28/08/2014
-----------
سار يزيد بن أبي سفيان بجنده إلى الشام لحرب الروم وفتح بلاد الشام، فكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يدعو في كل يوم غدوة وعشيًّا بعد صلاة الفجر، وبعد صلاة العصر، فيقول:
"اللهم إنك خلقتنا ولم نك شيئًا، ثم بعثت إلينا رسولاً رحمة منك لنا، وفضلاً منك علينا فهديتنا وكنا ضُلالاً، وحببت إلينا الإيمان وكنا كفارًا، وكثرتنا وكنا قليلاً، وجمعتنا وكنا أشتاتًا، وقويتنا وكنا ضعافًا، ثم فرضت علينا الجهاد، وأمرتنا بقتال المشركين حتى يقولوا: "لا إله إلا الله", ويعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون..
اللهم إنا نطلب رضاك، ونجاهد أعداءك، من عدل بك وعبد معك إلهًا غيرك، تعاليت عما يقولون علوًّا كبيرًا، اللهم فانصر عبادك المسلمين على عدوك من المشركين، اللهم افتح لهم فتحًا يسيرًا، وانصرهم نصرًا عزيزًا، واجعل لهم من لدنك سلطانًا نصيرًا، اللهم شجع جبنهم، وثبت أقدامهم، وزلزل بعدوهم، وأدخل الرعب في قلوبهم، واستأصل شأفتهم، واقطع دابرهم، وأَبِدْ خضراءهم، وأورثنا أرضهم وديارهم وأموالهم، وكن لنا وليًّا وبنا حفيًّا، وأصلح لنا شأننا كله، ونياتنا وقضاءنا وتبعاتنا، واجعلنا لأنعمك من الشاكرين، واغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات.. الأحياء منهم والأموات، ثبتنا الله وإياكم بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخـرة إنه بالمؤمنين رؤوف رحيم".
ما أجمله من دعاء..... وما أروعها من أجواء.... وما أعظمهم جميعا من القائد إلى المقود، من السيد إلى المسود....
ما أروع الإسلام ورايات العزة ترفرف، وسابقة العمل هي الرائدة، عندها يكون للدعاء وَقْع وصوت وصدى ...
ويليق لصاحبه أن يتوسم الإجابة ....
فها هم أولاء مُقدِمون على ساحات الوغى، ومِنْ خلفهم قائدهم العظيم في المدينة لا يتركهم من دعاء عريض تراه ملء السماوات والأرض، والفرسان إلى هناك رجالا ورُكبانا، والقلوب من ورائهم هنا وهي هناك معهم، تلهث بالدعاء من غير قعود، قلوب العاملين تلهث بالدعاء للعاملين....
وهذا هو التوكل على الله كما علمنا إياه الإسلام ...
هذا هو التوكل الحق كما علمناه سيدنا يعقوب عليه السلام حين أمر بنيه ألا يدخلوا من باب واحد وأن يدخلوا من أبواب متفرقة، وأنه لن يغني عنهم من الله شيئا وهو يأمرهم بذلك، بل لن يكون إلا ما أراد الله، أخذ بالأسباب مع يقين أن الله هو الفاعل المصرف المقدّر، هو ذاك التوكل على وجهه السليم