المحرر موضوع: القرآن بين الحفظ والتدبر والعمل.  (زيارة 16930 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15899
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: القرآن بين الحفظ والتدبر والعمل.
« رد #20 في: 2009-05-13, 21:41:33 »
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ملاحظة سريعة
لا اعتقد ان جواد يعني ان ينقلب درس التجويد لدرس تفسير وعلوم شرعية
بل انتقاده ينسحب حتى على الدروس الشرعية في كثير من المعاهد.. فكثير من هذه المعاهد يخرج لنا متشدقين متفيهقين لا يمثلون الاسلام الا اسوأ تمثيل..
ما يطلبه جواد –بحسب ما فهمته- أن يهتم الانسان بأن يكون قدوة للاخرين، فالناس تتشرب السلوك كما تتشرب العلم، وان لم يتكلم الاستاذ أي كلمة.
عفلى من يتصدى للحفظ والتحفيظ أن يحاسب نفسه حسابا شديدا بلا هوادة ويسألها:
كيف أتصدى لتحفيظ القرآن أو حفظه وبناتي حجابهن ترللي؟
كيف اتصدى لتحفيظ القرآن أو حفظه وانا اعلم ان ابني مصاحب واحدة بنت؟
كيف أتصدى لتحفيظ القرآن أو حفظه وانا اعلم ان زوجي يجني ماله من مصادر بها شبهة؟
كيف أتصدى لتحفيظ القرآن أو حفظه وأنا لا احافظ على صلاتي؟
كيف أتصدى لتحفيظ القرآن أو حفظه وأنا لا احفظ لساني عن الخوض في اعراض الناس؟
كيف أتصدى لتحفيظ القرآن أو حفظه وبيتي فيه علاقات محرمة، او تصرفات غير طاهرة....!!!!!!!!

كمثال: أرسلت أحد أبنائي لمسجد لحفظ القرآن، فعلمت ان الاستاذ يتلفظ بألفاظ بذيئة؟؟
ارسلت ابنا آخر لبيت يحفظ القرآن، فعلمت ان الاستاذ كان يتغيب ويعهد برعاية الابناء في عدة مرات لطالب لديه في المتوسط، وكان ابني في الابتدائي، ولم أكتشف الامر الا لأن ابني عاد للبيت مرة ووجهه مشلفط، لأنه دخل في عراك مع ولد آخر، وسألت اين كان الاستاذ فقيل لي انه كان متغيبا يومها، وطلب من الولد الذي في ثالث اعدادي ان يستمع لهم؟
مثال اخر عن امرأة اعرفها حفظت القرآن وصارت استاذة الان، ولكن اعلم ان زوجها ماله حرام وهي .. الله اعلم تعلم ام لا تعلم
فاحت رائحة شيخ محفظ للقرآن في منطقتنا، عرفنا أنه يطالب زوجته بعلاقات محرمة في الفراش والعياذ بالله؟؟!!!

هذا كله.. يجعل حفظ القرآن كأنه موضة، أو مصدر للتباهي، أو مصدر للرزق، ويفقد معناه الحقيقي لدى كثيرين بكل أسف

والحل:
القدوة، الصدق، الاخلاص، تقوى الله في السر والعلن،  ثم كلمات وعظية بسيطة من نفس مؤمنة صادقة، وروح مجاهدة، مفعمة بالقرآن، ستدخل قلوب المتلقين، وتحدث فيهم تغيرا قلبيا وسلوكيا عميقا
لأنه ما أسر عبد سريرة إلا ألبسه الله رداءها، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر..
وما يخرج من القلوب يدخل للقلوب، وما يخرج من اللسان لا يجاوز الآذان
وقد حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من قوم مهرة بالقرآن، يحقر أحدنا قراءته إلى قراءتهم، ولكن القرآن لا يجاوز تراقيهم



والله أعلم
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

ماما فرح

  • زائر
رد: القرآن بين الحفظ والتدبر والعمل.
« رد #21 في: 2009-05-14, 04:53:16 »

جميل بارك الله فيكما

أتفق معكما إلا في نقطة واحدة

كون الداعية مقصراً إن لم يلتزم أهله كما يجب

هو عليه البلاغ والمثابرة على زرع المفاهيم الصحيحة والحوار والإلحاح ولكن قد يخرج من كل هذا بلا نتيجة فإنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء

ولا يمكن أن نعتبر ذلك قدحاً في نيته وإخلاصه أو ازدواجاً في شخصيته فهذا التخبط دخن أصاب الكل ولو توقف كل داعية أو محفظ عن عمله حتى يصلح من شأن أهله أولا ويخرج بنتيجة محققة لما وجدتم واحداً على الساحة
والسلبيات الباقية في أهله لا تعني إهماله دعوتهم والمثابرة عليها وإنما قد تعني أن عليه السعي والمثابرة على هداية الدلالة أما هداية التوفيق فمن الله وحده ولا يملكها بشر

جواد

لم أقصد بعبارة : " دع شؤون البيت والأبناء والطموح " أني أقصد إهمال ذلك للاهتمام بغيره وإنما قصدت أني سأرتب هذا بنفسي

جواد

  • زائر
رد: القرآن بين الحفظ والتدبر والعمل.
« رد #22 في: 2009-05-14, 10:22:03 »
اقتباس
كون الداعية مقصراً إن لم يلتزم أهله كما يجب

هو عليه البلاغ والمثابرة على زرع المفاهيم الصحيحة والحوار والإلحاح ولكن قد يخرج من كل هذا بلا نتيجة فإنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء

لا شك أن الهداية من الله وحده وأننا لا نملك فى النهاية أن نجبر أهلنا أن يصلوا لدرجة معينة من الإيمان،

لكن فى ذات الوقت أخشي أن يكون الكلام مطاطا جدا،

وسامحونى فى ذلك، فأغلب الحالات يكون التقصير فيها من الأهل منذ البداية ثم اذا انتبهوا الى التقصير بعدما كبر أولادهم حاولوا تغييره فوجدوا صدودا،
ومع بضعة مرات يبدأ مفهوم أن الهداية من الله يترجم الى واقع عملي بأن يقلل الأهل جهودهم مع أبنائهم، ويظنون انه لا فائدة.

فى حين انه لو تدبرتم العبارة لوجدتم أنها تحمل معانى أكبر مما ذكرتم،

فحين نسلم أن الهداية من الله فإننا نتوجه الى الله بالدعاء أن يهدى أبنائنا خاصة اذا وجدنا منهم صدودا فى مسألة ما،
وهكذا فنحن نتصدق ونبتهل الى الله اذا عجزنا عن تحريكهم من معصية، بل واذا كنا نقدر أن نذهب للعمرة خصيصا للدعاء لهم أن يعينهم على أمر ما من أمور الدين فهذا أولى من أن تزيد حلقاتنا.

لاحظوا أيضا أن هناك حدا أدنى هو الذى أتكلم عنه ولا يجب النزول عنه مع الأبناء والأهل،
فالإلتزام بالفروض حد أدنى منهم، لا يجب السكوت عنه مهما كان، ولو تطلب ذلك التفرغ لهم ليل نهار،

ولاحظوا أيضا أن الأهل قد لا يلتزمون الا عن كبر، فيشب الأبناء على تربية افتقدت كثيرا من عناصرها الإسلامية،

فهل نأتى بعد أن هدانا الله ونسلم بالأمر الواقع لتصبح المحاولات معهم مجرد امر ثانوى بسيط لا يقارن بما نبذله فى الحلقات ؟

وأضرب لكم مثالا بسيطا،

الفتاة التى لم يعودها أهلها على الحجاب الصحيح منذ الصغر أو تهاونوا فى لباسها فى مرحلة الإعدادى والثانوى لأنها صغيرة كما يقال فى مجتمعاتنا،
على الرغم أنها فى هذه السن تكون قد بلغت وأصبحت مكلفة،

ماذا تتوقعون منها فى الجامعة وفى حياتها بعد ذلك؟
لاشك أنها لن تقتنع بسهولة أن تغير من شكل حجابها، فهل نسلم بالأمر الواقع ونقول انه لو شاء الله لهداها الى الحجاب الصحيح ؟

أرجوا المعذرة،
تقصيرنا مع أنفسنا وتأخرنا فى الإلتزام ليس عذرا يبرر لنا افتقاد أبنائنا الى التربية الصحيحة،
فلاشك أننا قبل الزواج رأينا المثال الصحيح للحجاب مثلا، اما فى الشارع او الكلية او بالقرب من المسجد،
فلماذا لم نفكر فيه لأنفسنا أول مرة رأيناه فيها ؟ ولماذا لم نفكر فيه لبناتنا بمجرد بلغوهن ؟

ولو كان الإنقطاع عن احدى الحلقات وتوجيه الجهد الى ابنة غير محجبه او بحجابها خلل سيكون عاملا أقوى لحثها على التغيير فالإنقطاع أولى.

وهكذا فى النهاية الأمر متروك لضمير الداعية ومدى صدقه مع نفسه وحسن تقديره للجهد المطلوب مع الأبناء واذا ما كانوا حقا يتحاجون الى الوقت الذى يقضيه فى الحلقة، أم لا. ففى النهاية الإلحاح والضغط الشديد فى التربية قد يسببان نفورا، فيجب مراعاة هذا أيضا.

جزاكم الله خيرا كثيرا، و وفقنا واياكم الى ما يحب ويرضى.
« آخر تحرير: 2009-05-14, 10:24:07 بواسطة جواد »

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15899
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: القرآن بين الحفظ والتدبر والعمل.
« رد #23 في: 2009-05-14, 12:22:19 »
كلامك يا جواد صحيح

ولعلي أفرق بين داعية يقر أبناءه على معاصيهم على اساس انه لا يملك لهم شيئا والهداية من الله، وبين من يعتزل معاصيهم هذه

يعني مثلا
حضرت حفل زفاف لابنة داعية مشهور يظهر على التلفاز
الحفل مشترك لابنه وابنته

ووقفوا على الكوشة معا، مع العريس والعروس الاخرى

ووقف الداعية وسطهم يبتسم ويتصور

هل تخيلتم المنظر؟
زوجة ابنه العروس في كامل زينتها على المنصة مع زوج ابنته العريس الاخر

وهو يتصور بينهم
عدا عن الموسيقى، والرقص (slow ) للازواج الاربعة معا.. الخ الخ

طيب لنفرض ان الداعية لم يستطع هداية ابنه ولا ابنته
اما كان يستطيع اعتزال الفرح؟ او تهديدهم انه ان لم يكن منضبطا اسلاميا فلن يشهده؟

مثال اخر:
تعرفت في كندا الى فتاة، يعتبر ابوها علما من اعلام الدعوة وعلمائها
الفتاة غير محجبة، ترتاد النادي، ولها شلة شباب وبنات في النادي، وهذا الكلام من عشرين عاما

قالت لي انها لما سألت ابوها لماذا لا يوليها شيئا من اهتمامه، اجابها بأنه اختار أمها صغيرة، ورباها على يده، لتتولى تربيتهم، ثم تفرغ بعد ذلك لتلاميذه ودعوته

فما رأيكم؟

هذه الحالات مختلفة تماما عمن يحاول تربية ابنائه ووعظهم فيرفضون، ويشذون، فيدعو لهم بالهداية، لكن لا يقرهم على معاصيهم، ولا يشهدها، بل يعتزلهم اثناءها، او يمنعهم عنها ان كانت له ولاية عليهم كالأب على بناته والام على المراهقين مثلا


*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

حازرلي أسماء

  • زائر
رد: القرآن بين الحفظ والتدبر والعمل.
« رد #24 في: 2009-05-17, 11:35:20 »
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
انقطاع للأنترنت دام أياما حبسني عن الموضوع لي عودة بإذن الله تعالى لاستكمال قراءة ما وضعتم

حازرلي أسماء

  • زائر
رد: القرآن بين الحفظ والتدبر والعمل.
« رد #25 في: 2009-05-23, 08:00:57 »
نويت العودة لهذا الموضوع المهم،ولم يشأ الله بعد، إلا أنني قد قرأت مداخلاتكم، وهي ذات أهمية بالغة جدا بارك الله فيكم

ولكن وأنا في عيش مع تفسير بعض الآيات الكريمات، أنقل لكم إخوتي هذا المعنى العميق من ظلال القرآن :

ولن ننتفع بهذا القرآن حتى نقرأه لنلتمس عنده توجيهات حياتنا الواقعة في يومنا وفي غدنا ; كما كانت الجماعة المسلمة الأولى تتلقاه لتلتمس عنده التوجيه الحاضر في شؤون حياتها الواقعة . . وحين نقرأ القرآن بهذا الوعي سنجد عنده ما نريد . وسنجد فيه عجائب لا تخطر على البال الساهي ! سنجد كلماته وعباراته وتوجيهاته حية تنبض وتتحرك وتشير إلى معالم الطريق ; وتقول لنا:هذا فافعلوه وهذا لا تفعلوه . وتقول لنا:هذا عدو لكم وهذا صديق . وتقول لنا:كذا فاتخذوا من الحيطة وكذا فاتخذوا من العدة . وتقول لنا حديثا طويلا مفصلا دقيقا في كل ما يعرض لنا من الشؤون . . وسنجد عندئذ في القرآن متاعا وحياة ; وسندرك معنى قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم). . فهي دعوة للحياة . . للحياة الدائمة المتجددة . لا لحياة تاريخية محدودة في صفحة عابرة من صفحات التاريخ .

ماما فرح

  • زائر
رد: القرآن بين الحفظ والتدبر والعمل.
« رد #26 في: 2009-05-23, 13:56:39 »

كلامكم كله جميل ولا أختلف معكم فيه ولكني مازلت متوقفة عند زاوية أراها مهمة

بعض غير المحجبات إن سألتها عن سبب التأخر عن هذه الخطوة المفروضة تقول :

لأني إذا تحجبت أريد أن ألتزم مائة في المائة ولا أفعل شيئاً يغضب الله وألتزم بحجاب صحيح وليس كما ترتدي بعض المحجبات الآن

طيب يا ستي ولماذا لا ترتدينه وتفعلين هذا : تقول : أخشى أن أتراجع .. عندما أشعر أني يمكنني تحقيق هذا الشكل المثالي سأرتدي الحجاب

نقطة " الفرض كما يجب " قد يراها البعض ثقيلة إلى درجة تجعله يترك الأمر بالكلية حتى لا يقع في تقصير عن المثالية ولا ينتبه أنه في نقطة المعصية التي هي أسوأ من التقصير

وهذا لو خففنا عليه الأمر قليلا ودعوناه لأن يخطو خطوة بسيطة في البداية لعلها تقوده إلى ما هو أفضل بالتدريج قد يفلح هذا معه خاصة أن الأمر فيه نقطة تغيب أحياناً عنا وهي أن من يخطو إلى الله خطوة يكافئه الله بأفضل منها

لو قلنا لشخص ما فائدة حفظك للقرآن دون أن تسقطه على واقع حياتك وتعمل به لربما ترك الحفظ والقراءة كليهما فيرتد إلى أسوأ مما كان

بينما لو تركناه وربه مع حرصنا على توجيهه كلما حانت فرصة لربما ترقى إلى ما شاء الله له من الهداية

انظروا قول ابن المبارك :

طلبنا العلم للدنيا فدلنا على ترك الدنيا

وفي صيغة أخرى :

طلبنا هذا العلم لغير الله فأبى أن يكون إلا لله

( لا أدري أي الصيغتين هي الأصح ولكن المعنى واحد على كل حال )

وعن تجربة في ارتياد حلقات القرآن كطالبة لمدة تزيد عن عشرة أعوام يمكن أن أقول أن التواجد وسط صحبة تحفظ القرآن ولو بغير فهم تغير في الشخصية وترفع الحافظ وتؤثر على رؤيته للأمور وتلقيه لقدر الله بل ويرى من كرم الله في كل خطوة يخطوها على الطريق ما لم يكن ليجده من طريق آخر

رأيت بعيني وعرفت فتيات وسيدات تغيرت أفكارهن وشخصياتهن بشكل ملحوظ خلال رحلة حفظ القرآن بل وعملن بالقرآن دون حتى أن يلاحظن - أو يتعمدن - أن هذا تطبيق لما حفظوه

مازلت أرى ضرورة الفصل بين النقطتين

الدعوة إلى العمل بالقرآن لابد أن توجد وتستمر سواء للحافظ أو غير الحافظ ولكن دون ربطها بالحفظ ذاته حتى لا نخذل عنه فيترك الحافظ الحفظ والعمل معاً


« آخر تحرير: 2009-05-23, 13:58:50 بواسطة ماما فرح »

حازرلي أسماء

  • زائر
رد: القرآن بين الحفظ والتدبر والعمل.
« رد #27 في: 2009-06-05, 14:59:07 »
هو كائن حي متحرك . ونحن نراه في ظل هذه الوقائع يعمل ويتحرك في وسط الجماعة المسلمة ; ويواجه حالات واقعة فيدفع هذه ويقر هذه ; ويدفع الجماعة المسلمة ويوجهها . فهو في عمل دائب , وفي حركة دائبة . . إنه في ميدان المعركة وفي ميدان الحياة . . وهو العنصرالدافع المحرك الموجه في الميدان !

ونحن أحوج ما نكون إلى الإحساس بالقرآن على هذا النحو ; وإلى رؤيته كائنا حيا متحركا دافعا . فقد بعد العهد بيننا وبين الحركة الإسلامية والحياة الإسلامية والواقع الإسلامي ; وانفصل القرآن في حسنا عن واقعه التاريخي الحي ; ولم يعد يمثل في حسنا تلك الحياة التي وقعت يوما ما على الأرض , في تاريخ الجماعة المسلمة ; ولم نعد نذكر أنه كان في أثناء تلك المعركة المستمرة هو "الأمر اليومي" للمسلم المجند ; وهو التوجيه الذي يتلقاه للعمل والتنفيذ . . مات القرآن في حسنا . . أو نام . . ولم تعد له تلك الصورة الحقيقية التي كانت له عند نزوله في حس المسلمين . ودرجنا على أن نتلقاه إما ترتيلا منغما نطرب له , أو نتأثر التأثر الوجداني الغامض السارب ! وإما أن نقرأه أورادا أقصى ما تصنع في حس المؤمنين الصادقين منا أن تنشىء في القلب حالة من الوجد أو الراحة أو الطمأنينة المبهمة المجملة . . والقرآن ينشىء هذا كله . ولكن المطلوب - إلى جانب هذا كله - أن ينشىء في المسلم وعيا وحياة . نعم المطلوب أن ينشىء حالة وعي يتحرك معها القرآن حركة الحياة التي جاء لينشئها . المطلوب أن يراه المسلم في ميدان المعركة التي خاضها , والتي لا يزال مستعدا لأن يخوضها في حياة الأمة المسلمة . المطلوب أن يتوجه إليه المسلم ليسمع منه ماذا ينبغي أن يعمل - كما كان المسلم الأول يفعل - وليدرك حقيقة التوجيهات القرآنية فيما يحيط به اليوم من أحداث ومشكلات وملابسات شتى في الحياة ; وليرى تاريخ الجماعة المسلمة ممثلا في هذا القرآن , متحركا في كلماته وتوجيهاته ; فيحس حينئذ أن هذا التاريخ ليس غريبا عنه . فهو تاريخه . وواقعه اليوم هو امتداد لهذا التاريخ . وما يصادفه اليوم من أحداث هو ثمرة لما صادف أسلافه , مما كان القرآن يوجههم إلى التصرف فيه تصرفا معينا . ومن ثم يحس أن هذا القرآن قرآنه هو كذلك . قرآنه الذي يستثيره فيما يعرض له من أحداث وملابسات ; وأنه هو دستور تصوره وتفكيره وحياته وتحركاته الآن وبعد الآن بلا انقطاع


سيد قطب -الظلال-

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15899
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: القرآن بين الحفظ والتدبر والعمل.
« رد #28 في: 2010-07-02, 17:34:21 »
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لعله يبدو من الغريب أن أعقب على كلام قيل في موضوع كان آخره قبل عام كامل

ولكنني أحيانا اتذكر امرا ما فأبحث عن الموضوع الذي قيل فيه، فأعود لقراءته والاستمتاع بما فيه من جديد
وأحيانا اجد زوارا أثناء مراقبتي للمنتدى يقرؤون موضوعا ما، فأجد نفسي قد نسيت فحوى هذا الموضوع ولدي فسحة من الوقت فأرغب في تذكره
وهذا ما حدث الآن...

وعدت وقرأت الموضوع من جديد
واستمتعت بكل ما جاء فيه من مداخلات قيمة
وحقيقة كلها قيمة بلا استثناء، وان بدا فيها بعض الاختلاف لكن كلها تصب في مصب واحد... السعي الحثيث لنصرة الاسلام وطاعة الله عز وجل

وبدا لي أن أكتب بعض التعقيبات التي ربما تلخص فوائد الموضوع وتجمع وجهات النظر المختلفة بشكل منسجم ان شاء الله


ويتبع
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15899
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: القرآن بين الحفظ والتدبر والعمل.
« رد #29 في: 2010-07-02, 18:06:20 »
أساس الاختلاف في الموضوع كان بين اتجاهين: الأول يرى ضرورة زرع العمل بالقرآن جنبا الى جنب مع السعي لحفظه او تحفيظه، ويرى خطورة كبرى في مخالفة السلوك الواقعي لدى حافظ القرآن لمنهج القرآن
والثاني يرى حفظ القرآن بحد ذاته هدفا، لا بد من السعي لتحقيقه، دون ان يعطل هذا السعي لتطبيق القرآن، ولا أن يعطله السعي لتطبيق القرآن..
كانت هناك نقاشات كثيرة فرعية ادت لتكبير شقة الخلاف مع انها لو نوقشت بهدوء لوجدنا انها يمكن استبعادها لأنها ليست محل
نزاع

من الفوائد التي تعلمناها في مادة الفقه المقارن أنك حين تريد مقارنة فقه مذهبين في مسألة ما، فلا تشتت نفسك في خلافات فرعية كثيرة، ولكن ركز على نقطة الخلاف واحصرها، لتحسن دراستها وأدلة كل اتجاه فيها، ومن ثم الترجيح ان كان ممكنا

طيب.. لنطبق هذا هنا:
- كلنا متفقون على أهمية حفظ القرآن وتحفيظه لكي نحقق فرض الكفاية في نقل القرآن بالتواتر من جيل لجيل
- كلنا متفقون على أن القرآن منهج حياة، وأن الله تعالى ما أنزله ليكون نصوصا تتلى ويتبرك بها، بل لتكون دستوار للمؤمنين يحكم حياتهم ويضبطها ويوجهها

نخلص من هاتين المقدمتين الى أن حفظ القرآن وسيلة إلى بناء الحياة على منهجه، وليس غاية بحد ذاته
والدليل على ذلك أن الله تعالى ذم قوما لأنهم حفظوا كتبهم ولم يعملوا بما فيها ووصفهم بأنهم كالحمير
قال تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }
وقد فسرها ابن كثير بقوله:
"يقول تعالى ذامًّا لليهود الذين أعطوا التوراة وحملوها للعمل بها، فلم يعملوا بها، مثلهم في ذلك كمثل الحمار يحمل أسفارا، أي: كمثل الحمار إذا حمل كتبا لا يدري ما فيها، فهو يحملها حملا حسيا  ولا يدري ما عليه. وكذلك هؤلاء في حملهم الكتاب الذي أوتوه، حفظوه لفظا ولم يفهموه  ولا عملوا بمقتضاه، بل أولوه وحرفوه وبدلوه، فهم أسوأ حالا من الحمير؛ لأن الحمار لا فهمَ له، وهؤلاء لهم فهوم لم يستعملوها"

طيب.. نأتي الآن لاعتراض قوي أثارته ماما فرح ولم أجد ردا شافيا عليه، مع أنها قالت أنها تبحث معنا عن حل له وتفكر بصوت عال
وفحوى الاعتراض أننا لو طلبنا من الطالب في معاهد او حلقات تحفيظ القرآن الا يحفظ الا ما يفهم تفسيره وأحكامه ويطبقها في واقع حياته، فهذا سيصده عن الحفظ ويثبطه ويعرقله...
وماذا عن تحفيظ الأطفال الذين لا فهم لهم بعد؟
وكثير من السلف الصالح كان يتم الحفظ ولما يبلغ سن التمييز بعد ولا سن الأمر بالصلاة، أي دون السابعة
والأمر نفسه بالنسبة لمن يقومون بالتحفيظ او التدريس
واعترضت كذلك بواقع ضرورة التخصص، فمتخصص التجويد لا يشترط له التخصص في الفقه او الحديث او التفسير
واعترضت كذلك بواقع الزمن... فالإلمام بالحفظ والتجويد والتفسير والاحكام يحتاج لعشرات السنين

والاجابة على هذه الاعتراضات في المداخلة التالية ان شاء الله
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15899
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: القرآن بين الحفظ والتدبر والعمل.
« رد #30 في: 2010-07-02, 18:22:13 »
الجواب على الاعتراضات السابقة، ان علينا ان نميز بين نوعين من العلم
علم هو فرض عيني على كل مسلم أن يعلمه، ويلتزمه في حياته
وعلم هو فرض كفائي، ان قام به من يكفي لحمله وأداء حقه من المسلمين سقط الاثم على الباقين، وهذا النوع قد يتعين في حق البعض من طلبة العلم الشرعي المؤهلين لذلك

العلم المطلوب تدريسه في كل حلقة من حلقات العلوم الشرعية، سواء كانت حلقات وعظ او فقه او حديث او تحفيظ .. هو النوع الاول من العلوم .. مطلوب تدريسها ومتابعة تطبيقها ايضا
وهي ليست كثيرة، ولا مجهولة ، ولا تحتاج تخصصا لنشرها، بل تحتاج مسلما صادقا مخلصا يعظ الآخرين ويبلغهم ويذكرهم

يعني لا يمكن ان تكون محفظة القرآن غير محجبة.... مرفوض رفضا قاطعا، ولو كانت متقنة كخليل الحصري او مشاري العفاسي..
لا يقبل ان تكون محفظة القرآن غير محافظة على صلاتها او صيامها او متهاونة في شؤون الطهارة او غض البصر
لا يقبل ان تكون غير متأدبة بآداب القرآن من توقيره واحترامه، والالتزام بآداب مجالسه
لا يقبل ان تكون سريعة الغضب او سليطة اللسان او مغتابة او نمامة
لا يقبل ان يكون لها عمل تتكسب منه ماله فيه شبهة.. او زوجها او من يعولها ماله فيه شبهة
او زوجها أو والداها غاضبان عليها

هذه اساسيات في الدين لا تحتاج فقه أبي حنيفة ولا علم الجزري ولا تحديث العسقلاني لكي ندركها ونعرفها

وعندما تكون معلمة التحفيظ ملتزمة جيدا بحدود الحلال والحرام في نفسها واهلها، وقافة عند حدود الله، فإن حالها هذا سينتقل لطالباتها دون ان يشعرن
ثم هي لن تألو جهدا في لفت انظارهن للأخطاء الشرعية في سلوكياتهن، والاستشهاد على أقوالها بآيات من كتاب الله لتترسخ هذه المفاهيم لديهن
مثلا: لاحظت تعثرا عند احدى الطالبات في الفهم او الحفظ.... تعظها حول الطهارة، وتلفت نظرها أن القرآن كتاب مكنون لا يمسه الا المطهرون، فلا يمكن أن تتمكن منه ما لم تكن على طهارة
فإن تأكدت من احسان الفتاة وتقيدها بشروط الطهارة الشرعية الحسية، انتقلت معها للطهارة الروحية، وطهارة المال من الحرام والشبهات، وطهارة القلب من الضغائن والحسد، او التعلق غير الشرعي بشاب لا يحل لها سواء عبر التشات او الهاتف او في الجامعة او العمل او غيره

ولو أنها في يوم شعرت بثقل في الجلسة او ضوضاء وعدم سكينة، لفتت النظر الى ضرورة السكينة واعطاء كتاب الله حفه من التوقير، ثم تطرقت الى ان التوقير يكون بالدرجة الاولى الا نجعل هذا القرآن مهجورا، وأكبر مظاهر هجر القرآن هو هجر العمل به

ولو في يوم عرفت ان احدى الحاضرات مصرة على معصية معينة ، او ارتابت في ذلك.. خوفتهن من أن أول من تسجر به النار يوم القيامة عالم وقارئ وشهيد.. وتذكرهن الله تعالى .. وأمانة هذا الكتاب وحمله ... وهكذا..

تتطرق للمواضيع التي تعرف ان البيئة المعاصرة تعاني منها وتلفت النظر لها

اما على شكل فردي مع كل طالبة على حدة
او بموعظة تستفتح بها الدرس كل يوم او تختتمه ولا تزيد عن عشر دقائق او ربع ساعة

نحن كنا نطبق هذا حتى في تدريسنا المدرسي والجامعي، سواء كنا ندرس علوم او رياضيات او انجليزي او عربي او دين... مع أن وقت الدرس او المحاضرة محدود، وهناك منهج معين لا بد من انجازه.. لكن هذه الاتجاهات والمفاهيم لا بد من غرسها والتأكيد عليها باستمرار، وهذه الدقائق المقتطعة ان اتقينا الله تعالى فيها سيبارك الله بها وببقية الدرس بشكل غير مسبوق

وبهذا نربي ونعلم معا، ونحقق الغاية مع إتقان الوسيلة، ولا تنقلب الوسائل عندنا الى غايات وتضيع الاهداف

ولا بأس من أن تشمل خطة المعهد او المسجد او ايا كان سلما سلوكيا معينا اضافة للسلم التعليمي
فلا تترفع الطالبة للمستوى الاعلى ولا يقبل منها تسميع مزيد من الاجزاء ما لم تكن قد ارتقت سلوكيا بشكل معين.. على الاقل في الابتعاد عن المعاصي الظاهرة الواضحة .. كالتهاون في الحجاب او الاختلاط او المال او العلاقات او بر الوالدين او الزوج او غيرها ..

ومن يتوكل على الله يوفقه ويسدده

وما قل وكفى خير مما كثر وألهى
والله أعلم
« آخر تحرير: 2010-07-02, 18:28:03 بواسطة ماما هادية »
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل أبو بكر

  • شباب إيجابي
  • ***
  • مشاركة: 705
  • الجنس: ذكر
  • إن تنصروا الله ينصركم و يثبت أقدامكم
رد: القرآن بين الحفظ والتدبر والعمل.
« رد #31 في: 2010-07-03, 15:26:24 »
و لو اني قرأت المشاركات الجديدة بشكل سريع إلا أنها -ما شاء الله- جميلة و جيدة و تحتاج لبعض التطبيق حسب استطاعة المحفظ و أعرف من المحفظين من يفعلون مثل هذا و هم بفضل الله ناجحون جداً emo (30):
اللهم انصر الأحرار في كل مكان، و أهلك كل فرعون وهامان....اللهم نصراً لليبيا وسائر بلاد المسلمين

غير متصل حلم

  • شباب منتج
  • ****
  • مشاركة: 1079
رد: القرآن بين الحفظ والتدبر والعمل.
« رد #32 في: 2010-12-09, 19:46:36 »
للمتابعة
لا إله إلا الله.