هذا فعلا ما لا أستطيع فهمه وهو لماذا لا يسلم هؤلاء
لغز حيرني
كذلك يا زينب كان حال أبي طالب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحتى يومنا وكلما عرض لي حال من أحواله مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تملكتني الحيرة الكبيرة، لقد كان سنده، وحاميه والمدافع عنه ...
رباه، أحبه، دعمه من أول يوم صدع فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدعوة، لم يتخلّ عنه حتى لما حاصرتهم قريش حصار الشعب الذي كانت وفاته بسببه، وبعد انتهائه مباشرة، جاءه كبراء قريش أكثر من مرة يساومونه، يخوفونه، وكان في كل مرة يردهم ويدعم ابن أخيه ويؤكد له أنه معه، كان يصدقه، ولا يكذبه، في حادثة أكل الأرضة لصحيفة المقاطعة وإبقائها على اسم الله تعالى فيها دون كل ما كتب فيها، صدقه بما أخبره من رؤيا رآها كُشف له فيها عن أكل الأرضة للصحيفة، وذهب إلى قريش في مخاطرة كبيرة، وهو مطمئن مصدق لما أخبره به، رغم أن عينيه لم ترياه...
حتى الرمق الأخير من حياته وهو على فراش الموت ورسول الله صلى الله عليه وسلم يحاول معه غير يائس منه، يرد عليه أنه لولا خوف المسبّة لانصاع لما طلب منه، ولقالها لِما وجد في رسول الله من صدق أمره وجدّه في نصحه...
كان
خوف المسبة أنه تخلى عن دين آبائه الحائل ....!!
عتبة بن بن ربيعة لما ذهب لرسول الله صلى الله عليه وسلم يساومه، ويغريه ويعرض عليه ما يحب من سيادة أو ملك أو جاه أو تزويجه من أحسن نساء القوم على أن يترك أمره، لما سمع منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبدأ إثرها يقرأ عليه من سورة فصلت، وحين بلغ قوله سبحانه : "
فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ(13)" -الفرقان-
جعل عتبة يضع يده على فم رسول الله يتوسل إليه أن يكفّ...من خوفه من ذلك الوعيد!!
وأولئك الثلاثة أبو سفيان والأخنس وأبو جهل لما اتفقوا أن يذهبوا ثلاثتهم كلّ من ناحية يسترق السمع من بيت رسول الله وهو يقرأ القرآن، فكانوا يعودون الليلة الموالية من غير أن يعلم الواحد عن الآخر أنه عاد لفرط ما أعجبوا بما سمعوا، ولما التقوا وتعاهدوا ألا يعودوا إليها بعد ثلاث ليال كانوا يعودون فيها للاستماع، وقد خافوا من أن يأخذهم ما يستمعون له، أبو جهل يومها يقرّ أنه لا يكذب رسول الله لشيء إلا لأنه لما تساوى قومه وقوم رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل منزلة وعمل، جاء من بني عبد مناف من يقول بالنبوة،
فمتى سيدركون هُم هذه ؟!!
أي أن إعراضه كان سببه العناد والحسد .... ولأنهم أرادوا هم بالمثل ....
ثم تأملي يا زينب قوله سبحانه:
وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءنَا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْ عُتُوّاً كَبِيراً(21)
معظمهم كان مانعهم الاستكبار وأنهم يرون أنهم أهل لهذا الذي أراده الله سبحانه في المصطفى من عباده صلى الله عليه وسلم .ومنهم من كان مانعه الحميّة القبلية... وكله الجهل... نسأل الله سبحانه أن يثبتنا على الحق فلوا أن يثبتنا الله سبحانه لا ندري ما يُفعل بنا
والله أعلم ...