وتلك كانت سحابــــــــــــــــــــــات
وصلنا قرابة منتصف الليل إلى باب الفندق ... كتب على لافتته -اليسر- ، ذاك كان اسمه
تنازعتنا ضوضاء النازلين من الحافلة المنشغلين بمتاعهم وحقائبهم يخرجونها من الحاوية الخلفية للحافلة
كان سفرا متعبا استغرق حوالي خمس ساعات أو مايزيد من المدينة التي كانت أول مهبطنا إلى هنا حيث ذاك الفندق
أخذ منا التعب كل مأخذ ، لا نكاد نقوى على الوقوف .... ولا تكاد أعيننا تتفتح حتى يعود الجفن فينطبق على الجفن من جديد مؤذنا أن لا حيلة له وحده ولا بد له من أن يعانق أخاه في سطوة منهما على الجسم كله !!!...
ونعود لنفرقهما بشيء من أشلاء قوة ترامت ،لملمنا ما بقي مبعثرا من شتاتها هنا وهناك و أخذنا ندعوها وأخذت تأتي سعيا مرغمة لا بطلة
ولكن شيئا بدأ يتحرك ويعلن في ساح معركة آيلٌ للسقوط من غشى وغاها أن يا هذا قد أتيت فلتستعض بي عن كل ضعف فيك وخذ مني إلى وهنك...فلبيت نداءه حتى صارت لي قوة لم أعهد لها بين مقاعد نفسي مقعدا
بدأت جوارحي المنهكة تنتبه...
بدأت تنتبه ...فتنتبه أكثر ........فأكثر .............
وتنسمت روحي نسيما عليلا من وحي فجر جديد قريبا سيلقي خيطه الأول بين خيوط الوشاح الأسود الممتد امتداد السماء والأرض ...
من فجر قريبا سيلوح محملا بكلمات النسيم ، ليلتقي وروحي يتناسمان عهدا هو ملك اليمين بعدما كان وخزات شوق وحنين ...
ذاك الذي لم أكن أراه حقيقة إلا في عالم أعيشه مغيّبة خلف إطباق الجفون
كان بعييييييييييييدا...بعيدا ...
وبات الآن قريبا..... قرييييبا وإن كنت ما أزال أبحث في نفسي حتى وأنا قربه عما يؤكد لي قربه ... !!! ،
قارعت بقوتي الجديدة التعب والعياء وصارعت كل سطوة منهما ...
كنت أود اختصار الزمن الذي سيستغرقه انتظاري حلول دوري بالمصعد مع جمع المنتظرين ...
لا أستطيع تذكر تفاصيل ذلك الانتظار بل لا أستطيع تذكر تفاصيل ما أحاط بي ساعتها إلا من خيال راح يشطح هناك ...
هناك قريبا ...قريبا جدا ..............
قريبا... قريبا جدا ...........
إلا أنني لا أملك أن أذهب وحيدة وأنا الجاهلة بالمسالك والدروب،ولكنّ شوقي وتوقي كانا جناحين حملاني من عالم تلك اللحظات إلى عالمها ..............
إليها ..........حملاني ولم يطيقا صبرا على قلة صبري حتى أنني بت أراها وأنا لا أراها وأراني قربها وأنا بعد لم أقربها ، أملي ناظري ّ بحسنها وعيني بعد لم تلمحها ....!!!
هناك قريبا ....قريبا جدا حيث هي .... رحت أحلق ............
يبدو أننا نتأهب للصعود ...وهذا مفتاح لغرفة ذات رقم يقال أنها أصبحت لنا ... أخذناه .....
.............
صعدنا .....
لم نلبث فيها إلا قليلا ، وتلك الصورة لا تبارح مخيلتي وتلك الخفقات ....وهي هي ...هي ولقائي بها ما يزال بعيدا رغم قربها ....
نزلنا .......
............
تجمعنا ...
كان قبالتي لافتة زرقاء كتب عليها ما جعلني وكأنني مبتدئة تهجي الحروف وترصفها علها تبلغ بها مبلغا من المعنى !!
بت كمن لم يعرف للحروف يوما شكلا ولا سمع منها يوما صوتا ولا بلغه منها معنى ...
جعلت كل أوصالي ترتعد ...... آه... يبدو أنني قد بلغت بالحروف مبلغا من المعنى ...
من كلمتين بلغت مبلغا حوله أجمل المعاني قد تحلقت وفوق روابيه أروعها قد حلقت !!!
ياااااااااه ... أي معنى وأي مغنى... وأي وقع وأي صدى ...وأي ندى من ندى الفجر المسافر إلينا بنسيمه المتكلم ........
أي جمال... أي حسن ...أي سحر ...أي شعر أي نثر أي قول !!
أي ثغر قد تبسم يفوق سرا ثغر الرضيع البريئ المالك طوع ثغره فرح الحياة وطهر الحياة وصفاء الحياة ......
مِن ذاك الذي كتب عليها أبيضا تلك الزرقاء ... وكأنما الحروف سحابات سابحات في سماء معناها الجليل تستأنس وهي الأنيسة وتنشد القرب وهي القريبة ...
أما هي فكأنني بدأت برؤيتها منذ ذلك الحين الذي ركبت فيه عيني تلك السحابات السابحات ....
شعرت ببرودة عمت كل جسمي ، لم أصدق ...رغم أنني في قلب الحقيقة النابض ...كنت شريانا من شرايينه ولكنني لم أصدق ...!!!
أو ربما استكثرت على نفسي أن أكون في ذلك القلب الذي لطالما تحسست نبضه من بعيد ...
لا أدري إن كنت سأستطيع رصف المزيد من الحروف لأتمم معنى لا تتممه الحروف فهل تريدون ما لست أجزم أن يكون طوع يميني؟؟؟!!!!