المحرر موضوع: نبض الكــــــــلمات  (زيارة 46616 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6547
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: نبض الكــــــــلمات
« رد #200 في: 2014-08-14, 16:12:42 »
بتاريخ 2014/07/06
------------------

ارجع .الى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن...قال النسوة حاشا لله ما علمنا عليه من سوء...أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين... قال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي... إنك اليوم لدينا مكين أمين...
انظروا إلى علاقة الأمانة وحفظها من جانب الشرف بالأمانة على المال وعلى الأعمال وعلى الشعب وعلى الدولة...
الأمين الذي حفظ شرف سيده ولم يخنه ولم ينصع لشهوة المراودة إياه عن نفسه أهل لأن يكون أمينا مكينا حفيظا على أقوات الشعب...
أهل لأن يستأمنه الشعب ولأن يستأمنه الملك... لا مجال للقول أن خائن الشرف هو وشأنه في ذلك ولا علاقة لخياناته تلك ولأهوائه وللعبه بالجانب السياسي أو جانب التسيير بصفة عامة!
الأمانة لا تتجزأ والشرف لا ينقسم، وحفظ الأمانة وصونها على كل وجه، لكل وجه منها علاقته بالآخر... الأمين على شرف الناس وحرماتهم أمين على أقواتهم ....أمين على عقولهم... الأمانة كل لا يتجزأ...
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6547
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: نبض الكــــــــلمات
« رد #201 في: 2014-08-14, 16:12:59 »
بتاريخ 2014/07/12
-----------------------

بالله عليكم قبل أن نحزن على غزة فلنتذكر أن ما يحدث لها بذنوبنا جميعا...
فلنتذكر قعودنا وتقاعسنا، ولنتذكر كوارث ملأنا بها دنيانا...
هجرت روح القرآن مع تواجد حفظته بيننا، أفسدت المنظومة التعليمية فأصبح أولادنا جهابذة في تشغيل كل ما من شأنه إسماع أغنية أو تطبيل موسيقى أو الافتنان في لعبة بين الألعاب، مزارع إلكترونية وحروب إلكترونية ومدن وأبنية وشوامخ إلكترونية، وعلى الأرض رؤوس أفرغت وقلوب ألهيت...

ومسخ في الشباب، فلا هو من هؤلاء ولا من هؤلاء... تيه هوية، وضياع أصل وتمسح بمسوح الغير...

قبل أن نبكي غزة فلنذهب ولنبحث بين ساعات العمر القصيرة عن ساعة للعمل لعلها تكون لنا معذرة إلى الله وشفيعا يوم نلقاه...
لنعمل، لنكفر عن غفلتنا عن دورنا...
لنضرب في الأرض ولنبحث عن هويتنا المضروب عليها التيه...لنعمل من حولنا ... لنغير ولنتغير... فذلك أول الطريق معذرة إلى ربنا، وذلك أول سبيل الكيد لعدونا المطمئن بنومتنا العميقة...
لنفق، فإنه لن يصدق استفاقتنا، وسيحسبنا المضروب على آذاننا في كهف الحياة... فلنستغل ثقته العمياء بنومتنا... ولنفق !!! فذلك أول الطريق ..
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6547
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: نبض الكــــــــلمات
« رد #202 في: 2014-08-14, 16:13:27 »
بتاريخ 2014/07/27
----------------------
عيد بغزة الجريحة...

وإن أغور جراحها لهو تواطؤ المتواطئين من بني الإسلام عليها وعلى رجالها الأحرار المغاوير مع كلاب بني صهيون...
إن المصيبة في مسلمين متبجحين بالنصر لإسرائيل لهي أكبر مصيبة ... ولكنها لن تفت في عضد المجاهدين الأفذاذ أحفاد عمر وصلاح الدين والشيخ ياسين ...
لن تنال من عزيمتهم، بل إن انكشافهم ومعرفة حقيقة موالاتهم للعدو لهو نور يميز به المؤمنون الصادقون الخبيث من الطيب ...
وليعرفوا عدو بني الجلدة والدين كما يعرفون عدو الدين....

أنتم من تستحقون العيد يا أيها المتأهبون للشهادة، المقبلون عليها إقبال المحب على حبيبه...
أنتم يا من هبت بكم نسائم العزة، وذكرتمونا بمجد وعز كنا نبكيه ونرقب اليوم الذي وعدنا بعوده...
أنتم يا رجالا في زمن عز فيه الرجال... ويا أبطالا في زمن اختلطت فيه المفاهيم، وتساوى فيه السفيه باللبيب والعزيز بالذليل، والذهب بالقصدير...!
يا باعثي ريح الجهاد... ويكأن ريحها لا تشم إلا من موقعها... ويكأن موقعها ومكانها هو هذا لا غيره...!

عيد بأي حال عدت ؟... وإن عدت والجراح أغوار... إلا أنك عدت ورجال من الأمة يشترون الآخرة بحياتهم... يشترون العزة ... يشترون الإباء والنصر بحياتهم ...
عدت ورجال لا ككل الرجال لا بحروف الرجال ... لا بصور الرجال بل بروح الرجال ...مقبلون غير مدبرين ... يطلبون غور حطين فيستجيب، ويطلبون غور عين جالوت فيستجيب...
عدت يا عيد...
يا رب تعود للأمة بعدك عزتها والأعداء الأنذال يهزمهم الرعب قبل السلاح....إني لألمح الفجر يلوح بكم... وإني لأرى بكم الإصباح....!
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6547
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: نبض الكــــــــلمات
« رد #203 في: 2014-08-14, 16:13:57 »
بتاريخ 2014/08/06
-------------------

مكتبتي... هي مكان قدر الله أن أصير إليه، ودائما أقول في نفسي، ترى هل يقدر الله لي أن أبقى فيه طويلا أو ان أصير إلى غيره في هذه الدنيا ؟
هل سيأتي يوم أكون فيه صاحبة مكتبة عجوز بالكاد تناول طفلا حاجة من حوائجها... ! أم أن غير هذا سيكون....؟
كله في علم الله.... ومن قلة علمنا لا يسعنا إلا أن نعيش اللحظة، وكلما فكرنا في البعيد عدنا للحظة نعيشها بتفاصيلها...
نرسم فيما نرسم تفاصيل القدر الذي قدر لنا يوما بعد يوم... كلعبة البطاقات المبعثرة، نحاول دوما أن نحدد معالم الصورة، وأن نكملها لتتبين تفاصيلها... ولا ندري أنحسن التركيب أم نزيد على البعثرة بعثرة !
ولكن ... ربما تكون تلك الأشياء التي يعرفك بها الناس مجرد إطار لا الصورة ذاتها...! ربما كانت مكتبتي إطارا ... ولكن الصورة وتفاصيلها شيء آخر... تعيش معه الروح، وتحيا به... أما الإطار فكأنه حياة الجسد بينما يظن الناس أنه الصورة كاملة .... !
مكتبتي.... أنت الصورة الظاهرة كبروز الإطار من الصورة، ولكن تفاصيل الصورة غيرك.... ! أنت للدنيا ولحاجاتها، ولكن حياة الروح بغيرك... ! فآتنا اللهم من فضلك للإطار وللصورة يا ذا الفضل العظيم....
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6547
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: نبض الكــــــــلمات
« رد #204 في: 2014-08-14, 16:14:22 »
بتاريخ 2014/08/08
-----------------------
تعلمت من كثرة المنظرين أن الذي ينظر ويعمل ويخالط ويحتك بالناس هو أكثرهم صدقا وأوسعهم حكمة، أما الذي يعيش مع الورق ومع الشاشات فوعيه ليس بالعمق الذي يوصله لحقائق الأمور والأحكام والتوقعات...وغالبا ما يذهب تنظيره أدراج الرياح عندما نرى عمل العاملين على الأرض وهم يبلون البلاء الواقعي، فيعيشون الظرف والحالة ويصبرون ويتحملون ويجاهدون في سبيل المبدأ والفكرة، ويصقلهم واقع التجربة... عندها يقف ذلك المنظر مشدوها وهو لم يحسن يوما فن العمل، فيرى الواقع والعمل غير التنظير المجرد عن العمل، يرى كلماته الكثيرة لا تساوي في سوق الأفعال شيئا...
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6547
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: نبض الكــــــــلمات
« رد #205 في: 2014-08-14, 16:14:43 »
بتاريخ 2014/08/10
---------------
في كل يوم في هذه الدنيا، ومع أحداث الأيام، ومع ما يحصل من حولنا، يزداد المرء معرفة بحكمة الله تعالى من تحريم ما حرم...
قلب الإنسان... قلب المرأة، قلب الفتاة...
ما أشد حرص الله تعالى على قلبك أيتها الفتاة !
ما أعظم علم الله تعالى بضعف قلبك أيتها المرأة، وبسهولة ميله مع هدهدات الكلمات الرقيقات...
العلاقات .... المكالمات العاطفية بين الشاب والشابة من قبل عقد شرعي يجمع بينهما... موضة العصر... ترنيمة العصر... لغة العصر...زواجات العصر التي تسبقها عواصف هوجاء تعصف بقلب الشابة عصفا فتذهب بريقه وتبهت لونه، وتقلب ذهبه قصديرا....!

هذا القلب المفعم بالرقة والأنوثة.. الذي أراد الله تعالى أن تدخري كم ما فيه من ندى يرطب اليبس، ويلين الصلب لحياتك مع زوجك وأولادك، مع أسرتك ...
جعل ما فيه لأسرتك في قابل أيامك....
لم يرد الله لقلبك كسرا أو ألما أو معاناة تستنفذ كل طاقتك العاطفية في علاقات لم يجعل الله لها من سلطان، علاقات عاطفية تكسر زجاج القلب، وينقض بها بنيان العاطفة الأنثوية الذي جعلت فيك مواده ليوم الأسرة لا ليوم العشق والوله والحب المزعوم من لبنات الكلمات الهشة...!

فأنت بين ألم خصام، ودمع فراق، وآهات بعد وجفاء، وحسرات لا مبالاة من الحبيب، وترقبات لكلمات مقبلات يجبرن كسرا قد حصل...
وهذه الأفعال منه كاسرة هدامة، وتلك الكلمات منه جابرة من وحي وهم الحب الذي سحرك أيتها الفتاة وأسر قلبك الذي لم يجعل ولم يخلق ليكسر قبل البناء...!!
أية زوجة أنت بعد كل هذا الكسر...! وكل هذا الألم !
أية أم حانية، لم تلوعها الآهات الباهتة التي تقصم ظهر الزمان !
أي عقل وأي حكمة حكمتك وقد حكم فيك الحب بحكمه فأصبح رجلك وفارس أحلامك الذي يعج بالأخطاء والنقائص بل وبالكوارث مقبولا وإن سود البياض، وزين السيئة....
كل ما يكون منه حسن.... وإن كان أكبر السوء.... وكله فيك من ظلمة العاطقة التي طغت وغمت وغشت كل نفسك، فلم تعودي تبصرين............! عاطفة لم يجعل الله لها من سلطان وهي في غير أوانها المعلوم، ومع غير رجلك المعلوم.......!

لم يرد الله بك كل هذا ....بل أرادك جديدة كل الجدة لزوجك ولأولادك.... أرادك قارورة قد أوصى بها الزوج... ولم يوص بها أحدا غيره ليرفق بها.... !
خسارة وألف خسارة أيتها الفتاة التي أكلت قلبك كلمات الحب الذي ما أراده الله لك إلا في أوانه المعلوم ومن رجلك المعلوم، الذي يعلم، ومن بعد أن تعلمي أنه زوجك، يكون لك الحب منه ويكون منك الحب له وأنت قارورة لم تكسر..... حتى وإن كان كاسرها هو زوجها يوما ما من بعد ما لها بقلبها أعواما قبل الزواج.....
لا يشفع لك أيتها الفتاة المسلمة أن يكون كاسر قلبك وملوعك ومتوهك، وملقيك في غيابات الآهات وألهيات الحب وصفعاته ولذع صياته أن يكون هو ذاته زوجك بعدها....
لا يشفع لك إن كنت غافلة تحت حبائل الشيطان وهو يزين لك الحرام بدعوى أنك ما تردينه إلا للزواج، لا يشفع لك هذا ! فإنه لا يراد الحلال ولا يطلب إلا بحلال.....وما يطلب بالحرام إلا وتنقلبين من الصائدة إلى المصيدة التي يقبض عليها صيادها ويذيقها من ألوان العذاب...... لا يطلب حلال بحرام إلا وكان لصاحبه من العذابات ما ظن أنه منها ناج !!
سبحانك ربنا ما أردت بعبادك سوءا ....ولكن عبادك بأنفسهم يريدون شرا وسوءا.........
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6547
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: نبض الكــــــــلمات
« رد #206 في: 2014-08-14, 16:15:04 »
بتاريخ 2014/08/11
--------------

هل شاهدتم القمر الليلة ؟ هل شاهدتموه البارحة ؟ يالسحره وجماله !
بدا كبيرا... بدا بحجم غير حجمه الطبيعي...!
ما أروع حسنه ! ليس على الأرض شيء يعدل حسنه وهو معلق في سماء بغير عمد !
سألته وهو شامخ عال، يدور كلما درنا، ونلقاه حيثما ذهبنا : من ذا يمسكك أيها العالي، يا زينة السماء العالية ؟! على أي مشجب تعلق أيها القمر السامي ؟! فجعل يتتبعني بنظراته كما أتتبعه بنظراتي، صامتا، وفي صمته سحر البيان !!
وقريبا من نظرتي إليه غير بعيد...من غير مسافات أقطعها، ولا صاروخ يقلني منه إلى الأرض ! رمقت تحته رجلا يمشي، وآخر يمشي، وآخر يجلس جلسة ليلة قمرية على ضوئه القمري...
تذكرت أنك أيها الجميل العظيم قمر الأرض، وأن الأرض جزء من ذلك الدرب اللبني...وأن الكون فسيح، فسيح فسيح........! وأنه كله يسير وفق حسابات مغرقة في الدقة....!!
فقلت لذلك الرجل الماشي ولذلك الرجل الجالس، ولنفسي خلف نافذة سيارة تحملني وتحمل أهلي معي : على الأرض أيها الإنسان دون كل مكونات هذا الكون الفسيح كان مستقرك...
على الأرض أيها الإنسان كانت حياتك ....
على الأرض يا ابن أبيك آدم كان آدم.... فمشى وجلس، وأكل وشرب، وشقي وسعد، وعبد ربه الخالق الواحد الأحد، ورافق حواء ورافقته، وكان الأب وكانت الأم....
على الأرض يا عبد الله العظيم....! وكم عبيدك يا الله !! كم عمار الأرض من عبيدك ؟......... وكم عصاة الأرض على الأرض من عبيدك.....!
ما أعظمك يا رب السماوات والأرض.... وما أكثر جحود البشر ....!
سلام لك من الأرض يا قمر... يا زينة السماء في هذه الليلة القمرية... !
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6547
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: نبض الكــــــــلمات
« رد #207 في: 2014-08-14, 16:15:25 »
بتاريخ 2014/08/13
--------------------

عندما أفكر مليا بأنفاق غزة، وبرجال هذه الأنفاق... وبدقة بنائها وهندستها، والعلميّة الطافحة منها، وهي المحفورة بعلم، والمملوطة بعلم... والُمعدّة بمقاييس والممددة بميزان ...
عندما أتأملها، وهي التي دوّخت اليهود، وأعيتهم، وعَيِي منهم الكذب في تصريحاتهم الممجوجة أنهم قد عثروا على الأنفاق، وأنهم قد دمروا منها العدد والعدد، وأنهم يستهدفونها فيما يستهدفون وهم يقصفون البيوت على رؤوس أصحابها ويقتّلون الولدان، ويُقطِّعون النسوان ....!!

عندما أسمع لكلماتهم هذه التي لم تعد تنفعهم، وأكلت عليها عمليات القسام وشربت...!! أقول في نفسي: وماذا كنا نحن نعمل بينما كان الرجال الأفذاذ يحفرون أنفاقا أصبحت ثامن أعاجيب الدنيا ...!! إن لم تكن أعجبها ...!

ماذا كنا نعمل ورجال غزة يحفرون الأرض وما تحت الأرض ليأكلوا، وقد ظن عدوهم من العرب واليهود أنهم سيموتون جوعا فيكفوهم مُؤْنة السلاح، والصواريخ، والطائرات بلا طيارين .....!

ماذا كنا نعمل فيما كانوا هُم يحفرون الأرض، وينحتون منها بيوتا، ومنافذ للعيش، ولم يروا العيش في أكل يسدّ الرمق وفي شرب يروي الظمأ... بل قد رأوه في قتال في سبيل الله ... من تلك الأنفاق ...!!!

تتعالى منها التكبيرات "الله أكبر الله أكبر" وتتعالى من حناجرهم الدريّة الهتافات "نحن جند محمد، جند الثبات والله يشهد ".....
وهم يصارعون ظلمة النفق، وصعوبة النفق، وخطورة النفق .... ومن النفق ينطلقون مقاتلين ....
من النفق ينطلقون رجالا أشاوس لا يرضون بعيش ذل، وإن كان الخبز الذي يأكلون خبزا رغم أنوف العدو، خبزا من صنع أيادي الحفّارين قبل أيادي الخبازين...!

لم يَقْنَعوا بعيش الخبز والماء .... بل قد راموا عيش العزة والإباء ... فجعلوا الأنفاق منطلقا لقتالهم في سبيل الله...
أعيَوا عدوهم الجبان وهم ينبُتون لهم من الأرض نباتا من أنفاق تحت الأرض حفروها يَنْشدون منها عَنان السماء .....

ماذا كنا نعمل بينما كانوا هم يتدربون، ويحفظون المداخل والمخارج في مدينة تحت الأرض بنوها، يقضون الأيام والليالي فيها لا يشكون شكا أن سعيهم مستحيل ومحال، وأنه باب وإن فتح لا يؤدي لمكان ...!
بل لقد ثابروا، وصبروا، وحفروا، ثم حفروا ثم حفروا .....

لقد أدهشوا عدوهم المتربص بهم... ومزقوه حيرةً كل ممزّق ...

ماذا كنا نعمل وهم لا يَفْتُرون .... ؟!!
يفتتحون الأنفاق كما تُفتتح في بلاد العَرَب حيث الترف والمال الوفير والعيش الرغيد والبنيان المنيف والطوابق المئوية "المُولاتْ" وقاعات الحفلات الراقصة، وتدشّن المراكز التجارية الشاهقة الشامخة !!!

ماذا كنا نعمل ؟!
كنا نقوم صباحا من نوم عميق نتأفف، نألَم من وسادة أثقلت رؤوسنا، ونندب تكاليف الحياة، ونتجاذب أطراف حديثها ... فربما تحسرنا على "تلفزيون" لنا لم يعد منظره يواكب مناظر ما عند الجيران ! أو أطلنا القعدة على مائدة الإفطار نريد أن نأكل مع ما نأكل ...ساعات النهار !

أو ربما لم يعد يروق للشاب أن يحمل عن أبيه قفة الخضار واللحم الثقيلة، يريد أن يعيش حرا لا يعيقه برّ الوالدين عن سير حياته إلى حيث يريد ...!!!!

أو ربما قد أعياه أن يصحُوَ على صوت أمه تشكو له شيئا من أعباء الحياة... ما يريدها إلا حريرا حريرا وأن يصحو قريرا لينام قريرا....لا تنغّص راحتَه منغّصات الحياة !!

أو ربما أغضب "تلك" من زوجها أن لم يقتنِ لها قطعة جديدة من قطع الذهب... فأقامت الدنيا ولم تقعدها على النحس الذي جعلها عند رجل مثله ...!!

أو ربما بينما هم يحفرون أنفاقهم، كان "هو" هنا يبحث له عن "ليلى" جديدة للياليه الغرامية يبثها حبه وشوقه ووفاءه الذي يقسمه إربا إربا على كل ليلى، وكل ليلى منهنّ تراه "قيسَها"، أو قل لكل ليلى "أقياس" ... ندا بندّ ...!!

أو ربما وهم يحفرون أنفاقهم "كانت" أو "كان" يلوكه اليأس من حال الأمة، فهو بين سندان الأحوال، ومطرقة هلام الحلول...

أو ربما بينما هم يحفرون أنفاقهم كان يجالس أصحابه بالمقهى... يتسامرون، ويتبادلون أحدث النُّكَت، يشربون الضحكات مع المشاريب حتى الثمالة لسان حالهم يقول: "الضحك رأس مال من لا رأس له" ....!!

أجل حينما كنا نعمل هذا، كانوا هم يحفرون أنفاقهم العظيمة ...!! كانوا هُم يعدّون عدّتهم تحت الأرض... وفوق الأرض رجال يصنعون لما تحتها، رجال ينبثقون من الأرض انبثاقا، وينبجسون منها انبجاسا، وينبتون منها نباتا كالأشباح التي تنغّص ليل النائم الغاطّ في نومه، إنهم يلاقونهم وقد نبتوا، حتى لكأني أستشعر رعبهم وفزعهم وفَرَقَهم من الأرض التي تحملهم، وتبسط خُطاهم ...فلئن نَنْسَ المشي ونَكُنِ القُعَداء خير لنا من فجاءة طلتهم الشبَحِيّة من الأرض ...... من أنفاقهم ....!!!

غزة أمثولة واقعية، غزة واقعة مثالية ...
جعلها الله تعالى في حكمة مقاديره لمَن صدقوه فصدقهم ....
أنفاق غزة صناعة رجالها ... ورجالها صناعة ذلك البصيص الذي لم يخبُ نوره في الأمة ....
رجالها قبس من مشكاة النبوة...
رجالها أحفاد عمر وعلي وابن الوليد وصلاح الدين .....
هم أولاء حُفّار الأنفاق.... هُم أولاء من تحت الأرض صنعوا عزّهم ومجدهم، وأرهقوا قوة لطالما تمايلت وتبخترتْ ورفلتْ في حليّها وديباجها وظنت أن يا أرض "اتهدِّي" فما عليك ليس "أَدّي"...!!

نعم إنهم كانوا يصنعون الحياة بلون المجد وريح العزّ بينما كانت تصنعنا الحياة بلون الهباء وريح الذلّ ....!!

فهل نصنع صنيعهم ؟!!!
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب