المحرر موضوع: صفحة أسماء  (زيارة 84707 مرات)

0 الأعضاء و 8 ضيوف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6547
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: صفحة أسماء
« رد #320 في: 2017-03-31, 10:58:18 »
2015/11/17

شيخنا الغزالي... رحمك الله تعالى بواسع رحمته، وأجزل لك الثواب فيما خلّفتَ... ولله درّك من عالم لم يكن يخشى في الحق لومة لائم، فماكن يُداري، وما كان يُماري...
كتابك "فقه السيرة"، وهو الذي لا يغادرني، ولا أنفكّ لما فيه قارئة، يقدّر الله أن أعود بسبب من أسبابه سبحانه لمقدّمته من جديد، فأسعد، وأنا أقرأ لحكيم بين الحكماء، يُحسن وهو ينقد، ويُحسن وهو يقول قولة الحق، ويُحسن وهو يوازن، وهو يحفظ لقامات العلم مقاماتها، ويُحسن وهو يُخالف عالما، فلكأنّما تقرأ لمحبّ يرفِق ويلين وهو يذكر -للحق وبالحق- عن رأي من يحبّ، المخالف لما يرى... لله درّهم من أصحاء، أكفاء...
يقول كلاما صريحا، قويّا، لعمري إنني لأرى منه المتشدّدين، والمتفيقهين، والذين حُسبوا على السلف، موريات قدح النار الأَكول، ولكنّه يقوله، محتسبا، غير آبه بالشرر منهم يعقبه الشرر يعقبه الشرر كالقصر يأتي على الجوهر وهو يقدّس المظهر، فيُسلس الكلام لينقاد إلى ما يريد سهلا مقنعا موفّيا ....
مقدّمتان اثنتان هما عندي بمقام سنيّ من الحكمة والعلم، وتعلوان بصاحبيْهما فتعرّفان بهما وبمقدارهما قبل ولوج عوالم خيرات كتاباتهما النابضة، إحداهما للقطب رحمه الله وهو يتفيّؤ الظلال الوارفة من القرآن، والأخرى للغزالي وهو يقدّم لفقهه سيرةَ المصطفى صلى الله عليه وسلم ...
فليعد من أمكنه العَود إليهما، فإنهما لدرّتان من الدّر المكنون ....

ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6547
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: صفحة أسماء
« رد #321 في: 2017-03-31, 10:59:04 »
2015/11/23

رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث بمكة ثلاثة عشر عاما، وهو وأصحابه تحت نَيْر الاضطهاد والاستضعاف والتعذيب والتكذيب من قومهم...
وإنني لألمح في عيون المشركين ورؤوس الكفر نشوة حينا بطرا بما كانوا يُلحقونه بأتباع محمد صلى الله عليه وسلم، وحسرة حينا آخر وهُم يلاقون من جَلَد الواحد فيهم ما لا يجتمع في المئة والألف من الرجال، فتخبط رؤوسهم وتخلط لتفهم سبب قوتهم وجَلدهم وثباتهم فلا يجدون من سبيل إلا أن يبحثوا عن سبل أخرى للنيل منهم وللخلاص من دعوتهم...
ويبلغ بهم النيل والكيد والمكر أن يجتمعوا في دار الندوة ليقرروا اجتماعهم على ضربة واحدة قاضية، ضربة من صفوة شباب قبائلهم وأكثرهم شجاعة وقوة تأتي على محمد صلى الله عليه وسلم وعلى كل أمره...
وإنه ليهيّؤ لمن يقرأ السيرة لأول مرة، أو لمن لا يعرف عن الإسلام ويقرأ صفحات السيرة العطرة أنّ نبي الإسلام قد حانت نهايته لا محالة بهذه الخطة المُحكمة التي اجتمع عليها كل رجالات قريش، بل وكان أبو جهل على باب بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مزهوّا بطرا يتشوّف عما قريب للاحتفاء بنهاية الداعي، ونهاية دعوته....
ويد الله كما يشاء سبحانه، وساعة يشاء تقلب الموازين، في اللحظات الأخيرة، في ليلة لأواء ليلاء يخرج النبي صلى الله عليه وسلم أمام القوم كلهم، ولا يراه منهم أحد، وينجّيه ربه بغشاوة على أعينهم فهم لا يبصرونه...
وما قُلِب الأمر كله إلا بغشاوة ...!!
في اللحظات الأخيرة... ويالقيمة اللحظات الأخيرة، ويالنفعها، ويا لبركتها، ولكن للواثق بربه، الثابت على دربه، المستمسك بحبله وإن أحاطت به الرزايا، وإن اجتمع الكل على الخلاص منه، وإن اجتمعت عوامل القوة كلها في أياديهم، وخلت يدُه هو من عُشر ما معهم....
وخرج المصطفى صلى الله عليه وسلم ونجا في اللحظات الأخيرة، ودخل المدينة ليبدأ عهد الدولة...
وبعد عامين نزل فرض القتال، وما لبث أن نزل الفرض حتى كتب الله عليهم أول قتال، كتبه عليهم من حيث لم يحتسبوا، إذ كانوا يظنون أنهم الماضون لاعتراض سبيل القافلة واغتنامها، وحسبوا أن تلكم هي الشوكة، ولكنّ الله يقدّر أن تكون الشوكة في القتال لا في الاغتنام...
خرج القوم يبيّتون نيّة، فيكتب الله لهم أمرا لم يكونوا يحتسبونه، خرج الذين اضطُهِدوا لأعوام كثيرة، ونال منهم أهل الكفر أكبر منال، ليظفروا بشيء مما سُلب منهم وهم الطرداء، خرجوا بعد خمسة عشر عاما من بعثة الحق، بعد خمسة عشر عاما من استضعاف أهل الحق وطغيان الباطل وأهله....
ربما يتبدّى لك أبو جهل، وأبو لهب، وأميّة بن خلف أئمة للكفر وللقوة معا، لا يغادرون النبي صلى الله عليه وسلم من ملاحقة وترصّد وكيد حتى وهو قد هجرهم إلى أرض غير أرضهم ....
بعد خمسة عشر عاما من نزول النور على المصطفى، لم يملّ فيها ولم يكلّ، كما لم يملّ أعداؤه ولم يكلّوا من الكيد والمكر والتخطيط والتدبير للخلاص منه، تأتي ساعة حاسمة، ساعة فاصلة، ساعة مفصلية في تاريخ البشرية كلها ....
تلكم كانت ساعة الفرقان في يوم الفرقان...
نعم هي ساعات من نهار يوم ليس ككل الأيام، يلتقي فيها الأربعة عشر والثلاث مئة بالألف البطِرة الأشِرة، ليقضي الله أمره، ليخزي عدوّه كأشد ما يكون الإخزاء، وليذلّه كأشد ما يكون الإذلال، ولتجتمع خمسة عشر سنة من طغيان باطلهم، فتُدحر كلها في يوم واحد، يوم إذلال واستخساء، يوم قلب الموازين كلها ....
فيالبركة اليوم الواحد الذي يأتي بعد صبر طويل !! يالِبركة ساعاته القليلة ....!! وإنها ليد الله في لحظات بعيدة عن ساعات تمنّي الخلاص، بعيدة عن لحظات الدعاء بالخلاص، ساعات تأتي بعد أمّة من الزمن تطول وتمتدّ لسنوات عِجاف...!!
ولكنها لا تأتي لكل الناس، بل تأتي للذي يصبر ويحتسب، ويثبت، ويثق بنصر الله... للذي يبذل وسعه في المقاومة وهو ثابت لا يتزعزع الإيمان في قلبه ولا يتبدّل ....
لقد حسب أبو جهل هذه المرة أيضا أنه لا محالة المنتصر، حتى أنه رفض دعوة أكابر قومه له بالعودة وقد نجتْ عير أبي سفيان، لا لشيء إلا ليطرب على ضرب الدفوف ورقص القيان وليُري الناس أنهم الناس وأنهم أصحاب الشكيمة وأهل المِحال ...
نعم لقد طال بك العهد يا أبا الجهل وأنت على جهلك، وجهلك الطافي، وجهلك الطاغي، وقد تبدّى لك الخالد المنصور أبدا، ولكنّ الله كان يخبّئ لك ولمن معك ساعة من ساعات الذلّ والهوان .... ساعة من ساعات الخزي أنت وجهلك أهلٌ لها... أهلُ ....
وهكذا هو درب الباطل الطافي .... في ساعة من ساعات نهار مشرق، من ساعات نهار يوم فرقان ستتقطّع أطرافه إربا إربا كما يحقّ للباطل أن يقطّع...
هي يد الله تعالى في الساعة التي يشاء، وفي الوقت الذي يشاء، وبالسبيل الذي يشاء، وكل مشيئته حكمة وعلم .... وعلى أهل الحق أن يصبروا لآخر لحظة، فإن في لحظات الصابرين الأخيرة لبركة تقلب كل الموازين ....
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6547
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: صفحة أسماء
« رد #322 في: 2017-03-31, 10:59:39 »
2015/11/25

وأغضّ طرفي إن بَدَتْ لي جارتي *** حتى يُواري جارتي مأواها
إنه ليس بقول واحد من الصحابة رضوان الله عليهم، ولا بقول تابعيّ، ولا بقول أحد الصالحين من غابر الزمان أو من حديثه، بل إنه قول العبسيّ عنترة بن شداد الشاعر الجاهليّ ...!
فليت شعري لقد كانت فيهم مروءات يُأتَسى بها...
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6547
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: صفحة أسماء
« رد #323 في: 2017-03-31, 11:00:56 »
2015/12/02

"made in china"..عبارة تعودناها وسئمناها...
شخصيا سئمتها وكرهتها، وأصبحت تجلب لي النكد والهم والغم، كلما قرأتها عرفت أن المُنتَج من أردئ ما يكون، فنكأتْ في الجراح والحسرات على عالم إسلامي "مُمَلْير" أعلم علم اليقين أنه لو أحب لصنع، لو عمل لصنع، لو جدّ وأخلص لصنع.... ولكننا لا نصنع...!!!
أي لعنة قد أصابتنا بالشلل حتى تلهو بنا الصين لهو الطفل بكرة يركلها، وتطمّعنا تطميع الصيّاد لمبتغاه من السمك بطُعم كاذب...
إنما هي تلك الهزيمة النفسيّة التي مكنّاها من أنفسنا لتغتال فينا الأمل في النهوض وفي العمل... "براقش" صرنا فعلى أنفسنا جنينا، وما جنى علينا أحد ...
ومازلنا بعدُ نرضى بسجادة صلاة تحيكها لنا الصين، وبمسبحة تنظم لنا خرزاتها، وهي تعرف عدد الخرزات بين كل فاصل فيها وفاصل...!!
والله إن بين يديّ شيء من أدوات مدرسية يصنعها بعض المنتجين الجزائريين لهي خير من منتوجات الصين المشوّهة مرات ومرات، فما بالنا لا نرعوي، فنعرض عن كثير مما تصنعه لنا ؟!!
بئس الصناعة تلك التي توجهها لنا دون غيرنا، وكأننا مزبلة الأرض التي تلقي فيها بقاذورات منتوجاتها، وقبلها وإنصافا وقولا للحق، ومعرفة بموطن الداء قبل إلقاء اللوم على المتداعين على قصعتنا، بئس الركون ركوننا إلى ما تصنع بنا ويصنع بنا غيرها ممن عرفوا فينا شللا ألمّ بأنفسنا قبل أيادينا
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6547
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: صفحة أسماء
« رد #324 في: 2017-03-31, 11:02:08 »
2015/12/06

ولننظر الآن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم، لننظر إلى الساحة اليوم، وهي جديدة كل الجدّة، مختلفة كل الاختلاف، لنعد بالذاكرة إلى أيام مكة، لنقارن ولنرى تصاريف القدر، فإذا المضطهدون بالأمس، المستضعفون الذين نالت منهم أيادي المشركين كل منال، الذين عُذّبوا وكُذبوا، وجُوّعوا، وقوطعوا لسنوات، ثم شُرّدوا، وطردوا، وأبعِدوا، وسُلبت دورهم، وأموالهم، وحيل بينهم وبين أعمالهم وأراضيهم وما يملكون...
هُم هم أنفسهم الذين نرقبهم اليوم، فإذا هُم جنود في جيوش هي رهن إشارة قائدهم الحكيم الذي ما أن يُصدر أمره بالتحرك حتى تراهم على أهبة رجالا ورُكبانا مدجّجين بالسلاح، مزوّدين بزاد القتال، مقبلين غير مدبرين، ومبلغ مطمعهم أن تُحسب خرجاتهم في موازينهم غزوات في سبيل الله، يسألون قائدهم صلى الله عليه وسلم وهُم في ريبة من أمرهم إذا خرجوا ففرّ عدوهم ولم يلقوا قتالا : أنطمع أن تكون غزوة يا رسول الله ؟ فيجيبهم : "نعم" ...
لقد صبروا، ولقد ثبتوا رغم كل ما لحق بهم، لقد ضحوا بكل نفيس عندهم في سبيل هجرة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم هي لله ولرسوله، فما كان من أمرهم إلا أن أجزل الله لهم العطايا، فهي اليوم نصر مؤزّر وقوة ومَنعة، ورعب يُلقى في قلوب أعدائهم..
ها هُم اليوم نرقبهم، وهم أول نزول فرض القتال بين مستبشر به فرح، وقد كان مُنيته ومُبتغاه، وقابل إياه على مضض إذ أنه أمر الله، وبين مستثقل ودّ لو أنه تأخر ولم ينزل، ها هُم اليوم في غزوات متتالية تعقب بدرا لا يتأخرون، بل نراهم يقبلون على اليهود غير هيّابين ولا مأخوذين بتشدقات ألسنتهم أنهم أهل الحرب واللقاء، وعلى الأعراب الذين أرادوا بهم الغِرّة غير متأخرين، لا يخشون قتالا ولا عدوا قويّا عُرف بالسلاح وبالحروب، ها هُم اليوم وهيبتهم بين الناس تضرب الأصقاع، وهاهي عُيون رسول الله صلى الله عليه وسلم تأتيه بالأخبار ثقيلة كل الثقل، تنبّه القائد والمقودين إلى العجلة في الأمر، والمباغتة والغزو قبل أن يغزو العدو، فينقلب السحر على الساحر ويُبهت العدو وهو الذي هيأت له نفسه غزوهم، ويفاجأ بهم في عقر داره غُزاة مشمّرين ...! في "قرقرة الكدر"، وفي "ذي أمر" عرفناهم مباغتين لعدوّهم الذي خطط لغزوهم، فإذا هُم الغزاة، والعدوّ يفرّ منهم فرار الجرذان من هجمة الأسد الجسور...
وفي "السّويق" وأبو سفيان يحمله الغيظ واليمين الذي قطعه على نفسه المكلومة من أثر الهزيمة ألا يمسّ رأسَه ماءٌ من جنابة حتى يغزو محمدا في عقر داره، يحمله على الإغارة ليلا ليحرق نخلا ويقتل رجلا، فيفاجأ بجيش يلحقه، فيفرّ ومن معه مهزوما مذؤوما، يخاف أن يُدركه محمد وصحبُه، فيلقي بزاده وزوّاده ليتخفف فيسهل عليه الفرار! يخاف ممّن استضعفهم من زمن قريب، وظنّ بهم الخوار، يفرّ ممّن هزموا جيشا لهم قوامه ثلاثة أضعافهم...فما كان برّه بيمينه إلا وجعا على وجعه!
ولقد عرفناهم في "بني قينقاع" يداهمون القوم في حصونهم، وهم الذين جمعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلها يدعوهم للإسلام ويحذّرهم من أوْلِ حالهم إلى مآل المشركين في بدر، فيتشدقون، ويتمطّون ويدّعون أنهم الناس في الحرب، وأنهم بلقائهم قريشا، ما عرفوا ناس الحرب، نراهم بعد أيام قليلة أذلّة مخزيّين منفيّين، وقد ظنوا أن كشف عورة امرأة مسلمة عمل لا تقوم له في دنيا المسلمين قائمة، حتى عرفوهم يقيمون الدنيا عليه ولا يقعدونها حتى هُم أولاء قاب قوسين أو أدنى من قتل جماعيّ مؤكّد على أيدي المسلمين، سبعمائة بين حاسر ودارع كلهم لأجل عِرض امرأة مسلمة واحدة يُعطون درسا ما أعطاهُموه أحدٌ من قبل، ها هي ذي دعاياتهم بأنهم ناس الحرب، يُنفون من الأرض نفيا...!
أم حسب ذاك الذي شبّب بنساء المسلمين أنه الأشرف ابن الأشرف، ولن يناله من ثورة المسلمين على أعراضهم منال؟! هو ذاك "كعب بن الأشرف" الذي جعل بلسانه السليط يهجو رسول الله صلى الله عليه وسلم ويؤجج الناس على حربه، ويشبّب بنساء الصحابة، حسب أن لسانه حصانه، حتى دوهِم وهو المتطيّب بمَن أغراه بنفسه مدحا حتى أغرى به وقضى على يديه، فما كان جزاء اللسان الماكر بالإسلام إلا صولة لسان ماكر للإسلام...
فلنرقب تصاريف القدر، والله يشفي صدور قوم مؤمنين، والله ينصر عباده المؤمنين، الثابتين الذين اختاروا الله ورسوله، وصغرت في أعينهم الدنيا بما فيها، وكبُرت في أعينهم الرسالة العظيمة، ورسولها ... إنها عطايا الرحمن لأوليائه الصادقين المخلصين الذين اختُبروا فنجحوا، وابتُلوا فصبروا، وفُتِنو فما افتُتِنوا، وسمعوا فأطاعوا، فبعد ما قدّموا النفيس، هم اليوم يقدّمون النفس قربانا لله ولدين الله ...
شتان بين أيام مكة وأيام المدينة ...! شتان بين أحوال مكة وأحوال المدينة .... شتان بين من كان بالأمس طريدا شريدا، ليغدو اليوم المطارِد الذي يهابه القاصي والداني ...وإنها لعطايا الرحمن لعباده المخلصين الصابرين المحتسبين...
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6547
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: صفحة أسماء
« رد #325 في: 2017-03-31, 11:03:21 »
2015/12/16

عندما تعلمت شيئا من اللغة التركية من على الأنترنت، كانت هذه أولى كلمات أستطيع ترجمتها للعربية  emo (30):

Ayna benim en iyi arkadaşımdır Çünkü ben ağladığımda o hiç gülmez.
مرآتي هي أحسن صديق، لأنها لن تضحك عندما أبكي
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6547
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: صفحة أسماء
« رد #326 في: 2017-03-31, 11:04:48 »
2016/02/01

إنه سبحانه لا يُعجزه شيء، ولن يضر أمره وكلمته ظلم ظالم ولا طغيان طاغية، ولن يحول دون إمضائه مشيئته تقوّي أمم على أمم ولا تسلح أمم وتسلّطها على أمم، ولا تقوّي ابن الجلدة بأصحاب قوة...
في سورة الأنعام في قطاع من الآيات المتقاربات إقرار بهوان كل من ظن أن أمره الماضي....
.فلا يحزننّ مؤمن من كفر كافر أو تصدي ظالم لدعوة الحق أو ادعاء مدّع مهما بلغت قوته وشوكته أنه المهلك والمسيطر.... فالله متم كلمته ونوره...
{اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (106) وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا ۗ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ۖ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ (107)
★★★★★★★★★
{وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ۚ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112) وَلِتَصْغَىٰ إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ (113)} [الأنعام : 112-113]
★★★★★★★★★
{وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا ۚ لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [الأنعام : 115]
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6547
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: صفحة أسماء
« رد #327 في: 2017-03-31, 11:05:28 »
2016/02/03

فرعون سأل موسى عليه السلام آية وهو يقول له :"إِن كُنتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ"، فلما أتاه موسى عليه السلام بآيتَيْ العصا ويده، وصمه بالسحر...!!
إنّ هذا لدَيْدَنُ المصرّين على الباطل، يرون الحق بأعينهم ويتيقنون أنه الحق، ولكنهم على ضلالهم يصرّون لحاجات في أنفسهم، أولها السلطان في الدنيا، والمال...
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6547
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: صفحة أسماء
« رد #328 في: 2017-03-31, 11:06:13 »
2016/02/10

كل اللغات تقريبا إذا أرادت أن تكتب صوتا معينا، قرنت فيها بين حرفين، فكانت الحروف الصائتة في هذه اللغات زيادة لتكوين الأصوات، وهي زيادة في عدد الحروف!... إلا اللغة العربية، فالأصوات تُحدَثُ فيها عبر الحركات، ففتحة، أو ضمة، أو كسرة .... أو حتى سكون ....
هم إن أرادو "دَ" كانت : DA
وإن هم أرادوا "فِ"، كانت : FI
وإن هم أرادوا "لُ" كانت : LO
أما إن أرادوا صوتا منوّنا كقولك: "باً" فيقرنون بين ثلاثة حروف BAN ....وهكذا
أما اللغة العربية فالأصوات فيها بالحركات على الحروف، ولا تستعين بحرف لتُكوّن صوتا، وما كان زائدا فيها من حروف فغِنى تُعرف به، فلا تجد في كثير من اللغات -إن لم يكن في كلها- "خ"، وفيها تجده، ولا تجد في كثير من اللغات "ث" وفيها تجده ولا تجد فيها "ق" وفيها تجده ... وعن حرف "ض" حدّث ولا حرج :) !! فهي لغته التي تتفرّد به على وجه البسيطة....
هذا فيض من غيض من ميزات لغة القرآن العظيم .... تأملوا كيف يختارها الله لتكون لغة الكتاب الأعظم !!
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6547
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: صفحة أسماء
« رد #329 في: 2017-03-31, 11:06:52 »
2016/02/21

سواء كانت القلة في العدد أو الكثرة أو حتى مع انعدام النصير بالكليّة فإن النصر من عند الله تعالى ....
في بدر كانوا قلة والنصر كان من عند الله...
في حُنين كانوا كثرة حتى أعجبتهم كثرتهم وكادوا يُهزمون، وهم على كثرتهم ضاقت بهم سبل الخلاص لولا أن أنزل الله سكينته عليهم فكان النصر من عنده...
وفي غار ثور ثاني اثنين إذ هما في الغار نصره الله وقد كان موقنا بمعيته :{إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة : 40]
فالنصر من عند الله وحده ولا يجب الاعتداد بكثرة ولا الاستقلال بقلة ولا الخوف مع انعدام النصير، إنما وجب التوكل على الله والعمل مع اليقين أنه الناصر إن رأى في عبده صدقا وإخلاصا.
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6547
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: صفحة أسماء
« رد #330 في: 2017-03-31, 11:08:54 »
2016/02/23

غزوة "أحد"... من منا لا يعرف هذا الاسم؟ ولكن ......!!!
ربما لم نقف طويلا عند هذه الغزوة العظيمة، ربما لم نقف إلا على ما عُرف فيها من معصية أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانت الهزيمة... ربما لم نقف طويلا عند ما يستحقّ الوقوف في هذه المحطة التي رأيتها واحدة من أكثر محطات السيرة النبوية أهمية ونفعا، بل واحدة من أكثر محطات سيرة الأرض قاطبة أهمية ونفعا ودرسا، خاصة لأيامنا هذه، ولا عجب-إذا تأملنا- في ذكر القرآن لتفاصيل غزوة أحد قبل تفاصيل غزوة بدر، إذا تتبعنا ترتيب المصحف، والذي هو ترتيب توقيفي من عند الله تعالى، لا عجب في سبر أغوار أحد قبل أغوار بدر-آل عمران قبل الأنفال-، لمن يفتح المصحف الشريف ويقلّب صفحاته المتواليات.... إنها لأيامنا، إنها لحالنا اليوم ....
عشت مع غزوة أحد، كأجمل ما يعيش الإنسان الحياة، يعيشها وهو يتعلّم، إذ إنّ كمال العيش في الدنيا أن يتعلم فيها الإنسان ما ينفعه، ما يُفهمه دورَه في هذه الحياة، ما يلقّنه دروسا تكون له الزاد على الطريق وقد خُلق في كَبَد، وليس أكمل ولا أشمل ولا أصحّ من العيش على منهج الله تعالى، وعلى خُطى رسوله صلى الله عليه وسلم، الذي جاء هاديا، ومُنجّيا من المهالك، آخذا بحُجز الناس عن النار، مُبتغاه أن يفوزوا بجنان الرحمن، مؤدّيا للرسالة، مبلغا للأمانة، فانيا عن ذاته، متماهيا في الرسالة، وفي الهدف من الرسالة، لإعلاء كلمة الحي الديّان، الذي ما خلقنا إلا ليختبرنا في هذه الحياة، وليرى عملنا وقد جعل الإنسان خليفة، أفيؤدي الخليفة ما عليه، أم تُراه يتخلّف ؟!...
عشنا مع سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، فإذا هي دروس تدعو المؤمن الوقّاف عند الحكمة وعند الهدف من الأمر والنهي إلى التأمل، مريدا للعمل بما يجب والانتهاء عما لا يجب، تدعوه لأن يرسم خطوط حياته، ويحدّد معالم طريقه، ويجلّيها لتكون الطريق التي تُرضي الخالق المستخلِف، الآمر الناهي، الجامع لعباده في يوم هو يوم عدل، للحكم بالعدل، وللجزاء بالعدل، وللعقاب بالعدل، وإن كانت رحمته قد سبقت، وهي التي كتبها على نفسه، فمن باب العلم بواسع رحمته، والمعرفة بطلاقة قدرته، واليقين من عدل قضائه، وجب العمل على إرضائه كل العمل ... وما اختار الراحة والدَّعَة إلا من لم يفهم الرحمة على النحو الذي أراد الرحمن أن نفهمها، لم يفهم أنها رحمة مَن خلق، فأحبّ الهُدى لعباده، ورأى عملهم فرحمهم على ما قصّروا، وزلّوا وأخطؤوا، ولكنهم لم يقعدوا، ولم يجعل رحمته بابا لأن يركن المؤمن للقعود، يحسب أن صفة الإيمان تكفيه، وغفل عن مرات ومرات قرن فيها القرآن الإيمان بالعمل...بل هي كل المرات...
هكذا ينبغي العيش مع سيرة الذي اصطفاه الله من بين عباده، ليكون الهادي لعباده إلى يوم الدين، ليكون الرحمة المهداة لهم إلى يوم الدين... وهكذا يجب أن نُشرف من سيرته على حياة نرسمها من تلافيف أنوار السيرة الممتدة عبر الزمان والمكان، والتي جُعلت قرآنا حيا على الأرض، يتحرك، ويعمل، ويتجسّد، كما صنع منها صاحبها عليه من الله أفضل الصلاة والسلام رجالا كانوا قرآنا مشى على الأرض...
نُشرف منها على المعنى العميق من هذه الحياة، فلا تعود تأخذنا بزينتها ولا ببُهرجها، ولا بأنوارها الزائفة الزائلة، وإنما تأخذنا بكونها الطريق الذي يؤدّي إلى الزينة الدائمة والبُهرج الخالد، وفيها لا في غيرها يكون العمل المُؤهل إن إلى جنة أو إلى نار ...
من عبق السيرة المطهرة للحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم يصنع المؤمن لنفسه قارب النجاة، فمنها اللوح ومنها الدُّسُر، ومنها صبر نوح على ضحك قومه، وثباته، ومداومته على صنع السفينة، غير عابئ باستهزاء المستهزئين، ولا بواصميه واحدا من المجانين، ولا بمَن أعرض عنه وعن دعوته إلى النجاة، وإلى ركوب السفينة ....
منها... من السيرة نستمدّ كل هذا ... لأنها تُرجمان القرآن، وبيانه على الأرض حركةً وحياةً....منها نفهم دور العقل في معرفة خالقه، والوصول إلى تقديره حق قدره، فنقتبس لعقولنا حجة إبراهيم على قومه، وهو يُجاريهم ليُخاطبهم بما يفهمون، وليصل بهم إلى ما يقرّون من أحقيّة الله وحده بالعبادة والسمع والطاعة ... حتى وإن أعرضوا جميعا وأصروا على الخرافة، فلا غَرو، في الأرض من يعرف لدور العقل في الوصول إلى أول وأولى ما يجب الوصول إليه دوره...
ولا يكفي مجال لحصر ما تمدّنا به سيرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم إلا أن نقول في كلمات معدودة، هي التي تمدّنا بأكمل منهج للحياة، لإصلاح الأرض، ولعلاج أدوائها ....
وفي جِنان السيرة الوارفة، حططنا عند جبل أُحُد، فإذا هو جبل غريب عجيب لا ككل الجبال، وإذا هو محطة وحده، ومُستقرّ للتأمّل والاعتبار، والتعلّم... إذا هو مدرسة وحده ...
غزوة أحد إنها تلك المدرسة العظيمة...!! إنني لا أجد حِيال هذه الغزوة إلا عبارة "مدرسة" تفي بشيء من وصف جلالها.
نعم أُحُد بالذات دون غيرها، جعلت تفيض بالكنوز التي كمنتْ في قرار مكين، ثم انهالت على مرأى ومسمع من متأمّلها تبرق وتتلألؤ، تسحر الأعين، وتأخذ بالألباب أخذا ...
أحُد مدرسة عظيمة، فيها المعلم الذي أعطى الدروس بفِعاله في كل خطوة، ضروبا من الدروس وألوانا، فإذا هو فيها القائد العسكريّ المُحنّك، وإذا هو السياسيّ اللبيب، وإذا هو الأب الحاني، وإذا هو الصاحب المحبّ الوفي، وإذا هو الذي أخذ المُهَج أخذا يستحق الوقوف عنده طويلا، لنفهم أنّ تركيبته الإنسانية الفريدة مردّ هذا الأخذ الذي أُخِذه أصحابه، فبذلوا لأجله الأرواح كمن يبذل أرخص ما يملك ...
وفي أحُد عرفنا أولئك الطلبة النّجباء الأوفياء، المُحبّين... نعم إنهم أولئك المحبّون، ولا غَرو أن المعلم الناجح يُلقي في قلوب تلاميذه أول ما يُلقي حبّهم له، والحبّ دليل الاتباع والانصياع والفداء ...
فلنُدنِ القلوب، ولنشتمّ أزاهير جِنان أحد، عسى الأرواح تنتعش، ويحلو عيشها ويُثمر، وعسانا ننشر من العبق الشذيّ ما يُنعش ويُثمر، ولنُدنِ القلوب من بحر أحد، ولنغترف غرفة بأيادينا تكون لنا رِيّا وزادا يكفينا، هلمّوا نعلن حبّنا لأحُد حبّ من عرف قدر الحبيب، وقدّر سنا الحبيب، حبّ من فهم فهما جديدا، فهما أعمق لقوله صلى الله عليه وسلم: "أحد جبل يحبنا ونحبه" لعلّنا نلقاه يوم لقاء الحق وهو يقول صلى الله عليه وسلم : "إنكم منّي" ...
في المداخلة المقبلة بإذن الله نعدّد شيئا من دروس أحد....
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6547
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: صفحة أسماء
« رد #331 في: 2017-03-31, 11:10:18 »
2016/02/24

مع شيء من دروس أُحُد :
أولا: أحد والمعلــــــــم العظيم :
-----------------------------
لقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم لجنوده قوّة مُهابة، وهُم الذين كانوا قبل الإسلام أشتاتا مفرّقين تهزّهم نعرات القبيلة، فهُم إما قُطاع طُرق، قد صرفوا قوتهم وشجاعتهم في التصدي للناس، وإرهابهم، وسلبهم أموالهم وزادهم وزوّادهم، وإما حُماة قد شبّوا في القبيلة على أن أتفه الأسباب مدعاة للقتال وشنّ الحروب، يرون في البسالة ألا يُداس على طرف من أطراف الأنا أو الصيت أو السمعة القبليّة، أو هم هائمون على أوجههم في الأرض، انفصلوا عن قبائلهم واختاروا حياة الانتقال بين الفيافي والقِفار...
إنهم اليوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجال حُماة، يحملون على عاتقهم رسالة من أعظم الرسالات، بل هي الرسالة الأعظم بين الرسالات، يحملون رسالة رفع راية الإسلام، وإعلاء كلمة الله ... هُم اليوم جنود في جيش محمد صلى الله عليه وسلم، جيش درّبه على سبر المضارب والأغوار، في العام الأول من الهجرة في عدد من السرايا والغزوات استغرقت العام كله ، ثمّ زاد دُربة على القتال المنظّم يوم بدر يحمل لواءَ القتال أميرُهم وشعاره "لا إله إلا الله وحمد رسول الله"، والراية ترفرف معلنة ألا إله إلا الله محمد رسول الله، بغاية واحدة، وهدف واحد جامع...
فكان نصرهم يوم بدر هزّة عنيفة زلزلت قريش وكلّ من فكر بهوانهم، ليعيدوا الحساب، ويحسبوا للقائهم ألف حساب...
ثم كانت غزوات عقب بدر وسريّة، كانت كلها تعلن القوة، وتعلن أن جيش محمدا قد بات على الأهبة لأمره فيهم، فكان صلى الله عليه وسلم يُعسكر بالمكان، ويمكث فيه الليالي الثلاث ليَذيع صيت جيش المسلمين، وليذهب ذكرهم في الأصقاع، فيرعوي كل من تسول له نفسه إذاءهم أو السطو عليهم....
ثم إنّ لكل واحد من الصحابة دوره المُحدّد، الذي كلفه به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الحكيم اللبيب، الذي يعرف كيف توضع بالمواضع الرجال ... فأصبحت له عيونه، ومخابراته الخاصة العِرّيفة التي تأتيه بالخبر قبل استعداد العدوّ، ليستعدّ من طرفه، فيكون على الأهبة، ويخطط خططه ....
1- ففي أُحُد كان أول سماع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعزم المشركين من خلال كتاب عمه العباس إليه، ثم شاع خبر تقدّم جيشهم، وأرجف اليهود والمنافقون، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عينَيْن له، فأتياه بخبرهم.
إنه من بالغ حكمته لم يعتمد في استعداده وتخطيطه على ما يُسمع، بل قد أوكل باثنين من رجاله مهمّة الاستطلاع، والاستخبار، فكانا عند أحسن ظن، وأدّيا ما عليهما وعادا بالأخبار الوثيقة... وهكذا هي حكمته ورصانته، وهكذا هو يحرّك رجاله، لكلٍّ مهمته، ولكلٍّ حظه في حماية الدين...
2- فورا بعد الاستوثاق من خبر تقدم جيش المشركين:
أ‌- أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم مفرزات على مداخل المدينة وأنقابها تحرسها .
ب‌- أقام دوريات من المسلمين تتجول حول الطرق لاكتشاف تحركات العدو .
ت‌- أعلن حالة الاستنفار العام استعداداً للطوارئ.
3-أُحُد كانت مدرسة في الشورى، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يستشير أصحابه في أمر مواجهة العدو، ويعرض عليهم رأيه بأن يكون قتالهم داخل المدينة، وهو الرأي الأصوب والأحكم، ولكن حملت الصحابة حماستهم للقتال وخوفهم من أن يفوتهم ما فاتهم في بدر على أن يروا غير رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فينزل رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأيهم، إثباتا لرأي الجماعة، وتعليما منه لأصحابه وللأمة كلها من بعدهم الشورى وعدم احتكار الرأي. وهو من هو!
4-وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلّم كل قائد في الأمة من بعده الحسم، حتى بعد ندم الصحابة على مخالفتهم رأيه، وحديثهم معه بشأن الرجوع عما قالوا، نجده قد حسم، وقرر، ولم يتراجع، في قوة تُنبي أنّ الحسم رأس الإقدام، وتومئ إلى أن التردد ليس من سمات القائد الحكيم.
5- قبل خروجه صلى الله عليه وسلم، يصلي بالناس الجمعة، ثم يخطب فيهم، يحضهم على الجهاد وعلى الصبر وعلى التوكل على الله، ويذكرهم بالتقوى والسمع والطاعة، وأن الله ناصرهم ما صبروا. وهذه محطة بالغة الأهمية في حياة الأمة، ونحن نعيش عصرا كثرت فيه دعاوى فصل الدين عن السياسة، وعن الحروب بل عن الحياة قاطبة ...!
6-إنه صلى الله عليه وسلم لا يريد أن يحتكر العملَ عددٌ من الصحابة، بل لقد كان يهدف لأن تصنع أمته الرجال، وتربي الرجال، وتحرّك الرجال، وتعرف في كل واحد من رجالها حدود طاقاته، وفيمَ تُنفذ طاقاته، فيعيّن أحدَهم أميرا على الجيش، ويعيّن الآخر حارسا على أسوار المدينة، ويعيّن واحدا على الفرسان، وواحدا على الراجلين، عارفا بقدرات كل صحابي، وواضعا الرجل المناسب بالمكان المناسب، ولا يفوته أن يحرّك الجميع، حتى أنك لتحسبه في موقف ما مع صحابي ما قد خصّه دون جميع الصحابة، وكذلك يفعل مع غيره، ومع غيره، وهكذا معهم جميعا، يعلمنا كيف يتحرك الجميع، ويُحفَّز الجميع، ويُشجَّع الجميع...
أخذ يحض جيشه على القتال، ويحفز جنوده، فجرد سيفا بتارا وقال: "من يأخذ هذا السيف بحقه؟" فتقدم له العدد من الصحابة يريد أخذه، وأمام رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلة من أشجعهم، فيتركهم جميعا، ويقدمه لأبي دجانة....
فإذا أبو دجانة بهذه الدفعة، وبهذا التخصيص، يزداد قوة على قوته، ويُبلي في المعركة أحسن البلاء...
7- أما خطة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتنظيمه جيشه، وتكليفه الصحابة كلا بمهمة، فقد كانت غاية في الدقة والحكمة، فهو ذا يجعل سلسلة جبال أحد ظهرا للجيش وميمنة تحميه، ثم يجعل جبل عَيْنَيْن على ميسرته، عيّن على الميمنة المنذر بن عمرو، وعلى الميسرة الزبير بن العوام يسانده المقداد بن الأسود، ووجّه أمرا دقيقا وحاسما للزبير: "استقبل خالد بن الوليد، فكُنْ بإزائه حتى أوذنك" لمعرفته بدهاء خالد بن الوليد وبقوته وشجاعته، ولم يفتْه أنّ جبل عينين إن يُترك بلا حراسة فهو الثلمة في الجيش والثغرة التي تودي به. فجعل عليه خمسين يقودهم عبد الله بن جبير. وقد كان أمرُهُ فيهم واضحا أشد الوضوح، بل مفصلا، ومبيّنا، في كل الأحوال، فقال : "احموا ظهورنا، فإن رأيتمونا نُقتل فلا تنصرونا، وإن رأيتمونا قد غنِمنا فلا تُشركونا"، وفي رواية البخاري أنه صلى الله عليه وسلم قال: "إن رأيتمونا تخطّفنا الطير فلا تبرحوا مكانكم هذا حتى أرسل إليكم، وإن رأيتمونا هزمنا القوم ووطأناهم فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم".
8- رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلّم أصحابه الثبات، إذ لم تزُلْ قدمه عن مكانه خطوة، في حالة من الحصار شديدة، أحاطت بالجيش الإسلامي وقلبت الموازين رأسا على عقب .
9- رسول الله صلى الله عليه وسلم اهتزّت نفسه حينما ذكر أبو سفيان الآلهة ودعا بعلوّ شأنها، بينما أمر بالصمت حينما سأل إن كان هو صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما أحياء، يعلّمنا أن النفس لا تهتزّ لشيء اهتزازها لله تعالى، ولا تغضب لشيء غضبها لله تعالى، ولا يضير أن تؤذى الأنفس المؤمنة، ولكن يضير ويُغيظ أن يُمسّ جناب الله تعالى .
10- رسول الله صلى الله عليه وسلم في مدرسة أحد وهو يتفقد قتلى المسلمين، يعلّمنا كيف لا يهنأ المؤمن حتى يطمئن على أحوال إخوته، وأنه لا ينسى المؤمن أخاه، وأن الوفاء يميز المعدن الأصيل من الزائف.
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6547
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: صفحة أسماء
« رد #332 في: 2017-03-31, 11:10:59 »
2016/02/26

حرية... حرية... حرية...
كم ظلموك أيتها الكلمة فألصقوا بك كل أهوائهم وشهواتهم ونزواتهم وشطحاتهم وحيوانيتهم ومروقهم وفسوقهم وخروقهم ... ومعاصيهم وذنوبهم ومجونهم وجنونهم ...
كلها ألحقوها بك...
لكم ظلموك أيتها الحرية... لقد صرت سجينتهم سجينة كل هذا...
نعم لقد سجنوك...
لقد حرموك حقيقة معناك...
كم ظلموك !!! ليتهم تركوك حرة يا "حرية"
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6547
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: صفحة أسماء
« رد #333 في: 2017-03-31, 11:12:18 »
2016/03/04

إننا إذا تأملنا، وجدنا أن معنى الحرية في نفوسنا لا يتحقق إلا بتكريس عبوديتنا لله...
عبوديتنا له سبحانه منبع حريتنا، هي التي تحررنا من عبوديتنا لشهوة أو لهوى أو لسلطان او لجاه أو لإنسان ...
عبوديتنا لله هي التي تحقق فينا إنسانيتنا...
هي التي تميّزنا بالعقل، وتحمينا من أن ننسلخ من إنسانيتنا، فتنطلق فينا الحيوانية والبهيمية فيختلط حلال بحرام وحرام بحلال، وتصبح الشهوة فينا إله والهوى إله، وتكثر الآلهة، ونصبح العبيد بين أيديها كلها، نأتمر بأمرها وننتهي بنهيها... !
ثم نسميها حرية، بينما هي الانسلال من رقيّ العبودية للخالق التي تحقق حريتنا، إلى ربقة العبودية للشهوة المخلوقة... !
فيا دُعاة الحريات تريثوا، وروُّوا في أمركم فإنما تجرّون الناس جرا بأغلال الهوى وسلاسل الشهوة إلى غيابات السجون، وسِياط الظلم، وقهر العذاب، وتمنعونهم نسمات الحرية إذ تتبنّون دعاوى الانعتاق من الدين.... !
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6547
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: صفحة أسماء
« رد #334 في: 2017-03-31, 11:13:01 »
2016/03/05

"وليد سيف" اسم لامع في سماء الكتابة الدرامية باللغة العربية الفصيحة الطليقة السلسة، الصحيحة، الدقيقة، الجميلة، البديعة، البليغة الرنّانة، القوية....
وفوق هذا كلّه الحكمة تلد من تناغم العبارات، والمرامي البعيدة من رحم المواقف، حتى إنني لأقف مع المشهد بين ممثّلَيْن يتحاوران أعيده لأستمتع بالمغنى وبالمعنى معا ...وكم مرّة عزمتُ أن أقتطع من المسلسل حوارات تكون شاهدا لشيء نريد قوله، ولكنّ تزاحمها ترفُل بالحسن والجمال حال دون حصر أحسنها...
"وليد سيف" بلغ من إيصال رسالته وكلماته رغم أنوف المتربّصين بالقائلين في زمن يُجزّ فيه وَبرُ الصادع بالحق حتى لا يعرف دفْء الراحة بعدها ما لم يبلغه غيره على منابر التنوير والوعظ والتبليغ، عميق جدا في مدلولاته، ذكيّ وهو يجعل من المسلسلات التي يكتبها وسيلة للتعبير عما يريد.... من تابع "صلاح الدين الأيوبي"، أو "ربيع قرطبة"، أو "صقر قريش" يعرف كيف جعل من أحداث التاريخ تُرجمانا لدورته عبر الزمن يبلّغ بها ما يُراد قوله اليوم ....
أتعب "وليد سيف" غيره من كتّاب الدراما الفصيحة، حتى لم أعد أجد لما لا يكتبه هو وقعا في النفس كالذي يكون من كتاباته ...

ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6547
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: صفحة أسماء
« رد #335 في: 2017-03-31, 11:14:15 »
2016/03/10

"قل (الحمد لله)"
لا يشترط أن تكون شاعر أو أديبا
احمد ربك
بلغتك المتعثرة وحروفك الواهنة
كلماتك بالحب تسبق القصائد

للشيخ عبد الله بلقاسم
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6547
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: صفحة أسماء
« رد #336 في: 2017-03-31, 11:15:30 »
2016/03/11

لأم عبد الهادي :

نحن مسلمون..... حتى تأتينا مناسبة سعيدة، كالسياحة او الزفاف او الاحتفاليات... عندها... نركن الاسلام على الرف، ونهرول لتقليد النصارى واليهود
نحن مسلمون حتى نتعامل بالدرهم والدينار... عندها... لكل حادث حديث
نحن مسلمون حتى تأتينا مناسبة توزيع ميراث.... عندها: دعوا الشريعة جانبا، وليأكل القوي حق الضعيف، والكثرة حق القلة، والذكور حقوق الاناث، لان المال لا ينبغي ان يخرج من نطاق العائلة
نحن مسلمون ... في مساجدنا وفي مواسمنا الدينية.. ولا نريد لإسلامنا ان يغادر مصلانا، ولا لذكر الله ان يجاوز حناجرنا...
ثم نقول مابالنا تتوالى علينا البلايا وتتداعى علينا الأمم!!!
وما {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ}
ويعفو عن كثير
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6547
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: صفحة أسماء
« رد #337 في: 2017-03-31, 11:16:15 »
2016/03/19

اليوم في لقائنا الأسبوعي مع سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بلغنا مرحلة تحريم الخمر... العام الرابع للهجرة
تأملنا المراحل الثلاث لتحريمها، فإذا أول مرحلة فيها كانت بعد خمسة عشر عاما من البعثة... وآخر مرحلة كانت بعد سبعة عشر عاما من البعثة...!!!
سبعة عشر عاما والخمر غير محرمة، وشاربها لا يؤثم...
سبعة عشر عاما، تأسست فيها عقيدة المؤمنين في مكة، وبدأت فيها معالم الدولة الإسلامية في المدينة، وأصبح للمسلمين قوة مُهابة، ونُصروا على المشركين نصرا مؤزرا في معركة الفرقان، وأصبحت لهم هيبة، وعرفت لهم شوكة... وعرفوا الهزيمة في أُحد، واعتبروا بدروسها العظيمة... وأرغموا أنوف اليهود المخادعين...
والمؤمنون ما يزالون يشربون الخمر....
وأول مرحلة من مراحل التحريم كانت عبر السؤال:
"يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما"
لقد تركهم الله تعالى عليها حتى سألوا عنها بأنفسهم...
لقد آمنوا وهم يشربونها، وتأسست عقيدتهم وهم يشربونها، وخُلّيت أنفسهم من موروثات الجاهلية وهم يشربونها، وحُلّيت بالإيمان وبالهدى وهم يشربونها...
وتزكوا، وعملوا الصالحات، وتنافسوا على الخيرات، وتدارسوا القرآن وعملوا به وهم يشربونها...
وجاهدوا وهم يشربونها، واستشهدوا وفي بطونهم منها... !!!
ثم سألوا عنها بعد كل هذا، بعدما عاينوا حياتهم الجديدة والخمر ملازمة لهم، بعدما أُخرجوا من غيابات الجاهلية إلى نور الحق وهي ما تزال ملازمة لهم...
إنهم لم يفكروا يوما بشأنها من قبل إسلامهم، لقد كانوا يشربونها ويعشقونها ويتغنون بها في أشعارهم، حتى استغنى كثير منهم عن الماء بها... فكانت سقياهم...
أما اليوم، فقد سألوا عنها...
لقد تركهم الله حتى سألوا عنها...
لقد جعلهم الإسلام يفكرون... يتساءلون، يستخدمون العقل لغاياته التي لأجلها خُلق...
لقد عرفوا أنه دين لا يستقيم معه تغييب العقل، لقد عرفوا بما عاينوا أنه دين العقل، دين الصحوة، واليقظة والفكر والتفكير لا دين الخرافة والخيال والتغييب واللاعقل...
لقد دلهم على التفكير ...على إعمال العقل، وعلى تقديره، وعلى صونه، وعلى الحفاظ على الكيان المسلم بالحفاظ على عقل سليم، صاح، مفكر، واع...
لقد عاينوا بأنفسهم الفرق بين ما يكونون عليه ويكون عليه إيمانهم وهم بعقل حاضر، وما يكونون عليه وهم بعقل مغيّب...
لقد عرفوا بما عاينوا أن أحسن حالاتهم مع عقل صاحٍ وأن أسوأها مع عقل مخمور مغيّب
لقد سألوا هم أنفسهم عن شيء كانوا يرونه حياة من الحياة... هواء مع الهواء، ماء فوق الماء...
هكذا كان فعل الثورة العقلية في الإسلام، هكذا هو عهد الصحوة والرقي بالعقل إلى مرتقاه الذي لأجله خُلق...
ها هم اليوم يسألون..... ليفتح السؤال أول باب التحريم... وقد تهيأت العقول السائلة والنفوس الراقية لقبول الجواب، للأمر في شأن الخمر...
فكانت البداية ببيان إثم فيها هو أكبر من نفع، لتتهيأ النفوس للتوجس مما كان ملازما وقطعة من الحياة...
وهكذا تبيّن لهم بعدها كيف يسوق إثمها إلى الخلط في الصلاة... في لقاء الله، في الصلة بالخالق...
فيأتي أمر صارم بئلا يقرب الصلاةَ سكران: "يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سُكارى حتى تعلموا ما تقولون" ليزداد التوجس، ويقوى الاحتراس، وتتسع دائرة التضييق...
إلى أن يصل الأمر إلى التحريم النهائي وقد قرنت بالأنصاب فكانت عِدلا للشرك، ووصفت بالرجس، وأنها من عمل الشيطان، وتقرر الأمر باجتنابها لتحصيل الفلاح :" إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه"
نعم لقد كانت البداية من سؤالهم... من سؤال العقل الذي عرف أن هذا الدين لا يستقيم مع عقل مُغيّب، بل هو دين العقل... العقل الحاضر الواعي، الصاحي...
فترك أصحابه ليسألوا، وكان السؤال أول باب التحريم، ...تحريم تغييب العقل بسؤال العقل في ساعة عقل...
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6547
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: صفحة أسماء
« رد #338 في: 2017-03-31, 11:17:04 »
2016/03/22

كثيرا ما نحسب أنّما الحرب هي لقاء الرجال بالرجال، وضرب السلاح بالسلاح، وخوض ساحات الوغى ...
إنما تلكم حروب شرف، ومواجهة، فيها الوجه للوجه، والرجل للرجل، وقد عُرف فيها الموعد، وأعدّت فيها العُدد، وعرف كل مقبل علامَ إقباله...
ونغفل عن حروب أشد ضراوة، وأعظم رحى، سلاحها خنجر مسموم مدسوس في تبسّم الوجه للوجه ...
إنها حروب تُشنّ على الإسلام بكل وسيلة، وعبر كل سبيل، لا يألون جهدهم فيها، ولا يختلفون عن آبائهم في مُرادهم منها
"ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم"
"ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا"
إنهم كما يعدّون العُدّة بأسلحة دمار جزئي أو شامل، يتفنّون بطائرات من غير طيّار، وبأسلحة كيماوية تذيب الإنسان، وتخلط عظمه بلحمه بشحمه، ولا تُبقي منه بقيّة ...
كما يُعدّون عُددهم هذه، هم يعدّون لعقول المسلمين، ولعقيدتهم أسلحتها، في زمن تحذلق فيه المسلمون، وتمسّحوا بمسوح الغرب المتمدّن، وخجلوا من تأخّرهم في ساحات العلم والمادة، فانسلخوا من أصولهم انسلاخا، وتبرؤوا من ثقافتهم، وبات منهم من ينادي بتعارض العلم مع الدين، ربما بعبارات صريحة، أو بتلميحات خبيثة، تريد أن تزرع الشك في الدين، بكل طريقة...
وقد كفوا الغربَ القتال، وقد كفوهم السلاح، وكفَوْهم المؤنة والترحال، وهُم خَدَمَتُهُم على أرقى مستوى من الوفاء والطاعة ...
فيالحظّهم بجِيفٍ من المسلمين منتنة تزرع النتن، وتهيئ للمسلمين أن لحمها حلال حلال...
تلك حرب من حروبهم التي لا تنفكّ مُشنّة على الإسلام وأهله، غسل أدمغة شباب طيّع، سريع الذوبان والتماهي أمام فتنة الغرب، وصيحات الغرب، وإغراق الغرب في الدنيا، والعبّ من كل ملذاتها، والتي لا تعرف حدا، ولا منطقا ولا عقلا، ولا قدرا....
إنهم في مُسوح المسالمين يتهادون، وبكلمات السلام يتشدّقون، وهُم على حربهم للإسلام والمسلمين مقيمون، لا يفترون، ويالزهْوهم ونجاحهم ببني الإسلام يكفونهم شرّ القتال...
وبمَ ؟ بأسلحة الدمار العقلي والفكري، والعقديّ بدافع الانبهار "الغُرابيّ" بالمشية "الحَمَامِيّة"
ولو أنّ الغُراب قد علّم الإنسان يوما كيف يواري سوءة أخيه، فهلا تفطّن شبابنا اليوم أنهم السلاح في أيدي أعدائه ضدّ أخيه، وأنه يئد أخاه بيده، وليته يُحسن مواراة سوأته ؟!
وقبل أن يتحير من يتحير في آيات "التوبة" الحاسمة، ويخلط حابل المتألين على الجهاد من بني الإسلام بنابل من صنعهم الغرب برسم الجهاد، فيود كثير من المسلمين التبرؤ من " براءة"، فليبحث في حروبهم ضدّنا وهي التي لا هوادة فيها، ولا فتور، وأنها بكل سبيل، وما حالنا عن النظر ببعيد ...!!
ولو لم تكن لنا من أدواء بثها المنافقون والمتماهون والناعقون بكل صيحة في جسد الأمة، لما أحسسنا لهم في العقل من ركز ولا رسخت لهم في أرضنا من قدم ...
فلا نفع لحرب نريدها كما قررتها "التوبة" في زمن لم يبلغ فيه الداخل المسلم ما عُدّ يوم نزولها "أطيافا في المجتمع المسلم"، فحفرت أغوار المنافقين حفرا حتى لكأن عظم النفاق منهم، ودمه الساري في العروق بادٍ للعيان...لا لنتعرف لمنافقي ذلك الزمان وحده، بل لنعرف نحن اليوم أنهم بيننا، يتخذون مساجد ضرارا، ويحلفون أنهم منا وما هم منا، فهم يتكلمون باسم الدين، باسم القرآن يريدون التعفية على الدين بالتشكيك في السنة، وبالتشكيك في الناقلين وفي علم وُضع لتحري أحوال الناقلين، ولن يبعد دور التشكيك في القرآن بعد السنة...
هم الداء، وهم العدو قبل العدو... وهم من تجب معرفتهم، وعدم الاغترار بدعاواهم، وما هم إلا العدو يخدم العدو...
التوبة، براءة... كلاهما اسمها، وكلاهما فيها...
إنها الدعوة للبراء من الشرك ومن الكفر ومن النفاق... إنها الدعوة لاستثناء البراء بالتوبة...
الدعوة لتنقية الصف المسلم، ولتقوية الصف المسلم، ولولاء أفراد الصف المسلم للصف المسلم، حتى تتأتى القوة التي بها يُجابَه كل عدو... وبها تُجابه كل حرب تأتي من الخارج...بل إن بها تُستأصل شأفة ما يحيكون وما يريدون ونغزوهم ولا يغزونا...
إن بها تُحقق "التوبة" ومُرادات "براءة"، ويتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، ويُعرف للجهاد معناه، ولا تعود للمسلمين إرادة البراءة من "براءة"...
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6547
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: صفحة أسماء
« رد #339 في: 2017-03-31, 11:18:00 »
2016/03/28

لفتة جميلة جدا من لفتات ابن عاشور رحمه الله، تأملوا :" الإيماء إلى اقتراب الرحيل....." و"التوبة" من أواخر ما نزل، وذلك في قوله تعالى:
"لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ" [التوبة : 128].
"وافتتاحها بحرفَيْ التأكيد وهما اللام و ( قد ) مع كون مضمونها مما لا يتطرق إليه الإنكار لقصد الاهتمام بهذه الجملة لأهمية الغرض الذي سيقت لأجله وهو الذي سنذكره ، ولأن فيما تضمنته ما ينكره المنافقون وهو كونه رسولاً من الله ، ولأن في هذا التأكيد ما يجعل المخاطبين به منزَّلين منزلة المنكرين لمجيئه من حيث إنهم لم ينفعوا أنفسهم بهذا المجيء ، ولأن في هذا التأكيد تسجيلاً عليهم مراداً به الإيماء إلى اقتراب الرحيل ، لأنه لما أعيد الإخبار بمجيئه وهو حاصل منذ أعوام طويلة كان ذلك كناية عن اقتراب انتهائه ، وهو تسجيل منه على المؤمنين ، وإيداع للمنافقين ومن بقي من المشركين . على أن آيات أخرى خوطب بها أهل الكتاب ونحوهم فأكدت بأقل من هذا التأكيد كقوله تعالى : { يأهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيراً مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفوا عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين } [ المائدة : 15 ] وكقوله تعالى : { يأيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نوراً مبيناً } [ النساء : 174 ] فما زيدت الجملة في هذه السورة مؤكدة إلا لغرض أهم من إزالة الإنكار . "
الطاهر ابن عاشور-التحرير والتنوير-
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب