أيامنا الحلوة
الساحة الثقافية => :: حكاياتنا الحلوة :: => الموضوع حرر بواسطة: أبو دواة في 2006-12-19, 21:08:51
-
"أوه! .."
حدّقت الأم في ساعة الحائط قبالتها .. كان العقربان متعانقين عند السادسة .. إذن فنصف ساعة كاملة قد تصرّمت !
كانت عيناها العجوزان المنطفئتان تروحان وتجيئان .. وهي تقلب بين أصابعها الناحلة المغضنة خصلة من شعرها الأشيب ..
"يارب .. جئ بالعواقب سليمة .."
كانت شفتاها تختلجان .. فصغيرها الكبير -إن صح التعبير- قد غيّبه الطريق نصف ساعة كاملة!
كان أصغر أولادها .. الفتى اليافع .. قد استأذنها -بعد أن احتسيا الشاي ووالده- أن يشترى قطعاً من الحلوى من البقال أسفل المعمار ..
"قال أنه سيغيب دقيقة واحدة .. لا أكثر .. ولا أقل! .."
قبضت بيمناها على معصم يسراها .. وضمتهما إلى صدرها في استسلام ..
"إذن ماذا دهاه؟!" ..
كانت انتخابات البرلمان يومها على أشدها .. والصراع محتد بين السلطات الوطنية والقوى الدينية ..
"أيكون هناك خلف سور الزنزانة ؟! .. "
راعها خيال العسكر يجذبون ابنها في عنف .. مستقبل ابنها ضاع .. فاختباراته ستمر دون أن يحضرها ..
"أوه!" ..
(ترن .. ترن)
دق جرس الباب ..
جرت الأم في لهفة .. تختلف خطواتها فوق بلاطات الأرضية الملساء ..
"ابني .. حبيبي .."
احتضنته في امتلاك! ..
"حمداً لله على سلامتك يا ملاكي .."
تأملت فوديه وعثنونه .. وجنتيه البارزتين وحنجرته .. إنه كبير!
ضحكت في كمها .. "ما أحمق ما فعلتٌ!" .. هكذا قالت لعقلها ..
"أين كنتَ؟!" ..
"قابلت صديقي س .. ورحنا نرجّع اللحن الماضي وعهده .. أيام المدرسة والطفولة .. المشاغبات و ..."
لم تكن الأم تعي ما يقول .. فقط .. ترقرقت في عينها الدموع .. واحتضنته .. ثم أرسلته ..
-
جميلة جدا ورقيقة يا أبا دواة
ومرحبا بجديد مشاركاتك معنا
-
بارك الله بك يا خالة ..
وهذه الحكاية الثانية
كانت الجدة .. الأم الكبيرة .. جالسة إلى سريرها في ثياب الحداد القديمة .. والنظيفة دوماً وأبداً .. تقلّب كوب الشاي في هدوء .. وتنظر إلى حفيدها في وجد ..
"أريد أن أبثك شيئاً يا جدة .." قال الطفل وزرّ عيونه ..
ابتسمت الجدة .. وردّت ..
"قل يا حبيبي .."
اعتدل الصغير في جلسته .. وصمت برهة يضبط أفكاره في رأسه ..
"بالأمس كنت عند خالتي .. ورأيت لك صورة قديمة وأنت شابة .. كانت رائعة !!"
اتسعتْ ابتسامة الجدة أكثر .. وانظلقت تسأل في طفولة ..
"والله ؟! .. آه يا بني .. إنها صورتي وأنا أم صغيرة .. أردت أن يتذكرني أولادي بعد وفاتي ... "
قاطعها الصغير ..
"ربنا يعطيك الصحة يا جدة .."
"... كان لي يومها قريبة فتاة مصدورة .. اسمها عائشة .. زارت الطبيب هنا في القاهرة .. فشخّصها مصابة بالدرن .. بالدرن من الدرجة الثالثة .. ونصحها بالسفر إلى الريف حيث الهواء النظيف والشمس الصاحية .."
كانت عيون الصغير تزداد اتساعاً .. يلعق ما تحلّب من ريقه .. ويرسم للكلام صوراً في عقله ..
" .. طبعاً طلب منا أن نعزلها .. أن تأكل بطبق خاص بأدوات خاصة .. "
"وبعد ؟؟"
"كانت حبيبتي .. ولم أشأ أن أكسر خاطرها .. كنت آكل وإياها من صحن واحد .. أقبلها .. وأحتضنها .. لا أخشى الموت .. وأين الموت منا وقد كنا صغارا ؟!"
تابع الطفل بعيونه ..
"ماتت عائشة .. وطار صوابي .. قتلني الوهم والهم .. فكيف إذا مت ولي صغار لا يقوم عليهم مثلي ؟! ..
ذهبتُ إلى الطبيب .. فحصني .. وقال لي أن لا شيء ! .. وأني بصحة وعافية .. ووصف لي بعض المقويات ..
وارتدتُ الصيدلية .. وسألت الصيدلي (يا دكتور .. هذا الدواء لقريبة لي .. هل هي مريضة بحق ؟؟) .. ضحك الصيدلي .. وقال (إنما هي بعض الفيتامينات والمقويات) ..
ولم أصدّق .. وأحرقتني شكوكي ..
ذهبت إلى المصوّر .. والتقط لي صورة .. ونسختها أربع نسخ .. نسخة لكل طفل -وقد كانوا أربعة يومها- .. فإذا متُ عرفوا كيف كانت صورة أمهم التي تحبهم .."
ضحك الصغير من طيبة الجدة .. ومن قلبها .. قلب الأم وإملاءاته ..
-
فإذا متُ عرفوا كيف كانت صورة أمهم التي تحبهم .."
جملة بسيطة يا أبا دواة ولكنها في منتهى العمق وتعكس بسلاسة قلب هذه الأم.
-
وهكذا فلن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا...
وعاشت الأم الصغيرة حتى صارت جدة عجوز...
فلا نامت أعين الجبناء
لو يعرف الأبناء ما في قلوب الأمهات... لربما كان قد تغير الكثير في هذه الحياة
-
سلِمت يداك يا أخي أبو دواة
صورة الأم و هي في شبابها و صحتها هي أجمل ذكرى تكون خير مـُعين لنا
بعد رحيل الأم ، هي أم صادقة أرادت أن تبقى دوما في قلب أبنائها.
لكن من وجهة نظري كإبنة صور أمي على مدار حياتها منذ أن كانت طفلة
ثم شابة و بعد أن تزوجت هي أجمل هدية منها إليّ بعد رحيلها لأني عندما
أريد أن الجأ لقلبها الحنون و رؤيتها الصافية للأمور أنظر إلى تلك الصور
فيهدأ بالي و أشعر بحال أفضل مما كنت عليه عند إحتياجي لها و شوقي
و حنيني لحضنها الدافئ . رحم الله جميع أمهاتنا و أمهات المسلمين.
-
خالاتي الكريمات .. هادية .. سيفتاب .. إيمانيات .. بارك الله بكن .. ودائماً نتذكر أمهاتنا بالخير .. ويرحم الله جدتي -وهي مَن في القصة، وأنا الحفيد- .. للأسف كانت هذه القصة هي حظي الوحيد منها .. وقد رجوتها أن توقع لي في الأوتوغراف في آخر لقاء معها في القاهرة .. فاعتذرت بأنها ستحضر كلمات .. وانتظرتُ .. وانتهت إجازتنا في القاهرة .. ورحلنا .. ورحلت جدتي إلى السماء .. ولقد علمتُ أن أصابعها لم تكن بخير .. لذا لم تكتب لي .. يرحم الله أناملاً حاكت أجمل الثياب .. وأجمل الأطفال !
-
خالاتي الكريمات .. هادية .. سيفتاب .. إيمانيات .. بارك الله بكن .. ودائماً نتذكر أمهاتنا بالخير .. ويرحم الله جدتي -وهي مَن في القصة، وأنا الحفيد- .. للأسف كانت هذه القصة هي حظي الوحيد منها .. وقد رجوتها أن توقع لي في الأوتوغراف في آخر لقاء معها في القاهرة .. فاعتذرت بأنها ستحضر كلمات .. وانتظرتُ .. وانتهت إجازتنا في القاهرة .. ورحلنا .. ورحلت جدتي إلى السماء .. ولقد علمتُ أن أصابعها لم تكن بخير .. لذا لم تكتب لي .. يرحم الله أناملاً حاكت أجمل الثياب .. وأجمل الأطفال !
رحمها الله وأسكنها فسيح جناته
وبارك الله في الأحفاد الأوفياء...
-
مشكورة خالة هادية .. وهذه أخرى
كان الصباح لطيفاً في هذه البقعة من ريف الشمال .. والحياة تسير ..
الفلاحون في الغيطان .. يركبون هممهم .. وتركبهم همومهم .. تصحبهم دعوات أزواجهم .. وربما أزواجهم أنفسهن ..
الدنيا صارخة بألوان ثياب الفلاحات .. غضة بلون الورد في وجناتهن .. وتغريد العصافير على الغصون .. والأنعام تنشطها الشمس من عقال الكرى ..
كانت الأم قد أعدّت لصغارها وأبيها الشيخ الهرم إفطاراً .. خبزاً وإداماً؛ فولاً وجبناً وعسلاً .. وخضراً من خير الريف .. وكؤوس الشاي الممزوجة بالحليب ..
ومرّت ساعة ..
صارت الشمس أكثر ارتفاعاً .. والظلال أقل طولاً .. والآمال أيضاً !!
الأطفال الآن يصيحون في الشارع .. قرصهم الحر في الدور .. ففزعوا إلى الطرقات يلتمسون الهواء .. وبينهم (أسماء) ببدنها الصغير الغض .. وشعرها المقصوص .. وعيونها الشاردة .. السابحة في دنيا من الأفكار غير التي نراها !! ..
ويبدو أن أسماء راقتها أفكارها .. فراحت تتبعها في حارات القرية .. ساعة .. أو أكثر .. "والحارات فيها بالوعات الصرف .." -هكذا خاطبتْ الأم الحيرى نفسها .. وقد راعها غياب ابنتها- .. "وربما على الإسفلت .." .. وهنا احتضنت وجنتيها الشاحبتين تصفع الروع فيهما .. الإسفلت يعني السيارات .. و ...
بعد دقائق .. كان الصوت فوق المنارة يرج حارات القرية ..
"يا أولاد الحلال .. طفلة ضائعة اسمها ... "
...
وكيلا نطيل على القارئ ..
وجدوها .. وجدوها في آخر البلد .. وجلبوها إلى أمها الفزعى ..
ابتدرتها الأم بحضن قاسٍ .. ولطمة على الوجه .. ودمعات منها ومن الصغيرة !! .. هذه من اللطمة .. وتلك من الفزع .. ثم قائمة الممنوعات تفرض نفسها على سمع الطفلة ..
"إياك والذهاب مرة أخرى بدون إذني .. يا ... " ..
جرّت الصغيرة إلى باحة الدار .. وعندها فقط نام قلبها .. قلب الأم ..
-
أبو دواة
واخيرا وجدت موضوعك
أين البقية ؟؟
-
مرحبا زمرد ..
أي بقية يا أختي ؟!
-
الأخ الحبيب
رقة أسلوبك خطت بقلمي هذه الكلمات:
ما بال قلبي قلقلته الدموع حتى صرت اسمع خشخشته كماء يتخبط بقربة واسعة وما لعيني وقد اذاب البكاء محجريها حتى بدت لا تقوى على كلمة او تصمد امام خاطرة .. اقرأ فابكي .. اتامل فابكي .. تاخذني الدنيا ما تاخذني واغيب في طياتها ما اغيب ورطوبة جفني لا تنفكان بلمعان معهود فاذا ما انفردتُ بحالي كانها طفل لقي امه بعد يوم حافل فاستولى عليها وطفق يحكي لا يرضى بتركها حتى يفرغ كل ما لديه فاراها تنغمس بي في موجات البكاء بقدر ما تركتها وابتعدت عنها وكانها جرعة دواء لا يقبل التاخير ويسرع بتعويض ما فاته ..
وحالي عندئذ طمأنينة لقلبي وطهارة لنفسي من ادران استولت عليها آمادا طوال حتى قد خشيت الا اميز بين ظلمة اليل وسواد طويتي وسريرتي .. غير انني الان لم انفك عن الرهبة والخشية ذاتها ولكن بلون مختلف .. رهبة لا تنم الا عن تقصير وعجز عن بلوغ شيء من المطلوب ولو معشاره .. رهبة ان اكون غير اهل لهذا البكاء او ان يكون نابعا لغير الله او سيالا على شيء تافه
ربِّ ما كنت احسبني يوما اختلي بروحي باكيا .. فاذ مننت فأتم .. وأخلص نيتي لك
فجزاك الله خيرا emo (30):
-
رائعات هن قصصك القصيرات .. بارك الله فيكم واستعملكم فيما يحب ويرضى :)
-
سلمت يمينك يا بني
أسأل الله أن يبارك فيك ويرزقك الاخلاص
وأسأله أن يستخدمك ولا يستبدلك
-
أين قلمك .. بل أين أنت يا أبا دواة؟
-
لقد زار المنتدى أبو دواة بعد طول غياب من فترة قصيرة
ليته رأى ردودكم وعلق عليها
خاصة تعليق الزائر emo (30):
-
؟!!!!!!!
:'-)