "قرآننا حياتنا أفلا نتدبر حياتنا ؟؟" فوجدت مني فتورا عنه .... ووجدتني أميل إلى أن أضع بعضا من هذه التأملات ، والبحث في التفاسير ، والبحث في الإعجاز العلمي في القرآن الكريم ....وأردت لهذا كله موضوعا أزوره بانتظام فأضع فيه ....سائلة المولى عز وجل أن يعينني وأن يقوي عزيمتي وأن يجعلني من الموفين بعهودهم إذا عاهدوا .....

ذلك لأننا أسبوعيا نعيش مع صفحة من صفحات كتابنا العزيز الحكيم ضمن حصة أسبوعية ننظمهافي الجمعية لعدد من الأخوات الفضليات ....وأردت أن أضع هنا شيئا من عيشنا مع هذه الصفحة الشريفة المطهرة ، وقد بلغنا حتى يومنا هذا مع المعدل الأسبوعي الصفحة السادسة والعشرين من سورة البقرة العظيمة بدءا من قوله تعالى :

"وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا  أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون  " البقرة 170

إذن سأحاول بإذن الله تعالى أن أشرككم العيش مع الصفحات الكريمات  بدءا من هذه الصفحة الكريمة ..... فـــ........تعالوا نعش مع صفحة ....

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15899
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
 :emoti_133:

تسجيل متابعة

جزاك الله خيرا
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

حازرلي أسماء

  • زائر
نبدأ على بركة الله مع هذه الصفحة التي جاء فيها من محكم التنزيل العظيم :

وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَ لَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ (170)وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ(171) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ(172)  إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ المَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(173) إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ الكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناًّ قَلِيلاً أُوْلَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(174) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ(175)
 


نبدأ مع هذه الآيات الكريمات البينات المطهرات بإخباره سبحانه وتعالى عن حال الذين إذا قيل لهم "اتبعوا ما أنزل الله"-ويأتي هذا في سياق منتظم وتتابع بالمعنى لما جاء قبل هذه الكلمات السماوية -، من قوله تعالى "يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين   إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون "

فقد جاء أمره تعالى للناس بألا يتبعوا خطوات الشيطان الرجيم وكما يقول الفخر الرازي في تلخيص البيان "وهي أبلغ عبارة عن التحذير من طاعته فيما يأمر به ، وقبول قوله فيما يدعو إلى فعله "  فهو الآمر بالسوء والفحشاء ، ويأتي بلاغيا العطف بين السوء والفحشاء من قبيل عطف الخاص على العام إذ أن السوء يتناول جميع المعاصي ، والفحشاء أقبح وأفحش المعاصي .....فهو بين سيئ وأسوأ يتردد لا يعدو عنهما نعوذ بالله منه ومن شره ....

وهو الموحي لأوليائه بأن يقولوا على الله ما لا يعلمون وذلك بتحليل ما حرم سبحانه وتحريم ما أحل ، وذلك مبلغ من مبالغ إرضاء الهوى وتطلعات النفس وإبلاغها مبلغ الإله الذي يعبد من دون الله تعالى ، يقول سبحانه "ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله ....إلى آخر الآية الكريمة " ....
فيأتي النسق المنتظم ليخبر فيه الله تعالى عن حال من يؤمر باتباع ما أنزل الله تعالى بعدما بيّن سبحانه أن الشيطان للناس عدو مبين ، وأنه يوحي لأوليائه كل سوء وفحشاء وتقوّل على الباري جل وعلا ....فمنهم من يقول "بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا " هكذا كان جوابهم .... وسواء هنا أكانوا المشركين الذين دعاهم الحبيب صلى الله عليه وسلم للدخول في دين الله ونبذ الشرك وحطامه ، أم اليهود الذين ما ينفك الجزء الكبير من سورة البقرة العظيمة يحدثنا عنهم ويأتي بأخبارهم ويفضح حالهم وأحوالهم وتقلباتهم ، وأهواءهم وشركهم ، وكفرهم ، وتكذيبهم لرسل الله سبحانه ولما أنزل عليهم وتعذيبهم لهم ، وتكبرهم وتعنتهم وتجبرهم وتحريفهم وتبديلهم للكلام الإلاهي بكلمات من نسج أهوائهم الواهي ومن كتابة أيديهم الظالمة المتعدية ......

سواء أكان المعنيون هم المشركون أو اليهود الذين يملؤون المدينة المنورة ويحيطون برسول الله صلى الله عليه وسلم ويتربصون به وبدعوته الدوائر ، فإن الأمر سيّان .... وجوابهم لو تأملنا جواب أبله غبي .........أنّما نتبع ما وجدنا عليه آباءنا من الطرق التي ننتهجها ونرثها وراثة من غير تدبر ولا تعقل ولا تفكر ولا برهان ولا دليل ...... فيقول سبحانه وتعالى عزّ من قائل "أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون "   استفهام للإنكار والتوبيخ ..... وتأتي لفظة "يعقلون " لو نتدبر  فنرى أنّما ديننا دين يوائم الفطرة ويسايرها ، تلك الفطرة التي خصت بالعقل، بتلك النعمة التي اختص بها سبحانه عباده من البشر ليتدبروا ويعقلوا ويفقهوا ويفهموا ويدركوا ويعرفوا .....  لا يعقلون ....إن العقل وإعماله وإنفاذ عمله لهْو الهدى إلى اليقين ولهو الهدى إلى سواء السبيل ، ولهو بلوغ اليقين والحق والنور ، وإن تعطيله لهو الضلال وهو الظلام وهو الهوى وهو التكبر والإلحاد ...... فما جعل العقل في بني البشر إلا ليهتدوا إلى أكبر اليقينيات ، اليقين بالله تعالى وبوجوده وعينه الرقيبة التي لا تأخذها سنة وحكمه المطلق وطلاقة قدرته وعظمته واتصافه بالصفات العُلى .....

لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ....العقل في تعريفاته المختلفة تحوم حول معنى واحد فهو قُوَّةُ الإِدْرَاكِ وَالتَّمْيِيزِ وَالتَّفْكِيرِ   ، وعقل عقلا أي أدرك الأشياء على حقيقتها .....وأنه العلم بصفات الأشياء حسنها من قبيحها ....وفي مجمله هو معرفة الحق... الحق الذي له وجه واحد ولا أكثر من وجه للحق ، والحق  والحقيقة الكبرى معرفة الباري عز وجل ، والتيقن من وجوده ومن حاكميّته في الأمور كلها ومن كمال تشريعاته ....
لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ، وهل من لم يعقل بعقله وجود الله وربوبيته وألوهيته عرف شيئا وإن بدا له معرفته بكل شيء؟؟؟؟

من لم يعقل لم يهتد ومن لم يهتد لم يعقل والعلاقة بين كليهما على هذه الشاكلة لنعلم علم اليقين أن العقل بالفطرة وحقيقة العقل اهتداؤه لخالق العقل والنّهى وحقيقة الاهتداء هي العقل السليم ، الحر ، العقل المنطلق يعمل وفق مقتضيات العقل  وما عداه هوى ولا شيء غير الهوى ....

ينكر سبحانه وتعالى على هؤلاء الذين يقولون باتباعهم لما وجدوا عليه آباءهم ويوبخهم استفهاما .... يعرفنا أنما جعل العقل لمعرفة الدين الحق دين البرهان ،دين ليست المزيّة فيه وراثة فحسب وإنما هي فهم وإدراك ويقين ورسوخ إيمان وتبيّن بالعقل وتوضّح بالبرهان ، أما الاتباع فلا يكون فيما هو باطل مشرّع من هوى الناس وإنما يكون لما يشرّع المشرع الخالق البارئ المصور المتعال .....

ولنتدبر قوله تعالى بالفعلين  : "اتبعوا " أمرا منه كاملا متسقا فيه الحكم والحكمة ، وقوله تعالى على ما قالوا : "نتبع"  فالاتباع الحق هو اتباع الهدى واتباع ما أنزل الله تعالى ، وليس اتباع ما ترك الآباء وما وُجد عليه الآباء من الطقوس والطلاسم التي لا معنى لها وإن كانوا لا يعقلون ....

ثم ينتقل النور الإلهي بكلماته سبحانه إلى وصف الذين كفروا وضرب المثل ، والمثل في القرآن العظيم كثير ، وإنما هو للتقريب لذهن الإنسان وللتشبيه وليقترب المعنى ، فبالمثال يتضح المقال ، وضرب المثل في القرآن كثير الورود ، حتى تتضح الصورة للعقل أكثر وهو يراها قريبة مما يعرف من الأشياء
وهنا يحضرني منهج التثبّت العلمي من الحقائق ، إذ يكون بالاستقراء والاستقراء والقياس وهما التركيز والمشاهدة وجمع الأدلة في الأحوال المشابهة المقاربة للوصول إلى دليل التلازم في الحال ليحكم بعدها على الحقيقة من حيث الاستقراء التام أو القياس للشواهد والأمثال من الأحوال .... فيأتي المثال ها هنا مقربا للمعنى ومجليا له ....

وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ(171)

ما أدق هذا المثل وما أبلغه ، وما أكثر ما يتضمن من صور البلاغة ومن إعجاز اللغة ....

يقول ابن القيم في أعلام الموقعين عن قوله تعالى : وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ ....
لك أن تجعل هذا من التشبيه المركب ، وأن تجعله من التشبيه المفرّق ، فإن جعلته من المركب كان تشبيها للكفار في عدم فقههم وانتفاعهم بالغنم التي ينعق بها الراعي فلا تفقه من قوله شيئا غير الصوت المجرّد ، الذي هو الدعاء والنداء ، وإن جعلته من التشبيه المفرّق فالذين كفروا بمنزلة البهائم ، ودعاء داعيهم إلى الطريق والهدى بمنزلة الذي ينعق بها ، وإدراكهم مجرد الدعاء والنداء كإدراك البهائم مجرد صوت الناعق .والله أعلم
لنتدبر هذا المثل ، ولنبحر سويا في أعماق اللغة ....والكلمات ......

بحثت عن الدعاء فإذا هو : الصوت مجرد عن المعنى من الكلام
وعن النعق فإذا ينعق : يصيح يقال نعق الراعي بغنمه ينعق بكسر العين  نعيقا إذا صاح بها وزجرها قال الأخطل :

 فانعق بضأنك يا جرير فإنما *****منّتك نفسك في الخلاء ضلالا


أي أنه سماع الكلام من غير بلوغ معناه إدراكا ، فهنا العقل مغمور ، محجوب لا دور له ، وإنما هو سماع بالجارحة ولا يمرّ المعنى عبر مصفاة العقل والإدراك والفهم ، بل يقبع بمكانه كمثل من ؟؟؟ كمثل من وإن سمع وإن بلغه الصوت ولكنه الصوت مجرّدا عن المعنى ........ يأتي قوله تعالى : صم بكم عمي فهم لا يعقلون .....
الصمم عن سماع المعنى وبلوغه القلب وتشرّب النفس له ، البكم عن قول المعنى وهو قول الحق والصدح به ، والعمى ....عمى البصيرة فسبحانه القائل والقرآن يصدق بعضه بعضا :
أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور

فالقلوب التي بها يعقلون ، والآذان التي بها يسمعون إنما هي مردّ تأمل بصيرتهم ، وتأمل قلوبهم المستنيرة ، أما إذا عميت عليهم فلا قلب يبصر ولا بصيرة تستنير فالصمم والبكم والعمى حالهم وإن كانت أعينهم ترى وآذانهم تسمع وألسنتهم تتحرك بالكلام ....
ويقول تعالى في محكم تنزيله : أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا

بل هم أضل سبيلا ...........

ولنلاحظ كيف أنه لا وجود حتى لأداة التشبيه فلم تكن : كالصم ، كالعمي ، كالبكم .....بل جاء تشبيها بليغا لا مكان للأداة فيها لأنه محل ومقام مساواة وهو أعلى من التشبيه .....


« آخر تحرير: 2008-10-14, 06:59:14 بواسطة حازرلي أسماء »

حازرلي أسماء

  • زائر
أهلا وسهلا بك ماما هادية  emo (30):....تسعدني متابعتك .....

نكمل بإذن الله في الرد الموالي ....وأرجو إعادة قراءة الرد السابق لأنني أكتب وأرسل تباعا أي أعدل وأرسل المزيد على الرد الواحد

غير متصل سيفتاب

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 7766
  • الجنس: أنثى
  • إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ
ما شاء الله ولا قوة إلا بالله

موضوع رائع ورحاب عالية تأخذينا إليها يا أسماء.

لله درك من أخت.
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ
وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ

حازرلي أسماء

  • زائر


أهلا وسهلا بك سيفتاب  بارك الله فيك من أخت  ::)smile:

******************
وقد تساءلت عن سرّ ورود التشبيه بهذه الطريقة ولله في كل حرف من حروف القرآن العظيم حكمة بالغة :

وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ.....
فالمراد ضرب المثل لهم في هذه الآية هم الذين كفروا ، فنتساءل لماذا لم يأت المضروب لهم مثلا  بما يساويهم بل ضرب المثل بالذي يدعوهم :
ففي "تاج العروس " جاء :

قولُه تَعالى: (ومَثَل الذين كفروا كمَثَل الذي ينْعِقُ بما لا يسْمعُ إلا دُعاءً ونِداءً) قال الفرّاء: أضاف المثَل الى الذين كفَروا، ثم شبّهَهم بالرّاعي ولم يَقُل كالغَنَم. والمَعْنى - والله أعلَم -: مثلُ الذين كفَروا كالبَهائِم التي لا تفْقَهُ ما يقولُ الرّاعي أكْثَرَ من الصّوتِ فأضافَ التّشبيه الى الرّاعي، والمَعْنى في المرْعِيِّ قال: ومثلُه في الكَلام: فلانٌ يخافُك كخوْفِ الأسَد، المعْنى كخَوْفِه الأسد؛ لأنّ الأسَدَ معْروفٌ أنّه المَخوفُ

فهم لا يعقلون في ختام هذه الآية ....تتكرر صفةً لهم كصفة من سبقهم من آبائهم الذين اتبعوهم وهم لا يعقلون شيئا ....فإذا هم لا يعقلون كما لم يعقل آباؤهم من قبل...لأنهم أبوا إلا أن يعرضوا عن اتباع الهدى واتباع ما أنزل الله تعالى ، وهو الأحق أن يتبع .....واتباع الظن لا يغني من الحق شيئا

ديننا ليس دين اتباع وتقليد أعمى ، بل هو دين تستنير فيه البصيرة ، وتعطّل دواليب العقل لغاية في النفس يقضيها متشكك أو مرتاب أو حاقد ناقم ....

ثم ننتقل مع آي القرآن العظيمة السَنيّة إلى هذه الآية العظيمة :
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ

هذه ثالث آية في سورة البقرة ، وفي القرآن العظيم كله يكون فيها النداء للمؤمنين ، وذلك بعد كل من الآيتين 104 و 153 من سورة البقرة  :
يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا وللكافرين عذاب أليم
يا أ]ها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين


فهي أولا دعوة لهم لئلا يقلدوا اليهود فيما يأتونه حتى في كلمات رددوها خبثا وتواريا ، ووجوب السماع لما يأتيهم به محمد صلى الله عليه وسلم ، ثم دعوة للاستعانة بعماد الدين الصلاة وقرنها بالصبر فالصبر مفتاح المغاليق فإن فاض الكيل ولم تعد النفس تطيق صبرا لجأت إلى صلتها بربها تمدها بالعون ليتجدد الصبر وتقوى العزيمة من جديد ، ثم يأتي النداء الثالث بأن يأكل المؤمنون من طيبات ما يرزق الرزاق الوهاب الكريم ، وقد سبقه نداء للناس كافة على هذا القياس في قوله تعالى : يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا .....إلى آخر الآية .....فيأتي التخصيص بالتوجه للمؤمنين ، الذين تربطهم بخالقهم هذه العلاقة الوثيقة الوطيدة ، علاقة الإيمان به سبحانه وتوحيده واليقين بوجوده وبعظمته وبأنه المدبر لأدق دقائق الأمور كلها ....

نداء فيه المحبة والمودة والقرب ، والعزة والشرف وهل أشرف من الإيمان والإسلام سمة وسمتاً ؟؟؟ كلوا من طيبات ما رزقناكم ....فهم يتلقون منه سبحانه تشريعاتهم والتحليل والتحريم ، ويتبعون ما أنزل ، فهم الخاضعون الطائعون الذين يقولون سمعنا وأطعنا ...... فيأمرهم ليطيعوا أمره ، أن يأكلوا مما رزقهم ، فيشعرهم -كما يقول سيد قطب في الظلال - أنه  لم يمنع عنهم طيبا من الطيبات ، وأنه إذا حرم عليهم شيئا فلأنه غير طيب ، لا لأنه يريد أن يحرمهم أو يضيق عليهم وهو الذي أفاض عليهم الرزق ابتداء ويوجههم للشكر إن كانوا يريدون أن يعبدوه وحده بلا شريك ، فيوحي إليهم بأن الشكر عبادة وطاعة يرضاها الله من عباده


تحضرني هنا وقفة مع آية كريمة من هذه السورة العظيمة قوله تعالى :
وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير      126

وهنا يتأمل بعض المفسرين أدب سيدنا إبراهيم مع الله عز وجل في دعائه أن يرزق الذين يؤمنون به وباليوم الآخر ، فيجيبه الله تعالى بقوله : ومن كفر فأمتعه قليلا تدليلا وتبيينا له أن الرزق يعمّ كل الخلائق ، المؤمن منهم والكافر ، الجاحد منهم والشاكر ، ولكنه للكافر متاع الدنيا وما يلبث يزول وما له بعده من نعيم يذكر ، وقد دعا سيدنا إبراهيم بهذا الدعاء مخصصا المؤمنين ، بعدما دعاه سبحانه في قوله : وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين .....

فهنا أجابه سبحانه أن من كان من نسله ظالما لن ينال عهد الله ولن يكون أهلا لحمله ، فيتأدب سيدنا إبراهيم عليه السلام بعدها وهو يسأل رب العالمين في الكلمات المواليات لهذه الآية ، فلا يكرر الدعاء لكافة دون تخصيص ، وإنما يدعو للمؤمنين خاصة ، فيبين الله عز وجل له أنما الرزق لا يكون للمؤمنين خاصة وإنما للناس كافة ....

وهنا ، وبعد هذه الوقفة نتأمل فإذا الدعوة الأولى لكل الناس من رب العاليمن بأن يأكلوا حلالا طيبا ، ثم تتلوها دعوة للمؤمنين خاصة الذين يسمعون ويطيعون بأن يأكلوا مما رزقهم الله حلالا طيبا ولكن تضاف ها هنا دعوة لهم خاصة دون سواهم بأن يشكروا إن كانت عبادتهم له صادقة خالصة ....ليتميز حال المؤمنين الطائعين عن حال كل الناس .......فمن لم يكن مؤمنا بالله ، أكل مما رزقه وغفل عن شكره .......

ثم ننتقل إلى ما حرم الله على المؤمنين بعدما دعاهم لأن يأكلوا مما رزقهم حلالا طيبا ، وما حرم أمور معدودوة وليست بالكثيرة ، وما أحل سبحانه كثير ، يتواءم والنفس البشرية وحبها للخير الكثير ، فلم يضيق على فطرتها ، ولم يجعل المحرّم كثيرا يضيّق الخناق .....
إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ المَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(173)

فكانت الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله هي المحرمات في المأكل .....
أما ما أهل به لغير الله فهو المتوجه به صاحبه لغير الله ، فلم يكن اسم الله هو المذكور عليه ....وفي هذا المضمار  الجديد من العلم الذي كشف الخبايا ووضع الفروق البينة وأوضح البون الشاسع بين ذبيحة يكبّر عليها وبين أخرى لم يكبّر عليها ولم يذكر اسم الله عليها ، فتأتي التحاليل بالعجب العجاب ، فإذا تلك التي كبر عليها ، سليمة معافاة ، لا ضرر فيها ، وإذا التي لم يذكر اسم الله عليها ، بها من الضرر العدد ......فلا لونها ولا شكلها ولا ما بها هو ذاته الذي عليه المذكور عليها اسم الله تعالى ....

أما الميتة والدم ولحم الخنزير فإني أفضل أن أنتقل بكم إلى العلم وما ينقل لنا العلم وما يروي لنا من مشاهداته وتجاربه وهذا في المقال التالي الذي أستقيه من موقع موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة وهو من أوثق المواقع وأوكدها في هذا المجال الرحب .....

في الرد الموالي بإذن الله تعالى أكمل .......
« آخر تحرير: 2008-10-14, 07:11:27 بواسطة حازرلي أسماء »

حازرلي أسماء

  • زائر
تابعوا معي أيها الإخوة هذا الكم الهااااائل من الإعجاز الذي تنقله كلمات معدودة من كلمات ربي سبحانه عن حيوان كحيوان الخنزير .....راقبوا مع يأيها الأفاضل هذا الكم من التقززات التي تتملكنا ونحن نقرأ عن حيوان كهذا الذي يأكله غير المسلمين ....راقبوا معي أيها الإخوة وزن هذا الدين العظيم وهذه الكلمات الحبيبة العظييييييمة ..........بالله عليكم ....وإن كان في المقال ما يكون من كلمات مقززة ، ولكن سبحان الله العلي القدير الذي يربأ بالمسلمين أن ينحطوا حتى فيما يأكلون ..........ولله الحمد من قبل ومن بعد


ولنعش مع الآية الحبيبة  : إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ المَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (173)

تحريم القرآن لأكل لحم الخنزير

حول أهمية تحريم لحم الخنزير شهادة للطبيب الألماني هانس ريكفينغ إذ يقول (9) : لابد أن أشير إلى التراث   القديم عند بعض الأمم  حيث كان للتعاليم التي أرساها النبيان محمد وموسى أكبر الأثر في التزام المسلمين واليهود بقوانين الله الطبيعية.

ففي إفريقيا حيث يعيش المسلمون وغيرهم في ظروف مناخية واحدة، نجد بالمقارنة، أن الشعوب الإسلامية تتمتع بصحة جيدة لأن لحم الخنزير محرم في شريعتها، بينما نجد أن الشعوب الأخرى التي تعتمد النظام الغربي في تغذيتها تصاب بأمراض ترتبط كل الارتباط بتناولها لحم الخنزير.

ويتابع فيقول : في دراسة جرت في الهيمالايا حيث تعيش قبائل الهونزا التي اعتنق معظم أفرادها الإسلام ويمتنعون عن أكل لحم الخنزير ، وجد أنهم يتمتعون بصحة جيدة ومتوسط أعمارهم مرتفع ويعملون حتى سن متقدمة لتحصيل أرزاقهم في حين أن القبائل التي تجاورهم من غير المسلمين تصاب بعدد من الأمراض الشائعة بينهم لتناولهم لحم الخنزير، ومتوسط أعمارهم وفعاليتهم أقل بكثير من القبائل المسلمة .

وهكذا فإني ارى أن الكتب السماوية التي جاء بها محمد وموسى كان معها الحق، كل الحق، في تحريم تناول لحم الخنزير.

ولكن ماذا نعرف عن الخنزير:
الخنزير حيوان لاحم عشبي تجتمع فيه الصفات السبعية والبهيمية، فهو آكل كل شيء، وهو نهم كانس كنس الحقل والزريبة فيأكل القمامات والفضلات والنجاسات بشراهة ونهم، وهو مفترس يأكل الجرذ والفئران وغيرها كما يأكل الجيف حتى جيف أقرانه(10،11).

يقول الإمام الدميري : إن الخنزير شرس الطباع شديد الجماع شبق تكتنف حياته الجنسية الفوضى ولا يخصص لنفسه أنثى معينة.

ويروي د. هانس هايترش قصة طريفة جرت في أحد المشافي العسكرية حيث كانت هناك حظيرة للخنازير ملحقة بالمشفى وتعيش على النفايات والفضلات ويذبح أحدها كل شهر طعاماً للمرضى، والعاملين في المشفى. وفي أحد الأيام تدافعت الخنازير على الفرن المملوء بالضمادات المضمخة بالقيح والمهيأة للحرق فاللتهمتها.

وتوفيراً للعلف قررت إدارة المشفى من ثم أن يصبح نصف الضمادات المبللة بالقيح طعاماً للخنازير، وهكذا أصبحت دماء تلك الخنازير مفعمة بالسموم والذيفانات. ولنتصور الآن مرضى هذا المشفى وأكثرهم مصابون بنواسير كعقابيل للكسور الناجمة عن الطلقات النارية، إنهم يغذون بلحم خنزير مشبع بالسموم، فبدلاً من الشفاء يولد عندهم هذا اللحم هجمة جديدة من الالتهاب والتقيح.

ومن هنا نفهم كيف أن معاني الرجس قد استقر في أذهاننا التصاقها جميعاً بالخنزير، فهو لا يكاد يرى إلا وأنفه في الرغام. وإن نفورنا وتقززنا من هذا الحيوان ليس قاصراً عليناـ نحن المسلمين ـ ففي كل من أوربا وأمريكا، ورغم أن تجارة الخنازير عندهم وتربيتها رائجة، ويتخذون منه دمى لأطفالهم ومع ذلك فأسماؤه، على اختلاف لغاتهم، تعد سبة لا يقذفون بها إلا كل زري ذميم ..‍

وتثبت الأبحاث أن الخنزير يأكل الجيف والقاذورات وحتى فضلاته ولو ربي في أنظف الحظائر، كما تطالعنا الأنباء من حين لآخر عن افتراس الخنازير للأطفال الصغار، ففي مرة غفلت فيها إحدى الأمهات عن ابنها الصغير الذي تسلل إلى حظيرة الخنازير، والتي أسرعت بدورها لتمزيقه والتهامه دون أن تترك قطعة واحدة منه، وهذه النزعة لا توجد إلا في الحيوانات المتفرسة .

الأضرار الصحية لتناول لحم الخنزير
الفرق بين لحم الخنزير و غيره من اللحوم :<!--[endif]-->

يحتوي لحم الخنزير على كمية كبيرة من الدهون و يمتاز باندحال الدهن ضمن الخلايا العضلية في اللحمة علاوة على تواجدها خارج الخلايا في الأنسجة الضامة بكثافة عالية، في حين أن لحوم الأنعام تكون الدهون فيها مفصولة عن النسيج العضلي ولا تتوضع    ضمن خلاياه وإنما تتوضع خارج الخلايا و في الأنسجة الضامة .

و قد أثبتت الدراسات العلمية أن الإنسان عندما يتناول دهون الحيوانات آكلة العشب فإن دهونها تستحلب في أمعائه و تمتص، وتتحول في جسمه إلى دهون إنسانية، أما عندما يأكل دهون الحيوانات آكلة اللحوم أو الخنزير فإن استحلابها عسير في أمعائه وإن جزيئات الغليسريدات الثلاثية لدهن الخنزير تمتص كما هي دون أن تحول وتترسب في أنسجة الإنسان كدهون حيوانية أو خنزيرية .

ومن المدهش حقاً ملاحظة  د. هانس هايترش أن الذين يأكلون شحم الخنزير من منطقة ما من جسمه فإنها تترسب في المنطقة ذاتها عند الآكل وهكذا وجد أن النساء اللواتي يأكلن فخذ لحم الخنزير  يشاهد لديهن تشوه واضح في الفخذين والإليتين .

و الكولسترول الناجم عن تحلل لحم الخنزير في البدن يظهر في الدم على شكل كولسترول جزئي كبير الذرة يؤدي بكثرة إلى ارتفاع الضغط الدموي وإلى تصلب الشرايين و هما من عوامل الخطورة التي تمهد لاحتشاء العضلة القلبية.

و قد وجد البروفيسور Roff  12 أن الكولسترول المتواجد في خلايا السرطان الجوالة يشابه الكولسترول المتشكل عند تناول لحم الخنزير

و لحم الخنزير غني بالمركبات الحاوية على نسب عالية من الكبريت(10) و كلها تؤثر على قابلية امتصاص الأنسجة الضامة للماء كالإسفنج مكتسبة شكلاً كيسياً واسعاً و هذا يؤدي إلى تراكم المواد المخاطية في الأوتار و الأربطة والغضاريف ويجعلها رخوة مما يؤهب للإصابة بالتهاب المفاصل التنكسي وخاصة المفاصل بين الفقرات، و إلى تنكس في العظام .

والأنسجة الحاوية على الكبريت تتخرب بالتعفن والتخمر منتجة روائح كريهة فواحة لانطلاق غاز كبريت الهدروجين.

 وقد لوحظ أن الآنية الحاوية على لحم الخنزير، على الرغم من أنها محكمة السد إلا أنه يتعين إخراجها من الغرفة بعد عدة أيام نظراً للروائح الكريهة النتنة وغير المحتملة الناجمة عنها .

و بالمقارنة فإن لحوماً أخرى مختلفة خضعت لنفس التجربة ، فإن لحم البقر كان أبطأ تعفناً من لحم الخنزير ولم تنطلق منه تلك الروائح النتنة، ويحتوي لحم الخنزير على نسبة عالية من هرمون النمو والتي لها تأثير أكيد للتأهب للإصابة بخامة النهايات علاوة على تأثيره في زيادة نمو البطن ( الكرش)  وزيادة معدل النمو و خاصة نمو الأنسجة المهيأة للنمو والتطور السرطاني.

و حسب دراسات Roff   فإن تلك الوجبة المسائية الدسمة الحاوية على لحم الخنزير تعتبر الأساس في التحول السرطاني للخلايا لاحتوائها على هرمون النمو علاوة على أثرها في رفع كولسترول الدم .

كما تؤكد أبحاث د.هانس هايترش احتواء لحم الخنزير على كمية عالية من الهستامين تؤهب عند آكليها لحدوث الأمراض التحسسية الجلدية مثل الأكزيمة والشرى والتهاب الجلد العصبي وغيرها بكثرة.

وقد وجد أن الشرى والحكة المعندة عند آكلي لحم الخنزير تتلاشى عند الامتناع عن أكله بشكل مطلق، بما في ذلك السجق المصنوع منه.

الأمراض التي ينقلها الخنزير
لقد حرمت الشريعة الإسلامية لحم الخنزير، و نفذها المتدينون امتثالاً لأمر الله الخالق سبحانه و طاعة له دون أن يناقشوا العلة من التحريم ، لكن العلماء المحدثين توصلوا إلى نتائج مدهشة في هذا المجال : أليس من المدهش أن نعلم أن الخنزير مرتع خصب لأكثر من 450 مرضاً و بائياً ، و هو يقوم بدور الوسيط لنقل 57 منها إلى الإنسان، عدا عن الأمراض التي يسببها أكل لحمه من عسرة هضم و تصلب للشرايين و سواها.

 و الخنزير يختص بمفرده بنقل 27 مرضاً وبائياً إلى الإنسان و تشاركه بعض  الحيوانات الأخرى في بقية الأمراض لكنه يبقى المخزن والمصدر الرئيسي لهذه الأمراض : منها الكلب الكاذب و داء وايل و الحمى اليابانية والحمى المتوهجة و الحميرة الخنزيرية غيرها.

هذه الأوبئة يمكن أن تنتقل من الخنزير إلى الإنسان بطرق مختلفة  :
الأول : عن طريق مخالطته أثناء تربيته أو التعامل مع منتجاته (وتعتبر أمراضاً مهنية) وهي لا تقل عن 32 وباء تصيب في الأغلب، عمال الزرائب والمجازر والبيطريون منها أنواع من الفطور العميقة والزحار والديدان والزحار الزقي والحمى اليابانية الدماغية والتهاب الفم البثري الساري.

الثاني : عن طريق تلوث الطعام والشراب بفضلاته وهي لا تقل عن 28 مرضاً منها الزحار والأسكاريس والانسمام الوشيقي والديدان القنفذية والكبدية والمفلطحة وشوكية الرأس والدودة المسلحة الخنزيرية والشعيرات الحلزونية وغيرها.

الثالث: عن طريق تناول لحمه ومنتجاته وهي أكثر من 16 مرضاً منها داء المبيضات ـ داء الحويصلات الخنزيرية، الحمى المالطية ـ الدودة الكبدية وداء وايل والدودة الشعرية الحلزونية والشريطية والسل وغيرها .وهذا يؤكد ما ذهب إليه العالم كرول من أن الحظر المفروض على المسلمين بعدم ملامسة الخنازير ليس بحاجة إلى تبرير.

طفيليات الخنزير
رأينا كيف أن الخنزير يأوي في بدنه عدداً كبيراً من الطفيليات وأكثر من 50 نوعاً منها يصيب الإنسان (6) فهي داخلة فيما يسمى بالأمراض الحيوانية البشرية Zoonosis ويمكن أن نقسمها ضمن المجموعات التالية :

الأمراض الفيروسية والجرثومية :
منها داء الكلب والحمى الصفراء والمالطية والسل، لكن أهمها ما يخص الخنزير بنقله وهي :

1.   الالتهاب السحائي المخي وتسمم الدم الناجم عن الإصابة بالمكورات السبحية الخنزيرية المكتشفة عام 1968 والتي فسرت الحالات الغامضة من الوفيات التي حصلت حينئذ في الداينمارك وهولندا.

وقد تبين أن هذه الجراثيم شديدة الفتك بالإنسان مسببة التهاب السحايا المغلفة للمخ وبإفراز سموم معينة في دم المصاب، والذين أصيبوا بهذا المرض ونجو من الموت بعد علاج شاق أصيبوا بالصمم الدائم وفقدان التوازن.

2.   جائحات الكريب حيث يؤكد د.هانس هايترش إن فيروس الكريب الذي ينقله الخنزير هوالعامل الأكثر سمية وينقل عن معهد الأبحاث الفيروسية (9) في لندن أن فيروس الكريب يتوضع بكثرة في رئة الخنازير التي تدخل في صنع السجق، وتمكن الفيروسات في الأماكن الحيوية للبدن إلى أن تتاح لها الفرصة في ظروف مواتية من البرد وقلة الشمس لتأتي بشكل جائحة انتانية كالتي حدثت في المانيا بعد الحرب العالمية الثانية حينما تناول الشعب الألماني هدايا الولايات المتحدة من اللحوم ومشتقاتها مصنوعة من لحم الخنزير.

3.   انفلونزا الخنزير  ينتشر هذا المرض على هيئة وباء يصيب الملايين من الناس ومن مضاعفاته الخطيرة التهاب المخ، وتضخم القلب والوهط الدوائي، وآخر جائحة أصابت العالم عام 1918 حيث أصيب بها أكثر من 20 مليوناً من البشر .

4.   الحمرة الخنزيرية  وينتقل من الخنزير إلى اللحامين والدباغين وسواهم وتكون بشكل لوحة محمرة مؤلمة جداً، وحارقة على الأيدي مع أعراض عامة من ترفع حروري وقشعريرة والتهاب العقد والأوعية اللمفاوية.

الأمراض الناجمة عن الحيوانات الأوالي (6ـ11):

يعتبر الخنزير العائل الخازن لنوعين من المثقبات Trypanosoma أولاهما هو طفيلي داء النوم الإفريقي وثانيهما يحدث داء شاغاس المستوطن في أمريكا الجنوبية، كما يعتبر الخنزير العائل الأكبر لنوع من الزحار الأميبي، لكن أخطر هذه الطفيليات هي المتحول الأميبي الهدبي المسمى بالزقيات الكولونية Balantidium Coli يتطفل في الأمعاء الغليظة للخنزير والقردة، لكن فرص الاتصال النادرة بين القردة والإنسان تجعل الخنزير المصدر الوحيد لعدوى الإنسان وإصابته بما يسمى بالزحار الزقي.

والزحار الزقي من الأمراض المهنية التي يصاب بها العاملون على تربية الخنازير أو زبحها أو الاتجاه بها حيث تتلوث أيديهم بمفرغات الخنزير ومنها تنتقل بالطعام إلى أمعائهم فيصاب بحالات من الإسهال الشديد والمتكرر مع مغص ودوار وهزال أحياناً ويمتد الأمر لظهور تقرحات في الأمعاء، قد تثقب وقد تؤدي إلى وفاة المصاب.

الأمراض الناجمة عن الحشرات والحلم:
حيث يعتبر الخنزير عائلاً لعدد من الطفيليات الخارجية للإنسان منها أنواع من البعوض والبراغيث والقمل، ومنها ذبابة تسي تسي الناقلة لطفيلي داء النوم وأنواع من ذباب الجلد تصيب يرقاتها الفم والعين والأنف والجروح المكشوفة ومنها أنواع من الحلم قريبة من طفيلي الجرب.
الأمراض الناجمة عن الديدان المفلطحة :

1.   صنف المثقوبات : التي تصيب الدم حيث يصاب الخنزير بديدان البلهارسيا اليابانية والتي تنزل بويضاتها مع برازه، كما يصاب بنوع من المثقوبات يصيب الرئتين وتنتقل للإنسان في كثير من بلدان العالم، أما عن المثقوبات المعوية والكبدية فللخنزير منها نصيب غير قليل وأهمها:
المتوارقة البسكية Fasciolopsis Buski من الديدان المعوية ـ الكبدية وهي تنتشر في آسيا من الصين إلى البنغال وتعيش الديدان البالغة في الأمعاء محدثة التهابات موضعية ونزوف وتقرحات في جلد المعي الدقيق مع إسهال مزمن وفقر دم وقد تحدث استسقاء البطن مؤدية إلى الوفاة.

ومنها الدودة الكبدية الصينية Chlonorihis Sineasis وتنتشر في بلدان الشرق الأقصى كاليابان والصين، والخنزير العائل الرئيسي بها. تعيش هذه الديدان في القنوات الصفراوية وإذا كثرت أعدادها عند المصاب أحدثت تضخماً في الكبد وإسهالاً مزمناً ويرقاناً شديداً ينتهي بالوفاة.

2.   صنف الديدان الشريطية : ويصيب الخنزير منها نوعان : الشريطية العوساء العريضة D.Latum ويصاب كالإنسان بالطور البالغ منها. والنوع الأهم هو الشريطية المسلحة Taenia Solium والمسماة الدودة الوحيدة المسلحة وهي تعيش في طورها البالغ في أمعاء الإنسان، طولها من 2ـ3 أمتار، لها رأس أصغر من الدبوس مزود بأربع ممصات ويطوق قمته طوق من الأشواك، يلي الرأس عنق قصير ينمو منه باستمرار قطع أو أسلات صغيرة تنمو كلما بعدت عن الرأس مكونة جسم الدودة الذي يشبه الشريط والذي يحتوي أكثر من 1000 قطعة وتمتلئ القطع الناضحة بآلاف البيوض، حتى تصبح في النهاية مجرد كيس مثقل بذلك البيض الوبيل والذي ينمو في كل واحدة منها جنين كروي مسدس الأشواك.
وتنفصل الأسلات النهائية لتخرج مع براز المصاب،وتعيش في التربة الرطبة زمناً طويلاً حتى يأتي خنزير فيلتهمها مع ما فيها من بيض وفي أمعاء الخنزير تعمل عصاراته الهاضمة على حل غلاف هذه البيوض لتنطلق منها الأجنة مخترقة جدار الأمعاء إلى الدورة الدموية للحيوان، وبواسطة الدم تستقر في عضلات الخنزير مكونة حويصلات كروية أو بيضاوية بطول 6ـ 18 ملم، في كل منها يرقانة لها رأس صالح لكي يكون دودة جديدة كاملة ويحدث هذا إذا ما تناول الإنسان من اللحم المصاب دون أن ينضج تماماً لقتل ما فيه من تلك اليرقانات .

والخنزير هنا يقوم بدور العائل الوسيط والذي يعتبر المصدر الوحيد لعدوى البشر.



وقد يحدث أن يحل الإنسان محل الخنزيرليصبح العائل الوسيط في دورة تنتهي بطريق مسدود وذلك عندما يصدف أن يبتلع الإنسان لطعاماً ملوثاً بتلك الأسلات (أو بالبيض)، سواء من فضلاته هو أو من مصدر خارجي، فيفقس البيض في أمعائه وتنطلق، من ثم ، الأجنة مسدسة الأشواك في أمعائه مخترقة جدارها إلى دورته الدموية وتجول مع الدم لتستقر بأي جزء من أعضائه سواء في العضلات أو الرئتين أو الكبد أو القلب أو الدماغ، وهناك مشكلة حويصلات (أو كيسات ) ومؤدية إلى إصابة الإنسان بما يسمى داء الحويصلات الخنزيرية Cysticercosis وكلما كان عددها في الجسم كبيراً، وكان العضو الذي استقرت فيه عضواً هاماً كلما كان خطراً عظيماً .

ونمو هذه الحويصلات في المخ يؤدي إلى الإصابة بحالات من الصرع، وإلى ظهور شلل عضوي جزئي، مع دوار واضطرابات عصبية حسية .

كما ينطلق منها إلى الدم ذيفانات سامة، وقد يؤدي إلى الموت، علماً بأنه لم يعرف لهذا المرض حتى اليوم أي علاج ناجح.

أضعط على الرابط وشاهد مقطع تشريحي لجسم الخنزير :
http://www.johnabbott.qc.ca/~p.anderson/805labtest1/PIGDIAG1.html

صحيح، كما يقول المدافعون عن الخنزير، أن البقر يصاب بدودة مشابهة هي الشريطية العزلاء، وأن الإنسان عند أكله للحم البقر المصاب يصاب بتلك الدودة بالطور البالغ مع أعراض مشابهة لما تحدثه الشريطية المسلحة (الخنزيرية) لكن ولو ابتلع بيضها وهذا فرق هام للغاية إذ أن داء الحويصلات عند الإنسان ينجم فقط عن دودة الخنزير الشريطية علماً بأنه مرض خطير للغاية ولا مقابل له في دودة البقر.

الديدان الشوكية الرأس : وهي شائعة في الخنزير واكتشفت بين مربيه بين فلاحي وادي الفولغا في جنوب روسيا .

الديدان الخيطية أو الأسطوانية : منها ثعبان البطن أو الأسكاريس وقد أثبت Smyth أن الخنزير يساعد على انتشارها ومنها الديدان شعرية الرأس، لكن أشدها خطراً على بني البشر هي الدودة الشعرية الحلزونية Trichinella Spiralis(6_12).

تعيش الديدان البالغة في أمعاء الإنسان والخنزير وهي ديدان قصيرة طولها من 2_4 ملم تتغلغل الإناث المثقلة بالبيوض بين الزغابات المعوية لتضع صغارها (اليرقانات) هناك، فهي لا تضع بيضاً، إذ يفقس البيض وهو في بطنها، وتخترق اليرقانات جدر الأمعاء إلى الدم وتطوف معه لتستقر في عضلات مضيفها حيث تنمو ليصل طولها إلى 1ملم ثم تلتف على نفسها وتتحوصل، فإذا أكل إنسان لحم الخنزير المصاب انحلت الحويصلات في أمعائه وتخرج منها الأجنة لتتطور في أمعائه إلى الديدان البالغة والدودة الشعرية البالغة ليست الخطرة على الإنسان، لكنها تتزاوج في أمعائه وتموت الذكور، ترقد الإناث الملقحة في جدران الأمعاء لتضع يرقاناتها بعد أسبوع واحد، تخترق هذه اليرقانات جدر الأمعاء إلى الدم حيث تستقر في أي جزء من بدن الإنسان محدثة ما يسمى بداء الشعريات الخنزيرية Trichinosis وهي تكثر في عضلات الحجاب الحاجز للمصاب وفي حنجرته ولسانه وعينيه.

وتتميز المرحلة الأولى من المرض باضطرابات معدية ـ معوية والإسهال الشديد، والحمى مع الضعف العام.

أما المرحلة الثانية والتي تظهر بعد أنتشار اليرقانات في الجسم فكثيراً ما تكون قاتلة ومن أعراضها انتفاخ الأجفان، وخزب تحت العينين، وآلام عضلية مبرحة، واضطرابات حركة العينين وعضلات التنفس والبلع، كما يصاب بحمى قد تكون مستمرة مع عرق غزير وهذيان. وإذا توضعت في السائل الدماغي الشوكي ظهرت أعراض التهاب الدماغ والسحايا .

وبعد تكلس تلك الحويصلات، تبدأ المرحلة الثالثة بانتشار الارتشاح في الوجه والبطن والأطراف مع ضعف شديد ووهن عام وطفوح جلدية ونزوف وضخامة في الطحال واضطرابات عصبية عقلية.

وتحدث معظم الوفيات بين الأسبوعين الرابع والتاسع .

والمعروف أنه لا يوجد عقار نوعي لداء الشعيرات والمشكلة الحقيقة هي الغذاء أوالحمى الرثوية يجعل التشخيص صعباً ، وقد لا نتمكن من وصفه قبل الوفاة وفحص خزعة من الحجاب الحاجز.

داء التقرحات الوعائية المدارية :
يؤكد د. هانس  هـ .ريكفيغ  أن الدورة الدموية المحيطية قد تضطرب في ظروف مناخية خاصة نتيجة تناول لحم الخنزير محدثة تقرحات مؤلمة على الساقين، وأن هذه الآفة انتشرت بين الجنود الألمان أثناء الحملة التي قادها رومل في شمال أفريقيا .

ويروي د. ريكفغ كيف اكتشف زملاؤه علاقة الإصابة بهذه الداء وبين تناول لحم الخنزير عندما وجدوا أن السكان الحليين من المسلمين لا يصابون بها مطلقاً .

ورغم كل العلاجات التي قدمت للمرضى فإن حالتهم لم تتحسن إلا بعد أن قدمت لهم حمية تشبه طعام السكان المحليين وحذف لحم الخنزير بشكل نهائي، إذا كانت النتائج حينئذ باهرة.

ويرى الباحث المذكور أن لحم الخنزير يعتبر العنصر الهام الأكثر سمية للإنسان فهو يضعف مقاومة الجسم ويعرضه للأمراض، والمطعم الصحي الحقيقي هو الذي لا يستعمل أي جزء من لحم الخنزير ولأن الذي يعتاد تناوله هو الذي سيدفع الحساب يوماً ما .

شهادات علماء الغرب بفضل الإسلام:

يؤكد د. عبد الحافظ حلمي محمد  على فضل الإسلام على حماية أتباعه من أمراض الخنزير الوبيلة .

فالارتباط واضح بين انتشار الشريطية المسلحة وما ينجم عنها كداء الحويصلات الخنزيرية وبين العادات الغذائية لبلد ما والدين الذي يدين به قاطنوه.

وهكذا فإن Noble 1961 يؤكد أن دودة الخنزير هذه تحدث عدداً كبيراً من الإصابات الدماغية سنوياً عند سكان المكسيك الذين اعتادوا تناول لحم الخنزير، في حين يؤكد لاباج (1961) و ولكوكس وماتسون في كتابهما عن طب البلاد الحارة أن هذه الدودة نادرة الوجود في البلاد الإسلامية .

أما تشاندر وريد فيذكران في كتابهما عن علم الطفيليات ما نصه : " أما في البلاد اليهودية والإسلامية، حيث يعد أكل لحم الخنزير خطيئة دينية كبيرة فليس لهذا الطفيلي أدنى فرص للبقاء، وهو دليل فاضح على فساد الأخلاق حين حدوثه...".

وعندما يتكلم نلسون  عن انتشار داء الشعريات الحلزونية في دول أوربا وأمريكا فهو يتعجب قائلاً : " أما العلة في إدماننا ـ نحن أهل العالم الغربي على أكل لحم الخنزير، فإنه لغز محير، خاصة وأننا نذكر على الدوام بمخاطر ذلك ونحن نقرأ الكتاب المقدس(مشيراً إلى الإصحاح الرابع عشر من سفر التثنية التوراة) .

أما اليهود الملتزمون وأتباع محمد فإنهم مضوا في نفورهم من الخنازير وعدم استساغتهم لحمها فخلت جماعاتهم من داء الشعريات الخنزيرية خلواً تاماً ..".

عدوى الخنازير: لعل أهم مصدر لعدوى الخنازير هي العطادة المتبعة من تربية الخنازير على القمامة وعادة الخنازير الذميمة من التهاب الفضلات والنفايات، إذ أن القمامة تضم بقايا خنزيرية مصابة حتى أن أحد الباحثين يسمي الدودة الشعرية الحلزونية بدودة القمامة، وهكذا تجتمع الدودة مع الخنزير في القذارة والرجس. وسبب هام آخر لاحظه بعض الباحثين، وهو أن الخنازير تصاب ايضاً نتيجة أن بعضها يأكل أذيال بعض في المرابي المكتظة بها.

وتقوم الجرذان أو الفئران بدور هام، فهي تصاب بالمرض إذا أكلت ما ينبذ من بقايا من لحوم الخنازير المصابة، وتعدي الجرذان بعضها بعضاً لأنها تأكل لحوم بعضها البعض، حية وميتة، ثم تنتقل العدوى إلى الخنازير إذا أكلت جيف تلك الجرذان في أكوام القمامة، وهكذا تحدث دورات عدوى مختلفة من جرذ إلى جرذ، ومن خنزير إلى جرذ ومن جرذ إلى خنزير ومن خنزير إلى إنسان.

هل يمكن توقي الأمراض التي تنقلها الخنازير؟

يتساؤل البعض لم لا تربى الخنازير تربية صحية نظيفة ؟ ولم لا تتخذ الوسائل لاكتشاف اللحوم المصابة وإتلافها؟ وإذا كان ذلك ممكناً في مكان وظروف معينين فهل يمكن تحقيقه في كل الظروف ؟ أوليس الأولى عدم المخاطرة وتجنب المهالك ؟ بل الحقيقة أن هذه الوسائل كلها لم تكن مجدية في واقع الحال في أي زمان ومكان.
ويأتينا الدليل من الولايات المتحدة  حيث مستوى المعيشة فيها على ما نعلم فبينما نرى أن أفقر قطر إسلامي قد نجا من هذا البلاء، فإنه يوجد في الولايات المتحدة ثلاثة أمثالاً ما في العالم أجمع من الإصابات بالطفيليات الخنزيرية، علماً بأن الإحصاءات غير دقيقة لأن الآفات لا تشخص سريرياً إلا إذا كانت شديدة ومعظم الحالات لا تشخص إلا بعد الوفاة . وتجري في الغرب إجراءات شاقة ومحاولات باهظة لوقاية الخنازير وآكليها من الديدان الشعرية الحلزونية وغيرها.

ففي الولايات المتحدة التي يربى فيها أكثر من مليون ونصف من الخنازير، جزئياً أو كلياً على القمامة،صدرت قوانين تقضي بتعريض القمامة للبخار الساخن مدة نصف ساعة قبل تقديمها للخنازير . ولكن ما هي نتيجة هذه الجهود الكبيرة؟

لقد قدرت الاحصاءات أن نحواً من 5% من خنازير بوسطن و18.5% من ذبائح متشيغان مصابة بهذه الآفة (ويلككس وماتسون بار) .

أما اللحوم فإن معالجتها بالكوبالت والسيزيوم المشعين يؤدي إلى إصابة الديدان الناشئة بالعقم مما يمنع تكاثرها.

لكن هذا الإجراء دقيق وليس من الميسور تطبيقه.

ثم إن التجميد السريع بالتبريد ثم التخزين الطويل في درجات حرارة شديدة الانخفاض تقضي على الطفيليات الدقيقة فيه.

وتقضي التعليمات الصحية في الولايات المتحدة بخزن لحوم الخنازير التي تؤكل نيئة 20 يوماً كاملاً في درجة حرارة 15 تحت الصفر. كما أن غلي اللحوم تقتل الطفيليات لذا يوصى بغليها فترة تتناسب وحجمها : ومع كل هذه الجهود الشاقة والنفقات الباهظة فما تزال الإحصاءات تشير إلى تلك النسب المرتفعة من الإصابة.

أوليس الأيسر بداهة هو تجنب تلك اللحوم أصلاً ؟ ثم أينسى هؤلاء أن عملهم قد أحتاج قروناً طويلة ليكتشف عدداً من الآفات التي يسببها أكل لحم الخنزير فمن الذي يجزم بأن هناك آفات أخرى لم يكشف العلم النقاب عنها بعد ؟ أفلا تستحق الشريعة الإسلامية التي سبقت العلم البشري بعشرات القرون أن نثق بها وندع كلمة الفصل لها نحرم ما حرمت ونحلل ما حللت وهي آتية من لدن حكيم خبير؟ .

الآثار السلوكية (الخلقية ) التالية لأكل لحم الخنزير:

لقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أثر الطعام على خلق آكليه فقال :" والفخر والخيلاء في أصحاب الإبل والسكينة والوقار في أهل الغنم " رواه الإمام أحمد في مسنده عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.


ويقول الفخر الرازي(3) : " قال أهل العلم ـ الغذاء يصير جزءاً من جوهر المغتذي فلابد أن يحصل له أخلاق وصفات من جنس ما كان حاصلاً في الغذاء، والخنزير مطبوع على حرص عظيم ورغبة شديدة في المشتهيات فحرم أكله لئلا يتكيف بتلك الكيفية".

ويقول ابن خلدون(12) : " أكلت الأعراب لحم الإبل  فاكتسبوا الغلظة وأكل الأتراك لحم الفرس فاكتسبوا الشراسة وأكل الإفرنج لحم الخنزير فاكتسبوا الدياثة " .

وحديثاً اختلف العلماء في أثر الغذاء على الطباع والخلق، لكن ملاحظات كثير.

من العلماء قادتهم إلى اختلاف الآثار الخلقية باختلاف نوع اللحوم المكثر من تناولها، وبأن لحم الخنزير وشحمه له تأثير سيء على العفة والغيرة على العرض إذا داوم الإنسان على تناوله (10) توصلوا في نهايتها إلى القول بأن نوعية الطعام تؤثر على شخصية وسلوك الإنسان وتصرفاته.
وعن مقالة للدكتور الفنجري(11) يؤكد فيها أن الذين يأكلون لحوم الحيوانات الكاسرة عادة ما تكون طباعهم شريرة، غير متسامحين، ويميلون إلى ارتكاب الآثام والجرائم.

وإن أكل لحم الخنزير لابد وأن يؤثر على شخصية الإنسان وسلوكه العام والذي يتجلى واضحاً في كثير من المجتمعات الغربية حيث يكثر اللواط والسحاق والزنى وما نراه متفشياً من نتاج تلك التصرفات من ارتفاع نسبة الحمل غير الشرعية والإجهاض وغيرها.

رابط الموضوع : http://www.55a.net/firas/arabic/?page=show_det&id=125&select_page=5
« آخر تحرير: 2008-10-13, 12:50:02 بواسطة حازرلي أسماء »

غير متصل ♥ أرزة لبنان ♥

  • شباب منتج
  • ****
  • مشاركة: 1156
  • الجنس: أنثى
الله يعطيكي العافية


حازرلي أسماء

  • زائر


عافاك الله يا أرزة لبنان الحبيبة ...أهلا وسهلا بك معنا متأملة متدبرة في آي القرآن العظيمة  ::)smile:

وهو سبحانه وتعالى يقول : أفلا يتدبرون القرآن

*******************************************************
فمن اضطر غير باغ ولا عاد إلى أن يأكل مما حرم الله تعالى فلا إثم عليه .....

فالمضطر هنا عليه ألا يكون باغيا ولا عاديا ، أي ألا يكون ظاما ولا معتديا ، فلا يظلم ولا يتعدى حدود اله تعالى ، بل هو مضطر تلجئه الضرورة لأن يأكل ما حرّم عليه ، فهذا لا إثم عليه والله غفور رحيم ....

ويقول في ذلك ابن كثير رحمه الله :

ثم أباح تعالى تناول ذلك عند الضرورة والاحتياج إليها عند فقد غيرها من الأطعمة فقال: {فمن اضطر غير باغ ولا عاد} أي من غير بغي ولا عدوان وهو مجاوزة الحد {فلا إثم عليه} أي في أكل ذلك. {إن الله غفور رحيم} قال مجاهد: {غير باغ ولا عاد} من خرج باغيا أو عادياً أو في معصية اللّه فلا رخصة له وإن اضطر إليه، وقال مقاتل بن حيان: {غير باغ} يعني غير مستحله، وقال السُّدي: {غير باغ} يبتغي فيه شهواته، وعن ابن عباس: لا يشبع منها وعنه: {غير باغ ولا عاد} قال: {غير باغ} في الميتة، ولا عادٍ في أكله، وقال قتادة: {فمن اضطر غير باغ ولا عاد} قال: غير باغ في الميتة أي في أكله أن يتعدى حلالاً إلى حرام هو يجد عنه مندوحة، وحكى القرطبي عن مجاهد في قوله: {فمن اضطر} أي أكره على ذلك بغير اختياره.
مسألة
إذا وجد المضطر ميتة وطعام الغير، بحيث لا قطع فيه ولا أذى، فإنه لا يحل له أكل الميتة، بل يأكل طعام الغير بغير خلاف لحديث عباد بن شرحبيل العنزي قال: أصابتنا عاماً مخمصةٌ فأتيت المدينة، فأتيت حائطاً، فأخذت سنبلاً ففركته وأكلته وجعلت منه في كسائي، فجاء صاحب الحائط فضربني وأخذ ثوبي، فأتيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأخبرته، فقال للرجل: (ما أطعمته إذ كان جائعاً ولا ساعياً، ولا علَّمته إذ كان جاهلاً) فأمره فرد إليه ثوبه، وأمر له بوسق طعام أو نصف وسق ""رواه ابن ماجة وإسناده قوي جدا"" وقال مقاتل بن حيان: في قوله {فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم} فيما أكل من اضطرار، وبلغنا - والله أعلم - أنه لا يزاد على ثلاث لقم، وقال سعيد بن جبير: {غفور} لما أكل من الحرام {رحيم} إذ أحل له الحرام في اضطرار، وقال مسروق: من اضطر فلم يأكل ولم يشرب ثم مات دخل النار، وهذا يقتضي أنّ أكل الميتة للمضطر عزيمة لا رخصة، وهذا هو الصحيح كالإفطار للمريض

ونكمل مع الآية العظيمة الموالية :

إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ الكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناًّ قَلِيلاً أُوْلَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(174)

لي عودة بإذن الله لنكمل العيش مع صفحتنا الحبيبة فالوقت يدركني  وأنا مضطرة غير باغية ولا عادية إلى المغادرة emo (30):
« آخر تحرير: 2008-10-13, 13:25:31 بواسطة حازرلي أسماء »

حازرلي أسماء

  • زائر
لقد استدركت حالي قبل أن أجد نفسي محمولة على أكف الراحة إلى عيادة تقويم الألسن :emoti_64: emot (1): ، إذ كنت أكتب يوم أمس ولم أنتبه للكثير من الأخطاء والركاكة في التركيب ، وكان تركيزي على الكتابة أكثر ، عدلت مداخلاتي السابقة قبل فوات الأوان  ::happy:

ونكمل معا أيها الإخوة الكرام  في المداخلة الموالية بإذن الله تعالى
« آخر تحرير: 2008-10-14, 07:39:25 بواسطة حازرلي أسماء »

حازرلي أسماء

  • زائر
وبعدما رأينا من تكريم الله تعالى لعباده المؤمنين حتى في ما يأكلون وما يشربون ، فلم يحطّ من قدرهم وإنما رفعهم ، رفعهم ليأكلوا مأكلا طيبا ، يأكلوا من لحوم حيوانات ذات قدر ، حيوانات فيها الخير ومنها الخير ضروب وأنواع ، فأنعام من بقر وغنم وإبل ، تدرّ الحليب والصوف والوبر ، والجلود واللحم والأنس بالرفقة ، حيوانات ذات قدر ورفعة ، أما الخنزير الذي عرفنا عنه ما عرفنا فالحمد لله الذي جعلنا من المسلمين وجعلنا مكرّمين ونأى بنا عن أذاه وقذاه ودناءة طبعه ومَعْلفه .....

يوم أمس إبان الحصة تساءلت إحدى الأخوات الكريمات عن سرّ استمرار الأوربيين بتعاطي لحم الخنزير رغم معرفتهم بكل هذا الضرر وبنتائج هذه التقارير الصادر جلّها عن مختبراتهم .... تراءى لي الجواب أنّ منهم من أذعن لحكمة الله تعالى وعرف أن الإسلام حق من خلال الكثير من البحوث العلمية التي تبيّن ذكر نتائجها في القرآن الكريم ، وشهد أن الله حق وأن محمدا حق وأن الإسلام حق ، ومنهم من يصر على الاستمرار رغم معرفته بكل هذا ، تكبرا واستعلاء وجحودا ونكرانا وإلحادا ....  وهذا هو الذي يعطّل عقله عن الهدى ....فرغم أنه يعرف ويعلم من العلم ومن الاكتشافات إلا أن علمه لم يوصله للحق ولم يبلغ به سبل الرشاد ، فلم يعرف الله ، ومن لم يعرف الله ولم يتدرج بعدها للتيقن من كل حق بعث به محمد صلى الله عليه وسلم لم يعرف وإن عرف ....

ونكمل مع الآية العظيمة الموالية :

إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ الكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناًّ قَلِيلاً أُوْلَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(174)

نزلت هذه الآية في رؤساء اليهود كعب بن الأشرف ومالك بن الصيف وحيي بن الأخطب ، كانوا يأخذون الهدايا من أتباعهم ، فلما بعث عليه الصلاة والسلام خافوا انقطاع تلك العطايا من الهدايا عنهم ، فكتموا أمر محمد صلى الله عليه وسلم وأمر شرائعه ، فنزلت فيهم هذه الآية الكريمة ...
ولقد جادل اليهود جدالا كثيرا حول ما جاء في القرآن بتحليله وما جاء فيه بتحريمه ، فهناك ما كان محرما على اليهود بينما أبيحت للمسلمين ، وروي أنهم جادلوا حتى فيما حرم في القرآن وإن حرم عليهم في التوراة أيضا ، وغاية غايتهم في ذلك دائما وأبدا بث الشكوك في نفوس المؤمنين ، وزرع الفتنة بين صفوفهم ، حتى يردوهم عن دينهم ، ويشككوهم في صحة القرآن وفي كماله ..

ومن ثمة جاءت هذه الآية التي تبين مآل الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ، يكتمون الحق ، يكتمون صفة محمد صلى الله عليه وسلم التي أنزلت عليهم في كتبهم ، في التوراة والإنجيل ، يكتمون الحق ، ليشتروا به حطام الدنيا ، ليشتروا به الجاه والسمعة ، ليشتروا به الثمن القليل ، ويخسروا في الدنيا والآخرة ، يخسروا ويبوؤوا بغضب من الله ويبوؤوا بعذاب أليم ، يلحقهم يوم القيامة ، نار هم فيها خالدون ، لا يخف فيها عنهم عذاب ولا هم ينصرون .....

ولنتدبر أيها الإخوة سيوا هذا التناسق وهذا الانسياب في السياق ، حيث كنا مع المحلل والمحرم من المأكل للعباد في الآيات السابقات ، وها نحن في هذه الآية نجد التعبير القرآني العظيم بــ : "أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار " عبر سبحانه عن النار التي ستكون مآلهم ومستقرّهم بالأكل ونحن في سياق الأكل ، وإنك لتراهم وتتمثل لكم صورهم -والعياذ بالله- وهم يأكلون النار ن ألن تكون أكلهم وشربهم يوم القيامة ؟؟؟ ألن يأكلوا

تسقى من عين آنية   ليس لهم طعام إلا من ضريع لا يسمن ولا يغني من جوع
فسقياهم نار وأكلهم نار ..... والعياذ بالله .....
لا يكلمهم الله يوم القيامة لا يكلمهم كلام الرضى والمغفرة والعفو والرحمة ، وإنما يكلمهم كلام الغضب والسخط والمقت والزراية ....ولا يزكيهم ، لا يمسح عنهم ذنوبهم وآثامهم ولا يطهرهم منها -والعياذ بالله ...نسأل الله الثبات على الحق-     ولهم أليم العذاب ، فلا كلام ولا تزكية ، بل عذاب ونكال .....

وللنظر فيأنفسنا ، ولننظر في أحوالنا ونتأمل فيها ..... أليس من أمة محمد صلى الله عليه وسلم من يحل ما حرم الله ، ويحرم ما أحل .....أليس من بنات الأمة من ترتدي الدياج والزخارف وخرَقًا من الثياب على كل لون تتدلى من هنا ومن هناك وتقول إنه الحجاب ....وتقول أنها محجبة ، تتبع الهوى ، وتتبع أهواء غيرها ، وتقول عنه الحجاب ، ويرقبها والدها ووالدتها باك الحجاب ويقول كل منهما أن ابنته محجّبة ، وليست الحجاب ينطق فيخبر ما فعل به وما لفّق له .....
ومن أبنائنا من يرفع بالجيل شعره وكأنه لاقط هوائي ، يقول أنها الموضة وأنها ليست من الحرام في شيء ، ويتشبه الشاب بالشابة في الملبس وتتشبه الشابة بالشاب في الملبس والمظهر والحال والمقال ويقولون أنه حلال ولا وجه للحرام فيه ............

أفنكتم ما أنزل الله سبحانه وما أمر به وما فصله نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ؟؟؟؟ أفنضرب عن أوامر الله عز وجل صفحا وعن هدي محمد صلى الله عليه وسلم صفحا ونقول أننا نجاري العصر ولا تثريب علينا ولا حرام نأتيه ، وإننا لا نكتم الحق وإنما فقط نتكيف مع العصر ؟؟؟!!!!

نسأل الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة وأن يثبتنا على الحق وينير بصائرنا

وننتقل إلى الآية الأخيرة من هذه الصفحة الجليلة في قوله تعالى :

أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ(175)

وياله من بيع بايعوا به .... وهذه الصفقة الخاسرة ....ما أخسرها !!!  فهذا الهدى أريد الضلال ......وهذه المغفرة أريد العذاب !!!!!

هذا المتاع الدائم أريد المتاع الزائل .... وهذا الرضى أريد السخط !!!!  وهذا الخير منك نازل إليك شري مني صاعد !!!! وهذا الحق أريد الباطل وهذا الفوز أريد الخَسَار
وهذا الربح أريد البَوار ..........................

فأي عَصَابة سوداء سرمدية السواد قد وضعت على البصيرة وأي ظلام محيط أحاط بالقلب .....وأي حجاب قد وضع على العقل وأي حاجز مانع قد عطّله عن عمله فأردى صاحبه خاسرا ......!!!!

فما أصبرهم على النار

تأتي العبارة استفهامية ....استنكارية ....يالطول صبرهم على النار التي اختاروها اختيارا !!!!   
ويقول في ذلك الإمام ابن كثير رحمه الله :

وقوله تعالى: {فما أصبرهم على النار} يخبر تعالى أنهم في عذاب شديد عظيم هائل، يتعجب من رآهم فيها من صبرهم على ذلك مع شدة ما هم فيه من العذاب والنكال والأغلال عياذاً باللّه من ذلك وقيل: معنى قوله: {فما أصبهم على النار} أي فما أدومهم لعمل المعاصي التي تفضي بهم إلى النار.

ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ

الله نزّل كتبه السماوية بالحق والحق واحد ، نزل الدين والدين واحد هو الإسلام ، بعث الأنبياء يدعون لعبادة الله لا يشركون به شيئا .... يدعون لعبادة الواحد الأحد الفرد الصمد .... نزل الكتاب بالحق ....نزلت التوراة بالحق ، نزل الإنجيل بالحق ، نزل الزبور بالحق ، نزلت صحف إبراهيم بالحق .....نزل القرآن العظيم بالحق ....نزلت شرائعه ناسخة لما سبقها من الشرائع ....نزل مكملا خاتما .....

الحق واحد وجهه واحد والله واحد والنور واحد فلا يأتي بصيغة الجمع  في القرآن الكريم ..... والظلم ظلمات ....والشرك ظلم عظيم .... والظلمات ظلمات من فوقها ظلمات .......
والذين اختلفوا وشاقّوا الله وشاقوّا الرسول في شقاق بعيد .... ابتعدوا ، نأوا .....
والشقاق لغة هو العداوة ، الخلاف ، النزاع ...............وإنهم كذلك إلى يومنا هذا ، لأنهم ليسوا على الحق ..... ولن يرتاحوا إلا إذا صاروا على الحق الذي نزله الحق ...

والأزمة المالية الخانقة ...........شقاق بينهم وبين أنفسهم وهم لا يتبعون الحق

طالعوا :
http://www.ayamnal7lwa.net/forum/index.php?topic=1771.0

وفي المداخلة الموالية مجموع الفوائد المستخلصة من صفحتنا المباركة بإذن الله

 
« آخر تحرير: 2008-10-14, 09:35:02 بواسطة حازرلي أسماء »

حازرلي أسماء

  • زائر
***********************درر  نــــــَـــــــــــثْر درة ****************************************



أسأل الله سبحانه أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه وأن يجعلنا من المتدبرين المنتفعين المهتدين بالقرآن الكريم ، المتقين الذين قال فيهم سبحانه وتعالى :
ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين

وأحاول قدر ما وسعني فهمي البسيط الذي إن أصبت به فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان أن أضع بعض الفوائد التي نخرج بها من كل صفحة مباركة ، وصفحتنا التي عشنا معها ودرّتنا التي تنثر علينا الدرر هي :

وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَ لَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ (170)وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ(171) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ(172)  إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ المَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(173) إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ الكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناًّ قَلِيلاً أُوْلَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(174) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ(175)


1- الإسلام دين البرهان والدليل والعقل ، والله سبحانه وتعالى ما كرم البشر بنعمة العقل إلا ليعملوه ولتكون أعظم حقيقة موصلة لكل حق هي اليقين بوجود الله تعالى ...فلا قيمة ولا وزن لعلم لم يأت بالهدى ....

2-الاتباع يكون لما أنزل الله تعالى من الحق وما عدا كلام الله تعالى وما ينقله صلى الله عليه وسلم لنا من تفصيل لكتابه سبحانه ولأوامره ونواهيه وتشريعاته  ،كلامه الذي ما هو إلا وحي يوحى، وما فصله وأبحر فيه العلماء الثقات  في هذا العلم العظيم  كل ما عدا ذلك  يؤخذ منه ويرد ، وقابل للنقاش ولأن يقبل أو يرفض .....

3-الرزاق سبحانه يرزق كل عبيده ، المؤمن منهم والكافر ، الجاحد منهم والشاكر ، ولأنه الغني عن كل عباده ولا يرضى لهم الكفر وإنما العبد هو من يختار دربه فإما شاكرا وإما كفورا .......

4-المؤمن مميز عن غيره بشكره على النعماء وتفضل رب العزة ، وشكره مرده علاقته بربه جل وعلا وشرف إيمانه به سبحانه وسماعه لكلامه وطاعته له وإخباته ....

5-كل ما حرمه الله على عباده المؤمنين من المأكل واجب تركه والابتعاد عنه والقول تسليما كاملا : "سمعنا وأطعنا ".... والعلم يأتي بالأخبار اليقينية على ضرر ما حرم الله سبحانه "ولتعلمنّ نبأه بعد حين"  وأنه سبحانه مكرم المؤمنين حتى فيما يأكلون من لحوم فينأى بهم عن لحم حيوان دنيئ الطباع ....

6- أن علينا ألا نكتم الحق بذريعة مسايرة العصر حتى نجد أنفسنا في شقاق بعيد وفي اتباع لخطوات الذين أشركوا وعاندوا وكابروا وألحدوا حذو القذ بالقذ ....بذريعة العصر وباسم العصر وديننا الحق لكل زمان ومكان .....

7-أن نسأل الله الثبات ثم الثبات ثم الثبات على الحق وعلى القول الحق في الحياة الدنيا وفي الآخرة ، لأن الضلال طريقه ظلام ، ومآله نار والعياذ بالله أجارنا الله وإياكم من لحظة فيها .....

8-شواهد الواقع تنطق أن الذين شاقوا الله ورسوله واتبعوا الهوى والشرائع الوضعية وتركوا شرع الله الحق هم اليوم في شقاق بعيد


اللهم ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة

وإلى لقاء آخر الأسبوع القادم مع درة أخرى بإذن الله تعالى ، صفحة أخرى نعيش معها الأسبوع القادم إن بقي بالعمر بقية انتظرونا emo (30): ...كما أنتظر إطلالاتكم emo (30):
« آخر تحرير: 2008-10-14, 10:17:23 بواسطة حازرلي أسماء »

حازرلي أسماء

  • زائر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نلتقي هذا الأسبوع أيها الإخوة الكرام كعهد لقائنا بدرر حياتنا ، صفحات كتابنا العزيز الحكيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه
ونواصل مع سورة البقرة العظيمة ، ويطيب لنا أن نضع بين أيدينا في نقاط مرقومة شيئا من بركتها وخيرها وفضلها نستذكر به والذكرى لنا نفع وخير ....

سورة البقرة :

1- سورة مدنية وهي أول ما نزل من السور المدنية ، وأسباب نزول آياتها كثيرة ، وسنحاول موازاةً لما نعرض من الآيات الكريمة عرض أسباب النزول
2- من أهم السور التي ورد فيها فضح اليهود وأحوالهم وتقلباتهم ، وقَصَصهم مع الأنبياء والرسل .
3-سورة تتمحور أساسا حول عهد الله تعالى والأمم التي حمّلت هذا العهد من بدء سيدنا آدم أول معهود إليه إلى بني إسرائيل إلى أمة محمد صلى الله عليه وسلم

4-سورة تحذر من عاقبة الظلم والكفر والعناد ، حيث اتسع نطاق ذكر بني إسرائيل فيها تحذيرا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم من مغبة الوقوع فيما وقعوا فيه حتى باؤوا بغضب من الله تعالى .

5- سورة قال فيها صلى الله عليه وسلم : "اقرؤوا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البَطَلة " والبطلة تعني السَّحرة .رواه مسلم في صحيحه
6-سورة البقرة اشتملت على معظم الأحكام التشريعية ، في العقائد والعبادات والمعاملات ، والأخلاق وفي أمور الزواج والطلاق ، والعدة وغيرها من الأحكام الشرعية .

7-سورة البقرة تناولت التشريع بإسهاب لأن المسلمين كانوا في بداية تكوين الدولة الإسلامية وهم في أمس الحاجة إلى المنهاج الرباني والتشريع السماوي الذي يتخذونه مقياسا لحياتهم .
8-سميت سورة البقرة بهذه التسمية إحياء لذكرى تلك المعجزة الباهرة التي ظهرت في زمن سيدنا موسى

9- وفي فضلها أيضا يقول صلى الله عليه وسلم : "لا تجعلوا بيوتكم مقابر إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة  " أخرجه مسلم والترمذي

11-عن أبي هريرة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: (سورة البقرة فيها آيةٌ سيدةُ آي القرآن لا تقرأ في بيت فيه شيطان إلا خرج منه: آية الكرسي) ""رواه الحاكم"" وقد رواه الترمذي ولفظه: (لكل شيء سنام وسنام القرآن سورة البقرة وفيها آية هي سيدة آي القرآن: آية الكرسي).

*****************************

صفحتنا الجديدة اليوم هي الصفحة رقم 27  ...قوله سبحانه :

لَيْسَ البِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ المَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ البِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى المَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي القُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي البَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ البَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمُ المُتَّقُونَ(177)يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِصَاصُ فِي القَتْلَى الحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ(178) وَلَكُمْ فِي القِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(179)كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقاًّ عَلَى المُتَّقِينَ(180) فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(181)


« آخر تحرير: 2008-10-20, 10:53:15 بواسطة حازرلي أسماء »

حازرلي أسماء

  • زائر
صفحتنا الجديدة اليوم هي الصفحة رقم 27  ...قوله سبحانه :

لَيْسَ البِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ المَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ البِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى المَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي القُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي البَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ البَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمُ المُتَّقُونَ(177)يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِصَاصُ فِي القَتْلَى الحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ(178) وَلَكُمْ فِي القِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(179)كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقاًّ عَلَى المُتَّقِينَ(180) فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(181)

نزلت هذه الآية الكريمة (َلَيسَ البِرُّ بِأََن تَأتوا البُيوتَ مِن ظُهورِها).

قال المفسرون: كان الناس في الجاهلية وفي أول الإسلام إذا أحرم الرجل منهم بالحج أو العمرة لم يدخل حائطاً ولا بيتاً ولا داراً من بابه فإن كان من أهل المدن نقب نقباً في ظهر بيته منه يدخل ويخرج أو يتخذ سلماً فيصعد فيه وإن كان من أهل الوبر خرج من خلف الخيمة والفسطاط ولا يدخل من الباب حتى يحل من إحرامه ويرون ذلك ذماً إلا أن يكون من الحمس وهم قريش وكنانة وخزاعة وثقيف وخثعم وبنو عامر بن صعصعة وبنو النضر بن معاوية سموا حمساً لشدتهم في دينهم قالوا: فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بيتاً لبعض الأنصار فدخل رجل من الأنصار على إثره من الباب وهو محرم فأنكروا عليه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم دخلت من الباب وأنت محرم فقال: رأيتك دخلت من الباب فدخلت على  إثرك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني أحمسي قال الرجل: إن كنت أحمسياً فإني أحمسي ديننا واحد رضيت بهديك وسمتك ودينك فأنزل الله تعالى هذه الآية.      
(1)


ومن هنا يبدأ النصف الثاني من السورة على وجه التقريب ، إذ أن النصف الأول تعلق بأصول الدين وبقبائح بني إسرائيل ، وهذا النصف غالبه متعلق بالأحكام التشريعية ....
ونعود إلى الآية التي تسبق هذه الآية مباشرة فنجدها قوله تعالى :ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ
، فكان من بين ما جعل أهل الكتاب في شقاق ، تقوّلهم على أمر الله سبحانه وتعالى نبيَّه الكريم صلى الله عليه وسلم بتحويل القبلة ، فصار كل فريق منهم (يهودا ونصارى) يدعي أنّ الهدى في سبيله ، وفيما هو عليه وفي قبلته ، ويشكك في أمر القرآن كله .... فجاءت هذه الآية الكريمة تبين أن البرّ ليس في أن يولي المرء وجهه شرقا أو غربا ، وإنما البر في طاعة الله سبحانه وامتثال أمره ....

والبرّ لغة هو الصدق والاتساع في الإحسان والطاعة ، ويفسر على أنه اسم جامع للطاعات وأعمال الخير ...ولنلاحظ إخوتي في النسق قوله تعالى
ولكن البرّ من آمن بالله وكأن البرّ هنا هو الإنسان المؤمن بالله  ، ويقول في ذلك سيبويه :
أَراد ولكنَّ البِرَّ بِرُّ مَنْ آمن بالله ; قال ابن سيده : وهو قول سيبويه , وقال بعضهم : ولكنَّ ذا الْبِرّ من آمن بالله ; قال ابن جني : والأَول أَجود لأَن حذف المضاف ضَرْبٌ من الاتساع والخبر أَولى من المبتدإ لأَن الاتساع بالأَعجاز أَولى منه بالصدور 
(2)

قول الشاعر : وكيف تواصل من أصبحتْ *** خلالته كأبي مرحب ؟أَي كخخلالة أبي مرحب (3)

ويقول سبحانه : "لن تنالوا البرّ حتى تنفقوا مما تحبون" ويفسر البرّ على أنه كل وجه طاعة ، وكل وجه طاعة إنفاق ...ويقول تعالى : "وتعاونوا على البرّ والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان "و يقول أيضا : "أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم"  فالبرّ جملة هو الخير والصلاح .

فهو إذن ليس أن يولي المرء وجهه قبل مشرق أو مغرب ، ولكنّه تعريفا من الله تعالى في هذه الآية الكريمة جاء أمورا مفصلة نأتي بها الواحد تلو الآخر

هو الإيمان بالله واليوم الآخر أولا ، والمؤمن بالله واليوم الآخر هو الذي آمن حق الإيمان وصدق بوجوده وبوحدانيته وبحاكميته في كل صغيرة وفي كل كبيرة ، وبقوته وقدرته وعظمته وأمره الذي بين الكاف والنون وبأسمائه الحسنى وبصفاته العُلى ، وبألوهيته وربوبيته ، وباليوم الآخر يوم الحساب والجزاء واللقاء والامتثال بين يديه ، إنسان فعله هو الطاعة والامتثال وقوله "سمعت وأطعت "  لا يبتغي غير رضى الله تعالى ....ولنتأمل سويا لنجد أن الإيمان بالله واليوم الآخر مقترنين يوحيان بمعنى قولنا إنا لله وإنا إليه راجعون ، يوحيان بمعنى أن كل شيء لله وكل ما عليها له وكل ما في السماوات والأرض له وحده ، ملكه وحده ، وإليه الرجعى ، وإليه المآب ، وإليه النشور بعد هذه الدنيا التي نحياها والتي امتدادها وطولها وعرضها بين أمرين اثنين أننا فيها وكل ما فيها لله ثم إليه نرجع ونعود فمبتدأ الأمر منه ومنتهاه إليه سبحانه الأول والآخر ، وأن التوجه الحقيقي هو لله ، وجهة واحدة ، إله واحد ، يخرج البشرية من التيه إلى الرشاد ومن التشتت إلى الوحدة ، ومن الفوضى إلى النظام ومن سلطان الأهواء في القوانين الوضعية إلى سلطان خالق الأنفس العالم بها وبخباياها ، ومن الظلم إلى العدل ....ثم لا يذهب كل هذا هباء ، وإنما الدنيا دار ابتلاء وامتحان وللإنسان بعدها يوم فيه يجزى فالمؤمن المستقيم وإن بدا في الدنيا مهيض الجناح مظلوما ، مكسورا مخذولا غريبا ، فهو عائد إلى رب عادل مجازيه عن كل صبر وعن كل رقابة منه لعين الله وابتغاء لرضاه خير الجزاء ....

والملائكة والكتاب والنبيين ... الإيمان بالله تعالى يلزم الإيمان بملائكته ، جزء من الغيبيات والتي يعد الإيمان بها من أول ميزات المؤمن
يقول تعالى :
"ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب "

ملائكته سبحانه جنوده ، رسله إلى رسله من البشر ، وعبيد من عبيده  يطيعونه ما أمرهم ، ولا يعصون له أمرا ، يسبحون لا يفترون ، ويستغفرون للعباد من البشر ....مخلوقات الله سبحانه الذين خلقهم من نور ، وأخبرهم بأنه خالق بشرا من طين ، وأسجدهم لآدم عليه السلام ....
والكثير من العلماء يذهبون إلى أفضلية الإنسان على كل خلق الله تعالى إلا الملائكة ، والبعض منهم يذهب مذهب تفضيله على الملائكة أيضا بحكم أن الملائكة مأمورون غير مخيرين ليست لهم أنفس توسوس وأهواء تتقلب ولا شيطان يترصد لهم والله أعلم .

والإيمان بالغيب ....هذا الغيب الذي يمتاز المؤمن بالتصديق به عن غيره  ، غيره من غير المؤمنين ، والذين يتساوون في ذلك مع الحيوانات التي لا تدرك إلا بحواسها ، أما المؤمن فيسمو بروحه سموا يعطيه كنه الروح ومعنى الروح التي هي نفخة من مولاها لا ترتاح إلا بجواره وبأنسه وقربه وبالتوجه له ولما يكون منه وما يأمر به وتصديق ما يخبر به سبحانه ، وإن لم يبدُ للعيان ، وإن لم تبصره العين ، يدرك الأبصار سبحانه ولا تدركه الأبصار ....وليس ذريعة لمن يتخذ الإلحاد سمة قوله أن ما لم تره عينه لا يصدقه قلبه ، ذلك أن الشيء إذا غاب عن العين ليس مدعاة لعدم وجوده ، فكيف ببلد لا تدركه عيني ولا أصله ولاأزوره ، هل هذا مدعاة للقول بأنه غير موجود ؟؟

ماذا عن عمى الألوان الذي يصيب بعض الناس ، هل هذا مدعاة لأن يقولوا بعدم وجود الألوان الأخرى ؟؟ ماذا عن شيء مصنوع هو دليل صانعه أمامي هل يدعوني لأن أنكر صانعه ؟؟ فهل أعرف إيديسون معرفة العين وأنا أؤمن بأن المصباح مصنوع منه متقن الصنعة ؟؟

والكتاب والنبيين   والكتاب

والكتاب اسم جنس يشمل الكتب المنزلة من السماء على الأنبياء، حتى ختمت بأشرفها وهو القرآن المهيمن على ما قبله من الكتب، الذي انتهى إليه كل خير، واشتمل على كل سعادة في الدنيا والآخرة، ونسخ به كل ما سواه من الكتب قبله وآمن بأنبياء اللّه كلهم من أولهم إلى خاتمهم محمد صلوات اللّه وسلامه عليه وعليهم أجمعين (4)

ثم ننتقل إلى جزء آخر وإلى صفة أخرى من صفات البرّ .....بعدما تطرقنا إلى الإيمان بالله واليوم الآخر وملائكته والنبييين وكتبه السماوية التي أنزل عليهم ....

ننتقل من علاقة الإنسان بربه ، بملكوت الله ، وبغيبه ، وضرورة الإيمان بهذا الغيب الذي يوجب الصلة بين العبد وبينه وإن كان غائبا عن الأعين والأبصار في علاقة روحانية ذات وشائج قوية وروابط وثيقة العُرى ،  إلى علاقة الإنسان بأخيه الإنسان ، وعمله مع أخيه الإنسان ...

وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب

إيتاء المال على حبه ، هذا هو المحور ، إيتاؤه على حبه يعتق الإنسان من ربقة سلطان المال وفتنته والركون إليه وإلى التفكير فيه وفي تكاثره ....

انعتاق الروح من حب المال الذي يقبض الأيدي عن الإنفاق ، ويقبض النفوس عن الأريحية ، ويقبض الأرواح عن الانطلاق فيه قيمة روحية يشير إليها ذلك النص على حب المال ، وقيمة شعورية أن يبسط الإنسان يده وروحه فيما يحب من المال ، لا في الرخيص منه ولا الخبيث ، فيتحرر من عبودية المال ، هذه العبودية التي تستذل النفوس وتنكس الرؤوس ، ويتحرر من الحرص ، والحرص يذل أعناق الرجال ، وهي قيمة إنسانية كبرى في حساب الإسلام الذي يحاول دائما تحرير الإنسان من وساوس نفسه وحرصها وضعفها قبل أن يحاول تحريره من الخارج في محيط الجماعة وارتباطها يقينا منه بأن عبيد أنفسهم هم عبيد الناس ، وأن أحرار النفوس من الشهوات هم أحرار الرؤوس في المجتمعات ، ثم إنها بعد ذلك كله قيمة إنسانية في محيط الجماعة
(5)





***********************************************************
1- أسباب النزول للواحدي
2-محيط المحيط
3-محيط المحيط
4-تفسير القرآن العظيم لابن كثير
5-في ظلال القرآن لسيد قطب
« آخر تحرير: 2008-10-22, 11:04:04 بواسطة حازرلي أسماء »

حازرلي أسماء

  • زائر
إيتاء المال لذوي القربى واليتامى والمساكين  وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب

قال صلى الله عليه وسلم
(الصدقة على المساكين صدقة وعلى ذوي الرحم ثنتان: صدقة وصلة، فهم أولى الناس بك وبِبرَّك وإعطائك) وقد أمر اللّه تعالى بالإحسان إليهم في أكثر من موضع في القرآن الكريم
وربما أفاد الترتيب الذي نرى الانتقال في الدرجات حسب الأولوية والقيمة ، فالأقربون أولى بالمعروف ، لتقوية صلة الرحم ووشائج القربى ، ثم اليتامى الذين فقدوا عائلهم ووليهم المنفق عليهم ، فهم في حاجة مسيسة للعون ولتحسيسهم بأنهم وإن فقدوا أبا أو أما إلا أن المؤمنين وهم الإخوة المتعاضدون سند لهم وليس ذهاب الوالد عنهم ذهاب للخير وليد العون والبرّ ....ثم المساكين الذين لا قوة لهم ولا استطاعة ، ثم ابن السبيل الذي تقطعت به السبل ، فلا ظهير له ، يجد إخوانه يمدونه من قريب فهو ليس وحده والمؤمن للمؤمن كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ، ثم السائلون ، السائلون الذين لهم حاجة وليس الذين اكتفوا وهم يدعون الحاجة ويمدون أيديهم بالسؤال ، وفي الرقاب وهم الأسرى والأرقاء ويكون بتخليصهم بالفداء ....

إذن فعلى حبّ الإنسان للمال هو ينفق ليتخلص من سطوة المال عليه ، ولينفلت من عقاله ، ويتحلل من قيده .....
يقول تعالى : لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون .........مما تحبون ، ويقول : "ويطعمون الطعام على حبه مسكينا وتيما وأسيرا إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا "

مازلنا في رحلتنا مع البرّ ، نتعرف إليه ونميط بهذه الآيات المتسقات اللثام عنه ، ونعرف أوجه الخير المدييييد فيه

أليس البدء بالأساس المتين الصحيح وهو الإيمان بالله واليوم الآخر وملائكته وكتبه والنبيين برا يكون المنطلق للخير الذي سيأتيه العبد في دنياه على أساس من التوجه الخالص لله تعالى وابتغاء وجهه في ما يأتي  ؟؟ أليس الإنفاق من المال على حبه برّا .........؟؟؟

ونأتي إلى :

وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون [/
color]

ولي عودة لأكمل بإذن الله تعالى فالوقت يدركني  emo (30):
 

حازرلي أسماء

  • زائر
وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون
إننا أيها الإخوة الكرام ، نرقب في متابعتنا لهذه الكلمات الربانية العليّة بنيانا يتعالى ، تتبعنا الأساس وهو يوضع ، إيمان بالله واليوم الآخر والملائكة والنبيين والكتب السماوية ، إيمانا راسخا لا يشوبه شك ولا مرية ، إيمان يجعل الإنسان متصلا بربه اتصال من يوقن أن عين الله لا تغيب عنه ولا عن أي دقيقة من دقائق الكون كله ، إيمان من يستأنس بالله وبوجود الله ، فلا يجزع لمصيبة تصيبه ، أو لخطب أو كرب يلمّ به ، إيمان من يعلم أنه من الله وإلى الله راجع ...

وبعد هذا الأساس تأتي اللبنات لترصف واحدة فوق أخرى ، تعلي بنيان البرّ ،.... فإنفاق على حبّ إنفاق ابتغاء الخلاص ، الخلاص من أسر المال وعبودية المال ، ليبقى التوجه لله وحده والعبادة لله وحده ، ولا يصبح الإنسان عبدا لنفسه وهواها ، إنه إنفاق من أجل الإبقاء على حلاوة العبودية لله .....

ونصل إلى إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ....ركنان أساسيان من أركان الإسلام ، فلا تغني النافلة عن الفرض ، وإيتاء المال على حبه من باب الصدقة لا يغني عن فرض الزكاة ،
إقامة الصلاة ، وهي العماد عماد الدين كله ، إقامتها حتى يخرج المؤمن منها كمن دخل يغتسل ، دخل ليفضي بما عنده لرب العزة مولاه ، يخرج منها ليس كمن قام بحركات رياضية لا تعدو أن تكون حركات ، والفكر سارح ذاهب عنها ذاهل ، والروح قابعة بدرك لم تصعد وإن درجة ... الصلاة  تحقيق للانسجام والاتساق بين معاني العقل والروح والجسم ، كل جزء من الثلاثة يكمل الآخر ، فعقل يقرأ ويتدبر ويفكر فيما يقول ، وجسم يتحرك ويفي بواجب الحركات ، وروح تتسامى وترحل في ساعة رحيلها من الدنيا إلى لقاء تتمناه وتنتظره وتسعد بحلوله مع الله .....

والموفون بعهدهم إذا عاهدوا

وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا
الوفاء بالعهود ، وأهمها على الإطلاق العهد مع الله تعالى ، عهد هذه الأمة المحمدية مع الله ، عهدها لحمل الرسالة ، العهد الذي لا يناله الظالمون
وعكس هذه الصفة النفاق
يقول صلى الله عليه وسلم
(آية المنافق ثلاث إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان) ""رواه الشيخان"" وفي الحديث الآخر: (وإذا حدّث كذب وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر)
بنو إسرائيل كانوا ناقضين للمواثيق ، مخلفين لعهدهم مع الله فباؤوا بغضب من الله .....أما أمة محمد صلى الله عليه وسلم فهي أمة الحق والتصديق والولاء لله ولرسوله ....

قال الله تعالى :  وأَوفوا بالعهد إِن العهدَ كان مسئولاً  ؛ قال الزجاج : قال بعضهم : ما أَدري ما العهد , وقال غيره : العَهْدُ كل ما عُوهِدَ اللَّهُ عليه , وكلُّ ما بين العبادِ من المواثِيقِ , فهو عَهْدٌ . وأَمْرُ اليتيم من العهدِ , وكذلك كلُّ ما أَمَرَ الله به في هذه الآيات ونَهى عنه . وفي حديث الدُّعاءِ :  وأَنا على عَهْدِكَ ووَعْدِكَ ما استَطَعْتُ  أَي أَنا مُقِيمٌ على ما عاهَدْتُك عليه من الإِيمان بك والإِقرار بوَحْدانيَّتِك لا أَزول عنه , واستثنى بقوله ما استَطَعْتُ مَوْضِع القَدَرِ السابقِ في أَمره أَي إِن كان قد جرى القضاءُ أَنْ أَنْقُضَ العهدَ يوماً ما فإِني أُخْلِدُ عند ذلك إِلى التَّنَصُّلِ والاعتذار , لعدم الاستطاعة في دفع ما قضيته علي ؛ وقيل : معناه إِني مُتَمَسِّكٌ بما عَهِدْتَه إِليّ من أَمرك ونهيك ومُبْلي العُذْرِ في الوفاءِ به قَدْرَ الوُسْع والطاقة , وإِن كنت لا أَقدر أَن أَبلغ كُنْهَ الواجب فيه . و العَهْدُ الوصية , كقول سعد حين خاصم عبد بن زمعة في ابن أَمَتِهِ فقال : ابن أَخي عَهِدَ إِليّ فيه أَي أَوصى ؛ ومنه الحديث :  تمَسَّكوا بعهد ابن أُمِّ عَبْدٍ  أَي ما يوصيكم به ويأْمرُكم , ويدل عليه حديثه الآخر :  رضِيتُ لأُمَّتي ما رضيَ لها ابنُ أُمِّ عَبْدٍ  لمعرفته بشفقته عليهم ونصيحته لهم , وابنُ أُم عَبْدٍ : هو عبد الله بن مسعود . ويقال : عهِد إِلي في كذا أَي أَوصاني ؛ ومنه حديث عليّ , كرم الله وجهه : عَهِدَ إِليّ النبيُّ الأُمّيُّ أَي أَوْصَى ؛ ومنه قوله   أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ  ؛ يعني الوصيةَ والأَمر . و العَهْدُ التقدُّم إِلى المرءِ في الشيءِ . والعهد : الذي يُكتب للولاة وهو مشتق منه , والجمع عُهودٌ وقد عَهِدَ إِليه عَهْداً و العَهْدُ المَوْثِقُ واليمين يحلف بها الرجل , والجمع كالجمع . تقول : عليّ عهْدُ الله وميثاقُه , وأَخذتُ عليه عهدَ الله وميثاقَه ؛ وتقول : عَلَيَّ عهدُ اللهِ لأَفعلن كذا ؛ ومنه قول الله تعالى :  وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ  ؛ وقيل : وليُّ العهد لأَنه وليَ الميثاقَ الذي يؤْخذ على من بايع الخليفة . والعهد أَيضاً : الوفاء . وفي التنزيل :  وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ  ؛ أَي من وفاء ؛ قال أَبو الهيثم : العهْدُ جمع العُهْدَةِ وهو الميثاق واليمين التي تستوثقُ بها ممن يعاهدُك , وإِنما سمي اليهود والنصارى أَهلَ العهدِ : للذمة التي أُعْطُوها والعُهْدَةِ المُشْتَرَطَةِ عليهم ولهم (1)

العَهْدُ: الوَصِيَّةُ والأَمر، قال اللهُ عز وجلّ: "أَلَمْ أَعْهَدْ إليكُمْ يا بَنِي آدَمَ"، وكذا قوله تعالى "وعَهِدْنَا إلى إِبراهيمَ وإِسماعيلَ"، وقال البيضاويُّ، أَي أَمرناهما، لكونِ التوصيةِ بطريقِ الأمر. وقال شيخُنا: وجعل بعضُهُم العَهْدَ بمعنَى المَوْثِقِ، إلا إذا عُدِّيَ بإِلى، فهو حينئذٍ بمعنى الوصية. قلت: وفي حديث عليٍّ، كرمَ الله وجهه. "عَهِدَ إِليَّ النبيُّ الاُمّيُّ صلى الله عليه وسلم"، أَي أَوصَى. والعَهْدُ: التَّقَدُّمُ إلى المَرْءِ في الشيء. والعَهْدُ المَوْثِقُ، واليَمِينُ يَحْلُِ بها الرجُلُ، والجمع: عُهُودٌ، تقول: عليَّ عَهْدُ اللهِ ومِيثاقُه لأَفْعلَنَّ كذا، وقِيلَ: ولِيُّ العَهْدِ، لأَنَّهُ وَلِي المِيثَاقَ الذي يُؤْخَذُ على من بايعَ الخَلِيفَة، وقد عاهَدَهُ. ومنه قولُ الله تعالى: "وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذا عَاهَدْتُم" وقال بعض المفسرين: العَهْد كُلُّ ما عُوهِد اللهُ عليهِ، وكل ما بينَ العِبَادِ من المَوَاثِيقِ فهو عَهْدٌ(2)

والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون

نأتي مع ختام هذه الآية الكريمة ، ونوشك أن نتم مراقبة هذا البنيان المتين..... البرّ ......
والصابرين ...............ما بالها لم تأت كما يتصور أن تكون عليه ، وهي معطوفة بناء وحركة على ما قبلها من الأسماء ، والموفون بعهدهم ، أليس حريا أن تأتي "الصابرون" ؟؟؟

ولهذا السؤال جواب يقول أنها قد نصبت على الاختصاص أي وأخص بالذكر الصابرين ، وهذا الأسلوب معروف بين البلغاء ، فإذا ذكرت صفات للمدح أو الذم وخولف الإعراب في بعضها فذلك تفنّن ويسمى قطعا ، لأن تغيير المألوف يدل على مزيد اهتمام بشأنه وتشويق لسماعه .

إذن فهذه الصفة مخصوصة في المعنى ، ومؤكّد عليها ، الصبر وذكرت له ثلاث حالات تكاد تكون هي كل الحالات
فصبر على البأساء وهي الفقر ، والبأس هو الشدة والحرب ، والضراء السقم والجوع

وفي حديث علي , رضوان اللَّه عليه : كنا إِذا اشتدَّ البأْسُ اتَّقَيْنا برسول اللَّه  يريد الخوف ولا يكون إِلا مع الشدَّة .

 البأْسُ و البَئِسُ على مثال فَعِلٍ , العذاب الشديد . ابن سيده : البأْس الحرب ثم كثر حتى قيل لا بَأْسَ عليك , ولا بَأْسَ أَي لا خوف ; قال قَيْسُ بنُ الخطِيمِ : يقولُ ليَ الحَدَّادُ , وهو يَقُودُني *** إِلى السِّجْنِ لا تَجْزَعْ فما بكَ من باسِ
(3)
 

وقد مرّ في آية سابقة من سورة البقرة ، وفي ثاني نداء للمؤمنين قوله تعالى : "يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين"

أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون

الصدق والتقوى صفتان خاتمتان لأهل البرّ ، الذين آمنوا بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتوا المال على حبه أهله ، وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وصبروا ، صادقون ، متقون

يقول صلى الله عليه وسلم :"عليكم بالصدق فإنه يهدي إلى البرّ "   أجل الصدق يهدي إلى البرّ ، إذا تتبعنا الأوصاف السابقة والتعريفات الربانية السابقة للبرّ واحدا واحدا لرأينا الصدق رأس حالها ...
الإيمان بالله واليوم الآخر ، بصدق ، إيمانا خالصا صادقا ليس معه شك أو ريب ، الإيمان بالملائكة والكتب والنبيين والتصديق بهم ، الإيمان بهم هو التصديق بهم جميعا ، وألا نكذبهم كعهد بني إسرائيل التكذيب ،إيتاء المال على حبه ، بصدق صادقين مع أنفسنا ونحن نؤتيه ، صادقين مع أنفسنا أنما نحن نجاهدها ولا نريد لها أن تركن إلى عبادة المال ، نصدق معها ونحن نواجهها بضعفها إزاء المال وإزاء فتنته ، ونريد وقد صدقناها أن نجاهدها ونغير من سوء حالها وأن نخلصها من براثن الأهواء والشهوات ، والصدق في التوجه لله تعالى بصلاة خاشعة هي الصلة الصادقة بين العبد وربه ، والصدق في إخراج المفروض من حق المال إلى مستحقيه ،
والوفاء بالعهد صدق وثبات ووفاء رأسه الصدق ، والصبر صدق في كل حال صدق مع النفس ، ومداواة لجراح الجزع فيها بطبّ الصبر  ....

والصدق يهدي إلى البرّ ......أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون
المتقون ....، وهل التقوى إلا إتيان ما يرضي الله وتجنب ما يغضبه ، والبرّ سعة الخير وسعة الخير بكل وجه إرضاء لله تعالى ، وحب الخير والسعي له سعي لإرضاء الله تعالى ،  ولنتأمل صيغة الصفتين وتركيبتيهما :

أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون ، جاء الخبر في الجملة فعلا ماضيا "صدقوا"لإفادة التحقيق وأن ذلك وقع منهم واستقر ، ، وأتى بخبر الثانية في جملة إسمية "وأولئك هم المتقون "ليدل على الثبوت وأنه ليس متجدا بل صار كالسجية لهم ومراعاة للفاصلة أيضا .


*******************************************************************
1- محيط المحيط
2- تاج العروس
3-محيط المحيط
« آخر تحرير: 2008-10-22, 11:14:57 بواسطة حازرلي أسماء »

حازرلي أسماء

  • زائر
وهكذا نكون قد أنهينا رحلتنا مع البرّ وتعريفه فهو :

إيمان بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين ------------إيمان راسخ تترجمه الطاعة والولاء (1)
إيتاء المال أهله على حب له -----------------------------------تخليص للنفس من ربقة العبودية للمال ومن قيد فتنته لتخلص العبادة لله وحده(2)
إقام الصلاة-------------------------الحرص على متانة هذا العماد الأساسي باتساق حركة العقل مع الجسم مع الروح في صلة بالله ورحلة متكررة إلى رحابه(3)
إيتاء الزكاة ------------------------فرض وركن أساسي لتطهير المال وزيادته وضرورة إحساس المكتفي بالمحتاج في صورة تكافلية محضة (4)
الوفاء بالعهود----------------------العهد مع الله على السمع والطاعة والإذعان لأمره وقضائه والوفاء بالعهود والمواثيق مع الناس(5)
الصبر -------------------------------حتى تتربى النفس على أن الحال ليس لينا متواصلا ولا شدة متواصلة ، وأن الشكر حال المؤمن في فرح أو قرح.(6)


والنتيجة أن البرّ هو :

البرّ = (1)+(2)+(3)+(4)+(5)+(6) =  الصادقون المتقون
« آخر تحرير: 2008-10-21, 11:04:11 بواسطة حازرلي أسماء »

حازرلي أسماء

  • زائر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بعدما عشنا مع آية البرّ والتي كانت بكلماتها القليلة خلاصة كاملة للتصور الإسلامي ولمبادئ المنهج الإسلامي المتكامل  نكمل أيها الإخوة مع الآيتين المتبقيتين من صفحتنا الكريمة المطهرة
قوله تعالى :

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِصَاصُ فِي القَتْلَى الحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ(178) وَلَكُمْ فِي القِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(179)كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقاًّ عَلَى المُتَّقِينَ(180) فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(181)

عن قتادة أن سبب نزول هذه الآية 179 أن أهل الجاهلية كان فيهم بغي وطاعة للشيطان ، وكان الحي منهم إذا كان فيهم مَنَعة فقتل عبدهم عبدَ آخرين قالوا : لن نقتل به إلا حرا ، وإذا قتلت امرأة منهم امرأة من آخرين قالوا : لن نقتل بها إلا رجلا فأنزل الله تعالى قوله : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِصَاصُ فِي القَتْلَى الحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ(178)

وكما يروي ابن كثير في تفسيره  أن حيين من العرب اقتتلوا في الجاهلية قبل الإسلام بقليل، فكان بينهم قتل وجراحات، حتى قتلوا العبيد والنساء، فلم يأخذ بعضهم من بعض حتى أسلموا، فكان أحد الحيين يتطاول على الآخر في العدة والأموال، فحلفوا أن لا يرضوا حتى يقتل بالعبد منا الحر منهم، وبالمرأة منا الرجل منهم، فنزلت فيهم الآية

ونلاحظ أنه مع بداية هذه الآ]ة الكريمة ، تبدأ التنظيمات الاجتماعية للمجتمع المسلم حديث العهد بالإسلام المستوطن المدينة ، جنبا إلى جنب مع التشريعات السماوية ، كما نلاحظ ابتداء هذه التنظيمات بالقصاص ، ذلك أنّ الدم وإهداره في الجاهلية كان سمة من سماتها ، فكانت الحروب تثور بين القبائل لأبسط الأمور ، وتسفك الدماء ولا تحقن إلا إذا أشفى كل طرف غليله برؤية الدماء ، وعلى قدر كثرتها يكون القاتل قد ذاد عن مجد حيّه وشرفه
فتأتي الآية أول ما يأتي ضمن التنظيمات الاجتماعية والمنهج الحياتي الذي يراد لهم كمسلمين هم بناة الدولة الإسلامية الأولى ....

فيأتي النداء للمؤمنين وهو رابع نداء في القرآن الكريم ضمن ما نعد من النداءات الإيمانية في القرآن الكريم ، من هذه السورة العظيمة وذلك بعد النداءات التالية :
"يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا وللكافرين عذاب أليم"
"يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين"
"يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون"

وهذا نداء رابع لهم ، ولنا نحن المؤمنين ورثة الإيمان وورثة الرسالة العظيمة ، وورثة الحق ، أن القصاص في القتلى مفروض علينا ، وترى الكلمات الإلاهية الحكيمة وهي تأتي موائمة للفطرة الإنسانية وللطبيعة البشرية التي تثور على سفك دم قريب أو حبيب ، ولا تطيق أن تصبر على هذا ، وإنما يستجيش فيها ذلك مكامن الكره والحقد ودوافع الانتقام وشفاء ما يملأ الصدور من غل وضغينة .... فيكتب أو يفرض القصاص ، جزاء المثل بالمثل ، فالدم المهدَر ليس بأهون من دم المهدر ، والمقتول ليس بأهون من القاتل ، وإنما هو العدل ، وإنما هي المساواة بين البشر ...
وكما أسلفنا فقد نزل تحديد الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى تحديدا في ذينك الحيين العربيين المقتتلين قبل الإسلام ، الباحثين عن القصاص بعدما أسلموا ، يبين الله لهما عدل الجزاء ، حتى لا يتركوا للتخبط والأهواء تعبث بأصحابها ذات اليمين وذات الشمال وتصور أن أحدا خيرا من أحد .

وقد نسخت هذه الآية الكريمة على قول ابن كثير وعدد من المفسرين بآية سورة المائدة في قوله تعالى : النفس بالنفس

وننظر حَوَالينا فإذا دولنا الإسلامية ، قليل منها من يطبق اليوم قصاص النفس بالنفس ، وكثير منها من أعدم حكم الإعدام ، يعوضه بالسجن المؤبد في أقسى الحالات .....هذا إن كان هناك للقانون حكم ...

أما القتلى ، وسفك الدماء في الأرض ، وقتل الأخ المؤمن لأخيه المؤمن فحدث ولا حرج ...حروب تسمّى الحروب الطائفية ، والحروب العرقية ، وحروب تصفية وحروب حزبية وحروب لا يعرف فيها من قتل من ، وجرائم قتل أشكال وألوان ، وحروب أهلية ، ومسمى الإرهاب ، وما خلف المسمى أمور وأمور ....
شرطي يقتل إرهابيا ، وإرهابي يقتل شرطيا ، وكلهم من بلد واحد ومن دين واحد ومن أصل واحد ..... وبعضهم يقتل بعضا .....
كل هذا من فرط ما رخص دم المسلم وهان ، ومن فرط ما حلّ مقام الحكم الإلاهي المحكم حكم وضعي بشري يقضي اليوم بشيء ويقضي غدا بآخر ، يتخبط لا يعرف للأزمة حلا من بنات فكره ، ولا يعرف لها مبتدءا من منتهى ....ويأبى أن يؤوب أو يعود إلى الحق ويستنبط من الحق ويقول ما قاله الحق وما قرره الله في كتابه لعباده من الأحكام المحكمة التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها .

فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وآداء إليه بإحسان

يأتي هذا الجزء معقبا ، مستثنيا ، فيه من الرحمة وفيه من الود وفيه من الخير الكثير ، وفيه من حقن الدماء والتصاعد في حقن الدماء ، وفيه من العدل وفيه من الخلق ودماثته وحسنه الكثير الكثير ......
فمن عفي له من أخيه شيء ، أي أن أهل المقتول إذا ما عفوا عن القاتل وعن دمه ولم يرضوا بدم لقاء دم ، فالواجب اتباع بالمعروف وآداء إليه بإحسان
الاتباع من أهل المقتول ، اتباع بالمعروف وطلب دية معوضة عن دم القتيل بالمعروف ، دون تعنيف أو إذلال أو إهانة ، أي أنه مخيّر بين أن يطالب بالدم لقاء الدم ، فإن عفا فالعفو يستوجب الكمال في العفو ، وإتمام العفو على الوجه الأكمل ، فيطلب الدية بالمعروف ، ويؤديها القاتل بإحسان ، يؤديها ، بلا تعال ويؤديها وهو مطأطئ الرأس خافض الجناح ، حامدا شاكرا مولاه الذي خفف عنه ، والذي جعل الدية عّوضا لدمه .....تحقيقا لصفاءالقلوب ، وقتل الأحقاد ، ولننظر عبارة "أخيه"   أهل المقتول أخ للقاتل ، تذكرة ، دعوة للعودة ، لعودة التآخي الإنساني ، والتآخي الديني .....وتذكير تذكير بهذه العلاقة الوطيدة ، القوية التي وإن شابها أكبر شائب ، فإن القلوب ترحم ، وتعود وتعفو وتصفح ، إكمالا للإحسان وحقنا للدماء وحفظا للحياة .

ذلك تخفيف من ربكم ورحمة
تخفيف على أهل الإيمان ، وأهل القرآن ، تخفيف لهم ورحمة من الرحيم الرحمن ......

فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم

من عفا وصفح ، وقبض الدية المعوّضة لا يجوز له أن يعود ويطلب دم الجاني ، وإنما ذلك اعتداء يستوجب غضب الله تعالى ، وعذابه الأليم ، فالحق حق والقول قول والفصل فصل ، لا مماراة ، ولا إبهام ولا غموض... كل الأمور واضحة ، والتخيير موجود فإما هذا وإما ذاك أما الإثنان معا فلا يكونان ولا يعقلان ولا يجتمعان ، وإنما اجتماعهما سوية دليل تمرد النفس وخروجها عما يشبعها إلى ما فوق ما يشبعها ، إنما هو الطمع والجشع والحيوانية والبهيمية تثور ثورة البركان الذي لا تحده الحدود إذا انطلق ولم يجد ما يحبسه ويرسم له الحدود ...

تكون الدعوة إلى العفو بعد تقرير القصاص دعوة إلى التسامي في حدود التطوع ، لا فرضا يكبت فطرة الإنسان ويحمّلها ما لا تطيق .(1)

وتجدر الإشارة إلى أن القصاص كان في بني إسرائيل ، ولم تكن فيهم الدية ، وكان في النصارى الدية ، ولم يكن فيهم القصاص ، فأكرم الله هذه الأمة ، فخيرها بين القصاص والدية والعفو وهذا من يسر الشريعة الغراء التي جاء بها سيد الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم 


***************************************************************
1- في ظلال القرآن لسيد قطب
« آخر تحرير: 2008-10-22, 11:24:52 بواسطة حازرلي أسماء »

حازرلي أسماء

  • زائر
ثم تأتي الآية الموالية مقرة للحكمة من القصاص ، تستجيش في النفوس وازع التقوى ، التقوى التي بها وبها وحدها يأتمر العبد ويطيع ويحاسب نفسه ويربيها وإن لم يكن من عين رقيب ترقبه ولا عين ملاحظ تلحظه ، وإنما هي عين الله التي يخشاها ، ويسترضيها بما يرضيه وتمني سمو نفسه درجات الرضى درجة إثر درجة ....

وَلَكُمْ فِي القِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(179)

الحكمة العظمى هي الحياة ، هي الحفاظ على الحياة ، هي التحذر والتوقي ابتداء من قبل أن تكون الكارثة ، هي الزجر وإنفاذ الحكم ردعا لكل من تسول له نفسه ويرديه الشيطان بين شراكه فيأخذه إلى طريق القتل وسفك الدماء عمدا وترصدا وتتبعا لخطوات الغضب والحقد والحنق البالغ ذروته .....

وهناك فائدة تخص هذه الآية أعجبتني جدا وسأنقلها لكم :
اتفق علماء البيان على أن هذه الآية "ولكم في القصاص حياة" بالغة أعلى درجات البلاغة ، ونقل عن العرب في هذا المعنى قولهم : (القتل أنفى للقتل) ، ولكن لورود الحكمة في القرآن فضل من ناحية حسن البيان ، وإذا شئت أن تزداد خبرة بفضل بلاغة القرآن وسموّ مرتبته على مرتبة ما نطق به بلغاء البشر فانظر إلى العبارتين فإنك تجد من نفحات الإعجاز ما ينبهك لأن تشهد الفرق بين كلام الخالق وكلام المخلوق .أما الحكمة القرآنية فقد جعلت سبب الحياة : القصاص وهو القتل عقوبة على وجه التماثل ، والمثل العربي جعل سبب الحياة القتل ، ومن القتل ما يكون ظلما فيكون سببا للفناء ، وتصحيح العبارة أن يقال : القتل قصاصا أنفى للقتل ظلما ، والآية جاءت خالية من التكرار اللفظي ، والمثل كرر فيه لفظ القتل فمسه بهذا التكرار من الثقل ما سلمت منه الآية ، ومن الفروق الدقيقة بينهما : أن الآية جعلت القصاص سببا للحياة والمثل جعل القتل سببا لنفي القتل وهو لا يستلزم الحياة...إلخ ، وقد عدّ العلماء عشرين وجها من وجوه التفريق بين الآية القرآنية واللفظة العربية ، وقد ذكرها السيوطي في الإتقان فارجع إليه تجد فيه شفاء العليل .    (1)

حتى إذا جمحت الصورة البهيمية في حين من الأحيان ، وسقط الإنسان سقطة ، وكان ذلك حيث لا تراقبه عين ولا تتناوله يد القانون ، تحول هذا الإيمان نفسا لوامة عنيفة ، ووخزا لاذعا للضمير ، وخيالا مروّعا ، لا يرتاح معه صاحبه حتى يعترف بذنبه أمام القانون ، ويعرض نفسه للعقوبة الشديدة ، ويتحملها مطمئنا مرتاحا تفاديا من سخط الله وعقوبة الآخرة (2)

ولنلاحظ تتابع عبارة التقوى بعد آية البرّ بوصف المتقين ، ثم بعد هذه الآية بـ "لعلكم تتقون"    فالتقوى هي مفتاح كل خير وهي الوازع الذي ينصّب النفس لذاتها حاكما ورادعا وإن لم يكن هناك قانون ومعاقبون ، فالله هو الرقيب وهو الحي العليم السميع البصير الخبير الذي يُخشى ويرجى فيسترضى .

ثم ننتقل الآن  إلى الآيتين الأخيرتين من هذه الصفحة المباركة ونردفهما بالآية الأولى من الصفحة الموالية نظرا للعلاقة الوثيقة بينها  وهي قوله تعالى :

كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقاًّ عَلَى المُتَّقِينَ(180) فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(181)فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(182)

ونواصل مع تشريع الله سبحانه وتنظيمه الاجتماعي للمجتمع المسلم ، وتوجيهه له بأحكام فاصلة لا تدع مجالا لتخبطات الأهواء ووضع البشر ، فنعيش مع أحكام الوصية إذا حضر الموت ....
والفعل بـ "كتب" أيضا أي فرض إذا حضر أحد المؤمنين الموت بشرط وأداة الشرط تأتي هنا ، إن ترك خيرا ، ويختلف العلماء في تحديد قيمة الخير المتروك هنا ، والأرجح أنها مسألة اعتبارية بحسب العرف ، والمقدار الذي يعتبر ثروة ، لا شك يختلف من زمان إلى زمان ومن بيئة إلى بيئة ...

والوصية للوالدين والأقريبين ، وقد نزلت آيات المواريث من سورة النساء بعد نزول هذه الآية الكريمة ، وقد حدد نصيب الوالدين في كل حالة في تلك الآيات الكريمة ، وبالتالي فإن هذه الآية لم تعد تخصهما بعد تحديد آيات المواريث ، لأنه لا وصية لوارث ، كما يقول صلى الله عليه وسلم : "إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه ، فلا وصية لوارث"  رواه أصحاب السنن .

أما الأقربون فلم يحددوا ضمن آيات المواريث وعلى هذا تبقى هذه الآية شاملة لهم ....
وآيات المواريث قد فصلت حق كل وارث ، ولم تشمل الأقربين  ، ويأتي ذكرهم هنا لاتساع دائرة التكافل والتراحم لمن يستحقون العون والمساعدة ، زيادة في البرّ والخير ، لذلك جاء ذكر المعروف
والمعروف لغة .-: الصنِيعةُ يُسْدِيها المرء إلى غيرِه؛ غمرني صديقي بمعروفه. (3)

حقا على المتقين   ويتكرر ذكر صفة المتقين ها هنا أيضا لنعلم أن التقوى باب كل خير ، وباب اتقاء كل شبهة وكل شر وكل خزي ....
فلا تكون وصيته للأقربين عن ظلم للورثة الأصليين وهضم لحقهم ، أو عن نكاية في أحد بعينه .وحتى لا يكون حَيف ولا ظلم فقد حصرت السنة الوصية في الثلث والربع أفضل كي لا يضار الوارث بغير الوارث .

ويقول سبحانه بعدها :
فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(181)

فمن سمع الموصي وهو يوصي ثم بدل الوصية بغير ما سمع فإنما الإثم عليه وليس على الموصي ، والله قد سمع مع السامع وإن كان وحده الذي يسمع فالله لا يخفى عليه أمر ، وجاء ذكر سماعه سبحانه تذكيرا للمؤمنين واستجاشة لوازع التقوى في أنفسهم واستحضارا لله سبحانه في كل خائنة وخافية وفي كل بادية ....

ثم تأتي الآية الأخيرة معنا هنا

فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(183)

فمن خاف من الذين يسمعون الموصي جنفا أو إثما ، والجنف لغة هو

ومنه قَوْلُه تعالَى: (فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً، قال الزَّجَّاجُ: أَي مَيْلاً، زَادَ الرَّاغِبُ: ظَاهِراً، وقد جَنِفَ في وَصِيَّتِهِ، كفَرِحَ، وكذا أجْنَفَ، وقال: الْجَنَفُ: المَيْلُ في الكلامِ، وفي الأُمُورِ كُلِّهَا، تقول: جَنِفَ فُلانٌ علينا، وأجْنَفَ في حُكْمِه، وهو شَبِيهٌ بِالْحَيْفِ، إِلا أَنَّ الحَيْفَ من الحَاكِمِ خَاصَّةً، والجَنَفُ عَامٌّ، قال الأًزْهَرِيُّ: أَمَّا قَوْلُهُ: (الْحَيْفُ مِن الحاكمِ خَاصَّةً)، فَخَطَأٌ، الحَيْفُ يكونُ مِن كُلِّ مِن حَافَ، أَيْ: جَارَ، ومنه قولُ بعضِ التَّابِعين: (يُرَدُّ مِنْ حَيْفِ النَّاحِل ما يُرَدُّ مِن جَنَفِ المُوصِي) والنَّاحِل إِذا نَحَلَ بَعْضَ وَلَدِهِ دُونَ بَعْضٍ فَقَدْ حَافَ، وليس بحَاكِمٍ، وفي حديثِ عُرْوَةَ: (يُرَدُّ مِنْ صَدَقَةِ الْجَانِفِ في مَرَضِهِ مَا يُرَدُّ مِنْ وَصِيَّةِ المُجْنِفِ عِنْدَ مَوْتِهِ)، يُقَالُ: جَنِفَ وأَجْنَفَ: إِذا مالَ وجَارَ، فجَمَع بيْنَ اللُّغَتَيْنِ، فهو أَجْنَفُ، أَي: مَائِلٌ في أَحَدِ شِقَّيْهِ مُتَزَاوِر، كما في الأَساس، قال جَرِيرٌ يَهَجُوا الفَرَزْدَقَ:

 تَعَضُّ الْمُلُوكَ الدَّارِعِين سُيُوفُنا*** ودَفُّكَ مِنْ نَفَّاخَةِ الْكِيرِ أَجْنَفُ
 
أو أَجْنَفَ مُخْتَصٌّ بالْوَصِيَّةِ، وَجَنِفَ في مُطْلَقِ الْمَيْلِ عن الْحَقِّ، قال لَبِيدٌ رَضِيَ اللهُ عنه: إِنِّي امْرُؤٌ مَنَعَتْ أَرُومَةُ عَامِـرٍ*** ضَيْمِي وقد جَنِفَتْ عَلَيَّ خُصُومُ
 
(4)

ويقال الجنف الخطأ والميل عن الحق عن غير قصد بينما الإثم هو الميل عنه بقصد ....فمن خاف من السامعين أحد هذين الأمرين ، فأصلح وبدّل في الوصية بحيث يتفادى الحيف والجنف والإثم فلا إثم عليه ، والله غفور رحيم وتشمل مغفرته ورحمته كلا من الموصي والسامع على السواء .....

وعلى هذا نكون قد أتينا على نهاية هذه الصفحة الكريمة الحبيبة إلى القلب والتي فيها من الكنوز ما حاولنا سائلين الله مغفرة ورحمة أن نقدم شيئا من خيرها ولو النزر اليسير ......

نأتي في المداخلة الموالية بإذن الله لنعدد بعضض الدرر التي تنثرها هذه الدرة




**************************************************************************
1-صفوة التفاسير لمحمد علي الصابوني
2-أبو الحسن علي الحيني الندوي من كتابه "ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين"
3-المحيط
4-تاج العروس
 
« آخر تحرير: 2008-10-22, 12:14:57 بواسطة حازرلي أسماء »

حازرلي أسماء

  • زائر
***********************درر  نــــــَـــــــــــثْر درة ****************************************

أسأل الله سبحانه أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه وأن يجعلنا من المتدبرين المنتفعين المهتدين بالقرآن الكريم ، المتقين الذين قال فيهم سبحانه وتعالى :
ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين

وأحاول قدر ما وسعني فهمي البسيط الذي إن أصبت به فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان أن أضع بعض الفوائد التي نخرج بها من كل صفحة مباركة ، وصفحتنا التي عشنا معها ودرّتنا التي تنثر علينا الدرر هي :

لَيْسَ البِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ المَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ البِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى المَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي القُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي البَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ البَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمُ المُتَّقُونَ(177)يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِصَاصُ فِي القَتْلَى الحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ(178) وَلَكُمْ فِي القِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(179)كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقاًّ عَلَى المُتَّقِينَ(180) فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(181)فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(182)

1- البرّ هو :

إيمان بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين ------------إيمان راسخ تترجمه الطاعة والولاء (1)
إيتاء المال أهله على حب له -----------------------------------تخليص للنفس من ربقة العبودية للمال ومن قيد فتنته لتخلص العبادة لله وحده(2)
إقام الصلاة-------------------------الحرص على متانة هذا العماد الأساسي باتساق حركة العقل مع الجسم مع الروح في صلة بالله ورحلة متكررة إلى رحابه(3)
إيتاء الزكاة ------------------------فرض وركن أساسي لتطهير المال وزيادته وضرورة إحساس المكتفي بالمحتاج في صورة تكافلية محضة (4)
الوفاء بالعهود----------------------العهد مع الله على السمع والطاعة والإذعان لأمره وقضائه والوفاء بالعهود والمواثيق مع الناس(5)
الصبر -------------------------------حتى تتربى النفس على أن الحال ليس لينا متواصلا ولا شدة متواصلة ، وأن الشكر حال المؤمن في فرح أو قرح.(6)
والنتيجة  :
البرّ = (1)+(2)+(3)+(4)+(5)+(6) =  الصادقون المتقون

2-الإسلام يخلص النفس من أسرها الداخلي قبل أن يخلصها مما قد يأسرها من خارجا لأن انطلاقها من سجنها وحبسها وسطوها أول الخير الذي تقوى به في محيطها الخارجي ، فيبعدها عن كل ما من شأنه أن ينكسها

3-الإسلام يجعل العبودية لله خالصة بتحرير النفس من عبودية النفس والشهوات.ومنها تحريرها من سطوة المال ومن الفتتان به

4-الصدق يؤدي إلى البرّ ، ومن كان بّرّا كان صادقا متقيا .

5-الإسلام  تجسيد للعدل على الأرض وأحكامه عادلة لا تفرق بين أحد وأحد ، بل تجعل المساواة أساسا في الأحكام كلها .

6-الإسلام يتماشى ويتواءم والنفس البشرية وفطرتها وما يعتمل فيها من أحاسيس ومن تفاعلات ، فتأتي أحكامه مقرة لما تطيقه ولا تكون فوق ما تطيقه

7-الإسلام يحفظ الحياة بأحكامه الحكيمة ، ويمنع من وقوع الكارثة والمصيبة ابتداء إذ يرتدع المقدم عليها خوفا مما سيلاقيه من أن يؤخذ منه بمثل ما أخذ ، فالدم بالدم أي النفس بالنفس .

8-الإسلام يرقى بالأنفس حتى في أصعب الأوقات وأشدها عليها ، ويبث العفو دائما ويذكر بأواصر الأخوة القوية في أصعب الحالات

9-الإسلام رحمة وتخفيف وتخيير ولكن لا تسامح مع من  خرج عن حدود ما قرر من أحكامه الأصلية والمخففة .

10-التقوى هي الوازع القوي القوي القوي الذي يحفظ سلامة المجتمع ، حيثما كان المؤمن وكيفما كان حاله وفي أي ظرف وتحت أي حال ، تقواه هي أساس فعله للخير ، وإتيانه كل خير وارتداعه عن كل شر وكل إثم ، ولذلك تتكرر الصفة في آيات متتاليات ، تذكيرا أنها المفتاح .

11-التواصي بالحق وبالخير واتساع دائرة الخير لكل من حول المؤمن من أقرب قرابته إلى قرابته إلى إخوته في الله وفي الدين ، كنص الوصية لمن تحضره الموت

12-وجوب تحري التقوى في الوصية وعدم الانحراف إلى الظلم والجور والتعدي على الحقوق وإن كان صاحب المال والحر بالتصرف فيه .

13- تكريس الإسلام لفضية الإصلاح في الخير في غير ما موضع ، حتى يكون الحق أحق أن يتبع وحتى يبقى هو الأعلى ولا يعلى عليه


وبهذا نأتي على نهاية هذا اللقاء مع درتنا السابعة والعشرين من مصحفنا الكريم المطهّر ، وهذه الدرر المتناثرات من كتاب الحق على أن نلتقي الأسبوع القادم بإذن الله تعالى مع صفحة موالية ، ودرر أخرى تنفعنا أستودعكم الذي لا تضيع ودائعه ..... emo (30):

سبحانك اللهم وبحمدك نشهد ألا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك emo (30):
 




« آخر تحرير: 2008-10-22, 12:15:52 بواسطة حازرلي أسماء »