المحرر موضوع: صفحة أسماء  (زيارة 84643 مرات)

0 الأعضاء و 10 ضيوف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6547
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: صفحة أسماء
« رد #400 في: 2017-03-31, 15:07:16 »
2016/09/03
سألتها عن حالها كالعادة، وهي التي تعدّ الشهر الخامس من حملها الأول ..وقد تبين أنه ولد حسب آخر صورة صوتية... :)

أجابتني أنها بخير... لا بل وأخيرا قد اختارت لجنينها اسما ... :D

استغربتُ تسميتها إياه..😊
فقد كنا -قبل سفرها- كلما التقينا نتجاذب أطراف الحديث، فيأخذ من تلك الأطراف جلّها حديثُ تسميته...
نطوّف بين أسماء الذكور في اللغة العربية الفصحى، تريد له اسما مميزا ... رنانا... جديدا ..ذا معنى ... جميلا...جذابا ..😑

فنطُوف ونطُوف، ونقطع فيافي اللغة وحضائرها،  وصاحبتي لا تحطّ في حاضرة ولا تُنيخ في فيفاء، ولا ترضى بواحد منها، وفيها الجميل والفصيح والمميز وذو المعنى ...
ولكنها لا ترضى ... !!

يبدو لها ولدها أسمى من كل تلك الأسماء... يبدو لها لا سميّ له ولا نظير ... :)

نتعب ونحن نسمّي، ونبحث، ونتملّى الاسم  فإذا هو الفصاحة والمعنى ..
وأشتقّ لها من كلمات القرآن اسما، ومن كل جميل اسما، ومن كل المعاني السامية اسما... وأترنّم بمعاني الأسماء، وأستشعر حلاوتها، فلكأنني في دنيا من السحر والجمال أسعى.. :)

ولكنها لا ترضى ... !!

فإذا ما وجدْتُني أعود من ذلك العالم الفسيح الفسيح بخُفّي حُنَيْن، مُجهَدة...شرعتُ أسمّي لها خبطا وخلطا لعلّها ترضى ... 😊

ولكن هيهات هيهات ... أيرضى بالذميم مستنكفٌ عن جميل ؟

ولكنّها منّي حالُ مَن استوفتْ مع صاحبتها تعرض من باب العقل ما يقضي حاجات وحاجات... فلمّا لم تجد لحاجتها قضاء من ذلك الباب... لم يبقَ إلا باب الخلط تطرقه لها.. لعلّها تجد فيه مطلبها ... !! 😏

أخيرا وجَدَتِ الاسم ؟ أكاد لا أصدق ...

بل كدتُ أركن إلى أنّ ذلك الولد المسكين من فرط حبّ أمه  سيولد ولا اسم له ...

أو سيولد وتُضطر لتسميته، فتعطيه ساعة الاضطرار اسما كالأسماء، اسما كأي اسم...
وكم شقّ شاقٌّ على نفسه، وأوصد دونها كل باب حتى إذا اضطُرَّ تمسّح بأي شيء وقد كان مستكبرا عن كل شيء... !

 لعلّ مصير المولود الموعود هو هذا، من فرط الحبّ يبقى بغير اسم،  وكأنّنا ما طفنا ولا سعينا، وكأنّ زيدا المُثخَنَ بالجراح ما غزا وما غشي الوَغى .. !

وكأن كل تلك الرحلات في دنيا الأسماء الفصيحة الجميلة كانت خيالا وسرابا ونقشا على ماء ...

أخيرا وجَدَتِ الاسم ؟ أخيرا أسمتْه... أكاد لا أصدق..

- وما أسميتِه ؟!!

سألتها وأنا أترقب جوابا يشقّ عُباب أذني شقا، ويخترق عقلي اختراقا كمن يقول لي : ويحكِ حسبتِ رحلتك في دنيا الأسماء العربية الفصيحة رحلة "بَطُوطيّة" لا يُشقّ لها غُبار !
ويْحكِ كيف يغفل عن هذا الاسم من جدّ وبحث وأوغل في كلمات العرب .. ! ويْحكِ كيف تدّعين ؟!

- لقد سميتُه : 🌠 "نجم" ..🌠

نجم ؟! الاسم الجذاب، الرنان، المميز، نادر الذكر والوجود... !  نجم ؟!

تساءلتُ، واستغربتُ، وتحسرتُ على ساعات الجدّ والبحث، والإبداع، والإسماع، والإغراق والاشتقاق، والتذوّق والتفنّن، والتشويق، والصراخ بين حين وحين باسم ذي وقع ورنين ... و "وجدتُها !!" كأنها "يُورِيكا" أرخميدس في عصرها ... 😱

نجم ؟! ... وما "نجم" وكيف "نجم" ؟ ولمَ "نجم" ؟

قالت : أجل نجم...
وبدأتْ تقصّ عليّ قصة نجمها ..

قالت: بينما كنت في سفري القريب، وفي ليلة ظلماء أسري، تطلّعتُ ببصري إلى السماء وهي صفحة سوداء، سوداء ما بها إلا نجم واحد لامع.. لامع ..

كم كان لامعا ذلك النجم، كم كان مميزا، كم بدا جميلا، كم زيّن السماء، كم أضفى على الظلمة من بهاء وضياء ... !

عندها أيقنت أن ولدي الحبيب كمثل ذلك النجم اللامع، الجميل. البهيّ، وحده ...
وحده زيّن السماء كلها..  وحده أضاء في تلك الظلمة...

عندها أيقنتُ أن ولدي الحبيب من سيزيّن حياتي، من سيضيئ ظلمتها... من سيلمع في حياتي لمعان ذلك النجم الواحد في سماء تلك الليلة الظلماء... :)

أما أنا... فلقد خُيّل إليّ أنني أسمع شاعرة ساحرة... أسمع أديبة أريبة ...

لا.. لا .. بل لقد كنتُ أسمع أمّاً متيّمة بولدها...
متيّمة بمن لم يولد بعد، فكيف إذا وُلِد ... !

أسمع أمّاً يُغني حبها عن فيافي الفصاحة وحضائرها...
يسمو على المعاني وسموّها ...
يمتاز عن كل مميّز ...

أسمع أُمّاً، هذا وليدها الأول... هذا إحساس الأمومة فيها أبلغ من البلاغة ... أقوى من القوة.. !

أسمع أُمّاً سحرتني كلماتها، كما لم تسحرني معاني الأسماء، ومغازي الأسماء... :)

أسمع ما جعلني أعِدُها أن أكتب عن حبّها، عن أمومتها.. عن كلماتها العميقة .. العميقة ... وعن شعرها من غير تكلّف الشعراء، وعن نثرها من غير تصنّع الأدباء... :)

ويكأنّ الأمومة وصفٌ فوق الوصف، كلام يغني عن الكلام، صوتٌ يُخرِس كل ذي صوت.. نبض يختلج به صدر الحياة ...

🌠نجم 🌠...
أجل إنك بما قالت أيها الاسم حقا لأروع الأسماء :)
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6547
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: صفحة أسماء
« رد #401 في: 2017-03-31, 15:08:10 »
2016/09/08
في خضمّ الزحام، وبين ناس وناس... كلّهم إنسان ...👪 👪

لا فرق بين أحدهم والآخر... لا فرق بين من اقتنى الباهظ الثمين، وبين من اقتنى بالبخس الزهيد ...

هذا أبٌ، وتلك أمّ ... وذاك ولد، وتلك بنت ...👪

كلّهم شَغَلهم الدخول المدرسيّ، وصارت لُغَتُهم بمفرداته... بين "مسطرة"، و"قلم"، و"كراسة"، و"ممحاة"، و"مبراة"...  📏🎒✂📖📐📝

ولكلّ حادث حديث... وإن هذه أيام هذا الحديث ...

وبين مَن يطلب، ويطلب، ويطلب، ويُملي على المُلبّي حاجاتِه ...
ويا وَيْح المُلبّي ... !!

وقد غدا ريشةً في مهبّ الرياح ... فريحٌ تطوّح به ذات اليمين، وأخرى تطوّح به ذات الشمال ...

لا تكاد تراه ساكنا هامدا ... وكأنّه ساعتها قد صُنع من مادة  "الاضطراب"، فلا هو الذي جَنَّ على عقله ليل سرمديّ ... ولا هو العاقل الذي تعرف له حركات العُقلاء ...  😇

تتعالى أصوات الأطفال فرِحةً بالمقتنيات الجديدة، وكأنّهم لم يعرفوا للأدوات يوما شكلا ولا رسما، فهُم صُنّاع الفرح وصُنّاع الأعياد ... 👫👫

ولَيْتَ شعري.. كيف لا يكون عامهم الجديد بكل ما فيه من جديد عيدا سعيدا، صُنّاعَ الأعياد ...!

ليت شعري ... أرى أيامي الصغيرة فيهم، وأرى أعيادي التي كنتُ أصنعها، أياما كانت بلون البراءة، وأعيادا كانت بنكهة الفرح القلبيّ العميق ... 🎆

أياما كنتُ أركض فيها مزهوّة بأقدام تطير بي، وتقفز، فتنقلني من الأرض إلى عَنان السماء، ولكأنّ الأرض والسماء عندي صِنوان لا يفترقان، وكأنهما الجارتان لا البعيدة عن البعيدة ...

وكأنّهما سماء وسماء، فهذه سماءٌ للفَرَح الطائر أبدا ... وتلك سماء للطائر الفَرِح أبدا ...!!

وبين سماء وسماء حياة الطفولة ... :)

أيا أُصَيْحابي أما اشتقتُم لتلك الحياة ؟!!

تتعالى أصواتهم، وتقفز الكلمات من أفواههم، ومع الكلمات تقفز أرواحهم ...

صوت رقيق، وآخر رقيق، وآخر أكثر رقة...
وتأتأة ولثغة، ولثغة وتأتأة...
فالمسطرة تغدو "مِثطرة"، والقلم يغدو "كلم" والمبراة قد تتمدّد بفعل حرارة ضربت الحروف عندهم فتغدو "مبْبْبْبْبْبْبْراة"  :)

أما الأولياء .... !! فيا وَيْح الأولياء .... 😱

يالنا من مُتعبين نحن الكبار...
يالنا من مُفارقين دنيا السعادة بلا شرط، واللامابالاة والعيش بلا تفكير في القضايا وفي أمهات القضايا وفي بنات القضايا ...!!

الأولياء ؟ ... إنهم.. فيما أبناؤهم يصدعون بأصواتهم كالقويّ المِقدام الباسل الضرغام ، يلبسون الجديد، ويقتنون الجديد، ويستقبلون الجديد ... هُم ... يا ويْحَ "هُم"  ... :)

يتخافتون، يُخفون عن صاحب المكتبة ضجرهم من المَطالب والمُطالِبِ، يتظاهرون بأنّ الأمر عليهم هيّن، وهو عليهم عظيم ... ولكنّ السيل يبلغ الزُّبى، فيُسفر منهم ما جاهدوا لإخفائه ...

يُسفر في تذمّر خفيّ بَيْنِيّ ... في نظرات مُحدّقات وعيون جاحظات يصَوِّبُونها نحو أبنائهم ...

أو ربما في وخزة بيدٍ تنقلب الإبرة الواخزة في جنب ابنه أو ابنته...
أو في دَوْس القدم الكبيرة على القدم الصغيرة، فالحرب تحتيّة مخفيّة خلف  الطاولة العارضة والسلام فوقيّ ظاهريّ كدأب الحروب تحت الطاولات والسلام فوقها ... !!

والبائع في انشغال وغفلة يظنها الوليُّ دائمة، ولكنّها التي لا تدوم... :)
فهي بين الحين والحين تنقلب انتباهة، ليرى البائع ما لا مناصّ من رؤيته، والعين ترمق الأشياء كعادة العين لِما خُلِقتْ...فلا لَوْم ولا تثريب ... :)

فتكون مبعث الضحكة المُجتثة من الأعماق المُنْهكة...:D 

وكأنّ البائع المسكين وهو يلبّي ويلبيّ كاللولب الذي لا يستقرّ، يأتيه المُتنفَّس ليُذهب من تعبه الكثير، وليجدّد نشاطه وهمّته ...

ذلك ممّن استحيا منهم أن يُظهر ضجره ...

أمّا غيرهم فيطفح الكيل بهم، فتراهم كالسلاح الماضي الذي يُشهَر بوجه العدوّ، فيتذمر، ويُزمجر، وينظر لابنه شَزَرا، يكاد يلوكه بأسنانه.. 😈

ولكنّ الأطفال ... لله دَرُّ الأطفال ...لله دَرُّ الأطفال ...!!!

 شُجعان أبطال لا يَرْعَوون، لا يُخَوَّفون، ولا يَقتُل الفرحةَ فيهم تهديدٌ ولا وعيد ...  !!

ألا شيئا من إرادتهم وعزمهم وصمودهم  يُباع فنشتري ... :)

والأولياء ؟! ويْح الأولياء ...
إنك لتجد أحيانا من يُمسك بتلابيبه الثلاثة والأربعة والخمسة من الوِلدان، كلّهم ينهش منه جزءا، كلّهم يريد... ولا يُريد إلا من ذلك الواحد الوحيد أبيهم ...
فأعانك الله يا أباهُم ... :)

وبينما الحال هو الحال، هذا منهمكٌ مع الآلات يحسب، وذاك ملبٍّ يلبي للطالبين...  وأصوات، وأمزجة...
وجوّ من الجدّ والهزل يجتمعان ...إذ برجل يدخل ....رجل لا كالكلّ ..!!

لا كمَن طلب، ولا كمَن تعالى صوته، ولا كمَن خفتَ وبَهت، ولا كمَن زمجر وتذمّر ... ولا كمَن دارت عيناه دوران الذي أعجزه الطلب ، وأعيتْه حاجة هي واحدة من حاجات وحاجات يقضيها...

دخل ذلك الرجل متكبّرا ... متعاليا ... وكأنما هو الجبل والناس مِن حولِه حجارةُ سَفْحِه ... !!

يتكلّم وكأنما كلماته الدُّرر يستكثر أن يلقيها، فإذا أُلقِيَت،ْ خِلْتَ نفسك المُرغَم المغرمَ المثقَل بدفع ثمنها وقد أُلْقِيَتْ إلى أذنَيْك تلقفانها ... 😏

فسارِعْ... سارِعْ يا ملتَقِف الدُّرر ... سارع وادفَعْ ...
ادفعْ وإن لم تكن تقوى على دفع ثمن قلم وممحاة ... فإنك المُرغَم لا البطل ... وهذه اللآلئ المنتظِمات، وهذا الدُرُّ المنثور من فم ذلك الرجل الموفور ....!!

التفِتْ عن ابنك الصائح بكَ : "يا أبتِ أريدها ... أريدها " ...

والتفِتْ أيها البائع عن الكلّ ... وعن حساباتك ... وعن ضحكاتك المنفِّسات ...
وانصبَّ كُلَّكَ على ذلك الرجل الموفور ...
كيف لا وهو يلقي بدُررِه بين يديك ... ما أكرمه !!
ما أكرمه بائع الكلمات الدُريّة !!!

رأيتُه وكأن الأرض تحمله وحده، وكأنّ الدنيا ملكُه وحده ...
وبينما هو كذلك ... وقد شذّ عن جمع هو الكلّ مع الكلّ، هو الفرد مع الكلّ... هو الناس، هو السواسية كأسنان المشط ... هو بالغاضب بينهم والراضي، بالصائح بينهم والصامت...

كلهم ذلك الكلّ المندمج، ذلك الكلّ المتشابه وإن اختلف ...

ذاك الذي أنا منه وهو مني .... ذاك الذي هو أنا وأنا هو ... سواسية على الأرض، سواسية في الدنيا ... سواسية في الفرح كما في الهمّ ...

وبينما هو كذلك ما فتئ أن دخل خلفه رجلٌ بسيط .... جارُنا البسيط، المتواضع ... !

يلقي السلام ويبتسم ... ويُحدّثنا بالكلمات المتواضعة، بالكلمات البسيطة، بالنبرة التي نعرفها وتعرفنا عن ابنه "بُبُّو"  :D وهو ذلك الحذِق، الفطِن الذي تولّى عن أبيه هذا العام مُؤنة إخوته، فتكفّل بمصاحبتهم، وباقتناء الأدوات لهم بدلا عنه ... :)

"بُبُّو" هو ذلك الصغير الكبير الذي علّمَتْه حاله البسيطة المتواضعة أن يحذو حذو الرجال وأن يخاطبك كما الرجال، وأن يشتري كما تشتري الرجال فلا يُفْرِط ولا يُفرِّط ... رجلٌ هو "بُبُّو" وإن كان صغيرا ... صغير هو "بُبُّو" وإن بدا كما الرجال ..

وعندما سمعت تلك الكلمات ... وهو يُشيد بيده الطُّولَى معه هذا العام، لا تغادر البسمة وجهه، مُفتخرا به ... وددتُ لو كان بمَلْكي القيام إجلالا للرجل البسيط، وهو يقف خلف الرجل المتكبّر بائع الكلمات الدريّة !! وعيني لم تعد ترى المتكبّر إلا صغيرا، صغيرا ... والبسيطُ بعينيّ كبيرٌ كبير ...

رأيته وهو الذي أعرفه، وكأنني أعرفه من جديد.. أعرفه أكثر .. أعرف وزنه قياسا بالمتكبّرين ...

كم بدا لي كبيرا ... وكم بدا لي جميلا ابنُه "بُبّو" ...
لم يدرِ أنّه الذي يستحق الإجلال ...لم يدرِ أنه الذي يستحقّ التقدّم وإن تقدّمه الذي يبيع كلامَه بيعا ولا يرى له ثمنا ..

 لم يدرِ أنه كان الصُّعَداء تنفستُها من خنق ذلك الرجل المتعالي ...

إنه ابن الأرض الذي تحمله الأرض لا السماء ... كما أنني ابنتها ... فهو منها وأنا منها، وما خُلِقنا إلا منها، وما مآلنا إلا إليها ...

وبدأتُ أسمع من جديد تلك الضوضاء المحبّبة، وكأنها النغمات المتناسقات، المُتّسقات وقد قطعها لِحِين نشازُ المتكبرين... 

من أصوات البُسطاء المندمجين في "كلّ" لا فرق فيه بين غنيّ وفقير ... فيهم الميسورون حالا نعمْ ... ولكنهم الذين لا يتكبّرون ...فهُم مع غيرهم كما غيرهم ...

فيا أيها المتكبّرون ... إنكم لن تخرقوا الأرض ولن تبلغوا الجبال طولا ...

وإن المتواضعين هُم أهل الاحترام والتجلّة والتقدير ... وإنّه لن يقدّركُم ولن يتمسّح بكم إلا كلّ متملّق، يريد مصلحة بين المصالح... فلتهنؤوا بهم، وليهنؤوا بكم ...

أما أنا فإنّ "بُبُّو"  وأمثاله عندي هم الأعلَوْن َ  وإن بعتَ ما بعتَ من دررك يا بائع الكلمات الدريّة  !!
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6547
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: صفحة أسماء
« رد #402 في: 2017-03-31, 15:08:58 »
2016/09/09
ثلاث شقيقات.. كلهنّ صمّاوات بكماوات ..
فقدن الأب والأم... جاراتنا هنّ ..

لا يسمعن شيئا ولا يستطعن الكلام، ولكنهنّ يصدرن أصواتا على وزن الكلمات التي يردن قولها ... !!

آية من آيات الله تعالى في الذكاء والفطنة والنباهة .. !!  والإيمان .... !!

مدرسةٌ هنّ ... كلما زرتهنّ .. في كل مرة أعود أدراجي وكأني التلميذة التي أخذت درسا جديدا.. درسا وعتْه وفهمتْه ...

مدرسةٌ هنّ ... وكلما هممت بالكتابة عنهنّ، تعثر قلمي، ودروسهنّ كثيرة، فلم أعرف أيها أكتب عنه أولا، وأيها أكتب عنه لاحقا ...

مدرسةٌ هنّ ... وأي مدرسة !!!   ومن المدارس ما كان من غير كلمات ... وما كل المدارس بناطقة :)
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6547
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: صفحة أسماء
« رد #403 في: 2017-03-31, 15:09:52 »
2016/09/13
من طرائف عيد هذا العام .. 😄

خروف يسقط من الطابق الرابع لبناية... كان صاحب الشقة قد ربطه بأعمدة شرفته التي لم تكن محصنة بالشكل الكافي .. مما سهّل على الخروف اعتلاءها وتردّيه من ذلك العلوّ ...

تردّى الخروف بشحمه ولحمه وصوفه وثقله إلى الأرض... ومن لطف الله تعالى أن لم يقع على أحدهم.. لم يقع على طفل.. !!

والأطفال في ذلك اليوم التاسع من ذي الحجة تغصّ بهم الشوارع، وبفرحهم، كلٌّ بكبشه الذي بات فردا من أفراد الأسرة، يشاركه مسكنه، بين من يقصّ حكايات اعتنائه به، يعلفه، ويسقيه كأحسن ما يعتني بالخراف راعٍ...

ومن يزور بيت صديقه ليرى خروفه، ومن يُعدّ العدة للصبح القريب واليوم الموعود، ومن يُعرب عن أسفه وحزنه لفراق لا يطيقه سيقضي به سكين الذبح الذي لا يرحم ... :(

من لطف الله تعالى أن لم يقع ذلك المتردّي على أحدهم ..

هبّ الناس سراعا، والتفوا حول الأضحية "الضحيّة" كبيرهم وصغيرهم، وجموع الصغار تغشاهم ...
وهم يتنادَون :
"خروف انتحر.. خروف انتحر ..خروف انتحر .." 😱😰😨

ويعلو صوت من الصغار يغدو أصواتا منهم في لحظات تردد:
"لا يجوز.. لا يجوز.. " 👳👳

بمعنى أنه لم يعد جائزا للتضحية به، وذلك يبدو إجماعا من فقه المُفتين الصغار  :)

وهبّ الكبار، يدركون رمقا فيه، يدركون أنفاسا أخيرة فيه.. فذبحوه.. وجازت ذبيحة للأكل لا أضحية ... 👍

وهو سبحانه القائل :
{حُرِّ‌مَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ‌ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ‌ اللَّـهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَ‌دِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ} -المائدة:3-

"والمتردية" ... "إلا ما ذكيتم"

وهكذا هي حال من أحوال تطرأ على الأضحية حواها القرآن، ويسّر المولى بجوازها، بإدراكها وذبحها قبل موتها ..

وجازت للأكل.. جازت .. أيها المفتون الصغار ...👳 😂👳
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6547
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: صفحة أسماء
« رد #404 في: 2017-04-06, 12:34:26 »
2016/09/17


في عَرَض سورة المائدة، وتحديدا في قوله تعالى :

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " -المائدة: 90-

تذكّرتُ قول أحدهم وهو الكاتب والسياسي، والمثقّف المسلم، مع قول غيره أيضا من أمثاله، أنّه ما من تحريم للخمر في القرآن، بدعوى أنّ لفظ التحريم لم يرِد بشأنها فيه...!

ولا يغيب عنا أنّ هؤلاء من مُنكري السنّة، ولَيْتَهُم إذ أنكروها لم يُؤوّلوا القرآن بأهوائهم ومُشتهياتهم وأباطيلهم، وهو وحده كافٍ في بيان تحريم الخمر ..

وإنّ الذي لا يوغل مع القرآن ومع لغته، ولا يكون له منها زادٌ لَيَنظُر إلى كلام هؤلاء وإن استشْنَعَهُ واستفظعه، فلا يجد بما يردّ، وكأنّ القائل بهذا جاء بالمُفحِم، وهي عادة هؤلاء المتأولين، الذين يَلوُون المعاني، ويتحذلقون، ويقصدون إلى تحميل كلامهم المنطق والعقل وهو أبعد ما يكون عنهما ...

وكنت قد كتبت من قبلُ شيئا عن بيان هُرائه، وكما عادة القرآن وأنت تقرأه في كل مرة ولّادُ معانٍ، أحاول بعون الله أن أضع جديدا حول هذا الموضوع، أرقُمُه على التوالي:

🔶🔷1🔶🔷 "إنما " أداة تفيد الحصر والقصر، بمعنى أن الموصوف بعدها يقتصر على تلك الصفة لا غيرها، وقد كانت صفة الخمر مع المذكورات الثلاثة معها "الرجس". والرجس هو الخبث والمستقذر .

فهل جاء القرآن ليبيح الخبيث، ويزيّنه أم ليحرّمه ؟
وهو سبحانه القائل: "الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ..." - الأعراف: من 157-

 🔶🔷2🔶🔷التفاتة دقيقة جدا ومميزة لابن عاشور كعادته في تفسيره، أحب أن أذكرها، يبين فيها انحصار الخمر على "الإثم" من بعد ما كان في سورة البقرة من ذكر الإثم الكبير فيها مع المنفعة، يقول، وأرجو التدقيق في قوله فهو فائق الأهمية والدقة:

((ألا ترى أنّ الله قال في سورة [ البقرة : 219 ] في الخمر والميسر { قل فيهما إثم كبير ومَنَافع للناس } ، فأثبت لهما الإثم ، وهو صفة تساوي الرجس في نظر الشريعة ، لأنّ الإثم يقتضي التباعد عن التلبّس بهما مثل الرجس . وأثبت لهما المنفعة ، وهي صفة تساوي نقيض الرجس ، في نظر الشريعة ، لأنّ المنفعة تستلزم حرصَ الناس على تعاطيهما ، فصحّ أنّ للخمر والميسر صفتين . وقد قُصر في آية المائدة على ما يساوي إحدى تَيْنِكَ الصفتين أعني الرجس ، فما هو إلاّ قَصْر ادّعائي يشير إلى ما في سورة [ البقرة : 219 ] من قوله : { وإثمُهما أكبر من نفعهما } ، فإنّه لمّا نبّهنا إلى ترجيح ما فيهما من الإثم على ما فيهما من المنفعة فقد نبّهنا إلى دحض ما فيهما من المنفعة قُبالة ما فيهما من الإثم حتّى كأنّهما تمحّضا للاتّصاف بـ: { فيهما إثم } [ البقرة : 219 ] ، فصحّ في سورة المائدة أن يقال في حقّهما ما يفيد انحصارهما في أنّهما فيهما إثم ، أي انحصارهما في صفة الكون في هذه الظرفية كالانحصار الذي في قوله : { إنْ حسابُهم إلاّ على رَبِّي } [ الشعراء : 113 ] ، أي حسابهم مقصور على الاتّصاف بكونه على ربّي ، أي انحصر حسابهم في معنى هذا الحرف . وذلك هو ما عبّر عنه بعبارة الرجس .)) انتهى قوله.

🔶🔷3🔶🔷أضيفَ إلى صفة "الرجس": "من عمل الشيطان" ، وهو هنا تلبّس، إذ أنّ الشيطان من عمله تزيين الخمر للناس لتعاطيها، فيكون عمل متعاطيها من عمل الشيطان .
فهل يُعقل أن تصنّف الخمر هنا بالمباحة على المسلم وهي رجس ومن عمل الشيطان ؟!

والله القائل سبحانه:"إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ۚ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ"-فاطر:6-

🔶🔷4🔶🔷 قُرِنت الخمر بثلاثة أمور كلها من جاهلية سدَرت في الظلام حتى جاء نور القرآن، وهي الميسر والأنصاب والأزلام، وخاصة منها الأنصاب، وهي النُّصُب التي كانت تُذبح عليها قربات الجاهليين للآلهة، فتساوت بهذا الخمر مع الأنصاب، ومن قال بعدم حرمة الخمر، كمَن قال بعدم حُرمة الأنصاب والآلهة !

 وقد قال تعالى في النُّصب:"وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ۚ ذَٰلِكُمْ فِسْقٌ"-المائدة:4-

وقد فهم هذا المعنى الصحابة رضي الله عنهم فور نزوله، قال ابن عباس : لما حُرِّمت الخمر مشى رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعضهم إلى بعض، وقالوا: حُرِّمت الخمر، وجُعِلت عِدْلاً للشرك: (أي معادِلةً ومساوية للشرك). رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح..

وجاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد في مسنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أنَّ مُدمِنَ الخمرِ إذا مات لَقي اللهَ كعابدِ وثَنٍ" -المحدث : الهيتمي المكي ، المصدر : الزواجر،الصفحة أو الرقم: 2/136 ،خلاصة حكم المحدث : صحيح-

🔶🔷5🔶🔷 "فاجتنبوها"  مع هذا الفعل (الأمر بالاجتناب)، يتسلّل المتسلّلون أصحاب الأهواء والضلالات يظنون أنهم يجدون شيئا، وإنما هم  كمَن يُلقي بنفسه لحَتْفه .. :)

لفظ التحريم في القرآن لم يقتصر على : "حرّم"، بل جاء التحريم صريحا بألفاظ أخرى كثيرة: كلعن فاعله، أو الوعيد على فعله بالنار، أو ذكر أنه من الكبائر، أو الإخبار بأنه رجس… إلخ.

 وقد جاء التحريم ب"الاجتناب" في مواقع من القرآن، كقوله تعالى :
"ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ ۗ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ ۖ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ"-الحج:30-

"وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ..." -النحل: من الآية 36-

كما استخدم لفظ الاجتناب في ترك كبائر الذنوب والآثام، قال تعالى: "إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم. "-النساء:31-

وقال تعالى: "الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللّمم"-النجم:32-

فليقل هذا القائل إذن وأمثاله الذين تكاثروا كتكاثر الطفيليات السامّة  أنّ الطاغوت غير محرم، وأن الأوثان غير محرّمة !!

🔶🔷6🔶🔷ومازلتُ مع الآية ذاتها لا أخرج منها إلى تاليتها، وفيها وحدها الخير الكثير : "لعلكم تفلحون" تعلّق الفلاح باجتناب هذه المنهيّات، ومن لم يأخذ بتحريمها فإلى خسار وبَوار ..

وإنّ في هذا لكفاية ليتبيّن صريح تحريم الخمر من القرآن وحده فماذا إذا زدنا ما في صحيح السنّة، ولكنني قبل صحيح السنة،  أعدو إلى الآية الموالية وهي قوله تعالى :

"إنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ ۖ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ"-المائدة: 91-

🔶🔷7🔶🔷 "إنّما" أداة القصر والحصر مرة أخرى، وهذه المرة لوصف ما يريده الشيطان من تزيينه الخمر للإنسان، كما زيّنه لهذا المتقوّل وأمثاله ..
إنه يريد أن :

🔹 يوقع بين المؤمنين العداوة والبغضاء .
🔹يصدّ عن ذكر الله .
🔹يصدّ عن الصلاة .

وبالقصر والحصر، فهذا ما يريده من شرب الإنسان للخمر لا غير.
فهل في هذا أدنى لمحة تشير إلى أنّ الخمر مُباح وغير محرّم في القرآن ؟!!

🔶🔷8🔶🔷 "هل أنتم منتهون"
وهنا أقف وقفة، لأنه لا يُستبعد أبدا أن يطلع علينا من يطلع ليقول أنّ الله تعالى بعد كل ذلك البيان إنما يسأل سؤالا، ومن يجيب له أن يجيب بالإيجاب أو بالسلب، بمعنى أنّ لمجيبٍ أن يجيب عن سؤال الله تعالى بـ : "لا" ...

وهذه واحدة من التأويلات الهوائية التي لا أحب تفويتها، فلنبسط في معنى قوله تعالى عزّ من قائل:  "فهل أنتم منتهون" .

في الحقيقة قد قالها قبل متقوّلي عصرنا، متقوّلون في عصور قديمة، وهذا لنفهم كم أنّ هذه الدعاوى وهذه الخلطات الهوائية إنما لها دائما أصول وجذور لمن يبحث ...

قالها عمرو بن معد يكرب فيما روي عنه أنه ردّ بـ : "لا" وبقي على شرب الخمر بعد تحريمها النهائي في هذه الآية ..

يقول الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير :
((فهي لاستفهامٍ مضمَّن تحقيقَ الإسناد المستفهَم عنه وهو { أنتم منتهون } ، دون الهمزة إذ لم يقل : أتنتهون ، بخلاف مقام قوله { وجَعَلنا بعضَكم لبعض فتنة أتصبرون } [ الفرقان : 20 ] . وجعلت الجملة بعد { هل } اسمية لدلالتها على ثبات الخبر زيادة في تحقيق حصول المستفهم عنه ، فالاستفهام هنا مستعمل في حقيقته ، وأريد معها معناه الكنائي ، وهو التحذير من انتفاء وقوع المستفهم عنه))انتهى قوله.

والفرق شاسع بين الجملة الاسمية والفعلية، إذ الاسمية تفيد ثبات الخبر وتأكيده أكثر من الفعلية، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، ولننتبه لقوله : "المعنى الكنائيّ" وهو الذي يحمل التحذير، التحذير من انتفاء الانتهاء عن الخمر مع السؤال .

كقولك لمدخّن مثلا: إن للتدخين مضارا بيّنها العلم، وبسطها للناس، وإنّ مضار النيكوتين كيْت وكيْت، وإنه يؤدي للإصابة بالعديد من الأمراض والأزمات الصحية كالسكتة القلبية والجلطة الدماغية وأمراض الجهاز التنفسي وسرطان الرئة، بالإضافة إلى مشاكل صحية أخرى وبالتالي الوفاة المبكرة، وإن  العلم بيّن وفصّل وقال، وإنّ الشواهد من مآلات المدخنين كذا وكذا، وانظر إليها بعينيك ...ووو...

ثم تُردف كل بيانك بقولك له : "فهل أنت منتهٍ ؟" 

فهل أردتَ بعد كل ما بينت، السؤال وحسب؟ أم أنك أردت به التحذير من كل ما ذكرت له من مضار ؟
هذا هو المعنى الكنائيّ للسؤال، حتى لا يتأول متأوّل، ويتقوّل متقوّل ...

🔶🔷9🔶🔷 ثم إن القرآن، -لو دققنا- قد نصّ على تحريم الخمر بلفظ التحريم، قال تعالى: "قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ.." -الأعراف:من33-

فالإثم حرام، والله تعالى يقول عن الخمر: "يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير.." -البقرة:من219-

فإذا كان الإثم حراماً، وكان في الخمر إثم كبير، كانت النتيجة أن الخمر حرام، وهذا واضح، كما هو مصرح به في الآيتين.

🔶🔷10🔶🔷 دائما في إطار أنّ هذه الأقوال الصارخة التي نحسبها جديدة تنزل علينا منزل الصواعق، إنما هي أقوال قديمة تتجدد ..

قيل : إنّ قُدامَة بن مظْعون ، مِمَّن شهد بدراً ، ولاّه عُمر على البحرين ، فشهد عليه مَن شهد بشرب الخمر. فلمّا أراد عمر إقامة الحدّ عليه قال قدامة : لو شربتُها كما يقولون ما كان لك أن تجلدني . قال عُمر : لِمَ؟ ، قال : لأنّ الله يقول : "ليس على الذين آمنوا وعَملوا الصالحات جُناح فيما طعموا إذا ما اتّقوا وآمنوا وعملوا الصالحات" - المائدة : 93 -
فقال عمر : أخطأت التأويل إنّك إذا اتّقيت الله اجتنبت ما حَرّم عليك»

وبهذا نرى كيف أنّه أوَّلَ الآية التالية للآيتَين أعلاه، على أنه لا إثم على من طعم وشرب، إن كان من المتقين، ولكن عمر رضي الله عنه مع عقله المتزن، ومنطقه القويم عرف كيف يُفحِمه ... إذ كيف يكون متقيا من لا يجتنب ما حرّم الله تعالى، والخمر مما حرمه .
⏩⏪⏩⏪⏩⏪⏩⏪⏩⏪⏩⏪⏩⏪⏩⏪⏩

🔶🔷11🔶🔷 مما أحب أن أطرحه أيضا مع هذه الآيات البيّنات، البيّنات بمعنى أنها واضحة، لا يُضيرها تأويل المتأوّلين لتبدو وكأنها الغامضة، وإنما سَعْيُهم هو المدحوض المردود بالمنطق والبيان. 

قوله تعالى مباشرة بعد آيتَيْ تحريم الخمر في المائدة : "وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا ۚ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ "-المائدة:92-

عندما تتأمل هذه الآية، وأنت قد عرفت مُراد الله بعظيم بيانه لحرمة الخمر...
أنها الرجس من عمل الشيطان، وأنها المقرونة بالأنصاب في الحرمة، وأنها التي يتخذها الشيطان مرتعا له في سعيه لزرع البغضاء، والإبعاد عن ذكر الله، وعن الصلاة... بعد كل هذا البيان من الله تعالى ... يأتي أمره بطاعة الله، وبطاعة "الرسول"...

وكأنّ الله تعالى يُرشد المؤمنين إلى اتباع سنّته، إلى اتباع طريقه الذي سلكه صلى الله عليه وسلم، اتباع ما قال هو في الخمر بعد أمر الله، واتباع ما فعل بعد أمر الله فيها، واتباع أحواله مع الصحابة بعد أمر الله فيها .... اتباع سنّته ...

لا يكفيكم أن تتبعوا القرآن، وإنما تتبعون السنة معه، وهي المفصّلة للقرآن، الشارحة له، المطبّقة لتعاليمه...

ويأتي من يأتي ليقول أنّ صيغة "التحريم" لم تكن في القرآن، ومع تهافُتِ دعواه هذه، إلا أنّ الله يدعو إلى اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم وما قال في الخمر، وتجد في هذا الأحاديث الصحيحة على أشكالها، تبيّن تحريم الخمر، بالتفاصيل، إذ:

📌📌لقائل أن يقول مثلا أنه ما دام من يشرب قليلا لا ينقلب حاله إلى مبغض، وناسٍ للصلاة، أو مُخلِطٍ فيها، فليشرب... هنا تأتي السنة لتبين فيما لا يدع مجالا لتأويل أنّ "ما أسكَرَ كثيرُه فقليلُه حَرَامٌ"

📌📌وقد يقول متأول من عصرنا مثلا، إن الذي حُرّم في القرآن هو الخمر لا المخدّر ، فتأتي السنة لتصف وتشفي بعبارة في صحيح مسلم : "كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام"

📌📌وقد يتقوّل متقوّل، وإن أقرّ بتحريم الخمر في القرآن، وهو يُنكر السنة وحجيّتها أنّ الأمر يخصّ شاربها، أما بائعها وعاصرها فأين الدليل على حرمة فعله؟ !

ولذلك تجد التفصيل في السنة لا في القرآن..

"عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ وَهُوَ بِمَكَّةَ: “إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ” رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وأبو داود في السنن.

"عن ابن عمر قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلم: “لَعَن الله الخمرَ وشاربَها وساقيَها، وبائعَها ومبتاعَها، وعاصِرها ومعتصِرها، وحامِلَها والمحمولَةَ إليه" رواه الترمذي وأبو داود في سننهما وابن حبان في صحيحه وأحمد في مسنده عن ابن عباس.

وفي السنة تجد هذه التفاصيل التي تُحيط بالحالات، حتى يكفّ المتقوّلون، وإلا فما حال من ينكر السنة مع هذه الأسئلة التي لن تجد لها في القرآن جوابا؟!

تأملت موقع هذه الآية الداعية إلى طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم مع طاعة الله، مباشرة بعد آيَتَيْ تحريم الخمر،  فوجدتُ ورودها إعجازا في الإعجاز ...
تكون في هذا المقام تحديدا، لتحيل المؤمن إلى أحضان السنة النبوية فتفصّل له، وتمدّه بالأجوبة مع ما كان من حال الصحابة والقرآن يتنزّل فيهم ليكونوا المثال الحيّ المتحرك لتطبيقات القرآن الكريم وهُم البشر الذين جرتْ عليهم حالات البشر، فكانوا يسألون، ويوغلون في الأسئلة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجيب بالتربية المحمدية المستمدّة من النور القرآني ...

فهل جاء ليربيهم وحدَهُم، أم جاء لتنتقل تربيته للنموذج البشري الأول مع الرسالة المحمدية، إلى باقي الأجيال إلى قيام الساعة ؟

وهذه كانت تأملات في آيات تحريم الخمر، من القرآن يكفي بيان تحريمها، أما من السنة، فتفصيلات تضع حدا للتأويلات والتقوّلات، ببيان تحريم مفصّل لها مع كل حالة ...

واللهَ نسأل الثبات على الحق، وأن ينفعنا.
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6547
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: صفحة أسماء
« رد #405 في: 2017-04-06, 12:35:15 »
2016/09/18
أيها الآباء.. أيتها الأمهات..
ويا أيها المؤهّلون للزواج ولتكوين الأسر ..

ربُّوا أبناءكم أنّ لهم رأيا يرونه... ربوهم على إبداء آرائهم..
وإن كانت آراؤهم غير سويّة، أبدوا احترامكم لها، ثم ناقشوهم، وبيّنوا لهم الخطأ فيها، وكيف يكون الصواب...

اجعلوا الأمر وسطا، فإن المبالغة في كلّ شيء تعطي الشطط وتنتج الفساد ..

والوسط أن تعلّموه الأدب أولا معكم وهو يقول رأيه، فلا يقوله بفظاظة، أو بألفاظ لا تليق بالأدب مع الوالِدَين... فإنه إذا تعوّد على الغلظة معكم كبُر غير آبهٍ لبِرِّكم ...

علموه أن الأدب معكم لا يمنع من إبداء الرأي، وأنّ الإدلاء برأيه لا يمنع من تأدبه معكم...كلاهما يتماشيان..
 
فليست الشطارة أن يحذق الابن وهو ينأى عن أدبيات التعامل مع الوالدين، كما أنه ليس من حسن التربية وقِوام السلوك أن يكون مِطواعا في كل شيء، يتعود أنّ إبداءه رأيا مآله تعنيف وضرب وتحقير، فيشبّ على إيثار الصمت والانصياع على الإهانة والتجريح..

تحرّوا الوسطية، فهي لُبُّ التربية القويمة...
ولا تبخسوا أبناءكم حقهم في أن تكون لهم شخصيات مستقلة، قوية، واثقة، غير مهزوزة..

وكله بأيديكم...!!

كما أنه بأيديكم أيضا تصنعون المهزوز، ضعيف الشخصية، ضعيف الرأي أو عديمَه..

بأيديكم تصنعون "الرجل" الخانع الذي تتحكم به زوجته، فإن هي أمالتْه يمينا مال يمينا، وإن هي أمالتْه شمالا مال شمالا ... وإن أمرتْ سمع وأطاع، وإن نهت انتهى، لا يلوي على شيء، لا يعرف في نفسه رأيا ولا موقفا..

والناس.............!!

ما أسرع ما يلحظ الناس الرجل التابع لزوجته !!
ما أسرع ما تبرز صورته المقيتة لكل ذي عين.. !!

بأيديكم تصنعون "المرأة" المُنصاعة، الضعيفة، الخانعة التي يستغلها زوجها أسوء استغلال، فيهينها وتقبل، ويقضي بما يشاء وما يريد ولا يحسب لها حسابا إلا كما يُحسب لخادمة البيت، ولا يستشيرها في أمر، ولا يتوقع منها رفضا أو اعتراضا أو رأيا مشاركا ...

وربما ساعةَ تُدلي بشيء، هي تلك ساعة نهاية أمرها، ومُنتهاه ..!! تلك التي تعودت على الخنوع وعلى أنها وقطعة الخشب التي تحمل ثقلا بالبيت سواء ... !
فإن هي نطقت يوما استدعت حتفها بأنفها .. !!

تلك التي قد يستغلها زوجها غاية الاستغلال حتى يفتَكّ منها إقرارا وتوقيعا بكتابة بيتها الذي هو لها من حُرّ مالها باسمه .. ويفتكّ من راتبها الشهري النصف يلهو به هو كما يحلو له ويطيب.. كحال الابن المدلّل الذي لا يُسأل فيمَ يبعثر مالا ليته كان له ..!!

لا تلوموا أولادكم بعدها، ولا يحملنّكم ما ترون من حالهم مع غيركم على الحزن والشقاء..

فأنتم من صنعتم منهم أولئك الخانعين .. قليلي الرأي، عديمي الرأي أينما يُسيَّرون يَسِيرون ...وكيفما يُوَلَّوْن يُوَلُّون... !
أبيض عيون الغير بأعينهم أبيض، وأسودها بأعينهم أسود... لا يرون إلا بأعين غيرهم ..

أنتم من تصنعون صاحب العين التي ترى، وأنتم من تصنعون صاحب العين التي لا ترى إلا بأعين غيرها ..

أنتم من تصنعون السائر المُسَيِّر وأنتم من تصنعون الخانع المُسيَّر...

إنهم إذ يعيشون أتباعا لغيركم يُعيدون سيناريو حياة كانوا لكم فيها تبعا بلا أدنى رأي .. !

فتحرّوا الوسطية، وعلموهم أنّ لهم رأيا يُحترم ويُناقش، وقد يُؤخذ به... على أن يكون بأدب يليق بمقام الأبوة والأمومة ..
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6547
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: صفحة أسماء
« رد #406 في: 2017-04-06, 12:36:19 »
2016/09/19
حينما نستدلّ بشاهد لقضية ما، فإن استدلالنا يكون صحيحا إذا انطبق ذلك الشاهد على حالة القضية

فما بالك إذا كان هذا الاستدلال بشاهد من أعظم مصدر وأدق مصدر وأصدق مصدر، من القرآن الكريم ..

فإذا كان الاستدلال بشاهد من القرآن لقضية لا توافق ذلك الاستدلال، بل في الأمر اجتزاء يوافق ما يُراد الوصولُ إليه، لا ما يُراد من حق..فذلك خطأ ..

انتشر فيما نقرأ، على صفحات التواصل الاجتماعي، وعلى الكتب، وفي كتابات الكثيرين الاستشهاد بقوله تعالى : " بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا" أو " حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ۚ "

وكل هؤلاء يستدلّون بهذه المقاطع من الآيات المتواجدة بالقرآن الكريم لنشر ما يريدون نشره عمّن يحترمون علم علماء الأمة القُدامى، وعقولهم، وما  صنفوا ونظموا في علوم القرآن والحديث والفقه...

يتهمون من يعرف لهم قدرهم بالانحباس في بوتقة القُدامى، وبتقديسهم، وأنّ الحال يستدعي الانعتاق من الموروث، والتبرؤ منه ..

هنا نقف وقفة عقلانية، منطقية... وإنني كثيرا ما تأملت بُعد الاستدلال بذلك المقطع عن الحقيقة ..

"آباؤنا" الذين يتهمون كل من احترم علمهم ونهل منه، وانتفع به بالتقديس والتيبّس والتحجّر، والجمود ..كيف كانوا ؟!

🔶أكانوا "لا يهتدون" ؟
🔶أكانوا "لا يعقلون" ؟
🔶أكانوا "يعبدون غير الله" ؟

علماء الأمة القُدامى كانت هذه صفاتهم ؟ !

ذلك أنك إذا بحثت في عَرَض القرآن الكريم وجدت كل ما ورد بصيغة "آباءَنا" أو "آباؤُهم" هي هذه صفاتهم : كفارا، عُبّاد أصنام وأوثان، يدعوهم الشيطان إلى عذاب السعير..

فما موطن الشبه بين أولئك الآباء الضالين وبين آبائنا ؟!!
ما وجه الاستدلال بالحديث عن آباء لا يعقلون، ضالين مضلين من غير علم ولا هدى ولا كتاب منير،  على مؤمنين، علماء هُداة، مهديّين، عقلاء ؟!!

هل هذا من الحق ؟ وهل هذا من الإنصاف ؟

على اختلاف مستويات الداعين للتجديد، بين أدعياء، أو دعاة تغريب، أو محاربين للتراث..
أليس من التدقيق، والعدل والقول السليم أن نتأمل أن الله تعالى في عرض الحديث عن تمسك الأبناء بدعوة الآباء إنما عنى الضالين يتمسكون بدعوة الضالين ؟!

وتأمل من قوله تعالى كأمثلة ما أميّزه بنقاط  :

🔷 {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ۗ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ 🔹لَا يَعْقِلُون🔹َ شَيْئًا 🔹وَلَا يَهْتَدُون🔹 َ [البقرة : 170

🔷 {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ۚ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُم🔹ْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا 🔹وَلَا يَهْتَدُون🔹َ} [المائدة : 104]

🔷 {قَالُوا وَجَدْنَا 🔹آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِين🔹َ} [الأنبياء : 53]

🔷 {قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ} [الشعراء : 74]

فلنتأمل أحوال هؤلاء الآباء، فإذا هم:
🔹لا يعقلون شيئا
🔹لا يعلمون شيئا
🔹لا يهتدون
🔹عابدون للتماثيل وهو ما جاء في سؤال إبراهيم عليه السلام لقومه.
🔹يفعلون ما فعل آباؤهم من عبادة لما لا يسمع ولا يبصر كما جاء في سؤال إبراهيم عليه السلام لقومه ...
" أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون" هذا الاستفهام الاستنكاري ألا يبين أن اتباع من كان يعقل ويهتدي ليس كاتباع من لا يعقل ولا يهتدي.. ؟!

فبالله عليكم، هل هذه استدلالات سليمة لمن يريد الحديث حتى عن الاجتهاد والتجديد المقبولَين والمستساغَين، فيلوم من يُعرض عنهما مثلا ؟!

ويشاء الله تعالى أن أقع اليوم على شيء وأنا أقرأ وجدتُه يعضّد ما ذهبتُ إليه أعلاه من تأمل لازَمَني منذ زمن كلما قرأت هذا الاستدلال من أحدهم، وذلك في عرض قوله تعالى :

" {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ۚ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ} [المائدة : 104]

يقول ابن عاشور في التحرير والتنوير عن الآية، وعن الاجتهاد والتقليد :

" لأنّ هذه الآية في تنازعٍ بين أهل ما أنزل الله وأهل الافتراء على الله ، فأمّا الاجتهاد والتقليد في فروع الإسلام فذلك كلّه من اتّباع ما أنزل الله . فتحميل الآية هذه المسألة إكراه للآية على هذا المعنى" .انتهى قوله.

فكل من الاجتهاد والتقليد في الإسلام اتباع لما أنزل الله ..

فلننتبه أن أولئك "آباء" من أهل الافتراء على الله، وهؤلاء "آباء" على هدى من الله، وفرق بين اتباع ضال، وبين اتباع مهتد ... ورغم ذلك كله لا يخلو الأمر من أخذ ورد، ونحن نعلم أن كلا -ما عدا رسول الله صلى الله عليه وسلم- يؤخذ منه ويُرد، فلا يكون الاتباع مثلا لآباء من أهل البدعة فهؤلاء يدخلون في معنى "لا يهتدون" في الآية.. أو لأهل السفسطة مثلا، وهؤلاء يدخلون في معنى "لا يعقلون"

وكثير ممن صار ذلك استدلاله  إنما غالبا نقل عمّن قرأ له هذا الاستدلال دونما تدقيق وتمحيص في الفرق الشاسع بين أولئك وهؤلاء... ! وشتان ... شتان بين آباء وآباء !!
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6547
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: صفحة أسماء
« رد #407 في: 2017-04-06, 12:37:24 »
2016/09/20
حدث خطأ هذا العام بكتاب "الجغرافيا" من مقررات تلاميذ المستوى المتوسط(ما بعد مرحلة الابتدائي)، فكانت هبّة هي من حسنات الشعوب حينما تثور من فعل واعٍ يزرع وعيا فيحصد اتباعا مُجتمعيّا فيما هو إيجابي...

كانت هبّة محمودة هبّها المجتمع مع بداية هذا العام الدراسي، بعد التفطّن لذلك الخطأ الذي يستحقّ الهبّة (خريطة سياسية عالمية تغفل اسم فلسطين، قيل رسميا أنها هفوة جراء نسخ الخريطة من على النت) ... مما اضطر السلطات للاعتذار الرسمي على كل الصُّعُد، ولاتخاذ الإجراءات اللازمة لمراقبة وفحص كل الكتب المدرسية المطبوعة هذا العام..

التقيتُ معلمة، فسألتها عن آخر الأنباء، فأخبرتني أنّ تعليمة وزارية صارمة بلغتْ سلك المعلمين والمديرين، تقضي بالفحص الدقيق لكتب كل المواد المطبوعة...

قالت معقّبة، منتقدة لهذه التعليمة : ليس هذا من مهامي، هذا آخر ما بقي لأهتم به !! الوزير.. فليقم هو بهذا ... ما شأني أنا ؟!! 😕😟

سألتها، وأنا أفهم لامبالاتها بالموضوع، وكأنما أخاطب في الأمر مَن ليست أهله .. 😱

وكأنني سألتُ حلاقة وهي تُرَجِّلُ شعر عروس 👰💇 عن مآلات الصراع العربي الإسرائيلي، أوعن عواقب عودة المياه التركية الروسية إلى مجاريها.. !  أو عن رأيها بشأن استماتة "بشار" والعازفين على أوتار قيثارة بقائه.. !!

وما أنا سائلة إلا معلمة عن شأن تعليمي تربوي دقيق يهم المجتمع، يمسّ أبناءها من قريب جدا ..

سألتها: أما تابعتِ الاعتذار الرسمي للسلطات المعنيّة من أعلى مستوياتها البارحة على نشرة الأخبار الرئيسية ؟

أجابت بحال الواثق مما يقول، المستهين بموضوع السؤال : ليس لديّ أي وقت لمتابعة شيء، أعود من المدرسة فإذا ابنتي الصغرى صارخة، باكية تحتاج أكلا ورعاية ... ثم ألتفت لهذا، ولتلك من أبنائي...
ليس لدي أدنى اهتمام بهذا ... 😕😟

مربية أجيال، وأبناؤها منهم...
مستقبلهم، فِكرهم، مصيرهم، ما يريدون زرعه فيهم من فكر مسموم عبر كتبهم، هذا هو الموضوع الذي ترى هذه "المعلمة" أنه لا يهمها ... وأن آخر ما توليه اهتمامها أن تفحص كتب مقررات هي مقدمتها لتلاميذها ...

لا يهمها فِكر الجيل، ولا ما يُراد به ... !!

معذرة أيتها المعلمة... نعم أُكبِر فيكِ صدقا وعدم ادعائك مُلك ما تفتقدين من فِكر وتفكير، ونظر..

أُكبِر في الكلّ أول ما أُكبِر الصدق، فعديم اهتمامات وانشغالات وأفكار صدوق، خير من مدّعي فكر كذوب...

 ولكن .......... !!

أجل... أعلم أن رعاية أبنائك وتلبية حاجياتهم، ومطالب الزوج، وشؤون البيت أولوية...

ولكن عذرا فِكر أبنائك وفكر جيل هو الأمانة بين يديكِ، الأمانة التي تتقاضين شهريا راتبا يتيح لك تلبية حاجيات أبنائك لقاء تولّيك تدريسه  أولى ثم أولى ثم أولى... !!

عذرا أيتها "المعلمة" إنها قضيتك قبل أن تكون قضية أي كان غيرك ...

عذرا فلا عذر في هذا لكِ وأنت ترين أن أولى الأولويات آخر ما يهمك ..!!
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6547
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: صفحة أسماء
« رد #408 في: 2017-04-06, 12:38:32 »
2016/09/24
صيحة من صيحات التطبيب من غير علم...
تارة هو "الطب البديل" وتارة هو "طب الأعشاب" 🌾💐🌵
وهكذا، صيحات، وحكايات، وتزكيات...

أنّ فلانا قد بَرِئ من مرض استعصى على الأطباء... وأن عِلانا كان لا يقوى على شيء، ولم يُجدِ معه دواء طبيب وهو اليوم في أحسن حال... 👂

أما تلك الأخرى، فلو رأيتَها لرأيتَ المعجزة فيها متحققة، وهي التي كانت تُحمل على الأكتاف، فهي اليوم تمشي على قدميها بعدما يئست من أن تعاود المشي يوما... 👂

- يوووه أما سمعتم بها ؟! إنها امرأة عِرّيفة تداوي بقرصة النحل !! 🐝
بيتها الذي تستقبل فيه المرضى بالعشرات يعُجّ بالنحل المُرَبّى بين يديها يرعى عندها، في بيتها ... هي والنحل سكان البيت ... !!🐝🐝

- ماذا ؟ قرصة نحل؟ تداوي العِلل ؟
- أجل..... قرصة نحل، تأتيك بالنحلة من مرعاها، تقرصك على طرف من أطرافك اليمنى، يدك أو قدمك، ثم تأتيك بالنحلة الثانية تقرصك على طرفك المقابل الأيسر...
وتموت النحلة فور قرصك، ويُلقى بها ميتة، لتنبعث حياةٌ جديدةٌ بجسمك، حياة هي القوة تُذهب ما بك من ضعف، والصحة تُذهب ما بك من علة... فقط بقرصة!! 👍

وهكذا، وعلى هذا المنوال حديث الناس، وبهذه الحكايات يشتهر هؤلاء الأطباء الأفذاذ الأكياس، قاهِرُو الطب والعلم والأطباء ...!!
قاهِرُو كل النظريات والبحوث والكشوفات الطبية والعلمية، قاهِرُو كل الأمراض القاهرة ...
أي طب، وأي علم ؟ وأي جهود، وأي بحوث؟! وأي مخابر، وأي دقيق، وأي تدقيق؟!
وأي أدوية هي بالآلاف المؤلفة، والأسماء المنوّعة ؟؟!
وأي جوائز وأي تكريمات لمكتشفي علاجات البشرية العليلة ؟؟ 💉💊

لو أنهم فقط سمعوا بصاحبة النّحل القارص ... لكُفُوا مؤنة البحث والتنقيب ... والتعلم والتعليم ... ولربوا النحل وبه قرصوا كل سقيم، ليغدو في لحظات الصحيح السليم ... 🐝

آآآه ....
ويذهب أحدهم ينقّب عن مكان الطبيبة القارصة بنحلها، ويكتشف بيتها، فيدخله، وتستقبله السيدة بقدّها وقديدها، فإذا هي المرأة الصلبة الواثقة، ذات المئزر الأبيض تحاكي به الطبيب الأريب ...
وحللتَ أهلا، ونزلتَ سهلا ....
وما تشكو يا سيدي ؟ ولتعلم أنني زيادة على النحلات والقرصات، أداوي بالأعشاب، وبالرقية، أرقي الرجال أنا يا سيدي ... !!

لا لا ... وأداويهم بالتدليك والتمسيد أيضا ...!! أجل أداوي بهذا الرجال والنساء، سواء بسواء...!!
وهل تعلم وأخبرك ؟ كان لي من قبلُ مرتادين كُثُر، أكثر مما هم اليوم، ولكن ذاك الرجل "....." الذي حسدني وغار مني فسحرني... مسحورة أنا يا سيدي ... ولولا السحر لكنت أكثر شهرة ...

والآآآآن .... أما آن بعدُ الأوان ؟
أيا إخوتي وأخواتي الأكارم الأفاضل ... إلى متى يلهو هؤلاء اللاهون بالعقول؟
إلى متى يتاجرون بعقول الناس، وليْت الناس عنهم ملتفتون ...
وانظروا كيف تقول بأن أحدهم سحرها، لربما هو الذي حذّر الناس منها، وبيّن عَوار ادعاءاتها ... فوصفته بالساحر ...

أجل سيدتي ساحر هو في عالَمكم كل مَن جاء بالحق والحقيقة ...
لماذا اللهث دوما خلف الخوارق، والخارقة هذه المرة، "قرصة نحل" تُذهب كل داء، وتُشفي من كل علة ... أهكذا هي الحقائق ؟

ما دور العلم إذن ؟ وما دور الإنسان في الأرض، إن لم يُخلق بعقل ليبحث، وينقّب ويكتشف، ويقرّ بنواميس وقوانين، ويعمل عقله لاكتشاف كلّ جديد من شأنه أن يساعد البشر، وينقذ البشر، ويعالج البشر ...
والأمراض المتعددة دواؤها واحد ؟!! عند أمثالها ما أسهل أن تلهو بالعقول، ثم بالأجسام، تفعل بها الأفاعيل ...

لا تصدّقوهم، لا تصدّقوا مَن يتحدى العلم والبحوث، والعلماء، ويدّعي أنه يشفي من كل داء ...
لا تُصدّقوا من يدعي علاجا بالطاقة، أو بالأعشاب والخلطات التي لا يعرف لمكوّناتها خاصية ولا عملا...

احترسوا إخوتي ... ولا تغرنّكم قصص القاصّين، المهوّلين الذين يتخيّلون الراحة والبُرءَ من وحي تخيّلهم للخارقة تحصل على أيدي هؤلاء ...
وكم مِن مصدّق لهُم ضاع ما بقي من أمل في شفائه واستفحل به الداء ... !!
إنهم التجار في هيئة الأطباء .... لا يهمّهم غير مال يجمعونه من عقول تصدّق بالخوارق ... !!
فلا تكونوا لُقمتَهم السائغة، ولا تكُنْ عقولكم مصدر ثرواتهم الطائلة ... !
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6547
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: صفحة أسماء
« رد #409 في: 2017-04-06, 12:40:23 »
2016/09/27
الآباء والأمهات،  ... وشخصية الأولاد..

كثيرا ما يعمل الآباء والأمهات عن غير قصد على فرض شخصية على طفلهم بدل العمل على التربية التي تسمح لذلك الإنسان الذي سيشبّ وسيكبر ولن يبقى صغيرا، بأن تكون له شخصيته الخاصة ذات الملامح الخاصة، ذات السّمات الخاصة ...

كثيرا جدا ما يعمل الآباء والأمهات على رسم شخصية أبنائهم، حتى من حيث لا يشعرون، يمسكون بمقاليد الحكم والتربية والتوجيه إمساك الجلاد بسوط يُسلطه على جسد مجلوده...

إلى الحدّ الذي يفرضون فيه تلك الملامح وتلك السمات، إلى الحدّ الذي لا مساحة فيه للابن بل كل المساحة لهُم وحدَهم...

إلى الحدّ الذي تخال فيه سجّانا يراقب سجينه ويُحصي عليه حركاته وسكناته، فلا يتحرك إلا بما يأمر ولا يسكن إلا بما يأمر...وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا...

فيشبّ الطفل مزعزعا...ويكبر ولا ملمح لشخصية مستقلة فيه ... !

ما الضير عندما لا يُعجب الطفل بلون اخترتَه أنت ؟

ما المشكلة حينما يفضل لعبة غير التي اخترتَها أنت؟

ما المشكلة عندما تكون له موهبة لا ترى أنت فيها حلاوة ولا كبير معنى ؟

ما المشكلة في احترام ذوق عنده مغاير لذوقك ؟

شؤون صغيرة تبدأ معهم صغارا، ولكنها تميّز الواحد من أبنائك عن الآخر، كما تميّزه حتى عنك أنت والده
، أو عنكِ أنتِ والدته ...

عندما لا تنظر لهواية هو ميّال إليها، نظْرَتَه هو المحبّ لها، فذلك لا يعطيك الحق أن تحرمه منها، أو أن تقلل من شأنها، أو أن تعيّره بممارستها...

إن ذلك عندك هيّن، وعنده هو عظيم عظيم، إذ أنك تجرحه جرحا عميقا في صميم تكوينه، وميوله، أبديتَ تسفيهك لاختياره، بل لما يحبّ ...!

عندما تكون كارها للشِّعر، فذلك لا يعطيك الحق أن تكره أن يحبه ابنُك...

عندما ترى الكتابة والتعبير فضولا، وتفلسفا وفراغا، فذلك لا يعني أن تسفّه ابنك وهو يهواها ...

عندما تكون خاوي الوِفاض من موهبة الرسم والتعبير به، فذلك لا يخوّل لك أن تسفّه رسوماتِه أو أن تجبره على تركه بحجّة دروسه ...فالتوفيق بين الاثنَيْن ممكن ...

فرق دقيق وعميق في آن بين التربية والتوجيه والتنئشة على المبادئ والفضائل والأخلاق الحميدة، وبين التسلّط إلى حدّ فرض الاختيارات والهوايات والميولات والآراء ...

حينما يكون ابنُك في الساحة الآمنة من عقيدته ودينه فلا ضير بعدها أن يختار غير ما تختار، وأن يحب غير ما تحب، وأن يرى غير ما ترى ...

وعندما يصرّ الطفل على رأي له، أو اختيار أو ميول، فلا تنظروا لذلك منه دائما على أنه التمرّد والخروج عن الطاعة، بل انظروا له من زاوية حرية يريدها لا ضير من إعطائه إياها وهي التي لا تمسّ معتقدا عنده أو مبدأ أو أدبا...

حريّة مكفولة له بحكم تركيبة شخصيته التي تأبى إلا أن تستمسك باختيارها وميولها ...

أفلا يكون الزهر بالبستان على ضروب وألوان، فيتناسق ويتّسق فهو البستان الزاهي الجميل الذي يأخذُ الألبابَ مرآهُ ؟

أليست الطيور على أشكالها، وهي التي كلها تطير ؟ وكلها تحلّق في رحاب السماء حرّة طليقة ؟

فلا تظلموه، ثم تطالبوه بالقوة وهو الذي أنشأتموه ضعيفا ... !!
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6547
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: صفحة أسماء
« رد #410 في: 2017-04-06, 12:41:18 »
2016/09/29
كُونوا مع الحق ولا تكونوا مع أولادكم وإن ظَلَمُوا ..

كم عرفتُ من أمٍّ تستثقل أن تُقِرّ بخطأ ابنها، وهي تعرف تفاصيل مشكلة ما، كان طرفا فيها ضد طرف آخر..

تعي جيدا أن ابنها المخطئ، ولكنها تقفز منحازة، تحاول جاهدة اختلاق الأعذار، ليبدو صاحب الحق... المظلوم لا الظالم ...

تكتم أنفاس الحق، وتنفخ في الباطل من روح باطلها المغلّف بزينة "الأمومة" ...
تشرّع بها لنفسها وتُفتي أن "ابني الحق والحق هو ابني" ...

إن الأمومة والأبوة تربية وبناء وإصلاح، لا تدليل وهدم وإفساد...

إنك إذ تقدّم الحق على ابنك، وتشهد بظلمه إن ظلم تصنع رجلا يمقتُ الظلم، ويقدّس الحق، ويُعليه ولو على نفسه... !

أمّا وأنت تقدم ابنك على الحق، فإنك تصنع الظالم بيديك، وقد ينقلب أول ما ينقلب ظالما، عليك أنت قبل غيرك ... !

ساعتها ارجِع القهقرى... وفتّش بين صور الذاكرة التي كانت يوما ما حاضرا، وستتعثّر خُطاك بتلك الصورة المَقيتة التي شهدتَ له فيها على حساب الحق، وصيّرتَه مظلوما وهو الظالم...!

تلك الصورة التي حسبتَها حلا...
حسبتها اليدَ المنقذة الممتدّة حبا...

وإنما أنت ترسم خطوطها المتعرّجة وتضع إطارها المعوجّ وكلُّه بعينك القويم، المستقيم... !

حتى أتى اليوم الذي أبصرتَ فيه التعرج والاعوجاج،  ...
أتى بعد فوات الأوان، وفَوْت الخلاص ...
ولاتَ حين مناص .. !!

أيتها الأم... ! أيها الأب...!

إن قمة الحب لابنك أن تربيه على أن الحق والعدل فوق كل مقام، وألا يظلم، وأنه ساعة يظلم هو الظالم لا المظلوم غصبا ...

وأنّ مَن أوقع عليه ظلمَه، وجب أن يعيد له حقَّه، وأن يسأله العفو والسماح، وما في ذلك انتقاص، بل رِفعة وارتقاء...

إن قمة الحب أن تصنعوا رجل حق وعدل لا أن تصنعوا سوط ظلم يُسلط على رقاب العباد...
ولا يُري الناس إلا ما يَرى ...
ولا يَرى سبيل غَيّه إلا سبيل الرشاد... !!

إن قمة الحب أن تربوا من يفكر بغيره كما يفكر بنفسه، فما أحزنهم أحزنه، وما أسعدهم أسعده، وما ضرّهم ضرّه، وما نفعهم سرّ قلبَه...

إن قمة الحب أن تروا الحق فوق البنوّة، ليُصنَع على أعينكم من يرى الحق فوق نفسه ...!

ولترنو الأمة المظلومة يوما لمَن يبعث العُمَرِيّة فيها فاروقا، لا يُظلَم عنده أحد ... !!
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6547
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: صفحة أسماء
« رد #411 في: 2017-04-06, 12:42:22 »
2016/10/01
في كتابه "التصوير الفني في القرآن" شدّني جدا، وصف سيد قطب للفرق بين القرآن وقد كان يتملاه صغيرا صورا، وبين القرآن وقد قرأ تفاسيره، فضَلَّتْ عنه تلك الصور البديعة التي كانت ملء خياله ... ولكن ما فتئ أن أعادها له تأمله للقرآن من القرآن ...

يقول :

((ودخلت المعاهد العلمية؛ فقرأت تفسير القرآن في كتب التفسير، وسمعت تفسيره من الأساتذة. ولكنني لم أجد فيما أقرأ أو أسمع ذلك القرآن اللذيذ الجميل، الذي كنت أجده في الطفولة والصبا.
وا أسفاه! لقد طمست كل معالم الجمال فيه؛ وخلا من اللذة والتشويق.
ترى هما قرآنان؟ قرآن الطفولة العذب الميسر المشوق؛ وقرآن للشباب العسر المعقد الممزق؟ أم إنها جناية الطريقة المتبعة في التفسير؟
وعدت إلى القرآن أقرؤه في المصحف لا في كتب التفسير. وعدت أجد قرآني الجميل الحبيب؛ وأجد صوري المشوقة اللذيذة. إنها ليست في سذاجتها التي كانت هناك. لقد تغير فهمي لها، فعدت الآن أجد مراميها وأغراضها، وأعرف أنها مثل يضرب، لا حادث يقع.
ولكن سحرها ما يزال. وجاذبيتها ما تزال.
الحمد لله. لقد وجدت القرآن. ))
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6547
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: صفحة أسماء
« رد #412 في: 2017-04-06, 12:43:32 »
2016/10/02
على قدر القوة الجِسميّة التي يتميز بها الرجل عن المرأة... فإن للمرأة أيضا قوةً فريدة...
قوة تتراءى ضعفا لمن ينظر مِن بعيد... وتُرى فريدة لمن ينظر من قريب ويتأمل ...

إنه يحمل الثقل بيسر وسهولة، تتكلف له هي المشقة والاعتضاد بكل نقطة فيها، تستجمع كل شَتات من قوتها لتفعل هي ما يفعل هو بسجيّة لا بتكلّف ..

في الخطوة يخطوها عريضة طويلة، وخطوتها إلى جانب خطوته إذا ما ترافقا ماشيَيْن، هي القريبة البعيدة، فهي ترى نفسها إن حاولت مجاراته تهرول أو تعدو بينما هو يمشي...
يرى نفسه ماشيا مرتاحا دون تكلّف سرعة ...

يدافع هو المُلِمّات المُداهمات إذا حلّت بجَلَد وقوة، بينما ترتعد فرائصها خوفا وهلعا ...

تبحث فيما تبحث فِطرتها عمّن تحتمي به، ولكنها لا تغفل في عزّ ضعفها وخوفها عن حَوْط أبنائها بجناحَيْها، تضمّهم إليها، تجمعهم إلى صدرها في قوّة فريدة ...!  فريدة ...!

أجل... فريدة هي قوتها... !

بقدر ما تتراءى ضعفا، بقدر ما تخبئ قوة ...

قوة ليست في الرجل... لم يجعلها الله في الرجل القويّ بالقدر الذي جعلها فيها تلك الضعيفة ...

هي في تلك الانحناءة على أولادها تضمّهم ضمّة الذاهل عن نفسه، المنتبه لكل ذرة فيهم، تمسح دمع الباكي، وتهدّئ من رَوع المُلتاع، ولا تنفكّ حاضنة...

هي في صبرها على وليدها الجديد يبكي طوال الليل، لا ينقطع بكاؤه، وهي المستيقظة التي لا تنام حتى ينام ...

والرجل مع كل قوته، لا يتحمل ذلك البكاء، لا يجد له في نفسه طاقة احتمال، قد يحاول مرة أو مرتين، قد يؤنس زوجَه المتعبة بكلمة : "هاتي عنكِ قليلا" ليحمل ذلك الرضيع عنها...

أجل.. قد يفعل إن هو جاهد نفسه ومَيْله للخلود للراحة والنوم، وأشفق على زوجه المُنهكة المرهقة...
قد يفعل ذلك في الليلة مرة ... قد يفعله مرتين ...

ولكنه لا يستطيع الثبات ...!! لا يستطيع المداومة ...

هي التي تثبت، وهي التي تداوم، وهي التي تقهر النوم فيها، وتقهر التعب فيها، وتقهر ميلها، ونفسها، وتتحمّل ...

لا تعدو عينُها عن ابنها ... بين جلوس به وهدهدة، وبين وقوف به وطبطبة، وبين جيئة وذهاب ...
تمشّط البيت به لعله يهدأ ...

فإن هدأ طاب لها هدوؤه لأجل راحته لا لأجل راحتها ...
 
وإن لم يهدأ استعدّت لتتكبّد المزيد من العناء ولا تفكّر بتعبها بقدر ما تتمنّى راحته بين يديها ... تهدهده وتقضي له حاجة وحاجة من حاجات تحسبها مُراده والمُذهبة لبكائه...

نعم... قد ينام الرضيع البَكّاء ...ولكنها تشفق أن تضعه من يديها لئلا يستيقظ مجددا، وقد صار نومُ عينِه أمنية من الأمنيات ...

تخاف أن تطير الأمنية المتحققة إن هي غامرتْ ووضعته من يديها ...

قد تبقى الليل كلّه ممسكة به بين يديها، إن هو نام أو إن جافاه النوم ...
وقد يتبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ... وهي الممسكة به بين يديها .. اليقِظة وهو النائم ..

ربما ظننتَ أن القصة بحبكتِها ليلة واحدة ...
وما أكثر ما تحوي من مشوّقاتٍ، قصةُ الليلة...

ولكنها ليلة تتلوها ليلة، تتلوها ليلة ...
وتتلو الليالي ليالٍ ...

حقيقة هي قصة ليالي الرضيع البكّاء ... 
وحقيقة هي الأم التي تعيد في كل ليلة فِعلها وصبرها، وجلدها... وتتجدد أمنيتها كل ليلة ...

ومع الأمنية يتجدد الفجر اللائح على وجنة الأمّ المُنهكة المأخوذة بالسِنة والسِنة والسِنة.. تُسقِط سِناتُها رأسها المُنهَك على وجنة رضيعها الحبيب الهانئ على صدرها ...

وما تلك إلا قصة ليالي الرضيع البكّاء ...
ووحدها تعرّف بتلك القوة الفريدة فيها ... !

فكيف بقصص وقصص وقصص مع الرضيع وهو يكبر ويكبر ويكبر...وتعبها لا ينقضي، وتضحياتها لا تنقضي.. وأمنياتها له لا تنقضي، وكلها لأجل راحته هو لا لأجل راحتها ...!

كم تحتاج كل تلك القصص من الكلمات لتصف تلك القوة الفريدة فيها تلك الضعيفة... ؟!

فمن مثلك يا أمـــــــــــــي ؟!!!
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6547
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: صفحة أسماء
« رد #413 في: 2017-04-06, 12:44:32 »
2016/10/03
اللهم صلِّ وسلم وبارك على الحبيب المهاجر من مكة بانيا إلى المدينة بانيا...

بنى النفوس بمكة لبناتٍ لبناء المدينة الشامخ ...
بناء دولة الإسلام ...

ويُحارَب الإسلام اليوم ويُحارَب من محسوبين عليه وهم أذناب أعدائه، كما من أعدائه ..
ولكنه سيبقى أبدا البناء الذي لا يُهدّ ...
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6547
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: صفحة أسماء
« رد #414 في: 2017-04-06, 12:45:15 »
2016/10/16
إن ((مع)) العسر يسرا.. إن ((مع)) العسر يسرا..

رائع أن ترقب في عزّ العسر وقلبه يسرا من ألطاف الله... ثم يسرا يرفّ على القلوب الموجوعة بلسما فيمسح عليها ويداويها، ويُشعرها بالرحيم يرحم وهو يقضي....

إن ((مع)) العسر يسرا..
إن ((مع)) العسر يسرا..
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6547
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: صفحة أسماء
« رد #415 في: 2017-04-06, 12:46:11 »
2016/10/18
ما بالنا نأخذ من الدين عنوانه وقشوره، ولبّ الدين العمل به .. لا التشدق به قولا ... ؟!

ما بال جلّ من يزور مريضا لا يعرف لتلك الزيارة آدابها وضوابطها وقواعدها ؟!!

فتجد أحدهم ينظر إلى المريض نظرة المتحسّر، الذي لا ينفكّ واصفا له بالمسكين، الذي لا يستحق ما عليه حاله، مدّعيا حزنا عليه أكثر مما يصدقه..
وحتى من صدقه فليتفاءل خيرا، وليبعث التفاؤل في نفوس من يزورهم ..
 
ألا يدري أن المريض وأهله سواء يحتاجون لكلمة طيبة، داعمة، مقوية، باعثة للأمل ؟!!

ألا يدري أن نظرة حسرة أو حزن قد تزيد الطين بلة عند المريض وأهله ؟! وأن ما عليه هو وأهله يكفيهم ولا يحتاج زيادة إثارة وتهييج ؟!

وأن الخيرية ليست في زيادة النكد والحزن والأسى، بل الخيرية في بعث الأمل والتذكير بقدرة الله تعالى على شفائه، وفي ابتسامة ومزحة خفيفة ودعابة ظريفة تبعث الأمل وتُذهب عن القلوب الغمّ... !

فما يدريك يا مَن تنظر لمريض طريح الفراش، مُنهك، بلغ به السقم مبلغه، وأخذ منه كل مأخذ، لعل الله يبعث فيه الشفاء والعافية...

فليس المرض علامة على الموت ولا دليلا، فكم  من سقيم عليل برِئ وطاب، وكم من سليم مات قائما أو قاعدا أو ضاحكا أو لاعبا ... !

فيا زائر المريض كن خفيفا في زيارتك، لطيفا في مقالك، باعثا للأمل، ذاكرا لله مذكّرا به وبلطفه ورحمته، ولا تكن ثقلا فوق من ناءت به الأثقال...

اترك خلفك رحمة ورَوحة ولا تترك خلفك تأففا ونَوءا بزيارتك..
فإن لم تكن حمّال أمل، مُدخلا للسرور على قلوب المؤمنين، فلا تزرْ أصلا وأنت تزعم ابتغاء الأجر بالإجهاز على قلوبٍ ما فيها من ألمٍ على حبيب قريب يكفيها ... !
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6547
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: صفحة أسماء
« رد #416 في: 2017-04-06, 12:47:13 »
2016/10/21
ليس الذكي من يفرط في إظهار انتباهه وتفطنه لكل شيء...  فمن الناس من يُظهر انتباهه لأشياء ويتعمد إخفاء انتباهه لأشياء...
فالأول يُظهر الذكاء، والثاني يَظهر عليه..
الأول متكلف ذكاء والثاني الذكاء فيه سجيّة...
والذكي من أحسن التفريق بين الأول والثاني .. !
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6547
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: صفحة أسماء
« رد #417 في: 2017-04-06, 12:48:48 »
201/10/28.  يوم قبل وفاة حبيبة الروح أمي تغمدها الله بواسع رحمته

قبل أن نسمي ذلك المكان الذي يؤمّه المرضى لعلل تصيبهم، لائذين بصاحب علم يُدعى "الطبيب" يسأل عن الأعراض فيُبطل العجب بالكشف عن السبب، ويجتهد في وصف العلاج الشافي..

قبل أن نسمي ذلك المكان "عيادة" أو "مستشفى" يجب أن يتوفر على شروط أولية أساسية، هي البُنية التحتية لمصداقية المكان ودوره الفعال ...

هذه الشروط تكاد تكون منعدمة في بلداننا، بلاد الإسلام التي كانت تسمي الطبيب "حكيما" من فرط ما عَرف العرب والمسلمون للطب دوره، والحاجة الماسة فيه للمعاملة النفسية اللازمة التي لا مناص من الاهتمام بها وإعطائها حقها مع حق الجسد...

قبل أن نسمي ذلك المكان "عيادة" أو "مستشفى"  :

💊 أين النظام اللازم الذي يَرْصُف الخطوات في مكانها المناسب ووقتها المناسب، فلا تعرف تعطيلا لمريض على حساب مريض آخر، ولا تعرف تأخرا في إسعاف مريض من تماطل ممرّض أو من تأخيره لفحوصات أولية -كفحوصات الدم- تُجرى في وقت مبكّر سابق للفحص الطبي..

💊 أين النظام اللازم والسرعة المطلوبة، وتواجد الأدوات واللوازم الطبية بحالتها السليمة التي لا تستدعي خلطا ولا أخذا من وقت مريض مُنهَك النظام والسرعة من عوامل راحته وتفادي إتعابه فوق التعب الملمّ به ؟!

💊 أين الأداء الاحترافي للممرض والذي يجمع بين السرعة والدقة والإتقان والمعرفة بدواعي التدخل السريع والحل المناسب للحالة المناسبة ؟!

💊 أين تتبع الطبيب المسؤول للممرض الذي يعمل تحت إشرافه، وإلزامه بالأداء المناسب لمهمته، ومحاسبته على أخطائه وتقصيره ؟!

💊 أين التعامل النفسي المساعد على راحة المريض من الممرضين ومن الطبيب على السواء ؟

💊 أين الابتسامة على وجوههم وهي الدواء قبل الدواء ؟!

💊 أي معنى للطبيب وطبّه وهو يَنْهر المريض ويعامله كما يعامل السجّان الفظُّ سجينه ؟!

💊 أي معنى للعيادة أو المستشفى والممرض ينظر للمرضى شَزَرا، ولا يكاد يردّ على سؤال إلا كما يرد الأعجمي على عربي لا يفهم من مقالته كلمة، بل ربما ردّ الأعجمي المهذب بالإشارة والاستفهام مبتسما.. بينما الممرض أو الممرضة تكاد تضرب المريض بسِياط نظراتها التي جمعت جامَ غضبها وحنقها على ما حولها لتصبها على المريض الذي لجأ باحثا عن دواء لا عن سوط لاذع ؟!

ومنذ أيام حدثتني قريبتي وهي الطبيبة بفرنسا، في زيارة لها لمستشفانا أن الابتسامة على وجه الممرض والطبيب عندهم قانون، يُعاقَب من لا ينفذه.. !
وأن الطبيب مُلزَم بعلاج المريض حتى وإن تجرأ على ضربه ... !

💊 أين قدسية الواجب الإنساني الذي لا يحول دون أدائه على وجهه الأسلم تلهّي الممرض أو الطبيب بتجاذب أطراف أحاديث الحياة، فتجد الممرضة تنشغل عن واجبها بالحديث عن الحُلِيّ وعن جديد صيحات اللباس ! أو تجد الطبيب وهو لا يطفئ جوّاله والمريض معه ينشغل عنه بحديثه مع صديق أو قائم له بشأن من شؤونه الخاصة... ! والمريض المسكين "ينتظر" ... !!

💊 أين الإنسانية اللازمة في الطبيب المداوي، وهو المُلزَم بنفع المريض، فإن لم يكن بدواء لا يألو جهده في وصفه، فليكن برقة وابتسامة وتهوين عليه تجعل منه المرتاح لطبيبه قبل أن يرتاح بدوائه ...

قبل أن نسمي ذلك المكان "عيادة" أو "مستشفى"
أين كل هذا أساسا للبناء الإنساني كما هي اللبنات أساسٌ لقوام بناء المكان .. ؟!

لا مقام للطب دون الإنسانية فيه...
ولا قيمة للمكان دون وجود "الإنسان" فيه .. !!
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6547
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: صفحة أسماء
« رد #418 في: 2017-04-06, 12:50:22 »
2016/11/08.  أحد عشر يوما بعد وفاة الحبيبة الغالية أمي جعلها الله من أهل الفردوس الأعلى.

كانا بابَيْن إلى الجنة مفتوحَيْن...
فأما أحدهما فاسمه "أبي" وأما الآخر فاسمه "أمي" ..

أُوصِد دوننا باب أبي من أربع وعشرين عاما، وأوصِد دوننا باب أمي من أحد عشر يوما ...

بأيدينا واريْنا أغلى وأحب مخلوق الثرى..إلى مثواها الأخير ...

تغمدك الله برحمته الواسعة يا أمي، وطيّب ثراك وأعلى مقامك، وأكرم نُزُلكِ، وأدخلك في عباده الصالحين... وأسعدكِ ونعّمكِ وأبدلك عن مقامك في قلبي بالفردوس الأعلى ...

إلى رب رحيم كريم رحلتِ يا حبيبة القلب..
إلى رب لا يضيع عنده عمل...

ربي إني استودعتكَ أمي وأنت أرحم الراحمين ...
إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا : "إنا لله وإنا إليه راجعون"

ولطالما كنت أقف عند أبي وأمي، فلا أحسن معهما التعبير... وما أزال أقف...

ربِّ ارحمهما كما ربياني صغيرة...
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6547
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: صفحة أسماء
« رد #419 في: 2017-04-06, 12:51:43 »
2016/11/22

اللهم كما لم تحرمني ابتسامتها الدُريّة الدافئة، وقلبها العامر حبا الذي لم يتبدّل عليّ يوما، وأحبني بكل عيوبي، وعينها الملأى حنانا وشوقا لا ينقضي، ولمساتها الحانية، وقُبُلاتها الحارة...
فلا تحرمني لقاءها في مقعد صدق عندك ...

أمي الحبيبة تغمّدك الله بواسع رحمته... ومتّعك بسابغ نعيمه...
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب