2017/10/23
--------------------
تحدث الغزالي رحمه الله بلوعته المعتادة، وهو يقدم لكتاب أحدهم، تحدث عن خطيب يقوم في الناس مترحّما على أيام كانت المرأة فيها لا تخرج إلا ثلاث مرات تُعدّ في عمرها كله، فمن بطن أمها إلى بيت أبيها ومن بيت أبيها إلى بيت زوجها ومن بيت زوجها إلى القبر ... !!!
فرد الغزالي كعادته عليه بقوله : (((( لا بارك الله في تلك الأيام ولا أعادها في أمتنا، إنها أيام جاهلية لا أيام إسلام، إنها انتصار لتقاليد جائرة، وليست انتصارا للصراط المستقيم ))))
أما أنا فإن ما أعده من خروج المرأة في عصر النبوة لا في عصرنا كثير، كثير لا يحصيه هذا المقال... سواء كان خروجا إلى حاجتها، أو إلى غزوة، أو إلى المسجد، أو إلى عمل تعمله...
ولكن يستوقفني مما يستوقفني قول أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها فيما تروي في صحيحي البخاري ومسلم، تصف حالها مع زوجها الزبير، فتقول :
" فكنت أعلف فرسَه، وأستقي الماء، وأخرز غَرْبَه، وأعجن، ولم أكن أحسن أخبز، فكان يخبز جارات لي من الأنصار، وكُنّ نسوة صدق، وكنت أنقل النوى من أرض الزبير على رأسي وهي مني على ثُلُثي فرْسَخ، فجئت يوما والنوى على رأسي، فلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه نفر من الأنصار ......" إلى آخر الحديث ..
غربه : الدلو المصنوع من الجلد.
فرسخ: مسافة تقدر بحوالي ثلاثة أميال.
تأملوا معي... لقد كانت تنقل النوى من أرض زوجها التي تبعد عن بيتها حوالي ميلَيْن ... !! ثم تاملوا كيف لقيت الرسول صلى الله عليه وسلم في طريقها مع جمع من الرجال وهي تحمل النوى على رأسها... ولم ينكر عليها صلى الله عليه وسلم، بل تتمة الحديث أنه طلب منها أن تركب ليوصلها إلى بيتها إشفاقا عليها من ثقل ما تحمل... !!
وهي هي أسماء نفسها التي عرفناها قبل دخولها المدينة تنقل الزاد لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأبيها في غار ثور مسافة أكثر من خمسة كيلومترات وهي حامل ... !
فلعلها خرجت من بيت زوجها إلى قبرها ؟!!

فعجبا ثم عجبا لمن يفهم الدين مقلوبا حسب ما يشتهي هو، وعجبا لمن نقل إلينا مفهومه للدين لا الدين نفسه ... !!!
والعجب الأولى ممن يتعلم دينه من النقول ويصدقها تصديقا أعمى، قبل أن يتعلمه من منبعه !!