المحرر موضوع: تعالوا نـــــَـــعــــــــش مع صفحة .........  (زيارة 32951 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سيفتاب

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 7766
  • الجنس: أنثى
  • إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ
بارك الله لك يا أسماء الحبيبة

في انتظار الدرة القادمة.
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ
وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ

حازرلي أسماء

  • زائر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أهلا وسهلا بك يا سيفتاب الحبيبة ::)smile: وشكرا على المتابعة  emo (30):....
اليوم نلتقي بإذن الله تعالى مع  درتنا الجديدة  emo (30):، صفحتنا المباركة الموالية رقم 28

حازرلي أسماء

  • زائر
صفحتنا المباركة الموالية رقم 28 والتي يقول فيها عز من قائل :

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(183) أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (184)شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ القُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185)وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُم يَرْشُدُونَ(186)

ونكون قد أضفنا المرة السابقة الآية الأولى من هذه الصفحة الكريمة إلى محتوى الصفحة 27 وذلك للعلاقة الوثيقة بينها وبين ما جاء فيها من حكم الوصية ، فنبدأ اليوم بإذن الله  من آية الصيام .


مازلنا أيها الإخوة الأحبة مع هذه الآيات الكريمات التي قلنا أنها تعدّ نصف السورة الثاني والذي ينصبّ على التشريع والتنظيم الاجتماعي للمجتمع المسلم ، بعدما خصّ النصف الأول لذكر قبائح بني إسرائيل موعظة لنا ، وتخويفا وتحذيرا من أن نسلك مسلكهم وننهج منهجهم الذي باؤوا فيه بغضب من الله تعالى ....

رأينا سوية مع الصفحة السابقة تعريف البرّ ، ثم حكم القصاص وحكم الوصية ، ونأتي اليوم إلى تشريع جديد ، من أهم التشريعات الإسلامية وأرفعها مكانة ، ويندرج سبب نزول هذه الآيات في ذات السياق من التنظيم الاجتماعي والتشريع والتهيئة الإيمانية للفئة المؤمنة بالله تعالى المتبعة لرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ....
يأتي نداء الله تعالى للمؤمنين وهو النداء الخامس عدا في هذه السورة الكريمة ، والنداء الخامس في قرآننا الكريم كله ، الذي يستجيش به المولى عز وجل الحسّ الإيماني في قلوبهم والخصوصية والسّمت الذي أصبح يميزهم عن غيرهم من البشر ، وهذه القيمة والقدر الرفيع الذي أصبح لهم مع هذه الصفة العظيمة ، أغلى وأنفس وأجمل نعمة خصّوا بها

تشريع الصيام ....

فيقول تعالى :
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)

الصيام لغة هو الإمساك عن الشيء ، قال أبو عبيدة كل ممسك عن طعام أو كلام أو سير فهو صائم
يقول تعالى في سورة مريم : "إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا "
قال الشاعر : خيل صيامٌ وخيل غير صائمة *** تحت العَجاج وأخرى تعلك اللجما .
وفي الشرع : الإمساك عن الطعام والشراب والجماع في النهار مع النية .
وقد فرض الصيام على المسلمين في السنة الثانية للهجرة قبل فرض الجهاد ، وغزا المسلمون في موقعة بدر في شهر رمضان .
ورمضان لغة الرمض وهو شدة الحر والرمضاء شدة حر الشمس ويقال أنه سمي رمضان لأنه يحرق الذنوب كفعل الشمس الحارة .
ويقال رمض الصائم إذا حرّ جوفه من العطش

ولنتأمل أيها الإخوة  قوله تعالى كما كتب على الذين من قبلكم ...لنعلم أن فرض الصيام لم تختصّ به أمة محمد صلى الله عليه وسلم وحدها وإنما شرع لمن قبلهم من الأمم ...
قال علي رضي الله عنه أولهم آدم يعني ان الصوم عبادة قديمة أصلية ما أخلى الله أمة من افتراضها عليهم لم يفرضها عليكم وحدكم (1)

روي عن الحسن أنه قال : إن الله تعالى فرض صيام رمضان على اليهود والنصارى ، أما اليهود فتركت هذا الشهر وصامت يوما من السنة زعموا أنه يوم غرق فيه فرعون ، أما النصارى فإنهم صاموا رمضان فصادفوا فيه الحر الشديد فحولوه إلى وقت لا يتغير ، فقالوا عند ذلك نزيد فيه ، فزادوا عشرا ، ثم بعد زمان اشتكى (مرض) ملكهم فنذر سبعا ، فزادوه ثم جاء بعد ذلك ملك آخر فقال : ما بال هذه الثلاثة ؟ فأتمه خمسين يوما وهذا معنى قوله تعالى "اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا " التوبة 31(2)

وتجدر الإشارة هنا في "كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم" إلى أن التشبيه في الفرْضية لا في الكيفية ، وهذا التشبيه يسمى مرسلا مجملا

لعلكم تتقون ....نلاحظ تتبع التقوى من لدن ختام الآيات السابقات التي جاء فيها تشريع إلى هذه الآية ...
 التقوى التي هي الوازع والرادع والمحفّز والدافع عند المؤمن،  تقوده إلى رضى الله عز وجل ، التقوى هي هنا ثمرة وهي غاية ، هي التي يرجى للمؤمن قطفها ، والصيام أدعى للتقوى وأكثر تحريضا على عملها في النفس ، فالصائم ، يتقي بصيامه المحرم والمكروه والمنكر من القول والفعل ، ورب العزة سبحانه يعد بجزاء للصائم مخبئ عنده ....وللصائمين باب في الجنة يُدعون ليدخلوا منه ...

يقول صلى الله عليه وسلم :
"من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه "
والإيمان والاحتساب يتأتيان بتدريب النفس على التقوى ، على أن تتسامى،  بأن تأتي ما يرضي الله في القول والفعل وأن تتقي ما يغضبه في القول والفعل ....فهي تتقي ، ستخرج من رمضان ، وقد غفر لها ما تقدم من ذنبها ، ثم هي مؤهلة بذلك أكثر من ذي قبل لأن تبقى في عداد المتقين بعد ذلك التدريب الذي كان لها في الصيام ....

وهكذا تبرز الغاية الكبيرة من الصوم . . إنها التقوى . . فالتقوى هي التي تستيقظ في القلوب وهي تؤدي هذه الفريضة , طاعة لله , وإيثارا لرضاه . والتقوى هي التي تحرس هذه القلوب من إفساد الصوم بالمعصية , ولو تلك التي تهجس في البال , والمخاطبون بهذا القرآن يعلمون مقام التقوى عند الله , ووزنها في ميزانه . فهي غاية تتطلع إليها أرواحهم . وهذا الصوم أداة من أدواتها , وطريق موصل إليها . ومن ثم يرفعها السياق أمام عيونهم هدفا وضيئا يتجهون إليه عن طريق الصيام . . (لعلكم تتقون). .(3)

ثم ننتقل إلى الآية الموالية ليفصل سبحانه في قوله
أياما معدودات .... ليست أياما كثيرة يصعب عدها وإنما معدودات قليلة ، لم يكتب الله تعالى صيام الدهر أو صيام عدد من الشهور ، وإنما فرض صيام شهر بين تسع وعشرين و ثلاثين يوما
معدودات ، موقتات بعدد معلوم أو قلائل كقوله" دراهم معدودة " من الآية 20 يوسف وأصله أن المال القليل يقدر بالعدد ويتحكر فيه والكثير يهال هيلا ويحثى حثيا(4)

فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدّة من أيام أخر  يزيد سبحانه في التفصيل وتبيان التخفيف الذي جعله رحمة منه بعباده المؤمنين وإحاطة منه كاملة بحالهم وبضعفهم ، وبترددهم بين المرض والصحة وبين القوة والضعف وبين الحلّ والترحال ....
فيخفف على المريض والمسافر تخفيفا مطلقا -كما يرى بعض العلماء- غير مقيّد بقيد شدة المرض أو بعد السفر ، ويرى البعض الآخر أنه ما كان  يخاف على الصائم تأخر برئه أو زيادة مرضه، والمسافر مسافة قصر .... وقد رخّص سبحانه للمؤمنين بالفطر في كلتا الحالتين ، كما ربى الرسول صلى الله عليه وسلم بأفعاله وتطبيقه لأوامر ربه صحابته الكرام ، بأن أفطر أمامهم في بعض الأسفار ودعاهم لأن يفطروا ، وبأن من صام ومن أفطر مسافرا كلاهما غير آثم عند الله ....

والوقائع الشاهدة على ذلك كثيرة نذكر منها للفائدة :

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال :
كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ، أكثرنا ظلا الذي يستظل بكسائه ، وأما الذين صاموا فلم يعملوا شيئا ، وأما الذين أفطروا فبعثوا الركاب وامتهنوا وعالجوا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ذهب المفطرون اليوم بالأجر ) .  -رواه البخاري-

عن عبد الله بن عباس قال:
خرج النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان إلى حنين ، والناس مختلفون ، فصائم ومفطر ، فلما استوى على راحلته ، دعا بإناء من لبن أو ماء ، فوضعته على راحته ، أو : على راحلته ، ثم نظر إلى الناس ، فقال المفطرون للصوام : أفطروا .  -رواه البخاري

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
  إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة  رواه ابن تيمية في مجموعة الرسائل والوسائل إسناده جيد

إذن فالتشريع السماوي الحكيم المحفوظ لم يترك للإنسان حجة على الله تعالى ، بل لقد يسر سبحانه وراعى كل حالات البشرية التي تكتنف الأنفس
"يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا "  النساء 28

فعدّة من أيام أخر بكسر العين وعدة لغة هي :

مقدار ما يُعَدُّ، عدد وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ، قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ.- من الأشياءِ: عددٌ منهم أو مجموعة فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ، وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ.-: للمطلَّقة أو المتوفى عنها زوجها، مدة حَدَّدها الشرعُ تقضيها المرأة من غير زواج بعد طلاقها أو وفاة زوجها ج عِدَدٌ. (5)

وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين

يطيقونه أي يصومونه بعسر ومشقة ، قال الراغب الطاقة اسم لمقدار ما يمكن للإنسان أن يفعله مع المشقة وشبّه بالطوق المحيط بالشيء
وأمثال ذلك الشيخ الهرم والحامل والمرضع فهم يستطيعون ولكن مع مشقة زائدة ، فهؤلاء مرخص لهم الإفطار والفدية أي ما يفدون به أنفسهم وهو إطعام مسكين عن كل يوم .
فمن تطوع خيرا فهو خير له

والتطوع هنا هو الزيادة من المطيق المفطر عن قيمة الفدية ، فيتطوع بالزيادة ليطعم أكثر من مسكين ، وفي ذلك الخير له والأجر وحسن الثواب

وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون
يقرر سبحانه وتعالى أن الصيام خير من الإفطار في هذه الحال من المشقة التي أباح فيها الفطر للصائم ، أي أنه إذا تحمل وأتم صيامه فهو خير له في الدنيا والآخرة ، فهو أدعى على تربية الصبر والتحمل في النفس مع المشقة والتعب .

كما أن غير المريض والمسافر إذا كان يطيق الصيام بمشقة وكلفة شديدة له أن يفطر ويطعم على كل يومٍ مسكيناً وأعلمهم أن الصيام في هذه الحال خير. ثم نسخ هذا الحكم الأخير بقوله في الآية الآتية: { فمن شهد منكم الشهر فليصمه } وقوله: { إن كنتم تعلمون } يريد: تعلمون فوائد الصوم الدنيوية والأخروية وهي كثيرة أجلها مغفرة الذنوب وذهاب الأمراض.(6)





***************************************************
1- تفسير "الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل" للزمخشري
2-صفوة التفاسير لمحمد علي الصابوني
3-في ظلال القرآن لسيد قطب
4-الكشاف للزمخشري
5-المحيط
6-أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير لأبي بكر جابر الجزائري
« آخر تحرير: 2008-10-27, 07:57:21 بواسطة حازرلي أسماء »

حازرلي أسماء

  • زائر
ونواصل أيها الإخوة الكرام مع الآية الموالية قوله تعالى :

شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ القُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185)

وهنا تفصيل رباني إلى أن تلك الأيام المعدودات التي فرضها الله سبحانه على عباده المؤمنين هي شهر رمضان ...
وشهر لغة من الاشتهار وهو الظهور ، وكما أسلفنا فقد فرض الصيام على المسلمين في السنة الثانية للهجرة قبل فرض الجهاد ، وغزا المسلمون في موقعة بدر في شهر رمضان .ورمضان لغة الرمض وهو شدة الحر والرمضاء شدة حر الشمس ويقال أنه سمي رمضان لأنه يحرق الذنوب كفعل الشمس الحارة .ويقال رمض الصائم إذا حرّ جوفه من العطش
فإن قلت لمَ سمي شهر رمضان قلت الصوم فيه عبادة قديمة فكأنهم سموه بذلك لارتماضهم فيه من حر الجوع ومقاساة شدته كما سموه ناتقا لأنه كان ينتقهم أي يزعجهم إضجارا بشدته عليهم(1)

وهذا أمر عظيم ، وهذه علاقة وطيدة بين شهر رمضان وبين القرآن ، القرآن الذي أنزل على رسول الله عليه الصلاة والسلام في هذا الشهر ، شهر أنزل فيه الحق إلى الأرض ، أنزل فيه الدستور السماوي العادل الحكيم إلى أهل الأرض ، أنزل فيه المنهج الذي اختاره الله تعالى  لعباده كاملا مكتملا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، شهر رمضان الذي أنزل فيه الفرقان مفرقا بين الحق والباطل .... في ليلة القدر من هذا الشهر العظيم أنزل القرآن الكريم على خير خلق الله أجمعين

شهر رمضان شهر القرآن ....
{ إنا أنزلناه في ليلة مباركة }
وآية
{ إنا أنزلناه في ليلة القدر }
أنزل جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في سماء الدنيا ثم نزل نجماً بعد نجم، وابتدىء نزوله على رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان أيضاً.

هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان
أنزل القرآن الكريم هدى للناس ، حق وهداية للناس أجمعين ، لم ينزل للمؤمنين خاصة وإنما نزّل للناس أجمعين ، ليس للعرب وحدهم دون العجم ولا للبيض دون السود وإنما نزّل لهذا وذاك على السواء يهديهم جميعا ، مهيمنا على الكتب ومكملا وخاتما ، نزل على محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه رب العزة جل وعلا : "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " الآية 107 الأنبياء

أرسل صلى الله عليه وسلم  للناس كافة ونزل عليه القرآن هدى للناس كافة ، وبينات من الهدى والفرقان ، و بينات جمع بينة من الحق والفرقان التفريق بين الحق والباطل لإظهاره ولدمغ الباطل وإزهاقه  ....

ويجوز هنا تساؤل : قد قال سبحانه "هدى للناس" ثم أعيدت "وبينات من الهدى والفرقان" ، يقول المفسرون أنها بينات من جملة ما أنزله الله هدى من كتبه السماوية ، أي آيات واضحة بينة من هذا الهدى والفرقان في جملة المنزل من الكتب السماوية  ....

فمن شهد منكم الشهر فليصمه
والذي يشهد الشهر يقصد به الحاضر عند إعلان رؤية الهلال ، وجب عليه الصوم وقد حضر الإعلان بالرؤية
قال ابن الأثير: الشَّهْرُ: الهِلالُ، سُميَ به لشُهْرَته وظُهوره  (2)

ويأتي الاستثناء مرة أخرى والتخفيف ، والتخصيص لمن كان مريضا أو على سفر ، كما جاء في الآية السابقة ، ومن كان مريضا أو على سفر ،وأيضا بما أن هذه الآية كما قيل هي ناسخة لآية رخصة الإفطار للمقيم المطيق
وكما قال سيد قطب
وهذه هي الآية الموجبة الناسخة لرخصة الإفطار والفدية بالنسبة للصحيح المقيم - فيما عدا الشيخ والشيخة كما أسلفنا:
(فمن شهد منكم الشهر فليصمه). . أي من حضر منكم الشهر غير مسافر . أو من رأى منكم هلال الشهر . والمستيقن من مشاهدة الهلال بأية وسيلة أخرى كالذي يشهده في إيجاب الصوم عليه عدة أيام رمضان . ولما كان هذا نصا عاما فقد عاد ليستثني منه من كان مريضا أو على سفر: (ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر). .


لذلك أعيد التذكير بالتخفيف ها هنا ، فعدة من أيام أخر ، أي فقضاء ما أفطر فيه المسافر أو المريض في أيام أخرى بعد انقضاء رمضان
يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة

وهذه هي سمة هذه الشريعة السمحة كلها ، وهذا سَمْتُها ، وهذه خصوصيتها ، جاءت لتخفف على الناس ولا تشق عليهم ، جاءت لتراعي ضعفهم وقلة حيلتهم وتقلبهم بين القوة والضعف والاستطاعة والعجز ، جاءت لتيسر لا لتعسر .... وكما قال سبحانه ،" والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما (27) يريد الله ليخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا"(28) النساء

وأيضا مع التيسير عليهم ، هناك غاية إكمال العدة ، أي إكمال عدة شهر رمضان ، إكمال أيامه كلها دون أن ينقص منها يوم ، ذلك بقضاء ما أفطر فيه من أيام ، ليكتمل الشهر ولا يكون ناقصا وليحسب الفرض كاملا لصاحبه .

ولتكبروا الله على ما هداكم    والغاية أيضا أن نكبر الله على ما هدانا إليه من الحق
إذن فغاية الحكم بالقضاء بدل الإفطار  وغاية تيسير الله سبحانه على عباده ، أن تكتمل العدة ويكون الحساب كاملا غير منقوص وأن يكبروا الله على ما إليه هداهم من الحق والنور والصراط السوي ، هذا الخير العميم الذي ينعم به المؤمن ، فهو يؤدي شعائرا تعبدية ترقى بروحه من الأرض إلىفيوضات النور... إلى علُ حيث الصلة بالله سبحانه ...مشرئبةً مطامحهم إلى رضى منه ورضوان ، متطلعة إلى رحمة منه ونظر إليهم وكلام يوم القيامة ، نظر رضى وكلام رضى يدخلهم به في عباده الصالحين ، ويدخلهم جنة النعيم ...



****************************************************
1- الكشاف للزمخشري
2-تاج العروس
« آخر تحرير: 2008-10-27, 08:04:19 بواسطة حازرلي أسماء »

حازرلي أسماء

  • زائر
وبكل هذا الله أكبر ، بهذه النعم السابغة علينا الله أكبر ، الله أكبر من كل كبير ، الله المتعال الذي يعطي ويمدّ في العطاء ، ولا ينقص من ملكه ذرة ، ولا يضيره أن يعطي ويمدّ في العطاء ، الله أكبر الذي يرشدنا للبرّ ، وللتقوى ، وللخير ولكسب خيري الدنيا والآخرة ، الله أكبر الرحيم بنا الذي يرحمنا أكثر من أمهاتنا وآبائنا  .... الله أكبر الذي بعث فينا رسولا هاديا مبشرا ، الله أكبر الذي جعل لنا رمضان فرضا نصومه ندرب فيه النفس على كل برّ ، ونرتقي فيه إلى مصاف المتقين ،الله أكبر الذي أنعم علينا بنعمة الإسلام لنسلم والمآل إليه .....
ولنتأمل تكبير المؤمنين يوم العيد بعد شهر رمضان .... ختاما لفضل ذلك الشهر ولتفضّل المولى عباده المؤمنين فيه بالطاعة والتقرب والتقوى في الأقوال والأفعال

ولعلكم تشكرون

لنقف قليلا مع "لعلّ" والتي جاءت في كثير من المواضع في القرآن الكريم ، لنولّ وجوهنا شطر اللغة وشطر معنى لعلّ فيها
لنجد:
لَعَلَّ : حرف من نواسخ الابتداء، يرفع الاسمُ بعدها وينصبُ الخبر وقد تحذف لامُها فتصير عَلَّ؛ عَلَّ الذي طرا يظنُّ لنا مالاً. وقد تلحقها نون الوقاية فيقال في لعلّي لعلني وفي عَلِّي علَّني. ولها ثلاثة معانٍ : الأول: التَرجِّي، وهو ترقُّبُ شيءٍ لا وثوق بحصوله؛ لَعَلَّ المطر هاطل اليوم. أو الإشفاق، وهو ترقب أمرٍ مكروه؛ لعل المريض يقضي. الثاني: التعليل فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَرُ أَوْ يَخْشَى الثالث: الاستفهام لاَ تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا. وقد تتصل بها ما الحرفية فتكفُّها عن العمل فتصير لَعَلَّمَا(1)

وهي هنا تعمل عمل التعليل  أي "كي تكونوا شاكرين" ، "كي تشكروا"

والشكر هو الطاعة وهو ما أعدّ له الصيام المؤمن من الذكر والتقوى والطاعة التي توصله للشكر
ثم نصل إلى آخر آية معنا في هذه الصفحة الكريمة

بعدما عرفنا كيف فرض الصيام ، وصيام شهر رمضان ، والرخصة للعاجزين من المؤمنين ، وأن الله تعالى يريد بعباده يسرا وأن يكملوا عدة الشهر ، وأن يكبروه سبحانه على ما هداهم
نصل إلى جواب من الله تعالى عن سؤال ، إذ ورد أن جماعة من الصحابة سألوا النبي قائلين: أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه فأنزل الله تعالى قوله وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعانفليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون

ويقول سبحانه وتعالى أيضا مصداقا لذلك :

ونحن أقرب إليه من حبل الوريد   ق 16

وفي ذكره تعالى هذه الآية الباعثة على الدعاء متخللة بين أحكام الصيام إرشاد إلى الاجتهاد في الدعاء عند إكمال العدة ، بل وعند كل فطر لحديث : "إن للصائم عند فطره دعوةً ما تردّ" وكان عبد الله بن عمرو يقول إذا أفطر :"اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن تغفر لي "(2)

قول الله تعالى :"فإني قريب" يدل على أنهم سألوا عن جهة البعد أو القرب ولم يصدر الجواب ب : "قل" أو "فقل " كما وقع في أجوبة أسئلتهم الواردة في آيات أخرى ، بل تولى جوابهم بنفسه إشعارا بفرط قربه منهم وحضوره مع كل سائل بحيث لا تتوقف إجابته على وجود واسطة بينه وبين السائلين من ذوي الحاجات .

قال الإمام ابن تيمية : وهو سبحانه فوق العرش رقيب على خلقه مهيمن عليهم ، مطلع إليهم ، ، فدخل في ذلك الإيمان بأنه قريب من خلقه وفي الصحيح : "إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته " وما ذكر في الكتاب والسنة من قربه ومعيته لا ينافي ما ذكر من علوّه وفوقيته ، فإنه سبحانه : "ليس كمثله شيء" الشورى 11



********************************************************
1- المحيط
2-تفسير القرآن العظيم لابن كثير
« آخر تحرير: 2008-10-27, 08:11:53 بواسطة حازرلي أسماء »

غير متصل سيفتاب

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 7766
  • الجنس: أنثى
  • إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ
لكم أستمتع بموضوعك هذا يا أسماء

جعله الله في ميزان حسناتك

أتعلمين، أول مرة أعرف سبب صيام النصارى خمسين يوماً! ويا للعجب من هذا المنطق  :emoti_144:
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ
وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ

حازرلي أسماء

  • زائر
أهلا بمتابعتك يا سيف ::)smile: ...أسأل الله أن يجعل فيه النفع والخير ...وجزاك بالمثل

نعم معك حق ...انظري منطقهم وطرقهم ، وكيف أنهم يحرفون ، فلا يتبعون فرضا كما نزل عليهم من عند الله ، وكما كتب عليهم من عنده ، وإنما يتبعون رهبانهم وأحبارهم وملوكهم ...يتبعون العباد وآراء العباد ويذرون حكم الله تعالى....

سأكمل مع المداخلة الموالية بإذن الله تعالى  emo (30):
 

حازرلي أسماء

  • زائر
ونبقى مع هذه الآية الكريمة :
وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُم يَرْشُدُونَ
نبقى مع هذا الود وهذا الأنس والحب وهذا القرب ، قرب الله من عبده ، إجابته دعوته.... قريب مجيب ، لم يقل أسمع دعوة الداعي ، وإنما قال أجيب
يجيب من يدعوه ....
أخرج أبو داود والترمذي وابن ماجه من حديث ابن ميمون - بإسناده - عن سلمان الفارسي - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" إن الله تعالى ليستحي أن يبسط العبد إليه يديه يسأله فيهما خيرا فيردهما خائبين"

وأخرج الترمذي عن عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي - بإسناده - عن ابن ثوبان:ورواه عبد الله بن الإمام أحمد - بإسناده - عن عبادة بن الصامت:أن النبي [ ص ] قال:" ما على ظهر الأرض من رجل مسلم يدعو الله عز وجل بدعوة إلا آتاه الله إياها , أو كف عنه من السوء مثلها , ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم " .

وفي الصحيحين:أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" يستجاب لأحدكم ما لم يعجل . يقول:دعوت فلم يستجب لي ! " .

غدا بإذن الله تعالى  أكمل  إن بقي بالعمر بقية emo (30):

« آخر تحرير: 2008-10-27, 08:12:57 بواسطة حازرلي أسماء »

حازرلي أسماء

  • زائر
نبقى أيها الإخوة مع هذه الآية الكريمة التي تأبى إلا أن تكون قريبة قريبة ، وكيف لا وفيها القرب والأنس ، القرب من الله والأنس به وهو القريب القريب

وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُم يَرْشُدُونَ  186

فإني قريب ....إني قريب ...... إذا سألك عبادي عني فإني قريب يشعر المؤمن وهو يقرأها أن الله يخاطبه ويكلمه بطريقة مباشرة ، دون أن يكون هناك من وسيط حتى وإن كان أقرب خلقه وأحب خلقه إليه محمد صلى الله عليه وسلم ....
يا سلااام على هذا الدين العظيم ، يا سلام على هذا التوحيد الخالص ، على هذه الألوهية العظيمة التي يتفرد بها سبحانه ولا يشركه فيها أحد
الله الأحد ، الفرد الصمد الذي ليس له شريك في الملك ولا شريك في الحكم ، ولا شريك في التصرف ولا شريك في الإرادة ....
سبحانه وتعالى...... هذه الآية الكريمة العظيمة تذكرنا بأفعال بعض الناس من المؤمنين الذين يتبركون بفلان أو علان من الصالحين ، والذين يزورون قبور فلان أو علان من الصالحين ، أو الذين يحلفون بأرواح فلان أو علان من الصالحين ، أو حتى الذين يتمسحون بقبر خير خلق الله محمد صلى الله عليه وسلم وهم له من الزائرين ....

كيف أن ديننا يحرّم كل هذا .... يبغضه ، يبعده ويجعله شكلا من أشكال الشرك بالله الواحد الأحد ....الله الذي يريد أن يكون إيماننا به وحده ، وتوجهنا له وحده خالصا مخلصا ....
توجه بكل الجوارح وبكل الجنان للواحد الديان ...له وحده دون وساطة ، ودون وسيط .....

أين تلك الخرافات والخزعبلات التي يسمونها أديانا من هذا الدين الحق ؟؟؟ فهذه التوتمية شكل من أشكال الهندوسية الوثنية ، وهذه الشيوعية الحمراء والماركسية القائل واضعها بأن الدين أفيون الشعوب وزفرة العقول البائسة ؟!!!؟ أين تلك الخرافات والرؤى الوضعية من هذا الدين العظيم ، أين اللاماركية والداروينية والسفسطائية والقدرية والدهرية ؟؟؟ من دين الإسلام الموحّد الذي ظلّ وسيظلّ إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها من الهادين المهتدين ومن الضالين المضلين .....

أين عبادة الله الواحد الأحد من عبادة بوذا ؟؟؟ أين عبادة الله الواحد من عبادة بقرة أو أي حيوان ينسب له أصل الإنسان وعرقه ؟؟ أين عبادة الواحد الأحد من عبادة المذاهب الوضعية المذهبة الذاهبة ؟؟؟؟

أين عبادة الله القهار العظيم من عبادة الشيطان الرجيم؟؟؟

فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان ..........ما أقربه ، وما أقرب حتى النطق بالكلمات التي لا مدّ فيها كعادتها ممدودة الداعْ إذا دعانْ


فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون

دعوة للاستجابة لله القريب المجيب ، دعوة لطاعته وللامتثال لأوامره ، دعوة لخيرهم هم ولزيادة الخير لهم هُمْ ، فهو الغني عن العالمين ، ونحن الفقراء إليه ، نحن المحتاجون إلى هداه وإلى سبيله الحق ، نحن الذين نخشى التيه والضلال ونريد الحق والرشاد والطمأنينة والرضى بهديه وبالحق الذي أنزل ....
نحن المحتاجون إليه ، وهو الغني عنا ....إن يشأ يأتي بأناس يحبهم ويحبونه ، إن يشأ يبدلنا بمن يستجيبون له ويؤمنوا به  ....

أمر لأن يطيعه العباد الذين يمنّ عليهم في كل آن وفي كل حين ، الذين يرزقهم... الذين يحفظهم ...الذين يمنّ عليهم بكل منّ وبضروب العطاء ، أعطاهم العقل وفضلهم على كثير من خلقه تفضيلا ، سخر لهم الكون وما فيه تسخيرا ، أسجد للإنسان ملائكته ، وأحب له الخير بأن أحب له الهدى ولم يرضَ له الكفر والضلال .

يقول تعالى : "إن تذكروا الله يذكركم "     

لعلهم يرشدون   كي يكونوا من الراشدين ، كي يكونوا راشدين ...... كي يرشدوا ....
وهو سبحانه الرشيد ، اسم من أسمائه سبحانه

في أَسماء الله تعالى الرشيدُ هو الذي أَرْشَد الخلق إِلى مصالحهم أَي هداهم ودلهم عليها ، فَعِيل بمعنى مُفْعل; وقيل : هو الذي تنساق تدبيراته إِلى غاياتها على سبيل السداد من غير إِشارة مشير ولا تَسْديد مُسَدِّد (1)

(والرَّشيدُ) في صِفاتِ اللهِ تعالى الهادِي إلى سَواء الصِّراطِ والذي حسُنَ تَقْديرُهُ فيما قدَّرَ(2)

الرشيد هو الهادي سبحانه

والرشد لغة هو الهداية

الرُّشْدُ : مصـ.-: الهداية، ضد الغَيّ والضَّلال؛ ثاب إلى رُشده، أي عاد إلى صوابه/ ذهب الحادثُ برشده، أي أفقده صوابَه/ فقد رُشْدَه، أي أُغْمِيَ عليه أو تهوَّر في تصرّفه.-: في الفقه هوأن يصير الصبيُّ صالحاً في دينه مصلحاً في ماله/ سنُّ الرُشد، هي السِّن التي إذا بلغها المرءُ استقلَّ بتصرُّفاته. (3)


ولنتأمل كلا من التعريف الشرعي والتعريف القانوني  للرشد :

(الرُّشْدُ)-(عند الفقهاء): أَن يَبْلُغ الصّبِيُّ حدَّ التكليف صَالِحاً في دينه مُصلِحاً لمالِهِ. و- (في القانون): السِّنُّ التى إِذا بلغها المرءُ استقلّ بتصرفاتِهِ.(4)

ولنرَ كيف أن القانون الوضعي البشري يبتعد عن ربط الدين بالتعريفات ، وكأن المرء سيبلغ سنا يرشد فيها بطرق غير طريق الهدى الرباني ...

تَوَقَّ أَبا سَهْمٍ ، ومن لم يكن له *** من الله واقٍ ، لم تُصِبْه المَراشِد 
وليس له واحد إِنما هو من باب محاسِنَ وملامِحَ . و المراشِدُ مقاصِدُ الطرق . والطريقُ الأَرْشَد نحو الأَقصد
(5)

والمراشد هي مقاصد الطرق كما رأينا أي طريق الهدى ....

لعلهم يرشدون ..... ليكونوا مهتدين ، صالحين مصلحين .....فما من صلاح ولا هدى إلا في طريق الله سبحانه وتعالى ، في الإسلام الذي هو عند الله الدين .

{ يرشدون }: بكمال القوتين العلمية والعملية إذ الرشد هو العلم بمحاب الله ومساخطه، وفعل المحاب وترك المساخط، ومن لا علم له ولا عمل فهو السفيه الغاوي والضال الهالك.(6)

وهكذا نكون قد أتينا على نهاية هذه الآيات الكريمات من هذه الصفحة المشرفة .....
وفي المداخلة الموالية بإذن الله نرمق بريق الدرر التي تنثرها هذه الدرة النفيسة  emo (30):


************************************
1- محيط المحيط
2-القاموس المحيط
3-المحيط
4-الوسيط
5-محيط المحيط
6-أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير لأبي بكر جابر الجزائري
« آخر تحرير: 2008-10-27, 10:08:28 بواسطة حازرلي أسماء »

حازرلي أسماء

  • زائر
وقبل أن نختم بالدرر هذا إخوتي مقال علمي عن إعجاز قوله سبحانه  : "وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون"
أحببت أن أضعه هنا للفائدة

*******************************************************

وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لكم .. من المنظور الطبي الحديث
 
 
 د / عبد الباسط محمد سيد

أستاذ ورئيس قسم الكيمياء الحيوية بالمركز القومي للبحوث سابقاً

 ورئيس مجلس إدارة جمعية الإعجاز العلمي للقرآن والسنة


رابط المقال

http://www.55a.net/firas/arabic/?page=show_det&id=1305&select_page=3

*****************************
يظن كثير من الناس أن للصيام تأثيراً سلبياً على صحتهم، وينظرون إلى أجسامهم نظرتهم إلى الآلة الصماء، التي لا تعمل إلا بالوقود، وقد اصطلحوا على أن تناول ثلاث وجبات يومياً أمر ضروري لحفظ حياتهم، وأن ترك وجبة طعام واحدة سيكون لها من الأضرار والأخطار الشيء الكثير.. مما يجعلهم يقضون الليل في شهر الصيام يلتهمون كل أنواع الطعام والشراب.. وقد رسخ هذا الاعتقاد وظهرت آثاره السلوكية في الأفراد والمجتمعات كنتيجة طبيعية للجهل العلمي، بطبيعة الصيام الإسلامي وفوائده المحققة، وفي هذا اللقاء سنلقي الضوء على بعض أوجه الإعجاز العلمي في الصيام، وهي الأوجه التي تثبت بالدليل العلمي القاطع بطلان تلك الظنون الوهمية.

* الوجه الأول: الوقاية من العمل والأمراض:

أخبر الله سبحانه وتعالى أنه فرض علينا الصيام، وعلى كل أهل الملل قبلنا، لنكتسب به التقوى الإيمانية التي تحجزنا عن المعاصي والآثام، ولتتوقى به كثيراً من الأمراض والعلل الجسمية والنفسية، قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [ البقرة: 183].

وقال صلى الله عليه وسلم: ( الصيام جُنَّة )، أي وقاية وستر(3). وقد ثبت من خلال الأبحاث الطبية بعض الفوائد الوقائية للصيام ضد كثير من الأمراض والعلل الجسمية والنفسية، ومنها على سبيل المثال – لا الحصر:

يقوى الصيام جهاز المناعة، فيقي الجسم من أمراض كثيرة، حيث يتحسن المؤشر الوظيفي للخلايا الليمفاوية عشرة أضعاف، كما تزداد نسبة الخلايا المسؤولة عن المناعة النوعية(T. lymphocyes) (4)زيادة كبيرة، كما ترتفع بعض أنواع الأجسام المضادة في الجسم، وتنشط الردود المناعية نتيجة لزيادة البروتين الدهني منخفض الكثافة(5).

ومن الفوائد أيضاً: الوقاية من مرض السمنة وأخطارها، حيث إنه من المعتقد أن السمنة تنتج عن خلل في تمثيل الغذاء، فقد تنتج من ضغوط بيئية أو نفسية أو اجتماعية، وقد تتضافر هذه العوامل جميعاً في حدوثها، وقد يؤدي الاضطراب النفسي إلى حدوث خلل في التمثيل الغذائي... وكل هذه العوامل، التي يمكن أن تنجم عنها السمنة، يمكن الوقاية منها بالصوم من خلال الاستقرار النفسي والعقلي الذي يتحقق بالصوم نتيجة للجو الإيماني الذي يحيط الصائم وكثرة العبادة والذكر، وقراءة القرآن، والبعد عن الانفعال والتوتر، وضبط النوازع والرغبات، وتوجيه الطاقات النفسية والجسمية توجيهاً إيجابياً نافعاً.

1-  يقي الصيام الجسم من تكون حصيات الكُلى، إذ يرفع معدل الصوديوم في الدم فيمنع تبلور أملاح الكالسيوم، كما أن زيادة مادة البولينا في البول تساعد في عدم ترب أملاح البول، التي تكون حصيات المسالك البولية (6).

2-  يقي الصيام الجسم من أخطار المسموم المتراكمة في خلاياه، وبين أنسجته من جراء تناول الأطعمة – وخصوصاً المحفوظة والمصنعة منها – وتناول الأدوية واستنشاق الهواء الملوث بهذه السموم (7).

3-  يخفف الصيام ويهدئ ثورة الغريزة الجنسية، وخصوصاً عند الشباب وبذلك يقي الجسم من الاضطرابات النفسية والجسمية، والانحرافات السلوكية، وذلك تحقيقاً للإعجاز في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء )، إذا التزم الشاب الصيام وأكثر منه، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( فعليه بالصوم )، أي فليكثر من الصوم.. وقد أُجرِيَ بحثٌ عن تأثير الصيام المتواصل على الغدد الجنسية وكانت له نتائج إيجابية، وسلط الضوء على وجه الإعجاز في هذا الحديث الشريف. وقد وجد أن الإكثار من الصوم، مع الاعتدال في الطعام والشراب وبذل الجهد المعتاد، يقترب من الصيام المتواصل، ويجني الشاب فائدته في تثبيط غرائزه المتأججة بيسر، كما لا يتعرض إلى أخطار هذا النوع من الصيام، وهذا البحث يجلي بوضوح الإعجاز في قول النبي صلى الله عليه وسلم ( فإنه له وجاء) من وجهين:

الأول: الإشارة إلى أن الخصيتين هما مكان إنتاج عوامل الإثارة الجنسية حيث أن معنى الوجا أن ترض أنثيا الفحل ( خصيتيه) رضاً شديداً، يُذهب شهوة الجماع، ويتنزل في قطعه منزلة الخصي (8).

وقد ثبت أن في الخصيتين خلايا متخصصة في إنتاج هرمون التيستوستيرون (Testosterone) (9)، وهو الهرمون المحرك والمثير للرغبة الجنسية، وأن قطع الخصيتين ( الخصى) يُذهب هذه الرغبة، ويخمدها تماماً.

الثاني:أن الإكثار من الصوم مثبط للرغبة الجنسية وكابح لها، وقد ثبت في هذا البحث هبوط مستوى هرمون الذكورة ( التيستوستيرون) هبوطاً كبيراً أثناء الصيام المتواصل، بل وبعد إعادة التغذية بثلاثة أيام، ثم ارتفع ارتفاعاً كبيراً بعد ذلك، وهذا يؤكد أن الصيام له القدرة على كبح الرغبة الجنسية مع تحسينها بعد ذلك، وهذا يؤكد فائدة الصوم في زيادة الخصوبة عند الرجل بعد الإفطار.

* الوجه الثاني: { وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ }

بعد أن أخبرنا الله سبحانه وتعالى، وأخبرنا رسوله صلى الله عليه وسلم أن الصيام يحقق لنا وقاية من العلل الجسمية والنفسية، ويشكل حاجزاً وستراً لنا من عقاب الله، أخبرنا جل في علاه أن الصيام خيراً ليس للأصحاء المقيمين فقط، بل وللمرضى والمسافرين أيضاً والذين يستطيعون الصوم بمشقة، ككبار السن ومن في حكمهم. قال تعالى: { أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } [البقرة: 184]. أي: فضيلة الصوم وفوائده، وذلك لعموم اللفظ في قوله تعالى: { وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ }. وقد تجلت هذه الفوائد واستقر خبرها في زماننا هذا، لمن أوجب الله عليهم الصيام، ولمن أطاقوه من أهل ارخص الذين يستطيعون تناول وجبتي الفطور والسحور كالأصحاء.

بعض الأمراض الخطرة التي كان يخشى معها من الصيام:

·   كان – وما زال – الأطباء يعتقدون أن الصيام يؤثر على مرضى المسالك البولية، وخصوصاً الذين يعانون من تكوين الحصيات، أو الذين يعانون من فشل كلوي، فينصحون مرضاهم بالفطر وتناول كميات كبيرة من السوائل.

·   وقد ثبت خلاف ذلك، إذ ربما كان الصيام سبباً في عدم تكوين بعض الحصيات وإذابة بعض الأملاح، ولم يؤثر الصيام مطلقاً حتى على من يعانون أخطر أمراض الجهاز البولي، وهو مرض الفشل الكلوي مع الغسيل المتكرر(10).

·   كان يعتقد أن الفقدان النسبي لسوائل الجسم وانخفاض عدد ضربات القلب وزيادة الإجهاد أثناء الصوم يؤثر تأثيراً سلبياً على التحكم في منع تجلط الدم، وهو من أخطر الأمراض، وقد ثبت أن الصيام الإسلامي لا يؤثر على ذلك في المرضى الذين يتناولون الجرعات المحددة من العلاج (11).

·        ثبت أن الصيام لا يشكل خطراً على معظم مرضى السكر، إن لم يكن يفيد الكثيرين منهم (12).

بعض أمراض التي يعالجها الصيام:

يعالج الصيام عدداً من الأمراض الخطيرة من أهمها:

1-      الأمراض الناتجة عن السمنة، كمرض تصلب الشرايين وضغط الدم وبعض أمراض القلب (13).

2-      بعض أمراض الدورة الدموية الطرفية، مثل مرض الرينود (Rynaud`s diseade) ومرض برجر (14).

3-      يعالج الصيام المتواصل مرض التهاب المفاصل المزمن ( الروماتويد) (15).

4-      يعدل الصيام الإسلامي من ارتفاع حموضة المعدة، وبالتالي يساعد في التئام قرحة المعدة مع العلاج المناسب (16).

5-   لا يسبب الصيام أي خطر على المرضعات أو الحوامل، ولا يغير من التركيب الكيميائي أو التبدلات الاستقلابية (17) في الجسم عند المرضعات، وخلال الشهور الأولى والمتوسطة من الحمل (18).

فوائد أخرى للصوم:

1-  يُمَكّن الصيام آليات الهضم والامتصاص – في الجهاز الهضمي وملحقاته – من أداء وظائفها على أتم وأكمل وجه، وذلك بعدم إدخال الطعام والشراب على الوجبة الغذائية أثناء هضمها وامتصاصها، كما يحقق الصيام راحة فسيولوجية للجهاز الهضمي وملحقاته، وذلك بمنع تناول الطعام والشراب لفترة زمنية تتراوح من 9-11 ساعة بعد امتصاص الغذاء، كما تستريح آليات الامتصاص في الأمعاء طوال هذه الفترة من الصيام (19). وتتمكن الانقباضات الخاصة (Motor Complex Migrating ) بتنظيف الأمعاء من عملها المستمر، دون توقف(20).

2-  يُمكّن الصيام الغدد الصماء ذات العلاقة بعمليات الاستقلاب، في فترة ما بعد الامتصاص، من أداء وظائفها في تنظيم وإفراز هرموناتها الحيوية على أتم حال، وذلك بتنشيط آليات التثبيط والتنبيه لها يومياً، ولفترة دورية ثابتة، ومتغيرة طوال العام، مثل هرمونيّ: النمو والإنسولين – كهرمونات بناء من ناحية – وهو موئي: الجلوكاجون والكروتيزول، كهرمونات هدم من ناحية أخرى، والذي يتوقف على توازنها الدقيق تركيز الأحماض الأمينية في الدم، توازن الاستقلاب (21).

3-  ينشط الصيام آليات الاستقلاب أو التمثيل الغذائي ي البناء والهدم للجلوكوز والدهون والبروتينات في الخلايا، لتقوم بوظائفها على أكمل وجه.

4-  أما إذا اقتصر الجسم على البناء فقط، وكان همه التخزين للغذاء في داخله، فإن آليات البناء تغلب آليات الهدم، فيعترى الأخيرة – لعدم استعمالها بكامل طاقتها – وهن تدريجي تظهر ملامحه عند تعرض الجسم لشدة مفاجئة بانقطاع الطعام عنه في الصحة أو المرض، فقد لا يستطيع هذا الإنسان مواصلة حياته، أو مقاومة مرضه(22).

5-     يحسن الصيام خصوبة المرأة والرجل، على السواء (23).

6-     يستفيد الجسم بالطاقة وتحسين القدرة على التعليم وتقوية الذاكرة (24).

7-  تتهدم الخلايا المريضة والضعيفة في الجسم عندما يتغلب الهدم على البناء أثناء الصيام، وتتجدد الخلايا أثناء مرحلة البناء (25).

8-  كذلك، فإن أداء الصيام الإسلامي طاعة لله وخشوعاً له ورجاء فيما عنده سبحانه وتعالى من والأجر والمثوبة، لعمل ذو فائدة جمة لنفس الإنسان وجسمه، حيث يبث في النفس السكينة والطمأنينة.. وينعكس هذا على آليات الاستقلاب. فيجعلها تتم في أوفق وأيسر وأنفع السبل، مما يعود بالنفع والفائدة على الجسم (26).

إن الصيام، كاقتناع فكري وممارسة عملية، يقوى لدى الإنسان كثيراً من جوانبه النفسية، فيقوى لديه الصبر والجلد والإرادة وضبط النوازع والرغبات، ويضفي على نفسه السكينة والرضا والفرح... وقد أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه ).

9-  ثبت بالدليل العلمي القاطع أن الصيام الإسلامي ليس له أي تأثير سلبي على الأداء العضلي وتحمل المجهود البدني، بل بالعكس فلقد أظهرت نتائج البحث القيم الذي أجراه الدكتور أحمد القاضي وزملاؤه بالولايات المتحدة الأمريكية أن درجة تحمل المجهود البدني – وبالتالي كفاءة الأداء العضلي – قد ازداد بنسبة 200% عند 30% من أفراد التجربة و7% عند 40% منهم، وتحسنت سرعة دقات القلب بمقدار 6% وتحسنت حصيلة ضغط الدم مضروباً في سرعة النبض بمقدار 12%، وتحسنت درجة الشعور بضيق التنفس بمقدار 9%... كما تحسنت درجة الشعور بإرهاق الساقين بمقدار 11% وهذا يبطل المفهوم الشائع عند كثير من الناس من أن الصيام يضعف المجهود البدني ويؤثر على النشاط، فيقضون معظم النهار في النوم والكسل.

* الوجه الثالث يسر الصيام الإسلامي وسهولته:

تشير الدراسات العلمية المحققة، في وظائف أعضاء الجسم، أثناء مراحل التجويع، إلى يُسر الصيام الإسلامي وسهولته، تحقيقاً لقوله تعالى: { يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ } [البقرة: 185]. وفي تفسير هذه الآية قال الرازي: إن الله تعالى أوجب الصوم على سبيل السهولة واليسر، وما أوجبه إلا في مدة قليلة من السنة، ثم ما أوجب هذا القليل على المريض ولا على المسافر (27).

كما يتجلى يسر الصيام الإسلامي في إمداد الجسم بجميع احتياجاته الغذائية. وعدم حرمانه من كل ما هو لازم ومفيد له، فالإنسان في هذا الصيام يمتنع عن الطعام والشراب فترة زمنية محدودة، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وله حرية المطعم والمشرب من جميع الأغذية والأشربة المباحة ليلاً، ولا يعتبر الصيام الإسلامي بهذا تغييراً لمواعيد تناول الطعام والشراب فحسب، فلم يفرض الله سبحانه الانقطاع الكلي عن الطعام مدة طويلة، أو حتى لمدة يوم وليلة، تيسيراً وتخفيفاً على أمة خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم، وقد تجلى هذا اليسر بعد تقدم وسائل المعرفة والتقنية في هذا العصر فقد قسمت المراجع الطبية التجويع إلى ثلاث مراحل: مراحل مبكرة، وثانية متوسطة، وثالثة طويلة الأجل (28).

وتقع المرحلة المبكرة بعد نهاية فترة امتصاص آخر وجبة ( أي عبد حوالي 5 ساعات من الأكل) وحتى نهاية فترة ما بعد الامتصاص، والتي تتراوح مدتها حوالي 12 ساعة، وقد تمتد إلى 40 ساعة عند بعض العلماء، فهذه الفترة يقع الصيام الإسلامي، كما يقع في فترة امتصاص الغذاء، وهذه الفترة من الانقطاع عن الطعام آمنة تماماً المقاييس العلمية، فالجلوكوز هو الوقود الوحيد للمخ، والدهون تتأكسد بالقدر الذي يولد أجساماً كيتونية بالدم أثناء هذه الفترة، كما لا يستهلك البروتين في إنتاج الطاقة بالقدر الذي يحدث خللاً في التوازن النتروجيني في الجسم. مما حدا ببعض العلماء أن يسقط فترة ما بعد الامتصاص من مراحل التجويع أصلاً، وهذه الحقيقة تجعل الصيام الإسلامي متفرداً في يسره وسهولته بعكس مراحل التجويع الأخرى.

من خلال عرض الحقائق السابقة، ندرك أن مدة الصيام الإسلامي والتي تتراوح من 12-16 ساعة في المتوسط، يقع جزء منها في فترة الامتصاص، ويقع معظمها في فترة ما بعد الامتصاص، ويتوفر فيها تنشيط جميع آليات الامتصاص والاستقلاب بتوازن، فتنشط آلية تحلل الجليكوجين وأكسدة الدهون وتحلها وتحل البروتين وتكوين الجلوكوز الجديد منه، ولا يحدث للجسم البشري أي خلل في أي وظيفة من وظائفه، فلا تتأكسد الدهون بالقدر الذي يولد أجساماً كينونية تضر بالجسم، ولا يحدث توازن نتروجيني سلبي توازن استقلاب البروتين، ويعتمد المخ البشري وخلايا الدم الحمراء والجهاز العصبي على الجلوكوز وحده لحصول منه على الطاقة.

بينما لا يقف التجويع أو الصيام الطبي – القصير والطويل منه – عند تنشيط هذه الآليات، بل يشتد حتى يحدث خللاً في بعض وظائف الجسم، ويتيح الصيام الإسلامي تمثيلاً غذائياً فريداً، إذ يشتمل على مرحلتي البناء والهدم، فبعد وجبتي الإفطار والسحور، يبدأ البناء للمركبات الهامة في الخلايا، وتجديد المواد المختزنة – والتي استهلكت في إنتاج الطاقة – وبعد فترة امتصاص وجبة السحور يبدأ الهدم فيتحلل المخزون الغذائي من الجليكوجين والدهون ليمد الجسم بالطاقة اللازمة، أثناء الحركة والنشاط في نهار الصيام (29). لذلك كان حث النبي صلى الله عليه وسلم وتأكيده على ضرورة تناول وجبة السحور، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( تسحروا.. فإن في السحور بركة) متفق عليه. وذلك لإمداد الجسم بوجبة بناء يستمر لمدة مقدارها 4 ساعات، محسوبة من زمن الانقطاع عن الطعام.

وبهذا أيضاً يمكن تقليص فترة ما بعد الامتصاص إلى أقل زمن ممكن، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم حث على تعجيل الفطر حيث قال: ( لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور) متفق عليه... وتأخير السحور، فقد روي عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: (تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قمنا إلى الصلاة، قيل: كم كان ينهما ؟ قال: خمسون آية) متفق عليه. وهذا من شأنه تقليص فترة الصيام – أيضاً – إلى أقل حد ممكن، حتى لا يتجاوز فترة ما بعد الامتصاص كلما أمكن، وبالتالي، فإن الصيام الإسلامي لا يسبب شدة، ولا يشكل ضغطاً نفسياً ضاراً على الجسم البشري، بحال من الأحوال، وبناء على هذه الحقائق يمكننا أن نؤكد أن الذي يتوقف أثناء الصيام هو عمليات الهضم والامتصاص وليست عمليات التغذية، فخلايا الجسم تعمل بصورة طبيعية، وتحصل على جميع احتياجاتها اللازمة لها – من هذا المخزون بعد تحلله – والذي يعتبر هضماً داخل الخلية، فيتحول الجليكوجين إلى سكر الجلوكوز، والدسم والبروتينات إلى أحماض دهنية وأحماض أمينية، وذلك بفعل شبكة معقدة من الإنزيمات والتفاعلات الكيميائية الحيوية الدقيقة، والتي يقف الإنسان أمامها مشدوهاً معترفاً بجلال الله وعلمه وعظيم قدرته وإحكام صنعه.

فمن أخبر محمداً صلى الله عليه وسلم أن في الصيام وقاية للإنسان من أضرار نفسية وجسدية؟ ومن أخبره أن فيه منافع وفوائد يجنيها الأصحاء؟ بل ومن يستطيع الصيام من المرضى وأصحاب الأعذار !! ومن أخبره صلى الله عليه وسلم بأن الصيام سهل ميسور لا يضر بالجسم ولا يجهد النفس ؟ ومن أطلعه على أن كثرة الصوم تثبط الرغبة الجنسية ؟ وتخفق من حدتها وثورتها، خصوصاً عند الشباب !! وخصوصاً أنه نشأ في بيئة لا تعرف هذا الصيام ولا تمارسه.

الصيام والتخلص من السموم:

يتعرض الجسم البشري لكثير من المواد الضارة والسموم التي قد تتراكم في أنسجته، وأغلب هذه المواد يأتي للجسم عبر الغذاء الذي يتناوله بكثرة، وخصوصاً في هذا العصر الذي عمت فيه الرفاهية مجتمعات كثيرة، وحدث وفر هائل في الأطعمة بأنواعها المختلفة، وتقدمت وسائل التقنية في تحسينها وتهيئتها وإغراء الناس بها، فانكب الناس يلتهمونها بنهم، مما كان له أكبر الأثر في إحداث الخل لكثير من العمليات الحيوية داخل خلايا الجسم، وظهر – نتيجة لذلك – ما يسمى بأمراض الحضارة: كالسمنة، وتصلب الشرايين، وارتفاع الضغط الدموي وجلطات القلب، والمخ، والرئة، ومرض السرطان، وأمراض الحساسية والمناعة.

وتذكر المراجع الطبية (30):أن جميع الأطعمة تقريباً – في هذا الزمان – تحتوي على كميات قليلة من المواد السامة، وهذه المواد تضاف للطعام أثناء إعداده، أو حفظه، كالنكهات الألوان ومضادات الأكسدة والمواد الحافظة، أو الإضافات الكيميائية للنبات أو الحيوان: كمنشطات النمو والمضادات الحيوية والمخصبات أو مشتقاتها، وتحتوي بعض النباتات في تركيبها على بعض المواد الضارة... كما أن عدداً كبيراً من الأطعمة يحتوي على نسبة من الكائنات الدقيقة، التي تفرز سمومها فيها وتعرضها للتلوث (31).

هذا بالإضافة إلى السموم التي نستنشقها مع الهواء من عوادم السيارات، وغازات المصانع، وسموم الأدوية التي يتناولها الناس بغير ضوابط.. إلى غير ذلك من سموم الكائنات الدقيقة التي تقطن في أجسامنا بأعداد تفوق الوصف والحصر... وأخيراً مخلفات الاحتراق الداخلي للخلايا، والتي تسبح في الدم، كغاز ثاني أكسيد الكربون واليوريا والكرياتينين والأمونيا والكبريتات وحمض اليوريا.. إلخ، ومخلفات الغذاء المهضوم، والغازات السامة التي تنتج من تخمره وتعفنه، مثل: الأندول والسكاتول والفينول (32)...

كل هذه السموم جعل الله سبحانه وتعالى للجسم منها فرجاً ومخرجاً، فيقوم الكبد – وهو الجهاز الرئيسي في تنظيف الجسم من السموم – بإبطال مفعول كثير من هذه المواد السامة، بل قل يحولها إلى مواد نافعة، مثل: اليوريا والكرياتين وأملاح الأمونيا، غير أن للكبد جهداً وطاقة محدودة، وقد يعتري خلاياه بعض الخلل لأسباب مرضية، أو لأسباب طبيعية، كتقدم السن، فيترسب جزء من هذه المواد السامة في أنسجة الجسم، وخصوصاً في المخازن الدهنية، وتذكر المراجع الطبية(33) أن الكبد يقوم بتحويل مجموعة كبيرة من الجزيئات السمية، والتي غالباً ما تقبل الذوبان في الشحوم إلى جزئيات غير سامة تذوب في الماء، يمكن أن يفرزها الكبد عن طريق الجهاز الهضمي، أو قد تخرج عن طريق الكلى.

وفي الصيام تتحول كميات هائلة من الشحوم المختزنة في الجسم إلى الكبد، حتى تُؤكسد ويُنتفع بها، وتُستخرج منها السموم الذاتية فيها، وتُزالُ سُميتها ويُتخلص منها مع نفايات الجسد، كما أن الدهون المتجمعة أثناء الصيام في الكبد – والقادمة من مخازنها المختلفة – يساعد ما فيها من الكوليستيرول على التحكم وزيادة إنتاج مركبات الصفراء في الكبد، والتي بدورها تقوم بإذابة مثل هذه المواد السامة والتخلص منها مع البراز.

ويؤدي الصيام خدمة جليلة للخلايا الكبدية، بأكسدته للأحماض الدهنية، فيخلص هذه الخلايا من مخزونها من الدهون، وبالتالي تنشط هذه الخلايا، وتقوم بدورها خير قيام، فتعادل كثيراً من المواد السامة – بإضافة حمض الكبريت أو حمض الجلوكونيك – حتى تصبح غير فعالة ويتخلص منها الجسم، كما يقوم الكبد بالتهام أية مواد دقيقة، كدقائق الكربون التي تصل إلى الدم ببلعمة جزيئاتها، بواسطة خلايا خاصة تسمى خلايا ( كوبفر)، والتي تبطن الجيوب الكبدية ويتم إفرازها مع الصفراء، وفي أثناء الصيام يكون نشاط وكفاءة هذه الخلايا في أعلى معدل كفاءتها للقيام بوظائفها، فتقوم بالتهام البكتريا بعد أن تهاجمها الأجسام المضادة المتراصة (34).

وبما أن عمليات الهدم (Catabolism) (35)في الكبد أثناء الصيام تغلب علميات البناء (anabolism)(36) في التمثيل الغذائي، فإن فرصة طرح السموم المتراكمة في خلايا الجسم تزداد خلال هذه الفترة، ويزداد أيضاً نشاط الخلايا الكبدية في إزالة سمية كثير من المواد السامة، وهكذا يعتبر الصيام شهادة صحية لأجهزة الجسم بالسلامة.

يقول الدكتور ماك فادون – وهو من الأطباء العالميين الذين اهتموا بدراسة الصوم وأثره – إن كل إنسان يحتاج إلى الصوم، وإن لم يكن مريضاً لأن سموم الأغذية والأدوية تجتمع في الجسم فتجعله كالمريض وتثقله، فيقل نشاطه، فإذا صام الإنسان تخلص من أعباء هذه السموم، وشعر بنشاط وقوة لا عهد له بهما من قبل.

هل من الأفضل في الصيام: الحركة أم السكون ؟:

ذكرت المراجع الطبية(37) إن الحركة العضلية في فترة ما بعد امتصاص الغذاء – أثناء الصوم – تؤكسد مجموعة خاصة من الأحماض الأمينية ( ليوسين وأيسوليوسين والفالين)، وتسمى الأحماض ذات السلسلة المتفرعة (Br CAAs). وبعد أن تحصل الخلايا العضلية على الطاقة المنبعثة من هذا التأكسد يتكون داخل هذه الخلايا حامضان أمينيان في غاية الأهمية، وهما حمضا الألانين والجلوتامين، ويعتبر الأول وقوداً أساسياً في تصنيع الجلوكوز الجديد في الكبد، ويدخل الثاني في تصنيع الأحماض النووية، ويتحول جزء منه إلى الحمض الأول. كما يتكون أثناء النشاط والحركة حمضاً البيروفيت واللاكتيت، وذلك من أكسدة الجلوكوز في الخلايا العضلية، وهما الحامضان اللذان يعتبران أيضاً الوقود الأولى لتصنيع جلوكوز الكبد.

تتأكسد الأحماض الأمينية ذات السلسلة المتفرعة أساساً في العضلات(38)، حيث يوجد الإنزيم الخاص بتحويل مجموعة الأمين (Amino Trans - ferase)بكثرة في جهازي الاحتراق (ميتوكوندريا) والسيتوزول (Cytosol) في الخلايا العضلية. وتزداد هذه الأكسدة بالحركة، لذلك فإن عملية تصنيع جلوكوز جديد في الكبد تزداد بازدياد الحركة العضلية، وربما تصل إلى ثلاثة أضعافها في حالة عدم الحركة (39).

ويعتبر حمض الألانين أهم الأحماض الأمينية المتكونة في العضلات أثناء الصيام، إذ يبلغ 30 % منها، وتزيد هذه النسبة بالحركة والنشاط، ويتكون من أكسدة بعض الأحماض الأمينية ومن البيروفيت، كما يتحول هو أيضاً إلى البيروفيت – عبرة دائرة تصنيع الجلوكوز في الكبد وأكسدته في العضلات (40).

ويستهلك الجهاز العضلي الجلوكوز القادم من الكبد ( للحصول منه على الطاقة)، فإن زادت الحركة وأصبح الجلوكوز غير كاف لإمداد العضلات بالطلاقة، حصلت على حاجتها من أكسدة الأحماض الأمينية الحرة القادمة من تحلل الدهن في الأنسجة الشحمية، فإن قلت الأحماض الدهنية حصلت العضلات على الطاقة من الأجسام الكيتونية الناتجة من أكسدة الدهون في الكبد، والذي يؤكد أن النشاط والحركة تنشط جميع عمليات الأكسدة لكل المركبات التي تمد الجسم بالطاقة، وتنشط عملية تحلل الدهون، كما تنشط عملية تصنيع الجلوكوز بالكبد، من الجليسرول الناتج عن تحلل الدهون في النسيج الشحمي، ومن اللاكتيت الناتج من أكسدة الجلوكوز في العضلات.

ولذلك فالحركة أثناء الصيام الإسلامي تعتبر عملاً إيجابياً وحيوياً يزيد من كفاءة عمل الكبد والعضلات، ويخلص الجسم من الشحوم، ويحميه من أخطار زيادة الأجسام الكيتونية، كما أن الحركة العضلية تثبط تصنيع البروتين في الكبد والعضلات، وتتناسب درجة التثبيط مع قوة الحركة ومدتها، وهذا بدوره يوفر طاقة هائلة تستخدم في تكوين البروتين، حيث تحتاج كل رابطة من الأحماض الأمينية إلى مخزون الطاقة في خمسة جزيئات للأدينوزين والجوانين ثلاثي الفوسفات (ATP & CTP)، وإذا كان كل جزيء من هذين المركبين يحتوي على كمية من الطاقة تتراوح من 5-10 كيلو كالورى، وإذا علمنا أن أبسط أنواع البروتين لا يحتوي الجزيء منه على أقل من 100 حمض أميني، فكم تكون إذاً تلك الطاقة المتوفرة من تثبيط تكوين مجموعة البروتينات المختلفة بأنواعها المتعددة(41)؟

وفي أثناء الحركة، أيضاً، يستخدم الجلوكوز والأحماض الدهنية والأحماض الأمينية في إنتاج الطاقة للخلايا العضلية، وهذا بدوره يؤدي إلى تنبيه مركز الأكل في الوساد تحت البصري (Hypothalamus)(42)، وذلك لوجود علاقة عكسية (Feed Back)بين هذه المواد في الدم ودرجة التشبع وتنبيه مركز الأكل في الدماغ (43). لذلك فإن الحركة العضلية تنبه مركز الأكل وتفتح الشهية للطعام.

كما أن الحركة، والنشاط العضلي الزائد، يحلل الجليكوجين إلى جلوكوز في غياب الأكسجين، وينتج حمض اللاكتيك ممن جراء التمثيل الغذائي للسكر الناتج، وهو الحمض الذي يمر إلى الدم ويتحول بدوره إلى جلوكوز، وجليكوجين بواسطة الكبد... ففي العضلات لا يتحلل الجليكوجين إلى جلوكوز في حالة السكون، كما في الكبد، وذلك لغياب إنزيم فوسفاتاز – 6 – الجلوكوز (Glucose 6 phosphatase).فالحركة إذن عامل هام لتنشيط استقلاب المخزون من الجليكوجين العضلي إلى جلوكوز، وتقديمه للأنسجة التي تعتمد عليه كالمخ والجهاز العصبي وخلايا الدم ونقيُ العظام ولب الكلى(44).

ويمكن كذلك، أن تكون للحركة العضلية علاقة بتجديد الخلايا المبطنة لأمعاء، فيتحسن الهضم والامتصاص للمواد الغذائية، إذ تحتاج هذه الخلايا لحمض الجلوتامين لتصنيع الأحماض النووية (Nucleotide Synthesis)، وهو الحمض الذي تنتجه العضلات بكثرة أثناء الحركة (45). ويتجدد شباب الخلايا المبطنة للأمعاء (Mucosal Cells)كل يومين إلى 6 أيام، وتفقد يومياً 17 بليون خلية(46)، فهل يمكن أن تكون الحركة العضلية علاجاً لاضطرابات الهضم وسوء الامتصاص ؟؟

إن فلسفة الصيام مبنية على ترك الطعام والشراب، وتشجيع آليات الهدم ( العمليات الكيميائية الحيوية) أساساً في عملية التمثيل الغذائي، والنهار هو الوقت الذي تزداد فيه عمليات التمثيل الغذائي، وخصوصاً عمليات الهدم، لأنه هو وقت النشاط والحركة واستهلاك الطاقات في أعمال المعاش... وقد هيأ الله سبحانه وتعالى للجسم البشري ساعة بيولوجية تنظم هرمونات الغدد الصماء، وكثيراً من آليات التمثيل الغذائي، بما يتوافق ونشاط هذه الآليات أثناء النهار، ولنضرب مثلاً بهرمون الكورتيزول وهرمون الأدرينالين، فالأول يكون في أقصى زيادة له عند التاسعة صباحاً تقريباً – في الشخص الذي ينام ليلاً – ويقل تدريجياً حتى يصل إلى خُمس معدل تركيزه عند منتصف الليل. وهذا الهرمون هو من هرمونات الهدم، إذ يعمل على تكسير البروتينات إلى أحماض أمينية، والثاني هرمون الأدرينالين، إذ يصل إلى أقصى معدل له في نهاية فترتي الصباح والظهيرة ( حوالي التاسعة صباحاُ والثانية ظهراً) وهذا الهرمون برفع ممل تركيز الجلوكوز والأحماض الدهنية، ويزيد من معدل هدمها، كما يساعد في تثبيط تكوين البروتين وأكسدة الأحماض الأمينية في العضلات ويحرك الألانين إلى الكبد (47)– لتكوين جلوكوز جديد فيه وتقديم المزيد من الطاقة لجسم – كما ينبه الجهاز العصبي... لذلك فقد يكون هذا أحد الأسرار التي جعل الله من أجلها الصيام في النهار، وقت النشاط والحركة والسعي في مناكب الأرض، ولم يجعله بالليل وقت السكون والراحة !

من أجل هذا – يمكننا أن نقول – وبكل ثقة -: إن النشاط والحركة أثناء الصيام يوفر لجسيم من الجلوكوز المصنع أو المخزون في الكبد، وهو الوقود المثالي لإمداد المخ وكرات الدم الحمراء ونقي العظام والجهاز العصبي بالطاقة اللازمة، لتجعلها أكثر كفاءة لأداء وظائفها، كما توفر الحركة طاقة للجسم البشري تستخدم في عملياته الحيوية، فهي تثبط تكون البروتين من الأحماض الأمينية، وتزيد من تنشيط آليات الهدم أثناء النهار، فتستهلك الطاقات المختزنة وتنظف المخازن من السموم التي يمكن أن تكون متماسكة أو ذاتية في المركبات الدهنية أو الأمينية... وإن الكسل والخمول والنوم أثناء نهار الصيام ليعطل الحصول على كل هذه الفوائد، بل قد يصيب صاحبه بكثير من العلل ويجعله أكثر خمولاً وتبلداً، كما أن النوم أثناء النهار والسهر طوال ليل رمضان، يؤدي إلى حدوث اضطراب عمل الساعة البيولوجية في الجسم، مما يكون له أثر سيء على الاستقلاب الغذائي داخل الخلايا.

ولقد أجريت دراسة أثبتت هذا الاضطراب على هرمون الكورتيزول، فلقد قام الدكتور محمد الحضرامي في كلية الطب – جامعة الملك عبد العزيز (48) – بإجراء دراسة على 10 أشخاص أصحاء مقيمين خارج المستشفى، وأظهرت الدراسة أن أربعة منهم حدث عندهم اضطراب في دورة الكوتيزول اليومية، وذلك خلال الأسبوعين الأخيرين من شهر رمضان، مع انقلاب النسب المعهودة في الصباح وفي منتصف الليل. فقد لوحظ أن المستوى الصباحي قد انخفض وأن المستوى المسائي قد ارتفع، وهذا على عكس الوضع الاعتيادي اليومي، وقد عزا الباحث هذا الاضطراب إلى التغيير في العادات السلوكية عند هؤلاء الصائمين، الذين يقضون النهار في النوم، ويقضون الليل في السهر، وقد عاد الوضع الطبيعي للكورتيزول بعد 4 أسابيع من نهاية شهر الصيام، وبعد أن استقر نظام النوم ليلاً والنشاط نهاراً عند هؤلاء الأشخاص.

من أجل هذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه والمسلمون الأولون لا يفرقون في الأعمال بين أيام الصيام وغيرها، بل قد يعقدون ألوية الحرب ويخوضونها صائمين متعبدين... فهل يتحرر المسلمون من أوهام الخوف من الحركة والعمل أثناء الصيام !! وهل يهبون قائمين لله عاملين ومنتجين ومجاهدين، مقتدين بنبيهم صلى الله عليه وسلم وسلفهم الصالح رضوان الله عليهم !!

الصيام والتخلص من الشحوم:

تعتمد السمنة على الإفراط في تناول الطعام، وخصوصاً الأطعمة الغنية بالدهون، هذا بالإضافة إلى وسائل الحياة المريحة، والسمنة مشكلة واسعة الانتشار، وقد وجد أن السمنة تقترن بزيادة خطر الأمراض القلبية الوعائية، مثل: قصور القلب والسكتة القلبية ومرض الشريان التاجي ومرض انسداد الشرايين المحيطة بالقلب.

 وتحدث السمنة نتيجة لاضطراب العلاقة بين ثلاثة عناصر من الطاقة وهي: الكمية المستهلكة من الطعام، والطاقة المبذولة في النشاط والحركة، والطاقة المختزنة على هيئة دهون بصفة أساسية، فالإفراط في تناول الطعام مع قلة الطاقة المبذولة في الحركة يؤدي إلى ظهور السمنة.

إن الإنسان العادي يستهلك حوالي 20 طناً من الطعام خلال حياته، وظهور نسبة 25% من الخطأ في توازن الطاقة يؤدي إلى حدوث زيادة في الوزن تبلغ 50 كجم، أو حدوث زيادة عند شخص بالغ يزن 70 كجم، فيصبح وزنه 120 كجم... وهذا من شأنه أن يبين مدى الدقة المطلوبة في تنظيم تناول الطعام للمحافظة على استقرار وزن الجسم.

ومن المعتقد أن السمنة تنجم إما عن خلل استقلابي ( خلل في التمثيل الغذائي)، أو عن ضغوط بيئية، أو اجتماعية، وقد تحدث البدانة أيضاً بسبب خلل في الغدد الصماء، أو بأسباب نفسية واجتماعية متضافرة تظهر على شكل إفراط في الأكل، وكثيراً ما يتزامن حدوث الاضطرابات الاستقلابية والضغوط البيئية بحيث يصل أحدهما الآخر، فتتفاقم الحالة.

وفي المقابل، يرى الكثير من العلماء أن الاضطراب النفسي الذي يفضي إلى الشراهة في تناول الطعام، والذي يتسبب في السمنة قد يؤدي إلى ظهور اضطرابات الرئيسية في توازن الطاقة – في حالة السمنة – على أنها عبارة التغيير في أحد العناصر، ولكن يظل واضحاً تماماً أن الإفراط في الأكل هو أحد العوامل الرئيسية في حدوث السمنة.

وهناك تغيرات كيميائية الشحمية ( نوع بيتا) في البلازما والأحماض الدهنية الحرة، ويزداد تركيز الأنسولين في الدم زيادة كبيرة، مما يؤدي إلى تضخم في البنكرياس، أو زيادة أنسجته، فيؤدي إلى زيادة إنتاج الأنسولين، الذي يتسبب في تكون الأحماض الدهنية في الكبد من المواد الكربوهيدراتية، وزيادة ترسب المواد الدهنية في الأنسجة الشحمية، وهذا يؤدي إلى ظهور أعراض ( مرض السكري) حيث تفقد مستقبلات الأنسولين – الموجودة على الأنسجة – الاستجابة للأنسولين.

لقد حاول كثيرون علاج السمنة فوضعت أنظمة غذائية كثيرة، كان أغلبها مزيفاً، وغير مبني على أسس علمية، إذ لا تعمل هذه الأنظمة إلى على فقدان كمية كبيرة نسبياً من ماء الجسم، فيعطي الانطباع بانخفاض الوزن، وبعض هذه الأنظمة أدى إلى فقدان الجسم لكمية من الدهون، لكنها أدت أيضاً إلى ظهور الأجسام الكيتونية (48).

أما الصيام الإسلامي المثالي فيعتبر النموذج الفريد للوقاية والعلاج من السمنة في آن واحد، حيث يمثل الأكل المعتدل والامتناع عنه مع النشاط والحركة، عاملين مؤثرين في تخفيف الوزن، وذلك بزيادة معدل استقلاب الغذاء بعد وجبة السحور، وتحريك الدهن المختزن لأكسدته في إنتاج الطاقة اللازمة بعد منتصف النهار.

ويرجع العلماء حدوث الزيادة في معدل استقلاب الغذاء (BMR) بعد تناول وجبة الطعام، إلى ارتفاع الأدرينالين والنور أدرينالين، وازدياد السيالات الودية (Sympathetic discharge)،نتيجة لنشاط الجهاز العصبي الودي (49). وعمل القوة المتحركة النوعية (Specific Dynamic Action)، حيث يستهلك كل نوع من محتويات الطعام طاقة حتمية أثناء عمليات الغذائي. فتستهلك كمية البروتين التي يمكن أن تعطي الجسم 100 كيلو كالورى، 30 كيلو كالورى، وتستهلك نفس الكمية من الكربوهيدرات والدهون 6 ك. ك، و4 ك. ك على التوالي، ويستمر نشاط عمليات الاستقلاب لمدة 6 ساعات، أو أكثر، بعد تناول وجبة الطعام.

ويعتبر بذل الجهد العضلي من أهم الأمور التي تؤدي إلى زيادة معدل الأيض (الاستقلاب) (Metabolic rate)،وهو الذي يظل مرتفعاً، ليس أثناء الجهد العضلي فقط، ولكن بعد ذلك بفترة طويلة كافية (50). وبهذا يحقق الصيام الإسلامي المثالي – المتمثل في الحفاظ على وجبة السحور والاعتدال في الأكل والحركة والنشاط أثناء الصيام – نظاماً غذائياً ناجحاً في علاج السمنة، أما نظام التجويع الطويل بالانقطاع الكلي عن الطعام فيؤدي إلى هبوط الاستقلاب، نتيجة لتثبيط الجهاز الودي ( السمبثاوي) وهبوط الأدرينالين والنور أدرينالين السابح في الجسم، وهذا يفسر لماذا يهبط وزن الشخص الذي يريد تخفيف وزنه بواسطة التجويع بشدة في البداية، ثم يقل بالتدريج بعد ذلك، ويكون معظم الوزن المفقود في الأيام الأولى هو في الواقع من الماء الموجود داخل الجسم، المليء بالطاقة المختزنة والأملاح المرافقة لها (51).

الصيام وتجدد الخلايا:

اقتضت حكمة الله تعالى أن يحدث التغيير والتبديل في كل شيء وفق سنة ثابتة، وقد اقتضت هذه السنة في جسم الإنسان أن تتبدل محتوى خلاياه كل ستة أشهر على الأقل، وبعض الأنسجة تتجدد خلاياها في فترات قصيرة تعد بالأيام، وبالأسابيع، مع الاحتفاظ بالشكل الخارجي الجيني، وتتغير خلايا جسم الإنسان وتتبدل فتهرم خلايا ثم تموت وتنشأ أخرى جديدة تواصل مسيرة الحياة... هكذا باضطراد، حتى يأتي أجل الإنسان، إن عدد الخلايا التي تموت في الثانية الواحدة في جسم الإنسان يصل إلى 125 مليون خلية(52)، وأكثر من هذا العدد يتجدد يومياً خلال مراحل النمو، ومثله في وسط العمر، ثم يقل عدد الخلايا المتجددة مع تقدم السن.

وبما أن الأحماض الأمينية هي التي تشكل البنية الأساسية في الخلايا، ففي الصيام الإسلامي تتجمع هذه الأحماض القادمة من الغذاء مع الأحماض الناتجة عن عملية الهدم، في مجمع الأحماض الأمينية في الكبد (Amino acid pool)ويحدث فيها تحول داخلي واسع النطاق وتدخل في دورة السترات (Citrate Cycle)،ويتم إعادة توزيعها بعد عملية التحول الداخلي (Interconversion)، ودمجها في جزئيات أخرى، كالبيورين (Purines)، والبيريميدين، أو البروفرين (Prophyrins)،ويصنع منها كل أنواع البروتينات الخلوية، وبروتين البلازما والهرمونات وغير ذلك من المركبات الحيوية، أما أثناء التجويع فتتحول معظم الأحماض الأمينية القادمة من العضلات – وأغلبها من نوع حمض الألانين – تتحول إلى جلوكوز الدم، وقد يستعمل جزء منها لتركيب البروتين، أو تجرى أكسدته لإنتاج الطاقة – بعد أن يتحول إلى أحماض أكسجينية (Oxoacids) (53)... وهكذا نرى أنه أثناء الصيام يحدث تبدل وتحول واسع النطاق داخل الأحماض الأمينية المتجمعة من الغذاء، وعمليات الهدم للخلايا، بعد خلطها وإعادة تشكيلها ثم توزيعها حسب احتياجات خلايا الجسم، وهذا يوفر لبنات جديدة للخلايا لترميم بنائها، ولرفع كفاءتها الوظيفية، مما يعود على الجسم البشرى بالصحة والنماء والعافية، وهذا لا يحدث في التجويع ( حيث الهدم المستمر لمكونات الخلايا وحيث الحرمان من الأحماض الأمينية الأساسية) فعندما تعود بعض اللبنات القديمة لإعادة الترميم تتداعى القوى، ويصير الجسم عرضة للأسقام أو الهلاك، فنقص حمض أميني أساسي واحد – يدخل في تركيب بروتين خاص – يجعل هذا البروتين لا يتكون... والأعجب من ذلك أن بقية الأحماض الأمينية التي يتكون منها هذا البروتين تتهدم وتتدمر (54).

كما أن إمداد الجسم بالأحماض الدهنية الأساسية (Essential Fatty Acids) في الغذاء، له دور هام في تكوين الدهون الفوسفاتية (Phospholipids)والتي مع الدهن العادي (Triacylglycorol)تدخل في تركيب البروتينات الدهنية (Lipoproteins)، ويقوم النوع منخفض الكثافة جداً منها (very low density lipoprotein)بنقل الدهون الفوسفاتية والكوليسترول – من أماكن تصنيعها بالكبد – إلى جميع خلايا الجسم، لتدخل في تركيب جدر الخلايا الجديدة وتكوين بعض مركباتها الهامة، ويعرقل هذه العملية الحيوية كل من الأكل الغني جداً بالدهون وكذلك الحرمان المطلق من الغذاء – كما في حالة التجويع، حيث تتجمع كميات كبيرة من الدهون في الكبد تجعله غير قادر على تصنيع الدهون الفرسفاتية والبروتين بمعدل يكفي لتصنيع البروتين الشحمي، فلا تنتقل الدهون من الكبد إلى أنحاء الجسم لتشارك في بناء الخلايا الجديدة، وتتراكم فيه وقد تصيبه بحالة التشمع الكبدي (55) (Fatty Liver)فتضطرب وظائفه، وينعكس هذا بالطبع على تجدد خلاياه هو أولاً، ثم على خلايا الجسم، وتقدم أجل وأعظم الخدمات في تجديد وإصلاح خلايا الجسم كله، غذ تقوم بإنتاج بروتينات البلازما كلها تقريباً (30-50جم يومياً) وتكوين الأحماض الأمينية المختلفة، وذلك بعمليات التحول الداخلي وتحويل البروتين والدهن والكربوهيدرات، كل منها للآخر، وتقديمها لخلايا الجسم بحسب احتياجاتها، وتدخل في صناعة الجلوكوز وتخزينه لحفظ تركيزه [81] في الدم، وأكسدة الجلولكوز والأحماض الدهنية بمعدلات مرتفعة لإمداد الجسم وخلاياه بالطاقة اللازمة في البناء والتجديد (56)، إذ تحتوي كل خلية كبدية من الوحدات المولدة للطاقة (Mitochondria)(57)1000 وحدة تقريباً، كما تكون الخلايا الكبدية الكوليسترول والدهون والفوسفاتية التي تدخل في تركيب جدر الخلايا، وفي المركبات الدقيقة داخل الخلية وفي العديد من المركبات الكيميائية الهامة واللازمة لوظيفة الخلية...

كما تقوم خلايا الكبد بصناعة إنزيمات حيوية وهامة لخلايا الجسم، كخميرة الفوسفتاز القلوية (Alkaline Phosphatase)،والتي بدونها لا تستخدم الطاقة المتولدة من الجلوكوز والأكسجين، ولا يتم الكثير من عمليات الخمائر والهرمونات وتبادل الشوارد (58). فيتأثر تجدد الخلايا وتضطرب وظائفها... كما تقدم خلايا الكبد خدمة جليلة في بناء الخلايا الجديدة حيث تختزن في داخلها عدداً من المعادن والفيتامينات الهامة اللازمة لتجديد خلايا الجسم، كالحديد، والنحاس، وفيتامين أ، ب2، ب12، وفيتامين د. وتقدم خلايا الكبد، أيضاً، أعظم الخدمات لتجديد الخلايا، حيث تزيل من الجسم المواد السامة، وهي المواد التي تعرقل هذا التجديد، أو حتى تدمر الخلايا نفسها ( كما في مادة الأمونيا التي تسمم خلايا المخ وتدخل مريض تليف الكبد إلى غيبوبة تامة).

إن الصيام الإسلامي هو وحده النظام الغذائي الأمثل لتحسين الكفاءة الوظيفية للكبد، حيث يؤدي إلى مده بالأحماض الدهنية والأمينية الأساسية، خلال وجبتي الإفطار والسحور، فتتكون لبنات البروتين، والدهون الفوسفاتية والكوليسترون وغيرها لبناء الخلايا الجديدة وتنظيف خلايا الكبد من الدهون التي تجمعت فيه بعد الغذاء خلال نهار الصوم فيستحيل بذلك أن يصاب الكبد بالتشمع الكبدي، أو تضطرب وظائفه بعدم تكوين المادة الناقلة للدهون منه، وهي الدهن الشحمي منخفض الكثافة جداً، (VLDL) والذي يعرقل تكونها التجويع، أو كثرة الأكل الغني بالدهون – كما بينا، وعلى هذا، يمكن أن نستنتج أن الصيام الإسلامي يمتلك دوراً فعالاً في الحفاظ على نشاط ووظائف خلايا الكبد، وبالتالي يؤثر بدرجة كبيرة في سرعة تجدد خلايا الكبد – وكل خلايا الجسد – وهو ما لا يفعله الصيام الطبي ولا يؤدي إليه الترف في الطعام الغني بالدهون.

لماذا الإفطار على التمر ؟

عند نهاية مرحلة ما بعد الامتصاص – في نهاية يوم الصوم – يهبط مستوى تركيز الجلوكوز والإنسولين من دم الوريد البابي الكبدي، وهذا يقلل بدوره من نفاذ الجلوكوز وأخذه بواسطة خلايا الكبد والأنسجة الطرفية (59)، كخلايا العضلات وخلايا الأعصاب، ويكون قد تحلل كل المخزون من الجليلكوجين الكبدي أو كاد، وتعتمد الأنسجة حينئذ في الحصول على الطاقة من أكسدة الأحماض الدهنية، وأكسدة الجلوكوز المصنع في الكبد من الأحماض الأمينية والجليسرول، لذلك، فإمداد الجسم السريع بالجلوكوز في هذا الوقت له فوائد جمة، إذ يرتفع تركيزه بسرعة في دم الوريد البابي الكبدي فور امتصاصه ويدخل إلى خلايا الكبد أولاً، ثم خلايا المخ والدم والجهاز العصبي والعضلي وجميع الأنسجة الأخرى، والتي هيأها الله تعالى لتكون السكريات غذاؤها الأمثل والأيسر للحصول منها على الطاقة (60).

ويتوقف بذلك تأكسد الأحماض الدهنية، فيقطع الطريق على تكون الأجسام الكيتونية الضارة، وتزول أعراض الهمود، والضعف العام، والاضطراب البسيط في الجهاز العصبي، إن وجدت لتأكسد كميات كبيرة من الدهون – كما يوقف تناول الجلوكوز عملية تصنيع الجلوكوز في الكبد، فيتوقف هدم الأحماض الأمينية وبالتالي حفظ بروتين الجسم.

ويعتبر التمر من أغنى الأغذية بسكر الجلوكوز، وبالتالي فهو أفضل غذاء يقدم للجسم حينئذ، إذ يحتوي على نسبة عالية من السكريات، تتراوح ما بين (75 – 87%)، ويشكل الجلوكوز 55% منها، والفركتوز 45%، هذا علاوة على نسبة من البروتينات والدهون وبعض الفيتامينات وأهمها: أ، ب2، ب 12، وكذلك بعض المعادن الهامة وأهمها: الكالسيوم، والفوسفور، والبوتاسيوم والكبريت، والصوديوم، والمغنيسيوم، والكوبالت، والزنك، والفلورين، والنحاس، والمنجنيز، ونسبة من السلولوز، ويتحول الفركتوز إلى جلوكوز بسرعة فائقة ويمتص مباشرة من الجهاز الهضمي ليروي ظمأ الجسم من الطاقة، وخصوصاً تلك الأنسجة التي تعتمد عليه أساساً، كخلايا المخ والأعصاب وخلايا الدم الحمراء وخلايا نقيُ العظام.

وللفركتوز مع السليلولوز تأثير منشط للحركة الدودية(61) للأمعاء، كما أن الفوسفور مهم في تغذية حجرات الدماغ، ويدخل في تركيب المركبات الفوسفاتية، مثال: الأدينوزين، والجوانين ثلاثي الفوسفات، وهي المواد التي تنقل الطاقة وترشد استخدامها في جميع خلايا الجسم... كما أن جميع الفيتامينات التي يحتويها التمر لها دور فعال في عمليات التمثيل الغذائي (أ، ب1، ب2، والبيوتين، والريبوفلافين... الخ)، ولها أيضاً تأثير مهدئ للأعصاب، وللمعادن الموجودة التمر دور أساسي في تكوين بعض الإنزيمات الهامة في عمليات الجسم الحيوية، ودور حيوي في عمل البعض الآخر، كما أن لها دوراً هاماً في انقباض وانبساط العضلات والتعادل الحمضي – القاعدي في الجسم، فيزول بذلك أيّ توتر عضلي أو عصبي، فيعم النشاط والهدوء والسكينة سائر البدن (62).

وعلى العكس من ذلك، لو بدأ الإنسان إفطاره بتناول المواد البروتينية أو الدهنية، فإنها لا تمتص إلا بعد فترة طويلة من الهضم والتحلل، ولا تؤد الغرض في إسعاف الجسم بحاجته السريعة للطاقة، فضلاً على أن ارتفاع الأحماض الأمينية في الجسم نتيجة للغذاء الخالي من السكريات، أو حتى الذي يحتوي على كمية قليلة منه، يؤدي إلى هبوط سكر الدم (63)، لهذه الأسباب، يمكن أن ندرك الحكمة في أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالإفطار على التمر ؟!

عن سلمان بن عامر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر، فإن لم جد فليفطر على ماء، فإنه طهور ) رواه أبو داود والترمذي. وقال: حديث حسن صحيح، وعن أنس رضي الله عنه قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر قبل أن يصلي على رطبات، فإن لم تكن رطبات فتميرات، فإن لم تكن تميرات حسا حسوات من ماء) رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن.

لماذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم الصائم بالهدوء والبعد عن الشجار !

إذا اعترى الصائم غضب وانفعال وتوتر، ازداد إفراز الأدرينالين(64) في دمه زيادة كبيرة، وقد يصل إلى 20 أو 30 ضعفاً عن معدله العادي، وذلك أثناء الغضب الشديد أو العراك. فإن حدث هذا في أول الصوم، أثناء فترة الهضم والامتصاص، اضطرب هضم الغذاء وامتصاصه زيادة على الاضطراب العام في جميع أجهزة الجسم، وذلك لأن الأدرينالين يعمل على ارتخاء العضلات الملساء في الجهاز الهضمي، ويقلل من تقلصات المرارة، ويعمل على تضييق الأوعية الدموية الطرفية وتوسيع الأوعية التاجية، كما يرفع الضغط الدموي الشرياني ويزيد كمية الدم الواردة إلى القلب وعدد دقاته. وإن حدث الغضب والشجار في منتصف النهار، أو في آخره، أثناء فترة ما بعد الامتصاص – تحل ما تبقى من مخزون الجليكوجين في الكبد، وتحلل بروتين الجسم إلى أحماض أمينية، وتأكسد المزيد من الأحماض الدهنية، كل ذلك ليرتفع مستوى الجلوكوز في الدم، فيحترق ليمد الجسم بالطاقة اللازمة في الشجار والعراك، وبهذا تستهلك الطاقة بغير ترشيد، كما أن بعض الجلوكوز قد يفقد مع البول إن زاد عن المعدل الطبيعي، وبالتالي يفقد الجسم كمية من الطاقة الحيوية الهامة في غير فائدة تعود عليه، ويضطر إلى استهلاك الطاقة من الأحماض الدهنية التي يؤكسد المزيد منها، وقد تؤدي إلى تولد الأجسام الكيتونية الضارة في الدم.

كما أن الازدياد الشديد للأدرينالين في الدم يعمل على خروج كميات كبيرة من الماء من الجسم، بواسطة الإدرار البولي (Diuresis)،كما يرتفع معدل الأيض ( الاستقلاب) الأساسي ( Basal Metabolic Rate)عند الغضب والتوتر، نتيجة لارتفاع الأدرينال وزيادة الشد العضلي(65). وقد يؤدي ارتفاع الأدرينالين إلى حدوث نوبات قلبية، أو إلى موت الفجاءة عند بعض الأشخاص المهيئين لذلك، وذلك نتيجة لارتفاع ضغط الدم، وارتفاع حاجة عضلة القلب للأكسجين (من جراء ازدياد سرعته)... وقد يتسبب الغضب، أيضاً في حدوث النوبات الدماغية، لدى المصابين بارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين.

كما أن ارتفاع الأدرينالين – نتيجة للضغط النفسي في حالات الغضب والتوتر – يؤدي إلى زيادة الكوليسترول في الدم، حيث يتكون من الدهن البروتيني منخفض الكثافة، والي قد يزداد أثناء الصيام، وقد ثبتت علاقته بمرض تصلب الشرايين، لهذا، ولغيره مما عرف ومما لم يعرف بعد، أوصى النبي صلى الله عليه وسلم الصائم بالسكينة وعدم الصخب والانفعال أو الدخول في عراك مع الآخرين... فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم ) متفق عليه.

من فوائد عدم شرب الماء في الصيام:

يشكل الماء حوالي 60-70% من وزن الجسم عند البالغين، وهو ينقسم إلى قسمين رئيسيين: قسم داخل الخلايا، وقسم خارجها، بين الخلايا، في الأنسجة والأوعية الدموية والعصارات الهضمية وغير ذلك، وبين القسمين توازن دقيق، والتغير في تركيزات الأملاح – خصوصاً الصوديوم الذي يتركز وجوده في السائل خارج الخلايا – ينبه أو يثبط عمليتين حيويتين داخل الجسم، وهما: آلية إفراز الهرمون المضاد لإدرار البول (ADH)، وآلية الإحساس بالعطش، وتؤثر كل منهما في تهيئة الجسم لحفاظه على الماء داخله وقت الشدة، وذلك بتأثير الهرمون المضاد لإدرار البول على زيادة نفاذية الأنابيب الكلوية البعيدة، والأنابيب والقنوات الجامعة، حيث يسرّع امتصاص الماء ويقلل من إخراجه، كما يتحكم القسمان معاً في تركيزات الصوديوم خارج الخلايا... وكلما زاد تركيز الصوديوم زاد حفظ الماء داخل الجسم.

ولقد درس مصطفى وزملاؤه في السودان ( سنة 1987م) توازن الماء والأملاح في جسم الصائم، وأثبت هذا البحث أن الإخراج الكلي للصوديوم يقل، وخصوصاً أثناء النهار (66)، إن تناول الماء أثناء الامتناع عن الطعام ( في الصيام) يؤدي إلى تخفيف التناضح (Osmolarity)(67)في السائل خارج الخلايا، وهذا بدوره يؤدي إلى تثبيط إفراز الهرمون المضاد لإدرار البول، فيزداد الماء الخارج من الجسم في البول مع ما يصحبه من الصوديوم وبعض الأملاح الأخرى، وفي هذا تهديد لحياة الإنسان ( إن لم تعوض هذه الأملاح) حيث يعتبر الصوديوم عنصراً حيوياً في توطيد الجهد الكهربائي عبراً جدران الخلايا العصبية وغير العصبية... كما أن له دوراً حيوياً في تنبيه وانقباض العضلات، وعند نقصانه يصاب الإنسان بضعف عام في جسمه.

وهناك علاقة بين العطش وبين تحلل الجليكوجين: إذ يسبب العطش إفراز جرعات – تتناسب وقوة العطش – من هرموني الأنجوتنسين 2 (Angiotensin II)والهرمون القابض للأوعية الدموية (Vasopressin)، وهما اللذان يسببان تحلل الجليكوجين في إحدى مراحل تحلله بخلايا الكبد (68). فكلما زاد العطش زاد إفراز هذين الهرمونين بكميات كبيرة، مما يساعد في إمداد الجسم بالطاقة، وخصوصاً في نهاية اليوم.

كما أن زيادة الهرمون المضاد لإدرار البول(ADH) المستمر طوال فترة الصيام في شهر رمضان، قد يكون له دور هام في تحسين القدرة على التعلم وتقوية الذاكرة وقد ثبت ذلك على حيوانات التجارب(69). لذلك فالقدرة العقلية قد تتحسن عند الصائمين، بعكس ما يعتقد عامة الناس، كما أن الحرمان من الماء أثناء الصيام، يتسبب في حدوث زيادة كبيرة في آليات تركيز البول في الكلى، مع ارتفاع القوة الأزموزية البولية ( قد يصل من 1000 إلى 12 ألف مل أزمو/ كجم ماء) وهكذا تنشط هذه الآليات الهامة لسلامة وظائف الكلى.

كما أن عدم شرب الماء خلال نهار الصيام يقلل من حجمه داخل الأوعية الدموية، وهذا بدوره يؤدي إلى تنشيط الآلية المحلية بتنظيم الأوعية وزيادة إنتاج البروستاجلاندين (Prosaglandine)، والذي له تأثيرات عديدة وبجرعات قليلة إذ أن له دوراً في حيوية ونشاط خلايا الدم الحمراء، وله دور في التحكم في تنظيم قدرة هذه الخلايا لتعبر من خلال جدران الشعيرات الدموية... وبعض أنواعه له دور في تقليل حموضة المعدة، ومن ثم تثبيط تكون القُرح المعدية – كما ثبت في حيوانات التجارب... كما أنه له دوراً في علاج العقم، حيث يسبب تحلل الجسم الأصفر، ومن ثم فقد يؤدي دوراً في تنظيم دورة الحمل عند المرأة... كما يؤثر على عدة هرمونات داخل الجسم، فينبه إفراز هرمون الرينين، وبعض الهرمونات الأخرى، مثل الهرمون الحاث للقشرة الكظرية (SH and ACTH)وغيره... كما يزيد من قوة استجابة الغدة النخامية (Pituitary gland)(70)للهرمونات المفرزة من منطقة تحت الوساد في المخ.... كما يؤثر على هرمون الجلوكاجون، وهرمون الكاتيكولامين ( الأدرينالين والنورادرينالين)، وبقية الهرمونات التي تؤثر على إطلاق الأحماض الدهنية الحرة... كما يوجد البروستجلاندين في المخ، ومن ثم له تأثير في إفراز الناقلات للإشارة العصبية.. كما أنه له دوراً في التحكم في إنتاج أحادى فوسفات الأدينوزين الحلقي (CAMP)وهو الذي يزداد مستواه لأسباب عديدة... ويؤدي دوراً هاماً في تحلل الدهن المختزن(71)... لذلك، فإن العطش أثناء الصيام له فوائد عديدة – بطريق مباشر أو غير مباشر – نتيجة لزيادة مادة البروستجلاندين، حيث يمكن أن يحسن كفاءة خلايا الدم، ويحمي الجسم من قرحة المعدة، ويشارك في علاج العقم، ويسهل الولادة، ويحسن الذاكرة، ويحسن آليات عمل الكلى، وغير ذلك.

إن الله سبحانه وتعالى جعل للجسم البشري مقدرة على صنع الماء من خلال العمليات والتحولات الكيميائية العديدة التي تحدث في جميع خلايا الجسم، إذ يتكون أثناء عمليات أيض ( استقلاب) الغذاء وتكوين الطاقة في الكبد والكلى والمخ والدم وسائر الخلايا – تقريباً – جزئيات ماء، وقد قدر العلماء كمية هذا الماء في اليوم من ثلث إلى نصف لتر، ويسمى الماء الذاتي، أو الداخلي (Intrinsic Water)، كما خلق الله للإنسان ماء داخلاً، خلق له طعاماً داخلياً فمن نفايات أكسدة الجلوكوز يُصنّع الجلوكوز مرة أخرى، حيث يتحول كل من حمض اللاكتيك والبيروفيت ( وهما نتاج أكسدة الجلوكوز) إلى جلوكوز مرة أخرى، حيث تتوجه هذه النفايات إلى الكبد فيجعلها وقوداً لتصنيع جلوكوز جيد في الكبد، ويتكون يومياً حوالي 36 جراماً من هذا الجلوكوز الجديد من هذين الحمضين، غير الذي يتكون من الجليسرول والأحماض الأمينية (72).

وبهذا يمكن أن ندرك سر نهي النبي صلى الله عليه وسلم الناس عن إكراه مرضاه على الطعام والشراب، حيث كان الناس يظنون – وللأسف لا يزالون – أن الجسم البشري كالآلة الصماء، لا تعمل إلا بالإمداد الدائم بالغذاء، وأن في الغذاء الخارجي فقط تكمن مقاومة ضعف المرض، وأخبر صلى الله عليه وسلم أن الله يطعمهم ويسقيهم، فقال عليه الصلاة والسلام: ( لا تكرهوا مرضاكم على الطعام والشراب، فإن الله عز وجل يطعمهم ويسقيهم ) رواه ابن ماجه والحاكم، وصححه هو والألباني..

إنه الله...... آمنت بالله..

===============

(1) محاضرة ألقيت بالموسم الثقافي لعام 2001م.

(2) أستاذ ورئيس قسم الكيمياء الحيوية بالمركز القومي للبحوث سابقاً، ورئيس مجلس إدارة جمعية الإعجاز العلمي للقرآن والسنة، وعضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بمصر، وصاحب العديد من براءات الاختراع المسجلة في دول أوروبية وأمريكية، في مجال العقاقير والمنتجات الطبيعية واستعمالاتها الطبية.

(3) الحديث رواه مسلم 2/807 رقم 163، وأحمد 2/283، والنسائي 4/1163.

(4) خلايا لمفاوية مائية، والخلايا الليمفاوية طراز من الخلايا الدموية البيض، التي تتميز بأنها غير حبيبة وتمثل الخلية الأساسية في الليمف ( المحرر العلمي).

(5)Riyad Albiby and Ahmed Elkadi: A preliminary Report on Effects of Islamic Fasting on Lipoprotens and Immunity. JMA, vol , 17 188 page 84.

(6) د/ عبد الجواد الصاوي: الصيام معجزة علمية ص 123 و144. 1413هـ / 1992، ط1، دار القبلة.

(7) د/ فاهم عبد الرحيم وآخرون: تأثير الصيام الإسلامي على مرض الكلى والمسالك البولية، نشرة الطب الإسلامي، العدد الرابع، أعمال وأبحاث المؤتمر العالمي الرابع عن الطب الإسلامي ( منظمة الطب الإسلامي بالكويت) 1407 هـ 1986م ص 707 – 714.

(8) د/ عبد الجواد الصاوي: الصيام معجزة علمية ص 123 و144. 1413هـ / 1992، ط1، دار القبلة.

(9) تستوستيرون هو الخصيون، وهو هرمون تنتجه الخلايا البيئية في الخصية، وهو الهرمون الذكري الأساسي، إذ تظهر مسؤوليته في تنمية الأعضاء الشقية ( الجنسية) المساعدة وظهور الصفات الشقية الثانوية في الحيوان الذكر ( المحرر العلمي).

(10) د/ عبد الجواد الصاوي: الصيام معجزة علمية ص 123 و144. 1413هـ / 1992، ط1، دار القبلة.

(11)jalal Saour: Does Ramadan Fasting Complicate Antcoagulant Therapy? Fasting: Its Efects on Gealth and Diseases Basic Priniciples and Clinical Practive (Abstracts). College of Medicine King Saud University , Riyadh, December 1990.

(12)Sulimami R. A. Famuyiwa F. O. Laaga M. A. (1988): Diabetes Mellitus and Ramadan Fasting: the Need for Critical Appraisal. Diabetes Medicine 8: 549-552.

9- S. M Bakir , (1991): Can Fasting in Ramadan Help in Some Peripheral Vascular Diseases ? JIMA, Vol. 23: 163-164.

(13) د/ عبد الجواد الصاوي: الصيام معجزة علمية ص 123 و144. 1413هـ / 1992، ط1، دار القبلة.

(14)S. M Bakir , (1991): Can Fasting in Ramadan Help in Some Peripheral Vascular Diseases ? JIMA, Vol. 23: 163-164.

(15)A N N. Mariuden, I. Trang, N veniselos, and Pamblad (1983): Neutrophil Functions and Clinical Prformance After Total Fasting in Patients with Rheumatis. Annals of Rheumatic Diseases. 42: 45-51.

(16)Muzam MG,. Ali M. N. and Husain A. (1963): Observations on the Effects Of Ramadan Fasting On Gastric On Gastric Acidity , the Medicus 25: 228.

(17) الاستقلاب هو الأيض (Metabolism)، وهو يتضمن عمليات التحويل الكيميائي للمواد الغذائية المعقدة إلى مواد بسيطة يستطيع الجسم أن يستفيد منها ( المحرر العلمي).

(18)Prentice, A. M. Prenctice, A. Lamd W. H: Lunn p. G. (1983): Austins. Hum Nutr Clin Nur , 37 (4) 283-94.

13- M. Y. Sukkar h. A. Elmunshid and M. S. M Ardawi (1993): Concis Human Physiology: Blackwell Scientific Publications , Oxford. Pp. 175-181.

(19) د/ عبد الجواد الصاوي: الصيام معجزة علمية ص 123 و144. 1413هـ / 1992، ط1، دار القبلة.

(20)M. Y. Sukkar h. A. Elmunshid and M. S. M Ardawi (1993): Concis Human Physiology: Blackwell Scientific Publications , Oxford. Pp. 175-181.

(21) د/ عبد الجواد الصاوي: الصيام معجزة علمية ص 123 و144. 1413هـ / 1992، ط1، دار القبلة.

(22) د/ عبد الجواد الصاوي: الصيام معجزة علمية ص 123 و144. 1413هـ / 1992، ط1، دار القبلة.

(23)Hasan Nasrat and Mansour Suliman (1987): Efact Of Ramadan Fast-ing on Plasma Progesercne and Prolactin. Islamic International Conference on Islamic legalation & the Current Medical Problems 2-3 Fib. 1987 Cairo Egypt.

and: S. M. A Abbas and A. H. Basahmah (1986): Effcts Of Ramadan Fast On Male Fertility. Archives Of Andorology. 16: 161-166.

(24) د/ عبد الجواد الصاوي: الصيام معجزة علمية ص 123 و144. 1413هـ / 1992، ط1، دار القبلة.

(25) المرجع السابق.

(26)المرجع السابق.

(27)jalal Saour: Does Ramadan Fasting Complicate Antcoagulant Therapy? Fasting: Its Efects on Gealth and Diseases Basic Priniciples and Clinical Practive (Abstracts). College of Medicine King Saud University , Riyadh, December 1990.

(28) د/ عبد الجواد الصاوي: الصيام معجزة علمية ص 123 و144. 1413هـ / 1992، ط1، دار القبلة.

(29)William F. Ganong (1991): Review of Medical Physiology. 15th Edition. Appleton & Lange , Los Altos , California.

(30)J. Hywel Thomas and Brian Gillham (1989): Will`s Biochemical Basis of Medicine , 2nd Edition London.

(31) المرجع السابق.

(32)William F. Ganong (1991): Review of Medical Physiology. 15th Edition. Appleton & Lange , Los Altos , California.

(33) المرجع السابق.

(34) الكاتابولزم هو الأيض الهدمي، وهو أحد شكلي الأيض، ويحدث فيه هدم جزيئات البروتوبلازم، وذلك بقصد إنتاج الطاقة اللازمة للأنشطة الحيوية بجسم الكائن الحي (المحرر العلمي).

(35) الأنابوليزم هو الأيض البنائي، وهو فعالية كيميائية حيوية بنائية تمثل جزءاً من الأيض ( أو الاستقلاب) العام، يحدث فيها اتحاد جزئيات صغيرة بجزئيات أكبر منها ويتم بها تخليق البنية النسيجية في الكائن الحي، وعكسه الأيض الهدمي ( المحرر العلمي).

(36)William F. Ganong (1991): Review of Medical Physiology. 15th Edition. Appleton & Lange , Los Altos , California.

(37) نجيب الكيلاني: الصوم والصحة، مؤسسة الرسالة (بيروت) ط1، 1987م.

(38)William F. Ganong (1991): Review of Medical Physiology. 15th Edition. Appleton & Lange , Los Altos , California.

(39)M. Y Sukkar. H. A. El-munshid and M. S. M Ardawi (1993): Concise Human Physiology: Blackewell Scientific Publications , Oxford. Pp. 175-181.

(40)William F. Ganong (1991): Review of Medical Physiology. 15th Edition. Appleton & Lange , Los Altos , California.

(41) الهيبوثالامس هو تحت المهاد، وهو أرضية سمكية للبطين الثالث في الدماغ، ويعتبر مكان إنتاج عدد من المواد تؤثر في الغدية النخامية، وهو في الثدييات يحتوي مراكز عصبية تتحكم في تنظيم درجة حرارة الجسم (المحرر العلمي).

(42)William F. Ganong (1991): Review of Medical Physiology. 15th Edition. Appleton & Lange , Los Altos , California.

(43)Dianes Colby (1985): Biochemistry: Asynopsis. Middle Ease Edition Medical Publication Los Altos , California. Pp 64 140.

(44)William F. Ganong (1991): Review of Medical Physiology. 15th Edition. Appleton & Lange , Los Altos , California.

(45)S. M. A Abbas and A. H. Basahmah (1986): Effcts Of Ramadan Fast On Male Fertility. Archives Of Andorology. 16: 161-166.

(46) نجيب الكيلاني: الصوم والصحة، مؤسسة الرسالة (بيروت) ط1، 1987م.

(47) د/ آلان كوت: دراسة حول الصوم الطبي النظام الغذائي الأمثل، إعداد فاروق آقبيق وآخرين، مؤسسة الإيمان ( بيروت) ط2، 1407هـ / 1987م.

(48)S. M Bakir , (1991): Can Fasting in Ramadan Help in Some Peripheral Vascular Diseases ? JIMA, Vol. 23: 163-164.

(49) الجهاز العصبي الودي، أو التعاطفي، أو السمبثاوي، يمثل جزءاُ من الجهاز العصبي الذاتي وهو يعصب العضلات المخططة وغدد الجسم المختلفة، تترك أعصابه الحبل الشوكي في الجهة السفلية وتذهب إلى سلسلة من العقد العصبية الموجودة على كلا جانبي العمودي الفقري، أو إلى عقدة وسيطة موجودة في المساريقا، وبالتالي إلى الأحشاء (المحرر العلمي).

(50) د. م. / منيب بيجين: بيوكيماوي (كيمياء حيوية) على صوم رمضان. نشرة الطب الإسلامي، العدد الثالث، أعمال وأبحاث المؤتمر العلمي الثالث عن الطب الإسلامي ( منظمة الطب الإسلامي بالكويت) 1405هـ / 1984م – ص 384- 390.

(51) المرجع السابق.

(52)William F. Ganong (1991): Review of Medical Physiology. 15th Edition. Appleton & Lange , Los Altos , California.

(53) المرجع السابق.

(54) د. م. / منيب بيجين: بيوكيماوي (كيمياء حيوية) على صوم رمضان. نشرة الطب الإسلامي، العدد الثالث، أعمال وأبحاث المؤتمر العلمي الثالث عن الطب الإسلامي ( منظمة الطب الإسلامي بالكويت) 1405هـ / 1984م – ص 384- 390.

(55)William F. Ganong (1991): Review of Medical Physiology. 15th Edition. Appleton & Lange , Los Altos , California.

(56) المرجع السابق.

(57) الميتوكوندريا: هي جسيمات سيتوبلازمية غنية بالصبغين ( كروماتين) يكن في جبلة الخلية مصدراً لحبيباتها، أي لتكن حبات النشا وغيرها... وتنتشر هذه السبحيات في أنحاء السيتوبلازم، وتعمل كمصدر لطاقة في الخلية. حيث تحصل فيها تفاعلات التأكسد التي تمد عمليات الخلية المحتاجة لطاقة بحاجتها من أكسدة الغذاء في الخلية ( المحرر العلمي).

(85)Al-Hadramy M. S. , Zawawi T. H. , Abdelwahed S. M. (1988): Altered Cortisol Level in Relation to Ramadan. Eur. J. Clin. Nutr 42: 359-362.

(59) نجيب الكيلاني: الصوم والصحة، مؤسسة الرسالة (بيروت) ط1، 1987م.

(60) المرجع السابق.

(61) الحركة الدودية (Peristalsis) هي بالفصحى العربية، ( التمعج)، وهي حركة تموجية منتظمة ومتقدمة تحدث في الأمعاء وغيرها من أنابيب الجسم، نتيجة لتقص عضلاتها الطولية والعرضية، وهي في الأمعاء تحدث لدفع المواد الغذائية باتجاه المستقيم، ثم منطقة الإست ( المحرر العلمي).

(62) د/ حكمت عبد الكريم فريحات: الوجيز في علم وظائف الأعضاء، دار البشير ( عمان) ط1، 1407هـ / 1986م. ص 201-233.

(63)William F. Ganong (1991): Review of Medical Physiology. 15th Edition. Appleton & Lange , Los Altos , California.

(64) الأدرينالين هو الكظرين، وهو هرمون ينتج من اللب الكظري في الحيوان وفي الإنسان، وتفرزه بعض نهايات الأعصاب التعاطفية حيث يتعرض الجسم لضغط نفسي، يؤدي إفرازه في تيار الدم إلى ارتفاع مستوى السكر في الدم، والإسراع من ضربات القلب، وانقباض الشرايين الدموية الدقيقة، واتساع حدقة العين، وأحداث أخرى (المحرر العلمي).

(65) د. م. / منيب بيجين: بيوكيماوي (كيمياء حيوية) على صوم رمضان. نشرة الطب الإسلامي، العدد الثالث، أعمال وأبحاث المؤتمر العلمي الثالث عن الطب الإسلامي ( منظمة الطب الإسلامي بالكويت) 1405هـ / 1984م – ص 384- 390.

(66) د/ عبد الله عبد الرزاق السعيد: الرطب والنخلة، الدار السعودية للنشر والتوزيع، ط1، 1405هـ - 1985م، ص 107- 145.

(67) التناضح (Osmolarity) هو الدفع أو التحال، وهو تبادل يحصل بين محلولين كثافتيهما مختلفين، يفصلهما عن بعضهما البعض غشاء عضوي نفاذ، ويظل التبادل جارياً فيما بينها حتى يتجانسا، وإذا كان المحلول الأقل كثافة ينتقل إلى الأكثر كثافة سميت العملية: تناضجاً داخلياً (Endoosmosis)، وإذا حدث العكس سميت: تناضجاً خارجياً (exoosmosis) وهو (الدافع)، على اساس أن المقطع Osmosبالإغريقية يعني Pushبالإنجليزية، أي ( الدفع) بالعربية ( المحرر العلمي).

(68)K. Y. Mustafa, N. A. Mohamoud , K. A Gumaa and A. M. Gader (1978): The Effects of Fasting in Ramadan on Fluid and Electrolyte Balance Br. J. Nutr. 40: 583-589.

(69) هـ. م. شيلتون. التداوي بالصوم، ترجمة ونشر دار الرشيد، ط 2، 1407هـ / 1987م. دمشق وبيروت.

(70) الغدة النخامية، أو الجسم النخامي، يسميها البعض: ( الغدة النخامية)، وهي غدة صماء صغيرة بيضية الشكل، تقلع في قاعدة الدماغ، وتفرز هرمونات تسيطر على بقية الغدد الصم الأخرى بالجسم، وتأثيرها في ضبط النمو مشهور، تتألف هذه الغدة من فصين بينهما جزء متوسط ضيق يسمى: ( المنطقة المتوسطة)، ويختلف الفصان عن بعضهما، مظهراً وتركيباً ووظيفة.. ويفرز الفص الأمامي هرموناً ينظم نمو العظام، فإذا زاد تضخمت العظام، خاصة عظام اليدين والقدمين والفك السفلي، وإذا نقص سبب قصر القامة، وأما الفص الخلفي فيفرز مادة النخامين (Pituitrin) التي تعمل على انقباض الرحم، خاصة وقت الحمل، كما يسهل الولادة ويوقف النزيف بعدها، ويشترك في إدرار الحليب للوليد، كما يعمل على رفع ضغط الدم وعلى فيض العضلات غير الإرادية كجدران المثانة أثناء التبول، وجدران الشعب الرئوية أثناء التنفس، وجدران الأمعاء أثناء البترزن ويتحكم في عضلات الثدي أثناء عملية الرضاعة ( المحرر العلمي).

(71) د. م. / منيب بيجين: بيوكيماوي (كيمياء حيوية) على صوم رمضان. نشرة الطب الإسلامي، العدد الثالث، أعمال وأبحاث المؤتمر العلمي الثالث عن الطب الإسلامي ( منظمة الطب الإسلامي بالكويت) 1405هـ / 1984م – ص 384- 390.

(72) المرجع السابق.

المصادر والمراجع

1- الحديث رواه مسلم 2/807 رقم 163، وأحمد 2/283، والنسائي 4/1163.

2- Riyad Albiby and Ahmed Elkadi: A preliminary Report on Effects of Islamic Fasting on Lipoprotens and Immunity. JMA, vol , 17 188 page 84.

3- د/ عبد الجواد الصاوي: الصيام معجزة علمية ص 123 و144. 1413هـ / 1992، ط1، دار القبلة.

4- د/ فاهم عبد الرحيم وآخرون: تأثير الصيام الإسلامي على مرض الكلى والمسالك البولية، نشرة الطب الإسلامي، العدد الرابع، أعمال وأبحاث المؤتمر العالمي الرابع عن الطب الإسلامي ( منظمة الطب الإسلامي بالكويت) 1407 هـ 1986م ص 707 – 714.

5- K. Inesh Beitins , Thomas , Badger et. al (1981): Reproductive Function During Fasting – Men. j of Clin Endocrin and Metabol. 53: 258-266.

6- محاسن التأويل للقاسمي 2/87.

7- jalal Saour: Does Ramadan Fasting Complicate Antcoagulant Therapy? Fasting: Its Efects on Gealth and Diseases Basic Priniciples and Clinical Practive (Abstracts). College of Medicine King Saud University , Riyadh, December 1990.

8- Sulimami R. A. Famuyiwa F. O. Laaga M. A. (1988): Diabetes Mellitus and Ramadan Fasting: the Need for Critical Appraisal. Diabetes Medicine 8: 549-552.

9- S. M Bakir , (1991): Can Fasting in Ramadan Help in Some Peripheral Vascular Diseases ? JIMA, Vol. 23: 163-164.

10- A N N. Mariuden, I. Trang, N veniselos, and Pamblad (1983): Neutrophil Functions and Clinical Prformance After Total Fasting in Patients with Rheumatis. Annals of Rheumatic Diseases. 42: 45-51.

11- Muzam MG,. Ali M. N. and Husain A. (1963): Observations on the Effects Of Ramadan Fasting On Gastric On Gastric Acidity , the Medicus 25: 228.

12- Prentice, A. M. Prenctice, A. Lamd W. H: Lunn p. G. (1983): Austins. Hum Nutr Clin Nur , 37 (4) 283-94.

13- M. Y. Sukkar h. A. Elmunshid and M. S. M Ardawi (1993): Concis Human Physiology: Blackwell Scientific Publications , Oxford. Pp. 175-181.

14- Hasan Nasrat and Mansour Suliman (1987): Efact Of Ramadan Fast-ing on Plasma Progesercne and Prolactin. Islamic International Conference on Islamic legalation & the Current Medical Problems 2-3 Fib. 1987 Cairo Egypt.

15- S. M. A Abbas and A. H. Basahmah (1986): Effcts Of Ramadan Fast On Male Fertility. Archives Of Andorology. 16: 161-166.

16- دليل جديد على الإعجاز العلمي لحديث ( صوموا تصحوا)، وآية { وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ }. د/ أحمد القاضي، معهد الطب الإسلامي للتعليم والبحوث. (بنماسيتي – فلوريدا – الولايات المتحدة).

17- التفسير الكبير للرازي 20/82 ط 3 دار الباز.

18- J. Hywel Thomas and Brian Gallaham, Will`s Biochemical Basis of Medicine , 2nd Edition (1989) , London pp. 97-114. 272-97.

19- د. م. / منيب بيجين: بيوكيماوي (كيمياء حيوية) على صوم رمضان. نشرة الطب الإسلامي، العدد الثالث، أعمال وأبحاث المؤتمر العلمي الثالث عن الطب الإسلامي ( منظمة الطب الإسلامي بالكويت) 1405هـ / 1984م – ص 384- 390.

20- William F. Ganong (1991): Review of Medical Physiology. 15th Edition. Appleton & Lange , Los Altos , California.

21- J. Hywel Thomas and Brian Gillham (1989): Will`s Biochemical Basis of Medicine , 2nd Edition London.

22- د/ حامد محمد حامد: رحلة الإيمان في جسم الإنسان، دار القلم ( دمشق) ط1، 1411هـ / 1991م.

23- القرآن الكريم.

24- نجيب الكيلاني: الصوم والصحة، مؤسسة الرسالة (بيروت) ط1، 1987م.

25- M. Y Sukkar. H. A. El-munshid and M. S. M Ardawi (1993): Concise Human Physiology: Blackewell Scientific Publications , Oxford. Pp. 175-181.

26- DianesColby (1985): Biochemistry: Asynopsis. Middle Ease Edition Medical Publication Los Altos , California. Pp 64 140.

27- د/ آلان كوت: دراسة حول الصوم الطبي النظام الغذائي الأمثل، إعداد فاروق آقبيق وآخرين، مؤسسة الإيمان ( بيروت) ط2، 1407هـ / 1987م.

28- Al-Hadramy M. S. , Zawawi T. H. , Abdelwahed S. M. (1988): Altered Cortisol Level in Relation to Ramadan. Eur. J. Clin. Nutr 42: 359-362.

29- د/ حكمت عبد الكريم فريحات: الوجيز في علم وظائف الأعضاء، دار البشير ( عمان) ط1، 1407هـ / 1986م. ص 201-233.

30- د/ عبد الله عبد الرزاق السعيد: الرطب والنخلة، الدار السعودية للنشر والتوزيع، ط1، 1405هـ - 1985م، ص 107- 145.

31- K. Y. Mustafa, N. A. Mohamoud , K. A Gumaa and A. M. Gader (1978): The Effects of Fasting in Ramadan on Fluid and Electrolyte Balance Br. J. Nutr. 40: 583-589.

32- هـ. م. شيلتون. التداوي بالصوم، ترجمة ونشر دار الرشيد، ط 2، 1407هـ / 1987م. دمشق وبيروت.



« آخر تحرير: 2008-10-27, 10:42:52 بواسطة حازرلي أسماء »

حازرلي أسماء

  • زائر
وهذه جملة من الفوائد الصحية للصيام ، ممثلة في الصورة التالية :
فضلا انقروا على الصورة المرفقة لتبدو كاملة ومن بعدها كبروها بأيقونة التكبير الكائنة أسفلها




« آخر تحرير: 2008-10-27, 11:23:31 بواسطة حازرلي أسماء »

حازرلي أسماء

  • زائر
***********************درر  نــــــَـــــــــــثْر درة ****************************************

أسأل الله سبحانه أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه وأن يجعلنا من المتدبرين المنتفعين المهتدين بالقرآن الكريم ، المتقين الذين قال فيهم سبحانه وتعالى :
ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين

وأحاول قدر ما وسعني فهمي البسيط الذي إن أصبت به فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان أن أضع بعض الفوائد التي نخرج بها من كل صفحة مباركة ، وصفحتنا التي عشنا معها ودرّتنا التي تنثر علينا الدرر هي :

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(183) أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (184)شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ القُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185)وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُم يَرْشُدُونَ(186)

1- الصيام فرض فرضه الله على أمة محمد صلى الله عليه وسلم كما فرضه على الأمم من قبلها ، فقد فرض على أهل الكتاب كلهم .
2-الغاية العظمى من الصيام والثمرة التي يرجى للمؤمن قطفها منه هي التقوى ، تقوى الله عز وجل إذ هو تربية للنفس عليها بتعويدها على إتيان المحاب وترك المساخط من القول والفعل .
3-فرض الصيام مخفَّف على المؤمنين ابتداء، إذ أنّ أول التخفيف كونه أياما معدودات فلم يكن أشهرا متواصلة ولا دهرا .
4-المريض والمسافر معذوران ومخفف عنهما بالإفطار والقضاء عند الإقامة ، وهو تخفيف ثان
5-الذين لا يتحملون مشاق الصيام من حُبلى ومرضع وشيخ مخفف عنهم بأن يفتدوا إطعام مسكين عن كل يوم وهو تخفيف ثالث
6-رمضان والقرآن مترابطان لا ينفصلان ، فهو شهر القرآن وأحب العبادات فيه وأهمها القرآن من حفظ وتلاوة ومدارسة ، وإذ أن البرّ كله والخير كله هو القرآن يمضي أقوالا ويمشي أفعالا .
7-القرآن هدى لكل البشر ومحمد صلى الله عليه وسلم الذي بعث به  رحمة للعالمين .
8-من شهد الهلال وحضر إعلانه وجب عليه الصوم.
9-ويعاد ذكر التخفيف على المريض والمسافر بالقضاء أياما أخرى .
10-الله يريد اليسر بعباده ولا يريد بهم العسر وهو الذي يعلم ضعف النفس ويريد أن يخفف عنها ، الإسلام دين يسر وتيسير وملاءمة لأحوال  النفس المتقلبة بين الضعف والقوة والصحة والمرض .
11- التيسير مراد به إكمال العدة من الفرض وألا يكون منقوصا وفي هذا مساواة بين الناس مع تخفيف عليهم حين عدم مقدرة  ولكن عند المقدرة يكمل المؤمن عدة فرضه وإلا وقع في فخ التكاسل والاستسهال
12- غاية التيسير تكبير بعد إكمال عدة الصيام ، على ذلك الفرض العظيم الذي يربي في النفس التقوى ويعودها عليها...تكبير الله على ما هدى المؤمنين إليه من هدى ومن أوجه الخير العميم .
13-الشكر وهو الطاعة الغاية التي على المؤمن أيضا  بلوغها وهي الوسيلة التي يستزيد بها الخير من العلي الكبير .

فالتيسير إذن غايته ثلاثية الأبعاد :   13 +12 +11 = إكمال العدة لتعظيم شعائر الله +تكبير الله تعالى على هداه+شكر الله تعالى على تفضله

14-الله سبحانه قريب مجيب لا وساطة بينه وبين عباده
15-الله سبحانه هو المعبود الذي يجب له التوجه بإخلاص تام .
16-الله تعالى لا يرد عبدا من عباده المخلصين خائبا إذا دعاه في حاجة.
17- وجوب طاعة الله والإخبات لأمره والإيمان الخالص به من أجل بلوغ صفة الرشاد


18-الرشاد هو الصلاح في الدين لإصلاح الدنيا به .

19-المؤمنون المسلمون قوم مطيعون لله ولرسوله متبعون لأوامره سبحانه مقتدون بهدي نبيهم صلى الله عليه وسلم بينما غيرهم تائهون يرتضون حكم العباد على حكم رب العباد .

حازرلي أسماء

  • زائر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أهلا بكم إخوتي لنعيش سوية مع صفحة جديدة  emo (30):، ومع درة جديدة من درر قرآننا العظيم ، نعيش بما ييسر لنا الله تعالى من سبل البحث والتنقيب والتأمل والتدبر والتساؤل ، متنقلين بين شتى المجالات التي تكون لها صلة بكلمات الآيات الكريمات المزيّنات صفحة من صفحات كتابنا العظيم وكنزنا الثمين قرآننا طبّ قلوبنا ، ونور أبصارنا وبصائرنا ومنهج حياتنا ....

نسأله سبحانه وتعالى العيش معه، والعيش له، والعيش به....

واليوم مع الصفحة رقم 29 من سورة البقرة العظيمة الجليلة الحبيبة ، هذه السورة الشاملة الجامعة التي تنقل لنا أحسن القَصص تعلمنا أحسن العبر ، وتبيّن لنا أسمح الأحكام والتشريعات السماويّة الحكيمة ....

لنستذكر سوية يا إخوتي أننا ومع آية البرّ "ليس البرّ أن تولوا وجوهكم .......... وأولئك هم المتقون" نكون قد دخلنا في هذه السورة إلى ساحة التشريعات السماوية والأحكام التنظيمية للمجتمع المسلم ، فمررنا بحكم القصاص ، ثم حكم الوصية ، ثم انتقلنا إلى الصفحة الموالية مع فرضية الصيام وأحكامه ، وكيف أنه ميسّر على المؤمنين ابتداء ، ثم حالات تيسيره على العاجزين ، ثم وصولا إلى الآية العظيمة الخاتمة لتلك الصفحة ، آية يبين فيه المولى عز وجل قربه من عباده وأنه المجيب ، ودعوة العباد إلى الاستجابة أيضا بالسمع والطاعة بغية بلوغهم مبلغ الرشاد ....
واستخلصنا أنّما الرشاد هو صلاح دين المرء ليصلح به دنياه

واليوم نبدأ مع الآيات الكريمات المنتظمات بالصفحة رقم 29 من المصحف الشريف

أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي المَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ(187)وَلاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ(188) يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ البِرُّ بِأَن تَأْتُوا البُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ البِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا البُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(189)وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ المُعْتَدِينَ (190)

وكما ترون نواصل مع آيات الصيام ،

وقد ختمنا فرضيته مع الصفحة السابقة بقوله تعالى :
شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ القُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185)وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُم يَرْشُدُونَ(186)

ننتقل بعدها إلى حكم آخر وتيسير آخر وبيان آخر ، يخفّف عن المؤمنين، ويبسط لهم في الأمر بسطا، فلا مجال للقول بأن الإسلام دين تعسير وتحريم، وغلق المتَنَفَّسات على العباد، بل هو دين الرحمة بهم، ودين يعلم جاعله خبايا النفس البشرية ويضع ما يوائم ضعفها ويتماشى وطبائعها ولا يخرج عن الفطرة بل يوازيها موازاة ....

كان المؤمنون أول فرض الصيام لا يقبلون على أكل أو شرب أو جماع من بعد صلاة العشاء ونومهم ، حتى أنّ أحد الصحابة لم يجد وقت الإفطار عند امرأته أكلا ، فغلبه النوم ثم صحا، ولم يحلّ له طعام أو شراب،فواصل يومه التالي صائما حتى بلغ أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما أنّ عمر رضي الله عنه قدم إلى امرأته ليجامعها فتخبره أنها نامت ، فيظنّها تتعلل ، فيقع بها، ثم يغتسل وهو يبكي ويؤنب نفسه، ويمضي إلى رسول اله صلى الله عليه وسلم يحكي له ما كان منه، ويقر بذلك عدد من الصحابة أيضا .....

إبن صرمة الأنصاري كان صائماً فلما حضر الإفطار أتى امرأته فقال: هل عندك طعام قالت لا ولكن أنطلق فأطلب لك وكان يومه يعمل فغلبته عيناه وجاءته امرأته فلما رأته قالت: خيبة لك فأصبح صائماً فلما انتصف النهار غشي عليه فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية (أُحِلَّ لَكُم لَيلَةَ الصِيامِ الرَفَثُ إِلى نِسائِكُم) ففرحوا بها فرحاً شديداً رواه البخاري عن عبد الله بن موسى عن إسرائيل.
أخبرنا الحسن بن محمد الفارسي قال: أخبرنا محمد بن الفضل قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن الحافظ قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا يحيى بن حمزة قال: حدثنا إسحاق بن أبي قدوة عن الزهري أنه حدثه عن القاسم بن محمد قال: إن بدء الصوم كان يصوم الرجل من عشاء إلى عشاء فإذا نام لم يصل إلى أهله بعد ذلك ولم يأكل ولم يشرب حتى جاء عمر إلى امرأته فقالت: إني قد نمت فوقع بها وأمسى صرمة بن أنس صائماً فنام قبل أن يفطر وكانوا إذا ناموا لم يأكلوا ولم يشربوا فأصبح صائماً وكاد الصوم يقتله فأنزل الله عز وجل الرخصة قال (فَتابَ عَلَيكُم وَعَفا عَنكُم) الآية.
(1)

والرفث لغة هو
رفَث إلى امرأتهِ يرفُث،وقيل الرفث بالفعل الجماع. وباللسان المواعدة للجماع. وقيل وأصلهُ في اللغة المحادثة الداعية إلى الجماع ومقدماتهِ (2)

وقد عدّي بـ "إلى"لتضمنه معنى الإفضاء ، وهو من الكنايات الحسنة كقوله تعالى : "فلما تغشاها" وقوله "فاتوا حرثكم"  قال ابن عباس إن الله عز وجل كريم حليم يكني (3)

هنّ لباس لكم وأنتم لباس لهنّ استعارة بديعة شبه كل واحد من الزوجين بالالباس المشتمل على لابسه قال في تلخيص البيان : المراد قرب بعضهم من بعض واشتمال بعضهم على بعض كما تشتمل الملابس على الأجسام فاللباس إستعارة(4)

لنتأمل يا إخوتي ......أليس اللباس يعني الستر ؟؟ أليس يعني التصاقه بصاحبه ، أليس يعني شيئا لا يستغني عنه صاحبه ؟ أليس يعني عدم تصوّر الحال من غيره؟؟
أليس يعني ثقة في النفس ورباطة والمرء مستور يغدو ويروح بين الناس غير مكشوف ؟؟؟
هل نستطيع تصوّر أنفسنا من غير لباس ؟؟؟
ترى كيف يكون الحال؟؟؟ الموت أهون من انكشاف أمام الناس بلا لباس ..... إننا أيها الإخوة والنّعم على علاقة الذي تعوّد، فإن التعوّد ينسيك وزن النعمة ، وأنت تعيش بها ولا تفتقر إليها .... فالشمس تضيئ وتبعث الحرارة والدفئ والسكينة على الأرض، ولكننا لا نلتفت إليها كل يوم نغمرها بنظرات حب وعرفان ....وإنما نغفل عنها ونلتفت إلى اللهث خلف مصالحنا والله سخّرها لنا تمدنا بأسباب الحياة...
وكذلك كل نعمة هي جزء من حياتنا ، نغفل عن وزنها ، إلا إذا تأملنا رأيناها وكأننا نراها لأول مرة ....

ويالسرّ نظرة الطفل الغرير الرضيع الذي بدأ يبصر ويدقق النظر في كل ما حوله .... وكأنه وحده بنظراته المتأملة تلك يتعرف إلى وزن النعم في ها الوجود، ويعطيها حقّ قدرها، فلايكاد يرجع البصر من شيء يرمقه وهو مبهور به ....

كذلك اللباس ............. فلنتأمل قيمة اللباس للإنسان ...وهكذا يمثل المولى عز وجل الزوج لزوجته والزوجة لزوجها باللباس يغطي ، ويستر ويلتصق ويبعث الثقة والأمان والطمأنينة والسكينة ، ومن المفسرين من يقول أنها بمعنى السكينة بعضهم لبعض

والرفث مقدمات المباشرة , أو المباشرة ذاتها , وكلاهما مقصود هنا ومباح . . ولكن القرآن لا يمر على هذا المعنى دون لمسة حانية رفافة , تمنح العلاقة الزوجية شفافية ورفقا ونداوة , وتنأى بها عن غلظ المعنى الحيواني وعرامته , وتوقظ معنى الستر في تيسير هذه العلاقة:
هن لباس لكم وأنتم لباس لهن . .
واللباس ساتر وواق . . وكذلك هذه الصلة بين الزوجين . تستر كلا منهما وتقيه . والإسلام الذي يأخذهذا الكائن الإنساني بواقعه كله , ويرتضي تكوينه وفطرته كما هي , ويأخذ بيده إلى معارج الارتفاع بكليته . . الإسلام وهذه نظرته يلبي دفعة اللحم والدم . وينسم عليها هذه النسمة اللطيفة , ويدثرها بهذا الدثار اللطيف . . في آن . .
(5)

وبهذا أيها الإخوة يحلّ الله للمؤمنين من بعد أن لم يكن لهم تفصيل في وقت إباحة العلاقة الزوجية وإباحة المأكل والمشرب، أحلّ لهم الإفضاء إليهنّ ليلة الصيام بدءا من المغرب إلى طلوع فجر اليوم التالي


 



******************************
1-أسباب النزول للواحدي
2-لسان العرب
3-روائـــــــــــع البــــــــيان
4-الكشاف للزمخشري
5-الظلال لسيد قطب


« آخر تحرير: 2008-11-02, 09:56:18 بواسطة حازرلي أسماء »

حازرلي أسماء

  • زائر
علم الله أنكم  كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم 

اختان يختان بمعنى خان ، وهي بمعنى الغدر وعدم الإخلاص، فخيانة أنفسهم هي ضعفهم من قبل أن يحدد لهم مجال حلّ إتيان نسائهم، ومصارحة بعضهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يأتون نساءهم وقد ناموا بعد إفطارهم، أنزل الله أنه علم أنهم كانوا يختانون أنفسهم ، فينقصون الأجر عليها، علم سبحانه بضعفهم وقلة صبرهم فأباح لهم وهو تيسير آخر، لحكمته سبحانه وتعالى لم يحدّد لهم المجال فورا مع فرض الصيام لحكمة منه سبحانه،أحلّلهم هذا الأمر تيسيرا آخر على التيسير يعلّمهم أنه سبحانه يريد أن يخفف عنهم
وهو القائل عزّ من قائل :
يريد الله أن يخفّف عنكم وخلق الإنسن ضعيفا النساء28

فها هي خلقته الضعيفة تنمّ عن نفسها وتنطق عن نفسها، وها هو سبحانه العالم بها وهو خالقهم بهذا الضعف يخفف عنهم، فلا يكلفهم ما لا يطيقون وإنما يريد بهم رحمة وشفقة ويريد بهم اليسر ولا يريد بهم العسر ، فتاب سبحانه عليهم وعفا عنهم، وهو التواب الرحيم العفوّ الكريم
وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ.   الشورى 25

فالآن باشروهنّ وابتغوا ما كتب الله لكم

والأمر هنا بالمباشرة ، الآن وهي ظرف زمان يعني الوقت الحاضر ، وهي عند الحكماء نهاية الماضي وبداءة المستقبل به ينفصل أحدهما عن الآخر (1)


الآن أحلّ الله لهم من بعد ما عاينوا اختيانهم أنفسهم بأنفسهم،أمر بأن يباشروهنّ مع وصل وعطف بأمر آخر لصيق بهذا وهو ابتغاء ما كتب الله لهم، ويوقول جمهور المفسرين أنّ ابتغاء ما كتب الله هو الولد الولد الذي هو غاية كبرى من غايات هذه العلاقة الحميمية بين النصفين بين الزوج وزوجته اللذان جعلهما المولى سبحانه سببا في وجوده ....

ابتغوا هذا الذي كتبه الله لكم من المتعة بالنساء , ومن المتعة بالذرية , ثمرة المباشرة . فكلتاهما من أمر الله , ومن المتاع الذي أعطاكم إياه , ومن إباحتها وإتاحتها يباح لكم طلبها وابتغاؤها . وهي موصولة بالله فهي من عطاياه . ومن ورائها حكمة , ولها في حسابه غاية . فليست إذن مجرد اندفاع حيواني موصول بالجسد , منفصل عن ذلك الأفق الأعلى الذي يتجه إليه كل نشاط .
بهذا ترتبط المباشرة بين الزوجين بغاية أكبر منهما , وأفق أرفع من الأرض ومن لحظة اللذة بينهما . وبهذا تنظف هذه العلاقة وترق وترقى . . ومن مراجعة مثل هذه الإيحاءات في التوجيه القرآني وفي التصور الإسلامي ندرك قيمة الجهد المثمر الحكيم الذي يبذل لترقية هذه البشرية وتطويرها , في حدود فطرتها وطاقتها وطبيعة تكوينها . وهذا هو المنهج الإسلامي للتربية والاستعلاء والنماء . المنهج الخارج من يد الخالق . وهو أعلم بمن خلق , وهو اللطيف الخبير .
(2)


ويكمل سبحانه في سياق هذا التحليل وهذا الحكم والأمر الربانيّ ما يبيّن الحدود ويضع المجال الزمنيّ الذي يباح فيه، فهو ليس صياما مستمرا عن المباح من الشهوات ولا هو خروج عن الفطرة البشرية في قدرة التحمّل يكمل شطر الآية بقوله تعالى :

وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الفَجْرِ

فيتضح هنا هذا المجال الزمنيّ المحدّد لإباحة المباشرةوالأكل والشرب ، حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ....
ولنلاحظ أيها الإخوة ولنتأمل أنه سبحانه في الصيام يرقى بالنفس البشرية عن كل شهوة أرضية، عن كل غريزة فالجوع والعطش غريزة، والشهوة الجنسية غريزة، لا مفرّ منهما ومن وجودهما في النفس ، ولكنها غرائز حددت لها الحدود ووضعت لها القوانين التي تجعلها سَلَمًا لصاحبها ،وتنأى به عن الحيوانية، تميّزه عن الحيوان الذي هو أيضا يأكل ويشرب ويشبع غريزته الجنسية، يقيدها بقيود ويجعل لها حدودا قيّمة بدين القيّمة، يجعل لها أبواب تحلّها ويغلق دونها ما يجعلها منطلقة بلا حدود فتفقد الإنسان ميزته، وتفقده كرامته وتفقده أفضليته على خلق الله سبحانه ....

الصيام تدريب للنفس على مقاومتها ومجاهدتها حتى فيما هو حلال طيب، الزوجة لزوجها حلال والزوج لزوجته حلال ، الأكل والشرب من حلال ، ولكن الصيام يمنعها كلها ، ويحرّمها في مجال زمني يشبّهه في ذلك بالملائكة الذين هم خلق الله تعالى من نور لا يأكلون ولا يشربون ولا يتزاوجون، لا يعصون الله ما أمرهم ويسبحونه لا يفترون ..... الصيام وفترة الصيام ترقى بالإنسان إلى عالم نوراني،عالم يجعله أسمى فأسمى فأسمى، تدربه على التحمّل والصبر ودفع نوازع الشهوة فيه، تدربه على الرقيّ من عالم التراب إلى عالم الروح في فترة.......هو مخلوق من تراب ونفخة من روح الله ، الصيام يقربه إلى عالم الروح أكثر ويبعده عن عالم المادة وعن عالم الشهوة ......

ولكنه لا يطيل به حتى ينفذ صبره، لا يطيل به حتى ينفجر متحوا من النقيض إلى النقيض ، وإنما هو دين الوسطية، دين لا يغالي في هذه ولا يغالي في تلك،دين يعلمنا أن للروح غذاء وللجسم غذاء، يعلمنا أنّ الروح تطلب، والجسم يطلب، عالم يؤلف بين مطالب هذه ومطالب تلك ولا يبخس كليهما حقا، دين رقيه وروعته وسموّه وميزته وسَمْتُهُ في هذه الألفة التي يحدثها بين الشقّين، دين علم وإيمان، دين عقل وقلب دين جعله المولى الخالق الذي خلق كل شيء ، جعله ليتواءم وكلّ شيء

وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ...... يجب أن نأخذ هذه الكلمات المتتاليات غير منقطعة ولا منفصلة، فالأكل والشرب وقد وصلهما الله تعالى بالمباشرة الزوجية مجالها الزمنيّ حتى يتبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، فالمؤمن يفطر من صيامه وقت غروب الشمس، ويمسك عن مأكل ومشرب وجماع مع طلوع الفجر ، وذاك هو الخيط الأبيض الذي يتبيّن من الخيط الأسود ......... إنه من الفجر

ويجوز ان تكون ( من ) للتبعيض لأنه بعض الفجر وأوله(3)

وفي سبب نزول هذه الآية وكيف لم ينزل لفظا "من الفجر " جاء :

أخبرنا سعيد بن محمد الزاهد قال: أخبرنا جدي قال: أخبرنا أبو عمرو الحيري قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا ابن أبي مريم قال: أخبرنا أبو حسان قال: حدثني أبو حازم عن سهل بن سعد قال: نزلت هذه الآية (وَكُلوا وَاِشرَبوا حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيطُ الأبيَضُ مِنَ الخَيطِ الأسوَدِ) ولم ينزل (مِنَ الفَجرِ) وكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجليه الخيط الأبيض والخيط الأسود فلا يزال يأكل ويشرب حتى يتبين له زيهما فأنزل الله تعالى بعد ذلك (مِنَ الفَجرِ) فعلموا أنما يعني بذلك الليل والنهار رواه البخاري عن ابن أبي مريم. ورواه مسلم عن محمد بن سهل عن ابن أبي مريم.(4)

كما روي أن بعضهم كان يعقد خيطين أبيض وأسود ويضعهما تحت وسادته ويبيت يرقب تبين الأبيض من الأسود ، فذهب أحدهم يخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بما فعل ، فضحك صلى الله عليه وسلم وقال: إن كان وسادك إذا لعريض إنما ذاك بياض النهار من سواد الليل ......


والآن تأملوا معي أيها الإخوة الكرام هذا الغوص اللغوي الجميل في قوله تعالى "حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر" ، وسأضع لكم خلاصة هذا التأمل

يرد السؤال لماذا أخرج المعنى عن الاستعارة ودخل في باب التشبيه البليغ والاستعارة أبلغ وأدخل في الفصاحة ؟ ويقصد هاهنا أنه لم تبق "يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود" وحدها بل زيد لها "من الفجر" والتي خرجت بها عن الاستعارة ، فتجيب اللغة هنا ، أنّ من شرط المستعار أن يدل عليه الحال أو الكلام ولو لم يذكر

لا يفهم منه المراد إذ ليس باستعارة لفقد الدلالة ولا بتشبيه قبل ذكر الفجر فلا يفهم منه إذن الا الحقيقة وهي غير مرادة، أي لا يفهم منه قبل التوضيح إلا ما قد بدا من عبارتي خيط أبيض وخيط أسود

وسبحان الله على هذه اللغة العظيمة التي تفصح عن الحق أكبر إفصاح ، وتبين أكبر بيان



 

*****************
1-لسان العرب
2-في ظلال القرآن لسيد قطب
3-الكشاف للزمخشري
4-أسباب النزول للواحدي
« آخر تحرير: 2008-11-02, 12:55:20 بواسطة حازرلي أسماء »

حازرلي أسماء

  • زائر
ثمّ يتبع هذا بقوله تعالى :

ثم أتموا الصيام إلى الليل  ليزداد الأمر اتضاحا بأن المجال الزمني هو من بداية الفجر إلى غروب الشمس، وغروب الشمس بداية الليل، والصيام هنا لو نلاحظ يعطى تعريفه من خلال انسياب هذه الآيات التي عرضنا إليها، فقد جاء إحلال مقاربة الأزواج لزوجاتهن من الله تعالى وتحليل الأكل والشرب في فترة ما بعد المغرب إلى طلوع الفجر ، وبالأضداد تعرف الأشياء، لنعرف مع سياق الإحلال معنى الصيام وفيه الإمساك عن هذا الحلال الذي بيّن ، يعني الإمساك عن الأكل والشرب والجماع مع نية

ولنلاحظ أيها الإخوة الأفاضل ....لنتأمل سوية قوله سبحانه وكلوا واشربوا حتى ....تأملوا "حتى" هنا ، تأملوا معناها وهي هنا حرف جرّ تؤدي غاية الانتهاء ، حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود ..... والجملة الفعلية من "يتبين ........إلى من الفجر" في محل جرّ اسم كأن نقول "حتى تبيّن الخيط الأبيض من ........"

إذن فغايتها الانتهاء جاءت لانتهاء مجال الأكل والشرب والجماع ............جاءت للتوقيف عن هذا وهي أيضا ضمنيا إذ شملت التوقيف والانتهاء شملت بذلك بداية الأمر النقيض، بداية الإمساك ، بداية الصيام ..........إذن فمع إفادتها الإنتهاء من أمر أفادت بداية نقيضه .....لذلك لا نرى بعدها ورود ما يفهم منه بداية الصيام ، بل قد فهم أنه قد شرع فيه ضمنيا ........وبالتالي تأتي مباشرة عبارة "وأتموا الصيام.............." بدل "وابدؤوا" مثلا  ثم أتموا

فهو اختصار لغوي فيه من البيان والإيجاز والإعجاز الذي تتضمنه الألفاظ .....وأتموا الصيام إلى الليل .....

ولا تباشروهنّ وأنتم عاكفون في المساجد

العَاكِفُ : فا. -: في المكان: المقيم فيه أو الملازم له؛ ظلَّ عاكِفاً في البيت يكتب. - على الشيءِ أو الأمر: الملازم له والمقبل عليه / إنه عاكِفٌ على القضية يدرسها ج عُكَّفٌ وعُكُوفٌ.(1)

العاكف على الشيء المقيم والملازم له ، والعاكف في المسجد هو الملازم له للعبادة، أمر الله هؤلاء ألا يقربوا نساءهم ، سواء كان ذلك في وقت الإفطار أو في وقت الإمساك من أيام الصيام ....
وهنا كما نرى هو أمر بعدم الاقتراب، والحائم حول الحمى يوشك أن يقع فيه ....وقد أشار سبحانه إلى حدوده في سورة البقرة بعبارة "لا تعتدوها" وتأتي هنا بلا "تقربوها" ويقول في ذلك الزمخشري : من كان في طاعة الله والعمل بشرائعه فهو متصرف في حيز الحق فنهى ان يتعداه لأن من تعداه وقع في حيز الباطل ثم بولغ في ذلك فنهى ان يقرب الحد الذي هو الحاجز بين حيزي الحق والباطل لئلا يداني الباطل وأن يكون في الواسطة متباعدا عن الطرف فضلا عن ان يتخطاه (2)

 emo (30):


********************************************************
1-المحيط
2-الكشاف
« آخر تحرير: 2008-11-02, 16:16:38 بواسطة حازرلي أسماء »

حازرلي أسماء

  • زائر
ترى ما هي حدود الله هنا؟؟
هناك من يقول أنه عن أمر المباشرة الزوجية وتحريمها في هذه الحال .... وهناك من يقول من المفسرين أنها عن عموم أحكام الصيام التي جاءت من بدء آية :"يا أيها الذين أآمنوا كتب عليكم الصيام............إلى هذه الآية الكريمة
وسواء كان هذا وذاك فهي حدود الله تعالى ، حدود في هذا الدين القويم الذي لم يجعل بلا قيد وبلا حد وبلا تنظيم وإنما هو قائم على النظام والتنظيم والتحديد والأحكام، دين لا يختلط فيه الحابل بالنابل ولا تختلط فيه الأهواء بالحكمة، ولا تستوي فيه السيئة بالحسنة، ولا الذين يعلمون والذين لا يعلمون، ولا من يطيع ومن يعصي، ليس دينا جاء ليخلط المفاهيم على الناس وإنما جاء لينظمهم ليجعل لهم المكابح ويرسم لهم الحدود، وإلا ما الفرق بين الإنسان وبين الحيوان في ذلك؟
وإن كان هذا الوجود كله بما فيه محكم التنسيق والاتساق والنظام والدقة.........

دين جاء ليبين للقاصي والداني أنّ ما يبحث عنه الإنسان من سعادة يجده فيه ولا يجده في سواه

وهناك فائدة أعجبتني لابن الجوزي في كتابه "زاد المسير في علم التفسير" أعجبتني في هذا الصدد أنقلها لكم .....
ولتتأملوا إخوتي هذا المعنى، وما تحمله الكلمة وما تكون أهلا لحمله بالتحديد وبالتدقيق من المعنى المراد والمبتغى

قال الزجاج: الحدود ما منع الله من مخالفتها، فلا يجوز مجاوزتها. وأصل الحد في اللغة: المنع، ومنه: حد الدار، وهو ما يمنع غيرها من الدخول فيها. والحداد في اللغة: الحاجب والبواب، وكل من منع شيئا فهو حداد قال الأعشى:
فقمنا ولما يصح ديكنا  ***** إلى جونة عند حدادها
أي: عند ربها الذي يمنعها الا بما يريده. واحدت المرأة على زوجها، وحدت، فهي حاد، ومحد: إذا قطعت الزينة، وامتنعت منها، واحددت النظر إلى فلان: إذا منعت نظرك من غيره. وسمي الحديد حديدا، لأنه يمتنع به الأعداء.
(1)



******************************
1-زاد المسير في علم التفسير لابن الجوزي
« آخر تحرير: 2008-11-02, 16:25:37 بواسطة حازرلي أسماء »

غير متصل سيفتاب

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 7766
  • الجنس: أنثى
  • إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ
يا إلهي! ما أمتع القراءة وما أجمل مما يعمل في النفس من مشاعر في هذا الموضوع
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ
وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ

حازرلي أسماء

  • زائر
أسعدك الله يا سيفتاب، أسأله سبحانه أن يجعل فيه ما ينفعنا جميعا  emo (30):

في المداخلة الموالية سنكمل بإذن الله ما تبقى من صفحتنا الكريمة  emo (30):

حازرلي أسماء

  • زائر
ترى ما هي حدود الله هنا؟؟
هناك من يقول أنه عن أمر المباشرة الزوجية وتحريمها في هذه الحال .... وهناك من يقول من المفسرين أنها عن عموم أحكام الصيام التي جاءت من بدء آية :"يا أيها الذين أآمنوا كتب عليكم الصيام............إلى هذه الآية الكريمة
وسواء كان هذا وذاك فهي حدود الله تعالى ، حدود في هذا الدين القويم الذي لم يجعل بلا قيد وبلا حد وبلا تنظيم وإنما هو قائم على النظام والتنظيم والتحديد والأحكام، دين لا يختلط فيه الحابل بالنابل ولا تختلط فيه الأهواء بالحكمة، ولا تستوي فيه السيئة بالحسنة، ولا الذين يعلمون والذين لا يعلمون، ولا من يطيع ومن يعصي، ليس دينا جاء ليخلط المفاهيم على الناس وإنما جاء لينظمهم ليجعل لهم المكابح ويرسم لهم الحدود، وإلا ما الفرق بين الإنسان وبين الحيوان في ذلك؟
وإن كان هذا الوجود كله بما فيه محكم التنسيق والاتساق والنظام والدقة.........

دين جاء ليبين للقاصي والداني أنّ ما يبحث عنه الإنسان من سعادة يجده فيه ولا يجده في سواه

وهناك فائدة أعجبتني لابن الجوزي في كتابه "زاد المسير في علم التفسير" أعجبتني في هذا الصدد أنقلها لكم .....
ولتتأملوا إخوتي هذا المعنى، وما تحمله الكلمة وما تكون أهلا لحمله بالتحديد وبالتدقيق من المعنى المراد والمبتغى

قال الزجاج: الحدود ما منع الله من مخالفتها، فلا يجوز مجاوزتها. وأصل الحد في اللغة: المنع، ومنه: حد الدار، وهو ما يمنع غيرها من الدخول فيها. والحداد في اللغة: الحاجب والبواب، وكل من منع شيئا فهو حداد قال الأعشى:
فقمنا ولما يصح ديكنا  ***** إلى جونة عند حدادها
أي: عند ربها الذي يمنعها الا بما يريده. واحدت المرأة على زوجها، وحدت، فهي حاد، ومحد: إذا قطعت الزينة، وامتنعت منها، واحددت النظر إلى فلان: إذا منعت نظرك من غيره. وسمي الحديد حديدا، لأنه يمتنع به الأعداء.
(1)



******************************
1-زاد المسير في علم التفسير لابن الجوزي

وبعد هذا التعريف البديع لمعنى الحدّ ..........

كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون

كما رأينا في موقع من الصفحة السابقة فإن "لعل " هنا تفيد التعليل أي بمعنى "كي" لتحقيق غاية .......
غاية الغايات التقوى........ التقوى التي يريدها الله لعباده المؤمنين صفة لصيقة، التقوى التي يرنو لها ويسعى لها كل مؤمن صادق....
التقوى، وعلى ذكر اللباس الذي ضربه الله مثلا لعلاقة الزوجين، يقول أيضا في كتابه الحكيم : يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ الأعراف 26
لباس التقوى هو الذي يغطي المؤمن وهو الخير كله له، وهو الذي يقيه من غضب الله تعالى ويدنيه من رضاه ....

وهكذا وبهذا نكون قد أتممنا هذه الآية والتي جاء في مجملها إحلال من الله تعالى لعباده المؤمنين، إحلال ما كان محرما عليهم فلم يطيقوه، وتحديد تحديد زمني لفترة الصيام ولفرض الصيام، وتحديد تشريعي يبين حدوده سبحانه وضرورة الوقوف عندها من أجل تعظيم شعائره، ومن أجل بلوغ التقوى غاية لباسا يلتصق بالمؤمن سمة وسَمْتًا .....

وفي نطاق الإحلال والتحريم، ننتقل من هذا الموضع إلى موضع آخر تنظيمي هو أيضا وتشريعي وتوضيحي، ولكنه هذه المرة موضع تحريم، تحريم من الله عز وجل وهو القائل : الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ البقرة 268

الله يعد مغفرة ويعد فضلا ولا يأمر إلا بكل خير، وهو القائل سبحانه :
وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ  الأعراف 28

الله لا يأمر بالفحشاء، إنما يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ النحل 90

هبا سوية نستطلع أمر هذا المحرم علينا، والذي يدعونا مولانا لأن ننأى بأنفسنا عنه، أنفسنا هذه التي يريدها أنفسا تتقي غضبه وسخطه وتبغي رضاه:

وَلاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ(188) البقرة

نبدأ أولا في سبب نزول هذه الآية :

قوله (وَلا تأكُلوا أَموالَكُم بَينَكُم بِالباطِلِ) الآية قال مقاتل بن حيان: نزلت هذه الآية في امرئ القيس بن عابس الكندي وفي عبدان بن أشوع الحضرمي وذلك أنهما اختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم في أرض وكان امرؤ القيس المطلوب وعبدان الطالب فأنزل الله تعالى هذه الآية فحكم عبدان في أرضه ولم يخاصمه.(1)

ويراد بهذه الآية حسب ما ورد في مجموعة من التفاسير تحريم أكل المال على غير وجه حق، كأن يقاضي أحدهم أحدا ليأخذ منه شيئا ليس من حقه، ويدلي بالحجج لدى حكام باطل ، حكام يرتضون الرشوة ليظهروا باطلا وزورا ويكتموا حقا، فتكون الحجج الكاذبة الباطلة التي يأخذ بها هذا الطالب ما ليس له، وتشتمل بذلك أبواب الرشوة والكذب والتدليس والحكم بالباطل لقاء دراهم يكتمون بها الحق ويذهب الأمر لغير مستحقه

ويقول صلى الله عليه وسلم في ذلك، وقد قال هذا الحديث في خصمين، والغالب أنهما السالف ذكرهما في سببن النزول
عن أم سلمة هند بنت أبي أمية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
إنما أنا بشر ، وإنكم تختصمون إلي ، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض ، وأقضي له على نحو مما أسمع ، فمن قضيت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذ ، فإنما أقطع له قطعة من النار   رواه البخاري ......المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 6967خلاصة الدرجة: [صحيح]

ولنتأمل سوية هذا الحديث أيها الإخوة الأحبة ..... لنتأمله والحبيب صلى الله عليه وسلم يفتتحه بقوله لكليهما: إنما أنا بشر...... والبشرية فيه تخفي عنه غائبا غائرا في صدورهم من وجه حق قد يلتبس على البشر، من مدّع فقه فنون الادعاء وكاذب حاذق تعلم ضروب الكذب والزور والبهتان،  أو لسان يحسن رصف كلمات على غير وجه حق.... فأخبرهما بالحق الذي موجبه أنّ ما كان من حق أحدهما وأخذه الآخر فإنما هي قطعة من نار يأخذها ........فما كان منهما والتقوى رادعهما ودافعهما لوجه الحق إلا أن تراجع الطالب عن طلبه وعادا أخوين غير متخاصمين ....والتقوى هنا تعمل عملها في النفوس، والحاكم العادل صلى الله عليه وسلم يوججهما لما ينجيهما ويعترف ببشريته التي قد يخفى عنها حقيقة أمرهما .....

سبحان الله .........يالعدل هذا الدين القويم، يالكماله،ويالاعتنائه بما يشكل الحارس الذاتي لكل نفس حارسها الداخلي الذي يردعها وإن خفيت عنها أبصار الناس أجميعن، إنما هي نفس تخشى مولاها مولاها الذي يدرك الأبصار ولا تدركه الأبصار..................

ولسيد قطب في ههذ وقفة يقول فيها:

 ويجيء هذا التحذير عقب ذكر حدود الله , والدعوة إلى تقواه , ليظللها جو الخوف الرادع عن حرمات الله: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون). ذكر ابن كثير في تفسير الآية:" قال علي بن أبي طلحة وعن ابن عباس:هذا في الرجل يكون عليه مال , وليس عليه فيه بينة , فيجحد المال , ويخاصم إلى الحكام , وهو يعرف أن الحق عليه , وهو يعلم أنه آثم آكل الحرام(2)

كما أن هناك لفتة أخرى أنقلها لكم :

وفي ها «بها» قولان. أحدهما: أنها ترجع إلى الاموال كأنه قال: لا تصانعوا ببعضها جورة الحكام. والثاني: أنها ترجع إلى الخصومة فان قيل: كيف أعاد ذكر الأكل فقال: «ولا تأكلوا» «لتأكلوا» فالجواب: أنه وصل اللفظة الاولى بالباطل، والثانية بالإثم، فأعادها للزيادة في المعنى، ذكره ابن الانباري.(3)

ما أصعب هذا الحال يا إخوتي على مؤمن يدعي ما ليس له، ويخاصم الناس عليه ويأتي بالحجج ، فيكذب ويرشي، ويزور ولا يكون نصب عينيه إلا أن يفوز بذلك الذي ليس له فيه وجه حق، ذلك الحطام من الدنيا وقد غفل ونامت بصيرته عن يوم تقبض فيه روحه وما أن يغادر آخر نعل تلك الديار حتى ينفرد به ملكان يسألان، فلا ثبات له على حق، وكيف يثبته الله بقول ثابت وقد ارتضى الحرام نارا تأكله كما تأكل الهشيم ....عياذا بالله من هذا الحال ونسأله أن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة وأن نكون أهلا لهذا التثبيت




*********************************************************************
1-أسباب النزول للواحدي
2-في ظلال القرآن لسيد قطب
3-زاد المسير من علم التفسير لابن الجوزي

« آخر تحرير: 2008-11-03, 09:40:29 بواسطة حازرلي أسماء »

حازرلي أسماء

  • زائر
ونعيش الآن مع الآية الموالية من صفحتنا الكريمة:

يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ البِرُّ بِأَن تَأْتُوا البُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ البِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا البُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(189)

في روايات سبب نزول هذه الآية الكريمة ، وهي كما نرى سؤال من الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، يسألونه عن الأهلة ، أما عن كيفية السؤال فجيئ الخبر بعدة كيفيات ، فمن قائل أن الصحابة سألوه "لمَ خلق الله الأهلة؟" ومنهم من يقول أن سؤالهم كان "إن اليهود يكثرون سؤالناعن الأهلة ودورها" ومن يروي أن معاذ بن جبل وثعلبة بن عنمة وهما رجلان من الأنصار قالا: يا رسول الله ما بال الهلال يبدو فيطلع دقيقاً مثل الخيط ثم يزيد حتى يعظم ويستوي ويستدير ثم لا يزال ينقص ويدق حتى يكون كما كان لا يكون على حال واحدة

ولزيادة تنوير، نتساءل ما معنى كلمة هلال ؟؟
واشتقاق الهلال من قولهم: استهل الصبي: إذا بكى حين يولد، و أهَلّ القوم بالحج إذا رفعوا أصواتهم بالتلبية، فسمي هلالا، لأنه حين يرى يهل الناس بذكره...
ولغة أيضا هو
."هِلاَلُ الشَّهْرِ" : غُرَّةُ الْقَمَرِ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ إِلَى سَبْعِ لَيَالٍ مِنْهُ. 2."هِلاَلُ الْقَمَـرِ": فِـي أَوَاخِرِ الشَّهْرِ مِنْ لَيْلَةِ السَّادِسِ وَالْعِشْرِينَ وَالسَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْهُ(1)

وفي كل الأحوال فهو سؤال عن الهلال وعن حكمة خلقه، وعن دوره، فقال سبحانه "قل هي مواقيت للناس والحج"  .....
مواقيت جمع ميقات وهو الوقت المحدد المعلوم لأمر من الأمور .....
مواقيت للصيام، للحج، للتعاملات التجارية وأجلها والديون وقضائها، عدة النساء، وغيرها.....هي المواقيت التي يتعامل بها الناس ويحيون بموجب نظامها، لفتة جميلة جدا من الإمام سيد قطب إذ يقول ما معناه أن الله تعالى في جوابه لم يجب إجابة علمية تعلمهم دور الهلال وموقعه من السماء ودور القمر وعلاقته بالشمسوبالأرض وبالمجموعة الشمسية، لم يجب سبحانه بأي من الأجوبة العلمية، وإنما جاء الجواب بدور الهلال في أرض الناس، وفي معاملات الناس، وفي أصل حاجتهم، ذلك بما يتفق وما يستوعبون مع تعسر وسائل الكشف والمعرفة حينها، وبما يوضح دور القرآن الكريم الذي ليس كتاب فيزياء ولا كتاب فلك ولا كتاب طبّ نكبره به ونجعل غيرنا يكبرونه به، وإنما هو كتاب جاء ليبحث في النفس ، في نفس الإنسان ، ليضع لها ما يوجهها، ما يجعلها على النحو الذي تسخر به موجودات هذا الكون من حوله، وعلى النحو الذي تنفذ به طاقتها العقلية، لأن هذه الأمور موكلة للعقل، لعقل الإنسان الذي ينيره القرآن، وينير النفس ويبين لها سواء السبيل من أجل أن تعمل، فتبحث من حولها وتطلق طاقاتها في البحث والتنقيب والمعرفة .....

يقول في هذا سيد قطب ننقل عنه جزءا للفائدة  وقد أسهب :

وكل محاولة لتعليق الإشارات القرآنية العامة بما يصل إليه العلم من نظريات متجددة متغيرة - أو حتى بحقائق علمية ليست مطلقة كما أسلفنا - تحتوي أولا على خطأ منهجي أساسي . كما أنها تنطوي على معان ثلاثة كلها لا يليق بجلال القرآن الكريم . .
الأولى:هي الهزيمة الداخلية التي تخيل لبعض الناس أن العلم هو المهيمن والقرآن تابع . ومن هنا يحاولون تثبيت القرآن بالعلم . أو الاستدلال له من العلم . على حين أن القرآن كتاب كامل في موضوعه , ونهائي في حقائقه . والعلم ما يزال في موضوعه ينقض اليوم ما أثبته بالأمس , وكل ما يصل إليه غير نهائي ولا مطلق , لأنه مقيد بوسط الإنسان وعقله وأدواته , وكلها ليس من طبيعتها أن تعطي حقيقة واحدة نهائية مطلقة .
والثانية:سوء فهم طبيعة القرآن ووظيفته . وهي أنه حقيقة نهائية مطلقة تعالج بناء الإنسان بناء يتفق - بقدر ما تسمح طبيعة الإنسان النسبية - مع طبيعة هذا الوجود وناموسه الإلهي . حتى لا يصطدم الإنسان بالكون من حوله ; بل يصادقه ويعرف بعض أسراره , ويستخدم بعض نواميسه في خلافته . نواميسه التي تكشف له بالنظر والبحث والتجريب والتطبيق , وفق ما يهديه إليه عقله الموهوب له ليعمل لا ليتسلم المعلومات المادية جاهزة !
والثالثة:هي التأويل المستمر - مع التمحل والتكلف - لنصوص القرآن كي نحملها ونلهث بها وراء الفروض والنظريات التي لا تثبت ولا تستقر . وكل يوم يجد فيها جديد .
وكل أولئك لا يتفق وجلال القرآن , كما أنه يحتوي على خطأ منهجي كما أسلفنا . .
     (2)



سؤال الصحابة للرسول صلى الله عليه وسلم، يدل على نفوس تتشرب معنى الإيمان وتريد أن تجعله أساسا لحياتها بكل جزئياتها، فهم يسألونه هنا عن الأهلة، يسألونه عن النفقات وفيمن تصحّ ، يسألونه عن الحج، عن....وعن....وعن.... عن الكثير الكثير ، دلالة ساطعة على أن هؤلاء الذين خرجوا من ظلمات الجاهلية إلى نور الإسلام، ظلوا والخشية تتملكهم من عودتهم لما كانوا فيه من ضلال، ولو بالقليل الأقل ،ولو في أبسط الأمور وأيسرها، وفي أدقها كما في أجلّها، قوم غدوا والإسلام منهم والإيمان من قلوبهم بمثابة الدم من العروق ، بمثابة الهواء من الأنفاس، بمثابة الحياة من الحياة.................

ثم يوصل المولى عز وجل جوابهم عن سؤالهم عن الأهلة بقوله :

وَلَيْسَ البِرُّ بِأَن تَأْتُوا البُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ البِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا البُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ

ويأتي سبب نزول هذه الآية في جماعة من الأنصار أبقوا على عادة جاهلية، يريد الإسلام بنوره وقد جاء ليستأصل شأفتها كلها فيهم أن يبعدها بنص صريح وأن يبين حكمها ، ذلك أنهم كانوا إذا حجوا وعادوا إلى ديارهم ، لم يدخلوا بيوتهم من أبوابها وإنما دخلوها من الخلف، فمن لم يتسنّ له مدخل من الخلف، تسوّر الجدار أي تسلقه أو جعل سلما يرتقي فيه ....، وقد عاد واحد منهم مرة، فدخل بيته من الباب، فكأنه عيّر بما فعل فنزلت هذه الآية الكريمة ....

ولنستذكر سوية أيها الإخوة ، صفات البرّ في حلقاتنا السابقة ، فيبدأ سبحانه بقوله "ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البرّ من ................إلى وأولئك هم المتقون"

ويأتي أيضا هنا على ذات النسق في قوله: "وليس البرّ أن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البرّ من اتقى واتوا البيوت من أبوابها واتقوا الله لعلكم تفلحون"

لنتأمل أيها الإخوة سويا..... لنعمل عقولنا ولنفتح لقلوبنا الأبواب ..........لنتأمل ولنتدبّر ولنستذكر والقرآن يصدق بعضه بعضا.......
في آية البرّ السابقة ينفي سبحانه أن يكون البرّ هو تولية الوجوه مشرقا أو مغربا ، ثم يعدد له جملة من الصفات  تعرضنا لها بشيء من التفصيل ، وهذه المداخلة ملخص عن آية البرّ
http://www.ayamnal7lwa.net/forum/index.php?topic=1780.msg23721#msg23721

فنجد أنه هنا سبحانه وتعالى في هذه الآية الثانية في نفي أن يكون البر إتيان البيوت من ظهورها ، يأتي بـــ "البرّ" ، بالكلمة مجردة، بوصف أنه قد سبق في آية سابقة تفصيل معناه وترسيخه في العقول وفي القلوب على السواء........أي أننا قد عرفنا البرّ مفصلا ، والآن تأتي اللفظة مجردة وحدها بلا تفصيل لمعناه، لأننا ندرك مما سبق أن البر هو كذا وكذا وكذا وكذا.................ونستذكر فإذا ختام آية البرّ السابقة آية البرّ المفصلة التي جاء فيها تعريفه... تختتم بأن الغاية هي التقوى في قوله تعالى :
 "أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون"

فيأتي قوله هنا : جامعا شاملا في كلمتين هما : "ولكنّ البر من اتقى" وكأنها إعادة لكل ما سلف من أوصاف البرّ وغايته في كلمتين تلقيان في الذهن ما سبق حتى لكأننا نستشعر بذلك وحدة هذا القرآن العظيم واتساقه ، واتساق معانيه وتعلق بعضها ببعض، وأنه كتاب موحّد شامل كامل يصدق بعضه بعضا ..........

يا الله .......... ما أحلاها من ثمرات نخرج بها ونحن نعيش هذه الكلمات النورانية وكأننا نَسبح في كوكب دريَ نضيدة لآلؤه ، نضيدة درره لا تكاد تنبهر بنور هذه حتى يبهرك نور الأخرى...........!!!!

إذن وقد عرفنا سابقا أن السبيل للوصول إلى التقوى البرّ بكل تعريفاته الربانية القرآنية، إذن فقد سبق وأن أرانا سبحانه الطريق وفي هذه الآية يقرّ أنه "من اتقى" فإن اتبع المؤمن سبيل البرّ وأتى أوصافه التي بيّنها سبحانه  بلغ التقوى و اتقى .......

وهنا في نفيه سبحانه وتعالى العلاقة بين البرّ وعادة إتيان البيوت من ظهورها ، ينفي أمرا ظاهريا ، ينفي علاقته بمظهر، كما سبق وأن نفى علاقته بمظهر تولية الوجه مشرقا أو مغربا ...........ليلقي في روع المؤمن أن البرّ هو عمل القلوب التي تعلم، هو عمل قلوب موقنة بالله وبوحدانيته وبحاكميته، وبيوم الحساب الذي نمتثل فيه بين يديه ووفق هذا اليقين يأتي عمل الخير بأوسع معانيه والإحسان بمعناه يأتي ترجمة فعلية لا مجرد مظهر وشعيرة مظهرية لا لبّ فيها ولا جوهر ، خاوية،  أصلها وكلها مظهر لا تتعداه ولا عنه تحيد أو إليه تزيد ........

ثم يتبع هذا كله بإعادة للتأكيد وزيادة وتقوية في المعنى وتكرار الألفاظ في القرآن أحيانا كثيرة في آية واحدة أو في آيات متتالية ، كثيرا ما كان غرضه تقوية المعنى وتأكيده

يتبع هذا بقوله تعالى بعد أمره لهم أن يأتوا البيوت من أبوابها وينبذوا تلك العادة وراء ظهورهم ، يأتي قوله : "واتقوا الله لعلكم تفلحون"

وبعد التقوى إذن ما المبتغى؟؟؟؟ ما المبتغى من التقوى؟؟؟؟ إنه .............إنه الفلاح لعلكم تفلحون أي لتكونوا مفلحين

إذن تنتج لنا خلاصة جديدة قوامها السطران الآتيان والسهم مدلوله "السبيل إلى" :


البرّ ----------->--------------------- التقوى      التقوى----------->------------------ الفلاح





****************************
1-الغني
2-في ظلال القرآن لسيد قطب
« آخر تحرير: 2008-11-03, 16:28:02 بواسطة حازرلي أسماء »