أيامنا الحلوة

الساحة العامة => :: كشكول الأيام :: => الموضوع حرر بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-10-03, 12:39:28

العنوان: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-10-03, 12:39:28
هي مكتبتي ....
"مكتبة السّراج المنير"  تيمنا بالحبيب صلى الله عليه وسلم السراج المنير  emo (30):....
مكتبة متواضعة بها من الكتب ومن اللوازم المدرسية والمكتبية المختلفة للصغار وللكبار وللمكاتب .ملاصقة لبيتنا إذ هي محل وجزء منه .مقاربة لعدد من المدارس ...

منذ أكثر من أربع سنوات هي عملي الخاص البديل عن العمل الحكومي في مجال الحاسوب، هي باب من أبواب الحرية التي طفقت أبحث عنها ، من أبواب الانعتاق من روتين العمل الحكومي القاتل للحركة وللتغيير وللعمل مع المجتمع .وربما هي ثمرة حبي للتجارة الذي ورثته عن أبي الذي كان تاجرا رحمه الله، وذلك ما يقول به كل إخوتي .....

أقضي بها من ساعات يومي الكثير وخاصة في فترة الدخول المدرسي التي تعتبر ما تزال قائمة  حتى يومنا في ميزان التجارة والاختلاف النوعي بينها وبين سائر فترات العام الدراسي ...

يختلف عليّ فيها من كل فئات الناس ، والأطفال بينهم بنصيب الأسد فائزون.... آباء أمهات، شباب وشابات ....... و شيب

كلهم يترددون على المكتبة لقضاء حاجة من حوائج المدرسة أو القراءة أو الكتابة أو العمل المكتبي .....

هي وسيلة اتصال واحتكاك واقعية تعطي من المؤشرات المجتمعية الكثير، وتلقي من تفسيرات الطابع المجتمعي الكثير، وتجعلك بمحل السابر لأحوال المجتمع والأسرة والتربية  ومخططاتها التصاعدية والتنازلية ، وتمكنك من معرفة الأسباب بطريقة أقرب وأصدق و أسلم، وتوقّع النتائج، وتجعلك تفكر في البديل والحلول  وفي اختيار الطريقة الأجدى والأنفع والأكثر واقعية .

أحزن فيها تارة وأفرح فيها تارة أخرى، أقيس فيها درجة حرارة مجتمعنا، فأستبشر حينا بفكر أم أو أب يربيان، وأحزن أحيانا كثيرة لفراغ أم وأب لا يباليان أأفلح ابنهما  أم خسر، وليس للأمة من مفردات في قاموس حياتهم الأجوف !!....... sad:(

فكرت كثيرا ومرارا أن أكتب وأحتفظ بمواقف حصلت لي فيها، أو بدروس تعلمتها منها، أو بآهات وزفرات أطلقتها فيها على حالنا ولكنني لم أفعل ...... وكان يلهيني عن ذلك في كل مرة ما يلهيني .....

فرأيت أن أجرب هذه المرة وأبدأ لعل الأول يغريني لحفظ الثاني والثالث .......لعلّ ، ربما ....سأجرب  ولن أعد بالمواصلة لأن وقتي غير مستقر وتأتيني انشغالات تأخذني ، فلا أحب أن أعد .....

وسأبدأ بقصة قريبة منذ أيام قليلة كانت معي في هذه المكتبة ..........و من مكتبتي أكتب لكم  emo (30):
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-10-03, 12:53:29
بيني وبينها كان ذلك العارض الزجاجي بعرض المكتبة بين الرفوف اليمينية والشمالية،  يستقيم معه المرء الَّربْعَة فتطاله يده بلا انحناءة ولا اشرئباب ، يحمل على رفوفه الزجاجية مستلزمات مدرسية تشد أنظار الصغار وتجتث ابتسامة الكبار لغرابة أشكالها وجمالها ..... emo (30):

كانت قصيرة القامة طبيعةً لا صفةً ، إذ كانت طفلة من أحسن الأطفال وجها وصوتا، ومن أكثر من عاينَتْ نفسي رقة و احتراما لمن يكبرها سنا ....
عَدَّت من زهرات ربيع عمرها البِكر ثماني، بدت بعينيها الجميلتَين المَهَا  وبأهدابها الطويلة المعقوفة  كأشعة شمس أشرقت  على وجهها  الصبوح الملائكي  آية من آيات الحُسن والجمال ....

على استحياء كانت تسأل، وسؤالها غير كل الأسئلة المعتادة كان : "هل بكراس للفرنسي وبكراس للعربي ؟"  :emoti_64:  

بدا سؤالا  غريبا صارخ الغرابة  بيننا، فالقوم هنا لا يسألونه، :emoti_138: والكراس ورق مسطور متى وكيف شئتَ كان للعربية، ومتى وكيف شئت جعلته للفرنسية... ::)smile:
كما لم يفلح وجهي في إخفاء علامات تعجبه الأولى من السؤال، ولكن سرعان ما انقلب الملمح فيه إلى حَمله على محمل العادي والشرح المستفيض للسائلة الصغيرة المستحيية، بأخذ عيّنة من كراريس مصفوفة وفتح أوراقها المسطورة والاسترشاد بالخط الأحمر العمودي في أوراقه لشرح وضع العربية فيه ووضع الفرنسية منه، وأن ذاك الخط الأحمر هو الفاصل في الأمر.... كُلِّ الأمر.... ::)smile:

وسرعان ما قفز إلى رأسي حَزْرٌ بسماع نغمات في صوتها ولهجتها غير التي ألِفْنا :emoti_17:، لم تكن تلك البائنة البائنة، ولم تكن تلك الخفية الخفية، ولكنني بت شبه جازمة أنها من القوم ومِن غير القوم في الآن ذاته ..... emo (30):

وكان للكلمة "عَرْبِي" أكبر الدور في التمييز والملاحظة ومقاربة الجزم عندي، فنحن حينما نعبر عن شيء له علاقة باللغة العربية نقول " كتاب عربية"، "كراس عربية"، "حروف عربية" ، أما إخواننا التونسيون فيُذكِّرون الصفة "كتاب عَرْبي"، "كراس عَرْبي"

فقلت مِن فوري: "أظنك تونسية ..."........... فأجابت وهي محدّقة بي: لا لست تونسية بل ليبية .....

يااااه .....ليبية عندي ....ليبية في مكتبتي .... نعم يا صغيرتي أنت لست من القوم وأنت من القوم ، لست منهم على ما اعتدت من لهجة، وأنت منهم ومن قلبهم النابض على ما أعتقد وأؤمن وأعمل وآمل .....

ليبية عندي .........ياللفرح، ياللحبور، ياللفرصة  العظيمة وقد فهمت بجوابها سرّ غربتها وهي تسأل وسرّ صوتها الخافت وهي تتكلم، وسر انطوائها وهي تمشي، وسرّ حزنٍ يحاول أن يتخفّى ولكنّه يسفر عن نفسه في كل نأمة .....

هللت وفرحت بها أيما فرح ...... فإذا ابتسامة عريضة تشرق على وجهها الحَسَن فتزيد ملائكيته صفاء وتزيد حسنه حسنا ..... ::)smile:

وفي غمرة زحمة أيام الدخول المدرسي، وهذا يطلب من هنا وذاك يطلب من قريب، وآخر يسأل من بعيد، وأخرى تحتج من أسفل ونحن لا نكاد نراها وهي أقرب للأرض منها للأعين .... emo (22):      ::)smile:

وكان  كلما حل موعد الدخول المدرسي وزحمته، انقلب شقيقاي الأكبران عونَيْن لي عسى نفي بطلبات المتزاحمين، ونتقاسم الأدوار بينهم .......
في غمرة زحمة بين تلك الزحمات التي تتوالى أياما، لم أملك أن أنصرف عن ضيفتي الصغيرة سريعا لغيرها، بل آثرت أن أفرد لها من وقتي ومن اهتمامي، والبقية من الطالبين لمَن معي من المعاونين، لم أشأ أن أكون كمن يشري الذهب بثمن بخس دراهم معدودة ..... !!

- إذن أنت يا صغيرتي جديدة هنا، حديثة عهد بهؤلاء القوم، وبهذه الشوارع، وبهذا الوسط ؟؟

- نعم قد قدِمنا من ليبيا حديثا ...

- أمِن طرابلس أنت ؟؟

وبلسان طفولي فطري مبين  وبعينين حائرتَين أجابت : وكيف عرفتِ ؟ واسترسلتْ : أنا من طرابلس ولكننا أصلا من مصراتة

- وكيف تركتم  مصراتة ؟؟

- بنبرة حزينة : بأسوء حال..... وهل أبقوا فيها شيئا يُذكر  ؟؟

- ما اسمك ؟ emo (30):

- سيرين

- والدك ليبي يا سيرين ؟

- والدي جزائري وأمي كذلك، ولكننا نسكن ليبيا .... وقد فررنا منها إلى بيت جدي هنا .

- لا تخافي يا صغيرتي ، ولا تحملي هما، فقريبا ستألفين هذه البلاد وسترين كم هي جميلة، وكم أهلها طيبون ....
وأنا أطمئنها يدق قلبي خوفا عليها من أن تحاط بمَن لا يسوغون لها الألفة التي أمنّيها بها، أو بمَن يتخذون الأحداث و أفعال القذافي نكتة يقاربون بالمبالغة في نشرها وفي اتخاذها مادة ضحك -ليس إلا- إحراج الليبيين أنفسهم وقد أصبح القذافي وصمة عار يخجلون من ذكرها وهو العبء والثقل والحِمل الذي احتملوه وتحمّلوه أكثر من أربعين سنة ........

والضاحك المستهزئ الذي يبحث عن مواد الضحك فقط للضحك الممجوج السمج بلا خلفية فكر ولا إحساس بأن هَمَّ الواحد من الأمة هو  همّ الجميع إنما يأخذ الجمع البريئ بجريرة المجرم المتنفذ، ولا تكبر كلمةَ في فمه أن ينعت الليبيين بما يجرحهم ويؤذيهم، وينسى في غمرة سفاهته وأوج تفاهته أنه يشرب من الكأس  ذاتها و قد فاضت  !!!  ولكنه لا يعي وهي الفائضة ! فكيف به لا يضحك على أحدب وعينه لا ترى حدبتَه !!
وجعلت أحاورها، و أساريرها تتفتح شيئا فشيّا ، إلى أن عادت وانكفأت على نفسها وانطفأت بسمتها من جديد وهي تقول :

- لقد فُضِح أمري .....

قلت : ولمَ يا صغيرتي وفيمَ هي  الفضيحة ؟؟ !!

- أنني من ليبيا .... أنا لست مع القذافي ولا أهلي ...بل نحن معارضون ....

فسارعت أبين لها براءتها وبراءة كل الليبيين إخواننا من جُرمه ومن فضائحه ومن خَزاياه ....
يا حبيبتي ومالك أنت ومال هذا المجرم؟؟ أنتم إخوتنا الأحبة الذين نسعد أيما سعادة ونفرح أيما فرح بأن تكونوا بيننا إخوة معزَّزين مكرّمين .... أنت يا صغيرتي منا ولست غريبة عنا ..... ألست مسلمة ؟؟

- قالت : بلى

- إذن فماذا بقي بعد ؟؟

أنت على أرض مسلمين، وبين المسلمين وهذا يكفي .... وأرضنا كلها واحدة يا سيرين واحدة وشعبنا كله واحد من كل بلاد الإسلام .......
تفتّحت أساريرها من جديد .... وتبسمت وهي تشير برأسها  أنها قد وعت ما أقول .....

وعدنا لموضوع الأدوات والمستلزمات الدراسية لأعطيها ما تريد محاولة أقلمتَها مع ما نألفه من استخدام لها، وهي بطفولة رقيقة عذبة تكمل معي مشوارها الطَّلَبِيّ ....وتسأل عن الأثمان فإذا هي طلاسم عندها، تعطيك نقدا أو ورقا كثيرا  وتسألك إن كان يكفي أو لا يكفي .... ! ::)smile:

وعادت لتتحدث بصوت باكٍ : لقد اشتقت لليبيا ....... اشتقت لليبيا ..... sad:(

عرفت كم أن شوقها كبير وكم أنه صادق، وكم أنه قلبها وما وعى من مسقط الرأس أرضا وسماء وهواء وأناسا وأمكنة لها فيها كلها طيّب الذكرى.... وجلّ ذكراها لَهْو ولعب وانطلاق وحرية لا يملكها ولا يلبس  تاجَها بحق إلا الأطفال في كل بلاد الأرض،سواء عندهم بسواء  خيرها أو شرها، استبداد سلطانها أو عدله .... لا يعنيه ذلك كله، ولا يرى نفسه إلا حرا في أي البلاد كان .....

وأردفتْ تقول: كل الأثمان عندكم مرتفعة، فما يساوي عندنا في ليبيا دينارا يساوي عندكم عشرة !

صدّقت ولم أصدق وجعلت أقول لها -وهو تفكير مني بصوت مرتفع-، ليبيا بلاد ثروات ولكن الجزائر كذلك ....

فقالت حديثا من حديث الكبار : ليبيا أثرى من الجزائر وأغنى ببترولها الأكثر .....الجزائر ما يزال يحكمها الفرنسيون ......... !!

ذُهِلت واندهشت وصمتّ لبرهة، وأنا أتأملها وكأنني أتأمل كبيرة هذه المرة ....ولكنني غالبتُ نفسي وجعلت أدعي السؤال والاستفسار : ولكن كيف ؟؟ ذهب الاستعمار الفرنسي عن أرضنا منذ زمن بعيد .... والجزائر مستقلة حرة ......................

فقالت كحال كبير يواري ويهرب بذكاء ويستصعب على محدثه أن يفهمه : لا أدري كيف أفسّرها لك ....لا أدري كيف أشرح، ولكنها هي هكذا ...... تشيح بعينيها عن استفهامي وعن حيرتي وعن حزن عميق بداخلي لا أخشى من سفوره وهي التي لن تَلْقَف مفهومه عندي .............................. !!


-------------------
ولم تنتهِ قصة سيرين بعد ولي عودة لنكملها بإذن الله emo (30):

العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: أم يوسـف في 2011-10-03, 16:42:16
مبدعة كعادتك يا أسماء

حولت لقاء مع طفلة في مكتبتك لقطعة أدبية رائعة

أتابع معك وكل شوق للتتمة
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: أم وعالِمة في 2011-10-03, 23:22:58
** أسماء ماشاء الله

مضى عليّ وقت طوييييييييييييييييييييييييييييييييل لم أقرأ مقطوعة ادبية بهذه الروعة مطلقاً :good: :good: :good:

أنضم إلى أم يوسف وأنتظر التكملة بشغف ....
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-10-04, 07:32:44
م يوسف وسارة سعدت بمتابعتكما، وشكرا جزيلا لكما  emo (30):

اليوم بإذن الله تعالى أضع جزءا آخر من قصتنا مع سيرين  emo (30):
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: جواد في 2011-10-04, 08:14:08
سامحكم الله ،

رائعة بحق..
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: أم وعالِمة في 2011-10-04, 12:40:20
قاعدين  :good:
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-10-04, 23:16:16
أهلا بك أخ جواد ، وفيما يلي بقية القصة إخوتي
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-10-04, 23:16:37
وعادت سيرين لمكتبتي  مرة أخرى وهي أحسن حالا وأكثر ألفة ...عادت هذه المرة يصطحبها جدّها ....

جد حنون متبسم يرقّ معها ويلتفت إليها بين الحين والحين بعبارات البنوة والمحبة، ويعانقها وهو يقول لي أنها قد أصرّت أن تصطحبه  إلى هذه المكتبة بالذات .....

فأخبره أن سيرين صديقتي وأنني سعيدة جدا بوجودها معنا، فيخفض من صوته قليلا ليعرّج إلى حديث تعريفي بها وأنها حفيدته ابنة ابنته الحبيبة، وأنهم لجؤوا إلينا من ليبيا، فيشاء الله أن أسأله مجددا إن كان والدها جزائريا .....فيكون جوابه المفاجأة ...............................................!!!!



-لا يا ابنتي والدها ليس جزائريا ....بل مصري ............

فأندهش للمعلومة الجديدة التي لم تخبرني بها سيرين، بل كانت قد أخبرتني أنها لأب وأم جزائريَّين ....وفي أثناء دهشتي تغضب  سيرين  من جدها، وتقول بمنطق طفولي -ولكنه غير عادي- : لقد فضحتني يا جدي .......

ففهمتها وسارعت لسؤالها : ولكن يا سيرين فيمَ الفضيحة ؟؟ أن أباك مصري ؟؟ ما هذا الذي تظنين يا صغيرتي ؟؟؟
آه  إخوَتَاه..... آه لما خلّفت تلك الحرب الكريهة العفِنة التي لا معنى لها ولا وزن ولا قيمة ولا طعم .....حرب التفاهة بين الإخوة، حرب الكرة المقيتة .......انظروا ما خلّفت في عقول الأطفال ...... لكأنها تستحي من جنسية لأب غير مسلم .... !!ولكأنه العار الذي تخشى أن يُعرف ويُفضح  فتنال به ما تنال من ضحك واستهزاء وكُره .............

يااااه لكم آلمني إحساسها ذاك وخوفها من التصريح بجنسية أبيها ........لكَم آلمني .....!!

لكم تمنيت لو أمسكت ساعتها بتلابيب  كلّ من سبّح للكرة ثانيةً من الزمان و كفر بكل معاني الأخوة والتقارب والوحدة من أجلها ............. !!!
لكم تمنيت لو أنهم كانوا ساعتها أمامي .....لما رحمتهم، ولانتقمت منهم، ولانتقمت لقلب سيرين الصغير ولعقلها الذي حسب أنها كانت حقا حربا وأنها ما تزال قائمة إلى حد الخوف من التصريح بالنسب في ديار العدوّ............... !!!!

فاستعضت عن تميّزي غيظا واستشاطتي غضبا بالحديث معها :

-سيرين ما هذا الذي تقولين ؟؟؟ تلك الحادثة لا يفكر فيها عاقل، تلك أحداث مجانين من أجل كرة فعلوا ما فعلوا ..... نحن نحب المصريين يا حبيبتي ....وهم إخوتنا الأحبة ولا فرق بينهم وبيننا، ولا فرق عندي بين جزائري ومصري، ولي من الأحبة المصريين الكُثُر وهم من أكثر من أحب، ولي من الإخوة الأحبة من مختلف بلاد الإسلام ......وسأكتب لهم عنك وسأحكي لهم قصتك يا سيرين..........
لا تفكري بمثل هذا مجددا يا صغيرتي  ......

فاستبشر جدها، وتهللت أساريره وتبسّم ،وعانق حفيدته التي يحاول أن يلبي لها كل مطلب لتسعد وتستأنس وتمّحي عن قلبها آثار الحزن ، و يذهب إحساس الغربة في نفسها .......

واشترت ما أحبت وقد عاد لها هدوؤها واطمئنانها ..... وودّعتني على عتبة الباب وهي تلتفت ملوّحة بيدها بابتسامة عريضة جميلة من وجهها الصبوح  الطاهر ......................


--------------------------------
فكيف هي سيرين اليوم ؟؟ وكيف أصبحت ؟؟ وهل عادت ؟؟ وهل ما تزال الغريبة ؟؟ هل ترغبون بإجابات  هذه الأسئلة ؟ emo (30):
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: أبو الوليد في 2011-10-05, 11:08:58
من المؤكد نريد أن نتابع وعذراً على التقصير فالثورات أخذت من وقتنا الكثير وربما أخرجتينا وأدخلتينا من باب آخر ....المهم أن نتنفس الهواء الممزوج بنسائم الحرية للعرب أشكرك وجزاك الله خيراً
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: أم وعالِمة في 2011-10-05, 13:03:28
** طبعا تكملي يا أسماء ... ::ok:: :good:

ياااااااااااااااااااه حتى الأطفال كمان وصلتهم لعنة الكرة و مشاكلها و قرفها ... :emoti_351: ::angry::
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-10-05, 17:22:44
أهلا بكما أبا الوليد وسارة

سأعود لأكمل بإذن الله، وسيرين قبل قليل كانت معي (مفتاح للإجابات)  emo (30):
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-10-06, 12:58:01
وعادت سيرين مرة، ومرة ومرة ...... بل ربما لم يعد يمر يوم إلا  وأراها فيه... emo (30):

ولكم سعِدت وأنا أرمقها تخرج من مكتبتي راكضة  خلف صديقتها الجديدة ، وصوتها يعلو وهي تناديها وتؤنبها أن قد تركتها وانصرفت ..... :emoti_144:

وانزاحت غمّة غربتها القريبة ..... emo (30): وعرفتُ صديقتها الأكثر لصوقا بها، إذ هي واحدة من زبائن المكتبة....أوصيتها بسيرين خيرا وأن تكون لها أختا ...... فردت بطفولية وعفوية : نعم أستاذة أسماء هي الآن صديقتي ..... إنها ليبية ... :emoti_134:

كفعل الأطفال إذ ينقلون من الأخبار.... فتراهم يشيعونها بحماس، وكل جوارحهم تتحدث بها.... العين والفم والرأس، ::)smile: ولكأنهم الوكالة  الإعلامية الأشهر والأحرص على نقل الخبر الجديد...... :emoti_134:ولا يملّون ولا يكلون وهم يرددونه، وفي كل محفل لهم في نقله فنّ وتشويق  .......
وعادت سيرين مرة أخرى ....فأسألها  : هل ألفتِ الجوّ يا سيرين ؟؟  ::)smile:

فترد مشرقة الوجه متفتحة الأسارير :

-أجل ألفته وأصبح لي صديقات ...... :good:

وتعود مرات أخرى وفي كل مرة هي السعيدة الضاحكة المازحة مع صديقاتها ومعي، فأذكّرها بأيامها الأولى وبحزنها فيها على فراقها ليبيا ::)smile:..... فتضحك ملء شِدْقَيها وتندهش من حالها آنذاك وكأنما نتذكر سيرين أخرى...... :emoti_138:

تعدو مع صديقاتها ويتسابقن....

و تجد طفلا صغيرا صغيرا  يخلّفه مرافقه عندي باكيا لإعراضه عنه وهو يلحّ عليه أن يشتري له أداة مدرسية مزيّنة ، فتنحني عليه مشدوهة من ترْكِه له عمدا ليتخلص من إلحاحه، وتدفعه بحنوّ إليه خارجا، وتعود وقد رفقت به، واستاءت من تصرف مرافقه اللامبالي.....

وفي كل ذلك هي الرقيقة، المؤدبة الضاحكة المستبشرة، التي كلما ضحكت أسعدتني سعادتها وذهاب غربتها، ورأيت فيها قوة ما يربطنا ووَهَن ما يفرّقنا.....
ورأيت فيها حلما أجمل ما فيه انصهار واندماج ووحدة ولُحمة تجمع الجزء إلى الجزء، والطرف إلى الطرف، وترأب الصدع، وترتق الفتق، وتجمع المفرَّق، وتعيد الأصل .............. وتُذهب البديل المزيف ..........

كلما ضحكت أمامي وسعدت مع رفيقاتها هنا رأيت في سعادتهنّ  قوة لن تقدر عليها قوة كبار عُتاة متجبرين ، ودوا لو أنّ الأرض   أرضهم وحدهم والناس من حولهم  بهائم وأنعام تخدمهم ....

قوتكم أكبر أيها الأطفال من طاولات اجتماعات طويلة عريضة يلتف حولها الكبار من كل أجزاء الجسد المفتّت، يفكرون... يقدرون.... فيُقتلون كيف يقدّرون..... !!!

وسنون وسنون وسنون ، والجسد مفتّت مقسّم يريد به الأعداء تقسيما لتقسيماته !!..... ومراسيم وقوانين ولوائح وسلامات ومصافحات وقبلات شرفية وابتسامات سياسية ..... وكلها تحقق ترسيخ التقسيم وإعلاء كلمته الاستعمارية والعمل على الوفاء لها كل الوفاء  ..... !!

أما أنتم أيها الصغار فبحركات عفوية، وبضحكات بريئة طفولية، وبانسجام تحكمه الفطرة ، وبانصهار تُنتجه الألفة...
 تقررون وتفعلون وتنجحون و نرى فيكم الجزء ملتحما بالجزء ........... على أديم أرض ترابية تظلكم سماء بلا عَمد مبنية تُمضون أكثر القرارات مصيرية ............................... قرار الوحدة الأصلية .................

العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: سيفتاب في 2011-10-07, 10:18:51
 :emoti_123:
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-10-07, 17:19:48
:emoti_123:

يا أهلا وسهلا ومرحبا بالحبيبة سيفتاب   sm::))(

قهوة، شاي ؟ دواة ؟ قرطاس ؟ قلم ؟  :emoti_282:....اطلبي ما تريدين زيادة  ::)smile:

العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: سيفتاب في 2011-10-08, 00:28:07
أريد المزيد من قصص سيرين  ::)smile:
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: أم وعالِمة في 2011-10-08, 23:39:48
رااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااائع
 ::ok:: ::ok:: ::ok:: ::ok:: ::ok:: ::ok:: ::ok:: ::ok::

ماشاء الله يا أسماء خليتيني ارغب في البكاء  sad:( sad:(
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: جمانـة القدس في 2011-10-09, 23:19:27
قرأت هذه الخواطر الرائعة أمس...
سيرين... كم هي قوية بقلبها الطفل الرقيق...

متابعة يا فراشة :)

واشتقت لك بالمناسبة!
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-10-10, 07:01:58
الحمد لله يا سارة هذه مؤامرات المتآمرين بكل أشكالها تفشل ويجهضها الصغار الواعون وعي البراءة والفطرة ....
من يدري لربما تأتينا الحلول من براءتهم..........

أهلا وسهلا ومرحبا بالحبيبة الغالية جمانة، ::)smile: اشتقنا لك يا عروسة، ونتمنى دوام تواجدك معنا emo (30):، خاصة وأنت في غربتك .....لا تتركي بيت العيلة يا جمانة هذا ففيه رائحة الدين والبلاد والأرض، وأفراح الأهل وأقراحهم .......

سأحاول أن أضع الجديد من قصص المكتبة بإذن الله تعالى، وسيرين بالمناسبة بخير حال وتلهو وتلعب وتمرح وتمزح و الحمد لله .... emo (30):
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-10-10, 13:44:13
جعلت ابنتها الصغيرة التي لا تتعدى من عمرها العامَين  تُحدّثها بالإشارة... !!

وخزتْها من ذراعها لتلتفت إليها، وجعلت بإصبعها الصغير تفهمها شيئا آلمها فهِمَتْه منها.... :emoti_138:

صغيرة جدا .... !! وتتقن لغة الإشارة ؟؟ !!  :emoti_209: وأي إشارة !! فتعانقها أمها وتحنو عليها وتسارع  لتمسح  دمعا قد تكشّف من اغروراق عينيها
فهمتُ أن الأم بكماء صماء .......قد تعوّدت ابنتها على تلك المحاورة  في جنبات بيت يضمهم....
كانت حاملا ... وبدت على وجهها علامات الإعياء الأخيرة وقرب المخاض... تخبو نضارته فجأة بين الحين والحين من فعل ضرب قوي من ذلك القابع داخل بطنها، الآكل الشارب الهنيّ بين حناياه ....ولا يستحي أن يضرب.... !! :emoti_144:

أشارت إلى بطنها وهي تحدثني أنها قد قاربت ساعاتها الأخيرة بإشارات سبحان من يسّرها لها لتحيا وتعيش إنسانة كما يحيا ويعيش الناس.... بل أُمًّا كما الأمهات ....بل لأكثر من طفل واحد..... لثلاثة منهم غادروا بطنها إلى الدنيا، ورابع ما يزال يقضي آخر ساعاته  بين حناياه وهو لا يعلم إذ تمرّد وصار يضرب ويزبد ويرعد  أنه أخيرا سيخرج .... ::)smile:

سيخرج ليرى الدنيا وليطلق أول صوت له فيها بكاء، وكأنما يبكي انقضاء ساعات الراحة والأمان ويستقبل الدنيا وشقاءها بما تستحقه ... !!
أشارت إلى بطنها مبتسمة مصدرة بعض الصوت والنأمات وكأنما هي خلفية صوت لا صوت، وكأنما هي سند جعله الله لها ليتنفس فيها صوت مغمور مغمور مغمور ، وليكون لها من الصوت حظ حتى وإن كان أقرب ل"آ" و"أو " و"إي " قد لا يحيد عنها إلى غيرها.....!!

وكأن الكلمات تريد أن تخرج ولكنها تجد ألف باب وباب دونها والخروج ..... فتحجم وتكتفي بالأصوات مع الإشارات .....
وهُنَيْهة أيتها النفس فينا نحن أصحاب الأصوات والكلمات ........ لو طرأ علينا مثل ما هو عندهم عادة ولازمة  وطبيعة من اختناق الكلمات ماذا كنا صانعين بأنفسنا ؟؟ لأقمنا الدنيا وما أقعدناها حزنا وكمدا وحسرة ووووو غضبا وووو........ولما تذوقنا للحياة معنى وكلماتنا كل كلماتنا لا تخرج ........ !!

فرفعت يديّ كفعل الداعي إذا مدهما يسأل المعطي الذي لا يملّ العطاء... أشير لها أنني أسأل المولى جل في علاه أن ييسر لها أمرها .... فتتبسم وقد فقهت ما أحببت قوله،  وترد بنظرة منها إلى السماء مع صوت بين أصواتها القاموسية... وديع هذه المرة يتوجه للعلي القدير بالخضوع والرجاء أن ..............."آمين"  emo (30):

سبحان الله ................... وييسر لك المولى أيتها الإنسانة أن تعيشي وأن تفهمي وأن تُفهِمي وأن تكوني أما حنونة عطوفة ترقّ على ابنتها بضمّات إلى الصدر الحنون، وبابتسامات حب وحنان........ emo (30):

بل وأن تعرفي ربك الذي هو في عرشه العلي، فترتقين ببصرك البصِيريّ إلى أعلى حيث قد أدركتِ  أنه الأعلى، حيث فهمت أنه ربك وربي، وحيث تدرين أنه السميع الذي يسمع رجاءك وإن بقاموسك البسيط الذي لا يكاد يعد بين القواميس ذوات الحرف الواحد قاموسا ..... !!
إيمان في قلبك أخيّتاه !! يااااه ما أحلاه .... ما أبهاه وأنا أرمقه في حركاتك وفي إشاراتك .... ليس كل من ينطق مؤمنا ... !!! وليس كل مؤمن ناطقا .....


وماذا ؟؟

هذان ابنها وابنتها  يلحقان بها وأنا في غمرة حديثي الممتع معها، حديث الإشارات .... ليت شعري ، أي حوار صامت هو !!

وأحدّق بهما وهما من أهل الإشارة ... !! :emoti_209: قد ألفاها وتعوّداها حتى لم تعد طلاسما عندهم ولا غريبا من الفعل ....
لم يعودوا يصدرون صوت الكلمة خطأ كحالنا ونحن نحاول محاكاتهم لنحاورهم ،ونحن نخطئ فننطق الكلمة وقد تعوّدنا أن الصوت وحده... وحده وسيلة الإبلاغ والإفهام......نخطئ فننسى والطبيعة فينا والتعود قد غلبا، ننسى أن من نحدثه لا يمسع فما من مجال لدور الصوت منا ليَسْمَعَنا، بل حديثه الإشارة لا شيء غير الإشارة .......

أما هما فلا خطأ .....ولا كلمة .... !!  emo (30):يشير إليها ابنها بأصابعه وبرأسه أن هل أتممت يا أمي لننصرف ؟؟ وهو ينتظرها وأخته .....
فترد عليه أن انتظرا قليلا بعد ................... بالإشارة لا شيء غير الإشارة .... !! وشيء من صوت ألِفَاتِهَا المتحركات فتحة تارة وضمة تارة وكسرة تارة أخرى ...... ::)smile:

وتبدو عليها علامات الغضب منه وهو يصر عليها ويلح أن يذهبوا ..... فتزجره زجرة الأم الآمرة .... نعم تماما كفعل الأم وزجرها
وأسمع محادثة صوتية عادية بين ابنيْها، الولد وشقيقته ..... فأفهم أنهما ناطقان .....أجل ناطقان مثلنا تماما ....بكلمات وبأصوات يقول وهي عليه ترد .......

فالتفتّ إلى أمه أسألها بالإشارة لا شيء غير الإشارة، فألصق سبابتي اليمنى باليسرى أعني زوجها ،وأرفع إصبعي إلى فمي مستفهمة بملامح وجه مستفهم هي الوسيلة الأهم معها : هل يتكلم زوجك ؟؟

فتفهمني وتتبسم وترد أنه لا يتكلم .... بالإشارة لا شيء غير الإشارة ..... emo (30):بإصبعها  مع الإشارة إلى فمها وإلى أذنها تنفي .... وتؤكد لي أنه لا يتكلم هو الآخر ولا يسمع ........

فأسألها عن أبنائها الثلاثة ، هل يتكلمون جميعا؟ هل يسمعون ؟؟

فترد بحركة من رأسها قوية واثقة، تصحبها فرحة قلبية أن : "نعم "  هم الناطقون جميعهم، السامعون ............ :emoti_416:
ياااه ............ سبحان الله .... سبحان العلي القدير ...... سبحان الفعّال لما يريد ........

فأتبسم والفرحة تملأ قلبي، فرحة من نوع خاص، emo (30): فرحة بعظمة الله وقدرته ومشيئته وخفيّ حكمته، ورحمته بعباده، ورأفته بعباده، وهو ربهم جميعا، فلا يكل أحدهم، ولا ينسى واحدا منهم، ولا يحرم واحدا منهم من رحمته ..... ولا يكون حال من أحوال عباده إلا وهو سبحانه الأعلم بما يهيئه له ليعيش ويكبر ....... ويقدر في دنيا هي ليست لأحد ملكا، بل كلها لله وحده ..........

كلهم يتكلمون ......... والأم صماء بكماء، والأب أصم أبكم .............. لا إله إلا أنت سبحانك ........!!

وأرفع عينيّ إلى أعلى حيث نحدث عن ربنا أنا وهي بلغة الإشارة، حيث ربنا العظيم الذي أعرفه أنا الناطقة السامعة، وتعرفه مثلي هي الصماء البكماء، حيث ربنا الذي يتغمدها برحمته فهي السعيدة القريرة المتبسمة الراضية ........... emo (30):

حيث علامات الرضى هي أكثر ما ميّز وجهها وحالها ........... emo (30):

أشير إلى أعلى وأنظر إليها لأقول معها "سبحان الله" "إرادة الله "............ولأحدث نفسي الضعيفة أن عُبّي من دروس الرضى وأنت تتذمّرين من أقل القليل ....

فتطأطئ رأسها لتريني مكانا فيه هو أثر لسقطة لها من مكان مرتفع حينما كانت صغيرة أفقدتها النطق والسمع ...........
تستأنس أخيّتنا أكثر ، وتضيف وهي تحدث عن ابنها مشيرة إليه أنه الذي يقرأ ويكتب وأنه دائم المرافقة لوالده إلى المسجد رافعة يديها إلى خلف أذنيها مكبّرة ..... emo (30):

سبحان الله ........... سبحان الله .........

وتعيد عليّ وقد بدا على وجهها شحوب مفاجئ أنها قد قاربت ساعات الوضع، فأشير إليها أن تعود لبيتها خوفا عليها من أن تزيد آلامها فيلمّ بها ما يلمّ وهي بعيدة عن بيتها ....فتبتسم أنها قد فهمتني وأنها فقط  قدمت لحاجة لأبنائها، وأنها عائدة من توّها ............

يا الله ....... هكذا هو ربنا يقسم لكل عبد من عباده قسمة في هذه الحياة الدنيا، فيعلّمنا أن لكل منا حظا منها برحمة منه سبحانه، وأن الأبكم يعيش وأن الأصم يعيش، وأنه يهيئ له ما ييسر له العيش والتأقلم، وأن أصم أبكم يعاشر صماء بكماء ويهبهما الله ذرية ناطقة ليملؤوا عليهما حياتهما ........

بأصواتهم وإن كانوا لا يسمعون لهم صوتا، بحركاتهم .... بطفولتهم، بنموّهم كنموّ النبتة التي يتعهدها صاحبها بالرِيّ والسقيا ........ وهما المتعهّدان، يحنوان كما يحنو الآباء، ويحبان كما يحب الآباء، ويلقي المولى عز وجل في روع كل منهما إحساس الأبوة والأمومة ........لتكون علاماته الأغلب فيهما ابتسامات وضمات للصدر قد يفتقر إليها كثير من الناطقين الذين تلهيهم كثرة كلماتهم وتوعّداتهم وتأنيباتهم وتقريعاتهم  عن الإكثار منها  ....... emo (30):


تخيلت ذلك البيت حيث الإشارة فيه هي الصوت وهي الكلمات ..... تخيلته والأطفال فيما بينهم ينطقون ومع والدَيهم يشيرون ....

تخيلته وإيمان صامت بلا كلمات يظلّه ....... وتوجه إلى الله العلي منهم بالدعاء الصامت وهو سبحانه يسمعهما ويلبي دعواتهما، ويرزقهما خيرا في أبنائهما، ويمنّ على الرجل فيكون من أهل المسجد ويصطحب ابنه إليه ............ emo (30):

تخيلته وهو مملكة صغيرة يملؤها الحب والحنان ..... والراعيان فيها أم وأب صامتان مؤمنان سعيدان مُحبّان ............
سبحانك يا ربي .........سبحانك .........

ودّعت أخيّتنا ....وأنا أشير إليها... لا شيء غير الإشارة... أن كم أنت رائعة أخيّتاه .....وقلبي يبوح لي لا لها أنّها كانت لي معلمة في دقائق معدودة ..........

وحَيَّ على طيب الجَنَى منك يا مدارس الرضى في هذه الحياة الدنيا..............وطوبى لمَن عرف ربه وإن لم ينطق .....!!
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2011-10-10, 14:31:00
اقتباس
وطوبى لمَن عرف ربه وإن لم ينطق .....!!

طوبى له

بوركت يا أسماء
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-10-11, 06:27:46
اقتباس
وطوبى لمَن عرف ربه وإن لم ينطق .....!!

طوبى له

بوركت يا أسماء

وبوركت يا غالية  emo (30):
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: إيمان يحيى في 2011-10-11, 06:47:38

قرأت البيت الأول من قصيدة سيرين

أكمل الباقي إن شاء الله ثم ألحق بكم
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: إيمان يحيى في 2011-10-11, 07:22:31
لم أستطع مغادرة المكتبة  emo (30): قبل أن أكمل باقي الحكايا

رائع يا أسماء رائع

 emo (30):       ومع ذلك لا مانع من بعض الشغب واستدعاء صاحبة المكتبة للمثول أمام هيئة التحقيق بالعيادة     :emoti_282:
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-10-11, 11:03:48
لم أستطع مغادرة المكتبة  emo (30): قبل أن أكمل باقي الحكايا

رائع يا أسماء رائع

 emo (30):       ومع ذلك لا مانع من بعض الشغب واستدعاء صاحبة المكتبة للمثول أمام هيئة التحقيق بالعيادة     :emoti_282:

نورتِ المكتبة وشرّفتِها يا غالية  emo (30):
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-10-16, 08:29:37
هاني طفل عادي، ليس على وجهه ولا على لسانه علامات الذكاء المتقد التي تميز طفلا ما عن باقي أترابه، بل ربما كان ما يميزه قلة ذكائه وتصديقه لأي شيء...

عَفَويّ جد... مرِح.... يلعب في ساعات الجِد وفي ساعات اللعب سواء بسواء.... emo (30):
ربما جعل يرقص وهو يحدثك :emoti_209: أو يعلو صوته فجأة بطريقة شاذة غريبة ومع أصوات أخرى تصاحب صوته متناغمة مع حاله غير المستقر  :emoti_351:وحركاته المستمرة.....
وكأنه لولب يصعد وينزل ويمتد يمينا ويعود ليرتد شمالا وهو في كل ذلك اللاهي الذي لا يستقر على حال .... ::)smile:
هكذا هم الأطفال ...نعم...

ولكن هاني بزيادة وبشكل ملحوظ.... يخترع الحركات، ويبتكر الأحاديث الخيالية ، ويُشدَه لأبسط شيء ولأبسط معلومة ..... emo (30):
دخل عليّ المكتبة كعادته، وقد تعودت أنا الأخرى على حاله، فما أن يهلّ حتى تهلّ على وجهي ابتسامة المعرفة المسبقة بموال الفوضى والخيال والعجيب من القول والفعل والحركة منه ....فتمرست على التعامل معه والتغاضي عن كل فوضاه .....مع حبي لروحه التي تبعث الفرح في ساعات الكَدَر...

دخل عليّ وعيناه تستقران أولا وقبل كل شيء على ثُريّتَين ورقيتين مزيَّنَتَيْن بألوان طفولية زاهية، جعلتهما في سقف المكتبة على بعد متناسب بينهما، فأضفيتا على المكتبة رونقا وجمالا .....

وكان أول عهد هاني بهما اليوم .... فقال بعفويته، ودون حتى أن يلقي السلام ....
-هاتان من الصين، أليس كذلك ؟ إنهما صينيتان ....

فجعلتْ ابتسامتي تتسع وتكبر دليل تقديري المسبق لحلول قصة غريبة من قصص هاني الهاني .... ::)smile:
فوجدتني أسترسل مع هاني، -والثريتان صينيتا الصنع فعلا-
-أجل يا هاني إنهما من الصين ....

-من أتاكِ بهما من هناك؟ أأنت التي جلبتهما من الصين ؟ :emoti_138:

وبابتسامة عريضة أريد بها أن أفهِم هاني أنّما أجيبه بغير الحقيقة، وأنني في الوقت ذاته أمازحه وأمضي معه حيث يمضي، وأحاكي عقله وما إليه يقفز .... ::)smile:
-نعم يا هاني أتيت بهما من هناك ...

فيُشدَه هاني ويذهل وتتسمر عيناه بي، وكأنما استحلتُ  أمامه "ماوتسي تونغ"  وقد بُعث حيا وجاء من الصين إلى مكتبة "السراج المنير"  :emoti_209:
-ذهبتِ إلى الصين ؟؟ !!!!

-نعم يا هاني ... ::)smile:

-ومتى ؟؟؟ :emoti_209:

-في الصائفة الفائتة .....وابتسامتي ستار لضحكة قوية تريد أن تنطلق  من أعماقي ولكنني استطبت اللعبة وما أحببت فضحها أو أن تنفرط من يديّ حبات عِقدها  ....

فيرد هاني مفغور الفاه، مشدود الحواس .....مسمّر العينين :

-أوتتقنين اللغة الصينية ؟؟

-أجل .......  ::)smile:

-قولي شيئا منها ...........

-تشينغ تشونغ ......

ويكاد هاني يقع على الأرض من فرط استعجابه وعدم تصديق عينيه وهما تريان ماوتسي تونغ متمثلا في مكتبة "السراج المنير"

-وما معنى هذه ؟؟

-معناها: كيف حالك يا هاني ؟؟ :emoti_282:

وبعينين ثابتتين مسمَّرَتين يرد هاني بصوت العاجز عن الإدراك والاستيعاب:

-بخير .... sad:(

ويمضي لحاله وعلى كتفه محفظته الخفيفة التي تزن طنا أو نصف طن !! بقدمين متثاقلتين وكأنما حمّلتا كل ثقل الدهشة والمفاجأة .......... ::)smile:

لم تفلح ابتسامتي العريضة في الإيحاء لهاني بأن القصة خيال امتداد لخياله، وسيعود هاني قريبا وسأفهمه  أنما هي كذلك ....حتى لا يصدق المسكين أنني فعلا القادمة من الصين المتحدثة بلغتهم ...........

تلك كانت واحدة من عشرات القصص الباعثة على الفرح والابتسامة مع هؤلاء الأطفال على اختلاف مستويات ذكائهم، وفي عزّ الحزن والأسى قد يفلحون في اجتثاث ضحكة ما مخبأة في مكان ما من هذه النفس التي تابى إلا أن تكون بشرية  ...... emo (30):

العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-10-16, 09:46:35
وعاد هاني قبل قليل لمكتبتي .... فسألته : هل صدقت فعلا يا هاني أنني ذهبت وأتيت بهاتين الثريتين من الصين ؟

-أجل صدّقت ....

-كنت أمزح معك .... فليس من الضروري أن أذهب إلى هناك لآتي بما يُصنع في الصين، ومصنوعاتهم تملأ كل أسواق العالم من فرط ما يصدرون ومن فرط ما نستورد ....(وبيني وبين نفسي آلام مردّها أنهم يصنعون وأننا لا نصنع، وأنهم ينتجون وأننا نستهلك) sad:(

-يحرك رأسه مستوعبا ...

-هل تحب أن تذهب للصين يا هاني ؟

بل أتمنى أن أذهب لإنجلترا ........أنا متميز جدا في اللغة الإنجليزية ....
وخرج هاني وهو يلوك خبزا -وكما يلوك تلك القطعة- يرى  إنجلترا والصين حلما ومبتغى ...... وهو في سنّه هذه !

سيعود هاني قريبا وسأسأله :  ولمَ لا تكبر لتبتكر مثلهم يا هاني ؟؟ (ولو أن المسكين لا يملك من علامات ذلك ما يؤهل لسؤاله عنه، فماذا عمّن يملكون ؟؟ في زمن سقوط الأكمّة وبداية العهد الجديد )


العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2011-10-16, 12:30:53
 :emoti_417: :emoti_417:

لا أوافق أبدا يا أسماء

وأعترض بشدة  emo (4):
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-10-16, 12:41:24
:emoti_417: :emoti_417:

لا أوافق أبدا يا أسماء

وأعترض بشدة  emo (4):

وفيمَ الاعتراض ؟؟  ::)smile:
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: أم يوسـف في 2011-10-16, 12:53:43
أعتقد أن هادية تعترض على حوارك الأول مع هاني و أنك " سرحتي بيه "  ::)smile: وقلت خلاف الحقيقية خاصة وأنك لم تصححي له في نفس الوقت

والله أعلم
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-10-16, 13:04:30
أعتقد أن هادية تعترض على حوارك الأول مع هاني و أنك " سرحتي بيه "  ::)smile: وقلت خلاف الحقيقية خاصة وأنك لم تصححي له في نفس الوقت

والله أعلم

إن كان على هذا، وهو ما خمنته أيضا في اعتراضها، emo (30): فهاني أعرف شخصيته بطريقة جيدة جدا،وهو جارنا وأمه صديقة لي،  وما كنت معه إلا مازحة، وكنت عازمة على توضيح الأمر له تاليا لأنه يزورني أكثر من مرة في اليوم غالبا، كما أنني لم أحبّ كشف الحقيقة له في المرة الأولى لسببين، أولهما أنني استطبت المزاح معه، و قد تعودت هذا مع كثير من أمثاله وغالبا ما ينتبهون أنني مازحة لأن تعابير وجهي تشي بذلك بكل كل وضوح ويظهرون انتباههم لذلك بسرعة ، وثانيا حتى يتعلم هاني ولو بنسبة ما ألا يصدق أي شيء

وهاني غريب جدا من حيث صعوبة فهمه لملامح الوجه الذي يمزح، وهو ليس صغيرا جدا، بل ربما جاوز الرابعة عشر من عمره .
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2011-10-16, 13:08:10
صحبح يا أم يوسف
يبدو لي يا أسماء أنك صرت في مكتبتك بمثابة القدوة والمعلمة التي يرنو لها الصغار ويتعلمون منها، بقصد او دون قصد.. ولا ييصح ابدا ان نعلم الصغار ان الكذب جائز في ال المزاح.. فالكذب كذب سواء كان ابيض او اسود او جدا او هزلا ....
وأحد المحدثين قصد رجلا ليسمع منه حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وضرب له أكباد الإبل شهرا، فلما أتاه وجده يغري دابة بيده وكأن بها شيئا، ولم يكن بها شيئا، فاعتبره كاذبا لا يؤخذ عنه الحديث، وانصرف ولم يسمع منه، مع انه سافر خصيصا له

من الأهمية بمكان ان نشعر من حولنا من الصغار بالثقة والطمأنيينة، وهذه لا تتحقق إن لم يعرفوا اننا لا نقول الا حقا في مختلف حالاتنا ...

العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-10-16, 13:11:51
صحبح يا أم يوسف
يبدو لي يا أسماء أنك صرت في مكتبتك بمثابة القدوة والمعلمة التي يرنو لها الصغار ويتعلمون منها، بقصد او دون قصد.. ولا ييصح ابدا ان نعلم الصغار ان الكذب جائز في ال المزاح.. فالكذب كذب سواء كان ابيض او اسود او جدا او هزلا ....
وأحد المحدثين قصد رجلا ليسمع منه حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وضرب له أكباد الإبل شهرا، فلما أتاه وجده يغري دابة بيده وكأن بها شيئا، ولم يكن بها شيئا، فاعتبره كاذبا لا يؤخذ عنه الحديث، وانصرف ولم يسمع منه، مع انه سافر خصيصا له

من الأهمية بمكان ان نشعر من حولنا من الصغار بالثقة والطمأنيينة، وهذه لا تتحقق إن لم يعرفوا اننا لا نقول الا حقا في مختلف حالاتنا ...







إن كان على هذا، وهو ما خمنته أيضا في اعتراضها، emo (30): فهاني أعرف شخصيته بطريقة جيدة جدا،وهو جارنا وأمه صديقة لي،  وما كنت معه إلا مازحة، وكنت عازمة على توضيح الأمر له تاليا لأنه يزورني أكثر من مرة في اليوم غالبا، كما أنني لم أحبّ كشف الحقيقة له في المرة الأولى لسببين، أولهما أنني استطبت المزاح معه، و قد تعودت هذا مع كثير من أمثاله وغالبا ما ينتبهون أنني مازحة لأن تعابير وجهي تشي بذلك بكل كل وضوح ويظهرون انتباههم لذلك بسرعة ، وثانيا حتى يتعلم هاني ولو بنسبة ما ألا يصدق أي شيء

وهاني غريب جدا من حيث صعوبة فهمه لملامح الوجه الذي يمزح، وهو ليس صغيرا جدا، بل ربما جاوز الرابعة عشر من عمره .

أما تحريّ للصدق في المقال والفعل فوحده الله يعلمه مني، ولا يمنع هذا من أكون مازحة بما أبين لمن أحدثه بعدها أنما كنت مازحة، فمنهم من يفهم من ملامحي التي أتعمد أن تكون قوية ليفهم منها، ومنهم من أوضح له كما فعلت مع هاني
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2011-10-16, 13:15:08
 :emoti_404:
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: بسمة ذياب في 2011-10-16, 17:43:31
إحم ... إحم ...للتوّ قرأت الموضوع هنا .... وأوافق " أم يوسف " بشدة حول روعة أسلوب وصف مشاهد الحياة العابرة لمعظم الناس وكيف تتفاعل معها وتعرضها أسماء  emo (30):

ويا سلام على ذلك  اليومين في " السراج المنير " ...  emo (30)::-)
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: أم وعالِمة في 2011-10-16, 19:19:58
 :good: :good: :good: :good:
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-10-17, 13:55:39
أهلا بسمة وسارة emo (30):

بسمة نورت المكتبة بزيارتك لها منذ عام(سبحان الله كيف يمر العام)  واليوم أيضا ، المكتبة تبدل فيها الكثير يا بسوم

بالمناسبة يا بسمة ما قولك في "ذَينِكَ" لـ "اليومين " بدل "ذلك" emo (30):
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-10-25, 19:22:39
طرقتِ بابًا جديدًا كل الجدّة يا أسماء......... لم أقرأ إلّا المقدّمة حتى هذه اللحظة........... لكن هي مكتبيّة لا مكتبتيّة.... أليس كذلك؟
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-10-25, 19:33:24
الآن انتهيتُ من حكاية سيرين........ حلم الوحدة بين الخوف والرجاء........... كان أمل أن تجمع الثورة كلمة هذه البلاد المتجاورات....... لكن هيهات وقد تفرّقتْ كلمة كل بلد أيدي سبأ...... بين مفرط ومفرّط.........
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-10-25, 20:03:03
وحكاية هاني أيضًا.......... لديّ اعتراض على الكذبة أنا الآخر......
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-10-26, 10:32:02
فيس بوك عوّدني الاقتضاب....

في مصر أيضًا نستخدم كلمة (عربي) و(فرنساوي).........

يستخدم التلاميذ كرّاسات ذات سطور مزدوجة للفرنسية والإنكليزية....... ما يساعدهم على كتابة الأحرف الصغيرة والكبيرة......... وللحساب كرّاسات ملأى بالمربّعات...... وللغة العربية يستخدمون كرّاسات ذات سطور مفردة....... تتضام هذه السطور حين يكبرون...... ويختفي الخط المزدوج من كرّاسة الإنكليزي والخطوط الطوليّة من كرّاسة الحساب.......
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-10-26, 13:27:38
أهلا بك يا عبد الرؤوف... شرفت المكتبة  :good:

هي خواطر مَكْتَبَتية يا عبد الرؤوف من "مكتبة" وليست مكتبية من "مكتب"  emo (30):

طيب يا سيدي ما دمتم لم تقتنعوا أنني لم أكذب على هاني، وأنني كنت أحدثه وأنا على يقين من تبيان الأمر له من بعد، وأنين أعرفه معرفة مقربة من كل ناحية ....وأنني أتحرى الصدق في كل خطوة وفي كل كلمة وفي كل فعل إلى درجة لا يعلمها إلا الله سبحانه، طيب لن أسعى لإقناعكم أكثر بذلك فإنما قد  قستموها ببدايتها ولم تقيموها بنهايتها وبحيثياتها كفعل المفتي الذي يفتي حسب ظروف كل إنسان وحسب حيثياته في قضية هي واحدة عند كُثر فتختلف فتواه  فيها من واحد لآخر فهو لا يكتفي بالعنوان بل يبحث عن التفاصيل ليفتي . emo (30):
ولأن الكثير من الأمور تحتاج نظرة العين للعين وسماع الأذن للصوت لتتكشف لها الحقيقة وتتجلى،ولأن الكلمات في كثير من الأحيان لا تفي بوصف الحقائق خاصة لمن لا يعرف شخصا معرفة عينية ليعرف مدى تأثير ملامح وجهه مثلا في تصرفاته، فإنني لن أسعى للتوضيح أكثر، ولا للاعتراض على اعتراضكم أكثر  emo (9):  سامحكم الله

أما أنا فقد جنتْ على نفسها براقش  ::nooh: :emoti_282:

ترقبوا خاطرة قريبة بإذن الله  emo (30):
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-10-26, 15:49:22
اقتباس
لكم تمنيت لو أمسكت ساعتها بتلابيب  كلّ من سبّح للكرة ثانيةً من الزمان و كفر بكل معاني الأخوة والتقارب والوحدة من أجلها ............. !!!

في تلك الأزمة قرأتُ كتاب مالك بن نبي المفكر الجزائريّ (الظاهرة القرآنية)....... الذي ترجمه الدكتور عبد الصبور شاهين وصُدِّر برسالة من الدكتور دراز ومقدّمة لأبي فهر في إعجاز القرآن........ وكلّهم مصريّون أقحاح.......

"إنّما المؤمنون إخوة"
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-10-26, 17:09:52
اقتباس
لكم تمنيت لو أمسكت ساعتها بتلابيب  كلّ من سبّح للكرة ثانيةً من الزمان و كفر بكل معاني الأخوة والتقارب والوحدة من أجلها ............. !!!

في تلك الأزمة قرأتُ كتاب مالك بن نبي المفكر الجزائريّ (الظاهرة القرآنية)....... الذي ترجمه الدكتور عبد الصبور شاهين وصُدِّر برسالة من الدكتور دراز ومقدّمة لأبي فهر في إعجاز القرآن........ وكلّهم مصريّون أقحاح.......

"إنّما المؤمنون إخوة"

أبو فهر هو  محمود محمد شاكر الذي قدم للكتاب باللغة العربية .... المصري الرائع  emo (30):
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-10-26, 18:43:12
نعم يا أسماء..........

في مكتبتي أكثر من كتاب للشيخ شاكر........

جمعتْ مقالات الشيخ شاكر في مجلّدتين نشرتهما مكتبة الخانجي منذ عامين على ما أظنّ........ قرأتُ جزئهما الأوّل منذ سنتين............

الشيخ شاكر هو أحد رواد المدرسة العروبية التي تعتمد الإسلام مكوّنا أساسًا للشخصية العربية.......... شأنه في ذلك شأن الشيخ محبّ الدين الخطيب والشيخ الكواكبي........... وعلى الجانب المقابل يقف ساطع الحصري وميشيل عفلق.... إلخ
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-10-27, 14:26:15
نعم يا عبد الرؤوف قرأت عن الأستاذ محمود محمد شاكر وانبهرت بحجم إنجازاته وبخدماته الجليلة للغة القرآن العظيم

فيما يلي خاطرة من خواطرنا المكتبتية
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-10-27, 14:26:41
في جوّ من السكون الصباحي الجميل حيث الشمس المشرقة بحنوّ ورفق على الأرض تخرج أشعتها حييّة من بعد ليل بهيم سكن فيه الناس وارتاحوا وخلدوا للنوم، فبين نائم و نائم................... emo (30):

بين نائم صاحٍ قد يبدو نائما مظهرا، بوسادة يسنِد لها رأسه، وبفرش يمدّ عليه جسمه، ولكن عقله صاح، يفكر ويفكر ويفكر ...............
وبين تفكير وتفكير وتفكير .....فيمَ تفكيره ؟؟

قد يكون سوريا ثائرا، ملّ  حياة الخوف من الصلاة وهو في المعسكر، حتى لطالما صلى على فراش نومه متخفيا بلحافه خوفا من أن يراه جندي آخر أو قائد من قادة الأسد الأشاوس الذين يحرّمون على العسكر الصلاة .......!!  فها هو اليوم صاحٍ على سريره يفكر بمآل ثورته .... يخطط لفكرة جديدة في مسيرة الغد حيث يصدح "هي لله هي لله ....لا للسلطة ولا للجاه"........والصلاة تتمثل له درة يجاهد لأجل أن تصبح مباحة في معسكرات سوريا الحرة ...............

أو ربما يفكر بكلمات جديدة لصفحة الغد من صفحات مواكبة الثورة الأبية ، مجاهدا بها وهو لا يملك غيرها سلاحا في غربة يعيشها بعيدا عن إخوته الثائرين المتظاهرين..........

أو ربما هو ليل الثائر اليمني الصاحي الذي يفترش الأرض ويلتحف غطاء خيمة اعتصم بها قرب مقر الجاثم على صدر اليمن الذي كان سعيدا قبله، ذاك الذي قيل أن اسمه "صالح" وليس  له من اسمه أدنى نصيب ..........

ربما يبيت مفكرا بآلية جديدة لدعم الثورة، بطريقة سلمية جديدة فيما يملك هو وغيره من السلاح ما قد يحيل اليمن ساحة وغى، ولكنه يفكر ويقدر فلا يلجأ للسلاح وهو بين يديه، بينما يقصف الجاثم "الصالح" إخوته بكل سلاح ...........

ربما هو نائم مصري مستيقظ الضمير والقلب، يبيت ليلته يفكر بمصر، وبمستقبل مصر، وبمستقبل الإسلام في مصر، وبمن يتربصون بالإسلاميين الدوائر في مصر، ربما هو ذاك الذي عاش عمره الطويل أو القصير يحلم بتحرر مصر، وبعودة مصر لدورها الريادي في الأمة، فهو اليوم لا يكاد يصدّق أن مصر قد تخلصت من رأس الأفعى، وإن بقي جسدها المتلوّي يزحف بين الأزقة والشوارع في مصر الجديدة ينفث سمّا من الجسد، وإن قطعت الرأس ومعها اللسان ..........

هو الذي يرنو لمصر حرة وإن كره الكارهون، كل الكارهون........هو الذي يأمل ضميره الحي مع ضمير حي آخر لا ينام، مع ضمير حي آخر لا ينام،في غد مشرق تصبح فيه  مفتوحة "عمرو بن العاص" عمريّة قحّة ..... يقبل أن تحتضن مصر الجميع، أن تحتوي الجميع ...........أن تصاب الفتنة فيها في مقتل ............ بإرادة الله أولا، الله الذي يسمع ويرى إخلاص المخلصين ودموعهم الحراقة في هزيع الليل يدعون ربهم تضرعا وخفية أن يحفظ مصر من كل مكر ...............

ربما هو ذلك النائم الذي أرخى الليل عليه سدوله في قطعة من الأرض اسمها "غزة"  يتابع بنياط قلبه مع عينه وبكل خيوط عقله روضة الربيع العربي وقد ألقى فيها الثوار بذور الأزهار ..............وسقوها بأحمر قانٍ وما استكثروا أن يسقوها ويرووها بأحمرهم وهو ريّ حياتهم، فآثروا الرياض على الأرض والربيع يغمر الأرض وهي "بتتكلم عربي" على أن يرتووا هُم والأرض عطشى قاحلة جدباء .....

هو ذلك الغزاويّ الذي يتابع كل هذا ..... فيعلم أنه لم يعد وحده وأنّ قلبه لم يعد وحده ينبض للأقصى، ويرنو لتحرير الأقصى ويعلو صوته أنه يريد الصلاة بالأقصى ولم يعد يستبعد الحلم، ولم يعد يراه بعيدا من بعد ما ذهب الذي منع غزة النَّفَس ذات عام وسدّ عليها كل منافذ الحياة ظانا أنه يقتلهم ويكتم أنفاسهم ليتخلص منهم ومن مقاومتهم ومن إبائهم ومن حبّ التضحية عندهم ومِن حياة الأم بعد فقدها فلذات كبدها وهي محتسبة فرحة تنتظر يوم لقائها بمن سيشفعون لها لتدخل بمعيّتهم الجنة ..........ظنّ أنه سيخرس أصوات هؤلاء "المجانين" في عرفه ....ذلك الظالم .....
حتى إذا هو اليوم ممدد على سرير يُدفع به إلى خلف قضبان وعلى رؤوس الأشهاد يحاكَم ....... وهذا الغزاويّ يتابعه وهو على سريره ..... ويستذكر مشهده ليلا وهو صاح يفكر على سريره ..........وشتان بين سرير وسرير !!!

ربما هو ذلك الليبي الحر الذي تنفس الصعداء من بعد مقتل ملك الملوك المزعوم، ذلك الليبي الذي فُكّ الرباط عن عنقه والقيد عن معصمه من بعد ما أراه الله يوما فيمن اغتصب جنده أخواته الليبيات كأبشع ما يكون من الحيوان  .... عذرا أيها الحيوان فأنت والله أكرم وأكرم وأكرم ....
فيمَن قتل الليبيين فرادى وجماعات وقبرهم جماعات يظنّ أنه سيتخلص من أرواحهم الأبية ومن ضمائرهم التي لا تموت وإن توقفت قلوبهم عن النبض .....خاب ظنه ذلك القاتل المقتول .....!!

يااااه يا ليل النائمين كم فيك من الصاحين !!! ويا نهار المستيقظين كم فيك من نائمين !

في صباح من صباحات مكتبتي، في جوّ من السكون الذي يسبق استيقاظ الدارسين و العاملين ليبدؤوا يوما جديدا من العمل أو الدراسة ....في كَنَف شمس مستحيية قد أَذِن لها الفجر المنتصر أن تنبلج وتنجلي من بعد ليل بهيم كم كان بين نائميه من صاحين .......!!! ومع صوت عصافير مهاجرة تلقي السلامات من بين السحابات تمنّينا بيوم يغنّي فيه الأحرار نشيد الحرية كما يغرّد فيه العصفور الشحرور نشيد حريته الأبدية .......

أو ربما كان صباحا مندّى بحبات المطر المؤذن بعودة الشتاء الماطر المغيث ، والغيمات المرمِّدات عين السماء الزرقاء تكاد تستصرخ من ينافح عنها ويدافع، إذ أنّ كل الكلمات عنها أنها المبدّلة لون السماء الزاهي إلى لون حزين .... sad:(وأنها التي تحجب قوة الشمس عنّا في حرب بينها وبين أشعتها الذهبية، وأنها ....وأنها ........  sad:(ملّت المسكينة ظلم الواصفين ... فيما تكاد تصرخ بنا :  ألا ترون جمالي أنا الأخرى ؟؟؟

فأردّ عليها في ساعتها ولا أحد غيرنا... أنا وهي وبعض قطرات الندى ....... أرد عليها أنّ جمالك لا يقلّ عن جمال الإشراق أيتها الغيمات emo (30):، في عزّ تلك الساعة الساكنة من صباح مندّى بقطر الندى ...... وطوبى لمن أحسّ جمالك مع نظرة إلى حيث الراسخ الشامخ خلف الأبنية  والعمارات يطل علينا برأسه وكأنما يعلن زمان إعلاء الرؤوس، فكأني به طودا أكثر شموخا من سائر أيامه الفائتة .......... emo (30):

في صباح من صباحات المكتبة الباكرة.... والأنيس طبيعة جميلة ساحرة هادئة ساكنة، ليس سكون الليل ولا هجوع السحر، وإنما سكون الصباح الباكر، حيث الشوارع الخالية من كل صخب، المرتاحة ساعةً من ساعات اليوم من لهث الناس، ومن جحود الناس، ومن آثام الناس .......
وكأنما هي هدية الرحمن للشوارع وللشجر، وللحجر... ليهدأ ويسكن وينام كما ينام النائمون .........!! هدية الله لقطع من أرضه عرفت دبيب الناس كما لم تعرفه أرض  تعودت الطبيعة ومكوناتها وحدها ........


في صباح من تلك الصباحات .........وفي إطلالة باكرة من شرفة عقلي وقلبي على أهل الأرض العربية التي بدأت تذوق طعم الحرية وبدأت تعرف معنى التضحية، وبدأت تتوق لمعنى الانعتاق .......في إطلالة من عقلي وقلبي على قلوب وعقول عرب كثيرين من عرب الربيع المزهر، أطل على أسِرّة حملت أجسادا في ليل النوم لم تنم.... لأنها وقد ألقي عليها بدواء الداء الذي اشتكت منه طويلا لم تعد تعرف النوم .....ولم تعد تستطيب النوم، وباتت تخشاه من فرط ما أخذ من العمر سنوات وسنوات ...............!!!

في صباح من تلك الصباحات ......في صباح هذا اليوم بالذات ....كان أول الداخلين مكتبتي، ولدين يبيعان الجرائد، هما ممن يستقبلون الصباح في ساعات سكونه وهدوئه .......يسألني إن أحببت اقتناء جريدة من عنده -وفي مكتبتي لم أضف بعد ركن الجرائد اليومية-  فاقتنيت من عنده وهو من أولئك الذين تود لو أعطيتهم وإن لم يكن ما أخذته يعنيك ......!

كانت جريدة "الشروق"   .....وكانت صورة القذافي تتصدر الصفحة الأولى رافعا يديه داعيا في واحدة من صوره القديمة ....وعنونت الصورة بمانشيت عريض "القذافي دفن بطريقة لم تحدث في تاريخ البشرية "...........

وأحيطت الصورة من جوانبها بعناوين جانبية يستجلبون بها القراء ليقرؤوا المزيد على الصفحة المفصلة بين باقي صفحات الجريدة .....ولكنّ شيئا من تلك الكلمات لم يستهوِني ولم يشدني، ولم يثر في نفسي شيء من الصورة أو الكلمات إحساسا ....إلا إحساس الكراهية الدائمة لهذا الشخص الذي كان يوما ما يعبث بأرواح المؤمنين كما يعبث الذئب بأطراف الشاة البريئة .........

تعمدت ترك الجريدة مفتوحة على صفحتها الأولى فوق العارض الزجاجي بالمكتبة حيث يقف كل من يدخل المكتبة لقضاء حاجة، وهو حائل بين الزبائن وبين مكتب لي بحاسوب، تركت الجريدة فوق العارض  لحاجة في نفسي .......

دخل رجل المكتبة، وهو بين الخمسين والستين من عمره .... تعودت على وجهه إذ لم يكن غريبا، بل كان زبونا تعود على قضاء حاجيات له من المكتبة، خاصة ما تعلق بالكتب ....

سألني إذا ما زرت العاصمة في معرض الكتاب الدولي الأخير، وإن كنت قد استجلبت معي كتبا منه، وهو يسأل تقع عينه على صورة القذافي، وفي سرعة برقية يقرأ العنوان العريض ويلمح اليدين الممتدّتين بالدعاء، فيقول بين متمتم ومجاهر:

- ادعُ اليوم أو لا تدعُ يا قذافي ....سواء بسواء

فعرفت أنه الذي عرف أن الدنيا قد ارتاحت منه  .... فرددت عليه بلسان قناعتي

- ارتاحت منه الدنيا ..................

- بلى ....وكيف لا ؟؟

- الغريب فيمن يشفقون عليه ويستثقلون قَتْلته ويوصمون قاتليه بالهمجيّين ....ما بالنا؟؟!!

-تلك مشكلة من مشكلاتنا أختاه ....فهل يُنسى كل ما صنع من قبل ....؟؟!!

واكتفيت بقوله هذا ليُقضى شيئ من حاجة في نفسي ......

ويمر الوقت، ....و يدخل مكتبتي رجلان يريد أحدهما صورا طبق الأصل لما عنده من وثائق، وبينما أنا مع الآلة المصورة والوثائق، أسمع حديثا بينهما موضوعه تلك الصورة وذلك التعليق .....

- إييييه .....هذا القذافي رحمه الله رحمة واسعة ..........

فيرد مرافقه :

-لقد صيّروه مجرما من بعد ما كان فاتحا وعظيما وقائدا ......

- وعبد الجليل ذاك ...ليس إلا مجرما ؟؟!!


وأحجم عن أي تعليق وإن كان الكلام يريد أن ينطلق مني انطلاقا ..... ولكنني كنت أعلم ألا فائدة من كلام مع أمثالهما .....زدْ أنّ المرأة منا تعرف من يقدّر كلامها كلاما ومن يرى في كلامها شيئا غير الكلام ........فكان مني الإحجام وكأنني لم أسمع .....................

ويُقضى شيء من حاجة في نفسي، وآخذ الجريدة وأخفيها  وأكتفي برأيَيْن اثنَين وهما اللذان يترجمان حال أمتنا من بعد الخلاص من طاغية بين الطغاة .........................كانت الأرض تشتكي جُرمه وجبروته وطغيانه .......

هي بين فكر ولا فكر ..........هي بين حق وباطل، هي بين إرادة الله في الأرض وأمنية من تمنى أن يكون ما أراد هو أور بما لم يكن يريد شيئا أصلا......هي بين تذكر ونسيان، أو تناس للأهوال وتذكّر للحظة الانتقام وحدها معزولة عن كل ما سبقها، مجردة عن كل أسبابها، وكأنها الافتراء والظلم والتعدّي واللاإنسانية .....

هي بين إنزال المفاهيم منازلها، وبين إنزالها بغير منازلها ..........فنذكر ساعة يكون الطاغية فاعلا ونغضب ونزمجر وقد نزبد ونرعد مع من يزبدون ويرعدون، وحينما يحل الانتقام، وتأتي النهاية التي يريدها الله، نفصل الحدث عن كل أسبابه فلا نعود نرى إلا الحدث وحده وكأنه المقتول المظلوم....

وكأن "الشهيد"  بات وساما يوزّع على الظالم والمظلوم سواء بسواء، على المتعدّي أولا وعلى المتعَدَّى عليه سواء بسواء .........وكأن الحق والباطل وجهان لعملة واحدة ..................

ورغم كل ذلك ...............ورغم كل ما نسمع ....ورغم كل ما ينساه المشفقون على الظلمة، لن نظلمهم بدورنا ولن نحاربهم حتى يروا ما نرى وحتى يذكروا معنا ما نذكر ........

قد نذكّرهم ....نعم ... ولكن لن نحاربهم من أجل أن تصبح رؤيتنا للحق واحدة، مستندة لأسبابها وتاريخها .....
بل سنحارب العمى، وسنحارب التضليل، وسنحارب المساواة بين الظالم والمظلوم، وسنحارب الرؤية بعين وبعين نقيضة بين غمضة عين وانتباهتها ..... سنحارب الانجراف خلف التضليل الإعلامي وثقافة ترسيخ الرأي الآخر بعقول من السهل استعمارها لسهولة قابليتها لأي استعمار ...ذاك الرأي الذي يصيّر الإنسانية إنسانية ساعة يشاء لمآربه وحاجاته، ويصيّر الظلم ظلما ساعة يشاء لمآربه وحاجاته ....
ذاك الرأي الذي يبني على نشره وزرعه مآرب  ومقاصد بعيدة تغيب عن أولي الآراء المتقلّبة الذين لا يرون بعين الحق بل يرون بعين متقلّبة متتبعة لخطى المخططين مُعلية لخططهم، مُنجحة لمقاصدهم ........

سنحارب التضليل ليكثر الواعون ...................... وحتى لا نرى الظالم ظالما يوما وحينما يذهب ويذهب ظلمه  نصيّره مظلوما ....
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-10-27, 14:52:58
أختي..... الذي يأسف على القذافي بكلّ تأكيد لم يجرّب المصاب في ولد فقيد أو شرف مضيّع أو طلّ مهدّم............
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2011-10-27, 18:37:46
دعك من نهاية الخاطرة وما حدث في مكتبتك ومؤامرتك الصغيرة على الزبائن المساكين... مقدمة الخاطرة قطعة فنية رائعة الجمال، يجب ان تفصل عن آخرها السياسي المؤامراتي  emo (30):
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: جمانـة القدس في 2011-10-27, 19:51:18
دعك من نهاية الخاطرة وما حدث في مكتبتك ومؤامرتك الصغيرة على الزبائن المساكين... مقدمة الخاطرة قطعة فنية رائعة الجمال، يجب ان تفصل عن آخرها السياسي المؤامراتي  emo (30):

 ::ok::
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-10-28, 09:36:47
دعك من نهاية الخاطرة وما حدث في مكتبتك ومؤامرتك الصغيرة على الزبائن المساكين... مقدمة الخاطرة قطعة فنية رائعة الجمال، يجب ان تفصل عن آخرها السياسي المؤامراتي  emo (30):

 ::ok::

والله كل تلك الخواطر تأتيني وأنا في المكتبة ... فتعلّق الأول بالمؤامرة الأخيرة .... وكم أصبحنا نعيش على وقع الثورات في كل حركاتنا وسكناتنا

بورك فيكما وجزاكما الله خيرا  emo (30):

أختي..... الذي يأسف على القذافي بكلّ تأكيد لم يجرّب المصاب في ولد فقيد أو شرف مضيّع أو طلّ مهدّم............

نعم يا عبد الرؤوف...فقط لو وضعوا أنفسهم مكان من اغتصبت زوجته أو ابنته أو أخته أو أمه أمام ناظريه، والعياذ بالله
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-11-02, 17:29:08
من على كرسي مكتبتي، وقبالة بابها الزجاجي  أحيانا كثيرة ما يقع ناظري على المارة بين يمنة ويسرة ....

وعلى بيت جارنا المقابل تظلله كرمة قديمة، تتدلى أغصانها على جداره ستارا أخضرا مزيّنا....عرفنا البيت بها كما عرفناها بالبيت، تتدلى أغصانها المثقَلَة بعنب قد ظهر وبان ونضج في أيام العنب من كل عام ....

كان قريبا من قبل أن تخطّفه يد المنون دائبا على إهداء المقربين من جيرانه عناقيد من كرمته كلما أعطت من خيرها، ومنذ ما يزيد عن شهر ذهب جارنا إلى حيث لا كرمتُه ولا بيتُه، ولا مَنْ عرف، بل إلى بين يدي ربه الكريم ليجازيه أجر ما عمل وقدّم ....

طابت كرمة جارنا هذه المرة.... وعلى غير عادته بتعهدها وتتبع خطى مخاضها وولادتها لعناقيدها المتدلية، رأيناها هذا العام وحيدة......

 تتهادى الأغصان منها ويَبِينُ منها العنب بيانا، وقد حُرمت اليد التي كانت إليها تمتد .... فتأخذ من عطائها أخذ الصاحب من شيئه وملكه ....
تُرِكت وحيدة.... فما تعهد الأولاد من بعده، وما عملوا بما كان يعمل.....

فإذا الأيادي تمتد إليها من غير وجه حق كحال من لا تتعهّده  يد الداخل، فتمتد له يد الخارج........... ولكن هيهات لتلك اليد أن تتعهد ...!!!
تمتد إليها وهي الخارجة عن سترها ومن خدرها إلى خارج البيت سافرة كاشفة عن خيرها ونمائها مرغَمة لا بطلة....!!

أيدي أطفال أراهم قبالتي وهم يتسلقون جدار البيت القصير لتأخذ أيديهم من الكرمة  عنبا طازجا ليس لهم فيه من حق.......
فلا أجد إلا أن أصيح بهم أن يكفوا، وأن أدعو منهم من يستأنس بدعوتي ويعرفني فيأتيني محمَّلا بالخزي والأسف، والخجل  والخوف من عاقبة بين العواقب ..... !! :blush:: :emoti_64: sad:( :blush::

وكنت كلما ظفرت بأحدهم حاولت السطوة على غضبي والمسارعة لإمداد نفسي بمفتاح باب الحوار، محدّثة نفسي بحديث الاعتداد والاستعداد وأنني ما زمجرتُ وغضبت فلن يُقبل مني كلام........ وما هدأت وتهيأت وحدثت بصوت الهادئ المسالم فسأظفر بامتداد للحوار...........ولظلال حوار الصغار امتداد لكل حوار ........!!!

أسارع بالمفتاح ليد نفسي، عسى الحوار يُفتح الهُوينى بيني وبين ذلك الطفل المتسلق المبتغي ما ليس له، مقلدا لأترابه، أو متخذها مغامرة بين مغامرات يحاكي فيها شخصيات كرتونات أيامهم هذه.... :emoti_144:  فهو المتسلق المتحذلق، الذي يجاهد في سبيل حبات عنب يفوز بها من علُ .....حبات عنب من كرمة مات صاحبها .....

فيقفز ليبدأ رحلة السارق الخائف الهارب الصغير تطير به ريح قدميه خوفا وهلعا من بعد استنفار صوت بين الأصوات كصوتي، أو.................؟؟؟؟؟أو ماذا يا حزن نفسي ..............ما سمعت لأحد من رجال محيطين بالمكان، أو من المارة من كلمة زجر أو نهي أو .................. !! لا حسرة ولا ندم فالحال متوقع ....... وما على أحدنا انتظار كلام غيره ليتكلم ............. !!

"تاج"  طفل بين أولئك الأطفال، ولكنه وما أن سمع مناداتي له باسمه حتى أقبل عليّ ولم يهرب.... فهو أحد زبائن المكتبة، وأعرفه ويعرفني ......
ناديته وأنا أستحثه على المجيئ  بتقاسيم الهادئ، أو الذي يصطنع الهدوء حتى يفوز بمن نادى، وحتى يَطمئِن المُنادَى وعينه تراقب وجهي وتقاسيمه مع خطواته المقرِّبة له مني ليفوز بالاطمئنان النسبي أنني لست بالتي ستعاقب أو ستضرب أو.............

بين تلك الخطوات المتثاقلة التي تأخذه إليّ يقرأ بين التقاسيم عنوانا من عناوين الاطمئنان ليقبل ولا يدبر وإن كان يعرفني .....
وحدثت تاج بما حدثت .... وسألته ما سألته وكان يجيب عن كل سؤال بجواب رديف .....................

-هل تحب أن يأخذ أحد من شجرتكم شيئا يا تاج ؟ هل تحب أن يأخذ أحد شيئا هو لك عنوة دون أن يستأذنك أو خفية ؟؟
هل تحب أن يسميك الناس سارقا ؟ أما ذقت يوما من أيام حياتك عنبا، حتى تفعل ما فعلت ؟ ألا تدري أن الله يراك وأنّك تأخذ ما ليس لك ؟؟   لكم أحب أمك الطيبة يا تاج، فكيف لأم مثلها أن يفعل ابنها هذا ؟؟ ...لا أستسيغ هذا ......

وكان يجيب على كل هذا وهو مَخزِي، خجِل مطأطئ الرأس ........... :blush:: :emoti_64:......
وتفاهمنا، واتفقنا،  وبلغنا لحظة العهد بيننا ألا يكون ما كان منه كرة أخرى .....فتبسّم وعضّ على العهد بالنواجذ وشدّد حروفه كلها حرفا حرفا  ورفع رأسه لحظتها وتبسم وهو يعاهدني ألا يعود لفعلته ثانية ....... emo (30):



واليوم............................اليوم عاد ...........عاد تاج .....
فإلامَ تراه عاد ؟؟؟؟   !!






عاد لمكتبتي  emo (30):    بمعية صديقه وهو يقول :

-  أستاذة أسماء لقد اقترح علي أحدهم أن نتسلق جدار بيتكم لنقطف من حبات برتقال شجرتكم، فأبيت وما قبلت ....

-   وماذا قلت له يا تاج ؟

-   قلت له أنني لن أفعل ، وأنما هي سرقة ولا يليق بنا أن نفعل هذا ....

-أتعلم يا تاج ؟ تلك الشجرة التي تبدو لكم ثمراتها برتقالا..... ليست برتقالا، بل هي شجرة ثمارها مرة، لا هي الحلوة ولا هي الحامضة، ونحن لا نأكلها، إذ لا يستساغ لها وطعم وإن بلغت كل مبلغ من نضجها ..... وحتى وإن كانت برتقالا ، فما ليس لك ليس لك .......

وطلبت من تاج أن ينتظرني قليلا خارج المكتبة ريثما أوصد بابها بقفل وأدخل بيتنا من بابها  الخلفي، ثم أقطف له من شجرتنا حبة من البرتقال المزعوم .....

وما هي إلا دقيقة أو اثنتان حتى كانت اللفة...... وأتيته بالحبة ..... فوجدته وقد أتى بصديقه الذي اقترح عليه ذاك الاقتراح العبقري يجرّه جرا إلى حتفه  ::)smile: ويمسك بتلابيبه، والآخر خائف فرِق يرتعد ..... وهو أقصر من تاج طولا، وأنحف جسما، بل وأصغر  عمرا ...... !!

ومن ميزات مكتبتي أن كل وجوه الأطفال الذين يسكنون قريبا منها أو يبعدون بقليل، أو يدرسون بمدارس محيطة بها، لم تعد غريبة علي، ولم أعد أنا الأخرى غريبة عنهم .......
وسارع الطفل للقَسَم وهو يراه مهربه وفِكاكه مما لا يعرف عقباه .......

فهدّأت من روعه، وأشرت لتاج أن يطلقه ويطلق تلابيبه وهو الذي بات يرى نفسه شرطيا قبض على مجرم ..... :emoti_214: ، ففعل ...... ووجه الطفل كحبة الطماطم (البندورة) المتفجرة احمرارا ..... :blush::

وأطلقه وهو لا يكاد يقوى على ابتلاع لقمة من قطعة  كسرة يحملها بيده ،ولا يكف عن القسم أنه لم يفعل ......

-   أخبرني إن أنا أردت أن أختطف قطعة الكسرة التي بيدك وأهرب هل كنت لترضى ؟؟

-   طبعا لا . sad:(

-   وإن أنا سألتك أن تعطيني منها قطعة ؟

-   تبسم وأجابني بطفولة بريئة في قلب الجريمة  emo (30): : أعطيك منها طبعا .  emo (30):

-   كذلك إن طلبتني أعطيك من شجرتنا ما تشاء، ولكن إن أحببت أخذها مني خفية فإنما هي السرقة بعينها ، فهل ترضى أن تكون سارقا فيما غيرك إذا سئل ما مراده أن يصير إذا كبر قال : "طبيب"، وآخر يقول "مهندس" وآخر يقول "معلم" ....أفترضى أن يقال عنك "سارق" ؟؟  :emoti_17:
-   لا .....طبعا لا ..... sad:(

وأنهينا اللقاء، بالعهد وبحبة النَّارَنْج المقسومة شقّين ، وأنا أقول: انظروا إليها إنما هي مرة لا تستساغ ......أفتذوقون ؟؟ وحتى إن كانت حبة ماس تتدلى من غصن شجرة ليست لي ......فهل لي أن آخذها ..............؟؟!!

ردد ثلاثتهم  الشرطي تاج، والمتهم الواعد بألا يعود لما كان، والصديق الشاهد .......: لا لا ............

تاج .....هل تُراك حقا ستبقى شرطيّ نفسك ....؟؟؟؟  emo (30):  أملي في ذلك كبير ....  emo (30):

العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: فارس الشرق في 2011-11-02, 18:33:19
لا ينفك عجبي من بيانكم السحري منذ أن قرعت أبواب المنتدى يا أستاذة ::)smile:
ياللعجب، حقا "نمط صعب نمط مخيف"....رحم الله شيخ العربية محمود شاكر وقد جاء له ذكر بينكم..رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.
قصَّاصة بارعة من الدرجة الأولى يا أستاذة لم ينفك حوارك عن الحبكة الفنية وعناصر التشويق والسرد المنمق
أسجل الإعجاب والمتابعة ::ok::
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: أم يوسـف في 2011-11-02, 18:54:52
رائع جدا يا أسماء

يذكرني هذا الموضوع بروائع المشاركات أيام القبيلة
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-11-03, 10:20:28
سعيدة بتواجدك يا فارس الشرق، أهلا وسهلا بك  :good:

أخجلتماني يا فارس الشرق ويا أم يوسف بكلماتكما الطيبة :blush::، جبر الله خاطريكما  emo (30):
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: سيفتاب في 2011-11-03, 10:52:43

آه يا فراشة على أسلوك وكلماتك، هي واحتي التي تخرجني من الهموم، بارك الله لك.
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-11-04, 10:59:40

آه يا فراشة على أسلوك وكلماتك، هي واحتي التي تخرجني من الهموم، بارك الله لك.

أذهب الله عنك كل هم emo (30):، وحرر الله أرضنا لنستجمّ فيها ونشتم فيها أريج الحرية العبِق
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-11-04, 12:07:50
يا أسماء........

تقول الحكمة العربية:
كل مبذول مرذول.......

لدي إحساس بأن هذا الولد لا يأكل البرتقال أصلا......... وربما عانى الأهل من إقناعه بتناوله......... لكن البرتقال حلي في عيونه لأنّه محرّم....... فقط محرّم....... تماما كشجرة سيّدنا آدم........
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-11-04, 12:52:40
يا أسماء........

تقول الحكمة العربية:
كل مبذول مرذول.......

لدي إحساس بأن هذا الولد لا يأكل البرتقال أصلا......... وربما عانى الأهل من إقناعه بتناوله......... لكن البرتقال حلي في عيونه لأنّه محرّم....... فقط محرّم....... تماما كشجرة سيّدنا آدم........

ربما يا عبد الرؤوف  emo (30):  ربما "جدا" ...والله أعلم، ولكن في هذه الحال هو يكرهه من ذاته وليس هناك من كرهه فيه، فكيف يتوق إليه وقد كرهته ذاته؟؟ بينما سيدنا آدم عليه السلام قد كان للشيطان يده في الوسوسة لتحلّى له ولحواء تلك الشجرة التي أمرهم الله ألا يقرباها . وبكل الأحوال تبقى ثمار كل شجرة ليست لي محرمة علي ما لم يأذن لي صاحبها  .... emo (30):


العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-11-04, 17:06:59
قبل قليل ....بل قبل دقائق من الآن ....

دخل مكتبتي ثلاثة رجال، متفاوتة أعمارهم.....يبدو أحدهم أبا لأحدهما، وربما كان للثاني أخا  ....
لا يتكلمون اللغة العربية ... إلا من "السلام عليكم" ، وحروفها الثقيلة على غير عادة خفتها على ألسنة غير ألسنتهم .....
فرددت : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .... وتعمدت أن أحترس... وأنا أردها كاملة غير منقوصة ، وقد عرفت أنهم بلغة غير لغتنا لغاية في نفسي أحببت أن أقضيها ...... emo (30):

سألني كبيرهم  عن مصحفين مُعَلّبين رأوهما من العارضة الزجاجية الخارجية (الفترينة)، مصحفان بطبعة فنية جميلة راقية، كل منهما داخل علبة مزينة بهية جميلة  ....
 ....  وقد بانت لغتهم  وأفصحت وكانت "الفرنسية"، وتبينت من غير ما عناء أنهم من الجالية الجزائرية بفرنسا في زيارة للجزائر ....

أخرجت أحد المصحفين من العارضة، وأفرغت علبته منه، وهل يفرغ شيء بمثل ما يفرغ من القرآن ما كان القرآن ساكنه ؟!!
حتى يتسنى لهم رؤيته عن كثب ..... فإذا بثلاثتهم بتشاورون حول أيهما يكون مقتناهم .... وأوسطهما عمرا يقول بإعجابه بذلك المصحف بالذات، ودون علبته .....فسألته إن كان للإهداء الشخصي فالعلبة لها دورها، أما إن كان سيهديه مسجدا، فما هي باللازمة .....

فثنّى الشاب على قولي وهو يصر على ذلك المصحف بلا علبة.... emo (30):
أعطيته إياه ... ووجدتني بفضول الذي يريد أن يتأكد وقد استقرأ شيئا من الحقيقة، ليزيد التأكيد من فرحة غمرت القلب .... emo (30):

-
أفتريد إهداءه لمسجد هنا، أم تريد إهداءه لمسجد بفرنسا ...؟؟

- بل لمسجد هناك  بفرنسا ....

كان شابا يحمل سمتا إسلاميا، وإن كانت حروف لغته السلسة المنسابة فرنسية ، وبعض من حروف عربية ثقيلة على لسانه  .... لحية خفيفة ولباس عادي، لا مظهر فيه لموضة أو لخارقة بين خوارق لباس شباب اليوم، شعره بمشطة عادية لا شرقية ولا غربية .....

بل إن الكثير والكثير من شبابنا أكثر حملا لتعقيدات الموضة وأسفارها الصفرية الواهية، وخزعبلاتها وهرطقاتها التي لا توحي إلا بمفردات الجنون والخبل ......

زاد من فرح قلبي أنه سيهديها لمسجد من مساجد فرنسا ..... emo (30): فأعربت له عن سعادتي أن بين مصاحف مكتبتي ما سيكون هناك، ليقرأه أحدهم هناك.......................هناك ......... لأسبح في فضاء روحي جميل ...يأخذني إلى هناك ...

حيث كلمات الله تعلو من مآذن بفرنسا .... وإن شنوا حربا على المآذن ....
حيث كتاب الله يفتح لتقرأ كلماته النورانية وإن شنوا حربهم على المصاحف ........
حيث الفرنسي المسلم ذو البشرة البيضاء والعين الزرقاء، والشعر الأشقر ...... وحيث الفرنسية المسلمة المفتخرة بحجابها الأبيض البسيط الذي لا تتدلى منه القطع الزائدة التي تموج موجا وتلهو بها نسائم الهواء الهادئة فتكاد تصيّرها قطع طائرات ورقية ترفرف من جنب وجنب ، كما انتشر بين بناتنا على أرضنا الإسلامية ......
حجاب تلك الفرنسية .... البسيط الذي لا يصف ولا يشف .... كما أمِرْنَا وكما عرفنا، ليس كما تضعه الكثيرات الكثيرات من بنات أرضنا الإسلامية فتكاد كلمة "حجاب" من قاموس العربية تفرّ وتقفز من مكانها بين الكلمات، لتتمثل باكية آسية أمام كل مسلمة يقال بين الأقوال  أنها المتحجبة ويُرى أنها اللاهية بالحجاب اللاعبة........

ذهبت بعيدا وأنا أعرف أن مصحفا بين مصاحف مكتبتي يقدر له الله أن ينتقل من مكانه ها هنا إلى ها هناك ....حيث قد يقرأه مسلم مغترب يتوق شوقا لكلمات ربه بين مضايق الغربة ومخانقها ............

قد تكون مسلمة تلك التي ستحتضنه وتقبله قبل أن تفتحه، وعينها تدرّ من دمع الشوق والحب، تفتحه لتقرأ من كلماته على جالية مسلمة هناك تجتمع في ساعات صفا لتنهل من بحر النور حيث بلاد النور وثورة الأنوار .... وهي عندهم ظلام بلا كتاب الله .......

قد تقرأ عليهم منه كلمات، قد تبحر معهم في تفسير معانيها، قد تبكي مآقيها وتبكي معها مآقيهم شوقا وحبا بنور الله يغمر قلوبهم ويعبّ لها منه فيه ...............

قد يكون فرنسيا أو ألمانيا أو أو أو ..... كيفما كانت جنسيته.....وقد  اعتنق الإسلام حديثا .....فيفتح صفحاته ليقرأ أول سورة حفظها من كتاب الله "الفاتحة ".........

يفتح الله بها قلبه، ويفتح بها الله عليه..........فيقرأها وهو يهجي حروفها حرفا حرفا .... وقد تعلم الحروف العربية حديثا لا لشيء إلا ليقرأ كتاب الله ...
وليفهم كلامه كما نُزّل ، وباللغة التي بها نزّل، وليقرأ الفاتحة والسور القصار في ركعات صلاته الخاشعة وهو المنيب بين يدي ربه الرحمن الرحيم ملك يوم الدين الذي إياه يعبد وإياه يستعين .......... والذي يسأله أن يهديه الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين

ولينهيها مؤمنا .............."آمـــــــــــــــــــــــــــــــــين"

قد يكون هو هذا الذي عرف الفاتحة قريبا، من سيفتح ذلك المصحف فيلقي من نور ابتسامة عريضة على نور الكتاب ...ليلتقي النوران....
نور قلب قد اهتدى واتقى،  ونور كتاب هو للمتقين الهدى ............. فأي رحب وأي فضاء وأي سماء تلك التي فيها من هذه الأنوار ومن هذه الإشراقات العليّة .....!!

قد يكون شابا ما لامسته نسائم العشرين بعد .....قد تكون شابة ما هدهدت وجنتيها الغضتين نسائم العشرين بعد ......قد يكون هو أو هي فاتح المصحف .....المعبّ من أنوار النور المبين ........... هداه ربه وهو شاب، فيا سَعد نفسه ويا هناءها وهو الذي تلقفته يد الرحمة الربانية ليمضي العمر مسلما ........!!

أو قد يكون شيخا جاوز السبعين .....يتوكأ على عصا وله فيها من مآرب أخرى، إذ عزّ أن يمده الوهن فيه بما يقضي له الأخرى .... قد يكون هو فاتح المصحف .................يااااه  أوَبعد كل هذا ؟؟؟ !!! ...........لا لا بل مرحى مع كل هذا emo (30): ...........مرحى لعمر لن ينتهي إلا وهو مسلم، فيجبّ إسلامه كل ما كان منه من سنون عمره .............

يا رحمة الله ويا نوره المتمّم ولو كره الكافرون ..........يا نور الإسلام يشرق على الأرض وإن شنوا الحروب والحروب.... يا ماءه العذب الزلال يشقّ الصخر، يفتته.... يمرّ من خلاله قويا عظيما يشق الآفاق  ليطهّر ......

يااااه ........ يا رحمة الله العلي العظيم ......... ويا نوره السنيّ يمتد بين ثنايا القلوب المنهكة ليفرحها ويبهجها ويعيد لها فرح الروح ..........
يا فرحة الروح بنور السماء يسمو بأهل الأرض حيث السناء ........ ليكون مَن على الأرض على الأرض وهم يسبحون في أطراف السماء.......ليكون من على التراب بترابهم طيورا تحلّق وتسبح وتحط على سحابات السماء حيث المياه الثجاجة البَرَدية تغسل القلب بحبات سماوية نورانية ................

يا رحمة الله لعباده المذنبين ...............ليفرح القلب بعطايا الرحمن الكريم ........بفرح الروح ........يا فرحة الروح ما أحلاك بنور رب العالمين......
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-11-04, 18:37:48
خواطر جميلة يا أسماء....... :-)

في الجامع الأزهر مكتبة دعوية تطبع الكتب الإسلامية وفيها نسخ من ترجمة معاني القرآن الكريم بكل لغات الأرض... وهي مكتبة موقوفة على الأجانب ابتغاء وجه الله تعالى..... تعرّفتُ على القائمين عليها حين كنت معتكفا في الجامع الأزهر قبل حوالي ثلاث سنوات...... وكان معنا مسلمون من أقصى الأرض إلى أقصاها........

أكثر من لفت النظر كان جصتس الأمريكي...... الذي أسلم وودع خلفه تاريخًا أسود من الجنوح والإدمان....

وقتها أحسست بنعمة اللغة العربية....... فتح جصتس نسخة من القرآن الكريم مع ترجمة إنكليزية لمعانيه....... فتحه على سورة القدر..... وكنا قريبا من ليلة القدر....... ترجم المؤلف كلمة القدر إلى القَدَر....... وفي نسختي ترجمها إلى القوّة!!!....... تكرّرتْ الأزمة نفسها عند الكلام عن الرُّوح......

وجاءت ليلة القدر........ وسمّاها أحد المعتكفين لجصتس (ليلة الحراميّة) أي اللصوص!!!!...... لأن الجامع يمتلئ عن آخره بالزائرين...... رجالًا ونساءً..... كبارًا وصغارًا......... ومعهم الإفطار والسحور لهم وللعاكفين..........

وسرقتْ نعالي.... واستعرتُ أخرى لأخ من إندونيسيا اسمه بيني.........

-بيني؟!

أسماء الإندونيسيين كانت عربية في جملتها...... محمد ورضوان وصفوان..... إلخ.......

-نعم..... إنه اسم من التليفسيون :-)

عدت إلى بيتنا لإحضار نعال أخرى........

وفي الليل نمت في ظلة عبد الرحمن كتخدا...... وأيقظني الأوزبكيون لصلاة الفجر........

توشك الشمس أن تطلع...... والمنائر أصابع مرفوعة بالتوحيد لرب الأرض والسماء........ في مسجد بناه المغاربة...... وعمره المصريون...... وبنى مآذنه العجم...... وسارت بشرفه الركبان........

قم في فم الدنيا وحي الأزهرا
وانثر على أذن الزمان الجوهرا

شكرا لك يا أسماء على هذه الذكريات الحلوة....... والمعذرة من اضطراب الأسلوب.......
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-11-04, 19:13:02
أي اضطراب في الأسلوب يا عبد الرؤوف ؟؟

بل هي قطعة جميلة ....وهذه التلقائية والعفوية والانتقال في الوصف بالطريقة المفاجئة العفوية يجعل القارئ وكأنما ينتقل مع الكاتب من مكان إلى مكان، مع ما يكتنف هذا الانتقال من معنى عميق يوحي بالمفاجأة حتى في معنى ما تحمله الفقرة القادمة ....
فمن  مكتبة الأزهر، إلى حيث جالست جسص وفتحت معه المصحف على تفسير ليلة القدر (وما أخطر أن يوكل تفسير معاني القرآن إلى من يضعون هذه المعاني الخاطئة للمسلمين الذين لا يتقنون العربية )

ثم إلى حيث سرق نعلاك ......... وها هي المفاجأة والصدمة، صدمتك التي تلقيتها وانتهى وصدمتنا نحن ونحن نعلم من أخياتها عندنا أيضا ولا يخلو الأمر من ضحكة ترتسم رغم ما يحزن من فعل  ::)smile:.....ترتسم من  حالك وأنت الآمن في "حيث الأمان المفترض" ومحزن طبعا يا عبد الرؤوف من حيث غياب مفترض الحال لحالنا ..........حتى من فرط غضب الرجل قال عن تلك الليلة بالذات (حاشا ليلة القدر) ليلة الحرامية

ثم إلى بيني الغير بيني (أضحك الله سنك يا عبد الرؤوف  ::)smile:)

حتى أيقظك الأزبكيون .............

بجد يا عبد الرؤوف ودون هزل، أسلوبك مميز فعلا .....حافظ عليه وعلى خصوصيته، ففيما تسميه اضطرابا جمال خاص emo (30):
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-11-04, 19:26:51
أي اضطراب في الأسلوب يا عبد الرؤوف ؟؟

بل هي قطعة جميلة ....وهذه التلقائية والعفوية والانتقال في الوصف بالطريقة المفاجئة العفوية يجعلك وكأنك تنتقل في مسجد الأزهر من مكان إلى مكان، فمن  مكتبة الأزهر، إلى حيث جالست جسص وفتحت معه المصحف على تفسير ليلة القدر (وما أخطر أن يوكل تفسير معاني القرآن إلى من يضعون هذه المعاني الخاطئة للمسلمين الذين لا يتقنون العربية )

ثم إلى حيث سرق نعلاك ( :emoti_282:)   مضحك عما آل إليه حالك وأنت الآمن في "حيث الأمان المفترض" ومحزن طبعا يا عبد الرؤوف من حيث غياب مفترض الحال لحالنا ..........حتى من فرط غضب الرجل قال عن تلك الليلة بالذات (حاشا ليلة القدر) ليلة الحرامية

ثم إلى بيني الغير بيني (أضحك الله سنك يا عبد الرؤوف  ::)smile:)

حتى أيقظك الأزبكيون .............

بجد يا عبد الرؤوف ودون هزل، أسلوبك مميز فعلا .....حافظ عليه وعلى خصوصيته، ففيما تسميه اضطرابا جمال خاص emo (30):

شكرًا لك يا أسماء..... لكن بدون مبالغة أسلوبي له حظّ من نفسي وقلّة اعتدادي بها........ وخطّي أيضًا غير ناضج.....

أملي أن يوفّق الله مع متابعة كتاباتكم الراقية ومجاراتها والردّ عليها إن قدّرني الله.......
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: بسمة ذياب في 2011-11-04, 19:39:57
الله انتو هنا برده يا gماعة
أظن هيك بكتبها باللهجة المصرية يا " جماعة " :-)

والله وصفٌ جمع مابين الجدّ والكوميديا بأسلوب لطيف سلس جميل ... فعلا يا أسماء هو ما قلت عن كتابات النجولي ... أؤيد بشدة وعنف :-)
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-11-04, 19:42:21
الله انتو هنا برده يا gماعة
أظن هيك بكتبها باللهجة المصرية يا " جماعة " :-)

والله وصفٌ جمع مابين الجدّ والكوميديا بأسلوب لطيف سلس جميل ... فعلا يا أسماء هو ما قلت عن كتابات النجولي ... أؤيد بشدة وعنف :-)
تااااااااااااااااني؟!!!  ::nooh:
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2011-11-04, 23:38:07
 :emoti_17:

طيب يا عبد الرؤوف كيف برأيك تترجم (ليلة القدر)؟ أن نبقيها هكذا Qadre night على اعتبار ان (القدر) اسم علم؟؟  :emoti_17:
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: أحمـد في 2011-11-08, 17:01:27
أتابع خواطرك يا أسماء باهتمام

لاسيما وقد رزقني الله في عملي أولادا بعمر أولادك

أتمنى لو أكتب عنهم
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-11-09, 06:55:11
أتابع خواطرك يا أسماء باهتمام

لاسيما وقد رزقني الله في عملي أولادا بعمر أولادك

أتمنى لو أكتب عنهم

أهلا وسهلا ومرحبا بك يا أحمد ،نورتَ "السراج المنير"  emo (30): ،تسعدني متابعتك.
بارك الله لك في أولادك ::)smile:، وعساك تكتب عنهم أيضا، فكم كان لي معهم ما يستحق التوثيق، ولم أفعل،حتى جاء يوم رأيت فيه ألا مناص من حفظ مواقفهم، وأن الاستدراك خير  emo (30):
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حلم في 2011-11-09, 08:54:40
تشينغ تشونغ ...... يا أسماء  ؟؟؟   emo (30):
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-11-09, 08:58:24
تشينغ تشونغ ...... يا أسماء  ؟؟؟   emo (30):


 :emoti_282:
بخير يا حلم والحمد لله  ::)smile:
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حلم في 2011-11-09, 09:01:57
أتاريكي مش سهلة يا أسماء    :emoti_282:

=====

رااائع يا أسماء  ، ماشاء الله ... بإنتظار بقية خواطرك .


العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-11-09, 11:36:01
أسعد الله قلبك يا حلم  emo (30):
وفيما يلي خاطرة مكتبتية جديدة ....هي من أحداث اليوم  emo (30):
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-11-09, 11:51:16
دخلت وفي يدها كراس مهترئ، يكاد يئنّ من خلف قضبان غلاف أكثر اهتراء، أو ربما سكن منه الصوت وأوصاله المقطّعة ضرب اليمين وضرب الشمال من خلف تلك القضبان ....وقلم بين سبابتها وإبهامها، يكاد مع وجهها المستجدي يستجدي  بلغة الحِبر أن يُكتب به .....

سارب حياؤها، مستخفية خفتها التي عرفتها بها، حتى لكأنّ الكلمات منها عادةً  شتات و فُتات لا تكاد تُفهم منها جُمَل وتفيد إلا بشقّ الأنفس...ولكنها اليوم على غير عادتها جاءت "غادة" .... وديعة .... رقيقة..... هادئة .....لا تخرج منها الكلمة بصوت إلا وكانت تاليتُها بخَفْت عساها توحي لمن يسمع أنها المسكينة المضطرة ..... sad:(

-أستاذة أسماء لو سمحتِ .... بكم تكتبين الرسائل ؟

-الرسائل ؟؟ !! أية رسائل ؟؟ أوَعرفتِني من قبل  كاتبة رسائل؟ أوَبمقابل ؟ ! :emoti_209:

وفي نفسي شيء من أنّ المفردات أعجزتها، وقاموسهم اليوم شحيح منها رغم سُكناهم المدارس صباح مساء، وخاصّ الدروس ما بعد المساء... !! وحسرة في القلب من ضعف الأولى، ومن استشراء الثانية داء بين الأدواء عُضالا ....

-رسالة طلبت منا المعلمة أن نكتبها لقريب أو صديق، تهنئة بالعيد ...

آآآه .....رسالة.... يعني واجبا بمناسبة العيد، وقد دأبنا على تسميته صغارا "تعبير كتابي"، بما يساوي حثّ الفكر والقريحة وتعويدها على الكتابة والتعبير والإفصاح..... وأيّ بَون بينه بأمسنا، وبينه بيومهم ... !! أي بَون ........... !!!

إذ كانت أسعد أوقات دراستي في تلك الأيام الخوالي، تلك التي أجلس فيها إلى ورقة وقلم، أبوح للقلم وأحكي، وهو يترجم البَوح حرفا مكتوبا.....
حينما كنت أسرح بفكري وبقلبي وبعقلي ....... وأنا أستنطق الجماد لينقلب حيا على ورق، وأتبسّم لوجه الشمس كما تتبسّم لي بضوئها، وأتغزّل بجدائلها الذهبية، وأتملّى  صفحة السماء الزرقاء، وعلى خطوطها البيضاء المتعرّجة المتحركة السابحة  في الفضاء ملامح وأطياف حركات خفيفة لطيور حرة  مغرّدة تعطي للسماء صوتا يحيّي كل أهل الأرض تحيّة الحياة ..... emo (30):

حينما كنّا نتقوّى ونحن الصغار، فنخاطب الجبال الراسيات الشامخات الشاهقات .... وما خِفنا قِمَمها وما هِبناها، ولا نفرنا من علوّ رأسها، ولا كانت يوما تلك العاليةُ علينا متعالية.... بل كم أحببناها، وأحببنا شموخها ..... وهي التي في الأفق البعيد الساحر تعانق  جِيد السماء  ...وأي عناق هو عناق الشوامِخ... !!

حينما كنا نحكي حكايا الربيع...... وفعله بزهر البساتين وهي تستحيل بين يديه غنّاء، وفعله بالأرض وهي تغني أغنية الخَضار والنماء .............
 وفعله بالقلب وهو ينبت ويورق ويزهر حيا بين الزهور أبهى زهرة، وبين الأطايب أحلى مَطْيب ....وبين الطيور الحرة الطليقة فراشة زاهية اللون ، مرفرفة الجناح....حائمة، طائفة بين وادِ وأكمة و روضة، ودوحة دائحة  ... وكل الأرض  في قلوبنا الغريرة روضة ودوحة ...... emo (30):

حينما كنا نذكر الشتاء القاسي وكأنه المحبّ الحاني.... ونذكر فيه المطر، والهَطل والغيث، والثلج، وحبات البَرَد ....وكأنّ الخير من السماء يتنزّل علينا ليلقى من قلوبنا الحب والبِشر .....فكأنما كان يستأنس بصفاء القلوب، فكان ينزل فرِحا مُفرحا .....

حينما كانت قلوبنا لا تعي غير الفرح، حينما لم يكن فيها مكان للتّرح  ....حينما كنا لا نقوى على وعي ما هو أكبر، وأن ليس في قاموس فهمنا أكبر من الفرح النقيّ نقاء البَرَد .....وهل  كان ما منه أكبر ؟؟


حينما كنا نلتفّ حول الجدة الحنونة قرب مدفأة تلقي الشّرر وكأنه يسمع من حكاياها، ويسهر مع العيون الصغيرة السّهرى .... حينما كان علي بابا طيبا يجابه اللصوص، ومن قبل عهد حكاية "ابن  علي شهبندر اللصوص" .... !!

حينما كان تاريخ الجد والجدة يتمثل لنا من أفواههم دُررا وعهدا تمنّينا لو أننا كنّا فيه، لنحيا حياة الحبّ الذي كان بين الناس، وحياة الإيثار، وحياة الشهامة، وحياة الأسرة الكبيرة الواحدة، والجار فيها أخو الجار، والمؤمن أخو المؤمن، والفرِح معه الكل فرِحون، والحزين معه الكل حَزْنى.... والقوي بإخوانه، والضعيف وحده ....

حينما كنا نتغزّل بالشمعة المضيئة والزمن يأكل منها ليعطي منها إلى مَن استنار بنورها .....فكنّا نحبّها، ونقدّر عطاءها، وتضحياتها حتى لكأنّ القلب منا يكاد ينخلع لحالها وهي التي تموت ليحيا غيرها .... !! كم كنا نقدر العطاء والحب والتضحية .....كم كنا نتمنى أن نكبر لنعوّض كل معط ومضحّ ومحب وفي يقيننا أنه المعطي بلا منّ وأنه المضحي بلا انتظار مقابل .... !!

كم كانت القيَم في زمان صِغر أيادينا، ونضارة وجوهنا، وتألق ابتساماتنا قِيَما ....وكم ندين لكل من علّمنا قيمة منها ... !!وعلمنا أنها التي لا تقاس بمقياس ولا توزن بميزان، ولا تباع ولا تُشترى، وأنها التي تبقى مدى الدهر أصيلة  أصيلة أصيلة ....لا تتبدّل ولا تتسنّه .... !!

كم كنا نحاكي السنابل المزدهية  بضوء الشمس، الرانية  للأفق، المشرئبّة للخير والنماء والعطاء وهي المئة من واحدة ....فكنا ننغمر فيها بقاماتنا القصيرة، ونستأنس بفعلها في وجوهنا.... وأعيننا تنغلق دون هدهداتها، ووجناتنا تستطيب لمساتها ....... emo (30):

-رسالة إذن هي يا غادة ؟؟  ..... لا لن أكتب لك رسالة وقد سألتْك المعلمة من عطائك ومن جودك أنت.... من كلماتك.... من إحساسك، لتعطيك لقاء ما أعطيتِ.... فكيف إذا كانت كلماتي.... أوتشترين  كلماتي لتبيعيها لقاء علامة بين العلامات ؟؟ وما النفع لك ساعتها؟؟ وأي حق هو لك ساعتها ؟؟ !  لا يا غادة .... اتعبي أنت....اكتبي أنت .... اعطي أنتِ لتأخذي أنتِ....لن ينفعك مني كلام مرصّع لتذهبي به وكأنه كلامك .....

-طيب ساعديني لأكتب .... sad:(

-أما المساعدة، فبلى ..... فهل كتبت شيئا لأراه لك، فأقيّمه وأقيم اعوجاجه  ؟؟

-لا لم أكتب ..... sad:(

-افتحي كراسك يا غادة ..... هيا اكتبي ..... هيا عبّري من كلماتك .....لمن تريدين أن تكتبي ......؟؟ هيا يا غادة ابدئي .... : "صديقتي العزيزة فلانة"

وأمسكت غادة برأس قلمها الذي لن يبخل .....وجعلت الأفكار تنتقل من رأسها إلى رأسه مترجَمة على الورقة ......
وكنت أسألها .... وأحثّ أفكارها على الخروج بكلماتها البسيطة، بمرادفات منها لكلمة بين الكلمات .... لقول قلبيّ يحضر متمثلة وجه  صديقتها التي تحبّ على الورقة .....

وكانت غادة تكتب ..... فتنسى الألف واللام أحيانا كثيرة ..... وكأنها وهي تتعرف إلى ما عندها لأول مرة، كفاها أن تعرفت هي، فلم يعد يهمها أن تعرّف غيرها ........ ::)smile:

وضمّنت غادة كلماتها التهنئة بالعيد، والتمني بالنجاح، والمستقبل الزاهر .......و أنهت كلماتها هي لا كلماتي ولا كلمات غيري ..... حتى أنني كلما استنطقت منها الكلمة ومرادفتها أبيت أن أضع التي تروق لي، وآثرت أن تبقي على ما هو ملكها ..... والذي كان يحتاج أن يُستحثّ ليخرج لا أن يبقى داخلا، لا تشغّل له دواليب العقل...... فتتعوّد على الاستيراد.... ويخمل عقلها عن الإبداع والصنع ويُحرم قلبها من الفرح بصناعة اليد ......

-أرأيت يا غادة .....ها قد كتبت رسالتك... ها قد خاطبت صديقتك .... لم أكتب أنا ...... ها أنت وبإمكانك الإفصاح والتعبير .....فعوّدي عقلك على هذا، ولا بأس بقليل من المساعدة والتقويم .... ولكنّ الجميل والصحيح أن يكون ما تقدمينه منك هو حقا منكِ لا من غيرك .

-ترد وعلى وجهها إشراقة ووضاءة هي عنوان فرحة جديدة، بمذاق جديد، حلو لم تكن من قبل تعرفه ....فلما عرفته سعِدتْ....

-شكرا أستاذة أسماء ..... شكرا.... بكَم ؟؟

-أنا لا أبيع الكلمات يا غادة، ومثل هذا لا أريد منه مقابلا، ولا يستقيم أن يكون له مقابل.... فإنما هو جهدك، وكانت مني مؤازرة، مقابلي يا غادة أن تعوّدي عقلك على أن يكون المعطي الخالص، وأن تكون العلامة لكِ لقاء بنات فكرك لا بنات فكر غيرك ....ذاك هو مقابلي يا غادة ....  وفي قلبي تلك الآه العتيدة الجديدة...... آه لو تعلمين آهي يا غادة .....!!

ليتكم أيها الآباء..... أيتها الأمهات يا رعاة الأمانة الكبرى عرفتم أنّ عطاء طفلكم  وإن كان صغيرا هو الذي يستحق لقاءه العلامة، وأنّ تخميلكم لعقولهم لقاء العلامة هو الوبال، وهو الخَسار لهم لا الربح ولا النفع ولا الفائدة المظهرية التي تنشدون......

وساعة يجدّ الجدّ فإنّ طفلكم اليوم سيصبح الرجل المتواكل غدا، والمرأة المتواكلة غدا ....هم  المتواكلون غدا أبناء أمة المتوكّلين ....ساعة يجدّ جدّ الأمة ويقوى عزمها بذوي العزم فيها سيُلفظ المتواكل الذي كنتم أنتم زارعي بذرته الشوكيّة  ....فعلامَ تقيمون فيهم للشوك صروحا ؟؟ !! وتئدون الورد وتستكثرون أن تعرّفوه وجه الشمس......؟!!

ليتكم تفيقون وتستنهضون في رؤوس أطفالكم شيئا يحتاج أن يُستنهض .....
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: أحمـد في 2011-11-09, 12:40:44
جميل .. جميل جدا.. جدا
يا الله كأني أراها تتلعثم وأراك تستنهضين..
جزاك ربي خيرا
جزاك ربي خيرا
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-11-09, 13:33:46
جميل .. جميل جدا.. جدا
يا الله كأني أراها تتلعثم وأراك تستنهضين..
جزاك ربي خيرا
جزاك ربي خيرا

جزانا وإياكم يا أحمد كل خير .... emo (30): :blush::بارك الله فيك  emo (30):، وكم أتمنى أن تمتعنا من جديد من حسن بيانك يا أحمد عما قريب  emo (30):

---------------------

وهذه صفحة كراس غادة التي كتبت عليها رسالتها .....وقد استأذنتها أن أبقي منها نسخة صورتها بآلة التصوير لأبقيها عندي ذكرى، فأذنتْ..... emo (30):

(http://www.ayamnal7lwa.net/forum/index.php?action=dlattach;topic=4494.0;attach=9969;image)


العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: إيمان يحيى في 2011-11-09, 13:57:10
الله الله

لا تعليق
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: سيفتاب في 2011-11-09, 16:37:13

جميلة يا أسماء، ذكرتني بنفسي مع اختلاف الحال فغادة قد باحت أما أنا فما زلت عاجزة عن البوح والتعبير
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: أم يوسـف في 2011-11-09, 17:07:47
رائع يا أسماء

رائع جدا  
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: بسمة ذياب في 2011-11-09, 17:16:17
" السراج المنير " ليس محلا للقرطاسية والكتب...بل هو مدرسة ...منتدى... منبر ثقافي اجتماعي ...مكتبة وطنية أرشيفية ... مرصد للحياة...
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2011-11-09, 22:09:16
ما أجملها من خاطرة .. بل ما اجمله من موقف

الحمد لله يا أسماء أنك لا تتقاضين أجرا لقاء الكلمات.. وإلا لأثقلت كاهل المنتدى بالديون  ::)smile:
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: فارس الشرق في 2011-11-10, 02:00:04
كم كانت القيَم في زمان صِغر أيادينا، ونضارة وجوهنا، وتألق ابتساماتنا قِيَما ....وكم ندين لكل من علّمنا قيمة منها ... !!وعلمنا أنها التي لا تقاس بمقياس ولا توزن بميزان، ولا تباع ولا تُشترى، وأنها التي تبقى مدى الدهر أصيلة  أصيلة أصيلة ....لا تتبدّل ولا تتسنّه .... !!

كم كنا نحاكي السنابل المزدهية  بضوء الشمس، الرانية  للأفق، المشرئبّة للخير والنماء والعطاء وهي المئة من واحدة ....فكنا ننغمر فيها بقاماتنا القصيرة، ونستأنس بفعلها في وجوهنا.... وأعيننا تنغلق دون هدهداتها، ووجناتنا تستطيب لمساتها ....... emo (30):

-أنا لا أبيع الكلمات يا غادة، ومثل هذا لا أريد منه مقابلا، ولا يستقيم أن يكون له مقابل.... فإنما هو جهدك، وكانت مني مؤازرة، مقابلي يا غادة أن تعوّدي عقلك على أن يكون المعطي الخالص، وأن تكون العلامة لكِ لقاء بنات فكرك لا بنات فكر غيرك ....ذاك هو مقابلي يا غادة ....  وفي قلبي تلك الآه العتيدة الجديدة...... آه لو تعلمين آهي يا غادة .....!!

ليتكم أيها الآباء..... أيتها الأمهات يا رعاة الأمانة الكبرى عرفتم أنّ عطاء طفلكم  وإن كان صغيرا هو الذي يستحق لقاءه العلامة، وأنّ تخميلكم لعقولهم لقاء العلامة هو الوبال، وهو الخَسار لهم لا الربح ولا النفع ولا الفائدة المظهرية التي تنشدون......

وساعة يجدّ الجدّ فإنّ طفلكم اليوم سيصبح الرجل المتواكل غدا، والمرأة المتواكلة غدا ....هم  المتواكلون غدا أبناء أمة المتوكّلين ....ساعة يجدّ جدّ الأمة ويقوى عزمها بذوي العزم فيها سيُلفظ المتواكل الذي كنتم أنتم زارعي بذرته الشوكيّة  ....فعلامَ تقيمون فيهم للشوك صروحا ؟؟ !! وتئدون الورد وتستكثرون أن تعرّفوه وجه الشمس......؟!!

ليتكم تفيقون وتستنهضون في رؤوس أطفالكم شيئا يحتاج أن يُستنهض .....

للكلمات عبير يفوح شذاه على أيديكم لتنتشي النفس وتطمئن أن الدنيا لا تزال بخير..وأن هناك أملا...
آهي يا أسماء...إنها أمانة أي أمانة!!
سأظل ما شاء ربي أرتاد رياضكم الغناء لأنهل من معينكم الصافي، به تسمق الروح وتزكو النفس وتستنهض الهمم، وتنتشي الأنفاس...
دمتى موفقة مسددة...تحياتي الخالصة..
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-11-10, 07:24:35
الحمد لله والشكر لله عليكم نعمةً إخوتي .... وإن في القلب لكم جميعا لمكانة وموقعا لا يعلمه إلا الله ....
لكم تعلمت من جمعكم....ولكم كنت بين أيديكم كالتلميذة تأخذ لتعيش بما تأخذ .....وكل منكم قد أعطاني مما تفضّل عليه المولى عز وجل

فالشكر الموصول لكم ..........

سيفتاب كم أتمنى لو تبوحين بين إخوتك، وتزيحين حاجز الخوف من أن يكون بوحك ثقلا علينا، بل نحن هنا إخوتك وما يشقيك يشقينا، فتكلمي يا سيفتاب، وأفرغي شيا مما يقلك أختي الحبيبة، وتذكري ساعة كتبت تصفين خرجتك لميدان التحرير، لم نقرأ ساعتها كلمات أجمل منها ..... وستعود تلك الساعات قريبا يا سيفتاب  emo (30):

أفرح الله قلبك يا فرح وأراك الله من ولدَيك خيرا يا أم يوسف، ونورك الله يا بسمة وسدد خطاك على درب مسعاك، وشدي حيلك يا هادية لتدفعي الديون القديمة كلها  :emoti_282:
وأتم الله عليك نعمته يا فارس الشرق وجعلك أبا أهلا لحمل الأمانة يا رب . emo (30):

والشكر موصول لكم جميعا  emo (30):
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2011-11-10, 12:43:16
شوفي يا أسماء
أنا أحبك في الله,,, وانت حبيبة وغالية وكل شي.... بس ع الجيبة لا حدا يقرب

ثم مدير المنتدى والمسؤول عنه إسلام... فمنك إلو اصطفلوا....
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-11-10, 12:56:22
شوفي يا أسماء
أنا أحبك في الله,,, وانت حبيبة وغالية وكل شي.... بس ع الجيبة لا حدا يقرب

ثم مدير المنتدى والمسؤول عنه إسلام... فمنك إلو اصطفلوا....

أها .... التفاف على المطالب  ::hit::  وتلاعب ....  :emoti_144:   "حبيبة" و "جيبة" ، والجيبة أصبحت أهم من الحبيبة ... :emoti_351:
طييييب ....طيب     :emoti_282:   أما الأخ إسلام فلا أظنه حريصا على الجيبة مثلك  :emoti_64:  اللهم لا توقعنا في حريص على الجيبة كحرص هادية الحبيبة  :emoti_282:
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: أبو دواة في 2011-11-10, 13:02:24
اقتباس
ليتكم تفيقون وتستنهضون في رؤوس أطفالكم شيئا يحتاج أن يُستنهض .....

قبل عشر سنوات وكلتْ المدرسة الثانوية لأستاذ اللغة العربية انتخاب طالبين لمسابقة الخطابة...... ووقع الاختيار عليّ وعلى صديقي الدكتور مصطفى عمر....... بوصفنا أعلى الناس درجةً في الأوراق الرسميّة........ وكان اختيارًا غير موفّق........

اختارني الأستاذ عبد الرزّاق الخطيب بناءً على قطعة خطابية حفظتها عن الشيخ يوسف القرضاوي....... وأعجبه ترديدي إياها.....

في يوم الاختبار سألتني الممتحنة عن اسمي ودرجتي....... فمصّت الشفاه ودعتْ بالبركة....... وطلبتْ منّي أن أتكلم عن التدخين........

التدخين؟!!!

كانت قراءاتي شاحّة جدّا......... ووقتي أكثره للدراسة وشئون أخرى...... ليست القراءة جزءً منها.......

-التدخين عادة سيّئة....... وضارّة بالصحّة........ وأخذها النّاس عن همج........ هم الهنود الحمر.........

وانقطع رفد الأفكار........

طلبة المدارس يركنون إلى كتب المدارس في سقيا الأفكار........ وطالما خابت آمالهم في الكتب المختزلة والمدرّسين المقلّين!....... وما قلته أنا هو منتهى ما عرّفتْني كتب المدارس.........

في تلك الأيّام -يا أسماء- تلبّسني روح أبي....... ولبست بزّاته بعد تقييفها....... ورسمت شجرة للعائلة النجوليّة....... وحفظتُ غنا اعتاد أن يسمعه....... وكلاما أحبّ أن يصطبر به......... وأنشأتُ رسائل إلى أخي في القاهرة......... وشعرًا مكسورًا في آخره:
يا نور قلبي ويا ضياء حياتي
وأنا بدونك يا محمّد يا أخي
مثل النبات بغير ماء في الفلاةِ

وأخذتْني الجامعة من أهلي......... وأخذتْني كتبي من الجامعة........... وأخذتْ منّي دمعي ودمي وعصبي....... وأصبح لي إنشاء كإنشائها......... وسوداوية كسواد المداد.........

أبشري يا أسماء...... غدًا تفرح (غادة) الصغيرة قلبك بكلام طويل........ أوّله محبّة الله...... وآخره محبّة معلّمتها.........

والسلام على البشير النذير و(السراج المنير) معلّم الناس الخير.........
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-11-10, 13:50:16

أبشري يا أسماء...... غدًا تفرح (غادة) الصغيرة قلبك بكلام طويل........ أوّله محبّة الله...... وآخره محبّة معلّمتها.........

والسلام على البشير النذير و(السراج المنير) معلّم الناس الخير.........[/font][/size][/b]

اللهم صلِّ وسلّم وبارك على السراج المنير المبعوث رحمة للعالمين أفضل الصلاة وأزكى التسليم

أفرح الله قلبك يا عبد الرؤوف وعمّره بالإيمان، ونوّرك ونوّر بك ....ولا تتصور مقدار ما يفرحني أن أقرأ لك يا عبد الرؤوف، ولأحمد ولسلمى ولجمانة، وقريبا غير بعيد منكم لأبنائكم، آباء وأمهات مستنهضين لهِمم أبنائهم .... وبكم بإذن الله تنبني أمتنا المتوكّلة على ربها لا المتواكلة emo (30):

فأبشر يا عبد الرؤوف...أبشر  emo (30):

العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-11-11, 12:23:23
ومما حدث في مكتبتي أيضا شيء عثر عليه عبد الرؤوف، فأعيده لمكانه الأصلي  emo (30):

لا أعرفها من قبل، ولم ألتقِها بحياتي مرة، ولكنّ من الناس من إذا قابلتهم مرة تناسمت الأرواح قبل بَنات الشفاه، وهدهدت نسمات الأرواح القلوب تستوثق من الصورة بين صور القلوب لا بين صور الذاكرة ...

كانت بمعية ابنتها تسأل عن محلّ يبيع بعض المستلزمات الخاصة....أرشدتها إلى واحد حذو مكتبتي،فأخبرتني وقلبها يرتسم على شفتيها مفترّا   emo (30): أنّها تريد الحاجيات لسفرة العمر التي طالما انتظرتها وطالما راودتها حلما يطوف ويطوف ويطوف ولا ينفكّ حلما ورديا مزهرا يروي صدى المشتاق لأن يطوف الجسد يوما مع الروح التي تطوف ......

أخبرتني أنها ستذهب للعمرة قريبا بعد أيام، وابنتها المرافقة ترمقها بعينين ذابلتين  مُغْرورقتين حينا،تتصنّع التلهي عنها هاربة من وَشي العيون حينا آخر  ......تظنّ أنّ  بها عليها قوة ، إلى أن أفشتني المرأة سرّ عيني ابنتها.... emo (30):

إنها المريضة التي ينمّ صوتها الخافت عن قلب ضعيف، ضعيف عليل يُعييها، وأبناؤها الذين فقدوا الوالد من عهد قريب يخشون عليها ويخافون فَقدَها في رحلة لن يرافقها فيها أحدهم، إلا أن شوقها للطواف والسعي والصلاة بأعظم بيوت الله على أرض الله يفوق حاجتها لمرافق وتفكيرها في فائدة المرافق ....

وكلما أوغلت في الحديث عن تلك البقاع كلما ازدادت ابتسامتها إشراقا وانقلب الوجه الشاحب من فعل الضعف، -وإنّ من الضعف لقوة توهِن القوة وتغلبها على أمرها-  انقلب وضّاحا صبوحا ....

ويكأنّ  شمسا تطلع من الوجوه إذا كانت صورة أخرى لقلوب تنفست هواء السعادة وإن كانت قلوبا ضعيفة عليلة.....

ألا إنّ علة القلوب في فَقدها لمعنى الفرح بالإيمان ولنفحات الإيمان ولمذاق ثمرات الإيمان النضرة الشهية، أما قلوب مسّها وَهَن المرض ومازالت تنبض بروح الإيمان فلعمري قلوب سليمة صحيحة ندية ....... قلوب وإن خفَتَ النبض ، وإن سكت.... حية تعرف معنى الخلود وتذوق النعيم مقيما ...!!!

اللهم ارزق قلوبنا صحة الإيمان واليقين ...


العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: فارس الشرق في 2011-11-12, 10:08:49
أبى منبت العيدان أن يتغيرا.




أستاذة أسماء ـ بيني وبينك ـ عندي عريس     :blush::
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: الشافعي الصغير في 2011-11-12, 23:52:20
قرأت سيرين ... فو جدت أنّ :

 سيرين لوعة أمّةِ .. قد جّسِّدتْ في طفلة ِ



وقرأت هاني ، فعادت بي الذاكرة إلى أحد الأساتذة بالكلية الطبية ، بينا زميل يسأل في حالة لا علاج لها إلى الآن  .. ما العمل ؟؟

فيجيبه ساخرا ـ ومن السخرية مرّ الصّاب ، وشوك الصبّار ـ : نحن في انتظار الصينيّين ، يا بنيّ !!


وقرأت الملحمة العربيّة الإسلامية ، حيث تتكاثف الرؤى ، وتحتشد الصور .. فمن سورية إلى اليمن إلى مصر إلى باقي الجسد .. 

وبينما الأحداث ـ على الحشد ـ رخيّة تنساب في نعومة مخمليّة انسياب قطر الندى في مراشف زهرات الخميلة ..

 وبينما الإيقاع شجرة مشتبكة الجذور ،متناسقة الأفنان ، منضّرة ، مخضرّة .. قد سمقت ، وبسقت ، واثمرت ، فأبهرت الأبصار ،

وشرحت الصدور  .. إذ بالشجرة ـ في حديث الآسفَيْن على قذافيهما ـ تجتثّ من مغاصها  في مثل هبّة النائم نشوان في حلم لذيذ

قد تفزّع بصوت صفارة إنذار ، أو رعد مهدار ، وإنما نسأل الله النجاة من النار


يا أختي لا يزال إلى اليوم  في مصر ـ وكلنا في الهمّ شرق ـ من يتحرق شوقا ليوم من أيام مبارك .. وأبناء مبارك ـ غير الشرعيين ـ

وأذنابه يملأون جنبات الفيس بوك ؛ وأجحارهم فيه ومساربهم شتى أخص بالذكر منها ـ ولا كرامة ـ صفحة ( احنا سفين يا ريّس )




أعود إن شاء الله ـ والله ييسر ـ  لاستتمام ما ينقصني ، واستدراك الفيض الذي فاتني ـ ولا أعرف كيف تغافلت عن المنتدى إذ لمّ

الشمل ورأبَ الصدع ، الذي كان غلقُ سابقه الوعد شقّاً في القلب ، وغصة في الحلق ، ولفحا من الغربة في العالم الافتراضي ..


بورك القلم ، وسلم 
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-11-13, 10:09:57
نعم يا  فارس الشرق يأبى منبت العيدان أن يتغيرا ...وقد قرأت عن هذا المثال في موضوع "الأمثال العربية" الذي تكتب فيه، بارك الله فيك  emo (30):

أهلا وسهلا بك أخي شافعي، نورت "السراج المنير"   emo (30):

إذ بالشجرة ـ في حديث الآسفَيْن على قذافيهما ـ تجتثّ من مغاصها  في مثل هبّة النائم نشوان في حلم لذيذ
قد تفزّع بصوت صفارة إنذار ، أو رعد مهدار ، وإنما نسأل الله النجاة من النار

نعم إذ نبحث في  "ما هو كائن" لـ  "ما يجب أن يكون"...فنرى بعين طامعة فيما هو خير أنّ مع العسل الذي ذقنا  بعض الشوائب  طمعا في عسل مصفّى ...وحتى عصبة "إحنا ولادك يا ريّس" وأشباهها لن ينالوا شيئا بإذن الله والأقنعة إلى سقوط

ولا أعرف كيف تغافلت عن المنتدى إذ لمّ

الشمل ورأبَ الصدع ، الذي كان غلقُ سابقه الوعد شقّاً في القلب ، وغصة في الحلق ، ولفحا من الغربة في العالم الافتراضي ..

بورك القلم ، وسلم  

مرحبا بك أخا كريما مكرّما بين إخوتك ....وبوركت أخي وبورك قلمك أيضا emo (30):
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-11-14, 14:00:21
إنه كائن صغير، قصير .... ! ::)smile:

للسّين صديق صدوق، وللشين والثاء عدو لدود  ::ok:: ...جَموح، مَروح، سَبوح ... طليق ، حرّ، عتيق، مقبل ، مدبر  ....

تراه وكأنه الراكض أبدا، وكأن الفرحة وقهقهاته سريعة الانبعاث مِجسّ ما أن تمسّه حتى ينطلق عاملا كأكثر العَاملين سعيا و نشاطا وعطاء ....ووجهه الملائكي نور يشعّ على الأمكنة كلها حيث يحلّ، فيبعث من أنواره إلى كل القلوب المحيطة ...

هو القريب الحبيب، الذي يأخذ من سُويداء القلب بكل الأطراف...فلا يكاد يُذكر اسمه حتى تهلّ الأسارير على الوجه مستذكرة وجهه النضِر، ووجناته الوردية، وأنفاسه المتعالية نبضا فوق اللباس وفوق القياس وكأنما تلك المضغة هي الجسم كله، فإذا وهي الصالحة فِطرةً وطبيعةً لا جهادا وعملا، صلح الجسم معها فغدا كلّه ينتفض قلبا نضِرا....

فإذا غضِب هو الجميل، وإذا فرح هو الأجمل، وإذا طرِب هو الأجمل والأجمل، وإذا صخِب هو الفيلسوف الذي لا يخجل من أن يعرّف الحياة كلها بتعريفاته الخلطيّة، والويل والثبور لمَن سخِر من فلسفته وحكمته، ورأى فيها الخَبط ... !! :emoti_144: فهو من أشرس المدافعين عن رأيه، وعن رؤيته، ومن أكثرهم ثباتا على ما يرى وإن اجتمع له العلماء والحكماء ....!!

أنا لأمِّه خالة ....وله بالتعدّي خالة أيضا...ولكنّ ساعات حياته الأولى ما تزال تدقّ في جنبات بيتنا الذي كان محتضِنَه الأول من بعد غَسله بماء الدنيا من غُسله بماء الحِمى الإلهي بين أحشاء حانية مُطْبقة عليه دارا وسُكنى هي أكثر المساكن والدور رحمة وألفة وراحة وسكينة وترفا ووَفْرا، ليستقبل الحياة الدنيا وينسى أيام بطن رؤوم تحمّله أشهرا تسعا ....

كان بيتنا، وذلك المكان المُعَدّ فيه لاستقباله بنِمْرِقته ولِحافه مكانا شهِد أولى ساعاته قدوما لهذه الدنيا ...

وتمرّ الأيام منذ تلك الساعات لتجمع له رصيدا معدودا من رصيده في الدنيا،قريبا غير بعيد سيتمّم به السنوات الأربع ....

قد اشتدّ عوده، وأصبحت يداه المنقبضتان من عهد الساعات الأولى يَدين متحرّكتين عاملتَين مُمسِكتين، مُعطيتين، مبتكِرَتَين.... وأصبحت قدماه اللتان كانتا من عهد ساعاته الأولى لا يعرفان غير المدّ وضعا، قدَمَين ماشيتين، قافزتين، راكضتين، ضاربتين، راكلتَيْن لكرة أو حتى لشي من الأشياء النفيسة، ففي شرعتهم ...النفاسة شيء من الأشياء وليست شيئا فوق الأشياء ...!

وغدت عيناه المغلّقَتَان عن الدنيا وما فيها من عهد ساعاته الأولى، المولّيَتان عن الدنيا وما فيها وكأنهما ما تزالان القابضتَين على أطياف البيت الأول وأحلامه وأمانه، تأبيان التفريط بصوره التي لم تكن إلا بين معاني الحب والحنان والرحمة والأمان، لا تحيد عنها لأخرى .... غدت عيناه اليوم مفتَّختين، باحثتَين، محدّقتين، دامِعتين ضحكا أو بكاء، غاضبتَين، متوعّدتَين، مطالبتَين بالحقوق دوما، ولا وجود لمعنى الواجبات في بريقها الملوّح بالسلامة والراحة والدَّعة، وأن التّعب عنده لهث خلف معانيه الصغيرة، الكبيرة في عالَمه الذي ينشغل فيه ويغرق منشغلا وهو يخلط الألوان خلط عشواء كأبرع فنّان من فنّاني يومنا المحسوب عمله على الفنّ حسابا زائدا كحساب صفر شِماليّ الموقع... !

إذ قد تنبعث القشعريرة في الأجساد المنهكة شوكا مَنْبَته النّفس المتضررة من الرؤيا، ومُتَنَفّسُه رؤوس تونِع خارجا تؤذن عن نفسها ببرودة تعمّ الجسم وتغشى أطرافه لترتعد أوصاله من سَطوها ....  من رؤيا خطوطهم المتداخلة التي يقال عنها أقاويل الفلسفة والفنّ والجهبذة والعبقرية المنكفئة في أعين البسطاء المطّرحة اطّراحا في أعين الحكماء... ! sad:(

فأي فرق وأي بَون هو بين فنّك يا "معتزّ"  الحبيب وبين فنّهم هذا ؟!!

وغدا رأسه الذي كان يعذّبه حَملا وهو يرتجّ فوق أطرافه إذا حملته بين يديك، تعمل فيه العينان، بين يمنة ويسرة، ولا يقوى على تثبيته  وعيناه تعملان، غدا رأسا مفكّرا يصعد بالفكرة ويهبط، ويحتال ويمكر، ويختار ويصرّ، ويقترح ويرمي بسنّارة مُطْعَمة لينال المراد، ويقرّر.... ولا تقوى أعتى القِوى على ردّه عن قراره، حتى غدا "معتزّ" بين أترابه العنيد .... !!

و هَبْك المجرّب الحذِق الذي يظنّ بحبائل أفكاره وقراءاته الفوقيّةَ والمعرفةَ وبصبره الصبر، وبسَبْره السّبر ....ولتكن أحد الذين يحاولون ردّه عن قرار ...فلك أن تحتمل العواقب وأنت بين يديه الذي لا يقوى على إقناع ولا محايلة ولا مراودة ...كحلمنا بقائد تقي نقي يكون مع تقواه ونقائه قويّ العزيمة، صارم القرار في غير هَوَج مُهلِك ولا إبطاء مُبْرِك...

غدا مفكّرا يتقن لغة الاستدرار لما تعوّد درّه من عواطف مَن حوله ليقضوا له حاجة بين الحوائج الملحّة، وكل حوائجه ملحّة ...  :emoti_138:

وفي مكتبتي له القصص والحَكَايا...حتى لكأن كل ركن فيها يحكي عنه حكاية...
إنّه الذي ألفها وألف جوّها، وأشياءها الملوّنة الزاهية مذ كان غضا يقفز للألوان بصوت القفز قبل أن تعمل بالقفز قدماه ...وأحبّها وأحبّ ما فيها، وأحبّ ألوانها وأشياءها الملوّنة بألوان فرحهم الدائم ....

فكان كلما زارنا جعلها  قبلتَه الأولى، حتى أنه -وقد اشتدّ فكره مع عوده-، أصبح يترك أمّه أو أي مرافق له إلينا على باب البيت طارقا، ويهرول هُو إلى باب المكتبة الملاصق ليدخل إليها أولا قبل دخوله بيتنا ....

فأستقبله محتضنة، مفرغة من شوقي إليه وهو الذي لا يفرغ وإن زارنا كل يوم .... ويحتضنني بحرارة منمّة عن حبّ كبير صادق يلفّني به لفا ....

ويبدأ بالطواف، وكأنه الطواف الركن و النُّسُك بين مناسك الفرض المفروض... !! وتجول عيناه الصغيرتان الجميلتان وتصولان... وتبحثان بين الألوان عن الجديد، وما أكثر ما يَميز الجديد عن القديم الذي يصبح جديدا ويمسي قديما بين عهد وعهد قريب من عهود المكتبة ...

ويبدأ بألحانه الشجية "سينِيّة" الإيقاع  ::)smile:، ولحسن الحظّ ووفره فاسمي سينيّ الأصل لا ثينيّ ولا شيني، فكانت "أسماء" من مَبْسَمِه ابتسامة محلاة بروحه الطاهرة .... emo (30):

ويبدأ بالسؤال عن جديد الهدايا والعطايا وقد تعوّدها... وإن كان له من باب يُفتح لها بلا إيصاد لكان فتحه، ولكنّ بعض الكوابح لتلك الجوامح تقف دون فعله وأمنيته ....  : :emoti_144:  ::)smile:

وجاءني اليوم ....وكأي صباح يكون هو مع الشمس شمسَه الأخرى المنازعةَ مَلِكة الإشراق على الإشراق والإصباح، كان صباحي اليوم ... وبدأ بكلامه الفريد المتفرّد الذي لا أسمعه من غيره، ولا يكون من غيره أبدا ... :emoti_64:

وفي جلّ جمله طُرفة ونكهة وضحكة من القلب يجتثها من عمل حياته  التي لا تسمى حياة إلا بنبضه،ولا تسمّى حلوة إلا من حلاوة فطرية أصيلة كحلاوة معتزّ ، كأنما الحياة صنعته، وكأنما نحن المتألّون عليها، العائشون فيها بالشكوى لا بالعمل، وإنما الشكوى مبعثها أنفسنا، وإنما الدنيا بَراء من وقع غرورها فينا لو أننا ما كنا بها المغترّين .

ويبدأ يرسم على وجهه ملامح المجدّ في الطلب، المستجدي، البادئ عملا بين الأعمال التي تنزل بأعلى المقامات عندها، ولا تملك لها رفضا إلا من ادعاء للرفض، سرعان ما ينقلب انصياعا وقبولا ... وعلى استجدائه وتوسّله علامات العزّ والأنفة لا تغيب، والعين تعمل والفم الصغير يعمل ...والكلّ في عمل وشغل...  ::)smile:

-   أسماء أريد قلما سحريا للوحتي، فقد نفد حِبر القلم مُقتَنَى  أبي... sad:(

وبما أنه أول الطلب مع مستهلّ الدخول، والفرحة باللقاء ما تزال نارها تمدّ للروح من نورها، فقد سارعت لواحد، ليصبح هديته وملكه....
 عساك يا معتز تكتفي وتقنع وتكفّ، ولكن -سبحان الله- كم أنّهم ينبهرون بشكل وبلون، وسرعان ما يبهت انبهارهم وينتهي مع انتهاء قضاء وطر يسير من حاجتهم التي كانت قبل قليل هدفا من أهدافهم السامية ...

كفعل النفس في نفسها، وهي التي تزيّن وتحلّي وتزيّل بين الحق وبينها ...ولكن سرعان ما يذهب وقع التزيين ما أن تنال اليد المبتغى...ويبقى أثر الندم ووقعه لا يمّحي إلا برحمة من الله تتغمّد وتقبل المُقبل ...

ومنصرَفَه من عندي يركض لأمّه ليريها هديته الجديدة، ويعود سائلا أن أبدّل له اللون فقد ذهبت شهوته من الأول .... :emoti_64:

فأستوقفه استيقاف الصغير الذي سيصبح كبيرا لا محالة ولا مجال لأن يعبّ من المحيط ومما يدور ولا يعبّ من قيم ومبادئ لا نريد لها فيه تزحزحا ولا تبدلا ...
-   ولكن يا معتزّ أتعلم ؟ هذا قد كتبت به، ونفد من حبره ما نفد، وأنا لا أبيع غيرك قلما ناقصا قيد أنملة وهو يظنّ أنه الكامل.

-   بل ستبيعين يا أسماء .... ستبيعين.... emot::

ويصر ويلح ووو......... ولكن لا مجال لطاعة مخلوق وإن كان للقلب الأحبّ في معصية الخالق ...وفي نسيان لخير يقبل عليه مع كل إقبال للعمر عليه، ولا نرى إلا مقدار مهوى العين منا على أرنبة الأنف من فرط حب هو في حقيقته اللاحبّ ما دام لا يرى "معتز" الرجل، بل يكتفي برؤية "معتز" الطفل الغرير.

"معتزّ" هو "المعتزّ بالله" أصلا... وهو يعبّ مع سنواته الأولى من نور الله تعالى ومن نور ما علمنا وعلمنا حبيبه وصفيّه صلى الله عليه وسلم، فقال لي ذات مهاتفة وهو يخبرني عن آخر ما درس وتعلّم بروضته الحبيبة، ومع رفقائه الصغار، أنه قد تعلم بعد دعاء الأكل ودعاء النوم، ودعاء "الاستيقاز"  ::)smile: أشياء أخرى أهمها نشيد روضته الجديد :

ابعد ابعد يا شيطان*** قلبي عامر بالإيمان
لما أسمع الآذان *** أترك شغلي مهما كان
وأصلي للرحمان *** بخشوع واطـــــــمئنان


وأنّ عليّ أن أحفظ جيدا معه وألا أنسى، فيبدو أنني تلميذة بليدة أتعبتْه وأضجرتْه  :emoti_351:، لكثرة ادّعائي صعوبة استيعاب  دروسه، مستبلدة، متعمّدة لأجعله يصرّ على تعليمي أكثر ... emo (30):

-   طيب يا معتز، علمني وعلم أيضا أمي، وأخي ، وأختي معي .

-   لا لا يا أسماء أنا أعلمك وأنت تعلمينهم جميعا ...

وبكل حزم وعزم يبدأ :

-   دعاء الأكل "اللهمّ بارك لنا فيما رزقتنا وقنا عذاب النار... بسم الله" :emoti_128:

وغيرها أيضا على منوالها .... emo (30):

وبينما أناوله صباحا شيئا من مقبّلات الفرح بمقدمه، لم أسمعه يقولها، فصحت به أنه قد نسيها، وأنني ما سمعتها اليوم منه، فتمتم وهو يردف تمتمته قائلا :

-   قلتها في قلبي يا أسماء، في قلبي ...في قلبي أنت لم تسمعيني لأنني قلتها في قلبي ... :good:

وفي قلبي قلت أيضا : :emoti_64:

عجبا ... من عادتنا نسمعك تجهر بها حتى أنّ الجيران بإمكانهم سماعها ... فاليوم أصبحت متمتما ... عجبا، يالتنصّل الصغار بما لا تملك حياله أن تعاقبهم أو تحاججهم  وقد أبدوا حججهم المفحمة.... ! :blush::

أما القلم السحريّ الكاتب على اللوحة السحرية، ففي معرض سماع أشياء عن الجنة تحكيها له خالته، وهو لا يبالي، ولا يلتفت إلا للوحته يخطّ فيها من خطوطه العبقرية، ويلوّن ويشخبط ويخلط وهو الذي يرى في نفسه العبقري المجدّد، وقلمه ذاك سلاحه وهو كل شغله ولا ينشغل عنه بغيره ولا إلى غيره، فتجد خالته حيلة فتقول :

-   أتعلم يا معتز في الجنة ستجد من هذه الأقلام الكثييييير الكثير –مشيرة بيديها حذو ذقنها معبرة عن الكثرة- وأبدا يا معتز أبدا هي لا تجفّ ولا ينفذ لها حِبر ...

فيلتفت معتزّ فرحا مغتبطا متفاجئا بهذا الخير الذي يراه مبتغاه الأكبر مع ولعه بالكتابة وتعلّمه الكثير من الحروف وهو في سنّ سبق فيها إليها أترابه، فيهتزّ قائلا :

-   إذن سأذهب للجنة .... وفيها من هذه الأقلام... ! ::happy:

وها هو يقطع عليّ حبال أفكاري فيه، ويدخل متوعّدا، مزبدا، مرعدا .... :emoti_144:
-   أسماء ألا تدخلين للقيلولة ؟ إنه وقت الراحة، وإن لم تدخلي لن أدخل –يريد بما معناه أنه باق معي بالمكتبة ومسليّ بطلباته التي لا تنتهي –  sad:( :emoti_351:

حفظ الله معتزّ وأعزّ به وبأترابه دينه وقومه . emo (30):






العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: أحمـد في 2011-11-14, 14:36:34
أعجبني
جدن
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-11-15, 09:46:16
أعجبني
جدن

أما "جدن" فمرحبا بها هي الأخرى  ::)smile:

بوركت يا أحمد   emo (30):
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: أم يوسـف في 2011-11-15, 17:41:18
جميل جدن جدن جدن  ::)smile:

الله عليك يا أسماء
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: dr/fatma2010 في 2011-11-15, 19:37:56
أبدعتي فأصبتي قلب الابداع ,,,موهبة رائعة حفطها الله لكي
مست كلماتك الرقيقة شغاف قلبي وترقرقت عيني بالدمع مما قرأت ,,,,
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: فارس الشرق في 2011-11-15, 19:43:14
ما هذا...؟؟؟ :emoti_209:
مرحبا بالجميع أما (جدن) فلا مرحبا بها :emoti_25:
أين ماما فرح؟؟
::hit:: :emoti_389:


أنت يابني مش عايز تتوب من نون التنوين بقه.. ::ooh:: ::ooh::
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-11-16, 09:51:58
:emoti_282: :emoti_282:

وأنت  أيضا يا أم يوسف أصابتك نزلة الـ "جدّن"  emo (6): ماذا نفعل يا فارس الشرق، عساها نزلة وتزول ::)smile:

أبدعتي فأصبتي قلب الابداع ,,,موهبة رائعة حفطها الله لكي
مست كلماتك الرقيقة شغاف قلبي وترقرقت عيني بالدمع مما قرأت ,,,,

وأنتِ يا فاطمة قد نورتِ وشرفـتِ و أهلا حللـتِ وسهلا نزلـتِ.... فبورك فيـكِ وبـكِ ولـكِ   emo (30):
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-11-21, 15:47:55
ما تنفكّ مرافقةً لأحفادها الثلاثة إلى مدرستهم، وتخصّ بينهم "عليّ" بعناية أكبر وبمرافقة دائمة...

تراها وهي التي تتوكؤ عليه لتتقوّى على المشي كأنه عصاها التي لم تكن بيدها يوما.

ظهرها المُحْدَودِب نأى بحِمل السّنين، ولكأنّ عظامه التي انحنتْ قد أذعنتْ لأمرها، فكان الركوع منها لا قيام بعده طاعة واستسلاما ....أنهكتها الأيام وشَقوتها، والليالي وفكرها....

تنشغل بعلي انشغال الأم بولدها أو أكثر، فتراها به بين جيئة وذهاب وهو الذي لا خوف عليه إن لم يرافَق،تنصاع لأمره ودلاله، وهو يسُوقُها سَوْقا حيث شاء ليقتني ما يشاء، وهي التي لا ترفض له طلبا ولا تبخل عليه بأثمان مقتنياته الكثيرة....

كان كلما دخل المكتبة جعل يطلب ويطلب ويطلب، مبتاعا أداة بين الأدوات لم تمضِ إلا أيام قلائل عن ابتياعه أخيّتها، وزهيدا كان ثمنها أو باهظا، صنوان هما الزهادة و البَهْظ عنده وجيب جدته لا يرفض ولا يبخل ولا يكذب، و كلما كان فيه مقدار الثمن أعطى ولم يولِّ .

وأراه وعينه الشّرِهة لا تعي ولا تقدّر ولا تفهم أنّ العسل على طيبه وحلاوته وملك اليمين له يَحسن لَحْسُه الهُوينى، وأنّ اللّينَ ما بدا لأعيننا لينا يَجْمُلُ ألا يُعصر إلا بالقدر الذي نأخذ منه القطرة ونبقي فيه على قطراته قَواما للينه، وإلا انقلب اللين يبَسا، والخَصْب جَدبا، والماء مَغيضا...!

كثيرا ما ضقت بطلباته التي تعطيك عنوان الاستغلال وفعل الدلال، بقدر يحتاج قبالته الردعَ والصدَّ والرفضَ لتعليمه أنّ قيمة الأشياء من قيمة الحفاظ عليها، ولتنبيه أنفسنا المحبّة أنّ خطورة توفير كل مطلب  هي بذات القدر من خطورة الحِرمان من كل مطلب، وأنّ الإفراط علّة تستفحل مع الأيام بقدر ما تستفحل معها علّة التفريط، وأنّ الأيام والليالي التي تحمل بين طيّاتها المتراصّة للعود اشتدادا وصلابة، وللعقل حكمة أو سَفاهة، وللقلب سلامة أو علّة بَراء منّا وهي الثابتة على حالها .....

وما عرفنا الليل سابقَ النهار،وما عرفنا للقمر من الشمس إدراكا، ولكنّا عرفنا من أيدينا حسن الصنع أو سُوءَه ...

الشمس والقمر على حالهما مذ كانت الأرض والسماوات، فما عرفنا القمر زائرا للسماء ساعةً من ساعاتها الشمسيّة، وما عرفنا الشمس على قوّتها وسنائها إلا حَيِيّة تنكفئ في خُدر الأفق في لحظات كأجمل ما تُطرِف لِحاظ الحِسان العِين، فإذا زيادة الحُسن مَهْوى أهدابهنّ المنسدلة حياء ...فلم يكن الليل لها مَزَارا ...

أفنلصق الجُرم بالأيام، وبالدنيا، وبالحياة، وبالعصر ونحن فيها كلّها الفاعلون، وكلّها بلا أيدينا لا تفعل ...؟ !

ولكنّ تلك الجدة لم تكن تعي أنّ "عليّ" يأخذ من غير حاجة لأخذ، وأنّه سيألف الأخذ كما لم يألف العطاء، و سيألف التلبية كما لم يألف الحِرمان.... فكَمْ ستتعب يا عليّ ! ولَكَم نُتعِبهم من فرط ما نحبّهم .... وإن من الحبّ لشقاء ... !!

وإنّ للراحة ظلاّ يمتد يوما بعد يوم امتداد الأيام، ولكن لا لتكبر راحة بل لتكبر تعبا....

فعليّ لا يحمل همّا ولا يعقل أنّ بالدنيا هموما ، وأنّ قلوب الناس أوعيتها المغصوبة على الحمل، وهو الذي لم يُحَمَّل الحِرمان من شيء اقتناه، ما تعلّم أن الحفاظ عليه قيمة فوق قيمته تطيل عمره ونَفْعَه، وتُطيب مَعشره وإن كان جمادا لا معنى للحياة فيه إلا أنّ الحياة به معنى من معاني الحياة فيه، ومرافقته للنفس معنى من معاني الوفاء، ودوام  مَرْآه معنى من معاني الألفة، واستمرار نفعه معنى من معاني العطاء، فما أن يفارقك الشيء حتى ولكأنّ الحيّ القريب قد فارقك، وما أن يتركك حتى ولكأنّ أثر العطاء منه استحال تاريخا ناصعا لفاعل لم يعرف إلا فعل الخير ....

أمّا أن يكون الشيء بين يديّ اليوم كما يكون بينها بعد ساعة، وبعد يوم، وكأنّ الساعة واليوم والعشرة في الميزان كلها ساعة، فذلك تعوّد على الأخذ والأخذ والأخذ وعلى إتراف النفس .... وعلى تضييقها فيما يُرى أنّه لها الإسعاد.... و الأشياء كلّها وهي كلّها ملك اليدين نفيسها وزهيدها في عين النفس الشرهة سواء، رثها وفاخرها، غثّها وسمينها في عين النفس النَّهِمة سواء ، لا قيمة ولا معنى ولا مَعشر ولا بقاء ....

فالقِيم في عين المُدلّل الطالب المُلَبَّى طلبه إلى سراب، والقلب فيه إلى قسوة، والعقل فيه إلى سفاهة، واليد فيه إلى اتكال، والكلّ عنده إلى "أنا" ، والنفس فيه إلى هوى وإلى مَهْوى .... وبين الهوى والمَهوى خيط دقيق دقّة الشعرة... وأنّى للشعرة أن تكون صراطا  يتحمّل عابرَه ؟ !

وذاك "إبراهيم" غير بعيد من مكتبتي ... كلما أطلّ سأل عن جديد، وهو الذي بين يديه كلّ جديد.... وضِيق في عينَيه يقفز قبل كلماته الضائقة، ضيق يفصح عن جوع لما هو أكثر، وطمع فيما هو أكثر .... فيما هو أجمل...فيما هو أغلى...فيما هو أدعى للتفاخر والتباهي بين الأنداد ...

وهذا رفيق له مُعسر يصحبه وهو الموسر المترف المدلّل، في رحلة هواه والبحث عن إرضائه بغاية الغايات من المقتنيات، بما يجعله حديث الرفاق والأصحاب، القاصي منهم والداني، وأن "إبراهيم" يا قوم قد حطّم كل أرقام القياس بشذوذه عن كل قياس !

ذاك الرفيق الذي يتمسّح به ويُذهل ويُشده فاهه، ولا يعرف لعجز أبيه عن تلبية مطالبه معنى، إلا كما يعجز عن تفسير تلبية كل مطالب إبراهيم ... !!
ويا هناءة القلب الضائق الذي لا يعرف الرضى وهو المتفاخر اليوم بملك يمينه، والمتطلّع لما يجعله غدا أكثر تفاخرا وخُيلاء... ويالحظّ الأرض إذ تحمل على ظهرها مَن لا تُعجزه الأمنية ولا يشقيه التمنّي، ويا لشقاوة المُعسِر الذي يرى بعينه ويعجز بعقله ويتعب بفكره ... !!

وغير بعيد عن عليّ وإبراهيم، هذا أكرم وهذه أمُّه...." هذه يا أمّي ....تلك يا أمي... وهذه وتلك وتلك وهذه ...."

وأم أكرم لا تكاد تنهي كلمة "أعطيه" حتى تبدأ بتاليتها والتي هي هي ليست إلا "أعطيه" !

-
ولكن يا أم أكرم لمَ كل هذا؟ لا حاجة له بهذه، لا حاجة له بتلك .

-
وما عساي أصنع أخيّتاه أعطيه فلا أمنية لي إلا أن يتعلم ويتقدم ويتفوق فيعوّض ما حُرمت منه من نعمة العلم .
وعقدة تلد عقدة..... ومشكلة تخلف مشكلة.... !!

وغير بعيد عن ثلاثتهم .... وفي مكتبتي ....هذه تلك الصغيرة التي كم تحمل في عينيها الصغيرتين معاني "الأنا الكبيرة" !!


-
أعطيها ما تحب من فضلك، زوديها بكل ما تريد وما تختار . ما رأيك بهذه حبيبتي إنها جميلة (جدتها )

-
اصمتي أنتِ لا دخل لكِ . اصمتي أنا التي أختار.

-
ما هذا أيتها الصغيرة ؟ ! إنها جدتك !! أفهكذا يكون احترامك لها ؟ (والدم يغلي بالشرايين والألم يعلو فوق الصوت المكلوم، والحيرة سلطان )
وبلغة غير اللغة، حتى لا تفهم الصغيرة (بالفرنسية) تردّ تلك الجدة :

-
إن أمها عندي مطلقة، وهي وحيدتها، و محرومة من حنان أبيها .

-
ولكن ما هذا بمبرر يا خالة ... !!  هذا منها مبتدأ لمشكلة أكبر وأكبر، كيف تتركين لها الحبل على الغارب؟ وتسمحين بهذه الطريقة منها في خطابك؟

وحركة خفيفة من رأس لا يعي إلا ما قد وعى.... وصمت........

وعقدة تلد عقدة..... ومشكلة تخلف مشكلة.... ولا حلّ في الأفق بين عُقدتين، ولا حلّ في الأفق بين مشكلتين، فيُظنّ بالمشكلة الحلّ وبالعقدة الأخرى ذهابا بالعقدة الأولى ....والضحايا في هذا أو في ذاك،هنا أو هناك، بين إبراهيم وعلي وأكرم هُم هُم "إبراهيم" و"علي" و"أكرم"، والضحيّة الكبرى "مجتمع" قابع بين عقدة وحلّ هو ذاته العُقدة ...

فلبَأسُ "عليّ" و "إبراهيم" و "أكرم" وتلك الصغيرة  من حِرمان محتوم  يوما ما أشدّ وطء وأقسى على أنفسهم من فَلح الحديد للّحم اللّحيم !!

وذاك الحبيب صلى الله عليه وسلم من عهد بعيد قريب، وهو الذي إليه ننتسب، وإلى أمته تنتسب أسماء "إبراهيم" و "علي"و ..... يربط الحجر على بطنه الشريفة من وطأة الجوع....

وتأتيك الأصوات من كل حدب وصوب -وكأنها وهي الأصوات المتعالية المتناغمة المصطلحة على الرد ذاته- المُحامون عن الخطأ لا عن الصواب، يرافعون بالقوة والعنف والصراخ لا بالعقل والحجة والمنطق :


-
ولكن الزمن غير الزمن، والحال غير الحال، والنفس غير النفس، والمقارنة ظالمة شحيحة ! ::what::

وتستحي ألسنتهم أن تقارب كلمات أقرب إلى ما يعنون، فيكفّون عن قولها، -ولو أنّهم قالوها فيما قالوها-، يريدون أنّ زمان النبي صلى الله عليه وسلم أبعد أن يكون محلّ درس ومثال وقدوة، وأنّ النبي الذي هو أسوتنا وقدوتنا -وهو النبي- أبعد أن يكون محلّ درس وأسوة وقدوة لأنفسنا الضعيفة  !!

وقد نسوا أنه لو أحبّ الملك لتملّك، ولو أحب الجاه والسلطان لتسلطن، ولو أحبّ المال لكان الأوفر مالا .....ولكنّه اختار أن يبقى لأمته المثال والقدوة في المُثُل، حتى لا تقطع أواصر المُثل والقيم، وحتى تكون في حياتنا هي السلطان وهي صاحبة الجاه وهي الملكة على أنفسنا قبل أي قيمة هي للمادة  أقرب منها للروح ولحياة الروح ، وحتى تبقى تلك الماديات  الوسيلة فلا تنقلب هي  الغاية....

وتمادوا، وتساهلوا، ودافعوا ورافعوا عن هواهم ومهواهم، حتى أصبحوا يلومون من يذكر الصحابة، بقولهم أنهم "الصحابة" وأين أنفسنا من أنفسهم؟؟ ويلومون من يذكر التابعين بقولهم أنهم "التابعون" وأين أنفسنا من أنفسهم ؟، ويلومون من يذكر "المصلحين" بقولهم أنهم "المصلحون" وأين أنفسنا من أنفسهم ؟، ويلومون من يذكر "الصالحين" ، وأين أنفسنا من أنفسهم ؟ ......

فممّن عساك تتعلمين يا أنفسهم ؟؟ أمِن المفسدين ؟؟ !! أم من صوت الهوى لا صوت إلاه ....؟؟
يريدون غرس استثقال الاستشهاد بقدوتنا، وبكل هؤلاء، يريدونها غرسا جديدا، يتعهدونه بالرِيّ ويريدون الأيدي معهم تروي وتسقي ....!!

ولكنّا نقول لهم بعزم أقوى من زعم العزم فيهم  :

سيبقى حبيبنا الأسوة والقدوة والمثال وهو الذي تحمّل من الهموم ما تحمّل فكان أهلا لحمل الرسالة ولتبليغ الرسالة ولتفعيل الرسالة في النفوس....
فحمّلوا "علي" و "إبراهيم" و "أكرم"  شيئا من حِمل الحِرمان قبل أن تبوؤوا بخسارتهم ......حمّلوهم من حِمل الحِرمان حتى يأتي عليهم يوم يستشعرون فيه معنى "ما حرمك إلا ليعطيك" ...



العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-12-01, 13:36:01
دخل عليّ المكتبة في عزّ انهماك لي مع الحاسوب وأحواله، وتقلباته، وأخباره وأنبائه، وجديده  مع قديمه من ثورته مع  الثورات والغضبات العربية، من أخبار الدماء العربية وصرخاتها  وشلالاتها التي لوّنت بلادَنا بلونها ....

في عزّ أخبار الأخبار، في عزّ حياة جديدة نحياها، على ما فيها من آلام ومن أوجاع ولكنّها الجديدة ...

كم كنّا منذ عهد قريب نجترّ أحزانا، ونبثّ آلاما، ونندب أياما نحياها ولا نحياها، وكأنّنا نندب عهدا كُتِب أن نكون أناسَه ! عهد تعلمنا فيه كم كنّا، وما كنّا، وكيف كنّا.... وكما عاش الأكثر منّا، لم يعش الكثير منّا ممن فقِه الماضي، وترك فيه التاريخ ندوبه كفعل المِدية التي تمرّ على القلب مرّ اللئام لا مرّ الكِرام فلا تمرّ إلا وقد تركت آثار عملها بقلب يعقل المعنى معنى...ولكأنّ عمله فيه ميلاد عقل له .... !!

 وعقل القلب فَهْمُه أنّ ما هو كائن ليس هو الذي يجب أن يكون، وأنّ ماضيا وتاريخا كُتِب أن نكون دارسيه ليس إلا ناقوسا يدقّ مؤذنا أنّ الإعادة ممكنة... وأنّ العودة تحمل معنى "الرجوع" و"الإياب" و"الأوبة" و"التوبة"، وأنّ ما كان ليس بِدعا من أحداث الزمان يحدث مرة ولا يكرر نفسه مرات، وأنّما الزمان والمكان من رحِم الحَدَث، فلولا الحدث ما كان زمان ولا مكان،  ولا عرفنا أين كان ما عرفنا من تاريخنا، ولا متى كان ما عرفنا من تاريخنا ....

عقل القلب أن يعقل ويفهم أنّ الزمان ماضٍ مع كل حدث كائن، وأن المكان كائن لكلّ حدث...وأنّ أحداث تاريخنا لم تكن من ذاتها، بل من ذوات أناس جعلوها أحداثا، وأنْ قد كانت لهم قلوب عقلت أنّ ما بين اليدين كفيل بأن يصنع حضارة تسود، بل أن يصنع حياة للأرض كما يجب أن تكون الحياة ....

كم كان حِملا عليها تلك القلوب أن تعقل !! وكم تمنت ساعة بين ساعات عقلها لو أنّها لم تعقل... ! وكم تمنّت في ساعات الأسى المُطبِق لو أنها كانت كقلوب كثيرة بلا عقل عاشت، فعاشت مرتاحة... لا تحمل همّا ولا تتّزر وِزرا .... !

ومع كرهها لجنون تلك القلوب ودّت لو أنّ العقل فيها ذهب وإنْ لساعة، ولكنها كانت تعود فتحمد الله على نعمة العقل لقلبها ... ! لم يكن يطول بها زمن الأمنية المجنونة، ولم يكن يأخذها لقرار مجنون سحيق القرار  ... !

بل كانت تعي كلما كبر العقل فيها أنّ شقاءها بعقلها خير لا فِكاك منه ولا مهرب من تبِعاته ولا مفرّ من حَرّ عتباته ولا قرّها ...

كم كانت تلك الظلال من "حضارة كانت" تُلقى على قلوبنا، فتَلقى من عقولها الفهم والوعي، والتصديق والإيمان بها ما دام قد حرّكها عقل بفكر نابض ، وقلب بعقل واع ....وعى أنّ الأرض للإعمار وأنّ إعمارها يسبقه إيمان بخالقها وموجدها ومهيئها له بكل ما فيها خدمة لعقله ولقلبه ....

كم كانت تزيّن صورا لم تُوثّق على ورق... ففي عهد الحضارة التي سادت  ما كان للصورة من مكان، بل كانت الكلمات بحروفها تنقل لنا الحضارة كما كانت ... بحروفها العلمية والأدبية والفكرية والفلسفية... بقيت كلها، تحكي عن ماضٍ سُخّرت فيه الحروف فكانت الكلمات والصورَ والأصوات ....
فكنّا نتخيّل حضارتنا ....

كنّا نتخيّل العِمارة فيها، والفنّ والمدرسة والمكتبة والبيمارستان... كما كنا نتخيل دار القضاء ودار الإفتاء... ودواوين الشعراء، ودواوين الأدباء، ومجالس العلم والذكر في كل مسجد يبلغ الصوت منها المُشاة والمارّين مرور الحياة في عصر ازدهت فيه ألوانهم وتفتّحت فيه أزهار رياضهم وبساتينهم  كما لم يتفتّح الزهر في عصر.... كان ينهل من ماء العلوم والآداب كما كان ينهل من ماء الحياة.... ربما كان زهر ذلك العصر يعقل !! ربما عقِل أن ماء الحياة بألوان، وبطعم وبرائحة ... !! ربما عقِل أنّ ألوانه وطعمه ورائحته من روح الحياة في ذلك العصر، من روح حضارة سادت فكان الزهر فيه أجمل زهر، وكان تفتّحه فيه تفتّحا للحياة .... !!

كم كنّا نباهي بما "كان" عقلَ القلب فينا، فكنّا نقرأ عن أعاجم كانوا يؤمّون ديار الإسلام ابتغاء علم أو أدب، أو لقراءة كتاب ليست إلا تلك الديار داره، أو ليقضوا الأيام والليالي طلاب علم على عتبات مدارس بلادنا، وجامعاتها، وديار العلم فيها ....

وذاك ملك إنجلترا والسويد والنرويج يكتب لوالي الأندلس يسأله أن يتكفل ببعثة لهم من طلاب العلم، عساهم يقتفون أثر المسلمين لنشر أنوار العلم في بلاد أوروبا التي يحيط الجهل بأركانها الأربعة، ويذيّل رسالته الناشدة الراجية بــ "خادمكم المطيع جورج الثاني" ... !

كم كانت تجود أعيننا وما تزال وهي تسحب من غرف الذاكرة صورا مركّبة من حروف، صورا للمكتبات تغزو ربوع ديار الإسلام من شرقها إلى غربها، ومن شمالها إلى جنوبها، وأنّ الواحدة منها من كِبَرها لا يقدر على مسحها جيئة وذهابا رجل القوة إلا بدابة تعينه على قطع المسافة كما بين مكان ومكان إليه السفر ... !!

كم كانت تجود أعيننا وعقل القلب فينا يعقل، وواقع الحال بين أيدينا يكاد يذهب بعقل العقل ... !!
فلكأنّ ما عقلنا الخيالُ لا الحقيقة...وكم قيل لأصحاب عقول القلوب أنّما هي الأخيلة والماضي السحيق وأيام ولّت ولن تعود، وأنّها الأطلال... وأنّ عقلكم الذي به تتشدقون وتشقَون دموع على تلكم الأطلال... لن تنفعكم ولن تجديكم والركب ماضٍ بما هو ماضٍ وأنتم تجترون الأحزان والماضي... ففيمَ نحيبكم وفيمَ حزنكم؟؟، وفيمَ همّكم وأفئدة اليوم هواء، هواء هواء، والواقع مُلك غيركم وما أنتم إلا المعتاشون المقتاتون على فُتات أصحاب مُلك اليوم .... !

كم كانت تجود أعيننا وعقل القلب فينا يصرخ أنّه العقل فوق العقل، وأنّ زاده وغذاءه اليقين بالعودة، وأنّ عمله العمل على الأرض بما وسعت النفس، وأنّ العجلة دوارة لا تتوقف عن الدوران، وأنّ الأيادي الآملة ستدير العجلة وسترى العجلة يد العمل بعقل العقل وعقل القلب، ولا مناص من عقلَين لمَن سيعيد للأرض نورها .... عقل عقلي وعقل قلبي ، فما نفعت الأرض من قبلهما عقول العقول وحدها ... !!

كم أنّ أصحاب القلوب العاقلة مجاهدون، وخلف جهادهم وأصواتهم الهادرة، وكلماتهم الصارخة، ووجوههم النيّرة، ووجناتهم المحمرّة غضبا لله وللأمة ولخيرها، آهات وآلام وأوجاع  تأخذ من أعصابهم كل القوة، ومن أجسامهم كل القوة، ومن كل جزء فيهم.... ولم يكن صدق الحب فيهم إلا مبعثا لحب أقوى ولصدق أكبر، يُبثّ في قلوبهم نوار من عمل سِهام يطلقها القلب العاقل في ساعات السَّحر فلا تخيب ولا تخطئ، وتصيب كبَد المراد والمرام، فيزيد القلب عقلا على عقل فيما يصِمه أصحاب القلوب اللاهية بالجنون... ! ويزيد العزم اتّقادا، وتكبر الخُطى وتزداد عرضا على عرض وتتوثّق وتثبت في الأرض وهي تستمد من نور السماء....

فهل كان دمعهم الحرّاق يذهب هباء في ظلّ ما كانت القلوب تكابد ؟ ! هل كان دمهم الذي خالطته القضيّة في كل ذرة من ذراته عقيما لم ينجب فيما أنجب كريات القضيّة مع بِيضِه وحُمْرِه ؟ !

هل كان رسمه يذهب ويبهت وينقلب سرابا مع كل ما يطغى من صنوف البعد واللهو، والقلوب غير العاقلة ؟ !

هل كان الأسى والحزن من غريب ما يحيط فعلا وادعاء ما يحيط قولا يغلب، فلا ترى لأصحاب القلوب العاقلة إلا انقراضا، وذهابا ؟؟ !!

أكان التاريخ وأصواته الشجية وصوره البهيّة وبالا عليهم أصحاب تلك القلوب؟ وتعبا وشقاء ؟؟

"ابن النّديم" صاحب "الفهرِست"، وياقوت صاحب "معجم الأدباء"، الورّاقان بائعا الكتب، ما يجتمع إلى دكاكينهما إلا العلماء والأدباء والشعراء.... أكانت صورتهم القِيَميّة وبالا عليّ وألما في قلبي ونَدبا لا برء منه، ولكأنّه القلب المُسوّم بالعذاب ؟؟ !!

أاِبن النديم وفِهْرسته وياقوت ومعجمه عذابات وأخيلة تملأ أركان مكتبتي كما الأشباح؟؟... تذكّرني بالحقيقة، ومع الحقيقة يُنكأ الجرح ويتجدّد ؟ ! .....
ومع ابن النديم ومع ياقوت يدخل من يدخل مكتبتي، وكأنّما غمّيت عليهم صور الكتب، فلم تعد أعينهم تراها؟ وكأنّما أخرست ألسنتهم دون ذكرها وذكراها ؟ !!

أهي عذاباتكم ؟؟ !! أهي أشباحكم تطارد القلب المُعنّى ليتجدد الجرح كلما دخل داخل بين الداخلين العُمي عن رؤية أشباحكم الظليلة، الصُمّ عن سماع أصواتكم الرخيمة، و البُكم عن النطق بكلمة بين كلماتكم الحكيمة ....وإذا ما سمّوا "الكتاب" ساموه سوء العذاب ، أو إذاسألوا عن "الكتاب" كان عندهم ذاك الذي يحمل حلول المسائل كلها من ألفها إلى يائها....

 مسائل الرياضيات، ومسائل الأدب، ومسائل الفيزياء، ومسائل الكيمياء........ يريدون كتبا بحلول لأولادهم الدارسين، لطلاب العلم ..... !! عفوا… لطلاب الحلول...وهي في أعينهم علم لأبنائهم، بينما هي لهم المشكلة التي تزداد استشكالا، والعقدة التي تزداد انعقادا والمعضلة التي تتفاقم، والداء الذي يستشري لينشر الكسل والتخاذل، ويكرّس للتواكل ولراحةٍ للعقل هي لبّ تعبه ونومه ورقاده وبلادته وانقلابه لحما وشحما ودما بلا روح تُحييه وتمنحه معناه وعمله ... !!

أهي عذاباتكم يا أصحاب التاريخ والقصص التي لم يعد حتى من يحكيها لأبنائه ؟ أم أنّه الخير الذي لا بدّ منه يا صاحب الفهرِست ويا صاحب المعجم ؟؟ !
 أم أنّ عملي نسخة ممسوخة من عملكم ؟ فإما أن أبقى وتبقى أشباحكم تطاردني، وأنا لها المحبّة، أو أن أذهب فيذهب عن قلبي عقله الذي أحبّه ..... !

وأنا أعايش أشباحهم الظليلة، وترفّ عليّ أسماؤهم، وظلالهم، وأرى الواحد منهم بألف، وأرى كتاب الواحد فيهم بألف كتاب....أرى الكتاب وكأنه صاحب عينين بلسان وبشفتين ولكأنّه مَهديّ النّجدَين، أرى فيه صاحبه ذا العمامة وهو يولّي دنياه الدبر.... قد يقتات بما يقيم صُلبَه، وبين القوت الواحد ليومه  والقوت الواحد لغده هَجر للدنيا وما فيها، وإدبار عنها بما فيها، وإقبال على القراءة والكتابة، والنهل من فيض المعين الصافي، والحكماء والعلماء من حوله، ضروب وألوان، في بلدته وفيما جاورها...

في دمشق وفي بغداد وفي الموصل، وفي الكوفة... وفي المدينة المنورة حيث  "مالك" ومَن غيره يفتي ونوره يعمّ المدينة؟ ! و"الشافعي" إذ يرى في رحلته إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم رحلة العمر، وفرحة العمر، فيلقى وجهُ العالِم وجهَ العالم، وكل منهما قد عرف مقام العالم الآخر، فيقول للإمام الشافعي مالكُ الإمام : " إن الله تعالى قد ألقى على قلبك نورًا، فلا تطفئه بالمعصية، واتق الله فإنه سيكون لك شأن "

و قد كان للشافعي شأن وشأن وشأن ....ذاك الذي لم يكن يملك ورقا يكتب عليه العلم الذي عشقه فآلى على نفسه أن يجعل من صدره الكتاب بورق ... !ذاك الذي لم يمنعه فقره ولا أمّه الفقيرة أن يجالس العلماء ويأخذ من علمهم ليعطي من بعدُ كأعظم ما يكون العطاء ....

عليك بتقوى الله إن كنت غافلا *** يأتيك بالأرزاق من حيث لا تدري
فكيف تخاف الفقر والله رازق *** فقد رزق الطير والحوت في البحر


 أرواحهم ترفّ في مكتبتي، وتؤنسني ....
وهذا البخاري وصحيحه، وذاك مسلم وصحيحه، وذاك فتح من الباري فسّر به العسقلاني صحيح البخاري ....
وغيرهم وغيرهم كُثُر وكُثُر ...وكُثر، في مكتبتي كانوا أو في غير مكتبتي.... أرواحهم تؤنسنا....وترفّ علينا برفرف حضارة سادت، وإن بهتت أنوارها فإنّها في الكتب ومن الكتب ما تزال تنير ....

كل هذه الأنوار مع غيرها ... على الرفوف ترفّ، ولكن لمن رأى ولمن سمع ولمن وعى ..... !!

وأعود بخَلدي ساعة إلى الوراء....
 إلى ذلك الزمان الجميل، حيث لا آلة تسبق آلة، ولا تكنولوجيا ميسّرة، ولا مطبعة ولا طابعات ولا نُسخ بالآلاف تُنسخ في ساعة...
إلى ذلك الزمان الجميل حيث كان في المكتبة "نُسّاخ" ينسخون الكتاب، فلم يكن من السهل أن يقتني الكلّ كتابا، ولكنهم كانوا يتخذون الأخلاء والأصحاب والأحباب من أهل العلم وممّن عنده كتاب، لينهلوا مما ينهل منه، وكانوا لا يغادرون المكتبات وهي تزدحم بهم ليقرؤوا فيها كتابا .....  فأنظر لمكتبتي وما حولي، فإذا طبعة اليوم من العنوان غير طبعة الأمس، وإذا دور النشر والطبع والتوزيع تتنافس في التخريج .... وإذا محبو الكتاب قلّة، وإذا الملتفتون للكتاب قلّة، وإذا السائلون عن الكتاب قلّة ....بل قلّة القلّة .......... !!

فلكأن الآلة إذا حضرت بطلت القراءة، ولكأنّ قليل المادة على الإنسان نعمة بين النّعم.......ليس يعقلها إلا من كان لقلبه عقل....

أفهي عذاباتكم أيها العِظام الحائمون حول مكتبتي؟؟ أهي مطارداتكم، بعماماتكم وبجِبابكم، وبأقلامكم وبدَواكم .... !

أفهي عذاباتكم ، والداخل مكتبتي بين جلّ الداخلين إن تكرّم و عن كتاب كان من السائلين ، سأل عن حامل الحلول لمسائل يريدها جاهزة ناضجة كما الطبخة التي لا يقيم عليها مُعِدا ولا مراقبا ولا مترقبا ، بل يقيم عليها آكلا ... !!

-   
هل عندكِ كتاب للرياضيات به حلول مسائل الكتاب المدرسي ؟
أو ربما كان السؤال الفاجعة :


-   
هل عندك قرص به كل صنوف البحوث ؟

أو ربما كان السؤال الفاجعة والصاعقة والكارثة :

-   
هل عندك قلم يكتب باللون الأبيض ؟


-   
أي قلم هذا الذي يكتب على الورق الأبيض باللون الأبيض؟ !!

فيعقف عينيه إلى حاجبيه بشكل من أشكال "افهمينا !!!"

-   
قلم الغشّ .....................

وتقع بقلبي الواقعة، ويزمجر قلبي زمجرة، وتهتزّ روحي اهتزازا، وأقارب حالة من الصراخ مع البكاء، ولكأني ألتفت إلى شبح الصحب المرفرف، ولكأني أخجل من مقامهم، ولكأنّي أنوح على عتباتهم...وأفرغ من همّي بين أياديهم ..... !!

والسائل اليافع الشاب وهو يسأل، يتجرأ، وليته أبقى على سؤاله باللون وإن بقي لغزا بين الألغاز، وإن هاودته وأجبته وكأنما يسأل عن قلم بلون الأقلام كما ألفنا الأقلام ولم يزد .... ليته لم يزد ....وليست الزيادة دوما خير...بل إنّ من الزيادة ما قتل ......

ووجهه أقرب إلى وجه المجرمين وهو يسأل .... !! وتقاسيمه إلى تقاسيمهم أقرب .... ومن خلف جُرمهم جُرم أكبر، أب تلهّى وأم تلهّت، ومادة طغت، ومشاعر غُمِطت وغُبرت وغمرت، ومدرسة لم تعد هي المدرسة، ومعلم لم يعد هو المعلّم، وقائمون هم الهادمون في ثياب القائمين، وسياسة إفسادية لما بقي منه الاسم وصعدت منه الروح، وذهب منه المعنى "التربية والتعليم" ...!!


-   
اذهب .... اذهب فأنا لا أبيع أقلام الغشّ ......

اذهب ففي مكتبتي عقول على رفوف، ولكنك لا تراها .... اذهب فقد عوّضت عن خجلك منهم، بخجلي منهم، اذهب فقد أدميت القلب بكلمة زدتها، وليتك ما زدتها ........... اذهب فكم منك وكأنهم بلا وجود .... !!

اذهب فالقلب قد ضُرب من كلمتك ضربة المقتول الذي أصيب عقل قلبه، ولكنّه ينزف ..... اذهب ودعني لأداويه .... ودعني لأسارع له بشيء من دواء، ومن قطن ومن سِدر القلوب... لعلّ ما فيه على ما فيه على ما فيه الإساء والآسي ، ولعلّ كَلِمَه أسيّ يُؤسى.... لعلّني ألتفت إلى عقله لأحدّثه فيواسيني، ويصبّرني .... اذهب واترك الجرح على الجرح فقد قتلتمونا بكلماتكم، ومازلنا نسمعها منكم في كل حين وحين أقسى وأقسى ........فكم تقتلوننا من مرة !!

أفهي العذابات أخيلتكم يا صاحب الفِهرِست ؟؟ !!

وبعده ومع فترة  الامتحانات –ويْح الامتحانات-  تدخل عليّ عُصبة من شباب يافع يسألون صورا طبق الأصل لقصاصات ملصقة بعضها ببعض، صغيرة صغيرة، خطها وكأنه النمل الصغير حرفا قد رُصف كلمات ....


-   
لو سمحت صورة طبق الأصل .

-   
آه هذه القصاصات التي لا تكاد تُرى تحمّلونها الكراريس ذات الأوراق المئة، بل والكتب ذات الأوراق العديدة !! لتسترقوا النظر إليها ساعة الامتحان من طرف خفيّ وتنقلون منها إلى ورقة الامتحان !! أبدا ...أبدا أنا لا أصوّرها .

-   
آه أبدا ............

-   
نعم أبداااااا  ........

وكانت الضربة القاضية من بعد ما كان على قلب ينزف .... كم فيك من دم أيا قلبُ فمع شدة نزيفك تبقى وتُصبح وتكون رفيقي مع عقلك إلى مكتبتي صباح اليوم الموالي ........... !!

كم أنّك نعمة يا عقل القلب !! وكم أنّك شقاء وتعب ..... !!




العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: أم يوسـف في 2011-12-01, 16:41:26
الله الله

رائع يا أسماء رائع جدن جدن  ::)smile:
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-12-03, 07:08:50
بارك الله فيك يا أم يوسف، وطيّب خاطرك وجبر به، وجعل ما يمنّ به علينا من كلمات نفعا .

أما وقد رحبنا بالـ "جدن" فلا مناص من دوام إكرامها هي الأخرى ::)smile:، عساها تكون في اللغة صحيحة  :emoti_64:
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: أم يوسـف في 2011-12-03, 08:12:40
بالطبع يا أسماء أنت تدرين أني معلوماتي في اللغة العربية لا تؤهلني لمعرفة إذا كانت في اللغة صحيحة أم لأ

ولكني " بعاكسك"  ::)smile:

الحقيقة أن كلماتك رائعة ولا أجد كلمات توفيها حقها و تعبر عن متعتي عند القراءة

أشكرك جدن  ::)smile: على الدعاء و لك مثله
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-12-12, 13:53:20
دخل المكتبة، وألقى السلام ... ويده بيد صغير يطفئ شيئا من نار شَيْب أشعل رأسَه ...

تلمح في تقاسيمه المتبسّمة حُبّا كبيرا لذاك الصغير يفوق حجمه وطوله وصوته، يدلّل على أنّ الصغار أكثر محتلّي القلوب قوة، وأوسع أولي العلم بسطة في العمل بعلمهم عَمَلَ البساطة والصدق والبراءة والطّهر... وأغلب الكبار ذوو عُسرة فيها، وكلّ الصغار فيها ذوو مَيسُرة  ... وبين كبار وكبار أصلاب هي الأصل والمنبع وهي السبب في صغير جاء من كبير كان بالأمس بين الصغار صغيرا ....

فأيّ شجرة هي تلك أصل الفروع وأصل الأوراق وأصل الجذوع ... !

أي شجرة تلك التي تعرِّفُك الرياح العاتية مقدار رسوخها في الأرض وضربَ جذورها فيها، وتُعرّفك الشمس المضيئة الحانية على كائنات الحياة مقدار ما تصبر على صُروف الدهر، وكيف تعِد بعودة الخضار وإن سلبها الخريف العنيف أوراقها ونثرها على الثرى، حتى إذا رمقتَها خِلتها المسلوبة التي لن تعود لها الحياة.... وهي التي قد قطعت مع الربيع مواعيد العودة والميلاد الجديد ... ! فما أن يهلّ الربيع الوديع حتى يعود النماء وتعود ابتسامتها للحياة كما تعود فيه للحياة ابتساماتها .... !!

هكذا هم الكبار إذ يرافقون صغارَ صغارِهم، ولكأنّ الجذر الأكبر وهو يحمل الساق والجذوع والأوراق يحنو على الكلّ ويحيا للكل، ولا معنى لحياته إلا بحياة الكلّ...

و ما يضِنّ وجهُ الحياة العبوس برسم التجاعيد خطوطا وخطوطا على الجلد ترهّله وتَذهب بنضارته وطراوته، ولهو أقرب للبَضْع بسكين منه للرسم بريشة، وتُكدَّس السنون بادية لا خفيّة وإن جاهد مَن جاهد على أن يخفي ويداري ويواري...ما ضنّ حتى على اليد الممسكة باليد، فإذا رسم التجاعيد عليها لا يخفى وهي تقبض على يد صغيرة غضة نضِرة يستحي وجه الحياة العبوس أن ينظر إليها أو أن يريها عُبوسه واكفهراره ...

ولكنّ الصغير أفلحُ المفلحين في رؤية جدّه المُحبّ شابا يافعا فارعا لا تُبعِد بينهما السنون بقدر ما تقرّب بينهما لغة القلبين، فإذا قيست القلوب بالأحجام كان قلب الجدّ أكبر كما قلب كل كبير إلى قلب كل صغير، ولكنّهما يستويان بمقدار الحب العظيم الذي يحتويان... فلهو الموحّد بينهما، وهو القاسم، وهو الذي يسوّي الصغير إلى الكبير في غير كذب ولا افتراء .... فيُضْحي قلب الصغير كبيرا مع قلب الكبير الكبير .... ! emo (30):

ها هما عيناه تشرئبّان من أصل الأرض الأقرب إليه، مع عُنُقِه، مع كل ما فيه إلى وجه الجدّ الأبعد عنها، في حديث العين للعين والشفاه للشفاه، بلا تكلّف ولا اصطناع ولا مقدّمات ولا استباقات .... هذه الفصاحة التي لا تكلّف فيها ، وأفصح الفصحاء يخشى شيئا يشوب فصاحته وآذان الجمع متربّصة بكلماته ... ! وأكثر الحكماء حصافة يخشى أن تناله يد الهفو فيقع إلى دون ما عُلم عن حصافته ... !! وأحسن الجياد روضا تكون من نصيبه الكبوة...

ولكنّ هذا الصغير لا يخشى مع طلاقته وتلقائيته وسلامة قلبه التامة كبوة ولا هفوة ولا شوبة ... وهو يحدّث جدّه الذي تهابه الكبار ويحسبون له الحساب والألف بحديث الواثق الذي لا يأبه لضحك ضاحك ولا لشزر ناظر .......فأوّاه ثم أوّاه  لريح الحرية فيكم أيها الصغار البواسل ... !!

ها هو ذا يطلب، ويلحّ ، ويصرّ ولا يفتر... يقيم على طلبه منافحا مصابرا مرابطا لا يعود عنه ولا يَعدِل وإن كان من الجد ما كان، وقد يضجر الجد المحب من طلبات كثيرة، وقد يملّ ، وقد يرى فيما يرى أن أوان الردع والصدّ قد آن، وأنه لا مجال لفتح باب تلبية بلا إيصاد ....ولكن غالبا ما يغلب الصغير وإصراره،  ويفوز بإلحاحه وقيامه على طلبه ومراده ....وغالبا ما يعود الجد الكبير عن رأيه ....وغالبا ما تذهب حكمته ونظرته البعيدة بعيدا عنه تكِلُه وانصياعَ كل حكمته ورؤيته وتجربته وسنين عمره الطويل لصغير أقرب ما يكون عَقْلُه لعُقلة إصبع من أصابع عقله الكبير ... !!

فأواه فيكم لريح الإصرار والجهاد في سبيل تحقيق المراد أيها الصغار الأبرار ... !! emo (30):

- قصة تليق بسنّه لو سمحتِ...

- هذا رفّ قصص الأطفال أمامك يا "حاج" ...فانظر ماذا ترى، وانظر ما يروق للصغير بينها ...ما رأيك بهذه المجموعة من قصص الأطفال العالمية ؟ "ذات الرداء الأحمر، اليتيمة بائعة الكبريت، القط الذكي....." ؟

- يااااه ... انظر يا بنيّ هذه "ذات الرداء الأحمر" ويثنّي باسمها الفرنسي "Petit chaperon rouge"، أهي هنا؟؟ يا حسرة على الزمان ...يا حسرة ... !! يا حسرة على زمن جميل مضى يا حسرة ..... !! سآخذ لك هذه يا بنيّ لتقرأها وتعرف قصتها، فهي من أول ما قرأنا صغارا ....

وجعل الجدّ يتصفّح القصة بصورها وحياتها القديمة الجديدة، ويرى فيما يرى ماضيا عاشه، وزمانا جميلا كانت فيه "ذات الرداء الأحمر" من أول ما عرف، ومن أول من أحب، كيف لا وهي من بواكير المعرفة في باكورة الحياة ؟! ....

ورأيته وهو يقلّب صفحاتها وكأنّه يقلّب معها صفحات تاريخ مضى من حياته، كان من ذاك الزمن الجميل ....
(http://www.ayamnal7lwa.net/forum/index.php?action=dlattach;topic=4494.0;attach=10037;image)(http://www.ayamnal7lwa.net/forum/index.php?action=dlattach;topic=4494.0;attach=10027;image)(http://www.ayamnal7lwa.net/forum/index.php?action=dlattach;topic=4494.0;attach=10037;image)
أيام عرف الطهر والبراءة والنقاء في ذات الرداء الأحمر، وعرف الطيبة والوداعة والرقة في ذات الرداء الأحمر .... وعرف الحب وفعل الخير في ذات الرداء الأحمر وهي تزور جدتها وتأخذ لها معها حلوى مما تحب وتشتهي.... وعرف  من معاني الحرية في ذات الرداء الأحمر وهي بين المروج تسرح ، وفي أحضان الغابة باسقة الشجر دانية الثمر يانعة الزهر تلهو وتمرح، تُسلّم على كل نبْتها ومائها وطيرها كما يسلّم البشر على البشر .....

عرف المكر في ذئب تربّص بها في أدغال الغابة، فذكر مُرَّا تجرّعه وهو يكاد يموت فَرَقا على ذات الرداء الأحمر من مَكْره،و كم ودّ لو أنّه كان ذاك الصيّاد الشهم  منقذَها من أنيابه اللمّاعة الطمّاعة ....
وكم حزِن وأفل نجم بسماته المتلألئات قبل حين فور سماعه أنّ الذئب همّ بها سوءا وأذى، بل وفوق الهمّ كان النُّزوع...! وأيّ نزوع قاتل هو ، وذات الرداء الأحمر وجدتها بين أحشاء الذئب حَشى ؟! sad:(....ثمّ ما انفكّ يموت حزنا وكمدا حتى  فُكَّ أسر قلبه الخائف الحزين فورما عرف نهاية الذئب اللئيم ونجاة ذات الرداء الأحمر من مكره وكيده وطمعه ....حتى أنّه صدّق كل التصديق بباقر بطن اللئام ومستخرج الطيّبين الحَشى أحياء من بين أحشائه...!! وكم سعِدَتْ وجدتها .....وكم هنئتا.... وكم كان جزاء الإحسان لها إحسانا ....

في لحظات ............لم تكن إلا لحظات ... هي التي قلّب فيها صفحات القصة الصغيرة، رمقتُ الماضي السحيق ممتثلا بين عينيه، كما امتثل بين عينيّ ماضٍ هو لي بعيد أيضا،  ولكنّه أيضا كان من الزمن الجميل .... فعرفت كم أنّ حسرته كبيرة، وكم أنّ صفحة الذكريات التي فُتحت أمامه على ورق "ذات الرداء الأحمر" كانت جميلة بهيّة، بألوان زاهية رسمت رَوْقَة الإحساس بوزن الذكريات الجميلة البديعة ....

ما دَرَى أنني كنت أرى ما كان يرى، ما دَرَى أنّني أقلّب معه أيضا صفحاتي الجميلة، أراها في عينيه حسرة، يقيس بزمان يعيشه اليوم زمانا عاشه وكأنه كل أيامه ....

-----------------
ومازال لقصة القصة بقية فهل نكمل ؟ emo (30):
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-12-13, 10:45:04
أحببت أن تكون قصتنا تفاعلية، ولكن يبدو أنّ كلا مشغول بما شغله، وعلى كل حال يجب أن أضع تتمّتها

--------------

لم يكن يدري أنّني عرفت وزن حسرته وتنهيدته التي نفثها قويّة... إذ أنه وهو يرى ظلاله التي عادت فأظلته من جديد لم يرَ أن ظلالي الأثيرة قد عادت أيضا من ذلك الزمان الجميل وأظلتني للحظات.... ولكنّ وارفها يعمّ ، فتطول مدة مكثه ما تعلّق القلب المتذكّر ببهيّ تلك الصور وجميل تلك الذكريات... ولعمري إنّ حياة القلب لا تكون بلا أثر فيها لحياة جميلة كانت .... لا تضاهي جمالَها حياة تصير كتابًا للذكريات .... !!

لم تكن تدري أيها الجدّ الذي عاد به حفيده ويده الصغيرة ومكتبة لأشيائه الصغيرة إلى ماض جميل أنّ الله الودود يرفّ برحمة من رحماته على قلوبنا، فيدقّ ناقوسُ الذكرى فيها ليعود المرء فيعيش ماضيه وصِغَره وشبابه في لحظة بين لحظات العمر شأنه شأن حبيس غرفة الإسمنت والحجر والآجر، الفارّ منها إلى السماء بشمسها وهوائها وسحابها، وإلى الأرض الرحبة بمائها ونمائها وخضارها ...وشتان شتّان بين حياة وحياة ....!!

لم تكن تدري أيها الجدّ أنّه من حالِكِ حالِكَ حالي، وأنّني أيضا كنت المسافرة على مطيّة اللحظات إلى تلك الأيام الخوالي ....وأنّ حسرتي أيضا يا جدّ كبيرة وعميقة  كلما تذكرت أيام زمن جميل عشتها هي عندي الأيام الغوالي ....

ومن أين يتأتّى يا نفس الجمال ؟ ومن أين يتأتّى يا نفس الغلىَ ؟ وكيف يُقاس يومي  بتلك الأيام فإذا هو الأدنى؟ وإذا الدمع مني ساعة القياس الأقربَ والأدنى  ؟...وعلامَ أيتها النفس الحسرة والتحسّر والأسى؟؟
قد أتاكِ الجواب يا نفسي في تلك اللحظات القليلة، في تلك التي قلّب فيها الجدّ صفحات "ذات الرداء الأحمر"، في تلك التي قلّبتِ معه فيها صفحات "ذات الرداء الأحمر"، وصفحة الأيام الماضية فيها ....

كانت أياما عليّة بمعانيها...بعِظم القيم فيها... بقرب الإنسان لأخيه الإنسان فيها... بمعنى الإنسان في الإنسان فيها ....بصدق الضحكة القلبيّة فيها... بكثرة دواعيها، وصفاء معانيها ....
تلك التي كانت صباحاتها نديّة في القلوب كما كان يُنَدّى في صباحاتها النَّوَر...

تلك التي كان فيها الجار يسأل عن جاره وعن حال جاره، لا عمّا لَهُ و لا عن مالِه ... ويحرس جاره لئلا يؤذى جارُه، لا ليتمسّح بجاره ذي المال والأعمال عسى يناله من خيره ما يناله ...ويربّي الوِلدان مع الأب جارِه لأنّهم أولاده بتعدّي الأخوّة الجامعة .
تلك التي كان فيها الأخ أخا لا لمال أو لمادة أو لجاه، بل لقلب أخ يرفّ عليه قلبُه ....كل منهما في جسد، ولكنّ محلّ الإحساس والعمل منهما واحد ....

تلك الأيام التي كانت فيها الحُرمة حُرمة، والكرامة كرامة، والمروءة مروءة ...تلك التي كانت المرأة فيها بكمال معناها وكمال معناها حُرمتها، ومكانتها ونفاستها...فكانت العالمة وهي الموقّرة المحافظة على نفسها والمحافَظ عليها، وكانت الأديبة الأريبة وهي المحافِظة الموقّرة.... وكانت التي توغل في رأس وأسّ العلوم علوم الدين وهي المثال والقدوة الهادية...

حينما كان الرجل برجولته، ورجولته كمال معناه ... فكان يعفّ عن كذب، أو عن سفَه أو عن خفّة رأي أو عن خيانة أو عن لآمة لأنه الرجل بكمال الرجولة فيه ... لا يخشى في الحقّ لومة لائم، وهو الملجأ حين الشدّة والاضطرار، والمجيب ساعة الحاجة وساعة يجدّ الجدّ ويجب الحدّ، ولم يكن يهرب من مسؤولية ولا من تبِعة ولا من واجب، ولم يكن يحمّل المرأة ما يجب أن يبقى حِمله وحده، بل كان حاميها والحِمى، وسنَدَها ورادّ السوء عنها و الأذى ...فكانت عين المرأة يومها حكيمة ترى الرجل بمعاني الرجولة، وكمال الرجولة، وكانت تطلب فيما تطلب وتتمنى فيما تتمنّى معنى الرجل في الرجل لا اسمه ورسمه وعاءً خاويا لا يُوعي...

حينما -يا جدّ ويا نفسي المسافرة حيث سافر الجدّ- كان جمع الناس يبغضون الكذّاب والأفّاق والأفّاك والمخادع المُداهن كبغضهم الشيطان فورما يُؤتى على ذكره الآسِن ....فكانوا يعادونه ويولّونه الدُّبُر حتى يرعوي أو ينزوي انزواءة الذي هو منهم ولا يُقبل أن يكون على ما هو عليه منهم، ولأنّ طُهر الكلّ أولى من مداهنة الواحد الذي يُؤسِن الكلّ، كحال الجزء الموبوء من الجسم يُبتَر لئلا يذهب الجسم كلّه من استشراء عَفَن الموبوء ....وحتّى يظلّ المجتمع وهو الألفاف الظليلة بنقائه وعليل هوائه ، فلا ينتقل الأسَن إلى الحِياض الطاهرة ....

أرأيتَ يا أيها الجدّ المسافر حلاوة السفر من جنس سفرتك وسفرتي؟؟ أعلم أنك قد رأيت .... !

حينما لم تكن قلوب الآباء والأمهات الطاهرة الخالية من ابتلاءات الزمن بإنزال المفاهيم غير منازلها، وبقلب الموازين، لم تكن تُعطي من قلوبها  لقلوب صغيرة هي منها وهي أكبادها التي على الأرض تمشي  أنّ "الكذب" ضرورة اجتماعية ، وأنّ "سوء الأدب" سلاح اجتماعي إشهاره ضرورة، وأنّ "الوقاحة" جرأة أدبية عصرية لا بدّ منها، وأنّ "المادّة النقدية"  هواء عصريّ مع الهواء الذي هو للنَّفَس ...وأنّ...وأنّ......حتى أصبح من الأطفال مَن إذا خاطبتَه حسبتَه ذاك المجرّب الذي خبِر الزمان ونوائبه والدهر وألاعيبه !!....وما ذاك فيهم إلا صورة ممّا يُزرع فيهم، وما ذاك فيهم إلا حجارة، على النار التي بالقلوب المتحسّرة نارٌ أقوى وأشدّ لهيبا ....

ومن هذا ومن ذاك أيها الجدّ .... من صحن به القليل من جار مقلّ في يوم عيد بين الأعياد يصل جارَه الغنيّ بيد ابن أشْرِبَ في قلبه أن جارنا هذا مثل أبينا، له التجلّة والاحترام والتقدير والحبّ ....فلطالما تفقّدنا ورعانا ولم ينسَنا في شدائد أيامنا كما في رخائها ....

من يده الشبيهة بيد ذات الرداء الأحمر، ومن قلبه الشبيه بقلبها الأبيض ....يصل صحن الفقير المقلّ بيت الغنيّ الموسر ...فلا يتكبر ابن المرسَل إليه على ابن المرسِل، بل يحتفي ويفرح ويسعد، فصديقه هذا الفقير غنيّ النفس.... وعلى هذا رباني أبي أن أختار بين الأتراب أصدقائي، فإنه لا يشتري لي المال فيما يشتري طيب منبع ولا كرم أخلاق ....
ومن كل هذا وذاك يا جدّ الحفيد ....تتأتّى التنهيدة ذات النفثة القوية ..... أدري.... تالله أدري .....

وكل هذا في لحظات .... ما أثراها وما أغناها  من لحظات تطوي الزمن الجميل طيّا على بساط الريح الزهيّ الذي أخذنا إلى تاريخ بهيّ وزمن ولا أبهى .... تفرشه نمارق وزرابيّ، وترصفه نجوما ولآليّ ....فيتراءى لنا ما لا يتراءى لغيرنا وهم لم يمتطوا بعد صهوة اللحظات الغالية إلى الزمان الغالي .....

واشترى الجدّ "ذات الرداء الأحمر" وهو يقول ويعيد، ويعيد ويقول ...يا حسرة على ذلك الزمان ...!!يا حسرة على ذلك الزمان ....!!
ويحدّث حفيده أنّ عليه قراءة هذه أولا، ويعده أن يبتاع له أخرى من عبق ذلك الزمن الجميل إذا ما أتمّ الأولى....

ويهمّ بالخروج من مكتبتي .... وهو يداري دمعا، لم يدرِ أنني رمقته ورأيته وعرفته .... ولمّا لم يقوَ على مغالبته همّ  براحة يده تميط ما غلبه على أمره فانساح منه على خدّه إماطة الرجل لدمعه العزيز ... وهو لا يدري أنني قد رأيته ....

ولأنني عرفت وزن تلك الدمعات اصطنعت العمى عنها، وأنني لم أرها ...وودعت بعيني ظَهر الجدّ الذي سارع يُشيح بوجهه عني وهو يخرج وكأنّه يُخرج قبل كلّه عينَه فاضحةَ حالِه وسرّه  ....وإنّه لمن معنى النفاسة فوق وصف المعنى أن نبقي على الإحساس القويّ النفيس طيّ أنفسنا، ونربأ أن يكون عرضا لكل مبصر....!

إنك لا تدري أيها الجدّ أنني رأيت دمعاتك، وأنني قدّرت وزنها ....ولأنني قدّرت فقد آثرت الصمتَ،وفي الصمت سفر آخر على مطيّة أخرى إلى عالم تقدير المشاعر وتبجيلها وإعطائها حقّها من التجلّة  والإعزاز ....

وحقّ لدمعك أن يُرسل أيها الجد ّ...........وحقّ لعينك يا جدّ أن تجود .....


العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: maha في 2011-12-22, 04:17:05
اول مشاركة ليا فى منتداكم الرائع فى موضوع اكتر من رائع
واعذرينى ان كلامى مش باللغة العربية الفصحى بس حاولت ولقيت ان باى حال من الاحوال هتكون محاولة فاشلة جدا لانه هيكون موجود فى مكان زى دة
حبيت اقولك ان خواطرك بجد اكثر من راقية كلاما ومعنى
اعدت لى احساس رائع بالبهجة ابتديت احسه من تانى بعد مدة طوييييييييييييييييييييلة اوى اوى مش قرات فيها كلام باللغة العربية الحقيقية مع كل خاطرة وكل وصف وكل كلمة
بجد جزاك الله خيرا
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2011-12-22, 09:29:04
اول مشاركة ليا فى منتداكم الرائع فى موضوع اكتر من رائع
واعذرينى ان كلامى مش باللغة العربية الفصحى بس حاولت ولقيت ان باى حال من الاحوال هتكون محاولة فاشلة جدا لانه هيكون موجود فى مكان زى دة
حبيت اقولك ان خواطرك بجد اكثر من راقية كلاما ومعنى
اعدت لى احساس رائع بالبهجة ابتديت احسه من تانى بعد مدة طوييييييييييييييييييييلة اوى اوى مش قرات فيها كلام باللغة العربية الحقيقية مع كل خاطرة وكل وصف وكل كلمة
بجد جزاك الله خيرا

أهلا ومرحبا بك يا مها في أيامنا الحلوة
أتمنى أن يطيب لك المقام بيننا وأن تصبحي عضوا من أسرة المنتدى
اختيار موفق جدا للبداية من عند المبدعة أسماء


للأسف يا أسماء أؤجل دوما الاطلاع على خواطرك المكتبتية لوقت (رواقة) ولا اجد هذا الوقت بعد
ولا حول ولا قوة إلا بالله
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-12-22, 12:10:24
اول مشاركة ليا فى منتداكم الرائع فى موضوع اكتر من رائع
واعذرينى ان كلامى مش باللغة العربية الفصحى بس حاولت ولقيت ان باى حال من الاحوال هتكون محاولة فاشلة جدا لانه هيكون موجود فى مكان زى دة
حبيت اقولك ان خواطرك بجد اكثر من راقية كلاما ومعنى
اعدت لى احساس رائع بالبهجة ابتديت احسه من تانى بعد مدة طوييييييييييييييييييييلة اوى اوى مش قرات فيها كلام باللغة العربية الحقيقية مع كل خاطرة وكل وصف وكل كلمة
بجد جزاك الله خيرا

أهلا وسهلا ومرحبا بك أختنا مها  emo (30): سعيدة جدا أن كان موضوعي أول موطئ لقدمك بمنتدانا الحبيب ....كما سعدت أن نالت هذه الخواطر إعجابك  وأعادت لك شيئا من شعور يسعدك  ::)smile:ولله الفضل، وله الحمد والمنّة  emo (30):

لي عودة قريبة جدا يا مها، ربما اليوم أو غدا بإذن الله تعالى لأضع الجديد .

هادية الغالية أسأل الله تعالى أن ييسر لك من أمرك ما تجدين معه وقتا للقراءة هنا .
نسأل الله سبحانه أن يرزقنا كتابة ما ينفع وأن ينفع بما نكتب .
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-12-23, 14:42:41
وفي دوام المكتبة أيضا مندوحة لقضاء شأن بين الشؤون، وهي في حقيقتها، وفي جملة مسؤولياتها من بعد ما يألفها الصغار المارُّون بها إلى مدارسهم، والكبار المارون بها إلى وظائفهم... تغدو فيها مسؤولية تلبية المحتاج شيئا من أشيائها من أهم ما لدورها من نفع... وكثير مّا هم المضطرون لحاجتهم في ساعة عُسرة من ساعات العَجلة أو الوقوع تحت طائلة أمر بين الأوامر... خاصة من أولئك الصغار الذي يرون معلّمهم آمرا لا يَجوز إسقاط أمرِه، وأنّ كل ما يقول وما يطلب وما يسأل لا بد أن تكون إجابته إليه سريعة، بل بأسرع من السرعة...! :emoti_209:

وترى زملاء القسم الواحد كخلية نحل يأتمر الكلّ فيها بأمر مَلِكَتِهم، صنوان في الائتمار التذمّر والقلق من الطلب، أو تلبيته بانشراح وصدر رحِب، ففي كلٍّ التلبية لا مناصّ منها، وواجبة لا مفرّ .... sad:(

وكثيرا ما اجتمع الزملاء نزلاء القسم الواحد، في طلب واحد، -وكما هي شِرعة الأطفال -الضوضاء عندهم وتضخيم الأمور سنّة مؤكدة، لا يكاد يتخلّف عنها واحد منهم، فهذا يقول في الأمر قولا، ويؤكد عليه، وذاك يُسمِع به القاصي والداني ،مَن أهمّه ومن لم يهمّه، ::)smile: وكأنّما هو المشروع المصيري للبلد...! وكأنما الإشهار له أصواتهم وكلماتهم وتهويلاتهم ....  :emoti_138:
وفي كل هذا يصبح من أكبر مرامي المكتبة نَشَدانُ إحساس الراحة من بعد تلبية المطلب...وأنت ترى المضطرّ وقد فَكّ عندك اضطراره، والمستعجل وقد توفّر بما وجد عندك وقتُه، والأطفال وقد تفتّحت أساريرهم  بتنفيذ أمر معلّمهم آمرهم...

ولكن لا يمنع هذا -وإن منع من كل شيء- أن تربو راحة النفس بأداء الصلاة عن كل راحة أخرى، وتُمحَقَ دونها كل راحة، وأن تلبّى للروح حاجتها من غذائها، وهي التي لا تنفك في كل مرة من المرات الخمس جوعانة صَدْيا لمطعمها ومشربها، لا تجد في المرة عوضا عن المرات الأخَر، ولا في التي سبقت فكانت بخشوع وقنوت ودخول في قلب جوّ الرحمات والفيوضات كفايةً عن مرات أخَر، بل هي في كل مرة تجوع وتعطش ولكأنها التي تصوم ما بين الوقت والوقت، فإذا كان آذان الوقت كان موعد إفطارها، وإذا ذهب بدأ صومها الجديد إلى حين تَجدُّدِ النداء العليّ لنفس الدنيا لتسمو ساعة بين ساعات النهار وساعة، أو ساعة بين ساعات الليل، وترتقي وتعلو حيث لا دنيا ولا همومها ولا نوائبها ولا فِتنها ولا أحاديثها ولا دنيّها ....حيث الرحب الإلهي، والسعة السماوية والفيوضات الربانية...

فإذا تجدَّدَ النداء تجدّد معه إفطار النفس التي سرعان ما تجوع وتصدى من فرط ما في الدنيا من حرّ الفتن، وما في النفس من قرّ الإحن ....

فلا يكون إغفال وقت إجابة النداء إلا مَوجعة ومفجعة ومهلكة للنفس التي يُظنّ بها قوام الصلب والعود وهي التي تصوم ما بين أكثر من وقت ووقت...! بل قد تصوم ما بين أول وقت وخامس وقت...!! وصومها كشأن الصائم  جسمه عن أكل وشرب أياما خمسة بلا انقطاع ....!! فهل يستقيم لصائم كهذا عود أو صلب؟، أم أنّه حينها أقرب للهلاك منه للبقاء وإن كان أكثر الناس قوة وصلابة ولحما وشحما ....؟!

ولكلٍّ شرعة ومنهاج....  emo (30):فهذا الجسد يصبر عن غذائه اليوم بالليلة، فيجد بعدهما الحاجة لما يسقيه ويغذيه في أوجها، وما زِيدَ عن ذلك ففوق طاقته وسعته، أما شرعة النفس فصومها من وقت إلى وقت من الصلاة هو بمقدار يوم الجسد الصائم، ولا وجه لمقارنة مجال بمجال .... فالروح هي الأكثر حاجة للغذاء والأقل صبرا عنه من الجسد الذي يقيم صابرا يوما بليلة ....!!

فما أرحم الرحمن وما أعدل العدل وهو يوزع الأقوات والأرزاق...! فيحدد للجسد مقدار ما يصبر،ويحدد له ساعة حدّ صبره في رحمة لازمة لا تغادر، ويحدد للنفس مقدار ما تصبر ويحدد لها ساعة حدّ صبرها في رحمة لازمة لا تغادر ،والجاني على نفسه من ألزمها الصوم ساعات الغذاء بعد سماع النداء يتلوه النداء يتلوه النداء، كالمهلك جسده ملزمَه الصوم لما بعد سماع النداء .... وبين عطاء وعطاء، ما أجمل عطايا الرحمن للروح   ....!!

وفي مندوحة يصنعها الاضطرار لاستزادة النفس من زادها،واستعجال الأمر في أمرها للقائها عالِمِ علانيتها وسرّها، خالقها بضعفها وبحاجتها لأن تبث مولاها شكواها وما بها،وما لها وعليها، وبحاجتها لأن تحتاج وتفتقر لعين رحمته تكلؤها، وتحفظها ولا تكِلها لها، ولبسطة عفوه عن الفقيرة إليه في كل حين وفي كل آن،ومغفرته لذنوبها كلها أولها وآخرها علانيتها وسرّها، دقّها وجلّها،وتجاوزه عن زلات ساعاتها التي مضت والتي لا موثقة ولا موعدة ولا أمان لها أنّها البعيدة عنها وإن بطرفة عين على غير ما يجب، إلا أن تكون في غضّ، أو بانتباهتها في ما لا يجب ،إلا أن تكون عن  وقوع نظر لا يستطيب الوقوع ....

ولمكتبتي باب خلفيّ يدخلني بيتَنا بلفّة صغيرة ساعة أشاء متى استوثقت من إحكام غلق بابها الرئيسي المزجّج، والويل لي والثبور إن كنت الساهية ساعتها...! :emoti_64: وهي مسؤولية فوق المسؤولية، وكثيرا ما عدت فحدّقت :emoti_209:بل واقتربت ودنوت واستوثقت من استوثاقي لئلا أبوء بخسران كل المكتبة من هفوة بين الهفوات أو سهوة بين السهوات ،فعلى نفسها تجني دوما براقش :emoti_64:....وبالمقابل تلفّ شقيقتي لفّة عكسية من البيت للمكتبة، لتلحق أحيانا بمن يستحثّ طلبه ولا يجد له صبرا في ساعة إيصاد المكتبة.

 وملاصقة مكتبتي للبيت  تعني فيما تعني عنوّ الأطفال لباب بيتنا طالبين  فتح المكتبة لقضاء حاجتهم الملحّة المستعجلة...وطلبات الأطفال يا سادة ، ثورة لا يعرفها ولا يفهم كُنهها وقوتها إلا من جرّب  وهو يفتح الباب ليجد المحتجّين قائمين بأصوات وتهويلات وفزعات.... emo (30):

وساعةً وساعة هي حالة النفس من إصرارهم على الطلب في أي حين شاؤوا وإن كانت النفس المَلولة في حين مشيئتهم بحاجة لما يبدّل حالها sad:(، فإمّا رضى وقبول وانشراح emo (30):، وإما قلق وضجر وأعصاب تتكاتف على ما فيها لتعلن التعب والرهق بأفّ أو بمضيّ المرغَم لا البطل .... :emoti_144:

نادتني شقيقتي من بعد صلاة الظهر،- وقد لفّت عكس لفّتي-  أنّ "رزيقة" بالمكتبة تنتظرني....

-----------------------------------------------

فما حكاية رزيقة ؟    :emoti_17:
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-12-27, 15:38:02
الجزء الثاني :

----------------------

وأي "رزيقة" هي "رزيقة" ؟؟!!

كلّما بلغ مسمعي اسمُها، أو استحضرتُ بين صور الخاطر أو الذكريات رسمَها، أو زارتني كدأبها تزورني ولا تنفكّ زائرتي، تقافز بذهني شريط المقدّمة والبداية والمآل من حكايتها، ليبعث في نفسي ضرورة من أهمّ الضرورات... ضرورة الاستعداد والإعداد، إذ  أنّ درسا جديدا من دروس الدنيا قد حان موعده، وأنّ عليّ أن أتحفّز بوجداني وجوارحي، وعقلي وقلبي،  وكلّ ما فيّ لمتابعة الدرس واستيعابه وحُسن قراءة الكلمات والأحداث ....

رزيقة صاحبة الحكايات، والتي تحمل بجعبتها ما قدِمت حكاية بحكمة وبموعظة... فلا أراها إلا كما أرى الرسالة المغلّفة بغلاف ربانيّ تمشي بقدَمَين، وتتحدّث بشفتين، وتبكي بدمعات، وتتبسّم برضى وإخبات ...تحمل الهمّ ومع الهمّ حلوى الصبر والثبات، كشأن الداء الملازم المعاشر، ودوائه الملازم المقاوم.....

تتحدّث بحوادث الدنيا.... تتصدّى لها بقوة الإيمان والحبّ لمقادير الله ما كانت وكيفما كانت....
تنساح الدمعات، وتنبثّ الزفرات، وتغلب الآهات... شأنها شأن النفس ومادتها "البشرية"، ولكنّ الإيمان في قلبها وحُسن قراءتها لرسالات الخالق المولى على نحو من جنوح قلبها للمولى يستمدّ منه للبصيرة نورا يقرأ عليه معاني الرسالة، تقْلِب كرب حالها فرجا، وتجعل لها من همّها مخرجا، ولحزنها جلاء و بَلَجا...

رزيقة من الوجوه التي عرفتُها بقدر من الله، كما في كل شيء فعل قدره....
لاقيتُها في يوم من أيام الدنيا، طرقتْ فيه بابا من أبوابٍ إليها أرسلها ربّها في عزّ حزنها وألمها من فراقها أمّها، أقرب الناس إلى قلبها المُعنّى من فراقها...
بدتْ حُطاما وهي المفارِقة من أحبّت كل الحبّ...وكأنّها الميت بين الأحياء... تمشي في دنيا  لم تعد تراها إلا مقبرة كبيرة دفنت كل أحلامها وآمالها، وأخرجت بوجهها كل أثقالها من كدر وحزن وآلام، لتلقيها عليها لا تبالي أماتتْ منها أم ماتت ....!!!   فعمل المقبرة ما بين موت وموت.............. لا يفوت ....!

وهامَتْ على وجهها رزيقة كما شاء الله أن يكون لها الهَيْم... تتصبّر وتتثبّت، وتلقي كلماتُ الله في روعها عمل الحياة في المَوات...عمل النبض في القلب المشرف على السكون... عمل النور الواحد بعظمته في جمع الظلمات... ولنِعم الهَيْم هَيْم رزيقة ......

وما  "رزيقة" ؟... أهي  واحدة من المُحاطين بالمريدين والمريدات والتلاميذ والتلميذات لرياض النفس على درب الحق، ومعرفة ربّ البشر لاستشعار فعل أمره  في كل صغيرة وكبيرة ، ودُربة النفس على بلوغ سمقة الاطمئنان في كل حال من الأحوال، والرضى في كل حال من الأحوال، و التبسّم لوجه الحياة ما عبست وما بشّت....؟
أهي التي يقصدها القاصدون للنّهل من معين المعرفة والحكمة ونور الهُدى وقد أبحرت في العُباب،وذاقت فعرفت حُلو اللُّباب، فما أحبّت إلا أن يذوق غيرها ما ذاقت، وأن يعرف غيرها ما عرفت وما وجدت من حلاوة الإيمان في القلب، وحلاوة العيش في رحاب الله راضية محتسبة، مقبلة على ربّها غير مدبرة ....؟!
أهي هذه "رزيقة" ؟ .......

 لا ليست هذه، ولكنّها من هذه في كثير.... وممّا فيها في كثير، وليست ممّا فيها أنّها التي تُنعَت فيُذهب إليها، أو يُشار على المريدين والباحثين والمهمومين بجلسة من جلساتها، وبرَوحة من رَوَحاتها، وبروقة من روقاتها...
وليست هي التي تَعلّم على يديها الناس فهُمْ من خير من أعطى بلا منّ، وآثر أن يغيب عن الأنظار بعد عطائه، وألا يقال فلان سوّى وفلان دوّى وفلان غدا وفلان راح، بل وجد كل الراحة في غيابه عن الأبصار، ورجاءِ حضوره في ذكر مدرِك الأبصار غير مُدرَك   الأبصار  ....

ليست هذه رزيقة،وهي هذه رزيقة لمن تهيأ فتعلّم منها....و الحكمة ضالّة المؤمن، وممّا عرفتُ فيها أنّها الحاملة حكمة ما حلّت وحيثما حلّت، وأنّ نورا في قلبها يشعّ على مَن يفهمه ويبصره نورا ....

هي البسيطة، بل في بسطة هي بساطتها، بل هي التي كانت قبل أعوام ثلاثة أميّة لا تقرأ ولا تكتب.... وربما شاع أنّه لا علم إلا لمن قرأ، ولا نور إلا ممن كتب....بل إنّه الأكثر شيوعا ....

ولكن كم من قارئ ماهر، وكاتب باهر، لم يحسن قراءة صروف الدهر، ولا معنى مجيئها، ولا كيف تُجابَه، ولا الحكمة من وجودها لمجابهتها...
كم منهم لم يعرف معنى الحياة إلا كما تَعرِف المسطرة المرقومة إلى حدّ، المُعَلَّمَة بعلامات الملمتر،فلا تقيس إلا طولا بحدّها، ولا تعرف من المكاييل غير الطول والعرض، فأمّا الوزن، وأمّا السعة وأما الكثافة وأما السرعة وأما وأما...فكلّه عنها خفيّ، وهي المسطرة ذات الأرقام والأعلام ....!

------------------------------------
فمن إذن هي رزيقة ؟

العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2011-12-28, 13:37:11
الجزء الثالث

بدأتْ من بعد وفاة أمّها  بارتيادها المساجد في ساعات الدرس المُبرمجة من الوزارة للأخوات الأميات ، وتحفيظ ما تيسّر من القرآن لهنّ، وكان ذاك دواءَها الذي وجدت من بعد ما هامت على وجهها تنشد الدواء....
ومن حلقات الدرس لمحو الأمية، وحلقات الحفظ السماعيّ، إلى المبادرة والمسارعة إلى التطوّع لتنظيف وتهيئة مسجد جديد كل الجدة، كان ثمرة تبرّع أحد المؤمنين ببيت له بيتا لله، يؤمّه عباده المؤمنون للصلاة الجامعة ....! فأصبح بيتُ عبد الله لله بيتاً، والعبد والبيت لله ملك....وأصبح بيت الواحد، آمّاً للجماعة بروعة الإسلام الذي لا معنى لحياة الفرد فيه فردا بلا جماعة...!

فهامت بحبّ الجديد ، وبحب كل أطرافه وأرجائه....بل كلّ شبر فيه، وقامت على ترتيبه وتنظيمه، وفرشه، وتعهّده بتنظيف دوريّ لكل ما فيه ....  وعن جزء النساء منه كانت مسؤوليّتُها.
وأصبحت منه... وأصبح من رَوحه رَوْحُها، ومن نفحه نَفْحُها ...وكانت غاية أمانيها أن تقرأ حروف كتاب الله، كما أفلحت في حفظ شيء منها سماعا، بل كانت تراها حلما عزيزا لا يعلو عليه حلم ....!

وبدأ المتبرّعون في جلب المصاحف للمسجد لمن يقرأ..... وكانت كلما أنهت تنظيفه وترتيبه من يوم الجمعة قبل أَمِّ المصلين له، اتكأت على حائط من حيطانه وبيدها مصحف تتمنّى قُرب حروفه ومعانيه من رأسها كما هي القريبة من قلبها، وكما تحدّثها حديث المحبّ لمحبوبه....
ومع تقدّمها الهُوينى في محو أمّيتها الحرفية، بدأت تُهجّي الحروف وتستنطق أبكَمَها فيها حتى نطق، ومن الحرف والحرف وُلدت كلمتها... ومن الكلمة والكلمة وُلدت جملتها... ومن الجملة والجملة وُلدت قراءتها المتأنّية... ومن القراءة والقراءة وُلد  التعوّد والألفة ، وحمدُ الله المتنعّم المتفضّل وشكره دَيدن ودأب وصلاة...
وأصبحت تمسك المصحف وهي تقرأ في ركن من أركان مسجد "زينب" ما تيسّر، والدنيا وما فيها لا تساوي عندها سطرا من آيِ القرآن العظيم تزيّن صدرها، وتحلّي فمها، وتغذّي روحها، وتسقي زرع الإيمان في قلبها، لينمو، ويورق، ويزهر....

رزيقة، باتت رمزا من رموز المعلَّقَة قلوبهم بالمساجد...!
ليست رجلا، ولا الرجل هي لينطبق عليها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيُعرف أنها من سبعة عدّهم وقال بأنّ ظلّهم ظلّ مَن لا ظلّ إلا ظلّه يوم لا ظلّ ولا فَيْء ولا شيء إلا أمره...!
أجل ليست رجلا، ولكن كيف هي برحمة الرحمن الرحيم الودود المنّان الحنّان وهي التي تسقي بدمعها الأرض العَطشى كلما حدّثها أحدهم ألا إمكانية لها برعاية مسجد وتعهّده وتعهّد فرشه ونظافته وتنظيمه، ما لم تكن معيّنة من الوزارة المعنية، "وزارة الأوقاف والشؤون الدينيّة"......!

كيف هي عند الله وهي التي تحيا بنَفَس المسجد، وبهوائه لرئتها، ترى الموت ساعة تُوسَعُ زجرا ونهيا، وأنّها التي ليست موظّفة بأي شكل من الأشكال، ولا مُعيّنة لتداوم متطوّعة، لا ليوم، ولا لعشرة ولا لشهر، بل على الدوام....

دخلتُ على رزيقة مكتبتي.... emo (30):
هي الصديقة، وهي الأخت، وهي التي أحبّ أن أصغي لكلماتها، وأن أجد من الوقت ما أكون فيه بين يديها المتعلّمة ،وهي -فيما تقول-، تأتي لتفضفض وتخفّف عما بها، ولتفرغ مما بجعبتها لمن تعرف أنها أهل ثقتها ومعرفتها...
ألِفت زيارتي بمكتبتي،وألفت السؤال عنّي بأحد مكانَيْن، "مكتبتي" أو "الجمعية"، فأمّا الجمعية فهي ما تزال مواصلة بها دربا بدأته لمحو أميّتها الحرفية، تلميذةَ بين تلميذات شقيقتي معلّمتِهنّ التي كانت يوما بين الأيام الخالية معلمة لي في سنّ الطفولة من عمري...كما أدين لها طوال عمري بأنّها المعلّمة كما ينبغي للمعلم أن يكون، تربيةً وحكمةً وحُسنَ سياسة للنفوس، من قبل تعليم الحروف الآلي، وكأنّ المعلَّمَ آلة حاسوبية تتلقى التعليمة الأمْريّة، لتنفذ العملية بالحرفيّة ....وشتان شتان بين سائس النفوس، وسائس الآلات...!!!

جلستُ قُبالتها، كما تعودنا الجلوس متقابلَتَين في جلسة المُحدِّث والمحدَّث، نتبادل الدّورين كما شأن كل اللقاءات الحديثيّة ...
وبعد السلام وفرحة الأخت بأختها الحبيبة في لقاء هو المتجدّد أبدا، والسؤال عن الأحوال، وحمد الله على كل حال، بدأ حديث الجديد...

بدأتْ، وعلى مُحيّاها علامات نورانيّة بابتسامة رضائية، أرضيّة الوجود، ربّانية السبب، نوريّة السَّمْت...تقول فيما تقول، ودمع لا ينحبس، ينساح مع الكلمات، ولكنه لا يقطعها، ولكأنّه مع الكلمات كلمات، ومع الأنفاس المتعالية أنفاس ، تقول فيما تقول :

- يااااه يا أسماء سبحان الله ...سبحان الله .... كم بتّ ليلة البارحة متأمّلة فيما فيّ... في الجديد الذي فيّ...
 وكم بتّ أسترجع ماضيا قريبا كدت فيه أموت حزنا وكمدا لمّا لحق بي ما لحق يوم شاب علاقتي بإمام المسجد ما شابها، فبتّ قاب قوسين أو أدنى من أن أذهب عنه إلى غير رجعة.... كم كنت من الحياة وأنا لست منها، ساعة هدّدني أنّني وأنا المداومة متطوّعة بمسجد "زينب بنت محمد صلى الله عليه وسلم" من غير ما إذن رسميّ وتسمية رسمية بالعمل فإنني المهدّدة بالرحيل عن خدمته لا محالة، ساعة لم يعترفوا بعمل متطوّعة طال ودام ولم ينقطع...! وأصبحت المداومةَ عليه دوام الموظفين، في غير ما تسجيل وظيفيّ ولا أمر بمهمة بعينها من صاحب الأمر في المساجد، وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، و زاد على ما بهم استمرار مداومتي وحسن رعايتي وقيامي بمسؤوليتي كأحسن ما يقوم بالمسؤولية موظف يتقاضى الراتب،وكلّ هذا وأنا بلا تعيين ولا راتب....لم يفقهوا أنها لله خالصة، وأنني عليها مقيمة لله خالصة ...!

وأسمع منها الكلمات، وأنا الأدرى بعُسر حالها، وبأنّها التي لا تعمل أيّ عمل تتقاضى عليه أجرا، وهي وشقيقتها المريضة من بعد أب توفيّ ، وأمّ لحقته منذ أعوام قليلة، لا عائل لهما ولا مُعيل ....ويكاد لا يُصدَّق حالها وهي التي تصرّ على ما تفعل ومَن مِثل حالِها حالُه -منطقا وعقلا- أقرب وأدعى للبحث عن مورد رزق من الإصرار على عمل بلا راتب تتقاضاه، ليس هو الزيادة على الأصل، بل هو الأصل والزيادة ...ولكنه هو حالها هذا ........

لم يكن عسر حالها حائلا دون حبّها عملها لله، بل دون جمّ حبّ عملها لله... حتى أنك إذا خِلْتَ قلبها يُفتح وتُرى أجزاؤه وأطرافه وسويداؤه، لم تجد مكانا فيها إلا وهو لحبّ عملها ذاك .... ولوجدتَ اسم "زينب بنت محمد" محفورا بالسويداء منه مسجدا تؤمّه كل أجزاء قلبها المحبّ ....
ولكن في هذا العصر الذي نحيا، أصبحت المادة وأفاعيلها بالنفوس حاكما يوشِك أن يعمّم حكمه على أنّ الناس ما أقاموا على عمل ولم ينقطعوا إلا وهو الأكمة التي وراءها ما وراءها من عائد أو عمالة أو نسبة بين النسب، وأنّ شِرعة الدنيا تستفحل ماديّة ماديّة مادية حتى النخاع...!

وغفلوا في حمأة ظنّهم وإغراق فكرهم الماديّ أنّ الدنيا بكل أعصارها تحمل فيما تحمل الصادقين والمخلصين والمُخبتين، والعالمين بحقيقتها وبمآلها، والذين لا يغرّهم منها صفارها، ولا ضحكتها الصفراء، ولا كلّ أصفر فيها....
وكنتُ دوما أستحضر حديثا من الزمن الماضي، وحديثا من زماننا اليوم emo (30):، وحالا من الزمن الجميل الماضي، وآخر من زماننا اليوم، وحالا من هناك وحالا من هنا....وهكذا بين هناك وهنا، لا للمقارنة بقدر ما هو للموازنة، ولمعرفة مقدار ما يبقى الثابت ثابتا، ومقدار ما يليق للمتغير أن يتغير بالقدر الذي يجب لا بالقدر الذي يزيد فيه عن الحدّ...وربما رُميتُ بالرجعية، أو بالخلفية أو بكل المرادفات الورائية التي تُنزَل غير منازلها .... ولكنّني في موضع من الزمن أن أعضّ على الثابت بالنواجذ...فلا آبه لقول الرماة ....

ومن أكثر ما أجعله موضوع تساؤلي: أترى أمة محمد صلى الله عليه وسلم وهي تبلغ السمقة وسنام الأمر من حالها، وتُنعت ببنان الانبهار والتقدير والتبجيل،بالفاتحة وبناشرة الحضارة و بصاحبة الفضل الأول في العلوم، إنسانيّها وماديّها ... وتاريخُها الناصع المشرّف إكليل على رأسها وإن نالت منها صوارف الخطوب، وأصبحت أبعد ما يكون عن أصيل حالها، إلا أنّ ما سطرته حياة الأرض بنورها يشهد ولا ينفكّ يشهد ....أترى هذه الأمة التي كانت على ما كانت، كان رأس أمرها وقوام حالها المال ووفرته، ولو لم تكن صاحبة المال والنقود لما كانت على ما كانت عليه ؟ أكان المال قوامها والسبب فيما كانت عليه ؟

وينفتح التاريخ بسطوره المشرقة، يحكي عن حال رجال فتحوا الأرض، ومضوا على خطى قائدهم الأعظم محمد صلوات ربي وسلامه عليه...يحكي فيما يحكي عن سواد كبير من صحابة رسول الله، وقد ذاقوا من لذع سياط الفقر ما إنّ أوجاعَه لَتنال من الفؤاد ومن الاعتقاد إذا قيست بأفئدة هواء كأفئدة عصرنا الماديّ النقديّ ....
ولا يخفى عمن بحث في أغوار حياة الحبيب المصطفى مِسْكيّة الأريج، وَرْدِيّة العبق، كم كان يعاني من الفقر والفاقة، وهو صلى الله عليه وسلم الذي بُعث لتعديل مسار الأرض قاطبة، وبالدواء لعلل البشر كلّها ....

حتى أنّ عائشة رضي الله عنها  قالت : "مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْذُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ مِنْ طَعَامِ الْبُرِّ ثَلَاثَ لَيَالٍ تِبَاعًا حَتَّى قُبِضَ" -رواه البخاري ومسلم-
فهل كان من هذا الحال إلا ليكون أقرب للموعظة وللدرس من عموم المسلمين ومن فقرائهم؟ وليتعلم فقراء الأمة من صبره وهو مَن هو عند إلهنا العظيم، وهو الحبيب المقرّب الذي سوف يعطيه ربه فيرضى ....
وعنها أيضا رضي الله عنها في حكاية أمّ البِنتَيْن التي طرقت باب أطهر الخلق تسأل من العطاء، فلم تجد ما تعطيها إلا تمرة، و ليس في البيت من الطعام إلاها، فأعطتها إياها....!!

وصحابَتُه الكرام العظام نجوم الهدى، لم يكونوا بجمعهم أصحاب مال وأعمال... بل ما أكثر ما كان بينهم من أهل الفقر والحاجة والفاقة، فهل حال فقرهم وعوزهم دون أن يؤدوا الأمانة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟؟، ودون أن يتحمّلوا في سبيل الرسالة الشدائد؟؟  أكان فقرهم فتنة حالت دون أن يجاهدوا في سبيل إعلاء كلمة الله، ورفع راية الإسلام ؟ أقعدوا عن العمل لله بحجة أن حاجتهم وفقرهم مُقعِد، ولا حاجة لمحتاج فقير أن يكون صاحب رسالة ولا حمّال أمانة ؟.... أفكان هذا حالهم ؟!

فهذا أبو هريرة الذي لو لم يكن له من العلم والفضل غير ما روى للأمة من حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من واقع ما عايشه ولازَمَه لكان فضله هذا غامرا كاسحا معجزا عن كل ثناء وشكر....هذا هو يحكي عن نفسه أنّه الذي كان يَخِرّ فيما بين المكان والمكان الدنيّ منه مغشيا عليه من الجوع، وكان الناس يظنون به الصرع والجنّ فيما سبب خرِّه الجوع...! وهو الذي كان يعتمد بكتفه على الأرض من الجوع...! وهو الذي كان يشد الحجر على بطنه من الجوع ....!

فهل حال هذا دون أن يكون مقصده الله؟  أكان سببا لأن يُفتَن في دينه ويقول مالي ومال العناء والشقاء وحالي كلها من الفقر عناء وشقاء ؟

وعائشة التي روت وروت عن زوجها الحبيب القريب، تروي عن اشتداد الحال بهم حتى ما يجدون ما يوقدون عليه نارا طوال الشهرين من الزمان والهلال فيهما أهلة ثلاثة، وأنه كان يأتي الشهر عليهم ما يحتوي بيت الرسول العظيم فيه إلا على تمر وماء...

وابنته حبيبة قلبه فاطمة رضي الله عنها وأرضاها، تشتكي أثر الرَّحى في يديها، من بعد ما صبرت على شظف من العيش، حتى إذا بلغته شكاتُها،وسؤالها خادمة تحمل عنها شيئا مما بها،قال لها ولزوجها علي بن أبي طالب : " ألا أدلكما على خير مما سألتما ؟ إذا أخذتما مضاجعكما أو أويتما إلى فراشكما فسبحا ثلاثا وثلاثين واحمدا ثلاثا وثلاثين وكبرا أربعا وثلاثين فهو خير لكما من خادم "

ولما أراد الصحابي أن يتزوج لم يجد مهراً ولا خاتماً من حديد، ليس له إلا إزاره يواري به عورته، لو أعطاه للمرأة لم يغنِ عنها شيئاً وبقي هو بغير ثياب...!!
وما كان يغني عن جهادهم أو عملهم للدعوة رضوان الله عنهم هذا الحال وشدّته، وما بهم من عُسرة، بل كانوا المجاهدين أصحاب الخِفاف المشققة والثياب المرقعة، ولو لم يجدوا في طريق الجهاد إلا ورق الشجر.

ومن هذه الصور كنت أستقي مقارنتي، وموازنتي emo (30): شاء من شاء وأبى من أبى من أهل حمل كلّ حديث عن زمان مدرستنا وتربيتنا وقدوتنا الأصيل على محمل الأسطورة والخرافة والحكاية التي لا يليق أن يؤخذ منها الدرس لزماننا اليوم ...فإنّما هؤلاء من أهل الحضّ والحثّ على نسيان أصلنا والتنكّر لجذورنا وهويتنا، بحجة أن العصر غير العصر، والمعطيات غير المعطيات...!
وكأنّ شمس المصطفى صلى الله عليه وسلم التي ننشد شعاعها وضياءها، إنّما هي القديمة التي لم تعد تصلح شمسا ...كحكمنا -إن شئنا مقام الحَكَم- على شمس السماء بالقِدَم، وأنّ عليها أن تُستبدل بشمس سماء عصرية تليق بعصر الضياء الإلكتروني !!!

----------------------------------------
ولحكاياتنا بقية وتفصيلات أخَر ....فهل من منتظر ؟  emo (30):
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-01-03, 14:58:11
وتبيّن أنه ما مِن منتظر ...وعلى هذا نكمل

---------------

الجزء الرابع والأخير

وهكذا هم أولاء سواد عظيم من "آل عَصْر"... ماديّون مغرقون في ماديتهم، حتى أنّ المقيم عاملا لله بينهم لن يتأخروا في وضعه موضع الشبهة، وأنّه الطارئ، الشاذ عن القاعدة الذي قد يكون ممثلا دور العامل المخلص وهو الذي يجد ما يجد في دائرة عمله، وإلا ما كان أصبره عليه كل هذا وهو المُعسر المحتاج، وباقي الخلق في لهث خلف الدنيا بضرورياتها وكمالياتها !!

وحتى لا نطيل الكلام في غير لزوم، هاهي كلمات من المُؤتى جوامع الكلِم تصف سبب المآل : " فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تُبْسَط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوا فيها كما تنافسوها، فتهلككم كما أهلكتهم "

لقد كانوا أهل دين في الدنيا، ولم يكونوا أهل دنيا في الدين....!
كان الإسلام عندهم ونشر رسالته البغيةَ والمرادَ وسببَ وجودهم... ورَوْحة وجودهم، فعملوا له وإن كانوا في أشدّ أحوالهم وأرزئها، ولم يفتنهم عن الدين فقرُهم، كما عملوا له وهم الأغنياء، وعملوا بمالهم للدين ولم يفتنهم عن الدين مالُهم ....

ومن شاكلة هؤلاء كنت أرى "رزيقة"، وإن كان في عصر غير العصر، وفي زمان غير الزمان، منطق أهله غير منطق أهل زمان مضى، ولكنها هي هي..... ولكنها كذلك ....
وعلى هذا قد جاهدتْ، وبالإيمان تقوّت لتجاهد كلّ متحيّر من أمرها، وما تزال حالها هي حالها، وعسرها هو عسرها، وإصرارها هو إصرارها، بل يزداد ويكبر ....وكلماتها وردودها على أهل الحيرة تتقوى أكثر، وتتزيّن بنور حكمة مشعّ قوي يذهب ببصر كل منافق يرى في العمل لله شيئا من التاريخ والماضي واستعجام لغة الحياة ....!

ومضت قُدُما تكمل حكايتها وسببَ تأمّلها في ضعفٍ قديم فيها، لم تجد حِيالَه صبرا على أمرهم فيها بأنّها التي كيف تبقى القائمة بشؤون مسجد من غير تعيين ولا راتب ....تأمّلها في قوة جديدة انبعثت فيها تُفرِحها وتُنعشها وتبعث في ثنايا روحها معنى الحياة على الحياة .... وعربونُ فرحتها حمد لله على نوره وهداه، وراحة الرضى بما قسم لها ....فتقول :
-ركبت حافلة، فوجدتُ أختا أعرفها، سألتني إن كنت ما أزال بعدُ قائمة على مسجد "زينب"، فأجبتها أنْ بلى أنا فيه وأتمنى من الله أن يميتني فيه... فقالت لي : جعل الله موتتك ببيته الحرام . فأجبتها متهلّلة الأسارير أنّ الله كريم، كريم وما عنده أكبر مما نتصوّر ...
وبينما نحن في ذلك الحديث نتجاذب أطرافه، إذ بأخت لم أعرف لها من قبل اسما ولا رسما، أمسكتْ بكتفي سائلة وقد دلّل سؤالها عن إمساكها بطرف من أطراف حديثنا، كما دلّل حالها على جديّة وغضب:

-أي مسجد أنتِ فيه ؟

-هو بيت من بيوت الله .

-أيها هو ؟

-مسجد "حمزة بن عبد المطلب"

-عجبا ....أنا بذلك المسجد، ولم أرَك من قبل فيه قطّ..!

-بل أنا التي فيه، ولم أرَك من قبل فيه قطّ...!

-مستحيل، التي كانت قائمة على مسجد "حمزة" أوقفتُها منذ زمن بعيد ....

-أنا لم أكذُبْكِ قولا، فأنا حقيقةً أحضر دروس محو الأميّة فيه إلى يومنا .

نطقت الأخت محدَّثَتي الأولى :

-هي في مسجد زينب .

استشاطت الثانية غضبا، وردّت بائنة الغيظ، مستطيرة الشرر:

-وأي إمام هذا الذي يبقيك متطوّعة ما أبقاك دون إذن من الشؤون الدينية ؟

-أنا هناك منذ عام 2007، والأئمة الذين مروا على المسجد من يومها كُثُر.

-أتعلمين؟ أنا مسؤولة بمديرية الشؤون الدينية، ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن تبقى متطوّعة بمسجد ما بقيتِ من غير تعيين رسميّ ، ولا أدنى صفة رسمية .
تبسّمتُ، وانبعث في نفسي هدوء عجيب، لم أعهده من قبل، وثقة قوية لم يهزّها أسلوبها القوي، ولا استشاطتها غضبا، وقلت :

-ألم تسمعيني أقول لأختي هذه أنّ أمنيتي من الله عزّ وجلّ أن توافيني المنيّة فيه ؟

-ما هذا الحديث الذي به تُهَرْطِقين؟؟! وأي ضمان من الضمانات لديك؟ وأيّ أمل تنشدين هراء، وأنت بلا أدنى  صفة تستمرين بهذا المسجد ؟ سآخذك معي الآن إلى مديرية الشؤون الدينية .وحتما سآتي للمسجد الذي أنت به ...

ولا مِن قوة منها، ولا عن ضعف مني، كان ما كان... وجرى الحديث الذي جرى... وقلت في نفسي، لا بدّ أن هذا الذي يحصل ثمرة استخارتي الأخيرة الله في أمر مسجد "زينب"، وبكل ما قضى الله وحكم أنا راضية مطمئنة، لا أبالي إلى أي المآلَين شاء سبحانه أن يصير مآلي، إن أنا بقيت فيه فيا سعدي ويا فرحي، وإن أنا أخرِجْت منه، فيا سعدي ويا فرحي، وإنما هو أمر الله، لا أمر أحد غيره،استشعرت رضى يغشاني، وطمأنينة تكسوني من رأسي إلى أخمص قدمي، وأرى فيما أرى أمامي أنّ الذي يجري بقدر من الله، فلم أعد منه خائفة ولا من حدّته منكمشة ضعيفة....

-أذهب معك ولمَ لا ؟ بل وإن أحببتِ أخذتك معي للمسجد من فوْرِنا هذا .

-يوم الجمعة أكون بين يديك هناك ...

-يوم الجمعة قد لا تكون أي منا هناك ...!

-وكيف؟ ماذا يعني ؟!!

-فإن متنا اثنتانا ؟ أو واحدة منا ؟

-يا إلهي ما كل هذه القوة التي أراها فيكِ، وما كل هذه الأجوبة القويّة ؟

ذهلتِ المرأة من جوابي وقوّته، حتى أنّ حِدّتها الأولى جعلت تتناقص وتضمر...
وهكذا وجدتُني البارحة متأمّلة في هذه القوة التي أشعر أنّ الله تعالى قد ألقاها في رَوعي، وأستشعر عظم نعمة نور الله تعالى ووزن التوكّل عليه ووَكْل الأمر إليه، والرضى بما يقسم ويحكم ويرى سبحانه، ليجد المؤمن في نفسه قوة، وراحة وطمأنينة، ويعرف فيها حقيقة قوة لا تهزها ادعاءات القوة ....
الحمد لله .... ما شاء الله فليفعل، واليقين بأنّه مصرّف الأمر بغاية الحكمة وغاية الحق يغمرني، ولا يربو عليه خاطر ولا فكر ولا رأي ....

وهذه هي رزيقة، ومن هذه دروسها التي أتلقى، قد يقول قائل عاقل يساير ويجاري واقع ما يسمّونه قانونا: ولكنّ هذه المرأة غاضّة الطرف عن كل قانون، وللقانون باب يجب أن يُدقّ ، ومنه يجب أن يكون الولوج.... فلمثله أقول: إنّ منطق اللاعدل في بلاد ادعاء القانون ساعة شاؤوا ادعاءه، والتشدق بمواده ونصوصه ساعة شاؤوا تخويفا وتقريعا لكل شحيح حيلة وقليل كتفٍ مساند تجعل منه مسخا ممسوخا لا تُرفع كلمته إلا في باطل، ولا تُنكّس إلا في حق ....

وإنّا لنرى بأمّ العين كيف أنّ إدارات "الشؤون الدينية " ككل إدارة فيها من الباطل ومن التعسّف ومن الظلم ما فيها، حتى إنّه ليغدو من الحماقة أن تتحيّر فيها فتقول: حتى الشؤون الدينية ؟!!
وهذه رزيقة المتمرّدة على قانون الانتقائية والتمييز، تصرّ وهي المتوكلة فتتحدى قانون الوضع والادّعاء بقانون الحق والإخلاص والصدق .....لم تكن مستحضرة فيما فعلت فِعل سابقين راشدين مُرشَّدين كان المسجد في حياتهم منبرا للعلم والحق، والحياة، ومنارة تضيء لكل من يعيش، فلا قانون يحظُر على الناس أن يقيموا متطوّعين، بل إنّ التطوّع فيه القاعدة والأساس، حينما كان الدين مادة الحياة، وأسلوب الحياة، ومنبع الحياة....بل هي تفعل ما تفعل ويقين يخالجها لا يساوِرُها معه شكّ أنّ المسجد لله، وأنّ حبها له ولعمله يفوق كل وضع وكلّ قانون، وأنّ لا أحد سيحرمها من هوائه ما دام بيت الله .........

وهكذا هي رزيقة ........
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: جواد في 2012-01-03, 15:33:42
جزاكم الله خيرا كثيرا، ومعذرة على ضعف المتابعة،

التوكل واليقين من أصعب المعاني التي توصف في كلمات، خاصة في زمننا هذا،

وأما إدارات الشؤون الدينية، فهي هم كبير، فالحال هنا في مصر مؤلم جدا ، خاصة أئمة المساجد ..

ومن كثرة مشاكلنا عدنا لا نحصي ولا نتعجب..

لله الأمر من قبل ومن بعد.
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-01-04, 07:00:53
جزاكم الله خيرا كثيرا، ومعذرة على ضعف المتابعة،

التوكل واليقين من أصعب المعاني التي توصف في كلمات، خاصة في زمننا هذا،

وأما إدارات الشؤون الدينية، فهي هم كبير، فالحال هنا في مصر مؤلم جدا ، خاصة أئمة المساجد ..

ومن كثرة مشاكلنا عدنا لا نحصي ولا نتعجب..

لله الأمر من قبل ومن بعد.

أهلا بك أخي ونسأل الله سبحانه أن يجعلنا من المتوكلين عليه حقّ التوكّل، ومن الراضين بما يقسم لنا سبحانه .
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2012-01-05, 14:50:56
وكعادتها مكتبتي، كلما أوعزها الحال بكتْ قديما كان فيها، وأصرّت أن يكون فيها منه جديد، شأنها في ذلك شأن الوفيّ وفراقُه ما تعوّد عليه مساوٍ لفراقه الجزء منه، بل الفرحة منه، بل الحياة منه ....

كم أنت صادقة يا رفوف مكتبتي... emo (30):كم لا تجيدين الكذب والادّعاء !  كم هو واضح حالك، جليّ بيّن ، فإن كنتِ الطّاعمة الشبعى، افترّ منكِ الثغر ألوانا ، وجَهْوَرَ فيكِ الصوت طربا وانتشاء، وبانَ منكِ الحزن والأسى بيْنا...

فإذا هي الحياة بين جنباتك والازدحام على الحياة لقومٍ جمع بينهم مكان وزمان بألّاف وألفة حتى غدوا مصطفّين متجاوِرين، متعايشين، يمضون الوقت سويا،يتقاسمون الزمان والمكان، وكأنهم السكان، وكأنّ الرفوف سُكناهم ...!

أما سيد القوم فيهم فأكثرهم بقاء فيها، وأقدمهم، وأرسخهم قدما ووفاء لحَديدها ولَوحها.... emo (30): ذاك الذي لا يُباع ولا يُسأل بحال من الأحوال عن حاله... :emoti_64: ذاك سيد القوم وصاحب الرأي فيهم والمهابة بإصراره على البقاء،وأنّه الذي لا يتزحزح ولا يُزَحْزِحه مزحزح، ولا يُشقّ لغباره غُبار...! :emoti_389:
شِرعته في قوم من الأدوات والكتب غيرُ ما تختزنه كُتُب الفكر الحق من أنّ السلطة دُول كما هي الأيام دُول ، وتداول وتبادل، وأنّ السيادة في القوم محض اختيار القوم وقرارهم وجامعُ الرأي فيهم... وأنّ مقياس البقاء والخلود ليس هو مكان السيادة في القوم والذي يختاره السيّد وحده ويضع نفسه به وحده... غير ملتفت لقومه ليسألهم مترقّبا لجواب الحقيقة منهم على الوجه الذي يُرضي جَمْعهم وجَمْهرتهم...بل إنّه المُختَار والمُختَار.... والمُحتال والمُحتلّ،والباقي والقديم، والمجدّد بيدِه عُهَدَه والممدّد بيده عَهْدَه...والقابع والجاثم وصاحب كل الأسماء السوأة....!!حتى لَيُضحي خَلاصُه من الرُّوح المصّعّدة أهون عليه من خلاصه من سيادة ذاتيّة الاختيار والقرار! وإن كثرت عُصبته فإنها وهو  وجهان لعملة واحدة، ليست إلا عصبة لاهث خلف بقاء ذاته، فلا يكونون منه إلا هو، منسوخا في أفئدة تعبده إلها، تحقّق له هواه ومَرْجاه، وتحقّق لنفسها شيئا من إغداق الإله على عبيده من بَعد التبتّل والتسبيح بحمده بكرة وعشيا، ومن بعد ترسيخ العبودية له ونشرها بين قومه دينا يستعيضون به عن دين الإله الأوحد ...!وأنّ الذي ينطق عن الهوى من غير وحي إلههم المعبود فإنّما قد كفر، وجزاؤه ألا يبقى بين القوم على أديم الأرض لئلا ينقل إليهم هرطقات الهوى، وحتى يبقى الجمع على دينه من غير مريدين فيه بإلحاد يُسامون أليم العذاب  ... !!

وهكذا هو السيّد "مختار ذاته" ،  مقرّر بقاء ذاته ، "الحاكم بأمره"، اللاهث خلف ترسيخ أمره ، يصنع لنفسه من حوله عبيدا يتقوّى بأصدائهم..... ولو أنّه أبرّ لوصف "الإله" الذي ادّعاه لأبرّ لصفة الألوهية في استغناء الإله عن كل عباده المتعبّدين المسبّحين المُخبتين ....ولكنّه كما ادّعى ما ليس له ولا لأحد من أبرّ أبرار الخلق، فهو الإله المحتاج لعصبة تحميه بأن يصبحوا ويُمسوا يمجدّوه ويسبّحوه ويذكّروا كل ناسٍ أنه إلههم ....إلههم الفقير لعبوديّتهم، المحتاج لذلّهم بين يديه ....!

مقياس البقاء والخلود عنده -ذلك السيد بين أدواتٍ وكُتب-  ليس ما تَبُثّه كتب الحق والفكر الحر من أنّه مفعول الخير والنفع وأثره فيمَن كان الحاكمُ فيهم حاكما ،وأنّه بنكرانه "أناه" وذاته، لقاء الوفاء لرعيّته وحاجات رعيّته ، ببذل راحته في سبيل راحة وهناءة رعيّته....بأن يعطي لرعيته أول ما يعطي من عروقه وأعصابه ، ومن خوالج خوالجه وهو يستثقل الحِمل ويستثقل ويستثقل .... ويَعي حقّ الوعي ويفهم حقّ الفهم أنّه المسؤول الأوّل عن شعب بأسره، بشيبه وشبابه، بمَن هو اليوم فيهم، وبمن هو قادم فيهم، لا لتفخر بها نفسه أو لتراها تاجا فوق التاج بل ليعلم فوق علمه كم هو ثقيل حِملُه فوق حِملِه ....!

مقياس البقاء والخلود  ليس عدّادا يجمّع الأرقام بعضَها إلى بعض لتصبح أكبر باستحلال السنوات من خلفها السنوات.... سنَتُه التي بين يديه وكلّ ما هو آت... ولكأنّه العالم أنها الآتية وهو بين أحضان الحياة، ولكأنّه الضامن أنّها مُلكُه لا ملك غيره، بل إنّ سباقه السُنونيّ من أجل أن يصبح ملك السنوات والعمر والحياة لأشدّ ضراوة من أيّ سباق ليومه وأثر فعله في يومه الذي بين يَديه ساعاته...

سباق من أجل البقاء للبقاء وعلى البقاء ومع البقاء بغية ترسيخ أقدامه وتثبيتها على مدى ما هو قادم، مما يصيّر كل تفكيره في آليّة الحفاظ على بقاء ذاته لا في آليّة بقاء عمل اليوم وإنجاز اليوم الذي يبقى للرعيّة خيرا على مدى الآتي من السنوات من غير ما صراع ولا سباق، ذلك أنّ أثر الفعل للخير هو امتداد بقاء الذكر من بعد الهلاك ، ولَهو العُمر الممتدّ الذي لا ينقطع بانقطاع الأنفاس، أمّا العمل من أجل الذات وإرضاء الذات وإشباع اللذّات وتلبية الشهوات فإيذان برحيل الذكر ساعة رحيل الأنفاس .

فهذا الحاكم صاحب ذاته والقائم على لذّاتِه قصيرٌ عمرُه ما طال، مَدّه بمَدّ الأنفاس التي تلج وتخرج، والذكر المصاحب لعمره ذكر مدح  وإفك ونفاق وكذب ومداهنة، وقصير قصير مّا هو ذكر كذكره.... وذاك الحاكم منكر ذاته القائم على إنكارها وملذّاتها، كلما عرَض له حديث من أحاديث النفس التي لا تفلح محدّثة مَن مِثله وإن استماتت محدّثة حديث الغرور والتغرير، طويل عمره مدَّ أنفاسه وما بعد أنفاسه، ترثها أنفاس تحيا على فعله وعمله . وقلوب مع الأفواه تذكره بالخير كلما أصابها من نفع صيّب أيام حكمه وإن كانت قليلة تلك الأيام .... وعمره طويل طويل ببقائها مِن خلفه، يحيا فيها وهي تُحيي النفوس والنفوس زرعا من غرس يده إنْ مادّة لحياة الأجساد أو مادّة لحياة الأرواح والفِكر، ولِسُمُوّ الإنسان في الإنسان من بذور الإنسانية التي لا يضاهي نماءَها وعطاءَها بذر ولا زرع ....

ومن شِرعة الحاكم صاحب ذاته شِرعةُ أقدم الأشياء بين أشياء مكتبتي..... emo (30): لا "ديمقراطية" ولا تبديل، ولا "تداول على السلطة"، ولا مَحيد عن المكان وإن تبدّل الزمان، ليس من إصرار الوفاء بل من إصرار البقاء، وشتّان شتّان بين إصرار وإصرار...! فالأول لا يأبه لحياة عَيْنه بقدر ما يأبه لحياة أعين أحبّها، والثاني لا يأبه لغير حياة عينه ...
صمتُ قومه الأبديّ رأس الفضل في بقائه، وجُمود أدوات المكتبة وكُتُبها وانعدام الحِراك فيها قَوام بقائه الحاكم الآمر الناهي بأمر قِدَم وُجُوده، وسنوات بقائه، وشهادة الرفوف أنّه الأقدم والأحقّ بأن يكون الأكبر ... !

وهذه الأقلام مِن حولي، على رفوفها وقُدّامي، والألوان منها والأشكال، والمعادن موادّ صناعتها ومَيْزُ رِفعتها من وضاعتها كما فِعل المعادن في البشر بطِباعهم وسجاياهم ....!
كم هو كبير قدرك ومقامك أيها المسطور بين آيِ الذكر ذكرا ! "الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ(4) عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ(5)" ،-العلق-"ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ(1)-القلم-

كنتَ مُعلّما يا قلم ما كانت اليد القابضة على رأسك يدَ معلّم تُعلّم الحقّ بحروف من نور الحقّ السماويّ الذي هو الحق خالصا، فتزرع الخير والنفع ليُثمر خيرا ونفعا على الأرض يمشي ...وكم كنتَ مُهَدِّما يا قلم ما كانت اليد القابضة على رأسك يد مُهدّم يستنّ بسنّة آبائه الأولين من أولي الهدم والتخريب، وما موضوع تخريبهم وهدمهم على مدى الأعصار إلا عقول البشر بمعاولهم الهَدْمِيّة ....

وفجأة بين الفَجآت في هدْأة من سكون الجماد... في بلاد الجماد أسمع صراخا وصياحا.. وكلمات غيظ وغضب ........

إنّي لأسمع صراخك وصياحك ونَدْبك كلماتي يا قلم ...يكاد يأتي عليّ تميّزك غيظا، وأكاد أرى شَزَر نظرك بعينيّ هاتين، وأنت الصائح أنّني ملقية التّهم عليك بلا برهان ولا دليل، وتبكي بُؤس حظّك وشُؤم طالعك أن كنتَ قلما جمادا بلا حِراك ولا صوت، والتّهم تنهال عليك جزافا من صاحبة الحِراك والصوت... تتمنّى لو كان لك من الحِراك لانقضضتَ تقتصّ من لساني الأعوج ... ولو كان لك من الصوت لرفعتَ بي قضيّة لمحكمة العدل الدوليّة !!
دوليّة ...دوليّة ...المهم ألا تكون "الإلهية" يا قلم  emo (30):، يا أيها الذكر بين الذّكر الأعظم ... emo (30):

عفوا يا أيها القلم بألوان... عفوا فليتسع صدرك لسماعي من قبل أن ترفع الدعاوي والشكاوي وتهمّ بالحَكايا والقضايا ....فلعلّك –أكرمك الله والفضل لك- مع سعة معرفتك، وطويل باعك في عالَم المعارف والمخابر، لم تنتبه بين كلماتي لمفتاح معانيها : "ما كانت اليد القابضة على رأسك يدَ معلّم تُعلّم الحقّ " و "ما كانت اليد القابضة على رأسك يد مُهدّم يستنّ بسنّة آبائه الأولين من أولي الهدم والتخريب" ...

أرأيت؟؟ أرأيت ؟؟ أنا من صراخك وعويلك ونَدبِك بَراء بَراء يا قلم ...
قد علّمني فيما علمني "بكَ" ربي وربّك أنّ الإنسان هو صانع الخير والشرّ ،وقد هُدي النجدين، وأنّكم -وإن كنتم ما كنتم- أدوات لنا سُخِّرت، كما أنّك اليوم يا قلم أداة بين أدوات أبيعها بمكتبتي ....
إنّي لأرى رَوعك وقد هدأ... وأراك وقد عُدت وكلّ ألوانك وآلِك يا قلم على الرفوف لسابق هدوئك وعهدك وحالك...أحسنت صنعا بك وبكل آلِك يا قلم ...فأنت والله من خير من عرفت، ومن أكثر أهل مكتبتي خيرا ونفعا .فاسلَمْ...اسلم ولا تجزع...
واسمع حديثي عن الحاكم بأمره بينكم، أمهلني يا صاحبي واتّبعني، ولا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا، واصغَ لحديثي، ودعني أقول لكم من القول ما قد ينفع...دعني أحدثكم عن حال الحاكم فيكم بأمره من تراب سنيّ بقائه ذريعةً لدوام بقائه ....

أقبل أسارُّك يا قلم فإنّ من الألفة والثقة لما يكون مبتدؤه خِصام ...إنني قد جئتكم يا قوم مكتبتي من بلاد العرب بنبأ عجب يقال  أن اسمه "ثورة"، فاهدأ واسمع مني ما يصنع الصمتُ في الحاكم بأمره فيمَن حَكَم ...
اهدأ فمن فوارق الفوارق أنّ استيعاب حقيقة الثورة يستوجب هدوءا يُنبتها في الرؤوس فهما ووعيا، هدوء كالذي يسبق العاصفة، يُخيَّل للمرء الحالم فيه أنّه السكون الأبديّ ...
وأقلام الرصاص على تلكم الرفوف...قد زيّنوكِ أيتها الأقلام أيضا ! فمنك الزهريّ، ومنك الأخضر، ومنك الأبيض، بمسحة لمّاعة تجلب الرائي إليك كما يجلبه جمال الزهر، وإن كان لا يعرف أنّ لبّك وقلبك رصاص في رصاص... !!

قد بتَّ مزيّنا يا قلم الرصاص في هذا الزمان ! ليس حالُك ببعيد من حال رصاص العرب إلا أنّك منه "القلم" ومن عربيّ الأصل ذاك ..."الألم"...حرف يا رصاص، حرف واحد لا أكثر ...لا ضير...ولا حَزَن... !
ولكن في الحرف الفرق تكمن كل الفروق، في الحرف يكمن كلّ الألم وكُنه الألم . !
رصاص العرب من حكم الحكّام بأمرهم في العرب، لم يَعُد ذاك المُعَدّ لصدر العدو الحاقد المتربّص الرابض على الحدود، يستبيح الأرض والعرض ويغتصب العقل والفِكر...رابض على الحدود، على الهامش يدّعي الهامشيّة وأنّه الوقّاف عند الحدود!! فيما هو الآمر الناهي في الحاكم بأمره في أمر العرب، يُملي الشروط حروفا من عجب على حكام العرب... يُملي الأوامر في بلاد العرب وأنهار العرب..وبحار العرب ...وأحلام العرب.... وكلّها لأوامره المَصَبّ ...!
يُملي الدّلال على عَوَاره وعارِه على حكّام ما صَدقوا الوعد إلا معه، وما أوفوا إلا بعقود هي معه، عقود بطرفَين، فطرفها الأول "العدوّ العدوّ"،  وطرفها الثاني "حامي الديار وحراميها" ... !وخائنها وسائسُها ومكّاسُها وسمسارها .....البائع بلا ثمن....... !

وآلات رصاصهم –وإن كانت لا تُشبه عملك- تُشبه شيئا مما فيك يا قلم الرصاص، تُزيّن بالعنوان والاسم والمظهر بُهْرُجا أنها ما جُعلت إلا لتسكن صدر العدو، فالعناوين والمظاهر والأسماء من ذلك في ألوان وبريق ولَمَعان "ممانعة" "مواجهة" "مقاومة"، "صمود"، "مُعاداة"، والحقيقة من رصاصهم المزيّن بالمسميات أنه اليوم يملأ الشوارع لا الحدود ولا الهوامش...! أنّها تدُكّ بيوت شوارع البلاد، وتنهال على رؤوس عباد البلاد، وتقطّع أوصال عباد البلاد... وترمي حتى حمير البلاد وقطط البلاد يا رصاص مكتبتي المزيّن ... !

هل أتاك يا قلم الرصاص حديث عاد إرَم ذات العِماد التي لم يُخلق مثلها في البلاد ؟ وهل أتاك حديث فرعون ذي الأوتاد؟
وهل أتاك حديث ثمود الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد، واستحبوا العمى على الهُدى... وحديث أصحاب الرسّ ؟
لا أحسب أنّك من كل هذه الأحاديث في غفلة يا قلم، ولكن لا أحسبك من حديث كالذي به جئتك من بلاد العرب في علم وخبر يا قلم ...
إنّ الحامي الباقي الذي جاؤوا به خَلَفا لأبيه الغابر وارثا بلا ميراث، قد استباح عِرض أهله...
إنّ جنوده قد قطّعوا أوصال أبناء البلاد، وهتكوا الأعراض، وشهدوا ألا إله إلا الذي جاء فيهم يدّعي البِشر والبشارة لمن به آمن وصدّق، والنذر والنِّذارة لمن به كفر وكذّب...! ذاك الذي سمّوه  "بشّار"، وأكرهوا الناس بمقصلة أظافر الأطفال أن يكونوا به مؤمنين ....!!

إنّه وجنوده قد عذّبوا الأطفال وقطّعوهم وقتّلوهم، وعاقبوا شعبا بجريرة أصابع الأطفال الذين كتبوا على جدران المدارس من وحي ثورة عربية قريبة رأوا فيما رأوا أنّها أسقطت ظالما حكم شعبا، فأحبوا أن يقلّدوا الإسقاط والإطاحة، فكتبت أصابع الأطفال الصغيرة : "الشعب يريد إسقاط النظام "، فاستحال النظام بعثرةً وخَبطاً وخَلطاً ...وهام عبيده على وجوههم  يستسقون الأطفال من أرصفة الشوارع باسم إلههم الغاضب الساخط الناقم على الأطفال إذ قالوا قول الصدق فيه والحق،فكتبوا أنّ غاية ما يريده شعب مستبَدّ إسقاطه لمستبِدّه المتألّه... فيقبض على أعناقهم الصغيرة، ويقتاد قاماتهم القصيرة إلى مخافر التعذيب والألم والإذلال ....ويالهول خبر وفجيعة سقوط الصغار بين أيدي مستسقي الدماء سقيا لغرائزه بهيميّة الأصل، حيوانية المنبت .....!!

إنّ بين مُدُن الدنيا الحرة مدينة  يقال له "درعا" إلى الشرق منها بأربعين كيلومترا "بُصرى الشام" حيث ارتحل رسول العالمين محمد عليه من الله الصلاة والسلام وهو طفل من سنّ أطفال  جدران حُرّة لمدارس درعا... في زهرته الثانية عشرة من ربيع عمره إلى هناك ارتحل... وهناك رأى الراهبُ بحيرى ما رأى، وما غيرُه لم يره، هنالك بالقرب من درعا أطفال الإباء... رأى الحجر والشجر وقد سجد لنور محمد....ورأى الغمامة تتعقّب رأس محمد ...
هنالك قرب درعا الحرة، سجد حجر وشجر لنبيّ العالمين وهو طفل أغرّ .... وهنالك قرب بُصرى بدرعا بكى الحجر والشجر بدمع الدم لحم الأطفال يتطاير، وأظافر الأطفال تُقتلع من المتألّه وجُندِه ....إلا أن كذّبوا به إلها من وحي صدق قلوبهم ونقاء سرائرهم وقوة الفطرة فيهم أنهم عباد الواحد الأحد، لا عبيد أحد ....!

فهل أتاك يا قلم رصاص مكتبتي  من هذا الخبر؟؟ وهل أتى على قلبك "الرصاص" رصاصُ هذا الخبر ؟ !
أما زال في قلبك رصاص ينبض أيها القلم؟ أمازلت تتحمّل؟ أرى العينَ منك تشقّق عن حبيبات دمع... لا بأس اسمع منّي فمازال المزيد.... لن أستهجن دمعك ولا بكاءك، فلعمري إنّ القصص التي بها أتيتكم ليبكي منها الحجر... أما قلوبهم هُم فإنها أشدّ قسوة، وإنّ من الحجارة لما يتفجّر منه الأنهار، وإنّ منها لما يشقّق فيخرج منه الماء، وإنّ منها لما يهبط من خشية الله ....أما قلوبهم هُم فالحجر منها براء.........

اصبر يا رصاص الأصل ....واسمع...

ولمّا طال غياب الأكباد الصغار عن حنايا الآباء والأمهات، طالبوا بأطفالهم وقد علِموا أنّهم اقتادوهم واعتقلوهم، واقتلعوا من أناملهم الأظافر وطيّروا من لحمهم اللحم، وسفَحوا من عروقهم الدم ....وأوسعوهم ضربا وركلا وعفسا ....فتعالت حناجر الآباء تنادي بأنّ الأكباد قد احترقت على الأكباد .... !
ومن هنا بدأت القصّة يا قلم ....من هنا بدأت وليست هذه نهايتها...من هنا بدأ الرصاص يعمل عمله الحقيقيّ وبدأت المجنزرات والمدافع والآليات الحربية الثقيلة والخفيفة تخرج للشوارع، وتتربّص بأهل الشوارع، بالمرأة وبالرجل، بالطفل وبالعجوز، بالفتاة وبالفتى، بالشيب وبالشباب، لا تميّز بين أصغر ولا أكبر إلا بمقدار ما تجرأت الأقدام ووطئت تلك الشوارع مدفعيّة الزينة مُجَنْزريّة الديباج والحُلي .... !
ضرب جند "بشار" الجامع العمريّ، وقصفوه، ودخلوا على مصلّيي الفجر برصاصهم المرّ الملحد يصيبون قلوب المؤمنين في مقتل، يُهْدونهم على شرف المشّائين في الظُّلَم شرفَ الشهادة في سبيل الله وفي بيت الله، وبشهادة المؤمنين بالله...
ودسّوا السلاح في جنبات المسجد، وطلعت وسائل إعلامهم العمياء تبصّر الناس بأنّ أهل المسجد يدسّون السلاح في المسجد... وبدأت أصوات الإعلام الأعمى تنعت المؤمنين الثائرين ثورة الغضب وثورة الحرية وثورة نَشَدانها بالمندسّين.... ! وبدأت حكايات المندسّين ....

وتنادت المدن بالفَزعة لدرعا ولحوران، وتنادت الأطراف بالثورة للثورة، ومع الثورة .... وتنادت الأحاسيس والمشاعر والقلوب بالانتقام والثأر من صمت السنين والأعوام، وتنادت الأيادي بإسقاط الأكمّة قبل إسقاط النظام.... وتنادى الأحرار بالثأر لأهل قرى ومدن أبادها الأب الغابر القابع تحت الأرض في سرداب التراب، ذاك الذي سوّد التاريخَ بسواده ويده التي تقطر من دم أهل سوريا الحرة .... تنادوا بالثأر لحماة فوقفت على قدميها "حماة" وتعالى من حنجرتها المِليونية صوت الثأر الزائر...ونفضت عن عينيها تراب السنين، وأعادت لساقيتَي دمعها المحفورتين على الوجه الشاحب الحزين ماءَهما الذي غيض من فعل اغتصاب الدمع في مآقي المفجوعين الملوّعين...شأنهم في ذلك شأن الذي يقتل ويحرّم على المفجوع في قتيله الدمع وإلا ألحقه به راضيا أو ساخطا ...!!

صمتُّ برهة ...من فعل صوت جديد بين ثنايا مكتبتي.... صوت لم أعهده، ليس هو عن حركة شيء بين الأشياء آل للسقوط مآله من رفّ بين الرفوف، ولا هي شقشقة كيس بين الأكياس، ولا هي حركة الجماد من فعل ذبابة تحطّ عليه تُفاخِر بالحياة فيها...ولا من صوت ضوء العصر في فتيل قناديل العصر العُلْويّة في سقفها ساعة هدوء الحركة بين الساعات...لا لا ...  ليس عن كل هذا، فكلّه قد ألِفْتُه وصرت لا أستهجنه ولا أستغربه ...

ولكنّها جَلَبة تحرّك الجماد غير حركته المعتادة...

آآآه .....إنه لنَحيبُ الجماد وهو يسمع من حكايات العصر ما فاق حكايات كل عصر، وهو يسمع من حكايات المستبدّين ما فاق فعل كلّ المستبدّين .... إنها ريح الثورة في مكتبتي، إنه فعل الحقيقة في الغافلين.... إنه فعل التاريخ الصادق فيمن لم يكن يعرف غير تزوير المزوّرين ....هكذا ....هكذا تحدث حركة الأحياء أيضا من بعد جمودهم وجمادهم دهورا، سمح فيها الجمود والصمت بتزوير التاريخ، وبإخفاء الحقائق، وبتبديلها، وبإنزال المسمّيات على غير من يستحقّها، وبتعليق النياشين في غير مواضعها،وبغمط حقّ أهل الحقّ.... فأصبح السفاح بطلا مغوارا، وأصبح التقتيل والتزوير واغتصاب الكرسيّ "حركة تصحيحية"، وأصبح الجزار الذي يعشق دماء البشر ولحمهم "الفاتح أبدا" ، وأصبح المتكبّر المتعالي بائع الأرض والعِرض سادّ منافذ النَّفَس على نفوس غزة "الأب الرؤوم".... !!

واسترسلت أعطي أنباء الثورة في بلاد العرب...وصار القوم كلّهم آذانا صاغية :....
وبين الحين والحين يا قوم كان سيد قومهم ذاك يطلّ على العالم بطلّته الثعلبية يضحك حينا ويغرق بالضحك حينا آخر فيما يقتل جندُه أهل بلده، ويَغرقون بدماء أحراره .... ويطلّ حينا أخيرا ليقول أنّه الذي لم يأمر بأن يُقتَل شعبُه......ويالسخريّة اللسان حين ينعقد عن كل حلّ.... !!
إنّ أهل حمص العديّة يستصرخون العالَم أنّ ديارهم لم تعد آمنة، يستصرخون فيه الضمير أنّ حرماتهم قد انتهكت، يستصرخون الحميّة في قلوب الإنسانية أنّ نساءهم استباحتها  أيدي الإثم والعدوان، أيدي الجُند العمي عن ذرة حق وضمير...

إنّ نساءهم تَخطّفهم أياديهم النّجسة ... إنّ رجالا استبيحت نساؤهم قد خرجوا ينادون "الموت ولا المذلّة".... يحملون على الأكفّ أرواحَهم، غاية ما يتمنّون النصر بالثأر من منتهك عرضهم، أو الشهادة للخلاص من كابوس الحياة في بلد يقال أنّ "المجنون بعظمته"  رئيسها وقائدها الأعلى .....
واشتعلت حمص، واستعر أوارها ....وأنارت نور نارها الدرب نحو الخلاص ... وهي تولد من جديد وثراها يوري جثمان سيف الله المسلول للحق خالد بن الوليد،  حمص الخالدية تعطي من خيرة شبابها ورجالها عربون حرية سنيّة ....
وها هو النذل وأعوانه، يجتهدون حفرا كأمهر الحفّارين، يحيطون المدينة بخنادق الموت، يقال أنّ "الأسد الابن" سليل الإجرام والإعتام يخطّط لأن يصبّ فيها ذهب البلاد الأسود... ليؤمّن لأهل البلاد مستقبلا زاهرا يذكّرهم به إذا ما ولّى عن الحياة !!
ويْح أمّه وثُكلاها ..!! بل ليشعل المحيط الحِمصيّ كله، ويصيّر حمص العديّة محرقة يتولّى أمر رمي أهلها بخنادقها الذهبية ....ليس هو في ذلك ببعيد من صاحب الأخدود الذي حرق أهل البلاد بالنار ذات الوقود وما نقموا منهم إلا أن آمنوا بالله العزيز الحميد ...!!
وقطّعوا أوصال "حمزة الخطيب"،واستأصلوا ذَكَرَه،فيما أعلوا ذِكْرَه، وأسكتوا نبض "هاجر الخطيب"،وأبكوا مدامع دميتها، وأذهبوا ضحكة "قاسم"... وأتبعوهم جميعا بحرقة مَن خلفهم نارا تزيد لهيب السخط عليهم ...وما فعلوا إلا  خوفا من تمرّد الأطفال مشعلي نار الثورة والحرية، و استأصلوا حنجرة الشادي على ضفاف الوادي....وادي الحرية لشعب صادي ... وما استأصلوها إلا أن قال فيما قال، وشدا فيما شدا "يسقط الحاكم الغاشم وتحيا بلادي" ...

"يا الله ارحل يا بشار...
نحنا الكل مْنِفْدِي الكل ولحظة وحدة ما منمل** والحر ما بيرضى الذل ويا الله ارحل يا بشار...
 يا بشار ومانّك منّا خود ماهر وارحل عنّا** شريعتك سقطت عنّا ويلا ارحل يا بشار...
ويا بشار حاجة تدور ودمك بحماه مهدور** وخطأك مانو مغفور ويا الله ارحل يا بشار
"...

قد استأصلوا حُنجرته من بعد ما أسكتوا النبض فيه، فهي التي قتلتهم ألف ألف مرة قبل نبضه، ولكأنّها القلب فيه والنبض، والروح والدماء والعروق، ولكأنهم يعلنونها برصاصهم الذي طالما تزيّن وزيّن أنّهم ما يُقتَلون -والنبض في قلوبهم الميتة سارٍ-، وما يقاتلون وما يرمون بحمم غيظهم إلا من حناجر تعالت منها الأصوات من بعد ما ظنّوا أنّ الصمت عِماد بقائهم، وأنّ جثومهم دائم مخيّم أبدا ...!!

اسمع مني الخبر والنبأ يا رصاص المكتبة الملفوف في خشب، المرصوف في عُلَب، المُقتَنَى لرسمٍ ذي ألوان...اسمع مني خبر الرصاص القاتم الذي يرسم العار في شوارع البلاد، وينحت على أجساد أهل البلاد معاني "الممانعة" و "المقاومة" و "الصدّ"، لعدوّ هو إذا عرّفتَه سميتَه في كلمة واحدة، قليلة الحروف، عظيمة المدلول.......... "الشعب" !!
ماذا أخبرك يا رصاص مكتبتي عن ثورة في بلاد العرب، ثم ماذا؟ ثمّ ماذا ؟...........

---------------------------------
ومازال المزيد من أخبار حديث الثورة في مكتبتي ........ فهل نكمل ؟
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: سيفتاب في 2013-10-27, 11:29:48
فراشتنا اشتقنا لهذه الخواطر جدا
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-10-27, 12:18:15
جزاك الله كل خير يا سيفتاب.
كم كنت أتمنى فعلا المواظبة على هذا الموضوع، ولكن الظروف لها أحكامها. ومكتبتي ما تزال في كل يوم حُبلى بالأحداث التي أجدني أكتب منها النزر القليل من حين لحين، ولكن مع الانشغال لا مجال للمواظبة على التفصيل . ربما أركز الاهتمام أكثر للعودة بخواطرها هنا . :)


العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: ماما هادية في 2013-10-27, 15:01:17
تلك هي المشكلة
تتدفق التجارب في حياتنا
فتنبعث الخواطر في اذهاننا
وتتعمق الحكمة من خبراتنا
ونرغب في مشاركتها مع اخوتنا
فننتظر الفرصة السانحة، التي تعيينا على اخراج هذه الخبرات في ثوب قشيب، وأسلوب بهي ذي رونق وألق
فنؤجل ونسوف
حتى تتبعثر الخواطر.. وتبهت الافكار


 :emoti_144:
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-10-28, 06:57:02
تلك هي المشكلة
تتدفق التجارب في حياتنا
فتنبعث الخواطر في اذهاننا
وتتعمق الحكمة من خبراتنا
ونرغب في مشاركتها مع اخوتنا
فننتظر الفرصة السانحة، التي تعيينا على اخراج هذه الخبرات في ثوب قشيب، وأسلوب بهي ذي رونق وألق
فنؤجل ونسوف
حتى تتبعثر الخواطر.. وتبهت الافكار


 :emoti_144:


عسانا "نمشي بنور الله" أتذكرينه ؟ ::)smile:
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: ابنة جبل النار في 2013-10-28, 09:46:14
اليوم فقط انتبهت للموضوع بعد الرفع..
وصلت للصفحة الخامسة. .رائع...لي عودة بإذن الله
العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: زينب الباحثة في 2013-10-28, 12:48:56
بدأت في قراءة الخواطر عن الفتاة سيرين

جميييلة جدًا مبدعة يا أسماء :)


العنوان: رد: خواطر مَكْتَبَتِية
أرسل بواسطة: حازرلي أسماء في 2013-10-30, 08:10:13
أهلا بك يا زينب.سيرين اليوم تشبّ بيننا واحدة من بنات البلدة لا فرق بينها وبين أخرى جميلة نشيطةن بل وقيادية ::)smile:
سأحاول العودة متى تسنى لي وقت للكتابة بإذن الله . يسر الله لنا ولكم ما يرضيه.