الحمد لله علي نعمتي أسماء و ماما هادية .
لولاكما لفسدت نفس المرء كثيرا . فجزاكما الله خيرا جزيلا عنّي .
بلى يا اسماء , وعيت كل كلمة و غمرت قلبي كله . ابكتني كلماتك . تذكرت رغماً عني رؤية الشهيد ميتاً تحت قدميّ ولم استطع إسعافه . فصرت لا انام ليلاً سوى نوم الفَزِعِ . تذكرت صوت الشباب و هم يصرخون و يلطمون وجوههم . تذكرت ذلك الذي كان يهرع إليّ أن :ضعي لي أي شيء . تذكرت اشياءً كثيراً اعترف انها قليلة جداً و ضئلة جداً مقارنة بما عاشه من هم اصغر مني سناً .
إنني كما اخبرتك لا يحزنني موتي , فإنما هو عمرٌ واحد و ميتة واحدة . لكن يؤسفني الاذى ممن جالستهم اياماً و عشنا سوياً لحظاتٍ جميلة . منهم الاهل و منهم الصحبُ و منهم من اعرف ومن لا اعرف .
انني انا المخطئة إذ ذلكم اليوم عُدتُ بيتنا و قد نال مني الالم اي منال . اقول في نفسي و لمَ يضطر ذلكم الشاب بدلاً من ان يقضي وقته الآن بين اقرانه او في جامعته . أن يدسّ جسمه و دمه و حياته كلها بين مطرقتي حديد .
لا استطيع أن اتجاوز فكرة أن ارى شاباً يتساقط علي الارض من حَرَاقةِ الغاز و من سيل البِلِي . دون ارادة مني . شعرت انهم كلهم بضعٌ مني . ما يصيبهم من أذىً هو مُصيبيّ .
اخبرتني أختي أنه لو كانت تلك عزيمتك فراجعي إيمانك . ليس منا من يهلع ساعة الدكّ و حين الايجاع .
الاعراض يا اسماء و الدم و البكاء و القهر و الذل .
نحن لم يصبنا شيء بعد اذا ما قورنا بغيرنا . لا شيء ابدا .
و لعلنا نحب القراءة و السماع عن قصص الصابرين لا أن نعيش حياتهم . نحب ان نسمع عن المناضلة و الجهاد , لا ان نعيشه .
لان عيش الجهاد صعبٌ جداً . قاسٍ جداً ..
اللهم إنا نشهدك أننا لا نعترض .. لكن أملنا فيك ان تجبر بكل تلك الخواطر
والله انا لم يصبني مكروهٌ .. بعد .. لكنني لا اتألم سوى لهم . لمن لا اعرفهم و لا يعرفونني . لكل تلك العيون التي نامت دون احبائهم .
في كل مكانٍ في مجتمعاتنا الثكلى . هناك فقدٌ و ضعف ..فأتألم للجميع .
نومٌ قلق . و حياةٌ صارت أضيق من سمٍ الخياط . لا تزداد إلا ضيقاً .
دبّرنا يا رب .
تعرفين؟
اسأل دائماً نفسي . هل بالفعل اريد الشهادة الآن أم لا . هل اتمناها بحق لأنني اريد اجرها . أم انني احتاج وقتاً اطول . اردت الكثير من الامور لأفعلها و انجزها .اصلاحاتٌ كثيرة و خيرٌ عظيم .
ثم اجد نفسي في تلك المحنة . فيا رب ما الذي اريده بالضبط ؟ اردت ان اعيش لغرضٍ طيبٍ انت تعلمه .. لا حباً في الدنيا و الله ..لكن الالام تفتك بالايمان . اخشى علي نفسي و ديني الفتنة .
اخشى ان اضطر - و يحدث فعلا - إلى تقصير حجابي لأجل ألا اكون من المشتبه فيهم .. تراجعت بعد ان تقدمت بي الرغبة في ارتداء النقاب . لانني اعلم ان كلباً ما سينزعه عني .. و كذلك حجابنا يُنزع
فالموت حينها افضل ..
انت تعرفين ان كلامي ليس مرتباً .
لكنكِ - ككل مرة - تفهمين .