صيد الخاطر ..

[زينب الباحثة]

خصوصا في عالم الإنترنت ما يضعه المرء يبقى وينتشر للأبد 

[سلمى أمين]

يا ابنة نابلس , قيل : هيهات هيهات , فما بقي لنا من احاديثنا سوى ركيعات اقمناها في جوف الله نذكره فيها ..
أنا مثلكِ تماماً , و كنت افكر كيف سيصبح الحال بعد 3 اعوام مثلا لو عدت لاقرأ ما اكتب الآن .. هل سأنضج اكثر؟ هل سأضحك مما اكتب؟

علي كلِ , تبقي الثمرة من حقها ان تأخذ وقتها كامله لتنضج ..

[محمد عيد]

اليوم تكمل أمي في رُقادها ثلاثاً .. ثلاث سنوات , أو قل ثلاثة قرون
لا ادري من أين يمكن للمرء أن يبدأ إذا أحب أن يتحدث عن أمر يتعمد إخفائه و تناسيه قدر جهده ..
أنا فقط أردتُ أن أخبركِ أنهم كانوا جميعاً كاذبون ..
عندما كنت أسألهم عنكِ, كانوا يخبرونني أنكِ بخير جداً و ستعودين قريباً ..كلهم كانوا كاذبون ..حتى يوم عودتكِ الذي لم يكن يوم عودة أبداً اخبروني أن ارتب لكِ غرفتكِ لأنكِ قادمة و أنكِ قد تحسّنتِ كثيراً .. هرعتُ أرتب المكان ..
حتى تأخرتِ كثيراً .. تأخرتِ كثيراً جداً يا أمي و سيدتي .. أكثر مما ينبغي لكِ ..
علمت أنك ستتأخرين عندما فضحت أختي لون عينيها .. عندما سمعت اطراف حديث الهاتف الذي تم بينها وبين خالي ..
علمت عندما سألتها في بساطة .. عمّا إذا كنتِ ستتأخرين للغد , علمت حينما طلبت مني أن اجلس و اخبرتني و هي تتحاشى عينيّ : ماما إتوفّت ..
و انتِ تعلمين أنني ضحكت .. و خرجت أصب لنفسي كوباً من الصودا , و جاء ابي يومها مع عمتي و احتواني بذراعيه و قبّلني في جبهتي ..
و تعلمين أنني لم أبكِ قط ..علام أصلاً؟ ..
و تعلمين أنني كنت أنتظركِ كل يوم .. و أرتب لكِ سريرك الذي كنت تعتادين علي النوم فيه ..
و أنني أفتح كل يوم صوركِ .. فأقبلّها , و اتمنى من الله ألا يطول الامر أكثر من هذا ..
و أنني اذكر آخر كلمة قلتها لي , كانت دعوتك بأن يكرمني الله و أن يرضى عني ..
و تعلمين أنني اعلم أن ذهابكِ لم يكن خيراً لي .. بل لكِ .. لأنني أسوأ  و أضل إبنة يمكن أن يحصل عليها أحد ..
و أن حياتي من دونكِ تنقصها حياة ..
و أنني اتمني ان يذهب لكِ خير ما اعمل .. و ان يبلغكِ الله أنني - و إن بدا لكِ يوماً غير ذلك - أحبكِ و أتمني أن يرضيكِ عني ..
و أتمني كذلك أن يُعلمك أن كل حرف احفظه من قرآن او حديث أو علم .. وكل قطرة عرق من ارهاق و جهد ..و أن كل همسة في دعاء او صلاة .. فهي لأجلكِ و بأسمكِ ..
و تعلمين أنني لا املك كنوز قارون و لا مُلك كسرى .. ولا املك مالاً في جيبي , ولا ذهباً في علبتي .. لكنني أملكني , و أنا صدقتكِ الجارية .. شري لي .. وخيري لكِ ..
و تعلمين أنني اصلي لكِ في كل صلاة .. و أنني استسمحكِ علي كل شيء .. كل شيء يا حبيبتي ..اعذريني .. جهلتكِ , ألا عفواً ..
و أراكِ في كل ركن و تفصيل , أسمعكِ دائماً و بلا انقطاع .. اذكر حديثنا المتكرر في الشرفة .. اذكر طعم خبزك و العصير الذي تصنعين .. و أحن إليهما .. و إليكِ
و تعلمين أن بيني و بينكِ أمراً من الذي اخذكِ لحضرته , و تعلمين أنني لا اسخط على ما قضى ولا ما أحب .. إنا عبادك فألطف بنا عن قضاءك ..
و أما و قد أخذكِ أنتِ التي كان يكرمني لأجلها .. أما و أنه أخذ نفساً من نفسي ..
فإني قد رضيت ..فهل تحسبينه رضى؟
لا اتخيل ..أنني يوماً قد أتخرج بدونك , أُزف و اُنجب ..دونكِ .. فأي نعيم بعدكِ يكون؟
يقولون أن الميت يشعر بأهله , هل تشعرين بي؟ ..هل تحسين حالي؟
اللهم لا اعتراض .. اللهم لا سخط .. غير أنه يارب .. صعبُ , و كثير ..جداً
ارفق بي !
يارب .. وقد خلفتني عنها مائة عوض , و قد رضيت و إن لم تخلفني عنها شيئا ..
---
قد نسيت , بالطبع نسيت ..
نسيت .. كيف كانت تناديني و تدللني و تنافشني
نسيت .. كيف كانت تخبز و أنا جوارها , فتنهرني .. ثم تعود تصالحني
نسيت ..كيف كانت تضحك , و تبسم .. و تصلي .. و تحب
نسيت .. كيف كانت أجمل من رأيت و عاشرت
نسيت .. كيف كانت تمازحني
نسيتُ ..كيف أسمعها تتألم و تبكي ولا املك سوى النظر ..و الابتعاد
نسيت ..كيف كانت - في آخر أيامها - و هي في غير وعيها .. تلف حجابها و تصلي ..
نسيت .. كيف كانت الاسعاف ضيف قائم عندنا
نسيت ..كيف كانت تنظر إليّ و هي تحتضر و تتبسم ..و تقول : بتحبيني يا حبيبتي؟
نسيت .. كيف كنت أحمق خلق الله , أنا أبغضني.. لا احسبني سأسامحني يوماً !
نسيت .. كيف كان يوم 29-4 منذ ثلاث سنوات
نسيت .. كيف قيل لي أن أخي الاكبر قد أسند رأسها علي فخذه و هي ميتة طوال ساعتين و نصف ..

بالطبع نسيت ..

على أنني اتمني أن تغفر لي , و تسامحيني
ان تعفِ عن كل الاشياء السيئة التي ارتكبتها بحقك , و ان تعفِ عن كل الاشياء الجميلة التي لم اصنعها و اغزلها لكِ
عن كل الايات و الاغنيات التي لم اتلوها عليكِ
عن كل الايام التي عشتها دون أن اقبلّك و اركع تحت قدميك

لم أقدمّ لكِ شيئاً يشفع لي في حياتك , فقط أعدكِ أنه يوماً ما ..سأمنحكِ كثيراً من الاعمال التي صنعتها على شرف وجودك في قلبي ..و تاجاً ستضاهينه جمالاً

فلله الحمد ما أخذ .. و له الشكر ما أعطى
و لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا .. هو مولانا ..و عليه توكلنا
..



29-4-2013

رحمها الله، وجعل الجنة نزلها، كلمات محزنة، وإحساس شديد، وكلام خرج من قلب صادق أسأله الله ـ تعالى ـ أن يمن عليكِ أختي بفضله، ويرحم فقيدتنا .. آمين

[سلمى أمين]

آمين , شكرا يا محمد علي مشاعرك الطيبة :)

[سلمى أمين]

هيه , مرحباً ..كيف حالك ,  هلا كففت عن العبث بمأساتي ؟ .. أشكرك جداً , مع السلامة !

[ابنة جبل النار]

هيه , مرحباً ..كيف حالك ,  هلا كففت عن العبث بمأساتي ؟ .. أشكرك جداً , مع السلامة !

؟؟؟

[سلمى أمين]

أتحدث عن استغلال الاوجاع و الاسقام من اجل تبرير احزان من امامك ..
اتحدث عن الاعلانات التي يتاجرون فيها بآلام الصبي .. بحزن الام .. و ضيق ذات ايديهم ..

لن اطيل فالجميع يعلم عما اتكلم ..

[سلمى أمين]

اعلان رسالة الجديد 2013 30 ث

هذا يا ابنة نابلس .. هذا !!

[ابنة جبل النار]

أعذريني يا زبادي فهمت ولم أفهم...
رسالة هي مؤسسة خيرية ؟؟بالفعل تدعم المحتاجين؟؟ولكن اعتراضك على ظهور المحاجين أنفسهم كدعاية لرسالة؟؟؟
هو ليس إعلان تجاريّ !! ربّما هدفهم أن يرى الناس نماّذج ممن يساعدونهم لتشجعيهم على المساعدة ..

هي نفسيات وشخصيّات..هناك من  لا يقبل أن يظهر كعيّنة ممن قُدّمت لهم المساعدة وبعضهم يقبل ..
أحيّي فيك هذه الروح الحسّاسة...

[محمد عيد]

اعلان رسالة الجديد 2013 30 ث

هذا يا ابنة نابلس .. هذا !!

الأخ ال في الإعلان دا أنا شفته في أكتر من إعلان قبل كدا

[سلمى أمين]

أجل , يا أخ محمد هذا الفتي مألوف لي كثيرا , لكن لا اذكر اين كنت أراه ..

ما رأيك يا ابنة نابلس في إنسانية من يساعد البشر فيضعهم امام الكاميرات لأجل استدرار التبرعات؟
لا أجد أي رحمة في هذا التصرف , المتاجرة باوجاعهم , بكسرة نفوسهم ..
رسالة أصلا - كما قلتِ - جمعية خيرية شهيرة جدا , و احسب أي إعلان بدون ذكر امثلة ربما كان أفضل , وله نفس الدرجة من التأثير ..
أما هذا , فهو مبلغ الحِطة بالنسبة إليّ ..

[elnawawi]

متفق مع زبادي .. بدرجة ..

[سلمى أمين]

فماذا عن الدرجات الاخري؟

[elnawawi]

الدرجات الأخرى هي حجتهم .. هذه الأشياء تدر دخلا فعلا .. والناس تتبرع عندما ترى هذا .. وهذا المال يتم صرفه عليهم وعلى أمثالهم .. فلماذا نحرمهم من هذا المال ..
وهذا كلام لا يخلو من منطق .. حتى لو كنت لا استريح له ولا ارتضيه بشكل شخصي .. ولكني التمس بعض العذر (وليس كله)

[ابنة جبل النار]

أختي زبادي ..أنا كنت أتساءل بالفعل..لأنني لا أشاهد التلفاز ولا اعرف ما تعرفين ...
ربما تكون وجهة نظرهم ان يضعوا دليلا ماديا على بعض العينات الذين ينفقون عليهم ليتاكد المتبرعون ان اموالهم تذهب لمستحقيها ... وليشجعوا الآخرين ليتبرعوا عندما يروا محتاجين لن يروهم في حياتهم الواقعية لأنهم يعيشون في عالم آخر...
الأسلوب كان مقبولا ..ان يتكلم كل محتاج وهو سعيد عن ما قدمته له رسالة.... ولم يكن مجرد تصوير معاناة بطريقة تشهير إذلال....
بالضبط كما لو تخيلنا ..شابا ذكيا فكّر بمشروع مبتكر ولكنه لا يملك مالا لإنشائه..فجاء  شركة و دعمت هذا الشاب بالمال وبعد إنشاء المشروع ونجاحه ..طُلب من الشاب ان يتحدث عن  المشروع وعن الشركة التي ساعدته ليشجع غيرها على مساعدة المبدعين ...هل هذا فيه احتقارا له؟؟!
ولكني أحترم وجهة نظرك وإحساسك المرهف ...هو مشروع كبير يفيد مجتمعا وليس بشخصا يتصدق عليهم ويريد منهم ان يمدحوه ويذلوا انفسهم ...

[سلمى أمين]

للاسف , يا اخ نووي و يا ابنة نابلس .. كلاكما نظرتم للامر بصورته العامة لا بصورته الضميرية - التي قصدتها .. اجل هي كالشركة التي يريد صاحبها الترويج لها .. لكن من أي منطق تصبح اوجاعهم و قصورهم مادة إعلان ؟ هذه الفتاة عندما تكبر كيف سيكون وضعها ؟ أجل .. أنا خرجت لتقديم إعلان عن الذين ساعدتهم رسالة في تخطي الحول ! .. المجتمع اصلا لا يرحم الاصحاء فكيف سيرحمها .. دعيكي من ان الفكرة مرفوضة من جذورها و هي المتاجرة كما فلتُ ..
هناك مليون وسيلة ووسيلة لهذا الامر .. ليست هذه اكثرها الحاحاً و لا اكثرها نتيجة .

[زينب الباحثة]

مشكلة المجتمع

إلى متى سنحجر عليهم ونخفيهم عن الأنظار؟

ما العيب في أن يأتي مريض ويقول أنا مريض؟

ما العيب في أن يأتي معاق ويقول أنا معاق؟

[سلمى أمين]

تحبين أن يعبث أحد بمشكلتك؟

[سلمى أمين]

امّا بَقي من نفسٍ داخل النفسِ فما هي سوى بِضعة زفرات تتحًّسس مَهِد سبيلها  للسماء ..و ستنضب ساعةَ ..

أمّا عن بؤس الحالِ - يا صاح - فما تِلك سوى كشؤون الخًلق و سَلِك قضاء الحكيم في ما أحكم ..

أمّا عن نَغز القلوبِ فهي كأقرب شيء لأي شيءٍ , للقلوب أعمارٌ كما الأحداث و العِباد .. و القضاء ..

فأمّا عن هَزل البدنِ و سقم عامِرته , فقد خبِر صاحِبكم مرير الأدواءِ و ذُل التجنُّب على اليُمنةِ و الاعتكاز على الجمادات ..

فأمّا انقطاعُ الوِصال فلا تُعيد البِحار أفواجَ المياه إلى عُنق الأنهار , و لا يَزورُ حارِق الشعاع أكباد الجبال ..

فأمّا عن باقي الأشياء , فهي كمثل ما بَقى منها .. شرّها نُبلي و نُبلى , و خيرها نُعطى و نُعطي ..و يبقى السُّلطان العظيمُ حَسيبُ زفراتِ النفس و سقيم البدن و نَغز القلوب و وصيل المنقطعِ ..

فلوجههِ إحزم حقائبك و توسًّل إليه كُلًّ ثغرٍ و رُكن ..و ارصُّد كل المهاجرين إليه و تحسًّس فيهم روحه ..و رِه منك كُلً جميل ..

و قل الحمدُ للهِ ربِ العالمين ..
,
12-6-2013
~زبادي..   

[سلمى أمين]

أيُّ أملٍ يا سلمى تعنين ؟ إفقديه فَضلاً .. و اريحي و راتاحي

لم يعُد هُناك سبيل , كل التدبيراتِ تُضِل , كل الثغور قد رُدِمَت

كنتِ قد دَعوتِ الله , فما أُجبتِ إلى حاجتك .. أو ربما أُجبتِ و لم تدرك تقديرات الضئيلة الحكمة من المَنع

حسبكِ الله سيؤتيكِ الله من فَضله , إنكِ إليه قد رغَبتِ و توسلت

إنتهى الأمر حتى يقضي الله أمراً ....