إي وربي ذاك هو النعيم وتلك هي الحياة وتلك هي السعادة!!!! قال أخي المسلم (Al-Muslim)اللهم اجبر كسرنا بفراق شهرنا، وأعنا على فتنة الحياة الدنيا خيرها وشرها، فما النعيم والله إلا نعيم الروح، ولا الحياة إلا حياة القلب بذكر الله، ولا السعادة إلا بالقرب منه جل وعلا.
فقلت :والله ما يدري الواحد منا أيهنئ بحلول العيد ، وهو ينعي إلينا رمضان وأيام رمضان وليالي رمضان ونسمات رمضان وهي تهدهد أرواحنا وتأخذها في رحلة سماوية بعيدة بعيدة بعيدة............ ، لكم ترنو الروح إليها ولكم ترثيها إذا ما ولت عنها لحظاتُها ولكم تستجديها وتنشد قربها وعودها كلما ذاقت منها ، وتمنت لو أن تلك الحلاوة بقيت وظلت ودامت وما انقطعت ولا مُنعت
ما يدري الواحد منا أيفرح بالعيد ، أم يحزن بحلوله وهو الذي يأخذ منا آخر رمق من نفحات رمضان الحبيب ، وطيب رمضان الحبيب ...
أدري .......
أدري أنّه وإن كان ما كان من حال وإن عاد بما عاد من حال عيدنا ، فسيلبس الأطفال الجديد ، وستفترّ ثغورهم الصغيرة عن ضحكات بريئة ، وستقرّ أعينهم بنقود تزين راحات أيديهم يُحكمون عليها القبضات ليجمعوها فيشتروا بها ما حلا وما يُشتَهَى ...
أدري .......
أدري أنه أيا ما كان الحال ، وأيا ما عاد به من حال ، فستحضّر الأم قطع الحلوى وسيحملها الصغار للأفران في جو من المنافسة والتسابق على حملها ، وإن كانت رؤوسهم الغضة عاجزة عن حملها إلا أنّ الحماس والفرح سيمدّهم بقوة إلى ضعفهم فيحملوها ... وستبكي تلك الصغيرة التي كانت بين الصغار أصغرهم ، فما ألقوا ليديها الصغيرتين بالا ولا أقاموا لجسمها الصغير وزنا يعدونه قبالة أجسامهم قادرا ويتحمّل .... ستبكي ... سترى نفسها أصغرهم وأقلهم حيلة وأقلهم قدرة على المشاركة بين جيئة وذهاب وقضاء حاجات ماما التي تبتغي من الصغار يدا مساعِدة تمتد إليها لتحضير الحلوى وأخذها لفرّان الحي كما هي جرت وتجري العادات...
ولكنّ ماما وقلبها الحاني وعيناها اللمّاعتان حبا وحنانا وعطفا ورقة ، لن تترك تلك الصغيرة الصغيرة ، أصغر الصغار كلهم دون أن تجد لها حيلة أو أن تكلها لضعفها ودمعاتها وانكسار قلبها الصغير ، ستناديها : حبيبتي هلمي إليّ فساعديني هاكي قطعة من العجينة ، فاصنعي بها ما ترينني بها صانعة ، شكليها مثلي بأصابعك الصغيرة قطعا صغيرة ، فصففيهنّ متجاورات من صنع يديك الحبيبتين ، تعبتُ وحدي حبيبتي وإليك أبث حزني وهمي وإخوتك يسارعون لحمل ما أصنع جاهزا إلى فرّان الحي ، ويتركونني لتعبي ، أفتتركين ماما مثلهم وحيدة ؟؟؟
وتهبّ الصغيرة من فورها إلى أمها ، تسعد بمقالتها وبمدحها إياها وبدور أعطتْـــهُها أغناها عن كل تذلل وصَغار ودمع تريقه في غير ما اكتراث منهم بحالها ...
ما أسرع ما تكفكف دمعاتها تلك الصغيرة ، كما الأرواح التي وجدت البلسم في لياليك يا رمضان ، كما الأعين التي بقدر ما أراقت دمعا بقدر ما استشعرت حلاوة وسموا وصفاء ، كما الأرواح التي هفت لبارئها ولرحمة من بارئها مولاها وسيدها وطبيبها ، والعالم بضعفها وبسرها وعلانيتها ، كما الأرواح التي ناجته وكلما ناجته ، هفت لأن تستزيد فتناجيه أكثر ...
كما الأرواح التي بين يديه تذللت ، والوجوه التي إليه عنت ، والعيون التي سكبت وأسحّت من الصميم ما فاضت به مكاييل النفس فأفاضته رقراقا ، منسابا
مثلك أيتها الصغيرة ، مثل دموعك التي لم يأبه لها غيرها تلك ال ماما ، مثلك تلك الأرواح التي لا يداويها غيره ، ولا يشفي عليلها سواه ولا يستطبّ لدائها بغير دوائه
وكما لا أدري ما الصنيع بين يدي يوم عيد قريب ، أدري ...وأدري أنه وأيا ماكان الحال ، وأيا ما عاد به من حال ، فسيلبس الأطفال الجديد ، وسيبيت وليد كما ستبيت سمية ، كما ستبيت رنا ، كل منهم سيرقب الشعاع الأول منك يا شمس ذلك اليوم الموعود العائد بأي حال ، وستذهب بهم أعينهم في رحلة نوم قطعوا عهدا مع ساعاتها ألا تكون إلا قليلة ، لئلا يطول بهم الانتظار والترقب ، ولئلا تطول بهم الأحلام فتأخذهم عن حقيقة يومهم فما يرونه إلا قريبا قريبا قريبا ....
ومثلكم يا أيها الصغار أريد أن أراه مثلكم أريد أن أراه ............ إن ترونه إلا قريبا ، ومثلكم أريد أن أراه
أدري.... نعم أدري
أنهم سيستيقظون باكرا على غير عادتهم في أيام لا مدرسة فيها ، فسمية لن تصبر على فستانها الجديد ،المكويّ المرتب المعلق زاهيا ينبض حياة جديدة ، كما وليد يسارع لذلك القميص وذلك السروال يلبسه كأن لم يلبس قبله سراويلا ، يرى نفسه بالمرآة وهو يدللها ، يقلب حاله ذات اليمين وذات الشمال ويمرر يديه على شعرات رأسه النظيفة البراقة حديثة العهد بالحلاقة ، يجعل منها شيئا ذات اليمين وشيئا ذات الشمال في حركات متمرسة بارعة متناسقة ، يعلم أنه بها يجعل من شعره مع لباسه مع قَوامه الممشوق مع وجهه الوضاح وبشرته الوضيئة أكثر الفرسان وسامة ، ليكملها بابتسامة رضى ، وإعجاب ليس أصفى منها ولا أجمل ....
ومثلك يا وليد أريد أن أبتسم ، مثلك يا وليد أريد أن أشعر بفرحة العيد .... مثلك وأنّى لي أن أكون مثلك
وكما لا أدري ما الصنيع بين يدي يوم يأخذ منا أجمل الساعات وأصفاها وأنقاها وأكثرها صدقا للنفس مع النفس ، كما لا أدري ما يصنع الواحد أيحزن أم تراه يفرح
أدر ي ..............
أدري أنه ومع كل حال وبأي حال وأيا ما كان الحال فستعود يا عيد ، أدري أنّ رنا ستفاخر صويحباتها وأترابها بفستانها وبحذائها الذي تخاف عليه عبث الغَبرة أو رهَق القترة ، فتراقبه مراقبة الحريص على شيئه الغالي ذي المقام العالي وإن كان مقامه قدمها والأرض !!!.... ولكنّ أترابها لن يغضضن الطرف عنها ، ولن يسمحن بأن تبدو وحدها الملكة في هذا اليوم ، فكلهنّ ملكات ، وكلهم ملوك وما لأحد منهم فضل على آخر وما لأحد منهم أمر ولا نهي على أحد منهم
ومثلكم ، ومثلكم ............. مثلكم أيها الملوك ، نريد أن نكون ، وأن يكون يوم عيدنا ، ليس لأحد منا فضل على أحد ، ولا فرق بين فقيرنا وغنينا إلا بالتقوى ،... إلا بالتقوى ........... مثلكم أحب أن نكون
ومثل عيدكم أحب أن يكون عيدنا ......
لم يأخذكم ذنب او وَزَر ، لا شية في قلوبكم ، ولا شَوب ، ولم يلهكم عن الفرحة وجل قلب على ما أتى وعلى ما أفرغ من خطايا ، وعلى ما أوعى من رحمات ، قلب وجِل وإن أتى ما أتى ، قلب يخاف ألا يكون من المقبولين ، ويد تمدّ وتخشى أن تردّ خائبة ، وعين توجس خيفة ألا ينظر إليها ربها بعين رحمته وعفوه وكرمه ورضاه ، ودمع يسكب تخشى مآقيه أن توصد دونها أبواب رحمته غضبا ، فلعلّ بين الذنوب ذنبا حال دون رحمة، أو مغفرة أو عفو أو قبول ..........
فطوبى لكم أيها الملوك وطوبى لفرحتكم بالعيد التي لا يشوبها نقص ولا يعتريها دَخَل ، طوبى لكم أيها الملوك وطوبى لمملكاتكم
أنتم أيها الملوك ، أنتم وجه الفرحة فيه ـ وابتساماتكم وجه النور منه ، وصفاؤكم ونقاؤكم وطهركم سماؤه التي لا تتلبد بغيوم
وبين خوف ورجاء ، نبقى.... بين خوف ورجاء نبقى ...بينهما لا نتزحزح عنهما ، فكلما أخذنا الخوف بعيدا انتشلنا الرجاء وأعاد لنا الأمان والسلام ، وكلما أخذنا الرجاء بعيدا بعيدا انتشلنا من الإفراط فيه خوف لا بد منه ...
يا ربنا أنت رجاؤنا ، ورحمتك نرتجي ، ومن غضبك خوفنا ورضاك غاية ما نبتغي
فأسعدنا بالعيد سعادة مَن أكبر رجائه القبول والرضى وأكبر خوفه الصدود والقِلى ...ورحمتك وسعت كل شيء وعفوك شمل كل مخطئ ومسيئ فاجعلنا ممن شملهم عفوك ووسعتهم رحمتك فائزين بالعتق من نيرانك أجمعين
اجعلنا ملوكا سواسية على عر ش مملكات العدل والسلام والحق وراية الأرض كلها لا إله إلا الله محمد رسول الله
وهي هي وإن كنا ندري أو لا ندري ، وإن كنا ندري أو لا ندري
اللهم اجبر كسرنا بفراق شهرنا، وأعنا على فتنة الحياة الدنيا خيرها وشرها، فما النعيم والله إلا نعيم الروح، ولا الحياة إلا حياة القلب بذكر الله، ولا السعادة إلا بالقرب منه جل وعلا. 18-11-2005, 10:37 PM