2015/11/17
شيخنا الغزالي... رحمك الله تعالى بواسع رحمته، وأجزل لك الثواب فيما خلّفتَ... ولله درّك من عالم لم يكن يخشى في الحق لومة لائم، فماكن يُداري، وما كان يُماري...
كتابك "فقه السيرة"، وهو الذي لا يغادرني، ولا أنفكّ لما فيه قارئة، يقدّر الله أن أعود بسبب من أسبابه سبحانه لمقدّمته من جديد، فأسعد، وأنا أقرأ لحكيم بين الحكماء، يُحسن وهو ينقد، ويُحسن وهو يقول قولة الحق، ويُحسن وهو يوازن، وهو يحفظ لقامات العلم مقاماتها، ويُحسن وهو يُخالف عالما، فلكأنّما تقرأ لمحبّ يرفِق ويلين وهو يذكر -للحق وبالحق- عن رأي من يحبّ، المخالف لما يرى... لله درّهم من أصحاء، أكفاء...
يقول كلاما صريحا، قويّا، لعمري إنني لأرى منه المتشدّدين، والمتفيقهين، والذين حُسبوا على السلف، موريات قدح النار الأَكول، ولكنّه يقوله، محتسبا، غير آبه بالشرر منهم يعقبه الشرر يعقبه الشرر كالقصر يأتي على الجوهر وهو يقدّس المظهر، فيُسلس الكلام لينقاد إلى ما يريد سهلا مقنعا موفّيا ....
مقدّمتان اثنتان هما عندي بمقام سنيّ من الحكمة والعلم، وتعلوان بصاحبيْهما فتعرّفان بهما وبمقدارهما قبل ولوج عوالم خيرات كتاباتهما النابضة، إحداهما للقطب رحمه الله وهو يتفيّؤ الظلال الوارفة من القرآن، والأخرى للغزالي وهو يقدّم لفقهه سيرةَ المصطفى صلى الله عليه وسلم ...
فليعد من أمكنه العَود إليهما، فإنهما لدرّتان من الدّر المكنون ....